الرسالة الأولى إلى تسالونيكى
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
1. تدعى حالياً تسالونيك، وكانت عاصمة إحدى مقاطعات مكدونية باليونان.
2. موقعها الجغرافى كان مميزاً، فهى على الطريق الإغريقى، وهو طريق عسكرى ضخم يربط روما بالشرق. وبكونها ميناء قد أعد كمحطة بحرية مجهزة بأحواض للسفن الرومانية. وكان يحكمها خمسة أو ستة من البوليسترخس (حكام المدينة) (أع 17 : 6). وبسبب موقعها المميز إجتذبت الكثير من أثرياء الرومان ومن التجار اليهود (أع17: 4) وإشتهرت بالخلاعة لذلك تكلم الرسول عن الحياة الطاهرة (1تس4: 1 – 8).
3. زار الرسول بولس تسالونيكى للمرة الأولى فى رحلته الثانية حوالى سنة 52 م وكان بصحبته سلوانس وتيموثاوس (أع 17 : 1 – 10). وقد جاء إليها بعد طرده من فيلبى، وقد إتجه كعادته إلى اليهود يحاججهم فى مجمعهم وجذب بعض من اليهود واليونانيين والنساء.
4. كتب الرسول هذه الرسالة نهاية سنة 52 م أو فى بداية سنة 53 م، أى بعد خدمته فى تسالونيكى بفترة قصيرة جداً، وكتبها من كورنثوس، ويقال أنها أول رسالة كتبها بولس الرسول.
5. إذ نجحت خدمة بولس فى تسالونيكى هاج عليه اليهود (أع 17 : 5 – 7) وكانت التهمة الموجهة أن هؤلاء "الذين فتنوا المسكونة" أى هم من المشاغبين الذين ينادون بملك آخر غير قيصر وكانت هذه التهمة هى من أخطر التهم وغالباً فإن ياسون الذى آمن على يدى بولس كفل بولس على أن يلتزم بأن يغادر المدينة فغادرها إلى بيرية. وكما هاج اليهود على المسيحيين هاج الأمم عليهم، وعانت الكنيسة الكثير من الضيق، وتوقع المؤمنون أن يعود لهم الرسول ليساندهم فأرسل لهم هذه الرسالة:-
أ. لتثبيتهم على الإيمان ومدحهم على ثباتهم فى الإيمان، إذ أخبره تيموثاوس بصبرهم على الإضطهاد بل هم فى وسط هذا الإضطهاد يذيعون الإنجيل (1 : 8).
ب. كان عدم حضوره بسبب التزامه أمام ياسون، لكن بعض المؤمنين شكك فى محبته وأبوته، فأرسل لهم ليعلن لهم أشواقه وأنه يود لو أتى إليهم معلناً صدق أبوته (2: 17 – 20) وراجع (أع17: 9).
ت. أراد أن يسحب قلب الكنيسة من الإرتباك فى الأحداث الأليمة التى كانت تعيش فيها إلى الفرح الروحى الداخلى من أجل عمل نعمة الله فيهم (1: 6).
ث. لكى يسندهم وسط آلامهم المرة تحدث عن القيامة من الأموات وقرب مجئ الرب الأخير فتستريح نفوسهم بتمتعهم بالأحضان الأبوية مشجعاً إياهم على الجهاد الروحى لينالوا الإكليل السماوى (13:4).
ج. كان لهم سؤال عن موتاهم وشهدائهم، ومصيرهم حين يأتى المسيح وهل سيكون للموتى نصيب مثل الأحياء مع المسيح عند مجيئه. وواضح أنه كان ينقصهم تثبيت فى بعض النقاط الإيمانية (14:4-17).
ح. مع كل هذا طلب منهم أن يعملوا ويشتغلوا بأيديهم فلا مجال للتراخى، وربما إعتمد البعض على أن المسيح آت فلا داع للعمل. (4 : 11).
6. أرسل لهم الرسول تلميذه تيموثاوس ليثبتهم على الإيمان إذ سمع بأخبار الضيقات التى يعانون منها، وعاد له تيموثاوس محملاً بأخبار مطمئنة عن إيمانهم فأرسل لهم هذه الرسالة وهو كأب فرحان بأولاده.
أية 1 :- بولس و سلوانس و تيموثاوس الى كنيسة التسالونيكيين في الله الآب و الرب يسوع المسيح نعمة لكم و سلام من الله ابينا و الرب يسوع المسيح.
في الله الآب والرب يسوع المسيح = هذه تحقيق لقول السيد المسيح في (يو17: 21).
الله الأب والرب يسوع = هنا نرى أن مكانة الرب يسوع لا تقل عن الآب. ولا يذكر الرسول لقبه الرسولى كما فعل فى رسائل كثيرة والسبب:
أ. أنهم لا يشكون فى رسوليته مثل أهل غلاطية مثلاً الذين إهتم بتأكيدها لهم.
ب. هو فرح بسبب إيمانهم فيعلن محبته لهم لا سلطانه عليهم.
ت. هم فى ضيقة فيكتب لهم بروح الصداقة الأخوية لا بسلطان.
وبنفس المفهوم يقول بولس وسلوانس وتيموثاوس. فمع أنه وحده كاتب الرسالة إلا أنه يضع إسمى سلوانس وتيموثاوس المعروفين لدى أهل تسالونيكى ليعلن لهم محبة الجميع وتعاطف الجميع معهم. وسلوانس هو سيلا (أع18) فبولس يستخدم الإسم الرسمى، ولوقا فى الأعمال يستخدم اسم التدليل المشهور به وسط الناس. والرسول يلقب الله أبانا فالمؤمنون محتاجون فى ضيقتهم إلى التمتع بأبوة الله الحانية وإدراك إهتمامه بخلاصهم وإذ يكتب الرسول فى رسالته عن أبوته لهم أراد فى المقدمة أن يؤكد أبوة الله نفسه التى هى مصدر كل أبوة روحية وجسدية.
نعمة وسلام = هم محتاجون لهذا السلام وسط ضيقاتهم وآلامهم.
أية 2 : نشكر الله كل حين من جهة جميعكم ذاكرين إياكم في صلواتنا.
يشكر الله على نجاح كنيسة تسالونيكى، ويصلى ليثبتوا ويزداد إيمانهم.
أية 3 : متذكرين بلا إنقطاع عمل إيمانكم و تعب محبتكم و صبر رجائكم ربنا يسوع المسيح أمام الله و أبينا.
نرى ثلاثية بولس الرسول (الإيمان والرجاء والمحبة) (1كو 13 : 13) + (1تس 5 : 8) + (عب 6 : 10- 12) + (عب 10 : 22 – 24). ونلاحظ أن الإيمان العامل والمحبة والرجاء اللذين فى تسالونيكى جعل بولس يفرح بشعب تسالونيكى أكثر من كورنثوس بمواهبها وألسنتها. ونلاحظ هنا أن الرسول ينسب للإيمان العمل، وللمحبة التعب، والرجاء الصبر. فمن يؤمن يحتمل الكثير، وإيمان الإنسان يظهر خلال أعماله، فالإيمان ليس أمراً مجرداً. ومن لا يتعب لم يعرف المحبة، بل لم يعرف الله. ونلاحظ أن الإيمان الفعال العامل والمحبة الباذلة يولدان رجاءً صابراً. هنا الرسول يحول أنظار التسالونيكيين عن التفكير فى الأحداث الجارية إلي التأمل في عمل نعمة الله داخلهم خلال الإيمان والرجاء والمحبة فالله هو العامل فيهم في إيمانهم ومحبتهم ورجائهم. أمام الله وابينا = الله يري عملهم ومحبتهم ورجائهم وهو وحده الذي يحكم عليها. صبر رجائكم ربنا يسوع = يسوع المسيح هو رجاؤنا. وبسبب هذا الرجاء نصبر على ألم الإضطهاد.
