الرسالة الأولى إلى تيموثاوس

 

كنيسة السيدة العذراء بالفجالة

 

 

المقدمة. 1

الإصحاح الأول. 3

الإصحاح الثانى. 11

الإصحاح الثالث.. 16

الإصحاح الرابع. 21

الإصحاح الخامس.. 26

الإصحاح السادس.. 31

 


 

المقدمة

v     الرسائل إلي تيموثاوس (2) وتيطس وفليمون تسمي الرسائل الرعوية فهو أي الرسول يكتبها لرعاة. وبالنسبة لرسالة فليمون، فهي رسالة إلي سيد يكتب له الرسول كيف يتعامل مع عبده. وفليمون هذا صار أسقفاً فيما بعد.

v     عالج بولس الرسول الأمور العقيدية في كثير من رسائله لكننا نجده هنا مهتماً بالحياة التقوية والأعمال الصالحة، فهو هنا كراع يرسل لرعاة يهتم بالتنظيم الكنسي والسلوك المسيحي ورسامة الأساقفة والشمامسة، فهو يريد في نهاية حياته أن يضمن ترتيب الكنيسة وحياة المؤمنين الروحية. قال أحدهم أن الرسائل الرعوية هي رسائل وداعية، فيها وصايا أب لأبنائه.

v     عاني بولس الرسول من المتهودين الذين يريدون أن يعودوا بالكنيسة إلي الطقوس اليهودية، كما عاني من الفكر الغنوسي المتطرف وأطلق علي هؤلاء وأولئك المعلمين المضلين. (راجع مقدمة رسالة كولوسي عن الغنوسيين). وهنا ينبه الرسول تلميذه بضرورة الجهاد ضد تلك الهرطقات.

v     كتب الرسول هذه الرسالة بعد إنتهاء سجنه الأول أى بعد سنة 63م وكتب معها في نفس الوقت رسالة تيطس فجاءتا متشابهتين حتي في العبارات أما الرسالة الثانية إلي تيموثاوس فكتبها في سجنه الأخير في روما قبل استشهاده مباشرة. أما رسالة فليمون فكتبها خلال سجنه الأول في روما. والتشابه بين رسالتى 1تى، تى راجع لأنه كتبها لأسقفين رعاة لكنائس أفسس وكريت ويوصيهما فيها بكيفية إدارة ورعاية الكنائس والتنظيمات الكنسية. أما الرسالة الثانية لتيموثاوس فهي مساندة الكنيسة تحت ضغط الإضطهاد.

 

تيموثاوس: آمن علي يدي بولس في رحلته التبشيرية الأولى في لسترة حوالي 46 م وكان والده يونانياً لا يُعرفْ إسمه وربما مات وهو صغير السن، وقامت أمه إفنيكي وجدته لوئيس بتربيته وهما يهوديتان تقيتان علمتاه الكتب المقدسة (2تي 1 : 5 + 3 : 15) لكنهما لم يختناه إنما ختنه الرسول فيما بعد حتى يستطيع الخدمة وسط اليهود (أع 3:16). فبولس ضد فكرة أن الختان شرط للخلاص (رسالة غلاطية كلها تشرح هذه الفكرة) وهو لم يختن تيطس، فتيطس يونانى وسيخدم وسط الأمم (غل 3:2).

 

v     فى رحلته التبشيرية الثانية رأى فيه بولس الإيمان والغيرة الروحية (1تى 18:1) وقد اشتهر بين الإخوة بالتقوى، فإتخذه رفيقاً له فى أسفاره وكان يرسله فى مهام بالنيابة عنه لثقته فيه (1كو 17:4) + (1كو 20:16) + (فى 19:2) وارتبط إسم تيموثاوس مع الرسول بولس فى مقدمات بعض الرسائل مثل (2كو + فى + كو + 1تس + 2تس + غل) وفى السلام الختامى (رو 21:16).

v     فى (عب 23:13) يشير لسجن تيموثاوس والإفراج عنه.

v     رسمه بولس الرسول أسقفا على افسس ليرعاها (ا تى 3:1).

v     يظهر إرتباط بولس بتيموثاوس من الألقاب التى يطلقها عليه فهو يسميه إبني، الإبن الصريح، الإبن الحبيب، الآمين (1تى18:1+2:1) + (1كو 17:4) + (2تى 2:1).

v     يظهر من صفاته أنه كان خجولا بطبعه، كما كان يعانى من ضعف فى صحته.


 

الإصحاح الأول

آية 1‘ 2 :- بولس رسول يسوع المسيح بحسب أمر الله مخلصنا و ربنا يسوع المسيح رجائنا. إلى تيموثاوس الابن الصريح في الإيمان نعمة ورحمة وسلام من الله أبينا والمسيح يسوع ربنا.

رسول : الرسول هنا يضع تنظيمات كنسية ومبادىء روحية كمرسل من المسيح فمن يخالف فكأنه يخالف المسيح الذى أرسله. الله مخلصنا = الآب خلصنا بإبنه يسوع ولكن هنا نرى الوحدانيه فالخلاص منسوب للآب كما للأبن. يسوع رجائنا = هو رجائنا ان يكمل خلاصنا يوم الدينونة. ولاحظ هنا أن الرسول يكتب لمن هو متألم من المعلمين الكذبة، ويعانى من أمور وضغوط الخدمة، فيكتب له أنه وهو رسول الله يعانى من هؤلاء كما يعانون هم بأمر الله مخلصنا = فهو خلصنا ونحن مدينون له، وله أن يأمر، بل هو رجاؤنا، فان كنا نتألم فرجاؤنا فى المسيح عظيم. بو لس رسول= أي بولس كرسول لله يعلم تيموثاوس كيف يرد على الهراطقة وهذا يتضح من آيات 4،3 وان هذا هو عمل تيموثاوس. أمر = جاءت فى اليونانية بمعنى الأمر الملوكي العسكرى الذى لا رجعة فيه. الابن = هو ولده بعد ان تمخض به خلال أتعاب الكرازة. الصريح فى الإيمان أي ابن أصيل، حقيقى، شرعى، مشابه لأبيه الروحى بولس فى إيمانه وهى فى الإنجليزية "my true son in the faith "

ورحمة = هذه أضافة لتحيته التقليدية "نعمة وسلام" والمعنى كما أن الله يرحمنا يلزمنا "والكلام موجه لراع وأسقف" أن نتعامل مع الناس برحمه.

 

آية 3 :- كما طلبت إليك أن تمكث في أفسس إذ كنت أنا ذاهبا إلى مكدونية لكي توصي قوما أن لا يعلموا تعليما آخر.

طلبت = آتت بمعنى يتوسل فهو لا يميل إلى إصدار الأوامر. الرسول يحب أن يستخدم ألفاظ لطيفة. تعليماً آخر = فى أصلها اليونانى تعليماً غير أرثوذكسى أي غير مستقيم، وهو يقصد المعلمين المضلين المتهودين.

 

 

 

آية 4 :- و لا يصغوا إلى خرافات و أنساب لا حد لها تسبب مباحثات دون بنيان الله الذي في الإيمان.

خرافات وأنساب = اليهود كانوا يعملون شجرة أنساب يرجعون بها إلى لاوى أو داود، وهذه محاولات صعبة جداً. أما اليونانيين فكانوا يتصورون أن الألهة تتزوج بالبشر ويبحث كل واحد عن نسبه لآلهة خرافية والإسكندر الأكبر صنعت له شجرة نسب تعود بأصله إلى بعض الألهة، أما الغنوسيون فيقولون أن الله إنبثق عنه أيون وهذا الأيون إنبثق عنه أيون آخر (راجع مقدمة كولوسى) ونحن نصل إلى الله عبر هذه الأيونات (الأنساب). وكل هذا ما هو إلا خرافات غير بناءة، والله جعلنا له أبناء فهل نبحث إن كنا أولاد لداود أو إبرإهيم بعد أن صرنا أولاداً لله. لا حد لها = بلا نهاية وبلا غاية وبلا هدف يصل إليه الإنسان ] بل أتى فى نهاية الأيام من عاد بأصل الإنسان للحيوانات وصارت الحيوانات آباء للإنسان [. من أجل هذه الخرافات ومن أجل المعلمين الكذبة أقام بولس تلميذه تيموثاوس أسقفاً على أفسس ليقاوم هؤلاء المعلمين الكذبة. مباحثات دون بنيان الله = الغنوسيون بمجادلاتهم المتعجرفة بعيداً عن الحياة التقوية، كانت مباحثاتهم غير بناءة أما من يطلب الله بأمانة ويتساءل فالله يجيبه ويقنعه (أر 7:20).

الذى فى الإيمان = هناك تساؤلات من أناس يحاولون هدم الإيمان والله لا يتعامل مع هؤلاء، وهناك من هو متمسك بإيمانه ولكن له تساؤلات، مثل هذا هو من يجيبه الله ويرسل له من يقنعه، أو يقنعه بروحه القدوس.

 

آية 5 :- و أما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر و ضمير صالح و إيمان بلا رياء.

هناك من يجادل لأجل الجدل وهذه مباحثات غبية، ولكن ما هو هدف المباحثات التى يشجعها الله، ما هو هدف الوصايا التي أمر بها الله ؟ ليس هو الجدل والمباحثات العقلانية إنما أن ندخل لأعماق المحبة، فخارج الحب ينحرف المعلمون عن رسالتهم فتتحول مباحثاتهم إلى مباحثات غبية تسبب إنشقاقات فى الجماعة، المحبة هى التى تشبع القلب. من قلب طاهر = لاحظ ان امرأة فوطيفار أحبت يوسف ولكن من قلب غير طاهر، فهل هذا حب. والقتلة اللصوص يحبون بعضهم، هل هذا حب، هم يحبون شهوات أنفسهم والقلب الطاهر هو الذى يسكن الله فيه. وضمير صالح = نية و إرادة صالحة فلا يداهن ولا يعمل بخبث. وإيمان بلا رياء = المحبة تكون نابعة من قلب مؤمن بالله ومحب لله وبلا خوف من أحد أو حقد أو حسد لأحد، فلا يوجد حب حقيقى فى قلب لا يحب الله. لاحظ أن حنان وقيافا لم يكن ضميرهما صالح بسبب الحسد فصار لهما إيمان برياء فلم يعرفا المسيح وإستعملا الناموس بطريقة خاطئة ليدينا المسيح.

 

آية 6 :- الأمور التي إذ زاغ قوم عنها إنحرفوا إلى كلام باطل.

القلب الذى لا يحب الله تتحول حياته إلى فراغ بلا شبع فيتحول عن الحق إلى الكلام الباطل والمباحثات التي بلا هدف لعلها تغطى العجز الداخلى. يتحول الإنسان عوضا عن الحياة التقوية إلى شهوة التعليم وبلوغ السلطة. إذ = قوله إذ يشير لأنه يقصد جماعة معينة قامت تعلم بالعودة للناموس أي المتهودين.

 

آية 7 :- يريدون أن يكونوا معلمي الناموس و هم لا يفهمون ما يقولون و لا ما يقررونه.

هذه المجموعة من المتهودين يطلبون الكرامة دون وجه حق = وهم لا يفهمون ما يقولونه = هم بلا حب لله، بلا خبرات روحية، يتكلمون عما يجهلونه، حبهم لذواتهم وكبريائهم طمس عيونهم فما عادوا يرون أو يفهمون فى الروحيات، لذلك هم كثيرو الخصام، يهاجمون بولس لأنهم ظنوا أنه يهاجم الناموس ويكسره. هم فى فراغ داخلى لا يعرفون معني الشبع بالله. لذلك يطلبون إشباع ذواتهم بكثرة التعليم. وهذا هو حال من يتمسك بطقوس الناموس، ويريد أن يبدو كمعلم للناموس له منصب رئاسي.

