معنى العلم في الإسلام
لا ننكر أن القرآن والسنة قد شجعا العلم لدرجه انهم جعلوا منه فريضة على كل مسلم : عن أنس قال: قال رسول الله { طلب العلم فريضة على كل مسلم}.وقال الحسن قال رسول الله : إنما مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا رآها الناس اقتدوا بها , وإذا عميت عليهم تحيروا .
والسؤال هنا هو : هل العلم الذي شجعه ورخص به القرآن والسنة هو العلم بمعناه العلمي والواسع ، كما يدعي أصحاب نظرية التعجيز وليس الأعجاز .
لقد فات أصحاب نظرية الأعجاز العلمي في القرآن أن العلم المنسوب للقران والمرخص به شرعا، هو علم الفقه أو التفقه في الدين والمحصور في القران والسنة كما جاء في الحديث الصحيح (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) . متفق عليه .
وليس العلم بمعناه العلمي والواسع كما يزعم اتباع النبي الأمي !. انه العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم، والمحصور في القران والسنة.
إنه علم النواهي والمحرمات ،علم المذموم والمكروه والضعيف والمدسوس والحسن . هذا ما سوف نعمل جاهدين على إظهاره من خلال صفحاتنا هذه. وذلك من خلال الآثار الإسلامية الصحيحة .
نقول : اختلف الناس (المسلمون) في العلم الذي هو فرض على كل مسلم ، فتفرقوا فيه إلى اكثر من عشرين فرقة ، ولا نطيل بنقل التفصيل ، ولكن حاصله ان كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده، فقال المتكلمون: هو علم الكلام ، إذ به يدرك التوحيد ويعلم به ذات الله وصفاته.
وقال الفقهاء : هو علم الفقه إذ به تعرف العبادات والحلال والحرام وما يحرم من المعاملات وما يحل .
وقال المفسرون المحدثون هو علم الكتاب والسنة ، إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها
والذي ينبغي ان يقطع به المحصل ولا يستريب فيه هو ان العلم ينقسم إلى علم معاملة وعلم مكاشفة ، وليس المراد بهذا العلم الا علم المعاملة .
والمعاملة التي كلف العبد العاقل بها ثلاثة: اعتقاد ، وفعل ، وترك؛ فإذا بلغ الرجل العاقل باحتلام أو السن ضحوة نهار مثلا فأول واجب عليه تعلم كلمتي الشهادة ومنهما وهو قول : لا اله الا الله ، محمد رسول الله، وليس يجب عليه ان يحصل كشف ذلك لنفسه بالنظر والبحث وتحرير الأدلة ، بل يكفيه ان يصدق به ويعتقده جزما من غير اختلاج ريب واضطراب نفس ، وذلك قد يحصل بمجرد التقليد والسمع من غير بحث ولا برهان ؛ إذ اكتفى النبي من أجلاف العرب بالتصديق والإقرار من غير تعلم دليل . احياء علوم الدين 1/14.
من هنا وحرصاً على مصلحة المسلمين وخوفاً على إيمانهم القويم ودينهم العظيم، "
فإن الخوض في علم لا يستفاد الخائض منه فائدة هو مذموم... والخوض فيه حرام.
لهذا يجب كف الناس -أي المسلمين- عن البحث وردهم الى ما نطق به الشرع". أحياء علوم الدين 1/31"
عن جماعة منهم حبيب بن أبي ثابت وسماك بن حرب وقال يزيد بن هارون : طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يردنا إلا إلى الله.
وعن ابن المبارك قال : ما من شيء أفضل من طلب العلم لله وما من شيء أبغض إلى الله من طلب العلم لغير الله .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله { من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة} ورواه أبو داود.
عن ابن عمر مرفوعا { من تعلم علما لغير الله , أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار } رواه الترمذي .
وعن جابر مرفوعا { لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا لتحدثوا به في المجالس , فمن فعل ذلك فالنار النار } رواه جماعة منهم البيهقي , وانفرد به ابن ماجه عن الكتب الستة فرواه محمد بن يحيى عن سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر .
وعن كعب بن مالك مرفوعا { من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار } رواه الترمذي.
وفي مسلم عن أبي هريرة مرفوعا حديث { الثلاثة الذين يؤمر بهم إلى النار وهم المجاهد المرائي ليقال إنه جريء , والمنفق المباهي ليقال إنه جواد , والرجل الذي يقول تعلمت العلم وقرأت القرآن , فيقول الله كذبت إنما أردت أن يقال فلان
جريء وفلان قارئ وقد قيل, ثم يسحب على وجهه حتى يلقى في النار.
وعن زيد بن أرقم مرفوعا كان يقول : { اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع , وقلب لا يخشع , ونفس لا تشبع , ودعوة لا يستجاب لها } ورواه أبو داود.
عن أبي بردة مرفوعا : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ؟ وعن علمه ماذا عمل به , وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيم أبلاه} ؟ إسناده جيد.
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه.
عن أبي موسى الأشعري مرفوعا يقول الله تعالى يوم القيامة للعلماء : إني أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم , انطلقوا فقد غفرت لكم وقال : يقول الله عز وجل : لا تحقروا عبدا آتيته علما فإني لم أحقره حين علمته.
وفي الصحيحين عن معاوية مرفوعا : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين .
وعن عمر مرفوعا { إن الله يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين.
وعن أبي هريرة مرفوعا { من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة } رواهما مسلم .
وعن أبي أمامة مرفوعا: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم, إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير . رواه الترمذي.
وعن أبي الدرداء مرفوعا { إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء , وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب , وإن العلماء ورثة الأنبياء , وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما , إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر} رواه أبو داود والترمذي
وابن ماجه . راجع باب العلم في جميع كتب الحديث .
عن ابن سيرين قال : العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ؟ ذكره مسلم.
وقال مالك : لا يؤخذ العلم عن أربعة ويؤخذ عمن سواهم , لا يؤخذ عن معلن بالسفه , ولا عمن جرب عليه الكذب , ولا عن صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه , ولا عن شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث به .
وقال مالك أيضا : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم , لقد أدركنا في هذا المسجد سبعين ممن يقول قال فلان قال رسول الله وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان أمينا عليه فما أخذت منهم شيئا , لم يكونوا من أهل هذا الشأن . راجع الآداب الشرعية 2 / 146-147.