خطأ في فهم الرسالة
لسنين عديدة، كان حلم استكشاف العالم يداعب مخيلة الزوجة والزوج الروسيين. ولذلك، فعندما سمعا بأن هناك قارباً شراعياً بطول أربعين قدماً معروضاً للبيع، هرعا إلى شرائه بعد أن قاما ببيع كل شيء يملكانه لتأمين ثمنه. وما أن تم تجهيز القارب بما يلزمه من معدات حتى انطلقا به من أحد الشواطئ الروسية على المحيط الهادي ليصلا بعد ستة أشهر من الزمن إلى قرب الشواطئ الشمالية الجنوبية من الولايات المتحدة الأميركية. وهناك فجأة، انقلب الطقس إلى وضع سيئ جداً فأخذ الرجل يصغي باستمرار إلى نشرة أخبار الطقس البحرية.
معرفة الرجل باللغة الإنكليزية كانت سطحية
جداً وكان ما تعلمه خلال رحلات سابقة له يكاد يكفي لفهم معنى بعض الكلمات مثل "ريح"
و "عاصفة"، ولكن معظم بقية الأخبار التي كان يلتقطها كانت غير مفهومة تماماً
بالنسبة له. ولهذا السبب، فقد فاته أن يفهم الأخبار التي لم تخفَ على الناطقين
بالإنكليزية على امتداد تلك السواحل والتي كانت تحمل تحذيراً لهم بهبوب عاصفة قوية
جداً سوف تستمر لعدة أيام. وكان متوقعاً لتلك العاصفة الشديدة أن تضرب المنطقة
بسرعة خمسة وسبعين ميلاً بالساعة. وبما أن الزوج لم يكن على علم بمقدار شدة
الإعصار، فقد كان واثقاً أن بإمكانه أن يتحاشاه بمتابعة الإبحار بعيداً عنه، فأدّى
به ذلك إلى تجاوز منطقة الميناء وتفويت فرصة عظيمة لإلقاء مراسيه في مكان أمين.
إن المأزق الذي وقع فيه الروسي هذا، لا يختلف عن المآزق الخطرة التي يوقع كثير من
الناس أنفسهم فيها في هذه الأيام. فكلام الله في الكتاب المقدس مثلاً ينبئنا عن
اقتراب يوم الدينونة. ورغم ذلك، لسبب أو لآخر، تصل رسالة الله إلى مسامع بني البشر
مشوشة إلى درجة لا يمكنهم معها أن يفهموا مقدار صرامة يوم الدينونة هذا. إن دينونة
الله تجاه الخطيئة دينونة قاسية جداً، ونحن نقرأ في رسالة بولس إلى العبرانيين 9 :
27 "أن مصير الناس محتومٌ وهو أن يموتوا مرة واحدة، ولكن بعد ذلك تأتي الدينونة".
ولذلك نعلم أن الناس الذين يختارون بمحض إرادتهم أن يعيشوا في الخطيئة ولا يأتوا
أبداً إلى المسيح، سيبعث بهم حتماً إلى مكان مظلم حيث يعيشون العذاب الأبدي
لقد مشى ابن الله إلى صليب الجلجلة حيث قدم
نفسه ذبيحة ليفتدي بها أنفس الخطأة. رسالة الله هذه التي بعث بها إلى كل الذين لم
يقبلوا المسيح والمنذرة بحلول الغضب الآتي، يجب أن لا تصل إلى مسامعنا بشكل مشوش أو
خالية المعنى. بل على العكس من ذلك، فإن علينا أن نتعمق بها ونتوجه بأنفسنا إلى
الرب يسوع كمخلص وحيد للخطأة، ليتسنى لنا من ثمّ أن نصل إلى المرفأ الأمين. وهناك
بالتأكيد سوف نجد الحماية والأمان.
لقد زادت الأحوال الجوية سوءاً، وكانت الرياح تدفع بالمركب الشراعي بسرعة رهيبة
جداً. الزوجة هرعت إلى حجرة القارب للاختباء فيها حيث أخذت تقع يمنة وشمالاَ مرتطمة
بالجدران وليصاب جسدها بمختلف الرضوض السوداء والزرقاء. وتمسّك الزوج بشدة بعجلة
القيادة يأمل بإنقاذ المركب وحياة زوجته وحياته، ولكن السيطرة على المركب أصبحت
مستحيلة إذ كانت الرياح العاتية لا زالت تدفع به على طول شواطئ ولاية واشنطن. في
ذلك الوقت كان الناس على الساحل يسمعون صوت الرياح وهي تعصف بين الأشجار وكأنها صوت
طائرة كبيرة تهبط على مدرج المطار. وفي خلال ساعات، كان المركب الشراعي قد قطع
مسافة يحتاج عادة إلى عدة أيام لاجتيازها في الأحوال الطبيعية.