 

آية 8 :- و لكننا نعلم أن الناموس صالح إن كان أحد يستعمله ناموسيا.

قال بولس الرسول هذا حتي لا يفهم أحد أنه ضد الناموس. فالخطأ ليس في الناموس بل في إساءة استعماله. وكان بولس دائماً يردد هذا حتي لا يفهمه أحد خطأ (رو 7 : 12) ولكن ما معني أن يستعمله ناموسياً = تعني بالطريقة والهدف الذي وضع الناموس لأجله أي كما أراد الله واضع الناموس أن يستعمل. وماذا كان هدف الناموس.

أ‌.        يقول القداس الغريغوري " أعطيتني الناموس عوناً " فحين خلق الله الإنسان كانت الوصايا مكتوبة علي القلب أو ما يسمي الضمير. وبعد السقوط فسد الضمير، فأعطي الله للإنسان الناموس بوصايا مكتوبة ليعينه ويرشده كيف يرضي الله فيحيا في سلام وفرح.

ب‌.    حين يحاول إنسان العهد القديم أن يسلك بحسب الوصايا يكتشف ضعفه وفساد طبيعته، ولم يستطع أحد منهم أن يلتزم بالناموس. حتي أن التلاميذ قالوا " لم نستطع نحن ولا آباؤنا أن نحمله (أع 15 : 10) وراجع (رو 3) فالناموس كان مرآة تظهر وتفضح طبيعتي الفاسدة.

ت‌.    كان الناموس مؤدبنا إلي المسيح. فكان إنسان العهد القديم يلتزم بالوصية خوفاً من العقاب لا حباً ورغبة في البر (غل 3 : 24).

ث‌.    حينئذ يشتاق إنسان العهد القديم لمخلص يخلصه من سطوة وسيادة الخطية عليه. وهذا المخلص هو المسيح. لذلك قال معلمنا بولس الرسول أن غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن (رو 10 : 4).

أما اليهود فلم يستعملوا الناموس ناموسياً أي استخدموه بطريقة خاطئة لماذا ؟

أ‌.        هم إستخدموه لإثبات برهم (رو 10 : 3).

ب‌.    بدلاً من أن ينتظروا مسيحاً يبررهم انتظروا مسيحاً يعطيهم ملكاً زمنياً.

وبالنسبة للعهد الجديد كيف نرى الناموس ؟

أ‌.        الناموس يحوى وصايا أخلاقية نحن ملتزمون بها (أف 6 : 1 – 3) لكن المسيح يعطي معونة لتنفيذها لذلك يقول "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو 15 : 5) ويقول يوحنا "وصاياه ليست ثقيلة" (ايو 5 : 3). إذاً ما زال هد ف الناموس هو تبكيت الناس وتكوين شعور داخلهم باحتياجهم للمسيح، فيذهبوا ليطلبوا. ومن يسأله يعطيه. لكن الناموس وحده دون المسيح عاجز عن التبرير. والله يعطي معونة ونعمة لمن يجاهد في حفظ الوصية إلتجاؤنا للمسيح أيضاً يجعلنا نمتلئ من الروح القدس الذى يعطينا تبكيت على الخطية والروح أيضاً يعين ضعفاتنا (رو 8 : 26) ويسكب فينا محبة ننفذ بها الوصية (رو 5 : 5) + (يو 14 : 15) وإلتجاؤنا للمسيح المرتبط معنا بنير، يجعل النير هين (مت 11 : 3) لأنه هو فى الحقيقة الذى يحمل عنا.

ب‌.    الناموس يحوى رموزاً للمسيح ونبوات تشدد إيماننا به.

ت‌.    الناموس يحوى طقوساً كالذبائح والختان وهذه إنتهت بالصلب والمعمودية.

الملخص أن ناموسياً تعنى أننى أشعر بعجزى وألجأ للمسيح فيعطى معونة وقوة. لكن علىَّ أن لا أقول أننى بار وتممت الوصايا. بل أنا عبد بطال والسيد المسيح أعطانى قوة. ولا أنسب لنفسى براً ليس لى أو قوة أعطاها لى المسيح غاية الناموس. إذاً المعنى أن أجاهد لأسلك بحسب الناموس ووصاياه ناسباً القوة لله الذى أعطاها وليس لنفسى، فكل عطية صالحة هى من فوق من عند أبى الأنوار (يع 1 : 17) وقارن مع (1كو 4 : 7).

 

الآيات 9 – 11 :- عالما هذا أن الناموس لم يوضع للبار بل للاثمة و المتمردين للفجار و الخطاة للدنسين و المستبيحين لقاتلي الآباء و قاتلي الأمهات لقاتلي الناس. للزناة لمضاجعي الذكور لسارقي الناس للكذابين للحانثين و إن كان شيء آخر يقاوم التعليم الصحيح. حسب إنجيل مجد الله المبارك الذي أؤتمنت أنا عليه.

من هنا نفهم أن الناموس مقدم للأشرار وليس لمن يبحثون عن برهم الذاتى، حتى يكتشفوا فسادهم ويبحثوا عن المسيح المخلص. لكى يقودهم المسيح كمخلص لهم يهبهم الحياة الفاضلة ويرتفع بهم إلى ما فوق الناموس. الناموس لم يوضع للأبرار أى ليس هدف الناموس إثبات بر إنسان. فلو كان الناس كلهم أبرار ما كان هناك داع للناموس. بل هو موضوع للأشرار ولدينونة العصاة، وذلك ليشعروا بنجاستهم فيلجاؤن للمسيح إذ يشعرون بعجزهم والخطايا المذكورة هنا هى أشر أنواع الخطايا. فالمسيح أتى ليخلص الجميع.

الأثمة والمتمردين = كاسرو الناموس والوصية عن عمد. الفجار = يرتكبون الخطية بلا خجل. المستبيحون = يرتكبون الخطية دون أدنى إثارة لضمائرهم مضاجعى الذكور = أدنس أنواع الزنا. سارقو الناس = ليبيعوهم كعبيد الحانثون = يرتكبون ألعن أنواع الكذب. مقاومو التعليم الصحيح = هؤلاء يقاومون الحق. الإنجيل مقدم لكل هؤلاء الخطاة ليحولهم إلى أبرار.

 

الآيات 12، 13 :- و أنا أشكر المسيح يسوع ربنا الذي قواني أنه حسبني أمينا إذ جعلني للخدمة. أنا الذي كنت قبلا مجدفا ومضطهدا ومفتريا ولكنني رُحِمت لإني فعلت بجهل في عدم إيمان.

هنا تطبيق عملى فبولس الرسول نفسه الذى كان مضطهداً للكنيسة حوله الإنجيل إلى كارز عظيم، هو يرى فى حياته وسيلة إيضاح لقبول أشر الخطاة، وفى قصتة ظهرت طول أناة الله ورحمته، لم يغفر الله لبولس فقط بل جعله كارزاً... فلماذا يا إخوة ييأس أى منا. وما فعله بولس كان فى جهل وعدم إيمان = وليس بسبب حسد مثل اليهود (يو 12 : 42، 43) + (يو 5 : 44) + (يو 12 : 19) + (مر 15 : 10). فبولس كان هدفه الغيرة على مجد الله ولكن بحسب مفهومه وكان هذا جهلاً بالله وبالطريق الصحيح فصحح له الله مفاهيمه وبارك له غيرته ولكن بالطريق الصحيح.

 

آية 14 :- و تفاضلت نعمة ربنا جداً مع الايمان و المحبة التي في المسيح يسوع.

نعمة الله على بولس تفاضلت جداً فلم يسامحه فقط بل حوله إلى رسول. ولكن كان هذا لإيمان ومحبة بولس = مع الإيمان والمحبة.

 

آية 15 :- صادقة هي الكلمة و مستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا.

الكلمة = التى تنبأ بها الأنبياء من أجيال عن المسيح أو يكون المعنى أن الكلمة هى أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة.

الذين أولهم أنا = هكذا ينبغى أن يشعر كل واحد فينا أنه أول الخطاة ولاحظ أن بولس رأى نفسه بحسب الناموس بلا لوم (فى 3 : 6) والآن يسمى نفسه أول الخطاة، لقد فتح المسيح عينيه فأبصر ما لم يبصره بالناموس، لقد رأي المسيح وقارن بين المسيح وبينه فرأي نفسه مظلماً بجانب نور المسيح. لقد حسب نفسه غنياً لكن إذ دخل قصر الملك أبصر وأدرك فقره هو.

 

آية 16 :- لكنني لهذا رحمت ليظهر يسوع المسيح في أنا أولا كل أناة مثالا للعتيدين أن يؤمنوا به للحياة الأبدية.

الله رحم بولس حتي لا ييأس أي خاطئ من نوال رحمة الله. ولا حظ أتضاع بولس فهو لم يقل يظهر في الله أناته بل قال يظهر في كل أناة = أي ليس من خاطئ يحتاج إلي عفو الله وكل أناته وليس جزءاً منها مثلي. أي أنا خاطئ كبير يحتاج كل عفو وكل آناة الله.

 

آية 17 :- و ملك الدهور الذي لا يفنى و لا يرى الإله الحكيم وحده له الكرامة و المجد الى دهر الدهور آمين.

إذ يتأمل بولس في عمل الله معه لا يسعه إلا أن يسبحه ويمجده.

 

آية 18 :- هذه الوصية أيها الإبن تيموثاوس أستودعك إياها حسب النبوات التي سَبقت عليك لكي تحارب فيها المحاربة الحسنة.

هي وصية أب لأبنه أن يجاهد في خدمته وعمله. ويبدو أن بعض الأنبياء تنبأوا لتيموثاوس بأنه سيكون خادم عظيم وأمين، وبولس هنا يشير لهذه النبوات علي أن الله دعاه بنفسه للخدمة فعليه أن يكون أميناً لله.

المحاربة الحسنة = هي حرب روحية ضد قوات الظلمة لينقذ كل نفس من اسْر الخطيئة وينقذ الكنيسة من الهراطقة الذين يحركهم عدو الخير.

 

آيات 19، 20 :- و لك ايمان و ضمير صالح الذي إذ رفضه قوم إنكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان أيضا. الذين منهم هيمينايس والإسكندر اللذان أسلمتهما للشيطان لكي يؤدبا حتى لا يجدفا

لك إيمان وضمير صالح = الجهاد في حياة الخادم غير منفصل عن حياته الداخلية التي يجب أن تتميز بالإيمان والضمير الصالح، أى يكون له حياته الروحية العميقة فمن يُعَلَم الآخرين يلزمه أن يعلم نفسه (اكو 9 : 27) انكسرت بهم السفينة = حياة الإنسان علي الأرض أشبه بسفينة تعبر من شاطئ إلي شاطئ، وما اسعد ذلك الإنسان الذي تصل سفينة حياته بسلام إلي بر الأمان " إلي ميناء هادئة ميناء الخلاص". والمعني أننا كبشر غرباء على الأرض (1 بط 2 : 11) ليس لنا هنا إقامة دائمة (1كو 4 : 11). فنحن عابرون مسافرون. وسفينة حياتنا تتحرك في بحر الحياة. ومن يرفض الإيمان تنكسر به السفينة ويغرق في بحر هذا العالم. ومن يرفض الإيمان إما أن يسقط في هرطقات كثيرة ويدخل فى مناقشات غبية ويتوه فى بحر هذا العالم، أو يسقط فى خطايا تجذبه إليها شهواته، فالحياة الروحية الفاضلة فى المسيح تلتحم بالإيمان المستقيم فيحيا الإنسان فى رجاء وفرح. أما الحياة الفاسدة فتلتحم بالمباحثات الغبية البعيدة عن الإيمان المستقيم. فالحياة هي وحدة واحدة متكاملة لا تنفصل فيها التقوي عن الإيمان الصحيح.

