أشعياء
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
المقدمة
الملوك الذين عاصرهم إشعياء النبي :
ملك وهو إبن 16 سنة وملك 52 سنة، عمل ما هو مستقيم في عيني الرب ولكنه لم ينزع المرتفعات وكان أبرصاً ولذلك بقي في بيت المرض. وكان يوثام هو الذي يحكم ( 2 أي 26 :3 ). بدأ عزيا بدآية حسنة فأنجحه الله وخرج وحارب وهزم الفلسطينيين وإمتد أسمه إلي مدخل مصر حيث أنه تشدد جداً وبني أبراجاً وامتدت الزراعة في أيامه وكان له جيش قوى (307500) مسلحين بآخر إختراعات الحرب ولكن إرتفع قلبه ودخل ليبخر أمام مذبح البخور فإجتمع حوله 80 كاهنا يقولون له ليس لك يا عزيا. فحنق عليهم وفي يده المجمرة وعند ذلك خرج البرص في جبهته أمام الكهنة فطردوه. ولما مات دفنوه في حقل المقبرة بدلاً من مدافن الملوك بسبب برصه. وفي السنة الثانية والخمسين لملكه ملك فقح بن رمليا علي إسرائيل وفي أيامه جاء لتغلث فلاسر ملك أشور وسبا جزء كبير من إسرائيل. هو مثال لمن بدأ حسناً وباركه الله ووفقه ثم تكبر فسقط.
2- يوثام
كان إبن 25 سنة حين ملك، وملك 16 سنة وعمل ما هو مستقيم أمام الرب إلا أنه لم يزيل المرتفعات وحاربه رصين ملك أرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل (2مل 15 : 37). وكان السبب في ذلك فساد الشعب (2أي 27 : 2)
3- أحاز
ملك في السنة 17 لفقح بن رمليا وملك وهو إبن 20 سنة وملك 16 سنة ولم يعمل المستقيم في عيني الرب إلهه كداود أبيه. وسار في طريق ملوك إسرائيل وعبر إبنه في النار وذبح وأوقد في المرتفعات وأغلق أبواب الرواق وأطفأ سرج المنارة ولم يوقد بخوراً ولم يصعد محرقات (2 أي 29 :7). وصعد عليه رصين ملك أرام وفقح ملك إسرائيل وحاصروا يهوذا ولكنهم لم يقدروا أن يغلبوه ولكنهم أخذوا منه إيله وقتل فقح من يهوذا 120.000 قتيل وقتل إبن الملك وسبا منهم 200.000 من النساء والبنين. وكان نبي في إسرائيل رفض السبايا وأمر بعودتهم فأعادوهم (2 أي 28) وضربه كذلك الأدوميين.
وأرسل أحاز رسلا لتغلث فلاسر قائلا أنا عبدك وأبنك، اصعد وخلصني من يد ملك أرام وملك إسرائيل، وأرسل له الذهب والفضة التي كانت في بيت الرب هدية. فصعد ملك أشور وقتل رصين ملك أرام (دمشق) وأخذها وسباها. وكان رأي إشعياء عدم التحالف مع أشور لأنه رأي بروح النبوة أن الله سيخلص بدون اللجوء لأشور، أما اللجوء لأشور فسيجلب الذل علي يهوذا وصعد أحاز إلي دمشق ليؤدي فروض الولاء والطاعة لتغلث فلاسر ملك أشور. وهناك رأي مذبح أشوري فأعجبه فأمر بصنع مثله للهيكل (ربما لإرضاء ملك أشور) ووضع المذبح الأساسي جانباً وأصبحت الذبائح تقدم عليه. ونزع المر حضة من علي الثيران ووضعها علي رصيف من الحجارة. وفي السنة الثانية عشرة لأحاز ملك هوشع بن إيله علي السامرة. وفي أيام هوشع صعد عليه ملك أشور وأوقع عليه الجزية، واكتشف ملك أشور أن هوشع يتأمر مع مصر فحاصره 3 سنين ثم سبا إسرائيل. وتفاصيل خطايا إسرائيل مذكورة في (2مل 17) التي بسببها وقع السبي. ومن خطايا أحاز أنه ذبح لآلهة أرام وكان منطقه أن هذه الآلهة تساعد ملك أرام وحينما يذبح هو لها سوف تساعده وحينما مات دفنوه في المدينة ولم يرضوا أن يأتوا به لمقابر ملوك يهوذا لشروره، ومن أشهر أعماله أنه صنع ساعة (مزولة) علي درجات سميت درجات أحاز.
الحالة السياسية في أيامه : كانت يهوذا محصورة بين قوتين عظميين هما مصر وأشور وهذا جعلهم يفكرون في التحالف مع واحدة ضد الأخرى.
4- حزقيا :
ملك في السنة الثالثة لهوشع ملك إسرائيل وكان عمره 25 سنة ملك 29 سنة وعمل المستقيم وأزال المرتفعات وفتح الهيكل ورممه وطهره وأمر الكهنة أن يتقدسوا وعمل فصحاً عظيماً وكسر التماثيل وقطع السواري وأزال حية النحاس(نحو شتان) وسحقها لأن اليهود عبدوها. ولم يكن مثله. وفي أيامه نهب شلمنآصر وسبا إسرائيل ثم بعد 5 سنين من صعودهم علي إسرائيل صعدوا علي يهوذا وأخذوا كل مدنها الحصينة ووقعوا علي حزقيا جزية فدفعها ولكنهم لم يكتفوا وحاصر سنحا ريب ملك أشور أسوار أورشليم وأهان الرب. وصلي حزقيا فمات (185000) من جيش أشور حسب نبوة إشعياء وهرب الباقي وقتل سنحا ريب ابناه في هيكل نسروخ إلهه. ومرض حزقيا بعد ذلك وأخبره إشعياء أنه سيموت ولكنه حزن وصلي فزاد الرب من عمره 15 سنة وشفاه وأعطاه علامة برجوع الظل علي درجات أحاز (10 درجات) ثم أرسل له بروذخ بلادان ملك بابل هدية ففتح لهم أبواب القصر وأبواب الهيكل فجاءه إشعياء وقال له كل ما أريتهم إياه سيأخذونه وحدث هذا في سبي باب فعلاً.
5- منسي :
ابن حزقيا وهو أشر ملوك إسرائيل. وهو الذي قتل إشعياء نشراً بمنشار خشبي لتوبيخه إياه. وكان إشعياء يزيد عن التسعين عاماً. إلا أن منسي قد تاب في أواخر أيامه.
إشعياء النبي الإنجيلي :
دعي إشعياء النبي الإنجيلي، من يقرأ سفره يظن أنه يقرأ إنجيلاً عن المسيح وعمله الكفاري. وأسماه الآباء أيضا،ً أى دعوا سفره الإنجيل الخامس أو إنجيل إشعياء أو إنجيل الخلاص. وأقتبس منه كتاب العهد الجديد 21 نصاً مباشراً بالإضافة إلي تلميحات كثيرة، ويتميز سفر إشعياء بنبوات كاملة عن المسيح:
1) ميلاده من عذراء (7: 14).
2)لاهوته (9: 6).
3) أنه من نسل يسي (11 :1).
4) ممسوح لأجلنا (11 :2).
5) معلن الحق للأمم (42 : 1).
6) يسلك بالوداعة (42 : 2).
7) واهب الرجاء للكل (42 : 3).
8) هروبه إلي مصر (19: 1-2).
9) آلامه وصلبه (50 : 6 + 53 : 1-12).
10) فتح طريق الفرح للمفديين بقيامته (35 : 8-10).
11) تحدث عن الروح القدس (11 : 2، 32 : 15، 42 : 1، 44 : 3 ).
1) تنبأ إشعياء في أيام الملوك عزيا ويوثام وأحاز وحزقيا وإستشهد في أيام منسي بن حزقيا الذي أتهمه بالتجديف لقوله أنه رأي الله حيث نشره بمنشار خشبي وكان منسي هذا أشر ملوك يهوذا وكان هذا لأنه وبخه علي أعماله.
2) بدأ نبوته في أخر سنة لعزيا أي أنه تنبأ نحو 60 سنة، ويقول التقليد اليهودي (التلمود) أنهم حين كانوا يعذبون إشعياء بنشره عطش وطلب ماء فرفضوا إعطائه ماء فأخرج له الله عين سلوام وكان سنه حوالي 92 سنة وأشار بولس لحادثة نشره في (عب 11 : 37 ) وقد عاصره من الأنبياء هوشع وعاموس وميخا.
3- معني الاسم إشعياء، الرب يخلص وهذا الاسم يتوافق مع ما في سفره كل الموافقة، فهو يتحدث عن خلاص الله العجيب (45 : 20-22) وليس أسمه فقط بل أن أسماء أولاده لها دلالات نبوية : فالأول أسمه شآر يشوب أي البقية سترجع، وقد أخذ إشعياء معه هذا الابن لأحاز ليقول له أن البقية سترجع من السبي حين سباهم إسرائيل. وأسم الآخر "مهير شلال حاش بز (مهير = سريع، شلال = يسرق، حاش = يسرع، بز = ابتزاز وسلب) فيكون معني الاسم يعجل السلب ويسرع الغنيمة والنهب إشارة إلي أن ملك أشور سيحمل ثروة دمشق والسامرة. لذلك قال عن أولاده هاأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب آيات وعجائب في إسرائيل (8 : 8) ويضاف لهذا أنه هو نفسه سار حافياً عرياناً لمدة 3 سنوات كنبوة عن سبي مصر وكوش فهكذا كانوا يفعلون بالأسري حتي إذا سأله أحد لماذا أنت عريان ؟ يقول هكذا سيحدث للمصريين الذين تريدون الاتكال عليهم وهكذا عمل الله مع هوشع إذ طلب منه أن يتزوج من زانية وطلب من حزقيال أن ينام علي جنبه عدة أيام. وأيضاً سمي إشعياء زوجته النبية.
4- كان مثقفاً ثقافة عالية، وغالبية كتاباته ذات أسلوب شعرى رائع ذو مستوي عالٍ. ونجد دعوته للنبوة في ص 6 إذ رأي السيد المسيح في مجده.
5- يقال في الدراسات الحديثة أن هناك 3 كتاب أو كاتبين علي الأقل لسفر إشعياء. وأن من كتب الإصحاحات (40 - 66) غير من كتب الإصحاحات الأولي لاختلاف الأسلوب وطريقة الكتابة. وأصحاب هذه الآراء بنو افتراضاتهم هذه بناء علي استحالة أن يذكر إشعياء أسم كورش صراحة (ص 44، 45) قبل أن يولد كورش بعشرات السنين. ونرد علي ذلك بالآتي :
أ- لم يقل أباء اليهود بهذا أبداً والسبعينية نسبت السفر لواحد فقط.
ب- لا نستبعد أن يتنبأ إشعياء باسم كورش قبل أن يولد كورش فالروح القدس هو الذي ألهمه. والكتاب كله موحي به من الله. ويوسيفوس المؤرخ اليهودي قال أن كورش نفسه حين رأي هذه النبوة أصدر أمراً ببناء الهيكل (عز 1 : 1-3) فهل سينخدع ملك ذكي مثل كورش بهذا.
ج- توجد اصطلاحات مشتركة في كل السفر.
د- أستطاع الدارسون لشعر شكسبير أن يحددوا مراحل مختلفة لشكسبير تدل علي مراحل تطور تفكيره مع أنه كتب خلال 25 سنة، بينما ظل إشعياء يكتب لمدة 60 سنة من الطبيعي أن يتغير أسلوبه خلالها فهي فترة طويلة.
ه- هناك حادثة في الكتاب المقدس مشابهة لذكر أسم كورش قبل مولده فقد تنبأ أحد الأنبياء باسم يوشيا الملك الصالح قبل مولده ب 300 سنة ( 1 مل 13 : 1، 2).
و- أستخدم العهد الجديد حوالي 90 آية من إشعياء نسبها كلها لإشعياء وليس لكتاب آخرين. إلا أن المعاندين ردوا علي هذا بأن قالوا أن كل من كتب هذا السفر أسمهم إشعياء وسموهم إشعياء الأول وإشعياء الثاني وإشعياء الثالث. و واضح أن هذا مجرد عناد لا معني له إلا إنكار النبوة.
6- كان إشعياء من نسل ملوكي فهو أبن أموص أخو أمصيا أبو عزيا الملك ولذلك كان دخوله للقصر أمراً سهلاً.
7- كانت نصيحة إشعياء عدم التحالف لا مع مصر ولا مع أشور (فهما قوى سياسية وثنية ستجر البلاد للوثنية بالإضافة لاعتماد يهوذا علي ذراع بشري) ومع هذا أرسل احاز لتغلث فلاسر ملك أشور لينقذه من يد إسرائيل وسوريا. وقدم له ما في الهيكل وفعلاً سانده ملك أشور ثم إحتقره فيما بعد ولم يسانده (2 أي 28 : 20، 21)
8- كان إشعياء ذو نفس منكسرة وقلب منسحق (6 :5)" ويل لي أنا إنسان نجس الشفتين " وكانت أحشاؤه تئن علي بني شعبه (21 :3) بل وعلي الأمم وعلي أعدائه فشابه المسيح.
أ- تشمل نبوات إشعياء عدة مواضيع:
أ- مجد الأيام الأخيرة ب- نبوات عن مجيء المسيح
ج- نبوات عن أمم كثيرة د- تعاليم وتعزيات روحية
ه- إطلاع اليهود علي شرورهم و- الدعوة للتوبة وتعزية الأتقياء.
ز- تأكيد مجيء المسيح وعلي المؤمنين الانتظار.
10- يشمل هذا السفر 66 إصحاحاً ومع أن تقسيم الكتاب لإصحاحات هو عمل بشري إلا أننا نلاحظ أن يد الله امتدت لهذا العمل وأصبح سفر إشعياء بإصحاحاته ال 66 يمثل الكتاب المقدس بأسفاره ال 66، بل يمكن تقسيم السفر إلي قسمين الأول 39 إصحاح (= عدد أسفار العهد القديم) وهو يعالج حالة الشعب الماضية).
الثاني 27 إصحاح (= عدد أسفار العهد الجديد) وتعالج سقوط الإنسان الأول ومجيء السيد المسيح.
الإصحاحات 1- 39 تؤكد كراهية الله للخطية وتأديب الخطاة العاصين
الإصحاحات 40- 66 تعلن خلاص الله العجيب للخطاة من كل الشعوب والأمم
و الإصحاحات من 40 - 55 يندر أن نجد فيها آية لا نستطيع أن نبدأ بها كرازة عن المسيح كما حدث في قصة فيلبس والخصي الحبشي.
11- في ص 42 نسمع عن عبد الرب، فتارة نسمع أنه عبد مختار وموضع سرور للرب وتارة نسمع أنه عبد أصم وغير أمين. الأول يتكلم عن المسيح آدم الثاني. والثاني يتكلم عن آدم الأول أو شعب إسرائيل الذي حطمته الخطية فجاء السيد المسيح ليحطم سلطانها.
عزيا
52
يوثام
16
أحاز
16
حزقيا
29
منسى
55
يوشيا
31
يهو أحاز
1/4
يهوياقيم
11
يهوياكين
1/4
صدقيا
11
سبي بابل
795
608
597
586
ق.م.
أشور
بابل
الفرس
536 ق.م.
الممالك العظمى في التاريخ والتي لها تأثير على شعب الله:
· ظلت أشور هي المتسلطة حتى قامت دولة بابل سنة 606 ق.م. (نبوخذ نصّر) وفي هذه المدة بدأت غزوات بابل ليهوذا.
· سقطت بابل وقامت دولة الفرس بقيادة كورش الملك سنة 536 ق.م.
فقح بن رمليا
20 سنة
فترة
ثورات
هوشع بن إيلة
9
حصار أشور
3
سبي أشور لإسرائيل
مملكة إسرائيل
نهاية مملكة إسرائيل ( مملكة العشرة أسباط)
عزيا
52
يوثام
16
أحاز
16
حزقيا
29
منسى
55
مملكة يهوذا
شلمنآصّر الملك الذي قام
سنحاريب حاصر أورشليم
تغلث فلاسر
بسبي إسرائيل
قتله أبناه في هيكل نسروخ
أسر حدون
مملكة أشور
علاقة ملوك إسرائيل ويهوذا وأشور في تلك الفترة
الإصحاح الأول
هدف إشعياء هو الكشف عن إنجيل الخلاص أو أن تتمتع البشرية بالمخلص لذلك يبدأ بكشف مدي ما وصلت إليه البشرية من فساد وخلال سفر إشعياء يقول الوحي أن كل الأمم (مصر وأشور... الخ) استحقت التأديب. إذاً فلا خلاص إلا بالتدخل الإلهي وهو فتح باب الرجاء بالمخلص الآتي:
آية (1) رؤيا اشعياء بن أموص التي رآها على يهوذا و أورشليم في أيام عزيا و يوثام و أحاز و حزقيا ملوك يهوذا.
لفظة رؤيا = المشاهدة العقلية أو الإعلانات الإلهية وهو في حالة يقظة فالأنبياء رأوا الأمور المستقبلة كأنهم نظروا إلي صورها وهم لا يعرفون بعدها الزمني، أي متي ستحدث مثلما قال إشعياء "ها العذراء تحبل..." وحدث هذا بعد 700 سنة ولكنه ذكره كأنما هو أمام عينيه. و الرؤيا غير الحلم، فالرؤيا يكون فيها الرائي مستيقظاً ولكنها حالة روحية تعمل فيها النعمة لإزالة العوائق. لذلك يسمي النبي "رائي" فهو يري ما يتكلم به ويتنبأ به (عد 24 : 4) لذلك يتكلم بتأكيد.
آية (2) اسمعي أيتها السماوات و أصغي أيتها الأرض لان الرب يتكلم ربيت بنين و نشأتهم أما هم فعصوا علي.
فيها توبيخ للشعب وفي لغة شعرية يشهد السموات التي شهدت فجورهم والأرض التي لعنت. والسماء قد تكون الملائكة أو الطبيعة الجامدة والأرض قد تكون باقي الشعوب أو الطبيعة الجامدة. ربيت بنين = يكشف فيها عن أبوته لعلهم يتوبون، فهو لم يعاملهم حسب خطيتهم بل رعاهم في محبة وأمّن لهم حياتهم كأبناء. ولا شيء يحزن نفس الأب سوي فشله في تربية أولاده.
آية (3) الثور يعرف قانيه و الحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم.
هنا نري أن الحيوانات صارت أحكم منهم فهي تعرف ما ينفعها وبالغريزة تسير وراء صاحبها. ولكن الخطية هي أسوأ أنواع الجهل فهي تسقط الإنسان لدرجة أقل من الحيوان، وهذا قيل عن من سبق الله وأسماهم إبني البكر.
آية (4) ويل للأمة الخاطئة الشعب الثقيل الآثم نسل فاعلي الشر أولاد مفسدين تركوا الرب استهانوا بقدوس إسرائيل ارتدوا إلي وراء.
الثقيل الإثم = فالخطية حمل ثقيل وهم خطاياهم قد ازدادت جداً. أولاد مفسدين = أي يعلمون غيرهم الشر. قدوس إسرائيل = جاءت هذه العبارة في هذا السفر نحو 30 مرة ولم ترد في سائر أسفار الكتاب المقدس سوي 5 مرات وتكرارها إثبات أن إشعياء هو كاتب السفر كله.
الآيات (5، 6 ) على م تضربون بعد تزدادون زيغانا كل الرأس مريض و كل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جرح و إحباط و ضربة طرية لم تعصر و لم تعصب و لم تلين بالزيت.
الله يضرب بواسطة وسائل متعددة ليجذب شعبه للتوبة. وهنا هو يضرب بواسطة الأمم المجاورة. وكانوا قبلاً يستفيدون ويتوبون ولكن الآن تقست قلوبهم فهم كالمريض الذي لا يرجي شفاؤه. " إني كل من أحبه أؤدبه"
الرأس = إذاً لا قوة علي التدبير ولا إرادة في عمل وصايا الله. القلب سقيم = إذاً لا عاطفة ولا حرارة حب نحو الله. وهذا ينطبق علي الجميع. من القدم للرأس = أي من أصغر فرد للشعب إلي الرئيس حتي الكهنة والقضاة (قارن مع عب 12 : 5-11) علي م تضربون بعد = صارت الضربات بلا فائدة. ضربة طرية لم تعصر = قروح لم تنظف بعد. إشارة لأن التأديب لم يأتي بثماره والخطية مازالت فيهم كالقيح في الجروح (أثار الضربات). لم تلين بالزيت= كان هذا واجب الكهنة وخدام الله أن يشرحوا للشعب ويقربوه من الله ولكن الكهنة هم أيضاً غارقين في خطاياهم إحباط = كدمات وأثار جروح. صارت الجراحات قاتلة ونزف الدم غير متوقف وليس من يتحرك لينقذ ولا من يقدم زيت محبة ليلين الضربة القاسية.
الآيات( 7 - 9 ) بلادكم خربة مدنكم محرقة بالنار أرضكم تأكلها غرباء قدامكم و هي خربة كانقلاب الغرباء. فبقيت ابنة صهيون كمظلة في كرم كخيمة في مقثاة كمدينة محاصرة. لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم و شابهنا عمورة.
قارن مع (تث 28 : 15) بلادكم خربة = قد يكون في هذا إشارة لأن هذه النبوة كانت في أيام أحاز. تأكلها غرباء قدامكم = إشارة لمدي ذل إسرائيل. كانقلاب الغرباء = لو كان جيرانهم هم الذين أخذوا البيوت والحقول لحفظوها ولكن الغرباء يحرقون ويدمرون كل شيء. المظلة أو الخيمة = هي وقتية، وتوجد وحدها بلا بيوت حولها، إذا هي مكشوفة بعد أن خرب ما حولها. مقثأة = حقل قثاء أي أن الخيمة مكشوفة في هذا الحقل كما كانت أورشليم أمام طالبيها وهذا حدث فعلاً في أيام غزوة سنحا ريب إذ أحرق 46 مدينة من يهوذا وحاصر أورشليم نفسها بعد ذلك.
بقية صغيرة = من رحمة الله أنه يبقي بقية مثل نوح ولوط وكالب ويشوع وإيليا أيام أخاب من هذه البقية تخرج أمة جديدة. فالله لا ينسي الأمناء وسط الضربات، وبسببهم لا يحطم كل الشعب الفاسد. وهنا يذكر إشعياء لأول مرة كلمة البقية التي أشتهر بها سفره وأقتبسها منه بولس الرسول ( رو 9 : 29)
آية (10) اسمعوا كلام الرب يا قضاة سدوم إصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة.
قضاة سدوم وشعب عمورة = فهم شابهوهم في فسادهم.
الآيات (11 - 15) لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب اتخمت من محرقات كباش و شحم مسمنات و بدم عجول و خرفان و تيوس ما اسر. حينما تأتون لتظهروا أمامي. من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري.لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة البخور هو مكرهة لي رأس الشهر و السبت و نداء المحفل لست أطيق الإثم والاعتكاف.رؤوس شهوركم و أعيادكم بغضتها نفسي صارت علي ثقلا مللت حملها.فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم و إن كثرتم الصلاة لا اسمع أيديكم ملآنة دما.
هنا يهاجم النبي العبادة المظهرية فهم يقدمون الذبائح وهم مصرين علي خطاياهم. يهتمون بكلام الناس وقلوبهم بعيدة عن الله، لذلك يقول الله هنا ذبائحكم ولا يقل ذبائحى تدوسوا دوري= كانوا يكثرون من دخول الهيكل لتقديم ذبائحهم وهم في خطاياهم بلا توبة. أيديكم مملؤة دماً= من القتل وظلم المساكين. وكانوا يعبرون أولادهم في النار ويظلمون الفقراء ويستولون علي ما عندهم. لذلك فالله هنا حين يقول ذبائحكم فكأنه يتبرأ مما يقدمونه بل منهم هم شخصياً. وهذا الكلام قد يناسب عصر حزقيا وعزيا حيث سادت العبادة المظهرية خوفاً من الملك.
آية (16) اغتسلوا تنقوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني كفوا عن فعل الشر.
إغتسلوا = أي تطهروا من أعمالكم الشريرة وتنقوا ونحن نغتسل مرة بالمعمودية ثم بالتوبة وما يعطي قوة للمعمودية والتوبة هو دم السيد المسيح "غسلوا ثيابهم في دم الخروف" "أغسلني فأبيض أكثر من الثلج" وطبعا هنالا يقصد الله الغسل الظاهري والتطهيرات الناموسية بل يقصد التوبة أي قطع كل علاقة مع الخطية فهذا هو الطريق الوحيد للشركة مع الله.
آية (17) تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق أنصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة.
سمعنا في آية (16) عن التوبة السلبية أي اعتزال الشر وهنا نسمع عن التوبة الإيجابية أي فعل البر وهنا نري سمة السيد المسيح فينا.
آية (18) هلم نتحاجج يقول الرب إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف.
آية جميلة تعبر عن الصفح الكلي والسيد المسيح قال "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" هنا الرب كقاض وقد نزل عن كرسيه وجلس بجانب المذنب وأخذ يكلمه باللطف ويظهر له عظمة ذنبه ويحرضه علي الإصلاح ويعده بالغفران التام والبراءة بشرط أن يعده بأن لا يعود يخطيء. هنا نري شوق الله نحو خلاص كل إنسان، هو يطلب المصالحة ولا يواجه العناد بالعناد، إنما يسكب زيتاً مرطباً علي الجراحات. عظيمة هي قوة التوبة التي تنقي فنصير كالثلج في بياضنا.
هلم نتحاجج = تعالوا نتجادل بالحجة، فالله يود لو اقتنعنا بخطيتنا وأقررنا بها ونأتي طالبين الغفران فيغفر.
آيات (19، 20) إن شئتم و سمعتم تأكلون خير الأرض. و إن أبيتم و تمردتم تؤكلون بالسيف لان فم الرب تكلم.
قارن مع (لا 26، تث 28 : 15) هنا يضعنا الله أمام حرية الاختيار والله في العهد القديم كان يعطي وعوداً مادية كرمز للبركات الروحية في العهد الجديد.
آية (21) كيف صارت القرية الأمينة زانية ملآنة حقا كان العدل يبيت فيها و أما الآن فالقاتلون.
زانية= هناك زني جسدي وزني روحي أي الانفصال عن الله وتركه لنسير وراء خطايا أو وراء آلهة أخري ويا للأسف بعد أن كانت ملآنة حقاً وكانت يبيت العدل فيها صارت زانية يملؤها القاتلون.
آية (22) صارت فضتك زغلا و خمرك مغشوشة بماء.
الفضة= تشير للكنوز التي أودعها الله في نفس الإنسان (الوصايا وتقوي الله والإيمان والمحبة والطهارة أي كل الوزنات الروحية) زغلاً = رمز لشكليات العبادة ودخول حكمة العالم البشرية لحياة الإنسان. والفضة رمز لكلمة الله (مز 12) والإنسان الشكلي لا يحمل كلمة الله في داخله فيحيا بها بل يرددها دون تنفيذ.
الخمر= يشير للفرح الروحي. والخمر المغشوشة بماء = ماء العالم ولذاته التي من يشرب منها يعطش. وطبعاً كل من كانت عبادته مظهرية لن يكون له فرح حقيقي، بل ستكون أفراحه أفراح عالمية مغشوشة خادعة، فقلبه لا يحمل حباً حقيقياً إذاً هو بلا فرح حقيقي.
آية (23) رؤساؤك متمردون و لغفاء اللصوص كل واحد منهم يحب الرشوة و يتبع العطايا لا يقضون لليتيم و دعوى الأرملة لا تصل إليهم.
لغفاء = هم أصدقاء اللصوص. جمع لغيف وهو من يأكل مع اللصوص ويحفظ ثيابهم ولا يسرق معهم. فالرؤساء هنا لهم منظر الرئاسة وصورة التقوى والدفاع عن الضعفاء ولكنهم يتسترون علي الظالمين بسبب حب الرشوة.
آية (24) لذلك يقول السيد رب الجنود عزيز إسرائيل اه أني أستريح من خصمائي و انتقم من أعدائي.
هنا نري اشتياق الله لخلاص الإنسان وأن الله سينتقم من الشيطان بقوة.
آية (25) و أرد يدي عليك و انقي زغلك كانه بالبورق و انزع كل قصديرك.
هنا نري أن الله يضرب لينقي ويؤدب. البورق= يتم تنقية الفضة من الزغل بنار وبعض أنواع الأملاح.
آية (26) و أعيد قضاتك كما في الأول ومشيريك كما في البداءة بعد ذلك تدعين مدينة العدل القرية الأمينة.
