النفاق الشرعي
الاَحكام الشرعية الفرعية : إمّا عبادات
كالصوم والصلاة ، أو معاملات .
والمعاملات : إمّا أن تكون عقوداً مثل البيع
والشراء ، أو ايقاعات كالطلاق والعتق ، أو أحكاماً مثل الحدود والتعزيرات .
ومع كون التقية من الفروع الشرعية بلا خلاف ،
إلاّ أنّ فقهاء العامّة لم يفردوا لها عنواناً باسم التقية في كتبهم الفقهية ،
وإنّما بحث معظمهم مسائلها في قسم العقود من المعاملات ، وتحديداً في كتاب
الاِكراه .
والسبب في ذلك ، هو علاقة التقية بالاكراه مع
دخول كل منهما في أغلب الفروع الشرعية . وهذا السبب ليس كافياً في الواقع ،
فالشهادات مثلاً مع صلتها الوثقى بالقضاء ، ودخولها في أغلب الفروع إلاّ أنهم
أفردوا لها عنواناً، وكذلك الحال مع الاِقرار والصلح وغيرهما من العناوين الفقهية،
وهذا مايسجل ثغرة في المنهج الفقهي الخاص بترتيب مسائل الفقه وتبويبها .
بل ، وثمّة إشكال آخر على بحث مسائل التقية
تحت عنوان الاكراه ؛ لما مرّ سابقاً من انتفاء الاكراه في بعض أقسام التقية ،
ولهذا ترك بعضهم مسائلها موزعة على مواردها في أغلب الاَبواب الفقهية .
ومن هنا صار بحث التقية فقهياً بحثاً مضنياً يتطلب الرجوع إلى أبواب الفقه كافة ،
بغية الوقوف على مسائلها ، وهو ما حاولنا القيام به ، مع مراعاة الاختصار باجتناب
الاطالة ما أمكن ، والاكتفاء بالاَهم دون المهم ، والبعد عن كلِّ ما فيه من غموض
أو تعقيد .
2 ـ تجويزهم سب النبي صلى الله عليه وآله
وسلم في حال التقية . فتاوى قاضيخان | الفرغاني الحنفي 5 : 489 وما بعدها ، مطبوع
بهامش الفتاوى الهندية ، ط4، دار إحياء التراث العربي ، بيروت | 1406 هـ .
يقول الامام
الغزالي في احياء علوم الدين :
" اعلم ان
الكذب ليس حراما لعينه بل لما فيه من الضرر على المخاطب او على غيره ، فان اقل
درجاته ان يعتقد المخبر الشيء على خلاف ما هو عليه فيكون جاهلا وقد يتعلق به ضرر
غيره ، ورب جهل فيه منفعة ومصلحة ، فالكذب محصل لذلك الجهل فيكون مأذونا فيه،
وربما كان واجبا ".
راجع احياء علوم
الدين 3/137.
" الكلام
وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه
حرام،
وان أمكن التوصل
إليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان تحصيل ذلك القصد مباحا، وواجب ان
كان المقصود واجبا، كما ان عصمة دم المسلم واجبة.
فمهما كان في
الصدق سفك دم امرئ مسلم قد اختفى من ظالم فالكذب فيه واجب. ومهما كان لا يتم مقصود
الحرب أو إصلاح ذات البين ان استمالة قلب المجني عليه ألا بالكذب فالكذب فيه مباح.
راجع احياء علوم الدين 3/137.
قاعدة الضرورات
تبيح المحرمات :(إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله،
فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا آثم عليه ، ان الله غفور رحيم) بقرة 173 . راجع ألام للشافعي 4/172.
أجمع أهل العلم على أن من
أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل, أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن
بالإيمان,
ولا تبين منه زوجته ولا يحكم
عليه بحكم الكفر.
وذكر موسى بن معاوية أن أبا
سعيد بن أشرس صاحب مالك استحلفه السلطان بتونس على رجل أراد السلطان قتله أنه ما
آواه, ولا يعلم له موضعا.