هيمينايس = مذكور في (2تي 2 : 17) وقال عنه الرسول أنه زاغ عن الحق قائلاً إن القيامة قد حصلت فيقلب إيمان قوم. لقد قدم تعاليمه المضللة بإساءة استخدام كلمات السيد المسيح عن قيامه النفس من موت الخطيئة، منكراً قيامة الجسد في اليوم الأخير الاسكندر = مذكور في (2 تي 4 : 14) وهذا أظهر شروراً للرسول. كلاهما رفض صوت الله لحساب كبرياء قلبيهما

اسلمتهما للشيطان = مصطلح معناه حكم الطرد من الكنيسة وشركة الكنيسة أو ما يسمي بالحرم الكنسي أو الاناثيما (غل 1: 8، 9). وهو مبني علي السلطان الذي يعطيه المسيح لكنيسته للحل والربط (مت 18 : 17، 18)، ومن هو خارج الكنيسة يمشي تابعاً للشيطان. وهذا ما فعله بولس الرسول مع خاطئ كورنثوس (اكو 5 : 4 – 6) وحين يسلما للشيطان يؤذيهما جسدياً ولعل هذا يقودهم للتوبة فتخلص الروح = لكي يؤدبا. وإذا تابا = لا يجدفا ثانية [إنكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان = concerning the faith have suffered shipwreck].


 

الإصحاح الثانى

آية 1 :- فأطلب أول كل شيء أن تقام طلبات و صلوات و إبتهالات و تشكرات لأجل جميع الناس.

فأطلب =" ف" هي راجعة لما سبق، فهو طلب في الآيات السابقة من تيموثاوس أن يجاهد في خدمته، وكيف يجاهد ؟ أولاً، بالصلاة عن رعيته وهذه هي رسالة الكنيسة أن تصلي، هي جماعة متعبدة لله لأجل تقديس العالم. طلبات = هى السؤال عن الإحتياجات الضرورية. صلوات = أى الإلتصاق بالله والدخول معه في صلة عميقة وحب لأجل الله ذاته. ابتهالات المعني في الترجمة الإنجليزية صلوات وتشفعات عن الآخرين، لا يطلب الإنسان ما لنفسه بل لأجل الآخرين. التشكرات وهذه هي الحياة الملائكية التي تقوم علي الشكر الدائم بلا إنقطاع والتسبيح لله بغير إنقطاع، الشكر هو العرفان بالجميل مع صلاة بسبب عطية الله وبركاته، ونلاحظ هنا التدرج فالإنسان يبدأ حياته مع الله بأن يطلب عن نفسه ثم يصلي لأنه أحب الله ثم إذ يحب الله ينسي نفسه ويطلب عن الآخرين ثم يدخل فى حياة التسبيح الدائم. أول كل شيء = قبل أي خدمة، قبل أي وعظ لا بد من الصلاة، قبل أن نبدأ أي عمل في الصباح علينا بالصلاة. وإذا كان مطلوباً منا أن نصلي عن الآخرين فبالأولي نحن مطالبون بأن نفعل الخير للآخرين ونحب الجميع. ولاحظ فالصلاة لأجل جميع الناس هذه ضد رأي اليهود والغنوسييين الذين يحصرون الخلاص علي فئات معينة.

 

آية 2 :- لأجل الملوك و جميع الذين هم في منصب لكي نقضي حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى و وقار.

الكنيسة تصلي لأجل الرؤساء في أوشيه السلامة وأوشية الرئيس ولاحظ أن هذه الرسالة كتبت في أيام الطاغية نيرون. إذاً فلنصلي حتي لأشر الحكام:

1.     حتي ننعم بالسلام.

2.     صلاتنا عنهم تجعل الثورة ضدهم التي في داخلنا تختفي. وهذه صورة الحياة التي يريدها لنا بولس ويقول سليمان في الأمثال "قلب الملك في يد الرب حيثما شاء يميله كجداول مياه" (أم 21 : 1).

 

 

آية 3 :- لأن هذا حسن و مقبول لدى مخلصنا الله.

أن نصلي للآخرين ونحمل حباً لهم حسن ومقبول عند الله لكل الناس.

 

آية 4 :- الذي يريد أن جميع الناس يخلصون و إلى معرفة الحق يقبلون.

الله يريد أن جميع الناس يخلصون، فلتكن إرادتنا كإرادة الله، بولس هنا يطلب أن نتشبه بالله ولا نحمل في قلبنا ولا في صلواتنا أي مشاعر رديئة لأحد، وحذار أن تصلي ضد أحد فهذا ضد مشيئة الله، الصلاة من أجل أعدائك كفيلة بأن تجذبهم إليك في حب، علي الأقل ستزيل عنك مشاعر الكراهية المعطلة لحياتك الروحية. والله يريد أن الجميع يخلصون فهل يخلص الجميع ؟ قطعاً لا فإن كانت إرادتنا غير ذلك لن نخلص، كما قال المسيح كم مرة أردت... لكنكم لم تريدوا... هوذا بيتكم يترك لكم خراباً (مت 23 : 37) فالذي يخلص هو الذي بإرادته يحيا في إيمان وتوبة ومحبة وطاعة.

 

آية 5 :- لأنه يوجد إله واحد و وسيط واحد بين الله و الناس الإنسان يسوع المسيح.

الله يريد أن الجميع يخلصون لذلك أرسل. ابنه ليفدي الجميع ويكون إبنه وسيطاً بين الله والناس، والله يسر بأن نكون في نفس الاتجاه ونريد أن الجميع يخلصون ونصلي لأجل كل الناس حتي أعدائنا. يوجد إله واحد = هذا ما نبدأ به قانون الإيمان نؤمن بإله واحد. ونحن بإتحادنا بالمسيح يكون لنا نفس أهدافه أن نصلي للجميع ونهتم بالجميع حتي يكمل إتحادنا به. وقول الرسول هنا. وسيط واحد = هو رد علي الغنوسيين الذين يقولون أن المسيح هو أول أيون ويقودنا إلى أيون أعلي منه وهكذا... حتي نصل لله. ولكن هل قول الرسول وسيط واحد ينفى الشفاعة التوسلية للقديسين ؟ قطعاً لا فالشفاعة التوسلية هي محور الآيات السابقة أن نصلي لأجل بعضنا البعض، وبالذات هذا ما نص عليه في آية 1 (ابتهالات) فلماذا ينكرون علي السمائيين أن يصلوا عنا، المسيح هو شفيع كفارى وحيد ولكن القديسين شفاعتهم توسلية. العمل الكفاري لا يمكن أن يقوم به سوي المسيح، أما صلواتنا بعضنا لبعض فهذه تطبيق لقول الرسول هنا، وقول معلمنا يعقوب (يع 5 : 16) والقديسين في السماء هم أحياء (مت32:22) وهم يفرحون بخاطئ واحد يتوب (لو 15 : 7) والسمائيين يفرحون لأجل خلاصنا ويسبحون علي هذا الخلاص (رؤ 5 : 9) + (تك 26 : 24) وقوله وسيط فيها إستجابة لطلب أيوب (33:9) الذى إشتهى مُصالح يضع يده على الله وعلى أيوب.

الإنسان يسوع المسيح = لا وسيلة للمصالحة بين الله والناس سوي بتجسد المسيح فالوسيط يتصل بالطرفين ليتوسط بينهما، فالمسيح لا يمكن يتوسط لدي الآب وهو منفصل عنه ولا يتوسط عن الناس وهو منفصل عنهم، وهو حمل الوحدة مع الآب فى الجوهر كما يحمل الوحدة مع الطبيعة البشرية. وقول الرسول الإنسان يسوع المسيح هو رد علي إدعاء الغنوسيين أن جسد المسيح خيالي وأنه عبر في بطن العذراء دون أن يأخذ لحماً ولا دماً وإنما كان له جسد روحي أخذه من السماء.

 

آية 6 :- الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع الشهادة في أوقاتها الخاصة.

المسيح أخذ جسداً كاملاً وقدمه فدية ليصالح البشرية مع الآب ومرة ثانية يقول لأجل الجميع (ليس لليهود فقط وليس للكاملين دون البسطاء كما يقول الغنوسيين). وإذا كان المسيح قد قدم حياته لأجل الجميع فنحن ملزمين بأن نصلي لأجل الجميع.

الشهادة = الشهادة للحق التي ظهرت في الصليب والحب الإلهي الذي ظهر فى الصليب أوقاتها الخاصة = الأوقات المناسبة (ملء الزمان) التي عينتها الحكمة الإلهية للتجسد.

 

آية 7 :- التي جعلت أنا لها كارزا و رسولا الحق أقول في المسيح و لا أكذب معلما للأمم في الإيمان و الحق.

فداء المسيح، تجسده وصليبه ليخلص البشر هو موضوع كرازة الرسول وأن هذا الفداء هو لجميع البشر، فبولس هو رسول الأمم.

 

آية 8 :- فأريد أن يصلي الرجال في كل مكان رافعين أيادي طاهرة بدون غضب و لا جدال.

فأريد = كلمة فيها سلطان رسولي. الرجال = قطعاً المقصود الرجال والنساء ولكن خصص الآية الآتية للنساء حتي لا يظهرن في وسط الرجال فى إجتماعات الصلاة في مظهر يفتقد الحشمة. بل هو يريد أن الجميع يكونون رجالاً في صلواتهم (اكو 16 : 13) أي في منتهى الجدية والنضج الروحي.

رافعين = علي مثال الصليب أيادي طاهرة = تعمل أعمالاً صالحة مع قلب مخصص لله، أما الأيادي الملوثة بالأثم والظلم والنفاق والنجاسة والغش والشهوات فهي أيادى غير مقبولة. بدون غضب = صلاة القلب الغضوب هي ضد ناموس المحبة ولذلك فهي مرفوضة ولا جدال = قد يكون المقصود الشك وعدم الإيمان (كما جاءت في الانجليزية) أو الشجار بين الناس الذي ينتج النفور والشقاق والمطلوب هو روح السلام و الألفة.

في كل مكان = هذه ليست ضد وصية الصلاة في المخدع (مت 6 : 5، 6) فهناك صلوات فردية وهناك صلوات جماعية، والمهم هو عدم وجود رغبة فى التظاهر أمام الناس، بل لا تعرف شمالك ما تفعل يمينك (مت 6 : 3).

 

آية 9 :- و كذلك أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع و تعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن.

الرسول يريد أن تهتم النساء بالزينة الداخلية وليس بالخارجية حتي لا تلفت الأنظار وبهذا تهتم هي بالله ولا تشغل من يريد أن يصلي. وإذا إهتمت المرأة بزينتها الداخلية تفرح قلب الله. نقطة الضعف عند الرجل هى إنشغاله بعمله فطلب منهم فى الآية السابقة أن يصلوا، ونقطة الضعف عند المرأة ملابسها فطلب منهن الرسول أن ينشغلن بهذا (ابط 3 : 3 -6) إذاً ليجد الرجل وقتاً للصلاة ولتأت المرأه للصلاة دون بهرجة.

