نقد الخطاب الديني
الاولى
ينطلق الكاتب في دراسته على اخذ الخطاب الديني موضوعا متكاملا دون اخذ التفرقة
الاعلامية بين الخطاب الديني المتطرف والخطاب الديني المعتدل لأن الكاتب يعتبر ان
الفرق هو في الدرجة لا في النوع والدليل ان الباحث لا يجد فرقا او اختلافا بينهما
من حيث المنطلقات الفكريه او الاليات .ويتجلى التطابق بينهما اعتمادهمها على عناصر
اساسيه ثابته غير قابلة للنقاش او الحوار او المساومة ويأتي في مقدمتهما عنصران
جوهريان هما (( النص )) و (( الحاكميه ))
كذلك يتطابقان من من حيث الاليات التي يعتمدان عليها في طرح المفاهيم وفي اقناع
الاخرين واهم هذه الاليات التي تجمع المتطرف مع المعتدل هي
1) التوحيد بين الفكر والدين والغاء المسافه بين الذات والموضوع
2) تفسير الظواهر كلها بردها جميعا الي مبدأ او علة اولى تستوي في ذلك الظواهر
الاجتماعيه او الطبيعيه
3) الاعتماد على سلطة السلف او التراث وذلك بعد تحويل النصوص التراثية ( وهي نصوص
ثانوية ) الي نصوص اوليه تتمتع بقدر هائل من القداسة لا تقل في كثير من الاحوال عن
النصوص الاصلية
4) اليقين الذهني والحسم الفكري القطعي ورفض اي خلاف فكري ...الا اذا كان في الفروع
والتفاصيل دون الاصول
5) اهدار البعد التاريخي وتجاهله ويتجلى ذلك في البكاء على الماضي الجميل يتساوى في
ذلك عصر الخلافة الراشده والخلافة العثمانية بهذا يحدد الكاتب اسس نقد الخطاب
الديني من حيث المنطلقات وهما الحاكميه والنص والاليات الخمس المذكورة اعلاه
يفرغ الكاتب مساحة كبرى لاثبات انه ليس هناك اختلاف بين المعتدل وبين المتطرف ما
داما ينطلقا من نفس المنطلقات ويستعملا نفس الاليات وياتي بامثلة كثيرة تدعم رؤيته
هذه وهي كثيرة وطويله لكن احاول وضعها على شكل نقاط لسهولة القراءة
اولا -.. حدثت في مصر بعد اغتيال السادات نوع من الحوار الاعلامي بين المعتدلين
والمتطرفين سواء في الصحف او الاذاعة او التلفزيون ويصف الكاتب الحوار بأنه مثل
حوار الصم او حوار الصوت والصدى .....ففي احدى هذه الحوارات سأل احد امراء الجماعات
الاسلاميه استاذا جامعيا عميدا لاحدى الكليات العلميه السؤال التالي :-
لمن الحاكمية ؟؟
فكان
جواب الدكتور حاسما وقاطعا (( الحاكمية لله )) رددها ثلاث مرات... ثم يستدرك بان
اخذ يعدد مظاهر الايمان في مصر وبلغ به الحماس في
تدين المصريين انه في صلاة الجمعة يؤم مسجد الكلية مئات من الطلبة (( ناسيا ان يوم
الجمعة هو عطلة رسمية )) وايضا يمنع الدخول الي الكليات يوم الجمعه
اذن هذا اتفاق في المبدأ , ولم يتلعثم الدكتور في مبدأ الحاكميه وانما تردد في مبدا
تكفير المجتمع لما يترتب عنه من تكفير للسلطه السياسية حتى لا نطيل هناك فصل كامل
موثق يقارن به الكاتب بين الخطاب المتطرف والمعتدل .....ويؤكد به انه لا يوجد
اختلاف في الجوهر بين الاثنين لكن للضرورة فقد كتبت هنا بداية نقد اليات الخطاب وهي
النقطة الاولى من الاليات الخمس
اولاً : آليات الخطاب يصعب في الحقيقة في تحليل خطاب ما الفصل بين آلياته ومنطلقاته
الفكرية فكل منهما يحتوى الآخر ويدل عليه دلالة لزوم ، وكثيراً ما
تتداخل الآليات والمنطلقات إلى درجة التوحد في الخطاب الديني خاصة ، حتى ليستحيل
التفرقة بينهما وسيؤدي هذا التداخل في تحليلنـا إلى الوقوع أحيانـاً في
تكرار نرجو ألا يكون أكثر من طاقة القارئ على الاحتمال ، وقد بدأنـا بالآليات دون
مرجع في الحقيقة سوى حدس خافت ان المنطلقات تتأسس من الوجهة المنطقية الصورية على
الأقل – على الآليات ، هذا بالإضافة إلى أنه تم في الفقرة السابقة التعرض لبعض
منطلقات الخطاب الديني التي نرجو أن تكون قد مهدت تمهيداً كافيـاً لتحليل آليات هذا
الخطاب ، وذلك قبل مناقشة أهم وأخطر منطلقاته الفكرية بعد ذلك . وإذا كنـا في هذا
التحليل سنتوقف عند خمس آليات ، هي التي استطعنـا رصدها حتى الآن ، فمن الواجب ألا
نزعم أنها تستوعب كل آليات الخطاب الديني ، فلا شك أن مجال الرصد والإضافة – بمزيد
من العمق والدقة في التحليل – سيظل مفتوحاً سواء بالنسبة للآليات أو بالنسبة
للمنطلقات . إن هذه الآليات الخمس تمثل – في تقديرنـا – الآليات الأساسية والجوهرية
التي تحكم مجمل الخطاب الديني وتسيطر عليه ونفس الحكم ينسحب على المنطلقين الفكريين
اللذين سنتناولهما بالتحليل بعد ذلك .