النفاق الشرعي
التقية
في اللغة : الحيطة والحذر من الضرر والتوقي منه ، والتقية والتقاة بمعنى واحد، قال
تعالى : ( إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ) سورة آل عمران : 3 | 28
. أي تقية ، بالاتفاق. تاج
العروس 10 : 396 .
قال ابن
منظور : وفي الحديث : «قلت : وهل للسيف من تقية ؟ قال : نعم، تقية على اقذاء،
وهدنة على دخن» ومعناه : إنّهم يتقون بعضهم بعضاً، ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم
بخلاف ذلك . لسان العرب 15 : 401 . واُنظر : المصباح المنير| الفيومي 2 : 669 ، واساس
البلاغة ، الزمخشري 686.
وفي
الاصطلاح : فقد عرفها جمع من علماء المسلمين بألفاظ متقاربة
وعرفها
الشيخ الأنصاري (ت | 1282 هـ) بـ (الحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل
مخالف للحق) . تصحيح الاعتقاد الشيخ
المفيد : 66 . التقية الشيخ الأنصاري : 37 .
وقال
السرخسي الحنفي (ت | 490 هـ) : (والتقية : أن يقي نفسه من العقوبة ، وإن كان يضمر
خلافه) المبسوط | السرخسي الحنفي 24 : 45 .
وبهذا
النحو عرّفها آخرون. راجع تعريف التقية عند ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بشرح
صحيح البخاري 12 : 136 . وعز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي في قواعد الأحكام
في مصالح الأنام 1 : 107 . والآلوسي في روح المعاني 3 : 121 . والمراغي في تفسيره
3 : 137 . ومحمد رشيد رضا في تفسير المنار 3 : 280 وغيرهم .
والتقية
هي: ان تقول أو تفعل غير ما تعتقد لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك والتقية اسم مصدر من تقى يتقي،
أو من اتقى يتقي. والتقية هي : التحفظ عن
ضرر الغير بموافقته في قول او فعل مخالف للحق. راجع: التقية في إطارها
الفقهي ص 17.
قال
الرازي في تفسيره لآية سورة ال عمران 28 :{الا ان تتقوا منهم تقاة}اعلم ان للتقية
أحكاما كثيرة نذكر منها بعضها : ان
التقية إنما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار ، يخاف منهم على نفسه، وماله فيداريهم
باللسان ، بان لا يظهر العداوة باللسان بل يجوز أيضا ان يظهر الكلام الموهم
للمحبة والموالاة، ولكن بشرط ان يضمر خلافه وان يعرض في كل ما يقول ، فإن
للتقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب .راجع تفسير الرازي 8/13 .
وقال
الزمخشري في تفسيره لآية سورة ال عمران 28{ الا ان تتقوا منهم تقاة} : رخص لهم في
موالاتهم إذا أخافوهم، والمراد بتلك المولاة محالفة ، ومعاشرة ظاهرة والقلب مطمئن
بالعداوة، والبغضاء، وانتظار زوال المانع
من قصر العصا، وإظهار الطرية. راجع تفسير الكشاف 1/422 وتفسير غريب القران
للنيسابوري بهامش تفسير الطبري 1/277.
وقال
النسفي في تفسيره لآية{ ان تتقوا
منهم تقاة} الا ان تخافون جهتهم أمرا يحب اتقاؤه . اي ان يكون للكافر عليك سلطان
فتخافه على نفسك ، ومالك فحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة، وإبطان المعاداة. راجع
تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن 1/27.
قال ابو
العالية: التقية باللسان، وليس بالعمل. عن الحسن قال : سمعت أبا معاذ قال : ان
التقية باللسان من حمل على أمر
يتكلم به وهو لله معصية فتكلم مخافة على نفسه{ وقلبه مطمئن بالأيمان} فلا آثم عليه . راجع: جامع البيان 3/153.
والتقية:
هي أيضا الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير. راجع: فتح الباري 12/ 136؟
والتقية
هي: المحافظة على النفس والمال من شر الأعداء. راجع: تفسير آيات الأحكام للصابوني
1،402
قال
المراغي في تفسيره لآية ال عمران 28 { الا ان تتقوا منهم تقاة} اي ان ترك موالاة
المؤمنين للكافرين حتم لازم في كل حال من الأحوال الا في حال الخوف من شيء تتقونه
منهم ، فلكم حينئذ ان تتقوهم بقدر ما يتقي ذلك الشيء. والتقية هي: ان تقول أو تفعل
غير ما تعتقد لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك والتقية اسم مصدر من تقى يتقي، أو من اتقى يتقي.
والتقية هي : التحفظ عن ضرر الغير
بموافقته في قول او فعل مخالف للحق. راجع: التقية في إطارها الفقهي ص 17.
ثم يؤكد دلالة الآية على التقية - حيث استفاد ذلك العلماء
فيقول: قد استنبط العلماء من هذه الآية
جواز التقية .
وبعد تعريف التقية يعقب رابطاً هذه الآية بآية - 106 من سورة
النحل { فمن نطق بكلمة الكفر مكرهاً
وقاية لنفسه من الهلاك وقلبه مطمئن بالأيمان لا يكون كافراً ، يعذر كما فعل
عمار بن ياسر حين أكرهته قريش على الكفر فوافقها مكرهاً وقلبه مطمئن بالأيمان،
وفيه نزلت الآية راجع : روح البيان 5/ 136-137.
ولقد اختلف المسلمين في مقدار الضرر (الإكراه) الذي يبيح للمسلم
العمل بالتقية فقالوا: ان القتل وتلاف الأعضاء والضرب الشديد والحبس الطويل مبيح
للعمل بالتقية . لكنهم اختلفوا في الضرب اليسير والحبس كيوم او يومين . راجع : فتح
الباري 12/262.
لقد
أجازت التقية (النفاق) للمسلم ان يكفر بالله تعالى والقلب مطمئن بالايمان ،
عند الإكراه عليها.
مثاله - أن يقال له: اكفر بالله فيقول باللاهي; فيزيد الياء.
وكذلك إذا قيل له: أكفر بالنبي فيقول هو كافر بالنبي, مشددا
وهو المكان المرتفع من الأرض.
ويطلق على ما يعمل من الخوص شبه المائدة فيقصد أحدهما بقلبه
ويبرأ من الكفر ويبرأ من إثمه.
فإن قيل له: أكفر بالنبيء (مهموزا) فيقول هو كافر بالنبيء
يريد بالمخبر, أي مخبر كان كطليحة ومسلمة الكذاب. أو يريد به النبيء .راجع :الجامع
لاَحكام القرآن | القرطبي المالكي 10 : 180 . وأحكام القرآن | ابن العربي المالكي
3: 1177 | 1182 . والمبسوط | السرخسي الحنفي 24 : 48 . وبدائع الصنائع | الكاساني
الحنفي 7 : 175 ، ط2 ، دار الكتاب العربي ، بيروت | 1402 هـ . وأحكام القرآن |
محمد بن ادريس الشافعي 2: 114 ـ 115 ، دار الكتب العلمية ، بيروت|1400 هـ .
والمغني| ابن قدامة الحنبلي 8 : 26.
وإذا كان
كل هذا جائزاً عندهم في حال التقية ، فمن باب أولى جوازها عندهم في سائر أصول
العقيدة ، بل وفي سائر فروعها أيضاً .
تجويزهم أيضاً
السجود إلى الصنم في ما لو أُكره المسلم عليه . الجامع لاَحكام القرآن | القرطبي
10 : 180 . وتفسير ابن جزي الكلبي المالكي : 366 دار الكتاب العربي ، بيروت | 1403
هـ .