قال: فحلف له ابن أشرس; وابن
أشرس يومئذ قد علم موضعه وآواه, فحلفه بالطلاق ثلاثا, فحلف له ابن أشرس, ثم قال
لامرأته: اعتزلي فاعتزلته; ثم ركب ابن أشرس حتى قدم على البهلول بن راشد القيروان,
فأخبره بالخبر; فقال له البهلول: قال مالك إنك حانث. فقال ابن أشرس: وأنا سمعت
مالكا يقول ذلك, وإنما أردت الرخصة أو كلام هذا معناه; فقال له البهلول ابن راشد:
قال الحسن البصري إنه لا حنث عليك. قال: فرجع ابن أشرس إلى زوجته وأخذ بقول الحسن.
وذكر عبد الملك بن حبيب قال:
حدثني معبد عن المسيب بن شريك عن أبي شيبة قال: سألت أنس بن مالك عن الرجل يؤخذ
بالرجل, هل ترى أن يحلف ليقيه بيمينه؟ فقال نعم; ولأن أحلف سبعين يمينا وأحنث أحب
إلي أن أدل على مسلم. راجع تفسير الطبري في تفسيره لآية سورة النحل 106.
مكرهاً . راجع:
الكشاف عن حقائق التنزيل 2،431.
عن ابن مسعود انه
قال: ما كلام يدرأ عني سوطين الا كنت متكلما به.وهذا قول الجمهور. راجع تفسير الرازي 20/123
من هنا لا غرابة في ان نسمع المسلمون من خلال وسائل أعلامهم
يستشهدون بآيات قرآنية بطل العمل بها
_ لاغية منسوخة _ لإظهار سماحة وعدالة ومسالمة الإسلام والمسلمين مع غير
المسلمين.
سؤال هل يوجد مسلم
يستطيع ان ينكر أباحة شريعة الإسلام للكذب ؟ . أم ترانا نفتري كذبا على الإسلام ؟.
راجع سورة مريم آية 26،{ فكلي واشربي وقرى
عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي اني نذرت للرحمن صوما}. وسورة النحل آية 106، وال عمران آية 28.
ولهذا أيضاً لا
غرابة في ان ينسب القران لله الخداع
والمكر . { ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم } {والله خير
الماكرين}{فالله المكر جميعاً}{فالله المكر جميعاً} راجع النساء 142الأنفال 30
والرعد 42 ويونس 21. وال عمران 54 الأعراف 99.
راجع: تفسير الطبري والقرطبي
وابن كثير في شرحهم وتفسيرهم لآيتين سورتي النحل 106 وال عمران 28. راجع أيضا :
احياء علوم الدين للغزالي باب الكذب. والمغنى لابن قدامه باب الكذب.
راجع: التقية في
إطارها الفقهي ص 17. راجع تفسير الرازي 8/13 20/123. راجع تفسير الكشاف 1/422. وتفسير غريب القران
للنيسابوري بهامش تفسير الطبري 1/277. راجع تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن
1/277. راجع: الكشاف عن حقائق التنزيل 2،431. راجع : تفسير روح البيان 5/84 5/ 136-137. راجع: جامع البيان 3/153. راجع: فتح
الباري 12/ 136.
راجع: تفسير آيات الأحكام للصابوني 1،402.
راجع : جامع احكام القران للقرطبي 10/ 120. الصارم والمسلول في شاتم الرسول 223.
يقول ابن تيمية في الصارم والمسلول
في شاتم الرسول 223:
{ ان كان المؤمن بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فالعمل بآية
الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، واما
اهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال
الذين أوتوا الكتاب}. راجع الصارم والمسلول في شاتم الرسول 223.
وقال ابن تيمية أيضا ــ في كلامه عن الكفار ــ (وقد يقاتِلون وفيهم مؤمن يكتم إيمانه يشهد القتال معهم ولا يمكنه الهجرة، وهو مكره على القتال، ويُبعث يوم القيامة على نيته، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «يغزو جيش هذا البيت، فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خُسِفَ بهم، فقيل: يا رسول الله، وفيهم المكره، قال يبعثون على نياتهم». وهذا في ظاهر الأمر وإن قُتِل وحكم عليه بما يُحكم على الكفار فالله يبعثه على نيته، كما أن المنافقين منا يُحكم لهم في الظاهر بحكم الإسلام ويُبعثون على نياتهم. والجزاء يوم القيامة على مافي القلوب لاعلى مجرد الظواهر، ولهذا روي أن العباس قال: يا رسول الله كنت مكرها، قال «أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فإلى الله») (مجموع الفتاوى) 19/ 224 ــ 225، وله مثله في (منهاج السنة) 5/ 121 ــ 122.