أعمال الرسل

 

كنيسة السيدة العذراء بالفجالة

 

المقدمة 1

 

الإصحاح الأول. 13

الإصحاح الثانى. 23

الإصحاح الثالث. 39

الإصحاح الرابع. 46

الإصحاح الخامس.. 54

الإصحاح السادس.. 64

الإصحاح السابع. 69

الإصحاح الثامن. 86

لإصحاح التاسع. 96

الإصحاح العاشر. 100

الإصحاح الحادى عشر. 110

الإصحاح الثانى عشر. 115

الإصحاح السابع. 122

الإصحاح الثامن. 122

الإصحاح التاسع. 124

 

الإصحاح الحادى عشر. 133

الإصحاح الثانى عشر. 136

الإصحاح الثالث عشر. 137

رحلة بولس الرسول الأولى. 140

الإصحاح الرابع عشر. 151

الإصحاح الخامس عشر. 157

رحلة بولس الرسول الثانية 167

الإصحاح السادس عشر. 169

الإصحاح السابع عشر. 177

الإصحاح الثامن عشر. 185

رحلة بولس الرسول الثالثة 191

الإصحاح الثامن عشر. 191

الإصحاح التاسع عشر. 193

الإصحاح العشرون. 201

الإصحاح الحادى والعشرون. 208

الإصحاح الحادى والعشرون. 213

الإصحاح الثانى والعشرون. 218

الإصحاح الثالث والعشرين. 222

الإصحاح الرابع والعشرون. 227

الإصحاح الخامس والعشرون. 233

الإصحاح السادس والعشرون. 237

الإصحاح السابع والعشرون. 243

الإصحاح الثامن والعشرون. 253

 


 

المقدمة

سفر أعمال الرسل مع الأناجيل يمثلون الأسفار التاريخية فى العهد الجديد فالأناجيل تسرد حياة الرب يسوع فى الجسد. وسفر أعمال الرسل يسرد قصة بداية الكنيسة، ويعطينا صورة للكنيسة الأولى. ونرى فيه العقبات التى واجهت الكنيسة وعمل الروح القدس فى الكنيسة. نرى فيه نجاح الكنيسة وإنتشارها من أورشليم إلى اليهودية ثم إلى السامرة ثم إلى كل الأرض حتى روما عاصمة العالم المعروف وقتئذ تماماً كما أراد الرب (أع 8:1).

ونرى فى سفر أعمال الرسل تحقيق وعد الرب بإرسال الروح القدس (يو 16:14، 17، 26 + 26:15، 27 + 7:16، 13 + مر 10:13، 11). وقد تم هذا يوم الخمسين (أع 1:2-4). وبقوة الروح القدس وبإرشاده جال التلاميذ يبشرون فى كل الأرض.

وإن كانت الأناجيل هى حياة المسيح فسفر أعمال الرسل هو المسيحية.

الأناجيل هى الله فى الجسد وسفر الأعمال هو الله فى الناس.

الأناجيل هى كرازة المسيح وسفر الأعمال هو كرازة الرسل إمتداداً لكرازة المسيح. وهذا السفر هو المسيح فى تلاميذه، هو عمل المسيح بالروح القدس فى تلاميذه. وهو تنفيذ ما قاله المسيح فى الأناجيل وأنه معنا إلى إنقضاء الأيام.

نرى فى الأناجيل ميلاد المسيح ونرى فى سفر الأعمال ميلاد الكنيسة جسد المسيح.

نرى فى الأناجيل ألام العريس لأجل عروسه وفى سفر الأعمال نرى ألام العروس لأجل محبتها فى عريسها.

فى الأناجيل نرى المسيح يغسل أقدام تلاميذه وفى سفر الأعمال تلاميذ المسيح يغسلون أقدام العالم.

فى الأناجيل نرى الروح القدس يُكَوِّنْ للإبن جسداً من بطن العذراء وفى سفر الأعمال نراه يُكَوِّنْ الكنيسة جسد المسيح.

هو سفر أعمال الروح القدس:

البعض يسمى سفر أعمال الرسل بسفر أعمال الروح القدس وذلك للأتى:-

الروح القدس هو الذى أسس الكنيسة وأعطى الكلمة على فم الرسل وأعطاهم القوة على إحتمال الألم وأعطاهم التعزيات لذلك طلب منهم السيد المسيح أن لا يبرحوا أورشليم إلى أن يلبسوا قوة من الأعالى وهذا ما تم فى يوم الخمسين.

1-  حل الروح عليهم وهم يصلون بنفس واحدة. وكانوا كلما يفعلون يمتلئون من الروح القدس (23:4-31 + 48:13-52 + 1:2-4). إذاً الروح القدس لم يُطْلَبْ مرة واحدة. ولم يكن الإمتلاء مرة واحدة. بل كانت الكنيسة فى صلاة مستمرة طول الحياة طالبة الإمتلاء.

2-   كان الروح القدس يقودهم فى قراراتهم حينما يجتمعون (28:15).

3- كان الروح القدس يؤيد الرسل بالمواهب والآيات مثل موهبة الألسنة (4:2) وموهبة النبوة (27:11-29 + 9:21-11) والوعظ والتعليم (رو 4:12-12).

4-   أعطى الروح القدس للرسل سلطان فحكم بولس على باريشوع الساحر بالعمى (9:13-11).

5- كان الروح يحرك التلاميذ فقال لفيلبس أن يذهب للوزير الحبشى (29:8) وبعد أن أتم مهمته خطف الروح فيلبس إلى مكان أخر (29:8-40 + 19:10) ومنع الروح بولس من الذهاب لأسيا (6:16،7) وأعطى الرسل رؤيا ليذهبوا إلى مكدونية (9:16).

6-   أيد الروح القدس الرسل بالمعجزات (6:3-8 + 12:5-16 + 36:9-41 + 3:14 + 11:19-12 + 7:20-12).

7- كان الروح القدس يُعطى بوضع اليد، يد الرسل (وخلفائهم من الأساقفة فيما بعد لتمتد ويستمر عمل الروح القدس فى الكنيسة). وهذا هو التثبيت الذى يلى سر المعمودية (38:2 + 14:8-17 + 1:19-7).

8-   كان الروح يعلم التلاميذ كما حدث لبطرس فى قصة كرنيليوس (19:10-20).

9-   كان الروح يختار التلاميذ للعمل (2:13) وكان يرسلهم (4:13).

10-    كان الروح القدس يعطى التعزية (31:9).

11-    الروح القدس هو الذى يقيم الأساقفة (18:20).

لقد ظن اليهود وغيرهم من الرومان أنهم قتلوا الرب يسوع وتخلصوا منه لكنه قام وصعد إلى السموات ليرسل روحه فيؤسس الكنيسة التى هى جسده ليس فى أورشليم أو اليهودية فقط بل فى كل العالم. وجعل الناس خليقة جديدة. لقد ملأ المصلوب القائم من الأموات المؤمنين بروحه فنشروا المسيحية بقوة وبسر عجيب.

كاتب السفر:

هو القديس لوقا كاتب الإنجيل المعروف بإسمه، قارن (لو 1:1-4 مع أع 1:1-2) وقارن (لو 50:24-51 مع أع 4:1).

فالقديس لوقا كتب السفرين إلى شخص واحد هو العزيز ثاوفيلس. وسفر الأعمال كما هو واضح، موضوعه يلى موضوع الإنجيل. الإنجيل هو ما إبتدأ المسيح يعلمه ويعلم به على الأرض والأعمال هو ما يكمله بروحه القدوس الآن وحضوره السرى.

وثاؤفيلس هو أحد وجهاء الرومان بدليل لفظ العزيز الذى يعنى صاحب العزة وهو لفظ خطاب للعظماء (أع 3:24).

والقديس لوقا من إنطاكية عاصمة سوريا. ولذلك نجد فى سفر الأعمال إشارات خاصة بإنطاكية. فمنها بدأت رحلات بولس الرسول. وفى إنطاكية دُعِىَ التلاميذ مسيحيين أولاً. وقرارات مجمع أورشليم وجهت أساساً لإنطاكية (22:15-35).

ونلاحظ أن لوقا حين كتب أسماء الشمامسة قال عن نيقولاوس أنه دخيل إنطاكى فهو إذاً يعرف شعب إنطاكية بالإسم ويعرف المؤمنين والدخلاء.

الدخلاء : هم الأمم الوثنيون الذين تهودوا وإختتنوا ودخلوا إلى اليهودية ولعل لوقا إنضم لبولس فى بداية رحلته الثانية (أع 40:15). والرحلة بدأت من إنطاكية. فبولس أخذ معه لوقا من بلده إنطاكية. وبولس يذكر لوقا ضمن العاملين معه (كو 7:4-14 + 2تى 10:10-11 + فل 24).

ويبدو أن لوقا كان أممى الأصل ففى رسالته لكولوسى يضعه بولس الرسول مع إبفراس وديماس وليس مع ارسترخس ومرقس الذين هم من الختان.

وكان لوقا طبيباً (كو 14:4). والأطباء كانوا علماء ويتميز أسلوب لوقا بالدقة العلمية وتحديد التواريخ (لو 1:2،2 + لو 1:3،2). ونلاحظ فى سفر أعمال الرسل أنه يدون بدقة كل مدينة بحسب مقاطعتها فيقول برجة فى بمفيلية وإنطاكية فى بيسيدية وميرا فى ليكية وفيلبى فى مكدونية ولسترة ودربة فى ليكأونية وطرسوس فى كيليكية والموانى الحسنة فى كريت. فهو يتتبع كل شئ بتدقيق كما قال هو بنفسه عن نفسه (لو 3:1).

وقيل أنه كان رساماً فناناً ترك رسماً للسيدة العذراء. بل أن كتاباته هى لوحات ناطقة، راجع قصة تهليل الملائكة يوم ميلاد المسيح. وهكذا كثير من قصص سفر الأعمال وبالذات قصة غرق السفينة (أع 27) فهى لوحة ناطقة لمؤرخ رأى الحادث بعينه. قال أحد الدارسين عن هذا الإصحاح أن الكاتب رأى كل شئ بعينيه ووصفه بدقة ولكنه لم يكن بحاراً محترفاً فهو لا يستخدم ألفاظ البحارة.

ولوقا لم يكن له زوجة أو أولاد. وحسب التقليد القبطى فهو قد إستشهد على يد نيرون وتعيد له الكنيسة فى 22 بابة، 1 نوفمبر. ونقل الإمبرطور قسطنطينيوس رفاته الطاهر إلى القسطنطينية.

ويقول التقليد أن لوقا هو أحد السبعين رسولاً الذين عينهم المسيح وأرسلهم ويقول التقليد أيضاً أنه أحد تلميذى عمواس لذلك لم يذكر إسمه.

ولقد كتب لوقا إنجيله فى أثناء فترة سجن بولس الرسول فى قيصرية وذلك بالإتصال بالتلاميذ والعذراء مريم وهذا ما نفهمه من بداية إنجيله. ثم كتب سفر الأعمال أثناء إقامة بولس الرسول مسجوناً فى روما أيام السجن الأول سنة 62م.

نمو الكرازة:

1- ما إن حل الروح القدس على التلاميذ، حتى بدأوا يبشرون فى أورشليم ثم بدأوا ينتشرون فى كل العالم. وسفر الأعمال هو مجرد لمحات من قصة هذه الكرازة مثالاً لذلك الإنتشار وما قابله من مقاومة وإضطهاد أو قبول وفرح وما تسلح به الرسل من قوة سمائية وصفات روحانية.

2- إستعمل الرسل اللغة العبرانية مع اليهود القاطنين فى اليهودية وأورشليم وهؤلاء المتحدثين بالعبرانية من اليهود يسمون أنفسهم باليهود العبرانيون، وهم يميزون أنفسهم بهذا الإسم عن اليهود الساكنين خارج اليهودية الذين كانوا يسمونهم اليونانيين (1:6). ونحن أمام طائفتين من اليونانيين:-

أ‌-  اليهود الساكنين في الشتات ويتكلمون اللغة اليونانية، هؤلاء يسمونهم المتهيلنين Hellinists ويسمون اليونانيين فى الترجمة العربية (1:6).

ب‌-اليونانيين الوثنيين أو الهلينيين Hellenes.

3- بدأ الرسل باليهود ثم ذهب فيلبس إلى السامرة. والسامرة هى خليط من اليهود والوثنيين. وكان اليهود لا يتعاملون مع السامريين (أع 8).

4- ثم بدأ قبول الأمم فى قصة كرنيليوس (أع 10) ثم فى كنيسة إنطاكية (أع 11) ثم إنطلق بولس وبرنابا لكل الأمم إبتداء من أسيا الصغرى ثم أوروبا وأخيراً إلى روما. وكان هذا ما أراده السيد المسيح (أع 8:1).

5- تأسست كنائس كثيرة فى كل العالم حتى أنه لما إحترقت أورشليم كانت المسيحية قد ملأت المسكونة وإنتشر ملكوت الله فى كل العالم.

6- لم يرد فى السفر أى إشارة لما بعد وصول بولس إلى روما ولا إلى إضطهاد نيرون للمسيحية سنة 64م. فالسفر ينتهى ببولس الرسول فى السجن، ولكننا نجده يكرز ويبشر وهو فى سجنه فالبشر قد يقيدون لكن كلمة الله لا تقيد. وهذا هو هدف المسيح أن تصل المسيحية لكل العالم وها قد وصلت إلى روما عاصمة العالم المعروف وقتئذ لذلك ينتهى السفر بوصول الكرازة إلى روما.

7- هذا السفر يتوقف ولكن لا ينتهى. والكلام يقف فجأة كالقصة المبتورة (30:28-31). فهذا السفر مفتوح للتكملة. والكنيسة خداماً وشعباً يكتبون الفصول التالية فيه إلى نهاية العالم، لذلك لا نجد السفر ينتهى بكلمة أمين كما ينتهى كل أسفار الكتاب، فالسفر لم ينتهى وتطبيقاً لذلك نجد الكنيسة تقرأً كتاب السنكسار بعد سفر أعمال الرسل (الإبركسيس) فى القداسات. والسنكسار كما هو معروف هو كتاب أخبار القديسين والشهداء.

8- قاوم اليهود والوثنيون نمو الكنيسة. ومن خلال قبول الكنيسة بمؤمنيها للموت إنتشرت الكرازة فى العالم كله. بل كانت محاكمات المسيحيين فرصة للكرازة أمام الولاة ورؤساء الكهنة، بل أن تشتيت المسيحيين نتيجة الإضطهاد صار فرصة للكرازة (أع 19:11).

9- بدأت الكنيسة تأخذ شكلها كما نرى فى سفر الأعمال، فقد صار هناك أساقفة وقسوس وشمامسة، وصارت هناك مجامع تتخذ القرارات، على أنه فى بداية الخدمة كانت إختصاصات كل درجة كنسية من الأساقفة والقسوس والشمامسة غير واضحة. فكان عمل الأسقف متداخلاً مع عمل القسيس (أع 21:14-23 + 7:20) فهنا نجد بولس الرسول يخاطب الكهنة على أنهم أساقفة وقسوس فى نفس الوقت. ثم ظهر التمايز بينهما بعد ذلك، فتحدد أن الأسقف هو خليفة للرسل له سلطان وضع اليد، ومع أن الإختصاصات كانت غير واضحة أولاً إلاّ أن سلطان وضع اليد كما هو واضح فى سفر الأعمال كان خاصاً بالرسل وحدهم (أع 12:8،14-17). ونفس التداخل فى الإختصاصات حدث بين القسوس والشمامسة فنجد أن فيلبس وهو شماس كان يعمد إلاّ أنه لم يكن يضع يده ليحل الروح القدس.

10-  أطلق اليهود على المسيحيين أولاً إسم أتباع طريق (2:9+9:19) ثم أسموهم شيعة (14:24) ومذهب (22:28) أما المسيحيين فسموا أنفسهم كنيسة (47:2) وأطلق عليهم إسم مسيحيين فى إنطاكية (26:11).

11-  سلكت الكنيسة بحكمة ورفق مع المؤمنين فنرى أن مجمع أورشليم إتخذ قراراً بأن الختان غير ملزم للأمم. ولكن بسبب ضعف المسيحيين من أهل الختان نجد أن بولس ختن تيموثاوس حتى لا يتعثروا، ويستطيع تيموثاوس أن يخدم بينهم وفى هذا كما قال بولس نفسه صرت لليهود كيهودى. وبهذا المنطق نجد بولس يقبل أن يتطهر ويحلق رأسه أمام اليهود ليجذب على كل حال قوماً (راجع أع 15 + 17:21-24 + غل 1:3-10 + أع 3:16 + 1كو 20:9-23).

مواهب التكلم بألسنة :

أعطى الله للرسل ولغيرهم من الذين أرسلهم للكرازة موهبة التكلم بالألسنة وذلك لإنتشار الكرازة وسط الشعوب التى تتكلم بلغات ولهجات مختلفة (11:14). ولذلك أعطى الله بولس ألسنة كثيرة (1كو 18:14). وأعطى التلاميذ هذه الموهبة (4:2،8). وهذا ما حدث يوم الخمسين إذ كان يجتمع فى أورشليم يهود من كل أنحاء الأرض (حوالى 15 أمة مختلفة). وتكلم وسطهم التلاميذ بلغاتهم التى يعيشون فيها فى بلادهم. وبهذا يعلن الله أنه إله الأرض كلها وسيخلص كل الأمم.

على أن موهبة التكلم بألسنة حدثت أيضاً فى حالة كرنيليوس إذ حل الروح القدس عليه قبل المعمودية (وهذه حالة إستثنائية أعلن الله بها قبوله للأمم حتى ينتهى شك التلاميذ من ناحية هذا الأمر). ولما رأى بطرس أن الروح القدس حل على الأمم حتى بدون تعميد فَهِمَ أن إرادة الرب هى قبول الأمم فقام بطرس بتعميدهم فوراً. وحينما حلَّ الروح على كرنيليوس تكلم بألسنة وكان هذا نفس ما حدث مع بطرس والتلاميذ يوم الخمسين، وهذا ما أكد لبطرس أن الأمم صاروا سواء بسواء مع اليهود، الكل صار واحداً فى المسيح.

وحدث هذا مرة ثانية فى أفسس حين وضع يديه على من إعتمدوا فحل عليهم الروح القدس وتكلموا بألسنة. وكان هذا علامة لهم على أن هناك عمل للروح القدس، إذ كانوا لا يعرفون سوى معمودية يوحنا (1:19-6). ولكن بعد أن صار هناك فى كل أمة وكل كنيسة من يبشر بلغة الكنيسة ويعظ بلغة أهل هذا الشعب لم يعد هناك حاجة لموهبة التكلم بألسنة (1كو14)، موهبة الألسنة ليست للإستعراض بل للخدمة.

ملاحظات على سفر الأعمال:

1- يشمل سفر الأعمال على عظات وأحاديث لإسطفانوس وبولس وبطرس وملخصها أن الله نزل وخلص الإنسان. هذه هى الرسالة المسيحية فى جوهرها وبساطتها، وأن الإيمان بهذا المخلص هو طريق الخلاص.

2- الألفاظ التى إستخدمتها الكنيسة مسميات لما فيها، كانت كلمات موجودة فى اللغة، ولكنها إتخذت مع الزمن تعاريف محددة خاصة.

      فلفظ إكليسيا كان يعنى لغوياً جماعة وصار يعنى كنيسة.

      ولفظ بريسفيتيروس يعنى لغوياً شيخ وصار يعنى قسيس.

      ولفظ إبيسكوبوس يعنى لغوياً ناظر وصار يعنى أسقف.

      ولفظ دياكونوس يعنى لغوياً خادم وصار يعنى شماس.

الكنيسة لم تخترع ألفاظاً للمسميات الكنسية بل إستخدمت كلمات موجودة فى اللغة وإتخذت هذه الألفاظ معانٍ كنسية خاصة.

3- هناك لفظ إنتشر فى الكنيسة إستعماله وهو السيمونية وذلك بناء على قصة سفر الأعمال (18:8-21) حينما أراد سيمون الساحر أن يشترى موهبة وضع اليد بالمال من بطرس الرسول. وصارت السيمونية هى شراء الرتب الكنسية بالمال وهذه قد شجبها القديس بطرس فى سفر الأعمال. ثم حكمت الكنيسة بعد ذلك بحرمان من يشترى ومن يبيع الرتب الكنسية. ووضع بولس الرسول شروطاً لإختيار الأسقف والشماس (1تى 3).

4-  كان أساس إخيار الشعب لرعاته عن طريق الإنتخاب (3:6) ويلى ذلك وضع اليد (2:13-3 + 23:14 + 17:20،28 + 6:6).

5- صارت إجتماعات الكنيسة والقداسات يوم الأحد بدلاً من يوم السبت (7:20-11). وفى هذه القصة نجد أن المؤمنين يجتمعون عشية الأحد فى التعاليم والتسابيح صائمين حتى القداس فجر الأحد.

6-   يعتبر سفر الأعمال هو الرباط الذى يربط بين الأناجيل ورسائل بولس الرسول فكيف كنا سنعرف بولس الرسول إن لم يُكْتَبْ سفر الأعمال. لقد أظهر لوقا أن بولس رسول مختار مرسل من الله مباشرة له سلطان مثل باقى الرسل، فالرب قد ظهر له وأرسله وصنع معجزات كباقى الرسل. ونرى بولس فى سفر الأعمال على نفس قامة بطرس.

بطرس شفى الأعرج

2:3

وبولس شفى الأعرج

8:14

بطرس كان ظله يشفى

15:5

مناديل بولس تشفى

18:16

بطرس كشف الساحر واسكته

20:8

بولس أعمى الساحر

6:13

بطرس أقام ميت

36:9

بولس أقام ميت

9:20

بطرس أخرجه ملاك من السجن

19:5+7:12

بولس فتح له ملاك السجن

25:16

بطرس أُعْلِنَ له فبول الأمم

كرنيليوس

بولس كان رسول الأمم

 

 ولنلاحظ أن الرب يخرج بطرس من السجن ويفتح الباب لبولس فى سجنه وذلك حتى يستطيعا أن يتمما خدمتهما.

فحينما نرى بولس فى سفر الأعمال على هذه القامة الرسولية العالية نقرأ رسائله على أن كل كلمة فيها هى من الله فهو رسول عظيم كما رأيناه فى سفر الأعمال.

7- هناك عظات وأحاديث مناسبة لكل من وجهت إليهم. فهناك عظات تقال لليهود كما وعظ بطرس أمام اليهود يوم الخمسين وكما وعظ اسطفانوس أمام السنهدريم. وهناك عظات تقال للأمم كما تكلم بولس أمام الأريوس باغوس فى أثينا وهناك عظات للمسيحيين كما كلم بولس قسوس أفسس. وليس ما يقال هنا يقال هناك.

8- نلاحظ عمل الله من خلال التاريخ لينتشر الإنجيل. فالإسكندر الأكبر بفتوحاته جعل اللغة اليونانية لغة سائدة وصارت هى لغة المثقفين فى كل العالم لقرون طويلة، وكانت هى لغة الإنجيل. والرومان جعلوا العالم دولة واحدة لها قانون واحد وعَبَّدُوا الطرق وهذا ساعد على إنتقال الرسل عبر كل ولايات الدولة الرومانية.

دور الملائكة فى الكنيسة :

10:1،11 الملائكة يخبرون بالمجئ الثانى.

19:5،20 الملاك يفتح أبواب السجن ويطلب من الرسل أن يذهبوا ويكلموا الشعب.

26:8،27 ملاك يطلب من فيلبس أن يذهب إلى الجنوب.

3:10-6 ملاك يظهر لبطرس فى موضوع كرنيليوس.

6:12-10 ملاك ينقذ بطرس.

23:12 ملاك يضرب هيرودس.

23:27-25 ملاك يظهر لبولس ليخبره بنجاته هو ومن معه.

حقاً لقد جمع المسيح السمائيين والأرضيين فى كنيسة واحدة.

حكام الرومان:

قد يعينهم قيصر بنفسه وفى هذه الحالة يسمى والى

قد يعينهم مجلس الشيوخ وفى هذه الحالة يسمى نائب قنصل أو قائد رومانى

وإذا كانت المقاطعة صغيرة يسمى حاكم.

ولكن الكل يخضع لقيصر، وقيصر يسمى الأغسطس 25:25.

وكانت الإمبراطورية مقسمة إلى ولايات عليها حكام والحكام هم الصلة بين الولاية وبين القيصر.

والأسماء أو الألقاب التى إستخدمها لوقا للحكام جاءت فى منتهى الدقة فى اللغة الأصلية.

الجيش الرومانى:

مكون من لجيونات (جمع لجيون) أى فيالق. وكل لجيون (فيلق) ينقسم إلى 10 أقسام كل منها يسمى كتيبة (كوهورت). والكتيبة تتكون من مئات (سنتوريون). وكل مئة يقودها قائد مئة. وقواد المئات تحت إدارة أمير الذى هو رئيس ألف. وبعض الكتائب لها أسماء مثل الكتيبة الإيطالية (1:10،2) وقادة المئات الذين ذكرهم الكتاب المقدس لهم ذكرى عطرة وسيرة حسنة.

ولقد كان الولاة الرومان يساعدون المسيحيين بل أنقذوا بولس من يد اليهود ولكن كان ذلك قبل الإضطهاد الذى أثاره نيرون ضد الكنيسة سنة 64م.

 

 

الطرق فى الدولة الرومانية :

مهدها وعبدها الجيش. وكانت توضع عليها علامات هى المسافة إلى روما. وكل الطرق كان لها نظام واحد، هو أنها تؤدى إلى روما. ولذلك صارت التنقلات سهلة. فكان لكل طريق حامية عسكرية تدافع عنه، لذلك تنقل الرسل بسهولة من بلد إلى بلد. ومن هنا خرج المثل "كل الطرق تؤدى إلى روما".

اليهود :

بعد الرجوع من سبى بابل صارو مشتتين فى العالم ولهم جالية فى كل مكان. وكانوا أغنياء متعصبين لهم ترابطهم ومكائدهم وكانوا ذوى تأثير. وكانوا يرسلون الجزية لأورشليم، ويصعدون فى 3 مواسم فى أعيادهم الكبيرة إلى أورشليم (5:2-11 + 27:8). وكان اليهود غير راضين على حكم الرومان عليهم وكانوا يتنظرون أن يرسل لهم الله مسيا يخلصهم من الرومان، وكانوا فى ثورة عنيفة ضد الرومان، وكان منهم الغيورين الذين يقاومون الرومان بعنف إلى أن إنتهت ثوراتهم بأن حطم الرومان أورشليم سنة 70م ومن الحركات الفاشلة فى الثورة ضد الرومان (1) حركة ثوداس 36:5 (2) حركة يهوذا الجليلى 37:5 ولكن كان بين الشتات من اليهود من قبل المسيحية وقبل كرازة بولس. وكان لليهود مجامعهم فى كل مكان فى الدنيا. وكان بولس أول ما يذهب إلى بلد يذهب إلى المجمع اليهودى. وكان البعض يستجيب والبعض يرفض ويثور ويدبر المؤامرات. لكن عموماً كانت هذه المجامع فى كل مدينة هى نقطة البدء فى الكرازة فى هذه المدينة. وكان يحضر فى مجامع اليهود بعض اليونانيين (الأمم) لإعجابهم بإله اليهود وكانوا يواظبون على الحضور، وهؤلاء كانوا أكثر إستجابة لكرازة بولس من اليهود. وكانت ثورة اليهود ضد بولس أساساً بسبب قبول الأمم وهم كانوا ًيريدون تهويدهم أولاً. والسبب الثانى لثورة اليهود على بولس، بل ثورة المسيحيين الذين من أصل يهودى (من الختان) هو أن بولس الرسول كان ينادى بالتحرر من قيود الناموس كالختان وغيره.

الهللينية :

بعد الإسكندر الأكبر وغزوه لكل العالم المعروف وقتئذ، إنتشرت الثقافة الهللينية أى اليونانية واللغة اليونانية. وغزت العالم بأدابها وثقافتها وإنتشر الإنجيل باللغة اليونانية. ومن يعرف اليونانية قيل عنه أنه مثقف، ومن لا يعرف اليونانية قيل عنه أنه أعجمى أو بربرى.

تقسيم السفر:

1)  نلاحظ أن الكنيسة فى بدايتها إستمرت على علاقتها بالهيكل وصلواته حتى إستشهاد إسطفانوس (ص1 - ص5) ثم بعد ذلك ظهر الإضطهاد اليهودى ضد المسيحية (ص8-ص12). وكان هذا بعد محاكمة اسطفانوس ورجمه (ص6، ص7). ثم نرى إنشار المسيحية فى كل العالم (ص13 ص28).

2)    وقد ينقسم سفر الأعمال إلى قسمين:

أ‌)       أعمال بطرس الرسول (ص1 ص12)

ب‌)  أعمال بولس الرسول (ص13 ص28).

أولاً : بطرس الرسول

بطرس هو الرسول الظاهر

فى هذا الجزء من السفر


 

الإصحاح الأول

آية (1) :-

الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به.

الكلام الأول = هو إنجيل لوقا أمّا الكلام الثانى فهو سفر الأعمال المكمل للكلام الأول. الكلام الأول هو ما إبتدأ يسوع أن يعمله وهو على الأرض بالجسد والثانى هو ما إستمر المسيح يعمله فى كنيسته بواسطة تلاميذه بقيادة الروح القدس.

ثاوفيلس = تعنى محب الإله. فالكتاب موجه لكل من يحب الله.

يفعله ويُعلم به = فالإنجيل هو تعليم وعمل معاً (يع 22:1 + مت 19:5). لقد ثبت المسيح أقواله بأعماله "تعلموا منى، لأنى وديع ومتواضع (مت 29:11).

آية (2) :-

إلى اليوم الذي ارتفع فيه بعدما أوصى بالروح القدس الرسل الذين اختارهم.

إرتفع فيه= فهو إستمر يعلم حتى يوم صعوده. بعدما أوصى بالروح القدس = بعد قدَّم وصاياه بالروح القدس لتلاميذه، وهنا يسميهم رسل = عملهم الآن هنا نسمع أن السيد يقدم وصاياه بالروح، وقيل أنه يخرج الشياطين بالروح (مت 28:12).

آية (3) :-

الذين أراهم أيضا نفسه حيا ببراهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوما ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله.

ظهور المسيح لتلاميذه وللمجدلية كان تثبيتاً للقيامة وقوتها ومجدها وإظهاراً لسلطانه على الموت. وليشهد التلاميذ بعد ذلك عن القيامة بكل ثقة وتأكيد.

ببراهين = حتى لا يظنوه روحاً أكل معهم وشرب وطلب من توما أن يضع أصبعه فى جروحه. وبتوجيهاته إصطاد التلاميذ سمكاً بعد ليله فاشلة. بل أن عدداً كبيراً رأوه بعد القيامة، أكثر من 500 أخ (1كو 6:15).

الأمور المختصة بملكوت الله = من يتوب تكون له قيامة أولى، ومن يعتمد يموت ويقوم مع المسيح وينضم إلى ملكوت الله، فإن عاش حياة التوبة مجاهداً يكون له نصيب فى القيامة الثانية كما قام المسيح من الأموات ويكون له مجد فى السموات، لكن الآلام هى الطريق لهذا المجد. وأن بموت المسيح وقيامته صرنا نشترك معه فى موته بالمعمودية فتغفر خطايانا، ونقوم معه وتكون لنا حياة هى حياته، هذا هو ملكوت السموات مؤمنين ماتوا عن العالم ليحيا المسيح فيهم. ولهم حياة أبدية تبدأ الآن على الأرض وتمتد فى السماء فى المجد.

أربعين يوماً = ما بين القيامة والصعود ومن المؤكد أن المسيح سلم لتلاميذه خلال هذه الفترة أسرار الكنيسة، المعمودية ووضع اليد والإفخارستيا التى هى إتحاد أيضاً مع المسيح فى موته وقيامته. فى هذه الأربعين يوما لم يشفى أمراض، بل أعلن شخصه وإنه غالب العالم الشرير والشيطان والموت، من يقتنيه يقتنى الغلبة والحياة.

آية (4) :-

وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الأب الذي سمعتموه مني.

كان هذا اللقاء وهذا الحوار هو الأخير بين المسيح وتلاميذه وبعده صعد للسماء. ينتظروا = ليس فى إسترخاء بل فى حالة صلاة إلى أن يحل عليهم الروح فالروح لا يحل إلاّ على من يشتاق إليه ويطلبه فى الصلاة وهذا ما حدث، فالتلاميذ بعد أن فارقهم المسيح بصعوده فقدوا التعزية فصاروا يطلبون الروح باشتياق ليعزيهم.

موعد الأب = أى الروح القدس الذى وَعَدَهم به المسيح والذى ينبثق من الآب. ولا يمكن أن يحل الروح القدس إلاّ على من ينتظره بروح الصلاة والجهاد. وأسماه موعد الأب حسب ما قال إشعياء ويوئيل أنه روح الله (أش 15:32 + 3:44 + يؤ 28:2-32). والمسيح لم يحدد لهم موعد حلول الروح فملكوت الله لا يأتى بمراقبة. ووعد المسيح بحلول الروح عليهم نجده فى (لو 43:24-49 + يو ص14 - ص16).

آية (5) :-

لان يوحنا عمد بالماء وأما انتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير.

هم قبلوا سابقاً معمودية الماء، وكانوا يعمدون بالماء. وعند حلول الروح القدس سيقبلون معمودية الروح، وهم قبلوا كتلاميذ معمودية الماء ومعمودية الروح فى وقتين متعاقبين، أمّا نحن فنأخذهما كفعل أو كعمل واحد الآن. كان وضع التلاميذ وضع إستثنائى لأن الروح لم يكن قد حَّل بعد.

آيات (6،7) :-

أما هم المجتمعون فسألوه قائلين يا رب هل في هذا الوقت ترد الملك إلى إسرائيل. فقال لهم ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الأب في سلطانه.

هنا نرى التلاميذ كيهود مازالوا على تعلقهم بالوطن الأرضى وطلبهم ملك أرضى، وهذا إنتهى تماماً بعد حلول الروح القدس. لقد تصوَّر التلاميذ أن حلول الروح القدس كما وَعدَهم المسيح وكما تنباً يوئيل وإشعياء من قبل، هو بداية لملكوت أرضى وعودة الملك لإسرائيل. هذه الحيرة سببها غياب الروح القدس، أمّا بعد حلول الروح القدس فقد فهموا معنى الملكوت السماوى، ألم يقل لهم المسيح أن الروح يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم (يو 26:14). وبنفس المفهوم الأرضى للملكوت طلب يوحنا ويعقوب إبنا زبدى أن يجلسا عن يمين المسيح ويساره فى ملكوته. أمّا ملكوت الله فإتسع ليشمل الأرض كلها والسماء، ولم يعد حدود لإسرائيل. فإسرائيل الله شمل السماء والأرض.

الأزمنة والأوقات = الأزمنة تقال على وقت أطول والأوقات على وقت أقصر ويقال أن الأزمنة تعنى الزمن أمّا الأوقات فتعنى الحوادث الزمنية التى تصاحب ذلك. والله حر يعلن ما يشاء فى الوقت الذى يشاءه هو. إن كشف الأزمنة والأوقات ليس فى صالح نمو ملكوت الله. ولكن علينا بثقة أن نعمل ونجاهد دون أن ننظر إلى تحديد مواعيد، بل بثقة ننتظر مجيئه وأنه سيأتى.

آية (8) :-

لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض.

لكنكم = المسيح أمام لهفة التلاميذ لمعرفة المستقبل يطمأنهم بأنه سيكون لديهم القوة الكافية للشهادة للمسيح وتأسيس هذا الملكوت فى كل العالم. فبدل اللهفة على معرفة الأزمنة فليهتموا برسالتهم.

شهوداً = ونحن نشهد للمسيح بأعمالنا الصالحة فالكرازة جزء من الشهادة.

قوة = هى قوة فوق الطبيعة، قوة تصنع المعجزات، وتغير قلوب البشر. وهذه القوة سيستمدونها من الروح القدس الذى سيحل عليهم. وسبق السيد وشرح لهم أن لا يخافوا حين يقفوا أمام ملوك وولاة فالروح القدس سيعطيهم ما يتكلمون به (مت 19:10 + لو 14:21،15). والتسلسل الذى قاله المسيح هنا عن إنتشار الكرازة.أورشليم / اليهودية / السامرة / أقصى الأرض. هو ما نراه مطبقاً وتم حسب هذه النبوة تماماً عبر سفر الأعمال.

ص1 ص7 تغطى الشهادة فى أورشليم.

ص8 18:11 تغطى الشهادة فى اليهودية والسامرة.

الباقى من السفر تغطى الشهادة فى كل الأرض حتى روما.

والبداية كانت بأورشليم ففيها نفوس معدَّة ومهيَّأة تربت على خوف الله وطاعة الناموس، نفوس كانت أمينة لله، تابوا على يد المعمدان وتتلمذوا على الناموس لا غرض لهم سوى مجد الله. هؤلاء لم ولن يتركهم الله، وآمن منهم 3000 نفس بعظة بطرس يوم الخمسين. إذاً عوضاً عن ملك الله على إسرائيل، المسيح هنا يلفت نظرهم بملكه على كل العالم.

آية (9) :-

ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم.

سحابة = (2صم 10:22،11 + دا 13:7،14 + مز3:104 + مز 26:13) السحاب هنا هو لإخفاء المجد الذى لا يستطيع البشر أن يعاينوه، لذلك فهو إعلان عن حضور الله. إرتفع = (يو 32:12).

من أخلي ذاته من قبل هو قادر أن يستعيد ما سبق وتخلي عنه.والمسيح صعد بنفس جسده الذى صلب ومات وقام به. الصعود ونبواته = مز 47 :5،7،8 + مز 18 :10 + مز 24 :7 -10 + مز 110 :1 + مز68 : 18. صعود المسيح أعطي التلاميذ فكره عن أن ملكوت المسيح سماوي وليس أرضي.

آيات (10،11):-

وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس ابيض.
 قالا أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء أن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء.

الملاكان هنا هما شاهدان بصعود المسيح.والملابس البيضاء هي إعلان عن قداستهما وطبيعتهما السمائية النورانية. ولقد طلب الملاكان من التلاميذ أن يكفوا عن البحث عما لا تدركه العين البشرية.والملاكان يعزيان التلاميذ لأن المسيح قد فارقهم بقولهم أنه سيعود سيأتي هكذا كما رأيتموه = أي بنفس جسده الذي صلب به وقام به وصعد به. ولاحظ أن مجئ المسيح لن يكون أرضياً ليحكم علي الأرض 1000 سنه كما يظن أصحاب الملك الألفي بل سيأتي علي السحاب مت 24 :30 وذلك لا ليحكم علي الأرض ولكن ليأخذ مختاريه معه إلي السماء مت 24 :31 +2 تي 4 : 17.

آية (12) :-

حينئذ رجعوا إلى أورشليم من الجبل الذي يدعى جبل الزيتون الذي هو بالقرب من أورشليم على سفر سبت.

في لو 24 : 5 يشير لأن هذا حدث في بيت عنيا. وبيت عنيا متاخمة لجبل الزيتون، وعلي بعد حوالي

 2 كم من الجبل. فهم خرجوا مع المسيح من بيت عنيا إلي جبل الزيتون ومن هناك صعد المسيح. فعادوا إلي اورشليم التي هي علي بعد مسافة 1 كم من جبل الزيتون. سفر سبت = هي المسافة المسموح بالسفر بها خلال يوم السبت وهي تقدر بحوالي 1 كم. وفي لو 24 :25 نجد التلاميذ يعودون فرحين إذ حصلوا علي وعد بأنه سيعود.

آية (13) :-

ولما دخلوا صعدوا إلى العلية التي كانوا يقيمون فيها بطرس ويعقوب ويوحنا واندراوس وفيلبس وتوما وبرثولماوس ومتى ويعقوب بن حلفى وسمعان الغيور ويهوذا أخو يعقوب.

نلاحظ أن بطرس دائماً إسمه يتقدم باقي التلاميذ في كل قوائم أسماء التلاميذ التي وردت في أناجيل متي ومرقس ولوقا وفي سفر الأعمال وسمعان الغيور هو سمعان القانوي. وكان يتبع جماعه الغيورين وهي جماعه متعصبة تنادي بالتحرر من الرومان بالقوة. ومجموعه الغيورين هذه هي التي تسببت في إشعال الحرب مع الرومان التي أحرقت فيها أورشليم.

القانوى = أي الذي من قانا.

العلية = هي غرفة فوق السطح في البيوت اليهودية تستعمل كغرفه صلاة وخلوة. وكان هذا المنزل هومنزل مريم أم القديس مرقس كاروز ديارنا المصرية. وفى هذه العلية أقام الرب العشاء الأخير فحسبت أول كنيسة فى العالم. ويبدو أنها كانت متسعة فشملت التلاميذ وغيرهم.

 

 

آية (14) :-

هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع اخوته.

نلاحظ أن الروح القدس يحل علي من يصلي بحرارة ولجاجة = يواظبون وبنفس واحدة = هنا إرتباط وإتحاد في الفكر والقلب. وكانت صلواتهم هي صلوات السواعي اليهودية. مع النساء = هؤلاء الذين تبعن المسيح من الجليل لو 8 :1 3 +مت 27 : 55،56 + مر 15 :4

مع إخوته = هؤلاء لم يؤمنوا به في حياته. وقد يكونوا أولاد يوسف من زواج سابق أو أولاد خالة أو عمة المسيح. وهم يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا وهم أمنوا به بعد القيامة (مر 3:6 + مت 55:13 + يو 5:7). ويعقوب أخو الرب ظهر له المسيح بعد قيامته فى ظهور خاص (1كو 7:15).

آيات (15-17):-

وفي تلك الأيام قام بطرس في وسط التلاميذ وكان عدة أسماء معا نحو مئة وعشرين فقال. أيها الرجال الاخوة كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود عن يهوذا الذي صار دليلا للذين قبضوا على يسوع. إذ كان معدودا بيننا وصار له نصيب في هذه الخدمة.

نحو 120 = كان اليهود يحددوا رقم 120 كأصغر رقم لابد أن يتوفر لأى جماعة يهودية لتأخذ صفتها الجماعية ويكون لها الحق فى تدبير ذاتها وكان هذا تقليد يهودى. وبطرس يشير للنبوات التى تنبأت عن يهوذا ليشرح أن خيانة يهوذا ليست حدثاً عارضاً إنما قصة لها جذورها العميقة وبمشورة الله الأزلية. وواضح هنا دور بطرس القيادى ربما لسنه أو لغيرته. ونفهم أنه طالما أن الرب إختار يهوذا فهو إذاً كان صالحاً وقت إختياره لكنه إنحرف فيما بعد لذلك ينبه بولس الرسول "إذاً من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط (1كو 12:10) واختيار السيد ليهوذا فيه درسين لنا :

(1)   أن تقبل الكنيسة الكل وتعطى كل واحد فرصة للتوبة.

(2)   أن لا يتشبه به أحد ويحب المال.

هذه الخدمة = هى خدمة الشهادة لله كوكلاء سيقدمون حساباً عنها.

بفم داود = بطرس وغيره إستخدموا نبوات العهد القديم للإشارة للمسيح (25:2 + 34:2 + 31:2-32) فإعتبر أن أعداء صاحب المزامير هم أعداء المسيا (25:4،26،27) والرسل إستبدلوا كلمة عبدك بكلمة فتاك.

آيات (18،19) :-

فان هذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها. وصار ذلك معلوما عند جميع سكان أورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما اي حقل دم.

يهوذا رمى الفضة لرؤساء الكهنة، وهم إشتروا الحقل. لكن بطرس كنوع من الإحتجاج على عمل يهوذا نسب له شراء الحقل بمعنى "ما الذى إقتنيته يا يهوذا بفضة خيانتك". ويهوذا بعد أن شنق نفسه سقط وإنسكبت أحشاءه. والحقل سمى حقل دم لأن المال ثمن دم يُسلَّم للموت.

آية (20) :-

لأنه مكتوب في سفر المزامير لتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن وليأخذ وظيفته أخر.

المزمور هو (25:69،28 + 8:109،16،17). وبطرس هنا يفكر فى شخص يتحمل مسئولية الكرازة. فهو إعتبر أن الرب إختار 12. إذاً هو يريدهم 12. وفى (25:69) نجد الآية لتصر دارهم خرابا.ً فالكلام ليس عن يهوذا فقط بل عن رؤساء الكهنة الذين صلبوا المسيح. وهذا تم بالفعل إذ خَرِبَ الهيكل وأوقف الكهنوت سنة 70م بل أن تيطس قتل وذبح وأحرق الكهنة مع رؤسائهم.

آيات (21،22) :-

فينبغي أن الرجال الذين اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل إلينا الرب يسوع وخرج. منذ معمودية يوحنا إلى اليوم الذي ارتفع فيه عنا يصير واحد منهم شاهدا معنا بقيامته.

كانت الصفات التى يشترطونها فيمن يحل محل يهوذا:

(1) أن يكون قد عاصر الرب وسمعه ورآه وعاصر موته ورأى قيامته. دخل الرب وخرج = رافقنا = أى تعامل فيها معنا الرب يسوع بكل الفة ومحبة.

(2) أن يكون قد إجتمع مع الرسل = معنا وعَرِفَ أنهم الرسل المختارين وعاش كما يعيشون فى إيمان بالمسيح وفى خوف الله. وربما كان إختيارهم من واحد من السبعين.

آية (23) :-

فأقاموا اثنين يوسف الذي يدعى برسابا الملقب يوستس ومتياس.

متياس = يعنى عطية يهوة. وهو بحسب تاريخ يوسابيوس فهو من السبعين وقد بشر بحسب التقليد الكنسى بلاد الحبشة. أما يوسف بارسابا فيروى عنه بابياس مستنداً على شهادة بنات فيلبس أنه شرب سم أفعى بإسم المسيح متحدياً الوثنيين ولم يصبه أذى (مر 18:16) وهم إختاروا الأكثر حكمة وتقوى.

آية (24) :-

وصلوا قائلين أيها الرب العارف قلوب الجميع عين أنت من هذين الاثنين أيا اخترته.

هم إختاروا إثنين رأوا أنهم أكفاء لهذه الخدمة وبالصلاة تم القرعة تركوا الإختيار لله. وكانت القرعة عادة متبعة عند اليهود. ولكن هذه أول وآخر مرة نسمع فيها عن القرعة فى الإنجيل (العهد الجديد). فبعد هذا مباشرة حَّل الروح القدس وصار يرشد الكنيسة ويقودها. وهناك الآن من أفراد الشعب من يلجأ للقرعة لتحديد أمر ما، وعلينا عدم الإسراف فى هذه الطريقة فالله أعطانا الروح القدس ليرشدنا، بل هناك من يتشكك بعد ظهور القرعة إذا جاءت غير متفقة مع رغبته. وطوبى لمن لا يدين نفسه فيما يستحسنه (رو 22:14). فعلينا أن نصلى ونفكر ماذا نريد ونتخذ قرارنا بإيمان أن الله سيبارك فى القرار الذى إتخذناه، وإن كان ليس من الله فهو قادر أن يبطله.

آية (25) :-

ليأخذ قرعة هذه الخدمة والرسالة التي تعداها يهوذا ليذهب إلى مكانه.

قرعة هذه الخدمة = هى قرعة تؤدى للألام فى طريق الخدمة الشاق ولكنه طريق المجد. تعداها يهوذا = بسقوطه وليذهب إلى مكانه الذى يستحقه على جريمته والذى إختاره بنفسه أى يموت ويهلك.

آية (26) :-

ثم القوا قرعتهم فوقعت القرعة على متياس فحسب مع الأحد عشر رسولا.

حين استشهد بعد ذلك القديس يعقوب لم يختاروا أحداً مكانه فمكانه محفوظ فى السماء. ولكن يهوذا بسقوطه خسر مكانه فى السماء فإنتخبوا متياس مكانه (رؤ 12:21).

رقم 12 هو عدد الأسباط فى العهد القديم وهو عدد التلاميذ فى العهد الجديد وهو يشير لملكوت الله أى من هم شعب الله.

رقم 12 = 3 (الثالوث) × 4 (كل العالم). أى المؤمنين بالله مثلث الأقانيم فى كل العالم

وكان هذا هو عمل التلاميذ أن ينشروا الإيمان بالثالوث فى كل العالم.


 

الإصحاح الثانى

آية (1) :-

و لما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة.

يوم الخمسين = ويسمى يوم البنطيقوستى أى الخمسين وهو عيد الشكر على بركات الحصاد عند اليهود. وهو وافق أيضاً يوم الخمسين من أحد القيامة. وصار هذا اليوم هو يوم تأسيس الكنيسة ملكوت الله. وقد يكون هذا تفسيراً لكلام السيد المسيح "إن من القيام ههنا قومٌ لا يذوقون الموت حتى يروا إبن الإنسان آتياً فى ملكوته. فحينما حل الروح القدس تأسست الكنيسة جسد المسيح إبن الإنسان وبدأ ملكوته على قلوب شعبه.

وعيد الخمسين عند اليهود هو عيد الحصاد وصار فى الكنيسة أيضاً عيداً للحصاد أى دخول الناس للإيمان. فبعد أن ماتت حبة الحنطة (أى المسيح يو 24:12) صار الآن حصاد كثير. ففى هذا اليوم أمن 300 نفس. هو يوم ميلاد الكنيسة.

وكان الجميع = هناك رأيان :-

(1) أن الجميع المقصود بهم الإثنى عشر ومعهم العذراء مريم. ويستند أصحاب هذا الرأى أن هذه الآية هى إمتداد للآية الأخيرة من الإصحاح السابق (أع 26:1). وبوضع يد الرسل الـ 12 على الباقين حل الروح على بقية الجماعة.

(2)   الجميع هم كل الـ 120

آية (2) :-

و صار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملا كل البيت حيث كانوا جالسين.

الريح والروح فى العبرية كلمة واحدة (وهكذا فى اليونانية). وهبوب الريح الآن كان لأن الروح يعبر عن طبيعته فهو يهب حيث يشاء (يو 8:3). وهذه الريح لم تكن ريحاً طبيعية ولا هواء طبيعياً. والصوت الذى سُمِعَ تدركه الأذان الداخلية المهيَّاة لسماع الروح القدس هو صوت من السماء يعبر عن الحضرة الإلهية. وحلول الروح تم عن طريق :

(1)   صلاتهم لمدة 10 أيام.

(2)   بنفس واحدة أى إتحاد الجماعة فى الشركة والفكر.

وملأ كل البيت = الروح القدس دشَّن المكان فتقدس. فلنصلى ليملأ الروح القدس بيوتنا وقلوبنا وبهذا يُطرد كل روح شرير من المكان ونحيا فى محبة وفرح وسلام.

ولقد سبق التلاميذ وتعمدوا بالماء. والآن معمودية الروح. أمَّا التلاميذ فقد كانوا بعد ذلك يعمدون بالماء والروح (وهكذا الكنيسة للآن). وإن كان المسيح تعمد ليكمل كل بر فلابد أنه عَمَّد التلاميذ بالماء هم أيضاً. بل كان التلاميذ يُعَمّدون فى حياة المسيح على الأرض. فكيف يعمدون أخرين وهم لم يعتمدوا (يو 1:4،2).

آية (3) :-

وظهرت لهم السنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم.

الريح تشير لطبيعة الروح القدس غير المرئية ولكنها مؤثرة وفعالة ولها صوت مسموع. والنار تكشف عن طبيعة الروح وطبيعة الأداء الذى سيؤديه كروح إحراق وتطهير لقلوب المؤمنين وإشعال الغيرة والحب فى النفوس لو 49:12 + عب 29:12. والنار تذكرنا بأن إلهنا نار أكلة تحرق وتبيد الخطية وتزيد البر والقداسة والحب. منقسمة = فكلٍ له موهبة غير الأخر إستقرت على كل واحد منهم = الروح إرتاح فى كيانهم وفى قلوبهم وحولهم إلى كيان قدسى، حولهم إلى هيكل لله وسكن الروح فيهم ليعمل فيهم وبهم. وكما حلّ الروح القدس على العذراء فولدت المسيح، حلّ الروح القدس على الكنيسة لتلد بالمعمودية أبناء لله هم شعبه المقدس. وكما حلَّ الروح القدس على المسيح بعد المعمودية هكذا حلَّ الروح القدس على كل من يعتمد وذلك بالميرون. أما مع المسيح فالروح القدس لم يحل بشكل نار فهو لا يحتاج تطهير من الخطية وحل على شكل حمامة كاملة فالروح الوديع البسيط حل بكامله على المسيح، أمّاَ مع البشر فالروح يحل على كل واحد حسبما يحتمل وليعطيه موهبة معينة لبناء الكنيسة.

آية (4):-

وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتداوا يتكلمون بالسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا.

إمتلأ الجميع = الروح يملأ كل الكيان فيصير الكيان كله لله، ويصير الجسد للمسيح. يتكلمون بألسنة = هذا عكس ما حدث فى لعنة بابل إذ تبلبلت السنتهم. والألسنة كانت فائدتها أن الله سيستخدم التلاميذ ليبشروا كل العالم، كلٌ بلسانه مر 17:16. ولكن بعد أن صار لكل كنيسة من يتكلم بلسانها ولغتها ما عاد هناك داع لهذه الألسنة أى اللغات. فما معنى أن نتكلم بلسان جديد وما هو تطبيق الموهبة الآن:-

‌أ.   قال السيد لتلاميذه أنه سيعطيهم ما يتكلمون به إذا وقفوا أمام ملوك وولاة، وهذا ما يعطيه لهم الروح القدس مت 19:10 + لو 14:21. وبهذا اللسان نشهد للمسيح أمام العالم بحكمة يو 26:15،27.

‌ب. ليس كل إنسان يحتاج نفس الكلام الذى نقوله لإنسان أخر، والروح يعطى حكمة، ماذا نقوله لكل إنسان. وقارن العظات فى سفر الأعمال لكل من المسيحيين ولليهود وللوثنين فستجدها مختلفة، فما يقال هنا لا يقال هناك.

‌ج.  الروح القدس يعطينا اللسان الذى يعرف لغة التسبيح، كما قال داود " لسانى قلم كاتب ماهر" مز 1:45 بل يعطينا كيف نصلى رو 26:8.

‌د.    الروح يعطينا لسان مملوء حباً وكلمات نعمة، كلاماً مصلحاً بملح.

‌ه.  الروح يعطى فى كل مناسبة ما نقوله، فالخاطئ المستهتر يحتاج كلمات توبيخ، والخاطئ اليائس يحتاج كلمات تشجيع والحزين محتاج كلمات تعزية. كل إنسان يحتاج للسان مختلف عن الإنسان الأخر.

الروح يعطى الكلمة المناسبة المؤثرة، وكعلامة على ذلك كانت عظة بطرس قوية مؤثرة فى نفوس السامعين فآمن 3000 نفس. الخادم المملوء من الروح يتكلم بكلمة الله بالروح القدس ولا تعود كلمة الله فارغة.

وكانت الألسنة التى تكلم بها التلاميذ علامة أن الروح هو الذى أعطاهم هذه الموهبة وأنها ليست من عندياتهم. وعلى كل خادم أن يفهم أنه إذا تكلم كلمة قوية فهى من الروح القدس وليست من عندياته.

ونحن لا نمتلئ مرة واحدة، بل سمعنا عدة مرّات أن التلاميذ كانوا يمتلئون من الروح. لذلك يقول بولس الرسول إمتلأوا بالروح. ويقول لتلميذه تيموثاوس : إضرم موهبة الله التى فيك.." وقارن أع 4:2 مع أع 31:4 والروح يملأنا كلما يجدنا فى احتياج كلما شاء. ولنسأل أنفسنا من الذى يقودنا ومن الذى يفرحنا ويعزينا.... الخ فالمملوء من الروح يحركه ويقوده الروح ولكن الإنسان العالمى يحركه العالم وتقوده غريزته وتفرحه الماديات. وكلما إمتلأنا بالروح لا يحركنا سوى الروح.

والميرون هو تقديس الجسد، الهيكل الإنسانى لسكنى الروح وإقامته 1كو16:3 والملء المتكرر يكون بالجهاد وحسب الحاجة. وهناك من يقاوم الروح فيحزنه وقد ينطفئ " لا تحزنوا الروح " " لا تطفئوا الروح "

آيات (5-7) :-

وكان يهود رجال أتقياء من كل أمة تحت السماء ساكنين في أورشليم. فلما صار هذا الصوت اجتمع الجمهور وتحيروا لان كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته. فبهت الجميع
وتعجبوا قائلين بعضهم لبعض أتري ليس جميع هؤلاء المتكلمين جليليين.

عمل الله العجيب أن سمح أن يحدث هذا وقت أن إجتمع فى أورشليم يهوداً من كل الأرض فى يوم الخمسين ( وهو موسم حج) فكانوا نوابا عن جميع شعوب الأرض لينتشر الخبر فى كل العالم. ( كانوا من 15 دولة) يهودا رجال أتقياء = هكذا كانوا يسمون اليهود الذين يأتون للحج لأنهم قبلوا أن يتجشموا آلام السفر من بلادهم إلى أورشليم. والسفر كان مكلفاً للغاية ومتعباً ولا يقوى علية إلاّ من كان تقياً. وكان هؤلاء حينما يأتون إلى أورشليم يوزعون من أموالهم على الفقراء.

ساكنين فى أورشليم = كان الحجاج يأتون قبل الفصح ويقضون الخمسين يوماً من الفصح حتى يوم الخمسين ساكنين فى أورشليم.

آيات (8-11) :-

فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي ولد فيها. فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا. وفريجية وبمفيلية ومصر
ونواحي ليبية التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء. كريتيون وعرب نسمعهم يتكلمون بالسنتنا بعظائم الله.

هؤلاء من اليهود أو المتهودين وهم أندهشوا لأنهم سمعوا أناساً يهود يتكلمون بلغاتهم عن الله بينما اليهود فى أورشليم لا يتكلمون إلا العبرانية ويحتقرون اللغات الأجنبية.

آيات (12،13) :-

فتحير الجميع وارتابوا قائلين بعضهم لبعض ما عسى أن يكون هذا. وكان آخرون يستهزئون قائلين انهم قد امتلأوا سلافة.

إرتابوا = الترجمة الأدق إندهشوا. يستهزئون = يسخرون منهم لأنهم ظنوهم سكارى. سُلافة = العنب المختمر حديثاً.

خطاب بطرس الرسول

الروح القدس حَرَّكَ بطرس فقدم أول شهادة عن المسيح. وهو استفاد من نبوة يوئيل عن حلول الروح القدس ليفسر لهم ما رأوه وما سمعوه من تكلم الرسل بالألسنة. ومن هنا بدأ يشرح لهم كيف حلَّ الروح القدس وذلك بعد صلب وقيامة المسيح وصعوده ثم إرسال الروح القدس حسب وعده. ولما تحرك قلب السامعين وسألوا ماذا يفعلون أرشدهم بطرس أن الطريق لحلول الروح القدس هو أن يعتمدوا. ولاحظ أن فهم بطرس للنبوات وتطبيقها على المسيح هو من عمل الروح القدس الذى حل عليه والروح عمل أيضاً فى السامعين ففهموا وآمنوا.

آية (14):-

فوقف بطرس مع الأحد عشر ورفع صوته وقال لهم أيها الرجال اليهود والساكنون في أورشليم أجمعون ليكن هذا معلوما عندكم وأصغوا إلى كلامي.

بطرس تكلم عن الإثنى عشر. وهناك إحتمالين

أ‌.أن بطرس يتكلم بلسان واحد ولكن كل واحد يفهم بلغته.

ب‌.  أن بطرس تكلم بالعبرانية وكل تلميذ يترجم باللسان الذى حصل عليه.

المهم أن كل الحاضرين فهموا تماماً ما قاله بطرس. وقارن هنا بطرس وهو يواجه الآلاف بكل شجاعة بعد حلول الروح القدس. وبين خوفه من جارية قبل حلول الروح.

آية (15):-

لان هؤلاء ليسوا سكارى كما انتم تظنون لأنها الساعة الثالثة من النهار.

هم ليسوا سكارى فاليوم يوم عيد. وفى الأعياد الكبرى ما كان اليهود يأكلون أو يشربون حتى الظهيرة. والوقت الآن هو الساعة الثالثة بالتوقيت اليهودى أى التاسعة صباحاً بالتوقيت الحالى، ولا أحد يسكر فى هذه الساعة. ولكن لنلاحظ أن من يحل عليه الروح القدس يمتلئ فرحاً وتهليلاً وربما إختلط الأمر على بعض الذين رأوا التلاميذ هكذا فلم يفرقوا بين الخمر الروحى (الفرح الذى يعطيه الروح والقدوس والخمر المادية التى تسكن) لذلك قيل وكان أخرون يستهزئون = هؤلاء لم يميزوا بين الفرح الروحى والشكر بالخمر. وربما أن هناك سبب أخر أن السامعين لا يعرفون كل اللغات التى تكلم بها التلاميذ فظنوهم يخرفون. ولكن بطرس بذكاء روحى استغل هذه النقطة لتكون مدخلاً لعظته، ليشرح معنى حلول الروح القدس وعمله.

