موقف القرآن السلبي من كل معجزة
ان المعجزة دليل النبؤة الأوحد، بإجماع الكتب السماوية، واجماع المتكلمين في كل دين. وينسب القوم في الحديث والسيرة والشمائل والمغازي الى محمد معجزات تفوق معجزات عيسى وموسى وسائر النبيين كمية وقيمة. وابو بكر ابن العربي في تفسيره (أنوار الفجر) أوصلها إلى ألف معجزة عداً، وهو يقول: لقد لخصت واختصرت. وابن تيمية، في كتابه "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" ( 4: )أوصلها إلى عشرات الألوف قال: " والمقصود هنا تواتر أنواع آياته المستفيضة في الأحاديث أعظم من أمور كثيرة هي متواترة عند الأمة او عند علمائها وعلماء اهل الحديث. وهذا غير الآيات والبراهين المستفادة بالقران... حتى بينوا ان ما في القران من آيات يزيد على عشرات ألوف من الايات...."
إن الواقع القراني المشهود هو " موقف القران السلبي" من كل معجزة لمحمد.
وقد أوجز هذا الموقف السلبي زعيم أهل السيرة العلمية في عصرنا، الاستاذ حسين هيكل في (حياة محمد): " لم يرد في كتاب الله ذكر لمعجزة أراد الله بها أن يؤمن الناس كافة، على اختلاف عصورهم، برسالة محمد، الا القران". وهي مقالة زعيم أهل كتب الأعجاز، البقلاني: " ان نبؤة النبي ص. معجزتها القران". فهي مقالة الأولين والآخرين بالإجماع: ليس في القران من معجزة سوى أعجازه. فبحسب نص القران القاطع واجماع العلماء فيه، ليس لمحمد من معجزة حسية تشهد لنبوءته.
وقد فصّل الأستاذ دروزة " موقف القران السلبي" من المعجزة، في (سيرة الرسول 1: 225-226) قال:
--------------" وقف الزعماء إزاء هذا الموقف القراني من تحديهم، واخذوا يطالبون النبي ص. بالمعجزات والآيات برهانا على صدق دعواه اولا؛ ثم اخذوا يدعمون مطالبهم بتحد اخر، وهو سنة الانبياء السابيقن الذين جاؤوا بالآيات والمعجزات (الإسراء 90 – 93؛ الحجر 6-7؛ الفرقان 7-8؛ القصص 48؛ الانبياء 5
ولا نغدو الحق اذا قلنا إن المستفاد من الايات القرانية المكية أن الموقف تجاه هذا التحدي المتكرر كان سلبيا....
بل هناك ما هو ابعد مدى على الموقف السلبي المذكور: ان المسلمين كانوا يتمنون استجابة الله لتحدي الكفار واظهار معجزة تبهتهم فيؤمنون برا بأيمانهم ( الانعام 7 و 109-111؛ الحجر 14-15) وفي (الانعام 14) اية وجه فيها الخطاب الى النبي ص. تدل على انه هو نفسه كان يتمنى ان يُحدث الله على يده آية تبهت الكفار وتحملهم على الاذعان. وفي سورة (هود 12) آية عظيمة المغزى من ناحية شعور النبي ص. هذا، إذ تكشف عما كان يخالج نفس النبي ص. من حيرة وضيق بسبب تحدي الكفار اياه بالمعجزات، حتى لقد كان يترك احيانا تلاوة بعض ما يوحى اليه عليهم، أو يكاد صدره يضيق به لتوقعه منهم التحدي. وقد روى الرواة في صدد الاية ما فيه من توضيح اكثر إذ قالوا: إن الكفار كانوا يكالبون النبي ص. بالمعجزات فلا يستجيب لهم؛ ثم ُتوحي اليه الايات القرانية، فيسخرون منه، ويقولون: هلا استنزلت ملاكا او كنزا، بدلا من هذه الايات؟ فكان يخجل ويتهرب منهم احيانا.
ونعتقد انه من السائغ ان يقال: إن الموقف السلبي كان من عوامل تكرر التحدي من جانب الزعماء المكابرين المستكبرين، وانقلاب أسلوبهم قيه الى التعجيز حينا (الاسراء 90-93) والى السخرية حينا (الحجر 6-7) والالتجاء الى الله (الانفال 32)؛ ....
غير اننا في الحق نرى أن الموقف السلبي الذي تمثله آيات القران عاماً وقوياً، من الصعب أن ينقضه ذلك....بحيث يصح ان يستلهم منها، وان يقال إن حكمة الله اقتضت ان لا تكون الخوارق دعامة لنبؤة سيدنا ص.، وبرهانا على صحة رسالته وصدق دعوته".
فالواقع القراني شاهد عدل انه لا معجزة في القران، وبالتالي في الحديث والسيرة والشمائل: ففي هذه افتراء على التاريخ.
الواقع القراني ينفي المعجزة عن محمد. 1- لا معجزة حسية في القران: وأن المعجزة منعت عن محمد منعاً مبدئياً قاطعاً (الاسراء 59) ومنعاً فعلياً جازماً (الانعام 35).