أية 4 : عالمين أيها الأخوة المحبوبون من الله إختياركم.
بولس رأي في إيمانهم ومحبتهم ورجائهم أن هذا دليل علي أن الله إختارهم، والله يختار من بسابق معرفته يعرف أنه سيقبل دعوته (رو 8 : 29) ومن ناحية أخري فالرسول خاف عليهم أن يسقطوا في الكبرياء بسبب أنهم أحتملوا في صبر فيشرح لهم هنا أن الله هو الذي إختارهم، والله هو سر قوتهم، هو يرفع عيونهم نحو الذي أحبهم، وما زال يعمل فيهم حتى يدخل بهم إلي أمجاده، والله أختارهم، إذ هو سيكمل معهم (في 6 : 1) ولكن هذا لمن يثبت في المسيح، فالمسيح قد أختار يهوذا وهلك يهوذا.
أية 5 : إن إنجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط بل بالقوة أيضا و بالروح القدس و بيقين شديد كما تعرفون أي رجال كنا بينكم من أجلكم.
بولس هنا يؤكد لهم إختيار الله ومحبته لهم إذ أرسل لهم بولس مزوداً بـ:
1. القوة :- قوة الإنجيل وما فيها من سر حياة اجتذبتهم للخلاص فبولس كان مزوداً متسلحا بالإنجيل القادر أن يأسر الإنسان فى الحب الإلهى.
2. الروح القدس :- الروح كان يعمل فى بولس ليتكلم ويعمل فيهم ليفهموا فالروح القدس وحده هو القادر أن يشرح محبة الله لنا.
3. بيقين شديد:- كان بولس رجاء قوى ويقين شديد أن الله يريد خلاصهم، فأحتمل كل ضيقات اليهود واليونانيين.
كما تعرفون اى رجال كنا بينكم = من هو متسلح بما ذكره الرسول يكون جباراً وبولس يود أن يقول، الفضل ليس لى بل لله الذي أحبكم واختاركم = من أجلكم = أي أن الله أعطاني كل هذا لأجلكم.
أية 6 : و أنتم صرتم متمثلين بنا و بالرب إذ قبلتم الكلمة في ضيق كثير بفرح الروح القدس.
بفرح الروح القدس = فالروح الذى عمل فى بوس عمل فيهم فصاروا متمثلين ببولس بل وبالرب. وأعطاهم الروح فرحاً وعزاء فقبلوا الكلمة وسط الضيقات الكثيرة التى وقعت عليهم = فى ضيق كثير. فكما أن المسيح تألم لخلاصنا تألم بولس في كرازته، فهم في صبرهم علي الضيقات والاضطهاد تشبهوا بالمسيح وببولس، والذي يعطي الفرح وسط الضيق هو الروح القدس، كما فعل الله مع الثلاثة فتية في آتون النار ولنفهم أن النصرة في المسيحية هي الفرح وسط الضيق فالألم دخل إلى العالم بالخطية، والله أبقي الألم بعد أن أتم الفداء لنكمل به، لكنه أعطانا أن نفرح وسط الألم. بل استغل الله الألم في قطع رباطات خطايانا كما احترقت رباطات الثلاثة فتية في أتون النار دون أن يصابوا هم بأذى.
أية 7 : حتى صرتم قدوة لجميع الذين يؤمنون في مكدونية و في أخائية.
مكدونية وأخائية تمثلان معظم اليونان الحديثة وكانتا مقاطعتان مزدوجتان وأبرز كنائس مكدونية هي فيلبي وابرز كنائس اخائية كورنثوس ولكن تسالونيكي تفوقت علي الكل وتسالونيكى في مكدونية.
أية 8 : أنه من قبلكم قد أذيعت كلمة الرب ليس في مكدونية و اخائية فقط بل في كل مكان ايضا قد ذاع ايمانكم بالله حتى ليس لنا حاجة أن نتكلم شيئاً.
كانت تسالونيكي مركزاً تجارياً هاماً، وذلك ساعدهم علي أن يذيعوا للعالم الكرازة. كانوا كالطيب الذي ينتشر، كانوا مملوءين قوة. = حتى ليس لنا حاجة أن نتكلم شيئاً = قوتهم صارت معروفة وفى غير حاجة لبرهان فالكل كان يشهد عنهم ويقتدى بهم.
أية 9 : إنهم هم يخبرون عنا أي دخول كان لنا إليكم و كيف رجعتم إلى الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي الحقيقي.
لأنهم هم = الذين جاءوا إليكم في تسالونيكي ورأوكم وسمعوكم ثم ذهبوا وقابلهم الرسول في مكدونية وإخائية هؤلاء كانوا يخبرون عن إيمانكم، بل كانوا في كلامهم يخبرون عني ويطوبوني = يخبرون عنا إذ أنا الذي ولدتكم في المسيح حينما بشرتكم بالإنجيل.
أية 10 : و تنتظروا إبنه من السماء الذي أقامه من الأموات يسوع الذي ينقذنا من الغضب الاتي
الإيمان بيسوع والثبات فيه هو الطريق الوحيد الذي ينقذنا من غضب الله الذي سيأتي في يوم الدينونة علي كل الأشرار وغير المؤمنين.
الرسول يؤكد محبته وأبوته وأنه يشعر بضيقتهم ويشتاق للحضور إليهم وأن محبته وكلماته لم تكن جوفاء للتملق وإنما هو ينطلق من أتعاب إلي أتعاب جديدة من أجل المجاهرة بكلمة الإنجيل وهو لم يكن يتملقهم فهو لم يكن يأخذ منهم شيئاً.
أيات 1، 2 : أنكم أنتم أيها الأخوة تعلمون دخولنا إليكم أنه لم يكن باطلا. بل بعدما تألمنا قبلا و بُغيَ علينا كما تعلمون في فيلبي جاهرنا في إلهنا أن نكلمكم بانجيل الله في جهاد كثير.
لم يكن باطلاً = THAT WAS NOT IN VAIN فحضوري إليكم لم يكن بلا جدوي بل كان عملي متأصلاً وثابتاً وناجحاً وثماره ممتدة وتنمو وأنه أينما ذهب واجهته مصاعب شديدة، لذلك يذكرهم بما حدث له في فيلبي (أع 16 : 24)،وأنه ترك فيلبى ولكنه لم يترك الكرازة والجهاد، فهم كانوا يعانون من أجل إيمانهم، فهو رسولهم ومعلمهم قد عاني ويعاني مثلهم ولكن ألامهم ليست بلا جدوي كما أن ألامه أتت بثمر إيمانهم. هو هنا يؤكد أن إحتمال الآلام والظلم هو علامة رئيسية علي صدق الرسالة وفاعلية الكرازة.
آيات 3، 4 : إن وعظنا ليس عن ضلال و لا عن دنس و لا بمكر. بل كما أستحسنا من الله أن نؤْتمن على الإنجيل هكذا نتكلم لا كأننا نرضي الناس بل الله الذي يختبر قلوبنا.
الآلام ليست دليلاً علي خطأ ما في الكرازة بل هي دليل علي صدقها. وصدق رسالته ينبعث عن إعلانه الحق ليس عن ضلال = أى بغير ضلال وليس كالفلاسفة الغنوسيين الذين يمزجون فلسفتهم مع المسيحية فيشوهونها وهو ليس مثل المتهودين ولا عن دنس = مثل كهنة الأوثان اللذين اختلطت دياناتهم بالدنس ولا بمكر = فهو لا يريد سوى خلاصهم ولا يريد منهم شيئاً وهذه الشروط التي وضعها بولس "الحق والقداسة والحب" شرط أن تكون الرسالة هي رسالة حق، وهو بهذا يرضي الله الذي أرسله للكرازة.
آيات 5، 6 : فإننا لم نكن قََطْ في كلام تَملقْ كما تعلمون و لا في علة طمع الله شاهد. و لا طلبنا مجداً من الناس لا منكم و لا من غيركم مع أننا قادرون أن نكون في وقار كرسل المسيح.