آيات (16-21) :-

بل هذا ما قيل بيوئيل النبي. يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة أنى اسكب من روحي على كل بشر فيتنبا بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً. وعلى عبيدي أيضاً وامائي اسكب من روحي في تلك الأيام فيتنبأون. وأعطى عجائب في السماء من فوق وآيات على الأرض من اسفل دما ونارا وبخار دخان. تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم الشهير. ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلص.

بل هذا = الذى تظنونه سكراً وسخرتم منه، هذا هو حلول الروح القدس الذى تنبأ عنه يوئيل. الأيام الأخيرة= تعنى أيام تجسد المسيح حتى مجيئه الثانى. فمجئ المسيح هو أخر تدبير إلهى قبل الدينونة. ولاحظ أن الروح يحل على العبيد والإماء. فالكل واحد فى جسد المسيح، هذا بالمقارنة مع حلول الروح القدس فى العهد القديم على الملوك ورؤساء الكهنة والأنبياء فقط. ويظل الروح القدس يحل على المؤمنين حتى أيام نهاية العالم حين تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم تمهيداً لوجود سماء جديدة وأرض جديدة وتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم لها تفسيران:

1)    الشمس تشير للنور والبر وهذا البر سيختفى أيام المسيح الدجال. والقمر يشير للكنيسة وهى ستدخل عصر استشهاد بالدم.

2)  هذه علامات ستحدث حقيقة فلقد قيل أن هناك علامات عجيبة قد حدثت قبل خراب أورشليم، هذه العلامات ذكرها يوسيفوس المؤرخ اليهودى:-

          i.       سيف ملتهب معلق فى السماء فوق المدينة.

        ii.      مذنب يشير إليها بنور ساطع لمدة عام.

       iii.    نور يتوهج فوق المذبح محولاً ظلام الليل إلى نهار.

       iv.    إنفتاح بوابة الهيكل الجبارة الضخمة على سعتها بدون إنسان.

        v.      صوت يسمع من قدس الأقداس " فلنغادر هذا المكان "

       vi.    نبى يتنبأ لمدة 7 سنوات جائلاً فى كل المدينة قائلاً " الويل الويل" فظنوه مجنوناً.

      vii.   رؤيا جيوش تتصارع فى الهواء.

     viii.  موجات رعد وبروق وزلازل.

فإن كلن هذا قد حدث قبل خراب أورشليم فماذا سيحدث قبل خراب العالم. وقد حدثت غرائب فى الطبيعة يوم الصليب. كل من يدعو بإسم الرب= الرب هنا يقصد به الرب يسوع أى كل من آمن بالمسيح يرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً= وهذا عكس الوضع الطبيعى فالمفروض أن الشبان هم الذين يحلمون فلهم أمانيهم وخيالهم ويتصورون أن أمانيهم تتحقق. أمّا الشيوخ فتخلصوا من الأحلام والتخيلات وصاروا يرون الرؤى الروحية. والمعنى أن الشباب بالروح القدس ينضجون ويكونون فى حكمتهم كالشيوخ. والشيوخ يكتسبون النشاط والقوة. وحينما يحل الروح القدس على شخص يتنبأ ويرى رؤى أى تنفتح عيناه على السموات على كل بشر= فالروح يحل على الجميع وليس اليهود فقط. يتنبأ= ليس أن يخبر بالمستقبل بل يعلم ويخبر بالحق الإلهى خاصة خلاص المسيح والأمجاد المعدة. بنوكم وبناتكم= إذاً هذا للكل.

آية (22):-

أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما انتم أيضا تعلمون.

هنا انتقل بطرس من حلول الروح القدس إلى يسوع الذى بواسطته حلَّ الروح القدس. يسوع الناصرى = فهو أتى وسكن فى الناصرة فإنتَسب إليها. رجلُُ= هنا بطرس يبدأ بقوله رجل عن المسيح بحسب ما يراه السامعين أو رأوه ثم يصل بهم أنه هو الرب والمسيح (راجع آية 36).

هو نزل لمستواهم ثم ارتفع بهم وبنفس الحكمة قال أن الله صنع المعجزات بيده. تبرهن= المسيح بمعجزاته أثبت أنه مرسل من الله ليؤسس ملكوت الله. والآيات التى صنعها المسيح لا يصنعها سوى الله.

آية (23):-

هذا أخذتموه مسلما بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي آثمة صلبتموه وقتلتموه.

نفس ما قاله بطرس فى 1بط 2:1. وغالبا كان من ضمن من يسمعوا بطرس الآن من صرخ أمام بيلاطس " أصلبه أصلبه". وهؤلاء نخسوا فى قلوبهم إذ تذكروا ما عملوه إذ ضللهم رؤساء الكهنة. بأيدى أثمة= هذا إشارة للرومان الوثنيين فكانوا يسمون مملكة روما " بمملكة الشر". فقتلتموه = هذا إشارة لدور اليهود. والمعنى أن العالم أمماً ويهود اشترك فى صلب المسيح.

آية (24):-

الذي أقامه الله ناقضا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يمسك منه.

قارن مع 1بط 21:1 ناقضاً= بمعنى يفك أو يحل قيودها أو حبالها، كما مزَّق شمشون الحبال من حوله بقوته. وكان شمشون بهذا رمزاً للمسيح الذى قطع رباطات الموت بقوة الحياة التى فيه لإتحاد لاهوته بناسوته (قارن مع مز 4:18،5-7،16 + مز 3:116،4، 7-9) إذ لم يكن ممكناً أن يُمسك منه= أى يُمسك بواسطته. والسبب أن الجسد متحد باللاهوت الحى والمحى رؤ 18:1. بل أنه هو الحياة والقيامة وهو قام ليقيمنا نحن فيه فهو إشترك فى موتنا لنشترك نحن معه فى قيامته.

آيات (25،26):-

لان داود يقول فيه كنت أرى الرب أمامي في كل حين انه عن يميني لكي لا أتتزعزع. لذلك سر قلبي وتهلل لساني حتى جسدي أيضا سيسكن على رجاء.

داود يقول فيه= أى داود يقول فيما يخص المسيح كنت أرى الرب أمامى= هذه تفهم أنها عن داود الذى يقول أنه يرى الرب معه يعينه ويساعده وأن الرب أمامه يقود خطواته، وان الرب هو قوته ففرح داود وتهلل وكان له رجاء أن ينتصر على أعدائه. ولكن داود كرمز للمسيح وبروح النبوة نطق بهذه الكلمات على لسان المسيح. وكأن المسيح بها يخاطب الآب. وإذا فهمناها أنها على المسيح فهى تفيد المساواة والزمالة فى المسير فى المجد أو فى الضيق. إنه عن يمينى= أى هو قوتى التى تحفظنى وتساعدنى مز 5:110 + مز 31:109. وداود انتصر على أعدائه من الأمم أمّا المسيح فإنتصر على الموت وعلى إبليس. لسانى= كما جاءت فى السبعينية (مجدى فى العبرية).

آية (27):-

لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادا.

هنا نرى أن قبر المسيح هو سكن مؤقت للجسد. لا تدع قدوسك يرى فساداً= مز 10:16 ونفس المفهوم ورد على لسان بولس الرسول أع 35:13-37 وهذا لأنه بلا خطية.

آية (28):-

عرفتني سبل الحياة وستملاني سرورا مع وجهك.

سُبًلْ الحياة= إشارة للقيامة. وهذا ما أبهج داود. ستملأنى فى سروراً مع وجهك= إشارة لصعود المسيح للأمجاد.

آيات (29-31):-

أيها الرجال الاخوة يسوع أن يقال لكم جهارا عن رئيس الأباء داود انه مات ودفن وقبره عندنا حتى هذا اليوم. فإذ كان نبيا وعلم أن الله حلف له بقسم انه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه. سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح انه لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فسادا.

إن كان داود لا يتحدث عن نفسه بخصوص القيامة من الأموات والدليل أنه مات وقبره موجود للآن. إذا فهو كنبى كان يتحدث عن المسيح خصوصاً أن الله أخبر داود أن المسيح سيكون من نسله 2صم 12:7،13.

فالله هنا يتكلم عن كرسى لملكة داود ثابتاً إلى الأبد. وبهذا يكون داود بروح النبوة يتكلم عن المسيح الذى سيكون من نسله وأن المسيح لن يبقى فى القبر إلى الأبد.هنا أيضاً داود يتكلم بلسان المسيح.

آية (32):-

فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك.

بعد أن ذكر بطرس شهادة داود عن قيامة المسيح يورد شهادته هو بانه رأى المسيح وقد قام من الموت، بل هو وكل التلاميذ وكثيرين. وهذا المنهج إتبعه فى رسالته 2بط 18:1،19.

آية (33):-

وإذ ارتفع بيمين الله واخذ موعد الروح القدس من الاب سكب هذا الذي انتم الان تبصرونه وتسمعونه.

الرسل شاهدوا القيامة ويشهدون بذلك. ولكن كيف يؤمن بها من يسمع عنها ولم يرى المسيح بعد قيامته. هنا ياتى دور الروح القدس الذى إنسكب وسينسكب على كل من يؤمن ويشهد له الروح بقيامة المسيح.لذلك تكلم بطرس فى هذه الآية عن إنسكاب الروح القدس.

أخذ موعد الروح القدس من الآب= هذه تفيد معنى الوساطة، فالمسيح بفدائه أكمل عمل المصالحة مع الآب إذ غفر الخطايا وبهذا إستطاع أن يرسل الروح القدس من عند الآب يو 26:14+7:16 والروح القدس يرشد إلى جميع الحق يو 13:16. بيمين الله= اليمين ليس مكان بل مكانة فلقد صار للمسيح بالجسد نفس مجد الآب.

الآيات (34،35):-

لان داود لم يصعد إلى السماوات وهو نفسه يقول قال الرب لربي اجلس عن يميني. حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك.

هنا يتكلم عن صعود المسيح للسموات وملكه السماوى. فهل صعد داود للسماء. (راجع مز 1:110) فبطرس إقتبس كلمات هذا المزمور. ونلاحظ أن داود يشير إلى عادات معروفة مثل أن الملك حين يريد أن يكرم أحداً يجلسه عن يمينه فهكذا فهل سليمان مع بثشبع أمه. وكان الملك المنتصر يدوس على رقاب المهزومين وهكذا فعل يشوع بالملوك الذين هزمهم. وقول المزمور أن المسيح يجلس عن يمين الآب فهذا دليل المساواة فى المجدوالكرامة. فهنا المثيل يخاطب المثيل ولا فرق فالمسيح رب والآب رب.

أعداءه تحت موطئ قدميه= الشيطان الذى أراد أن يضع نفس المسيح فى الهاوية صار هو فى الهاوية والمسيح عن يمين الآب، وصار الشيطان تحت قدمى المسيح، بل المسيح أعطى سلطاناً لمن يؤمنوا به أن يدوسوا الحيات والعقارب (رمز إبليس). واليهود إذا استمروا فى مقاومة المسيح سيصيروا موطئاً لقدميه. وبهذا فإن بطرس يوجه التحذير للسامعين أن يكفوا عن مقاومة المسيح ويؤمنوا به. لقد بدأ بطرس بأسلوب متواضع قائلاً أن المسيح رجل، وهو هنا ترك التواضع وقال أن المسيح هو الرب.

ملخص شهادة بطرس

1.    أن المسيح لن يبقى فى الهاوية ولن يرى فساداً (حسب نبوة داود).

2.    بعد الموت سيعرفه طريق الحياة أى القيامة.

3.    هنا الكلام ليس عن داود، فداود مات، إنما هو عن ابنه بالجسد.

4.    الرسل شهود للقيامة.

5.    المسيح سبق فوعد بإرسال القدس وهذا ما حدث اليوم الخمسين.

6.    هذا حدث بعد أن صعد المسيح للسماء وجلس عن يمين الآب.

آية (36):-

فليعلم يقينا جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه انتم ربا ومسيحا.

هنا النتيجة الأخيرة، أن يسوع هو الرب والمسيا، وبهذا يوجه الإتهام لمن شارك فى صلب المسيح من السامعين. جعل= هذه عن الجسد

آية (37):-

فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الاخوة.

ماذا نصنع= الروح القدس نخسهم فخضعوا لندائه فقادهم لطريق الحياة. فالروح القدس يعمل فيمن يتكلم ومن يسمع.

آية (38):-

فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس.

توبوا= هذا نداء المعمدان ونداء المسيح مت 1:3،2 + 17:4. وهنا نجد بطرس يوجه نفس النداء. والتوبة (ميطانية باليونانية) هى تغيير الفكر والقلب وإعادة النظر فى كل أوضاع الحياة خارجياً وداخلياً. والخطوة الثانية بعد التوبة هى المعمودية ثم قبول الروح القدس. والإيمان أولاً ولكن لم يقل أمنوا فالإيمان سيعلنوه فى طقس المعمودية.

 آية (39):-

لان الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بعد كل من يدعوه الرب إلهنا.

الموعد = أى حلول الروح القدس. يدعوه الرب إلهنا= الرب يدعو ولكن هناك من لا يستجيب بحرية إرادته. وذلك حينما قال فى آية 37 نخسوا فالمعنى أنهم استجابوا لدعوة الروح القدس وهى التوبة على ما فات.

آية (40):-

وبأقوال أخر كثيرة كان يشهد لهم ويعظهم قائلا اخلصوا من هذا الجيل الملتوي.

إذا العظة المذكورة كانت جزءاً مما قاله بطرس فى ذلك اليوم. ولكنه ركز فى هذه الآيات على خطية اليهود فى صلب المسيح الذى هو الرب ولكن كان الصلب والقيامة والصعود هم الطريق لإرسال الروح القدس.

آية (41):-

فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس.

إنضم = فكان هناك 120قبلهم مؤمنين بالمسيح. بفرح= هذا الفرح هو علامة على حلول الروح القدس.

آيات (42-47):- شكل أول كنيسة

وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات. وصار خوف في كل نفس وكانت عجائب وآيات كثيرة تجرى على أيدي الرسل. وجميع الذين آمنوا كانوا معا وكان عندهم كل شيء مشتركا. والأملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها ويقسمونها بين الجميع كما يكون لكل واحد احتياج. وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة وإذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب. مسبحين الله
ولهم نعمة لدى جميع الشعب وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون.

يواظبون= فى الأصل اليونانى كرسوا أنفسهم أى تفرغوا وداوموا باستمرار

تعليم الرسل= أى الإنجيل فلم يكن هناك إنجيل مكتوب، بل كان الإنجيل شفاهى حتى دونوه.

الشركة= كانت شركة فى العطاء من الغنى للفقير وشركة فى ولائم المحبة وفى الصلاة، ومن خلال الصلوات المشتركة يأتى المسيح ويعمل فى القلوب والأفكار فيعزى ويشدد " إذا إجتمع إثنان أو ثلاثة بإسمى فأنا أكون فى وسطهم مت 20:18+20:28.

كسر الخبز= هو تعبير عن سر الإفخارستيا أى القداس لو 30:24،35.

والصلوات= بدأت الكنيسة الأولى بصلواتها فى الهيكل بالإضافة لصلواتهم فى بيوتهم. فالروح القدس حلَّ وهم يصلون فى العلية (1:2 + 1:3 + 31:4).

صار خوف= هو خوف إيجابى ليتمموا خلاصهم بخوف ورعده (فى 12:2) الروح ينخس قلوبهم فيندموا على خطاياهم ويخافوا أن يرتكبوا خطايا تدنس الثوب الطاهر الذى حصلوا عليه بالمعمودية، ويشتهوا الحياة الطاهرة المقدسة التى تليق بهم كمسيحيين مات الرب عنهم. هذا الخوف هو رأس الحكمة كما قال الكتاب رأس الحكمة مخافة الله. وبدون خوف فلا يوجد نمو أو تقدم.

بعجائب وأيات= المسيح صنع عجائب وأيات والكنيسة هى استمرار لعمل المسيح. والروح القدس يُعلن عن نفسه عن طريق أشخاص يختارهم ليكملوا مشيئته. لقد أعطى الروح القدس الطبيعة البشرية إمكانيات فوق طبيعتها تمهيداً للحياة الجديدة التى تنتظرها. أماّ الأيات فكانت لترفع الفكر والقلب للمسيح وحقيقة أنه الرب. كل شئ مشتركاً= راجع تفسير آية 32:4 هذا لم يفرضه الرسل على أحد، بل هذا البذل هو ثمرة للحب الإلهى فى داخل قلوبهم. وهم شعروا أن ممتلكاتهم ومقتنياتهم وإغراءات المال تحول بينهم وبين محبتهم لإخوتهم وتفرق الغنى من الفقير وتزيد تعلق الغنى بالعالم وترابه فينسى السماء (الأملاك = الأشياء الثابتة كالعقارات والمقتنيات= أى الأشياء التى تنقل). وكلما تخلى الإنسان عن حب المال إزداد حبه لله. وقبل أن يتكلم عن الشركة فى المقتنيات تكلم عن شركة الروح والفكر والقلب فقال كانوا معاً.

يواظبون فى الهيكل بنفس واحدة= لما تفرغوا من محبة العالم تفرعوا لحب الله وللصلاة. وهم صلوا المزامير والنبوات بعد أن فهموا سرها وأنها تشير للمسيح.

يكسرون الخبز فى البيوت= هذا عن الطعام العادى وليس سر الإفخارستيا. ويسمى هذا بولائم الأغابى (المحبة) تمييزاً لها عن سر الإفخارستيا. كانوا يأكلون بعضهم مع بعض فى محبة وكانت هذه فرصة لإطعام الفقراء دون إحراجهم. غالباً كانوا يجتمعون، كل جماعة فى بيت مع أحد الرسل الذى يتكلم بلغة الجماعة. بإبتهاج= ولماذا لا يبتهجون والمسيح قد قام وسيقيمهم وأرسل لهم الروح القدس الذى يفرحهم ويعزيهم 1بط 8:1.

بساطة القلب= الله من طبعه أنه بسيط أى عير منقسم. وبالنسبة للبشر فبساطة القلب هى أن يكون هدف الإنسان المؤمن الوحيد هو الله ومجد الله، وأنه يلقى بكل همه على الله فهو لا يعرف قوة أخرى تسانده سوى الله. وبهذا يختفى القلق بل ويتطلع الإنسان إلى هدف واحد هو الحياة الأبدية مع الله ناسياً الأرضيات بلا خوف من المستقبل. هنا قلب بسيط ذو إتجاه واحد نحو الله. فلا مكر ولا خداع ولا كراهية ولا حسد ولا كبرياء ولا رياء، هنا يصير القلب كقلب طفل لا يوجد فيه طريقان منقسمان أو مختلطان مع بعضهما.

مسبحين = الذى يحيا فى فرح وبساطة قلب وحرية يسبح الله بالروح، هذه روح العبادة، هى علاقة الخالق بالمخلوق فى عشرة حلوة ترفع النفس لله.

التسبيح هو عمل نبدأه على الأرض ونكمله فى السماء وبه نشترك مع الملائكة.

لهم نعمة لدى جميع الشعب = النعمة الإلهية هى قوة إلهية، مجال حى فعَّال غير مرئى للإنسان. ولكن الشياطين تشعر به فتهرب، والأخرين يشعرون به، فلقد شعر اليهود غير المؤمنين بقوة هؤلاء المسيحيين، وهذا أدى لإيمان الكثيرين من اليهود إذ رأوا عمل الله العجيب فى هؤلاء المسيحيين.

كان الرب يضم = هذا هو تأثير المسيحيين المباشر بسبب النعمة التى حصلوا عليها فى غير المؤمنين.


 

الإصحاح الثالث

آية (1) :-

وصعد بطرس ويوحنا معا إلى الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة.

وصَعِدَ = رأينا أن المسيح صعد وأرسل لنا الروح القدس، ورأينا عمل الروح القدس فى عظة بطرس، والأن نرى وجه أخر لعمل الروح فى الكنيسة ألا وهو عمل المعجزات والهدف بناء ملكوت الله ونمو الكنيسة ويقول صعد فالهيكل مرتفع عن المدينة. فى ساعة الصلاة التاسعة = كانت الصلوات تقام فى الهيكل فى الساعات الثالثة والسادسة والتاسعة وكانوا يقدمون الذبائح وقت الساعتين الثالثة والتاسعة. والمسيحيين الأوائل التزموا بهذه الصلوات فى الهيكل حتى خرابه. وفى (دا 10:6) كان دانيال يصلى 3 مرات أمَّا داود فحدد عدد الصلوات بسبع صلوات (مز 164:119).

آية (2) :-

وكان رجل اعرج من بطن أمه يحمل كانوا يضعونه كل يوم عند باب الهيكل الذي يقال له الجميل ليسال صدقة من الذين يدخلون الهيكل.

أعرج من بطن أمه = إذاً فشفائه عن طريق الصدفة مستحيل.

باب الجميل = سمى الجميل لجمال صنعته ونقوشه. وقال عنه يوسيفوس أن هذا الباب المصنوع من البرونز الكورنثى فاق فى جماله الأبواب المنشأة بالفضة ومزينة بالذهب، بل فاقها أيضاً فى قيمته. ولاحظ أن هناك تناقضاً بين جمال الباب والأعرج الموجود عنده. هذا ما أتى المسيح لأجله، أن يعيد لنا جمالنا وكمالنا الذى فقدناه بسبب الخطية. ونلاحظ أن هذا هو الباب الذى يدخل منه الجميع حتى الكهنة، إذاً فالكل يعرف الأعرج وتكون المعجزة شهادة للجميع.

آيات (3-6) :-

فهذا لما رأى بطرس ويوحنا مزمعين أن يدخلا الهيكل سال ليأخذ صدقة. فتفرس فيه بطرس مع يوحنا وقال انظر إلينا. فلاحظهما منتظرا أن يأخذ منهما شيئا. فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش.

كان الكل قد وزع أمواله فمن أين لهما بالمال، لقد صار بطرس ويوحنا فقراء فى المال ولكن صاروا أغنياء روحياً فلهم قوة بإسم الرب يسوع. ولنلاحظ أن إسم يسوع له قوة على الشفاء وقيامة الأموات وهذه القوة أعطاها الله لتلاميذه ليشهدوا لهُ. لقد صار للكنيسة كنز هو إسم يسوع المسيح.

آية (7) :-

وامسكه بيده اليمنى وأقامه ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه.

أمسكه بيده اليمنى = اليد اليمنى للرسول توضع على الرأس ليحل الروح القدس ولتهب الغفران وتشفى وتطرد الأرواح الشريرة وتقيم أساقفة وكهنة، وهكذا لكل أسقف نال وضع اليد. واليد اليمنى تشير للقوة التى صارت له بالمسيح. ولاحظ وصف لوقا كطبيب إذ يقول تشددت رجلاه وكعباه = فهو يصف أماكن الضعف التى تقوت.

آية (8) :-

فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما إلى الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبح الله.

لاحظ حركة الأعرج التى صار لها قوة ليست قوة طبيعية. فالطبيعى أنه لابد أن يتدرب على المشى لكننا نجده يثب.

آيات (9،10) :-

وأبصره جميع الشعب وهو يمشي ويسبح الله. وعرفوه انه هو الذي كان يجلس لأجل الصدقة على باب الهيكل الجميل فأمتلاوا دهشة وحيرة مما حدث له.

هذا هو قصد الروح القدس، أن ينظر الشعب ويعرف الحقيقة ويفكر ويحتار، كيف قام هذا بإسم من صلبوه ودفنوه، بل أن تلاميذه يصنعون ما صنعه هو من معجزات. الروح يشهد للمسيح ليؤمن الناس.

آية (11) :-

وبينما كان الرجل الأعرج الذي شفي متمسكا ببطرس ويوحنا تراكض إليهم جميع الشعب إلى الرواق الذي يقال له رواق سليمان وهم مندهشون.

تراكض الشعب = هذا هو هدف الروح القدس. متمسكاً = بروح الشكر والإمتنان العميق لهما. لقد صار بطرس الآن صياداً للناس كما قال له المسيح.

آية (12) :-

فلما رأى بطرس ذلك أجاب الشعب أيها الرجال الإسرائيليون ما بالكم تتعجبون من هذا ولماذا تشخصون إلينا كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي.

أخطر ما يواجه صاحب الموهبة أن يظن فى نفسه أنه هو الذى فعلها لإستحقاقه وقداسته، وهذا لم يسقط فيه بطرس بل شهد للمسيح.

آية (13) :-

أن اله إبراهيم واسحق ويعقوب اله إبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتموه انتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه.

كلمات بطرس فيها إدانة لهم لينخس قلوبهم فيتوبوا ويؤمنوا. إله إبراهيم وإسحق ويعقوب = بطرس يستخدم هذه الكلمات المعروفة لهم ليعلن أنه لا يؤمن بإله غير إلههم. وهذه الكلمات هى صيغة مستخدمة فى صلوات الهيكل يفتتحون بها الصلوات قائلين مبارك أنت أيها الرب إلهنا إله إبراهيم وإسحق ويعقوب. مَجَّدَ فتاه = أى إبنه مولود من إمرأة (مز 7:2 + مر 11:1) هذا بعد أن صلبوه أقامه وأصعده للسماء وأجلسه عن يمينه.

هنا بطرس حوَّل نظرهم من أعرج يشفى إلى يسوع القائم من الأموات، أى إلى المعجزة الأعظم، فالأعرج قام بإسم المسيح. وكلمة فتاه تترجم عبده أيضاً عبده كما جاء فى (أش 1:42-4). وقارن مع (مت18:12). ففى إشعياء وردت عبدى وفى متى وردت فتاى.

آيات (14،15) :-

ولكن انتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك.

رئيس الحياة = الكلمة اليونانية تفيد صاحب الحياة أو منشئ الحياة أو مصدرها. والمسيح قال عن نفسه أنا هو القيامة والحياة ولذلك لم يستطع الموت أن يمسكه وبطرس كأنه يقول لهم.. لقد إرتكبتم جرماً غبياً إذ قتلتم من أتى ليعطيكم حياة.

آية (16) :-

وبالإيمان باسمه شدد اسمه هذا الذي تنظرونه وتعرفونه والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم.

هنا بطرس يذكر الإيمان بالمسيح مرتين ليفهموا مصدر القوة التى أقامت الأعرج. بإسمه = الإسم عند اليهود يكشف عن هوية صاحب الإسم. فإسم الله عند اليهود يعنى حضرته وشخصه وقوته وكل خصائصه. واليهود كانوا لا ينطقون بإسم يهوة بل يقولون بدلاً منه أدوناى أو السيد أو يقولون عن يهوة الإسم وفى هذا دلالة على إسم يهوة الذى لا يذكرونه بألسنتهم. وبطرس هنا يذكر إسم المسيح مرتين إشارة لأن إسمه ويعنى حضرته وقوته هو الذى أقام الأعرج. وهو يستعمل إسم المسيح بنفس الأسلوب الذى يتكلمون به عن يهوة ليفهموا أن إسم المسيح له حضور وقوة وسلطان كما يفهموا هم عن يهوة وبالتالى فالمسيح هو يهوة. فلا يوجد إسم آخر له هذه الخاصية أى حضوره وقوته وشخصه إلاَّ إسم يهوة. لذلك حين قال بولس عن المسيح " أعطاه إسماً فوق كل إسم فى 9:2 كان بهذا يقصد أن المسيح هو يهوه.

ومعنى كلام بطرس أن الإيمان بإسم المسيح (أى قوته وحضرته) يعطى للمؤمن أن يستعمل إسمه فتكون له قوة تقيم الأعرج بل الميت.

شدد إسمه (إسم المسيح) هذا الذى تنظرونه = أى الأعرج. أى أن إسم المسيح شدد هذا الأعرج والطريق لهذا هو الإيمان بإسم المسيح.

آية (17) :-

والان أيها الاخوة أنا اعلم أنكم بجهالة عملتم كما رؤساؤكم أيضا.

هنا بطرس يلاطفهم ليؤمنوا. ومن يؤمن يستفيد بما قاله المسيح على الصليب "يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" = بجهالة والجهالة هنا أنهم لم يكونوا يعرفون أن المسيح هو الله المتجسد.

آيات (18-20) :-

وأما الله فما سبق وأنبا به بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تممه هكذا. فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتى أوقات الفرج من وجه الرب. ويرسل يسوع المسيح المبشر به لكم قبل.

إن كل ما صنعوه بالمسيح قد سبق الأنبياء وتنبأوا عنه، إذاً كان هذا بمقتضى علم الله السابق، الله سمح لهم بأن يتموا جريمتهم ففى هذا خلاص العالم. والهدف غفران الخطايا لمن يؤمن ويعتمد، وهو يطلب منهم أن يؤمنوا وبالتالى يعتمدون فيغفر الله لهم ما عملوه.

وتأتى أوقات الفرج = هى بركات المسيح لمن يؤمنوا به ويسكب الله نعمته عليهم = حالة فرح وسلام عوضاً عن ضيق الخطية. يقول هذا ليهبهم الرجاء ويرُسل لكم يسوع المسيح = هذه مثل إن رجعتم إلىّ أرجع إليكم. أى إن كان قد فاتكم أن تقبلوا المسيح حين كان على الأرض بل وصلبتموه، فأقبلوه الأن فيكون لكم رباً ومخلصاً ويغفر لكم ما فعلتموه، ويعود لكم سابق أزمنة الحب بينكم وبين المسيح إلهكم وينسكب عليكم روحه القدوس. وقد تعنى أن المسيح حينما يأتى فى مجيئه الثانى يكونون فى مجده.

آية (21) :-

الذي ينبغي أن السماء تقبله إلى أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر.

الذى ينبغى أن السماء تقبله = تقبله Receive Him أى تستقبله فهو ملك الملوك وهو بعد أن صعد جلس عن يمين الآب وصار وسيطاً بين الله والمؤمنين فيصير المؤمنين مقبولين فيه، وهو يدير كنيسته كرأس للكنيسة ويعد لهم مكاناً فى السماء ليكللهم فى نهاية الأزمنة. والكنيسة تحيا مجاهدة منتظرة هذا اليوم قائلة مع يوحنا الرائى "آمين تعال أيها الرب يسوع" +2بط 12:3. إلى أزمنة رد كل شئ = اليهود يفهمون هذه بأن الله يرد الملك لإسرائيل على كل العالم. وهذا كان سؤال حتى التلاميذ للمسيح (أع 6:1). لكن يفهمها المسيحيون بأن الرب يرد لهم المجد فى ملكوت السموات عند مجيئه الثانى. ففى مجيئه الثانى يدين الأشرار ويعطى المجد للأبرار (مل 1:4،2). ونلاحظ أنه فى الأيام الأخيرة أيضاً سيعود اليهود للإيمان ويرجعوا لله ويرجع لهم الله بمحبته. والمسيح سيظل فى السماء ولن يأتى ثانية إلى نهاية الأيام حين تأتى أزمنة رد كل شئ، فهو لن يأتى إلاّ فى المجئ الثانى. منذ الدهر = منذ البداية.

آيات (22،23) :-

فان موسى قال للأباء أن نبيا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من اخوتكم له تسمعون في كل ما يكلمكم به. ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تباد من الشعب.

هذا النص مأخوذ من (تث 15:18-19) ولكن من الترجمة السبعينية. وحينما سألوا المعمدان "النبى أنت فقال لا (يو 19:1-21) كان اليهود يقصدون نبوة موسى هذه. فاليهود يفهمون هذه النبوة على أنها على المسيح (يو 19:4،38،39 + يو 45:1 + يو 14:6). والمعنى أن من لا يسمع للمسيح يعصى موسى.

آية (24) :-

وجميع الأنبياء أيضا من صموئيل فما بعده جميع الذين تكلموا سبقوا وانباوا بهذه الأيام.

كانت نبوة صموئيل عن المسيح هى أنه قال لشاول الملك أن مملكته كانت ستدوم للأبد له سمع لوصية الله (1صم 13:13) ولأنه لم يسمع فصموئيل فهم أن المملكة ستذهب لداود، ومملكة داود (فى شخص المسيح إبن داود، ستدوم إلى الأبد (راجع أر 31:31-34 + حز 26:37،27).

آيات (25،26) :-

انتم أبناء الأنبياء والعهد الذي عاهد به الله آباءنا قائلا لإبراهيم وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض. إليكم أولا إذ أقام الله فتاه يسوع أرسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره

هم أولاد الأنبياء ولهم كل البركات التى تنبأ بها هؤلاء الأنبياء ولكن ذلك إن آمنوا بالمسيح. إليكم أولاً = وعود الأنبياء بالبركة هى لليهود أولاً إن أمنوا ثم ثانياً للأمم أيضاً. هؤلاء اليهود كان لهم أن يروا المسيح بالجسد وقد أتى لهم ومن وسطهم متمنياً إيمانهم، وهو عمل معجزاته فى وسطهم وأمر تلاميذه أن يبدأوا بأورشليم واليهودية أولاً وهذا طبعاً لأنه فى أورشليم واليهودية هناك مؤمنين كانوا أمناء للناموس ولله وهم مستعدين لأن يقبلوا المسيح الذى تنبأ عنه الأنبياء وكان هدف الناموس. أبناء الأنبياء = فالتلميد إبن لمعلمه وهم أتباع الأنبياء والعهد = أى أبناء إبراهيم ولهم الوعد الإلهى بنسلك تتبارك = أى بالمسيح تتبارك كل الأرض (تك 16:3).


 

الإصحاح الرابع

آيات (1،2) :-

وبينما هما يخاطبان الشعب اقبل عليهما الكهنة وقائد جند الهيكل والصدوقيون. متضجرين من تعليمهما الشعب وندائهما في يسوع بالقيامة من الأموات.

ما ضايق رؤساء اليهود هو تبشير التلاميذ بقيامة المسيح الذى صلبوه وهذا يعنى أنهم قتلة. وهذا التبشير حرك بعثة كبيرة للقبض على التلاميذ، من الكهنة وقائد جند الهيكل وهو المسئول عن أمن ونظام الهيكل فى الداخل والخارج وكان كاهناً يلى رئيس الكهنة ولم يكن ضابطاً عسكرياً. والصدوقيون = ومنهم رؤساء الكهنة ولهم علاقات حسنة مع السلطة الرومانية وكانوا يساعدون الرومان فى إخماد الثورات. ولأنهم لا يعتقدون فى القيامة من الأموات أهاجهم بشارة التلاميذ بأن المسيح قد قام. ضف إلى ذلك خوفهم على شعبيتهم ومصادر أموالهم.

آية (3) :-

فالقوا عليهما الأيادي ووضعوهما في حبس إلى الغد لأنه كان قد صار المساء.

هذه أول مرة يقضى فيها تلميذ للمسيح ليلته فى السجن. وبهذا بدأ الإضطهاد الرسمى للمسيحية وبدأت سلسلة الألام. ولاحظ أنهم وضعوهم فى الحبس إذ لا يجوز المحاكمة فى المساء، هنا إحترموا هذا القانون اليهودى أمّا مع المسيح فظلت المحاكمة طوال الليل.

آية (4) :-

وكثيرون من الذين سمعوا الكلمة أمنوا وصار عدد الرجال نحو خمسة آلاف.

فى مقابل الألام نجد أن الكنيسة تنمو. فالألام لا تمنع نمو الكنيسة بل تساعد على نموها.

 

آيات (5-7) :-

وحدث في الغد أن رؤساءهم وشيوخهم وكتبتهم اجتمعوا إلى أورشليم. مع حنان رئيس الكهنة وقيافا ويوحنا والاسكندر وجميع الذين كانوا من عشيرة رؤساء الكهنة. ولما أقاموهما في الوسط جعلوا يسألونهما بآية قوة وبآي اسم صنعتما أنتما هذا.

هؤلاء المجتمعون هم هيئة السنهدريم أى مجلس المشورة أو إدارة وهى كلمة أرامية. والسنهدريم هو أعلى محكمة فى إسرائيل وهم (70 شيخ + رئيس الكهنة فيصبح العدد الإجمالى 71. وكان تقسيمهم كالتالى 24 كاهناً + 24 شيخاً + 22 كاتباً) ومنهم فريسيين وصدوقيين. وكانوا 70 على غرار نظام السبعين شيخاً أيام موسى. والسنهدريم عقد أول إجتماع له سنة 200 ق.م. وإستمرت سلطاته حتى الحرب مع الرومان سنة 70م. وأيام الرومان كان لهم أن يحكموا بالإعدام على أن يوافق الوالى. ونلاحظ هنا أن الله رتب لرسله أن يشهدوا له داخل السنهدريم.

بأية قوة صنعتما هذا = إذاً فقد أقروا بالمعجزة فالكل رآها. وهم ربما ظنوا أنها قوة سحرية أو بقوة بعلزبول كما قالوا عن المسيح سابقاً. وبأى إسم = ربما تصوروا أنه بإسم أحد الأنبياء. بأى قوة صنعتما = السؤال فيه صيغة السخرية.

آيات (8-10) :-

حينئذ أمتلا بطرس من الروح القدس وقال لهم يا رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل. أن كنا نفحص اليوم عن إحسان إلى إنسان سقيم بماذا شفي هذا. فليكن معلوما عند جميعكم
وجميع شعب إسرائيل انه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم الذي أقامه الله من الأموات بذاك وقف هذا أمامكم صحيحا.

حينئذ إمتلأ بطرس مع الروح القدس = هذا هو وعد المسيح (مت 19:10 + لو 14:21) أن لا نهتم إذا وقفنا أمام ملوك وولاة فالروح القدس يعطينا فى ذلك الوقت ما نتكلم به، فعلينا أن لا نخاف أو لا نهتم. وهذا ما حدث لبطرس، بل هو وجه إتهاماً لشيوخ السنهدريم بأنهم صلبوا من أتى ليشفيهم ويشفى كل الشعب. الذى صلبتموه = هذا حكم السنهدريم على المسيح الذى أقامه الله = وهذا هو حكم الله على المسيح. وواضح بهذا أن بطرس يريد أن يقول لقد كان حكمكم باطل، فلقد أبطله الله بأن أقام المسيح، وهو يوجه لهم إتهاماً بأنهم وقفوا ضد الله. ونلاحظ أن رؤساء الكهنة ومجمع السنهدريم حينما قال بطرس أن الله أقام المسيح لم يجسروا أن يقولوا له وللتلاميذ أنكم سرقتموه والحراس نيام فهم يعلمون أنهم دفعوا رشوة للحرس ليقولوا ذلك. إمتلأ بطرس من الروح = هو سبق وإمتلأ يوم الخمسين، ولكن هذه تعنى قوة جديدة أعطاها له الروح القدس وحكمة وفهم وقوة للرد على السنهدريم. من أجل إحسان = هذه سخرية من المجمع وتعنى أننى أحاكم من أجل إحسان عملته.

آية (11) :-

هذا هو الحجر الذي احتقرتموه أيها البناؤون الذي صار راس الزاوية.

الإقتباس من (مز 22:118). وقد إستخدم المسيح نفسه هذه الآية عن نفسه (مر 7:12-11 + مت 42:21-44 + أش 14:8-16 + 16:28 + رو 32:9،33 + 1بط 3:2-5 + أف 20:2-23). فالمسيح حجر ربط بين عهدين قديم وجديد وبين يهود وأمم وبين السماء والأرض.

آية (12) :-

وليس بأحد غيره الخلاص لان ليس اسم أخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص.

هم سألوا عن الإسم الذى استخدمه الرسل لشفاء الأعرج. وبطرس يرد أنه لا يوجد سوى إسم المسيح الذى به لا نشفى من أمراضنا الجسدية فقط بل به نخلص أى نشفى روحياً. ما قاله بطرس هنا هو دعوة للسنهدريم ليؤمنوا فيشفوا.

آية (13) :-

فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا ووجدوا انهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا فعرفوهما انهما كانا مع يسوع.

مجاهرة = تشير لكلام بطرس بثقة وعدم إضطراب وجسارة والكلمة الأصلية تشير للحديث بحرية وإنطلاق.

عديما العلم = أى لم يتعلما فى مدارس الربيين. وما أدهشهم إستخدام بطرس للنبوات، وهم يظنون أن لا أحد يفهمها سوى الربيين (يو 15:7) ولكن الله يفتح الذهن ليفهم العامى كلام الكتاب (لو 45:24). أليس هذا هو عمل الروح القدس، أن يعلمنا كل شئ.

كانا مع يسوع = المسيح يحيا فى رُسِلهِ. المحكمة بدأ يسيطر عليها الشعور بوجود يسوع فتلاميذه لهم نفس صفاته (الجرأة والعلم والمعجزات).

آية (14) :-

ولكن إذ نظروا الإنسان الذي شفي واقفا معهما لم يكن لهم شيء يناقضون به.

ما أغلق المناقشة أن الأعرج الذى شُفِىَ هو خير شاهد لبراءتهما. وكان الأعرج الذى شفى جريئاً فهو لم يتركهما ويهرب.

آيات (15،16) :-

فأمروهما أن يخرجا إلى خارج المجمع وتأمروا فيما بينهم. قائلين ماذا نفعل بهذين الرجلين لأنه ظاهر لجميع سكان أورشليم أن أية معلومة قد جرت بأيديهما ولا نقدر أن ننكر.

المجمع = هو السنهدريم أى المحكمة العليا.. وهناك سؤال.. من الذى أخبر التلاميذ بما دار سراً فى جلسة المداولة؟ غالباً هو بولس تلميذ غمالائيل.

آيات (17،18) :-

ولكن لئلا تشيع اكثر في الشعب لنهددهما تهديدا أن لا يكلما أحدا من الناس فيما بعد بهذا الاسم. فدعوهما وأوصوهما أن لا ينطقا البتة ولا يعلما باسم يسوع.

هنا نرى خوفهم ورعبهم من إسم يسوع الذى صلبوه. ولكن كيف ينكرون الحق؟ لابد أن الشيطان الذى حركهم ليصلبوا المسيح مازال مسيطراً عليهم. بهذا الإسم = نلاحظ أنهم تحاشوا ذكر إسم يسوع رُعباً منه. فهم رفضوا الخلاص لأنهم طلبوا مجد الناس.

آيات (19،20) :-

فأجابهم بطرس ويوحنا وقالا أن كان حقا أمام الله أن نسمع لكم اكثر من الله فاحكموا. لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا.

الروح القدس أعطى التلاميذ جرأة ليعلنوا إصرارهم على الشهادة بإسم يسوع الذى أحبوه وشاهدوا قيامته بعد صلبه.

آيات (21،22) :-

وبعدما هددوهما أيضا أطلقوهما إذ لم يجدوا البتة كيف يعاقبونهما بسبب الشعب لان الجميع كانوا يمجدون الله على ما جرى. لان الإنسان الذي صارت فيه أية الشفاء هذه كان له اكثر من أربعين سنة.

واضح هنا تخبط المحكمة. وربما هم أطلقوها حتى يستميلوهما فلا يتكلما بإسم المسيح. وربما خوفاً من الجماهير الذين إنبهروا بالمعجزة.

آيات (23،24) :-

ولما أطلقا أتيا إلى رفقائهما واخبراهم بكل ما قاله لهما رؤساء الكهنة والشيوخ. فلما سمعوا رفعوا بنفس واحدة صوتا إلى الله وقالوا أيها السيد أنت هو الإله الصانع السماء
والأرض والبحر وكل ما فيها.

هم يصلون لرفع القضية لله، الإله الصانع السماء والبحر = أى أنت ضابط الكل ولك السلطان المطلق على كل الخليقة بما فيها السلطات الكائنة مثل مجمع السنهدريم والرومان. ما قاله لهما رؤساء الكهنة = أى لا يعلما بإسم يسوع.

آيات (25-28) :-

القائل بفم داود فتاك لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب بالباطل. قامت ملوك الأرض واجتمع الرؤساء معا على الرب وعلى مسيحه. لأنه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته هيرودس وبيلاطس البنطي مع أمم وشعوب إسرائيل. ليفعلوا كل ما سبقت فعينت يدك ومشورتك أن يكون

الإقتباس من مز2. فتاك = تترجم عبد أو فتى إشارة لجسد المسيح الذى أخذه من العذراء. مسحته = حل عليه الروح القدس وتخصص ككاهن وكذبيحة إثم عن الناس. ومعنى صلاتهم أن العالم هائج على المسيح ومن يتبع المسيح. وكما إنتصر المسيح ستنتصر كنيسته.

آيات (29،30) :-

والآن يا رب انظر إلى تهديداتهم وامنح عبيدك أن يتكلموا بكلامك بكل مجاهرة. بمد يدك للشفاء ولتجر آيات وعجائب باسم فتاك القدوس يسوع.

هنا يرفعوا أمام الله قضيتهم إذ بدأ الإضطهاد ضدهم وهم يطلبون قوة ومعونة ليكملوا شهادتهم عن المسيح. ولاحظ أنهم لم يطلبوا توقف الإضطهاد ضدهم.

آية (31) :-

ولما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه وأمتلا الجميع من الروح القدس وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة.

تزعزع المكان = إعلان عن حضور الروح القدس الذى هو فوق الطبيعة الزائلة. فطبيعة المادة أنها من عدم وستزول. وأمام عمل الله الحقيقى يتزعزع الباطل. هم طلبوا قوة الله وكانت زعزعة المكان إستجابة من الله أنه حاضر بقوته وأن العالم كله يتزعزع أمامه. المكان يتزعزع أما التلاميذ فيمتلئون بالروح.

إمتلأ الجميع = الإنسان المؤمن صار مسكناً لله فلا يتزعزع بل الله من محبته يملأه من روحه. ونحن فى حاجة إلى الإمتلاء المستمر المستمر بالصلاة بلجاجة، مثل المصباح المحتاج دائماً لملئه بالزيت. ونحن نسمع هنا أنهم إمتلئوا وسمعنا سابقاً أنهم إمتلئوا (4:2). إذاً الإمتلاء عملية مستمرة نحصل بها على نعمة فوق نعمة (يو 16:1) وعلى مزيد من القوة، هنا نرى الكنيسة تحول ألامها ومشقاتها إلى صلاة تعطيها مزيداً من الملء.

آية (32) :-

وكان لجمهور الذين أمنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن أحد يقول أن شيئا من أمواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا.

لما ظهرت جسامة الخدمة ما عاد الرسل يهتمون بأملاكهم بل باعوا كل شئ ليتفرغوا للخدمة (مت 29:19 + مر 29:10،30) هنا نجد أقوال السيد المسيح التى حركتهم لترك كل شئ، فمن وجد اللؤلؤة كثيرة الثمن يبيع كل اللألئ ليشتريها. هم ذاقوا طعم الإمتلاء من الروح القدس فحسبوا كل شئ نفاية وتجردوا عن ممتلكاتهم. وتجردهم عن ممتلكاتهم سهل الكرازة لهم فى كل العالم إذ لم يعودوا مرتبطين بأورشليم فهم لا يمتلكون فيها شيئاً. وعموماً حينما تصل الكنيسة لمستوى الوحدة كجسد واحد وروح واحد تختفى الذاتية والفردية والإحساس بالملكية والأنانية. وكان هذا طلب المسيح فى (يو 17) أن يصير الكل واحداً.

والنمط الذى طلبه المسيح للوحدة فى الكنيسة هو نفس النمط الذى عليه الوحدة داخل الثالوث (يو 21:17،22). وهذه قال عنها المسيح "كل ما هو لى فهو لك" (يو 10:17). والمعنى أن كل ما هو لى يكون للآخر وما هو للآخر يكون لى. وهناك مفهوم آخر. فالإبن أتى ليستعلن مجد الآب ويشهد للآب ويمجد الآب (يو 4:17 + 34:4). والآب يمجد الإبن ويشهد له (يو 5:17 + مت 17:3 + مت 5:17 + يو 28:12،29،30) والروح القدس يشهد للمسيح ويمجده (يو 26:15 + يو 14:16،15). فكل أقنوم يشهد ويمجد الآخر، هذه هى المحبة التى يطلبها الله فينا. وهذه هى الوحدة التى يطلبها فينا.

آية (33) :-

وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم.

بقوة عظيمة = هذا نتيجة طبيعية لإمتلائهم بالروح الذى كان ثمرة طبيعية لصلواتهم التى إستجابها الله.

آيات (34،35) :-

إذ لم يكن فيهم أحد محتاجا لان كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات. ويضعونها عند أرجل الرسل فكان يوزع على كل أحد كما يكون له احتياج؟

الأغنياء وفروا إحتياجات الفقراء، لقد صارت الكنيسة سماء على الأرض.

آيات (36،37) :-

ويوسف الذي دعي من الرسل برنابا الذي يترجم ابن الوعظ وهو لأوى قبرسي الجنس.إذ كان له حقل باعه وأتى بالدراهم ووضعها عند أرجل الرسل.

هنا نتعرف على برنابا الذى سيرافق بولس الرسول، وأنه باع ما يمتلكه هو أيضاً وربما كانت ممتلكاته فى قبرص. فاللاوى لا حق له أن يمتلك أرضاً فى إسرائيل. وغالباً كانت أملاك برنابا ضخمة تستحق الإشارة لأنه ترك كل هذا.


 

الإصحاح الخامس

آيات (1،2) :-

ورجل اسمه حنانيا وامرأته سفيرة باع ملكا. واختلس من الثمن وامرأته لها خبر ذلك وأتى بجزء ووضعه عند أرجل الرسل.

كما قدَّم القديس لوقا الكنيسة القوية الناجحة يقدم هنا هذه القصة المحزنة. وكما حدث أيام عاخان الذى قبل الحرام فهلك وإنهزم الشعب بسبب خطيته أمام أعدائه، هلك حنانيا الكذاب لأن الكنيسة كانت معرضة لأن تفقد إنتصاراتها ومجدها بسبب خطية حنانيا وسفيرة. الكنيسة الآن تبدأ عهداً جديداً مع الله كما كانت إسرائيل تبدأ مع يشوع عهداً جديداً فى أرضها الجديدة. وليستمر عمل الله مع شعبه لابد من عزل الخطية، وهذا ما أراد الله أن يظهره هنا. يموت عاخان وتستمر إسرائيل، ويموت حنانيا وتستمر الكنيسة. إذاً إستمرار الكنيسة مرهون بحفظ وصايا المسيح والمعنى أن من يخالف وصية المسيح يهلك ولكن الكنيسة تستمر. والقصة تشير لأن غفران الخطية بدم المسيح ليس معناه الإستهتار. كان هذا لابد وأن يحدث فى بداية المسيحية حتى لا يظن أحد أن غفران الخطايا بالدم معناه الفوضى والإستهتار فالله قدوس لا يقبل الخطية. إذاً ما حدث كان لبنيان الكنيسة وكما كان بطرس حازماً هنا كان بولس حازماً مع خاطئ كورنثوس. وهكذا فعل الله فى بداية اليهودية إذ أمر برجم من تعدى على السبت، ليخاف الجميع وتنتشر القداسة ولا يفهم أحد أن العلاقة مع الله. تعنى الفوضى والإستهتار.

وهذا ما طلبه المسيح إن أعثرتك عينك فإقلعها..إلخ أى فلتمت الخطية داخل قلبى قبل أن أهلك كلى وألقى فى جهنم. وهذا على المستوى الشخصى. ونلاحظ أنه لم يكن هناك إجبار لأحد أن يبيع ممتلكاته، فكل واحد حر. إذاً خطية حنانيا وسفيرة ليسا أنهما حجبا جزء من المال بل خطيتهم هى الغش والكذب، وأنهما ظنا أنهما قادران على إخفاء شئ عن الله. وكانا سيأخذان من الصندوق المشترك كأنهما لا يملكان شيئاً وهما يمتلكان ما أخفياه.

آيات (3،4) :-

فقال بطرس يا حنانيا لماذا ملا الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل. أليس وهو باق كان يبقى لك ولما بيع ألم يكن في سلطانك فما بالك وضعت في قلبك هذا الأمر أنت لم تكذب على الناس بل على الله.

نلاحظ أن عمل الشيطان لأن يملأ قلوب الناس بالشر ليصيروا كأدوات فى يده ليُرديهم قتلى. وهنا الشيطان ملأ قَلْبَىْ حنانيا وسفيرة بالغش والخداع والرياء والكذب على الكنيسة وبالتالى على الروح القدس. والشيطان هو أبو الكذاب (يو 8). حنانيا بحث عن مديح الناس والشهرة والإكرام والتعظيم من الناس لا من الله. هما بحثا عن مجدهما الذاتى لا عن مجد الله. وهما أرادا الكرامة من الناس بالغس فى التصرف. هما أرادا أن يربحا السماء والأرض معاً، بل هو يطالب الكنيسة بدفع قيمة ما يوازى ثمن أرضه أدبياً بينما هو مختلس من ثمن الأرض فى جيبه. هنا محبة الله والمال معاً. هنا حنانيا سمح للشيطان أن يملأ قلبه بينما هو قد إمتلأ سابقاً من الروح القدس. ومعنى أنه سمح للشيطان أن يملأ قلبه أنه إنحاز للشيطان ضد الروح القدس. ومن يفسد هيكل إبن الله يفسده الله (1كو 16:3،17).

الله هنا يريد بموت حنانيا وسفيرة أن يفهم كل إنسان أن الحياة مع المسيح ليست استهتاراً وحرية خارج الوصايا فإمّا الثبات فى المسيح أو الموت. وأن الله يحاسب المؤمنين على أهمال قلوبهم ونياتهم تجاه بيت الله.

هنا الله أظهر أنه إله النعمة الذى يغفر ويطهر بدمه ولكنه هو إله البر والقدوس الذى لا يحتمل الخطية. الله بنعمته يغفر لمن بتوبته يستحق الغفران ولكنه لا يغفر بل يعاقب المستهتر والمستبيح (عب 28:10-31).

تكذب على الروح القدس = الروح القدس يملأ الكنيسة ويملأ الرسل، وكل ما تعمله الكنيسة يعمله الروح، وكل ما يُعمل ضد الكنيسة يُعمل ضد الروح. وبمقارنة آية (3،4) نرى ألوهية الروح القدس، فالروح القدس هو الله فالكذب على الروح القدس هو كذب على الله.

آيات (5،6) :-

فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات وصار خوف عظيم على جميع الذين سمعوا بذلك. فنهض الأحداث ولفوه وحملوه خارجا ودفنوه.

هنا نرى الموت هو عقوبة للخطية ولكل من يقاوم الروح القدس.

آيات (7،8) :-

ثم حدث بعد مدة نحو ثلاث ساعات أن امرأته دخلت وليس لها خبر ما جرى. فأجابها بطرس قولي لي أبهذا المقدار بعتما الحقل فقالت نعم بهذا المقدار.

واضح الإتفاق الخاطئ بين حنانيا وسفيرة.

آيات (9،10) :-

فقال لها بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب هوذا أرجل الذين دفنوا رجلك على الباب وسيحملونك خارجا. فوقعت في الحال عند رجليه وماتت فدخل الشباب ووجدوها ميتة فحملوها خارجا ودفنوها بجانب رجلها.

تجربة روح الرب = هو التمادى فى إغاظة الله بالإصرار على الخطية وعدم الإستفادة من طول أناة الله (رو 4:2،5). هو إصرار الإنسان على خطيته وهو يعلم أنها تغيظ الله وتغضبه (خر 2:17). وهنا حنانيا وسفيرة كأنهما يفعلان ما يفعلانه ويلزما الله أن لا يتحرك ضدهما ويقتص منهما. وهكذا جربت حواء الله وأكلت من الممنوع.

آية (11) :-

فصار خوف عظيم على جميع الكنيسة وعلى جميع الذين سمعوا بذلك.

هذا هو القصد مما حدث لحنانيا أن يتمم الكل خلاصهم بخوف ورعدة (فى 12:2) فتنمو الكنيسة. الكنيسة = هنا أول ذكر لكلمة كنيسة للتعبير عن المسيحيين وهى تعنى الجماعة.

آيات (12،13) :-

وجرت على أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعب وكان الجميع بنفس واحدة في رواق سليمان. وآما الآخرون فلم يكن أحد منهم يجسر أن يلتصق بهم لكن كان الشعب يعظمهم.

آيات وعجائب = هذا هو وعد المسيح (مر 17:16). لم يكن أحد يجسر = اليهود خافوا من السنهدريم ورؤساء الكهنة (يو 43:12). ونلاحظ أنهم لم يؤمنوا مع أنهم عظموا الرسل والمسيحيين. وقارن مع الآية السابقة فالآيات والعجائب تجرى فى جو القداسة والخوف من الله وأنهم بنفس واحدة.

آيات (14-16) :-

وكان مؤمنون ينضمون للرب اكثر جماهير من رجال ونساء. حتى انهم كانوا يحملون المرضى خارجا في الشوارع ويضعونهم على فرش وأسرة حتى إذا جاء بطرس يخيم
ولو ظله على أحد منهم. واجتمع جمهور المدن المحيطة إلى أورشليم حاملين مرضى ومعذبين من أرواح نجسة وكانوا يبراون جميعهم.

حركة الكنيسة نشطة بفاعلية الروح القدس، والروح القدس حينما يجد قلباً مستعداً يعمل معه لحساب مجد الله. ولاحظ أن بطرس بقوة الروح القدس الذى فيه كان ظله يشفى الأمراض. الله هنا يكرم بطرس وظل بطرس وبنفس الطريقة كانت مآزر بولس تشفى الأمراض (أع 12:19). وبنفس المفهوم يكرم الله أجساد القديسين والشهداء، كما حدث مع عظام إليشع التى أقامت ميت، ويكرم الله صور وأيقونات القديسيين التى تصنع معجزات حتى الآن. فالله يكرم من يكرمه "أنا أكرم الذين يكرموننى" والروح القدس يملأ من هم بنفس واحدة قارن الآية السابقة مع (أع 1:2).

آيات (17،18) :-

فقام رئيس الكهنة وجميع الذين معه الذين هم شيعة الصدوقيين وامتلاوا غيرة. فالقوا أيديهم على الرسل ووضعوهم في حبس العامة.

فى مقابل عمل الروح القدس يهيج الشيطان ويحرك عملاؤه، فإيمان الشعب بالمسيح يقلل دخل الهيكل.

حبس العامة = الذى يوضع فيه أشر أنواع المجرمين (لو 12:21). حتى لا يعظمهم الشعب.

آيات (19-23) :-

ولكن ملاك الرب في الليل فتح أبواب السجن وأخرجهم وقال. اذهبوا قفوا وكلموا الشعب في الهيكل بجميع كلام هذه الحياة. فلما سمعوا دخلوا الهيكل نحو الصبح وجعلوا يعلمون ثم جاء رئيس الكهنة والذين معه ودعوا المجمع وكل مشيخة بني إسرائيل فأرسلوا إلى الحبس ليؤتى بهم. ولكن الخدام لما جاءوا لم يجدوهم في السجن فرجعوا واخبروا. قائلين أننا وجدنا الحبس مغلقا بكل حرص والحراس واقفين خارجا أمام الأبواب ولكن لما فتحنا لم نجد في الداخل أحدا.

السماء مفتوحة والله قادر أن يحافظ على رجاله وشهوده. والله قادر أن يحرر أولاده فى أى لحظة، ولكن نلاحظ أن الله أخرجهم لا ليهربوا بل ليكرزوا، ولكنه فى بعض الأحيان يسمح لهم أن يشتركوا فى صليبه وذلك أيضاً لحساب مجد إسمه. فحينما يرى الناس الرسل محتملين الألم لأجل المسيح يعرفون محبتهم له وإيمانهم به، وهذا أصدق من التصاقهم به فى حالة المعجزات والأيات التى يعملها بواسطتهم، بل أننا رأينا عبر التاريخ أنه كلما زادت الإضطهادات نمت الكنيسة وإمتدت فى العالم كله. هنا رأى الشيوخ والكهنة معجزة خروج التلاميذ من السجن ولكن بدلاً من أن يؤمنوا زاد هياجهم بفعل عمل الشيطان الذى أسلموا انفسهم له الله صنع هذه المعجزة ليؤمن اليهود أنهم يحاربون الله نفسه كلام هذه الحياة= الكلام والبشارة التى يعظ بها التلاميذ، ومن يؤمن تكون له حياة.

آيات (24،25):-

فلما سمع الكاهن وقائد جند الهيكل ورؤساء الكهنة هذه الأقوال ارتابوا من جهتهم ما عسى أن يصير هذا. ثم جاء واحد واخبرهم قائلا هوذا الرجال الذين وضعتموهم في السجن هم في الهيكل واقفين يعلمون الشعب.

