6 - محمد قتل من قاومه
اشتهر محمد بالقسوة والحقد، فكان يغتال من عارضه بالغدر والعدوان, ونذكر بعض أمثلة, فمن ذلك أنه أرسل عمير بن عدي إلى عصماء بنت مروان وأمره بقتلها لأنها ذمَّته، فجاءها ليلًا (وكان أعمى) فدخل بيتها وحولها نفر من ولدها نيام، منهم من ترضعه، فجسَّها بيده ونحَّى الصبي عنها، ووضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها، ثم رجع فأتى المسجد فصلى الصبح مع محمد وأخبره بما حصل, فقال محمد: لا ينتطح فيها عنزان , وأثنى على عمير ثناءً جميلًا ثم أقبل على الناس وقال: من أحب أن ينظر إلى رجل كان في نصرة الله ورسوله، لينظر إلى عمير بن عدي , (السيرة الحلبية باب سرية عمير بن عدى لقتل عصماء),
ومن ذلك أنه أرسل سالم بن عمير إلى أبي عفك اليهودي ليغتاله، وكان قد بلغ من العمر 120 سنة، وكان يهجو محمداً بالشعر, ففي ليلة حارة نام أبو عفك بفناء منزله، وعلم سالم به، فأقبل إليه ووضع سيفه على كبده فقتله,
ومن حوادث القتل أيضاً أنه لما بلغه أن كعب بن الأشرف كان يهجوه ويحرض قريشاً عليه، أرسل خمسة رجال، منهم أبو نائلة أخو كعب من الرضاعة لقتله, فمشى معهم محمد إلى بقيع الفرقد، ثم وجَّههم وقال: انطلقوا على اسم الله, اللهم أعِنْهم , ثم رجع إلى بيته وكانت ليلة مقمرة, فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصن كعب، وكان حديث عهدٍ بعرس، فناداه أبو نائلة، فوثب في ملحفته خارجاً آمناً إذ عرف صوته، فغدروا به وقتلوه وأخذوا رأسه، ثم عادوا راجعين حتى بلغوا بقيع الفرقد فكبَّروا, فلما سمع محمد تكبيرهم كبَّر وعرف أنهم قتلوه، ثم انتهوا إليه وهو قائم يصلي فقال: أفلحت الوجوه , قالوا: وجهك يا رسول الله , ورموا برأسه بين يديه, (السيرة الحلبية - سرية سالم بن عمير إلى أبي عفك),
ومن هذا أيضاً أنه لما قُتل عمه حمزة في غزوة أُحُد، غضب وحلف أن ينتقم من قريش ويقتل منهم سبعين نفراً عوضاً عنه, ولما غزا بني قريظة وهم قبيلة من اليهود وحاصرهم، قبلوا التسليم شرط أن يستحييهم بشفاعة قبيلة أوس، وبعد ذلك فوّض الحكم إلى سعد بن معاذ، فقرر قتل الرجال وتقسيم الأموال وسبي الذراري والنساء, فاستحسن محمد هذا الحكم، فأمر ببني قريظة فأُدخلوا إليه وضُربت أعناقهم، وكانوا بين 600 و 700 نفر, (السيرة الحلبية - غزوة بني قريظة),
ومن أعماله أيضاً انه أرسل عبد الله بن عتيك ومعه أربعة رجال لقتل عدوّه أبي بن رافع عبد الله, فلما هدأت الأصوات جاءوا إلى منزله فصعدوا درجة له وقدموا عبد الله بن عتيك لأنه كان يتكلم باليهودية، فاستفتح وقال: جئتُ أبا رافع بهدية ففتحت له امرأته, فلما رأت السلاح أرادت أن تصيح، فأشار اليها بالسيف فسكتت، فدخلوا عليه فعَلوه بأسيافهم وقتلوه, (السيرة الحلبية - سرية عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع),
ومن ذلك أنه أرسل عبد الله بن جحش ومعه ثمانية من المهاجرين وسلبوا عير قريش كانت حاملة زبيباً وإدماً في آخر يوم من رجب، وكان القتال فيه حراماً، فعيَّره قريش, ولكنه أتى بقرآن يجوّز به عمله هذا، ويسوّغ لنفسه: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قُلْ قتال فيه كبير وصدٌّ عن سبيل الله وكُفر به، والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله، والفتنة أكبر من القتل (البقرة 217) (السيرة الحلبية - سرية عبد الله بن جحش),
وقد استعان محمد على نشر دعوته بالسيف، فلم يكن فيه الروح القدس كالحواريين بل كان فيه روح العالم، وروح الحرب والنهب والسلب, وقد بلغت مغازيه التي غزا فيها بنفسه تسعاً وعشرين، وهي غزوة ودان، وبواط، والعشيرة، وسفوان (وتُسمى غزوة بدر الأولى) وبدر الكبرى، وبني سليم، وبني قينقاع، والسويق، وقرقرة الكدر، وغطفان (وهي غزوة ذي أمر)، وغزوة بحران بالحجاز، وأُحد، وحمراء الأسد، وبني النضير، وذات الرقاع (وهي غزوة محارب)، وبني ثعلبة، وبدر الأخيرة (غزوة بدر الموعد)، ودومة الجندل، وبني المصطلق (المريسع)، والخندق، وبني قريظة، وبني لحيان، والحديبية، وذي قُرُد، وخيبر، ووادي القرى، وعمرة القضاء، وفتح مكة، وحنين، والطائف، وتبوك, وأما سَرَاياه التي بعث فيها أصحابه فسبع وأربعون سَرِية، وقيل تزيد على سبعين سَرِية, أما السَّرية فهي الغزوة التي لم يحضر فيها بنفسه، بل أرسل بعضاً من أصحابه, (راجع سيرة ابن هشام - السيرة الحلبية - البداية والنهاية لابن كثير),
ولمعرفة الفرق بين محمد وبين أنبياء الله، نذكر ما فعله داود بألد أعدائه، الملك شاول، وكان قد بذل غاية جهده للفتك بداود، فأخذ ثلاثة آلاف رجل من أبطال بني إسرائيل لإهلاك داود، إلا أنه لما وقع في يد داود لم يمسه بضرر (1صموئيل 24 ، 26),