مع أن المسيح قال أن الفاعل مستحق أجرته فأنا تركت ما كان من حقي لأجل مجد المسيح ولأجلكم. فمن يطلب في أنانية مجد من الناس لا يقدر أن يطلب مجد الله (يو 5 : 44) أمران يفسدان الخادم وهما طلب مجد الذات والطمع، وهما متمركزان حول ألانا، أما الخادم الحقيقي فهو يطلب ما لله وما لمجد الله. هو يطلب نفوس الناس وليس فلوس الناس.
آيات 7، 8 : بل كنا مترفقين في وسطكم كما تُرَبي المرضعة أولادها. هكذا إذ كنا حانين إليكم كنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضا لأنكم صرتم محبوبين إلينا.
يشبه نفسه بأم مرضعة تهتم برضيعها ولا تطلب منه شيئاً هي غير طامعة في أمواله أو أي مجد منه، وهذا فرق مع الرسل الكذبة. هنا الخادم يتشبه بالمسيح الذي حل وسطنا لا يطلب شيئاً بل هو أخلي ذاته حتي يخلص نفوسنا. تربي = جاءت الكلمة بمعني الطير الذي يحتضن صغاره فيعطيهم دفئاً قيل هذا عن الروح القدس الذي يرف على المياه فتخرج حياة (تك1: 2) خلال هذا الحب الأبوي من بولس يشعرون بحب الله. إنجيلنا لكم ليس وعظاً ولا فلسفة بل هو حب إلهي تلمسونه في محبتي لكم.
آيات 9 – 12 : فإنكم تذكرون أيها الإخوة تعبنا و كَدنا إذ كنا نكرز لكم بانجيل الله و نحن عاملون ليلاً و نهاراً كي لا نثقل على أحد منكم. أنتم شهود و الله كيف بطهارة و ببر و بلا لوم كنا بينكم أنتم المؤمنين. كما تعلمون كيف كنا نعظ كل واحد منكم كالآب لأولاده و نشجعكم. و نشهدكم لكي تسلكوا كما يحق لله الذي دعاكم إلى ملكوته و مجده.
بولس كان يعمل بيديه حتى لا يثقل على أحد (1كو 9 : 13 – 15) بلا شك كان الرسول يقبل بعض العطايا (في 4 : 16) لكن كان لا يطلب، بل يرفض ما أمكنه حتي لا تتعثر الخدمة، فالإنجيل في عينيه فوق كل إعتبار. بطهارة = حياته الداخلية المقدسة في علاقته بالله بر = حياته بعدل مع الآخرين بلا لوم = تعني حياته الروحية كما تظهر أمام الناس فلا يلومه أحد والثلاثة بلا إنفصال. فلا تقسيم في الحياة الروحية إلي حياة مع الله وحياة مع الآخرين فالحياة هي حياة واحدة متكاملة من كل الجوانب. ولكن قصد الرسول أن ينبه أهل تسالونيكي أن حياته الجديدة في المسيح تتضح في تعامله مع الله ومعهم، ويكون هو قدوة لهم بحياته.
أيات 13 – 16 : من اجل ذلك نحن أيضا نشكر الله بلا إنقطاع لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة اُناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضا فيكم أنتم المؤمنين. فإنكم أيها الإخوة صرتم متمثلين بكنائس الله التي هي في اليهودية في المسيح يسوع لانكم تالمتم انتم ايضا من اهل عشيرتكم تلك الآلام عينها كما هم أيضا من اليهود. الذين قتلوا الرب يسوع و أنبياءهم و إضطهدونا نحن و هم غير مرضين لله و اضداد لجميع الناس. يمنعوننا عن أن نكلم الأمم لكي يخلصوا حتى يتمموا خطاياهم كل حين و لكن قد أدركهم الغضب الى النهاية.
حياة الألم جزء لا يتجزأ من كلمة البشارة أو إنجيل المسيح فمع الفرح الداخلي هناك آلام في الخارج. وهذه علامة فالألم الواقع علي كنيسة تسالونيكي واقع علي الكنيسة في أورشليم وكما حرك الشيطان اليهود في أورشليم فصلبوا المسيح وإضطهدوا كنيسته، حركهم أيضاً في تسالونيكي. ولقد اعطي الله اليهود بعد جريمتهم البشعة في صلب المسيح 40 سنة حتي يؤمنوا فيخلصوا، لكنهم رفضوا وثاروا ضد المسيح فملأوا كأس الغضب. وعلي العكس فإن الآلام التي تعاني منها كنيسة المسيح في كل مكان هي شركة حب وشركة صليب وشركة ألم مع المسيح المتألم، وبهذه الشركة يتزكي المؤمنون، وبهذا الشر الذي يفعله اليهود يستعدون لشرب كأس العقاب الزمني والأبدي. أضداد لجميع الناس = فهم يحتقرون جميع الناس فكرههم جميع الناس. يمنعوننا أن نكلم الأمم = فهم لا يطيقون فكرة خلاص الأمم. حتي يتمموا خطاياهم = يملأوا كأس خطاياهم في ترجمة أخري. حينما يمتلئ الكأس ينصب غضب الله وهذا ما حدث سنة 70م حينما أحرقت أورشليم وتعتبر هذه نبوة لبولس كتبها قبل خراب أورشليم بحوالي 18 سنة فعندما إمتلات الكأس أحترقت أورشليم. غير مرضيين لله = هم يتظاهرون بأنهم يرضوا الله والحقيقة غير ذلك، لذلك هم غير مرضيين عند الله قد أدركهم الغضب إلي النهاية = فهم مشتتين حتي الآن، وهذه نبوءة ثانية لبولس الرسول وقد تحققت.
آيات 17 – 20 : و أما نحن أيها الأخوة فإذ قد فقدناكم زمان ساعة بالوجه لا بالقلب إجتهدنا أكثر بإشتهاء كثير أن نرى وجوهكم. لذلك أردنا أن نأتي إليكم انا بولس مرة و مرتين و انما عاقنا الشيطان. لأن من هو رجاؤنا و فرحنا و إكليل إفتخارنا أم لستم أنتم أيضا أمام ربنا يسوع المسيح في مجيئه. إنكم أنتم مجدنا و فرحنا
هنا يكشف الرسول عن مشاعر الشوق الحقيقي التي تملا قلبه نحوهم. فهو يحبهم ويشتاق إليهم. هي مشاعر إنسانية تقدست في المسيح يسوع. رجاؤنا وفرحنا وإكليل إفتخارنا = إنه يراهم في يوم مجئ الرب أولاداً مقدسين يقدمهم كثمرة تعبه للمخلص، وكل تعب يعانيه من أجلهم وكل ألم يقاسيه إنما يزيد بهاء مجده الأبدي، ووسط كل آلامه حاول أن يذهب لهم لكن الشيطان عاقه، ربما عن طريق مؤامرات اليهود وإلتزامه لياسون أن يظل بعيداً (أع1:17-9) فكلمة شيطان تعني مقاوم.
أيات 1، 2 : لذلك اذ لم نحتمل ايضا استحسنا ان نترك في اثينا وحدنا. فارسلنا تيموثاوس اخانا و خادم الله و العامل معنا في انجيل المسيح حتى يثبتكم و يعظكم لاجل ايمانكم.
بلغ بولس أخبار الاضطهاد في تسالونيكي فلم يحتمل و أراد الاطمئنان علي ثباتهم في الإيمان، وإذا كان غير قادر علي الذهاب بنفسه بسبب شغب اليهود أرسل ثيموثاوس. وإرساله ثيموثاوس جاء ثمرة طبيعية لما تحدث عنه قبلاً في الإصحاح السابق أي أبوته ومحبته لهم فهو أرسل لهم أغلي ما يمكن تقديمه، فأعظم من لدي بولس هو ثيموثاوس وبولس محتاج إليه جداً ولكن مع هذا أرسله لهم، وهو يقول هذا ليهدئ ثورتهم إذا أشيع عنه أنه لا يحبهم إذ لم يأتي هو بل أرسل ثيموثاوس، مفضلاً إياهم علي نفسه. ولاحظوا الصفات التي أطلقها علي ثيموثاوس بمعني أنه نظيري قادراً أن يثبتكم علي الإيمان.