أوشك الرجل وامرأته على الانهيار من جراء ما نالهما من التعب، ولكنهما وإذ كانا
يأملان بالهروب من الرياح الرهيبة، فإنهما اتجها ناحية مضيق جوان دي فوكا. هناك
أيضاً عصفت الرياح بشدة لا تختلف عما كانت عليه حيث كانوا من قبل. وتمزق الشراع
الأخير المتبقي لديهم قطعاً متناثرة، أما المرساة فقد قذفت الرياح بها بعيداً.
وأصيب الزوجان بإرهاق شديد إلى درجة أخذا يفقدان الأمل بالخلاص. في ذلك الوقت، كان
السكان في المنطقة القريبة على الساحل يتابعون على شاشات التلفزيون مأساة صراع
الحياة مع الموت التي كان يعيشها هذان الزوجان وذلك لأن حرس السواحل قد قاموا
بإرسال طائرة مروحية لتتبع المركب في محاولةٍ لإنقاذ من عليه. لكن المركب كان
يتأرجح صعوداً وهبوطاً بشكل كانت محاولة إنزال سلة الإنقاذ شبه مستحيلة. وجاء رجال
الإنقاذ بمترجم ليسهل عملية الاتصال مع الاثنين، ولكن عملية الإنقاذ لا زالت عديمة
الجدوى، وأصبح غرق المركب تحت المياه أمراً متوقعاً في أية لحظة.
في ذلك الوقت، اقتربت من المنطقة شاحنة صينية ضخمة كانت في طريقها إلى
مدينة سياتل. وإذ سمع قبطانها نداء الزوجين فقد تفتق ذهنه عن خطة بارعة لإنقاذهما.
لقد أدار سفينته بشكل جعل عرضها يقف بين مجرى الرياح والقارب الصغير فأدّى ذلك إلى
دفعه إلى قرب السفينة الضخمة، وهناك قام البحارة بتنزيل سلم من الحبال تسلقه
الزوجان بصعوبة مستخدمين آخر ما تبقى لديهما من قوة.
ومن ثمّ، قامت طائرة مروحية بالتقاطهما من فوق سطح السفينة لنقلهما إلى مستشفى قريب
على الشاطئ حيث تلقيا الإسعافات الضرورية. أما القارب الشراعي فقد اعتبر مفقودا بعد
أن عجز الباحثون عنه من العثور عليه.
ولننظر الآن في أمر السفينة الصينية كيف استدارت بشكل جانبي لتقف في وجه الرياح
تصدّها عن القارب الصغير. إن ذلك يذكرنا بما فعله السيد المسيح على خشبة الصليب من
أجل الخطأة. هناك، حمل بجسده أخطاء كل الذين اختاروا أن يؤمنوا به. إنّ غضب الله
على الخطيئة اصطدم بجسد المسيح. إنّ الله قدوس وصالح ولا يترك خطيئة واحدة في هذا
العالم تمر دون عقاب، ولكن لأنّ الرب يسوع المسيح أحبنا، شاء أن يخلصنا، فتقبّل
العقاب الذي نستحقه نحن بموته هو على الصليب من أجلنا.
في الرسالة الأولي لأهل كورنتيوس الإصحاح الخامس عشر تقول الآية الثالثة: "أَنَّ
الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا" ولأنه فعل هذا ، فإن أسوأ الخطأة يمكنهم
أن يتوجهوا إليه لقبول الغفران المجاني لخطاياهم. نعم إنه مجاني، لأنه ثمنه قد دُفع
مسبقاً. أفلا تؤمن أنت أيضاً بالرب يسوع بصفته المخلص الوحيد للخطأة؟ إن أنت آمنت
حقاً فما عليك إلا أن تردد كلمات هذه الترنيمة مع كاتبها:
صوت العاصفة المدوّي قد سُـمِع؛
وهي تتحطّم عليك أيها المسيح.
صدرك المفتوح كان درعي،
يصدّ الرياح عني.
جسدك امتلأ بالجروح،
ووجهك قد شـُـوِّه،
وكل ذلك ليغمرني سلامك الصافي.
www.muhammadanism.org
النهاية
كتبها ب. ب