 

آيات 10، 11 :- بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة. لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع.

الرسول كما رفض البهرجة حتي لا يتشتت فكر أحد أثناء الصلاة يرفض هنا أن تقوم المرآة بدور المعلم حتي لا يشتت شئ أذهان السامعين ويبلبل أفكارهم ويقلل من وقار الاجتماعات الكنسية للعبادة، فالمرآة مجالها البيت والرجل مجاله العالم الخارجي. فالتعليم مظهر من مظاهر السلطة ومرفوض أن تتسلط المرآة علي الرجل في الكنيسة، فالرجل هو راس المرآة. وهو خُلق ليتسلط علي كل الخليقة، وآدم خلق أولاً ثم حواء فآدم مقدم علي المرأة ولكن علي المرآة أن تعلم أولادها في البيت وتعلم الحدثات (2تي 1 : 5 + 3 : 14، 15)+ (تي2:3،4). وبعد القيامة فلا فرق بين الرجل والمرأة ولكن الرسول يود أن لا يكون هناك أسباب للعثرة فى الكنيسة، والمرأة الخاضعة لزوجها في المنزل لا معني لأن تكون هي معلمته في الكنيسة. في كل خضوع = لزوجها في المنزل وللمعلم في الكنيسة.

 

آيات 13، 14 :- إن آدم جبل أولا ثم حواء. و أدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي.

هنا يورد الرسول أسبابه لما سبق أن آدم جبل أولاً فهو الرأس والرأس هو المدبر للجسد. وهذا لا يعني أفضلية الرأس علي الجسد بل لكلٍ دوره، فلا كيان للرأس منفصلاً عن الجسد ولا عمل له بدونه. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت = فالمرآة أكثر تعرضاً للخداع لذلك فعليها أن لا تعلم الرجل. ولكن في الأمجاد السمائية فلا ضعف ولا خداع ولا تمييز في الجنس والكنيسة تضع العذراء مريم فوق الجميع شهداء وقديسين.

 

آية 15 :- و لكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن في الإيمان و المحبة و القداسة مع التعقل.

المرآة تنال إكليلها خلال تربية أولادها في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل، فالله زود المرآة بمواهب تربية الأطفال والصبر في ذلك وهي تقبل أوجاع الولادة ثم تربية أولادها، فإن عملت هذا وقامت بتربية أولادها تربية صالحة لقدمت خدمة للمجتمع والكنيسة وقد تفهم الآية (وهذا أوقع) إن المرأة التي تثبت في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل وتربي أولادها حسناً تخلص. فقول الرسول إن ثبتن، الأكثر منطقية هو إن ثبتت النساء علي إيمانهن...... الخ وليس إن ثبت الأولاد، فإن المرآة لو قامت بدورها ولم يثبت أولادها يكون العيب في أولادها وتخلص هي ويهلك العصاة وهذا يتفق مع (حز 18 : 5 – 13) + (حز 3 : 19). وربة البيت المثالية هي التي تهب حياتها وجهدها لزوجها وأولادها. فالمرآة لا تعلم في الكنيسة ولكن عملها تعليم أولادها في البيت. والعذراء مريم بولادتها للمسيح خلصت هي وخلص العالم كله معها.

وبمقارنة آية 9 مع 15 نفهم أن المرآة تخلص لو إهتمت ببيتها وأولادها عوضاً عن الاهتمام بزينتها فبيتها وأولادها هم رسالتها.


 

الإصحاح الثالث

آية 1 :- صادقة هي الكلمة أن ابتغى أحد الأسقفية فيشتهي عملا صالحاً.

المقصود ليس الأسقفية فقط بل أي درجة من درجات الخدمة، أن يشتهي الإنسان أن يخدم الله، أن يتشبه بالمسيح الذي أتي ليخدم لا ليخدم ويبذل نفسه فدية عن الآخرين، وكان الأسقف هو أول من يتعرض للإضطهاد وبهذا هي ليست شهوة للكرامة والسلطة والسيطرة بل هي شهوة خدمة وغسل أقدام، وبذل ذات وفيما يلي المواصفات المطلوبة للأسقف.

 

آيات 2 – 7 :- فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم بعل إمراة واحدة صاحيا عاقلا محتشما مضيفا للغرباء صالحا للتعليم. غير مدمن الخمر و لا ضراب و لا طامع بالربح القبيح بل حليما غير مخاصم و لا محب للمال. يدبر بيته حسنا له أولاد في الخضوع بكل وقار. و إنما أن كان احد لا يعرف ان يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله. غير حديث الايمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة إبليس. و يجب أيضا ان تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج لئلا يسقط في تعيير و فخ إبليس.

بلا لوم = ليراه الناس ويرون في حياته نموذجاً لهم. بعل إمراة واحدة = لا تعني أنه يجب أن يكون بعل إمرآة واحدة، بل أن لا يكون له أكثر من إمراة واحدة، فاليهود كانوا يسمحون بالزواج من اكثر من إمراة، وكان اليهودي إذا آمن بالمسيحية يظل محتفظاً بزوجتيه. أما الأسقف فلا يجب أن يكون له أكثر من زوجة وإن ماتت زوجته الأولى لا يكون متزوجاً بامرأة ثانية، الرسول يريد لمنصب الأسقفية أكثر الناس عفة. والكنيسة فضلت أن يكون منصب الأسقف للرهبان البتوليين بعد ذلك. وبولس نفسه كان بتولا غير متزوج.

صاحياً = ساهراً يقظا فهو ناظر (ابيسكوبوس لغوياً تعني ناظر) فهو ينظر من أعلي ويري الأخطار المحدقة بشعبه وينذر ويعلم. والأسقف كراع له عصا يبعد بها غنمه عن الضلال. وصاحياً تعني له بصيرة متقدة ساهراً علي خلاص شعبه

عاقلاً = ضابطاً لتصرفاته يتصرف بحكمة غير متطرف، يوازن بين الأمور الروحية والاحتياجات النفسية والاجتماعية والجسدية لشعبه. محتشماً = في أقواله وأعماله، الاحتشام صفة ليست في الملبس فقط بل هي صفة تمس القلب ومن الأمثلة، الفكاهات غير اللائقة هى ضد الاحتشام. مضيفاً للغرباء = في ذلك الزمان كان الهاربين من الاضطهاد يلجأون للأساقفة. صالحاً للتعليم = ليحمي كنيسته من الهراطقة. غير مدمن للخمر = الذي يشبع من خمر الروح القدس أي الفرح الروحي لن يبحث عن الخمر العالمي. إن ساعة واحدة من الخلاعة جعلت نوح يتعري بعد ما أستتر 600 عام بوقار غير ضراب = لا يستعمل العنف مع رعيته، حتي يتحقق الإصلاح الداخلي بكامل حرية الإنسان. غير طامع بالربح القبيح ولا محب للمال = هذا يفسد الشعب ويجعله يهرب منه. بل عليه أن يكون باذلاً لنفسه وأمواله حليماً غير مخاصم = يحمل روح سيده (مت 12 : 19) فالأسقف عليه أن يقدم صورة للمسيح أمام الناس. يدبر بيته حسنا = هذا لمن هو متزوج، فعلي من يختار الأسقف أن يختار من عرف كيف يربي أولاداً حسنا. غير حديث الإيمان = لم يقل غيرحديث السن فتيموثاوس كان حديث السن لكنه كان ناضجاً في أيمانه، حداثة الإيمان ربما تحمل غيرة متقدة نحو الخدمة، لكنها تحمل خطر الإعتداد بالذات والتصلف خصوصاً لما يحيط به من مظاهر التكريم، وقد يظن أنه لولا أهميته للكنيسة وحاجة الكنيسة له لما أختاروه أسقفاً، فيسقط في الكبرياء ويهلك ويهلك معه الناس له شهادة من الذين من الخارج = لا يكفي شهادة المسيحيين عنه فقد يشهد المسيحيون لعضو بينهم شهادة حسنة، ولكن من المهم جداً شهادة الآخرين.

 

الآيات 8 – 10 :- كذلك يجب أن يكون الشمامسة ذوي وقار لا ذوي لسانين غير مولعين بالخمر الكثير و لا طامعين بالربح القبيح. و لهم سر الإيمان بضمير طاهر. و إنما هؤلاء أيضا ليختبروا أولا ثم يتشمسوا أن كانوا بلا لوم.

 هنا نسمع عن مواصفات الشماس ولم يذكر مواصفات القسيس، فلقب قسيس ولقب أسقف كان متبادلان في الكنيسة الأولي، راجع (تي1: 5، 7) (شيوخاً = قسوساً) + (أع 20:17، 28) فمواصفات الأسقف هي هي نفسها مواصفات القسيس. وعمل الشماس الأول هو الخدمة الاجتماعية ولكن رأينا أن اسطفانوس وفيلبس كان لهما عمل الكرازة.

لا ذوي لسانين = يتكلمون مع واحد بلسان ويتكلمون مع الآخر بلسان ثان وهذا خداع ويحط من شأن الإنسان. سر الإيمان بضمير طاهر = هو سر إذ كان الإيمان بالمسيح وعمل المسيح وفدائه وخلاصه للأمم، كل هذا كان غامضاً في العهد القديم ومازال غامضاً لغير المؤمنين. ولكن من يختار لكى يصير شماساً يجب أن يكون له دراية بهذا السر. وأن يكون إيمانه عن إخلاص لا رياء، وهو ما يظهر عملياً في تصرفاته، فهو لا يتاجر بالدين لينال مكسباً مادياً أو شهرة بين الناس. وإنما هؤلاء ليختبروا أولاً = هذه لم تذكر عن الأسقف فالأسقف قد تم اختباره من قبل في درجة كهنوتية أقل.

 

آية 11 :- كذلك يجب أن تكون النساء ذوات وقار غير ثالبات صاحيات أمينات في كل شيء.

يري القديس يوحنا ذهبي الفم أن الحديث هنا هو عن الشماسات ويري البعض أنه علي زوجات الشمامسة. أمينات في كل شئ = من نحو الله ونحو أزواجهن ونحو الفقراء، ولا بد أن يكن أمينات فهم بحكم خدمتهن سيطلعن علي أسرار البيوت ولا بد أن يكن أمينات في توزيع الصدقات.

 

آيات 12، 13 :- ليكن الشمامسة كل بعل إمرأة واحدة مدبرين أولادهم و بيوتهم حسنا.لأن الذين تشمسوا حسنا يقتنون لأنفسهم درجة حسنة و ثقة كثيرة في الإيمان الذي بالمسيح يسوع.

ما يشير لأن آية 11 هي علي الشماسات أنها دخلت وسط آيات تتكلم عن مواصفات الشمامسة. يقتنون لأنفسهم درجة حسنة = من يجدونه صالحاً في رتبة الشموسية فليحصل علي درجة القسيسية وهكذا.

 

آيات 14، 15 :- هذا أكتبه إليك راجيا أن أتي إليك عن قريب. و لكن إن كنت أبطئ فلكي تعلم كيف يجب أن تتصرف في بيت الله الذي هو كنيسة الله الحي عمود الحق و قاعدته.