أية 3 : كي لا يتزعزع احد في هذه الضيقات فانكم انتم تعلمون اننا موضوعون لهذا.
الرسول لم يطلب رفع الضيقة عنهم، فهو يعلم أن الضيقة لا بد وستحدث، كما قال في (2تي3 : 12) "إن كل اللذين يريدون أن يحيوا في المسيح يسوع بالتقوي يضطهدون"، ولكنه يطلب لهم الثبات في الضيقة هذا معني قوله = أننا موضوعون لهذا.... في العالم سيكون لكم ضيق (يو 16: 33).
أيات 4، 5 : اننا لما كنا عندكم سبقنا فقلنا لكم اننا عتيدون ان نتضايق كما حصل ايضا و انتم تعلمون. من اجل هذا اذ لم احتمل ايضا ارسلت لكي اعرف ايمانكم لعل المجرب يكون قد جربكم فيصير تعبنا باطلا.
لكي يعزيهم يعود بذاكرتهم إلي أحاديثه معهم حين كان في وسطهم يكرز لهم بالإنجيل، إذ حدثهم عن ضرورة الصليب والتجارب والآلام كأمور مرتبطة بالإيمان، بولس حدثهم كأب روحي لا يخفي شيئاً عن أولاده، وهذا ما فعله السيد المسيح حين قال لتلاميذه ولنا "في العالم سيكون لكم ضيق" ومما يثبت الإيمان أن المسيح عالم بما سيحدث ويخبرنا به، فهو بهذا يظهر معرفته وأن الأمر خاضع لسيطرته.. فلماذا الخوف (يو 14 : 29) المجرب.. جربكم = الشيطان المجرب له وسائل متعددة، فهو إما يثير حرباً علي الكنيسة واضطهاد روحي واما يثير هرطقات وتعاليم مشوشة داخل الكنيسة. والهدف إفساد عمل الله ورسله. وبولس إذ يحسب أ، أي ضعف وارتداد لتلاميذه هو ضياع لإكليله، يهتم بـأن يرسل لهم ثيموثاوس. وكأن الرسول يريد أن يقول هنا لماذا تحسبون أن إرسالي ثيموثاوس هو استهانة بكم ألا تعرفون أنني مهتم بخلاصكم حتي لا يضيع إكليلي، نجاحكم هو نجاحي.
أية 6 : و اما الان فاذ جاء الينا تيموثاوس من عندكم و بشرنا بايمانكم و محبتكم و بان عندكم ذكرا لنا حسنا كل حين و انتم مشتاقون ان ترونا كما نحن ايضا ان نراكم.
حمل له ثيموثاوس أخبار أيمانهم ومحبتهم ففرح بهذا بل حمل له أشتياقهم إليه حتي وهو محتمل لضيقات وآلام، أي أن فرحهم به ليس راجعاً لمعجزاته فقط.
أية 7 : فمن اجل هذا تعزينا ايها الاخوة من جهتكم في ضيقتنا و ضرورتنا بايمانكم.
تعزينا : في اليونانية تحمل معني الراحة وأيضاً القوة، فأخبارهم الحلوة منحته قوة في ضيفاته ولم يعد يشعر بالآمه.
أيات 8، 9 : اننا الان نعيش ان ثبتم انتم في الرب. انه اي شكر نستطيع ان نعوض الى الله من جهتكم عن كل الفرح الذي نفرح به من اجلكم قدام الهنا.
الآن نعيش = هذا تعبير عن أسمي درجات الفرح، كأنه استرد أنفاسه ولم يعد بعد يشعر بالآلام، كأن نجاح أولاده هو سر حياته، هو يعيش لهذا "أن أبقي ألزم لأجلكم" في 1 : 24 فإن ثبتوا فى الإيمان يحيا هو، أما تعثرهم فيحسب بالنسبة له كفقدان لحياته. وهو لأجل ثباتهم يقدم الشكر لله لأجل صنيعه معهم.
أيات 10، 11 : طالبين ليلا و نهارا اوفر طلب ان نرى وجوهكم و نكمل نقائص ايمانكم. و الله نفسه ابونا و ربنا يسوع المسيح يهدي طريقنا اليكم.
إلتهاب قلبه بالحب لهم جعله يشتاق لرؤيتهم ليكمل نقائص إيمانهم ربما في موضوع ما بعد الموت وهل الموتي يكونون في سرور كالأحياء وربما هو يريد أن يشارك في نموهم نحو الكمال يغير توقف ويصلي ليرفع الله العقبات التي وضعها إبليس ليعوق الزيارة، ويترك موضوع الزيارة بين يدي الله.
أيات 12، 13 : و الرب ينميكم و يزيدكم في المحبة بعضكم لبعض و للجميع كما نحن ايضا لكم. لكي يثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة امام الله ابينا في مجيء ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه
الرسول يصلي إلي الله لينميهم فى المحبة تجاه الجميع حتي غير المؤمنين، فإن المحبة تجاه جمع البشر أمر جوهري في تقديس القلب بالروح القدس في عيني الله، المحبة هي التي تجعلهم بلا لوم. غاية إيماننا هي الحياة المقدسة فى الرب التي بدونها لا نقدر أن نعاين الرب (عب 12 : 14) ولا أن نوجد فيه ومعه وهذه الحياة عمادها المحبة، فإن كانت الحياة المقدسة هي تمتع بالشركة مع الله وممارسة حياته فينا، فإن الله ذاته إنما هو المحبة (1يو 4 : 87) وفي يوم مجيئه العظيم يعتز بسمه الحب التي يجدها فى أولاده. والرب نفسه هو الذي ينمي فينا هذا الحب. مع جميع قديسيه = ملائكة وبشر قديسين (زك 14 : 5) + (تث 33 : 2) + (مز 68 : 17) + (دا 7 : 10) + (يه 14) + (مر 8: 38) + (مت 25 : 31) + (2تس1 : 7، 10).
ملحوظة
المسيحية نمو في :
1. المحبة :- راجع (1 تس 4 : 10). والمحبة تزداد بزيادة التعب وخدمة الاخوة والصلاة عنهم والكلام عنهم حسناً (مت5: 44).
2. الإيمان : - راجع (2 تس 1 : 3) وهنا نري أن الإيمان يزداد والمحبة تزداد. ولكن كيف يزداد الإيمان ؟ بالشكر راجع (كو 2 : 7).
3. القداسة : - راجع (1تس 4 : 1 – 3) وهنا نسمع أن قداستنا هي إرادة الله، فالمسيحي دائماً في نمو نحو السماويات وهذه علامة أن المسيحي يسلك سلوكاً صحيحاً.
آيات 1 - 3 : فمن ثم أيها الإخوة نسألكم و نطلب إليكم في الرب يسوع أنكم كما تسلمتم مِنا كيف يجب أن تسلكوا و ترضوا الله تزدادون أكثر. أنكم تعلمون آية وصايا أعطيناكم بالرب يسوع. أن هذه هي إرادة الله قداستكم أن تمتنعوا عن الزنا.
فمن ثم = هو كلمهم أن يثبتوا فى القداسة وينموا في المحبة والطريق أن يسلكوا مثله = أنكم كما تسلمتم منا وعبارة في الرب يسوع تعني أن بولس ثابت في الرب يسوع. وتعنى أيضاً أنهم أي أهل تسالونيكي ثابتين في الرب يسوع. وثباتنا في الرب يسوع يعطي قوة لننفذ الوصايا الله حين يعطي وصية يعطي معها قوة لتنفيذها وهذا لمن هو ثابت في الرب يسوع.