2- لا نبؤة غيبية في القران: فالتصريح بذلك جازم قاطع: " ولا أعلم الغيب" ( الانعام 50).
3-لم يعتبر القران إعجازه معجزه له ( ال عمران 7).
وقد رجع المعاصرون الى مقالة الاقدمين: إن الله لم يجعل القران دليل النبؤة.
لذلك فكل ما نسبوه في الحديث والسيرة والمغازي والشمائل من معجزات لمحمد مدسوس عليه ينقضه واقع القران.
----أخيراً----مقطع-----من كتاب عبدالله السمان (محمد الرسول البشر68-88)---
" والذي يقرأ للقاضي عياض في كتابه (الشـفاء)، يصاب بالدوار، فهو
ينسب الى الرسول معجزات متنوعة، محاولا أن يجعلها شاملة لكل معجزات الرسل قبله. حتى أحياء الموتى ينسبه الى الرسول ((( وقد انحدر الى مستواه سيد علم الكلام – الغزال)!!، ويذكر دون خجل...حتى حين يفكر رسول الله في قضاء حاجته بالخلاء، تنتقل الاشجار وتتكدس الحجارة، وذلك لتواريه عن الاعين!!! وحين يسير، ما من شجرة ولا حجر الا يقول: السلام عليك يا رسول الله! وحين يدعو العباس وأهل بيته، تقول الابواب والحوائط: آمين. وهو يرى من خلفه كما يرى من أمامه، وفي الظلام كما في النور... فينسب الى الرسول معجزات كان خيرا لو انه لم ينسبها اليه...بدل من أن يعرض شحصية محمد للسخريـة."
وما منعنا ان نرسل بالايات إلا أن
كذب بها الاولو)الاسراء
59)
ليس في
المقدور نصب دليل
على صدق النبي غير المعجزة
-أجماع علماء الكلام كما سجله الجويني، تلمييذ الباقلاني، واستاذ الغزالي----
قال الطبري في تفسيره لهذه الآية : وما منعنا يا محمد أن نرسل بالآيات التي سألها قومك, إلا أن كان من قبلهم من الأمم المكذبة, سألوا ذلك مثل سؤالهم; فلما آتاهم مأ سألوا منه كذبوا رسلهم, فلم يصدقوا مع مجيء الآيات, فعوجلوا فلم نرسل إلى قومك بالآيات, لأنا لو أرسلنا بها إليها, فكذبوا بها, سلكنا في تعجيل العذاب لهم مسلك الأمم قبلها.
عن ابن عباس, قال: سأل أهل مكة النبي أن يجعل لهم الصفا ذهبا, وأن ينحي عنهم الجبال, فيزرعوا, فقيل له: إن شئت أن نستأني بهم لعلنا نجتني منهم, وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا, فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم, قال: "بل تستأتي بهم",
فأنزل الله: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة.
عن الحسن في قول الله تعالى {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون} قال: رحمة لكم أيتها الأمة, إنا لو أرسلنا بالآيات فكذبتم بها, أصابكم ما أصاب من قبلكم.
عن سعيد بن جبير, قال: قال المشركون لمحمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد إنك تزعم أنه كان قبلك أنبياء, فمنهم من سخرت له الريح, ومنهم من كان يحيي الموتى, فإن سرك أن نؤمن بك ونصدقك, فادع ربك أن يكون لنا الصفا ذهبا, فأوحى الله إليه: إني قد سمعت الذي قالوا, فإن شئت أن نفعل الذي قالوا, فإن لم يؤمنوا نزل العذاب, فإنه ليس بعد نزول الآية مناظرة, وإن شئت أن تستأني قومك استأنيت بها,
قال: "يا رب أستأني".
عن قتادة, قوله: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون} قال: قال أهل مكة لنبي الله: إن كان ما تقول حقا, ويسرك أن نؤمن, فحول لنا الصفا ذهبا, فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: إن شئت كان الذي سألك قومك, ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم يناظروا, وإن شئت استأنيت بقومك, قال: "بل استأني بقومي" فأنزل الله: وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها} وأنزل الله عز وجل {ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون} عن ابن جريج, أنهم سألوا أن يحول الصفا ذهبا, قال الله: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون} قال ابن جريج: لم يأت قرية بآية فيكذبوا بها إلا عذبوا, فلو جعلت لهم الصفا ذهبا ثم لم يؤمنوا عذبوا. تفسير الطبري
الغريب أن القران يذكر تكذيب البشرية لجميع الأنبياء ، مع ذلك أعطى الله كل نبي معجزة آمن به الناس بسببها ، فلم لم يمنعها الله عنهم بسبب التكذيب المتواصل المتجدد مع كل نبي ،ولم ينزل المنع إلا مع النبي محمد ؟ وهذا المنع عن كل معجزة .
سؤال : موقف القران من المعجزة المحمدية سلبي جدا . فكيف تستقيم دعوة أعجاز القران ، مع موقف القران من المعجزة المحمدية ؟