ربما شك رؤساء الكهنة فى الحراس ولكن حينما عرفوا أنهم فى الهيكل إرتابوا فالذى يهرب من السجن بواسطة رشوة الحراس لا يذهب للهيكل ليعلم ثانية بل يهرب ويختفى. وهم إرتابوا لأن الحادثة إماّ إعجازية وهذا مما سيرفع شأن المسيحية فى نظر الناس، أو أنهم خرجوا عن طريق الحراس.... إذاً فالحراس صار منهم مؤمنين بالمسيحية.. وكلا الإحتمالين فى نظرهم خطر. وخروج التلاميذ من السجن بهذا الأسلوب الإعجازى أظهر أن سجنهم كان خطأ لا يوافق الله عليه وأنهم خدام الله حقاً.. ولكن من يفهم ؟!!.

آية (26):-

حينئذ مضى قائد الجند مع الخدام فأحضرهم لا بعنف لأنهم كانوا يخافون الشعب لئلا يرجموا.

عجيب أنهم يخافون من الشعب ولا يخافون من قوة المسيح التى ظهرت فى إنقاذ تلاميذه.

آيات (27،28):-

فلما أحضروهم أوقفوهم في المجمع فسألهم رئيس الكهنة. قائلا أما أوصيناكم وصية آن لا تعلموا بهذا الاسم وها انتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان.

التلاميذ ذهبوا مع الحراس ليشهدوا للمسيح أمام السنهدريم. وعجيب أن لا يفتح رئيس الكهنة معهم موضوع خروجهم من السجن، ذلك لأنه أدرك أن قوة سماوية تعمل معهم، والأعجب إصراره على تحدى هذه القوة. وسؤاله للتلاميذ عن كسر تعليمات السنهدريم السابقة 18:4 القصد منه أن يسجنهم، فهذه تهمه يعاقب عليها القانون.

ملأتم أورشليم = هذا بالضبط ما أراده المسيح ولقد نفذه الرسل. تجلبون علينا دم هذا الإنسان= هذه مسرحية تعنى أنهم يبرئون أنفسهم من دم المسيح. ومعنى الكلام أنكم يا رسل المسيح تتهموننا بأننا قتلنا المسيح وهو برئ، وقتل إنسان برئ تهمة يدينها الناموس وبهذا فأنتم تهيجون الشعب ضدنا.

آية (29):-

فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغي أن يطاع الله اكثر من الناس.

رد بطرس هنا مباشر ومفحم للغاية. لقد أظهر لهم أنهم إنما يحاربون الله

آيات (30-32):-

اله آبائنا أقام يسوع الذي انتم قتلتموه معلقين إياه على خشبه. هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا. ونحن شهود له بهذه الأمور
والروح القدس أيضا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه.

بطرس هنا يبشرهم ويشهد لهم بالقيامة وأن الذى أقامه هو الله. إذاً حكمهم بصلب المسيح أبطله الله بإقامة المسيح فتصبح محكمتهم لاغية باطلة وضد أحكام الله. إله أبائنا= إشارة لأنه يؤمن بالله الذى يؤمن به اليهود وأنه ليس كافراً بالله الذى يعرفونه. رئيساً= أى رئيساً على إسرائيل الله أى الكنيسة، فهو يملك على قلوب المؤمنين. غفران الخطايا= أى الله مستعد لغفران خطية صلبكم للمسيح إن آمنتم وتبتم. ونحن شهود لهُ.. والروح القدس أيضاً= أى الروح القدس الذى أعطاه الله لنا هو يشهد للمسيح. فالأيات التى نعملها بالروح القدس ليشهد الروح القدس أن شهادتنا عن المسيح إنما هى شهادة حق وأن المسيح قام حقاً من الأموات وبهذه الشهادة لبطرس برأ الرسل وأدان المحكمة على صلبها للمسيح وذكر القيامة هنا أثار الصدوقيين.

آيات (33-40):-

فلما سمعوا حنقوا وجعلوا يتشاورون أن يقتلوهم. فقام في المجمع رجل فريسي اسمه غمالائيل معلم للناموس مكرم عند جميع الشعب وأمر أن يخرج الرسل قليلا. ثم قال لهم أيها الرجال الإسرائيليون احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس في ما انتم مزمعون ان تفعلوا. لأنه قبل هذه الأيام قام ثوداس قائلا عن نفسه انه شيء الذي التصق به عدد من الرجال نحو اربعمئة الذي قتل وجميع الذين انقادوا إليه تبددوا وصاروا لا شيء. بعد هذا قام يهوذا الجليلي في أيام الاكتتاب وأزاغ وراءه شعبا غفيرا فذاك أيضا هلك وجميع الذين انقادوا إليه تشتتوا. والآن أقول لكم تنحوا عن هؤلاء الناس واتركوهم لأنه أن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف ينتقض. وأن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه لئلا توجدوا محاربين لله أيضا. فانقادوا إليه ودعوا الرسل وجلدوهم وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع ثم اطلقوهم.

كان حاضراً هنا غمالائيل معلم بولس الرسول 3:22 بل ربما كان بولس نفسه حاضراً هذا الاجتماع. ونلاحظ أنهم فكروا فى قتل الرسل دون أن يشيروا للتهمة التى بسببها يستحقون القتل. ولكن دفاع بطرس أمامهم أغاظهم. وغمالائيل هذا هو كبير معلمى الناموس وممثل الفكر الفريسى. والفريسيين أى المفرزين معروفين بدراسة التوراة والناموس. وكانوا يضادون المتحررين من اليهود المتهلينين أى الذين تحللوا من التقاليد لمعيشتهم وسط اليونانيين الأمم. ومعنى مفروزين (فريسيين) أنه منفصلين عن هؤلاء المتحررين. وكان تأثير الفريسيين على الشعب كبيراً ولهم صوت مسموع فى المجامع حتى ضد الصدوقيين بسبب شهرتهم وإحترام الشعب لهم. ويقول التقليد المسيحى أن غمالائيل صار مسيحياً وأمن. حنقوا= بطرس حين وعظ يوم الخمسين نخس السامعين فى قلوبهم. وهنا قال نفس الشهادة ونفس الكلمات ولكنها تثير حنق المجمع إن إنجيل المسيح هو رائحة حياة لحياة لمن نخسوا فى قلوبهم ورائحة موت لموت لهؤلاء الذين حنقوا. وكانت حجة غمالائيل أن أتباع يهوذا وثوداس تبعثرا بعد موت يهوذا وثوداس. فلو كان المسيح ليس من الله سيتبعثر أتباعه بعد موته. ثوداس ويهوذا= كانوا ثواراً قاموا بثورات ضد الرومان. ويهوذا طالب بعدم دفع الجزية للرومان فسحقه الرومان. ولكن قامت على تعاليمه وثورته جماعة الغيورين (غالباً هم من سألوا هل ندفع الجزية أم لا لقيصر). وثوداس سبق بثورته ثورة يهوذا وغالباً كانت ثورته سنه 4ق.م.

أيام الإكتتاب= أقام كيرينيوس والى سوريا اكتتاباً لليهودية سنه 6ب.م حينما صارت اليهودية ولاية رومانية. وذلك لتحديد الجزية التى يدفعها اليهود للرومان وقام يهوذا بثورته لأنه إعتبر أن الجزية للرومان نوع من الاستعباد، وأنها إهانة لله ملك إسرائيل. وسحق الرومان ثورته ولكن تلاميذه من الغيورين ( كان منهم تلميذ المسيح سمعان الغيور أو القانوى) إستمروا حتى سنة 70م أى سنة خراب أورشليم وربما كانوا هم السبب فى الحرب مع روما. ولقد إدعى كل من يهوذا وثوداس أنهم المسيح الذى أتى ليحرر الشعب من الرومان وصار لهم تلاميذ. ونلاحظ فى كلمة غمالائيل فشل هؤلاء الفريسيين فى معرفة إن كانت المسيحية من الله أم لا. وهذا فشل لليهودية ككل فغمالائيل هو أعظم معلم فى ذلك الوقت. نحن أمام أمة إنسدت أذانها عن معرفة الحق وعميت أبصارهم. حقاً لقد كانت مشورة غمالائيل السبب فى الإفراج عن الرسل، ولكن هذا الدارس للناموس كان عليه دور أكبر فهو يعرف أكثر، كان عليه أن يغلق الباب على السنهدريم ويدرسوا ويصلوا إلى قرار.... هل المسيحية من الله أم لا.

عموماً فالله إستخدم غمالائيل فى إنقاذ الرسل فالرسل ما زال أمامهم عمل يؤدونه قبل أن يستشهدوا.

آية (41):-

وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستاهلين أن يهانوا من اجل اسمه.

الجلد يكون 39 جلدة يسيل منها دم المضروب. ولكن الروح القدس المعزى أعطاهم فرحاً إذا اشتركوا مع المسيح فى ألامه، ومن تألم معه يتمجد أيضاً معه. والفرح فى الضيق علامة من علامات الحق راجع 1بط 1:5 + مت 11:5. ونقول أن من يحب حقيقة يفرح بأن يشترك فى ألام من يحبه دون أن يفكر فى مجد يحصل عليه، كما تشتهى ألام أن تتألم مع إبنها المتألم.

آية (42):-

وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح.

الروح أمدهم ليس بالفرح فقط بل بالقوة للشهادة لاسم المسيح


 

الإصحاح السادس

آية (1):-

وفي تلك الأيام إذ تكاثر التلاميذ حدث تذمر من اليونانيين على العبرانيين أن اراملهم كن يغفل عنهن في الخدمة اليومية.

فى تلك الأيام= راجعة للآية 42:5 أى بينما كانوا ما يزالون يصلوا فى الهيكل وقبل أن يشتتوا بسبب الإضطهاد العنيف (1:8) التلاميذ = أطلقت هنا على كل المؤمنين. اليونانيين = هم المؤمنين من اليهود الذين يتكلمون اليونانية بسبب معيشتهم وسط البلاد اليونانية. العبرانيين = هم المؤمنين من اليهود الذين يتكلمون العبرانية أو الأرامية، فالعبرانية هى لغة المتضلعين فى دراسة الناموس (أع 2:22). والمشكلة نشأت من أن العبرانيين يعيشون فى بلادهم ولهم بيوتهم وأراضيهم ومصادر دخلهم. وكان الناموس والنظام اليهودى يعتنى بالأرامل ولهم مخصصاتهم من خزينة الهيكل. أمّا اليونانيين فهم غرباء فى أورشليم وإستمروا فى أورشليم بعد إيمانهم بالمسيح فحز فى نفوسهم أنه لا أحد يهتم بأراملهم. وبولس نجده فيما بعد يهتم بالعناية بالأرامل.

آيات (2-4) :-

فدعا الاثنا عشر جمهور التلاميذ وقالوا لا يرضي أن نترك نحن كلمة الله ونخدم موائد. فانتخبوا أيها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة. وأما نحن فنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة.

لا يرضى = أى ليس حسناً. نخدم موائد= الموائد تشير الكلمة لبنك الصراف أى المهام المالية من توزيع الأموال على المحتاجين.

إنتخبوا= أى ينتخب الشعب من يريدهم دون تدخل الرئاسات. وهنا نجدهم لم يستخدموا القرعة بعد أن حلَّ الروح القدس. وكان شرط الإختيار ان يكونوا مملوئين من الروح القدس. سبعة= هم رقم الكمال عند اليهود. مشهوداً لهم= هذا شرط ثانٍ أن يكونوا حسنى السيرة فهم سيعملون وسط العائلات. مملوئين حكمة= حتى يستطيعوا أن يخدموا دون تقصير أو ان يغضب أحد. ومع أن هؤلاء الشمامسة كان عملهم خدمة موائد إلاّ أن الروح أعطاهم أيضاً خدمة الكلمة والوعظ. وكما قلنا فى المقدمة لم تكن درجات الكهنوت قد إتضحت فى هذا الوقت المبكر من بداءة الكنيسة فكانت وظائف الشماس متداخلة مع القسيس ووظائف القسيس متداخلة مع الأسقف، حتى تحدد فيما بعد وظيفة كل درجة. وكانت سيامة هؤلاء الشمامسة هى أول سيامات فى الكنيسة، لذلك جمع هؤلاء بين وظيفة الكاهن والشماس فرأينا فيلبس يعمد (12:8،38) ورأينا اسطفانوس يبشر ويكرز وفيلبس أيضاً. إلاّ أن وضع اليد كان من إختصاص الرسل فقط. وكان واضحاً من هذه الآيات أن الشعب يختار والرسل يقومون بالرسامة وذلك بوضع اليد. وهذا معنى قول الرسل فنقيمهم= أى نرسمهم بوضع اليد.

آية (5):-

فحسن هذا القول أمام كل الجمهور فاختاروا استفانوس رجلا مملوا من الإيمان والروح القدس وفيلبس وبروخورس ونيكانور وتيمون وبرميناس ونيقولاوس دخيلا انطاكيا.

أسماء الخدام أو الشمامسة هنا هى أسماء يونانية، وغالباً لم يكونوا يهوداً بالميلاد، بل هم من الشتات. والسبب أنهم أقيموا لخدمة اليونانيين المتذمرين وليتعاطفوا معهم. ولاحظ أن هناك فيلبس من الإثنى عشر وهو غير فيلبس الشماس هنا. نيقولاوس دخيل إنطاكى= فلأن لوقا من إنطاكية فهو يعرف الكثير عن إنطاكية وأهل إنطاكية. وكلمة دخيل أى أنه كان أممى من شعب إنطاكية وتهود. ويقال أن نيقولاوس هذا هو صاحب هرطقة النيقولاويين رؤ 6:2،15. وبهذا صار اسطفانوس أول شهيد للمسيحية وصار نيقولاوس صاحب أول هرطقة فى المسيحية.

آية (6):-

الذين أقاموهم أمام الرسل فصلوا ووضعوا عليهم الأيادي.

هنا نجد طقس رسامة الشمامسة السبعة.

آية (7):-

وكانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جدا في أورشليم وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان.

تنمو= هكذا حوَّل الله تذمر اليونانيين إلى بركة ونمت الخدمة إذ تفرغ الرسل للكرازة
جمهور كثير من الكهنة= الكهنة اليهود آمنوا من كرازة التلاميذ فى الهيكل.

آية (8):-

وأما استفانوس فإذ كان مملوا إيمانا وقوة كان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب.

الروح القدس الذى حلّ فى إسطفانوس إذ وجده مملوء إيماناً عَملَ به عجائب.ومع أن إسطفانوس كان قوياً إلا أن قوته ظهرت بعد سيامته لنرى قوة عمل السيامة.

آية (9):-

فنهض قوم من المجمع الذي يقال له مجمع الليبرتينيين والقيروانيين والاسكندريين ومن الذين من كيليكيا وأسيا يحاورون استفانوس.

المجمع= كنيشتا بالأرامى وبيت كنيست بالعبرى (ومنها كلمة كنيسة) وهو للعبادة دون تقديم ذبائح. أى لقراءة التوراة والتعليم. والمجامع بدأت من سبى بابل حتى لا يحُرم الشعب من القراءة والسمع فى الأسفار المقدسة. وكان فى أورشليم وحدها 480 مجمعاً قبل هدم الهيكل سنة 70م. وكل مجمع له إسم خاص يخص الجماعة التى تكونه أو البلد التى كَوَّن اليهود فيها رابطة تمثلهم فى أورشليم ذاتها حيث يجتمعون ليصلوا ويبحثوا شئونهم، وكانوا يصلون باللغة التى وُلدوا فيها وعاشوا فيها. الليبرتينيين= هم يهود روما الذين قد اسرهم بومبى ورُحّلوا إلى روما وإستعبدوا هناك ثم حررهم الرومان فدُعوا بالأحرار أو المتحررين وكلمة ليبرتينيين تعنى المتحررين. ويبدو أن إسطفانوس كان يحاور اليهود فى عدة مجامع منها مجمع الإسكندريين ( ومنهم خرج ابلوس). ومجمع كيليكية وعاصمتها طرسوس ومنهم شاول. وكان إسطفانوس يثبت لهم أن اليهودية استنفذت زمانها وحلت المسيحية مكانها. وأن هناك إنفصالاً تاماً بين اليهودية والمسيحية. وبهذه الكلمات أنار إسطفانوس بولس فيما بعد.

آية (10):-

ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به.

إسطفانوس كان دارساً للفلسفة فحاور هؤلاء اليهود الدارسين، والروح أعطاه حكمة عجيبة أفحمتهم لو 15:21، هو صرعهم بحكمة الروح فصرعوه بالحجارة.

آية (11):-

حينئذ دسوا لرجال يقولون أننا سمعناه يتكلم بكلام تجديف على موسى وعلى الله.

شهادة الزور تلازم اليهود فإسطفانوس فعلاً لم يجدف (راجع ص7).

آيات (12-14):-

وهيجوا الشعب والشيوخ والكتبة فقاموا وخطفوه وأتوا به إلى المجمع. وأقاموا شهودا كذبة يقولون هذا الرجل لا يفتر عن أن يتكلم كلاما تجديفا ضد هذا الموضع المقدس
والناموس. لأننا سمعناه يقول أن يسوع الناصري هذا سينقض هذا الموضع ويغير العوائد التي سلمنا إياها موسى.

المجمع= هنا هو السنهدريم أى المحكمة العليا لليهود. ونفس الإتهام الذى وجهوه هنا لإسطفانوس وجهوه فيما بعد لبولس 27:21،28. وسبب الهيجان خوف كل واحد على مركزه. أماّ الشعب فخوفهم كان على هيكلهم رمز مجدهم وعزهم وأبائهم. وغالباً كان كلام إسطفانوس أن دور الهيكل والذبائح قد إنتهى وكان هذا الكلام مثيراً لكل طوائف اليهود. وكان كلام إسطفانوس هنا هو الذى حَرَّك قلب شاول الطرسوسى بالغضب. ولكن كان الدرس الأول لبولس الرسول، رسول الأمم. لقد تتلمذ بولس فى مدرسة اسطفانوس.

آية (15):-

فشخص إليه جميع الجالسين في المجمع ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك.

هنا إنعكس وجه المسيح على وجه إسطفانوس، كان المسيح يحيا فى إسطفانوس غل 20:2 وكان وجه إسطفانوس الملائكى هو ما أقص مضجع شاول الطرسوسى. وكان له كمناخس تنخس ضميره وقلبه. وللعجب فقد رأى رئيس الكهنة وجه إسطفانوس كوجه ملاك ولم يتحرك قلبه، له عين ولكن لا يبصر. فلو فتح رئيس الكهنة قلبه لأدرك أن الله ما كان يعطى إسطفانوس هذا الوجه النورانى كموسى إذا كان يجدف على موسى وعلى الناموس.


 

الإصحاح السابع

ملاحظات على خطاب إسطفانوس أمام السنهدريم:

1)  لقد شعر إسطفانوس أنهم لفقوا ضده التهم، ونظر للماضى فوجد أن اليهود فعلوا هذا مع كل الأنبياء، وفعلوا هذا بموسى إذ رفضوه وهو مخلصهم، وفعلوا هذا بالمسيح الذى تنبأ عنه موسى فى تث 18، وأباؤهم فعلوا جريمة بأخيهم يوسف.

2)  قد يقال ان حديث إسطفانوس هنا هو حديث مثير لليهود ولكنهم كانوا قد بيتوا النية على قتله وهو أدرك هذا فوجدها فرصة للشهادة عن المسيح قبل موته.

3)  هو شهد للأباء والأنبياء مماّ يثبت كذب تهمتهم ضده بأنه مجدف، وإتهموه بأنه ضد الناموس والهيكل وموسى فأظهر إكرامه لموسى وللناموس، وإتهموه بأنه تكلم عن خراب الهيكل، ولكنه كما نفهم من كلامه أنه لم يقل هذا مباشرة بل هو تكلم عن نهاية دور الهيكل ودور الذبائح التى تقدم فيه وأن المسيحى يستطيع أن يعبد الله فى كل مكان وأى مكان بالروح والحق، وأن الذبائح كانت رمزاً للمسيح، فلما أتى المرموز إليه إنتهى دور الرمز، فأوّلوا كلامه على أنه يسئ للهيكل، والهيكل هو رمز دولتهم وأمتهم ودينهم. ومالم يقله إسطفانوس لكن قاله المسيح أنه لن يبقى فى الهيكل حجر على حجر وذلك لإنتهاء دوره ولأن المؤمن سيصير هو الهيكل الذى سيسكن فيه الروح القدس. ونلاحظ أنهم تمردوا على الله والهيكل موجود فى وسطهم. فالهيكل لم يمنعهم من إغاظة الله. وأرمياء وجه لهم نفس المعنى إذ ظنوا أن هيكل الرب يحميهم بالرغم من خطاياهم أر 4:7،14.

4)  أراد اليهود أن يحصروا الله داخل دولتهم وشعبهم وهيكلهم فأرجعهم إسطفانوس للبداءة إذ إختار الله إبراهيم من خارج أرض الميعاد، وكان بلا ناموس ولا هيكل بل أن موسى تربى غريباً فى مصر وعاش غريباً فى سيناء، وكلمه الله فى سيناء ولم يدخل أرض الميعاد. وحينما طلب داود بناء هيكل قال له الله وهل الله يسكن فى داخل بناء 1مل 27:8. بل ان الله إختار أولاً خيمة تطوى وتفرد وحيثما تفرد يقدمون العبادة فما أهمية الهيكل. ففى أى مكان إذاً يمكن أن نقدم العبادة الله.

5)  هم إتهموه بأنه يسئ للناموس فإتهمهم هو بأن أبائهم اساءوا لموسى واضع الناموس. بل هم لم يحفظوا الناموس. هنا إسطفانوس هو الذى حاكم اليهود.

6)  يفهم من كلام إسطفانوس أن المسيحية هى الهدف النهائى من المسيرة اليهودية أو أن مسيرة اليهود متجهة طبيعياً نحو المسيحية. وأن عوائد الناموس والختان والهيكل كان لها دورها فى وقت ما ولقد إنتهى دورها حيث بدأت المسيحية وأن الوعد لإبراهيم كان سابقاً للناموس والهيكل وهذا ما تلقفه منه بولس بعد ذلك.

7)  ملخص كلام إسطفانوس أن الأمة اليهودية من أيام إبراهيم إلى موسى كانت متغربة فى الأرض، ومن موسى إلى داود كان بيت الله عبارة عن خيمة بسبب الغربة والترحال. فإذا كان الله يمكن أن يُعبد فى كل مكان كما فعل الأباء فما أهمية إعتباركم لأن الهيكل هو المكان الوحيد لعبادة الله، أو المكان الوحيد الذى يسكنه الله. بالإضافة لأن إسطفانوس صورهم كشعب معاند لله وللمرسلين من الله من أيام يوسف ورؤساء الأباء لأيام موسى، وهم قاتلى الأنبياء وأخيراً قتلوا ابن الله. ففى خطاب إسطفانوس نجد أن الشخص المرفوض من اليهود هو المعين من الله وكما عملوا مع يوسف ومع موسى عملوا مع المسيح يسوع.

8)    الخطاب موجه أيضاً للمسيحيين الملتزمين بحرف الناموس والهيكل ليتحرروا منهم.

آيات (1،2):-

فقال رئيس الكهنة أترى هذه الأمور هكذا هي. فقال أيها الرجال الاخوة والأباء اسمعوا ظهر اله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين قبلما سكن في حاران.

إله المجد= بهذا يكون قد دحض عن نفسه تهمة التجديف. ويظهر من قوله إله المجد أن الله له كل المجد والهيكل لا يضيف له شيئاً. فيما بين النهرين= إذاً فالله غير ملتزم بمكان أى بأمة إسرائيل فى أرض الميعاد.

آيات (3،4):-

وقال له اخرج من أرضك ومن عشيرتك وهلم إلى الأرض التي أريك. فخرج حينئذ من ارض الكلدانيين وسكن في حاران ومن هناك نقله بعدما مات أبوه إلى هذه الأرض التي انتم الان ساكنون فيها.

الواضح من تك 1:12. أن الله ظهر لإبراهيم فى أرض حاران. ولكن نفهم من تك 7:15+ نح 7:9 أن الله ظهر لإبراهيم أولاً فى أور ليخرجه منها. وخروج إبراهيم من أور كان أول خطوة لإنسان يتبع الله فى خطة الخلاص العظمى لتكوين شعب إسرائيل الذى سيأتى منه المسيح. قصة بدأت بطاعة إبراهيم وإنتهت بطاعة المسيح حتى الموت. وفى المقابل عدم طاعة إسرائيل لله. وغالباً فالذى عَوّق إبراهيم فى حاران هو تارح أبوه لذلك قال= بعد ما مات أبوه.

آية (5):-

ولم يعطه فيها ميراثا ولا وطاة قدم ولكن وعد أن يعطيها ملكا له ولنسله من بعده ولم يكن له بعد ولد.

واضح هنا أن الوعد بالميراث بوجود نسل لإبراهيم يرث الأرض. وكان هناك وعد لإبراهيم بوجود نسل. والنسل الذى له الوعد بالميراث هو المسيح الذى جعله وارثاً لكل شئ. فميراث الأرض، أرض الميعاد كان رمزاً لميراث أمجاد السماء لنسل إبراهيم بالإيمان أى المسيحيين وكان ذلك بواسطة عمل المسيح. لاحظ أنه يركز على أن إبراهيم لم يمتلك الأرض فهو يرفع أفكارهم بعيداً عن أهمية إمتلاك الأرض فأرض كنعان رمز لأرض أخرى هى السماء. هذه هى خطة الله أن ينقل أولاده لمجد السماء.

آية (6):-

وتكلم الله هكذا أن يكون نسله متغربا في ارض غريبة فيستعبدوه ويسيئوا إليه أربع مئة سنة.

هذا التغرب رمز لتغرب أولاد آدم بعد طرده من الجنة.

آية (7):-

والأمة التي يستعبدون لها سادينها أنا يقول الله وبعد ذلك يخرجون ويعبدونني في هذا المكان.

هذه الدينونة لفرعون رمزاً لدينونة إبليس. ومدة الإستعباد هذه كان الله فيها يهذب ويعد شعب إسرائيل ويفصله عن العادات الوثنية المنتشرة فى المنطقة. والهدف هو يعبدوننى فى هذا المكان= هذه قيلت لموسى فى خر 12:3. والله يقولها عن جبل سيناء وليس الهيكل. إذاً الله يمكن عبادته فى كل مكان هنا نرى قوة الوعد فالشعب نما وتقوى فى أثناء عبوديته فى مصر. ونرى أيضاً أهمية الضيقات فى نمو شعب الله.

آية (8):-

وأعطاه عهد الختان وهكذا ولد اسحق وختنه في اليوم الثامن واسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد رؤساء الأباء الاثني عشر.

فى آية 5 الله وَعَدَ إبراهيم بالميراث له ونسله قبل أن يعطيهم عهد الختان والله اختار إبراهيم وهو غير مختون وأعطاه الوعد. وبذلك يكون الوعد أثبت من الختان. وكان الختان بعد ذلك هو علامة الإيمان، هو ختم العهد.

آية (9):-

ورؤساء الأباء حسدوا يوسف وباعوه إلى مصر وكان الله معه.

كما حسد الإخوة يوسف، حَسَدَ رؤساء الكهنة المسيح وصلبوه مر 10:15. وكما صنع الله من المكيدة ضد يوسف خلاصاً هكذا صنع من المكيدة ضد المسيح خلاصاً. والله كان مع يوسف فى أرض مصر بينما كان الإخوة فى أرض الميعاد، فما معنى ما تفهموه أنتم من أن الله مرتبط بأرض الميعاد، فيوسف المحبوب من الله ملك على مصر.

آية (10):-

وأنقذه من جميع ضيقاته وأعطاه نعمة وحكمة أمام فرعون ملك مصر فأقامه مدبرا على مصر
وعلى كل بيته.

وهكذا رفع الله المسيح المصلوب ليجلس عن يمينه وصار رأساً للكنيسة. وكما ملك يوسف على المصريين خارج أرض الميعاد ملك المسيح على الأمم. والمعنى أن الله مع أولاده ويحول ضيقاتهم لمجد.

آيات (11-14):-

ثم أتى جوع على كل ارض مصر وكنعان وضيق عظيم فكان آباؤنا لا يجدون قوتا. ولما سمع يعقوب أن في مصر قمحا أرسل آباءنا أول مرة. وفي المرة الثانية إستعرف يوسف إلى اخوته واستعلنت عشيرة يوسف لفرعون. فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب
وجميع عشيرته خمسة وسبعين نفسا.

لاحظ أن إخوة يوسف هم الذين ذهبوا إليه جائعين مع سبق رفضهم وأذيتهم لهُ فهل يفهم هذا السامعين فى المجمع ويذهبوا فى إيمان للمسيح الذى رفضوه ولاحظ أن الجوع الذى حدث فى كنعان، أرض الميعاد التى يعتبرونها مقدسة بينما كان الشبع فى مصر خارج أرض الميعاد حيث يوسف هناك. لو كان المجمع قد ترك إسطفانوس يشرح ما يريد لكان قال لهم أنتم الآن فى مجاعة لرفضكم المسيح فإذهبوا إليه تجدون الشبع لكنهم للأسف سدوا أذانهم آية 57.

وضيق عظيم= هذا ما سيحدث لليهود بسبب رفضهم للمسيح سنه 70م على يد تيطس. وبدأ الضيق بمجاعة عظيمة أثناء الحصار ثم هلاك ودمار لإصرارهم على الرفض. وليتهم كانوا استفادوا من درس إسطفانوس عن إخوة يوسف الذى ذهبوا إليه ساجدين. وفى المرة الثانية إستعرف يوسف= هذه نبوة عن إيمان اليهود قبل المجئ الثانى. ويفهم من كلام إسطفانوس أن أرض كنعان لم تنقذ يعقوب وبنيه من الجوع بل أنقذهم يوسف المرفوض من خارج أرض كنعان. وفى آية (11) يقول أباؤنا فأباء اليهود هم أباء المسيحيين. 75 نفساً= (حسب السبعينية) وهم 66 نفس جاءوا مع يعقوب +9 أنفس هم عائلة يوسف فى مصر.

آيات (15-16):-

فنزل يعقوب إلى مصر ومات هو وآباؤنا. ونقلوا إلى شكيم ووضعوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم بثمن فضة من بني حمور أبى شكيم.

إسطفانوس يضغط القصة. فإبراهيم إشترى مغارة المكفليه حيث دفن فيها بعض الأباء، ويعقوب إشترى فى شكيم حيث دفِن يوسف. وواضح أن إسطفانوس دمج القصتين، وهذا الدمج فى الحديث كان معروفاً عند العبرانيين ويتركوا للسامع أن يملأ الفراغ فى الأحداث المعروفة. ولكن الإشارة هنا أن كل ما إمتلكه إبراهيم فى أرض الميعاد قبر إشارة لغربتنا فى هذا العالم. ودليل إيمان الأباء فى وعد الله بميراث الأرض إصرارهم على دفن موتاهم فيها.

آيات (17-19):-

وكما كان يقرب وقت الموعد الذي اقسم الله عليه لإبراهيم كان ينمو الشعب ويكثر في مصر. إلى أن قام ملك أخر لم يكن يعرف يوسف. فاحتال هذا على جنسنا وأساء إلى آبائنا حتى جعلوا أطفالهم منبوذين لكي لا يعيشوا.

بركة الرب جعلت الشعب ينمو، هذا الشعب الذى سيرث أرض كنعان والله سمح بهذا الفرعون القاسى حتى يفطمهم عن قدور اللحم وعن أرض مصر فيفكروا فى العودة بعد أن تمم الله مخططه فى جعلهم شعب. والملك الأخر هو أحمس الذى طر د الهكسوس. أطفالهم منبوذين= جعلهم يلقون بهم فى النهر. والمعنى أن الضيق الذى يواجهه المسيحيين إلآن من اليهود سيكون سبباً فى نمو الكنيسة وفطامها عن أورشليم. وكل ضيقة يسمح بها الله ليفطمنا عن محبة العالم.

آيات (20-21):-

وفي ذلك الوقت ولد موسى وكان جميلا جدا فربي هذا ثلاثة اشهر في بيت أبيه. ولما نبذ اتخذته ابنة فرعون وربته لنفسها ابنا.

وكان جميلاً جداً= الأصل اليونانى جميلاً بالله أو نحو الله، أى أن هيئة الولد كان فيها مسحة إلهية سرية عب 23:11. أدركها أبواه بل وإبنة فرعون نفسها. ولاحظ أن موسى العظيم لم يتربى فى هيكل بل فى بيت وثنى.

آية (22):-

فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدرا في الأقوال والأعمال.

لقد سمح الله لموسى أن يتدرب على أيدى علماء مصر فى كل فنون العلم والأدب فهو سيصير ملكاً وسط شعبه، هذا إعداد إلهى لموسى. وواضح من كلام إسطفانوس أنه لا يجدف على موسى بل يظهر عظمة موسى من يوم ميلاده وفى إمكانياته ومع هذا رفضوه وثاروا عليه وهكذا عملوا مع المسيح.

الأقوال= الناموس الذى وضعه. الأعمال= معجزاته وقيادته للشعب.

آيات (23-28):-

ولما كملت له مدة أربعين سنة خطر على باله أن يفتقد اخوته بني إسرائيل. وإذ رأى واحدا مظلوما حامى عنه وانصف المغلوب إذ قتل المصري. فظن أن اخوته يفهمون أن الله على يده يعطيهم نجاة وأما هم فلم يفهموا. وفي اليوم الثاني ظهر لهم وهم يتخاصمون فساقهم إلى السلامة قائلا أيها الرجال انتم اخوة لماذا تظلمون بعضكم بعضا. فالذي كان يظلم قريبه دفعه قائلا من أقامك رئيسا وقاضيا علينا. أتريد أن تقتلني كما قتلت أمس المصري.

يفتقد إخوته= ربما كان موسى يخطط لثورة عسكرية ضد فرعون وبدأ إعداد العدة وسط الشعب، فلما مات المصرى وصل لفرعون أن موسى يتزعم ثورة وسط اليهود لذلك طلب قتله. وهذا اليهودى يقول له من أقامك رئيساً= لتقود هذه الثورة. وهذا إن دل على شئ فسيدل على انهم عشقوا العبودية والذل فى مصر من اجل قدور اللحم. وعموماً فالله سمح بهذا ليكمل إعداد موسى ويكمله بالتواضع فيصير قائداً مثالياً يفهم أن خلاص الشعب بيد الله وليس بيده هو. وأيضاً ليزداد ذل الشعب فيصرخ طالباً الخروج والخلاص، إذ كان لابد لهم أن يقتنعوا بأن الخروج أنسب لهم، وبدون هذا الذل ما كانوا فكروا أو قبلوا الخروج. مظلوماً= ربما من مسخره.

لما كملت له أربعين سنة= مدة 40 سنة هذه من التقليد اليهودى.

من أقامك رئيساً= تدل على أن من أنقذه موسى بالأمس نشر القصة. وبدلاً من أن يشكروا موسى هاجوا عليه. وكما خلصهم يوسف بعد أن ناله منهم ضرر، خلصهم موسى بعد أن نال منهم ضرر. وهكذا المسيح. وإشارة إسطفانوس لقول اليهودى لموسى من أقامك رئيساً هو تمهيد للتوبيخ الذى سيوجه لمجمع السنهدريم فى آية 51، وآية 35.

آية (29):-

فهرب موسى بسبب هذه الكلمة وصار غريبا في ارض مديان حيث ولد ابنين.

وصار غريباً= بعد أن كان أميراً. وهذا ما أثر فى نفس موسى فسمى إبنه جرشوم بمعنى غربة. وهذا رمز للمخلص الذى أخلى ذاته أخذاً صورة عبد.

آية (30):-

ولما كملت أربعون سنة ظهر له ملاك الرب في برية جبل سيناء في لهيب نار عليقة.

ملاك الرب هو الأقنوم الثانى فى أحد ظهوراته فى العهد القديم بدليل فى آية 31 صار إليه صوت الرب والرب تعنى يهوه. إذا المتكلم هو يهوه نفسه. ولماّ تكلم قال أنا إله إبراهيم. آية 32 والنار إشارة لطبيعة الله فالكتاب يقول إلهنا نار آكلة. وكما لم تحرق النار العليقة هكذا حل فى بطن العذراء دون ان تحترق العذراء. فالعليقة إشارة للتجسد. وكان هذا الظهور لموسى بداية قصة الخروج من مصر. وكان تجسد المسيح بداية قصة الخلاص من عبودية إبليس. ولاحظ هنا أن الله يظهر لموسى فى سيناء وليس أرض الموعد. فالله ليس مقيداً بمكان.

آيات (31-33):-

فلما رأى موسى ذلك تعجب من المنظر وفيما هو يتقدم ليتطلع صار إليه صوت الرب. أنا اله آبائك اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب فارتعد موسى ولم يجسر أن يتطلع. فقال له الرب اخلع نعل رجليك لان الموضع الذي أنت واقف عليه ارض مقدسة.

إله إبراهيم وإله أسحق وإله يعقوب= المعنى أنه حان وقت تنفيذ الوعود التى كانت للأباء. فالله له مخطط بدأ بالأباء إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى الآن يكمل هذا المخطط. فإرتعد موسى= والله أخبره بعد ذلك لا يرانى الإنسان ويعيش.. أما وجهى فلا يُرى خر 20:33-23. ووجه الله بمعنى شخص او كيان الله الفائق. وهنا نرى أن الله يقدس المكان الذى يحل فيه. ارض مقدسة= ولاحظ أن هذه الأرض كانت هى سيناء فأينما يحل الله يصير المكان مقدساً، فما معنى ان تكون أورشليم فقط أرضاً مقدسة بل يمكن السجود لله فى أى مكان. خلع الحذاء= رمز للتخلى عن الخطايا فالحذاء رمز للإحتكاك بقاذورات العالم ومحبة الأمور الزمنية الميتة.

آية (34):-

أنى لقد رأيت مشقة شعبي الذين في مصر وسمعت أنينهم ونزلت لأنقذهم فهلم الان أرسلك إلى مصر.

السخرة عملت عملها والشعب الآن مقتنع بالخروج. فالله لا يجبر أحد على شئ بل يقنعه به. نزلت= الله موجود فى كل مكان ولكن قوله نزلت إشارة لإهتمامة تعالى بالبشر الموجودين على الأرض. وفيه إشارة للتجسد.

آية (35):-

هذا موسى الذي أنكروه قائلين من أقامك رئيسا وقاضيا هذا أرسله الله رئيسا وفاديا بيد الملاك الذي ظهر له في العليقة.

بعد أن أظهر لهم عظمة موسى وعلاقته بالله وتكليف الله لهُ يظهر لهم تذمرهم ورفضهم لموسى العظيم، وهكذا إستمروا فى رفضهم لله فى شخص المسيح. وفادياً= أى مخلصاً ومنقذاً ومع هذا رفضوه وهذا ما صنعوه بالمسيح المخلص. هذا موسى= تكرار اسم موسى هنا كان للغت النظر للتشابه بين موسى والمسيح فى عملية الخلاص والرفض لكليهما من قبل الشعب. المجمع إتهم إسطفانوس بأنه يجدف على موسى. وهو هنا يقول بل من تذمر على موسى هم أباءكم أما أنا فأعرف قدره.

آية (36):-

هذا أخرجهم صانعا عجائب وآيات في ارض مصر وفي البحر الأحمر وفي البرية أربعين سنة.

كما صنع موسى عجائب صنع المسيح عجائب والهدف إقناع الشعب بان يسير وراء الله والنتيجة دائماً عناد ورفض وتذمر لمن أحبهم وسعى لخلاصهم.

آية (37):-

هذا هو موسى الذي قال لبني إسرائيل نبيا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من اخوتكم له تسمعون.

طالما أن موسى تنبأ عن المسيح إذا لا مناقضة بين موسى والمسيح هنا نرى موسى ليس مجرد رمز للمسيح بل كان شاهداً للمسيح وتنبأ عنهً. وكان يُعِدْ الطريق أمامه بإعداد شعب يأتى منه المسيح. والقصد أنه إذا أتى المرموز إليه ينتهى دور الرمز، إذا أتى المسيح ينتهى دور موسى. ولاحظ أن بقية كلام موسى فى هذه النبوة أن من لا يسمع كلام هذا النبى فإن الله سيحاسبه. وبهذا فهو يدين من يحاكموه ويحذرهم مهدداً.
نبياً مثلى = هذا من ناحية الجسد.

آية (38):-

هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية مع الملاك الذي كان يكلمه في جبل سيناء ومع آبائنا الذي قبل أقوالا حية ليعطينا إياها.

فى الكنيسة= الكنيسة هى إكليسيا باليونانية وهى ترجمة لكلمة الجماعة فى العبرية. هذا هو الذى كان= أى موسى. فى الكنيسة فى البرية= وسط الجماعة. مع الملاك الذى يكلمه= أى الله نفسه يهوه أو الأقنوم الثانى الإشارة هنا لكلام الله مع موسى بعد الخروج. ومع أبائنا= فالله كلم الأباء فى سيناء. الذى قبل أقوالاً حية= أى الناموس فكلمة الله دائماً حية وفعالة عب 12:4 (فهل بهذا القول يكون إسطفانوس مجدفاً على الناموس). لاحظ هنا تصوير إسطفانوس أن الكنيسة هى إجتماع الله مع شعبه فى أى مكان وليس فى أورشليم فقط. وهكذا المسيح فى وسط كنيسته فى غربتها فى هذا العالم.

آية (39):-

الذي لم يشا آباؤنا أن يكونوا طائعين له بل دفعوه ورجعوا بقلوبهم إلى مصر.

جماعة إسرائيل أرادات رجم موسى ليعودوا إلى مصر ( عد 1:14-4،10) وهكذا فعلوا بالمسيح. رجعوا بقلوبهم إلى مصر= أى ضلوا وإنحرفوا وإشتاقت قلوبهم لخيرات مصر وللشهوات الحسية وأخيراً تمردوا.

آية (40):-

قائلين لهرون اعمل لنا إلهة تتقدم أمامنا لان هذا موسى الذي أخرجنا من ارض مصر لا نعلم ماذا أصابه.

الأباء أرادوا لهم آلهة تتقدمهم واليهود الحاليين بقيادة قيافا قالوا ليس لنا ملك إلاّ قيصر.

آية (41):-

فعملوا عجلا في تلك الأيام واصعدوا ذبيحة للصنم وفرحوا بأعمال أيديهم.

هنا وصل إسطفانوس لتصوير تمرد الأباء على الله ورجوعهم بقلوبهم لعبودية مصر ولخطايا مصر. والعجل هو تقليد للعجل أبيس الإله المصرى.

آيات (42-43):-

فرجع الله وأسلمهم ليعبدوا جند السماء كما هو مكتوب في كتاب الأنبياء هل قربتم لي ذبائح وقرابين أربعين سنة في البرية يا بيت إسرائيل. بل حملتم خيمة مولوك ونجم إلهكم رمفان التماثيل التي صنعتموها لتسجدوا لها فأنقلكم إلى ما وراء بابل.

راجع رو 28:1 فإماّ أن يطلب الإنسان الله فيعطيه ذهناً مفتوحاً ليسير فى طريق القداسة أو نترك الله ونعطيه القفا فينحط ذهننا وتنغلق عيوننا. وهذا ما حدث لإسرائيل إذ تركوا الله نجدهم وقد إنحطوا لعبادة الأوثان هو 17:4،18 وإسطفانوس هنا يقتبس من عا 25:5-27 جند السماء= هى فى نظامها وكثرتها كجيش منظم يديره الله ويضبطه كضابط الكل ولها ناموس يديره الله ويضبطه كضابط الكل ولها ناموس يديرها وضعه الله ولا تخطئه. وهم عبدوا الشمس والقمر والنجوم. رمفان= الإله زحل SATURN ورمزوا له بصورة نجم. مولوك= هو إله بنى عمون ومولوك تعنى ملك وعبده إسرائيل بعد دخولهم أرض الموعد وكان له تمثال نحاس يوقدون فيه ناراً إلى أن يحمر ويقدمون أولادهم ذبائح له خيمة مولوك= بالتباين مع خيمة الشهادة.

فأنقلكم إلى ما وراء بابل= فى نبوة عاموس وردت فأسبيكم إلى ما وراء دمشق. فعاموس قال نبوته قبل سبى بابل بكثير. وربما كان الأراميون أو الأشوريون هم الأعداء الظاهرون وقت النبوة لذلك يشير النبى إلى السبى بقوله ما وراء دمشق. ولكن قوله ما وراء دمشق يعنى أن السبى سيكون أبعد بكثير من دمشق، هناك بابل التى لم تكن معروفة وقت عاموس وهى أخطر بكثير من أرام وأبعد بكثير من دمشق. ولأن بابل لم تكن معروفة لم يذكرها بالإسم. ولكن بعد أن أصبح معروفاً ان السبى حدث إلى بابل فإسطفانوس يذكره هنا بالإسم. ومعروف من النبوات أن السبى إلى بابل حصل لهم كعقوبة (أى على يهوذا) على عباداتهم للأوثان.

آيات (44-45):-

وأما خيمة الشهادة فكانت مع آبائنا في البرية كما أمر الذي كلم موسى أن يعملها على المثال الذي كان قد رآه. التي ادخلها أيضا آباؤنا إذ تخلفوا عليها مع يشوع في ملك الأمم الذين طردهم الله من وجه آبائنا إلى أيام داود.

الخيمة هى خيمة الاجتماع حيث يجتمع الله مع شعبه. وكان الله يجتمع مع شعبه فى البرية وفى الخيمة حتى أيام داود. خيمة الشهادة= قوله الشهادة إشارة إلى لوحى الشريعة، والتابوت سمى تابوت الشهادة. أدخلها أباؤنا= أدخلوها لأرض كنعان حيث كان ملوك الأمم يملكون. وهو بهذا يشير لأن الله لا يحب أرض كنعان لذاتها، فقد ملك عليها ملوك أشرار، ولكن الله يحبها لو سكن فيها قديسين. إذ تخلفوا عليها= صاروا خلفاء فى ملكها للأمم الذين طردوا منها. على المثال الذى= قوة الخيمة أنها تحمل ظل السماويات.

آيات (46-47):-

الذي وجد نعمة أمام الله والتمس أن يجد مسكنا لإله يعقوب. ولكن سليمان بنى له بيتا.

حينما بنى داود له بيتاً فخماً أراد أن يبنى لله بيتاً والله أخبره أنه من نسله من سيبنى الهيكل. وهذه نبوة عن المسيح الذى يبنى هيكل جسده. وكان سليمان رمزاً للمسيح. فالله لا يهتم أن يكون له بيت من الرخام والذهب، بل الله يريد قلوب تحبه، قلوب مقدسة يرتاح فيها، وهذه أعدها المسيح كهياكل لله بأن أرسل الروح القدس، وصار المؤمنين يعبدون الله ويسجدون له بالروح والحق. الذى وجد نعمة= داود وجد نعمة أمام الله، وواضح من الكلام أن سليمان ليس الأعظم من داود ومع هذا بنى الهيكل.

آيات (48-50):-

لكن العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي كما يقول النبي. السماء كرسي لي والأرض موطئ لقدمي اي بيت تبنون لي يقول الرب واي هو مكان راحتي. أليست يدي صنعت هذه الأشياء كلها.

العلىّ= من هو فوق الكل ساكن سماء السموات. السماء كرسى الله والأرض موطئ قدميه= هذه مأخوذة من إش 1:66،2 وقارن مع مت 34:5،35 + 22:23. لا يسكن فى هياكل مصنوعات الأيادى= فهو يملأ كل مكان ولا يحده مكان. وهذه الآية رددها بطرس فيما بعد 24:17 وسليمان بعد أن أتم أفخم بناء قال هل يسكن الله حقاً على الأرض 1مل 27:18 + 2أى 6:2 + 18:6. ولكن الله يقول أنه يسكن مع المنسحق والمتواضع أش 15:57. إسطفانوس هنا يريد أن يقول أن الله لا يحده الهيكل الذى تفتخرون به بل هو يقدس كل مكان يرفع فيه الإنسان قلبه. ونفهم ان سليمان بنى الهيكل كمكان سكنى لله ولكن الأصح أن الله موجود فى كل مكان بدليل أش 1:66،2. وما قاله الله لداود من قبل. فإن كان إسطفانوس قد قال إن الهيكل له وضع مؤقت فله سند فى نبوة إشعياء هذه. وهنا إسطفانوس يشرح لهم أن الله لا يحتاج للهيكل بل الإنسان يحتاج للهيكل ليتحول الإنسان لمكان يرتاح فيه الله، وإن فشل هيكل سليمان فى هذا فلا داعى لوجوده.

آية (51):-

يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان انتم دائما تقاومون الروح القدس كما كان آباؤكم كذلك انتم.

قارن مع خر 9:32،10 + 3:33،5 + 8:34،9 + تث 6:9. إذاً تهمة أن الشعب صلب الرقبة أى غير مطيع هى تهمة قديمة ( الطاعة يكنى عنها بإحناء الرأس). هو يتهمهم أنهم فى حرفيتهم أغلقوا أذانهم وقلوبهم وعيونهم فلم يعرفوا المسيح وصلبوه. هم إتهموه أنه يجدف على ناموس موسى فأحال التهمة عليهم وأنهم هم الذين يعصون كلام الله. إتهموه بالتجديف على الهيكل وكانت إجابته أن الهيكل مبنى مؤقت. اتهمهم أنهم يهتمون بختان الجسد وليس بختان القلب. غير المختونين بالقلوب= هى تهمة أيضاً قديمة لا 41:26 +تث 16:10 + أر 4:4 + 26:9. وغلف القلب هو نجاسه القلب وعدم طاعة الله ونقض العهد مع الله، هو موقف عدائى مع الله. وغلف الأذن= أر 10:6 إذاً هو أيضاً تهمة قديمة ضد اليهود ومعناها أن الأذن لا تسمع إنذارات الرب بل تتلذذ بنجاسات العالم والمعارف الشيطانية. هذه الصفات القديمة والتى مازالت فيهم هى التى جعلتهم لا يسمعون كلام المسيح ولا يطيعونه بل يصلبوه فهم لم يفهموه. إن دفاع إسطفانوس كان دفاع عن المسيح والمسيحية وإلقاء التهمة على اليهود المعاندين. أنتم دائماً تقاومون الروح القدس= قارن مع أش 9:63،10. والروح القدس يشهد بالأنبياء عن المسيح.

آية (52):-

اي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فانباوا بمجيء البار الذي انتم الان صرتم مسلميه وقاتليه.

هذا ما قاله المسيح عليهم مت 29:23-34 فاليهود إضطهدوا كل الأنبياء الذين تنبأوا عن المسيح.

آية (53):-

الذين أخذتم الناموس بترتيب ملائكة ولم تحفظوه.

هذا تقليد يهودى أن الناموس أعطى بواسطة ملائكة وهذا ما قاله بولس أيضاً عب 2:2 + غل 19:3. وربما فهموا هذا من مز 17:68 + تث 1:33-4 ترجمة سبعينية، فالسبعينية ترجمت قديسيه لملائكة. وواضح أن إسطفانوس هنا يريد أن يقول أنكم لو حفظتم الناموس لكنتم قد عرفتم المسيح. وهذا هو وضع تلاميذ المسيح إذ هم عرفوه وتبعوه وأحبوه إذ كانوا ملتزمين حقاً بقلوبهم بطاعة الناموس.

آية (54):-

فلما سمعوا هذا حنقوا بقلوبهم وصروا بأسنانهم عليه.

هذا= أى 1) عدم لياقة الهيكل لسكنى الله                                                      2) إتهامهم بقتل الأنبياء والمسيح.

حنقوا= مع أن وجهه كان كملاك أما هم فصاروا كوحوش متعطشة للدماء.

آية (55):-

وأما هو فشخص إلى السماء وهو ممتلئ من الروح القدس فرأى مجد الله ويسوع قائما عن يمين الله.

لقد قال إسطفانوس ما قاله بإيمان قوى، فنقله الله إلى مرتبة العيان ليرى المسيح الذى شهد عنه والذى سوف يذهب إليه بعد لحظات وكان هذا ليعطيه ثباتاً فى لحظات الشدة. يمين الله= التعبير يشير للقوة والمجد.

آية (56):-

فقال ها أنا انظر السماوات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين الله.

السموات مفتوحة لتستقبل الشهيد الشاهد الأمين. لقد أدانته محكمة الأرض وبرأته محكمة السماء التى يراها الآن أمام عينيه. وكانت الرؤيا التى رآها فرصة أخيرة ليشهد بها أمام هذا الجمع عن يسوع إبن الإنسان القائم عن يمين الله. والذى أخبر لوقا بكل ما دار هو بولس الرسول والذى كان حاضراً هذه المحاكمة. ولكن منظر وجه إسطفانوس وكلماته صارت حيه لا تنسى من ذاكرته (أع 20:22). وكان ما قاله إسطفانوس هنا هو ترديد لما قاله دانيال النبى دا 13:7،14. وكان اليهود يفهمون هذه النبوة أنها على المسيح. قائما عن يمين الله= لا تعارض بين القول قائماً والقول جالساً. فقائماً أى متواجداً، وهو متواجد فى حالة جلوس أى المساواة فى الكرامة والمجد.

آيات (57-58):-

فصاحوا بصوت عظيم وسدوا آذانهم وهجموا عليه بنفس واحدة. وأخرجوه خارج المدينة ورجموه والشهود خلعوا ثيابهم عند رجلي شاب يقال له شاول.

واضح أنه لم يصدر حُكم ضد إسطفانوس، بل ما حدث كان حالة ثورة وهياج حركها إبليس. وهنا رئيس الكهنة كان قد إنتهز فرصة غياب بيلاطس فى قيصرية ونفذ حكم الرجم متعللاً

1)    أنه لم يصدر حكم رسمى من المجمع بالقتل.

2)    أنها حالة هياج عام لم يستطع رئيس الكهنة أن يقاومه.

أخرجوه خارج المدينة= كما نص الناموس كعقوبة للمجدف لا 13:24-16. سدوا أذانهم= حتى لا يسمعوا بقية دفاعه وشهادته فتتندس أذانهم. وشرح بقية الآية تجده فى حياة بولس الرسول.

آيات (59-60):-

فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو ويقول أيها الرب يسوع اقبل روحي. ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يا رب لا تقم لهم هذه الخطية وإذ قال هذا رقد.

هنا نرى إسطفانوس يقول ما قاله المسيح على الصليب، لم يكن هنا يقلد المسيح إنما كان المسيح يحيا فى إسطفانوس غل 20:2.

أيها الرب يسوع إقبل روحى= داود يقول فى مز 5:31 فى يدك أستودع روحى ويقولها لله وبهذا نفهم أن إسطفانوس فهم أن يسوع هو الله. ونقارن هذا مع ما قاله المسيح " يا أبتاه فى يديك أستودع روحى (لو 46:23) وبهذا أيضاً نفهم أن إسطفانوس فهم أن كل ما للآب هو للابن، فيمكن إذاً أن نستودع له أرواحنا كما الآب أيضاً. هو كان يستشهد ويموت وهو يصلى.

صرخ بصوت عظيم= هذا دليل أن الروح الذى فيه أعطاه قوة. وغفران إسطفانوس لمن يرجمونه هو دليل حياة المسيح الغافر فيه ومن لا يَغْفِر لا يُغْفَر له أيضاً. بل بغفرانه هذا أكمل شهادته عن المسيح، فإسطفانوس شهد للمسيح فى حياته كما فى موته.

رقد= هذا هو الإسم الجديد للموت بعد قيامة المسيح " لعازر حبيبنا قد نام يو 11:11 وشتان الفرق بين رقاد القديسين وهم يرون السماء مفتوحة وموت الأشرار فى رعب.


 

الإصحاح الثامن

آية (1) :-

وكان شاول راضيا بقتله وحدث في ذلك اليوم اضطهاد عظيم على الكنيسة التي في أورشليم فتشتت الجميع في كور اليهودية والسامرة ما عدا الرسل.

راضياً= إذ ظن أن المسيحية قد إنتهت. ربما كان شاول الطرسوسى عضواً فى السنهدريم. وكان الإضطهاد الذى بدأ سببه الثورة التى حدثت بسبب ما قاله إسطفانوس ان الهيكل إنتهى دوره فلقد فهموا أن هناك إنفصال تام بين المسيحية واليهودية وانه لا تعايش بينهما. فلقد أبطلت المسيحية عوائد الناموس، والعجيب أن شاول (بولس) تبنى بعد ذلك هذا المنهج الذى جلب عليه ألاماً شديدة. وما زاد فى هياج اليهود ضد إسطفانوس إتهامه الواضح لهم والجرئ بأنهم ورثة قتله الأنبياء، وكان هذا الإتهام موجهاً لرؤساء الكهنة أيضاً. وبسبب الإضطهاد العنيف الذى ثار ضد المسيحيين إضطروا للهرب من أورشليم. وكان شاول هو قائد هذا الإضطهاد. وكان هذا التشتيت سبب بركة إذا إنتشر المسيحيين فى كل مكان فإنتشرت المسيحية فى كل مكان.

ما عدا الرسل= حما الله الرسل ليكملوا رسالتهم وربما خافوا منهم بسبب المعجزات العجيبة التى كانوا يعملونها لذلك لم يمسهم أحد فى هذا الإضطهاد.

آية (2):-

وحمل رجال أتقياء استفانوس وعملوا عليه مناحة عظيمة.

مناحة= تعنى ضرب على الصدر وهذه العادة تعلموها من مصر تك 7:50،10،11. وتقاليد اليهود لم تكن تسمح بعمل مناحة على المحكوم عليهم بسبب الخروج على الناموس. ولكن إسطفانوس بوجهه الملائكى قد إجتذب عدداً كبيراً من المحبين حتى من وسط اليهود= رجال أتقياء راجع أع 5:2. وهؤلاء الأتقياء لم يكونوا راضين عن قتل إسطفانوس وشعروا بأن السنهدريم قد ظلمه فعملوا عليه مناحة كبيرة. وربما كانوا من المسيحيين واليهود الذين أحبوا أسطفانوس لوجهه الملائكى. والمسيحيون عملوا هذه المناحة إعلاناً عن عدم خجلهم من التهمة التى وجهت لإسطفانوس بل فرحهم به.

آية (3) :-

وأما شاول فكان يسطو على الكنيسة وهو يدخل البيوت ويجر رجالا ونساء ويسلمهم إلى السجن.

لقد صار شاول عدوا خطيراً للكنيسة، يدخل البيوت ويغتصبها ويدمر ممتلكاتهم ويلقى القبض عليهم للسجن بأوامر من رؤساء الكهنة. يسطو= أصل الكلمة يمزق كوحش مفترس راجع عب 34:10.

آيات (4-5) :-

فالذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة. فانحدر فيلبس إلى مدينة من السامرة وكان يكرز لهم بالمسيح.

تشتتوا= الكلمة تعنى نثر البذور للزراعة. فصار المسيحيين الذين تشتتوا فى كل مكان هم بذور للإيمان إنتشرت وأتت بثمار فى كل مكان. وكان هذا سبب بركة للمسيحيين إذ ظن المسيحيين أنهم سيظلون مرتبطين بأورشليم والهيكل. فيلبس= هو الثانى بعد إسطفانوس. وهنا نرى الخدمة تمتد للسامرة تماماً كما أرادها الرب يسوع أن تمتد. إذاً هذا التشتيت وهذا الإضطهاد انتج خيراً للكنيسة وكان بسماح من الله ليمتد الملكوت. إنحدر= لأن أورشليم أعلى فهى على جبل. ونلاحظ أنه كانت هناك عداوة شديدة بين اليهود والسامريين فالسامريين هم خليط من اليهود والوثنيين وهم لا يعرفون سوى أسفار موسى الخمسة فقط. وكان اليهود لا يتعاملون مع السامريين أبداً. ولكن المحبة المسيحية لا تعرف أى عداوة ولهذا السبب ذهب المسيح للمرأة السامرية. ونفهم من المرأة السامرية أن السامريين كانوا ينتظرون المسيا لذلك فهم يأتون فى ترتيب الكرازة بعد اليهود وقبل الأمم يو 25:4،26 + أع 8:1. وكما أوضح إسطفانوس نهاية اليهودية بدأ فيلبس هذا الكرازة خارج اليهودية وأورشليم.

آيات (6-8) :-

وكان الجموع يصغون بنفس واحدة إلى ما يقوله فيلبس عند استماعهم ونظرهم الآيات التي صنعها. لان كثيرين من الذين بهم أرواح نجسة كانت تخرج صارخة بصوت عظيم وكثيرون من المفلوجين والعرج شفوا. فكان فرح عظيم في تلك المدينة.