نطلب إليكم في الرب يسوع = هو يطلب منهم أن ينفذوا وصايا الله ووصايا الله ليست عبارة عن أوامر مجردة لكن لها سلطان في داخلنا لتغيير حياتنا والدخول بنا إلي أعماق جديدة لذلك فالرسول لا يوصيهم من عندياته بل في الرب يسوع. الوصايا البشرية قد تكون براقة وجميلة ولكنها عاجزة عن العمل في أعماق القلب، أما وصية الرب (فى الرب يسوع) هي كلمة الله الحية والفعالة (عب 4 : 12) وعبارة في الرب يسوع تعني أيضاً أن الرسول لا يتحدث معنا إلا وهو ثابت في الرب يسوع، ويتحدث معنا لكي نوجد نحن أيضاً في الرب يسوع. فالحياة الفاضلة هي في جوهرها الدخول في الرب يسوع. لذلك يطلب منهم أن يتمثلوا به فيثبتوا هم أيضاً فى الرب يسوع. تسلمتم منا = هذا ما نسميه التقليد، فالرسول سلمهم كيف يسلكوا ويرضوا الله. وما تسلموه سلموه للأجيال التي بعدهم حتي وصل إلينا الآن حياة إيمانية معاشة لا إيمان نظري فقط. ونحن نرضي الله بثباتنا فى إبنه المسيح الذي قال عنه هذا هو أبني الحبيب الذي به سررت. وهذا عمل الروح القدس فينا أن يثبتنا في المسيح، علي شرط أن نسعي في جهاد مستمر أن نمتلئ من الروح.
تزدادون أكثر = فالحياة الفاضلة لا تقف عند حد بل هي حياة نمو مستمر وزيادة حتي نحمل سمات المسيح ويتجلي فينا. وهذا لا يأتي سوي بالجهاد المستمر (2 تي 2 :4، 5).
إرادة الله قداستكم = هذا ملخص الحياة الفاضلة. ونحن بدون قداسة لن نري الرب (عب 12 : 14) والقداسة هي ابتعاد عن الأرضيات والحياة في السماويات. هى اعتزال ما قد دخل إلى طبيعتنا كأمر غريب، وقبول ما هو لله، هي تفريغ من الشر الذي تسرب إلي طبيعتنا حينما كنا في حالة إنعزال عن الله، وإمتلاء من الله نفسه القدوس كسر حياتنا. وعمل الروح القدس هو أن يأخذ مما للمسيح ويخبرنا (يو 16 : 14) ليس بالكلام فقط بل يخبرنا عملياً فيحول فكرنا إلى فكر المسيح وتصير أرادتنا هي إرادته وأعضائنا أعضاؤه، كأن القداسة هي تجلي المسيح القدوس في حياتنا الداخلية وسلوكنا الظاهر.
أن تمتنعوا عن الزنا : هذا تحذير لشعب تسالونيكي. خصوصاً أن الهياكل الوثنية التي كانت منتشرة في تسالونيكي، كان ينتشر فيها الزنا كطقس عبادة للآلهة، والوثنيين لا يعتبرون هذا الزنا أنه خطأ. ونلاحظ أن تحذير شعب تسالونيكي من خطية الزنا وهم مثال للإيمان والمحبة يعطينا فكرة أن علي كل إنسان أن لا يتكبر ويظن أنه بعيد عن خطية ما. بل أن بولس طلب من تيموثاوس الأسقف والكارز أن يبتعد عن الشهوات الشبابية. وعموماً لن يتمتع أحد بالتقديس بدون التفريغ من النجاسة، ولا يمكن أن يكون لله موضع داخل القلب مع بقاء الشر فيه. وعلينا الابتعاد عن الزنا بالعمل وبالفكر وبالنظر، فالزنا بكل صوره يعتبر من أبشع الخطايا. والهروب من الزنا هو جهاد سلبي ولكن هناك جهاد إيجابي. هو ما سيذكره الرسول فيما يأتي، آية 4.
آية 4 : أن يعرف كل واحد منكم أن يقتني إناءه بقداسة و كرامة.
يقتني إناءه بقداسة وكرامة = جسدنا هو الإناء الخزفي (2كو 4 : 7) وأجسادنا صارت هياكل للروح القدس (1كو 6 : 19). ونقتنى إناؤنا بقداسة وكرامة حين لا نُحزن الروح القدس بل نمتلئ به في جهاد وصلوات وتسابيح لا تنقطع. وهذا هو الجهاد الإيجابي قداسة = أي نحيا فى السماويات.
آية5: لا في هوى شهوة كالأمم الذين لا يعرفون الله.
الأممي لا يقدر أن يترك هوى الشهوة لأنه لا يعرف الله، وهو غير متحد بالله. والروح القدس لا يسكن فيه ولا يعطي معونة (نعمة) فهو فراغ لا يعتد أن يتحلي عن الشهوات والملذات لعلها تقدر أن تشبع حياته أما ابن الله إنه يستطيع أن يرفض الخطية بسهولة ولا يشعر بحرمان أو فراغ لو فعل فالروح يعطيه قوة ويعطيه معونة وشبع داخلي أفضل مما يتركه.
أية 6 : أن لا يتطاول أحد و يطمع على أخيه في هذا الأمر لأن الرب منتقم لهذه كلها كما قلنا لكم قبلا و شهدنا.
من يتطلع إلي آخر بنظرة شهوانية يطمع في جسده لحساب شهواته الخاصة ومن يشتهي إمرأة فهو بهذا يطمع في إمرأة أخيه سواء كان أخيه هذا زوجها أو والدها أو أخوها. والإنسان لا يحزن لو سلب ماله بقدر ما يحزن لو اغتصبت زوجته أو إبنته. والله سينتقم من هذا المغتصب.
أية 7 : أن الله لم يدعنا للنجاسة بل في القداسة.
كأن السلوك بالقداسة هو تحقيق لإرادة الله فينا، والزنا هو تعدي علي الله نفسه قبل أن يكون تعدي علي أجسادنا أو تطاول علي أخوتنا. وبهذا لا يستطيع الزاني أن يحتج أن ما يعمله كان برضي الطرف الآخر، لأن ما يعمله هو ضد وصية الله وتعدي علي الله وإهانة للمسيح الذي نحن أعضاؤه.
أية 8 : إذا من يرذل لا يرذل إنسانا بل الله الذي أعطانا أيضا روحه القدوس.
إذاً من يزدل محتقراً الوصية المعطاة من بولس هنا لا يرذل إنساناً بل يرذل الله نفسه، الذي أيضاً أعطانا روحه القدوس لكي يقنعنا بالحق ويهبنا القوة والعون لنكون قد يسين. وأيضاً يقصد الرسول أن يقول ولا تحتقروا كلامي فهو بالروح القدس الذي أعطاه الله لرسله وأنا منهم.
أية 9 : وأما المحبة الأخوية فلا حاجة لكم أن اكتب إليكم عنها لأنكم أنفسكم متعلمون من الله أن يحب بعضكم بعضا.
فلا حاجة لكم = فهم يعيشون في محبة فعلاً. متعلمون من الله = ليس فقط خلال الوصايا الإلهية الخاصة بالحب، ولا خلال الامتثال بالله محب البشر، وإنما بالأكثر خلال عمله فينا، إذ يعطينا طبيعة الحب العاملة فينا.
أية 10 : فأنكم تفعلون ذلك أيضا لجميع الإخوة الذين في مكدونية كلها و إنما أطلب إليكم أيها الأخوة أن تزدادوا أكثر.
هم يعيشون في محبة ولكن المسيحية نمو وهو يطلب لهم النمو في المحبة بلا حدود.
