خطايا الانبياء
القداسة هي التقوى والفضيلة الكاملة , بل
هي عنوان الكمال و والقداسة
صفة من صفات الله عز وجل .
القرآن لا يستثني أحد من الضلال والخطيئة , فالنفس امارة بالسوء (يوسف53) وهي تشمل كل الجنس البشري ,
وبسبب هذا الميل الفطري الى
الشر كان حتما على كل بشر ان يرد جهنم:" وان منك الا واردها كان على ربك حتما مقضيا
ثم ننجي الذين اتقوا , ونذر الظالمين فيها جثيا " (سورة مريم ) ز
وينسب القرآن الخطيئة الى كل الأنبياء :
-آدم وزوجته :"فأزلهم الشيطان " (بقرة 3) , و"عصى آدم ربه وغوى )
(طه 121) , وقد أعترف بخطيئته (اعتراف 22)
- والى نوح :"ربي اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي "(نوح28)
-والى ابراهيم , جد المؤمنين
والانبياء : فقد كفر ثم أهتدى (انعام 76) , وكان يصلي هكذا :"ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين
يوم الحساب" (ابراهيم 41). فلقد شمله الاثم الذي يمس كل البشرية (بقرة 26, انبياء 64)
- واى موسى , سيد الشريعة الذي كلم الله تكليما ( نساء 163) فقد وكز المصري فقضى عليه فقال :" هذا من عمل الشيطان !قال
ربي اغفر لي !فغفر له(قصص
16) (شعراء 19) (اعراف 149)
- والى داوود النبي والملك , صاحب الزبور :" وظن داوود انا فتناه
فاستغفر ربه وخر راكعا واناب فغفرنا له (ص 24 -25)
- والى يوسف الذي همت به امرات سيده وهم بها لولا ان رأ برهان ربه (يوسف 24 )
-والى سليمان , فخر الملوك , الذي سخر الله له الجن والأنس والطير :"
واذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ....قال ربي اغفر لي " (ص 29-40)
-والى يونس الذي نجا ن الحوت في البحر :" اذ ابق الى الفلك المشحون " (صافات 139)
هكذا هو الأمر الة جميع الأنبياء والمرسلين الذين هم صفوة البشرية .
واذا كان محمد هو خاتم النبيين , فكان يؤمل ان يكون المثال والكمال المأ مول والمرتجى ,
فينزه عن الخطيئة , فاذ به ينسبها اليه كما نسبها الى
غيره:
فيقول القرآن عنه في طفولته وحداثته :" الم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك !" (شرح 1-3) وفي المدينة , عندما استفحل امره , وبلغ اوج
مجده بدعوة التوحيد , قال له القرآن بعد فتح الحديبة :" انا فتحنا لك فتحا
مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر "(فتح 2) , اي انه سبق له ذنوب
وتبعها ذنوب !!!! وقد شعر محمد بحاجة دائمة الى الاستغفار :" وأصبر ان وعد الله حق : وأستغفر
لذينبك" ( غافر او المؤمن 55), ويؤمر دائما بالأستغفار :" واستغفر الله ان
الله كان غفورا رحيما " (نساء 106)
فالخطيئة مرض بشري وقع به محمد كما وقع فيه غيره من الانبياء والمرسلين .وقد جاء في الحديث انه كان
يستغفر ربع سبعين مرة في اليوم , وعلى قول بعضهم مئة مرة في اليوم ! فتلك الحاجة الماسة للأستغفار , تدل على شعور الضمير بالأثم , والذي
اتعب وجدان البشرية جمعاء ولم
ولا يستثنى منها أحد
واحد أحد من بين الناس , بين الأنبياء والمرسلين , لا يذكر له القرآن "اثما " ولا علاقة بالأثم على الاطلاق ! وهو عيسى ابن مريم
فالقرىن لا ينسب الى عيسى خطيئة ابدا , ولا نرى انه يشعر بحاجة الى الأستغفار , ولا نقرأ انه أمر
من ربه بطلب الغفران , ولا نسمع في القران او في الأنجيل انه تاب , او احتاج
الى توبة , او طلب صفحا عن اثم .
قبل ميلاده عصم وامه من الشيطان الرجيم :" واني اعيذ بك وذريتها من الشيطان الرجيم " (
آل عمران 36) وحده هو بين صفوة المخنارين حبل
وولد في نجوة من خطيئة الجنس البشري , وقد قدست امه بسببه , وجاء عن هذه
الآية في صحيح البخارى ةصحيح مسلم :" كل آدمي يطعن الشيطان في جنبه حين يولد الا
عيسى وامه عليهما السلام جعل بينهما حجاب فاصابت الطعنة الحجاب ولم ينفذ اليهما شيء منه
", اذا القرآن والحديث يعصمان المسيح وامه ن مس الشيطان وطعنته وكل اذى يؤتيه .
والملاك الذي يبشر العذراء بالحبل المعجز يبشرها " بالغلام الزكي ك" انما انا رسول
ربك لأهب لك غلاما زكيا " ( مريم 19) , اي طاهرا من الذنوب , كما يفسره البيضاوي ,
ناميا على الخير , وهذا البشري من قبل ان يولد توكيد من السماء لطهارته وقداسته
.
وهذه الطهارة وهذه القداسة اتاه الله اياها في كل زمان ومكان :" وجعلني
مباركا اين ما كنت, واوصاني بالصلوات والزكوة ما دمت حيا , وبرا بوالدتي ولم يجعلني
جبارا شقيا !"(مريم 30 32) فهو ليس جبار, رجل حروب وغزوات , وليس بشقي يرعب الناس
وينتصر بوسائل الارهاب من قتل وسبي وتدمير , بل هو رجل الله رجل الصلاة والزكاة .
شهد له بالعصمة الفعلية كما شهد له بالعصمة المبدئية , ونجد في انتصار المسيح على الموت برفعه الى السماء حيا تفسيرا كاملا لعصمته في حياته من سلطان
الخطيئة ز
وحده من بين كل البشر لم يكن للشيطان عليه سلطان على الأطلاق , انه قدوس زكي منزه
, وهو بذلك اقرب الى السماء منه الى الارض .