وضع يد الرسل على الشمامسة السبعة أعطاهم قوة لعمل العجائب وحكمة وقوة للكرازة. ولأن المدينة بها ساحر مشهور فكان لابد أن يزود الله رسوله فيلبس بالمعجزات ليؤمن الناس. ولأن السامريين كانوا ينتظرون المسيا سمعوا فيلبس بنفس واحدة. فكان فرحُ عظيم= هذا دليل على عمل الروح القدس فيهم فالفرح من ثمار الروح وعمل الروح القدس والمعجزات التى يسمح بها دائماً هى لخير الناس وتعطيهم فرح.

آيات (9-11) :-

وكان قبلا في المدينة رجل اسمه سيمون يستعمل السحر ويدهش شعب السامرة قائلا انه شيء عظيم. وكان الجميع يتبعونه من الصغير إلى الكبير قائلين هذا هو قوة الله العظيمة.
وكانوا يتبعونه لكونهم قد اندهشوا زمانا طويلا بسحره.

السحر هو معجزات الشياطين ولكنه للضرر والخراب، أى من آثاره ضرر وكآبة عكس عمل الروح القدس الذى يسبب فرح وخير. السحر ربما يدهش من يراه ولكنه لا يترك فى نفسه سوى الخوف والمرارة والكآبة. وكان السحر منتشراً بين السامريين حتى أن اليهود اسموا السحرة سامريين. ولما إتهموا المسيح بالسحر قالوا إنك سامرى وبك شيطان يو 48:8.

سيمون= كان يدّعى الربوبية بأعمال خارقة، ويدَّعى العلم الغيبى، ويدَّعى أنه حالة وسط بين الله والإنسان ( نفس الفكر الغنوسى) وأنه وسيط بين الله والإنسان. وذكره القديسين هيبوليتس ويوستينوس وذكروا هرطقاته وقوة سحره وكيف هاجم المسيحية فيما بعد. هذا هو قوة الله العظيمة= لقد إعتبر السامريون أن سيمون هو تجسد للألوهية أو أن قوة الله قد حلت فيه. وقيل أن سيمون ذهب إلى روما وقاوم بطرس هناك ونلاحظ أن عدو الخير يقاوم الكنيسة إما بالإضطهاد أو بالخداع. يقال:-

1)    أنه طلب دفنه وأنه سيقوم فدفنوه لكنه لم يقم.

2)    ويقال أنه سيصعد كالمسيح وإرتفع فعلاً وبصلاة بطرس سقط ومات

ولقد أقام له كلوديوس قيصر تمثالاً كتب تحته " إلى سيمون الله القدوس"

آية (12) :-

ولكن لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح اعتمدوا رجالا ونساء.

الروح القدس يعمل مع فيلبس بالمعجزات وفى قلوب السامريين ليؤمنوا ويتركوا سيمون.

آية (13) :-

وسيمون أيضا نفسه أمن ولما اعتمد كان يلازم فيلبس وإذ رأى آيات وقوات عظيمة تجرى اندهش.

سيمون مَّيز بين الزيف الذى يمارسه والقوة الحقيقية التى ينادى بها ويستعملها فيلبس. لكن للأسف هو أراد أن يستفيد بالمعمودية بطريقة خاطئة أى ليمارس سحره بطريقة مسيحية أكثر فاعلية،إعتقد هو أنها أقوى من طرقه. هو لم يتحرر تماماً من عبوديته لإبليس. كان يلازم فيلبس = لا ليتعلم ويتوب بل ليتعلم منه كيف يعمل هذه المعجزات. هو لم يفتح قلبه لله وليؤمن بكل ما يقوله فيلبس عن الله، بل كل ما كان يبحث عنه مزيد من القوى السحرية التى تمجده وتزيد دخله.

آيات (14-17):-

ولما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة الله أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا. اللذين لما نزلا صليا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس. لأنه لم يكن قد حل بعد على أحد منهم غير انهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع. حينئذ وضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس.

كان للشمامسة السبع أن يعمدوا ولكن وضع اليد ليحل الروح القدس كان للرسل فقط. لذلك إستلزم الأمر نزول بطرس ويوحنا. وياللمفارقة فقد طلب يوحنا من قبل أن تنزل ناراً من السماء لتحرق السامرة لو 54:9 وها هو الآن يضع يده لكن لتنزل نار الروح القدس فتقدسهم ويملأهم الروح وتشتعل قلوبهم حباً للمسيح. ووضع الأيادى هو ما يسمى الآن سر المسحة (الميرون) ليسكن الروح القدس فى الإنسان.

آيات (18-21) :-

ولما رأى سيمون انه بوضع أيدي الرسل يعطى الروح القدس قدم لهما دراهم. قائلا أعطياني أنا أيضا هذا السلطان حتى اي من وضعت عليه يدي يقبل الروح القدس. فقال له بطرس لتكن فضتك معك للهلاك لأنك ظننت أن تقتني موهبة الله بدراهم. ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر لان قلبك ليس مستقيما أمام الله.

هذا ما أسمته الكنيسة بعد ذلك بالسيمونية وحرمته. والسيمونية هى شراء الرتب الكنسية بالمال والكنيسة تحرم من يبيع أو من يشترى. وسيمون رأى أن من يحل عليه الروح يصنع عجائب، فأراد شراء هذه الموهبة، فحرمه بطرس إذ وجده مازال مستعبداً لإبليس. والحقيقة أن الله يعطى هذه المواهب كهبة مجانية
نصيب وقرعة = كلمات تستخدم فى توزيع الميراث وسيمون بعبوديته للشيطان ما عاد ابناً ليرث.

آيات (22-23) :-

فتب من شرك هذا واطلب إلى الله عسى أن يغفر لك فكر قلبك. لاني أراك في مرارة المر ورباط الظلم.

يُفهم من كلام بطرس أنه يرى سيمون والشياطين تحيط به وهو مازال مقيد بقيود الشر ولكنه مازال قادراً لو أراد أن يتوب فيهرب من رباطات الشياطين. مرارة المر= هذا هو أثر الابتعاد عن الله والإرتماء فى حضن الخطية أو الشيطان. رباط الظلم= الأصل اليونانى رباط الشر، فهو حتى بعد أن إعتمد ظل مرتبطاً بشروره وسحره. مرارة = لقد كان من يراه فى شهرته وقوته وماله يظنه سعيداً. لكن الحقيقة أن كل من يبتعد عن الله يكون فى مرارة داخلية.

آية (24):-

فأجاب سيمون وقال اطلبا أنتما إلى الرب من اجلي لكي لا يأتي علي شيء مما ذكرتما.

يا ليته صلى هو وطلب ولكنه كان متردداً منقسم القلب بين الله وبين شروره وبين سحره. وواضح أنه لم يقرر قراراً واضحاً أن يتوب ويعود لله. ولكنه خاف من تحذيرات بطرس وطلب منه أن يصلى ليرفع الله اللعنات عنه لكنه لم ينوى فى قلبه ترك سحره، ولم يكن ينوى أن يصلى هو نفسه.

آيات (26-28) :-

ثم أن ملاك الرب كلم فيلبس قائلا قم واذهب نحو الجنوب على الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة التي هي برية. فقام وذهب وإذا رجل حبشي خصي وزير لكنداكة ملكة الحبشة كان على جميع خزائنها فهذا كان قد جاء إلى أورشليم ليسجد. وكان راجعا وجالسا على مركبته وهو يقرا النبي اشعياء.

غزة التى هى برية= هناك غزة قديمة خربها المكابيون سنة 93 ق.م وهى بعيدة عن البحر. ولما أعيد بناؤها بنوها على البحر. وكانت غزة الجديدة تبعد عن القديمة 2.5 ميل. وقوله التى هى برية يشير للقديمة المخربة. وكانت غزة القديمة هى التى توجد على طريق مصر الذى أتى منه الخصى الحبشى. وهنا نرى ملاك يرشد فيلبس للعمل المكلف به بل بعد أن ينهى مهمته سيخطفه الروح ويعود به، وهذا ما حدث مع إيليا فقط 1 مل 12:18 ونلاحظ أهمية الدور الإنسانى فالملاك لم يشرح للخصى مباشرة بل أتى له بفيلبس. وكان ملك الحبشة يُقَدَّسْ كإله ولا يتدخل فى السياسة فهو شخصية روحية. والذى يحكم البلاد هى الملكة الأم وكان لقبها الدائم لكل الملكات هو كنداكة. وكانت الحبشة تبدأ من النوبة. وكان هذا الخصى وزيراً للمالية. وهو يهودى مهتم بدراسة التوراة حتى وهو مسافر فى مركبته. وهذا يوضح أن اليهودية كانت متأصلة فى الحبشة. ونرى أن الروح القدس يُلهم الوزير الحبشى أن يقرأ فى سفر إشعياء ثم يأمر فيلبس أن يرافقه ليشرح له ما عسر عليه فهمه وذلك لتؤمن نفس واحدة بالمسيح. فالله يهتم بنا نفساً نفساً. وقد يكون هذا الوزير مبشراً للحبشة.

خصى= تعنى مركزاً سامياً ولم يكن شرطاً أن يكون كذلك.

 

آيات (29-35) :-

فقال الروح لفيلبس تقدم ورافق هذه المركبة. فبادر إليه فيلبس وسمعه يقرا النبي اشعياء فقال العلك تفهم ما أنت تقرا. فقال كيف يمكنني أن لم يرشدني أحد وطلب إلى فيلبس أن يصعد ويجلس معه. وأما فصل الكتاب الذي كان يقراه فكان هذا مثل شاة سيق إلى الذبح ومثل خروف صامت أمام الذي يجزه هكذا لم يفتح فاه. في تواضعه انتزع قضاؤه وجيله من يخبر به لان حياته تنتزع من الأرض. فأجاب الخصي فيلبس وقال اطلب إليك عن من يقول النبي هذا عن نفسه أم عن واحد أخر. ففتح فيلبس فاه وأبتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع.

ربما توقفت المركبة بتدبير من الروح القدس ليركب فيلبس المركبة لاحظ أنه لمجرد تفكير الخصى فى معنى الأيات يرسل الله فيلبس له ليشرح المعنى ويقيناً لو رفع رئيس الكهنة اليهودى رأسه للسماء ليتساءل من هو المسيح لأجابه الله، وكل من يبحث عن الحق يستجيب له الله. وسمعه يقول= كانوا قديماً يقرأون بصوت عال حتى لو فى غرفهم الخاصة. وقد ورد فى إعترافات اغسطينوس عبارة تقول أنه يتعجب على القديس امبروسيوس كيف يقرأ وهو صامت.

وهذا الفصل الذى كان يقرأه الخصى الحبشى حيَّر اليهود وما زال يحيرهم عمن هو هذا الخروف المذبوح

( أش 7:53،8 ولكن من الترجمة السبعينية ) وكان هذا الإصحاح لا يُفهم قبل الصليب. وصار واضحاً بعد الصليب. غامضاً لمن أنكر الصليب ورفض المصلوب كاليهود. والمعمدان أخر أنبياء العهد القديم قال عن المسيح حمل الله الذى يرفع خطية العالم يو 29:1

إنتزع قضاؤه= أى خسر قضيته إذ حكم عليه الرؤساء بالصلب.

من تواضعه= أى فى حال وجوده فى الجسد لم يجد من ينتصر له فى القضاء.

وجيله من يخبر به= تعنى أن من رأى المسيح وهو يتألم على الصليب هل يمكن أن يتخيل أحد أن هذا هو المسيح وأنه ابن الله وأنه سيقوم ليجلس فى مجد أبيه وعن يمين الله وأنه سيؤسس كنيسته التى هى جسده وستشمل كل العالم ويعطيها مجده ويغفر خطاياها، هل كان احد يتصور ان تكون كنيسته بكل هذا الحجم.

آيات (36-37) :-

وفيما هما سائران في الطريق اقبلا على ماء فقال الخصي هوذا ماء ماذا يمنع أن اعتمد. فقال فيلبس أن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز فأجاب وقال أنا أومن أن يسوع المسيح هو ابن الله.

من المؤكد أن فيلبس شرح للخصى أن المعمودية هى موت وقيامة مع المسيح ولننال القيامة الثانية فى المجد، ولننال غفران خطايانا. فطلبها إذ رأى ماء. ولا معمودية بدون إيمان، لذلك أعلن الخصى إيمانه.

آيات (38-39) :-

فأمر أن تقف المركبة فنزلا كلاهما إلى الماء فيلبس والخصي فعمده. ولما صعدا من الماء خطف روح الرب فيلبس فلم يبصره الخصي أيضا وذهب في طريقه فرحا.

لاحظ فرح الخصى. فهذا دليل عمل الروح القدس، كما عمل فى أهل السامرة. ولكن الكتاب لم يذكر أنه نال موهبة الروح القدس، فهذه ليست من إختصاص فيلبس. ولكن الروح القدس الذى دبر كل هذا لأجل الخصى من المؤكد انه دبر بعد ذلك وضع اليد، فالله لا يترك عمله ناقصاً. ولما صعدا= فالمعمودية بالتغطيس. ولاحظ أهمية المعمودية فلم يكتفى بالإيمان.

آية (40) :-

وأما فيلبس فوجد في اشدود وبينما هو مجتاز كان يبشر جميع المدن حتى جاء إلى قيصرية.

الروح حمل فيلبس إلى أشدود على مسافة 20 ميل من غزة شمالاً وإستمر يبشر حتى قيصرية. وكون الروح يحمل فيلبس فهذا يعنى أن الجسد لم تعد له السيادة بل الروح، هو يوجد إينما شاء الروح.

ونلاحظ أن فيلبس أنهى عمله إذ شرح للخصى الحبشى أن المسيح قد جاء لأن الخصى الحبشى كان دارساً للأنبياء، عارفاً كل شئ، وكان هذا ما ينقصه

1) أن يعرف أن المسيح قد جاء.

2) أن يعتمد


 

لإصحاح التاسع

آيات (1-31) :-

أما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب فتقدم إلى رئيس الكهنة. وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات حتى إذا وجد أناسا من الطريق رجالا أو نساء يسوقهم موثقين إلى أورشليم. وفي ذهابه حدث انه اقترب إلى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من أنت يا سيد فقال الرب أنا يسوع الذي أنت تضطهده صعب عليك آن ترفس مناخس. فقال وهو مرتعد ومتحير يا رب ماذا تريد أن افعل فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل. وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحدا. فنهض شاول عن الأرض وكان وهو مفتوح العينين لا يبصر أحدا فاقتادوه بيده وادخلوه إلى دمشق. وكان ثلاثة أيام لا يبصر فلم يأكل ولم يشرب. وكان في دمشق تلميذ اسمه حنانيا فقال له الرب في رؤيا يا حنانيا فقال هانذا يا رب. فقال له الرب قم واذهب إلى الزقاق الذي يقال له المستقيم واطلب في بيت يهوذا رجلا طرسوسيا اسمه شاول لأنه هوذا يصلي. وقد رأى في رؤيا رجلا اسمه حنانيا داخلا وواضعا يده عليه لكي يبصر. فأجاب حنانيا يا رب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم من الشرور فعل بقديسيك في أورشليم. وههنا له سلطان من قبل رؤساء الكهنة أن يوثق جميع الذين يدعون باسمك. فقال له الرب اذهب لان هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي إمام أمم وملوك
وبني إسرائيل. لاني سأريه كم ينبغي أن يتألم من اجل اسمي. فمضى حنانيا ودخل البيت

ووضع عليه يديه وقال أيها الأخ شاول قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس. فللوقت وقع من عينيه شيء كأنه قشور فابصر في الحال وقام واعتمد. وتناول طعاما فتقوى وكان شاول مع التلاميذ الذين في دمشق أياما. وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح أن هذا هو ابن الله. فبهت جميع الذين كانوا يسمعون وقالوا أليس هذا هو الذي اهلك في أورشليم الذين يدعون بهذا الاسم وقد جاء إلى هنا لهذا ليسوقهم موثقين إلى رؤساء الكهنة. وأما شاول فكان يزداد قوة
ويحير اليهود الساكنين في دمشق محققا أن هذا هو المسيح. ولما تمت أيام كثيرة تشاور اليهود ليقتلوه. فعلم شاول بمكيدتهم وكانوا يراقبون الأبواب أيضا نهارا وليلا ليقتلوه. فأخذه التلاميذ ليلا وأنزلوه من السور مدلين إياه في سل. ولما جاء شاول إلى أورشليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين انه تلميذ. فأخذه برنابا وأحضره إلى الرسل وحدثهم كيف ابصر الرب في الطريق وانه كلمه وكيف جاهر في دمشق باسم يسوع. فكان معهم يدخل ويخرج في أورشليم ويجاهر باسم الرب يسوع.
وكان يخاطب ويباحث اليونانيين فحاولوا أن يقتلوه. فلما علم الاخوة احدروه إلى قيصرية وأرسلوه إلى طرسوس. وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر.

فى قصة حياة بولس الرسول

آيات (32-35) :-

وحدث أن بطرس وهو يجتاز بالجميع نزل أيضا إلى القديسين الساكنين في لده. فوجد هناك إنساناً اسمه اينياس مضطجعا على سرير منذ ثماني سنين وكان مفلوجا. فقال له بطرس يا اينياس يشفيك يسوع المسيح قم وافرش لنفسك فقام للوقت. ورآه جميع الساكنين في لده وسارون الذين رجعوا إلى الرب.

لدة= على الطريق بين أشدود وقيصرية. وهذا الطريق بدأ الكرازة فيه فيلبس (راجع 40:8) وها بطرس يسير فى نفس الطريق ليضع عليهم اليد ويثبت إيمانهم، الذين آمنوا، ويجذب آخرين بمعجزات شفاء باهرة. سارون= مدينة يتاخمها سهل شارون وهى أرض خصبة ممتدة حتى جبل الكرمل. ولاحظ فى آية 32 أن المؤمنين يسمون قديسين وهذا هو هدف الإيمان بالمسيح.

آيات (36-42):-

وكان في يافا تلميذة اسمها طابيثا الذي ترجمته غزالة هذه كانت ممتلئة أعمالا صالحة وإحسانات كانت تعملها. وحدث في تلك الأيام أنها مرضت وماتت فغسلوها ووضعوها في علية. وإذ كانت لده قريبة من يافا وسمع التلاميذ أن بطرس فيها أرسلوا رجلين يطلبان إليه أن لا يتوانى عن أن يجتاز إليهم. فقام بطرس وجاء معهما فلما وصل صعدوا به إلى العلية فوقفت لديه جميع الأرامل يبكين ويرين اقمصة وثيابا مما كانت تعمل غزالة وهي معهن. فاخرج بطرس الجميع خارجا وجثا على ركبتيه وصلى ثم التفت إلى الجسد وقال يا طابيثا قومي ففتحت عينيها ولما أبصرت بطرس جلست. فناولها يده وأقامها ثم نادى القديسين والأرامل وأحضرها حية. فصار ذلك معلوما في يافا كلها فأمن كثيرون بالرب.

يافا= شمال غرب لدَّة.

طابيثا= كانت خادمة فى الكنيسة للمحتاجين والأرامل كخياطة تخدم بمحبة وإيمان. غسلوها= عند اليهود لهذا معنى تطهير الميت بالماء.

أقمصة= هى أردية خارجية لذلك نَسْمعْ أن فى يوم الشعانين فرشوا القمصان أمام المسيح، أماّ الآن فالقميص يلبس من داخل الثياب. وإستدعاء بطرس ليقيم طابيثا فيه إيمان قوى بالمسيح وإستهتار بالموت وثقة فى بطرس. وبطرس فعل ما فعله المسيح تماماً يو 12:14. وهم رأوا فى قيامة طابيثا سلطان المسيح القائم من الأموات على ان يقيم الموتى ويحييهم.

جثو بطرس وصلاته هما إستدعاء للقوة الإلهية ليقيم ميتة من موتها.

آية (43) :-

ومكث أياما كثيرة في يافا عند سمعان رجل دباغ.

رجل دبّاغ= الدباغة مهنة غير طاهرة عند اليهود، وكل ما فى بيت الدباغ يعتبر غير طاهر، لأن الدباغة هى لجلود حيوانات ميتة، ولوقا إستلفت نظره إقامة بطرس عند رجل دبّاغ، ومعنى هذا أن مفاهيمه اليهودية بدأت تتغير.


 

الإصحاح العاشر

بعد أن إمتدت الكرازة من أورشليم إلى اليهودية ثم إلى السامرة جاء الدور على الأمم.

آية (1) :-

وكان في قيصرية رجل اسمه كرنيليوس قائد مئة من الكتيبة التي تدعى الايطالية.

قائد مئة = تحت إمرته 100 جندى. والكتيبة الإيطالية= من 600 - 1000 جندى. ونلاحظ أن قادة المئة فى العهد الجديد سمعتهم حسنة لو 47:23 + لو 1:7-9

آيات (2) :-

وهو تقي وخائف الله مع جميع بيته يصنع حسنات كثيرة للشعب ويصلي إلى الله في كل حين.

التقوى جاءت للأمم من معاشرتهم لليهود الأتقياء. وقائد المئة هذا ترك وثنيته وعبد الله لكنه لم يتهود. يصلى كل حين= أى فى مواعيد صلاة اليهود كان دائماً يصلى تاركاً حياة الخلاعة والملذات الفارغة، ومثل هذا لا يتركه الله. ولاحظ أنه عَلّمَ أهل بيته التقوى.

آيات (3-6):-

فرأى ظاهرا في رؤيا نحو الساعة التاسعة من النهار ملاكا من الله داخلا إليه وقائلا له يا كرنيليوس. فلما شخص إليه ودخله الخوف قال ماذا يا سيد فقال له صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارا أمام الله. والان أرسل إلى يافا رجالا واستدع سمعان الملقب بطرس. انه نازل عند سمعان رجل دباغ بيته عند البحر هو يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل.

الساعة التاسعة = هى الثالثة بعد الظهر. وفيها تقدم ذبيحة المساء. صلواتك وصدقاتك صعدت= صعَدتْ كلمة تقال فى صعود البخور أو دخان ذبيحة المحرقة (ولاحظ أن الوقت تقديم ذبيحة المحرقة) عب 15:13،16 + مز 2:141. وهل بعد هذه الآية ينكرا أحد أهمية الأعمال. هذا الإنسان جاهد وكان باراً فى أعماله لذلك يقوده الله للبر الذى فى المسيح لأنه يستحق، ولأنه يستحق ظهر له ملاك، لكن الملاك لم يعلمه شئ فهذا عمل خدام الكلمة فى الكنيسة (بطرس).

تذكاراً أمام الله= هذه تقال عن تقدمه الدقيق. وبهذا نفهم أن الصلوات والصدقات لها نفس مفعول الذبائح والقرابين.

بيته عند البحر= فدباغة الجلود تحتاج لمياه كثيرة، لذلك يقيم الدباغ عند البحر.

آيات (7-8):-

فلما انطلق الملاك الذي كان يكلم كرنيليوس نادى اثنين من خدامه وعسكريا تقيا من الذين كانوا يلازمونه. واخبرهم بكل شيء وأرسلهم إلى يافا.

لقد تحققت نبوة يوئيل وها العالم يرى رؤى وأحلام وملائكة. هو أرسل لبطرس ليكرز للبيت كله. أخبرهم بكل شئ= من فرحته أشركهم معه.

آيات (9-14):-

ثم في الغد فيما هم يسافرون ويقتربون إلى المدينة صعد بطرس على السطح ليصلي نحو الساعة السادسة. فجاع كثيرا واشتهى أن يأكل وبينما هم يهيئون له وقعت عليه غيبة. فرأى السماء مفتوحة وإناء نازلا عليه مثل ملاءة عظيمة مربوطة بأربعة أطراف ومدلاة على الأرض. وكان فيها كل دواب الأرض والوحوش والزحافات وطيور السماء. وصار إليه صوت قم يا بطرس اذبح وكل. فقال بطرس كلا يا رب لاني لم أكل قط شيئا دنسا أو نجسا.

كان بين مدينه يافا وقيصرية حوالى 30ميلاً. والرؤيا التى رآها بطرس متناسبة مع حالته فهى خاصة بالأكل بينما هو جائع ويفكر فى الطعام. ونلاحظ أن الله يدعوه لأكل حيوانات هى بحكم الشريعة اليهودية تعتبر محرمة. ونلاحظ أن اليهود ما كانوا يأكلون مع الأمم ولا يدخلون بيوتهم لئلا يكونوا مضطرين للأكل من هذه اللحوم المحرمة. بهذا الفكر فلو دعاه كرنيليوس ليذهب عنده فى بيت كرنيليوس لرفض بطرس. لذلك يطمئنه الله بأنه ليس هناك محرمات فى المسيحية، وهذا ما سبق المسيح وعلَّم به مر 15:7 إلاّ أنهم لم يدركوا هذا فى ذلك الوقت. والله يرتب الأمور بحكمة. فبينما جنود كرنيليوس فى الطريق يرى بطرس رؤيا تشجعه على قبول الأمم، بعد أن أدخله الله فى غيبة.

الدنس= قد تشمل الحيوانات المحرمة وقد تشمل الوثنيين الذين لا يعبدون الله وكلاهما يمتنع التعامل معه تماماً أو الإقتراب منه، فالدنس هو ما لا يتطهر أبداً فى مفهوم اليهود. وكان اليهود يفهمون أنهم وحدهم الطاهرين وكل ما عداهم دنس. نجس= هو ما يمكن أن يتطهر. فلمس الميت مثلاً نجاسة لكن من يتنجس بلمس ميت يتطهر فى المساء بأن يستحم بماء. فالنجس هو ما لم يتطهر لكن يمكن تطهيره.وطبعاً واضح مفهوم بطرس أن الأمم لا يمكن التعامل معهم ولا قبولهم فى الإيمان لذلك يصحح الله لبطرس هذا المفهوم من خلال رؤيا، ولولا ذلك لما قبل التعامل معهم. السماء مفتوحة= لكل البشر حتى من كان منهم كالوحوش (شاول الطرسوس) = أربعة أطراف= رقم يشير إلى العمومية أى لكل العالم.

آيات (15-16):-

فصار إليه أيضا صوت ثانية ما طهره الله لا تدنسه أنت. وكان هذا على ثلاث مرات ثم ارتفع الإناء أيضا إلى السماء.

لا تدنسه أنت = الله سيقبل الأمم ويطهرهم بالمعمودية التى تكتسب قوتها بدم المسيح، فلماذا يرفضهم بطرس ويحسبهم دنسين. إرتفع الإناء إلى السماء= فما لم يقبله بطرس قبلته السماء. فالكنيسة كلها (الملاءة) مكانها السماء والكل مدعو للسماء، والله لم يدع بطرس ليأكل ما هو دنس إلاّ لأن الله قد طهره أولاً. وهذا ما فهمه بطرس بعد ذلك فقال عن الأمم ان الله طهر بالإيمان قلوبهم ( أى بدم المسيح) أع 9:15. والتكرار 3 مرّات للتأكيد أن هذا محل إهتمام الله، وإشارة لأن التطهير يشترك فيه الآب والابن والروح القدس، أى الثالوث وأن التطهير يكون بالقيامة.

آيات (17-20):-

وإذ كان بطرس يرتاب في نفسه ماذا عسى أن تكون الرؤيا التي رآها إذا الرجال الذين أرسلوا من قبل كرنيليوس وكانوا قد سألوا عن بيت سمعان وقد وقفوا على الباب.
ونادوا يستخبرون هل سمعان الملقب بطرس نازل هناك. وبينما بطرس متفكر في الرؤيا قال له الروح هوذا ثلاثة رجال يطلبونك. لكن قم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شيء لاني أنا قد أرسلتهم.

نرى هنا التوقيت المحكم للرؤيا، ولعمل الروح مع بطرس مع وصول رجال كرنيليوس. ونلاحظ انه حتى الآن فالذى يخاطب بطرس والذى يخاطب كرنيليوس ملاك. فالروح لم يحل بعد على كرنيليوس أو على الأمم. ولاحظ أن الله قبل أن يرسل بطرس يقنعه ويزيل الشك من قلبه، ليبدأ الخدمة مع الأمم بإقتناع
(أر 7:20).

آيات (21-23):-

فنزل بطرس إلى الرجال الذين أرسلوا إليه من قبل كرنيليوس وقال ها أنا الذي تطلبونه ما هو السبب الذي حضرتم لأجله. فقالوا أن كرنيليوس قائد مئة رجلا بارا وخائف الله
ومشهودا له من كل آمة اليهود أوحى إليه بملاك مقدس أن يستدعيك إلى بيته ويسمع منك كلاما. فدعاهم إلى داخل واضافهم ثم في الغد خرج بطرس معهم وأناس من الاخوة الذين من يافا رافقوه.

هنا فهم بطرس معنى الرؤيا التى رآها. والإخوة الذين رافقوا بطرس كانوا ستة من أهل الختان (12:11) وبطرس أخذهم ربما كشهود لما سوف يحدث.مشهوداً له من كل أمة اليهود=بل من السماء الآن.

آيات (24-27):-

وفي الغد دخلوا قيصرية وأما كرنيليوس فكان ينتظرهم وقد دعا انسباءه وأصدقاءه الاقربين. ولما دخل بطرس استقبله كرنيليوس وسجد واقعا على قدميه. فأقامه بطرس قائلا قم أنا أيضا إنسان. ثم دخل وهو يتكلم معه ووجد كثيرين مجتمعين.

دعا أنسباؤه= من يتلقى دعوة من الله يفرح بأن يدعو لها أخرين وهكذا فعلت السامرية، وفيلبس أخبر نثنائيل يو 41:1-45. وبهذا نفهم مفهوم الوحدة فى الكنيسة فمن يتعامل معه الروح القدس يعطيه حباً لكل الناس وإشتياقاً لخلاصهم كما تقول عروس النشيد " اجذبني وراءك فنجري " (نش 4:1) ونلاحظ أن القائد الرومانى كانت أقصى تحية له هى أن يحنى رأسه ولكن هنا يسجد لمن أرسله الله. وبطرس طلب السجود لله وليس له.

آيات (28-29):-

فقال لهم انتم تعلمون كيف هو محرم على رجل يهودي أن يلتصق بأحد أجنبي أو يأتي إليه وأما أنا فقد أراني الله أن لا أقول عن إنسان ما انه دنس أو نجس. فلذلك جئت من دون مناقضة إذ استدعيتموني فإستخبركم لأي سبب استدعيتموني.

الله منع اليهود من التعامل مع الأمم (الزواج منهم أو دخول فى معاهدات معهم) حتى لا تنتقل إليهم وثنيتهم أو عاداتهم الأخلاقية الرديئة، ولكى لا يأكلوا من الممنوعات ( حيوانات دنسة أو مخنوقة ) واليهود فسروا هذا بمنع أى تعامل مع الأمم. والأمم عموماً كانوا غارقين فى الشر سواء فى عباداتهم أو فى حياتهم وسلوكهم. ولكن الآن بعد أن طهر الله الجميع، صار كل المؤمنين يكونون الكنيسة الجامعة أى الملاءة. وبطرس فهم أن كرنيليوس رأى هو الآخر رؤيا وهنا يسأله ماذا رأيت = لأى سبب إستدعيتمونى.

آيات (30-33):-

فقال كرنيليوس منذ أربعة أيام إلى هذه الساعة كنت صائما وفي الساعة التاسعة كنت اصلي في بيتي وإذا رجل قد وقف أمامي بلباس لامع. وقال يا كرنيليوس سمعت صلاتك
وذكرت صدقاتك أمام الله. فأرسل إلى يافا واستدع سمعان الملقب بطرس انه نازل في بيت سمعان رجل دباغ عند البحر فهو متى جاء يكلمك. فأرسلت إليك حالا وأنت فعلت حسنا إذ جئت والان نحن جميعا حاضرون أمام الله لنسمع جميع ما أمرك به الله.

هنا نرى أول إجتماع لكنيسة أممية. ولاحظ أن الأمم هم الذين إستدعوا الرسل قبل أن يذهب الرسل للأمم.

منذ أربعة أيام= فى اليوم الأول رأى الملاك وفى اليوم الثانى وصل رسله إلى يافا. وفى اليوم الثالث إستضافهم بطرس لديه. وفى اليوم الرابع عادوا مع بطرس إلى قيصرية.

آيات (34-35):-

ففتح بطرس فاه وقال بالحق أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه. بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده.

لا يقبل الوجوه = المعنى المحاباة لمجرد الوجه أى الشخص فى حد ذاته وذلك لأن الله يريد ان الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. فبطرس فهم من رؤيا الملاءة أنه لا ميزة لليهودى عن الأممى وأن الله لا يحابى اليهودى على حساب الأممى. يصنع البر= أى يعمل أعمالاً صالحة (مثل كرنيليوس) صلوات وصدقات.

آية (36):-

الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشر بالسلام بيسوع المسيح هذا هو رب الكل.

الله أرسل الكلمة إبنه لبنى إسرائيل يبشر بأن السلام سيكون بيسوع المسيح لكل من يؤمن بيسوع المسيح.

آية (37):-

انتم تعلمون الأمر الذي صار في كل اليهودية مبتدئا من الجليل بعد المعمودية التي كرز بها يوحنا.

بطرس هنا يسرد قصه المسيح أول ما ظهر فى يوم عماده فى اليهودية ثم ذهابه إلى الجليل ليبدأ كرازتة

آية (38):-

يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لان الله كان معه.

مسحة الله بالروح القدس= أى يوم حلّ عليه الروح القدس يوم عماده، فأعلن يومها الله انه المسيا، وسيكون مؤيداً بالروح القدس والقوة. ثم جال المسيح يعلم ويصنع المعجزات. والمذكور هنا سرد سريع مختصر جداً لحياة المسيح. ولكن يُفهم أن بطرس يكلم أناساً عارفين سيرة المسيح وقصته ولكن لأنه يكلم أمم فهو لم يستخدم النبوات فهم لا يعرفون عنها شيئاً.

آيات(39-43):-

ونحن شهود بكل ما فعل في كوره اليهودية وفي أورشليم الذي أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبه. هذا أقامه الله في اليوم الثالث وأعطى أن يصير ظاهرا. ليس لجميع الشعب بل لشهود سبق الله فانتخبهم لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات.
وأوصانا أن نكرز للشعب ونشهد بان هذا هو المعين من الله ديانا للأحياء والأموات. له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا.

كل من يؤمن به ينال بإسمه غفران الخطايا= كل تشمل إذاً الأمم ويفهم من هذا أيضاً أن كل من لا يؤمن لا تغفر له خطاياه. وهنا نرى القيامة حقيقية وليست خيالية، فالمسيح أكل وشرب مع رُسُلهِ. ولكن المسيح أكل وشرب ليثبت أنه له جسد وأنه ليس خيال، لكن كان ذلك عن دون إحتياج. ففى القيامة، فالأجساد المقامة لن تكون بحاجة للأكل والشرب.

دياناً للأحياء والأموات= الأحياء هم الأحياء عند مجئ المسيح والأموات هم الذين سبق وماتوا. أو الأحياء هم الأبرار والأموات هم الأشرار. ونلاحظ أن المسيح الذى صارت له طبيعتنا البشرية هو الذى يدين، فهو قد شعر بضعفاتنا، فهو إبن الله وإبن الإنسان فى وقت واحد. وهو يشعر عن إختبار بما يستحقه الإنسان من قضاء أو رحمة عب 18:2 + يو 27:5،22 + رو 34:8. له يشهد جميع الأنبياء= السامعين يعرفون أن لليهود أنبياء ولكنهم غير دارسين لهذه النبوات لذلك تحاشى بطرس ذكر النبوات.

آية (44):-

فبينما بطرس يتكلم بهذه الأمور حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة.

بشهادة بطرس تم إعداد كرنيليوس ومن معه كأنية صالحة لإنسكاب الروح القدس، إذا أعدهم بطرس لأن يعرفوا المسيح ويؤمنوا به مخلصاً وفادياً. وكما حل الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين حلَّ على كرنيليوس ومن معه إعلاناً لقبول الله للأمم. وهذا ما شهد به بطرس أن الروح القدس حلَّ من نفسه وبطرس يتكلم أع 15:11-17 + 8:15. والله فعل هذا دون وضع يد إعلاناً لأنه قبل الأمم وليختفى كل شك من نفس بطرس فى موضوع قبول الأمم. وهكذا إختار الله بولس وظهر له وهو غير مُعَمَّدْ ليكون رسولاً للأمم. ولكن حلول الروح القدس من نفسه دون وضع يد، وظهور المسيح لشاول الطرسوسى لم يمنع المعمودية فى كلا الحالتين. ومن هنا نفهم أهمية المعمودية. وكون الروح حلَّ على كرنيليوس دون وضع يد فهذا وضع استثنائى ليعلن الله قبوله للأمم أمام رسوله الذى ما زال غير مصدقاً أن الله قبل الأمم. بل لو كان بطرس قد عمدهم وقبلهم دون أن ينسكب عليهم الروح، ودون أن يرى مرافقوه الستة (12:11) ما حدث بعيونهم، ربما كانوا قد خاصموا بطرس نهائياً وحدث إنشقاق فى الكنيسة، ولرفضوا التعامل معه تماماً. فحتى لو كان بطرس ناوياً ان يعمدهم فأهل الختان أى المسيحيين من أصل يهودى كانوا سوف يصرون على الرفض ولربما طلبوا تهودهم أولاً قبل عمادهم.

آيات (45-46):-

فاندهش المؤمنون الذين من أهل الختان كل من جاء مع بطرس لان موهبة الروح القدس قد انسكبت على الأمم أيضا. لأنهم كانوا يسمعونهم يتكلمون بالسنة ويعظمون الله حينئذ أجاب بطرس.

حلول الروح غير مرئى لكن ليعلن الله إنسكاب الروح على الأمم أعطاهم موهبة الألسنة كشئ مملوس وأيضاً كما حدث مع الرسل أنفسهم ليتأكد الجميع أن الله قبل الجميع، والكل سواء يهوداً أو أمم. يعظمون الله= هذا ما كان يفعله سوى اليهود فقط. أماّ الآن فمن حل عليه الروح القدس يكون عمله الشهادة لله وتمجيد إسم الله وتسبيح الله.

آيات (46-47):-

لأنهم كانوا يسمعونهم يتكلمون بالسنة ويعظمون الله حينئذ أجاب بطرس. أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضا.

حينما رأى بطرس ما حدث تجرأ وعَمَّدَ أمميين لأول مرة. وهذه الآية موجهة لمن ينكر أهمية المعمودية فى الماء فهؤلاء حل عليهم الروح القدس لكنهم إحتاجوا للمعمودية.

آية (48):-

وأمر أن يعتمدوا باسم الرب حينئذ سألوه أن يمكث أياما.

يعتمدوا بإسم الرب= هو إختصار لأن المعمودية تكون بإسم الثالوث مت 19:28. ولكن الوقت ليس مناسباً لشرح طبيعة الله والثالوث أمام هؤلاء المؤمنين الجدد. فإسم الرب هنا ينوب عن الثالوث. أمر أن يعتمدوا= ربما إمتنع بطرس وبولس بعض الوقت أن يعمدوا حتى لا تحدث تحزبات وشقاقات 1كو 14:1،15
سألوه أن يمكث أياماً= ليسمعوا المزيد عن المسيح ويتعلموا ويقيم لهم قداسات ويتناولوا.


 

الإصحاح الحادى عشر

آيات (1-3) :-

فسمع الرسل والاخوة الذين كانوا في اليهودية أن الأمم أيضا قبلوا كلمة الله. ولما صعد بطرس إلى أورشليم خاصمه الذين من أهل الختان. قائلين انك دخلت إلى رجال ذوي غلفة
وأكلت معهم.

أخبار قبول الأمم وما عمله بطرس سبقت بطرس إلى أورشليم فتهيج المتعصبون لليهودية من المسيحيين. ولما صعد بطرس خاصموه ليس لأنه بشرهم لكن لأنه أكل معهم. هذا يكشف عن مدى كراهية اليهود للأمم فبعد أن تعمد هؤلاء اليهود وصاروا مسيحيين ظلوا على تعصبهم لليهودية. ومن تعصبهم أرادوا وضع شرط الختان للأمم ليتهودوا قبل أن يصيروا مسيحيين، بل ويتبعوا كل العوائد اليهودية.

آيات (4-18):-

فابتدأ بطرس يشرح لهم بالتتابع قائلا. أنا كنت في مدينة يافا اصلي فرأيت في غيبة رؤيا إناء نازلا مثل ملاءة عظيمة مدلاة بأربعة أطراف من السماء فأتى إلى. فتفرست فيه متأملا فرأيت دواب الأرض والوحوش والزحافات وطيور السماء. وسمعت صوتا قائلا لي قم يا بطرس اذبح وكل. فقلت كلا يا رب لأنه لم يدخل فمي قط دنس أو نجس. فأجابني صوت ثانية من السماء ما طهره الله لا تنجسه أنت. وكان هذا على ثلاث مرات ثم انتشل الجميع إلى السماء أيضا. وإذا ثلاثة رجال قد وقفوا للوقت عند البيت الذي كنت فيه مرسلين إلى من قيصرية. فقال لي الروح أن اذهب معهم غير مرتاب في شيء وذهب معي أيضا هؤلاء الاخوة الستة فدخلنا بيت الرجل. فاخبرنا كيف رأى الملاك في بيته قائما وقائلا له أرسل إلى يافا رجالا واستدع سمعان الملقب بطرس. وهو يكلمك كلاما به تخلص أنت وكل بيتك. فلما ابتدأت أتكلم حل الروح القدس عليهم كما علينا أيضا في البداءة. فتذكرت كلام الرب كيف قال أن يوحنا عمد بماء وأما انتم فستعمدون بالروح القدس. فان كان الله قد أعطاهم الموهبة كما لنا أيضا بالسوية مؤمنين بالرب يسوع المسيح فمن أنا اقادر أن امنع الله. فلما سمعوا ذلك سكتوا وكانوا يمجدون الله قائلين إذا أعطى الله الأمم أيضا التوبة للحياة.

هذه القصة تتكرر، قصة ما حدث لكرنيليوس إعلاناً لقبول الله للأمم. أعطى الله التوبة للحياة= إذاً الله يعطى للإنسان أن يتوب فإن تاب تكون له حياة. لذلك يقول النبى أرمياء توبنى فأتوب أر18:31. وبذلك نفهم أننا لا يمكننا أن نتوب بدون معونة الله فالتوبة ليست عملاً إنسانياً فقط، ولا إلهياً فقط، بل هى عمل مشترك، الله يدعو ويعين ويقنع بالتوبة والإنسان يقرر طريقه.

آية (19):-

أما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا إلى فينيقية وقبرس وإنطاكية وهم لا يكلمون أحدا بالكلمة إلا اليهود فقط.

أماّ الذين تشتتوا= بعد حادثة رجم إسطفانوس.

إنطاكية= تكونت فيها أول كنيسة للأمم، لقد بدأت الكنيسة تمتد للأمم بعد كرنيليوس فبعد أن بدأت الكنيسة فى أورشليم رأينا أنها إمتدت إلى السامرة وها هى تنمو فى إنطاكية تماماً كما قال السيد المسيح. وصارت إنطاكية هى الكنيسة الأم الثانية بعد أورشليم. وخرجت من إنطاكية بعثات تبشيرية لكل الإمبراطورية الرومانية. وإنطاكية من حيث المساحة والأهمية تأتى فى المرتبة الثالثة بعد روما والإسكندرية. وبحسب التقليد كان بطرس أول أسقف على إنطاكية. وفى بداية القرن الثانى كان أسقفها هو الشهيد إغناطيوس. وصارت إنطاكية مع روما والإسكندرية وأورشليم ثم القسطنطينية أهم كراسى رسولية فى العالم. وكانت لمدة طويلة عاصمة لسوريا. وبدأت المسيحية فى إنطاكية على يد المؤمنين الذين آمنوا يوم الخمسين ثم إزدادوا مع زيادة عدد مؤمنى الشتات بعد الإضطهاد الذى أثاره شاول الطرسوسى ضد المسيحيين فى أورشليم.

آيات (20-21):-

ولكن كان منهم قوم وهم رجال قبرسيون وقيروانيون الذين لما دخلوا إنطاكية كانوا يخاطبون اليونانيين مبشرين بالرب يسوع. وكانت يد الرب معهم فأمن عدد كثير ورجعوا إلى الرب.

رجال قبرسيون= كان أشهرهم برنابا (36:4،37). والقيروانيون ومنهم سمعان القيروانى مر 21:15. يخاطبون اليونانيون= الوثنيون وهؤلاء كان منهم أتقياء يحبون حضور مجامع اليهود وسماع تعاليمهم وصلواتهم وهؤلاء كان قبولهم للمسيحية أسهل وأسرع. وكانت محاولات المتهودين شديدة فى إنطاكية لتهويد المؤمنين المسيحيين أولاً. ولهذا صعد بعد ذلك ممثلين عن إنطاكية مع بولس وبرنابا لبحث المشكلة مع الرسل فى أورشليم (أع 15).

آية (22):-

فسمع الخبر عنهم في آذان الكنيسة التي في أورشليم فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى إنطاكية.

كنيسة أورشليم الكنيسة الأم تشعر بمسئوليتها عن الكرازة فى كل مكان. وحكمة الكنيسة فى إرسال برنابا بالذات فلأنه من مواطنى قبرص ويسهل عليه فهم طبيعة اليونانيين. وإهتمام الرسل بالكنائس الوليدة كان لضمان وحدة الإيمان.

آيات (23-24):-

الذي لما أتى ورأى نعمة الله فرح ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب. لأنه كان رجلا صالحا وممتلئا من الروح القدس والإيمان فانضم إلى الرب جمع غفير.

فَرِحَ= هذا ثمر الروح القدس. وعَظَ= برنابا تعنى إبن الوعظ وغالباً فالإسم أعطى له لأنه كان دائماً يتكلم ويعظ ويعزى إخوته.

آيات (25-26):-

ثم خرج برنابا إلى طرسوس ليطلب شاول ولما وجده جاء به إلى إنطاكية. فحدث انهما اجتمعا في الكنيسة سنة كاملة وعلما جمعا غفيرا ودعي التلاميذ مسيحيين في إنطاكية أولا.

خرج برنابا = ترك برنابا إنطاكية ليذهب إلى طرسوس يبحث عن شاول ليساعده فى هذه الخدمة التى تنمو. (راجع بقية الشرح فى الجزء الخاص ببولس) ومن هنا بدأت الصداقة بين بولس وبرنابا.

آية (27):-

وفي تلك الأيام انحدر أنبياء من أورشليم إلى إنطاكية.

أنبياء= المعنى العام أنهم يعظوا بكلمة الله أع 32:15. ولكن البعض كان له موهبة التنبؤ بالمستقبل مثل أغابوس (آية 28). وهذه موهبة من مواهب الروح القدس 1كو 28:12 + 29:14 + أف 11:4. وهذا تصديق لنبوة يؤئيل 29:2. وفيلبس كان له أربع بنات عذارى يتنبأن (أع 8:21،9).

آية (28):-

وقام واحد منهم اسمه اغابوس وأشار بالروح أن جوعا عظيما كان عتيدا أن يصير على جميع المسكونة الذي صار أيضا في أيام كلوديوس قيصر.

راجع تفسير هذه الآيات فى الجزء الخاص ببولس الرسول.

آية (29):-

فحتم التلاميذ حسبما تيسر لكل منهم أن يرسل كل واحد شيئا خدمة إلى الاخوة الساكنين في اليهودية.

صدقت الكنيسة نبوة أغابوس وقاموا فوراً بتدبير اللازم. وهنا نرى الشركة الحقيقة بين الكنائس ونرى فائدة النبوات

آية (30):-

ففعلوا ذلك مرسلين إلى المشايخ بيد برنابا وشاول.

مرسلين إلى المشايخ= مشايخ تعنى كهنة فهم لم يرسلوا المعونات للرسل. فالرسل يهتمون بالخدمة التبشرية أى خدمة الكلمة وليست خدمة الموائد. وبولس لأنه يعرف معاناة كنيسة أورشليم كان مهتماً بها دائماً 1كو 1:16-4 + 2كو 1:8-15 + رو 25:15-27.


 

الإصحاح الثانى عشر

مقدمة:-

لماذا يسمح الله بإستشهاد يعقوب على يد هيرودس ويرسل ملاكاً لينقذ بطرس؟ لكل إنسان عمل معين خلقه الله ليؤديه أف 10:2. وبعد أن ينهى عمله يذهب للراحة فى السماء. ولسان حال المسيحى المؤمن لى إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح.... ولكن بقية الآية مهمة.... لكن أن أبقى ألزم لأجلكم (فى 23:1،24) فيعقوب له إشتهاء أن ينطلق ولأنه أتم عمله نقله الرب إلى الراحة، وبطرس كان له إشتهاء ان ينطلق ولكن بطرس كان مازال أمامه عمل ليؤديه لذلك أخرجه الله من السجن. قليس هيرودس أو العالم هو الذى يتحكم فى حياة أولاد الله، لكن الله الذى يسمح ويحدد متى نغادر العالم وبأى طريقة يو 19:21. هيرودس الملك= هو هيرودس أغريباس الحفيد الأكبر لهيرودس الكبير. وهو إبن شقيقة هيرودس أنتيباس الذى قطع رأس يوحنا المعمدان. وكانت أمه من عائلة المكابيين. لذلك كان له شعبية لأنه يجرى فى دمائه الدم اليهودى فالمعروف أن عائلة هيرودس أنهم أدوميين. وهيرودس هذا تربى فى روما لذلك فهو على صلة وصداقة مع كاليجولا الإمبراطور، الذى منحه لقب ملك، وملكه على ربعين. ثم أتى كلوديوس قيصر بعد كاليجولا فأعطى لهيرودس اليهودية والسامرة وبهذا صارت مملكته كمملكة هيرودس الكبير. وهذا الهيرودس كان يتودد لليهود كثيراً. لذلك بدأ إضطهاداً ضد الكنيسة، بل بدأ بالرسل أنفسهم. وربما كان ذلك لأن الرسل فتحوا الباب للأمم. وهو حاول إسترضاء اليهود بمراعاة الناموس الفريسى. وكان يقرأ التوراة فى الأعياد وإمعاناً فى هذه السياسة قتل يعقوب وحاول قتل بطرس.

آية (2) :-

فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف.

بذلك صار يعقوب هو أول شهيد بين الرسل. ويقال أنه أثر فى رئيس السجن فأمن وإستشهد معه (يوسابيوس). والآن بدأ الإضطهاد على يد السلطة المدنية. ويعقوب هذا هو إبن زبدى أخو يوحنا

آية (3) :-

وإذ رأى أن ذلك يرضي اليهود عاد فقبض على بطرس أيضا وكانت أيام الفطير.

إمعاناً فى إرضاء اليهود أراد هيرودس قتل بطرس المتقدم فى الرسل. وربما كان هيرودس يجامل اليهود فى العيد كما كان بيلاطس يجاملهم ويطلق لهم سجين كل عيد. أيام الفطير = هى 7 أيام بعد الفصح لا يأكلون فيها خميراً، وفيها لا يقتلون أحداً لذلك كان لابد من إنتهاء أيام الفطير لَيقتلوه لذلك حبسوه حتى تنتهى أيام الفطير.

آية (4) :-

ولما امسكه وضعه في السجن مسلما اياه إلى أربعة ارابع من العسكر ليحرسوه ناويا أن يقدمه بعد الفصح إلى الشعب.

أربعة أرابع = هم أربعة نوبات يتناوبون الحراسة. وكل نوبة 4 عساكر. إثنين منهم يربطان بالسلاسل فى يدى بطرس وإثنين حراسة على الباب.

 آيات (5-7) :-

فكان بطرس محروسا في السجن وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من اجله.ولما كان هيرودس مزمعا أن يقدمه كان بطرس في تلك الليلة نائما بين عسكريين مربوطا بسلسلتين وكان قدام الباب حراس يحرسون السجن. وإذا ملاك الرب اقبل ونور أضاء في البيت فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلا قم عاجلا فسقطت السلسلتان من يديه.

لقد إستجيبت صلواتهم لأنها بحسب إرادة الله (1يو 5 : 14) ولأن الله مازال يرى أن لبطرس عملاً يؤديه قبل أن يستشهد. وطبعاً فإن الملاك لم يره سوى بطرس. ولاحظ نوم بطرس فى سلام بين العسكريين وهو يعلم أنه سيقتل.

آيات (8-9) :-

وقال له الملاك تمنطق والبس نعليك ففعل هكذا فقال له البس رداءك واتبعني. فخرج يتبعه وكان لا يعلم أن الذي جرى بواسطة الملاك هو حقيقي بل يظن انه ينظر رؤيا.

إتبعنى = ربما لأن بطرس كان السجن غير ذى أهمية عنده. وهذا ما حدث مع بولس، إذ حينما إنفتحت أبواب السجن لم يخرج بل ظل يسبح. وربما كان بطرس فى حالة ذهول وما يؤكد هذا أن الملاك يرشده لما يفعل = تمنطق والبس نعليك فهو شبه نائم أو كمن فى حلم.

آية (10) :-

فجازا المحرس الأول والثاني وأتيا إلى باب الحديد الذي يؤدي إلى المدينة فانفتح لهما من ذاته فخرجا وتقدما زقاقا واحدا وللوقت فارقه الملاك.

كان بطرس فى الحبس الداخلى وهو الحبس المشدد، وكان ذلك لمن يخشى هروبهم وغالباً يكون للمحكوم عليهم بالإعدام. إنفتح لهما من ذاته = من يتبع الله تفتح أمامه حتى الأبواب الحديدية. فلا يستحيل على الرب شئ. وتقدما زقاقاً= حتى يخرج بطرس من محيط الخطر وحتى تنتهى منه حالة الدهشه.

آية (11) :-

فقال بطرس وهو قد رجع إلى نفسه الان علمت يقينا أن الرب أرسل ملاكه وأنقذني من يد هيرودس ومن كل انتظار شعب اليهود.

هنا رجع بطرس لنفسه وإنتهت دهشته وحالة عدم التصديق فهو كان فى ذهول.

كل إنتظار شعب اليهود = الذين كانوا منتظرين رجمه كهدية فى العيد من هيرودس. وخلاص بطرس من السجن هنا هو صورة مبسطة لما عمله المسيح إذ أخرجنا من حبس الشيطان والخطية لنسير فى نوره حتى ينفتح باب الحديد وننطلق للسماء.

آيات (12-17):-

ثم جاء وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون. فلما قرع بطرس باب الدهليز جاءت جارية اسمها رودا لتسمع. فلما عرفت صوت بطرس لم تفتح الباب من الفرح بل ركضت إلى داخل وأخبرت أن بطرس واقف قدام الباب. فقالوا لها أنت تهذين وأما هي فكانت تؤكد أن هكذا هو فقالوا انه ملاكه. وأما بطرس فلبث يقرع فلما فتحوا ورأوه اندهشوا. فأشار إليهم بيده ليسكتوا وحدثهم كيف أخرجه الرب من السجن وقال اخبروا يعقوب والاخوة بهذا ثم خرج وذهب إلى موضع أخر.

ذهب بطرس إلى مقر إجتماع الكنيسة ليُعلمهم بما حدث ثم ذهب لمكان بعيد عن عينى هيرودس الذى كان مصمماً على قتله = ذهب إلى موضع أخر= ربما كان مصر(حيث كان مرقس يبشرها ابط 13:5 حيث بابل هى بابيلون مصر القديمة ) والإخوة الكثوليك يقولون إن الموضع الآخر هو روما حيث ذهب ليؤسس كرسى روما. وهذا مرفوض علمياً وتاريخياً.

أخبروا يعقوب = يعقوب هو أخو الرب وكاتب رسالة يعقوب ورئيس مجمع أورشليم (أع15). وهو غير يعقوب بن زبدى أخو يوحنا الذى إستشهد بسيف هيرودس

 ملاكه = ربما ملاكه الحارس فاليهود يعتقدون أن لكل إنسان ملاك حارس. وربما يعنون أنه مات واستشهد وهذه هى روحه (لو 24 : 37).

آيات (18-23) :-

فلما صار النهار حصل اضطراب ليس بقليل بين العسكر ترى ماذا جرى لبطرس. وأما هيرودس فلما طلبه ولم يجده فحص الحراس وأمر أن ينقادوا إلى القتل ثم نزل من اليهودية إلى قيصرية وأقام هناك. وكان هيرودس ساخطا على الصوريين والصيداويين فحضروا إليه بنفس واحدة واستعطفوا بلاستس الناظر على مضجع الملك ثم صاروا يلتمسون المصالحة لان كورتهم تقتات من كوره الملك. ففي يوم معين لبس هيرودس الحلة الملوكية وجلس على كرسي الملك وجعل يخاطبهم. فصرخ الشعب هذا صوت اله لا صوت إنسان. ففي الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعط المجد لله فصار يأكله الدود ومات.

الله لم يمهل هذا الطاغية المتكبر المغرور كثيراً. بل مات ميتة شنيعة.

ساخطا على الصوريين = أهل صور وصيدا كانوا يحصلون على طعامهم من الجليل وهذا من أيام سليمان الملك وحيرام ملك صور (امل 9:5) ومايليه. ولما غضب عليهم هيرودس لسبب ما منع قوافل التجار من الذهاب إليهم فجاعوا.

يلبس الحلة = حتى يبهر الصوريين والصيداويين الذين جاءوا إليه ويستعرض أمامهم عظمته فيبهرهم ويرهبهم. وجاءت القصة هنا فى سفر الأعمال مطابقة تماماً لما ذكره يوسيفوس المؤرخ اليهودى. فى يوم معين = يقول يوسيفوس أنه يوم تكريم كلوديوس قيصر (ربما يوم ميلاده أوجلوسه على العرش). وهيرودس هذا الذى مات هو والد دروسلا وأغريباس الصغير وبرنيكى (أع 24:24 + 13:25 )

فصار يأكله الدود = يقول يوسيفوس أنه فى يوم لبس الحلة الملوكية الموشاة بالفضة وحين وقع عليها ضوء الشمس، أثار مجده الملوكى الدهشة والرعب فصرخوا إرحمنا نحن نرفعك فوق البشر وأنت لست من البشر، أما هو فإرتاح للإطراء ولم يردعهم على تملقهم المزيف. فداهمه ألم شديد فى جوفه. حملوه على إثره إلى القصر ومات بعد خمسة أيام بعد مُلك دام 7 سنين. وكانت عادة تأليه الحكام عند الرومان قد بدأت فى الإنتشار وذلك للأباطرة. ففى سنة 29 سمح أغسطس قيصر بإقامة هياكل تكريماً له. وهنا نجد الشعب فى تملق واضح يؤله أغريباس أيضاً. وهو يقبل هذا. ولكن كيف يقبل وهو اليهودى قارئ الناموس ولا يُرجع المجد لله.

أية (24):-

وأما كلمة الله فكانت تنمو وتزيد.

كان أغريباس ساهراً على خراب الكنيسة ولكن الله كان ساهراً على نموها. ومات أغريباس ولكن الكنيسة إمتدت لكل العالم. بل نجد عبر التاريخ أن ذراع الرب تستعلن وسط الضيقات.

أية (25) :-

ورجع برنابا وشاول من أورشليم بعدما كملا الخدمة وأخذا معهما يوحنا الملقب مرقس.

لقد أغلقوا الهيكل فى وجه الرسل وإضطهدوا المسيحيين بل والرسل فى أورشليم. ولكن الله يسمح بأن تمتد الكنيسة. ويصير هناك مركزاً جديداً للكنيسة فى إنطاكية ورسولاً عظيماً سيمتد من إنطاكية لكل أوروبا هو بولس الرسول. ويبدو أن بولس وبرنابا أقاما فى بيت مرقس.


 

ثانياً:- شاول الطرسوسى

بولس الرسول العظيم

من هو بولس الرسول :

هو شاول من طرسوس جنوب شرق أسيا الصغرى، وكانت تحكم بواسطة الرومان. وهو عبرانى، فريسى إبن فريسى، من اليهود المحافظين. وغالباً فقد أدى والده خدمات ممتازة للدولة الرومانية فحاز على الجنسية الرومانية (الرعوية الرومانية ) بمعنى أن يكون له كل إمتيازات المواطن الرومانى هو وكل أسرته.وأتقن بولس الرسول اليونانية لغة وعلماً وفلسفة. وأرسله والده إلى أورشليم ليتعلم فى مدرسة غمالائيل أشهر معلمى اليهود ليصير من الفريسيين (كمن هو حاصل على دكتوراه فى اللاهوت الآن ). وكان الفريسيين يعيشون حياة مدققة للغاية (أع 5:26 ). وعاش شاول مطيعاً للناموس، وكما قال هو عن نفسه أنه كان بلا لوم من جهة الناموس. وكان اليهود يعلمون أولادهم حرفة يدوية ولذلك تعلم شاول حرفة صناعة الخيام من غزل شعر الماعز. كان شخصاً غيوراً على الحق الذى يراه حقاً ولذلك تعصب لليهودية والناموس وهو إستمع إلى خطاب اسطفانوس وأدرك أنه لا معايشة بين الدين الجديد أى المسيحية وما يعرفه عن اليهودية فإشتعل حماساً ضد المسيحية وسفك دماء المسيحيين ولكن بعد أن إكتشف الحق الأعلى الذى فى المسيحية دافع عنها حتى الإستشهاد.