ربما خشي الرسول أن يصاب تيموثاوس بشئ من الضيق، فقد وعده بالحضور إليه، لذلك يطمئنه بأنه سيحضر. ولكن إلي أن يحضر علي تيموثاوس أن يعرف المبدأ الأساسي الذي به يقود الكنيسة، فمهمة الكنيسة أن تدعو للحق وتدافع عن الحق وتحامي عنه فهى عمود الحق وقاعدته بالمسيح الحق الذي فيها. لقد أوضح الرسول فيما سبق نظام الخدمة في الكنيسة وإختيار الأساقفة والشمامسة، وهنا يظهر أن عملهم الأساسي أن يشهدوا بالحق. بيت الله = هي (الكنيسة) مكرسة لخدمة الله وفيها تظهر صورة الله غير المنظور الحي = الله حي في الكنيسة يثبت وجوده (مت 28 : 20) لذلك لا تقوي عليها أبواب الجحيم (مت 16 : 18). العمود والقاعدة هما الأساس فى البناء. والحق أساس تمت عليه بناء الكنيسة، فالكنيسة مؤسسة علي المسيح الحق (1كو 3 : 11) + (يو 14 : 6).

 

آية 16 :- و بالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الأمم أؤمن به في العالم رفع في المجد.

في هذه الآية يظهر الرسول ترتيباً معيناً يبدأ في دائرة صغيرة وهي المسيح ظاهراً في الجسد أمام الناس، ثم دائرة أكبر وهم الملائكة الذين عرفوا حقيقته، ثم انتشار الإيمان به وسط الأمم ثم المسيح في مجده.

بالإجماع = تعني بدون أي خلاف فقد ظهر أن :-

عظيم هو سر التقوي. الله ظهر في الجسد = أي أن سر القداسة موجود في الكنيسة لأن سر القداسة هو المسيح والكنيسة جسد المسيح. ظن الغنوسيين أن الكنيسة أو أن الحياة المسيحية هي معرفة عقلانية للحق. والرسول يشرح هنا أن الحياة المسيحية هي دخول عملي إلي الحق خلال الحياة التقوية التي صارت لنا بالتجسد الإلهي، فسر التقوي هو سر التجسد، اتحادنا مع الله الآب في ابنه هو الذي يعطينا الحياة التقوية، هذا هو الحق الذي تدافع عنه الكنيسة، ولا طريق آخر للحياة التقوية سوي الاتحاد بالمسيح (بالمعمودية والتناول والإعتراف أي بالأسرار والأسرار هي الكنيسة). لقد أنكر الغنوسيون حقيقة التجسد برفضهم أن المسيح يحمل جسداً حقيقياً، وبهذا ينكرون الحياة التقوية لتي صارت لنا فيه ويحولون الحق إلي معرفة نظرية عقلانية بلا حق ولا حياة، بمعني آخر فالتجسد الإلهي ليس عقيدة فلسفية تعتنقها الكنيسة للمجادلة وإنما سر حياتها التقوية وأمجادها الداخلية وأمجادها المستقبلية. صار المسيح حياة لنا باتحاده بنا بالأسرار. فهو أعطانا حياته (وكان هذا بالتجسد) وحياته هي سر التقوى. فالمسيحية ليست ديانة تعلم تابعيها الأخلاقيات فقط بل هي تعطى حياة المسيح لكل من يؤمن ويعتمد فيحيا في تقوى (غلا 2: 20) + (في 1: 21) "ليّ الحياة هي المسيح".

تبرر في الروح = طالما اتهموا المسيح في حياته بالجسد باتهامات كثيرة، حقاً لقد ظهر بره في أعماله وأقواله ومعجزاته. ولكن بره بدا للجميع خاصة بعد موته إذ لم يجد فيه إبليس شيئاً يمسكه عليه " رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شئ (يو 14 : 30)، بل فتح الجحيم وهو في الروح، بل فتح الفردوس لمن أخرجهم من الجحيم. ثم قام من الأموات وصعد إلي السماوات، وأعطانا حياته وبره لتحيا بهما الكنيسة، لقد حمل خطايانا لنتبرر نحن فيه (2كو21:5). والكنيسة الآن مملوءة من الروح القدس الذي وهبه لنا الله باستحقاقات عمل المسيح والروح القدس هو الذي يدخل بنا إلي الثبوت في المسيح يسوع لا لنغتسل بدمه الكريم من خطايانا فحسب، إنما نحمل بر المسيح فنحسب في عيني الآب أبراراً (1كو 6 : 11) "كان روح المسيح الذي فتح الفرودس متحداً بروحه القدس أي لاهوته".

تراءى لملائكة = الملائكة كانوا يعرفون مجده قبل التجسد، والآن قد أدركوه بمفهوم جديد خلال تجسده في كنيسته، رأوه في كمال حبه الفائق خلال الصليب وعمله الإلهي العجيب في المؤمنين الذين كانوا قبلاً أعداء بسبب خطاياهم. وقد تقدسوا فيه وتبرروا وصاروا أبناء أحباء وممجدين فيه.

كرز به بين الأمم = الكل صار ينعم بعطيته حتي الأمم الأشرار.


 

الإصحاح الرابع

آيات 1 – 3 :- و لكن الروح يقول صريحا أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحا مضلة و تعاليم شياطين. في رياء أقوال كاذبة موسومة ضمائرهم. مانعين عن الزواج و آمرين أن يمتنع عن اطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين و عارفي الحق.

ولكن الروح يقول = هذه نبوءة من بولس بالروح القدوس أنه في المستقبل سيقوم هراطقة ومعلمين كذبة. وهو بهذا ينبه تلميذه تيموثاوس أن يكون صاحياً مدافعاً عن الإيمان الصحيح الحق. تابعين أرواحاً مضلة = إذاً الهرطقات هي من فعل الشيطان. في رياء = لهم شكل التقوى ليخدعوا البسطاء. موسومة ضمائرهم = أصبحت ضمائرهم كالبشرة التي تكوي بالنار أي بلا إحساس، ما عادوا يشعرون بالأثم، وتأتى سمة بمعني السمة التي يضعونها بالحرق علي وجوه العبيد، وهؤلاء صاروا ملكاً للشيطان وصارت لهم سمة شيطانية. في الأزمنة الأخيرة = هذا ما دعا إليه فعلاً ماني في القرن الثالث الذي قال أن اله الشر خلق أنواع معينة من الطعام لذلك لا يأكلونها كاللحوم والبيض. وربما تتكرر هذه الدعوة ثانية في نهاية الأيام. عموماً لقد نادي الغنوسيون بالامتناع عن الزواج وعدم أكل اللحوم بكونهما أمرين محرمين يدنسان النفس، وقد التزمت الفئة التي كانوا يلقبونها بالكاملين بهذا الامتناع، وربما كان بولس قد عرف بالروح بان هذا سيحدث واستعد للرد علي هذه الهرطقات. أما سر تدنيسهم للزواج فعلته نظرتهم الخاطئة نحو الجسد كعنصر ظلمة يجب معاداته، وبالتالي فالعلاقات الجسدية بين الرجل وإمرأته في نظرهم تأكيد لمتطلبات الجسد الدنس، فهي دنسة إذاً، أما نظرتنا كمسيحيين فإن الزواج سر مقدس ويرمز لرابطة المسيح والكنيسة (أف 5 : 32). والكاهن يستدعي الروح القدس ليحل علي الزوجين ويربط بينهما (مت 19 : 5، 6)، والله هو الذي أسس الزواج من أيام آدم، والمسيح حضر عرس قانا الجليل، فالزواج مكرم والمضجع غير دنس (عب 13 : 4) لكن الانحراف بالشهوات خارج الزواج هو النجاسة والبتولية ليست إمتناعاً عن الزواج لأنه نجاسة بل البتول لا يريد أن يشغله شئ عن عريس نفسه يسوع، هى نوع من الحياة الملائكية. والكنيسة لا تعبتر أن هناك أطعمة نجسة بل هي تمنع بعض الأطعمة في فترات الصوم كتدريب للنفس وتقوية للإرادة وضبط الجسد، والصوم هو انطلاقة روحية أكثر منه نسكاً للجسد، لذا يسمح للمرضى بالإفطار حاسبين المرض نوعاً من الصوم يتقبلونه بشكر. وحينما تنتهي فترة الصوم نأكل كل شئ.

 

آيات 4، 5 :- إن كل خليقة الله جيدة و لا يرفض شيء إذا أخذ مع الشكر. لأنه يقدس بكلمة الله و الصلاة.

هذه هي نظرة الكنيسة للمادة أياً كانت، فالله خلق كل شئ وإذا هو حسن، ولكن بالسقوط تدنست نظرة الإنسان للأشياء، الذهب هو صالح وحسن، ولكن نظرة الإنسان وفساده جعلته يؤله الذهب ويعبده كصنم

يقدس بكلمة الله والصلاة = التقديس هو التدشين، فالكنائس وهياكلها والمذابح والآنية تقدس بكلمة الله، والصلاة. كذلك يكرس الأساقفة والكهنة والشمامسة بكلمة الله والصلاة. وكذلك الخبز والخمر يقدسان بكلمة الله والصلاة، من هنا جاءت كلمة القداس الذي به يقدس القربان. لذلك نصلي قبل الأكل شكراً لله وتبريكاً وتقديساً للطعام، فحتى لو كان شيئاً دنساً لتقدس بالصلاة.

 

آية 6 :- إن فكرت الإخوة بهذا تكون خادما صالحا ليسوع المسيح متربيا بكلام الإيمان و التعليم الحسن الذي تتبعته.

لقد تربي تيموثاوس تربية صحيحة وعليه أن ينقل الأفكار الصحيحة للناس متربياً بكلام الإيمان = لأنه تربى يهودياً والتعليم الحسن = المسيحية التى آمن بها.

إن فكرت = ولم يقل إن أمرت، لاحظ المعاملة الرقيقة التي يجب أن تسود.

 

آية 7 :- و أما الخرافات الدنسة العجائزية فإرفضها و روض نفسك للتقوى.

يليق بالراعي ألا يفسد وقته وفكره بالأمور المضللة كالتهود والغنوسية فالتهود من العودة لليهودية التي شاخت بعد أن صرنا نعيش في العهد الجديد. وهي لا تحمل قوة الله فالشيخوخة رمز لانحلال الجسد، ونحن صرنا نعيش في حياة جديدة صارت لنا في المسيح يسوع. وأفكار الغنوسية ما هي إلا خرافات.

 

 

آية 8 :- إن الرياضة الجسدية نافعة لقليل و لكن التقوى نافعة لكل شيء إذ لها موعد الحياة الحاضرة و العتيدة.

كان اليونانيون يهتمون بالرياضة الجسدية لتنمية أجسادهم وهذه نافعة لكن لقليل فالحياة مهما طالت فهي قصيرة جداً. وكما هو الحال في رياضة الجسد إذ يقتضي الأمر تدريبات لصقل قوي الجسد، كذلك لنمو الحياة التقوية يتطلب الأمر تدريبات لصقل طاقات النفس والروح، في الصلاة والصوم والقراءات والتأمل والتسامي ليبلغ الإنسان الحياة السماوية فتسقط عنه كل رغبة أرضية (1كو 9 : 27) + (عب 5 : 14) + (اع 24 : 16) + (في 4 : 12، 13).

التقوى = هى خوف الله بمعرفة عظمة الله وأنه سيدين الأشرار، وهي الخضوع لله ولوصاياه، وطاعته والخوف من الخطية ونتائجها. ومن أراد أن يكون قديساً عليه بأن يتدرب روحياً. وهذا واجب الأسقف أن يضع رياضات روحية لشعبه، فتحدد الكنيسة أصواماً وقداسات ونهضات.