الله يريد أن يعيد للإنسان كرامته الأولي فيكون كقاض حكيم. وقد تم ذلك بعد السبي فعلاً فقد أرسل الله لشعبه قضاة وولاة أتقياء مثل عزرا ونحميا وزر بابل... الخ ولكن هذا الوعد سيتم بصورة واضحة في المسيح وكنيسته.
آية (27) صهيون تفدى بالحق و تائبوها بالبر.
الحق= هو السيد المسيح. وصهيون تفدي بالحق = أي المسيح يفدي كنيسته بر المسيح = نلبس المسيح ليكون هو برنا.
آية (28) و هلاك المذنبين و الخطاة يكون سواء و تاركو الرب يفنون.
هنا نري أن الفناء سيكون مصير من لا يقبل الفداء.
آية (29) لأنهم يخجلون من أشجار البطم التي اشتهيتموها و تخزون من الجنات التي اخترتموها.
كانوا يقيمون مذابحهم تحت ظل أشجار البطم، وفي الجنات = أي الحدائق. والمعني أن الشعب سيشعر بالخجل حين يعلم أن هذه الأوثان التي طالما عبدوها لم تستطع أن تخلصهم من الضربات التي أتت عليهم.
آية (30) لأنكم تصيرون كبطمة قد ذبل ورقها و كجنة ليس لها ماء.
الصديق يكون كشجرة مثمرة وأما الخاطئ فكالهباء الذي تذريه الريح. فالذبول والجفاف علامة توقف الحياة في الجسد. ونلاحظ أنه حينما ذكر البطمة في آية 29 أستغلها في تشبيهه هنا. ولكن المعني أن من يسير وراء الأوثان يكون مثلها (بلا عقل ولا سمع ولا نظر ولاحواس ميت مثلها كشجرة بطم)
آية (31) و يصير القوي مشاقة و عمله شرارا فيحترقان كلاهما معا و ليس من يطفئ.
المشاقة = هي ما يبقي بعد مشط الكتان ويصلح لإيقاد النار. يصير القوي = أي الرؤساء الذين تقدم ذكرهم في عدد 26 وعمله شراراً = فالشر يحرق صاحبه. وقد يقصد عمله أي الأوثان التي عملوها. ولكن بنظرة عامة فالشر يحرق صاحبه ويكون هلاك الخطاة بواسطة الشرور التي اشتهوها وسعوا وراءها كمن يترك الله لأجل المال. وبعد ما ينال المال يجده تعباً وتجربة لبيته ولنفسه. أو من يتبع لذات العالم ويجدها مراراً وليس فيها لذة حقيقية لا للجسد ولا للنفس. ومن يفضل مجد الناس علي مجد الله فيكون نصيبه الإهانة والاحتقار من الناس.
ليس من يطفئ = لا يكون لها منقذ ولا معين.
الإصحاح الثاني
هنا يتكلم عن مجد المسيحية ودخول عديدين لها وأنها ستدخل السلام للعالم، وتبدأ هذه الموعظة بأيام مجيء المسيح حين تبدأ أورشليم السماوية بنهآية أورشليم الأرضية (عب 12 : 22 + غل 4 : 26) فحينما حزن إشعياء علي خراب أورشليم رفع الله عينيه ليري أورشليم الجديدة أي الكنيسة.
وغالباً فهذا الإصحاح كتب في أوائل أيام أحاز حيث الأرض مملوءة ذهباً وفضة وأيضاً امتلأت الأرض أصناما وهذا لم يكن في أيام عزيا أو حزقيا أو يوثام.
آية (1) الأمور التي رآها اشعياء بن أموص من جهة يهوذا و أورشليم.
أنشغل قلب النبي بمصير يهوذا وأورشليم وربما بكي عليهم فعزاه الرب بهذه الرؤيا كما فعل الرب مع دانيال وحزقيال.
الآيات (2-4) و يكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتا في رأس الجبال و يرتفع فوق التلال و تجري إليه كل الأمم.و تسير شعوب كثيرة و يقولون هلم نصعد إلى جبل الرب إلى بيت اله يعقوب فيعلمنا من طرقه و نسلك في سبله لأنه من صهيون تخرج الشريعة و من أورشليم كلمة الرب.فيقضي بين الأمم و ينصف لشعوب كثيرين فيطبعون سيوفهم سككا و رماحهم مناجل لا ترفع امة على امة سيفا و لا يتعلمون الحرب في ما بعد.
هذه الآيات وردت بالنص في ( مى:4 : 1-4) وكأن الله يريد أن تقوم كلمته علي فم شاهدين. فالروح القدس الذي
أوحي لإشعياء بهذه المواعيد الثمينة التي تشير لكنيسة العهد الجديد هو نفسه الذي أوحي لميخا بهذا. هنا نري
تأسيس الكنيسة المجيدة وسر مجدها أن مسيحها في وسطها.
آية (2) ويكون في أخر الأيام = عبارة إصطلاحية عند الأنبياء تعني إما أيام الإنجيل ونهآية اليهود كشعب الله أو نهآية العالم.
جبل بيت الرب = المسيح هو الجبل الذي رآه دانيال يملأ الأرض كلها (دا 2 : 35) وهو صخرتنا (1 كو 10 : 4) والمسيح أسس كنيسته علي جبال فهو هزم الشيطان علي جبل وقدم تعاليمه علي جبل وصلب علي جبل وتجلي علي جبل وصعد علي جبل. لأن الجبال تدل علي الثبات والعلو وهو صخرتنا الثابتة. فيه نحتمي وهو العالي السماوي وهكذا الكنيسة فهي ثابتة وسماوية. وبيت الرب هو جسد المسيح أي كنيسته التي سيؤسسها في أخر الأيام أي أيام مجيئه وفدائه. فيكون جبل بيت الرب هو المسيح بجسده. يكون ثابتاً في رأس الجبال = فهو رأس الكنيسة والمؤمنين فيها تشبهوا بمسيحهم فصاروا جبالاً، وهو رأس هذه الجبال. ويرتفع فوق التلال مهما أرتفع أي شيء آخر (كالناموس وشرائعه) لن يزيد عن كونه تلاً بالمقارنة بالجبال، وهذا هو سمو المسيحية. وتجري إليه كل الأمم = أمام هذا السمو يجري إلي المسيح وكنيسته جميع الشعوب معلنين إيمانهم به، حين يرون تأثير وجود المسيح في وسط كنيسته، وأنه سرقوه وفرح وعزاء كنيسته.
آية (3) هلم نصعد إلي جبل الرب = كل واحد يدعو الآخر للإيمان بالمسيح. ولنلاحظ أن القانون الطبيعي أن الماء ينزل من الأعالي ومن رؤوس الجبال للوديان ولكن عمل نعمة الروح القدس هو أن يأخذهم الروح ويصعد بالمؤمنين إلي السماويات. تسير شعوب كثيرة = هنا نري زيادة عدد المؤمنين بكثرة والكل يحاول أن يحيا في السماويات. بيت إله يعقوب = يعقوب هنا إشارة للكنيسة التي شابهت يعقوب في إيمانه وجهاده مع الله. فيعلمنا من طرقه هنا نري دور الروح القدس الذي يعلمنا كل شيء ( يو 14 : 26) لأن من صهيون تخرج الشريعة = معروف أن شريعة اليهود خرجت من سيناء لذلك فهو هنا يتحدث عن شريعة جديدة هي المسيحية التي تخرج من أورشليم للمسكونة كلها. الشريعة هنا هي الكتاب المقدس الذي سيصير دستوراً للإيمان. ومن صهيون كان يجب أن يخرج الإنجيل لكي تتضح العلاقة بين العهد الجديد والعهد القديم وأنه لا تعارض بينهما. وفي أورشليم عاش المسيح وصلب وقام وصعد إلي السموات وتلاميذه بدأوا خدمتهم أولاً من أورشليم. وإذاَ فالمسيح خرج من أورشليم وهو كلمة الرب ومنها خرجت الكرازة (من أورشليم) بواسطة الرسل.
آية (4) فيقضي بين الأمم = الأمم التي عاشت علي العداوة والحروب سابقاً بعد أن آمنوا بالمسيح صاروا يسلكون بالسلام والمحبة، ويتحول بولس مضطهد المسيحية إلي بولس أعظم كارز بالمسيحية. وينصف شعوب كثيرين = هذه الأمم كانت بعيدة عن الله فظلمها الشيطان وجاء المسيح لينصفها ويخلصها من يده.
فيطبعون سيوفهم سككاً = السكة هي جزء حديدي تحرث به الأرض هنا نري وصف للسلام الذي يتمتع به المؤمنين وهم عوضاً عن الحرب سيحرثون أرضهم ويعيشون في سلام وفي عمل بناء. وروحياً فعوضاً عن أن يهتم المؤمن بالحروب والخصومات مع أعدائه سيهتم بأن يحرث نفسه ليتوب وينقي أرضه لكي تصير صالحة وتثمر فيها كلمة الله ويصبح بهذا سماوياً. المناجل = أدوات زرع وحصاد، وهكذا كان بولس يزرع ويروي والله ينمي، هو كان يكرز ويحصد في حقل الله. بل أن هذا حدث حرفياً فالحروب قلت جداً أيام المسيح وحدث سلام بين السماء والأرض، وأخذوا يعتنون بالمرضي والأسري، أما في الماضي فكانت الحروب مذابح حتي للنساء والأطفال. فيطبعون سيوفهم = أي يتحول حديدها لأشياء نافعة. وروما تحولت من سفك الدماء إلي كرسي روما.
آية (5) يا بيت يعقوب هلم فنسلك في نور الرب.
هلم فنسلك في النور = المسيح هو نور العالم والكنيسة صارت نور للعالم بالمسيح الذي فيها. هذه دعوة لليهود أن يرفعوا البرقع من علي عيونهم ويؤمنوا بالمسيح الذي جاء ليخلصهم. أما في زمن إشعياء فهذه تعني أن لنا مستقبل مجيد فلنسلك بطهارة وتوبة وبما يليق بهذا المستقبل.
آية (6) فانك رفضت شعبك بيت يعقوب لأنهم امتلئوا من المشرق و هم عائفون كالفلسطينيين و يصافحون أولاد الأجانب.
الخطاب هنا موجه لله أنه رفض شعبه بسبب خطاياهم ولنلاحظ أن رفض اليهود كان بدآية لقبول الأمم وانتشار المسيحية في العالم كله (رو 11 : 12- 15). إمتلأوا من المشرق = أي خرافات المشرق مثل السحر. العائفون = هم من يتفاءلون ويتشاءمون من أصوات الطيور وعليها يحسبون المستقبل (كمن يتشاءم الآن من صوت البوم) يصافحون أولاد الأجانب = معجبون بوثنيتهم.
الآيات ( 7، 8) و امتلأت أرضهم فضة و ذهبا و لا نهآية لكنوزهم و امتلأت أرضهم خيلا و لا نهآية لمركباتهم. و امتلأت أرضهم أوثانا يسجدون لعمل أيديهم لما صنعته أصابعهم.
استغنوا من المظالم واستغلال حقوق المساكين والضعفاء وجاء لهم جيوشاً للحرب اعتمدوا عليها وليس علي الله وهذا عكس ما يطلبه الله، فالله يطلب الاعتماد عليه فقط وليس الاعتماد علي المال والقوة، لذلك تركهم الرب.
آية (9) ينخفض الإنسان و ينطرح الرجل فلا تغفر لهم.
وينخفض الإنسان = هذا ما يحدث لمن يعبد الأوثان إذ ينحني لصنعة أيديه بدلاً من السجود لخالقه.
الآيات (10 - 22) تشير للخراب الذي حدث لليهود بسبب كبريائهم، وهذا الخراب جزئياً أيام أشور وكليا في أيام بابل ثم الرومان، بل يشير لخراب كل متكبر أمام الله ولا مهرب من هذا الخراب سوي بالالتجاء إلي الله والهروب له.
الآيات (10 - 11)ادخل إلى الصخرة و اختبئ في التراب من أمام هيبة الرب و من بهاء عظمته. توضع عينا تشامخ الإنسان و تخفض رفعة الناس و يسمو الرب وحده في ذلك اليوم.
هنا نري الله يعرض حلولاً للهرب من هذا الخراب.
1- الإتضاع = إختبيء في التراب = قال إبراهيم حين وقف أمام الرب "أنا تراب ورماد". وموسي قال أنا مرتعب ومرتعد. والعكس حينما يبتعد الإنسان عن الله تزداد ثقته في نفسه وقدراته (برج بابل كمثال) ولكن يأتي يوم حين يقول هؤلاء المتكبرين للجبال غطينا (رؤيا 6 :15) حين يسمو الرب وحده في ذلك اليوم
2- الدخول إلي الصخرة = والصخرة هي المسيح. أي الثبات فيه والإختفاء فيه وهكذا دخل موسي إلي الصخرة ليري مجد الله (خر 33).
الآيات (12-14) فان لرب الجنود يوما على كل متعظم و عال و على كل مرتفع فيوضع. و على كل أرز لبنان العالي المرتفع و على كل بلوط باشان. و على كل الجبال العالية و على كل التلال المرتفعة.
أرز لبنان العالي = كنآية عن المتكبرين والملوك والقادة المتعجرفين، الجبال العالية = الممالك العظمي، التلال المرتفعة = الممالك الصغرى المتكبرة. وليس شيء يحطم كبرياء الإنسان مثل ملاقاته مع الله فيكشف انه لا شيء ويتحطم كبريائه ولكن لا تتحطم نفسه بل يشفي ويمتلئ رجاء في الرب.
آية (15) و على كل برج عال و على كل سور منيع.
كان عزيا قد بني أبراجاً في البرية وفي أورشليم (2 أي 26 : 9، 10) وكذلك يوثام، ويكون المعني ببطل الاتكال علي الذراع البشري. وهذا هو معني الآيات القادمة أيضاً (16، 17) أي بطل الاتكال علي القوة. والأبراج العالية تشير أيضاً للبر الذاتي.
الآيات (16، 17) و على كل سفن ترشيش و على كل الأعلام البهجة. فيخفض تشامخ الإنسان و توضع رفعة الناس و يسمو الرب وحده في ذلك اليوم.
ترشيش هي الجزء الجنوبي من أسبانيا ولذلك كانت سفن ترشيش أكبر السفن وأعظمها. وترشيش تشير للإنهماك في التجارة والمال والترف والغني علي حساب الاهتمام بالنفس ظانا في الغني أنه مصدر سلام.
الآيات (18، 19) و تزول الأوثان بتمامها. و يدخلون في مغاير الصخور و في حفائر التراب من أمام هيبة الرب و من بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الأرض.
هذه تحققت حرفياً بعد سبي بابل، فقد زالت العبادة الوثنية تماماً بعد السبي، الذي اختبأ فيه الناس في مغاير الصخور وحفائر التراب = حين يتخلي الإنسان عن كل ما إعتمد عليه ويجد نفسه محروماً من كل ما إعتبره حمآية له.
آيات (20،21) في ذلك اليوم يطرح الإنسان أوثانه الفضية و أوثانه الذهبية التي عملوها له للسجود للجرذان و الخفافيش. ليدخل في نقر الصخور و في شقوق المعاقل من أمام هيبة الرب و من بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الأرض.
عندما يكتشف الإنسان بطل العبادة الوثنية يلقي بالأوثان التي كان يعبدها. وهذا سيحدث بعد أن تنكسر كبريائهم كما سبق. وهذا ما حدث بعد سبي بابل فعلاً. شقوق المعاقل = يهربون من الحصار المفروض عليهم وهذا ما حدث فعلا حين حاول صدقيا الملك الهرب من شقوق السور فألقي البابليون القبض عليه وقتلوه.
ملحوظة : قد يكون تحقيق الآيات (10 : 21) في أيام المجيء الثاني بعد الختم السادس فكثير من آيات الدينونه
تنطبق علي الأيام الأخيرة.
آية (22) كفوا عن الإنسان الذي في انفه نسمة لأنه ماذا يحسب.
أي لا تعودوا تعظمون البشر (حدث هذا مع هيرودس فأكله الدود ومع نبوخذ نصر فجن وصار كالحيوان) الذي في أنفه نسمة = أي ضعيف ويموت سريعا. أي عليكم أن تدركوا خطأ الاعتماد علي الذراع البشري وليصمت كل إنسان فهو لا شيء.
الإصحاح الثالث
هم اتكلوا علي أشياء مادية مثل البشر ووفرة الخبز والماء ولذلك سينزع الله منهم كل ما اعتمدوا عليه ليخجلوا، ثانياً فإن الله أعطاهم خيرات كثيرة وعوضاً عن أن يشكروه حولوا الخيرات لإشباع شهواتهم، لذلك سيحرمهم الله منها وسينزع الله كل رجالهم فلا يتبقي سوي الأطفال يحكمونهم فيضلونهم فيخربون. وذلك ليس للإنتقام بل ليعودوا إلي الله مصدر شبعهم.
موضوع هذا الإصحاح مشابه لموضوع الإصحاح الثاني وفيه نري سوء حال الشعب في عصر إشعياء ونبوة بالمصائب الآتية عليهم. وهم بسبب تجديفهم وكبائرهم سيدّمروا بالجوع والفتن والحروب الأهلية الناتجة من قبض أناس جهلاء علي زمام الحكومة وتشويشها ونجاة الصديقين منهم من هذا العقاب وأن نسائهم بسبب خلاعتهن واهتمامهن بالزينة سيعاقبن بوقوعهن في السبي.
آية (1) فانه هوذا السيد رب الجنود ينزع من أورشليم و من يهوذا السند و الركن كل سند خبز و كل سند ماء.
نزع السند = ينزع الله ما نستند عليه لنكتشف ضعفنا بدون الله ونلجأ لله مصدر الشبع الحقيقي. فالجوع الحقيقي هو الجوع عندما لا يجد الإنسان كلمة الله (عا 8 : 11). هوذا = إشارة لقرب وقوع ذلك، وحدث هذا فعلاً فى حصار أشور ثم حصار بابل، سند خبز وسند ماء = بدل أن يستندوا علي الرب استندوا علي وفرة الخبز والماء (لذلك حرمهم إيليا ثلاث سنين ونصف سنة من المطر).
الآيات (2، 3) الجبار و رجل الحرب القاضي و النبي و العراف و الشيخ. رئيس الخمسين و المعتبر و المشير و الماهر بين الصناع و الحاذق بالرقية.
نفس المعني فالله سينزع رجال الحرب والصناعة. وحينما ينزع الحكماء والفاهمين سيحكم هذا الشعب الجهلاء والضعفاء. لقد أقام لهم الله ملوكاً عظماء كموسي وداود ولكن حين أنحرف الجميع ملوكاً وشعب أعطاهم قادة ضعفاء حتي يتعلموا أن يعودوا له ويستندوا عليه. الحاذق بالرقية = أي الذي يستخدم السحر والمعني أن الله سينزع من وسطهم السند الكاذب كما نزع السند الحقيقي من قبل (الخبز والماء والرجال). ونلاحظ أنه مع مثل هؤلاء البعيدين عن الله حين ينزع منهم الله السند يلجأون في ظلامهم للأمور الخرافية من دجالين وعرافين لتسكين مخاوفهم ولذلك حتي هؤلاء سينزعهم الله من وسطهم فلا يكون أمامهم سوي الالتجاء لله وحده.
آية (4) و اجعل صبيانا رؤساء لهم و أطفالا تتسلط عليهم.
أجعل صبياناً = ملك أحاز وعمره 20 سنة ومنسي كان عمره 12 سنة. وكان أحاز من صفاته التردد والجبن. وأطفالاً تتسلط عليهم = كان مشيرو الشعب مثل الأطفال في ضعفهم وجهلهم ويسلكون كصبيان وحين يضرب الراعي تتبدد الرعية.
آية (5) و يظلم الشعب بعضهم بعضا و الرجل صاحبه يتمرد الصبي على الشيخ و الدنيء على الشريف.
هنا نري أن الشعب سيظلم بعضه بعضاً فلا توجد قيادة حكيمة عادلة.
الآيات (6،7)إذا امسك إنسان بأخيه في بيت أبيه قائلا لك ثوب فتكون لنا رئيسا و هذا الخراب تحت يدك.
يرفع صوته في ذلك اليوم قائلا لا أكون عاصبا و في بيتي لا خبز و لا ثوب لا تجعلوني رئيس الشعب.
الآن نجد الشعب يعاني من محنة التخلي، فقد تخلي عنهم الله. ولكنهم عوضاً عن أن يلجأوا لله لجأوا للإنسان الذي ليس له سوي ثوبه أي مظهره الخارجي، فهم ما زالوا ينخدعون بالمظاهر الخارجية. وسيخزي من يتكل علي البشر. لا أكون عاصباً = أي أضمد الجراحات، هذا جزاء من يطلب مخلصاً بشرياً (مز 146 :3) وهذا الخراب تحت يدك = أي كل الخراب الذي أمامك نحن نملكك لتصلحه ولكن هذا الإنسان يستعفي من هذه المهمة كطبيب يستعفي من معالجة مريض ميئوس من شفائه ولا يريد الطبيب أن يموت المريض في يده.
الآيات (8،9) لان أورشليم عثرت و يهوذا سقطت لان لسانهما و أفعالهما ضد الرب لإغاظة عيني مجده. نظر وجوههم يشهد عليهم و هم يخبرون بخطيتهم كسدوم لا يخفونها ويل لنفوسهم لأنهم يصنعون لأنفسهم شرا.
إذاً سبب ما حدث لهم أنهم يغيظون الله. ونظر وجوهم يشهد عليهم = أي عينيهم فيها وقاحة وبلا ندم مثل أهل سدوم. وعدم الندم علي الخطية هو مصيبة في نظر الله والأصعب أنهم لا يخفونها، هنا نري فقدان الحياء إذ يخبرون بخطيبتهم. ولكن يمكن فهمها بأن لكل خطية علامات تظهر علي الوجه وتشوهه، هي بصمات الخطية وحرمانهم من عمل النعمة فيهم.
الآيات (10 ،11) قولوا للصديق خير لأنهم يأكلون ثمر أفعالهم. ويل للشرير شر لان مجازاة يديه تعمل به.
للصديق خير = فالله لا ينسي القلة الأمينة، كما نجا لوط فالله لا ينسي تعب المحبة. إذاً فالصديق سيكون بمأمن من هذا العقاب.
آية (12) شعبي ظالموه أولاد و نساء يتسلطن عليه يا شعبي مرشدوك مضلون و يبلعون طريق مسالكك.
ملوك يهوذا الأخيرين منسي ملك وعمره 12 سنة وأمون 22 سنة ويوشيا 8 سنين (كان استثناء إذ كان قديساً) ويهوياكين 18 سنة وصدقيا 21 سنة والكل كانوا أشراراً. وليس هذا فقط فكل المشيرين والحكماء كالأطفال ونساء يتسلطن عليه = قد تعني أن حكامهم تحت سلطة نساء شريرات أو نساء شريرات يحكمن عليهم كما حدث مع إيزابل وعثليا (وإيزابل تسلطت علي أخاب) ومرشدوك = أي الأنبياء وكان هناك أنبياء كذبة كثيرين. "وإن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون" (مت 6 : 23)
آية (13) قد انتصب الرب للمخاصمة و هو قائم لدينونة الشعوب.
الله لا يسكت علي الشر كثيرا.
آية (14) الرب يدخل في المحاكمة مع شيوخ شعبه و رؤسائهم و انتم قد أكلتم الكرم سلب البائس في بيوتكم.
الله يحاسب الرؤساء أولا. سَلبُ البائس في بيوتكم = لا تقدرون أن تنكروا. فما سرقتموه من البؤساء هو فى بيوتكم.
آية (15) ما لكم تسحقون شعبي و تطحنون وجوه البائسين يقول السيد رب الجنود.
الله يقيم نفسه محامياً ومدافعاً عن المظلومين.
الآيات (16 - 24) و قال الرب من اجل أن بنات صهيون يتشامخن و يمشين ممدودات الأعناق و غامزات بعيونهن و خاطرات في مشيهن و يخشخشن بأرجلهن. يصلع السيد هامة بنات صهيون و يعري الرب عورتهن. ينزع السيد في ذلك اليوم زينة الخلاخيل و الضفائر و الأهلة. و الحلق و الأساور و البراقع. و العصائب و السلاسل و المناطق و حناجر الشمامات و الاحراز. و الخواتم و خزائم الأنف. و الثياب المزخرفة و العطف و الأردية و الأكياس. و المرائي و القمصان و العمائم و الأزر. فيكون عوض الطيب عفونة و عوض المنطقة حبل و عوض الجدائل قرعة و عوض الديباج زنار مسح و عوض الجمال كي.
يتشامخن = في آباحية وكبرياء (قارن مع اتي 2 :9) واهتمام النساء بالزينة المبالغ فيها له مضار
1) هوضار أمام الفقيرات.
2) قد يدفع هذا الأزواج لظلم الفقراء للحصول علي المال.
3) علي هؤلاء النسوة آن يهتموا برأي الله فيهن عوضاً عن الاهتمام برأي الناس.
ملحوظة: أسماء الملبوسات المستخدمة هنا مع الزينة المذكورة ليست عبرانية وهذا دليل أن نساء صهيون أردن أن يقلدن الأجنبيات (يلبسن حسب الموضة). أما أولاد الله الذين يبررهم الله فيلبسون ثياباً بيض. وهذا ما يجب أن يهتم به الناس أن يلبسوا المسيح ليتبرروا عوضاً عن لبس آخر موضة ليرضوا الناس.
غامزات بعيونهن = علامة الفساد لجذب الرجال. وهذه الخلاعة تشبهن فيها بالأمم يخشخشن = وضع خلاخيل (موضة تلك الأيام) ولاحظ أن هذه الموضة صارت بلا معني الآن. مرائي = ملابس شفافة.
يٌصلع = الشعر تاج المرأة فالله سيجعلها قبيحة حتي تعود له بالتوبة فيستر عليها فيكون عوض الطيب عفونة = في السبي عملن كجواري فاحت منهن رائحة العرق. والطيب هو رائحة المسيح الزكية التي يجب أن تفوح منا فإن تركناه تفوح رائحة الخطية العفنة. عوض الجمال كي = الكي علامة العبودية وهذه العبودية نتيجة الخطية إن لم نقدم أعضائنا آلات بر، نُسبَي ونستعبد للخطية. عوض المنطقة حبل = الحبل يربطن به لسحبهن للسبي كذليلات.
الآيات (25،26) رجالك يسقطون بالسيف و أبطالك في الحرب. فتئن و تنوح أبوابها و هي فارغة تجلس على الأرض.
تنوح أبوابها وهي فارغة = أبواب المدن القديمة كانت لمرور أهل المدينة، منها يخرجون ويدخلون، وكانت مكاناً للجلوس والكلام. أيضاً كان القضاة يجلسون عند الأبواب للمحاكمات. والنبوءة بأن أبواب أورشليم تصير فارغة تدل علي سقوط الهيئة الاجتماعية كلها.
وتجلس علي الأرض = هنا نري أورشليم وهي مشبهة بإمرأة قد إنحطت إلي آخر درجة من الهوان والفقر وقد سك الإمبراطور فسباسيانوس مسكوكاً تذكاراً لافتتاح أورشليم وعليه صورة امرأة حزينة جالسة إلي الأرض وتحت الصورة كتابة ترجمتها "يهودية مسبية".
الإصحاح الرابع
آية (1) فتمسك سبع نساء برجل واحد في ذلك اليوم قائلات نأكل خبزنا و نلبس ثيابنا ليدع فقط اسمك علينا انزع عارنا.
المعني قلة الرجال الناتجة من الحروب (2 أي 28 :6) ولقد قتل فقح بن رمليا 120.000 من يهوذا في يوم واحد إنزع عارنا = أي ليكن لنا أولاد لأن القدماء لم يعرفوا الحياة بالمعني الذي نعرفه الآن وأنها حياة ممتدة لما بعد الموت، فكان عدم الإنجاب عار لأن إسم الأسرة سيموت ويندثر بل إن النساء يطلبن هنا ما هو ضد الطبيعة، أي أن تعمل هي وتأكل وتشرب من تعبها.
المعني الروحي = هذه الآية تشير لأن الحاجة ماسة جداً لمخلص ينزع العار ويستر الخطايا وان النساء (البشر) أحست بالعقم وعدم ثمر الحياة فأمسكن السبعة (رقم كامل يشير لليهود والأمم) برجل واحد هو (المسيح) قائلات أنزع عارنا، ليدع أسمك علينا، ليكون لنا ثمر ولا نكون بعد عبيد. لقد شعروا بفساد طبيعتهم واحتياجهم إلي مخلص.