إعداد الله شاول ليصير بولس :

1-    إعداده كفريسى متعمق فى الناموس والأنبياء وهم يشهدوا للمسيح.

2-    إعداده كدارس للفلسفة اليونانية فهو يبشر الأمم ويقف أمام ملوك.

3-  سمح له الله أن يستمع لإسطفانوس فى خطابه أمام السنهدربم الشيوخ اليهود. وكان شهادة اسطفانوس نارية طبعت صورة لاتمحى من ذهن بولس الرسول، فهو إلتقط صورة وجه إسطفانوس الملائكى وهو يشهد بأنه يرى الرب يسوع فى السماء.

4-    ثم يرى شاول الطرسوسى الرب يسوع من السماء لتنطبق الصورة التى سمعها من إسطفانوس على ما رآه فى السماء.

الإصحاح السابع

أية (58):-

وأخرجوه خارج المدينة ورجموه والشهود خلعوا ثيابهم عند رجلي شاب يقال له شاول.

كان عند اليهود من يجدف يُرجم. وهم إتهموا إسطفانوس بالتجديف (لا13:24-16). وكان الأمر يحتاج لشاهدين أو ثلاثة على التجديف. وإذا صدر الحكم ضد المجدف يبدأ الشهود برجم المجدف (تث 6:17-7) وهنا نسمع عن شاول للمرة الأولى إذ كان شاهداً على قتل اسطفانوس وكان راضياً بقتله (1:8). وخلع الشهود الذين شهدوا ضد اسطفانوس ثيابهم عند قدمى شاول ليبدأوا عملية رجم اسطفانوس. وظل بولس الرسول حزيناً على هذا اليوم كل أيام حياته (أع 20:22) واليهود لم يكن لهم سلطان على إعدام شخص ولكن كانوا يفعلونها فى غفلة من الحاكم إذا كان متساهلاً أو فى غيبة.

 

الإصحاح الثامن

 1. وكان شاول راضياً بقتله : كلمة راضياً تشير إلى أنه كان لهُ دور فى الإجراءات، وشريك فى الحكم، مسروراً بما حدث. ولكن لوقا يربط بين شاول وإسطفانوس فلقد صار شاول له نفس فكر إسطفانوس فى تحرير المسيحية من اليهودية ومن الهيكل والناموس تماماً. لقد ساق الله شاول (بولس) ليستمع إلى إسطفانوس ويتعرف على يديه على المسيحية. ولكن البداية كانت حقداُ من شاول ضد إسطفانوس الذى حاور وأفحم اليهود وعَمًدَ الكثيرين.

 2.   يسطو = الكلمة الاصلية تعنى وصفاً للوحوش التى تسطو على جسم الإنسان لتمزقه (غل13:1+أع 1:9+9:26-11+4:22-5) ولقد كان رؤساء الكهنة يعطون شاول تصريحاً بذلك. راجع (عب 32:10-34+اتى 13:1 )لقد صار شاول عبئاً لايُطاق على الكنيسة.

الكنيسة البيوت = يسطو على الكنيسة هى نفسها يدخل البيوت فالكنيسة كانت هى البيوت


 

الإصحاح التاسع

آيات (1،2):-

أما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب فتقدم إلى رئيس الكهنة. وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات حتى إذا وجد أناسا من الطريق رجالا أو نساء يسوقهم موثقين إلى أورشليم.

لم يزل = على الرغم من مضى فترة على إستشهاد إسطفانوس،مازال شاول مستمراً فى حملته الهائجة على الكنيسة. فكان يطرد المسيحيين إلى خارج أورشليم، أو بالأصح كانوا هم يهربون من شدة الإضطهاد (أع11:26). ثم بدأ يوسع نشاطه فى إضطهاد المسيحيين الذين هم من خارج، أى الذين هربوا من أورشليم وأقاموا خارجها ( أع 4:22،5+أع 9:26-11). واضح أن شاول وبعد ذلك بولس كان إذا آمن بمبدأ يعمل المستحيل للدفاع عنه حتى الموت.

الجماعات = أى المجامع. فكان شاول يأخذ خطابات من رئيس الكهنة فى أورشليم ويذهب للمجامع اليهودية خارجاً ليساعدوا شاول فى إلقاء القبض على المسيحيين الهاربين فيعودبهم شاول إلى أورشليم للمحاكمة هناك. ومن هنا يظهر سلطة       رئيس الكهنة حتى على اليهود الذين خارج اليهودية. وشاول كان يفعل هذا إذ يظن أن فيه مجد الله.

من الطريق = وصف للمسيحيين وتعنى أن المسيحية فرع من اليهودية، وسميت أيضاً شيعة ( أع 5:24 ).

آيات (3-5):-

وفي ذهابه حدث انه اقترب إلى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من أنت يا سيد فقال الرب أنا يسوع الذي أنت تضطهده صعب عليك أن ترفس مناخس.

لماذا تضطهدنى = فالكنيسة هى جسد المسيح.

صعبّ عليك أن ترفس مناخس = غالباً هو مثل شائع معناه أن الحيوان يوضع له مناخس ليسير فى الخط المرسوم له وإذا حاول الحيوان أن يرفس ليهرب من هذه المناخس فسيكون هذا لزيادة ألامه. والحل أن يسير فى الطريق المرسوم لهً فيجد سلاماً. والله حدّد لشاول الطرسوسى خطاً ككارز بإسمه، وإن حاول الرفض فسيكون هذا لزيادة ألمه. وما هى هذه المناخس التى إستخدمها الله مع شاول ؟ من المؤكد أن وجه إسطفانوس الملائكى ظل يعذبه فى ضميره، بل وكل الشهداء المسيحيين الذين عذبهم وهم فرحون كانت هذه الصور تعذبه، وكان يحاول أن يسكن ضميره بأنما هو يدافع عن مجد الله =(يرفس المناخس) وكذلك كان يزداد ألماً ولا يجد هدوءاً. المناخس= جزء حديدى يوضع فى نهاية العصا لنخس الحيوان. شاول شاول = هذه هى طريقة الله إن أراد أن ينبه إنساناً أويستعلن له شيئاً. كما قال سابقاً إبراهيم إبراهيم / موسى/ موسى/ مرثا مرثا/ سمعان سمعان وتكرار الإسم فيه تحذير مع تشجيع. فى هذه الرؤيا ظهر له المسيح يسوع القائم من الأموات (1 كو 8:15 ويقول له أنا يسوع الذى أنت تضطهده فتنقشع كل الشكوك حول شخص يسوع الذى مات لأجله. كانت محاولات بولس لتسكين ضميره إزاء الوجوه التى إرتسم عليها وجه يسوع والتى كانت تعذب ضميره، هى كرفس المناخس مماّ كان يزيد ألمه ويمزقه. حتى رأى أخيراً وجه يسوع نفسه فى السماء فكف عن محاولات رفس المناخس.

آية(6):-

فقال وهو مرتعد ومتحير يا رب ماذا تريد أن افعل فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل.

عجيب هو الله، الذى يدخل فى حوار مع من يضطهده ليجذبه إليه لكنه يحوله للكنيسة ليظهر أهمية الكنيسة فى التعليم. بولس هنا رأى الرب يسوع فإختفى من داخله الشك أنه مات وإنتهى أمره كما أشاع اليهود

 

 

آيات (9:7) :-

وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحدا. فنهض شاول عن الأرض وكان وهو مفتوح العينين لا يبصر أحدا فاقتادوه بيده وادخلوه إلى دمشق. وكان ثلاثة أيام لا يبصر فلم يأكل ولم يشرب.

كانت هذه الرؤيا هى التى حولت مضطهد الكنيسة إلى أعظم كارز لذلك رواها لوقا الرسول 3 مرات، مرة هنا على لسان لوقا نفسه، ومرتين على لسان بولس الرسول (ص 22،26).

وعند بداية ظهور النور سقط شاول وجميع من معه على الأرض، والباقين وقفوا بعد زوال الصدمة. هم سمعوا صوت ربما صوت بولس وهو يتكلم وربما صوت رعد ولكنهم لم يتبينوا صوت المسيح ولا سمعوه ( وهذا له مثيل فى يو 28:12،29 ). وهم رأوا ضوء شديد ولكنهم لم يروا وجه يسوع (قارن مع أع 9:22+8:15 + 1كو 1:9). كان ظهور المسيح هو إستعلان لشاول وحده الإناء المختار، وبهذا صار بولس شاهداً على قيامة المسيح

 لماذا فقد شاول نظره :

1- إعلاناً لأن ماضيه ما كان سوى حالة عمى، إذ لم يستطيع أن يؤمن بالمسيح بالرغم من كل النبوات التى تشهد له والتى يحفظها شاول. وهذا حال اليهود الذين لهم عيون لكنهم لا يبصرون.

2- هى فرصة هدوء للتأمل الباطنى فى شخص يسوع، وحتى لا تلهيه مناظر العالم عن التأمل. فيتأمل فى ماضيه ومعارفه القديمة ويقارن مع ما رآه. ليعيد حساباته على ضوء ما رآه. ويفزع من أن الذى صلبوه إنما يهوه نفسه ويتساءل هل يقبلنى الله بعد كل ما فعلت ضده وضد كنيسته ؟!

3-   ربما كان هذا طبيعياً لشدة الضوء الذى رآه.

 وكان الله يُعد له حنانيا ليعلن له، ليس فقط أنه غفر له، بل سيحوله لكارز بإسمه وكانت هذه الحادثة سنة 37.

ولنا أن نتساءل لماذا ظهر الله لشاول ولم يظهر فى أورشليم للفريسيين والكهنة ؟

والإجابة أن شاول كان يحب الله ويبحث عن مجد الله ولكن بحسب مفهومه، ولم يكن له غرض سوى مجد الله بحسب ما يفهم. أماّ الكتبة والفريسيين والكهنة فكان هدفهم هو مجدهم الشخصى، وإزدياد أموالهم، وهم أسلموا المسيح حسداً كما فهم بيلاطس، إذ إلتف الشعب حوله فكانت مواردهم المالية فى خطر.

آيات (10-16):-

وكان في دمشق تلميذ اسمه حنانيا فقال له الرب في رؤيا يا حنانيا فقال هانذا يا. فقال له الرب قم واذهب إلى الزقاق الذي يقال له المستقيم واطلب في بيت يهوذا رجلا طرسوسيا اسمه شاول لأنه هوذا يصلي. وقد اي في رؤيا رجلا اسمه حنانيا داخلا
وواضعا يده عليه لكي يبصر. فأجاب حنانيا يا رب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم من الشرور فعل بقديسيك في أورشليم. وههنا له سلطان من قبل رؤساء الكهنة أن يوثق جميع الذين يدعون باسمك. فقال له الرب اذهب لان هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل. لاني سأريه كم ينبغي أن يتألم من اجل اسمي.

لاحظ أن الله يعطى عنوان شاول لحنانيا ليذهب له. ولاحظ محبة الله وبساطته إذ يقبل حوار حنانيا معه. ولاحظ أن الله لا يفاجئ شاول بشخص لا يعرفه فيتشكك بل يعطيه رؤيا خاصة بحنانيا ليقبل كلماته. وكانت هذه دروس لشاول ليعرف أنه خرج من نطاق الناموس لنطاق عمل الروح.

لماذا الشفاء على يد حنانيا:

1- الله إختار شاول، بل وأفرزه من البطن (غل 15:1). ولكن الخلاص من داخل الكنيسة. فشاول لابد أن يعتمد ويحل عليه الروح القدس ويتناول من جسد الرب ودمه، وكل هذا لا وجود له خارج الكنيسة. بل حينما إختاره الله ودعاه ليصير رسولاً، كان هذا بوضع يد الكنيسة عليه (أع 3:13).

2-   حنانيا له دور ثانٍ، إذ سيُعَرِّفْ الكنيسة بشاول فيثقوا به ولا يرفضوه.

هذا لى إناء مختار = هذا ما قاله بولس نفسه فيما بعد (غل 15:1).

كم ينبغى أن يتألم = (راجع 2كو 11). وبولس نفسه قال "لأنه قد وُهِبَ لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضاً أن تتألموا لأجله (فى 29:1) ولقد إفتخر بولس بألامه هذه (كو 24:1) إذ فهم أن هذه الألام عملت فى بناء ونمو الكنيسة، وصارت هذه الألام سبب تعزيات له، بل هى علامة رضى الله على خدامه. ليحل إسمى أمام أمم وملوك وبنى إسرائيل = وهذا ما حدث فعلاً إذ كرز بولس للأمم فى كل أوروبا وشهد للمسيح أمام أغريباس الملك وفيلكس وفستوس الولاة، بل وعمَّدَ زوجة نيرون. وشهد أمام بنى إسرائيل فى كل مكان.

تأمل :-

ما أروع أن أفهم أن الله يهتم بى ويعرف إسمى وعنوانى، فها هو يعرف ويشير لحنانيا بالإسم ويشير بإسم يهوذا وعنوانه. ويهتم بشاول الطرسوسى لأنه يصلى ويطلبه فيرسل له حنانيا.

آية (17) :-

فمضى حنانيا ودخل البيت ووضع عليه يديه وقال أيها الأخ شاول قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس.

هنا نرى أن إرسال حنانيا كان ليعطى الروح القدس لشاول، وإعطاء الروح القدس نراه ملازماً لإنفتاح أعين شاول. وأن كل هذا بأمرً من الله.

الرب يسوع = جاءت باليونانية الرب الذى هو يسوع تأكيداً لما رآه فى الطريق والمعنى أن الرب الذى نعبده ظهر وإتضح أنه هو يسوع.

آيات (18-20) :-

فللوقت وقع من عينيه شيء كأنه قشور فابصر في الحال وقام واعتمد. وتناول طعاما فتقوى وكان شاول مع التلاميذ الذين في دمشق أياما. وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح أن هذا هو ابن الله.

قشور = هذه القشور هى تعبير عن حالة شاول فى معارفه القديمة من حرفية الناموس والتعصب، التى كانت حاجزة بينه وبين الايمان بالمسيح. ونلاحظ أنه بوضع اليد حلَّ الروح القدس على شاول فسقطت قشور الظلمة فأبصر نور العهد الجديد، وصار الذئب حملاً وديعاً، بل كارزاً للمسيح فى المجامع أن المسيح هو إبن الله.. ألم تنفتح عينيه. هذا ما حدث مع المولود أعمى إذ إنفتحت عينيه وعرف أن المسيح هو إبن الله. لقد شفى بولس من عمى العينين وعمى القلب. لقد صنع المسيح هذه المعجزة مع بولس لأن ما أعمى عينيه كانت قشور حرفية الناموس والناموس من الله، لذلك تدخل الله ليزيل هذه القشور. أمّا اليهود والكهنة ورؤسائهم كانت القشور التى تعمى عيونهم هى محبة المال والحسد وخوفهم على مراكزهم وسلطانهم، لذلك لم يستحقوا رؤيا مثل هذه، هم لم يحبوا الحق بل أحبوا العالم، ولكن شاول الطرسوسى أحب الحق الذى فى الناموس فأعلن له الله الحق الأعلى الذى فى العهد الجديد. ونلاحظ إخلاص قلب بولس فى محبته لله إذ تحول سريعاً إلى كارز بعد أن إقتنع وآمن.

آية (21) :-

فبهت جميع الذين كانوا يسمعون وقالوا أليس هذا هو الذي اهلك في أورشليم الذين يدعون بهذا الاسم وقد جاء إلى هنا لهذا ليسوقهم موثقين إلى رؤساء الكهنة.

بُهِتَ = من كان منتظراً منه إضطهاد المسيحيين بقرار السنهدريم، صار هو المبشر بالمسيح إبن الله. لقد كانت معجزة تغيير شاول أكبر من معجزات شفاء الأمراض. إن شهادة بولس للمسيح أقوى من شهادة بطرس، فبولس كان عدواً تحول لكارز أما بطرس فكان صديقاً للمسيح. وشهادة العدو أقوى.

آية (22) :-

وأما شاول فكان يزداد قوة ويحير اليهود الساكنين في دمشق محققا أن هذا هو المسيح.

يزداد قوة = قارن مع (أع 16:26) نفهم أن المسيح كان يظهر له كثيراً ليعلن له ما يقويه. ومعرفة المسيح تزداد دائماً عند الذين يطلبون.

محققاً أن هذا هو المسيح = إستخدم النبوات لإظهار هذا كما فعل المسيح مع تلميذى عمواس.

آيات (23-25) :-

ولما تمت أيام كثيرة تشاور اليهود ليقتلوه. فعلم شاول بمكيدتهم وكانوا يراقبون الأبواب أيضا نهارا وليلا ليقتلوه. فأخذه التلاميذ ليلا وأنزلوه من السور مدلين اياه في سل.

قارن مع (2كو 32:11،33). ويبدوا أن دمشق كانت قد سقطت فى يد النبطيين وهى مملكة عربية وعاصمتها البتراء، وهذه كانت قد إنتعشت فى القرنين الأول والثانى قبل الميلاد. وكانت مملكة النبطيين تقع فيما يحيط بسوريا وفلسطين. وكان ملك النبطيين يسمى الحارث (أريتاس). وهو عَيًّنَ والياً من قبله على دمشق. وكان الحارث متضايقاً من كرازة بولس فى العربية فتضامن اليهود مع والى الحارث، فأمر الوالى بحراسة الأبواب حتى لا يهرب بولس من دمشق ولما تمت أياماً كثيرة = يدخل فى هذه الأيام حوالى ثلاث سنين قضاها بولس فى العربية غل (1 : 18 ).

آيات (26-30) :-

ولما جاء شاول إلى أورشليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين انه تلميذ. فأخذه برنابا وأحضره إلى الرسل وحدثهم كيف ابصر الرب في الطريق وانه كلمه وكيف جاهر في دمشق باسم يسوع. فكان معهم يدخل ويخرج في أورشليم ويجاهر باسم الرب يسوع. وكان يخاطب ويباحث اليونانيين فحاولوا أن يقتلوه. علم الاخوة احدروه إلى قيصرية وأرسلوه إلى طرسوس.

قارن مع (غل 17:1،18) نجد أن بولس قضى 3 سنوات فى العربية قبل أن يصعد إلى أورشليم. والعربية هى صحراء مملكة النبطيين. وربما قضى بولس السنوات الثلاث قبل أن يذهب لأورشليم بعد أن هرب من على السور أو هو بعد عماده ذهب للعربية ثلاث سنوات بعدها ذهب لدمشق إلى أن هرب من السور. ولما وصل إلى اورشليم خاف منه المسيحيون ولم يقبلوه وسطهم ولم يصدقوا أنه تحول إلى المسيحية بل تصوروا أنه يتجسس عليهم لينكل بهم اكثر. وفى أورشليم تعرف على بطرس ويعقوب (غل 1 : 18-24). وقام برنابا بمهمة تعريفه على المسيحيين ليثقوا به. برنابا = وله إسم أخر هو يوسف،وهو لاوى قبرصى الجنس، وكان له حقل باعه وأتى بالدراهم ووضعها عند أرجل الرسل (أع 4 : 36،37). وصار شخصية مرموقة فى الكنيسة وكمسئول. وأرسله الرسل إلى إنطاكية (أع 11 : 22-24) لكى يرى الكنيسة. وكان معروفاً لدى كنيسة غلاطية (غل 2 : 1،13) وكذلك عند كنيسة كورنثوس (1كو 9 : 6) وكذلك فى كولوسى (كو 4 : 10) وهو مؤسس كنيسة قبرص ويحسب من السبعين رسولاً، ويقال أنه أسس كنيسة ميلان فى إيطاليا وكان أول أسقف عليها وإستشهد فى سلاميس سنة 61م. ويظن البعض أن صداقته مع شاول الطرسوسى ترجع لتلمذة كليهما لغمالائيل.

يخاطب ويباحث اليوانيين = أى اليهود اليونانيين الذى كان إسطفانوس واحداً منهم وكان شاول بحكم أنه طرسوسى يُحسب منهم،ولكنه نُسِبَ للعبرانيين لأنه يتكلم العبرانية. أماّ اليهود اليونانيين فكانوا لا يتكلمون سوى اليونانية. وإذ هاجم بولس الناموس دون أن يستطيعوا الرد عليه حاولوا قتله فهربوه إلى قيصرية. وكان هذا الهروب بناء على أمر من الرب يسوع (أع 22 : 17-21) [ومعنى ما قاله بولس هنا فى (أع 17:22-21) لماذا يارب أترك أورشليم وأنا شاهد منهم لك، فهم يعرفون أننى طالما إضطهدتك والأن صرت أبشر بإسمك فشهادتى مهمة] ولكن كان الرب يسوع يريد إرساله للأمم. وهنا نرى شاول وقد وصل لطرسوس.

آية (31) :-

وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر.

نرى الله يسمح بفترة سلام لبناء الكنيسة فى اليهودية والجليل والسامرة وهذا لسببين :-

1)    أن شاول الطرسوسى أعظم مضطهد للكنيسة كف عن إضطهاده.

2)    أراد الإمبراطور كاليجولا أن يقيم تمثالاً لنفسه فى الهيكل فإنشغل اليهود بذلك عن المسيحيين، إذ ذهبوا باكين للوالى الرومانى ألا يفعل ذلك.


 

الإصحاح الحادى عشر

آيات (22-30):-

فسمع الخبر عنهم في آذان الكنيسة التي في أورشليم فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى إنطاكية. لما أتى ورأى نعمة الله فرح ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب.
لأنه كان رجلا صالحا وممتلئا من الروح القدس والإيمان فانضم إلى الرب جمع غفير.
ثم خرج برنابا إلى طرسوس ليطلب شاول ولما وجده جاء به إلى إنطاكية. فحدث انهما اجتمعا في الكنيسة سنة كاملة وعلما جمعا غفيرا ودعي التلاميذ مسيحيين في إنطاكية أولا. وفي تلك الأيام انحدر أنبياء من أورشليم إلى إنطاكية. وقام واحد منهم اسمه اغابوس وأشار بالروح أن جوعا عظيما كان عتيدا أن يصير على جميع المسكونة الذي صار أيضا في أيام كلوديوس قيصر. فحتم التلاميذ حسبما تيسر لكل منهم أن يرسل كل واحد شيئا خدمة إلى الاخوة الساكنين في اليهودية. ففعلوا ذلك مرسلين إلى المشايخ بيد برنابا وشاول.

تعتبر إنطاكية ثالث أكبر مدن العالم فى ذلك الوقت بعد روما والإسكندرية وكما رأينا فى (11 : 21) أنه قد بدأت تنشأ فيها كنيسة كبيرة. فأرسلت كنيسة أورشليم الكنيسة الأم برنابا لإنطاكية ليفتقدها. وفرح برنابا بكنيسة إنطاكية ووعظ بها وعظ = معنى إسم برنابا إبن الوعظ ويبدو أنه أعِطىَ هذا الإسم لحبه وشغفه بالوعظ أينما وُجِدَ. وإذ وجد برنابا أن العمل كبير وهو يحتاج لمساعدة ذهب إلى طرسوس ليبحث عن شاول ليأتى به ليساعده. وعَّلما فى الكنيسة سنة كاملة. وخلال السنة زار بطرس الرسول كنيسة إنطاكية وأخطأ فى عدم أكله مع الأمم وواجهه بولس بشدة بسبب موقفه هذا (غل2). بل أن برنابا إنقاد إلى بطرس فى هذا السلوك المرائى.

ونلاحظ حكمة الكنيسة الأم فى إرسال برنابا لإنطاكية، فهو من اليونانيين غير المتعصبين وكنيسة إنطاكية مملوءة من الأمم واليونانيين. وبرنابا أخذ معه بولس من طرسوس لأنه يعلم موقفه المنفتح للأمم. نلاحظ هنا وحدة الكنيسة، فكنيسة أورشليم الأم تهتم روحياً بكنيسة إنطاكية وترسل لها من يعلمها
 (برنابا ثم بطرس بعد ذلك) ونرى إهتمام كنيسة إنطاكية المادى بكنيسة أورشليم إذ علموا أنهم فى مجاعة، وحمل برنابا وشاول عطايا كنيسة إنطاكية وذهبوا بها لأورشليم.

دُعِىَ التلاميذ مسيحيين فى إنطاكية أولاً = كانوا قبل ذلك يسمون ناصريين أوجليليين وسماهم اليهود الطريق أو الشيعة. ولقد تكونت مجموعة كبيرة من المسيحيين الأمم فى إنطاكية أحبوا المسيح وإنتسبوا لهُ ورفضوا الإلتزام بشريعة موسى والدخول فيها أولاً بحسب فكر المسيحيين من أصل يهودى. وبولس شجعهم على هذا الفكر. وربما يكون إسم مسيحيين قد أطلقه الإنطاكيين الذين آمنوا على أنفسهم لمحبتهم فى المسيح أو يكون الوثنيين أو اليهود قد أطلقوه عليهم كما سموا أتباع هيرودس بالهيرودسيين فمثلاً، وربما أطلق الوثنيون هذا الإسم كنوع من الإستخفاف.

إنحدر أنبياء من أورشليم إلى إنطاكية = هنا نرى ظهور أنبياء فى العهد الجديد
(راجع أع 1:13+32:15+10:21) والنبوة هنا هى موهبة من مواهب الروح القدس مثل التكلم بألسنة 1كو 28:12+29:14+ أف 11:4 وهى تعنى :-

1-   التنبؤ بالمستقبل كما فعل أغابوس النبى هنا.

2-   الوعظ وهذا هو المعنى الأشمل لموهبة النبوة (1كو 14)

والأنبياء كان لهم عملهم حتى رسمت الكنيسة أساقفة كخلفاء للرسل. وهؤلاء يختارهم الشعب ويعينهم الروح القدس، حتى لا تفقد الكنيسة شيئاً من قوة نظامها الإلهى بإنتهاء عصرالرسل والأنبياء. فالله هو العامل فى الأساقفة. وأغابوس النبى تنبأ بمجاعة ستحدث. ويوسيفوس يخبرنا بأنه قد حدثت مجاعة فعلاً فى أورشليم بين 44سنة، 48 سنة. وكثيرون من المؤرخين أرخوا بوجود مجاعات فى هذه الفترة نفسها فى روما وفى اليونان. وكانت فائدة النبوة أن الكنيسة تدبر أمورها قبل أن تأتى المجاعة (مثل أيام يوسف) وحمل برنابا وشاول عطايا كنيسة إنطاكية لكنيسة أورشليم.


 

الإصحاح الثانى عشر

آية (25) :-

ورجع برنابا وشاول من أورشليم بعدما كملا الخدمة وأخذا معهما يوحنا الملقب مرقس.

هنا نرى عودة برنابا وشاول من أورشليم إلى إنطاكية، بعد أن أكملوا خدمة فقراء أورشليم. وجاء معهم مرقس ( مار مرقس كاروز ديارنا المصرية ) وكان هذا إيذاناً بإنطلاق الكرازة للعالم كله. ومرقس هو إبن أخت برنابا (كو 10:4). فمريم أم مرقس هى أخت برنابا وهى صاحبة العُليِة. وكون بولس وبرنابا يأخذان معهمامرقس فهذا غالباً كان لإقامة برنابا وبولس فى علية مار مرقس مركز الكنيسة فى أورشليم حيث كان يجتمع الرب مع تلاميذه.

وكانت عودة بولس وبرنابا ومرقس لإنطاكية سنة 46م بعد موت هيرودس أغريباس بسنتيين وهذا مات سنة 44م.

وكانت هناك زيارة أخرى لبولس الرسول لكنيسة أورشليم ليعرض الإنجيل الذى يبشر به على التلاميذ (غل 1:2-10) وبهذا تنطلق الكنيسة إلى الأمم بإنجيل بولس مصدقاً عليه من التلاميذ.

من هذه الآية إنطلق بولس وبرنابا ومرقس ليكرزوا للعالم كله وكان معهم لوقا ويقال أن لوقا من إنطاكية. ولوقا هو كاتب سفر الأعمال وإنجيل لوقا.


 

الإصحاح الثالث عشر

آية (1):-

وكان في انطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون برنابا وسمعان الذي يدعى نيجر ولوكيوس القيرواني ومناين الذي تربى مع هيرودس رئيس الربع وشاول.

كان فى إنطاكية = صارت إنطاكية مركزا مسيحياً إنطلقت منه رحلات بولس وكان يعود إليها أنبياء= أى من ينطق بالروح القدس. وكان لقب أنبياء يطلق عموماً على من يعظ فنحن سمعنا عن سيلا أنه نبى ولم نسمع منه عن نبوة واحدة ولكن سمعنا أنه يعظ ( أع 32:15،35 ) معلمون = كان علمهم تفسير الإنجيل بالروح القدس. سمعان نيجر= سمعان هو الأسم اليهودى ونيجر هو الإسم اللاتينى. وغالباً هو من مدن شمال إفريقيا، أسمر اللون (نجرو= نيجر ). وغالباً هو سمعان القيروانى الذى حمل صليب المسيح وأبو الكسندر وروفس (مر 21:15) لوكيوس القيروانى= القيروانى هى مدينة شمال إفريقيا،فى ليبيا وكانت تسمى قيرين أو سيرين. وهى غير القيروان التى بناها العرب فى تونس فى القرن السابع. هيرودس = هو أنتيباس إبن هيرودس الكبير الذى أرسل إليه المسيح للمحاكمة. وشاول = لوقا يضعه فى آخر القائمة إذهو بلا رتبة حتى الآن.

آية (2) :-

وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه.

يخدمون = أصلها ليتورجونتون ومنها ليتورجيا أى خدمة القداس الإلهى، خدمة الشكر والتسبيح للذبيحة الإلهية. ويصومون = الخدمة تحتاج لسهر وأصوام وصلوات وقداسات. ومثل هؤلاء يكلمهم ويرشدهم الروح القدس وهنا نرى شخصية الروح القدس الذى يوجه الكنيسة فالروح القدس هو الله = إفرزو لى. ولاحظ أن المسيح قال له " إذهب فإنى سأرسلك.... أع 21:22 " وهذا إشارة للوحدة بين الإبن والروح القدس. وللآن تصوم الكنيسة قبل القداسات والتناول. إفرزوا لى = بينما هم يصلون ويصومون يختار الروح القدس خدامه. وحتى الآن يُسام الأساقفة والكهنة خلال صلوات القداس. قال الروح القدس = ربما لأحد الأنبياء العمل الذى دعوتهما إليه = وهو الكرازة لكل العالم.

آية (3):-

فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما.

هنا نرى دور الكنيسة، فالله إختارهم والكنيسة تضع اليد عليهم، هنا شاول صارت له درجة الرسولية (الأسقفية). ولاحظ أنه بعد أن تكلم الروح صاموا ثانية وصلوا لينجح الرب طريقهما. ولذلك يصوم الأسقف بعد سيامته لمدة سنة ويصوم الكاهن لمدة 40 يوماً بعد سيامته. صلوا ووضعوا عليهما الأيادى = هذا هو طقس السيامة.

 


 

رحلة بولس الرسول الأولى

آيات (4،5) :-

فهذان إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية ومن هناك سافرا في البحر إلى قبرس. ولما صارا في سلاميس ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود وكان معهما يوحنا خادما.

قبرس = هم ذهبوا إلى قبرص أولاً، غالباً لأن برنابا من قبرص وقبرص محور مواصلات بين القارات وإشتهرت بتجارة النحاس COPPER. وفيها اشتق. إسمها CYPRUS. وكان إسمها فى العهد القديم هو كتيم (تك 4:10) سلاميس= على سواحل قبرص وكان بها أكثر من مجمع لليهود، فهى مقصد اليهود فى قبرص. وكانت مجامع اليهود أول ما يتوجه إليه بولس الرسول. ونلاحظ أن كثيراً من الأمم الأتقياء كانوا يتوجهون إلى هذه المجامع ويحضروا الصلاة مع اليهود وهؤلاء الأمم إجتذب منهم بولس الرسول الكثير.

خادماً = ربما يقوم بعمل خدمة المعمودية، وتعليم الموعوظين أساسيات المسيحية ومرقس قد رأى المسيح فى بيته وسمع كل تعاليمه وكتب إنجيل مرقص.

آيات (8:6) :-

ولما اجتازا الجزيرة إلى بافوس وجدا رجلا ساحرا نبيا كذابا يهوديا اسمه باريشوع. كان مع الوالي سرجيوس بولس وهو رجل فهيم فهذا دعا برنابا وشاول والتمس أن يسمع كلمة الله. فقاومهما عليم الساحر لان هكذا يترجم اسمه طالبا أن يفسد الوالي عن الإيمان.

باريشوع = ساحراً = يدعى معرفة الغيب. وفى آية (8) يقال عنه عليم = وهذا الإسم أصله عربى ويشير لمعرفته بالغيب فهو غالباً يهودى عربى. رجل فهيم = متعلماً يبحث عن المعانى والأفكار والحقائق شأن فلاسفة روما. وغالباً فقد أعجب الوالى بعليم الساحر الذى يعمل أعماله بالشياطين ولكن لم يخضع له ولما ظهر بولس وبرنابا وجد فيهما الحق الذى يبحث عنه، هو سمع عنهما فدعاهما ليسمع منهما فهاج عليم الساحر طالباً أن يفسد الوالى عن الإيمان = بأن يشوس على تعاليم بولس ومحاولة أن يثبت كذبها.

آيات (9-11) :-

وأما شاول الذي هو بولس أيضا فأمتلا من الروح القدس وشخص إليه. وقال أيها الممتلئ كل غش وكل خبث يا ابن إبليس يا عدو كل بر إلا تزال تفسد سبل الله المستقيمة. فالان هوذا يد الرب عليك فتكون أعمى لا تبصر الشمس إلى حين ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده.

كان هناك عادة لليهود أن يكون للشخص إسمان، إسم عبرى وآخر يونانى. وشاول الطرسوسى كان له إسم لاتينى هو باولوس او بولس ومن هذه الآية يستخدم الكتاب المقدس (سفر أعمال الرسل) إسم بولس بدلاً من شاول الى 1) كرمز للتغير الذى حدث له 2) لأن مجال خدمته سيكون وسط الأمم وإسم بولس إسم شائع وسطهم 3) تواضعاً منه استعمل إسم بولس الذى يعنى الأقل أو الأصغر (1كو 9:15).

يا إبن إبليس = باريشوع تعنى إبن يسوع. ولكن بولس هنا يسميه بحسب حقيقته. وإبليس تعنى الإفتراء والوشاية. وبار يشوع كان يستعمل الشياطين فى سحره، ويستخدمهم ليدعى المعرفة ويبعد الناس عن الإيمان الحقيقى.

ألاتزال تفسد = إذا هو له زمان يمارس كذبه وغشه وسحره وبولس طلب له الظلمة لأنه حاول إخفاء النور ليطلب من قلبه النور الحقيقى لذلك قال له إلى حين " أى إلى أن تؤمن. ولم يقل له تصير أعمى إلى الأبد.

آية (12):-

فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى آمن مندهشا من تعليم الرب.

ثبت تاريخياً أن هذا الوالى صار مسيحياً أى آمن وإعتمد.

آية (13) :-

ثم اقلع من بافوس بولس ومن معه وأتوا إلى برجة بمفيلية وأما يوحنا ففارقهم ورجع إلى أورشليم.

برجة = هى عاصمة مقاطعة بمفيلية فى أسيا الصغرى. ثم أقلع = أى ركبوا البحر إلى مقاطعة بمفيلية. بولس ومن معه = هنا نرى أن بولس صار أولاً. ويقال عن برنابا والباقين ومن معهُ. وهذا يشير لتواضع الباقين الذين قبلوا فى محبة تقدم بولس عليهم. وهنا إنفصل مرقس عنهم ربما لأنه إشتاق للخدمة فى أورشليم، وربما وجد أن الطريق عبر جبال آسيا مَخاَطِرهُ كثيره وأمراضه كثيرة، خصوصاً أنهم قطعوا قبرص كلها بعرضها حوالى 400 ميل ميل فى طرق صعبة ومخاطر من اليهود والوثنيين، وربما كان مرقس وقتها متأثراً بمرض ما، لأن مرقص قطع بعد ذلك رحلة أصعب ليبشر بلادنا. لذلك عاد بولس وقال عن مرقس كلاماً حلواً بعد أن كان قد إنفصل عنه بسبب هذا الموقف (كو 10:4+2 تى 11:4).

آيات (14-16 ):-

وأما هم فجازوا من برجة وأتوا إلى إنطاكية بيسيدية ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا. وبعد قراءة الناموس والأنبياء أرسل إليهم رؤساء المجمع قائلين أيها الرجال الاخوة أن كانت عندكم كلمة وعظ للشعب فقولوا. فقام بولس وأشار بيده وقال أيها الرجال الإسرائيليون والذين يتقون الله اسمعوا.

فجازوا = بولس وبرنابا إجتازا عبر جبال طوروس. وقيل جازوا لأن اليونانية ليس فيها صيغة المثنى. وجلسوا = غالباً جلسوا وسط الربيين لإعلان أنهم قادرين على الوعظ. وكانت القراءات عند اليهود على نظام تقسيم التوراة والنبوات على أيام الأسبوع والسبوت بالذات. وغالباً كانت القراءات عن خروج شعب إسرائيل من مصر وبدأ بولس عظة من هنا.

 رؤساء المجمع = إن كان المجمع كبيراً يكون له عدة رؤساء وإن صغيراً يكون له رئيس واحد.

عظة بولس الرسول الاولى :

العظة مبنية على أن الله إختار إسرائيل وإعتنى بهم ليأتى منهم المسيا المخلص وأن الله أعطاهم من النبوات عن المسيح كل ما يثبت أن المسيح المخلص هو الذى أتى فعلاً وصلبوه. وأن آخرنبى من أنبياء العهد القديم وهو يوحنا المعمدان شهد أيضاً للمسيح. إذاً من يرفض سيرفض المجد

وإختار بولس 3 أيات يشيروا للمسيح:-

 1.    أنت إبنى أنا اليوم ولدتك (مز7:2)

 2.    لن تدع قدوسك يرى فساداً (مز 9:16-11)

 3.    سأعطيكم مراحم داود الصادقة (اش 3:55)

فالمسيح هو الذى وُلِدَ، هو إبن الله الذى أخذ جسداً ليموت به ويقوم.وحتى لا يظن أحد أن هذه النبوات عن داود قال إن داود مات ورأى فساداً ويكون المسيح هو مراحم الله لداود وشعبه فهو غافر الخطايا لمن يؤمن ورفضه هو رفض لله. وكان رفض الله فى العهد القديم له عقوبة رهيبة، كما نرى فى حب 5:1 أن الكلدانيين سحقوا الشعب لرفضهم الله وعدم طاعتهم له. وهكذا نرى بولس الرسول فى هذه العظة ضليعاً فى الكتاب المقدس. ونجد هنا نبوة لبولس الرسول ضد شعب إسرائيل الرافض للمسيح. ولكن الخراب اتى بيد الرومان هذه المرة وليس بيد البابليين كما فى حب 5:1. بولس رأى بالروح ما سوف يحدث. ولقد خرب الرومان أورشليم فعلاً بعد هذه النبوة بحوالى 20سنة.

آية (17):-

اله شعب إسرائيل هذا اختار آباءنا ورفع الشعب في الغربة في ارض مصر وبذراع مرتفعة أخرجهم منها.

آباءنا= إبراهيم واسحق ويعقوب. ورفع الشعب فى الغربة= أى أزر شعبه فى أثناء عبوديتهم فى مصر، ورفعه أى رفع رأسهم.

آية (18):-

ونحو مدة أربعين سنة احتمل عوائدهم في البرية.

إحتمل عوائدهم= كأب يحتمل عناد طفله المشاكس وتمرده تث 31:1.

آية (19):-

ثم اهلك سبع أمم في ارض كنعان وقسم لهم أرضهم بالقرعة.

لاحظ أنه يطوى الأحداث بسرعة ليصل للمسيح. تث 1:7.

آية (20):-

وبعد ذلك في نحو أربع مئة وخمسين سنة أعطاهم قضاة حتى صموئيل النبي.

450عاماً= من دعوة إبراهيم إلى موت يشوع.

آية (21):-

ومن ثم طلبوا ملكا فأعطاهم الله شاول بن قيس رجلا من سبط بنيامين أربعين سنة.

شاول البنيامينى الملك بدأ عصر الملوكية، وشاول بنيامينى آخر بدأ كنيسة الأمم.

آية (22):-

ثم عزله وأقام لهم داود ملكا الذي شهد له أيضا إذ قال وجدت داود بن يسى رجلا حسب قلبي الذي سيصنع كل مشيئتي.

لم يدم حكم شاول إذ أنه ليس حسب قلب الله لكنه حسب شهوة عين الشعب، أماّ الله فينظر للقلب. وكان داود رمزاً للمسيح فى ملكه وفى ألامه حين طُرِدَ من ملكه حافياً ورأسه مُعَرَّى (مز 19:89-37). وكان داود حسب قلب الله فى طهارته عند إختياره وفى تواضعه وإيمانه وقلبه الذى يسبح الله دائماً وكملك حطم عبادة الأوثان وكملك عادل فى حكمه وهو فى كل ذلك يرمز للمسيح. وداود أيضاً حسب قلب الله فى أنه يعترف بخطيته حين يخطئ، ويبكى نادماً. داود هو حسب قلب الله فهو الذى سيؤسس المملكة التى يريدها الله.

آية (23):-

من نسل هذا حسب الوعد أقام الله لإسرائيل مخلصا يسوع.

من نسل هذا= المسيح من نسل داود. حز 23:34،24 + أر 5:23،6 + 9:30.

آيات (24،25):-

إذ سبق يوحنا فكرز قبل مجيئه بمعمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل. ولما صار يوحنا يكمل سعيه جعل يقول من تظنون أنى أنا لست أنا اياه لكن هوذا يأتي بعدي الذي لست مستحقا أن احل حذاء قدميه.

يوحنا كسابق للمسيح كان يهيئ القلوب بالتوبة. وتركيز الأناجيل وتركيز بولس هنا أن يوحنا ليس هو المسيح كان لأن كثيرين ظنوا أن يوحنا هو المسيح وظلت هذه الشيعة موجودة لأزمنة كثيرة ( أع 1:19-5) فى أع 1:19-5 نرى أن هناك من لا يزال يعتمد بمعودية يوحنا.

آية (26):-

أيها الرجال الاخوة بني جنس إبراهيم والذين بينكم يتقون الله إليكم أرسلت كلمة هذا الخلاص.

كان يحضر فى المجامع اليهود= بنى جنس إبراهيم=. ومعهم بعض الأمم الأتقياء= الذين بينكم يتقون الله. كلمة هذا الخلاص= إشارة لوعود الله لإبراهيم. وبولس هنا يثير اليهود ليتقبلوا المسيح ففيه تحقيق الوعد لإبراهيم أبوهم.

آية (27):-

لان الساكنين في أورشليم ورؤساءهم لم يعرفوا هذا وأقوال الأنبياء التي تقرا كل سبت تمموها إذ حكموا عليه.

رؤساؤهم= رؤساء الساكنين فى أورشليم. وهؤلاء حكموا على المسيح إذ لم يعترفوا على المسيح. بينما أن النبوات التى تقرأ عليهم كل سبت تؤكد حقيقته.

آية (28):-

ومع انهم لم يجدوا علة واحدة للموت طلبوا من بيلاطس أن يقتل.

قارن مع يو 38:18 + 4:19،6 لنجد أن بيلاطس لم يجد فيه عله واحدة وفى هذا يرمز خروف الفصح للمسيح، إذ أن خروف الفصح بلا عيب ويذبحه اليهود.

آية (29):-

ولما تمموا كل ما كتب عنه أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر.

طلب اليهود من بيلاطس أن ينزل الأجساد من على الصلبان حتى لا تبيت للسبت. ولكن يوسف الرامى ونيقوديموس هما اللذان أنزلا جسد يسوع. ووضعوه فى قبر= بولس يريد أن يثبت أنه مات موتاً حقيقياً. وهذا بالتالى إثبات لقيامته 1كو 3:15،4. ولاحظ أن موت المسيح وقيامته هما السبب فى غفران الخطايا.

آية (30):-

ولكن الله أقامه من الأموات.

القيامة من الأموات هى إثبات بنوة المسيح عند بولس الرسول رو 2:1-4.

آية (31):-

وظهر أياما كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم الذين هم شهوده عند الشعب.

الظهور دليل القيامة 1كو15.وشهود القيامة هم الذين كانوا يعرفونه من قبل، أى تلاميذه الذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم.

آية (32):-

ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا.

هذه البشارة هى لكل من يؤمن.

آية (33):-

أن الله قد اكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني أنت ابني أنا اليوم ولدتك.

بولس هنا يربط بين مزمور أنت إبنى أنا اليوم ولدتك وبين قيامة السيد المسيح. فالقيامة كما رأينا عند بولس هى دليل بنوة المسيح لله رو 2:1-4. فإبن الله له طبيعة وجوهر الله. والله حى لا يموت وهذه الطبيعة هى التى أقامت المسيح من الأموات. وبالقيامة أعطانا المسيح حياته فنصير أولاداً لله. المسيح هو إبن الله منذ الأزل، وًلِدَ زمنياً ليتحد بإنسانيتنا وليموت ويقوم ويعطينا حياته، فيصبح كل مؤمن معمد إبناً لله. لذلك يقول بولس هنا الله قد اكمل هذا لنا= أى الله اكمل لنا بميلاد المسيح وقيامته عمل التبنى، فصرنا أولاداً لله، الله اكمل بقيامة المسيح كل الوعود التى أعطاها للأباء، هو أكمل بهذا خلاصنا، وبهذا صرنا أولاداً لله.

آيات (34-37):-

انه أقامه من الأموات غير عتيد أن يعود أيضا إلى فساد فهكذا قال أنى سأعطيكم مراحم داود الصادقة. ولذلك قال أيضا في مزمور أخر لن تدع قدوسك يرى فسادا. لان داود بعدما خدم جيله بمشورة الله رقد وانضم إلى آبائه ورأى فسادا. وأما الذي أقامه الله فلم ير فسادا.

قام من الموت وهزمه للأبد وأعطى للبشرية هذه الحياة الأبدية التى إكتسبها لنا بقيامته من الأموات (أف 5:2). وهذه القيامة هى مراحم داود الصادقة= مراحم داود الصادقة (أش 3:55) هى البركات التى وُعِدَ بها داود فى المسيح. مراحم داود الصادقة هى وعد الله الذى عوض هجرانه لشعبه سيعود ويرحمهم لمحبته الصادقة والثابتة لداود. غير عتيد أن يعود أيضاً إلى فساد= لن يموت ثانية بعد ما قام كما مات لعازر الذى أقامه ثانية. لا تدع قدوسك يرى فساداً= هذه نبوة عن قيامة المسيح. وما قاله بولس هنا هو نفس ما قاله بطرس فى (أع 25:2-32).

آيات (38،39):-

فليكن معلوما عندكم أيها الرجال الاخوة انه بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا. وبهذا يتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى

قيامة المسيح لم تكن فقط إنتصار على الموت بل إنتصاراً على الخطية. فموت المسيح وقيامته كانا لغفران خطايانا وإعطائنا حياة جديدة. وهذا هو التبرير الذى لا يستطيع الناموس أن يعمله. غفران المسيح يشمل كل الخطايا حتى خطايا الضمير الداخلية. فالمسيح القائم من الأموات هو الذى يقيم من موت الخطايا المميتة.

آيات (40،41):-

فانظروا لئلا يأتي عليكم ما قيل في الأنبياء. انظروا أيها المتهاونون وتعجبوا واهلكوا لأنني عملا اعمل في أيامكم عملا لا تصدقون أن أخبركم أحد به.

هنا يستخدم بولس الرسول نبوة حبقوق (5:1) التى قالها حبقوق كتحذير عن عدم الطاعة. ونبوة حبقوق كانت أن أقوى قوة عسكرية فى الوجود وهى قوة بابل وقتها ستدمر أورشليم والهيكل لعدم الطاعة. وإستخدام بولس لهذه النبوة، هو نبوة من بولس أن أقوى قوة عسكرية فى الوجود فى أيامه وهم الرومان سيدمرون أورشليم والهيكل لسبب عدم الطاعة أى عدم قبول المسيح وهذا تم فى أقل من 20 سنة.

آية (42) :-

وبعدما خرج اليهود من المجمع جعل الأمم يطلبون إليهما أن يكلماهم بهذا الكلام في السبت القادم.

كان ترتيب الخروج من المجمع بأن يخرج اليهود أولاً ثم الأمم الذين يحضرون. فبعد أن خرج اليهود كان هناك فرصة للأمم الأتقياء ليستفسروا ويتكلموا بحرية مع بولس. وفرح الأمم بكلام بولس. لكن اليهود إمتلأوا نقمة ظهرت فى السبت التالى. وتحولت إلى مقاومة علنية، والسبب هو عنصريتهم، فهم رفضوا أن يقبل الله الأمم ويصيروا أولاد الله مثلهم.

آية (43) :-

ولما انفضت الجماعة تبع كثيرون من اليهود والدخلاء المتعبدين بولس وبرنابا اللذين كانا يكلمانهم ويقنعانهم أن يثبتوا في نعمة الله.

إنفضت = يفهم من الأصل اليونانى أن المسئولين عن المجمع وقد شعروا بخطورة تعاليم بولس على اليهودية فضوا الإجتماع بالأمر. وهناك من فسر الكلمة إنفضت بأنها تعنى طُرِدَتْ. فمن طُرِدًوا ساروا وراء بولس يستفهمون منه فرحين ببشارته. الدخلاء = أمم وثنيون أحبوا إله اليهود ورفضوا أوثانهم وكانوا يحضرون إجتماعات اليهود فى مجامعهم.

آيات (44،45) :-

وفي السبت التالي اجتمعت كل المدينة تقريبا لتسمع كلمة الله. فلما رأى اليهود الجموع امتلاوا غيرة وجعلوا يقاومون ما قاله بولس مناقضين ومجدفين.

الأمم الأتقياء نشروا هذه الأخبار فى المدينة فإمتلأ المجمع فى السبت التالى، وهذا ما جعل اليهود فى غيرة شديدة، هذا هو شيطان الحسد (مت 18:27). وكانوا يجدفون على المسيح ويحاولوا إثبات عكس ما يقوله بولس.

آية (46) :-

فجاهر بولس وبرنابا وقالا كان يجب أن تكلموا انتم أولا بكلمة الله ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية هوذا نتوجه إلى الأمم.

بولس حتَّم على نفسه بأن يبدأ باليهود فهم أصحاب الوعد الأساسيين (رو 16:1). ولما كان اليهود يرفضون كان يذهب للأمم (أع 6:18 + 27:28،28). غير مستحقين للحياة الأبدية = من آمن بالمسيح وقام مع المسيح هو يحيا من الآن الحياة الأبدية مع المسيح. نعيشها بالروح الأن حتى ندركها فى الدهر الأتى حيث ندرك طبيعتها وأمجادها. إذاً كل من رفض المسيح فهو قد حكم على نفسه بأنه غير مستحق للحياة الأبدية.

آية (47) :-

لان هكذا أوصانا الرب قد أقمتك نورا للأمم لتكون أنت خلاصا إلى أقصى الأرض.

هنا إشارة إلى (أش 6:49) ونلاحظ أن المسيح هو نور العالم (يو 12:8) وأرسل تلاميذه كنور للعالم (مت 14:5) لينيروا للأمم فيكون الخلاص للعالم كله. بمقارنة هذه الآية + آية (39) كل من يؤمن + آية (17) وهى اختار شعب إسرائيل. نفهم أن الخلاص هو لكل من يؤمن من اليهود والأمم لكن الله إختار إسرائيل ليأتى منهم المسيح المخلص.

آية (48) :-

فلما سمع الأمم ذلك كانوا يفرحون ويمجدون كلمة الرب وآمن جميع الذين كانوا معينين للحياة الأبدية.

الذين آمنوا إنفتحت أعينهم ففرحوا بالخلاص. وهنا لوقا قدَّم الفرح على الإيمان، فهو يسجل ما حدث أمامه إذ هم فرحوا ثم أعلنوا إيمانهم. معينين = إشارة لمعرفة الله السابقة (رو 29:8). وهى تعنى أن أسماءهم مسجلة ومعروفة عند الله فى كتاب سفر الحياة.

آية (49) :-

وانتشرت كلمة الرب في كل الكورة.

الكورة = إشارة لكل الإقليم وهو إقليم فريجية وغلاطية. راجع (أع 6:16). فبولس وبرنابا يعلمون ويكرزون والمسيحيون الذين يؤمنون ينشروا معهم بشارة الإنجيل لأقاربهم ومعارفهم. لقد إستخدم الروح القدس الجميع ليشعل الكرازة.

آية (50) :-

ولكن اليهود حركوا النساء المتعبدات الشريفات ووجوه المدينة وأثاروا اضطهادا على بولس وبرنابا وأخرجوهما من تخومهم.

أثار اليهود نساء الأمميين الأتقياء المتهودات وبالتالى أثارت هؤلاء النسوة أزواجهن فنظموا حملة لطرد بولس من المدينة وإستصدروا أمراً بذلك.

آية (51) :-

أما هما فنفضا غبار أرجلهما عليهم وأتيا إلى ايقونية.

هذه وصية الرب (مت 14:10،15) ونفض الغبار معناه أنهم أصبحوا غير مسئولين عن هذه المدينة، وأن هذه المدينة إختارت مصيرها بنفسها.

آية (52) :-

وأما التلاميذ فكانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس.

لاحظ أنه مع إزدياد الإضطهاد والتجارب يزداد فرح المؤمنين.

 

 

الإصحاح الرابع عشر

آية (1) :-

وحدث في ايقونية انهما دخلا معا إلى مجمع اليهود وتكلما حتى آمن جمهور كثير من اليهودواليونانيين.

دخلا المجمع اليهودى أولاً كعادتهما. وكالعادة يضم المجمع مع اليهود بعض اليونانيين وآمن كثير من الموجودين. ونلاحظ عمل الله رغم المضايقات.

آيات (2،3) :-

ولكن اليهود غير المؤمنين غروا وافسدوا نفوس الأمم على الاخوة. فأقاما زمانا طويلا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته ويعطي أن تجرى آيات وعجائب على أيديهما.

فى مقابل تهييج الشيطان لليهود أمد الله الرسولين بموهبة المعجزات فعمل الله يكون بقوة. غروا = بتعاليم منحرفة على أساس سىء أفسدوا = جعلوهم لا يقبلون الصلاح إذ هم علموا تعاليم فاسدة عن المسيح حتى لا يقبل أحد الإيمان وهذا هو عمل إبليس فى كل جيل تضليل الناس.

آيات (4-7 ):-

فانشق جمهور المدينة فكان بعضهم مع اليهود وبعضهم مع الرسولين. فلما حصل من الأمم واليهود مع رؤسائهم هجوم ليبغوا عليهما ويرجموهما. شعرا به فهربا إلى مدينتي ليكاونية لسترة ودربة وإلى الكوره المحيطة. وكانا هناك يبشران.

هجوم ليبغوا = هى تدبير مؤامرة لرجمهم بقرار من المجمع. والرجم هو عقوبة وعادة يهودية. فيكون اليهود هم مد برى هذه المؤامرة. ولقد أثار اليهود الأمم بمؤامراتهم وأكاذيبهم. ومع أن الأمم ضد اليهود إلاّ أنهم اتحدوا معاً ضد المسيحيين. فالظلمة دائماً ضد النور. وهروب الرسل ليس خوفاً بل طلباً لسلام الكنيسة الوليدة.

آية (8) :-

وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مقعد من بطن أمه ولم يمش قط.

هنا نحن أمام إصابة غير قابلة للشفاء تماماً. إذاً. ما حدث هو معجزة 100%

آيات (9،10):-

هذا كان يسمع بولس يتكلم فشخص إليه وإذ رأى أن له إيمانا ليشفى. قال بصوت عظيم قم على رجليك منتصبا فوثب وصار يمشي.

رأى أن له إيمان = عرف بولس بالروح أن هذا المقعد له رغبة فى الخلاص الذى يتكلم بولس عنه. فأراد بولس أن يعطيه صحة الجسد مع صحة الروح. وربما عرف بولس بالروح أن هذا المقعد آمن بأن المسيح له قدرة على شفاء الأمراض وأن المسيح قادر أن يشفيه وأن هذه صارت أمنيه له، ربما عبر عنها جهاراُ أو كانت فى داخله وأعلنها الروح لبولس.

قُمْ = قارن مع أف (14:5) قُم هنا هى لقيامة الجسد من الشلل وقيامة الروح بالإيمان.

آيات( 11،12):-

فالجموع لما رأوا ما فعل بولس رفعوا صوتهم بلغة ليكاونية قائلين أن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا. فكانوا يدعون برنابا زفس وبولس هرمس إذ كان هو المتقدم في الكلام.

صرخ الجميع بلهجة ليكأونية فلم يفهم بولس ما يقوله هؤلاء إلى أن رآهم يأتون بالذباح ليذبحوا له. زفس=ZEUS وهو جوبيتر عند الرومان.هو الإله الأعظم بين مجمع آلهة اليونان (البانثيون) وهو أبو الآلهة وكل الناس. هرمس = هو إبن زفس من مايا. ومعروف عنه أنه إله الفصاحة والبلاغة والمنطق. وفى القصص اليونانية يظهر زفس مع هرمس وسط الناس. لذلك قالوا عن برنابا أنه زفس لأن مظهره وشكله كاناذا وسامة وعظمة وقالوا عن بولس أنه هرمس فهو المتكلم والنشيط.

آية (13) :-

فأتى كاهن زفس الذي كان قدام المدينة بثيران وأكاليل عند الأبواب مع الجموع وكان يريد أن يذبح.

كان رأيهم أنه إن كانت الآلهة قد نزلت للأرض لتكريم الناس فليكرموا هم الآلهة أيضاً بتقديم ذبائح لهم. وكانوا يلبسون الذبائح أكاليل صوف مجدول إكراماً للآلهة ويلبسون الآلهة أكاليل زهور. ونلاحظ هنا أن الشيطان يثير اليهود ليرفضوا المسيح ويثير هؤلاء الوثنيين ليتمادوا فى عبادتهم الوثنية معتقدين بنزول الآلهة على الأرض. وكان هناك إعتقاد عند هؤلاء الوثنيين بأن الآلهة تنزل على الأرض لتفتقد الناس.

آية (14،15):-

فلما سمع الرسولان برنابا وبولس مزقا ثيابهما واندفعا إلى الجمع صارخين. وقائلين أيها الرجال لماذا تفعلون هذا نحن أيضا بشر تحت آلام مثلكم نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها.

مزقا ثيابهما = علامة فزع مما يحدث، فهم إعتبروا ما يحدث تجديف على الله. وكان اليهودى يمزق ثيابه إذا سمع تجديف على الله.

تحت ألام = نحن بشر مثلكم. فالآلهة عند الوثنيين لا تعانى من الألام بل هى فى سعادة دائمة. الأباطيل = عبادة آلهة صنمية ميتة.

ولاحظ أن هؤلاء الأمم من معجزة واحدة إعتبروا الرسولين أنهما آلهة. بينما أن المسيح بكل ما عمل من معجزات ولمدة 3 سنوات رفضوه كإبن لله.

آيات (16،17):-

الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأمم يسلكون في طرقهم. مع انه لم يترك نفسه بلا شاهد وهو يفعل خيرا يعطينا من السماء أمطاراً وأزمنة مثمرة ويملا قلوبنا طعاما وسرورا.

الله لا يترك نفسه بلا شاهد. فالطبيعة وخلقتها تشهد لله. وكثير من الحكماء إكتشفوا هذه الحقيقة وأعلنوها، بالإضافة لصوت الله فى الضمير. لكن لما عرفوا لم يمجدوا الله (رو 21:1). ولكن هم رفضوا أن يسمعوا فتركهم الله لذهن مرفوض (رو 28:1). يعطينا من السماء أمطاراً = كان يمكن أن يعرف الأمم الله من الخير الذى يعطيه. وبولس هنا يكلم وثنيين لا يعرفون سروراً سوى فى الطعام والشراب.

آية (18) :-

وبقولهما هذا كفا الجموع بالجهد عن أن يذبحوا لهما.

واضح أن الجماعة كانت فى أقصى حماسها. وبجهد كبير من الرسولين كفّا عن تقديم الذبائح لهما.