 

آيات 9 – 11 :- صادقة هي الكلمة و مستحقة كل قبول. لأننا لهذا نتعب و نعير لأننا قد ألقينا رجاءنا على الله الحي الذي هو مخلص جميع الناس و لا سيما المؤمنين. إوص بهذا و علم.

ما هي الكلمة الصادقة والمستحقة كل قبول = أن الرياضة الروحية نافعة لكل شئ، ولها المواعيد الحاضرة (نحيا هنا في فرح وبركة) والمواعيد المستقبلة (نحيا هناك فى مجد). أما الشرير فيحيا هنا فى خوف وهم وحزن وقلق ويحيا في العذاب الأبدي منفصلاً عن الله. هذا هو عمل الرياضة الروحية الحقة، إنها تبعث في النفس روح الرجاء المفرح، فتحيا في فرح حتي في وسط آلام الجسد ولهذا وعدنا السيد المسيح بمئه ضعف في هذا العالم (متى29:19).

لهذا نتعب ونعير = إذا آمنا بهذا الحق (أن هناك حياة أبدية للمؤمن) نقبل أن نتعب في الرياضة الروحية، بل ونقبل إضطهاد الهراطقة لنا وما يدفعنا لكل هذا رجاؤنا فى حياة أبدية، بل خبراتنا التى نختبر فيها تعزيات الله لنا وسط آلام هذا العالم، فنحمل الصليب بلذة ورجاء = القينا رجاءنا علي الله الحي الذي هو مخلص جميع الناس = وليس لفئة محدودة كما يقول المتهودين أو الغنوسيين. ولكي لا يلمس خلاصه سوي المؤمنين = ولا سيما المؤمنين فمن يؤمن يقبل الخلاص ويتمتع به (2 تس 1 : 8، 9) + (رؤ 21 : 8).

 

آية 12 :- لا يستهن أحد بحداثتك بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الإيمان في الطهارة.

حين يكون قدوة للمؤمنين لن يستهين أحد بحداثته أي سنه الصغير في التصرف = فعليه أن يتصرف بحكمة ويكون قدوة. في المحبة = أي اتساع قلبه للجميع ولا يضيق بالمقاومين. في الروح = روح التقوي والإخلاص لا ينحرف عن الخط الروحي المتزن. في الإيمان = بلا خوف ولا تردد.

 

آية 13 :- إلى أن أجيء اعكف على القراءة و الوعظ و التعليم.

يليق بالراعي أن يكون دائم النمو في حياته الداخلية، لا سيما القراءة والتعليم لنفسه، فيكون له خبرات جديدة فيتدرب ويتعلم ويدرب ويعلم الناس.

 

آية 14 :- لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة.

إن كان الله قد وهبنا مواهب فيلزم ألا نطمرها بل نعمل بها رابحين لتقديمها للرب مع ربحها. والموهبة التي فيك = هي موهبة الوعظ مع درجة الأسقفية، الله يعطي للأسقف والكاهن والشماس مواهب بوضع اليد لكن عليهم أن يضرموا هذه المواهب بالعمل والجهاد حتي لا تذبل الموهبة. بالنبوة = غالباً تنبأ عنه أنبياء أنه سيكون له شأن كبير أو أنه سيكون أسقفاً. وكان هذا بإرشاد إلهي مباشر. مع وضع أيدي المشيخة = يشير هذا لدرجة الأسقفية. المشيخة المقصود بها الكهنوت بصفة عامة.

 

آيات 15، 16 :- إهتم بهذا كن فيه لكي يكون تقدمك ظاهرا في كل شيء. لاحظ نفسك و التعليم و داوم على ذلك لأنك إذا فعلت هذا تخلص نفسك و الذين يسمعونك أيضا

أهتم بهذا = الدرجة الكهنوتية ليست للكرامة وإنما لحمل المسئولية كن فيه = أي كرس كل حياتك وكل طاقاتك وكل مواهبك لحساب هذه الموهبة المجانية. لكى يكون تقدمك ظاهراً فى كل شئ = كل موهبة تنمو، والرسول يطالبه بالنمو في كل شئ في حياته الروحية وخبراته ودراسته وإرشاداته الروحية وتعليمه وكرازته. وكل موهبة لا تصقل تضعف وتخمد ولكن بالتدريب والتنمية تقوي وتمتد وتشتعل (2تى6:1) فبالخدمة والمضايقات تفرغ الشحنة الروحية، فالخادم يصرف منها فتخمد وتضعف حرارتها فيبيت في حاجة لأعادة شحنها وتنمية رصيده بمواصلة الصلوات والخلوات الروحية وسائر التدريبات فتتجدد قوته ويكون تقدمه ظاهراً في كل شئ ينمو في حياته الروحية وينمو في بناء شعبه هذا هو جهاد الخادم.


 

الإصحاح الخامس

آيات 1،2 :- لا تزجر شيخا بل عظه كأب و الأحداث كأخوة. و العجائز كأمهات و الحدثات كأخوات بكل طهارة.

علي الرعاة أن يكونوا حكماء في معاملتهم مع كل فئة وكل فرد من أفراد الرعية، حتي يكسبوا الكل، علي الراعي أن يكون رحيما لكن حازماً، ولكن لكل واحد معاملة تختلف عن الآخر، مع ملاحظة أن الرعاية ليست سلطة بل حب، ولاحظ أن التعامل مع الحدثات يكون بكل طهارة حتي لا يتعثر أحد. وعلي ألا تكون في المعاملة مجاملة أو مداهنة علي حساب الحق وخلاص النفوس.

 

آيات 3 – 8 :- إكرم الأرامل اللواتي هن بالحقيقة أرامل. و لكن إن كانت أرملة لها أولاد او حفدة فليتعلموا أولا أن يوقروا أهل بيتهم و يوفوا والديهم المكافاة لأن هذا صالح و مقبول امام الله. و لكن التي هي بالحقيقة أرملة و وحيدة فقد القت رجاءها على الله و هي تواظب الطلبات و الصلوات ليلا و نهارا. و أما المتنعمة فقد ماتت و هي حية. فإوص بهذا لكي يكن بلا لوم.و إن كان احد لا يعتني بخاصته و لا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمن.

الرسول هنا يعالج موضوع الأرامل، ويقول أنه عوضاً عن أن تعيش الأرملة بعد وفاة زوجها في تعاسة، فليكن لها عمل روحي أو خدمة في الكنيسة، وبهذا صارت الأرامل تمثل طغمة معينة لها كرامتها وعملها الإيجابي في الكنيسة، لا تتلمس الأرامل عطف الجميع، بل وضعهم الرسول هنا في تنظيم كنسي مرتب بخدمة لها أجر. إكرام الأرامل = أي ينفق عليهن من صندوق الكنيسة بكرم، اللواتي هن بالحقيقة أرامل = هو يميز بين من لهن من يعولهن وبين من ليس لهن. فالكنيسة تنفق علي من ليس له مصدر دخل، وآية 4 نري فيها أن أبسط مبادئ القواعد الإنسانية أن يعول الإنسان أمه أو جدته والكنيسة تلتزم بمن ليس لها أحد يعولها علي أن توفر لها أيضاً خدمة إيجابية. وفي آيات 5، 6 يحدد شروط الأرملة التي تعولها الكنيسة:

1.     فقدت رجلها وصارت وحيدة، إذاً ليس لها أولاد أو حفدة.

2.     ألقت رجائها علي الله، مثل هذه تحتضنها الكنيسة.

3.     تواصل الصلوات.

4.     لا تعيش حياة مترفة مدللة.

و أما المتنعمة فقد ماتت وهي حية = أي تحيا في المسرات (ترجمة أخري) متلذذة بلذائذ الحس في مغالاة، والحياة في الملذات تهدم الحياة الروحية، ومن يحيا في لذة ميت وهو حى، فهو يعيش من أجل بطنه أوصي بهذا = أي لا يكن لهن حياة متنعمة، وإلإ فلا يصلحن أن يكن أرامل بالحقيقة أي أرامل لهن مرتبات ولهن خدمة فى الكنيسة. وفي 8 نري المؤمن ملزم برعاية أهله = خاصته. الرسول أستغل الكلام عن الأرامل ليعلن مبدأ هام، فإذا كان المؤمن عليه الإهتمام بكل إنسان فالأولي أهل بيته.

 

آيات 9 – 16 :- لتكتتب أرملة إن لم يكن عمرها أقل من ستين سنة إمراة رجل واحد. مشهودا لها في أعمال صالحة أن تكن قد ربت الأولاد أضافت الغرباء غسلت أرجل القديسين ساعدت المتضايقين إتبعت كل عمل صالح. اما الأرامل الحدثات فارفضهن لأنهن متى بطرن على المسيح يردن أن يتزوجن. و لهن دينونة لأنهن رفضن الإيمان الأول. و مع ذلك أيضا يتعلمن ان يكن بطالات يطفن في البيوت و لسن بطالات فقط بل مهذارات ايضا و فضوليات يتكلمن بما لا يجب. فاريد ان الحدثات يتزوجن و يلدن الأولاد و يدبرن البيوت و لا يعطين علة للمقاوم من اجل الشتم. فإن بعضهن قد إنحرفن وراء الشيطان. إن كان لمؤمن او مؤمنة أرامل فليساعدهن و لا يثقل على الكنيسة لكي تساعد هي اللواتي هن بالحقيقة أرامل.

هنا يعالج الرسول موضوع إختيار الشماسات، ولاحظ أنه ليس كل أرملة تصلح أن تكون شماسة، والشماسات كان لهم تنظيم كنسي وكانوا في الترتيب بعد الأسقف والكاهن والشماس، هن بلا رتبة كهنوتية لكن لهن نصيب في التنظيم الكنسي، وكان لهن مرتب من الكنيسة وشروط الشماسة:

1.     ألا يقل عمرها عن 60 عاما : حتي لا يتعثر أحد بتنقلاتها بين بيوت الفقراء والمرضي لخدمتهم، وأيضا مرافقتهن الأسقف والكاهن عند زيارة بعض البيوت لخدمة نساء أو فتيات أو عند عماد فتيات.

2.     تكن أرملة رجل واحد، أي لا تكن قد تزوجت بأكثر من رجل واحد.

3.     تمارس أعمال صالحة.

4.     ربت أولادها حسناً.

5.     أضافت الغرباء.

6.     غسلت أقدام القديسين = أي قامت بأحقر الخدمات لهم، لمن هم في ضيقة من أخوة الرب (مت 25 : 40).

رفض الأرامل الحدثات = يخشي الرسول من العثرة التي تصدر عن الأرامل الحدثات لئلا يبطرن علي المسيح = أي يتمردن علي ناموس المسيح الذي سبق والتزموا بطاعته وخدمته، بطرن هنا أي تمردن علي حياة التكريس للمسيح. الإيمان الأول = أي وعدهن بالتكريس وأن يكن عرائس للمسيح العريس الواحد. وهذا الرجوع عن التكريس بتكرار زواجها كأنه رجوع عن الإيمان. إذاً الإيمان الأول = العهد الأول. هؤلاء كان الأفضل لهن أن يتزوجن قبل أن يكتتبن فى قوائم الأرامل فيتكرسن ثم يرتدوا عن العهد. مثل هؤلاء الحدثات، إذ يتركن عريس نفوسهن يدخلن في حالة من البطالة يطفن في البيوت = كانوا يطفن للوعظ والإفتقاد فصارت الزيارات للكلام الفارغ، وهن يدخلن البيوت ويعرفن أسرار البيوت وتكون مادة للحكايات في بيوت أخري = فضوليات يتكلمن بما لا يجب. لهن دينونة = لأنهن فقدن الثقة بالله والإتكال عليه في تكريس ذواتهن للمسيح، وهم كسرن نذر تكريسهن وكسر النذر خطية (تت 23 : 21 –23).