في ذلك اليوم = يوم مجيء السيد المسيح، ومجده أضاء للرعاة والمجوس ومجده أضاء عيني سمعان الشيخ، فمجيء السيد المسيح هو العلاج الوحيد للإنسان ليرد له كرامته وجماله. وهذه الآية تنسب لإصحاح (3) كما لإصحاح (4)
آية (2) في ذلك اليوم يكون غصن الرب بهاء و مجدا و ثمر الأرض فخرا و زينة للناجين من إسرائيل.
كانت نهآية الإصحاح السابق عن خطايا الشر (النساء) وطلب النساء من رجل واحد أن ينزع عارهن. والسبع نساء يمثلن كل الكنيسة. ففي سفر الرؤيا تحدث المسيح مع 7 كنائس رمز لكل الكنيسة. والرجل الواحد هو المسيح والكنيسة تطلب منه أن ينزع عارها بأن يطلق أسمه عليها. لذلك نجد الآيات التالية إبتداء من آية (2) إصحاح (4) تتكلم صراحة عن هذا الرجل الوحيد أي المسيح الذي سينزع عار الكنيسة.
في ذلك اليوم = أي ملء الزمان، زمن ملك المسيح علي كنيسته، هو بشارة بمجيئه غصن الرب = راجع أر (23 : 5 + 33 : 15 + زك 3 : 8 + 6 :12) هو غصن باعتبار ناسوته وغصن الرب باعتبار لاهوته فهو أبن الله ولكن من نسل داود من ناحية تجسده. وكلمة ناصرة = غصن لذلك دعي المسيح ناصرياً (مت 2 : 23) إشارة لكونه غصن الرب. ونصبح كلنا أغصان مطعمين في ذلك الغصن. ثمر الأرض = باعتبار ناسوته و ولادته البشرية وهو سمي نفسه حبة حنطة، فهو أبن الإنسان. بهاء = بدخوله إلي العالم أعلن البهاء الإلهي. للناجين من إسرائيل = الذين يؤمنون به ينجون من الدينونة، هو مجدهم وبهاؤهم وجمالهم وقوتهم (لذلك لا يذكر العهد الجديد عن رجل أنه قوي أو امرأة أنها جميلة فهو قوتنا وجمالنا.
آية (3) و يكون أن الذي يبقى في صهيون و الذي يترك في أورشليم يسمى قدوسا كل من كتب للحياة في أورشليم.
بعد سبي بابل كان هناك بقية عادت مع زربابل ويشوع الكاهن وقد تابت تماماً وتنقت من عبادة الأوثان. وبعد خراب أورشليم تبقي هناك بقية آمنت بالمسيح. يبقي في صهيون = المقصود صهيون الحقيقية الروحية أي الكنيسة.
يترك في أورشليم = فاليهود الرافضين للمسيح يعتبر أنهم تركوا أورشليم الحقيقية
قدوساً = سمي المؤمنين قديسين في أماكن متعددة (راجع رسائل بولس الرسول)
كل من كتب للحياة = أصل هذا التشبيه أن اليهود من عادتهم أن يكتبوا جميع المولودين من كل بيت في كتاب خاص (قارن مع في 4 : 3 + رؤ 3 : 5 + رو 1 :7).
آية (4) إذا غسل السيد قذر بنات صهيون و نقى دم أورشليم من وسطها بروح القضاء و بروح الإحراق.
غسل السيد قذر بنات = غسل خطايانا في المعمودية في استحقاقات دمه ولا يزال يغسل كل ضعفاتنا بدمه حين نقدم توبة مع اعتراف.
روح القضاء = الصليب، روح الإحراق = الروح القدس الذي كان علي شكل السنة نار. وهو مازال يدين الخطية داخلنا (قضاء) ويحرقها ويلهب عواطفنا بالحب نحو المسيح (إحراق) نقي دم أورشليم = يقول القديس بولس الرسول "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2 كو 5 : 17) فالمسيح بروح القضاء وبروح الإحراق نقي دم المسيحيين وقدس الكنيسة وغسلها.
الآيات (5، 6) يخلق الرب على كل مكان من جبل صهيون و على محفلها سحابة نهارا و دخانا و لمعان نار ملتهبة ليلا لان على كل مجد غطاء. و تكون مظلة للفيء نهارا من الحر و ملجأ ومخبأ من السيل و من المطر
معناها أن الله بعد أن يطهر الشعب يعاملهم بالرحمة ويمنحهم نعماً خاصة ويحامي عنهم وتكون الكنيسة بالنسبة لأولاد الله مظلة وملجأ ومخبأ من آلام العالم التي هي حر النهار والسيل والمطر. فالرب يظلل على يدك اليمني (هذا بالنسبة لحر النهار) والكنيسة هي فلك نوح (بالنسبة للسيل والمطر أي لجج الخطية) والرب يقول من يقبل إليّ لا أخرجه.
سحابة نهاراً ودخاناً = هو يقود الكنيسة فهو الحافظ والمرشد. والدخان والسحاب لحجب مجد الله الذي لا نحتمله. وكان السحاب دائماً يظهر مرافقاً لمجد الله.
علي كل مكان = فالله ما عاد يقصر نفسه علي شعب اليهود بل إن محبته تشمل الكنيسة في كل مكان، وهو أقام من نفسه مظلة تحمي نفوس أولادها.
لأن علي كل مجد غطاء = لا يحتمل أحد ونحن ما زلنا في الجسد أن يري مجد الله ومن وراء السحاب نري ما يسمح به الله لأننا لا نري الله ونعيش طالما نحن في الجسد. وتعتبر الآلام التي تعانيها الكنيسة في هذا العالم غطاء لمجدها الداخلي فكل مجد ابنة الملك من داخل. وعلي كل نفس أن تخبئ مجدها في الداخل.
علي محفلها = يشير لعمل الرب في الكنيسة كمحفل واحد أو جماعة واحدة، كل فرد مرتبط بباقي الجماعة كما بالرب.
الاصحاح الخامس
يسمي هذا الإصحاح نشيد الكرم، وهو توبيخ لأهل أورشليم ويهوذا علي خطاياهم وأستخدم التشبيه مثل كرم َوفرَ الله له كل أسباب النمو والخصب فجاء بثمر ردىء. ثم بين الله ماسينزله عليهم من عقاب. والثمر الذي ينتظره الرب هو الحياة المقدسة وذبائح الشكر والتسبيح.
آية (1) لانشدن عن حبيبي نشيد محبي لكرمه كان لحبيبي كرم على أكمة خصبة.
لأنشدن عن حبيبي = أي أن النبي ينشد عن لسان الله حبيبه هذا النشيد وهو يستخدم المثل للشرح ليجعل كلامه مقبولاً لدي الناس فهو سيتكلم كلاماً صعباً وسيقول أن الله سيرفضهم. ولنلاحظ أن هذا المثل موجه لكل خاطئ في كل زمان. كرم = هو الشعب اليهودي شعب الله والكنيسة تسمي أيضاً كرم. كرم علي أكمة = الأكمة مكان مرتفع وأورشليم مرتفعة فالرب رفع شعبه وحملهم علي أجنحة النسور (مز 19 :4) والكنيسة سماوية مرتفعه خصبة = الكنيسة مخصبة ومثمرة. هكذا يجب أن تكون.
آية (2) فنقبه و نقى حجارته و غرسه كرم سورق و بني برجا في وسطه و نقر فيه أيضا معصرة فانتظر أن يصنع عنبا فصنع عنبا رديئا.
نقبه = حرثه ونزع الشوك والأعشاب الرديئة منه. كرم سورق = سورق أسم وادي فيه أفضل الكروم، فهم شعب مختار. نقي حجارته طرد من أمامهم الكنعانيين ونقاهم من العبادة الوثنية. والله بالمعمودية ينتزع منا قلب الحجر ليكون لنا قلب لحم (حز 11 :9) بني برجاً = البرج يكون للمراقبة، لاكتشاف الأعداء، والله أعطاهم خيمة وهيكل وشريعة وناموس وكهنة ويسيج حولهم وكان لهم سوراً، وأحاطهم برعايته وعنايته حتي أن نعالهم
لم تبلي وأباد أعداؤهم من أمامهم. والبرج الآن هو الإتحاد مع الرب يسوع ووجود قيادات روحية وكنسية. معصرة = لعصر العنب وعمل خمر الحب الذي يقدم للفرح الروحي. لذلك ظن الناس أن التلاميذ سكارى حين حل عليهم الروح القدس. فأنتظر عنباً = المقصود أن الله ينتظر منا الثمر، حبنا له مقابل حبه لنا وتوبتنا مقابل غفرانه لخطايانا.
آية (3) و الآن يا سكان أورشليم و رجال يهوذا احكموا بيني و بين كرمي.
هذه هي طريقة الرب أن يكتشف كل واحد خطأه.
آية (4) ماذا يصنع أيضا لكرمي و أنا لم اصنعه له لماذا إذ انتظرت أن يصنع عنبا صنع عنبا رديئا.
هنا يترك لهم الحكم ليفكروا ويحكموا علي أنفسهم ويدينوا أنفسهم.
آية (5) فالآن أعرفكم ماذا اصنع بكرمي انزع سياجه فيصير للرعي اهدم جدرانه فيصير للدوس.
الرب هو سور أورشليم الحقيقي. أنزع سياجه = يمتنع الله عن حمايتها وحينئذ يضر بها الأعداء ويدوسونها. ولو نزع الله حمايته عن إنسان تدخل حيوانات الشهوة لتدوس قلبه. والله ينزع حمايته ليدركوا ضعفهم فيلجأوا إليه تائبين، وإذ اقتربوا إليه يقترب إليهم.
الآيات (6،7) و اجعله خرابا لا يقضب و لا ينقب فيطلع شوك و حسك و أوصي الغيم أن لا يمطر عليه مطرا. أن كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل و غرس لذته رجال يهوذا فانتظر حقا فاذا سفك دم و عدلا فاذا صراخ.
أجعله خراباً = قال السيد المسيح لليهود "هوذا بيتكم يترك لكم خرابا".
لا ينقب = التنقيب هو حرث الأرض وهذا يشير للتوبة وفحص النفس وهذا عمل الروح القدس "توبني يا رب فأتوب". والمعني أن الروح القدس لا يعود يعمل. فحين يتوقف الطبيب عن العلاج يكون حال المريض ميئوس
أي منه تماماً.
يطلع شوك = هذه ثمار الانفصال عن الله، أن يفقد الإنسان سلامه. أوصي الغيم = آي لا تنزل أمطار النعمة الإلهية " وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله لذهن مرفوض" والمطر يشير للروح القدس ومن يحرم من عطية الروح يحرم من عمل النعمة الإلهية. وآية (7) تشير للمسيح الذي جاء ليهوذا وإنتظر حقاً فصلبوه وسفكوا دمه قائلين اصلبه اصلبه.
آية (8) ويل للذين يصلون بيتا ببيت و يقرنون حقلا بحقل حتى لم يبق موضع فصرتم تسكنون وحدكم في وسط الأرض.
يصلون بيتاً ببيت = الغني يأخذ بالقوة بيت جاره الفقير كما فعل أخاب بنابوت اليزرعيلي. وهذا يدل علي انشغال شعب الله بالملك الزمني وأن كل همهم أن لا يكون موضع لسواهم ليسكن فيه. عيب هؤلاء أنهم لا يقتنعون بشيء فصاروا كالإسكندر الأكبر الذي بعدما قهر العالم المعروف في ذلك الوقت بكي لأنه لا يجد أرضاً أخري يستولي عليها. حتي لم يبق موضع = هم إنهمكوا في الشراء ولم يصبح مكان للناس أن يشتروه. لم يترك الواحد موضعاً لأخيه خاصة الفقير وهذا يدل علي الجشع.
الآيات (9 ،10) في أذني قال رب الجنود إلا أن بيوتا كثيرة تصير خرابا بيوتا كبيرة و حسنة بلا ساكن. لان عشرة فدادين كرم تصنع بثا واحدا و حومر بذار يصنع ايفة.
العقاب لهؤلاء هو الخراب للبيوت وللحقول، البث = هو مكيال للسوائل يسع 27.5 كجم تقريبا، والعشرة فدادين يجب أن تنتج 500 بث لا بث واحد. والحومر مكيال للحبوب يسع 282 كجم تقريباً والإيفة عشر الحومر. والمعني أن الحاصل من الأرض يكون عشر الحبوب التي بذرت فيها. فالعقاب من جنس الخطية. لأن من لم يستعمل خيرات الله كوكيل أمين فالذي عنده يؤخذ منه.
آية (11) ويل للمبكرين صباحا يتبعون المسكر للمتأخرين في العتمة تلهبهم الخمر.
من يسكر صباحاً هم أشر السكارى وهذه عكس "يا إلهي إليك أبكر " وليس فقط يسكرون صباحاً بل يظلوا في الشرب والسكر حتي تأتي العتمة ويشتعلون من الخمر. هؤلاء يحاولون أن يحصلوا علي الفرح بعيداً عن الروحيات.
آية (13) و صار العود و الرباب و الدف و الناي و الخمر ولائمهم و إلى فعل الرب لا ينظرون و عمل يديه لا يرون. لذلك سبي شعبي لعدم المعرفة و تصير شرفاؤه رجال جوع و عامته يابسين من العطش.
العقاب مناظر للخطية في آية (12) أي الجوع والعطش في مقابل الأكل والشرب. سٌبي شعبي = قد يكون سبي الجسد أو سبي النفس للشياطين وهذا أقسي من سبي الجسد.
آية (14) لذلك وسعت الهاوية نفسها و فغرت فاها بلا حد فينزل بهاؤها و جمهورها و ضجيجها و المبتهج فيها.
الهاوية = هي القبر أو مكان أرواح الأموات فمن يقضي عمره في اللهو والأكل والشرب ماذا يفعل حين تنتهي حياته فجأة وهو غير مستعد.
الآيات (15، 16) و يذل الإنسان و يحط الرجل و عيون المستعلين توضع. و يتعالى رب الجنود بالعدل و يتقدس الإله القدوس بالبر.
أصل الخطية الكبرياء، ولذلك يذكر كمال نتيجة دمارهم أي ذلهم وانحطاطهم ويتعالي الرب بإظهار عدله.
آية (17) و ترعى الخرفان حيثما تساق و خرب السمان تأكلها الغرباء.
ترعي الخرفان = هم مساكين الأرض فنبوخذ نصر بعد السبي أخذ كل الشباب الأقوياء كسبايا وترك مساكين الأرض. ودائماً الله يرعي البقية ولا يتركهم بل يعطيهم أن يأكلوا في هدوء. وخَرِب السمان = Fat Ones فالبابليين أو أي شعب مستعمر سيستولي علي الخرائب التي تركها الأغنياء.
آية (18) ويل للجاذبين الإثم بحبال البطل و الخطية كأنه بربط العجلة.
معناها أن الشعب ظل مرتبطاً أو رابطاً نفسه بالخطية كما بحبال. لكنها حبال الباطل كحيوان مربوط إلي عجلة تدفعه وهو ساقط تحت نيرها مغلوباً علي أمره. هو يظن أنه هو المسيطر علي العجلة ولكنها هي تدفعه. والعربة هي الخطية الثقيلة. وما يجرونه هو نتائج وعقوبات الخطية وكل سقوط يؤدي إلي سقوط آخر.
آية (19) القائلين ليسرع ليعجل عمله لكي نرى و ليقرب و يأتي مقصد قدوس إسرائيل لنعلم.
فيها استخفاف بالله وهذا من نتائج الانغماس في الخطية "قال الجاهل في قلبه ليس إله". ليعجل عمله = هي
سخرية معناها أن الله لم ولن يفعل شيئاً. وهم يقولون قدوس إسرائيل كسخرية حينما سمعوها من إشعياء كثيراً
(2بط 3 : 4 + أم 17 : 15 + حز 12 : 22)
آية (20) ويل للقائلين للشر خيرا و للخير شرا الجاعلين الظلام نورا و النور ظلاما الجاعلين المر حلوا و الحلو مرا.
هم يخلطون الحق بالباطل، والخير بالشر والنور بالظلمة، ويعطون الخطية مسحة الفضيلة. وغايتهم في التحريف محبتهم للخطية.
آية (21) ويل للحكماء في أعين أنفسهم و الفهماء عند ذواتهم.
الذي أنشغل بذاتيته لا يشاور الآخرين (أم 26 :12)
آيات (22، 23) ويل للأبطال على شرب الخمر و لذوي القدرة على مزج المسكر. الذين يبررون الشرير من اجل الرشوة و أما حق الصديقين فينزعونه منهم.
سماهم النبي هنا أبطالاً كسخرية. وهنا يتكلم عن القضاة ويتهكم عليهم بأنهم ذوي قدرة في مزج المسكر، فهذا ليس عملهم بل عملهم إعطاء الحق وإنصاف المظلوم، لكنهم تركوا هذا لأجل الرشوة.
آية (24) لذلك كما يأكل لهيب النار القش و يهبط الحشيش الملتهب يكون أصلهم كالعفونة و يصعد زهرهم كالغبار لأنهم رذلوا شريعة رب الجنود و استهانوا بكلام قدوس إسرائيل.
أصبحوا بسبب خطيتهم ذوي عفونة من الداخل واحترقوا من الخارج بنار الأشوريين وغيرهم فالهلاك كان من الداخل ومن الخارج لأن العفونة التي في الداخل أيضاً سببت الشقاق والفساد داخلهم. وهم هنا مشبهون بالقش والحشيش في الخسة والضعف ولذلك يقعون في يد الله ويحترقون ويصير مجدهم أي زهرهم كغبار.
آية (25) من اجل ذلك حمي غضب الرب على شعبه و مد يده عليه و ضربه حتى ارتعدت الجبال و صارت جثثهم كالزبل في الأزقة مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
الله هو الذي يجازي والحروب والمجاعات وقيام الممالك وسقوطها هو من عند الله. ممدودة بعد = أي أن هناك مزيد من الخراب سيأتي.
الآيات (26- 30) فيرفع رآية للأمم من بعيد و يصفر لهم من أقصى الأرض فإذا هم بالعجلة يأتون سريعا. ليس فيهم رازح و لا عاثر لا ينعسون و لا ينامون و لا تنحل حزم احقائهم و لا تنقطع سيور أحذيتهم. الذين سهامهم مسنونة و جميع قسيهم ممدودة حوافر خيلهم تحسب كالصوان و بكراتهم كالزوبعة.لهم زمجرة كاللبوة و يزمجرون كالشبل و يهرون و يمسكون الفريسة و يستخلصونها و لا منقذ. يهرون عليهم في ذلك اليوم كهدير البحر فان نظر إلى الأرض فهوذا ظلام الضيق و النور قد اظلم بسحبها
هذا وصف للغزو الأشوري وهو رمز لغزو إبليس للنفس الخاطئة (قارن مع قول السيد المسيح عن الروح الشرير أنه إذا ترك مكاناً وعاد ووجده مكنوساً مزيناً يعود ومعه 7 شياطين أخر أشر منه)
يرفع رآية = أي يدعو الجيش للحرب. يصفر = ليجمعهم. يأتون سريعاً = للسلب والظلام = ظلام الضيق الذي يصيب النفس في داخلها. وقد سبا جيش أشور فعلاً من يهوذا حوالي 200000 رازح = متعب. فلا متعب في جيش أشور بالرغم من طول المسافة فهم في منتهي النشاط طمعاً في الغنيمة ولاحظ كسل أولاد الله مع أن لهم وعود بغنائم سماوية ولهم اسلحة روحية.
الإصحاح السادس
هنا نري سيامة إشعياء كبني وإرساليته، بأن رأي الله وغفر الله له. وهذه الرؤيا كانت غالباً قبل النبوات السابقة أي في أول خدمته ويذكرها هنا غالباً ليثبت صدق نبواته السابقة، وهو لم يذكرها سابقاً لتواضعه فنحن نلمس طاعة إشعياء وتواضعه ورقة قلبه. وربما لم يذكرها لأنه خاف أن ينفروا منه ويتشككوا فيه. ولعل إشعياء في أحزانه بخصوص عزيا الملك المعزول الأبرص والذي مات يريه الله هذه الرؤيا لله الذي لا يموت.
آية (1) في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالسا على كرسي عالٍ و مرتفع و أذياله تملا الهيكل.
رأيت السيد = هو المسيح قبل التجسد فالله لم يره أحد قط (يو 1 : 18) وهذا ما نسميه ظهور للمسيح. لكن إشعياء لم يري مجد لاهوت الله، فهذا لا يراه أحد ويعيش. كرسي عالٍ = إشعياء رأي المسيح علي عرشه فهو الملك الحقيقي لشعبه. والجلوس رمز للاستقرار فهو الملك العظيم الذي لا يتزعزع ملكه أبداً وهو عالٍ فالرب عال ومرتفع وأفكاره تعلو علي أفكار البشر، وهو مرتفع فوق السموات.
وأذياله تملأ الهيكل = ربما تشير هذه إلي هيبته ورهبته التي ملأت المكان وقد يكون إشعياء في ذلك الوقت داخل الهيكل يصلي لما رأي هذه الرؤيا. ولكن إذا رجعنا إلي (را 3 :9) نري أن بسط ذيل الثوب من بوعز علي راعوث تعني أنه سيحميها وأنه هو وليها. وتكون رؤيا إشعياء هنا تشير لأن الله قبل شعبه كعروس له تتحد معه يحميها ويرعاها ويفديها كولي. ونلاحظ أنه طالما كان مجد الله في هيكله لا يستطيع إنسان أن يعتدي عليه ولكن إن فارق مجد الله هيكله (حز 10 : 4 + 10 : 18، 19 + 11 : 22، 23) داسه البابليون.
آية (2) السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه و باثنين يغطي رجليه و باثنين يطير.
السرافيم = معناها المتوهجون الذين منظرهم ساطع كلهيب النار، هم الملائكة المشتعلون حبا، وهم واقفون للتسبيح فهذا هو عملهم وهذا سيكون عملنا في السماء. الله جالس أما هم فوقوف مستعدين للخدمة. وهذه الأجنحة رمزية فمعني يغطي وجهه = أنه لا يحتمل نور وعظمة مجد الله ولا يدرك كل البهاء الإلهي. ويغطي رجليه = تشير للخشوع والاحترام والحياء. ويطير = هذه تشير لإستعدادهم لأداء أي خدمة سريعاً.
آية (3) و هذا نادى ذاك و قال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض.
الثلاث تقديسات تشير للثالوث الأقدس وقارن مع آية (8) أيضا.
كل الأرض = وليس إسرائيل فقط، رب الجنود = أي السمائيين والأرضيين ونلاحظ أن لفظ رب جاء بالجمع في إشارة للثالوث.
آية (4) فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ و امتلأ البيت دخانا.
اهتزت أساسات العتب = من سمو مجد الله. والدخان = انفصال كحجاب بين الله والبشر، فلا يوجد إنسان يحتمل أن يري مجد الله. فلكي يعيش إشعياء كان هذا الدخان، كالسحاب يحجب نور الشمس فنستطيع أن ننظر إليها، أما الذي ينظر بلا سحاب فسيصاب العمى.
آية (5) فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين و أنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لان عيني قد رأتا الملك رب الجنود.
حينما رأي النبي الله في قداسته أدرك مدي نجاسته، كذلك نحن حين نتلامس مع الله ندرك مدي بشاعة خطايانا، أما الذي لا يتقابل مع الله فيظن في نفسه أنه قديس لذلك صرخ بولس الرسول قائلاً "الخطاة الذين أولهم أنا" ونلاحظ أن النبي أعترف بخطيبته أولاً ثم بخطية الشعب كله، وهذا فعله دانيال. نجس الشفتين = ربما أراد إشعياء أن يشترك مع السيرافيم في التسبيح فأدرك عدم استحقاقه، وكلما ازدادت الاستنارة الداخلية بالروح القدس ندرك عدم استحقاقنا ونجاستنا.
الآيات (6، 7) فطار إلي واحد من السرافيم و بيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح. و مس بها فمي و قال إن هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك و كفر عن خطيتك.
الجمرة = هي جسد الرب ودمه لأنها مأخوذة من علي المذبح هذا ما جاء في القداس الكيرلسي. والجمرة هي إتحاد اللاهوت بالناسوت وهي تقدس وتطهر ولا تحرق كنار العليقة. وتضرم نار الحب وتطلق اللسان بكلام الحق وكلام التسبيح. طبعاً إشعياء لم يتناول من جسد السيد المسيح ودمه فهذا السر كان لم يتأسس بعد ولكن ما حدث كان رمزاً لما سوف يحدث.
آية (8) ثم سمعت صوت السيد قائلا من أرسل و من يذهب من اجلنا فقلت هاأنذا أرسلني.
من أجلنا = الجمع إشارة للثالوث والمتكلم واحد من أرسل.
هاأنذا أرسلني = هنا نري استعداد النبي للخدمة بعد تطهيره، فهو إشتاق لطهارة شعبه أيضاً. وكان لابد لحصوله علي قوة قبل بدآية خدمته، نالها من هذه الجمرة وهكذا قال السيد "لا تبرحوا أورشليم قبل أن تلبسوا قوة من الأعالي".
آية (9) فقال اذهب و قل لهذا الشعب اسمعوا سمعا و لا تفهموا و أبصروا إبصارا و لا تعرفوا.
هذه الآية معناها "لو إنسان معاند وعملنا معه كل الممكن وظل علي عناده نقول له أذهب أصنع ماتريد". ولاحظ قول الله هذا الشعب ولم يقل شعبي، وهذا علامة غضب الله علي الشعب.
خدمة وكرازة إشعياء ستجعلهم ينضجون للخراب لأنهم سيرفضون كلامه فمن يغلق عينيه بإرادته عن كلام الله ولا يستمع للتحذيرات تغلق عينيه وأذنيه أكثر وأكثر. فمن يريد أن يري ويفهم سيري ويفهم، ومن لا يريد لن يري ولن يفهم، ومن لا يريد ويترك الله يزداد إظلاما.
وهذا ما حدث أيام المسيح فالتلاميذ أرادوا أن يفهموا ويعرفوا فرأوا وفهموا فآمنوا وقال لهم السيد المسيح طوبي لعيونكم لأنها تبصر ولأذانكم لأنها تسمع (مت 13 : 11-16) وأما من رفض لأغراض شخصيه سمع ولم يدرك ورأي ولم يبصر.
آيات (11 ، 12) غلظ هذا الشعب و ثقل أذنيه و اطمس عينيه لئلا يبصر بعينيه و يسمع بأذنيه و يفهم بقلبه و يرجع فيشفى. فقلت إلى متى آيةا السيد فقال إلى أن تصير المدن خربة بلا ساكن و البيوت بلا إنسان و تخرب الأرض و تقفر. و يبعد الرب الإنسان و يكثر الخراب في وسط الأرض.
الخراب بدأ في عصر إشعياء بالأشوريين ثم علي يد بابل ثم علي يد اليونان وكان الخراب النهائي علي يد تيطس القائد الروماني.
آية (13) و إن بقي فيها عشر بعد فيعود و يصير للخراب و لكن كالبطمة و البلوطة التي و إن قطعت فلها ساق يكون ساقه زرعا مقدسا.
عشر = بقية زهيدة. وإذا بقي هذا العشر بلا خراب يعود ويصير للخراب ولكن دائماً هناك جذع للشجرة بدليل
أنهم باقون للآن ومعني زرعاً مقدساً أنهم سيؤمنون في نهآية الأيام (رؤ 11 : 25، 26).
الإصحاح السابع
هذا الإصحاح يختلط فيه نغمتي الرحمة والإنذار، فالله سمح ببدآية الحروب ضدهم مع بدآية حكم أحاز الذي مال للوثنية وازدادت خطاياه جداً. فارتجف أحاز وهنا نري الله الرحيم الذي يرحم ويشجع شعبه يرسل ليشجع أحاز ليجذبه. ومن ص 7 إلي 14 : 28 جري في ملك أحاز بشأن محاربة ملكي أرام وإسرائيل لأورشليم. وسبب الحرب أن ملكي أرام وإسرائيل أرادا التحالف مع مصر ضد أشور، أما أحاز فرأي أن يتحالف مع أشور رافضاً مشورة ملكي أرام وإسرائيل فصعدوا عليه وحارباه ولكنهما لم يتمكنا من دخول أورشليم. وخاف أحاز خوفاً شديداً وأراد الإستعانه بأشور (2 مل 16 : 5 – 18) وأرسل الله لأحاز إشعياء ليشجعه أن يتكل علي الله وينبئه بأن ملكي أرام وإسرائيل لن يفوزا عليه وأن الرب يخلصه منهما دون الاستعانة بملك أشور. بل سأل إشعياء أحاز أن يطلب آية ليتأكد من المعونة الإلهية لكنه رفض أن يسأل آية لأنه كان قد قرر الاستعانة بأشور. وقد قام ملك أشور بقتل ملك أرام وقام هوشع بقتل فقح بن رمليا ملك إسرائيل وملك مكانه. ونجد من آية (17) وما بعدها نبوءة بأن أرض يهوذا ستخرب عقاباً للملك وشعبه لعدم إيمانهم وستخربهم الأمة التي لجأوا إليها واستغاثوا بها.