آيات (19،20):-

ثم أتى يهود من إنطاكية وايقونية واقنعوا الجموع فرجموا بولس وجروه خارج المدينة ظانين انه قد مات. ولكن إذ أحاط به التلاميذ قام ودخل المدينة وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربة.

كان اليهود فى عملية الرجم يوجهون أكبر حجر للرأس ثم تتوالى الحجارة إلى أن تخمد كل مظاهر الحياة. وكان الرجم يفتت العظام ويمزق اللحم. لذلك قال بولس الرسول فى (غل 17:6) "أنا حامل فى جسدى سمات الرب يسوع" وغالباً فحادثة الرجم هذه هى التى أشار إليها فى (2كو 25:11). ويقال أنه فى غيبوبة الموت هذه بعد أن رجموه إختطفت روحه إلى السماء (2كو 4:12) ورأى بولس ما رآه بالروح. وبعد عملية الرجم ظن اليهود أنه مات فجروه إلى خارج المدينة وطرحوه. وأحاط به تلاميذه. والله من محبته ولأن بولس كان له عمل لم يتمه بعد، أعاد إليه روحه، وكان هذا معجزة بكل المقاييس، فبفرض أنه قام فكان يلزمه فترة نقاهة لشهور ولكنه قام فى الغد وذهب إلى دربة ليباشر نشاطه (2كو 10:1). ويقال أن تيموثاوس هو من لسترة وقد تعرف عليه بولس فى هذه الزيارة ونلاحظ أن العالم يتغير سريعاً فبعدما إعتبروا بولس إلهاً، رجموه. لذلك علينا أن لا نفرح بما يعطيه العالم لنا ولا نحزن على ما يضيع منا.

آيا (21،22):-

فبشرا في تلك المدينة وتلمذا كثيرين ثم رجعا إلى لسترة وايقونية وإنطاكية. يشددان انفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان وانه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله.

من شجاعة بولس أن يعود إلى لسترة لإفتقاد أولاده بعدما حدث فهو إهتم بتثبيت أولاده خلال الإضطهاد أكثر من حرصه على حياته.

بضيقات كثيرة ينبغى أن نخلص = إذاً كيف نهرب من الألام، بل نسعى إليها فهى طريق جيد للملكوت.

تلمذ الكثيرين = كثيرون آمنوا إذ رأوا بولس يعود بعد رجمه غير خائف.

آية (23):-

وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد أمنوا به.

لاحظ إقتران الصلاة بالصوم لنرى أهمية الصوم.

آية (26):-

ومن هناك سافرا في البحر إلى إنطاكية حيث كانا قد اسلما إلى نعمة الله للعمل الذي أكملاه.

بالعودة إلى إنطاكية تنتهى رحلة بولس الرسول الأولى.

وخلال هذه الرحلة بشروا فى قبرص (سلاميس وبافوس) و7 مدن فى آسيا

سلوكية فى كيليكية

برجة وأتاليا فى بمفيلية

إنطاكية بيسيدية وأيقونية ودربة ولسترة فى غلاطية. (كانت تمتد لتشمل بيسيدية)


 

الإصحاح الخامس عشر

أول مجمع كنسى فى أورشليم سنة 49م

أسباب إنعقاد مجمع أورشليم

دخل اليهود للمسيحية ومعهم ميراث عريق من الطقوس اليهودية والناموس بوصاياه التى لا تنتهى من جهة الطاهر والنجس ومعاملة الأمم كأنجاس. والآن دخل الأمم إلى الإيمان.. فكيف تتعامل الكنيسة معهم؟!

كان هناك خطر من ان تنشأ كنيستان منفصلتان. كنيسة لليهود المتنصرين المتعصبين، وكنيسة للأمم المؤمنين. وبهذا تكون كنيسة اليهود ضيقة على نفسها مقفولة بلا محبة للعالم فتكون نهايتها الضياع. وتكون كنيسة الأمم بلا أصل ولا عُمق الناموس والتاريخ فتدخل فى متاهات الفلسفة والنظريات مثل الغنوسيين. وكان رأى اليهود المتعصبين ضرورة ختان من يدخل للإيمان كما كانوا يفعلون مع من يدخل للإيمان اليهودى خر 48:12. وعلى أن يحفظوا الناموس، فهم لم يكونوا قد فهموا بعد أن العهد الجديد يلغى هذه الطقوس الناموسية وأن العماد حلَّ محل الختان، والفداء بالصليب حل مكان الذبائح وتطهير القلب مكان تطهير اليدين والرجلين. فالعماد هو خلع الإنسان العتيق بجملته وليس مجرد قطع غرلة، وذلك تمهيداً للبس الإنسان الجديد الذى سيرث ملكوت السموات وليس ميراث الأرضيات. وكان أول من تلقى درساً من الله بانه لا يوجد إنسان نجس كان بطرس فى حادثة كرنيليوس ولذلك لم يطلب بطرس ختان كرنيليوس فبطرس اعتبر أن الإيمان طهرَّ قلب كرنيليوس.

وكان مركز التعصب لفكرة الختان هم من اليهودية كما نرى فى أع 1:15 وهؤلاء كانوا يندسون وسط المسيحيين ويثيروا المشاكل الخاصة بالختان كشرط للخلاص. حتى أن بطرس نفسه خاف من هؤلاء ومنع نفسه عن الأكل مع الأمم، وكان هذا معناه عدم التعامل بين الفريقين. ولكن بولس واجهه بشدة غل 11:2،12. ولنعلم أن اليهود كانوا يعتبرون الأمم كلاباً أنجاس والمشكلة التى تواجهها الكنيسة وبسببها عُقد هذا المجمع أن اليهود المتنصرين ما زالوا يريدون شق الكنيسة إلى مؤمنين وأمم.

وهنا نرى فى هذا المجمع أن بطرس قاوم إتجاه اليهود المتنصرين، وهو مؤكد كان يتذكر ما حدث فى إنطاكية من مواجهة بولس الرسول لهُ، وأعلن بطرس هنا قبوله التام للأمم، وإنتهت بهذا تماماً المشكلة التى ثارت بينه وبين بولس من سنوات (غل 11:2،12).

آية (1):-

وانحدر قوم من اليهودية وجعلوا يعلمون الاخوة انه أن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا.

ظل هؤلاء القوم المتهودين ثقلاً على بولس حتى نهاية أيامه.

الختان= هو قطع جزء من لحم الرجل رمزاً لقطع النجاسة من كيان الإنسان. أماّ المعمودية فهى ليست رمزاً بل هى خلع جسم الخطايا كله بالروح القدس، فكيف نختن إنساناً قد تطهرَّ كله وصار إنساناً جديداً فى المسيح. ونفس الموضوع كان سبب إرسال بولس لرسالة غلاطية، فقد نجح هؤلاء المتهودين فى إفساد إيمان أهل غلاطية.

آية (2):-

فلما حصل لبولس وبرنابا منازعة ومباحثة ليست بقليلة معهم رتبوا أن يصعد بولس وبرنابا وأناس آخرون منهم إلى الرسل والمشايخ إلى أورشليم من اجل هذه المسئلة.

يقول الدارسين أن بولس وبرنابا إستمرا فى النزاع مع المتهودين فى إنطاكية لمدة سنة.

آية (3):-

فهؤلاء بعدما شيعتهم الكنيسة اجتازوا في فينيقية والسامرة يخبرونهم برجوع الأمم وكانوا يسببون سرورا عظيما لجميع الاخوة.

فينيقية= هى لبنان. ونرى هنا فرحة الكنائس بقبول الأمم للإيمان فهم كنائس فيها وعى وتفتح.

آية (4):-

ولما حضروا إلى أورشليم قبلتهم الكنيسة والرسل والمشايخ فاخبروهم بكل ما صنع الله معهم.

قبلتهم= أى قبلوا أن يتباحثوا فيما أتوا به من مشاكل.

آية (5):-

ولكن قام أناس من الذين كانوا قد أمنوا من مذهب الفريسيين وقالوا انه ينبغي أن يختنوا ويوصوا بان يحفظوا ناموس موسى.

هؤلاء الفريسيون أرادوا أن يضيفوا المسيح القائم من الأموات إلى العهد القديم ولم يريدوا أن يفهموا أن هناك عهداً جديداً بأكمله.

آية (6):-

فاجتمع الرسل والمشايخ لينظروا في هذا الأمر.

هذه المسألة تعرض أمام كنيسة أورشليم بصفتها الكنيسة الأم.

آية (7):-

فبعدما حصلت مباحثة كثيرة قام بطرس وقال لهم أيها الرجال الاخوة انتم تعلمون انه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا انه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون.

المباحثة دارت بين الفريسيين المتعصبين وبين برنابا وبولس اللذان كانا يتكلمان عن قبول الله للأمم دون ختان أو غيره. ولما إحتدت المناقشة حسمها بطرس بأن أعلن أن الله أعلن له قبول الأمم فى حادثة كرنيليوس. فهو شهد أن الروح القدس حل على كرنيليوس دون ختان منذ أيام قديمة= فحادثة كرنيليوس حدثت منذ 10 سنوات

آية (8):-

والله العارف القلوب شهد لهم معطيا لهم الروح القدس كما لنا أيضا.

بحلول الروح القدس عليهم شهدت السماء بقبول الأمم.

آية (9):-

ولم يميز بيننا وبينهم بشيء إذ طهر بالإيمان قلوبهم.

بيننا= نحن اليهود. وبينهم= أى الأمم الذين يمثلهم كرنيليوس وعائلته بالرغم من انهم لا يعرفوا شيئاً عن الناموس. والله بإيمانهم طهرهم دون ختان فلماذا نعتبرهم نحن نجسون الإيمان كمدخل يأتى بعده العماد حتماً أع 36:8-38 + مر 16:16 وذلك مفهوم الخلاص المسيحى أن المسيح يحيا فى المؤمن، والروح القدس هو الذى يقوده للخلاص.

آية (10):-

فالان لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله.

الإيمان بالمسيح جاء ليحل مكان آلاف الوصايا الناموسية لذلك فحمل المسيح هين أماّ حمل الناموس فثقيل مت 30:11 + 4:23. وكان من عادة الربيين أن يشيروا لوصايا الناموس بقولهم نير لذلك قال المسيح إحملوا نيرى فهو هين. والمقصود بالإيمان أنه مدخل للحياة والجهاد المسيحى تجربون الله= لماذا تضعوا نير قاس على أعناق الأمم بينما أن الله قبلهم كما هو واضح فى موضوع كرنيليوس دون أن يلتزموا بالناموس.

آية (11):-

لكن بنعمة الرب يسوع المسيح نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضا.

إن الخلاص بنعمة الله فما الداعى للختان.نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضاً= وقارن مع آيه 8 معطياً لهم الروح القدس كما لنا أيضاً. لترى التساوى المطلق للجميع أمام الله غل 28:3.

آية (12):-

فسكت الجمهور كله وكانوا يسمعون برنابا وبولس يحدثان بجميع ما صنع الله من الآيات والعجائب في الأمم بواسطتهم.

كان ملخص كلام بطرس، كيف نناقش هذا الأمر والله إتخذ قراراً فيه. وبهذا أفحم بطرس الفريسيين المعاندين. وتبع ذلك كلام بولس وبرنابا فى إثبات عملى لكلام بطرس أن الله قبل الأمم. وكان هذا أخر ذكر للقديس بطرس فى سفر الأعمال وكأن لوقا يود أن ينقل الكنيسة للإنفتاح على الأمم.

آية (13):-

وبعدما سكتا أجاب يعقوب قائلا أيها الرجال الاخوة اسمعوني.

يعقوب هو أخو الرب غل 19:1. وربما كان هو آخر من آمن بالمسيح من أسرته. وآمن بالمسيح بعد القيامة وليس قبلها، فقد ظهر له الرب خصيصاً 1كو 7:15. وكان معروفاً بين اليهود بالحكمة والنسك الشديد وإستمر على هذا بعد دخوله للإيمان وإستمر على تمسكه بالناموس. ولقبوه بالبار سواء اليهود أو فى الكنيسة واستشهد على أيدى اليهود. ويبدو تمسكه بالناموس من غل 12:2 + أع 18:21-24. فكان واضحاً ممالأته للغيورين على الناموس. ولكن هنا نجد شهادته هامة للغاية، إذ كان لها تأثير رسولى قوى. وكان يعقوب هو رئيس كهنة أورشليم. ولكننا هنا نجد له موقفاً ضد المتهودين. ويعقوب هذا هو كاتب رسالة يعقوب. ونلاحظ قوله هنا أيها الرجال الإخوة إسمعونى= وفى الرسالة أسمعوا يا إخوتى الأحباء. فهذا إذاً هو أسلوبه.

آيات (14-18):-

سمعان قد اخبر كيف افتقد الله أولا الأمم ليأخذ منهم شعبا على اسمه. وهذا توافقه أقوال الأنبياء كما هو مكتوب. سأرجع بعد هذا وابني أيضا خيمة داود الساقطة وابني أيضا ردمها وأقيمها ثانية. لكي يطلب الباقون من الناس الرب وجميع الأمم الذين دعي اسمي عليهم يقول الرب الصانع هذا كله. معلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله.

الإشارة هنا إلى عا 11:9،12.

خيمة داود الساقطة= إشارة لخراب الهيكل بعد سبى بابل.

سأرجع وأبنى= بعد خراب أورشليم وهيكلها بيد بابل عاد الله وسمح ببنائهما. ولكن هذه النبوة تشير لما هو أبعد، أى إلى بناء الكنيسة هيكل جسد المسيح يو 21:2. وهذا البناء تم بميلاد المسيح وفدائه. فعودة الشعب من سبى بابل لم تعيد الملك لإسرائيل ولا لأسرة داود، فكيف يقال تبنى خيمة داود والملك لم يعود لأسرة داود. إنما هذا يفسر على كنيسة المسيح، إسرائيل الجديدة وخيمة داود الجديدة، حيث يعبد الكل فى وحدة. وحدة قلب وفكر لكى يطلب الباقون.... وجميع الأمم= نبوة عاموس تشير لقبول الأمم وهذا ما رآه بطرس فى موضوع كرنيليوس. إذا خيمة داود الجديدة ستشمل اليهود والأمم.

منذ الأزل= تأسيس هذه الكنيسة من كل الشعوب هى خطة الله الأزلية.

آية (19):-

لذلك أنا أرى أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم.

واضح سيطرة الروح القدس على هذا المجمع، وحتى يعقوب المتعاطف مع الغيورين على الناموس نجده قد ألغى الختان والعوائد اليهودية من على الداخلين للإيمان. ونرى هنا أن يعقوب كان الحَكَمْ الأخير لهذا المجمع بقراره.

آية (20):-

بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم

الشروط التى وضعها يعقوب هنا هى لمنع الأمم من الإرتداد للوثنية

نجاسات الأصنام= اللحوم والخمور المقدمة كذبائح للأوثان ويتناولونها كبركة

الزنا

 

= كان طقس من طقوس عبادة الأوثان

المخنوق

 

= هو ما يؤكل ودمه فيه، أى لم يذبح ويصفى دمه

الدم

 

= ممنوع منعاً باتاً فى العهد القديم، والمخنوق والدم شريعتان مكملتان لبعضهما، فشرب الدم ممنوع تماماً

ولماذا لم يضف الرسول هنا الوصايا العشر مثلاً ؟ السبب أن المسيحية هى بإختصار أن " المسيح يحيا فىَّ " وهو يقود حياتى. وهذه الممارسات الوثنية تمنع المسيح أن يحيا فىّ فلا إتفاق للمسيح مع بليعال 2كو 14:6،15. فالرسول يشدد على ما يمنع المسيح من أن يحيا فيهم ( أى الأمم) وكان أكل الحيوانات المخنوقة من الطقوس الوثنية. وهكذا الدم يشربونه, وبحسب الشريعة فشرب الدم ممنوع لا (11:17) فالدم محسوب أنه الحياة والحياة هى لله، فيمتنع علينا شرب حياة الحيوان. ولكن الله أعطانا أن نشرب دم إبنه الذى فيه حياته فنحيا بحياته. وبهذا نفهم أن ما منعه يعقوب له فوائد روحية أو باختصار ما يعطينا أن يحيا المسيح فينا. وإذا كان المسيح فينا فهو سيعطينا أن نحفظ الوصايا.

آية (21):-

لان موسى منذ أجيال قديمة له في كل مدينة من يكرز به إذ يقرا في المجامع كل سبت.

يقصد يعقوب ان يقول أنه لا خوف على شريعة موسى ولا خطر عليها من النسيان فهى تقرأ كل سبت فى المجامع، فالقوانين الجديدة لن تجعل أحد ينسى شريعة موسى. ولكن هناك معنى آخر لهذه الآية :- أن اليهود الذين يسمعون شريعة موسى. كل سبت ومنذ زمن بعيد ويحفظونها لن يمكن أن يقبلوا بينهم من يشرب الدم أو يزنى أو يشترك فى عبادة الأوثان، فحتى يأكلوا معكم وبدون عثرة عليكم بالامتناع عن هذه الأشياء حتى لا يتزعزع إيمانهم فى المسيح بسببكم. وهذا نفسه قاله بولس الرسول
 (اكو 9:8+ رو15:14+اكو 28:10-29) وهناك سبب آخر وهو ربما قال البعض أن بناء خيمة داود قد تم واليهود عادوا وملأوا العالم وها هى المجامع المنتشرة فى العالم تشهد بذلك. ولكن يعقوب يقول لا لأن الآية تقول أن بناء خيمة داود الساقطة تشمل اليهود والأمم، فالنبوة ليست على اليهود فقط وهؤلاء مجامعهم فى كل مكان، بل النبوة عن الكنيسة الجديدة، جسد المسيح وهى من اليهود والأمم. بل النبوة تتكلم عن ملك إسرائيل على الأمم. ملك من إسرائيل من نسل داود يملك على إسرائيل والأمم، فأين تم هذا ؟
هذا لم يتم الاّ فى المسيح الذى أسس كنيسة جديدة من اليهود والأمم ليملك عليهم. أما ما نراه الآن فيهود متفرقين فى العالم يقرأون الناموس فى مجامعهم كمشتتين بلا ملك.

آيات (27:22):-

حينئذ رأى الرسل والمشايخ مع كل الكنيسة أن يختاروا رجلين منهم فيرسلوهما إلى انطاكية مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا رجلين متقدمين في الاخوة. وكتبوا بأيديهم هكذا الرسل والمشايخ والاخوة يهدون سلاما إلى الاخوة الذين من الأمم في إنطاكية وسورية وكيليكية. إذ قد سمعنا أن أناسا خارجين من عندنا أزعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس الذين نحن لم نأمرهم. رأينا وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبينا برنابا وبولس. رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح. فقد أرسلنا يهوذا وسيلا وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاها.

إرسال بعثة من قبل الرسل للشهادة بما إتخذ من قرارات فى المجمع. وهذا كتبيت لتعاليم بولس وبرنابا اللذان شهد المجمع لهما. وتحرم رسالة المجمع المتهودين الذين خرجوا بدون إذن ونسبوا أنفسهم للرسل واعتبرتهم خارجين عن النظام.ونجد فى (25) أن إسم برنابا يتقدم إسم بولس لأقدميته فى الخدمة.

مقلبين أنفسكم= سببوا لكم إرتباكاً

آيات (29:28):-

لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلا اكثر غير هذه الأشياء الواجبة. أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي أن حفظتم أنفسكم منها فنعما تفعلون كونوا معافين.

هنا نرى تدخل الروح القدس فى أمور الكنيسة بوضوح. ونحن= هم كانوا شاعرين بقيادة الروح القدس لهم وراضين عن كل ما قيل. هذه هى الكنيسة المرتشدة بالروح القدس ويدبرها (أع 2:13+6:16). هم تشاوروا وتوصلوا لهذا القرارات والروح القدس أرشدهم أنها صحيحة تفعلون حسناً= قارن مع (يع8:2) فحسنناً تفعلون " إذا هذا هو أسلوب يعقوب كونوا معافين= إصطلاع وداعى (أع 30:23)

آيات(35:30):-

فهؤلاء لما أطلقوا جاءوا إلى إنطاكية وجمعوا الجمهور ودفعوا الرسالة. فلما قراوها فرحوا لسبب التعزية. ويهوذا وسيلا إذ كانا هما أيضا نبيين وعظا الاخوة بكلام كثير وشدداهم. ثم بعدما صرفا زمانا أطلقا بسلام من الاخوة إلى الرسل. ولكن سيلا رأى أن يلبث هناك. أما بولس وبرنابا فأقاما في إنطاكية يعلمان ويبشران مع آخرين كثيرين أيضاً بكلمة الرب.

هنا نرى عودة بولس وبرنابا إلى إنطاكية وفى (35) نجدهم قد عادا للخدمة لمدة فى إنطاكية. فإنطاكية كانت مركزاً لبولس الرسول تبدأ منها رحلاته وتنتهى إليها. ونلاحظ أنه فى (32) قيل عن سيلا أنه نبى وفى (35) نجده يعظ فالتفسير الأعم لكلمة نبى هو أنه واعظ يتكلم ويشهد للمسيح بالروح القدس.


 

رحلة بولس الرسول الثانية

آيات (40:36):-

ثم بعد أيام قال بولس لبرنابا لنرجع ونفتقد اخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم. فأشار برنابا أن يأخذا معهما أيضا يوحنا الذي يدعى مرقس. وأما بولس فكان يستحسن أن الذي فارقهما من بمفيلية ولم يذهب معهما للعمل لا يأخذانه معهما. فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الأخر وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحر إلى قبرس.
وأما بولس فاختار سيلا وخرج مستودعا من الاخوة إلى نعمة الله.

بولس رفض إصطحاب مرقس لأن لم يحتمل مشاق الرحلة الأولى وعاد من منتصف الطريق. وبدأ الرحلة الثانية بولس وسيلا ومعهما قرارات مجمع أورشليم. والله بحكمته حوًل هذا الخلاف لينطلق برنابا ومرقس فى طريق وبولس وسيلا فى طريق فصاروا إرساليتين لمكانين عوضاً عن إرسالية واحدة. ونرى حكمة الله الذى يُخْرِجْ من الآكل أُكُل فلو بقى مرقس مع بولس لظل تلميذاً له تابعاً لبولس. ولما نضج صار هذا الرسول والكارز العظيم الذى بشر مصر. حقاً فكل الأمور تعمل معاً للخير.... وبولس شهد لمرقس بعد ذلك(كو 10:4+2تى 11:4) وسيلا له إسم سلوانس فى رسائل بولس الرسول وكان هو أيضاً مواطن رومانى مثل بولس الرسول.


 

الإصحاح السادس عشر

آية (1):-

ثم وصل إلى دربة ولسترة وإذا تلميذ كان هناك اسمه تيموثاوس ابن امرأة يهودية مؤمنة ولكن أباه يوناني.

واضح من قوله تلميذ أن تيموثاوس سبق وآمن وإعتمد فى الإرسالية الأولى خلال رحلة بولس الرسول الأولى.

آية (3):-

فأراد بولس أن يخرج هذا معه فأخذه وختنه من اجل اليهود الذين في تلك الأماكن لان الجميع كانوا يعرفون أباه انه يوناني.

الرسول بولس يتصرف بحكمة من أجل اليهود، فتيموثاوس سيخدم وسطهم، وهم يعتبرون أن غير المختون من اليهود هو كافر خصوصاً أن أم تيموثاوس يهودية. ولنلاحظ أن مجمع أورشليم قد أعفا الأمم من الختان أماّ اليهود فلهم وضع خاص، فليختتنوا لأنهم تعودوا على ذلك وليفهموا بالتدريج. ولنلاحظ أن بولس لم يختنه لإعتقاده أن هذا لازم للخلاص كما يفكر المتهودين بل لأنه أرادا أن يكون لليهود كيهودى ليكسب على كل حال قوماً. وبنفس الفكر لم يختن تلميذه تيطس فأبواه كليهما أمميان وكان سيخدم الأمم.

آية (4):-

وإذ كانوا يجتازون في المدن كانوا يسلمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين في أورشليم ليحفظوها.

القضايا= هى قرارات مجمع أورشليم

آية (6):-

وبعدما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في أسيا.

هنا نرى الروح القدس الذى يقود الكنيسة ويتدخل فى توجيه مسيرة التبشير. إجتازا فى فريجية = غرباً وكورة غلاطية= شرقاً. ومنعهم الروح ان يتكلموا بالكلمة فى أسيا= (إتجاه أفسس فى الجنوب الغربى )

آية (7):-

فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بثينية فلم يدعهم الروح.

مرة أخرى الروح يتدخل لتوجيه المسيرة.

آية (9):-

وظهرت لبولس رؤيا في الليل رجل مكدوني قائم يطلب إليه ويقول اعبر إلى مكدونية وأعنا.

هنا يتضح لماذا منعهم الروح فهو يريدهم أن يتوجهوا إلى مقدونيا.وهنا نرى غالباً ملاك فى صورة رجل مكدونى. أعنا= ضد الشيطان والوثنيين والجهل والخطية. وكان ظهور رجل يطلب معونة حتى لا يهلك من المؤكد أنه سيحرك قلب بولس ويذهب. الروح القدس سمح بوجود موانع فى طريقهم الأول ثم يقنعهم بهذه الرؤيا فهو لا يحرك أدوات صماء، بل يقنعهم ( أقنعتنى يا رب فإقتنعت ار 7:20)

آية (10):-

فلما رأى الرؤيا للوقت طلبنا أن نخرج إلى مكدونية متحققين أن الرب قد دعانا لنبشرهم.

طلبنا= لأول مرة يستخدم الكاتب ضمير الكاتب المتكلم، فمن هنا نرى أن بولس إصطحب معهُ لوقا. ولكن لوقا لا يذكر إسمه أبدأ ولا خدماته التى يقدمها ولكن بولس يذكره بكل إعجاب (كو 14:4+2تى 11:4+2كو 18:8).

آية (11):-

فأقلعنا من ترواس وتوجهنا بالاستقامة إلى ساموثراكي وفي الغد إلى نيابوليس.

ترواس= ميناء. ساموثراكى= جزيرة متاخمة للشاطىء.نيابولبس= ميناء.

آيات (13:12):-

ومن هناك إلى فيلبي التي هي أول مدينة من مقاطعة مكدونية وهي كولونية فاقمنا في هذه المدينة أياما. وفي يوم السبت خرجنا إلى خارج المدينة عند نهر حيث جرت العادة أن تكون صلاة فجلسنا وكنا نكلم النساء اللواتي اجتمعن.

فيلبى= هى كبرى مدن مقاطعة مكدونية. ومقاطعة مكدونية مقاطعة كبرى فى بلاد اليونان. وقد صيرَّها بولس الرسول محطاً وممراً فى رحلاته من فيلبى إلى تسالونيكى ثم إلى بيرية ذهاباً وإياباً = أول مدنية = 1) أكبر مدينة 2) أول مدينة يدخلها الإيمان. كولونية = تعنى أن فيلبى كانت تحت الرعاية الرومانية مباشرة وأن للمواطنين فيها حقوق وإمتيازات رومانية كأن لا يُجلدون قط ولا يقبض عليهم إلاّ تحت إشتراطات خاصة. ولهم الحق فى رفع شكواهم من تحت تحقيق الحكام المحليين إلى الإمبراطور نفسه. وقوانينها هى قوانين روما نفسها أى أن فيلبى كانت روما مصغرة. وسبب كل هذا الشرف أن أغسطس قيص إنتصر فيها بجيوشه على أعدائه. ولم يكن فيها مجمع لليهود كمبنى للعبادة ربما لقلة عددهم ولكن لهم مكان للصلاة
( مصلى بجانب النهر ليسهل فيه الإغتسال) وربما لرفض أهالى فيلبى إقامة مجمع لليهود داخل أسوار المدينة. ولقد إعتادت النسوة الإجتماع فى هذا المكان أكثر من الرجال.

آية (14):-

فكانت تسمع امرأة اسمها ليدية بياعة ارجوان من مدينة ثياتيرا متعبدة لله ففتح الرب قلبها لتصغي إلى ما كان يقوله بولس.

ثياتيرا= فى أسيا الصغرى. وهناك علاقة تجارية بين ثياتيرا وفيلبى قائمة على شهرة ثياتيرا فى إنتاج الأصباغ.

آية (16-18):-

وحدث بينما كنا ذاهبين إلى الصلاة أن جارية بها روح عرافة استقبلتنا وكانت تكسب مواليها مكسبا كثيرا بعرافتها. هذه اتبعت بولس وإيانا وصرخت قائلة هؤلاء الناس هم عبيد الله العلي الذين ينادون لكم بطريق الخلاص. وكانت تفعل هذا أياما كثيرة فضجر بولس والتفت إلى الروح وقال أنا أمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منها فخرج في تلك الساعة.

كانت العادة أن يستخدم عدو الخير اليهود ومجامع اليهود فى الثورة والهياج على بولس. وهنا لا يوجد مجمع، فنجد عدو الخير يستخدم إمرأة بها روح شرير لإثارة المشاكل. وهى كانت تشوش على الوعظ والخدمة بصراخها. وبولس ضجر من محاولاتها فهو خاف أن يختلط فى أذهان الناس أن المسيحية التى يبشر بها لها علاقة بالعرافة الشيطانية، أوهو خاف أن يظن الناس أن المسيحية هى نوع من العرافة الشيطانية. ونلاحظ أن الشيطان هو الذى حرك الجارية لتصرخ بالإيمان ليضلل السامعين، وهكذا يفعل الشيطان أحياناً بأن يخفى خبثه تحت ستار الدين. فهى الآن تشهد لبولس وللمسيحية حتى يثق الناس فيها وبعد قليل تبدأ فى تضليلهم والهجوم على المسيحية.

آية (17):-

هذه اتبعت بولس وإيانا وصرخت قائلة هؤلاء الناس هم عبيد الله العلي الذين ينادون لكم بطريق الخلاص.

نجدها أخر أية بضمير المتكلم وذلك ربما لأن لوقا كان له مهمة فى مكان آخر أو هو تخلف فى فيلبى ليكمل الرسالة وغادرها بولس وسيلا. ولكن يعود ضمير المتكلم فى (5:20).

آيات (19-24):-

فلما رأى مواليها انه قد خرج رجاء مكسبهم امسكوا بولس وسيلا وجروهما إلى السوق إلى الحكام.

وإذ أتوا بهما إلى الولاة قالوا هذان الرجلان يبلبلان مدينتنا وهما يهوديان. ويناديان بعوائد لا يجوز لنا أن نقبلها ولا نعمل بها إذ نحن رومانيون. فقام الجمع معا عليهما ومزق الولاة ثيابهما وأمروا أن يضربا بالعصي. فوضعوا عليهما ضربات كثيرة والقوهما في السجن وأوصوا حافظ السجن أن يحرسهما بضبط.
وهو إذ اخذ وصية مثل هذه ألقاهما في السجن الداخلي وضبط أرجلهما في المقطرة.

هيج عدو الخير أصحاب الجارية التى خرج منها الروح النجس فثاروا ضد بولس إذ خسروا مصالحهم الشخصية. عدوا الخير يستخدم كل الطرق ضد الكرازة. السجن الداخلى= مكان المجرمون الخطيرون وهو مظلم وبه قاذورات.

آية (25):-

ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله والمسجونون يسمعونهما.

عجيب بولس الذى نسى ألامه المبرحة وأخذ يسبح الله فهو يعتبر الآلام شركة حب مع المسيح المتألم. ولكن لنلاحظ أن الأجسام كانت مقيدة أماّ النفوس فمحررة، هما كانا بالجسد فى السجن ولكن أرواحهما كانت فى السماء.

آية (26):-

فحدث بغتة زلزلة عظيمة حتى تزعزعت اساسات السجن فانفتحت في الحال الأبواب كلها وانفكت قيود الجميع.

الإستجابة السمائية لبولس الرسول العظيم. والمزلزلة هى تعبير عن تواجد الملائكة الذين فتحوا أبواب السجن، وكانت الزلزلة لازمة لتلفت النظر لغضب السماء على الظلم الذى وقع على الرسولين بلامبرر، السماء تعلن حقيقة الرسولين، وكان هناك فائدة أخرى هى إيمان حافظ السجن بسبب هؤلاء الذين يقبلون الألام بفرح وحياتهم متحررة من كل شر، بل السماء تشهد لهم وتحررهم وتزلزل المدينة لأجلهم، وهم فى محبة لكل إنسان.

آية (27):-

ولما استيقظ حافظ السجن ورأى أبواب السجن مفتوحة استل سيفه وكان مزمعا أن يقتل نفسه ظانا أن المسجونين قد هربوا.

كان من تقليد الشرف الرومانى أن السجان الذى يخفق فى ضبط سجينه أن لا ينتظر التحقيق والعقوبة بل يقضى بنفسه على نفسه. وعموماً لم يكن بديل من حكم الموت لمن يهرب من سجين. ونلاحظ أن من بداخل السجن فى ظلام يستطيع أن يرى من فى الخارج لذلك رأى بولس السجان وهو يوشك أن ينتحر. بينما من فى الخارج لا يرى من فى الداخل بسبب الظلمة فى الداخل لذلك لم يرى السجان بولس ومن معه فظن أنهما هربا.

آية(30):-

ثم أخرجهما وقال يا سيدي ماذا ينبغي أن افعل لكي اخلص.

ياسيدىً بولس وسيلا فى نظره لم يعودا مساجين، بل لقد إرتفعا لدرجة السادة.وربما سمع هذا السجان عن الدين الجديد والخلاص الذى يبشربه بولس الرسول ولكنه لم يصدق ولم يؤمن. ولكن بعد الزلزلة وما حدث طلب خلاصه الشخصى.

آية (31):-

فقالا أمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك.

آمن بالرب يسوع فتخلص = يعتمد الإخوة البروتستانت على هذه الآية لإثبات أن الإيمان وحده هو كافى للخلاص دون أى عمل او جهد. وهنا ليس مجال الرد على ذلك ( راجع كتاب الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى لقداسة البابا شنودة ) ولكن الرد البسيط، هل كان الوقت مناسباً لمثل هذا السجان الذى يطلب خلاص نفسه أن يقول له بولس لكى تخلص ينبغى أن تؤمن تم لاتكف عن الصلاة " صلوا بلا إنقطاع (اتس 5:17) وتقمع جسدك وتستعبده حتى لا تصير مرفوضاً (1كو9:27). وتميت أعضاءك التى هى على الأرض (كو 5:3) وتعيش لتفكر فى السماويات فقط وتطلب ما هو فوق ولا تهتم بأى شئ على الأرض (كو3:1) وتتعلم المحبة ومواصفاتها كالتالى (1كو13). وعليك أن تقبل الظلم وأن يسلبك الناس ولا تحاكمهم أمام المحاكم (1كو 6:6،7وَوَوَ. هل كان هذا السجان الوثنى سيتحمل كل هذه التعاليم أم يؤثر طريق السلامة ويترك المسيحية. لكننا نفهم من قول بولس الرسول أن الإيمان هو المدخل وبعد ذلك يأتى كل ما يعلمه لنا الكتاب المقدس تدريجياً. بدليل أننا نجد فى آية (33) أن بولس عمّد السجان وأهل بيته، فإذا كان الإيمان لوحده يكفى فلماذا عمدّهم ؟! وإذا تمسكنا بالحرف فالآية لا تفيد البروتستانت فيما يريدون لأن بولس يقول تخلص أنت وأهل بيتك فهل إيمان الشخص يفيد أهل بيته؟! طبعاً المقصود إيمانك هو الخطوة الأولى وسيأتى بعدها خطوات على طريق الخلاص.

آية(33):-

فأخذهما في تلك الساعة من الليل وغسلهما من الجراحات واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون.

وغسلهما وإعتمد= السجان غسًل بولس من جراحاته الجسدية وبولس غسًل السجان من جراحاته الروحية.

آية (35):-

ولما صار النهار أرسل الولاة الجلادين قائلين أطلق ذينك الرجلين.

ربما أتى ملاك وأفزع الولاة ليلاً. وربما عرف الولاة بحقيقة المرأة العرافة فأصدروا أمراً بالإفراج. وربما إرتعبوا من الزلزلة خاصة حين سمعوا عن فتح أبواب السجن.

آية (37):-

فقال لهم بولس ضربونا جهرا غير مقضي علينا ونحن رجلان رومانيان والقونا في السجن افالان يطردوننا سرا كلا بل ليأتوا هم أنفسهم ويخرجونا.

بولس يعلن أنه رومانى حتى لا يعطلونه مرة أخرى عن الكرازة سواء فى هذا البلد أو أى بلد رومانى آخر، أى أن يراعى الحكام هذه الحقيقة مستقبلاً. فالحكم الذى سيصدر من حاكم رومانى سيكون سابقة يستفيد منها باقى الحكام. وبولس إعتمد على أن الحاكم أخطأ إذ ضربهما وهما رومانيان. والضرب كان جهراً ليذلهما. وحكم عليهما بدون محاكمه. وهذا درس أن يطالب المسيحى بحقوقه دون أن يكره أحد.

آية (39):-

فجاءوا وتضرعوا إليهما وأخرجوهما وسألوهما أن يخرجا من المدينة.

سالوهما أن يَخْرجا= لقد أصرّ بولس الرسول أن يأتى له الحكاّم ليطلبوا خروجه وذلك لإعلان أن القانون الرومانى لم يجد عيباً فى المسيحية والحكام وافقوا خوفاً من العقاب لأنهم ضربوا بولس ومزقوا ثيابه وسجنوه وهو رومانى الجنسية. ولكن الحكام طلبوا خروج بولس وسيلا لأن حمايتهم من الجماهير الغاضبة ستكون صعبة لذلك طلبوا بأدب خروجهما.


 

الإصحاح السابع عشر

آيات (1-3):-

فاجتازا في امفيبوليس وابولونية وأتيا إلى تسالونيكي حيث كان مجمع اليهود. فدخل بولس إليهم حسب عادته وكان يحاجهم ثلاثة سبوت من الكتب. موضحا ومبينا انه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات وأن هذا هو المسيح يسوع الذي أنا أنادى لكم به.

فإجتازا= إذاً لم يكن لوقا معهم. بل كان بولس وسيلا فقط. وربما بقى لوقا وتيموثاوس للعناية بكنيسة فيلبى. وسيعود لوقا للإنضمام لبولس فى (أع 5:20،6) ويستمر معه لحين إستشهاده (2تى 11:4)

تسالونيكى= عاصمة الإمبراطورية اليونانية الشرقية قبل القسطنطينية، وقد سميت على إسم أخت الإسكندر الأكبر. وفى هذا الوقت كانت عاصمة مقدونية.

آية (4):-

فاقتنع قوم منهم وانحازوا إلى بولس وسيلا ومن اليونانيين المتعبدين جمهور كثير ومن النساء المتقدمات عدد ليس بقليل.

كان فى تسالونيكى جالية يهودية ضخمة تقدر بثلث سكان المدينة البالغ سكانها 200.000 وكالعادة يبدأ بولس الرسول بمجمع اليهود واليونانيين الذين يحضرون المجمع. وكالعادة يهيج اليهود ويثيروا الدنيا ضد بولس.

آية(5):-

فغار اليهود غير المؤمنين واتخذوا رجالا أشراراً من أهل السوق وتجمعوا وسجسوا المدينة وقاموا على بيت ياسون طالبين أن يحضروهما إلى الشعب.

هنا نراهم يستأجرون رجال أشرار لإثارة فتنة فى المدينة. وغالباً كان بولس وسيلا يقيمان عند منزل ياسون رئيس المجمع. رجال أشراء من أهل السوق= عاطلين عن العمل ( مثيرى شغب وبلطجية )

 ياسون = هو يهودى آمن بالمسيح

آية (8):-

فأزعجوا الجمع وحكام المدينة إذ سمعوا هذا.

لاحظ الخدعة التى يستعملها اليهود أن يسوع ملك ينافس قيصر، وبالطبع فالحكام والولاة يرتعبوا من وجود ثورة كهذه ضد قيصر.

آية (9):-

فاخذوا كفالة من ياسون ومن الباقين ثم أطلقوهم.

نرى هنا عدالة الحكام الرومان فهم لم يسيئوا للمتهمين زوراً، بل على العكس فهم حكموا على ياسون رئيس المجمع بدفع كفالة لضمان حسن سير سلوك بولس. وأطلقوا الإخوة، لذلك فقد غادر بولس تسالونيكى لمنع إحراج ياسون.

آيات (10-12):-

وأما الاخوة فللوقت أرسلوا بولس وسيلا ليلا إلى بيرية وهما لما وصلا مضيا إلى مجمع اليهود. وكان هؤلاء اشرف من الذين في تسالونيكي فقبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا. فآمن منهم كثيرون ومن النساء اليونانيات الشريفات ومن الرجال عدد ليس بقليل.

كالعادة يتجه بولس لمجمع اليهود الذين كانوا أكثر إستجابة له.وهنا يتجه بولس وسيلا إلى بيرية وهى مدينة غرب تسالونيكى.أشرف= أصلها أرحب صدراً

آية (13):-

فلما علم اليهود الذين من تسالونيكي انه في بيرية أيضا نادى بولس بكلمة الله جاءوا يهيجون الجموع هناك أيضا.

أشرار اليهود فى تسالونيكى يتعقبون بولس الرسول مع أن المسافة بين تسالونيكى وبيرية أكثر من 60 ميلاً.

آية (14):-

فحينئذ أرسل الاخوة بولس للوقت ليذهب كما إلى البحر وأما سيلا وتيموثاوس فبقيا هناك.

نجد هنا بولس يتجه بحراً إلى أثينا. كما إلى البحر= الترجمة الأفضل لغاية البحر. أى هم أرسلوا مع بولس بعض الإخوة ليشيعوه حتى البحر. وقد تعنى أنهم تظاهروا أمام اليهود أن بولس سيسافر بحراً ليبعدوهم عنه ثم يسافرون براً.

آية (15):-

والذين صاحبوا بولس جاءوا به إلى اثينا ولما اخذوا وصية إلى سيلا وتيموثاوس أن يأتيا إليه بأسرع ما يمكن مضوا.

هؤلاء الإخوة من محبتهم رافقوا بولس فى رحلته البحرية حتى أثينا وهو طلب منهم أن يرسلوا له سيلا وتيموثاوس.

آية (16):-

وبينما بولس ينتظرهما في أثينا احتدت روحه فيه إذ رأى المدينة مملؤة أصناماً.

أثينا كانت عاصمة الحكمة فى العالم. تتباهى بفلاسفتها وشعرائها. يودون كل يوم سماع الجديد. وبولس الذى تربى على كراهية الأصنام إحتدت روحه فيه مماً رآه من أصنام تملأ المدينة. وقيل أن أصنام أثينا كانت أكثر من كل أصنام بلاد اليونان وقيل عنها أنه الأسهل أن تجد فى أثينا إلهاً عن أن تجد إنساناً.

آية (17):-

فكان يكلم في المجمع اليهود المتعبدين والذين يصادفونه في السوق كل يوم.

كان يكلم اليهود الأتقياء فى المجمع ويذهب للسوق ليكلم الوثنيين فالسوق فى أثينا هو مكان للحوار وليس للشراء والبيع فقط.

آية(18):-

فقابله قوم من الفلاسفة الابيكوريين والرواقيين وقال بعض ترى ماذا يريد هذا المهذار أن يقول وبعض انه يظهر مناديا بإلهة غريبة لأنه كان يبشرهم بيسوع والقيامة.

الأبيكوريين= فيلسفوهم أبيكورس وُلدَ فى سنة 342 ق.م. وهؤلاء لا يؤمنون بالآلهة، ويقولون أن الآلهة حتى وإن وُجِدَتْ فهى لايهمها شىء من أمور هذا العالم. والعالم عندهم قد أوجد نفسه،أو أوُجِدَ صدفة أو إثر حادثة. والجسد والروح ينتهيان إلى لا شىء أى يفنيان ولا قيامة لا للجسد ولا للروح، لذلك كانت هذه الفلسفة توصى أتباعها بالبحث عن اللذة أينما وُجِدَت، غايتهم أن يمتعواً أنفسهم، ولهم مثل معروف لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت. وهم لا يضطربون لشىء إلاّ بهدوء أنفسهم ونموذجهم الأعلى هو الحيوانات فى إرتياحهم لأنفسهم وغرائزهم.

الرواقيون= فيلسوفهم هو زينون من مواليد قبرص وتسموا رواقيون لأنهم يجتمعون فى رواق متعدد الألوان. يؤمنون بتعدد الألهة. وكانوا يقاومون الشر من حولهم. يؤمنون أن الله هو روح أو عقل العالم. والعالم هو كيان نفسى عاقل أوجد كل شىء بنفسه. فالمادة عندهم متحدة بالروح أو الألوهة والله عندهم لم يخلق الطبيعة لكنه يدبرها فحسب. والروح عند الرواقيين مادة تحترق بالموت لتعود ويمتصها الله فى نفسه. لذلك فالقيامة التى بشًر بها بولس هؤلاء هى منافية للعقل. ويعلمون بعدم الإنفعال البشرى رغم أى أحداث، فأى مسرة ليست شيئاً صالحاً والألم فى أشد أحواله ليس شراً. وكل ما يتوافق مع العقل فهو حسن وما لا يتوافق مع العقل فهو الشر. والحكيم هو من يعيش وفق ما يقبله عقله. وهم يعتبرون أن كل إنسان هو ملك نفسه، بل هو إله هذه الفلسفة هى مدرسة الكبرياء والتأله هذا المهذار=. حرفياً تعنى أنه سرق فلسفة إنسان آخر وينسبها لنفسه.

آية (21):-

أما الاثينويون أجمعون والغرباء المستوطنون فلا يتفرغون لشيء أخر إلا لان يتكلموا أو يسمعوا شيئا حديثا.

كانوا يتباحثون فى الحدائق والشوارع والميادين والأسواق فى العلوم والفلسفة.قال أحدَ المؤرخين انه إذا قابل شخص شخصاً فى السوق سأله هل هناك شيئاً جديداً.

آية (22):-

فوقف بولس في وسط اريوس باغوس وقال أيها الرجال الاثينويون أراكم من كل وجه كأنكم متدينون كثيرا.

أريوس باغوس= هو ساحة خاصة للقاء الفلاسفة. يطارحون فيها الأراء. وكانت أثينا مثالاً للبلد الذى فيه تحفظ حرية الرأى لذلك خرج منها بولس دون أن يهينه أحد أو يعذبه أو يسجنه. ونلاحظ أنهم يقبلون تعدد الآلهة، ولذلك قبلوا أن يعيش وسطهم اليهود. وكان لليهود مجمع وسط أثينا. واليهود ينادون بالإله الواحد ولقد إعتبر الأثينويون أن إله اليهود هو أحد الآلهة. أما المسيحية واليهودية فتقول أن هناك إله واحد لا تقبل سواه وكل ما عداه شياطين. إذاً لا تعايش مع تعدد الآلهة. والأريوس باغوس كان مكرساً لإله الحرب مارس. وكانت تعقد هناك الإجتماعات التشريعية والقضائية. إذاً كان يستخدم إماّ كمحكمة أو للإجتماعات العامة. وهم أخذوا بولس لا ليحاكموه بل ليتجادلوا معه ويسمعوا منه.

آية (23):-

لأنني بينما كنت اجتاز وانظر إلى معبوداتكم وجدت أيضا مذبحا مكتوبا عليه لإله مجهول فالذي تتقونه وانتم تجهلونه هذا أنا أنادى لكم به.

كان هناك شاعر من شعرائهم إسمه أبيمينيدس نصح بتشييد مذابح لإله مجهول فى أثينا وما حولها، وهو فى رأيه أن هناك إله مجهول لا نعرفه وراء كل ما نراه فى العالم. ولاحظ حكمة بولس الرسول أنه لم يبدأ مع هؤلاء الوثنيون بأن يهاجمهم ويشتمهم على وثنيتهم، بل يبدأ من نقطة إيجابية عندهم وهى إله مجهول ولكن وراء كل ما نراه فى العالم ويقول لهم ها أنا أبشركم بهذا الإله المجهول فأنا قد عرفته وأبشركم به. من أين هذا الذكاء لبولس ؟ واضح أنه راجع لأتحاده بالله المصدر اللانهائى للحكمة والذكاء والقوة. لكن فى اللحظة التى نتصور أن قوتنا وذكاءنا هى منا ننفصل عن الله ونقع فى حيز المحدود.

آيه (24):-

الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا إذ هو رب السماء والأرض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي.

هذا ضد رأى الفلاسفة أن الله خلق العالم. وهو أيضاً هنا نراه يهاجم فكرة إقامة هياكل مملوءة بالتماثيل الوثنية.

آية(25):-

ولا يخدم بأيادي الناس كأنه محتاج إلى شيء إذ هو يعطي الجميع حياة ونفسا وكل شيء.

نلاحظ منطق بولس الرسول، هل الإله يحتاج للبشر، وإذا إحتاج للبشر كيف يكون إلهاً " لست أنت المحتاج إلى عبوديتى بل أنا المحتاج لربوبيتك" وهنا بولس يرد على منطق الفلاسفة أن العالم أزلى.

آية (26):-

وصنع من دم واحد كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم.

صنع من دم واحد = أى من نفس الثنائى آدم وحواء. وبهذا هو يبرىء نفسه من العنصرية اليهودية. وأيضاً يهاجم اليونانيين الذين قسموا العالم إلى يونانيين وبرابرة وقالوا أنهم من تربة مختلفة.

آية (27):-

لكي يطلبوا الله لعلهم يتلمسونه فيجدوه مع انه عن كل واحد منا ليس بعيدا.

هناك حنين طبيعى وشعور طبيعى داخل كل إنسان، وضع الله هذا الشعور لنلجأ إليه ونفتش عنه، وهو ليس بعيداً، فمن يطلب سيجده ويكون هذا راحة للإنسان فهو خليقة الله ونفخة من عنده.

آية (28):-

لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد كما قال بعض شعرائكم أيضاً لأننا أيضاً ذريته.

لا يوجد كلمات نظير هذه تشير لإعتماد المخلوق الكلى على الله الخالق لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد= هذه مقتبسة من شعر الشاعر أبيمينيدس الذى نصح بإقامة تمثال لإله مجهول. ولقد إقتبس بولس من هذا الشاعر وهذه القصيدة سطراً آخر فى رسالته لتيطس (تى 12:1) وفى هذه القصيدة يخاطب الشاعر الإله الأسمى المجهول قائلاً "لقد صنعوا لك قبراً أيها القدوس الأعلى والكريتيون دائماً كذابون وقتلة. وحوش ردية بطون بطالة. ولكنك لست ميتاً إلى الأبد.. أنت قائم وحى لأنه بك نحيا ونتحرك ونوجد.

أيضاً= هنا يأخذ بولس إقتباساً من شاعر أخر هو أراتس. وهذا قال لأننا أيضاً ذريته.

ونلاحظ حكمة بولس فهو حين يكلم اليهود يستخدم الكتاب المقدس وهو فى هذا ضليع وكان يثبت لليهود أن المسيح فيه تحقيق النبوات. وحين يكلم اليونانيين يستشهد بشعرائهم وهم يعتبرون شعراءهم أنبياء (تى12:1).

آية (29):-

فإذ نحن ذرية الله لا ينبغي أن نظن أن اللاهوت شبيه بذهب أو فضة أو حجر نقش صناعة واختراع إنسان.

كيف نكون نحن أولاد الله ويكون الله خشب أو ذهب أى أقل نبلاً من ذريته، ألم يقل نبيكم أننا ذريته أى أولاده.فهل يقبل أن يكون الله أقل من ذريته أو أن ذريته تصنعه من ذهب أو خشب.

أية (30):-

فالله الان يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل.

هنا يتهمهم بسبب أفكارهم أنهم فى جهل بالرغم من فلسفتهم يتوبوا= بهذا يتحدى الفلاسفة القدريين فالتوبة تعنى المسئولية.

آية (31):-

لأنه أقام يوما هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدما للجميع إيمانا إذ أقامه من الأموات.

إن لم يتوبوا فهناك دينونة وسندان أمام هذا الإله.

آية (32):-

ولما سمعوا بالقيامة من الأموات كان البعض يستهزئون والبعض يقولون سنسمع منك عن هذا أيضا.

حينما سمعوا عن القيامة البعض استهزأوا وإعتبروا كلام بولس كلاماً تافهاً وغالباً كان هؤلاء من الأبيكوريين. أماّ الروا قيون فوجدوا فى كلامه ما يثير تفكيرهم وأن كلامه مثيراً للجدل. وأن كلامه جديد على أسماعهم فطلبوا أن يسمعوه ثانية= سنسمع منك عن هذا أيضاً وربما تعنى هذه العبارة السخرية من فكرة القيامة.

آية (33):-

وهكذا خرج بولس من وسطهم.

خرج بولس من أثينا إذ وجد أن الوقت سيضيع فى مناقشات لا تنتهى وذهب إلى كورنثوس إلى حيث وجهه الله. لم يترك أثينا هرباً من إضطهاد لكن لأن أحداً لا يريد أن يسمع.

آية (34):-

ولكن أناسا التصقوا به وأمنوا منهم ديونيسيوس الاريوباغي وامرأة اسمها دامرس وآخرون معهما.

يقول التقليد أن ديونيسيوس الأريوباغى صار أول أسقف على أثينا. ويبدو أن دامرس كانت سيدة لها شأن إذ كانت من بين السامعين فى الأريوس باغوس.

وبولس توجه إلى إخائية وهى مقاطعة يونانية جنوب مقدونية عاصمتها كورنثوس. أما مقدونية فأهم مدنها فيلبى وعاصمتها تسالونيكى وإخائية جنوب مقدونية.


 

الإصحاح الثامن عشر

آية (1):-

وبعد هذا مضى بولس من اثينا وجاء الى كورنثوس

كان هذا غالباً بطريق البحر. وكانت أثينا مركزاً ثقافياً بينما كانت كورنثوس مركزاً للإباحية. وقيل أن الفرق بين أثينا وكورنثوس هو كالفرق بين أكاديمية علمية وسوق مزدحم. ومن كورنثوس كتب بولس الرسول أول رسالة له وهى إلى تسالونيكى الحديثة الإيمان. ونرى فيها عواطف المحبة الأبوية لهم. وكورنثوس لها ميناءان. وكانت مقر حاكم إخائية.

آية (2-3):-

فوجد يهوديا اسمه اكيلا بنطي الجنس كان قد جاء حديثا من ايطالية وبريسكلا امراته لان كلوديوس كان قد امر ان يمضي جميع اليهود من رومية فجاء اليهما. ولكونه من صناعتهما اقام عندهما وكان يعمل لانهما كانا في صناعتهما خياميين.

وُجدَ فى كورنثوس عدد ضخم من اليهود الذين طردهم كلوديوس قيصر من روما وقرار كلوديوس شمل المسيحيين. فكانوا أن المسيحية هى طائفة من اليهود. وكان غالباً طرد اليهود من روما بسبب شغبهم الذى أثاروه ضد المسيحيين. فلقد سجل المؤرخ أن اليهود تشاجروا بسبب شخص إسمه خريستوس
(أى المسيح وهو ظن أنه إسم أحد الأشخاص). وكان طَرْدُ اليهود من روما سنة49- 50م. وبولس حين أتى إلى كورنثوس بحث عمن لهم نفس صناعته ليأكل من عمل يديه فوجد اكيلا وبريسكلاً. كان اليهود يقولون من لا يعلم إبنه حرفة كمن يعلمه أن يكون لصاً. فكان لكل واحد حرفة مهما كان مركزه بريسكلا= إسم تصغير لبريسكا.

آية (4):-

وكان يحاج في المجمع كل سبت ويقنع يهودا ويونانيين.

آمن بعض اليهود من المجمع وبعض اليونانيين، بل أن رئيس مجمع اليهود قد آمن (راجع آية 8).

آية (5):-

ولما انحدر سيلا وتيموثاوس من مكدونية كان بولس منحصرا بالروح وهو يشهد لليهود بالمسيح يسوع.

منحصراً بالروح= الروح القدس يدفعه للكلام بقوة ويشهد للمسيح شهادة واضحة. وتعنى أن بولس كان خاضعاً للروح تماماً ولإرشادات الروح القدس.

آيات (6،7):-

واذ كانوا يقاومون ويجدفون نفض ثيابه وقال لهم دمكم على رؤوسكم انا بريء من الان اذهب الى الامم. فانتقل من هناك وجاء الى بيت رجل اسمه يوستس كان متعبدا لله وكان بيته ملاصقا للمجمع.

صار بيت يوستس هذا مقراً لإجتماع المسيحيين ومقابلة بولس لهم.

آية (10):-

لاني انا معك ولا يقع بك احد ليؤذيك لان لي شعبا كثيرا في هذه المدينة.

كانت ثورة اليهود ضد بولس شديدة بالإضافة للفساد الخلقى المنتشر، فكان بولس خائفاً من فشل خدمته فى كورنثوس.بولس لم يكن خائفاً من الإضطهاد أو الإيذاء ولكن الرب يخبره بأنه لن يضطر لترك المدينة كما حدث فى أماكن أخرى، وأن شيئاً لن يعوق الخدمة. وكان عمل الله عجيباً فى كورنثوس.

آيات (12-13):-

ولما كان غاليون يتولى اخائية قام اليهود بنفس واحدة على بولس واتوا به الى كرسي الولاية. قائلين ان هذا يستميل الناس ان يعبدوا الله بخلاف الناموس.

كان الوالى رجلاً حكيماً مقتدراً وهو غاليون أخو سينكا الفيلسوف المشهور. يعبدوا الله بخلاف الناموس= أى أنه ينشر ديناً ممنوع شرعاً وغير مرخص به فى الشريعة الرومانية التى تعترف باليهودية كدين شرعى.

آيات (14-16):-

واذ كان بولس مزمعا ان يفتح فاه قال غاليون لليهود لو كان ظلما او خبثا رديا ايها اليهود لكنت بالحق قد احتملتكم. ولكن اذا كان مسئلة عن كلمة واسماء وناموسكم فتبصرون انتم لاني لست اشاء ان اكون قاضيا لهذه الامور. فطردهم من الكرسي.

إكتشف غاليون أن هناك مؤامرة من اليهود ضد بولس فلم يعبأ بثورة اليهود المفتعلة وطردهم. وكان معنى قرار وكلام غاليون أن الإنجيل هو فرع من اليهودية الدين الذى تحميه الشريعة الرومانية بشكل خاص. وكان قرار غاليون سابقة مهمة لحماية المسيحيين لمدة عشر سنوات تقريباً.

آيات (17):-

فاخذ جميع اليونانيين سوستانيس رئيس المجمع وضربوه قدام الكرسي ولم يهم غاليون شيء من ذلك.

أخذ اليونانيون (ربما الوثنيون أو الذين آمنوا) وهؤلاء كانوا متضايقين من مؤامرات اليهود وإثارتهم الشغب فى المدينة بسبب أمورهم الدينية. هؤلاء اليونانيون أخذوا رئيس مجمع اليهود الذى أقام القضية ضد بولس وضربوه. ولكن هذه العلقة كانت بركة لسوستانيس هذا إذ أنه آمن بعد ذلك بالمسيح 1كو 1:1.

آية (18):-

واما بولس فلبث ايضا اياما كثيرة ثم ودع الاخوة وسافر في البحر الى سورية ومعه بريسكلا واكيلا بعدما حلق راسه في كنخريا لانه كان عليه نذر.

لبث أياماً كثيرة= كتب فيها الرسالة الثانية إلى تسالونيكى. وكانت مدة إقامة بولس الرسول فى كورنثوس 18 شهراً (آية 11).

حلق رأسه= هذا تقليد يهودى حينما يكون أحد عليه نذر. ولكن الآية لا توضح هل كان بولس أو أكيلا هو الذى صنع هذا النذر وأطلق شعره. ويقال إنه بولس وأنه صنع هذا النذر وأنه سوف يحلق شعره حين تتم شهادته فى كورنثوس وعلى أوسع نطاق. وحلق الرأس كان لابد أن يتم عند الهيكل فى أورشليم ويحُرق الشعر مع ذبيحة السلامة ولكن لأن إطلاق الشعر كان عيباً عند الرجل ( 1كو 14:11) ولأن الأمم لا يفهمون معنى هذا النذر، فتسامحت القوانين اليهودية للمقيمين خارج أورشليم وسمحت لهم بحلق رؤوسهم عند أقرب مدينة ويأخذوا معهم شعرهم إلى أورشليم ليحرق عند المذبح. وإن كان بولس هو الذى صنع هذا فهو يريد أن يكون لليهود كيهودى فشوق قلبه أن يذهب لأورشليم. كنخريا= هى ميناء كورنثوس (أحد المينائين) هى الميناء الشرقى على بحر إيجة.

آية (19):-

فاقبل الى افسس وتركهما هناك واما هو فدخل المجمع وحاج اليهود.