آيات 11، 12 : و أن تحرصوا على أن تكونوا هادئين و تمارسوا أموركم الخاصة و تشتغلوا بأيديكم أنتم كما أوصيناكم. لكي تسلكوا بلياقة عند الذين هم من خارج و لا تكون لكم حاجة إلى أحد.
واضح أن بعضاً منهم أمتنع عن العمل معتمداً على أن الرب سيجئ ولكن هذا أدي إلى الفراغ والبطالة وكثرة الكلام الفارغ والتدخل في أمور الآخرين. تكونوا هادئين = بمعني أن تقيموا في بيوتكم أو أعمالكم ولا ترتبكوا بالشائعات التي تنبعث عادة من الكسالي وعن ثرثرتهم، فيقلقون ويسببون للآخرين قلقاً. وكأن البطالة تسبب فراغاً فى النفس كما فى الفكر فيرتبك الإنسان بأمور تافهة، ويفقد سلامه لسبب أو لآخر، بل ويدفع الآخرين إلى فقدان سلامهم معه، فالعمل نافع لهدوئنا الداخلى وهدوء الآخرين. والكسلان العاطل يكون فضولي يستطلع شئون الغير وينتقل الأخبار فيسبب ارتباك ومشاكل كثيرة، وبهذا يسبب إدانة للآخرين. لذلك يشجعهم الرسول علي أن يعملوا ولا يكونوا عالة علي الآخرين بل يعملوا ويكسبوا فيكون لهم ما يعطونه للمحتاجين وفي هذا محبة "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع20: 35). والكنيسة تلزم حتي الرهبان بالعمل. والله قال أن نعمل ستة أيام في الأسبوع واليوم السابع للرب. وهناك أمثال تحدثنا عن أهمية العمل لسليمان الحكيم (أم 24 : 30) + (أم 31 : 10 – 17).
آيات 13 - 18 : ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. انه أن كنا نؤمن أن يسوع مات و قام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضا معه. فأننا نقول لكم هذا بكلمة الرب أننا نحن الأحياء الباقين آلي مجيء الرب لا نسبق الراقدين. أن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة و بوق الله سوف ينزل من السماء و الأموات في المسيح سيقومون أولا. ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء و هكذا نكون كل حين مع الرب. لذلك عزوا بعضكم بعضا بهذا الكلام
كان أهل تسالونيكى في حيرة عن مصير الأموات، والرسول هنا يطمئنهم. ولا حظ أن بولس يقول عن الأموات = الراقدين فالأموات فى نظر الله هو من لا زال يعيش في خطيته لذلك قال عن الابن الضال إذ رجع لأبيه "ابني هذا كان ميتاً فعاش" وقال عن التوبة أنها تحي (يو5 : 25) والمسيح قال عن الموت أنه نوم (يو 11 : 11) + (مت 9 : 26) فالتائبين المعمدين قد قامت نفوسهم مع المسيح والآن هم فى حالة رقاد منتظرين يوم الرب العظيم حيث تستيقظ أجسادهم لتتمتع بالمجد وتشارك الأجساد الأنفس أكاليلها.
لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم = أي كمن هم بلا إيمان. وهناك فرق بحسب طريقة المسيح، فالمسيح بكي علي قبر لعازر وكل منا لو فقد حبيبه له أن يبكي فهذا طبيعي لكن بلا يأس وبرجاء حي في القيامة. أما غير المؤمنين فإنهم يحزنون ويستسلمون للحزن ولا يرفعوا قلوبهم لله يطلبون الصبر والعزاء بل يفتحون مسامعهم لصوت إبليس الذي يستغل هذه المناسبات للتشكيك في محبة الله. ومن هم الذين يقومون مع المسيح ؟ هم الراقدين بيسوع = أى هم الذين غلبوا في حياتهم وكانوا ثابتين في المسيح، يحملونه داخلهم، كانوا في وحدة معه فهو الرأس وهم الأعضاء، وما يحدث للرأس سيحدث للأعضاء، ومادام المسيح قد قام فهو سيقومون = إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع هم إذ كانوا متحدين بالمسيح الحي لا يمكن للموت أن يسود عليهم، بل أن المسيح في مجيئه الثاني سيحضرهم معه = مجدهم وكرامتهم في أنهم سيكونون مع المسيح وهو يكون معهم وفي وسطهم (رؤ21: 3) والمسيح حين يأتي بهم معه سيتقابل الذين رقدوا أولاً مع الذين سيكونون أحياء في هذا الوقت.
وفي آية 15 : بكلمة الرب = بإعلان خاص من الرب. نحن الأحياء الباقين = بولس يكتب رسالته بوحى من الروح القدس حتي تكون متمشية مع كل زمن. فالآن هذه الآية تنطبق علينا، إذ لو أتي المسيح الآن في مجيئه الثاني سنكون نحن الأحياء الباقين. والأحياء الباقين سيكونون قلة بالنسبة لمن سبق و انتقلوا لكن الكل جسدا واحد رأسه المسيح. لا نسبق الراقدين = أي لن نكون في وضع متفوق عليهم، أو وضع أفضل منهم وفي الآية : 16 : بهتاف = حرفياً تعني نداء آمر أى بدعوة عليا آمرة شأن قائد جيش يهتف فى جنوده آمراُ. وقد يكون هذا بصوته هو أو صوت من يكلفه = بصوت رئيس ملائكة = هذا الصوت هو صوت آمر للأموات في كل مكان أن يقوموا، هو صوت الله يجمع جنوده من البشر للحياة السماوية المجيدة. هو صوت بوق أي صوت مدو يسمع في كل مكان ليقوم الكل. وكلمة بوق الله = أي صوت عظيم جداً. تعبيراً عن عظمة الله وجلال حضوره. أي منظر رائع هذا أن ينزل الرب من السماء ليخطف أحباؤه (أية 17) ويصعد بهم للسماء. السيد بنفسه ينزل ليستقبل أولاده الذين طال اشتياقه إليهم ليعطوا المجد المعد لهم. وهكذا نحمل نحن في مركبة أبينا أي السحب، فقد أخذ المسيح في السحابة (أع 1 : 9) أنظر أية كرامة ستكون لنا أنه ينزل إلينا فنصعد نحن لملاقاته. وهكذا نكون كل حين مع الرب وكل حين تعني للأبد. واختطاف المؤمنين علي السحاب هو علامة التغيير الذي يتم فى أجسادنا. فتتحول من الفساد الذي كان يمثل ثقلاً يجتذبها نحو الأرض إلي عدم الفساد فترتفع خفيفة منطلقة إلي السحب لملاقاة الرب. الأجساد النورانية التي سنحصل عليها ضد القوانين الحالية، فالمسيح دخل العلية والأبواب مغلقة ونحن سنصعد بأجسادنا الجديدة للسماء. لملاقاة الرب في الهواء = الكلمة اليونانية المستخدمة فى ملاقاة تشير لأنه في عودة أحد العظماء أو الملوك يخرج الأشراف ليلاقوه خارج المدينة ويدخلوا معه وسط مظاهر التكريم وهكذا سيحاط الله بقديسيه في مجيئه الثاني، أما الأشرار فيبقون علي الأرض للدينونة.
تعليق : - الحزن بحسب طريقة المسيح أي كما بكي المسيح علي لعازر وهو يعلم أنه سيقيمه، ومن يبكي علي منتقل الآن بحسب طريقة المسيح يبكي وكله إيمان بأنه سيقوم ونراه ثانية ولكن في مجد. وهذا الإيمان يعطي صبراً وعزاءً وبرودة.
أية 1: - و أما الأزمنة و الأوقات فلا حاجة لكم أيها الاخوة أن اكتب إليكم عنها.