آية (2،1) و حدث في أيام أحاز بن يوثام بن عزيا ملك يهوذا أن رصين ملك أرام صعد مع فقح بن رمليا ملك إسرائيل إلى أورشليم لمحاربتها فلم يقدر أن يحاربها.و اخبر بيت داود و قيل له قد حلت أرام في افرايم فرجف قلبه و قلوب شعبه كرجفان شجر الوعر قدام الريح.
قارن خوف أحاز بموقف داود "إن قام علي جيش ففي هذا أنا مطمئن" خبرة داود هي خبرة الإيمان. وحلت أرام في إفرايم = أي أن جيش أرام أتحد مع جيش أفرا يم. وأفرايم هو أسم لإسرائيل حيث أنها السبط الأقوى.
آية (3) فقال الرب لاشعياء اخرج لملاقاة أحاز أنت و شآرياشوب ابنك إلى طرف قناة البركة العليا إلى سكة حقل القصار.
ذهب أحاز لهذا المكان ليطمئن علي الموارد المائية لأورشليم وأرسل الله إشعياء له ليطمئنه برجوع البقية (كانت إسرائيل قد أخذت 200.000 سبايا من يهوذا) والله الذي يريد أن يطمئنه بأنه هو الذي يحميه أرسل له إشعياء مع أبنه شآريشوب ومعني أسمه البقية سترجع. وكأن الله يريد أن يقول أنه كما يحمل إشعياء أبنه سأحمل أنا البقية المسبيين وأعيدهم ليهوذا وهذا ما حدث فعلاً وعاد الأسري ليهوذا.
آيات (4، 5) قل له احترز و اهدأ لا تخف و لا يضعف قلبك من اجل ذنبي هاتين الشعلتين المدخنتين بحمو غضب رصين و أرام و ابن رمليا. لان أرام تآمرت عليك بشر مع افرايم و ابن رمليا قائلة.
ذَنَبيَْ = في أحدي الترجمات Tails وفي أخري Stubs أي أصل الشجرة الباقي بعد قطع جذعها، وتعني عَقِب فالعدو ما هو إلا ذيل مدخن الشعلتين المدخنتين هما رصين ملك أرام وفقح ملك إسرائيل. هم هكذا في نظر الله ذنبين لشعلتين مدخنتين لكن غير مشتعلتين فالله وحده هو القادر أن يحرق، ودخان هذين الملكين إشارة لغضبهما وإعلانهما الحرب علي يهوذا.
آيات (6، 7)نصعد على يهوذا و نقوضها و نستفتحها لأنفسنا و نملك في وسطها ملكا ابن طبئيل.
هكذا يقول السيد الرب لا تقوم لا تكون.
أبن طبئيل = أسم سرياني، وكانت المؤامرة أن يتم قتل أحاز وتمليك هذا الآرامي بدلاً منه. ولكن الله لن يسمح
بهذا لكرسي داود = لا تقوم لا تكون.
آية (8) لان رأس أرام دمشق و رأس دمشق رصين و في مدة خمس و ستين سنة ينكسر افرايم حتى لا يكون شعبا.
في مدة 65 سنة = هذه المدة تشير للخراب النهائي لمملكة إسرائيل (إفرايم) فخرابها تم علي مراحل المرحلة الأولي = علي يد تغلث فلاسر ملك أشور وذلك في أواخر أيام عزيا حيث قام بسبي جزء من إسرائيل. المرحلة الثانية علي يد شلمنآصر ملك أشور حيث قام بالسبي الكبير لإسرائيل أيام هوشع بن إيلة ملك إسرائيل. المرحلة الثالثة = علي يد أسر حدون ملك أشور الذي أتي بقوم من بابل وكوش وعوا وحماة وسفروايم وأسكنهم مدن السامرة عوضاً عن بني إسرائيل (2 مل 17 : 24) وبذلك قضي علي الأمه وأصبح من المستحيل أن تصير شعباً وهذا حدث بعد 65 سنة من نبوة أشعياء.
رأس أرام دمشق = مهما حاول أن يتسع ملك أرام فمكانه سيظل دمشق ولن يتسع علي حساب أورشليم أي لن يستعمرها.
آية (9) و رأس افرايم السامرة و رأس السامرة ابن رمليا إن لم تؤمنوا فلا تامنوا.
إن لم تؤمنوا فلا تأمنوا = هذه تشبه "لا سلام قال إلهي للأشرار" فأحاز لم يؤمن بل كان ينظر للأمور الحاضرة فقط وإلي الخطر القادم من رصين وفقح فكان يراهما وحوش مخيفة، أما الله فكان يراهما شعلتين مدخنتين هو مزمع أن يطفئهما. لذلك لجأ أحاز في عدم إيمانه لملك أشور وبدون إيمان لا يوجد سلام حقيقي.
آية (10) ثم عاد الرب فكلم أحاز قائلا.
كلم الرب أحاز بفم إشعياء.
آية (11) اطلب لنفسك آية من الرب إلهك عمق طلبك أو رفعه إلى فوق.
كأن الله يريد أن يقول لأحاز لماذا تطلب من ملك أشور ولا تطلب مني وجدعون طلب آية والله لم يحزن فهناك فرق بين طلب الآية في حالة عدم الإيمان وطلب الآية لزيادة الإيمان ولكن أحاز كان قد وضع ثقته في أشور ولم يثق بالله، لذلك قرر أن لا يطلب معونة من الله ولا حتي آية.
عمق طلبك = أطلب ما تريد مهما كان صعبا.
آية (12) فقال أحاز لا اطلب و لا أجرب الرب.
هو جواب يدل علي عدم الثقة بالله تحت صورة مهذبة. فهو قد إتخذ قراراً باللجوء لأشور وليس هذا قداسة منه بأنه لا يريد أن يجرب الرب.
آية (13) فقال اسمعوا يا بيت داود هل هو قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا الهي أيضا.
توبيخ إشعياء لأحاز هنا راجع لرفض الاستعانة بالله.
آية (14) لكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل.
بضم هذه الآية مع (15، 16) يكون المعني أن هناك عذراء ستتزوج (وقد تكون زوجة النبي وأشار إليها بقوله عذراء) وأنها ستلد أبنا وقبل أن يبلغ الصبي سن 3 سنوات يموت الملكين فقح ورصين. وسن 3 سنوات هو السن التي يميز فيها الصبي بين الخير والشر. ولكن صيغة الكلام يعطيكم السيد نفسه آية تدل علي حادثة أعظم من المذكورة. هذه الآية إشارة واضحة لميلاد السيد المسيح من العذراء. لذلك قيل أن السيد يعطيكم نفسه آية، وآية أي شيئاً عجيباً، وكان عجيباً أن يتجسد الله. والمسيح هنا منسوب لعذراء وليس لرجل لأنه ليس من زرع رجل، عكس كل المولودين نجدهم منسوبين إلي رجال. هنا نري أن السيد يعطي نفسه آية وليس آية من السماء أو الأرض بل هو نفسه يصير آية، يأتي ويتجسد لا ليخلص من أشور بل من الشيطان والخطية. عمانوئيل = الله معنا فهو سيوجد في وسطنا حينما يتجسد.
عذراء = توجد في العبرية 3 كلمات تعبر عن النساء.
1- بتولية = أي عذراء غير مخطوبة.
2- إيسا = أي سيدة متزوجة.
3- ألما = عذراء صغيرة قد تكون مخطوبة.
والكلمة التي إستخدمها إشعياء هي ألما وهي تتطابق مع وضع العذراء.
آية (15، 16) زبدا و عسلا يأكل متى عرف أن يرفض الشر و يختار الخير. لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر و يختار الخير تخلى الأرض التي أنت خاش من ملكيها.
زبداً وعسلاً يأكل = الزبد خلاصة الطعام الحيواني والعسل هو خلاصة الطعام النباتي.إذاً هو يشاركنا كل طعامنا فهو سيكون له ناسوت حقيقي مثلنا. وقد مات الملكين فعلاً قبل 3 سنوات فتغلث فلاسر قتل رصين وأخذ دمشق وهوشع بن إيلة فتن علي فقح وقتله بعد هذه النبوة بثلاث سنوات تماما.
آية (17) يجلب الرب عليك و على شعبك و على بيت أبيك أياما لم تأتي منذ يوم اعتزال افرايم عن يهوذا أي ملك أشور.
يتكلم الله هنا عن المخاوف الحقيقية وهي من أشور وليس المخاوف الوهمية من رصين وفقح. وكان ملك أشور بدآية ولكن أتي ملك بابل ليخرب خراباً تاما. لذلك فغالباً تشير هذه الآية لملك بابل بالأكثر وسمي ملك أشور:
1) لأن أشور بدأت التخريب أيام حزقيا إذ أحرقت 46 مدينة.
2) أن ملك بابل إمتلك أشور فصار ملكاً لأشور أيضاً.
3) كانت بابل غير معروفة في ذلك الوقت كدولة عظمي بل مملكة تحت حكم ملك أشور.
آية (18) و يكون في ذلك اليوم أن الرب يصفر للذباب الذي في أقصى ترع مصر و للنحل الذي في ارض أشور.
يصفر للذباب = أي للجيوش المصرية (لكثرة الذباب في مصر أو لكثرة عدد جيوش مصر) وللنمل في أرض أشور = أي جيوش أشور ربما لكثرة النمل في أشور والمقصود أن هذه الجيوش، جيوش مصر وأشور ستشارك في خراب يهوذا ولكن لنلاحظ:
1) هذه الجيوش الضخمة في نظر الله ما هي إلا ذباب ونحل والله قادر أن يسحقهم تماماً.
2) هذه الجيوش في يد الله هو الذي يحركها ليؤدب شعبه.
3) الخراب سيأتي ممن أرادت يهوذا أن تتحالف معهم.
4) مصر لم تعاون أشور ضد يهوذا ولكن صراع جيشا مصر وأشور كان غالباً علي أرض يهوذا، فيهوذا كانت بين حجري رحى.
الآيات (19 - 25) فتاتي و تحل جميعها في الأودية الخربة و في شقوق الصخور و في كل غاب الشوك و في كل المراعي. في ذلك اليوم يحلق السيد بموسى مستأجرة في عبر النهر بملك أشور الرأس و شعر الرجلين و تنزع اللحية أيضا. و يكون في ذلك اليوم أن الإنسان يربي عجلة بقر و شاتين. و يكون انه من كثرة صنعها اللبن يأكل زبدا فان كل من ابقي في الأرض يأكل زبدا و عسلا.و يكون في ذلك اليوم أن كل موضع كان فيه ألف جفنه بألف من الفضة يكون للشوك و الحسك.بالسهام و القوس يؤتى إلى هناك لان كل الأرض تكون شوكا و حسكا. و جميع الجبال التي تنقب بالمعول لا يؤتى إليها خوفا من الشوك و الحسك فتكون لسرح البقر و لدوس الغنم.
هنا يشير إلي خراب البلاد بكنآية أخري وهي الحلق بموسي إظهاراً لعظم ما يجري من الخراب في البلاد. الموسى المستأجرة تشير لاستئجار أحاز لملك أشور (2 مل 16 :8) هنا نري أن الرب استعمل تلك الآلة أي ملك أشور لإذلال أحاز. و نلاحظ أن حلق اللحية هو علامة المذلة فالأسري كانوا ملزمين بذلك لا إراديا. حلق الشعر = قارن مع المزمور " ما أحلي أن يجتمع الأخوة معاً.... النازل علي اللحية" فالشعر هو الشعب الملتصق بالله وحينما تضايق الله من هذا الشعب (أي الشعر) أمر بحلقه ليتخلص منه. عبر النهر = أي نهر الفرات (إشارة لملك أشور). ولقد حدث هذا فعلاً فملوك أشور حطموا وأزالوا دولة إسرائيل (10 أسباط) وأحرقوا 46 مدينة من يهوذا. وبعد ذلك أتي ملك بابل ليخرب يهوذا تماما.
الإنسان يربي عجلة وشاتين = علامة للفقر أن الغني لن يكون عنده أكثر من ذلك. وقد تشير الآية لأن الرجال (الفلاحين) هجروا الأرض بسبب الحروب والسبي، فتحولت لمراعي للحيوانات ولكن بلا محصولات زراعية طبيعية، الحاصلات المعتادة غير موجودة. وهذا معني ألف جفنه بألف من الفضة فالكرم الكبير الجيد تحول لأن يصبح مكاناً للشوك والحسك فلا توجد أيدي عامله لزراعة الكروم (والشوك والحسك نتيجة للخطية). ومن عدم وجود محصولات لن يوجد سوي نتاج المراعي. زبداً وعسلاً. هذا إشارة إلي خراب البلاد وقلة سكانها من كثرة الحروب والسبايا. بالسهام والقوس يؤتي إلي هناك = أي من كثرة الوحوش التي ازدادت بسبب قلة السكان لا يؤتي إلي هناك إلا بالسهام والقوس. وهذا ما حدث فعلاً (2مل 25:17)
الإصحاح الثامن
هذا الإصحاح وحتى ص (12) كلها موعظة واحدة عن خراب إسرائيل والضيق علي يهوذا من أشور، أما من أحتفظ بعلاقته مع الله فله عزاء وهناك وعود لشعب الله وسط الخراب وفيها إشارة لأيام المسيح.
وظروف هذا الإصحاح هي نفس ظروف الإصحاح السابق. مؤامرة رصين وفقح ضد يهوذا. وتوبيخ الله أحاز لتركه إياه ولجوئه لملك أشور. وذكر المصائب الآتية علي الذين يطلبون غير الله والتهديد بخراب مملكة أحاز بالإضافة لأقوال كثيرة للشعب لتنشيطهم وحثهم علي الإتكال علي الله.
آية (1) و قال لي الرب خذ لنفسك لوحا كبيرا و اكتب عليه بقلم إنسان لمهير شلال حاش بز.
لوحاً كبيراً = لكي يراه الجميع، هؤلاء الذين فقدوا السمع، ليكون شاهداً أن النبي سبق وقال هذا الكلام قبل أن يحدث. بقلم إنسان أي باللغة التي يفهمها كل إنسان والله كلمنا بلساننا وكلمنا في إبنه إبن الإنسان.
مهير شلال حاش بز = المعني يعجل الغنيمة ويسرع النهب. والاسم نبوءة مختصرة
آية (2) و أن اشهد لنفسي شاهدين أمينين أوريا الكاهن و زكريا بن يبرخيا.
أشهد لنفس = علي إشعياء أن يضع اللوح في الهيكل ويشهد عليه كاهنان وقد يكونا قد ختما عليه. وهذه شهادة بأنه قال ما قاله قبل أن يحدث.
الآيات (3، 4) فاقتربت إلى النبية فحبلت و ولدت ابنا فقال لي الرب ادع اسمه مهير شلال حاش بز.لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يدعو يا أبي و يا أمي تحمل ثروة دمشق و غنيمة السامرة قدام ملك أشور.
النبية = هي زوجة النبي إشعياء. والمعني أن أشور سوف ينهب كلا من إسرائيل وأرام لينقذ أورشليم. قبل أن يعرف = أي بعد حوالي سنة. وقد فعل تغلث فلاسر ذلك فعلاً.
الآيات (5 - 7) ثم عاد الرب يكلمني أيضا قائلا.لان هذا الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت و سر برصين و ابن رمليا. لذلك هوذا السيد يصعد عليهم مياه النهر القوية و الكثيرة ملك أشور و كل مجده فيصعد فوق جميع مجاريه و يجري فوق جميع شطوطه.
هذا الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت = سكوت Softly بعد أن طمأن الرب شعبه بخلاصهم من أعدائهم ها هو يلفت نظرهم لخطاياهم لكي يتوبوا. وشيلوه بركة مياه في أورشليم تنساب منها المياه في هدوء وتعتمد عليها المدينة. والمعني أن الشعب احتقروا هذه البركة واحتقروا مدينتهم والبركات التي أعطاها الله لهم. وحسدوا الأشوريون علي مياههم الكثيرة ونهرهم الواسع المتدفق (أو حسدوا الآراميين علي أنهارهم الواسعة) والمعني أنهم احتقروا عمل الله الهادئ وأعجبوا أو خافوا وانبهروا من قوة الجيوش المعادية. وروحياً فهذا يشير لمن يرفض روح الله الوديع الهادئ (مياه شيلوه) الذي يملأ القلب سلاماً هادئاً لذيذاَ يفوق كل عقل، ظاناً أنه في إرضاء شهواته الجامحة سيجد فرحاً وسلاما، مثل هؤلاء يصعد عليهم روح العالم الصاخب الهائج ويخربهم، وهذا ما حدث مع شمشون والابن الضال، فهؤلاء يشتهون اللذة الكاذبة والحرية الكاذبة.
وسُرَ برصين = الإعجاب بقوته و أوثانه وخطاياه. ومياه النهر القوية المقصود به نهر الفرات إشارة لجيش أشور. وأشور سينقذهم فعلاً ولكنه سيستدير عليهم ويخربهم، سيندفق عليهم كنهر الفرات الذي أعجبوا به واشتهوه، وهذا ما حدث أيام سنحاريب الذي حاصر أورشليم.
ونلاحظ أن شيلوه هي مكان عبادة الرب وتقديم الذبائح منذ القديم. فقد صعد إليها ألقانة وحنة أبوا صموئيل. وفيها نصب يشوع خيمة الاجتماع (يش 1:18) إذاً هي مكان اجتماع الله مع شعبه. ومعني شيلوه = شلوام أو سلوام أي المرسل وهكذا كان المسيح الذي أرسله الله فرذلوه واختاروا قيصر (مياه النهر القوية). وشيلوه بمياهه الهادئة يشير لقوة الروح الوديع الهادئ مصدر التقديس وينبوع البر، وهناك من يقاوم روح الله الهادئ ويحزنه ويرذله بإستسلامه لشهوات العالم الصاخب وكما تحمل بركة شيلوه (المرسل) المياه الهادئة، هكذا فالمسيح الذي أرسله الأب وهبنا الروح القدس وأرسله لنا. لذلك فشيلوه هي المكان الذي أغتسل فيه الأعمى فاستنارت عيناه. ورفض الشعب لشيلوه فيه معني رفضهم الإعتماد علي الله واتكالهم علي أشور، لذلك سيغرقهم أشور وهكذا أفقدت الشهوة شمشون كل قوته.
آية (8) و يتدفق إلى يهوذا يفيض و يعبر يبلغ العنق و يكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل.
بسط جناحيه = إشارة لأتساع المكان الذي تشغله جيوشه ويبلغ العنق = أي يصل حتى أورشليم ولكن لن يدخلها، يبلغ العنق كمن وصل الماء حتي عنقه لكنه لم يغرق. إذاً فهذا يعطي أمل. ونلاحظ أنهم هم طلبوا أشور والله أعطاهم حسب قلبهم (مز 20 : 4) وما أسوأ ما يطلب الإنسان. عرض بلادك يا عمانوئيل = أي اليهودية. وهذا القول يعني أن إشعياء قد فهم أن الولد المذكور الذي ستلده العذراء (7 : 14) ليس أبنه هو بل هو المسيح عمانوئيل. فالبلاد هي بلاد عمانوئيل. والله يسمح بتأديبنا ولكن لا يسمح بهلاكنا فنحن أرض عمانوئيل، نحن ملك الرب. ومادامت حياتنا مستترة في الله فلا خوف علينا.
آيات (9 ،10) هيجوا آية الشعوب و انكسروا و إصغي يا جميع أقاصي الأرض احتزموا و انكسروا احتزموا
و انكسروا.تشاوروا مشورة فتبطل تكلموا كلمة فلا تقوم لان الله معنا.
يوجه النبي كلامه إلي البقية المؤمنة ويطلب منهم أن لا يخافوا فالأعداء لن يمكنهم أن يدمروا شعب الله. وهذه الآيات تشير لهجوم الأعداء الروحيين علي المسيح وعلي مملكته أي الكنيسة ولكن مهما قاموا فسينكسروا ومهما ظهر للعيان عكس ذلك فالكنيسة عروس المسيح ستبقي.
الآيات (11 -13) فانه هكذا قال لي الرب بشدة اليد و انذرني أن لا اسلك في طريق هذا الشعب قائلا.لا تقولوا فتنة لكل ما يقول له هذا الشعب فتنة و لا تخافوا خوفه و لا ترهبوا. قدسوا رب الجنود فهو خوفكم و هو رهبتكم.
هنا الله يحذر النبي ومن يسمعونه من الأتقياء أن لا يسلكوا مسلك الشعب، وكان كلام الله له شديداً. وربما كان هذا في فترة مال فيها النبي لوجهة نظر الملك والشعب في التحالف مع أشور. ولكن الرب حذره وشدده بشدة اليد = أي بقوة يد الله عليه أمره أن يقبل ما يقوله الله بالرغم من صعوبة موقفه أمام الملك وأمام الشعب. وربما كان النبي خائفاً منهم. والله هنا يعطيه دفعة روحيه تعين ضعف الجسد. لا تقولوا فتنة فتنة أي مؤامرة. يبدو أن الشعب المنافق حسبوا توبيخ النبي لأحاز أنه مؤامرة ضد أحاز. قَدِسوا =" قارن مع ليتقدس أسمك" والقداسة سيكون فيها اختبار عشرة الله والحفظ من خطايا الأمم واستنارة وثبات ونصرة حقيقة علي الأعداء، وتقديسنا لأسم الله يكون بأن نحيا في قداسة.
آية (14) و يكون مقدسا و حجر صدمة و صخرة عثرة لبيتي إسرائيل و فخا و شركا لسكان أورشليم.
هذه الآية أقتبسها بطرس في (1بط 8:2) ويكون مقدسا في الآية السابقة طلب أن يتقدسوا ولكن كيف ؟ كانت القداسة في العهد القديم في الخيمة والهيكل بالدم. وهنا نري في هذه الآية نبوة عن المسيح الذي يقدس كهيكل جديد وهو سيكون صخرة حمآية للمؤمنين وحجر زاوية. ولكن سيكون صخرة عثرة وفخا للرافضين من اليهود.
آية (15) فيعثر بها كثيرون و يسقطون فينكسرون و يعلقون فيلقطون.
هذه العثرة التي يتكلم عنها أصدق شاهد لها سقوط الأمة اليهودية وقارن مع " من تلك الساعة رجع كثير من التلاميذ". يسقطون = في فخ إبليس وينكسرون =" قبل الكسر الكبرياء" ويعلقون = هذه النفوس الرافضة يلتقطها الشيطان ليفترسها. هم علقوا بما معناه لم يستطيعوا الارتفاع إلي السماويات بإيمانهم بالمسيح لأنهم انجذبوا في شباك الشيطان إذا هم علقوا في شباكه فلم يلحقوا بالمسيح وذلك لكبريائهم.
آية (16) صر الشهادة اختم الشريعة بتلاميذي.
صر الشهادة = الشهادة هي التي بدأ بها الإصحاح، المكتوبة علي اللوح بشأن سقوط دمشق والسامرة ثم تدمير ملك أشور لليهودية وخلاص البقية، وأن الله عمانوئيل معنا وأن المسيح سيأتي كسر تقديس للشعب وصخرة عثرة لليهود الرافضين. وهذا الكلام انتهي الأمر فيه ولا رجعة لذلك يقول له صر... إختم بتلاميذى أي بتلاميذ إشعياء الذين يقبلون هذه الشهادة. ولكنها نبوة عن تلاميذ المسيح في العهد الجديد وإنهم سوف يكشفون كل ما كان مستوراً حين يفك الأسد الخارج من سبط يهوذا كل الختوم وقوله صر.. إختم أي لا تزيد شيئاً عليها ولا تنقص.
آية (17) فاصطبر للرب الساتر وجهه عن بيت يعقوب و انتظره.
الساتر وجهه = بسبب غضبه ولكن هذا إلي حين فاصبر. هذه مثل "بصبركم تقتنون أنفسكم" وطلب الصبر هنا لأن هناك ضيقات آتية ينبغي مقابلتها بالصبر وبإيمان أنها للتأديب وللخير.
آية (18) هاأنذا و الأولاد الذين اعطانيهم الرب آيات و عجائب في إسرائيل من عند رب الجنود الساكن في جبل صهيون.
الله يستعمل النبي وأولاده آيات فأسماءهم كان لها معاني وكأنها نبوات مختصرة وقارن مع (عب 2 :13) فيكون إشعياء هنا رمزاً للمسيح لأن الرسول أقتبس هذا القول ونسبه للمسيح وأظهر به أن المسيح أشترك في اللحم والدم مع الطبيعة البشرية وفي هذا التفسير يصبح أولاد المسيح آيات وعجائب لرفضهم الشر ونظرهم لأمور سماوية. وهكذا كان إشعياء وأولاده وتلاميذه مختلفين عن الشعب الذين حولهم في إيمانهم وسلوكهم وأفكارهم نحو الرب وتلاميذ إشعياء حسبوا أولاداً له وهو في هذا يرمز للمسيح.
الآيات (19- 22) و إذا قالوا لكم اطلبوا إلى أصحاب التوابع و العرافين المشقشقين و الهامسين ألا يسأل شعب إلهه أيسال الموتى لأجل الأحياء.إلى الشريعة و إلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر فيعبرون فيها مضايقين و جائعين و يكون حينما يجوعون أنهم يحنقون و يسبون ملكهم و إلههم و يلتفتون إلى فوق.و ينظرون إلى الأرض و إذا شدة و ظلمة قتام الضيق و إلى الظلام هم مطرودون.
هناك خطأ شائع فحين يحجب الله وجهه تظلم الدنيا أمام الناس وبدلاً من التوبة والصلاة لله ليرفع غضبه يلجأون للعرافين والسحرة لطلب المشورة (هكذا فعل شاول الملك) وهنا فالنبي يحذر أتقياء الشعب من أن يسمعوا لمن يقول لهم أذهبوا واطلبوا إلي السحرة.
أصحاب التوابع والعرافين = الذين يدعون أنهم يقدرون أن يعاشروا أرواح الموتى ويعرفوا المستقبل المشقشقين والهامسين = من يتكلم بصوت هامس خافت غائر أو في رنة حزينة كالحمام وهذه طريقتهم في الكلام ليتقنوا دورهم. أيسأل الموتى لأجل الأحياء = هل ترضون بأن تتركوا الله الحي وأنتم عبيده أحياء إذا التزمتم بوصيته وتلجأون لهذه الوسائل الشيطانية إلي الشريعة وإلي الشهادة = هذا ما يجب أن يقوله من هو في ضيق فكلام الله هو الذي يعطي حياة. فليس لهم فجر = من لا يقول إلي الشريعة وإلي الشهادة. من لا يلجأ لكلام الله فليس له نور ويبقي في الظلام. وعجيب أن يكون للإنسان حياة في كلمات الكتاب المقدس ولا يقرأه. فيعبرون فيها = من يلجأ لهذه الوسائل يعيش في الأرض في ضيق وبلا معين.
الإصحاح التاسع
قال في الإصحاح السابق أن من يسير وراء التوابع يعيش في ظلام، فهم في ظلام بسبب هذا، وبسبب اعتمادهم علي أشور. أما هنا في هذا الإصحاح فيعطي أمل في المسيح الذي يحول الظلام إلي نور (2كو 9:4)ولنلاحظ أنه وعد بالنور وليس برفع الضيقة، وهذه طريقة الله أن يعطي نوراً وعزاءً لمن هم في ضيقة كما جاء للثلاثة فتية في أتون النار.
آية (1) و لكن لا يكون ظلام للتي عليها ضيق كما أهان الزمان الأول ارض زبولون و ارض نفتالي يكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم.
ولكن = هذه تعني أن الله لا يترك شعبه. وأن الأرض التي فيها ضيق لن يكون عليها ظلام متى جاء المسيح. والزمان الأول = حيث دخلت الخطية والموت بآدم. أما الزمان الثاني أو الأخير تدخل الكرامة حتى لجليل الأمم، هناك جاء المسيح ليعطي حياة. ومن المدهش أن إشعياء يحدد مكان بزوغ شمس البر طريق البحر – عبر الأردن جليل الأمم = وهي الأماكن التي ابتدأ الرب خدمته فيها. وطريق البحر = المقصود به بحر الجليل. أرض زبولون ونفتالي = كانتا أكثر البلاد التي قاست منذ زمن بعيد من هجمات الأمم المجاورة (أرام وأشور) وكانت أول من أشرق نور الرب عليها، في طبرية وكفر ناحوم وكورزين وهذه من قري نفتالي. وهذا معناه أن السيد المسيح يحول ما هو عار إلي مجد. وهو تجلي علي جبل تابور في أرض زبولون وهذه الآية أقتبسها معلمنا متي (مت 4 : 14 – 16).