تخلف فى أفسس أكيلا وبريسكلا. أماّ بولس فإستقل المركب ثانية إلى سوريا. ولكن بولس إستغل فترة توقف المركب وكرز فى المجمع. والمركب لم تمكث طويلاً فى الميناء.

آية (20):-

واذ كانوا يطلبون ان يمكث عندهم زمانا اطول لم يجب.

بولس شعر بالروح أنه سيتوفر له الوقت ليستمر فترة أطول فى أفسس وبالفعل قضى فى أفسس بعد ذلك 3 سنوات ( أع 31:20) وهذه أطول مدة قضاها بولس فى مكان يكرز فيه.

آية (21):-

بل ودعهم قائلا ينبغي على كل حال ان اعمل العيد القادم في اورشليم ولكن سارجع اليكم ايضا ان شاء الله فاقلع من افسس.

العيد غالباً هو عيد الخمسين. وهذا العيد فيه أكبر تجمع لليهود فى أورشليم وكان يريد أن ينتهز الفرصة ويبشرهم.

آية (22):-

ولما نزل في قيصرية صعد وسلم على الكنيسة ثم انحدر الى انطاكية.

صعد وسلَّم على الكنيسة= وهو غالباً ذهب إلى أورشليم. ثم ذهب إلى إنطاكية وبهذا انتهت الرحلة الثانية.

فالرحلة الأولى بدأت من إنطاكية وإنتهت فى إنطاكية.

والرحلة الثانية بدأت من إنطاكية وإنتهت فى إنطاكية.

والرحلة الثالثة بدأت من إنطاكية وإنتهت فى أورشليم.

 

 

 

 

 

 

 


 

رحلة بولس الرسول الثالثة

الإصحاح الثامن عشر

آية (23):-

وبعدما صرف زمانا خرج واجتاز بالتتابع في كورة غلاطية وفريجية يشدد جميع التلاميذ.

بدء رحلة بولس الرسول الثالثة. ونرى بولس هنا يفتقد الكنائس التى سبق وبشر فيها. وغالباً كان يرافقه تيموثاوس (22:19). وبولس ذهب إلى كنائس غلاطية 4 مرات، مرتين فى الرحلة الأولى ومرة فى الثانية ومرة فى الثالثة.

آية (24):-

ثم اقبل الى افسس يهودي اسمه ابلوس اسكندري الجنس رجل فصيح مقتدر في الكتب.

أفسس= كانت قبل المسيح من كبريات مدن العالم. وهى عاصمة أسيا الصغرى وملتقى الشعوب والحضارات، ذات طبيعة غنية فى أرضها وأنهارها ومينائها، لها مواصلات مع كل العالم، مملوءة من الأبنية الفخمة. بها هيكل أرطاميس الفخم المذهب وهو أحد عجائب الدنيا السبع (أرطاميس هى ديانا) وأهل أفسس كانوا يتفاخرون به قائلين إن الشمس فى عبورها من الشرق إلى الغرب لا تجد أعظم من هيكل أرطاميس. وكان تمثال أرطاميس له ثُدَّىْ عديدة رمزاً لخصب الطبيعة التى ترضع الإنسان من فيض ينابيعها. وكان عبّادها يعتقدون أن هذا التمثال هبط من السماء. وقد تبارى صناع الفضة فى عمل تماثيل مصغرة لهذه الإلهة يأخذها العباد إلى بيوتهم، والسياح فى زياراتهم وذلك كتذكارات بركة. فكان هذا مكسباً للصناع وغنى لأفسس. لقد أسس الشيطان له مدناً وهياكل وأنظمة وفلسفات ولها صناع يرتزقون من هذه العبارة. لقد تحصَّن الشيطان بكل هذا قبل المسيح، قبل أن يأتى المسيح ويحطم كل هذا. وأفسس تحوى

1)    قبر فارغ للقديسة العذراء مريم.

2)    قبر القديس يوحنا الحبيب.

3)    قبر تيموثاوس أول أسقف عليها بعد بولس الرسول.

أبلوس= كان يعْلَمْ طريق الرب حتى معموديه يوحنا فقط ولكنه لم يسمع أن المسيا قد جاء. وأخذه أكيلا وبريسكلا وعلماه طريق المسيح فأخذ يبشر وكان فصيحاً مقتدراً فتحيز له بعض مؤمنى كورنثوس إلاّ أنه عندما إكتشف ذلك الشقاق الذى حدث بسببه رفض أن يذهب لهم فيما بعد 1كو 12:16. ولكن كان لأبلوس دوراً كبيراً فى كورنثوس حتى أن بولس قال أنا زرعت وأبلوس سقى. وهناك عدة إحتمالات أن أبلوس قد تتلمذ على يد يوحنا المعمدان وسمع منه أنه يعد الطريق للمسيا وبسبب أسفاره لم يعرف أن المسيا قد جاء فعلاً. أو هو تتلمذ على يد تلاميذ يوحنا الذين كانوا منتشرين بعد إستشهاده ولكنه لم يعرف عن المسيح
أو معمودية المسيح. أو هو رأى المسيح وشاهد معجزاته ولكنه لسفرياته خارج أورشليم لم يعرف الأحداث بدقة ولا عاصر تأسيس الكنيسة فى أورشليم.

آية (27):-

واذ كان يريد ان يجتاز الى اخائية كتب الاخوة الى التلاميذ يحضونهم ان يقبلوه فلما جاء ساعد كثيرا بالنعمة الذين كانوا قد امنوا.

إخائية= مقاطعة يونانية عاصمتها كورنثوس.


 

الإصحاح التاسع عشر

آية (1):-

فحدث فيما كان ابلوس في كورنثوس ان بولس بعدما اجتاز في النواحي العالية جاء الى افسس فاذ وجد تلاميذ.

أقام بولس فى أفسس من خريف سنه 54م إلى ربيع سنه 57م ولاحظ أن نيرون إعتلى عرش الإمبراطورية فى روما سنه 54م. النواحى العالية= من أسيا الصغرى وهما منطقتى غلاطية وفريجيه هذا فى مقابل أفسس التىفى مستوى أقل من البحر. فإذ وجد تلاميذ= هم تلاميذ للمسيح ولكن معارفهم قليلة. وبولس كتب من أفسس رسالة كورنثوس الأولى.

آيات (2-7):-

قال لهم هل قبلتم الروح القدس لما امنتم قالوا له ولا سمعنا انه يوجد الروح القدس. فقال لهم فبماذا اعتمدتم فقالوا بمعمودية يوحنا. فقال بولس ان يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلا للشعب ان يؤمنوا بالذي ياتي بعده اي بالمسيح يسوع. فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع. واذ كانوا يقاومون ويجدفون نفض ثيابه وقال لهم دمكم على رؤوسكم انا بريء من الان اذهب الى الامم. فانتقل من هناك وجاء الى بيت رجل اسمه يوستس كان متعبدا لله وكان بيته ملاصقا للمجمع.

كان الرسول بولس فى نهاية الرحلة الماضية قد مرَّ على أفسس وطلب منه الإخوه أن يطيل إقامته معهم
( أع 20:18،21) فوعدهم أن يعود إليهم. وهاهو الآن فى مدينة أفسس عند أكيلا وبريسكلا. وأول ما قابله هناك جماعة من الإخوة الذين كانوا يعرفون معمودية يوحنا فقط. فلما بشرهم الرسول بالرب يسوع الذى تنبأ وبشر به يوحنا آمنوا وإعتمدوا ( وربما كان التلاميذ الذين ذكروا فى آية 1 هم من تلاميذ أبلوس). ولما وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم وطفقوا يتكلمون بلغات. وكان الرجال منهم نحو إثنى عشر. كانت معمودية يوحنا رمزية كسائر ممارسات العهد القديم. وأن يوحنا نفسه سبق وقال أن معموديته رمزية علامة التوبة وأما السيد المسيح فله معمودية أخرى بالروح القدس (يو 25:1-34).

ومعمودية الروح هى التى تكلم عنها الرب يسوع مع نيقوديموس يو 5:3 ومثل باقى الأسرار علمها الرب للتلاميذ. وهذا السر من الأسرار مارسوها قدامه (يو 1:4-2) وأتت فعلها فى المؤمنين عند حلول الروح القدس. تشبيه= معمودية يوحنا تشبه لعبة التليفون (لعبة على شكل تليفون) لها ما يشبه السماعة وغير ذلك من الأجزاء. ولكنها مجرد لعبه يتلهى بها الأطفال. وأما معمودية الرب قبل حلول الروح القدس هذه التى تكلم عنها الإصحاح الرابع من يوحنا، فهى تليفون حقيقى غير أن الطاقة لم تصل بعد إليه. هذه الطاقة التىوصلت يوم حلول الروح القدس. (هذا التشبيه للأنبا اثناسيوس أسقف بنى سويف المتنيح).

فمعمودية يوحنا لا تحل إطلاقاً محل معمودية الرب. فتلك صورة فقط. ولذلك عمدهم الرسول بولس بإسم الرب يسوع. ثم وضع يديه عليهم فى السر الثانى من الأسرار الكنسية وهو سر التثبيت فحل عليهم الروح القدس (سر الميرون الآن).

آية (8):-

ثم دخل المجمع وكان يجاهر مدة ثلاثة اشهر محاجا ومقنعا في ما يختص بملكوت الله.

كالعادة يبدأ الرسول بالمجمع اليهودى.

آية (9):-

ولما كان قوم يتقسون ولا يقنعون شاتمين الطريق امام الجمهور اعتزل عنهم وافرز التلاميذ محاجا كل يوم في مدرسة انسان اسمه تيرانس.

شاتمين الطريق= الطريق هو المسيحية.

وهنا نرى أن بولس فصل التلاميذ عن المجمع اليهودى

آية (10):-

وكان ذلك مدة سنتين حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في اسيا من يهود ويونانيين.

لقد منع الروح القدس بولس من قبل أن يبشر فى آسيا 6:16. ولكن آن الأوان ليفعل. مدة سنتين= هى غالباً سنتين وبضعة أشهر قضاها يؤسس كنيسة أفسس. ويضاف لها 3 أشهر فى المجمع اليهودى آية8. وربما كان لبولس زيارات تبشيريه لكنائس مجاورة ليؤسسها مثل كولوسى وغيرها أو الكنائس التى وردت أسماءها فى الكنائس السبع فى سفر الرؤيا. المهم أن مجموع المدة التى قضاها بولس هى 3 سنين (31:20).

آية (11):-

وكان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة.

كانت المقاومة غير معتادة فأعطاه الله أن يصنع أيات غير معتادة.

آية (12):-

حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل او مازر الى المرضى فتزول عنهم الامراض وتخرج الارواح الشريرة منهم.

كان المرض الذى يعانى منه بولس غالباً هو قرحة تحتاج إلى عصائب دائمة غل 14:4( هذا بالإضافة لضعف النظر غل 11:6). وإذا كانت العصائب التى توضع على جسد بولس لها مفعول الشفاء هذا فكم وكم رفات الشهداء والقديسين.

آية (13):-

فشرع قوم من اليهود الطوافين المعزمين ان يسموا على الذين بهم الارواح الشريرة باسم الرب يسوع قائلين نقسم عليك بيسوع الذي يكرز به بولس.

اليهود الطوافين= هؤلاء يدعون إخراج الأرواح الشريرة بالسحر أو الشعوذة. وإستخدامهم هنا لإسم يسوع هو إعلان عن فشلهم بطرقهم السابقة. ولكن لاحظ أنهم لا يستخدمون إسم يسوع كمؤمنين بقوته ولاهوته بل يستخدمون إسم يسوع وإسم بولس كقوة سحرية بحسب مفهمومهم.

آية (14):-

وكان سبعة بنين لسكاوا رجل يهودي رئيس كهنة الذين فعلوا هذا.

رئيس كهنة= ربما رئيس فرقة من الفرق الـ 24. أو هو من بيت هرون وأقامه أتباعه رئيساً لهم فى أفسس لهذه الأعمال السحرية.

آية (15):-

فاجاب الروح الشرير وقال اما يسوع فانا اعرفه وبولس انا اعلمه واما انتم فمن انتم.

الروح الشرير يعترف بقوة يسوع ويعترف برسوله بولس.

آية (16):-

فوثب عليهم الانسان الذي كان فيه الروح الشرير وغلبهم وقوي عليهم حتى هربوا من ذلك البيت عراة ومجرحين.

هؤلاء بلا قوة حقيقة ضد الشيطان، وهاهو ينتقم منهم لسخريتهم منه. الشيطان لم يكن يهدف بهذا أن يمجد اسم الله لكنه إذ يجد فرصته لإيذاء إنسان يستغلها.

آية (17):-

وصار هذا معلوما عند جميع اليهود واليونانيين الساكنين في افسس فوقع خوف على جميعهم وكان اسم الرب يسوع يتعظم.

إسم الرب يسوع يتعظم فى مقابل إندحار إسم أرطاميس حتى سقطت.

آية (18):-

وكان كثيرون من الذين امنوا ياتون مقرين ومخبرين بافعالهم.

نرى هنا تطبيق عملى لسر الاعتراف. ولعل هؤلاء أتوا للاعتراف خوفاً مما حدث لأولاد سكاوا.

آية (19-20):-

وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها امام الجميع وحسبوا اثمانها فوجدوها خمسين الفا من الفضة. هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة.

هنا نرى إنتشار السحر فى أفسس لذلك أعطى الله لبولس قوى غير عادية. ومعجزات (11،12) ليواجه هذه القوى الشيطانية. بل أن هؤلاء السحرة أنفسهم آمنوا وتركوا السحر. ولنلاحظ أن العالم الذى لا يخضع للرب يسوع يخضع للشيطان.

آية (21):-

ولما كملت هذه الامور وضع بولس في نفسه انه بعدما يجتاز في مكدونية واخائية يذهب الى اورشليم قائلا اني بعدما اصير هناك ينبغي ان ارى رومية ايضا.

بولس كان يريد الإطمئنان على أولاده فيهم خصوصاً بعد أن سمع بأن عندهم مشكلات. وكان يريد ان يذهب لأورشليم حاملاً معه العطايا للفقراء.

آية (22):-

فارسل الى مكدونية اثنين من الذين كانوا يخدمونه تيموثاوس وارسطوس ولبث هو زمانا في اسيا.

ارسطوس= أو أراستوس هو خازن المدينة فى كورنثوس رو 23:16. وقد آمن وصار مسيحياً (وعُثِر على إسمه مسجلاً فى الأثار) أرسل إلى مكدونية= لجمع الهبات والعطايا التى سيذهب بها لأورشليم.

آية (23):-

وحدث في ذلك الوقت شغب ليس بقليل بسبب هذا الطريق.

الطريق= المسيحية.

آيات (24-28):-

لان انسانا اسمه ديمتريوس صائغ صانع هياكل فضة لارطاميس كان يكسب الصناع مكسبا ليس بقليل. فجمعهم والفعلة في مثل ذلك العمل وقال ايها الرجال انتم تعلمون ان سعتنا انما هي من هذه الصناعة. وانتم تنظرون وتسمعون انه ليس من افسس فقط بل من جميع اسيا تقريبا استمال وازاغ بولس هذا جمعا كثيرا قائلا ان التي تصنع بالايادي ليست الهة. فليس نصيبنا هذا وحده في خطر من ان يحصل في اهانة بل ايضا هيكل ارطاميس الالهة العظيمة ان يحسب لا شيء وان سوف تهدم عظمتها هي التي يعبدها جميع اسيا والمسكونة. فلما سمعوا امتلاوا غضبا وطفقوا يصرخون قائلين عظيمة هي ارطاميس الافسسيين.

ديمتريوس هيج الجمع بالآتى

1)    الحرمان من المكسب المادى.

2)    فقدان كرامتهم إذا أصبحت إلهتهم أرطاميس إلهة باطلة.

3)    تشويه صورة أرطاميس.

آية (29):-

فامتلات المدينة كلها اضطرابا واندفعوا بنفس واحدة الى المشهد خاطفين معهم غايوس وارسترخس المكدونيين رفيقي بولس في السفر.

الشعب فى ثورته عثروا على شخصين إسمهما غايوس وإرسترخس وهما مقدونيى الأصل من رفقاء بولس ودفعوهما أمامهما. وأنضم إليهم اليهود. ودفع اليهود إلى الجمع شخصاً يهودى الأصل إسمه إسكندر يغلب الظن انه كان قد آمن بالمسيح ثم إرتد، ولعله كان قد إختلف مع الرسول بولس فى بعض المواقف، ولم يذعن له الرسول فترك المسيحية ونراه هنا يقاوم بولس ويسبب له متاعب كثيرة ( 2تى 14:4-15) وكان إسكندر هذا نحاساً أى من الصياغ. المشهد= هو مسرح المدينة ومن خرائبه المتبقية للآن يتضح أنه يسع 30.000 وكانوا يتسلون بإلقاء الناس للوحوسش. وربما هذا ما كانوا يقصدونة إذا تمكنوا من القبض على بولس. وكانت النية إلقاء غايوس وأرسترخس فى المشهد للوحوش وكان هذا المسرح مكان لإجتماع الشعب والمحفل للفصل فى الشئون المدنية.

آية (30):-

ولما كان بولس يريد ان يدخل بين الشعب لم يدعه التلاميذ.

بولس أراد أن يواجه الثائرين فى شجاعة لإنقاذ رفقائه وإثبات براءتهم فرفض التلاميذ ذلك ومنعوه.

آية (31):-

واناس من وجوه اسيا كانوا اصدقاءه ارسلوا يطلبون اليه ان لا يسلم نفسه الى المشهد.

نرى الله وقد أعدَّ لبولس بعض من وجوه آسيا= أى الرؤساء والأثرياء كأصدقاء، وهؤلاء أشاروا بأن لا يسلم بولس نفسه للمشهد فبالتأكيد كانوا سيفتكون به فهو المقصود.

آية (32):-

وكان البعض يصرخون بشيء والبعض بشيء اخر لان المحفل كان مضطربا واكثرهم لا يدرون لاي شيء كانوا قد اجتمعوا.

الجمهور لا عقل له، تحركه آية إثارات.

آية (33):-

فاجتذبوا اسكندر من الجمع وكان اليهود يدفعونه فاشار اسكندر بيده يريد ان يحتج للشعب.

اليهود دفعوا إسكندر هذا ووكلوه ليشرح للجمع أن اليهود ليسوا مسيحيين، فالأفسسيين كانوا لا يميزون بين اليهود والمسيحيين، وإسكندر هذا أراد إثبات براءة اليهود من إنتماء بولس إليهم حتى لا يشمل الإتهام اليهود أيضاً. وقطعاً كان إسكندر هذا كعادته سيشتم بولس ويوجه له سيل من الإتهامات ( 2تى 14:4،15). ولكن الأفسسين إكتشفوا أن إسكندر هذا كان يهودياً ربما من ملابسه أو شكله أو لغته، والأفسسيون لا يحبون اليهود لأنهم يعلمون أن اليهود لا يحترمون آلهتهم، وأيضاً ففى نظرهم فلا فرق بين المسيحية واليهودية. لذلك منع الجمهور إسكندر من الكلام وظلوا فى صياح لإلهتهم.

آية (34):-

فلما عرفوا انه يهودي صار صوت واحد من الجميع صارخين نحو مدة ساعتين عظيمة هي ارطاميس الافسسيين.

هذه الأديان الوثنية نجد فيها عباد الإلهة يدافعون عن آلهتهم ولكننا نحن الذين نعبد الله الحى، هو الذى يدافع عنا ويحملنا.

آية (35):-

ثم سكن الكاتب الجمع وقال ايها الرجال الافسسيون من هو الانسان الذي لا يعلم ان مدينة الافسسيين متعبدة لارطاميس الالهة العظيمة والتمثال الذي هبط من زفس.

الكاتب= كاتب المدينة هو موظف كبير بها كرئيس لديوانها. وهو خاف أن الرومان يعاقبون المدينة بسبب هذا الشغب. وكان الكاتب هو أداة الإتصال بين إدارة بلديه أفسس وبين الحكام الرومان. وغالباً فإن أكيلا وبريسكلا خبئا بولس الرسول عندهما وسط هذا الهياج معرضين انفسهما لمخاطر كبيرة رو 3:16-5.

التمثال الذى هبط من زفس= أى من آلهة السماء. إذاً لن يستطيع أحد من هؤلاء اليهود أن يضره بشئ فلماذا هذا الهياج.

آية (36):-

فاذ كانت هذه الاشياء لا تقاوم ينبغي ان تكونوا هادئين ولا تفعلوا شيئا اقتحاما.

لا تقاوم= الألهة (زفس وأرطاميس) ومحبتكم لها. كل هذا لا يقاوم إذاً لا خطر على عبادتكم لأرطاميس أنها تضمحل بسبب اليهود..

آية (37):-

لانكم اتيتم بهذين الرجلين وهما ليسا سارقي هياكل ولا مجدفين على الهتكم.

سارقى هياكل= كانت خزائن الهياكل مملوءة كنوزاً وأموال.

ولا مجد فين على إلهتكم= هم يبشرون ويدعون لإلههم ولم يشتموا إلهتكم وكانت طريقة بولس الرسول إيجابية، فهو يعلم ويبشر بالمسيح ونور المسيح وقوته كفيلين بأن يهرب ظلام الأوثان.

آية (40):-

لاننا في خطر ان نحاكم من اجل فتنة هذا اليوم وليس علة يمكننا من اجلها ان نقدم حسابا عن هذا التجمع.

كان الرومان لا يسمحون بهذه الفوضى أبداً.

 

الإصحاح العشرون

آيات ( 1،2):-

وبعدما انتهى الشغب دعا بولس التلاميذ وودعهم وخرج ليذهب الى مكدونية. ولما كان قد اجتاز في تلك النواحي ووعظهم بكلام كثير جاء الى هلاس.

بعد ما إنتهى الشغب الذى حدث من عباد أرطاميس غادر بولس أفسس وذهب لمكدونية (فيلبى أشهر مدنها). ومن هناك كتب رسالة كورنثوس الثانية. وكان عطاء كنيسة فيلبى بكرم فى 14:4-19. هلاّس= أى اليونان وقد يشير الإسم للجزء الواقع بين مكدونية وإخائية إلاّ أنه يشير لبلاد اليونان عموماً. إجتاز فى تلك النواحى= أى فى مكدونية.

آية (3):-

فصرف ثلاثة اشهر ثم اذ حصلت مكيدة من اليهود عليه وهو مزمع ان يصعد الى سورية صار راي ان يرجع على طريق مكدونية.

فصرف 3 أشهر= غالباً فى كورنثوس. ثم إذا حصلت مكيدة= هناك دبرَّ اليهود مؤامرة على بولس:-

1)    لسلب الأموال التى معهُ وسيأخذها لمؤمنى أورشليم.

2)    للإنتقام منه فهم لازالوا يذكرون أن غاليون خلَّصه من أيديهم.

والمؤامرة كانت إماّ 1) بقتل بولس وإلقائه فى البحر أثناء سير السفينة خصوصاً وأن معظم ركاب السفينة من الحجاج اليهود الذاهبين لأورشليم. 2) إلقاء القبض عليه لمحاكمته فى أورشليم ورجمه كمجدف على الناموس. ولما إنكشفت المؤامرة فكروا فى السفر براً حتى فيلبى ثم بحراً إلى شؤاطى أسيا الصغرى (ترواس) سوريا= إنطاكية التى يريد الذهاب لها فى سوريا.

آية (5):-

هؤلاء سبقوا وانتظرونا في ترواس.

إذاً بولس تخلف فى فيلبى لبعض الوقت حيث كان لوقا فى إنتظاره أماّ باقى المجموعة فسبقت إلى ترواس. وهؤلاء كانوا يعلمون معهُ ويسندونه فى مرضه.

آية (7):-

وفي اول الاسبوع اذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا خاطبهم بولس وهو مزمع ان يمضي في الغد واطال الكلام الى نصف الليل.

فى أول الأسبوع= هو يوم الأحد ليكسروا خبزاً= إذاً نحن أمام قداس يوم الأحد. وكانت الكنيسة تجتمع فى مساء السبت ويتناولون العشاء كوليمة محبة ثم يستمعون للتعاليم ويسهرون فى التسابيح والتعليم طوال الليل وينتهون بسر الشركة. ويأكلون سوياً وينصرفون. وذلك لأن يوم الأحد لم يكن يوم عطلة أو يوم راحة. ومن هذا نفهم انهم كانوا ينقطعون عن الطعام طوال فترة التسبيح والتعليم وحتى بعد القداس.

آية (8):-

وكانت مصابيح كثيرة في العلية التي كانوا مجتمعين فيها.

مصابيح كثيرة= النور علامة على حضور الله وملائكته فى الكنيسة وهى دعوة لنا لنحيا فى النور.

آية (9):-

وكان شاب اسمه افتيخوس جالسا في الطاقة متثقلا بنوم عميق واذ كان بولس يخاطب خطابا طويلا غلب عليه النوم فسقط من الطبقة الثالثة الى اسفل وحمل ميتا.

حُمِلِ ميتاً= فى وجود لوقا الطبيب ما يثبت أنه تحقق من موته.

تأمل:-

من يتغافل عن كلمة الله ولا يسهر يحكم على نفسه بالموت.

آية (10):-

فنزل بولس ووقع عليه واعتنقه قائلا لا تضطربوا لان نفسه فيه.

بولس يكرر ما فعله إيليا وإليشع. وأقام الولد من موته ومن تواضعه لم يقل سأقيمه بل قال نفسه فيه

آيات (13،14):-

واما نحن فسبقنا الى السفينة واقلعنا الى اسوس مزمعين ان ناخذ بولس من هناك لانه كان قد رتب هكذا مزمعا ان يمشي. فلما وافانا الى اسوس اخذناه واتينا الى ميتيليني.

أقلعت السفينة من ترواس ومعها كل الذين كانوا فى صحبة بولس. ولكن بولس نفسه تخلف فهو آثر أن يمكث مع أهل ترواس بضع ساعات ويذهب من ترواس إلى أسوس براً ليركب المركب مع باقى المجموعة من أسوس. والطريق البحرى أطول لأنه يدور حول رأس بحرى ولكن أكثر راحة. أما بولس فقد فضَّل السير مع تلاميذه أطول فترة عن راحته.

آية (16):-

لان بولس عزم ان يتجاوز افسس في البحر لئلا يعرض له ان يصرف وقتا في اسيا لانه كان يسرع حتى اذا امكنه يكون في اورشليم في يوم الخمسين.

لم يرد بولس الرسول أن يمر على أفسس لئلا يعوقه المؤمنون عندهم فإنطلق إلى ميليتس ومن هناك أرسل وإستدعى كهنة أفسس ووجه لهم هذا الحديث الرعوى الفريد الذى يحمل ملخصاً للخدمة الكنسية الرعوية بروح الرسول بولس وإصالته. وبولس يريد الوصول لأورشليم ليكرز فى يوم الخمسين.

آية (17):-

ومن ميليتس ارسل الى افسس واستدعى قسوس الكنيسة.

المسافة من ميليتس إلى أفسس حوالى 30 ميلاً.

آيات (18-35):-

فلما جاءوا اليه قال لهم انتم تعلمون من اول يوم دخلت اسيا كيف كنت معكم كل الزمان. اخدم الرب بكل تواضع ودموع كثيرة وبتجارب اصابتني بمكايد اليهود. كيف لم اؤخر شيئا من الفوائد الا واخبرتكم وعلمتكم به جهرا وفي كل بيت. شاهدا لليهود واليونانيين بالتوبة الى الله والايمان الذي بربنا يسوع المسيح. والان ها انا اذهب الى اورشليم مقيدا بالروح لا اعلم ماذا يصادفني هناك. غير ان الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا ان وثقا وشدائد تنتظرني. ولكنني لست احتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى اتمم بفرح سعيي والخدمة التي اخذتها من الرب يسوع لاشهد ببشارة نعمة الله. والان ها انا اعلم انكم لا ترون وجهي ايضا انتم جميعا الذين مررت بينكم كارزا بملكوت الله. لذلك اشهدكم اليوم هذا اني بريء من دم الجميع. لاني لم اؤخر ان اخبركم بكل مشورة الله. احترزوا اذا لانفسكم ولجميع الرعية التي اقامكم الروح القدس فيها اساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه. لاني اعلم هذا انه بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية. ومنكم انتم سيقوم رجال يتكلمون بامور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم. لذلك اسهروا متذكرين اني ثلاث سنين ليلا ونهارا لم افتر عن ان انذر بدموع كل واحد. والان استودعكم يا اخوتي لله ولكلمة نعمته القادرة ان تبنيكم وتعطيكم ميراثا مع جميع المقدسين. فضة او ذهب او لباس احد لم اشته. انتم تعلمون ان حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان. في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ.

ملاحظات على خطاب بولس الرسول.

أ- موضوع الخدمة

1) البشارة المفرحة بالخلاص، بشارة نعمة الله         آية 24.

2) ملكوت الله                                         آيه 25.

3) سبيل الملكوت التوبة إلى الله والإيمان بالمسيح      آية 21.

ب- الأمانة فى الخدمة

1) لم يؤخر شيئاً من الفوائد إلا وأخبرهم به مع أنه لو خَبَّاً بعض الحقائق لما أضطهده اليهود                                                   آيه 20.

2) يخبرهم بمشورة الله                                آيه 27.

ج) أسلوب الخدمة:

1) بكل تواضع بالرغم من المعجزات التى صنعها     آية 19.

2) بكل دموع وصلوات                                        آية 19.

3) لم يطلب أجراً                                       آية 33-35.

4) إحتمال للضيقات                                    آيات 19،23،24.

5) التزام كامل بتتميم الخدمة                           آية 24.

6) الإهتمام بكل فرد                                    آية 31.

7) التسليم لله فهو كان يعلم ما ينتظره فى أورشليم      آية 23.

8) التعليم جهراً ( فى بيت تيرانس)                    آية 20.

د) قارن بين آيات 17،28 نجد أن الخطاب موجه لمن سماهم قسوس الكنيسة وسماهم أيضاً أساقفة فى نفس الوقت. ذلك لأن الكنيسة فى المراحل الأولى لتأسيس الجماعات كانت تقيم الكاهن أسقفاً حتى يمكنه أن يباشر جميع ما يلزم الكنيسة من خدمات، وكلما كثر الشعب وإتسعت الخدمة ظهرت التخصصات.

هـ) آية (28):-

احترزوا اذا لانفسكم ولجميع الرعية التي اقامكم الروح القدس فيها اساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه.

الكنيسة التى إقتناها الله بدمه= هى آية شهيرة تثبت لاهوت السيد المسيح، وأن المسيح هو الله. فقوله بدمه تشير للمسيح المصلوب وهو يسميه هنا الله.

أقامكم الروح القدس فيها= فالروح القدس هو الذى يقيم الكهنة والأساقفة وذلك بوضع اليد أع 3:13 + 1تى 22:5 + 2تى 6:1.

و) الآلام والمشاكل والهرطقات لا بدو ستواجه الكنيسة آيات 29،30.

ز) واجب الكنيسة والرعاة السهر على الرعية حتى لا تتضل وراءهم.  آية 31.

آية (22):-

والان ها انا اذهب الى اورشليم مقيدا بالروح لا اعلم ماذا يصادفني هناك.

مقيداً بالروح= هو يشعر أنه لا يستطيع فكاكاً من دافع الذهاب إلى أورشليم، وهو شعر بأن النبوات عن الآلام التى سيقابلها فى أورشليم هى قوة ملزمة له بينما أن كل من حوله، لم يرى أحد ذلك وكانوا يمنعونه. وبالمقارنة مع أعمال4:21، نجد أن الروح القدس يرشد التلاميذ أن يمنعوا بولس الرسول من الذهاب إلى أورشليم. وبذلك يبدو أن هناك تناقض ظاهرى، فالروح القدس يرشد بولس أن يصعد إلى أورشليم ويرشد التلاميذ بالعكس. وحل هذا الأشكال فى أن الروح القدس يملأ بولس الرسول بمحبة المسيح وهو مقيد بهذه المحبة وبولس فهم هذه المحبة بمفهومه البشرى أنه يجب أن يصعد إلى أورشليم ليشهد لشعبه اليهودى الذين يحبهم (رومية3:9) عن المسيح الذى يحبه جداً (رومية35:8-39) وحينما وجد الروح القدس أن بولس الرسول ترجم إرشاده برغبة فى الذهاب إلى أورشليم ليستشهد هناك حبا فى المسيح أرشده الروح القدس عن طريق التلاميذ والأنبياء (أغابوس، أعمال11:21) أن لا يصعد إلى أورشليم فوقت إستشهاده لم يأتى بعد. حقاً الروح القدس يرشد ولكننا لا يمكننا أن نلغى الفكر البشرى.

ط) آية (35):-

في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ.

مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ= النص هذا غير موجود فى الأناجيل الأربعة. ولكن هذا هو روح تعليم المسيح ويظهر أن مجموعة من أقوال المسيح كانت متداولة فى ذلك الحين.


 

الإصحاح الحادى والعشرون

آيات ( 1،2):-

ولما انفصلنا عنهم اقلعنا وجئنا متوجهين بالاستقامة الى كوس وفي اليوم التالي الى رودس ومن هناك الى باترا. فاذ وجدنا سفينة عابرة الى فينيقية صعدنا اليها واقلعنا.

فينيقية= هى لبنان الآن. كوس= جزيرة صغيرة رودس= جزيرة والسفن التى إستعملت حتى الآن هى سفن صغيرة من النوع الذى يسير بجانب السواحل. وإلى هنا تنتهى رحلتها ولابد من سفينة كبيرة للإبحار فى عرض البحر هذه هى السفينة العابرة إلى فينيقية.

آية (3):-

ثم اطلعنا على قبرس وتركناها يسرة وسافرنا الى سورية واقبلنا الى صور لان هناك كانت السفينة تضع وسقها.

وَسْقها = حمولتها.

آية (4):-

واذ وجدنا التلاميذ مكثنا هناك سبعة ايام وكانوا يقولون لبولس بالروح ان لا يصعد الى اورشليم.

هم لبثوا هذه المدة مرغمين لتفريغ الحمولة وإعادة الشحن للمركب. وهنا نجد إنذاراً من الروح لبولس بما ينتظره من شدائد فى أورشليم.

آية (7):-

ولما اكملنا السفر في البحر من صور اقبلنا الى بتولمايس فسلمنا على الاخوة ومكثنا عندهم يوما واحدا.

بتولمايس= عكا. وهنا نرى كنيسة مسيحية تعرف بولس الرسول

آية (8):

ثم خرجنا في الغد نحن رفقاء بولس وجئنا الى قيصرية فدخلنا بيت فيلبس المبشر اذ كان واحدا من السبعة واقمنا عنده.

أحد الشمامسة السبعة رفيق إسطفانوس وقد بشر وزير كنداكة ملكة الحبشة. وقيصرية هى التى كان فيها كرنيليوس.

آية (9):-

وكان لهذا اربع بنات عذارى كن يتنبان.

عذارى= لا تعنى أنهن لم يتزوجن بل أنهن تفرغن للعبادة والخدمة. يتنبأن= يتكلمن بكلمة الرب.

آية (11):-

فجاء الينا واخذ منطقة بولس وربط يدي نفسه ورجليه وقال هذا يقوله الروح القدس الرجل الذي له هذه المنطقة هكذا سيربطه اليهود في اورشليم ويسلمونه الى ايدي الامم.

إنذار آخر لبولس بما سيلاقيه فى أورشليم.

آية (12):-

فلما سمعنا هذا طلبنا اليه نحن والذين من المكان ان لا يصعد الى اورشليم.

صوت آخر يمنع بولس من الصعود لأورشليم. كل هذه الإنذارات لمنعه من الصعود لأورشليم حتى لا تتعطل الخدمة والكرازة، ولأجل الكنيسة. وفعلاً تعطل بولس الرسول 4 سنوات عن الخدمة بسبب صعوده لأورشليم هذا.

آية (13):-

فاجاب بولس ماذا تفعلون تبكون وتكسرون قلبي لاني مستعد ليس ان اربط فقط بل ان اموت ايضا في اورشليم لاجل اسم الرب يسوع.

نرى شهوة بولس للآلام. " لى الحياة هى المسيح والموت هو ربح" فى 21:1 ولذلك لم يقتنع بولس الرسول وإعتبر النبوات إعداداً له للموقف الذى يحدث وليست تحذيراً له لمنعه من الذهاب. وكان بموقفه الشجاع قدوة لهم على إحتمال الآلام والإضطهاد والله الذى يحول كل الأمور للخير جعل وقوع بولس فى أسر اليهود ثم الرومان سبباً لوصول كلمة الكرازة لقصر قيصر فى روما.

آية (16):-

وجاء ايضا معنا من قيصرية اناس من التلاميذ ذاهبين بنا الى مناسون وهو رجل قبرسي تلميذ قديم لننزل عنده.

مناسون= تلميذ للمسيحية من الرعيل الأول. الذى آمن بالمسيح.

آية (17):

ولما وصلنا الى اورشليم قبلنا الاخوة بفرح.

هنا تنتهى الرحلة الثالثة فى أورشليم وكانت قد بدأت فى إنطاكية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
 

 

بولس فى قبضة اليهود والرومان

والرحلة الأخيرة إلى روما


 

الإصحاح الحادى والعشرون

آية (19):-

فبعدما سلم عليهم طفق يحدثهم شيئا فشيئا بكل ما فعله الله بين الامم بواسطة خدمته.

وهو أعطاهم الهبات التى أتى بها معه وجمعها لهم أع 17:24.

آية (20):-

فلما سمعوا كانوا يمجدون الرب وقالوا له انت ترى ايها الاخ كم يوجد ربوة من اليهود الذين امنوا وهم جميعا غيورون للناموس.

نرى الفرح بإنتشار الإنجيل وسط الشعوب والأمم.

غيورون للناموس= يريدون أن يضيفوا المسيح إلى ناموسهم، هم آمنوا بالمسيح ولكنهم إلتزموا بكل عوائد الناموس. ومازالت لهم أفكارهم العنصرية السابقة فى أنهم متميزين عن الأمم، لذلك هم رفضوا دخول الأمم للمسيحية، أو على الأقل إن دخلوا فليتهودوا أولاً ملتزمين بالناموس ويختتنوا. وهؤلاء المتهودين كم آثاروا من المشاكل لبولس فى كل مكان.                                                              ربوة = 10.000

كم يوجد ربوة=        تعنى أنه يوجد ربوات من المؤمنين آمنوا على يد يعقوب وباقى الرسل.

آية (22):-

فاذا ماذا يكون لا بد على كل حال ان يجتمع الجمهور لانهم سيسمعون انك قد جئت.

فإذا ماذا يكون= ماذا نعمل حين يجتمع الجمهور ويثيرون المتاعب.

آية (23):-

فافعل هذا الذي نقول لك عندنا اربعة رجال عليهم نذر.

هى خطة غير مقنعة لكنها ناشئة عن خوف، وهى محاولة لإسترضاء المتهودين. وبولس أراد أن يكسب على كل حال قوماً.

آية (25):-

واما من جهة الذين امنوا من الامم فارسلنا نحن اليهم وحكمنا ان لا يحفظوا شيئا مثل ذلك سوى ان يحافظوا على انفسهم مما ذبح للاصنام ومن الدم والمخنوق والزنا.

رأى القديس يعقوب أن الأمم غير ملزمين بالختان ولا عوائد الناموس ولكن اليهود ملزمين بكل ذلك، أماَّ رأى بولس فهو أن الحرية للجميع.

آية (26):-

حينئذ اخذ بولس الرجال في الغد وتطهر معهم ودخل الهيكل مخبرا بكمال ايام التطهير الى ان يقرب عن كل واحد منهم القربان.

كمال أيام التطهير= شريعة النذير عد 14:6-21 إن نذَرَ اليهودى نَذْراً من أجل ضيقة يترك خصل شعره تطول لمدة 30 يوماً بحساب التلمود أو أى مدة يحددها. ولا يَذُقْ خمراً ولا مسكراً ففى هذه الأيام يحتسب أنه قدوس للرب. وعند إنتهاء المدة يأتى بذبائح النذير وهى فوق طاقة أى إنسان عادى. لذلك فإنه يلجأ إلى أحد الأغنياء ليصرف عليه ليكمل نذره= تطهر معهم وإنفق عليهم= (آية 24) فكانوا يقدمون خروف ونعجة وكبش وسل فطير ورقائق فطير مع تقدمتها وسكائبها ويقدمها للكاهن ويعمل ذبيحة خطية وذبيحة محرقة ويحلق النذير لدى باب خيمة الاجتماع. ويأخذ شعر إنتذاره ويجعله على النار التى تحت ذبيحة السلامة. وهذا الناموس إنتهى بالنسبة للمسيحى ولكن له قيمته لمن تربى فى أحضانه. ولاحظ أن بولس لم يعارض الناموس فى ذاته بل أن يكون الناموس وسيلة أو ضرورة للخلاص وبنفس الأسلوب ختن تيموثاوس من قبل.

آيات (27،28):-

ولما قاربت الايام السبعة ان تتم راه اليهود الذين من اسيا في الهيكل فاهاجوا كل الجمع والقوا عليه الايادي. صارخين يا ايها الرجال الاسرائيليون اعينوا هذا هو الرجل الذي يعلم الجميع في كل مكان ضدا للشعب والناموس وهذا الموضع حتى ادخل يونانيين ايضا الى الهيكل ودنس هذا الموضع المقدس.

كانت هذه الأحداث غالباً فى يوم الخمسين حيث يجتمع فى أورشليم اليهود من كل الدنيا فهو موسم للحج. وكان كثيرون منهم قد عرفوا بولس وقاوموه فى أسيا الصغرى واليونان لأنه لا يهتم بالناموس ويقاومه. فلما رأوه هنا بدون حماية الرومان هجموا عليه للإنتقام. وإتهموه بأنه أدخل الأمم إلى الهيكل. وكان الأمم يدخلون فقط للرواق الخارجى ومن يتعداه يقتل حتى لو كان رومانياً. وكان هذا موافقاً عليه من الرومان. وهم طبعاً لم يهتموا بأن بولس يمارس شريعة النذير. الأيام السبعة= غالباً لتتميم طقس النذير.

آية (30):-

فهاجت المدينة كلها وتراكض الشعب وامسكوا بولس وجروه خارج الهيكل وللوقت اغلقت الابواب.

اغلقت الأبواب= بين رواق الأمم وباقى الهيكل إستعداداً لقتل بولس أو لمنع دخول أى أممى كان مرافقاً لبولس أو لمنع بولس من التمسك بقرون المذبح.

آية (31):-

وبينما هم يطلبون ان يقتلوه نما خبر الى امير الكتيبة ان اورشليم كلها قد اضطربت.

كان يهود الشتات أكثر تعصبياً من يهود أورشليم لبعدهم عن الوطن وحنينهم إليه. ونرى هنا أن الله أرسل لبولس هذا الأمير لينقذه فبولس ما زال أمامه أن يشهد للمسيح فى أماكن أخرى. وكان هناك معسكر للرومان تعسكر فيه حامية رومانية قريب من الهيكل. فحصن أنطونيا كان مشرفاً على الهيكل يرون منه كل ما يحدث داخل الهيكل. أمير الكتيبة = هو قائد ألف.

آية (33):-

حينئذ اقترب الامير وامسكه وامر ان يقيد بسلسلتين وطفق يستخبر ترى من يكون وماذا فعل.

هو ظن أن بولس هو ثائر مصرى هرب منه من قبل (آيه 38) لذلك قيده بسلسلتين حتى لا يهرب منه ثانية.

آية (34):-

وكان البعض يصرخون بشيء والبعض بشيء اخر في الجمع ولما لم يقدر ان يعلم اليقين لسبب الشغب امر ان يذهب به الى المعسكر.

الأمير كان يسأل ماذا يحدث ولا يتلقى إجابات بل صراخ، ففى أثناء الشغب لا أحد يدرى لماذا الهياج.

آية (35):-

ولما صار على الدرج اتفق ان العسكر حمله بسبب عنف الجمع.

العسكر حموا بولس بل حملوه من عنف الهياج.

آيات (37-39):-

واذ قارب بولس ان يدخل المعسكر قال للامير ايجوز لي ان اقول لك شيئا فقال اتعرف اليونانية. افلست انت المصري الذي صنع قبل هذه الايام فتنة واخرج الى البرية اربعة الالاف الرجل من القتلة. فقال بولس انا رجل يهودي طرسوسي من اهل مدينة غير دنية من كيليكية والتمس منك ان تاذن لي ان اكلم الشعب.

بولس بأسلوب مهذب وحكمة إكتسب صداقة الأمير. وهذا سيكون سبباً فى نجاته بعد ذلك من مكيدة مدبرة له، وبل أذن له أن يكلم الشعب من فوق سلم القلعة كأحد العظماء.

القتلة= كانوا عصابة مسلحة تغير على أورشليم وتتخذ البرية مقراً لها وتخصصوا فى قتل الرومان. وتزعمهم رجلُ مصرى إدّعى أنه موسى الثانى فإلتف حوله شعب كثير وقاموا بثورة عنيفة، فضربهم الرومان ضربة شديدة جداً مات فيها المئات وهرب هذا المصرى. فلما سقط بولس فى يد الأمير ظنه هذا المصرى. أتعرف اليونانية = اليونانية هى لغة المثقفين فى كل الإمبراطورية. والأمير حين ظن أن بولس هو ذاك المصرى الهارب تعجب أنه يتكلم اليونانية. مدينة غير دنية = إشارة غير صريحة لمواطنته الرومانية.

آية (40):-

فلما اذن له وقف بولس على الدرج واشار بيده الى الشعب فصار سكوت عظيم فنادى باللغة العبرانية قائلا.

بولس فى عظمة يقف ويواجه هذا الشعب العنيد، ويتكلم وهو مربوط ويواجه كل طوائف الشعب ويشهد للمسيح الذى أحبه. والله أعطاه نعمة فالجمع صمتوا إذ وجدوه يتكلم بالعبرانية، فكانت فرصة ليشهد لكل هؤلاء عن المسيح.


 

الإصحاح الثانى والعشرون

آية (1):-

ايها الرجال الاخوة والاباء اسمعوا احتجاجي الان لديكم.

العبرانية هى لغة اليهود الأصلية ولغة التوراة ولغة العظماء والعلماء والكهنة أماّ الشعب فكان يتكلم الأرامية ولكنهم يفهمون العبرانية.

آية (3):-

انا رجل يهودي ولدت في طرسوس كيليكية ولكن ربيت في هذه المدينة مؤدبا عند رجلي غمالائيل على تحقيق الناموس الابوي وكنت غيورا لله كما انتم جميعكم اليوم.

قال التاريخ عن غمالائيل أنه آخر معلمى الناموس الكبار فى أورشليم. إذاً فبولس تربى فريسياً ناموسياً غيوراً على الشريعة.

عند رجلى= كان المعلم يجلس على كرسى والتلاميذ على حصر يجلسون أمامه.

آيات (4،5):-

واضطهدت هذا الطريق حتى الموت مقيدا ومسلما الى السجون رجالا ونساء. كما يشهد لي ايضا رئيس الكهنة وجميع المشيخة الذين اذ اخذت ايضا منهم رسائل للاخوة الى دمشق ذهبت لاتي بالذين هناك الى اورشليم مقيدين لكي يعاقبوا.

إذاً حبه للناموس لا يقل عن أحد من الثائرين عليه.

آية (7):-

فسقطت على الارض وسمعت صوتا قائلا لي شاول شاول لماذا تضطهدني.

كأن هذا هو صوت المسيح لهؤلاء اليهود المجتمعين أمام بولس الآن.

آية (9):-

والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني.

لم يسمعوا= فقلبهم لم يكن مستعداً كقلب بولس. هل يوجد وسطنا فى الكنيسة من هم موجودين لكن غير مستعدين للسماع.

آية (12):-           

ثم ان حنانيا رجلا تقيا حسب الناموس ومشهودا له من جميع اليهود السكان.

يبدون أن سكان أورشليم كانوا يعرفون تقوى حنانيا. وبلس يبرز هنا حنانيا كشخص ملتزم بالناموس ليقبلوه.

آية (16):-

والان لماذا تتوانى قم واعتمد واغسل خطاياك داعيا باسم الرب.

قم إعتمد لماذا تتوانى = هذه الكلمات موجهة لليهود السامعين أيضاً.

آيات (17-21):-

وحدث لي بعدما رجعت الى اورشليم وكنت اصلي في الهيكل اني حصلت في غيبة. فرايته قائلا لي اسرع واخرج عاجلا من اورشليم لانهم لا يقبلون شهادتك عني. فقلت يا رب هم يعلمون اني كنت احبس واضرب في كل مجمع الذين يؤمنون بك. وحين سفك دم استفانوس شهيدك كنت انا واقفا وراضيا بقتله وحافظا ثياب الذين قتلوه. فقال لي اذهب فاني سارسلك الى الامم بعيدا.

هذا الجزء لم يرد إلاّ هنا. ورد بولس فى 19 معناه يارب إن شهادتى لك لها قيمة لسابق معرفتهم بما عملته مع المسيحيين من إضطهاد. وهذه القصة حدثت بعد إيمان بولس وزيارته الأولى لأورشليم بعد إيمانه

(أع 26:9-30 + غل 18:1). ولاحظ قوله لهم أن كرازتهم للأمم جاءت بأمر مباشر من الله وهو فى الهيكل المقدس عندهم.                                                

آية (22):-

فسمعوا له حتى هذه الكلمة ثم رفعوا اصواتهم قائلين خذ مثل هذا من الارض لانه كان لا يجوز ان يعيش.

هذه مثل ما قالوه سابقاً عن السيد المسيح خذه خذه اصلبه.

وسبب ثورتهم شهادة بولس أمامهم أن الله أرسله للأمم. هم سمعوا لكل ما قيل ولكنهم لم يسكتوا على قبول الأمم، مع أن كل الأنبياء تكلموا عن قبول الأمم فاليهود يحلمون بأن تخضع لهم كل أمم الأرض ففى نظرهم أن كل الأمم كلاب ولا يحُسبون وسط البشر. ومن يسلم عليهم يبقى نجساً إلى المساء ثم يتطهر.

آية (23):-

واذ كانوا يصيحون ويطرحون ثيابهم ويرمون غبارا الى الجو.

يطرحون ثيابهم= الترجمة الصحيحة يمزقون ثيابهم، وكانت هذه العادة عندما يسمعون تجديف. يرمون غباراً= إعلاناً لأنهم مظلومون فى الأرض وهم يستغيثون بالأرض والسماء.

آية (24):-

امر الامير ان يذهب به الى المعسكر قائلا ان يفحص بضربات ليعلم لاي سبب كانوا يصرخون عليه هكذا.

التمثيلية التى قام بها اليهود أمام الأمير إنطلت عليه فظن أن بولس رجل مجرم يستحق أن يضرب ليقر بجريمته. والأمير من المؤكد أنه لم يفهم سبب الهياج على بولس فحتى لو كان يفهم العبرانية لما فهم لماذا يريدون قتله إذ ذهب للأمم، لذلك فكر أن السبب هو ان بولس إرتكب جريمة عظيمة ففكر أن يجلده ليعترف بها.

آية (25):-

فلما مدوه للسياط قال بولس لقائد المئة الواقف ايجوز لكم ان تجلدوا انسانا رومانيا غير مقضي عليه.

غير مقضى عليه= كان لا يجوز ان يُجلد رومانى دون ان يحاكم ويصدر حكم. وغالباً فإن والد بولس خدم فى الجيش الرومانى وهم فى طرسوس ومن هنا نرى أنه ليس خطأ أن نتمسك بحقوقنا المدنية.

آية (28):-

فاجاب الامير اما انا فبمبلغ كبير اقتنيت هذه الرعوية فقال بولس اما انا فقد ولدت فيها.

وُلدت فيها= بالمفهوم الرومانى فهو مواطن شريف من أسرة شريفة.

آية (30):-

وفي الغد اذ كان يريد ان يعلم اليقين لماذا يشتكي اليهود عليه حله من الرباط وامر ان يحضر رؤساء الكهنة وكل مجمعهم فاحدر بولس واقامه لديهم.

الله يوفر فرصة لبولس ليشهد للمسيح فى هدوء أمام رؤساء الكهنة والمجمع.


 

الإصحاح الثالث والعشرين

آية (1):-

فتفرس بولس في المجمع وقال ايها الرجال الاخوة اني بكل ضمير صالح قد عشت لله الى هذا اليوم

بكل ضمير صالح = حتى وهو يضطهد المسيحية كان ذلك بروح الغيرة على مجد الله.

آية (2):-

فامر حنانيا رئيس الكهنة الواقفين عنده ان يضربوه على فمه.

لم يعجب رئيس الكهنة أن بولس يقول أنه عاش بضمير صالح فأراد أن يعاقبه ونلاحظ أن بولس طالما أخذ رسائل من بعض من الموجودين من رؤساء الكهنة ليلقى القبض على المسيحيين. ولاحظ الفرق بين رد بولس حين لُطَم وبين رد المسيح. فمهما وصل الكمال الإنسانى فهو ناقص بجانب كمال المسيح المطلق.

آية (3):-

حينئذ قال له بولس سيضربك الله ايها الحائط المبيض افانت جالس تحكم علي حسب الناموس وانت تامر بضربي مخالفا للناموس.

الحائط المبيض= له مظهر جميل ولباس فخم ولكن داخلك مملوء عفونه كما لو كان اللون الأبيض يخفى ما تحته من قذارة. سيضربك الله = كانت هذه نبوة من بولس الرسول بما سيحدث لرئيس الكهنة حنانيا هكذا. فكان معروفاً أنه سارق يأكل أموال الكهنة ورواتبهم ولقد إنتهت حياة كثير من الكهنة بسبب الحاجة. ولقد ضربه الله بالفعل بعد ذلك بخمس سنوات، فلقد ثار ضده إبنه وحوصر فى قصره فإضطر للإختباء فى بالوعة قديمة جافة فأخرجوه وذبحوه سنه 66م.

مخالفاً للناموس= كان الناموس يعتبر الإنسان بريئاً إلى أن تثبت إدانته.

آية (4،5):-

فقال الواقفون اتشتم رئيس كهنة الله. فقال بولس لم اكن اعرف ايها الاخوة انه رئيس كهنة لانه مكتوب رئيس شعبك لا تقل فيه سوءا.

واضح أن بولس قال ما قاله بروح النبوة ولكن كان فيه روح غضب لذلك سريعاً ما إعتذر. وغالباً فبولس لم يميز رئيس الكهنة بسبب ضعف نظره المعروف وربما لأن بولس يقول هذا تهكماً عليه فهو لا يعترف به كرئيس كهنة حصل على مركزه بالرشوة. رئيس شعبك لا تقل فيه سوء= إقتباس من خر 28:22.

آية (6):-

ولما علم بولس ان قسما منهم صدوقيون والاخر فريسيون صرخ في المجمع ايها الرجال الاخوة انا فريسي ابن فريسي على رجاء قيامة الاموات انا احاكم.

الصدوقيون= هم رتبة الكهنوت ينكرون قيامة الأموات والملائكة، يقرون بالناموس بعيداً عن التقاليد وسياسياً كانوا فى صف الرومان. الفريسيون= يقرون بالقيامة للموتى وبوجود الملائكة والأرواح. والفريسيون يبغضون الصدوقيون ربما أكثر من بغضتهم للمسيحيين أنفسهم. وواضح ذكاء بولس الفذ فى أنه إستفاد فى موقفه بما يعمله عن البغضه ما بين الفريسيين والصدوقيين، وإستغل هذا فى الإيقاع بينهم.

آية (9):-

فحدث صياح عظيم ونهض كتبة قسم الفريسيين وطفقوا يخاصمون قائلين لسنا نجد شيئا رديا في هذا الانسان وان كان روح او ملاك قد كلمه فلا نحاربن الله.

إن كان روح = بولس سبق وقال إن المسيح ظهر له فى الطريق لدمشق وهم لم يذكروا إسم يسوع فهم لايحبونه ويعتقدون أنه مات على الصليب. إذاً ما كلمه فى الطريق فهو روح فى نظرهم.

آية (10):-

ولما حدثت منازعة كثيرة اختشى الامير ان يفسخوا بولس فامر العسكر ان ينزلوا ويختطفوه من وسطهم وياتوا به الى المعسكر.

خشى الأمير أن يمزقوه فيما بينهم شداً وجذباً.

آية (11):-

وفي الليلة التالية وقف به الرب قال ثق يا بولس لانك كما شهدت بما لي في اورشليم هكذا ينبغي ان تشهد في رومية ايضا.

الله يقف بجوار أولاده فى شدتهم ( 9:18 + 23:27)

آية (12):-

ولما صار النهار صنع بعض اليهود اتفاقا وحرموا انفسهم قائلين انهم لا ياكلون ولا يشربون حتى يقتلوا بولس.

صنع اليهود إتفاقاً = كانوا معتادين على ذلك، فإذا فشلوا ذهبوا للربى أو الكاهن ليحلهم من نذرهم أو عهدهم.

آية (14):-

فتقدموا الى رؤساء الكهنة والشيوخ وقالوا قد حرمنا انفسنا حرما ان لا نذوق شيئا حتى نقتل بولس.

لقد تحول رئيس الكهنة بذلك إلى رئيس عصابة للقتل، فهم عرفوا المؤامرة ومع هذا يستدعون بولس لُيقتل. وهم ذهبوا لرئيس الكهنة حتى يتوسط فى الإفراج عنهم بعد أن يقتلوا بولس.

آية (15):-

والان اعلموا الامير انتم مع المجمع لكي ينزله اليكم غدا كانكم مزمعون ان تفحصوا باكثر تدقيق عما له ونحن قبل ان يقترب مستعدون لقتله.

أعدوا أنفسهم لمهاجمة الموكب الذى سيحضر بولس من القلعة لإختطافه.وقتله، وهكذا تخرج المسئولية من نطاق رؤساء الكهنة وأعضاء السنهدريم.

آية (16):-

ولكن ابن اخت بولس سمع بالكمين فجاء ودخل المعسكر واخبر بولس.

إبن أخت بولس لم يكن شخصية معروفة، وغالباً كان مع أمه فى زيارة لأورشليم بسبب العيد.

آية (17):-

فاستدعى بولس واحدا من قواد المئات وقال اذهب بهذا الشاب الى الامير لان عنده شيئا يخبره به.

المسيح أكد لبولس أنه يحميه ولكن ما المانع من إتخاذ الحيطة ضد المؤامرة.

آية (19):-

فاخذ الامير بيده وتنحى به منفردا واستخبره ما هو الذي عندك لتخبرني به.

هنا نرى تأثير بولس فى هذا الأمير إذ يتصرف بمنتهى الوداعة

آية (23):-

ثم دعا اثنين من قواد المئات وقال اعدا مئتي عسكري ليذهبوا الى قيصرية وسبعين فارسا ومئتي رامح من الساعة الثالثة من الليل.

قيصرية هى مركز الحامية الرومانية الأساسية ومركز والى المنطقة.

آية (26):-

كلوديوس ليسياس يهدي سلاما الى العزيز فيلكس الوالي.

العزيز= أى صاحب المقام الرفيع.

آية (27):-

هذا الرجل لما امسكه اليهود وكانوا مزمعين ان يقتلوه اقبلت مع العسكر وانقذته اذ اخبرت انه روماني.

إذ أخبرت أنه رومانى= هذه كذبة من ليسياس فهو أنقذه ثم عَرِفَ منه أنه رومانى. ولكن هو يظهر غيرته على الرومان لمصلحته الشخصية.

آية (31):-

فالعسكر اخذوا بولس كما امروا وذهبوا به ليلا الى انتيباتريس.

أنتيباترس= فى وسط الطريق بين أورشليم وقيصرية.

آية (32):-

وفي الغد تركوا الفرسان يذهبون معه ورجعوا الى المعسكر.

اكتفوا بعدد 70 فارساً لحمايته وعاد العسكر فهم أصبحوا بعيداً عن المتآمرين. ولكن لاحظ حالة الأمن وسط هؤلاء اليهود. فالأمر إحتاج إلى 470 عسكرياً لحماية أسير واحد.

أية (34):-

فلما قرا الوالي الرسالة وسال من اية ولاية هو ووجد انه من كيليكية.

من أية ولاية= سؤال متكرر حتى لا يقع فى خطأ التعدى القانونى.

آية (35):-

قال ساسمعك متى حضر المشتكون عليك ايضا وامر ان يحرس في قصر هيرودس.

فى قصر هيرودس= فيه البلاط وفيه قلعة يسجن فيها المذنبون.


 

الإصحاح الرابع والعشرون

آيات (1،2):-

وبعد خمسة ايام انحدر حنانيا رئيس الكهنة مع الشيوخ وخطيب اسمه ترتلس فعرضوا للوالي ضد بولس. فلما دعي ابتدا ترتلس في الشكاية قائلا.