الرسول ينهي رسالته بوصايا عملية. وأول مشكلة يواجهها هي ما زالت نفس المشكلة التي نواجهها اليوم وكل يوم، ألا وهو السؤال متي يأتي المسيح في مجيئه الثاني. ويقول لهم الرسول إن هذا السؤال بلا معني، فلربما نموت نحن قبل أن يأتي المسيح فما الذي سوف نستفيده من هذه المعرفة. فيوم الرب يأتي فجأة، يأتي كلص أي يوم موت الإنسان. والله يريد أنه لا أحد يعرف هذه الساعة، فإخفائها يدفع للسهر والاستعداد، ما الذي سنستفيده من المعرفة لو أتت الساعة، ساعة موتنا ونحن غير مستعدين. والمستعد يتشوق لمجيئه.
أية 2، 3 :- أنكم أنتم تعلمون بالتحقيق أن يوم الرب كلص في الليل هكذا يجيء. إنه حينما يقولون سلام و أمان حينئذ يفاجئهم هلاك بغتة كالمخاض للحبلى فلا ينجون.
تعليم أن يوم الرب كلص هو تعليم للمسيح (مت24 : 43) + (لو 12 : 39 + 21 : 34 + 17 : 24) + (رؤ 3 :3 + 16 : 15). لأنه حينما يقولون سلام وأمان أي أهل العالم الأشرار غير المؤمنين يكونون كمن ينام في سلام وآمان فيسطو عليه اليوم فجأة كلص ينهبه. يفاجئهم هلاك = فآلام الدينونة رهيبة للأشرار الذين في خطاياهم. كالمخاض للحبلي = الحبلي تعرف بالتأكيد أنها ستلد ولكنها لا تعرف اليوم والساعة لكن عليها أن تكون مستعدة. والخاطئ يحمل الخطيئة داخله فإن لم يستعد بالسهر والتوبة يفاجئه هذا اليوم ويهلك. الغافل هو من يتوهم أن هذا اليوم لن يأتي وأنه سيستمر في أمان وسلام وهذا كلام الأشرار فيأتي عليهم هذا اليوم حين يخالون أنفسهم في أمان وسلام بل يريدون التمتع بلذات العالم فينكرون أن هناك يوم للدينونة وعنصر المفاجأة يكون لغير المستعدون أما المستعدين فهم يشتهون هذا اليوم فهو يوم فرح بالنسبة لهم.
آيات 4 – 8 :- و أما انتم أيها الاخوة فلستم في ظلمة حتى يدرككم ذلك اليوم كلص. جميعكم أبناء نور و أبناء نهار لسنا من ليل و لا ظلمة. فلا ننم اذا كالباقين بل لنسهر و نصح. أن الذين ينامون فبالليل ينامون و الذين يسكرون فبالليل يسكرون. و أما نحن الذين من نهار فلنصح لابسين درع الإيمان و المحبة و خوذة هي رجاء الخلاص.
فلستم في ظلمة = الليل إشارة للانغماس في اللذات، خصوصاً شرب الخمر، فهذه اللذات المخجلة تخشي نور النهار. ولقد كنا قبلاً أبناء الليل كاللصوص والزناة الذين يترقبون الليل ليمارسوا نشاطهم الشرير، أما الآن فقد قبلنا شمس البر فينا وصرنا أبناء نور وأبناء نهار نترقب مجيئه بفرح بقلب متيقظ. وابناء النور وأبناء النهار هم الذين يعملون أعمال النور، ملتزمين بدوام يقظة النفس الداخلية،هذا معنى السهر ليس أن نمتنع عن النوم. (نش 2:5) أنا نائمة وقلبى مستيقظ، السهر يعنى أن القلب لا يعرف الاسترخاء، هذا وسهر الجسد فى الصلاة ودراسة الكتاب مهمان أيضاً. لأن الذين ينامون فبالليل ينامون = المعني أن لا نكون كالغافلين الذين ينامون والسكارى الغافلون عن أن هذا اليوم أت، فالنفس لا تنم إلا إذا قبلت أن يكون لها ليل وظلمة وتسكر بخمر ملذات هذا العالم ناسين أن هذا اليوم آت بلا شك.
وفي آية 8 : نجد ثلاثية بولس الرسول " الإيمان والرجاء والمحبة " ثانية وهذه الثلاثة هي أدوات الحرب الروحية التي أختبرها أهل تسالونيكي كما جاء في مقدمة الرسالة (1 : 3) هي دروع تحمينا من سهام العدو الشرير. وهنا يضع الرجاء بعد الإيمان والمحبة فأهل تسالونيكي في ضيقتهم محتاجين للرجاء يسندهم فالرسول يترك الرجاء ليشير إليه بعد الإيمان والمحبة لينوه أن رجاؤنا الذي به نحتمل الألم هو في خلاص أبدي = رجاء الخلاص = وهذا يجعلهم يحتملون الألم والاضطهاد. والإيمان هو سر لقائنا بالله والتمتع بالشركة معه في ابنه. والرجاء هو الذي يهبنا الفرح خلال اليقين الشديد أننا مدعوون للميراث الأبدي والمحبة هي ثوب العرس الأبدي والنصيب الذي يبقي معنا في السموات وهي كلمة التفاهم في السماء.
آيات 9 – 11 :- أن الله لم يجعلنا للغضب بل لاقتناء الخلاص بربنا يسوع المسيح. الذي مات لأجلنا حتى إذا سهرنا أو نمنا نحيا جميعا معه. لذلك عزوا بعضكم بعضا و إبنوا أحدكم الآخر كما تفعلون أيضا.
لأن الله لم يجعلنا للغضب = هذا ما يعطينا رجاء، لنتقدم إليه إذاً واثقين في محبته، هذا الذي لم يبخل علينا بابنه = الذي مات لأجلنا حتي إذا سهرنا = يقصد إن كنا أحياء والحي لا بد وأنه ساهر علي خلاص نفسه أو نمنا = أي رقدنا (الموت بالجسد). وهذه هي مشكلة التسالونيكيين، هل الذين هم أحياء وقت مجيء المسيح ثانية سيكونون في وضع أفضل من الذين ماتوا وبولس هنا يؤكد أن الفريقان سيقومان معاً للحياة الأبدية وهولا يستخدم هنا لفظ حي ولفظ ميت بل لفظ سهرنا للأحياء ونمنا للراقدين. بهذا صار لجهادنا علي الأرض غاية واضحة هي الوجود مع الله، هذا هو سر تعزيتنا الحقيقية التي نسند بها أخوتنا.
آيات 12، 13 :- ثم نسألكم أيها الأخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم و يدبرونكم في الرب و ينذرونكم. و أن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم سالموا بعضكم بعضا.
هنا يطلب معهم تكريم آبائهم الروحيين ومدبريهم الساهرين عليهم وأن تعتبروهم = تسمعون لإرشاداتهم. فالكرامة التي نقدمها لكاهن أو لخادم تعلن خلال طاعتنا لكلمة الله. فلا شئ يفرح الخادم الآمين سوي هذا. قد يلتزم الكاهن أحياناً في محبته الأبوية أن يكون حازماً، الأمر الذي يعرضه لمضايقة الناس منه فلا تقابل أبوته بالبغضة. بل بالمحبة من أجل عملهم = نحبهم لا لذواتهم بل لأجل خدمتهم التي يقدمونها لنا.
آية 14 :- و نطلب إليكم أيها الأخوة إنذروا الذين بلا ترتيب شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تأنوا على الجميع.
بلا ترتيب = ترتيب في اليونانية تعني طقس أو نظام إذاً هي تعني منهج الحياة. فالمسيحي له طقسه الخاص به الذي هو الحياة فى المسيح لذلك فالشتام والسكير وكل الذين يخطئون هؤلاء يسلكون بلا ترتيب. يقصد من لا يريدون أن يعملوا ويشيعون الفوضى في الكنيسة بفضولهم ونقلهم لأخبار الغير.