جليل الأمم = كانت الناصرة والجليل كله علي حدود الأمم فاختلطوا بعاداتهم الوثنية، فكانوا في حالة انحلال روحي، وكذلك سكن في الجليل كثير من الأمم لذلك احتقر اليهود الجليليين لاختلاطهم بالأمم وكانوا يقولون "أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح" (يو 1 :46). ومعني الآية أن المسيح علي استعداد أن يتعامل وأن يعلن نفسه ليس فقط لليهود ولا للأمم بل لأحقر الأمم. فالله أختار الجهلاء والبسطاء ليعلن لهم نفسه. لذلك ذكرت الأناجيل الأربعة إسم مريم المجدلية التي كان بها 7 شياطين كشاهدة للقيامة بل كارزة بها. وسبب ذكر الأربعة الأناجيل لمريم المجدلية، أن هذا هو موضوع الإنجيل، الله يحول المزدري وغير الموجود إلي أولاد لله يكرزون باسمه.
الآيات (2،3) الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما الجالسون في ارض ظلال الموت أشرق عليهم نور.أكثرت الأمة عظمت لها الفرح يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد كالذين يبتهجون عندما يقتسمون غنيمة.
سكان الجليل الساكنين في الظلمة رأوا نور المسيح. أكثرت الأمة =عدد المؤمنين سيزداد بنعمة الروح القدس. عظمت لها الفرح = الفرح بالغلبة والنصرة والحصاد الكثير. الفرح هو سمة الكنيسة المتألمة بسبب مسيحها الذي فيها. كالفرح في الحصاد = أي الفرح في تحصيل الخيرات المذخرة في المسيح.
يقتسمون غنيمة = فضائل ونعم بعد الانتصار علي إبليس.
الآية (4) لان نير ثقله و عصا كتفه و قضيب مسخره كسرتهن كما في يوم مديان.
لأن نير ثقله = هذا هو السبب الأول لفرح الشعب، وهو إبادة المسيح لقوة أعدائه وخلاصهم من عصاته وقضيبه، لقد حررنا المسيح فصرنا بالحقيقة أحراراً "إن حرركم الابن..." يوم مديان = الله دائماً يخلص شعبه ويهلك أعداء شعبه، حدث هذا مع جدعون وتكرر في حادثه هلاك ال 185000 من جيش أشور وهذا كله رمز لهلاك إبليس.
آية (6،5) لان كل سلاح المتسلح في الوغى و كل رداء مدحرج في الدماء يكون للحريق مأكلا للنار. لأنه يولد لنا ولد و نعطى ابنا و تكون الرياسة على كتفه و يدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام.
السبب الثاني للفرح أن الأسلحة والحرب بطلت فزمان المسيح زمان سلام والمعني الروحي أن نار الروح القدس ستأكل سلاح الأعداء ورداء الشياطين المخضب بدماء الأبرياء، ويشمل سلام المسيح كل المؤمنين. فرحنا أن عدونا إبليس صار بلا سلاح.
كيف يحدث كل هذا؟ من الذي سيجرد إبليس من سلاحه ؟ من هو الذي يعطي سلاماً للعالم كله وفرحاً للمؤمنين ؟ هنا نجد إشعياء وقد تجاوز الرموز والظلام بهذه النبوة وتكلم مباشرة عن ولادة المسيح.
يولد لنا ولد = في العبرية يولد بيننا ولأجلنا. والمعني أن الابن يتأنس.
نعطي أبنا = هذه مثل الكلمة صار جسداً. الرياسة علي كتفه = المسيح بصليبه الذي حملة علي كتفه ملك علي قلوب كل من آمنوا به.
عجيباً = هو فائق الإدراك في نزوله من السماء، في إتضاعه ومحبته للبشر وميلاده البتولي ومعجزاته وقيامته وصعوده وأقواله وتعاليمه، بل بإسمه العجيب صنع تلاميذه معجزات. رئيس السلام = فهو أعظم من ضحي لأجل السلام، فصليبه كان صناعة سلام بين الأرض والسماء وهو وحده القادر أن يضع السلام الداخلي في قلوبنا، هذا السلام لا يستطيع العالم أن ينزعه منا. مشيراً = المسيح هو حكمة الله (1كو 24:1 + كو 2 :3) والمسيح أعلن السر الإلهي للبشر وكشف عن الآب (يو 6:17).
إلها قديراً = فهو واحد مع الآب في الجوهر، هو الإله الحق من الإله الحق
أباً أبدياً= المسيح في إلوهيته لم يعلن جبروت الله فقط بل أبوته وحنانه. آب تعني أصل وهي كلمة سريانية، فالإنسان كان يتحرق شوقاً لأصله ولأبيه. وبالمسيح عرفنا محبة الآب الأبدية وبه صرنا أبناء له.
آية (7) لنمو رياسته و للسلام لا نهآية على كرسي داود و على مملكته ليثبتها و يعضدها بالحق و البر من ألان إلى الأبد غيرة رب الجنود تصنع هذا.
النمو هو سمة الكنيسة وحياتها بالمسيح في الروح القدس فهو ينميها ويسقيها كل يوم في الأسرار. وغيرة = حب الله لشعبه صنع كل ذلك.
آية (8)أرسل الرب قولا في يعقوب فوقع في إسرائيل.
بدءاً من هنا نجد خطاب بالويلات الأتية عليهم (علي الأسباط العشرة) بسبب كبريائهم وتمردهم وشرهم الزائد. وهذه الآية فيها إنذار وتحذير وتنبيه ليعقوب أي للأسباط ولكنهم للأسف تجاهلوا إنذارات الله المتعددة عن يد أنبيائه العديدين. وقع القول في إسرائيل = أي تم تنفيذ التهديد وهنا بصيغة الماضي للتأكد من حدوثه. قبل ذلك من بدآية الإصحاح رأينا نوراً للأبرار المؤمنين بالمسيح وهنا نري ويل للأشرار رافصي النور أي رافضي السيد المسيح.
آيات (9 ،10) فيعرف الشعب كله افرايم و سكان السامرة القائلون بكبرياء و بعظمة قلب.قد هبط اللبن فنبني بحجارة منحوتة قطع الجميز فنستخلفه بارز.
يبدو أنه حدثت زلزلة عظيمة هدمت مدنهم (عا1 : 1 + زك 14 : 5) وكانت هذه الزلزلة إنذاراً لهم لكنهم في تحدي واضح قالوا سنبني مدناً أحسن ولن نتوب. وإن كانت بيوتنا السابقة من اللبن وهبطت سنبني بيوتاً بحجارة وهي أحسن وأقوي. وإن كنا قد استعملنا الجميز، في البناء سابقاً فسنستعمل الأرز. وفي هذا كبرياء وتحدي لله وإستهتار بإنذاراته.
آيات (11، 12) فيرفع الرب اخصام رصين عليه و يهيج أعداءه.الآراميين من قدام و الفلسطينيين من وراء فيأكلون إسرائيل بكل الفم مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
أخصام رصين = أي الأشوريين، فرصين كان يريد التحالف مع مصر ضد أشور. عليه = أي علي إفرايم. الآراميين = سيجبرون علي مساعدة أشور. بكل الفم = أي بكل قسوة وبلا رحمة، كما يأكل الوحش فريسته وذلك سيتم حين يهاجمهم الآراميين والفلسطينيين والأشوريين. فمن لا يتعلم من التأديب الأول (الزلزال) يأتي عليه التأديب الثاني (أشور)
الآيات (13 –16) و الشعب لم يرجع إلى ضاربه و لم يطلب رب الجنود. فيقطع الرب من إسرائيل الرأس و الذنب النخل و الاسل في يوم واحد. الشيخ و المعتبر هو الرأس و النبي الذي يعلم بالكذب هو الذنب. و صار مرشدو هذا الشعب مضلين و مرشدوه مبتلعين.
(آية 13) كأن الرب هو الضارب والمعني أنهم لم يستفيدوا من التأديب. وعلينا أن لا نرجع سبب نكباتنا للظروف بل نرجع لله ليرفع غضبه عنا.
الأسل = الشوك = أي يقطع الرب من إسرائيل الشريف والدنيء، الأعلى والأدنى. ونلاحظ أن خطية الأكبر سناً أو علماً هي أعظم.
الآية (17) لأجل ذلك لا يفرح السيد بفتيانه و لا يرحم يتاماه و أرامله لان كل واحد منهم منافق و فاعل شر و كل فم متكلم بالحماقة مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
الله يفرح بالفتيان الأطهار كيوسف ودانيال. ولكنه لا يفرح بهم لو انغمسوا في الشر. ويرحم الأرامل لو طلبوه ويتركهم لو تدنسوا.
الآية (18) لان الفجور يحرق كالنار تأكل الشوك و الحسك و تشعل غاب الوعر فتلتف عمود دخان.
الخاطئ يهلك نفسه والخطية كنار يشعلها الخاطئ في بيته. والزاني كمن يأخذ ناراً في حضنه (رو 1 :27)
الآية (19-21) بسخط رب الجنود تحرق الأرض و يكون الشعب كمأكل للنار لا يشفق الإنسان على أخيه. يلتهم على اليمين فيجوع و يأكل على الشمال فلا يشبع يأكلون كل واحد لحم ذراعه. منسى افرايم و افرايم منسى و هما معا على يهوذا مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد
كل واحد منهم لضيقه وجوعه يلتهم الآخر ويسلبه. وهذا ما حدث في فترة الاضطرابات في إسرائيل. يأكل لحم ذراعه = أي ذراع جاره وقريبه. صاروا بلا بركة كأنهم في غابة قانونها العنف والظلم يأكلون بعضهم. وهذا ما حدث في إسرائيل أي حرب أهليه مدمرة.
وتكرار كلمة يد الله مازالت ممدودة فهو لأنه لم يحقق ما يريده، أي توبتهم ويده ممدودة بالتأديب في محبة لجذب كل نفس.
الإصحاح العاشر
آيات (1-4 ) ويل للذين يقضون أقضية البطل و للكتبة الذين يسجلون جورا. ليصدوا الضعفاء عن الحكم و يسلبوا حق بائسي شعبي لتكون الأرامل غنيمتهم و ينهبوا الأيتام. و ماذا تفعلون في يوم العقاب حين تأتي التهلكة من بعيد إلى من تهربون للمعونة و أين تتركون مجدكم. إما يجثون بين الأسرى و إما يسقطون تحت القتلى مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
هي تكملة إنذار الله السابق علي مملكتي إسرائيل ويهوذا ولاحظ قول الله بائسي شعبي = فهو ينسب لنفسه البائسين. وحين يجيء يوم الشر يلجأ الأبرار لله فيحميهم ولا يجد الأشرار ملجأ لهم = إلي من تهربون للمعونة حين تأتي التهلكة من بعيد = أي بمجيء أشور. ويسألهم الرب متهكماً وأين تتركون مجدكم = أي مالكم الذي أخذتموه بالظلم أين تتركوه ولمن تتركوه وأنتم إما أسري أو أموات.
آيات (5-19) وصفاً لدمار أشور حينما تكبرت علي الله وأحست أن قوتها هي منها وليست من الله، فالله استعملهم كعصا تأديب لشعبه لسخطه علي شعبه.
آيات (5،6) ويل لأشور قضيب غضبي و العصا في يدهم هي سخطي.على امة منافقة أرسله و على شعب سخطي أوصيه ليغتنم غنيمة و ينهب نهبا و يجعلهم مدوسين كطين الأزقة.
علي أمة منافقة أرسله = نبوة بهجوم أشور علي شعب الله ويهوذا هو الأمة المنافقة بالرغم من وجود ملك قديس هو حزقيا علي رأسها. شعب سخطي = أي شعبي يهوذا الذي أنا ساخط عليه.
آيات (7-11)أما هو فلا يفتكر هكذا و لا يحسب قلبه هكذا بل في قلبه أن يبيد و يقرض أمما ليست بقليلة. فانه يقول أليست رؤسائي جميعا ملوكا.أليست كلنو مثل كركميش أليست حماة مثل ارفاد أليست السامرة مثل دمشق. كما أصابت يدي ممالك الأوثان و أصنامها المنحوتة هي أكثر من التي لأورشليم و للسامرة. افليس كما صنعت بالسامرة و بأوثانها اصنع بأورشليم و أصنامها.
سقطت مدن كثيرة بيد أشور. ولكن عين أشور كانت علي أورشليم مدينة الله. والشيطان يسقط كثيرين ولكن عينه علي نفوس أولاد الله المقدسين. وأشور تصورت إذ أسقطت مدناً كثيرة أنه لا توجد قوة قادرة علي الوقوف في وجهها وتصوروا عدم جدوى مقاومتهم – لقد سقطت أمامهم أعظم مدن أرام والحثيين فهل تقف أمامهم أورشليم. مشكلة أشور هنا أنهم تصورا أنهم بقوتهم فعلوا هذا. واعتبر ملك أشور أنه ملك ملوك.
رؤسائي ملوكاً = لقد أستخف الأشوريون بإله إسرائيل وحسبوه مثل باقي الآلهة أي آلهة الأمم ولم يفهموا أن الله إنما دفع إسرائيل ليدهم للتأديب وكبرياءهم هذا كان سبباً في أنهم يستحقون العقاب.
آيات (12-14) فيكون متى أكمل السيد كل عمله بجبل صهيون و بأورشليم أني أعاقب ثمر عظمة قلب ملك أشور و فخر رفعة عينيه. لأنه قال بقدرة يدي صنعت و بحكمتي لأني فهيم و نقلت تخوم شعوب و نهبت ذخائرهم و حططت الملوك كبطل.فأصابت يدي ثروة الشعوب كعش و كما يجمع بيض مهجور جمعت أنا كل الأرض و لم يكن مرفرف جناح و لا فاتح فم و لا مصفصف.
كما يجمع بيض مهجور = لقد تأله ملك أشور في عيني نفسه والمعني هنا أنه غزا الممالك وجمعها بلا مانع كما يجمع بيض مهجور بلا صاحب.
ولم يكن مرفرف جناح = أي من دون أدني مقاومة. ووجد في الكتابات الأشورية أن ملك أشور كان يسمي نفسه ملك الملوك ورب الأرباب.
مصفصف = أي يهمس بشفتيه أو يصفر والمعني الكل ساكت.
آية (15) هل تفتخر الفأس على القاطع بها أو يتكبر المنشار على مردده كأن القضيب يحرك رافعه كأن العصا ترفع من ليس هو عودا.
يظهر الله هنا أن أشور مجرد فأس في يده "الله لا يشمخ عليه"(غل7:6)
آيات (16-19) لذلك يرسل السيد سيد الجنود على سمانه هزالاً و يوقد تحت مجده و قيدا كوقيد النار.و يصير نور إسرائيل نارا و قدوسه لهيبا فيحرق و يأكل حسكه و شوكه في يوم واحد.و يفنى مجد وعره و بستانه النفس و الجسد جميعا فيكون كذوبان المريض.و بقية أشجار وعره تكون قليلة حتى يكتبها صبي.
سمانه = أي رجال حربه الأشداء يصيرون هزالاً.
يوقد تحت مجده = أي يحرق الله جيشه. ويصير نور إسرائيل ناراً = الله يؤدب شعبه ولكنه لا يتركه، هو نور لإسرائيل، قدوس يقدس شعبه لكنه نار علي أعدائها. وعره والبستان = كنآية عن عساكر أشور نظراً لكثرتهم. النفس والجسد = أما المؤمن فقد يهلك جسده ولكن نفسه لا تهلك وبقية أشجار وعره = أي أن جيشه الذي كان بلا عدد، كثيراً كالأشجار، أ شجار الوعر يصير قليلاً حتى يقدر صبي أن يَعُدَه = حتى يكتبها صبي.
ملحوظة : عرف الرب عند شعبه باسمه المملوء بركة ومواعيده اللانهائية أنا هو...... وهذا الاسم يملأ كل إحتياج لشعب الله. فإن جاعوا فهو أنا خبز الحياة وإن عطشوا فهو ماء الحياة وإن ساروا فهو "أنا هو الطريق" وإن ماتوا فهو "أنا هو الحياة" والآن شعب الله في ظلام وهو لهم نور ونار.
الآيات (20 – 23) و يكون في ذلك اليوم أن بقية إسرائيل و الناجين من بيت يعقوب لا يعودون يتوكلون أيضا على ضاربهم بل يتوكلون على الرب قدوس إسرائيل بالحق.ترجع البقية بقية يعقوب إلى الله القدير.لأنه و إن كان شعبك يا إسرائيل كرمل البحر ترجع بقية منه قد قضي بفناء فائض بالعدل.لان السيد رب الجنود يصنع فناء و قضاء في كل الأرض.
كعادة إشعياء يتحدث عن خلاص البقية التي تظل أمينه لله بعد التأديب (رو 9 : 27، 28) ولا يعودون يتوكلون علي ضاربهم = أي يتعلمون الحكمة من التأديب. ويتحققون فساد سياسة أحاز الإستعانه بملك أشور. كرمل البحر = هذا الوعد هو ما قيل لإبراهيم.
قد قضي بفناء فائض بالعدل = أي الحكم بالفناء الصادر ضد أشراركم كان بعدل في كل الأرض = تعني إسرائيل ويهوذا.
وتشير هذه الآيات لعودة المسبيين وأن الله سمح لهم بهذا السبي للتأديب ولكنه سيعيدهم. وسيستفيد بعض منهم ويعودون لله (وهؤلاء هم البقية) وقد عاد فعلاً من سبي بابل حوالي 43.000.
وتشير هذه الآيات أيضاً لسر الخلاص الأبدي حين أتي المسيح لليهود فآمنت قلة منهم (هم البقية) والأغلبية رفضوا واستمروا في سبي إبليس. وهذا يفعله الله بعدل إذ حين رفض اليهود المسيح، قبل الله الأمم في الإيمان وفي الأيام الأخيرة تؤمن بالسيد المسيح البقية.
الآيات (24 – 27) و لكن هكذا يقول السيد رب الجنود لا تخف من أشور يا شعبي الساكن في صهيون يضربك بالقضيب و يرفع عصاه عليك على أسلوب مصر. لأنه بعد قليل جدا يتم السخط و غضبي في إبادتهم. و يقيم عليه رب الجنود سوطا كضربة مديان عند صخرة غراب و عصاه على البحر و يرفعها على أسلوب مصر. و يكون في ذلك اليوم أن حمله يزول عن كتفك و نيره عن عنقك و يتلف النير بسبب السمانة.
هذا الكلام موجه لحزقيا وشعبه حين حاصره جيش أشور. رب الجنود = فهو الذي يحارب، فلا تخشوا جيش أشور، إذ هو يؤدب ولا يفني. الساكن في صهيون = من هو ساكن في صهيون لا يخف من ضربات التأديب، وهكذا من هو ثابت في الكنيسة لا يخاف. يضربك بالقضيب أشور هي القضيب. صخرة غراب = (راجع قصة جدعون) أسلوب مصر = أي كما كانوا في مصر مسخرين مستعبدين، ومنهوبين.
ولنلاحظ أن هذا ما حدث فعلاً. فقد نهب أشور أورشليم بوضع جزية عليهم دفعها حزقيا. ثم حاصروها. لكن قُتِل منهم 185.000 ثم مات ملكهم بيد أولاده كما قتل جدعون أمير المديانيين عند الصخرة بعد انتصاره. ويرفعها علي أسلوب مصر (آية 26) = كما رفع موسي عصاه وشق البحر ثم أغلقه علي المصريين فهلكوا هكذا سيهلك أشور. حمله يزول عن كتفك تنتهي سيطرتهم ويتحرر شعب الله. رمزاً للحرية بالفداء.
يتلف النير بسبب السمانة = تنتهي قوتهم فيتحرر الشعب وذلك بسبب كبريائهم (السمانة). وكلمة السمانة تعني أيضاً في العبرية "المسحة" ويكون المعني أن الله سيبيد أشور بسبب مواعيده لداود مسيحه.
آيات (28 - 32) قد جاء إلى عياث عبر بمجرون وضع في مخماش أمتعته. عبروا المعبر باتوا في جبع ارتعدت الرامة هربت جبعة شاول.اصهلي بصوتك يا بنت جليم اسمعي يا ليشة مسكينة هي عناثوث.هربت مدمينة احتمى سكان جيبيم.اليوم يقف في نوب يهز يده على جبل بنت صهيون أكمة أورشليم.
تنبئ هذه الآيات بمجيء أشور علي أورشليم عبر هذه المدن وحينما تأتي أخبار اجتياح أشور لهذه الأماكن يحدث ذعر في أورشليم فهذه خطة أشور للتخويف لتستسلم أورشليم. عيات = هي عاي وضع في مخماش أمتعته = ربما لصعوبة الطريق. جبعة شاول = هي قرية علي أكمة تجاه مخماس وكانت مسكناً لشاول اصهلي بصوتك = أي أندبي بصوتك. ونوب = مدينة للكهنة وقف عندها أشور.
آية (33) هوذا السيد رب الجنود يقضب الأغصان برعب و المرتفعو القامة يقطعون و المتشامخون ينخفضون.
يقضب الأغصان = شبه الله أشور بشجرة عاليه. ويقضب الأغصان معناها أنه عند اقتراب العدو من أورشليم يقيها الله بإهلاك هذه القوة التي أتت عليها وهكذا يهلك الله كل مقاوم له ولكنيسته.
آية (34) و يقطع غاب الوعر بالحديد و يسقط لبنان بقدير.
تعني تشتيت شمل الأشوريين وتمزيقهم في تلك الليلة الهائلة ليلة ال 185.000 ولكن بعد أن نفذ الرب خطته وأنكسر تشامخ الجميع.
الإصحاح الحادي عشر
نجد هنا تحول عجيب من الخلاص الزمني من أشور إلي الخلاص الأبدي بالمسيح. وكأن الخلاص الزمني رمز للخلاص الأبدي. والخلاص الأبدي يبدأ هنا علي الأرض في مملكة المسيح التي صار فيها الأسد (الإنسان المتوحش أخلاقاً) يأكل تبناً (تصرفاته هادئة). ونري أن السلام في مملكة حزقيا هو رمز للسلام في مملكة السيد المسيح. ورجوع كثيرين من الأسباط العشرة لحكم حزقيا بعد فناء إسرائيل رمز لرجوع الأمم.
آيات (1-5) و يخرج قضيب من جذع يسى و ينبت غصن من أصوله.و يحل عليه روح الرب روح الحكمة و الفهم روح المشورة و القوة روح المعرفة و مخافة الرب. و لذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه و لا يحكم بحسب سمع أذنيه. بل يقضي بالعدل للمساكين و يحكم بالإنصاف لبائسي الأرض و يضرب الأرض بقضيب فمه و يميت المنافق بنفخة شفتيه. و يكون البر منطقة متنيه و الأمانة منطقة حقويه.
كعادة إشعياء نجده بعد أن تكلم عن التهديدات ضد شعبه نجد أنه في (10 : 33، 34) انتقل إلي خراب أشور ويوضح هنا أن هذا رمزاً لعمل الله الخلاصى وظهور ربنا يسوع المسيح. نجده ينهي الإصحاح العاشر بقطع أغصان الأشرار ويبدأ هنا في ص (11) بخروج قضيب من جذع يسي أي أبن لداود. وهذه الآيات واضح أنها علي السيد المسيح ولكن اليهود يطبقونها علي حزقيا مع أنه ولد قبل نطق إشعياء بها.
من جذع يسي = نسبة السيد المسيح هنا إلي يسي وليس لداود الملك تشير لإتضاعه. والسيد المسيح بإتضاعه سحق تشامخ الأعداء وكبريائهم الذي صوره في (10 :33) بغصون مرتفعه ويحل عليه روح الرب = فهو قد حبل به من الروح القدس وحل عليه الروح في المعمودية لحسابنا. وحلول الروح القدس علي السيد المسيح يختلف عن حلوله فينا، فهو علي السيد المسيح حلول أقنومي، أما لنا فهو نعمة بقدر ما تحتمل طبيعتنا. السيد المسيح حل فيه كل الملء ومن ملئه ننال نحن نعمة فوق نعمة (كو 1: 19 + 9:2 + يو 16:1) وحلول الروح القدس علي المسيح كان لحسابنا ليحل علي البشر (جسد المسيح نحن) بعد ذلك وصفات الروح المذكورة هنا سبع، روح الرب روح الحكمة.. فرقم 7 رقم كامل يشير لعمل الروح القدس الكامل في الكنيسة، لذلك قيل في (رؤ 4:1) سبعة أرواح الله بنفس المفهوم. روح الله القدوس يعطينا حكمة وفهم لنفهم أسرار الله. وهو يشير علينا ويرشدنا للحق وهو يعطينا قوة جبارة تعتقنا من ناموس الخطية والموت. ويعطينا معرفة بها نتذوق الحياة الروحية. لذته تكون في مخافة الرب = الناس لذتهم في إشباع شهواتهم أما هو فقال عن نفسه من منكم يبكتني علي خطية. هي ليست مخافة الرعب ولكن مخافة من لا يريد أن يجرح مشاعر أبيه، وهذا ما يعطيه لنا الروح القدس.
فلا يقضي بحسب نظر عينيه = أي لا ينخدع بالمظاهر فهو يعلم قلوب الناس وهو فاحص القلوب والكلي. ولا يحكم بحسب سمع أذنيه = هو يرفض الوشايات البشرية. يقضي بالعدل للمساكين = هو يهتم بالمساكين ودعاهم إخوته. وطوب المساكين بالروح. وكان محباً للعشارين والخطاة. ويضرب الأرض بقضيب فمه = فهو يخرج من فمه سيف ماضي ذو حدين (رؤ 1 : 16) به يحارب أعداءه (رؤ 2: 16) وقوله يضرب الأرض أي من صار في شهوانيته أرضاً. وهو يضرب ليحطم فينا الزمنيات حتى يرفعنا للسماويات. وكلمة الله هي سيف ذو حدين (عب 4 : 12) الحد الأول يلدنا من جديد (1بط 1 :23) والحد الثاني يدين لو لم نستجب للحد الأول وعاندنا (يو 12 : 48 + رؤ 2 :16).
ويميت المنافق = المنافق هو ضد المسيح، روح الظلمة الموجود في كل زمان ومكان بنفخة شفتيه = هي الروح القدس. لذلك فلا سبيل لمقاومة وإبطال حجج المقاومين للإيمان وخداعات ونفاق إبليس إلا بالروح القدس.
ويكون البر منطقة متنيه = كان الأغنياء يلبسون ويتزينون بمنطقة مزركشة مذهبة علامة الغني والعظمة والمسيح لبس منطقة البر إذ ظهر أنه قدوس بلا خطية. وكانوا يلبسون منطقة لتقوية الجسد كاستعداد للقيام بعمل ما. والمسيح كان ببره هو الوحيد البار القادر أن يموت ليقدم الخلاص لنا وتمنطق ليغسل أرجلنا.( أى يطهر كل من يقبله).
قضيب من جذع يسي = قضيب أي فرع. فعائلة داود والتي قطعت بموت صدقيا أيام سبي بابل مشبهة بشجرة قطعت أغصانها ولكن بعد فترة طويلة يخرج من هذه الشجرة غصن أخضر، هو المسيح أبن داود. وصدقيا كان أخر ملك من نسل داود، حتى ظهر المسيح أبن داود .
آيات (6-9) فيسكن الذئب مع الخروف و يربض النمر مع الجدي و العجل و الشبل و المسمن معا و صبي صغير يسوقها. و البقرة و الدبة ترعيان تربض أولادهما معا و الأسد كالبقر يأكل تبنا.و يلعب الرضيع على سرب الصل و يمد الفطيم يده على حجر الأفعوان لا يسوؤون و لا يفسدون في كل جبل قدسي لان الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر.