واضح الرياء فى خطاب ترتلس، إذ أن فيلكس كان رجلاً ذا سمعة سيئة.ويقال أن فيلكس كان عبداً محرراً من عبيد كلوديوس قيصر، قال عن تاسيتوس المؤرخ الرومانى أن بيده سلطان الأمير وفى أعماقه نفسية العبد. وغالباً فإن ترتلوس كان رومانياً خبيراً فى القوانين فإستأجره اليهود. وفيلكس هذا كان يعيش مع إمرأته دروسلا فى الحرام إذأقنعها أن تترك زوجها وتعيش معه. ولاحظ حقد حنانيا وشيوخ السنهدريم الذين تركوا وظائفهم فى أورشليم لينالوا من بولس فى قيصرية.

آية (3):-

اننا حاصلون بواسطتك على سلام جزيل وقد صارت لهذه الامة مصالح بتدبيرك فنقبل ذلك ايها العزيز فيلكس بكل شكر في كل زمان وكل مكان.

واضح هنا النفاق.

آية (5):-

فاننا اذ وجدنا هذا الرجل مفسدا ومهيج فتنة بين جميع اليهود الذين في المسكونة ومقدام شيعة الناصريين.

وضح هنا التلفيق والكذب. مفسداً= المعنى الأصلى إنسان ينقل العدوى للآخرين بمبادئه الهدامة. مهيج فتنة = هنا يلبس وتراً حساساً لدى الوالى الذى لا يريد فتنة بالطبع فى مجال ولايته. اليهود فى المسكونة= اليهود الذين تجمعوا للحج من كل العالم نقلوا أخبار المشاكل التى ثارت فى مجامع أسيا واليونان، وكم ذهب بولس إلى ساحات القضاء ولكن فلنلاحظ :-

1-   أن ما حدث فى أوروبا ليس من إختصاص فيلكس، ولكنها محاولة لإثارة الوالى.

2-   لم يقل ترتلس ولا اليهود أنهم هم الذين أثاروا الفتنة فى كل مكان.

شيعة الناصريين= فيها إستهزاء. ونلاحظ أن اليهود هنا يسمون المسيحية أنها شيعة أى بدعة. وربما سمىّ المسيحيون أنفسهم بالطريق أى طريق الخلاص أو طريق كمال الحق لإيمان إسرائيل.

آية (7):-

فاقبل ليسياس الامير بعنف شديد واخذه من بين ايدينا.

ليسياس لم يأتى بعنف شديد، بل هم الذين كادوا يفتكون ببولس.

آية(6):-

وقد شرع ان ينجس الهيكل ايضا امسكناه واردنا ان نحكم عليه حسب ناموسنا.

الإشارة هنا إلى تروفيموس وواضح الكذب إذ أن بولس لم يدُخِلْهُ إلى الهيكل.

آية(10):-

فاجاب بولس اذ اوما اليه الوالي ان يتكلم اني اذ قد علمت انك منذ سنين كثيرة قاض لهذه الامة احتج عما في امري باكثر سرور.

فيلكس فعلاً كان يحكم منذ ستة سنوات، وكلام بولس معناه أنك أيهاالوالى لطول مدة حكمك أصبحت على دراية بقوانيننا وتقاليدنا كيهود، لذلك ستفهم قضيتى وأبعادها. وبهذا لم يتملق بولس الوالى كما فعل ترتلس.رد بولس فيه رد على الإتهامات الثلاثة الموجهة إليه.

1- تهمة الفتنة= ورد بولس أنه لم يبق فى أورشليم فترة كافية ليكون حزباً أو عصابة أو يثير فتنة. فكل الوقت الذى صرف لم يزد عن 12 يوماً منذ وصوله من أوروبا قضى منها 5 أياّم فى قيصرية ويومين رحلة فى الطريق إلى فيلكس.

2- تهمة الهرطقة= يعترف بولس أنه مسيحى ولكنه قال أن المسيحية تتفق مع الناموس والأنبياء. لذلك فيجب أن نقبلها حسناً.

3-   تهمة تدنيس الهيكل= يؤكد أن سلوكه كان فى منتهى النظام ولا يستطيع أحد أن يثبت عليه أى مخالفة.

آية (14):-

ولكنني اقر لك بهذا انني حسب الطريق الذي يقولون له شيعة هكذا اعبد اله ابائي مؤمنا بكل ما هو مكتوب في الناموس والانبياء.

أعبد إله أبائى= إذاً هو تحت حماية القانون الرومانى. فالقانون الرومانى يقر بشريعة الديانة اليهودية، أماّ لو أدخل ديانة جديدة فلا حماية له من السلطة.

 شيعة = هو يردد ما قاله ترتلس أن المسيحية شيعة (آية5) فهو يعترف أنه إنضم لشيعة الناصريين ولكنه لم يهجر إله أبائه.

آية (15):-

ولي رجاء بالله في ما هم ايضا ينتظرونه انه سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة.

لى رجاء بالله= فى القيامة التى يؤمنون بها.

آية (16):-

لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس.

أدرب نفس= إنشغلت بهذا الأمر أن أحيا وفق نواميس الله لارغائبى وأحاول أن أجعل ضميرى فى سلام معى. وأحرص ألا أسىء إلى ضميرى فالضمير هو ممثل الله فى الأعماق.

آية (17):-

وبعد سنين كثيرة جئت اصنع صدقات لامتي وقرابين.

إشارة للصدقات التى جمعها. القرابين = ربما إشارة لموضوع تطهير النذيرين أو هى تعنى أيضاً الصدقات (عب16:13).

آية (18):-

وفي ذلك وجدني متطهرا في الهيكل ليس مع جمع ولا مع شغب قوم هم يهود من اسيا.

كيف بعد هذا أكون عدواّ لأمتى.

آية (19):-

كان ينبغي ان يحضروا لديك ويشتكوا ان كان لهم علي شيء.

بولس هنا ينفذ رأى ترتلس بأنه يهيج المسكونة وأن يهود أسيا يشتكون منه فيقول أين هم يهود أسيا الذين يشتكون علىً. كان يجب أن يكونوا موجودين، فهم يعرفوننى من زياراتى لأسيا وهم شهود على ما فعلته فى الهيكل. ولكنهم لم يحضروا فليس لديهم شىء حقيقى أو إتهام يوجونه إلىً. وإن قالوا اننى ادخلت غرباء إلى الهيكل فليأتوا بهؤلاء الغرباء أمامك.

آية (20):-

او ليقل هؤلاء انفسهم ماذا وجدوا في من الذنب وانا قائم امام المجمع.

هؤلاء أنفسهم= أى يهود آسيا.

آية (21):-

الا من جهة هذا القول الواحد الذي صرخت به واقفا بينهم اني من اجل قيامة الاموات احاكم منكم اليوم.

يشير لقوله الذى شق به الفريسين على الصدوقيين وأن القيامة هى عقيدته.

آية (22):-

فلما سمع هذا فيلكس امهلهم اذ كان يعلم باكثر تحقيق امور هذا الطريق قائلا متى انحدر ليسياس الامير افحص عن اموركم.

فيلكس كان يعلم أن المسيحية ليست بهذه الصورة البشعة التى يصورونها بها ويعلم أن إتهاماتهم باطلة.

آية(23):-

وامر قائد المئة ان يحرس بولس وتكون له رخصة وان لا يمنع احدا من اصحابه ان يخدمه او ياتي اليه.

فيلكس لم يطلق سراح بولس لئلا يجرح مشاعر اليهود، مع أنه متيقن من براءته. وغالباً فلأن فيلكس مرتشى فهو قد أخذ ثمن ذلك من اليهود. تكون له رخصة= يمكن أن يدخل ويخرج ويزوره الناس. إذاً فقد كان له فرصة للكرازة. وقد كان للرومان 3 أنواع من الحبس.

1-   حبس داخل السجن= كما حدث لبولس وسيلا فى فيلبى

2-   حبس حر = يعهد بالسجين لأحد شيوخ الرومان ويصبح مسئولاً عنه، يحضره حالما يطلب للمحاكمة أو لإعادة محاكمته.

3- حبس عسكرى= يعهد بالسجين لأحد العسكر، وتكون حياته بديلاً لحياة السجن. ويقيد يد العسكرى بيد السجين. ويكون هذا بالتناوب فى فترات راحة العسكرى. ولقد كان السجين يحبس أحياناً فى الثكنات العسكرية أو يسمح له بأن يؤجر بيتاً يسكن فيه على مسئولية الجندى وتحت رعايته وهذا هوا الوضع الذى أمر به فيلكس والذى سيحدث فى روما بعد ذلك.

آية(24):-

ثم بعد ايام جاء فيلكس مع دروسلا امراته وهي يهودية فاستحضر بولس وسمع منه عن الايمان بالمسيح.

جاء= ربما بعد إجازة. دروسلا= ربما وهى يهودية أرادت أن تسمع من بولس عن المسيح الذى سمعت عنه من قبل ودروسلا هى إبنة هيرودس الذى أكله الدود.

آية(25):-

وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة ان تكون ارتعب فيلكس واجاب اما الان فاذهب ومتى حصلت على وقت استدعيك.

لا نجد بولس هنا يتكلم عن قضيته ولا عن العقائد المسيحية، فهو يعلم أى نوع هو فيلكس الوالى، وما الذى هو فى إحتياج إليه، فهو مرتشى قاسى شهوانى، وزوجته اليهودية محتاجة لسماع هذا أيضاً، فهى تركت زوجها لتعيش مع هذا الوثنى فى الحرام. إرتعب = وياليت الرعب سبب توبة إذاً لخلص. أماّ الآن فإذهب= كم مرة يحرك الرب قلوبنا فنؤجل التوبة والفرصة قد لا تأتى ثانية كما حدث مع فيلكس هذا ودروسلا. متى حصلت على وقت استدعيك = ولم يأتى هذا الوقت أبداً ولم يتأثر أو يتغير لا فيلكس ولادروسلا. وهنا نرى حكمة بولس فهو تكلم عن البر للحاكم الشهوانى وعن التعفف للزوجين الزانيين وعن الدينونة العتيدة للقاضى المنحرف المرتشى.

آية(26):-

وكان ايضا يرجو ان يعطيه بولس دراهم ليطلقه ولذلك كان يستحضره مرارا اكثر ويتكلم معه.

هنا نرى فيلكس المرتشى الذى طلب المكسب المادى وترك الكنوز الروحية.

آية(27):-

ولكن لما كملت سنتان قبل فيلكس بوركيوس فستوس خليفة له واذ كان فيلكس يريد ان يودع اليهود منة ترك بولس مقيدا.

فيلكس أراد إكرام اليهود لأنهم دفعوا له رشوة غالباً، فمنع عن بولس الرخصة التى أعطاها له من قبل ليرضى اليهود ( ولكن مع هذا إشتكاه اليهود لقيصر وعُزِل من منصبه). وتقييد بولس كان ليعطى إنطباعاً لمن يأتى بعده أن بولس يستحق هذه القيود= يودع اليهود منًهَ= أى يجامل اليهود حتى لا يشتكوه لقيصر.


 

الإصحاح الخامس والعشرون

آية (1):-

فلما قدم فستوس الى الولاية صعد بعد ثلاثة ايام من قيصرية الى اورشليم.

فستوس كوالى جديد لليهودية يريد أن يتعرف على عادات وتقاليد وطبيعة شعبه وكان أبرز الشعوب التى يحكمها هم اليهود. لذلك بداً بزيارة أورشليم العاصمة الدينية.

آية (2):-

فعرض له رئيس الكهنة ووجوه اليهود ضد بولس والتمسوا منه.

على الرغم من مرور سنتين فإن نيران حقدهم لم تنطفىء.

آية (3):-

طالبين عليه منة ان يستحضره الى اورشليم وهم صانعون كمينا ليقتلوه في الطريق.

هم كونوا صداقات مع فستوس وطلبوا منه خدمة = منًهَ. وفستوس كان أنزه من فيلكس لكن هو كحاكم يريد أن يرضى اليهود ليسود الأمن

آية (4):-

فاجاب فستوس ان يحرس بولس في قيصرية وانه هو مزمع ان ينطلق عاجلا.

الله هو الذى يحفظ حياة بولس ويعمل من وراء الستار. ومعنى ما قاله فستوس، أن بولس محبوس هناك، وأنه أى فستوس صاعد إلى هناك، وأن فيلكس سبق وحكم عليه هناك فما معنى إحضاره إلى أورشليم. بل ربما أى أنه لا يفضل أن يحاكمه اليهود وهو مواطن رومانى.

آية (5):-

وقال فلينزل معي الذين هم بينكم مقتدرون وان كان في هذا الرجل شيء فليشتكوا عليه.

مقتدرون= قادرين على السفر وقادرين على عرض القضية وأدلة الإتهام.

آية (7):-

فلما حضر وقف حوله اليهود الذين كانوا قد انحدروا من اورشليم وقدموا على بولس دعاوي كثيرة وثقيلة لم يقدروا ان يبرهنوها.

لم يقدروا أن يبرهنوا على كل إدعاءاتهم الباطلة.

آية (8):-

اذ كان هو يحتج اني ما اخطات بشيء لا الى ناموس اليهود ولا الى الهيكل ولا الى قيصر.

كان رد بولس عاماً أمام إتهاماتهم العجيبة.

آية (9):-

ولكن فستوس اذ كان يريد ان يودع اليهود منة اجاب بولس قائلا اتشاء ان تصعد الى اورشليم لتحاكم هناك لدي من جهة هذه الامور.

كان ممكناً لفستوس أن يصدر حكماً مباشراً على بولس ولكن إرادة الله صنعت هذا حتى يرفع شكواه إلى قيصر. ونفهم أن فستوس إقتتنع ببراءة بولس من تهمة الفتنة والتآمر ضد قيصر. ولكن أراد أن يحاكمه اليهود على التهم التى تخصهم مثل دخول الهيكل وخلافه مثل كسر الناموس. وتكون المحاكمة تحت إشراف فستوس ( واضح أن فستوس أمام هياج اليهود أراد أن يجاملهم )

آية (10):-

فقال بولس انا واقف لدى كرسي ولاية قيصر حيث ينبغي ان احاكم انا لم اظلم اليهود بشيء كما تعلم انت ايضا جيدا.

أنا واقف لدى كرسى ولاية قيصر = كل كراسى الحكم والقضاء فى الإمبراطورية كانت بإسم الإمبراطور.

آية (11):-

لاني ان كنت اثما او صنعت شيئا يستحق الموت فلست استعفي من الموت ولكن ان لم يكن شيء مما يشتكي علي به هؤلاء فليس احد يستطيع ان يسلمني لهم الى قيصر انا رافع دعواي.

بولس لا يطلب الرحمة عن ذنوب لم يرتكبها. وهو فهم أن فستوس يريد أن يجامل اليهود. إلى قيصر أنا رافع دعواى= هو تعبير قانونى يستعمله المواطن الرومانى فيه يطالب بوقف القضية أمام الوالى فوراً. وكان هذا النظام ليهرب المواطن الرومانى من ظلم الولاة المحليين غير الرومانيين. وبهذا أيضاً أعفى فستوس من غضب اليهود عليه اذا حكم عليه بالبراءة.

آية (12):-

حينئذ تكلم فستوس مع ارباب المشورة فاجاب الى قيصر رفعت دعواك الى قيصر تذهب.

كان للحاكم مجموعة من المستشارين يكونون مجلساً للشورى للبت فى الأحكام وكانت هذه هى اللحظة التى يتمناها بولس ليذهب إلى روما ويشهد للمسيح هناك.

آية (13):-

وبعدما مضت ايام اقبل اغريباس الملك وبرنيكي الى قيصرية ليسلما على فستوس.

أغريباس وبرينكى ودروسلا زوجة فيلكس كلهم إخوة. وهم أولاد الملك هيرودس الذى مات سنة 44م بأن أكله الدود (أع 23:12). وهو الذى قتل يعقوب وألقى القبض على بطرس ليقتله وهربه ملاك الرب. وأغريباس تزوج أخته برنيكى سراً ضد الشريعة، بعد أن تزوجت برنيكى من كثيرين. ولقد أتى أغريباس وبرنيكى لتحية فستوس بمناسبة ولايته للتهنئة. وكلا أغريباس وبرنيكى يهوديين.

آية (14):-

ولما كانا يصرفان هناك اياما كثيرة عرض فستوس على الملك امر بولس قائلا يوجد رجل تركه فيلكس اسيرا.

فستوس نجده فى حيرة من أمر بولس يستشير أغريباس الملك.

آية (16):-

فاجبتهم ان ليس للرومانيين عادة ان يسلموا احدا للموت قبل ان يكون المشكو عليه مواجهة مع المشتكين فيحصل على فرصة للاحتجاج عن الشكوى.

نرى هنا عدالة القانون الرومانى. أن يسلموا أحداً للموت= إذاً فستوس فهم أن تسليم بولس لليهود يعنى موته.

آية (21):-

ولكن لما رفع بولس دعواه لكي يحفظ لفحص اوغسطس امرت بحفظه الى ان ارسله الى قيصر.

أوغسطس= هو لقب شرف (جلالة) أعطاه مجلس الشيوخ أولاً لأوكتافيوس ثم صار لقباً لكل إمبراطور رومانى. والإمبراطور الحالى كان نيرون.

آية (22):-

فقال اغريباس لفستوس كنت اريد انا ايضا ان اسمع الرجل فقال غدا تسمعه.

كيهودى يريد ان يعرف عن أخبار يسوع التى وصله بعض منها. وقطعاً فبولس فَرِحَ إذ أنه سيشهد للمسيح أمام ملوك وولاة.

أية (26):-

وليس لي شيء يقين من جهته لاكتب الى السيد لذلك اتيت به لديكم ولا سيما لديك ايها الملك اغريباس حتى اذا صار الفحص يكون لي شيء لاكتب.

السيد= لقب للإمبراطور رفضه البعض وأحبه البعض لإظهار سلطتهم على البلاد.


 

الإصحاح السادس والعشرون

آية (1):-

فقال اغريباس لبولس ماذون لك ان تتكلم لاجل نفسك حينئذ بسط بولس يده وجعل يحتج.

قال أغريباس = إذ أنه أعلى الكل مقاماً، كما أنه ضيف فستوس. وكان ملكاً على تراخونيتس وخاليس(لو 11:2) بسط بولس يديه= هذه علامة تحية. لاحظ أن بولس كان يمكنه الرد على أغريباس بأنه لن يتكلم إذ هو قد رفع دعواه لقيصر. لكنه وجدها فرصة للكرازة.

آية(2):-

اني احسب نفسي سعيدا ايها الملك اغريباس اذ انا مزمع ان احتج اليوم لديك عن كل ما يحاكمني به اليهود.

سعادته لأنه يشهد للمسيح أمام ملوك وولاة كما قال عنه الرب منذ زمان.

آية(3):-

لا سيما وانت عالم بجميع العوائد والمسائل التي بين اليهود لذلك التمس منك ان تسمعني بطول الاناة.

عهد كلوديوس قيصر لأغريباس الملك بالإشراف على الهيكل وتعيين الكهنة وحفظ خزائن الهيكل. المسائل التى بين اليهود= مثل خلافات الفريسيين والصدوقيين.

آية (4):-

فسيرتي منذ حداثتي التي من البداءة كانت بين امتي في اورشليم يعرفها جميع اليهود.

بولس لم يولد فى أورشليم لكنه تربى هناك. ومنذ فتح عينيه فى هذا الوجود كان متشبعاً بكل التقاليد اليهودية، وهو تهذب وتثقف فى أورشليم.

آية(5):-

عالمين بي من الاول ان ارادوا ان يشهدوا اني حسب مذهب عبادتنا الاضيق عشت فريسيا.

إن أرادوا أن يشهدوا = لكنهم لن يقولوا الحقيقة. والكلمة تعنى أنه يوجد بينهم من يعرف بولس منذ صغره.

آية(6):-

والان انا واقف احاكم على رجاء الوعد الذي صار من الله لابائنا.

رجاء الوعد = الوعد بالمسيا حسب ما تنبأت به النبوات، وهو يؤمن بأن المسيح هو من تنبأت عنه النبوات.

آية(7):-

الذي اسباطنا الاثنا عشر يرجون نواله عابدين بالجهد ليلا ونهارا فمن اجل هذا الرجاء انا احاكم من اليهود ايها الملك اغريباس.

أسباطنا الإثنى عشر= فكثيرون من الشتات عادوا ليستقروا فى اليهودية عابدين= هذا هو هدفهم من عبادتهم، إنتظار المسيا.

 

آية (8):-

لماذا يعد عندكم امرا لا يصدق ان اقام الله امواتا.

لماذا لا تصدقون أن المسيح قام وعندكم حالتى قيامة من الأموات فى الكتاب المقدس.

آية (9):-

فانا ارتايت في نفسي انه ينبغي ان اصنع امورا كثيرة مضادة لاسم يسوع الناصري.

إشارة لإضطهاده للمسيحية.

آية(10):-

وفعلت ذلك ايضا في اورشليم فحبست في سجون كثيرين من القديسين اخذا السلطان من قبل رؤساء الكهنة ولما كانوا يقتلون القيت قرعة بذلك.

القديسين= أى المسيحيين. ألقيت قرعة= أى وافقت. ولعل السنهدريم أعطاه أن يكون له صوت فكان يحكم بالموت على المسيحيين.

آية(11):-

وفي كل المجامع كنت اعاقبهم مرارا كثيرة واضطرهم الى التجديف واذ افرط حنقي عليهم كنت اطردهم الى المدن التي في الخارج.

وأضطرهم= أصلها حاولت أن أضطرهم وذلك بزيادة وقسوة الإضطهاد.

آية (12):-

ولما كنت ذاهبا في ذلك الى دمشق بسلطان ووصية من رؤساء الكهنة.

رؤساء الكهنة= هم رؤساء الفرق ال 24.

آية (13):-

رايت في نصف النهار في الطريق ايها الملك نورا من السماء افضل من لمعان الشمس قد ابرق حولي وحول الذاهبين معي.

وما هو نوا الشمس بجانب نور شمس البر بهاء مجد الله ورسم جوهره.وما حدث لم يكن وهماً فقد رآه من معه، والنور ليس بفعل إنسان فالشمس فى عز قوتها.

آية(14):-

فلما سقطنا جميعنا على الارض سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية شاول شاول لماذا تضطهدني صعب عليك ان ترفس مناخس.

مناخس= الله كان يحاول أن يوجه شاول من قبل إلى النور، لكنه كان يعاند الإرادة الإلهية بروح الغيرة العمياء.

آية (16):-

ولكن قم وقف على رجليك لاني لهذا ظهرت لك لانتخبك خادما وشاهدا بما رايت وبما ساظهر لك به.

ربما أضاف بولس هنا كلام حنانيا إلى ما سمعه من المسيح فى الطريق.

آية (17):-

منقذا اياك من الشعب ومن الامم الذين انا الان ارسلك اليهم.

والله أنقذه فعلاً بدليل أنه مازال حياً للأن.

آية(18):-

لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين.

هدف الكرازة أن يعود العميان بالخطية إلى نور المعرفة الإلهية والقداسة.

آية(19):-

من ثم ايها الملك اغريباس لم اكن معاندا للرؤيا السماوية.

لقد إنتهى بالنسبة لبولس عهد رفس المناخس.

آية (20):-

بل اخبرت اولا الذين في دمشق وفي اورشليم حتى جميع كورة اليهودية ثم الامم ان يتوبوا  ويرجعوا الى الله عاملين اعمالا تليق بالتوبة.

بدون توبة لن نستفيد من المسيح شيئاً.

آية (22):-

فاذ حصلت على معونة من الله بقيت الى هذا اليوم شاهدا للصغير والكبير وانا لا اقول شيئا غير ما تكلم الانبياء وموسى انه عتيد ان يكون.

حصلت على معونة من الله = إشارة للأمير ليسياس الذى أنقذه من يد اليهود ولكن ينسب المعونة لله لا لإنسان.

آية (23):-

ان يؤلم المسيح يكن هو اول قيامة الاموات مزمعا ان ينادي بنور للشعب وللامم.

هذا العدد يتركب من عناوين من مجموعة شهادات عن المسيا ان يؤلم المسيح= كيف ينبغى ان يتألم وهذا ما نادى به الأنبياء يكن هو أول قيامة الأموات= أى باكورة لنا جميعاً وهذا ما نادى به الأنبياء أيضاً وكما نادى الأنبياء بأنه سيكون نوراً للأمم. فبولس لا ينادى بغير ما قاله الأنبياء. وهذه الثلاثة التى نادى بها الأنبياء كانت عثرة لليهود أى صلب المسيح ثم قيامته ثم قبول الأمم وإشتراكهم مع اليهود فى بركات الخلاص.

آية (24):-

وبينما هو يحتج بهذا قال فستوس بصوت عظيم انت تهذي يا بولس الكتب الكثيرة تحولك الى الهذيان.

لاحظ أن فستوس والى أممى لا يفهم معنى القيامة، ولا يفهم كيف ان الأمم وهو منهم يستفيدون من موت المسيح وقيامته. وربما ظن أن ما رآه بولس كان خيالاً، أو لأنه كان يوجه كلامه لأغريباس فقط وليس له وربما لحماس بولس الشديد.

آية (25):-

فقال لست اهذي ايها العزيز فستوس بل انطق بكلمات الصدق والصحو.

يريد بولس أن يقول، هل الذى يهذى يتكلم بوقار وهدوء وصحو، هذا ما يريد بولس قولهُ. ولكى يثبت صحوه وانه لا يهذى استشهد بأغريباس.

آية(26):-

لانه من جهة هذه الامور عالم الملك الذي اكلمه جهارا اذ انا لست اصدق ان يخفى عليه شيء من ذلك لان هذا لم يفعل في زاوية.

بولس يستشهد باغريباس اليهودى، فما حدث للمسيح لم يكن سراً. ومن المؤكد فإن أغريباس يعرف ما حدث ويعرف أيضاً النبوات التى تكلمت عن هذا.

آية(27):-

اتؤمن ايها الملك اغريباس بالانبياء انا اعلم انك تؤمن.

بولس يحاول أن يقترب من قلب اغريباس. وبولس يفترض ان الإيمان بالأنبياء يتبعه الإيمان بالمسيح.

آية (28):-

فقال اغريباس لبولس بقليل تقنعني ان اصير مسيحيا.

للأسف فإن أغريباس كان قريباً جداً من الإيمان والخلاص وفوت الفرصة. ورد أغريباس هنا كان رداً مائعاً فهو خاف أن يقول لا أؤمن فيثير اليهود إذ أنه لا يؤمن بالنبوات، وخاف أن يؤكد ويؤمّن على كلام بولس فيسخر منه فستوس الذى قال إن بولس يهذى. بقليل= بكلمات قليلة او مجهود قليل.

آية (29):-

فقال بولس كنت اصلي الى الله انه بقليل وبكثير ليس انت فقط بل ايضا جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما انا ما خلا هذه القيود.

هذا قلب بولس المحب. كنت اصلى إلى الله= فالموضوع ليس فقط المجهود الكثير أو القليل الذى أبذله يا أغريباس لكى تصير مسيحياً، بل هو عمل إلهى ودعوة إلهية وذلك أن ترفض أو تقبل. وأغريباس فى الحرب بين اليهود والرومان بعد ذلك بسنوات وقف بجانب الرومان خائناً لشعبه، وإستقر به المقام فى روما بعد ذلك.

آية (30):-

فلما قال هذا قام الملك والوالي وبرنيكي والجالسون معهم.

الجالسون معهم= القواد وكبار رجال قيصرية.

آية (31):-

وانصرفوا وهم يكلمون بعضهم بعضا قائلين ان هذا الانسان ليس يفعل شيئا يستحق الموت او القيود.

كان هذا قبل إنفجار الإضطهاد النيرونى للمسيحيين.

آية (32):-

وقال اغريباس لفستوس كان يمكن ان يطلق هذا الانسان لو لم يكن قد رفع دعواه الى قيصر

لقد خرج الأمر من يد الجميع وصار فى يد قيصر. ولكننا هنا نرى أن أغريباس هو الأعلى مقاماً والأكثر دراية بعادات اليهود.


 

الإصحاح السابع والعشرون

الرحلة إلى روما :

رأينا بولس من قبل ككارز ولاهوتى. وهنا نراه كمسيحى عادى يواجه مشاكل فى حياته العادية، هنا نراه كرجل عملى عندما تواجهة ظروف طارئة. كما رأينا أبونا إبراهيم من قبل حين ذهب لينقذ لوط من كدر لعومر. وهؤلاء القديسين فى المشاكل العادية نجدهم رجال الساعة. وأهمية هذه الرحلة هى إنتقال البشارة من اليهود الرافضين لها إلى روما عاصمة العالم الأممى آنذاك.

آية (1):-

فلما استقر الراي ان نسافر في البحر الى ايطاليا سلموا بولس واسرى اخرين الى قائد مئة من كتيبة اوغسطس اسمه يوليوس.

السفر فى البحر أقصر وأقل فى النفقات. نسافر= إذاًلوقا كان معهُ.

آية (2):-

فصعدنا الى سفينة ادراميتينية واقلعنا مزمعين ان نسافر مارين بالمواضع التي في اسيا وكان معنا ارسترخس رجل مكدوني من تسالونيكي.

أدراماتينية = أدرا ميتيوم أحد موانى ميسيا وكانت مركزاً لبناء السفن وطالما السفنية أدراماتينية، إذاً هى متجهة لميناء أدراميتيوم. وخلال هذه الرحلة ستمر على عدة موانى، وهم فى أحد هذه الموانى سيجدوا سفينة متجهة لإيطاليا ولاحظ ان لوقا وار سترخس يرافقان بولس فى غير خجل من سلسلته.

آية (3):-

وفي اليوم الاخر اقبلنا الى صيدا فعامل يوليوس بولس بالرفق واذن ان يذهب الى اصدقائه ليحصل على عناية منهم.

صيدا= هى فى لبنان. ونلاحظ رفق القائد الرومانى مع بولس. وربما كان حاضراً أثناء إلقاء خطابه أمام أغريباس. ولكن معاملة بولس اللطيفة وشخصيته اللطيفة أسرت قلب هذا القائد الرومانى. وهذا ما سَبًبَ نجاة لبولس فى نهاية الرحلة حين رفض القائد قتل الأسرى لمحبة لبولس. وهنا نراه يعطى لبولس فرصة لمقابلة أصدقائه. بالمعاملة المسيحية اللطيفة للناس نكسب محبتهم.

آية (4):-

ثم اقلعنا من هناك وسافرنا في البحر من تحت قبرس لان الرياح كانت مضادة.

من تحت قبرص= ليحتموا بجبالها من الرياح المضادة

آية (5):-

وبعدما عبرنا البحر الذي بجانب كيليكية وبمفيلية نزلنا الى ميرا ليكية.

ميراليكية= هو ميناء ميرا فى ليكية. وليكية هى مدينة مزدهرة على البحر وهى مركز لتجارة القمح الوارد من مصر لروما، وهى مركز خدمة للسفن.

آية(6):-

فاذ وجد قائد المئة هناك سفينة اسكندرية مسافرة الى ايطاليا ادخلنا فيها.

مصر كانت مخزن القمح لإيطاليا. وكان القمح يرسل فى سفن جبارة.

آية(8):-

ولما تجاوزناها بالجهد جئنا الى مكان يقال له المواني الحسنة التي بقربها مدينة لسائية.

الموانى الحسنة= هى ميناء مازالت موجودة بنفس الإسم.

آية (9):-

ولما مضى زمان طويل وصار السفر في البحر خطرا اذ كان الصوم ايضا قد مضى جعل بولس ينذرهم.

ولما مضى زمان طويل= الريح المضادة زادت من زمن الرحلة. وكانوا يتوقعون تغيير إتجاه الريح ولكن دون جدوى. إذ كان الصوم= هو صوم يوم الكفارة وهو يتراوح أو يأتى فى الفترة ما بين 25 سبتمبر، 10 اكتوبر ولقد كان هذا أسواً موسم للملاحة بسبب العواصف المفاجئة وهذا يعلمه البحارة. اماّ الوقت المناسب للسفر بحراً هو ما بين يوم الخمسين وعيد المظال.الذى يأتى بعد يوم الكفارة مباشرة فى نفس الشهر. لذلك نصحهم بولس بعدم إكمال السفر بحراً. هنا نرى بولس خبيراً فى البحر من كثرة أسفاره. ولم يكن اليونان والرومان يعرفون البوصلة لذلك إذا سادت الغيوم لا يستطيعون السير. فهم يسيرون بحذاء الشاطىء وعلاماتهم هى المدن الساحلية.

آية(10):-

قائلا ايها الرجال انا ارى ان هذا السفر عتيد ان يكون بضرر وخسارة كثيرة ليس للشحن
والسفينة فقط بل لانفسنا ايضا.

كان لبولس خبرته فى البحر من كثرة ركوبه للسفن، وطالما جابه أخطاراً فيه (2 كو25:11). وكان رأى بولس أن يستمروا فى ميناء الموانى الحسنة حتى تنتهى فترة العواصف. أنا أرى= هذا رأيه الخاص وليس برؤيا سماوية فهو تصوًر أنهم سيموتون= بل لأنفسنا أيضاً وهذا لم يحدث. ولكن لنلاحظ أن الله يعطى أولاده حكمة حتى فى الأمور العالمية.والشيطان سد أذان الكل عن كلام بولس ليزيد من ألامه أو ليتخلص منه.

آية(11):-

ولكن كان قائد المئة ينقاد الى ربان السفينة والى صاحبها اكثر مما الى قول بولس.

إنحاز قائد المئة لربان السفينة وقائد المئة هو صاحب القرار.

آيات (12،13):-

ولان المينا لم يكن موقعها صالحا للمشتى استقر راي اكثرهم ان يقلعوا من هناك ايضا عسى ان يمكنهم الاقبال الى فينكس ليشتوا فيها وهي مينا في كريت تنظر نحو الجنوب
والشمال الغربيين. فلما نسمت ريح جنوب ظنوا انهم قد ملكوا مقصدهم فرفعوا المرساة
وطفقوا يتجاوزون كريت على اكثر قرب.

المينا= هى ميناء الموانى الحسنة. فينكس= هى ميناء فى كريت له مدخلان مدخل إلى الجنوب الغربى ومدخل إلى الشمال الغربى. وهم فضلوا (البحارة) أن تكون فترة توقفهم بسبب العواصف فى فينكس وليس فى الموانى الحسنة ربما لأن فينكس أكبر وبها إمكانيات أفضل. فلماّ نسمت ريح جنوب= هذه ريح مخادعة تأتى بعد الرياح الشديدة التى واجهوها (آيات 4،7) وهى ريح هادئة لكنها مخادعة فهى لا تستمر طويلاً يعقبها إعصار شديد (أورو كليدون). ومن ليس له خبرة يظن أن ريح الجنوب الهادئة ستستمر. وهذا ما تصوره ربان السفينة الذى ظن بأن ريح الجنوب ستمكنه من الوصول إلى فينكس ليقضى الشتاء هناك. والشتاء هو فترة الأعاصير الشديدة التى لا يبحرون خلالها.

آيات (14،15):-

ولكن بعد قليل هاجت عليها ريح زوبعية يقال لها اوروكليدون. فلما خطفت السفينة ولم يمكنها ان تقابل الريح سلمنا فصرنا نحمل.

أوروكليدون= هى ريح زوبعية تدفع السفينة هنا وهناك وتمزقها، وهى تهب فى كل إتجاه. خُطفَتْ= الريح انتزعتها من مسارها ولم يعد أحد يتحكم فى مسارها. سلمنا فصرنا نحمل= وماذا يمكنهم أن يفعلوا سوى الإستسلام للأمواج. ولكن هذه الآية الحلوة تعزينا فى الشدائد التى نواجهها ولا نجد لها حلاً فنستسلم ليد الله التى تحملنا خلال الشدائد. ولكن هو تسليم فى يد الله الحنون وليس إستسلام فى يد أقدار لا ترحم

آية(16):-

فجرينا تحت جزيرة يقال لها كلودي وبالجهد قدرنا ان نملك القارب.

القارب= هو قارب النجاة وهو يعلق على جانب السفينة. وبالجهد إستطاعوا التحكم فيه ليرفعوه، ولم يستطيعوا رفعه إلى السطح إلاّ بجهد جهيد وكان رفع القارب مهم لتحزيم السفينة بالحبال القوية. وهم إستطاعوا التحكم فى القارب عندما مروا تحت جزيرة كلودى وربما كان ذلك بسبب أن جبالها خفضت من حدة الرياح فإستطاعوا التحكم فى القارب.

 

آية(17):-

ولما رفعوه طفقوا يستعملون معونات حازمين السفينة واذ كانوا خائفين ان يقعوا في السيرتس انزلوا القلوع وهكذا كانوا يحملون.

معونات= هى حبال قوية يربطونها عدة مرات حول السفينة حتى لا تتفكك ألواحها. وظلت هذه الطريقة مستخدمة حتى استخدموا الحديد فى السفن السيرتس= هى رمال سائبة على السواحل الشمالية لإفريقيا، ولأن الرياح شديدة خافوا أن تدفعهم الرياح لهذه الرمال فتنغرس السفينة بمقدمها فى هذه الرمال ويظل مؤخرها يتأرجح وسط الأمواج الهائجة حتى تتحطم السفينة. لذلك أنزلوا القلوع حتى لا تدفعهم الرياح وإكتفوا بالدفة لتوجيه السفينة للشمال الغربى.

آية (18):-

واذ كنا في نوء عنيف جعلوا يفرغون في الغد.

يفرغون= يلقون حمولة السفينة من القمح حتى لا تتفسخ السفينة من ثقلها بسبب ضربات الأمواج.

آية(20):-

واذ لم تكن الشمس ولا النجوم تظهر اياما كثيرة واشتد علينا نوء ليس بقليل انتزع اخيرا كل رجاء في نجاتنا.

الشمس والنجوم كانوا يعطون إرشاداً قبل إختراع البوصلة.

آية (21):-

فلما حصل صوم كثير حينئذ وقف بولس في وسطهم وقال كان ينبغي ايها الرجال ان تذعنوا لي
ولا تقلعوا من كريت فتسلموا من هذا الضرر والخسارة.

الصوم بسبب الحالة النفسية التى يعانوا منها وعدم إمكانية طهى الطعام.

آية(22):-

والان انذركم ان تسروا لانه لا تكون خسارة نفس واحدة منكم الا السفينة

هذه كانت رؤيا إلهية.

آية(23):-

لانه وقف بي هذه الليلة ملاك الاله الذي انا له والذي اعبده.

لاحظ أن الركاب وثنيين ولكل واحد إلهه الذى يعبده. ولكن كل هذه الألهة ليست لها ملائكة ترسلها ولا تتنبأ بالمستقبل أو تضمنه. الذى أنا لهُ= أنا مكرس بالكامل لله.

آية (24):-

قائلا لا تخف يا بولس ينبغي لك ان تقف امام قيصر وهوذا قد وهبك الله جميع المسافرين معك.

لاشك أن بولس صلى لنجاته ونجاة من معه، والله إستجاب، وما أعجب إستجابة الله فهو لأجل قديس واحد (وهو بولس) ينقذ الجميع، ولولاه لهلكوا جميعاً.وهل يستجيب الله لبولس وهو فى ضعف الجسد ولا يستجيب له الآن وهو فى السماء.

آية(25):-

لذلك سروا ايها الرجال لاني اومن بالله انه يكون هكذا كما قيل لي.

هذه الرسالة التى يحتاجونها أن يؤمنوا بالله والإيمان سيعطيهم سلاماً.

آية(26):-

ولكن لا بد ان نقع على جزيرة.

هذا ما قاله له الملاك أنهم سيقعوا على جزيرة وليس على شاطىء أوروبا ولا إفريقيا.

آية(27):-

فلما كانت الليلة الرابعة عشرة ونحن نحمل تائهين في بحر ادريا ظن النوتية نحو نصف الليل انهم اقتربوا الى بر.

الليلة الرابعة عشر منذ غادروا كريت. فى بحر أدريا= هكذا كان القدماء يلقون الجزء من البحر الذى يقع جنوب شبه جزيرة إيطاليا.

ظن = هذه خبرة البحارة إذ يعرفون أصوات الأمواج المتكسرة على الشاطئ.

آية (28):-

فقاسوا ووجدوا عشرين قامة ولما مضوا قليلا قاسوا ايضا فوجدوا خمس عشرة قامة.

مقياس بحرى لقياس الأعماق، ومازال مستخدما للآن. ومعنى أن المقياس يقل، أنهم يقتربون من الشاطئ.

آية (29):-

واذ كانوا يخافون ان يقعوا على مواضع صعبة رموا من المؤخر اربع مراس وكانوا يطلبون ان يصير النهار.

لو وقعت السفينة على شاطئ صخرى لتحطمت. ولو رموا المراسى كالعادة من الأمام لكانت السفينة قد دارت على نفسها من شدة الأمواج. لذلك هم رموا المراسى من الخلف. والمراسى ( هى الهلب) وتعمل عمل الفرامل. أربع مراس= دليل شدة العاصفة. وكانوا يطلبون أن يصير النهار = هذه ملاحظة شاهد عيان هو لوقا الرسول.

آية (30):-

ولما كان النوتية يطلبون ان يهربوا من السفينة وانزلوا القارب الى البحر بعلة انهم مزمعون ان يمدوا مراسي من المقدم.

حاول النوتيه الهرب فى قارب النجاة لخفته فهم يتوقعون غرق السفينة بين لحظة وأخرى.

آيات (31،32):-

قال بولس لقائد المئة والعسكر ان لم يبق هؤلاء في السفينة فانتم لا تقدرون ان تنجوا. حينئذ قطع العسكر حبال القارب وتركوه يسقط.

بولس له وعد إلهى بالنجاة، لكن لماذا لا يستخدم كل الوسائل المتاحة لينجو. فبدون نوتيه من يوجه السفينة. هنا تظهر فطنة بولس الرسول ثانية فهو لم يصدق الحجة التى قالها النوتية ليهربوا. ونحن لا ينبغى أن نقف مكتوفى الأيدى إذا كان هناك ما يمكن عمله. فالله يساعدنا على خلاص نفوسنا إن ساعدنا أنفسنا على ذلك. ولكن توقع إتمام الوعد دون القيام بمجهود من جانبنا أمر باطل ورجاء كاذب. وهذا لا يتعارض مع " سلمنا فصرنا نحمل " فهم سلموا حين لم يكن أمامهم شئ يعملونه. ولكنهم لم يسلموا منذ بدءوا الرحلة بل كانوا يعملون بجد.

آية (33):-

وحتى قارب ان يصير النهار كان بولس يطلب الى الجميع ان يتناولوا طعاما قائلا هذا هو اليوم الرابع عشر وانتم منتظرون لا تزالون صائمين ولم تاخذوا شيئا.

بولس لإيمانه كان فى سلام قلبى عميق أ أماّ الباقون ففى خوفهم. إمتنعوا عن الطعام.

آية (34):-

لذلك التمس منكم ان تتناولوا طعاما لان هذا يكون مفيدا لنجاتكم لانه لا تسقط شعرة من راس واحد منكم.

مفيداً لنجاتكم= لكى تتمكنوا من السباحة إلى الشاطئ.

آية (35):-

ولما قال هذا اخذ خبزا وشكر الله امام الجميع وكسر وابتدا ياكل.

هذه طريقة الرب يسوع وصار المؤمنين يتبعونها.

آية (37):-

وكنا في السفينة جميع الانفس مئتين وستة وسبعين.

العدد حتى يعرف القائد المفقودين عند الوصول للشاطئ خصوصاً أن بينهم سجناء مثل بولس، وهم عهدة فى يد القائد.

آية (38):-

ولما شبعوا من الطعام طفقوا يخففون السفينة طارحين الحنطة في البحر.

حتى لا تصطدم بالشاطئ الصخرى بل تظل خفيفة طافية فتصل للشاطئ بسهولة.

آية (39):-

ولما صار النهار لم يكونوا يعرفون الارض ولكنهم ابصروا خليجا له شاطئ فاجمعوا ان يدفعوا اليه السفينة ان امكنهم.

لم يكونوا يعرفون الأرض = التى شاهدوها من بعد، فهم لم يقتربوا من ميناء بل وصلوا إلى شاطئ عادى لذلك لم يميزوا هذه الجزيرة.

آية (40):-

فلما نزعوا المراسي تاركين اياها في البحر وحلوا ربط الدفة ايضا رفعوا قلعا للريح الهابة
واقبلوا الى الشاطئ.

لما نزعوا المراس = بتركها فى البحر (المرسى = الهلب). وكان لكل سفينة أكثر من هلب. حلوا ربط الدفة= المقصود بالدفة هنا مجدافين كبيرين من شمال السفينة ويمينها، ويستخدموا كدفة بأن يربطوا. أو يفكوا ويستخدموا كمجدافين كما حدث هنا حتى يمكن توجيهها بالمجدافين إلى الشاطئ.

آية (41):-

واذ وقعوا على موضع بين بحرين شططوا السفينة فارتكز المقدم ولبث لا يتحرك واما المؤخر فكان ينحل من عنف الامواج.

بين بحرين = هذا يعنى لسان من الرمال يدخل فى قلب المياه.

آية (42):-

فكان راي العسكر ان يقتلوا الاسرى لئلا يسبح احد منهم فيهرب.

سبب قتل الأسرى أن القائد مسئول عن عدد الأسرى.

آية (43):-

ولكن قائد المئة اذ كان يريد ان يخلص بولس منعهم من هذا الراي وامر ان القادرين على السباحة يرمون انفسهم اولا فيخرجون الى البر.

كان قائد المئة قد أحب بولس وأعجب به ممّا رآه من فى قصر فستوس وعلى السفينة. محبة قائد المئة لبولس ثم محبة أهل مالطة الوثنيين له بعد ذلك كان لها تعزيات كبيرة فى نفس بولس فى مقابل اضطهاد شعبه اليهودى له. حقاً شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى.


 

الإصحاح الثامن والعشرون

 آية (1):-

ولما نجوا وجدوا ان الجزيرة تدعى مليطة.

مليطة = أو مالطا. ولو نظرنا للخريطة سنجد أن السفينة قد سارت مسافة طويلة. وكأن الله هو الذى قادها. والله فعل هذا إذ له شعب فى مالطا أرسل لهم رسوله.

آية (2):-

فقدم اهلها البرابرة لنا احسانا غير المعتاد لانهم اوقدوا نارا وقبلوا جميعنا من اجل المطر الذي اصابنا ومن اجل البرد.

أهلها البرابرة = ليس فى عاداتهم أو طباعهم، بل لأن اليونانيين والرومان يقولون هذا على من لا يتكلم اليونانية أو اللاتينية. ولكننا نرى الرحمة فى قلوب هؤلاء البرابرة. ولقد طالت مدة الإقامة إلى 3 أشهر.

آية (3):-

فجمع بولس كثيرا من القضبان ووضعها على النار فخرجت من الحرارة افعى ونشبت في يده.

مرة ثانية نجد بولس رجلاً عملياً فهو يجمع قضبان ليشعل نار ليستدفئوا. والأفعى كانت مخدرة بسبب البرد الشديد وخرجت مع الحرارة. وأهل الجزيرة بخبرتهم يعرفون أن هذا النوع من الحيات قاتل لذلك توقعوا موت بولس.

آية (4):-

فلما راى البرابرة الوحش معلقا بيده قال بعضهم لبعض لا بد ان هذا الانسان قاتل لم يدعه العدل يحيا ولو نجا من البحر.

هؤلاء البرابرة كان لهم ضمير حى له سلطان ويعرفون أن الخاطئ لابد أن يعاقب، فهم يعرفون العدالة الإلهية. هم رأوا القيود فى يديه ثم هياج البحر ثم الأفعى تنشب فى يده ففهموا أن خطيته كبيرة وفهموا أنه قاتل. وكان ينقصهم أن يفهموا أن الآلام ليست دليل على شر الإنسان.

آية (5):-

فنفض هو الوحش الى النار ولم يتضرر بشيء ردي.

بولس ألقى الحية فى النار فإحترقت، ويقول أهل مالطا أن بولس يومها لعن الحيات، ولذلك فجزيرة مالطا خالية تماماً من الحيات والثعابين.

آية (6):-

واما هم فكانوا ينتظرون انه عتيد ان ينتفخ او يسقط بغتة ميتا فاذ انتظروا كثيرا وراوا انه لم يعرض له شيء مضر تغيروا وقالوا هو اله.

الإنسان دائماً فى تقلب، وهذا ما حدث لبولس فى لسترة فهم قالوا عنه أنه إله ثم تحولوا ورجموه. لذلك فالمؤمن الحقيقى لا يحزن إن شتمه العالم ولا يفرح إن رفعه العالم.

آية (7):-

وكان في ما حول ذلك الموضع ضياع لمقدم الجزيرة الذي اسمه بوبليوس فهذا قبلنا واضافنا بملاطفة ثلاثة ايام.

مقدم الجزيرة= فى الثروة والمقام. ولقد إكتشف فى آثار مالطة أثران الواحد باليونانية والأخر باللاتينية يذكر فيهما هذا اللقب الذى إختصت به الجزيرة دون سواها والذى لم يرد ذكره فى أى مكان أخر. بل وجدت حفائر بإسم بوبليوس مقدم الجزيرة نفسه. ثلثه أيام= هى أول 3 أيام لهم فى الجزيرة.

آية (8):-

فحدث ان ابا بوبليوس كان مضطجعا معترى بحمى وسحج فدخل اليه بولس وصلى ووضع يديه عليه فشفاه.

مصاباً بحمى وسحج = سحج إى إسهال شديد، والمرض عبارة عن دوسنتاريا بإفراز دموى. والتعبير المستخدم هو تعبير طبى للوقا الطبيب.

 

 

آية (10):-

فاكرمنا هؤلاء اكرامات كثيرة ولما اقلعنا زودونا ما يحتاج اليه.

إكرامات كثيرة = ربما مادية أو فى المعاملة.

آية (11):-

وبعد ثلاثة اشهر اقلعنا في سفينة اسكندرية موسومة بعلامة الجوزاء كانت قد شتت في الجزيرة.

ثلاثة أشهر = إستغلها بولس الرسول فى خدمة سيده ونشر الكرازة فى مالطا.

الجوزاء = هما أخوين توأمين يتبرك بهما البحارة إسمهما كاستور وبولكس وهما أبناء زيوس. وهم طبعاً ركبوا من ميناء مالطا وهو فاليتا وليس حيث تكسرت السفينة.

آية (14):-

حيث وجدنا اخوة فطلبوا الينا ان نمكث عندهم سبعة ايام وهكذا اتينا الى رومية.

نفهم من هذا أنه كانت هناك كنيسة فى بوطيولى وكان فيها مجمع لليهود. والمسيحية وصلت إلى هناك عن طريق جماعات المسيحيين الغيورين الذين وفدوا على تلك القبعة. سبعة أيام = غريب أن يوافق قائد المئة على هذا. لكن هو أحب بولس ولذلك يستجيب له.

آية (15):-

ومن هناك لما سمع الاخوة بخبرنا خرجوا لاستقبالنا الى فورن ابيوس والثلاثة الحوانيت فلما راهم بولس شكر الله وتشجع.

فورن أبيوس= مدينة تقع على بعد 51 ميلاً من روما. الثلاثة حوانيت= وصحة الترجمة الثلاثة حانات مدينة تقع على بعد 30 ميلاً من روما. وهكذا أتينا إلى رومية = كان هذا فى مارس سنه 60م. تشجع = لما وجد مؤمنين مشتاقين لكلمة الإنجيل تشجع لخدمتهم.

آية (16):-

ولما اتينا الى رومية سلم قائد المئة الاسرى الى رئيس المعسكر واما بولس فاذن له ان يقيم وحده مع العسكري الذي كان يحرسه.

بولس أذن له أن يسكن فى بيت مع العسكرى المربوطة يده مع بولس وكان المنزل قريباً من البلاط القيصرى (البريتوريوم). وكان هذا نتيجة تقرير فستوس وتوصيات قائد المئة يوليوس.

آية (17):-

وبعد ثلاثة ايام استدعى بولس الذين كانوا وجوه اليهود فلما اجتمعوا قال لهم ايها الرجال الاخوة مع اني لم افعل شيئا ضد الشعب او عوائد الاباء اسلمت مقيدا من اورشليم الى ايدي الرومانيين.

هو يستدعيهم ولم يذهب لهم كالعادة بسبب قيوده لم افعل شيئاً = هم شكوا أنه مخطئ فى حق الشعب إذ رأوا القيود. وهاهو يزيل شكوكهم.

آية (18):-

الذين لما فحصوا كانوا يريدون ان يطلقوني لانه لم تكن في علة واحدة للموت.

يطلقونى= إشارة لملاحظة أغريباس لفستوس ولأن كلا فيلكس وفستوس لم يجدوا فيه عله.

آية (19):-

ولكن لما قاوم اليهود اضطررت ان ارفع دعواي الى قيصر ليس كان لي شيئا لاشتكي به على امتي.

بولس لا يريد أن يشتكى اليهود بالرغم من كل ما عملوه فيه ولكنه يدافع عن نفسه. ولو جاء بولس ليشتكى أهله اليهود لإعتبروه خائناً.

آية (20):-

فلهذا السبب طلبتكم لاراكم واكلمكم لاني من اجل رجاء اسرائيل موثق بهذه السلسلة.

رجاء إسرائيل هو المسيح الذى كانوا يترجون مجيئه، وقد جاء.

آية (21):-

فقالوا له نحن لم نقبل كتابات فيك من اليهودية ولا احد من الاخوة جاء فاخبرنا او تكلم عنك بشيء ردي.

هم أيضاً أى اليهود المجتمعين لا يريدون أى شغب حتى لا يتجدد قرار طردهم من روما الذى سبق كلوديوس وأصدره.

آية (22):-

ولكننا نستحسن ان نسمع منك ماذا ترى لانه معلوم عندنا من جهة هذا المذهب انه يقاوم في كل مكان.

هم كان لهم من سعة الصدر أن يناقشوا المذهب المسيحى الذى يقاوم فى كل مكان.

آية (23):-

فعينوا له يوما فجاء اليه كثيرون الى المنزل فطفق يشرح لهم شاهدا بملكوت الله ومقنعا اياهم من ناموس موسى والانبياء بامر يسوع من الصباح الى المساء.

كان بولس يتكلم عن ملكوت الله الروحى وأنه ليس ملكاً زمنياً كما يتصوره اليهود. وأن المسيح تنبأ عنه الأنبياء.

آية (24):-

فاقتنع بعضهم بما قيل وبعضهم لم يؤمنوا.

بعد كل ما قاله بولس حدث إنقسام فى صفوفهم.

آية (25):-

فانصرفوا وهم غير متفقين بعضهم مع بعض لما قال بولس كلمة واحدة انه حسنا كلم الروح القدس اباءنا باشعياء النبي.

ما قاله إشعياء على الأباء ينطبق عليكم إذ رفضتم المسيح.

آية (26):-

قائلا اذهب الى هذا الشعب وقل ستسمعون سمعا ولا تفهمون وستنظرون نظرا ولا تبصرون.

تسمعون سمعاً ولا تفهمون = أى أن الرسالة تصل إليكم ولا تقبلونها. تصل لأسماعكم ولا تصل لأذهانكم، هذه صورة من العمى الذهنى والروحى المرتبط بالإرادة العنيدة والحياة المتمردة على الحق.

آية (28):-

فليكن معلوما عندكم ان خلاص الله قد ارسل الى الامم وهم سيسمعون.

هنا يصل السفر لغايته أن الكرازة ستصل للأمم، فالمسيح جاء لكل العالم.

آية (30):-

واقام بولس سنتين كاملتين في بيت استاجره لنفسه وكان يقبل جميع الذين يدخلون اليه.

بولس كتب خلال السنتين رسائل أفسس وفليمون وكولوسى وفيلبى. أماّ إيجار البيت دفعه بولس من كرم وعطايا الفيليبيين. ولكنه أقام فى هذا البيت وهو مربوط بسلسلة مع جندى أع 20:28.

آية (31):-

كارزا بملكوت الله ومعلما بامر الرب يسوع المسيح بكل مجاهرة بلا مانع.

بكل مجاهرة = إذاً كلمة الله تنتصر. يدى بولس مقيدتين لكن كلمة الله لا تقيد. وفى التقليد أنه عَمَّدَ زوجة نيرون التى قتلها نيرون بعد ذلك. وعن طريق زوجة نيرون جذب كثيرين من أسرة نيرون فى 22:4 + فى 13:1.

والسفر لا ينتهى بكلمة آمين ولا يختمه أحد فالروح القدس ما زال يعمل فى كنيسته ولاحظ أن السفر يبدأ بالمسيحية فى أورشليم وينتهى بالمسيحة فى روما مركز العالم الأممى كما أراد الرب فعلاً أن تبدأ الكرازة بأورشليم ثم اليهودية ثم السامرة ثم كل الأرض.

لماذا إستمرت المحاكمة سنتين؟

1.  كان لا يمكن محاكمة بولس قبل أن يصل المدعين عليه من أورشليم. وهؤلاء غالباً قد تباطئوا إذ علموا بموقف فستوس وأغريباس.

2.  بولس موجه له 3 تهم. وكان النظام الرومانى يقضى بالتحقيق فى كل تهمة منفصلاً عن التهمة الثانية. وقد تؤجل المحاكمة للتهمة الثانية لمدد تصل إلى 12 شهراً.

3.    نيرون قد يكون مهتماً بالقضايا الكبيرة وقضية بولس فى نظره يمكن تأجيلها.

4.  ربما صرف اليهود النظر عن القضية لضمانهم براءة بولس. فقد كانت القوانين الرومانية شديدة ضد المقاضاة الطائشة، أى الإتهامات الباطلة. ويمكن أن خصوم بولس رأوا أن الأسلم أن يتركوا الموضوع، وسقطت القضية بعد سنتين.

المحيطين ببولس وهو فى روما

1.لوقا

 

الطبيب الحبيب كو14:4 + فل 24

2.تيموثاوس

 

فل1 + كو 1:1 + فى 1:1 (الإبن الصريح فى الإيمان)

3.تيخيكس

 

الأفسسى رفيق محبة وسهر على حاجاته كو7:4 + أف 21:6

4.مرقس

 

النافع للخدمة فل 24 إبتعد قليلاً عنه وعاد إليه 2 تى 11:4

5.ارسترخس

 

 

زميل سجن وقيود كو 10:4 + أع 29:19 + أع 2:27 + فل 24

6.ابفراس

 

زميل سجن وقيود وخادم للمسيح كو 7:1 + فل 23 وهو من تسالونيكى

7.أنسيمس

 

العبد الهارب.

حياة بولس الرسول بعد نهاية سفر الأعمال

1.    قضى بولس سنتان فى الأسر فى روما ثم حصل على البراءة.

2.  حصل على حريته بعد ذلك وقضى سنين حراً ينتقل بين الكنائس. وربما ذهب إلى أسبانيا كما كان يريد رو 28:15. ويقول التقليد الإنجليزى أن بولس وصل إلى إنجلترا. والقديس إكليمنضس يقول أن بولس وصل إلى أقصى الغرب. والقديس يوحنا ذهبى الفم يقول أنه ذهب إلى أسبانيا.

3.  خلال هذه الفترة كتب رسائله الرعوية (تيموثاوس الأولى وتيطس) ويقال أنهما كتبتا سنه 66م ومن الرسائل الرعوية نعلم أنه زار مكدونية وأفسس 1تى 3:1 وزار كريت تى 5:1 وزار ميليتس 2تى 20:4 وهى جنوب أفسس. وزار نيكوبوليس تى12:3 وزار ترواس 2تى 13:4.

4.    أخيراً زار روما ليقبض عليه نيرون ويستشهد سنه 68م. وفى خلال حبسه الأخير فى روما كتب الرسالة الثانية إلى تيموثاوس. وقد إستشهد بالسيف لأنه رومانى وإستشهد معه فى نفس اليوم (5 أبيب- 12 يوليو) القديس بطرس مصلوباً. وكان إستشهاد بولس خارج أسوار روما حيث بنيت كنيسة القديس بولس خارج الأسوار وبناها قسطنطين الملك حيث استشهد القديس. ومن المعروف أن نيرون كان قد أشعل الحريق فى روما ليبنى روما الجديدة وقصرة الجديد. ولما ثار الناس عليه ألقى بالتهمة على المسيحيين. فكان اليهود يصطادون المسيحيين ويقدمونهم للعذاب والقتل. وغالباً من وشى ببولس الرسول هو إسكندر النحاس 2تى 14:4. وكان انيسيفورس مهتماً ببولس وسط هذه الظروف 2تى 16:1،17. وكان معه لوقا وتيخيكس أيضاً

 

الصفحة الرئيسية