شجعوا صغار النفوس = إذاً في إنذار من يسلك بلا ترتيب علي الكنيسة أن تعامله بحنو وترفق حتي لا يسقط صغار النفوس ويتحطم الضعفاء. فصغار النفوس هم الذين لا يحتملون الإهانة فتصغر نفوسهم جداً ويتعرضون لليأس، مثل هؤلاء يلزم أن نستخدم معهم أسلوب التشجيع، فالانتهار ليس غاية في ذاته لكن الرسول غالباً يقصد بصغار النفوس هؤلاء الذين لا يريدون أن يعملوا عن عدم فهم. اسندوا الضعفاء = هؤلاء هم من ليس لهم خبرات روحية ولا إيمان قوي، وهؤلاء يعتقدون أنهم غير قادرين علي أي عمل لكن بالتشجيع يستطيعون، والمسيح قيل عنه قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ تأنوا علي الجميع = كل نفس مهما بلغت درجتها تحتاج لطول الأناة.
آية 15 :- أنظروا أن لا يجازي أحد أحداً عن شر بِشَر بل كل حين إتبعوا الخير بعضكم لبعض و للجميع.
يلزم إحتمال شر الأشرار بقلب متسع دون انتقام، ولا نقابل الشر بالشر بل نقابله بالخير.
آية 16 :- افرحوا كل حين.
الفرح هو عطية الروح القدس (غل 5 : 22) ويوهب للنفس خلال جهادها خاصة في تنفيذ الوصايا، فمثلاً الوصايا التي سبقت في آيات 14، 15 وطالما أن الرسول يقول افرحوا فهذه وصية وطالما هي وصية فالله سيعطي الفرح لمن يريد أن يفرح.
آيات 17، 18 :- صلوا بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء لان هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم.
الصلاة بلا انقطاع تساعد على الامتلاء من الروح القدس وبالتالي أن نحيا في فرح (أية 16). فمن يصلي دائماً يكون له القدرة أن يفرح دائماً ويشكر دائماً في الضيق، والصلاة الدائمة هي الطريق لحب الناس والطريق إلي احتمال ضعفاتهم (آية 14، 15، 16) إذاً الصلاة الدائمة هي الطريق لما سبق. ويجب أن نصلى بلا انقطاع لأننا في حرب بلا انقطاع. ومن له جهاد في الصلاة الدائمة لن يطفئ الروح. نحن أخذنا الروح القدس. لكن هل نجدده في أحشائنا، هذا يحدث لمن يصلي صلاة دائمة ومن يفعل سيضرم الروح فيه وسيعبد بالروح أي سيقوده الروح في كل شئ خصوصاً في عبادته. وسيفرح ولن يصير الروح داخله كالمياه الراكدة. أما من لا يصلي سيصير الروح داخله كمياه راكدة ويصير إنسان تحركه شهواته. الصلاة الدائمة هي عمل الملائكة خاصة الشكر (آية 18). بهذا تتحقق غاية الله فينا، في المسيح حياتنا، حيث تصير لنا الحياة السماوية معلنة في داخلنا كما في تصرفاتنا وإن كانت الصلاة تعني الصلة، فإن الصلاة الدائمة تعني العلاقة المستمرة مع الله أي أن يكون الفكر في اتصال دائم بالله وإدراك وجودنا في الحضرة الإلهية بلا انقطاع، في عبادتنا كما في أثناء عملنا، في يقظتنا كما في أثناء نومنا. علينا أن لا نكف عن الاشتياق للصلاة. وهذه الصلاة المستمرة تساندها صلوات السواعي (الأجبية). والشكر علي كل شي هو سمة السمائيين الذين إذ يدركوا الله كلي الحكمة والحب يشكرونه من أجل صلاحه وتدبيره.
آية 19 :- لا تطفئوا الروح.
الله الذي يهبنا روحه القدوس عطية مجانية ليعمل فينا بلا انقطاع يحذرنا على فم رسوله من أن نطفئ الروح، أي نوقف عمل استنارته فينا خلال مقاومتنا له. حقاً إن الروح لن يفارقنا لكنه يحزن علينا وينطفئ عمله فينا خلال عدم تجاوبنا معه. وكيف لا ينطفئ الروح ؟
1. بالصلاة الدائمة فالروح القدس يعطي للذين يسألونه (لو 11 :13).
2. بالاستماع لصوت الروح القدس الذي يبكت علي الخطية وعدم مقاومته بالإصرار علي الخطية.
3. بأعمال التسبيح والشكر فنتشبه بالملائكة.
4. بأعمال الحب لكل أحد. (أف 5: 18 – 21).
آية 20 :- لا تحتقروا النبوات.
النبوات = أي الوعظ. فعلينا أن نسمع الواعظ فهو يتكلم بالروح القدس، فإذا سمعنا باهتمام ونفذنا ما نسمعه لانطفئ الروح. وهذا لا يمنع من وجود أنبياء يتنبأون عن المستقبل مثل أغابوس.
آيات 21، 22 :- إمتحنوا كل شيء تمسكوا بالحسن. إمتنعوا عن كل شبه شر.
إمتحنوا كل شئ = يلزم للشعب أن يحمل روح التمييز (1كو 12 : 10) فيقبل كلمة الله الصادقة ويرفض اللبن الغاش، وبهذا الروح يقدر المؤمن أيضاً أن يفرز الفكر الذي يخطر له، فيقبل فكر الله ويرفض الفكر الشرير. وما هو شبه شرير كالأفكار الباطلة التي وإن كانت ليست شراً لكنها مفسدة للوقت ومضيعة للطاقة. وشبه الشر ينطبق علي ما كان معثراً للآخرين كأكل لحم الأوثان (رسالة كورنثوس الأولى + رو 14)
آية 23 :- و إله السلام نفسه يقدسكم بالتمام و لتحفظ روحكم و نفسكم و جسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح.
الرسول بعد أن أعطاهم نصائحه ها هو يصلي لأجلهم، ويضيف الصلاة إلي رسالته، نحن محتاجين للصلوات بالإضافة للمشورات والنصائح يقدسكم بالتمام = حتي حين يأتي المسيح يجد أن الكل قد تقدس، أي الجسد والنفس والروح فنتهيأ لنشترك معه في المجد. والتقديس هو من عمل الثالوث القدوس. وإن كان ينسب علي وجه الخصوص للروح القدس، لأنه هو الذي يهب حياة الشركة والاتحاد مع الله في ابنه. فالروح القدس هو روح القداسة وواهبها والابن هو الذي دفع الثمن، والآب هو الذي يريد تقديسنا مرسلاً إبنه الحبيب الذي قدم دمه ثمناً لتقديسنا. والروح بتقديسنا وغفران خطايانا يثبتنا في المسيح منطلقاً بنا إلي الأب القدوس لنستقر في أحضانه المقدسة. لهذا ينسب الكتاب عمل التقديس للأب (يو 17 : 17) كما للابن (1كو 1 : 30) وكذلك للروح القدس (2 تس 2 : 13).
آية 24 :- آمين هو الذي يدعوكم الذي سيفعل أيضا.
أمين هو الذي يدعوكم = إذاً الله سيقدسكم لأنه يحبكم وأختاركم ودعاكم، ليس فقط لأجل صلاتي عنكم، والذي بدأ عملاً صالحاً إذ دعاكم سيكمل معكم، لأن هذه هي إرادته وهو صادق.
آية 25 :- أيها الأخوة صلوا لأجلنا.
بعد أن صلي عنهم ها هو يطلب صلاتهم عنه، فهو في إحتياج لها.
آية 28،27 :- أناشدكم بالرب أن تُقرا هذه الرسالة على جميع الإخوة القديسين. نعمة ربنا يسوع المسيح معكم امين
الكنيسة تنفذ طلب بولس الرسول هذا وتقرأ في كل قداس جزءاً من رسائله. وربما كانوا لتواضعهم، إذ وجدوا مديحاً لهم فى الرسالة سوف يخفونها. فهو يرجوهم أن يقرأوها للكل فيسمعها المتكاسلون فينشطوا