الوحوش الضواري إشارة للأشرار فبولس الرسول يقول "حاربت وحوشاً في أفسس" ويقول معلمنا بطرس " خصمكم إبليس كأسد زائر" (من زئير) والسيد المسيح يقول "أرسلتكم وسط ذئاب". والعكس فالحيوانات الهادئة تشير لشعب المسيح فالسيد المسيح يقول "لا تخف آيةا القطيع الصغير" وأيضاً "كونوا حكماء كالحيات ودعاء كالحمام". وبعد المسيحية تحولت طبيعة البشر فسكان روما المتوحشين الذين كانوا يفرحون بمنظر الدماء في ساحات الملاعب تحولوا إلي مسيحيين ودعاء. بل أن هذه الآيات تحققت بالفعل مع بعض القديسين كالأنبا برسوم العريان وغيره. يأكل الأسد تبناً = أي يفقد طبعه الوحشي. صبي صغير يسوقها = إشارة للقيادات التي تتحلي بالبساطة ولا تعرف حب السيطرة. تربض أولادهما معاً. البقرة والدبة = البقر يشير لليهود الذين هم من قطيع الله تحت نير والبقر حيوان طاهر والدب يشير للأمم في وحشيتهم قبل الإيمان. لكن الكل سيصير واحداً تحت رآية السيد المسيح، وأولاد اليهود وأولاد الأمم لن يكون بينهما أي شقاق بل مصالحة حلوة. ونلاحظ أنه في بدآية الكنيسة كان المسيحيين من أصل يهودي لا يتقبلون الأمم والعكس صحيح، أما أولاد هؤلاء وأولئك لم تكن بينهم هذه الحساسيات وصاروا كنيسة واحدة. يلعب الرضيع علي سرب الصل= لا يعود الرضيع ينزعج لأنه قد بطل سم الصل. فالمسيح غير الطبيعية البشرية الشرسة لا يسوؤن في جبل قدسى = الكنيسة هي جبل قدس الله، هو طهرها والكل يعيشون في سلام. الأرض تمتلئ من معرفة الرب = ليست المعرفة الفلسفية بل معرفة روحية إختبارية. كما تعطي المياه البحر = نبوة عن إمتداد الكرازة وعمل الروح القدس.
آية (10) يكون في ذلك اليوم أن أصل يسى القائم رآية للشعوب إياه تطلب الأمم و يكون محله مجدا.
رآية للشعوب = أقتبس بولس الرسول هذه الآية عندما تحدث عن تمجيد الأمم لله من أجل رحمته عليهم
(رو 12،6:15) ولقد صار السيد نفسه رآية حينما علق علي الصليب باسطاً يديه ليضم العالم كله في أحضانه. وستجتمع حوله كل الشعوب ويكون في وسطهم. فحينما توجد رآية يكون الملك أو الرئيس موجوداً. ووجود الملك يعني حمآية من يلجأ تحت رايته. لذلك طلبه الأمم كما طلبه اليونانيون (يو 12) وكرنيليوس. ويكون محله مجداً = في الترجمة اليسوعية أتت هذه الآية ويكون مثواه مجداً. فلقد صار قبر المسيح مقدساً للمؤمنين، فيه يرون قبراً فارغاً دليل القيامة.
آية (11) و يكون في ذلك اليوم أن السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه التي بقيت من أشور و من مصر و من فتروس و من كوش و من عيلام و من شنعار و من حماة و من جزائر البحر.
ويكون في ذلك اليوم = أي العصر الإنجيلي. أن أقتني البقية = بعد أن أنقذ الله شعبه من عبودية فرعون، ثم ذهبوا إلي سبي بابل، فالله سيعيدهم من سبي بابل. ولكن الآية تفهم أيضاً أن هناك بقية ستؤمن بالمسيح وسيخلصها الله من استعباد الشيطان الفعلي بالصليب، ويكون الخلاص من فرعون أو بابل هو الرمز للخلاص الحقيقي. وهذا حدث يوم العنصرة ثم من خلال كرازة الرسل ثم عبر الكنيسة، ثم سيحدث أيضاً بإيمان اليهود في نهآية الأيام. وفتروس هي مصر العليا وكوش هي الحبشة وعيلام هي الفرس أو إيران وشنعار هي بابل (كل ذلك رمز للأمم التي ستدخل للمسيحية).
آية (12) و يرفع رآية للأمم و يجمع منفيي إسرائيل و يضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض.
الكنيسة ستضم الجميع الأمم مع اليهود الذين في الشتات.
آية (13) فيزول حسد افرايم و ينقرض المضايقون من يهوذا افرايم لا يحسد يهوذا و يهوذا لا يضايق افرايم.
أفرا يم ويهوذا في سلام إشارة للكنيسة التي تحيا في سلام.
آية (14) و ينقضان على أكتاف الفلسطينيين غربا و ينهبون بني المشرق معا يكون على أدوم و مواب امتداد يدهما و بنو عمون في طاعتهما.
الله لا يعادي الفلسطينيين ولا الموآبيين ولا غيرهم بدليل آية (11) ولكن هؤلاء الأمم في عبادتهم للشيطان هم يرمزون للشياطين. والله يعطي لأولاده سلطاناً علي الحيات والعقارب أي الشياطين أن يدوسوهم.
آية (15) و يبيد الرب لسان بحر مصر و يهز يده على النهر بقوة ريحه و يضربه إلى سبع سواق و يجيز فيها بالأحذية.
درس عبور الشعب للبحر الأحمر وشقه وشق نهر الأردن معناه هنا أن الرب يزيل كل العقبات. والنهر المقصود هنا هو نهر الفرات (قارن مع رؤ 16 : 12). والآية تشير أن الله سيجفف كل مقاومة في قلوب الأمم لينفتح الطريق للملكوت المسيانى وفيها إشارة لعودة اليهود من سبي بابل عبر نهر الفرات. وتجفيف نهر الفرات (رؤ 16 :12) + هذه الآية قد تحدث حقيقة وقد يكون رمزاً كما ذكرنا.
آية (16) و تكون سكة لبقية شعبه التي بقيت من أشور كما كان لإسرائيل يوم صعوده من ارض مصر.
وبعد هذا (في نهآية الأيام) يعود بقية شعبه للإيمان.
الإصحاح الثاني عشر
هنا تسبحة من فداه المسيح بدمه وآية (2) ترددها الكنيسة في تسبحة البصخة ليلة ويوم الجمعة العظيمة "قوتي وتسبحتي هو الرب وقد صار لي خلاصاً مقدساً" وكما سبح اليهود وموسي بعد خروجهم من مصر، هكذا هذا الإصحاح تسبحة بعد أخبار الخلاص، فقد رأينا ميلاد الرب من عذراء ومجيئه كنور، رأيناه طفلاً مولوداً ورأيناه ملكا علي شعبه وإلهاً قديراً ورئيس للسلام ومنتقما من أعدائه، حل عليه روح الرب لحسابنا. بعد كل هذا يحق لنا أن نسبح والتسابيح هي لغة المتحررين، والفرح هو الثمرة الأولي للخلاص والحرية.
آية (1) و تقول في ذلك اليوم أحمدك يا رب لأنه إذ غضبت علي ارتد غضبك فتعزيني.
ذلك اليوم = يوم الخلاص. وتقول = يقولها بالمفرد فالشعب جسد واحد وروح واحد. غضبت عليَ = الله يغضب علي الخطية. وارتد غضبك = غضب الله ارتد بالفداء. فتعزيني = غضب الله تحول إلي تعزية بحلول الروح المعزي.
آية (2) هوذا الله خلاصي فاطمئن و لا ارتعب لان ياه يهوه قوتي و ترنيمتي و قد صار لي خلاصا.
الله خلاصي = لم يقل مخلصي. فالمخلص يخلص مرة واحدة ولكن قوله خلاص تعني أن عمله مستمر بوجود الله معنا. ياه يهوه = اسمان للجلالة بمعني واحد والتكرار يشير لله السرمدي الذي لا يتغير. وياه تصغير يهوه وتستعمل في الشعر. وترديد أسم الله يكسبنا قوة ويعطينا حمآية، قارن مع قول السيد المسيح إحفظهم في إسمك (يو 11:17).
آية (3) فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص.
المسيح هو الصخرة التي تفجر منها الماء. والماء هو الروح القدس.
آية (4) و تقولون في ذلك اليوم احمدوا الرب ادعوا باسمه عرفوا بين الشعوب بأفعاله ذكروا بان اسمه قد تعالى.
عرفوا = من عرف عمل المسيح الفدائي يكرز ويبشر به ويشهد له.
آية (5،6) رنموا للرب لأنه قد صنع مفتخرا ليكن هذا معروفا في كل الأرض.صوتي و اهتفي يا ساكنة صهيون لان قدوس إسرائيل عظيم في وسطك.
حلول الله وسط شعبه سبب فرح وترنيم وتسبيح لهم.
الإصحاح الثالث عشر
هذا الإصحاح بداءة قسم آخر من نبوءات إشعياء يمتد من ص (13 حتي ص 23) وموضوعه الويلات علي الأمم التي ضايقت اليهود، فالله يملك علي الجميع وقد يسمع، بل هم سمعوا، هؤلاء الأمم هذه النبوات فيقدمون توبة. وأول نبوة في هذا الإصحاح وما يليه (13 : 1- 23:14) تتكلم عن بابل. وكتبت هذه النبوة سنة 739 أي قبل 133 سنة من نشأة أو قيام بابل كدولة كبيرة في التاريخ، إذ أن بابل قامت سنة 606 ق. م. وخربت سنة 538 بل أن هذا الإصحاح يتحدث عن الدولة التي ستخربها وهي مادي. ومعروف أن تحالف مادي وفارس هو الذي أسقطها سنة 538 ق.م. ولم تكن مادي سوي أمة بربرية وقتئذ، ولم تظهر كدولة إلا بعد النبوة بحوالي 100 سنة ونلاحظ أن الله يتكلم عن حمايته لشعبه من أمة لم تقم بعد فالله يحمي أولاده من الأعداء الخفيين والظاهرين، الحاليين والمستقبليين، ممن نعرفهم وممن لا نعرفهم. ولقد تحدث النبي قبل هذا الإصحاح عن مجيء السيد المسيح وخلاصه ولكن قبل مجيئه ستقوم بابل ثم تنتهي كدولة. وهذا موضوع هذا الإصحاح وبابل في الكتاب المقدس رمز لمملكة الشيطان فشعب بابل تحدوا الله وتكبروا عليه وعبدوا الأوثان ولكن الله أستخدمهم كأداة تأديب ضد شعبه. وقبل مجيء السيد المسيح الثاني ستقوم دولة الدجال (بابل الرمزية) ليبيدها المسيح بنفخة فمه كما ستباد بابل الأولي قبل مجيء المسيح الأول (هذا الإصحاح والإصحاح التالي 14). ولأن بابل رمز لمملكة الشر علينا أن نهرب من بابل أي مملكة الشر حتى لا يأتي علينا من ضرباتها.
آية (1، 2) وحي من جهة بابل رآه اشعياء بن أموص.أقيموا رآية على جبل اقرع ارفعوا صوتا إليهم أشيروا باليد ليدخلوا أبواب العتاة.
وحي = تترجم ثقل أو حمل. لصعوبة ما في هذه النبوة من آلام ومرارة تحل بالأمم. وقوله رآه = هو لم يسمع به فقط بل رآه، هذا تأكيد لوقوعه. أقيموا رآية = ليراها كل أحد. هو نداء لرؤساء الأمم ليزحفوا إلي بابل. جبل أقرع = أي لا يستره شيء من الشجر حتى يري كل واحد الرآية المرفوعة.
أرفعوا صوتاً إليهم = بالأبواق نادوا علي مادي وفارس. العتاة = البابليين.
آية (3) أنا أوصيت مقدسي و دعوت أبطالي لأجل غضبي مفتخري عظمتي.
مقدسى = المقدس هو المفرز لعمل ما. إذا الله هو الذي اختار كورش لإجراء غضبه علي بابل. ونحن مقدس الله مدعوون لقتال إبليس ومملكته لتتقدس أعماقنا وبهذا نصير أبطال لله.
مفتخري عظمتي = هم جنود كورش الذين يحققون مجد اسم الله العظيم. وتترجم أيضاً هؤلاء المفتخرين بعظمتي أو المبتهجين بعظمتي. فالله هو الذي أعطاهم هذه القوة. والله أعطي للمؤمنين قوة علي إبليس وجنوده وحيمنا ينتصرون علي حيله ومكايده يفرحون بعظمة الله الذي أعطاهم هذه القوة.
آيات (5،4) صوت جمهور على الجبال شبه قوم كثيرين صوت ضجيج ممالك أمم مجتمعة رب الجنود يعرض جيش الحرب. يأتون من ارض بعيدة من أقصى السماوات الرب و أدوات سخطه ليخرب كل الأرض.
كل هذا الجمهور أتي به الرب ويستعرضه بل أتي معهم = الرب وأدوات سخطه. فأدوات سخطه هم جنود مادي وفارس. ومادي وفارس أخر البلاد المعروفة لذلك قال = من أقصي السموات. ولأنهم جمهور كثير يذكر هنا ضجيجهم. وضجيج مادي وفارس مزعج جداً لبابل المحاصرة منهم. وهكذا تسبيح وصلوات المؤمنين في الكنيسة مرهبة جداً لإبليس وجنوده. صوت جمهور علي الجبال = إذا فهمناها علي مادي وفارس فهم علي الجبال يحيطون بابل وإذا فهمناها علي الكنيسة فهو شعب الله الذي يحيا في السماويات مرنما مهللا ليخرب كل الأرض = أي مملكة بابل. الله هنا يستعرض قواته التي أعدها.
آيات (6 ، 7) ولولوا لان يوم الرب قريب قادم كخراب من القادر على كل شيء. لذلك ترتخي كل الأيادي و يذوب كل قلب إنسان.
يوم الرب قريب = وكان هذا بعد النبوة بحوالي 200 سنة. ولولوا هذه لأهل بابل. ترتخي كل الأيدي = بعد الضربة. يذوب قلب كل إنسان = السبب هو عدم خوف الله فمن يخاف الله لا يخاف إنسان. "رأس الحكمة مخافة الله".
آيات (9،8) فيرتاعون تأخذهم أوجاع و مخاض يتلوون كوالدة يبهتون بعضهم إلى بعض وجوههم وجوه لهيب.هوذا يوم الرب قادم قاسيا بسخط و حمو غضب ليجعل الأرض خرابا و يبيد منها خطاتها.
يبهتون = كل واحد ينظر للآخر يطلب مشورته، ولا يجد عنده رأي أو حل فالكل في نفس الأتون. خطاتها = إذاً سبب سقوطهم هو خطاياهم. يتلوون كوالدة = فهم حاملين داخلهم ثمار شرورهم. وجوه لهيب = الخجل بسبب إنكسارهم الشديد، وربما انعكاس حمرة نيران المعركة علي وجوههم.
آية (10) فان نجوم السماوات و جبابرتها لا تبرز نورها تظلم الشمس عند طلوعها و القمر لا يلمع بضوئه.
جبابرتها = مجموعة نجوم في السماء تسمي الجبار. وهذه الأقوال قد تكون مجازية كمن يقول "الأرض بتلف بيَ" إشارة لإحساسه هو بالدوار فهؤلاء في ظلام تام كأنهم بلا سماء ولا شمس ولا قمر ولا نجوم، هم فقدوا الرؤية، هم في ظلمة الجهل بسبب مقاومتهم لله، لا يرون شمس البر (المسيح) ولا القديسين (الكواكب) ولا يتمتعون بالحياة الكنسية في الكنيسة (القمر.) ودينونه بابل هذه رمزاً لدينونة اليوم الأخير (مت 24 : 29).
آية (11) و أعاقب المسكونة على شرها و المنافقين على أثمهم و أبطل تعظم المستكبرين و أضع تجبر العتاة.
أعاقب المسكونة = أي أعاقب بابل. فبابل كانت تحكم المسكونة وقتها، ولكن هذه تشير لدينونة اليوم الأخير حيت تكون بابل الأخيرة أي دولة الشر تحكم المسكونة كلها.
آيات (12، 13) و اجعل الرجل اعز من الذهب الإبريز والإنسان اعز من ذهب أوفير لذلك أزلزل السماوات
و تتزعزع الأرض من مكانها في سخط رب الجنود و في يوم حمو غضبه.
بابل إستقدمت ألاف من البشر لبنائها وبناء أسوارها الرهيبة وكانت تموج بالبشر من شعبها أو من المسبيين. ولكن في يوم العقاب يقل الرجال من الضربات في الحروب حتى يصيروا أعز من الذهب الإبريز = أي الخالص، بعد أن كانوا كثيرين وبلا ثمن. أوفير = جنوب بلاد العرب علي المحيط الهندي.
آيات (14 - 16) و يكونون كظبي طريد و كغنم بلا من يجمعها يلتفتون كل واحد إلى شعبه و يهربون كل واحد إلى أرضه. كل من وجد يطعن و كل من إنحاش يسقط بالسيف. و تحطم أطفالهم أمام عيونهم و تنهب بيوتهم و تفضح نسائهم.
كل واحد إلي شعبه = لأن جيش بابل كان مكون من كل الشعوب، ولم يكن قلبهم علي بابل، فحينما جاءت الضربة تركوها وهربوا. وتأمل فالضربات للجميع حتى الأولاد والنساء. وهكذا عقاب الخطية ونتائجها المرة.
آية (17) هاأنذا أهيج عليهم الماديين الذين لا يعتدون بالفضة و لا يسرون بالذهب.
الماديين = هنا نبوة واضحة بالشعب الذي يكسر بابل أي مادي وفارس ولكن اشتهرت الدولة بعد ذلك باسم فارس ولم يكونوا مهتمين بالذهب والفضة بل هم في وحشيتهم حطموا بابل في قسوة، هكذا ستدان بابل في نهآية الأيام. وَوُجِد في كتابة لكورش لجنوده "أنا أعرف أنكم ما جئتم للحرب رغبة في الفضة" إلا أن كورش نفسه كان رقيقاً وإنساناً مهذبا.
آية (18) فتحطم القسي الفتيان و لا يرحمون ثمرة البطن لا تشفق عيونهم على الأولاد.
اشتهر الفرس بحرب القسي والقوس. والقسي هي السهام التي تستخدم في القوس.
آية (19) و تصير بابل بهاء الممالك و زينة فخر الكلدانيين كتقليب الله سدوم و عمورة.
بابل بهاء الممالك = هي كذلك لقِدَمِها وعلومها وغناها وتجارتها ومبانيها. الكلدانيين = إسم قبيلة من مملكة بابل منها خرج الكهنة ورجال الدين والسحرة ثم أطلق أسم الكلدانيين علي كل بابل، كما أطلق أسم الفراعنة علي كل مصر.
آية (20) لا تعمر إلى الأبد و لا تسكن إلى دور فدور و لا يخيم هناك إعرابي و لا يربض هناك رعاة.
لا تعمر إلي الأبد = اندثرت كل أثارها وكان ملوك الفرس يمارسون الصيد في خرائبها. ولا تسكن = خربت كل أراضيها الزراعية. ولا يخيم هناك إعرابي = توهم العرب أن الجن يسكن في خرائبها فكانوا لا يبيتون فيها. والنفس الخربة يسكن داخلها الشياطين المتوحشة والبوم (اليأس) والنجاسة والتشاؤم وصوت البوم (أي لا فرح).
آيات (21، 22) بل تربض هناك وحوش القفر و يملا البوم بيوتهم و تسكن هناك بنات النعام و ترقص هناك معز الوحش. و تصيح بنات أوى في قصورهم و الذئاب في هياكل التنعم و وقتها قريب المجيء و أيامها لا تطول.
هذا رمز لسكني الشيطان. ولكن هذا ما حدث فعلاً فهياكل أوثانها سكنتها الوحوش (لاحظ نتائج الخطية ) وأن وراء المنظر البهي في أرض الخطية خراب وبوم. بابل هي رمز لكل نفس متكبرة عاصية (رؤ 18 :10).
الإصحاح الرابع عشر
نجد هنا الفرحة بسقوط ملك بابل الذي أعطاه الله الغني والمجد فأساء استعمالهما وهكذا الشيطان ولأن ملك بابل يرمز للشيطان في :-
1-إساءة استعمال الغني والمجد والجمال.
2-ميل كلاهما للتخريب فبينما يبني الملوك المدن يخرب ملك بابل المدن والشيطان يفرح بخراب الإنسان لذلك يقوده للخطية والخطية تخرب.
3- الكبرياء ولذلك سقط كليهما.
ولأن ملك بابل يرمز للشيطان نري هنا في هذا الإصحاح آيات صريحة علي الشيطان وسقوطه قيلت خلال الآيات التي تتكلم عن سقوط ملك بابل.
آية (1) لأن الرب سيرحم يعقوب و يختار أيضا إسرائيل و يريحهم في أرضهم فتقترن بهم الغرباء و ينضمون إلى بيت يعقوب.
الرب يبيد بابل ليخلص شعبه ويحرره من العبودية. ويريحهم في أرضهم = هم خسروا أرضهم بسبب الخطية وبتوبتهم يعيدها الله ثانية لهم، بل دخل معهم الغرباء = الأمم. هنا نري الكنيسة التي تجمع اليهود والأمم بعد كسر إبليس عدوها.
آية (2) و يأخذهم شعوب و يأتون بهم إلى موضعهم و يمتلكهم بيت إسرائيل في ارض الرب عبيدا و إماء و يسبون الذين سبوهم و يتسلطون على ظالميهم.
ويأخذهم شعوب = الأمم ستساعدهم في الرجوع إلي وطنهم. ويمتلكهم بيت إسرائيل = الكنيسة سترتفع علي أعدائها. ومن سبق واستعبدوها. ستستعبدهم هي. صار سلطان لبني الملكوت بعد أن كانوا مسببين لمملكة الظلمة.
ويسبون الذين سبوهم = قيل أن السيد المسيح سبي سبياً بقيامته والكنيسة تسبي الذين سبوها أي يدخلون الإيمان وتاريخياً فكورش سخر البابليين لخدمة اليهود.
آيات (3- 8) و يكون في يوم يريحك الرب من تعبك و من انزعاجك و من العبودية القاسية التي استعبدت بها. انك تنطق بهذا الهجو على ملك بابل و تقول كيف باد الظالم بادت المتغطرسة. قد كسر الرب عصا الأشرار قضيب المتسلطين. الضارب الشعوب بسخط ضربة بلا فتور المتسلط بغضب على الأمم باضطهاد بلا إمساك. استراحت اطمأنت كل الأرض هتفوا ترنما. حتى السرو يفرح عليك و أرز لبنان قائلا منذ اضطجعت لم يصعد علينا قاطع.
التسبيح نتيجة الخلاص. فهناك يصف عتو ملك بابل وسقوطه وافتخارهم عليه وفرحهم بسقوطه. لأن ملك بابل كان ثقلاً رهيباً لم ينج أحد من بطشه. وبسقوطه تفرح كل الأرض، حتى الأشجار استراحت فكان ملوك بابل يقطعونها أما ملوك فارس فلم يعتادوا ذلك. والسرو، والأرز إشارة لفرح باقي الملوك بسقوط ملك بابل الطاغية وهي فرحة شعب الله بسقوط الشيطان. ونلاحظ أن قطع ملك بابل للأشجار إشارة لحبه في الأذية.
الضارب الشعوب بسخط = هو يضرب الآن تطبيقاً لقول عوبديا النبي آية (15) ما فعلته يفل بك، عملك يرتد علي رأسك.
آيات (9- 16)الهاوية من أسفل مهتزة لك لاستقبال قدومك منهضة لك الأخيلة جميع عظماء الأرض أقامت كل ملوك الأمم عن كراسيهم. كلهم يجيبون و يقولون لك أنت أيضا قد ضعفت نظيرنا و صرت مثلنا. اهبط إلى الهاوية فخرك رنة أعوادك تحتك تفرش الرمة و غطاؤك الدود. كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم. و أنت قلت في قلبك اصعد إلى السماوات ارفع كرسيي فوق كواكب الله و اجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. اصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلي. لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب. الذين يرونك يتطلعون إليك يتأملون فيك أهذا هو الرجل الذي زلزل الأرض
وزعزع الممالك.
ما الملائكة الأشرار إلا ولاة هذا العالم، عالم هذا الظلام (أف 12:6) وقد يسيطرون علي قلوب بعض الحكام ليتصرفوا ضد مشيئة الله. وملك بابل كما قلنا يرمز للشيطان لذلك يتداخل الكلام عن الشيطان وملك بابل في هذه الآيات، وفيها نري الهاوية تقوم مهتزة لإستقبال ملك بابل (إشارة لموته وهلاكه، والهاوية ستكون نصيب إبليس أيضاً) والأخيلة = الأموات وهنا نري دليل علي أن الأموات لا يتلاشون بعد الموت، بل يعرفون بعضهم (كما عرف الغني لعازر وعرف إبراهيم). وتبدو في هذه الآيات صورة السخرية من ملك بابل (أو إبليس) لأنه أصبح مثلهم أسير الهاوية للأبد. بلا قوة بلا سلطان... فأين هي قوته التي كان يرعب بها الناس ؟!! ويتضح أيضاً من هذه الآيات أن الأموات يشعرون بحالتهم. رنة أعوادك = صوت الآلات الوترية التي طالما تغني بها، أي أين صوت أفراحك وأفراح إنتصاراتك السابقة. زهرة بنت الصبح = كوكب الصبح الجميل وهذا لا ينطبق علي إنسان بل هو جمال الكاروب (إبليس) الذي أسقطه كبرياؤه. "قبل السقوط تشامخ الروح " وكل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع" وهكذا سيكون ضد المسيح (2تي 2 : 3،4) فهو سيدعي أنه إله. وهذا المتكبر هنا يريد أن يصبح مثل العلي. أما المسيح فجاء قائلاً تعلموا مني فإني وديع ومتواضع (مت 11: 28).
آية (17) الذى جعل العالم كقفر وهدم مدنه الذى لم يطلق أسراه إلى بيوتهم.
آية (17) الذي لم يطلق أسراه = ملك بابل لم يطلق يهوياكين ملك يهوذا، بل ظل في السجن 36 سنة وشعب اليهود أقام 70 سنة في السبي.
آيات (18،19) كل ملوك الأمم باجمعهم اضطجعوا بالكرامة كل واحد في بيته. و أما أنت فقد طرحت من قبرك كغصن أشنع كلباس القتلى المضروبين بالسيف الهابطين إلى حجارة الجب كجثة مدوسة.
الملوك يدفنون بكرامة (الأهرامات كمثال). وأما أنت = إشارة لبيلشاصر أخر ملوك بابل الذي قتله كورش ليلة فتح فارس لبابل، فهو قُتِل ولم ينشغل أحد بجثته وسط الخراب الذي حل بالمدينة. بل حتى الملوك الذين هزمتهم يا ملك بابل دفنهم شعبهم بكرامة وحنطوا أجسادهم. غصن أشنع = غصن متعفن. كلباس القتلى = ماذا يصنع بلباس قتيل ضرب بسيف سوي أن يلقي بإهمال.
آية (20) لا تتحد بهم في القبر لأنك أخربت أرضك قتلت شعبك لا يسمى إلى الأبد نسل فاعلي الشر.
آية (20) أخربت أرضك = بالظلم والإسراف علي شهواتهم فجلبوا علي أنفسهم دينونة الله. لا يسمي للأبد = ينقطع نسله من علي كرسيه.
آية (21)هيئوا لبنيه قتلا بإثم أبائهم فلا يقوموا و لا يرثوا الأرض و لا يملأوا وجه العالم مدنا.
قتل ملك فارس بنيه (أولاد ملك بابل) حتى لا يقوموا بثورة ضده، ولا يملئوا وجه العالم مدناً = اشتهرت بابل ببناء المدن.
آيات (22، 23) فأقوم عليهم يقول رب الجنود و اقطع من بابل اسما و بقية و نسلا و ذرية يقول الرب.و اجعلها ميراثا للقنفذ و آجام مياه و اكنسها بمكنسة الهلاك يقول رب الجنود.
ذكر أسم الرب 3 مرات هنا لأن الأمر مقرر من الرب. آجام مياه = برك وحل طينية (إشارة لشناعة الخطية).
آيات (24 – 27) قد حلف رب الجنود قائلا انه كما قصدت يصير و كما نويت يثبت.أن احطم اشور في ارضي و أدوسه على جبالي فيزول عنهم نيره و يزول عن كتفهم حمله.هذا هو القضاء المقضي به على كل الأرض و هذه هي اليد الممدودة على كل الأمم.فان رب الجنود قد قضى فمن يبطل و يده هي الممدودة فمن يردها.
هذه النبوة عن أشور. وقد ذكرت هنا لأن خراب بابل بعيد جداً. فبابل لم تكن قد قامت بعد. فإذا خربت أشور الذي كان خرابها قريبا كان ذلك برهاناً علي صدق النبوة بخراب بابل (التي ستخرب بعد 200 سنة).
