خاتمةليس إعجاز محمد فى السيرة معجزة إلهيةيقول عبد الكريم الخطيب 1 فى " مكانة النبى من القرآن و اعجازه " : " إن الكتاب – كما يقولون – يقرأ من عنوانه . و الرسول ، فى كل أمر ، و لكل أمر ، هو عنوان الرسالة التى يحملها ، و هو الوجه الذى يلقى به الناس ، قبل أن يلقاهم من رسالته وجه من وجوهها ، و هو الروح التى تبسط أرواحهم أو تقبضها ، قبل أن يبسطها أو يقبضها من الرسالة مضمون و مفهوم ... و " الله أعلم حيث يجعل رسالته " . غنه يتخير لها من خلقه من هو أهل لها ، و من يرى الناس فيه ثمرات الرسالة و نفحاتها ، قبل ان يسمعوها كلمات و آيات ! فيكون ذلك شاهدا مفصحا بأقوى دليل لها ، و أعظم برهان على ما تحمل من معالم الحق و معانى الخير و الاحسان ... و إذن فنستطيع أن نقرر : أن الرسول نفسه هو معجزة من معجزات القرآن ، ووجه من وجوه إعجازه ، و دليل من أدلة هذا الأعجاز " . أجل ان النبى العربى " هو عنوان الرسالة التى يحملها " ، و هو بطل فى العبقرية البشرية . لكن مظاهر سيرة النبى الشخصية و الزوجية و النبوية و الجهادية ، كما يصفها القرآن و الحديث و السيرة ، ليست معجزة ذاتية ، و ليست من الأعجاز فى الشخصية النبوية ، و القرآن نفسه ، بتأكيده المتواتر على " بشرية " الرسول يقطع بذلك : " قل إنما أنا بشر مثلكم " ( فصلت 6 ، الكهف 110 ) . هناك حديث مرفوع الى النبى : " إن الله اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل ، و اصطفى من ولد اسماعيل مضر ، و اصطفى من مضر كنانة ، و اصطفى من كنانة قريشا ، و اصطفى من قريش هاشما ، و اصطفى من بنى هاشم " . 1 اعجاز القرآن – الكتاب الثانى ص 133 – 135 . لكنه حديث مدسوس لأنه ينقض صريح القرآن : " إن الله اصطفى آدم و نوحا و آل ابراهيم ، و آل عمران على العالمين : ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم " ( آل عمران 33 – 34 ) . بحسب هذا النص القاطع الصريح ، ان اصطفاء الله آدم الى نوح الى ابراهيم الى آل عمران ، الى مريم بنت عمران كان للسيد المسيح ، ذروة الذرية المصطفاة على العالمين . و هو وحده فى شخصيته آية للعالمين : " و جعلناها و ابنها آية للعالمين " ( الأنبياء 91 ) ، " و جعلنا ابن مريم و أمه آية " ( المؤمنين 50 ) ، فهو منذ مولده : " آية للناس " ( مريم 21 ) . و لا يقول القرآن فى حق شخصية نبى من موسى الى محمد ما يقوله فى شخصية المسيح المعجزة فى ذاتها و فى سيرتها التى تستحق سلام الله من المولد الى الرفع الى السماء : " و السلام على يوم ولدت ! و يوم أموت ! و يوم أبعث حي " ( مريم 33 ) . فليس اعجاز محمد فى السيرة معجزة إلهية شخصية إنها سيرة بطولة ، لا معجزة قداسة . |