بطالات = البطالة هي معلم كل خطيئة. فالله لا يهان بزواج الأرامل وإنجابهن أولاداً بل يهان ببطالتهن الروحية وفراغهن الداخلي. إذاً فالأفضل للحدثات أي الأرامل صغيرات السن أن يتزوجن ويلدن فالزواج حصن لهن.

 

آيات 17، 18 :- اما الشيوخ المدبرون حسنا فليحسبوا أهلا لكرامة مضاعفة و لا سيما الذين يتعبون في الكلمة و التعليم. لأن الكتاب يقول لا تكم ثورا دارسا و الفاعل مستحق أجرته.

هذه الآيات خاصة بالإهتمام بالكهنة = الشيوخ. كرامة مضاعفة المعنى ليس تمجيد الخدام بل الاهتمام والتزام الكنيسة بسد إحتياجاتهم المادية، حتي يتفرغوا للخدمة دون ارتباك من جهة ضروريات الحياة راجع (تث4:25) + (1كو7:9-14) + (لو5:10-7) + (مت10:10)، ومن الآية تفهم أن الكاهن لا بد أن يعمل ويخدم بقوة كالثور وليس في كسل وترف.

 

 

آية 19 :- لا تقبل شكاية على شيخ إلا على شاهدين أو ثلاثة شهود.

هذه الوصية ليست بجديدة، فقد الزمت الشريعة الموسوية عدم إدانة إنسان بدون شهادة شاهدين أو ثلاثة شهود. شيخ = تعني الكاهن الشيخ. ويري ذهبي الفم أن الرسول يقصد الشيخ كبير السن لا الوظيفة الكهنوتية. المهم ألا نتسرع في تصديق اتهام لكبار السن حتي لا نجرحهم.

 

آية 20 :- الذين يخطئون وبخهم أمام الجميع لكي يكون عند الباقين خوف.

إن ثبت شئ علي الكاهن يمس التعليم وكان له خطورته علي إيمان الشعب وجب توبيخه علناً حفظاً علي سلامة إيمان الكنيسة. وعلي من كان خطأه علناً أن يوبخ علناً، ومع قسوة هذا إلا أنه للصالح العام، وهذا ما عمله بولس وبطرس نفسه (غل 2 : 11، 14)، أما لو كان الخطأ سراً فلتكن العقوبة سراً. ولخطورة هذا الآمر علي الإيمان يشهد عليه الله والرب يسوع والملائكة.

 

آية 21 :- أناشدك أمام الله و الرب يسوع المسيح و الملائكة المختارين ان تحفظ هذا بدون غرض و لا تعمل شيئا بمحاباة.

هو يشهد الله والرب يسوع حتي لا تكون المحاكمات حسب الأهواء الشخصية، أو بمحاباة تحت ستار الحق، فهذا يغضب الله ويشق الكنيسة وينزع نعمة الله. الملائكة المختارين = هم من حفظوا رياستهم فى مقابل الشياطين الساقطين، وهناك تفسيراً آخر أنهم الملائكة المختارين للتعامل مع البشر وقيل في تفسير آخر، الملائكة المختارين لحراسة تيموثاوس وكنيسة أفسس وقيل في تفسير آخر الملائكة المختارين إشارة لرفعة أماكنهم.

 

آية 22 :- لا تضع يدا على أحد بالعجلة و لا تشترك في خطايا الآخرين إحفظ نفسك طاهرا.

تكلم عن محاكمات الكهنة فيما سبق، وهنا نتحدث عن إختيار الكهنة أو الأساقفة، وأنها يجب أن تكون بلا تسرع، فهو سيقدم حساباً أمام الله عن كل من يختاره، وإذا أختار شخص خاطئ يشترك في خطاياه لأنه يقحم علي الكهنوت وعلي المقدسات شخص شرير. إذاً ياتيموثاوس إحفظ نفسط طاهراً من دماء الناس الذين سيعثرهم هذا الشرير.

 

آية 23 :- لا تكن في ما بعد شراب ماء بل إستعمل خمرا قليلا من اجل معدتك و أسقامك الكثيرة.

واضح أن تيموثاوس كان مريضاً بتليف الكبد أو الإستسقاء. وشرب الماء يضاعف المرض وغالباً فإن القديس لوقا الطيب كان وراء هذه المشورة الطبية، فالماء يتجمع في بطن المريض ويضاعف من آلامه، بولس هنا نراه أباً حانياً متسع القلب في محبة للجميع بلا استعباد للحرفية القاتلة. وواضح أن بولس لم يستطع عمل معجزة لشفائه كما لم يستطع شفاء أبفرودتس من قبل، فالمعجزة إن لم تكن تمجد الله فلا داع لها. ولو شفي كل أسقف مثل تيموثاوس وكل كاهن وكل خادم فكيف يشعرون بآلام الناس.

 

آية 24، 25 :- خطايا بعض الناس واضحة تتقدم إلى القضاء و أما البعض فتتبعهم. كذلك أيضا الأعمال الصالحة واضحة و التي هي خلاف ذلك لا يمكن أن تخفى.

خطايا بعض الناس واضحة والأعمال الصالحة واضحة فعليك يا تيموثاوس ألا تختار للسيامة من أخطاؤه واضحة، بل من أعماله الصالحة واضحة تزكية. واضحة = من السهل الحكم عليها. تتقدم إلى القضاء = لن يجدوا صعوبة في إكتشافها. إلا أن هناك أخطاء وعيوب غير واضحة لذلك فمن المهم أن يلازم إختيار أي مرشح للكهنوت الصلاة والصوم.


 

الإصحاح السادس

آية 1:- جميع الذين هم عبيد تحت نير فليحسبوا سادتهم مستحقين كل إكرام لئلا يفترى على إسم الله و تعليمه.

نادت المسيحية بالمساواة بين جميع الناس المعمدين (غل 3 : 28) ولكنها لم تشأ أن تقحم نفسها في محاربة الأوضاع الاجتماعية السائدة، ومنها نظام الحكم أو نظام العبودية. وكانت رسالتها روحية لتحرير الإنسان من خطاياه وبناء شخصيته لحياة أبدية، فلم تطالب العبيد بالثورة طلباً للمساواة بل أن يكرموا سادتهم. لو تمرد العبيد بسبب المسيحية لكان في هذا سبباً للتجديف علي المسيحية. ولقد عالج بولس موضوع العبيد في (أف 6 : 5 – 9) + (كو 3 : 22) + (فل 8، 21) وهذه الآية. ونجده هنا في هذه الآية ينظر من وجهة نظر العبد وفي رسالة فليمون ينظر من وجهة نظر السيد وفي كلاً من كولوسى وأفسس يخاطب كلاً السادة والعبيد دون أن يهاجم الرسول أحقية الأسياد في ملكيتهم للعبيد. فالثورة لا تلد إلا ثورة مضادة والعنف والدماء لا يجلبا سوي عنف ودماء أما المحبة فلا تسقط أبدا.

بل أن بولس إهتم بأن العبد عليه أن يلتزم بالخضوع لسيده، كما قدم للسادة وصايا بالحب لعبيدهم فكأنه كان يهدم النظام من جذوره، هذا لنظام الذي كان يسمح للسيد أن يقتل عبده وقتما شاء.

شعر الرسول بآلام العبيد وأنهم تحت نير رهيب وأنه لا يستطيع أن يعمل لهم شئ لرفع هذا النير، فقدم لهم السيد المسيح ليرفع عن نفوسهم كل نير مادي أو نفسي بحياتهم الجديدة في المسيح، إذ يشعرون أنهم محبوبين من المسيح وانه شريك آلامهم، بل هو بالمسيح الذي فيه وطاعته ومحبته لسيده سيعلن المسيح لسيده، وياسر سيده بالحب، وتاريخياً إستطاع كثير من العبيد أن يجذبوا سادتهم للمسيحية، وهكذا سلك يوسف في بيت فوطيفار فأحبه فوطيفار. وكثير من السادة ثاروا علي هذا النظام الجائر.

 

 

 

 

آية 2 :- و الذين لهم سادة مؤمنون لا يستهينوا بهم لأنهم إخوة بل ليخدموهم أكثر لأن الذين يتشاركون في الفائدة هم مؤمنون و محبوبون. علم وعظ بهذا.

كثير من السادة كانوا مؤمنين فما موقف العبيد المسيحيين منهم ؟ علي العبد طاعة سيده بأمانة والخضوع له بكل طاعة، حقاً المسيحية أعلنت الأخوة بين الجميع (غل 3 : 28) + (كو 3 : 11) ولكن علينا أن لا نسلب كرامة أحد، فالابن يخضع لأبيه، والعامل لرئيسه.

وإن كان يجب خضوع العبد لسيده هكذا، فكم ينبغي أن يخضع لله. لأن الذين يتشاركون في الفائدة = لأن هؤلاء أى السادة الذين يستفيدون من خدمتك أيها العبد هم سادتك وهم مؤمنون وهم محبوبون منك لأنهم مؤمنون، فلماذا تعطل فائدتهم بتمردك. والترجمة في الإنجليزية هي " لأن هؤلاء الذين يستفيدون من خدمتكم هم أيضاً مؤمنون ومحبوبون". علم وعظ بهذا = بأن العبد يخضع لسيده، ويحيا حياة التقوى في المسيح.

 

آيات 3 – 5 :- إن كان أحد يعلم تعليما أخر و لا يوافق كلمات ربنا يسوع المسيح الصحيحة و التعليم الذي هو حسب التقوى. فقد تصلف و هو لا يفهم شيئا بل هو متعلل بمباحثات و مماحكات الكلام التي منها يحصل الحسد و الخصام و الإفتراء و الظنون الردية. و منازعات أناس فاسدي الذهن و عادمي الحق يظنون أن التقوى تجارة تجنب مثل هؤلاء.

غالباً كان قد أنتشر في أفسس أفكار من بعض المعلمين المسيحيين عن ثورات ضد السادة، وكان هناك خطباء يثيرون العبيد، وكان هذا ضد ما يعلم به الرسول عن طريقة المسيح في تغيير النفوس، فالمسيح هو الذي علَّم أن نخضع في حب ونترك الرداء ونسير الميل الثاني. فخضوع العبيد هو التعليم الصحيح ومن يقول بغير ذلك فتعليمه مرفوض من الله وهو يعارض التقوى ويكون كلامه سفسطة وصلف أي هو معجب بأفكاره فيتسبب في منازعات ينتج عنها الخصام. أما الرسول فكان مهتماً أن كل إنسان يهتم بالتقوى وليس بالثورات مهما كان مركزه. وهذا ما قصده في الآية السابقة "علم وعظ بهذا" أن العقيدة المسيحية هي امتزاج العقيدة بالسلوك العملي، روح التقوى العملية. ومن ينحرف عن ذلك فهو يعلم من عنده ومن فلسفته وهذا يكون متكبراً وهو لا يعلم بأفكار الروح القدس. والكبرياء يحول الإيمان إلي مماحكات ومباحثات غبية تفسد حياة الإنسان الروحية وتنزع عنه روح التقوى وتدفع بالكنيسة إلي الخصام والإفتراءات والظنون الرديئة، وتنشأ نزاعات فاسدة كلها خبث ودهاء وإحتيال ليس فيها شئ من الحق. بهذا تتحول التقوى إلي تجارة إذ يعمل أصحاب المنازعات لا لحساب المسيح وبنيان الكنيسة وإنما لحسابهم الخاص.. لذا يؤكد الرسول تجنب مثل هؤلاء" ولا ينبع التصلف عن المعرفة إنما عن عدم المعرفة، فمن يعرف تعاليم التقوى يميل بالأكثر إلي الإتضاع " من أقوال يوحنا فم الذهب.