آيات (28 – 32) في سنة وفاة الملك أحاز كان هذا الوحي. لا تفرحي يا جميع فلسطين لان القضيب الضاربك انكسر فانه من أصل الحية يخرج أفعوان و ثمرته تكون ثعبانا مسما طيارا. و ترعى أبكار المساكين و يربض البائسون بالأمان و أميت أصلك بالجوع فيقتل بقيتك. ولول آيةا الباب اصرخي أيتها المدينة قد ذاب جميعك يا فلسطين لأنه من الشمال يأتي دخان و ليس شاذ في جيوشه. فبماذا يجاب رسل الأمم أن الرب أسس صهيون و بها يحتمي بائسو شعبه
هي وحي من جهة فلسطين.
أيات (28 – 29) كان الملك عزيا قد ضرب الفلسطينين ضربات مؤثرة ثقيلة ولكنهم أخذوا بالثأر أيام أحاز ففرحوا. ثم غزا بلادهم تغلث فلاسر ملك أشور وإذ مات تغلث فلاسر فرح الفلسطينيون بموته إذ ظنوا أنهم تخلصوا من عبوديتهم لأشور ولكن النبي هنا يقول لهم، أنه وإن مات تغلث فلاسر (الحية) يأتي من نسله أي أبنه (أفعواناً) أشر منه. ونبوة إشعياء بخراب فلسطين كما كانت نبوته بخراب أشور (آيات 24 – 27) وكلاهما سيحدث قريباً دليلاً علي صدق نبوته بخراب بابل وقد يكون في هذه الأيات تحذيراً ليهوذا من الانضمام لفلسطين في ثورتهم ضد أشور إذ مات ملك أشور تغلث فلاسر.
يا جميع فلسطين = لأن فلسطين كانت مكونة من إمارات مختلفة. القضيب الضاربك هو تفلث فلاسر ملك أشور الذي أستولي علي بعض مدنها وبعد موته جاء أولاده وهم أشد منه وأشر منه.
إلاأن بعض المفسرين فسر هذه الآيات أن القضيب الضارب هو عزيا وأن نسله الأشد منه هو حزقيا الذي سيضرب فلسطين ضربة قاتلة.
آية (30) و ترعى أبكار المساكين و يربض البائسون بالأمان و أميت أصلك بالجوع فيقتل بقيتك.
أبكار المساكين = أي الأشد فقراً بالإضافة للبائسين الذين هم مساكين شعب الرب وهؤلاء قام الفسلطينيين بأذيتهم وعقاب الفلسطينيين علي ذلك هو ضربهم بالجوع ثم سيف أشور الذي سيقتل البقية.
آية (31) ولول آيةا الباب اصرخي أيتها المدينة قد ذاب جميعك يا فلسطين لأنه من الشمال يأتي دخان و ليس شاذ في جيوشه.
دخان = حرائق المدن الفلسطينية. ليس شاذ = كل جيش أشور أقوياء.
آية (32) فبماذا يجاب رسل الأمم إن الرب أسس صهيون و بها يحتمي بائسو شعبه.
رسل الأمم = قد يكونون رسل من فلسطين أو أي أمه أخري تطلب إقامة حلف ضد أشور. ويجب الرد عليهم بأن الرب يحمي بائسي شعبه.
الإصحاح الخامس عشر
موآب هو بكر ابنة لوط لذلك تشير موآب لمن يدعون أنهم أبناء الله، أي الإدعاء المزيف بالتدين. وموآب شمال أدوم يحدها من الغرب البحر الميت ومن الشرق الصحراء الغربية في وادي الأردن. وتنقسم بلدهم إلي:
1) بلاد موآب
2) عربات موآب وهذه كانت في وادي الأردن مقابل أريحا ومنهم بلعام. وكان ملكهم بالاق في أثناء رجوع الشعب من مصر. واتسمت العلاقة بين مؤآب ويهوذا بالعداوة، فتحالف موآب مع أعداء يهوذا وإسرائيل ضدهم. ولقد تأثر اليهود بعبادتهم لكموش. وقد دمرها أسرحدون تدميراً شديداً فعلاً بعد 3 سنوات من هذه النبوة فتذللوا حتى أنهم قدموا هدايا ليهوذا. وكانت راعوث جدة داود موآبيه.
ونبوات اشعياء علي الأمم تشير لان الله هو رب الأرض كلها وتشير لخلاص شعب الله من أعدائه. الله ليس ضد شعب موآب بل خطايا موآب، وعبادتها للأوثان ( الشيطان).
آيات (1- 4) وحي من جهة موآب أنه في ليلة خربت عار مواب و هلكت انه في ليلة خربت قير مواب و هلكت. إلى البيت و ديبون يصعدون إلى المرتفعات للبكاء تولول مواب على نبو و على ميدبا في كل رأس منها قرعة كل لحية مجزوزة. في أزقتها يأتزرون بمسح على سطوحها و في ساحاتها يولول كل واحد منها سيالاً بالبكاء. و تصرخ حشبون و العالة يسمع صوتهما إلى ياهص لذلك يصرخ متسلحو موآب نفسها ترتعد فيها.
نري هنا خراب مدن موآب الكبرى. عار موآب = عار أسم مدينة وسميت أيضاً عروعير وتسمي اليوم ربة وصارت خراب بعد أن كانت أهم مدنهم. إلي البيت = أي بيت إلههم كموش. يصعدون إلي المرتفعات = يلجئون لألهتهم لينقذوهم من هذا الخراب. فكانت مذابح الآلهة تقام علي المرتفعات. في كل رأس قرعة = القرعة في الرأس واللحية المجزوزة والرأس المقصوص الشعر مستديراً هي علامات حزن. يأتزرون بمسح = علامة حزن (هذا مثل من يلبسون الأسود هذه الأيام ) هذا الحزن يصيب النفوس التي تترك الله. ديبون = الظاهر انه كان فيها هيكل لكموش أيضاً. علي سطوحها = كانوا يضعون آلهة للعبادة فوق السطوح.
آية (5) يصرخ قلبي من اجل مواب الهاربين منها إلى صوغر كعجلة ثلاثية لأنهم يصعدون في عقبة اللوحيث بالبكاء لأنهم في طريق حورونايم يرفعون صراخ الانكسار.
تظهر هنا مشاعر النبي الرقيقة وشفقته حتى علي الوثنيين أعداء شعبه بلا شماتة. هي مشاعر يجب أن يتحلي بها كل خادم تجاه من يخدمهم حتى لو كانت تصرفاتهم قاسية نحوه. وهكذا كان بولس الرسول مثلاً (رو 9 : 1-3) وصوغر = هي المدينة التي لجأ إليها لوط. كعجلة ثلاثية = أي عمرها 3 سنوات وهذه تكون قوية غير مروضة تظل تعدو إلي أن تخور. وهكذا الموآبيين في هروبهم لجأوا إلي يهوذا وأدوم( حورو نايم من مدن أدوم) عقبة اللو حيث = غير معروفة.
آية (6)لان مياه نمريم تصير خربة لان العشب يبس الكلأ فني الخضرة لا توجد.
مياه نمريم = طَمَ أعداء موآب عيون المياه. وهذه ضربة عظيمة للموأبيين لأن غناهم من مواشيهم لذلك دخلوا في مجاعة.
آية (7) لذلك الثروة التي اكتسبوها و ذخائرهم يحملونها إلى عبر وادي الصفصاف.
وادي الصفصاف = علي حدود أدوم وفي وقت الخوف يأخذون قدر ما يستطيعون أن يحملوا ويذهبوا به إلي أدوم.
آيات (8،9)لان الصراخ قد أحاط بتخوم مواب إلى اجلايم ولولتها و إلى بئر ايليم ولولتها.لان مياه ديمون تمتلئ دما لأني اجعل على ديمون زوائد على الناجين من مواب اسدا و على بقية الأرض.
أجلايم وبئر أيليم = جهة الجنوب ناحية أدوم. ديمون = هي ديبون. زوائد = الضربات ستكون بزيادة. أسداً = قد يكون إشارة لمخرب قوي قاسي. أو إشارة إلي وجود حيوانات متوحشة من قلة الناس. وهناك من قال انه إشارة للمسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا وأنه سيملك علي الأمم = علي الناجين من موآب وعلي بقية الأرض.
الإصحاح السادس عشر
آية (1)أرسلوا خرفان حاكم الأرض من سالع نحو البرية إلى جبل ابنة صهيون.
كان الموآبيون رعاة خرفان. وكانوا يدفعون الجزية ليهوذا من هذه الخرفان. وكانوا حينما يتمردون يمتنعون عن إرسالها. وهنا مشورة من النبي لهم بإرسال الجزية، فهم سيحتاجون ليهوذا في هروبهم. حاكم الأرض = هو ملك يهوذا. وسالع = هي مدينة أدومية تحت تسلط موأب.
آية (2) و يحدث انه كطائر تائه كفراخ منفرة تكون بنات مواب في معابر ارنون.
في هروبهم من موآب إلي يهوذا سيكونون. كطائر تائه. أرنون = علي حدود موآب الشمالية. وطالما سيهربون إلي يهوذا فعليهم من الآن أن يقدموا خرافهم لملك يهوذا. ونحن سنهرب إلي الله أو سنذهب إلي الله في نهآية أيامنا فلنقدم له أنفسنا كخراف مذبوحة (رو 12 :1) عوضاً عن كبريائنا (كما كانت موآب متكبرة آية 6). وهذا ما يعطينا سلام هنا وحياة أبدية.
آية (3) هاتي مشورة اصنعي إنصافا اجعلي ظلك كالليل في وسط الظهيرة استري المطرودين لا تظهري الهاربين.
علي يهوذا أن تحمي ولا تظهر الموأبيون الذين إحتموا بها.
آية (4) ليتغرب عندك مطرودو موآب كوني سترا لهم من وجه المخرب لأن الظالم يبيد و ينتهي الخراب و يفنى عن الأرض الدائسون.
أشور الظالمة ستبيد وتفني من علي وجه أرض موآب.
آية (5) فيثبت الكرسي بالرحمة و يجلس عليه بالأمانة في خيمة داود قاض و يطلب الحق و يبادر بالعدل.
سيثبت كرسي ملك يهوذا بالرحمة التي سيظهرها لموآب. ولكن طبيعة الكلمات تشير للمسيح الجالس علي كرسي يهوذا في خيمة داود أي الكنيسة جسده وهو يحكم علي يهوذا والأمم (موآب) ويحمي كل من يلتجئ إليه. وهو ملك علي قلوب شعبه وكنيسته برحمته التي ظهرت في صليبه.
آية (6) قد سمعنا بكبرياء مواب المتكبرة جدا عظمتها و كبريائها و صلفها بطل افتخارها.
نبوة بان موآب لن تقبل النصيحة فيخربون لكبريائهم. والنبي هنا يكشف سبب الجرح. والكبرياء يمنع صاحبه من سماع المشورة الصالحة. وفعلاً موأب لم تقبل النصيحة ولم ترسل الجزية.
آية (7) لذلك تولول مواب على مواب كلها يولول تئنون على أسس قير حارسة إنما هي مضروبة.
وبالتالي عليهم أن يولولوا لأن رجاءهم بيهوذا إنقطع. قير حارسة = هي قير موآب التي لم يبق منها غير أسسها التي يئنون عليها فبيوتها هدمت. تولول موآب علي موآب = لا يوجد سبب يشجع به أحد الآخرين بل الكل يولول.
آية (8)لان حقول حشبون ذبلت كرمة سبمة كسر أمراء الأمم أفضلها وصلت إلى يعزير تاهت في البرية امتدت أغصانها عبرت البحر.
كرمة سبمة = مشهورة بخمرها وكسرها الأشوريون المغرمون بتكسير كل شيء حتى لو لم يكن فيه فائدة لهم. وصلت إلي يعزير = مدينة شمالي سبمه علي بعد 15 ميلاً. وهذا يدل علي أتساع الكرم. تاهت في البرية = أي الكروم وصلت للبرية شرقاً.
آيات (9، 10) لذلك ابكي بكاء يعزير على كرمة سبمة أرويكما بدموعي يا حشبون و العالة لأنه على قطافك و على حصادك قد وقعت جلبة. و انتزع الفرح و الابتهاج من البستان و لا يغنى في الكروم و لا يترنم و لا يدوس دائس خمرا في المعاصر أبطلت الهتاف.
هنا نري النبي بمشاعره الرقيقة يبكي خراب موآب ومصائبها. جلبة = صوت قتال بدل الفرح. أبطلت الهتاف = هذا إذن عمل الرب نفسه.
آية (11) لذلك ترن أحشائى كعودٍ من أجل موآب وبطنى من أجل قير حارس.
هذه مشاعر النبى الذى مازال يئن.
آية (12) و يكون إذا ظهرت إذا تعبت مواب على المرتفعة و دخلت إلى مقدسها تصلي أنها لا تفوز.
حينما يدخلون لهياكل آلهتهم ويظهرون فيها لا ينجحون، لأن ليس أسم آخر تحت السماء أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص إلا إسم يسوع المسيح. ويخزي جميع المتكلين علي صنعة الأيدي أما طالبو الرب فلا يعوزهم شيء من الخيرات.
آيات (13، 14) هذا هو الكلام الذي كلم به الرب مواب منذ زمان. و الآن تكلم الرب قائلا في ثلاث سنين كسني الأجير يهان مجد مواب بكل الجمهور العظيم و تكون البقية قليلة صغيرة لا كبيرة
يظهر أن إشعياء يحدد هذا الخراب أنه سيأتي بعد نبوته هذه بمدة 3 سنوات. وهي كسني الأجير أي محسوبة بكل دقة لا يزاد عليها فإن الأجير يستثقل مهمته وخدمته ويطلب سرعة كمالها. وهذا الخراب الذي تنبأ عنه إشعياء كان بيد ملك أشور ولكن خراباً أشد كان ينتظرها علي يد ملك بابل تنبأ عنه أرميا (ص 48).
الإصحاح السابع عشر
هنا نجد نبوة على دمشق وإسرائيل لأنهما تحالفا معاً وكانا يداً واحدة ضد يهوذا. فشركاء الخطية صاروا شركاء الخراب. وسبب الخراب واضح في آية (10) "لأنك نسيت إله خلاصك". فالله يؤدب إسرائيل كما يؤدب موأب وكما يؤدب دمشق. فليس عند لله محاباة فالله يحاكم ويدين الكل سواء المؤمنين به أو غير المؤمنين به فهو إله الكل. والله يؤدب إسرائيل هنا لتحالفها مع دمشق ضد يهوذا متكلين علي فرعون لذلك سمح الله لملك أشور أن يؤدبهما. وقد خربت دمشق عدة مرات تاريخيا. مرتين علي يد أشور ثم الكلدانيين ثم الفرس ثم اليونان وهكذا تحقق الوحي.
آيات (1، 2) وحي من جهة دمشق هوذا دمشق تزال من بين المدن و تكون رجمة ردم.مدن عروعير متروكة تكون للقطعان فتربض و ليس من يخيف.
رجمة ردم = حدث هذا أيام تغلث فلاسر. عروعير = تم شرحها كما سبق. كانت هناك عدة مدن باسم عروعير. وعروعير هنا ليست التي في موآب. بل هي في جلعاد بالقرب من ربة عمون. ويشير إسم عروعير للمدن الخربة المهجور ة المتروكة للرعي بلا سكان.
آية (3) و يزول الحصن من افرايم و الملك من دمشق و بقية أرام فتصير كمجد بني إسرائيل يقول رب الجنود.
كما إقترن أسم إسرائيل ودمشق في الشر هكذا كما سيزول مجد هذه سيزول مجد تلك. وروحياً فالشرير يفقد مجده الداخلي. الحصن = أي المدن الحصينة ستفقد حصانتها. وهكذا الشرير سيفقد حمآية الله له.
آية (4) و يكون في ذلك اليوم أن مجد يعقوب يذل و سمانة لحمه تهزل.
سمانة لحمة تهزل = حينما تنقل أشور سكان إسرائيل إلي أشور بالإضافة للجوع والذل والوحوش. ولكن لاحظ أن هناك بقية وكل شرير يفقد قوته.
آيات (5،6) و يكون كجمع الحصادين الزرع و ذراعه تحصد السنابل و يكون كمن يلقط سنابل في وادي رفايم.و تبقى فيه خصاصة كنفض زيتونة حبتان أو ثلاث في رأس الفرع و أربع أو خمس في أفنان المثمرة يقول الرب اله إسرائيل.
الحبات القليلة المتبقية في الفروع إشارة للبقية التي يتولي الله دائماً إنقاذها. وادي رفايم = مشهور بزراعة الحبوب الخصبة وفيه ضرب داود الفلسطنينين ضربة عظيمة فصار الوادي مثلاً لسببين، حصاد الحبوب وكثرة القتلى الذين وقعوا فيه بالسيف كما تقع السنابل تحت أيدي الحصادين وتكون بقية لإسرائيل قليلة كالسنابل القليلة التي يلتقطها الفقراء وراء الحصادين. وتشير الآية لأن عدو إسرائيل سيستولي علي غلاتهم وثمارهم ويكونوا هم كفقراء لايتبقي لهم نصيب إلا كنصيب من يلتقط وراء الحصادين. وهكذا كل شرير يفقد بركاته ويكون بلا ثمار.
آية (7) في ذلك اليوم يلتفت الإنسان إلى صانعه و تنظر عيناه إلى قدوس إسرائيل.
نتيجة طيبة للتأديبيات الإلهية التي جرت علي إسرائيل.
آية (8) و لا يلتفت إلى المذابح صنعة يديه و لا ينظر إلى ما صنعته أصابعه السواري و الشمسات.
السواري = تماثيل خشبية لعشتاروت آلهة الفينيقيين، الشمسات = عبادة الشمس وهي عبادات فيها دعارة وفجور.
آية (9) في ذلك اليوم تصير مدنه الحصينة كالردم في الغاب و الشوامخ التي تركوها من وجه بني إسرائيل فصارت خرابا.
كما ترك الكنعانيون مدنهم خربة أمام بني إسرائيل هكذا سيترك بني إسرائيل مدنهم خربة أمام أعدائهم في هذه الضربة.
آيات (10 ، 11) لأنك نسيتي اله خلاصك و لم تذكري صخرة حصنك لذلك تغرسين أغراسا نزهة و تنصبين نصبة غريبة. يوم غرسك تسيجينها و في الصباح تجعلين زرعك يزهر و لكن يهرب الحصيد في يوم الضربة المهلكة و الكآبة العديمة الرجاء.
حينما نسيت الله ماذا فعلت غرست أغراساً نزهة ونصبت نصبة غريبة = أي أنواع عبادة غريبة وثنية علي المرتفعات. وفي (11) نجد أن كل هذا بلا فائدة.
آيات (12-14) آه ضجيج شعوب كثيرة تضج كضجيج البحر و هدير قبائل تهدر كهدير مياه غزيرة. قبائل تهدر كهدير مياه كثيرة و لكنه ينتهرها فتهرب بعيدا و تطرد كعصافة الجبال أمام الريح و كالجل أما الزوبعة. في وقت المساء إذا رعب قبل الصبح ليسوا هم. هذا نصيب ناهبينا و حظ سالبينا
نري هنا جزاء من يخرب شعب الله، هم أعداء أقوياء حقا وكهدير البحر ولكن إذ ينتهرهم الله يصيروا كعصافة في الهواء. ومن يختفي في الرب يصير عدوه القوي مهما كان جباراً كلا شيء. ضجيج = أمتاز الأشوريون بالضجيج وهذا فيه إشارة لكثرة عددهم. في وقت المساء = فقد مات 185.000 ليلاً قبل الصبح. كالجل = أي الأشياء الخفيفة كالعصافه. هذه الآيات تشير لاندحار أعداء شعب الله كأشور أو حرب في نهآية الأيام أو اندحار الشياطين.
الإصحاح الثامن عشر
هناك رأيان في هذا الإصحاح :-
الأول: أن كورش هي الحبشة كما هو معروف ويكون معني الإصحاح أن الأحباش وقد وصلهم أخبار غزو أشور أرسلوا ليسألوا يهوذا في أمر سنحاريب، وربما طلبوا عقد تحالف مع يهوذا ضد أشور، لأنه في هذا الوقت كان قادماً علي أورشليم فإذا دخلها لم يعد شيء يقف في سبيله ليدخل مصر وكوش.
الثاني :- أن المقصود ليس كوش الحبشة لأنه يقول التي في عبر أنهار كوش، وهناك مكان آخر يسمي كوش (تك 2 : 13) في منطقة العراق، فيكون المقصود أنها بلاد خارج حدود الحبشة والعراق. وهناك من فكر أنها بلاد قوية تدعم وجود إسرائيل مثل أمريكا وإنجلترا.. الخ ولنبدأ بالتفسير الأول:
آية (1) يا ارض حفيف الأجنحة التي في عبر انهار كوش.
سميت حفيف الأجنحة = لعظمة جيوشها وأساطيلها التي لها أشرعة تسمي أجنحة. وفي حزقيال (17) شبه ملك أشور بنسر عظيم ذو منكبين وهكذا شبه في (إش 8:8). ويكون المقصود بذلك السلطان الإمبراطوري الذي يبسط جناحية علي الحبشة والمناطق المحيطة بها (راجع 2مل 9:19) ترهاقة يحارب سنحاريب.
آية (2) المرسلة رسلا في البحر و في قوارب من البردي على وجه المياه اذهبوا آيةا الرسل السريعون إلى امة طويلة و جرداء إلى شعب مخوف منذ كان فصاعدا امة قوة و شدة و دوس قد خرقت الأنهار أرضها.
رسلاً = المرسلون من ملك الحبشة لأورشليم. في البحر = هو نهر النيل وسمي البحر لعظمته ( أش 19 :5). البردي = كانوا يستخدمونه لبناء قوارب سريعة لأنها خفيفة. أمة طويلة وجرداء. شعب مخوف = الشعب المخوف هو إسرائيل لأن إلهه مخوف يدافع عنه حتى والشعب صامت (خر 14 : 14) + ( خر 23 : 27 + 10:34+ تث 28: 10 + يش 2 :9). وهو كان شعب مخوف منذ نشأته إذ خرج من مصر بذراع رفيعة. وهم أمة طويلة = بدأت منذ إختار الله إبراهيم وتستمر لنهآية الأيام. وجرداء = بلا ثمر لرفضها المستمر لله خصوصاً حينما تعتمد علي يد آخرين وليس علي يد الله. قد خرقت الأنهار أرضها = إسرائيل بلا أنهار ولكنها قد تشير:-
1) للخيرات الكثيرة التي يفيض بها الله عليهم.
2) وقد تشير الأنهار لهجوم أشور عليها (راجع أش 17 : 12، 13)
آية (3) يا جميع سكان المسكونة و قاطني الأرض عندما ترتفع الرآية على الجبال تنظرون و عندما يضرب بالبوق تسمعون.
هنا الرد الذي ينبغي أن يحمله الرسل. وهو دعوة لكل المسكونة لينظر الناس ويسمعوا حين يعمل الله أعمالا
عجيبة في الأشوريين لخلاص شعبه.
آيات (4- 6)لأنه هكذا قال لي الرب إني اهدأ و انظر في مسكني كالحر الصافي على البقل كغيم الندى في حر الحصاد.فانه قبل الحصاد عند تمام الزهر و عندما يصير الزهر حصرما نضيجاً يقطع القضبان بالمناجل و ينزع الأفنان و يطرحها. تترك معا لجوارح الجبال و لوحوش الأرض فتصيف عليها الجوارح و تشتي عليها جميع وحوش الأرض.
الحر الصافي = كثيراً ما يبدو الله هادئاً ساكناً كأنه لا يعبأ بأمورنا، يترك ملك أشور حتى أسوار أورشليم، لكنه هو طويل الأناة. ويطمئننا أنه يهدأ وينظر = وفي الوقت المناسب يتدخل. ففي كل الأمور هناك وقت مناسب للحصاد. والله في كل الأمور حين يحتاج المحصول للحر يكون هو حر صافي وحين يحتاج لغيم الندي = يكون هو غيم الندي. وفي الوقت المحدد يحصد محصوله. والمحصول هنا هو خلاص شعبه وهلاك أعداء شعبه (أشور كرمز أو كمثال) والقضبان التي تقطع هي جيش أشور فتترك للطيور والوحوش.
آية (7) في ذلك اليوم تقدم هدية لرب الجنود من شعب طويل و اجرد و من شعب مخوف منذ كان فصاعدا من امة ذات قوة و شدة و دوس قد خرقت الأنهار أرضها إلى موضع اسم رب الجنود جبل صهيون.
قد تكون هذه الهدية هي إيمان أهل كوش في مستقبل الأيام حين يأتون إلي أورشليم الكنيسة ويتحدوا معها في الإيمان.
أما التفسير الثاني
قد تكون أرض حفيف الأجنحة هي أرض النسر التي هي أمريكا أو انجلترا صاحباً أكبر أساطيل بحرية وجوية في العالم، أو أي دول أخري تدعم وجود أو قيام إسرائيل. وهذه الأمم يبدو أنها ستقضي وقتاً طويلاً تدعم إسرائيل ثم تنقلب عليها. والأمة الطويلة الجرداء هي إسرائيل التي عاشت فترة طويلة وهي الآن بلا ثمر، جرداء، معتمدة علي غيرها (الدول العظمي التي تدعمها ) فملعون من اتكل علي ذراع بشر وهم معتمدون في قيامهم ليس علي الله بل علي دول قوية، هي كانت شعب مخوف حينما كانت معتمدة علي الله فوقع رعبهم علي الشعوب المجاورة. والآيات (1، 2) تشير لتدعيم الدول الغربية لإسرائيل والآيات (3- 6) الرآية هي تجمع اليهود لأرضهم، فيجتمع اليهود المشتتون لإسرائيل ولكن عودتهم تنتهي بآلام عظيمة لهم. وبعد هذه الآلام يكون إيمانهم بالمسيح وهذا هو المعبر عنه بالهدية التي يقدمونها لرب الجنود.
الإصحاح التاسع عشر
هذه نبوة بسقوط مصر ثم رجوعها لله. ولماذا تسقط ؟ بسبب كبريائها. فمصر تشير للمملكة المتعجرفة المتكبرة، مفتخرة ومتكبرة بنيلها وأرضها وخيراتها. هي عرفت الله لكنها استبدلت الخالق بالمخلوق (روا : 25) فبدلاً من أن يعبدوا الله عبدوا الأوثان. فإنحطو سياسياً وأدبياً. ومصر في الكتاب المقدس تشير في أماكن كثيرة للعالم. وفرعون المتكبر القاسي يشير لرئيس هذا العالم (إبليس) كما رأينا في أيام وجود الشعب في مصر وخروجه منها. والعكس فيوسف سمي مخلص العالم كرمز للعتيد أن يأتي مثله. ونجد في هذا الإصحاح نبوءة بسقوط مصر ثم رجوعها إلي الله وهي قسمان:-
الأول: الوعيد لمصر (1 – 17) والثاني الوعد لمصر (18 – 25)
وخلاصة الإصحاح "يضرب الرب ضارباً فشافياً" (آية 22) فالله يضرب لا ليبيد !! حاشا، بل ليؤدب ويشفي. ومن الأهداف الثانوية إظهار ضعف مصر ليهوذا فلا تتكل علي مصر ثانية بل تتكل علي الله. وهناك رأي بأن هذا الإصحاح يبدأ بدخول المسيح إلي أرض مصر ودخول المسيحية إلي مصر بعد ذلك وتنتهي بنهآية هذا العالم حينما تؤمن البقية من إسرائيل.
آية (1) وحي من جهة مصر هوذا الرب راكب على سحابة سريعة و قادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه و يذوب قلب مصر داخلها.
وحي من جهة مصر = هو عمر المسيحية في مصر من يوم دخولها. سحابة سريعة = هي العذراء مريم فالسحاب عموما يشير للقديسين المرتفعين عن الأرضيات ومحلقين في السماويات (عب 12 : 1). وهي خفيفة ومرتفعه نظراً لقداستها لذلك قال عنها سريعة. ويذكر التقليد أنه عند دخول المسيح إلي أرض مصر كانت الأوثان تسقط في كل مدينة يقيمون بها فكانوا يطردونهم ولذلك اضطروا أن يسيروا 1000كم في أرض مصر.
آية (2) و أهيج مصريين على مصريين فيحاربون كل واحد أخاه و كل واحد صاحبه مدينة مدينة و مملكة مملكة.
تاريخياً فقد حدثت فترة انقسامات بين المصريين فإنقسمت المملكة إلي 12 مملكة كل واحدة ضد الأخرى. وذلك بعد ضرب أشور لمصر وتخريبها. وبعد دخول المسيحية هيج الشيطان المصريين الوثنيين ضد المسيحيين فعاشت الكنيسة فترات طويلة في استشهاد حباً لفاديها.
