التوحيد على نوعين

 المشاهد الكونية، وتاريخ البشرية في قصصها مع انبيائها.

 الخليقة تشهد لخالقها؛ هذا دليل البداهة؛ المشاهد الكونية تدل على الكائن الاعظم؛ هذا برهان الفطرة: "سنريهم آياتنـــا في آلافاق وفي انفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق" (فصلت 53). ثم يفصل هذه الآيات.

 

ونلاحظ أن حوار القران كله، ليس لبيان الله، فوجوده مسلمُ به في مكة، وجميع العرب يؤمنون به قبل القران.

انما الحرب القرآنية قائمـة على الشرك بالله؛ والدعوة القرانية تدعو

من سورة الى سورة، الى التوحيد الخالص من الشرك.

 

هتاف القران الذي صار دستور الدين والايمان والحق، هو " لا إاله الا الله". وبراهين التوحيد على هذه الشهادة تتخذ مثلها صيغة سلبية أكثر منها ايجابية.

الله واحد لأنه خلق السماوات والارض، فلا يقدر على ذلك سواه.

الله واحد لأنه خلق النجوم (الواقعه 75)

والجواري الكنّـس (تكوير 16) خصوصاً الشمس والقمر، وهو رب الشعري!

الله واحد لانه يولج الليل في النهار، والنهار في الليل.

 

الله واحد بحسب تصريفه للرياح(حجر 22، الجاثية 4، اعراف 55) وتحليق الطير (نحل 81).

الله واحد لانه هو الذي يُنزل من السماء ماء يحيي به الارض الموات. ومنه الرعد والبرق.

الله واحد لأنه خلق الجنس البشري من نفس واحدة، أولاً من حمإِ مسنون، ثم من ماء مهين، من نطفه، في ظلمات ثلاث.

الله واحد لأنه فَصّل الأحياء، وخلق الأنعام لمنفعة الانسان.

الله واحد لأنه خلق البحار، وصيدها، وجعل منها ماء مالحاً ومنها عذباً فراتاً،

وتوج آيته بسير الفلك العجيب على المياه. (نحل 14)

الله واحد لانه جعل الارض رواسي أن تميد بمَن عليها.

وهذه المشاهد الكونية يسمّي اوصافها امثالاً يضربها للناس لعلهم

يتفكرون

(اسراء 89، كهف 54، الزمر 27): " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله: وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون " (الحشر 21).

 

وتجد مثلاً رائعاً على هذه الامثال والبراهين وطريقتها من سورة النحل: ينزّل الملائكة بالروح من امره على مَن يشاء من عباده أن أنذروا ان لا إاله إلا أنا فاتقونِ.

خلق السماوات والارض بالحق، تعالى عما يشركون.

خلق الانسان من نطفه فإذا هو حصم مبين.

والانعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون.

ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون.

وتحمل اثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيع الا بشق الأنفس: ان ربكم لرؤوف رحيم.

والخيل والبغال والحمير، لتركبوها، وزينة. ويخلق ما لا تعلمون.

ينبت لكم به الزرع والزيتون. والنخيل والاعناب، ومن كل الثمرات: إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون.

وسخر لكم الليل والنهار، والشمس والقمر! والنجوم مسخرات بأمره: ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون.

وما ذرأ لكم في الارض مختلفاً الوانه: ان في ذلك لآية لقوم يذكرون.

وهو الذي سخّر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً، وتستخرجوا منه حلية تلبسونها.

وترى الفلك مواخر فيه. ولتبتغوا من فضله. ولعلكم تشكرون.

والقى في الارض رواسي ان تميد بكم، وأنهار وسبلاً، لعلكم تهتدون:

أفمن يخلق كمن لا يخلق؟؟؟؟".

 

يتدبر المؤمن هذه البراهين ويسائل نفسه: مشاهد الكون عظيمة، لا أعظم ولا اجمل ولا أكمل! ولكن كيف تبرهن هذه المشاهد على ان الله واحد؟ كيف تظهر وحدانية الله من خلق الانسان من نطفة، أو سير الفلك على الماء، أو من نزول الماء من السماء؟ كيف يرمز خلق الانعام، والخيل والبغال والحمير على وجود الخالق وتوحيده؟ كيف تدل انواع الحيوان، واصناف الثمار، على وحدانية الخالق؟ كيف يدل تسخير الليل والنهار، والشمس والقمر، وسائر النجوم للانسان، على توحيد الرحمان؟ كيف يظهر تصريف الرياح، وتسخير البحار ان لا إله الا الله؟ كيف تهدي الرواسي التي تمنع الارض ان تميد بمن عليها الى وجود الخالق وضرورة توحيدة؟؟؟ مشهد رائع! ومنطق حائر محير.

  عودة