 

آية 6 :- و أما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة.

الرسول إذ تكلم عن من يحولون الحياة التقوية إلي تجارة كان المقصود هؤلاء المتكبرين الذين يريدون بأفكار فلسفاتهم إكتساب جماهير تؤيد آرائهم الخاصة وتزداد شعبيتهم وكان هذا من خلال مواقفهم الداعية للثورة ضد الأسياد، وهنا في الآية يلمس الرسول طائفة أخري من المعلمين يكتسون بثياب الدين من أجل ربح مادي، هؤلاء يتاجرون بالدين، مثل من يدعو لتجارته عن طريق التبرع للكنيسة، أو أى طريق يبدو كأنه طريق روحى ولكن الهدف منه الكسب المادي. والرسول يقول إن التجارة الحقيقية العظيمة هي التقوى مع القناعة، فيها يربح الإنسان السلام علي الأرض والفرح الحقيقي وينعم بالمجد في السماء. يعيش علي الأرض في سلام يفوق كل عقل شاعراً بغني النفس، فمن هو قانع تجده شاكراً دائماً لا يظلم أحد. علي من يظن أن الدين تجارة عليه أن يعلم أنه تجارة فعلاً ولكنها ليست كسب ماديات بل تجارة نكسب بها السماء، هذا إن كان هناك تقوي وقناعة، ولنرى مثالاً فإن أبينا إبراهيم ترك للوط النصيب الأكبر فخسر لوط كل شئ وكسب أبينا إبراهيم كل شئ، فكلما ترك الإنسان محبة العالم وراء ظهره أشبعه الله روحياً ونفسياً ومادياً أيضاً، كلما زهد الإنسان فيما للعالم يعطيه الله بالأكثر إذ لا يخشي عليه من أمور العالم.

 

آيات 7، 8 :- لأننا لم ندخل العالم بشيء و واضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء.فان كان لنا قوت و كسوة فلنكتف بهما.

ما يدعو للقناعة أننا لن نأخذ معنا شيئاً حين نغادر الدنيا والأجدر بنا أن نعمل للحياة الأخرى الأبدية، نعمل هنا لمجرد أن نعيش فنحن عابرون في هذه الحياة غير خالدين فيها، نريد منها ما يكفي قوت الجسد وما نلبسه فقط ولكن نحيا بقوة الروح حتي نخرج منها، أما من يشتهي غني هذا العالم فيعيش في فقر داخلي لا تقدر أمور العالم أن تشبعه.

 

آيات 9، 10 :- و أما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء فيسقطون في تجربة و فخ و شهوات كثيرة غبية و مضرة تغرق الناس في العطب و الهلاك. لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ إبتغاه قوم ضلوا عن الإيمان و طعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة.

أما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء = ولم يقل الذين هم أغنياء فالغني ليس شراً إن:

1.     إستخدم الغني ماله بطريقة صحيحة وخدم به من هم فقراء محتاجين.

2.     لا يبالغ في تقييمه للمال.

3.     لا يسعى بشراهة لزيادته فمن يحبون المال لذاته يدفعهم حب المال لارتكاب الشرور كالرشوة والسرقة والظلم والكراهية بل والقتل (مت 6 : 24) + (يع 4 : 4). وينطبق هذا على الفقير الذى يظل يحلم بالغنى ولا يقتنع بما هو فيه (مر10: 24، 25).

ليس الغني وإنما الاستعباد للغني هو الذي يدفع الإنسان إلى الدخول فى تجارب وفخاخ وشهوات كثيرة غبية مضرة تدفع الناس للهلاك. ومن وجد الشبع في يسوع حقاً سيدرك تفاهة كل العالم (في 3 : 8) + (1 كو 1 : 5).

 

آية 11 :- و أما أنت يا إنسان الله فإهرب من هذا و إتبع البر و التقوى و الإيمان و المحبة و الصبر و الوداعة.

هي دعوة لتيموثاوس أن يترك ويهرب من محبة الغني الزمني ويطلب الغني الذي في المسيح، فكل مؤمن حقيقي يكون مختلفاً عن العالم أما من يغرق في لذات العالم فليس إنسان الله، والرسول يذّكره أنه إنسان الله وليس إنسان العالم. ونحن كلنا إنسان الله فلنطلب غنانا فيما هو لله.

 

آية 12 :- جاهد جهاد الإيمان الحسن و إمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت أيضا وإعترفت الإعتراف الحسن أمام شهود كثيرين.

هذه الحياة الغنية والمجيدة في المسيح، التي ترفعنا فوق الزمنيات تتطلب في المؤمن الجهاد المستمر والتمسك بالوعود الأبدية وأعلان إعترافنا أو شهادتنا الإيمانية أمام الجميع. جاهد جهاد الإيمان الحسن إذاً هناك جهاد حسن وهو الصلاة والصوم والخدمة والتعليم، وهذا في مقابل جهاد الأغنياء للحصول علي المال، فهو بجهاده الحسن يحصل علي أكاليل لا تفنى، وهؤلاء الجشعين يحصلون على أكاليل تفنى.الجهاد الحسن هو مثل الرياضي الذي يحرم جسده من الأكل الكثير ومن الراحة حتي يفوز بإكليل. واعترفت الإعتراف الحسن = هذا كان يوم قبل المعمودية. بجحد الشيطان وإعلان الإيمان بالمسيح، وعليه أن يظل شاهداً ومدافعاً عن إيمانه طول العمر.

 

آيات 13 – 16 :- أوصيك أمام الله الذي يحيي الكل و المسيح يسوع الذي شهد لدى بيلاطس البنطي بالاعتراف الحسن. أن تحفظ الوصية بلا دنس و لا لوم إلى ظهور ربنا يسوع المسيح. الذي سيبينه في أوقاته المبارك العزيز الوحيد ملك الملوك و رب الارباب. الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور لا يدنى منه الذي لم يره أحد من الناس و لا يقدر أن يراه الذي له الكرامة و القدرة الأبدية امين.

المعني إعترف وجاهر بالحق كما فعل المسيح نفسه. وإذ هي وصية خطيرة يشهد عليه الله الآب وإبنه المسيح لكي يحفظ إيمانه بلا دنس حتي النهاية، أي حتي المجيء الأخير، إلي ملاقاة السيد نفسه = الذي يحيي الكل إذاً أهمية حفظ هذه الوصايا أننا سنقوم مرة أخرى وندان على كل ما فعلناه، علينا أن نتمسك بإيماننا بالمسيح إلي يوم ظهوره = الذي سيبينه في أوقاته = أي أن الأب سيظهر إبنه في مجده آتياً للدينونة في الوقت المحدد، فمن شهد له وإعترف به سيعترف به المسيح ويمجده معه.

بلا دنس ولا لوم = أي يعترف إيمانياً بالمسيح ويحيا أيضاً بطهارة وبلا خطية، خصوصاً محبة المال وشهوته التي أشار إليها الرسول فيما سبق، ومجاهداً الجهاد الحسن منتظراً إكليله في السماء. والمسيح شهد أمام بيلاطس بالاعتراف الحسن حين قال ولهذا قد آتيت إلي العالم لأشهد للحق وأيضا حين سأله بيلاطس " أفأنت ملك " فأجاب أنت تقول" فهو لم ينكر أنه ابن الله ولم يؤكد أيضاً حتي يظل السر مخفياً عن الشياطين حتي الصليب. وأيضاً قال يسوع إن مملكته ليست من هذا العالم وأنه لهذا ولد. فالمسيح لخص عمله الفدائي وتأسيس ملكوته في كلمات قليلة أمام بيلاطس وأنه أتي ليؤسس مملكة الحق في مقابل مملكة الباطل التي أسسها إبليس، راجع (يو 18 : 33 – 19 : 11). وعلي كل منا أن يشهد لهذا الحق الذي شهده المسيح.

المبارك = أي الذي نقدم له تسبحة البركة بكونه واهب البركات.

العزيز = أي صاحب العزة والقوة والسلطان الذي لا يعلو عليه سلطان فإن كان يسمح لنا هنا ببعض الآلام فذلك ليس عن ضعف و إنما كطريق لدخولنا معه إلي أمجاده. بل أننا نري في شهادة المسيح الإله الجبار والذي كان في صورة ضعف أمام بيلاطس الضعيف أمامه صورة نقتدي بها، فنحن بالمسيح الذى فينا أقوياء جداً لكننا نبدو أمام العالم في صورة ضعف. فلنشهد به أمام العالم بلا خوف، لقد شهد بالحق فنشهد نحن بالحق خلال إتحادنا به، بهذا نقدم له الكرامة حينما نحمل إعترافه الحسن وتظهر سماته فينا. له وحده عدم الموت = إذ نشهد له هو وحده قادر أن يقيمنا ويعطينا حياة كلها مجد.

 

آيات 17 – 19 :- أوص الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا و لا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع.و إن يصنعوا صلاحا و أن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة و أن يكونوا أسخياء في العطاء كرماء في التوزيع.مدخرين لأنفسهم أساسا حسنا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الأبدية.

لئلا يفهم من حديثة السابق أنه هجوم علي الأغنياء نجده هنا يقدم وصايا للأغنياء، وأن عليهم أن يفهموا أن لا يضعوا رجاءهم في أموالهم فهي زائلة = غير يقينية الغني بل يضعوا رجاءهم في الله الحي. أن لا يستكبروا = هذه سقطة يسقط فيها الأغنياء عادة إذ يشعرون بقوة أموالهم، أما الأغنياء روحياً فنجد أنهم متواضعين، هم أغنياء بالسيد المسيح واهب الإتضاع. أما أغنياء الدهر الحاضر بالأموال نجدهم في اعتدادهم بالذات وثقتهم في أموالهم يستكبرون وبالتالي فالنصيحة التي يقدمها الرسول للأغنياء هي أن يكونوا أسخياء في العطاء أي يمارسوا أعمال الحب التي يبقي رصيدها سر غناهم الأبدي، فالغني وزنة مقدمة لهم لا لاكتنازها بل لتحويلها إلي كنز في السماء.

 

آيات 20 – 22 :- يا تيموثاوس إحفظ الوديعة معرضا عن الكلام الباطل الدنس و مخالفات العلم الكاذب الإسم. الذي إذ تظاهر به قوم زاغوا من جهة الإيمان. النعمة معك امين.

إحفظ الوديعة = أي الإيمان الحي المسلم مرة للقديسين (يه 3) أي حفظ نفسه وحفظ نفوس رعيته الذين أقيم عليهم رقيباً ثابتين في الإيمان والتقليد الذي سلمه له الرسول من قبل دون أن يتأثر هذا الإيمان بتشويش المعلمين الكذبة كالمتهودين أو الغنوسيين الذين كلامهم هو هرطقة وكلام باطل دنس ومخالفات العلم الكاذب الاسم = فالغنوسيون إستبدلوا الإيمان بالمعرفة، فسقطوا في العلم الكاذب فحيث لا يوجد إيمان لا توجد المعرفة الحقة، يتحول الإيمان الحي إلي تعبيرات وألفاظ لغوية بلا حياة أو خبرة، هذا الذي يفقد الإنسان حياته

الصفحة الرئيسية