14 - تأثير السم في محمد:
لما فُتحت خيبر واطمأن الناس، جعلت زينب بنت الحرث أخي مرحب (وهي زوجة سلام بن مشكم) تسأل: أي الشاة أحبُّ إلى محمد؟ فيقولون: الذراع لأنه هادي الشاة، وأبعدها من الأذى , فعمدت إلى عنز لها فذبحتها وحلتها، ثم عمدت إلى سمّ لا يلبث أن يقتل من ساعته، فسمَّت الشاة، وأكثرت في الذراعين والكتف, فلما غابت الشمس وصلى محمد المغرب بالناس، انصرف وهي جالسة عند رِجْله، فسأل عنها فقالت: يا أبا القاسم، هدية أهديتها لك , فأمر بها محمد فأُخذت منها، فوُضعت بين يديه وأصحابه حضور، وفيهم بشر بن البراء بن معرور, فقال محمد: ادنوا , فقعدوا، وتناول محمد الذراع فانتهش منه, فلما ازدرد محمد لقمة ازدرد بشر ما في فمه، وأكل القوم منها, فقال محمد: ارفعوا أيديكم فان هذه الذراع أو الكتف تخبرني أنها مسمومة , فقال بشر: والذي أكرمك لقد وجدتُ ذلك في لقمتي التي أكلت، فما منعني أن ألفظها إلا أن أُنغص عليك طعامك, فلما أكلتَ ما في فمك لم أرغب بنفسي عن نفسك، ورجوتُ أن لا تكون ازدردتَها , فلم يقم بشر من مكانِه حتى توفي، وطُرح منها لكلب فمات، وقيل عاد لونه كالطيلسان (أسود) وماطله وجعه سنة ثم مات , وقيل إن محمداً انتهش من الشاة قطعة فلاكها ثم ألقاها (لم يبتلعها) أما بشر فانتهش من الشاة قطعة فابتلعها,
ثم أرسل محمد الى تلك اليهودية فقال: أسممت هذه الشاة؟ , قالت: نعم قال: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: بلغتَ من قومي ما لا يخفى عليك, قتلتَ أبي وعمي وزوجي، ونلتَ من قومي ما نلت, فقلتُ إن كان ملكاً استرحنا منه، وإن كان نبياً فسيُخبر , فقيل إنه عفا عنها، وقيل إنه أمر بها فقُتلت وصُلبت, (الطبقات الكبرى - ابن سعد - باب ما سُمَّ به محمد),
ولما مرض محمد المرض الذي مات فيه، قال لعائشة: يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أُسممته بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم , ولما دخلت عليه أخت بشر في مرضه الذي مات فيه، قال لها: هذا أوان انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر , (والأبهر هو الشريان المتعلق بالقلب), (صحيح البخاري - باب مرض محمد وفاته),
صدقت اليهودية! فلو كان محمد نبياً صادقاً لأوحى الله إليه أن الشاة مسمومة، ولحذَّر صاحبَهُ من ابتلاع اللقمة ووقاه من الموت, ولكنه لم يعرف أن الشاة مسمومة إلا بعد أن ازدرد، وبعد أن بلع بشر لقمته, وبشر أحسَّ بالسم مثل محمد، فكيف يقول محمد إن الذراع كلَّمته؟! ولو فرضنا أنها كلّمتهُ لكان كلامُها بعد أن أكل بِشر لا فائدة فيه، فكان الواجب أن تكلمه قبل أن يزدرد محمد، وقبل أن يأكل بشر منها, وقد شهد أن هذه الأكلة قطعت أبهره، وكانت سبب التعجيل بموتِه,