آية (3) و تهراق روح مصر داخلها و افني مشورتها فيسالون الأوثان و العازفين و أصحاب التوابع و العرافين.
تركهم الرب ليتضايقوا ويظهر بطل أصنامهم، فيسألون أوثانهم وسحرتهم ولا يجدون إجابة. وهدف الله من الضيقة أن يعرفوه ويرجعوا إليه.
العازفين = السحرة (في ترجمات كثيرة). وحتى الآن فمن لا يملأ الإيمان قلبه حين يقع في ضيقة يذهب لأمثال هؤلاء الدجالين والسحرة.
آية (4) و أغلق على المصريين في يد مولى قاس فيتسلط عليهم ملك عزيز يقول السيد رب الجنود.
تاريخياً: أستولي علي مصر كثير من الولاة القساة ابتداء من أسر حدون الذي بعدما فتح مصر قسمها 20 قسماً وغير أسماء مدنها وأمر وكلاؤه أن يقتلوا وينهبوا وكأن ذلك من الواجبات. ثم أتي بعده اليونانيين والرومان والأتراك وكان حكمهم قاسياً. وإذ يتقسي قلب الشعب بسبب خطتيهم يسمح لهم الله بحكام قساة. "ما فعلته يفعل بك " (عو15 )
آيات ( 5-10) و تنشف المياه من البحر و يجف النهر و ييبس.و تنتن الأنهار و تضعف و تجف سواقي مصر و يتلف القصب و الاسل. و الرياض على النيل على حافة النيل و كل مزرعة على النيل تيبس و تتبدد و لا تكون. و الصيادون يئنون و كل الذين يلقون شصا في النيل ينوحون و الذين يبسطون شبكة على وجه المياه يحزنون.و يخزى الذين يعملون الكتان الممشط و الذين يحيكون الأنسجة البيضاء.و تكون عمدها مسحوقة و كل العاملين بالأجرة مكتئين النفس.
الشر يحمل ثمره المر في حياة الإنسان واحتياجاته الضرورية. وهنا نري عقاب مادي وزمني لمن هو مستعبد للشياطين. فالنيل هو متكل مصر يجف، فيعم البوار وتدمر كل المؤسسات التجارية. وقد سحب الأتراك من مصر كل العمال المهرة. وبعد أن كانت مصر مشهورة بكتانها الذي تصدره ويسبب دخلاً كبيراً للتجار، ضاع هذا الدخل. والبحر = أي النيل. وتكون الأنهار أي الترع وفروع النيل. عمدها = أكابر الهيئة الإجتماعية، وروحياً فإن جفت مياه الروح القدس تصير حال الإنسان للجوع والعطش وقريباً من اللعنة. والصيادون هم الكارزون وما أكثر حزنهم حينما يلقون شباكهم فلا يجدون صيداً. أما الكتان والثياب البيض فهي ثياب البر التي يجاهدون للحصول عليها.
آية(12،11) أن رؤساء صوعن أغبياء حكماء مشيري فرعون مشورتهم بهيمية كيف تقولون لفرعون أنا ابن حكماء ابن ملوك قدماء فأين هم حكماؤك فليخبروك ليعرفوا ماذا قضى به رب الجنود على مصر.
بسبب الشر حرم المصريون المشهورين بحكمتهم من الحكمة = صوعن = هي تانيس وحالياً صان وكانت مدينة رئيسية. أغبياء = فهم اتكلوا علي حكمتهم ولكنهم عجزوا عن معرفة أسباب هذه المصائب، فحكمة العالم أمام الله جهالة. وهذا ناشئ عن الكبرياء. ومازال المصريون لو أرادوا أن يقولوا لإنسان أنه متكبر وعنيد يقولون له أنه فرعون أو متفرعن.
آيات (13-15) رؤساء صوعن صاروا أغبياء رؤساء نوف انخدعوا و أضل مصر وجوه أسباطها. مزج الرب في وسطها روح غي فاضلوا مصر في كل عملها كترنح السكران في قيئه. فلا يكون لمصر عمل يعمله رأس أو ذنب نخلة أو أسلة.
نوف = ممفيس، أسباطها = طبقاتها من كهنة وعسكر ورعاة.
روح غي = الله له الحق أن يسحب القوي العقلية من إنسان لا يستحقها حين يريد.
رأس أو ذنب = الشرفاء أو أصحاب المشورة والفعلة أصحاب الصناعة. هذا ما يعمله الله مع العالم الشرير أن ينزع منه حكمته فيتخبط. ومصر ترمز للعالم الشرير فهي قد أذلت شعب الله تحت لسع السياط وهكذا العالم الشرير يذل شعب الله تحت لسع سياط شهوة الجسد. لذلك يؤدب الله العالم الشرير بنزع حكمتهم فيصيرون مضِلين ومضَلين (2 تي 3 : 13).
آية (16) في ذلك اليوم تكون مصر كالنساء فترتعد و ترجف من هزة يد رب الجنود التي يهزها عليها.
قد يكون ذلك اليوم هو يوم هجوم الأشوريين، وحينما أنهزم جيش مصر قال ملك مصر "صار رجالي نساء". هذا الكلام موجه لإسرائيل فهل بعد هذا يعتمدون ويتكلون ويتحالفوا مع مصر. ملعون من يتكل علي ذراع بشر. بل في الآية القادمة نجد فرعون لا يرتعب من ملك أشور فقط بل من يهوذا نفسها.
آية (17) و تكون ارض يهوذا رعبا لمصر كل من تذكرها يرتعب من أمام قضاء رب الجنود الذي يقضي به عليها.
قد يكون هذا حينما خضعت يهوذا لأشور أو لبابل وصار رجال يهوذا ضمن جيوش هذه الدول القوية. أو فترة أخري في التاريخ كانت فيها أرض يهوذا أقوي من مصر وترعبها بأسلحتها. وروحياً فيهوذا تشير للكنيسة أرض المسيح التي أصبحت رعباً لأرض مصر رمز العالم وشياطينه. ولنري في آية (1) كيف اهتزت أوثان مصر أمام المسيح.
آية (18) في ذلك اليوم يكون في ارض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان و تحلف لرب الجنود يقال لإحداها مدينة الشمس.
تاريخياً قد يكون في بعض الفترات أن وجد اليهود في مصر. وتكلمت المناطق التي يسكنوها لغتهم. و روحيا فهذه إمتداد للغة السيد المسيح أي المسيحية إلي مصر. ورقم 5 يشير للحواس التي تتقدس وتصير سمائية. هليوبوليس = بالعبرية إر– ها – هيرس مدينة الشمس أي مركز لعبادة الشمس وفي الحاشية جاءت الكلمة إر – ها – شيرس = مدينة الهلاك. والمعني أن أماكن الهلاك أي المعابد الوثنية في مصر تتحول إلي المسيحية.
آية (19) في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط ارض مصر و عمود للرب عند تخمها.
مذبح للرب = هذه نبوة عن إيمان المصريين بالمسيح وقد تكون أيام أيام مارمرقس. ولا تطبق هذه الآية علي وجود اليهود في مصر فيستحيل علي اليهود إقامة مذبح لهم خارج أورشليم. وعمود للرب = يقال علي بطرس ويعقوب ويوحنا أعمدة، هكذا سماهم بولس الرسول. وكل من يغلب يصير عموداً في هيكل الله (رؤ 3 :12) وقد يكون هذا العمود هو مارمرقس الرسول. والمذبح هنا لا يعني سوي مذبح يقدم عليه ذبيحة الإفخارستيا (جسد ودم المسيح).
آية (20) فيكون علامة و شهادة لرب الجنود في ارض مصر لأنهم يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصا و محاميا و ينقذهم.
شهداء المصريين المسيحيين يفوقون شهداء العالم أجمع والمخلص المحامي هو المسيح.
آية (21) فيعرف الرب في مصر و يعرف المصريون الرب في ذلك اليوم و يقدمون ذبيحة و تقدمة و ينذرون للرب نذرا و يوفون به.
هناك نصيب للمصريين في بركة معرفة الرب في الأيام الأخيرة ورفضهم لضد المسيح.
آية (22) يضرب الرب مصر ضاربا فشافيا فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم و يشفيهم.
هذه الآية هي خلاصة الإصحاح كله، فالله لا يضرب إلا ليشفي وبعد أن تكون مصر قد تعلمت من الدينونات المنصبة عليها، ستعود للمسيح.
آية (23) في ذلك اليوم تكون سكة من مصر إلى أشور فيجيء الأشوريون إلى مصر و المصريون إلى أشور و يعبد المصريون مع الأشوريين.
قد تكون نبوة عن سلام بين مصر وأشور. والمسيح سمي نفسه الطريق إذاً هي وحدة إيمان في طريق المسيح بين مصر وأشور. ولاحظ أنه بعد السبي تشتت شعب الله جزء في أورشليم وجزء في بابل وجزء في مصر ويبدو أن في الأيام الأخيرة سيكون شعب الله في هذه المناطق.
آية (24) في ذلك اليوم يكون إسرائيل ثلثا لمصر و لأشور بركة في الأرض.
كما ارتبطت مصر وأشور وإسرائيل في حروب هكذا في نهآية الأيام سيرتبطون إيمانياً في وحدانية العبادة، حينما يؤمن إسرائيل (البقية) ويتحدون إيمانياً مع مؤمني مصر وأشور، فتكون هذه الوحدة في إيمان قوي هي بركة للأرض أو خميرة تخمر العالم كله، وربما في رفضهم لضد المسيح.
آية (25) بها يبارك رب الجنود قائلا مبارك شعبي مصر و عمل يدي أشور و ميراثي إسرائيل.
إذاً هي بركة ثلاثية للمؤمنين في إسرائيل ومصر وأشور، أو لكل الأمم ولليهود الذين آمنوا بالمسيح أي لمؤمني العالم كله.
الإصحاح العشرون
يؤكد الله هنا ليهوذا أن لا تتكل علي مصر فإن مصر نفسها وكوش ستسقط في سبي أشور وستخضع مصر لأشور. إذاً فيه تخجيل لشعب الله الذي فكر في الإستعانة بهم.
آية (1) في سنة مجيء ترتان إلى اشدود حين أرسله سرجون ملك أشور فحارب اشدود و أخذها.
ترتان = لقب رئيس الجيش. وكانت أشدود قد عصت علي أشور فأرسل ملك أشور سرجون جيشه ليؤدبها وكانت أشدود مدخلاً لمصر. وبسقوط أشدود صار الطريق لمصر مفتوحاً.
آية (2) فى ذلك الوقت تكلم الرب عن يد اشعياء بن أموص قائلا اذهب و حل المسح عن حقويك و اخلع حذاءك عن رجليك ففعل هكذا و مشى معرى وحافياً.
المسح = هو لباس إشعياء وهو ثوب خشن من شعر كما يلبس الأنبياء.
وخلع إشعياء لملابسه كما لو كان أسيراً رمزاً لأن المصريين سيصيرون أسري.
آية (3) فقال الرب كما مشى عبدي اشعياء معرى و حافيا ثلاث سنين آية و أعجوبة على مصر و على كوش.
كانت كوش متسلطة علي جنوب مصر وبعض من شماله لعدم إتفاق المصريين.
آية (4) هكذا يسوق ملك أشور سبي مصر و جلاء كوش الفتيان و الشيوخ عراة و حفاة و مكشوفي الاستاه خزيا لمصر.
كانت مصر تدافع عن فلسطين في ذلك الوقت ضد أشور. وكان سقوط أشدود كأنه سقوط مصر وكوش.
آية (5) فيرتاعون و يخجلون من اجل كوش رجائهم و من اجل مصر فخرهم.
يرتاع الذين إلتجأوا لمصر وكوش لأنهم اتكلوا علي من لا يقدر علي المساعدة.
آية (6) و يقول ساكن هذا الساحل في ذلك اليوم هوذا هكذا ملجأنا الذي هربنا إليه للمعونة لننجو من ملك أشور فكيف نسلم نحن.
كانت إسرائيل من سكان الساحل. وسؤالهم الذي سيسألونه حين يؤخذ أهل مصر سبايا "كيف ننجو نحن وقد كانت أمالنا معلقة علي مصر".
ونلاحظ في هذا الإصحاح طاعة إشعياء الذي عرض نفسه للسخرية منفذاً وصية صعبة إذ سار حافياً عريانا، ونحن نرفض تنفيذ الوصايا السهلة. هكذا فعل المسيح إذ تعري ليسترنا ويشفينا.
الإصحاح الحادي والعشرون
هنا 3 نبوات علي هيئة رؤي :
أ) إ خراب مادي وفارس لبابل (آيات 1-10)
ب) بوءة علي أدوم.
ج) نبوءة علي بلاد العرب.
آية (1) وحي من جهة برية البحر كزوابع في الجنوب عاصفة يأتي من البرية من ارض مخوفة.
برية البحر = هي بابل. و هي برية رمز لخرابها القادم ورمز لأن خطاياها حولتها إلي قفر، وهي برية البحر لأن نهر الفرات يشار له بالبحر كما قيل عن نهر النيل سابقاً، أو لأن بابل اتسعت وشملت كثيراً من أ جزاء العالم المعروف والبحر يشير للعالم والشعوب الكثيرة. و الله يكرر هنا وفي عدة أماكن علي خراب بابل وهلاكها فاليهود اشتهوا صداقتها للاتكال عليها حيناً وحيناً أخر خافوا منها وقد يكونوا اشتهوا خطاياها. ويظهر الله هنا هلاك بابل وأن أوثانها لن تنفعها. ونلاحظ أن حزقيال أيضاً أطلق علي بابل برية ففي تهديده لشعب اليهود بالسبي إلي بابل قال "أتي بكم إلي برية الشعوب وأحاكمكم هناك". وبابل عموماَ تشير لمملكة الشيطان عروس ضد المسيح وستخرب هي أيضاً وفي سفر الرؤيا نسمع "هلم فأريك دينونة الزانية العظيمة... فأخذني الروح إلي برية" فحيثما توجد الخطية يوجد الخراب. كزوابع = هي جيش كورش. وهي زوابع لأنها تثور وتخرب ثم تهدأ بعد أن تنهي عملها. وزوابع الجنوب تشتهر بقوتها. من أرض مخوفة = هي أرض مادي وفار س التي ستخرب بابل.
آية (2) قد أعلنت لي رؤيا قاسية الناهب ناهبا و المخرب مخربا اصعدي يا عيلام حاصري يا مادي قد أبطلت كل أنينها.
رؤيا قاسية = علي خراب بابل. والناهب = كورش وعيلام = فارس أنينها = الرب يبطل الأنين الذي سببه ظلم بابل، أي يحرر الشعوب من ظلمهم.
آية (3) لذلك امتلأت حقواي وجعا و أخذني مخاض كمخاض الوالدة تلويت حتى لا اسمع اندهشت حتى لا انظر.
هنا النبي رقيق المشاعر يعبر عن انفعالاته لألام بابل كما حزن علي موآب سابقاً.
آية (4) تاه قلبي بغتني رعب ليلة لذتي جعلها لي رعدة.
ليلة لذتي = الكلام هنا لبيلشاصر الذي جلس يتلذذ ويسكر في يومه الأخير في آنية بيت الرب. وهذا حدث أيام الطوفان إذ أتي بغتة وحدث لسدوم وعمورة الخراب بغتة. ولذلك وصية الله "أسهروا وصلوا".
آية (5) يرتبون المائدة يحرسون الحراسة يأكلون يشربون قوموا آيةا الرؤساء امسحوا المجن.
أعد البابليين الموائد وأقاموا الحراس ليشربوا ويسكروا. امسحوا المجن كان المجن يصنع من جلد ممدود علي خشب أو نحاس ومسحه بالزيت يحفظه وقت الحرب وهذه دعوة لرؤساء مادي وفارس بشن الحرب في ليلة سكر البابليين. وهذا ما حدث تماماً (أقرأ دانيال ص 5).
آية (6) لأنه هكذا قال لي السيد اذهب أقم الحارس ليخبر بما يرى.
أمر الرب النبي أن يقيم حارساً ليخبر بما يري. وقد يكون هذا في رؤيا فقط.
آية (7) فرأى ركابا أزواج فرسان ركاب حمير ركاب جمال فأصغى إصغاء شديدا.
أثنين أثنين = تعبيراً عن أن الجيش يتكون من فرسان مادي وفارس وقد أشتهر الفرس بمركباتهم التي تجرها الحمير، والماديين بالمركبات التي تقودها الجمال. فأصغي أصغاء شديداً = دخل جيش الفرس بهدوء دون أن يدري به البابليين.
آية (8) ثم صرخ كاسد آيةا السيد أنا قائم على المرصد دائما في النهار و أنا واقف على المحرس كل الليالي.
هاجت انفعالات الحارس لأنه أقام في محرسه نهاراً وليلاً دون أن يشعر بشيء، فلم يضبط انفعالاته. (الحراس يقفون علي الأسوار، لكن فارس ومادي دخلوا من خلال نهر الفرات الذي حولوا مساره ولم يدخلوا من الأسوار أو الأبواب المغلقة لذلك لم يدري بهم الحارس).
آية (9) و هوذا ركاب من الرجال أزواج من الفرسان فأجاب و قال سقطت سقطت بابل و جميع تماثيل آلهتها المنحوتة كسرها إلى الأرض.
كأن الحارس توقف عن الصراخ ثم أخذ بعد فترة يخبر النبي بما رآه عن خراب بابل (رمز لسقوط بابل الروحية في أخر الأيام ) (رؤ 14 : 8 + 18 : 2) فحينما تختفي المبادئ الروحية يصير المكان خرابا.
خراب بابل رمز لانهيار مملكة إبليس وعودة شعب الله له. بابل رمز لمحبة العالم التي تؤدي للبلبلة والإرتباك. وأورشليم علي العكس هي رؤية السلام. ومن يترك بابل (العالم بخطاياه) ليذهب لأورشليم (الكنيسة) يهرب من خرابها المحتم.
آية (10) يا دياستي و بني بيدري ما سمعته من رب الجنود اله إسرائيل أخبرتكم به.
ديا ستي = الذين يدوسون العنب. بني بيدري = الذين يعملون في حصاد الحنطة. والمعني أن الله لا يخفي شيئاً
عن خدامه.
آيات (11، 12) وحي من جهة دومة صرخ إلي صارخ من سعير يا حارس ما من الليل يا حارس ما من الليل. قال الحارس أتى صباح و أيضا ليل أن كنتم تطلبون فاطلبوا ارجعوا تعالوا.
دومة = يدعوا النبي أدم باسم نبوي دومة الذي يعني السكوت والصمت أي سكوت الموت. الاسم يشير لمكان قفر بلا سكان رمزاً للخراب أو لمن يجلس في وادي ظل الموت حيث لا يُسْمَع صوت الله من أحد. لا نبوة ولا رؤية ولا صلاة فهم مرفوضون، هذا هو حال الإنسان قبل المسيح. ولكن إشعياء صاحب الأذن المختونة الذى يميز صوت الله ويسمعه ويعمل فيه الروح القدس فقد سمع تنهد صوت البائسين، صوت البشرية المعذبة، وإستمع هنا لمن يقول يا حارس.. ما من الليل = أي يا حارس هل مازال جزء كبير من الليل الذي نعيش فيه، ألم يقترب الفجر... هذه صرخات من تمرر في ظلام الخطية، وربما هي صرخات الأنبياء والأبرار الذين كانوا ينتظرون خلاص المسيح وهي صرخات النفس الخاطئة لخدام الله... كم تبقي لي في ليل الخطية.
ورد عليه أتي صباح وأيضاً ليل = جاء المسيح نوراً للعالم وأشرق للجالسين في الظلمة ولكن الخطية موجودة ومن يرفض يبقي في الليل.. لذلك ينادي أرجعوا تعالوا.
آيات (13-17) وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين.هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان ارض تيماء و افوا الهارب بخبزه. فأنهم من أمام السيوف قد هربوا من أمام السيف المسلول و من أمام القوس المشدودة و من أمام شدة الحرب. فانه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار. و بقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل لان الرب اله إسرائيل قد تكلم.
يعلن الوحي هنا أن بابل ستسحق القبائل المجاورة ددان وقيدار وهم تجار بين بلاد العرب وترشيش. والنبي يصور حالهم. وقد هربوا عن طريق تجارتهم (بسبب الحرب) ولجأوا للصحراء ينشدون الأمان في القفر. وهؤلاء الهاربين من آلام ضيقات الحرب ينادون أهل تيماء ليقدموا لهم يد المعونة، وهم يكادون يهلكون عطشاً وجوعا. هذا إشارة لمن استهوتهم بضاعة العالم وتجارته (الخطية) وراحوا يتاجرون في الأرضيات ويستغنون بلذات العالم وغناه ومباهجه الكاذبة، هؤلاء سيكون نصيبهم مع العالم في انهياره وزوال مجده. وينادي الوحي أولئك الساكنين في القفر = سكان أرض تيماء أن يحضروا خبزاً وماءً في يوم البلية لهذه النفوس الذليلة ويسندوا هؤلاء المنكسرين !! ولكن من أين لهم الماء وهم سكان القفر. فالماء المروي هو عند المسيح فقط (يو 4 :14 + رؤ 3 :18) ولكن لماذا طلب الوحي من سكان القفر أن يمدوهم بالخبز والماء ؟! والله يعلم أنه لا يملكون. حقاً الله يعلم لكن المشكلة أن من أعتاد الحياة في لذات العالم، ولم يعتاد اللجوء للمسيح هذا إن حاصرته الضيقة لن يلجأ للمسيح، بل سيلجأ لمن يعرفه. ألا وهو العالم القفر. والكلام هنا في اللجوء لتيماء فيه سخرية، فهل تقدر تيماء (العالم) أن تعطي شبعاً ورياً لنفس متألمة. وقيدار = أشهر قبيلة في العرب وذكرت هنا بالنيابة وتمت النبوءة بهجوم سرجون علي بلاد العرب خلال سنة من النبوة وقيل أن كلمة العرب هنا أصلها EREB وليسEREB. ARABIA تعني مساءً فهي تشير لمن يعيش في العالم ولذات العالم. وتجارة العالم ما هي إلا قفر ومساء. هؤلاء في الضيقات لمن يلجأون، نجدهم يلجأون أيضاً لأهل القفار الذين هم بلا ماء ولا خبز فيظلوا علي عطشهم وجوعهم فلا شبع سوي في المسيح. ولكن أن نلجأ لإنسان فنحن نلجأ لقفر لا يُروى أحد.
الإصحاح الثاني والعشرون
نجد النبي هنا ينذر بخراب أورشليم والويلات التي تحل بشعبها وبجليس الملك المتمتع بالسلطان، وتكشف عن عماهم فهم لا يميزون صوت الرب ولا يعرفون إرادته، فهو حين يدعوهم للبكاء (عدد 12) إذ بهم يفرحون، لذلك حين يعبر زمان التوبة فلابد أن يجني الشعب مر الثمر ويكابد عقاب دينونة. وكعادة إشعياء يأتي بنبوات مفرحة عن المسيح عقب ذلك.
آية (1) وحي من جهة وادي الرؤيا فمالك انك صعدت جميعا على السطوح.
وادي الرؤيا = هي أورشليم فطالما رأي فيها الأنبياء رؤي، وكان إسمها جبل صهيون وبسبب انحطاطها الروحي صارت وادي وفقدوا الرؤيا والرؤية بسبب خطاياهم "أخفي عن عينيك" ولأنهم فقدوا الرؤيا سمح الله لهم بتأديب لتعود العينان مفتوحتان. ويبدوا أن زمن هذه النبوة كان في أيام حصار سنحاريب لأورشليم. وكان سنحاريب قد أخذ جزية كبيرة، ففرح الشعب إذ ظنوا أن الخطر قد زال. ولكن الله يقول لهم إن الخطر لم ينتهي بعد لأنكم مازلتم بعد في الخطية. فمالك أنك صعدت علي السطوح = من يصعد علي السطوح ولا يبقي في المنازل هو من لم يعد يشعر بخطر، الله يقول لهم أن هذا شعور زائف بالأمان فلا أمان ولا سلام إلا بالتوبة وهم لم يتوبوا بعد.
آيات (2، 3) يا ملآنة من الجلبة المدينة العجاجة القرية المفتخرة قتلاك ليس هم قتلى السيف و لا موتى الحرب. جميع رؤسائك هربوا معا اسروا بالقسي كل الموجودين بك اسروا معا من بعيد فروا.
الجلبة = فهي إذاً مدينة ملآنة مظاهر وسطحيات وأفراح عالمية كالعالم.
القرية المفتخرة = هي تفتخر بقوتها وليس بالله. قتلاك ليس هم قتلي السيف = بل هم قتلي الخطية التي كل قتلاها أقوياء، وقد طرحت كثيرين جرحي حتى جميع رؤسائك هربوا = لم يهتموا بك إذ هم أسري، أسري شهواتهم وبالتالي أسري بيد أعدائهم.
آية (4) لذلك قلت اقتصروا عني فابكي بمرارة لا تلحوا بتعزيتي عن خراب بنت شعبي.
نري هنا مشاعر النبي الرقيقة ثانية وقارن مع من يضعف وأنا لا ألتهب.
آيات (5-7) أن للسيد رب الجنود في وادي الرؤيا يوم شغب و دوس و ارتباك نقب سور و صراخ إلى الجبل. فعيلام قد حملت الجعبة بمركبات رجال فرسان و قير قد كشفت المجن.فتكون أفضل أوديتك ملآنة مركبات و الفرسان تصطف اصطفافا نحو الباب.
نري هنا شعب ودوس وارتباك =هذه نبوة بعودة الحصار. عيلام وقير = حلفاء أشور. قد كشفت المجن = لأنه يكون مغطي أثناء السفر ويكشفونه وقت الحرب. فهذه نبوة بإعلان الحرب.
آية (8) و يكشف ستر يهوذا فتنظر في ذلك اليوم إلى أسلحة بيت الوعر.
ما سبب كل ما ذكر في الآيات (5-7) هل هو قدرة العدو الخارقة ؟! لا بل أن الرب كشف ستر يهوذا.. فالساكن في ستر العلي في ظل الإله القدير يبيت. الجبال حولها والرب حول شعبه. إذا السبب هو تخلي نعمة الله.
وتفهم الآية علي أنها (1) خراب المدن المحيطة بها فتنكشف أورشليم وقد خرَب سنحاريب فعلاً 46 مدينة في يهوذا.
(2) فضح خطاياهم، فالله يستر علي شعبه، لكن حين يغضب الله بسبب الخطية لا يعود يستر، وهذه إحدى طرق الله لعلنا نتوب وللأسف فقد ترك شعب يهوذا الله الذي هو سور من نار وذهبوا يبحثون عن تدعيم الأسوار الحجرية، لقد تجاهلوا ستر العلي. كانوا يفكرون في هدم البيوت لاستخدام ردمها في ترميم الأسوار المتشققة ولم يذكروا قول داود أبيهم. "إن لم يحرس الرب المدينة فباطلاً سهر الحراس"
بيت الوعر = بناه سليمان وهو مملوء أسلحة، هم ذهبوا يبحثون عن أسلحة مادية
آيات (9 – 11) ورأيتم شقوق مدينة داود أنها صارت كثيرة و جمعتم مياه البركة السفلى.و عددتم بيوت أورشليم و هدمتم البيوت لتحصين السور. و صنعتم خندقا بين السورين لمياه البركة العتيقة لكن لم تنظروا إلى صانعه و لم تروا مصوره من قديم.
مياه البركة = مياه أورشليم قليلة حتى اليوم. وقبل هذه الحادثة بنحو 34 سنة أهتم الملك أحاز بهذا الأمر
(أش 3:7) فكانوا يريدون تحويل المياه من خارج حتى لا يستفيد بها العدو إلي داخل أورشليم فيستفيدوا بها هم خلال الحصار. وعددتم بيوت أورشليم = لتعرفوا أي البيوت يهدم لتدعيم الأسوار بالحجارة الناتجة عن الهدم. بين السورين = أنظر الرسم. والله يلومهم هنا لاهتمامهم بتدبير المدينة والتحصينات ولكنهم لم يهتموا بالتوبة والرجوع إلي الله.
آيات (12، 13) ودعا السيد رب الجنود في ذلك اليوم إلى البكاء و النوح و القرعة و التنطق بالمسح. فهوذا بهجة و فرح ذبح بقر و نحر غنم أكل لحم و شرب خمر لنأكل و نشرب لأننا غدا نموت.
عوضا عن البكاء والتوبة التي دعا لها الله عاشوا في أفراح وأكل وخمر حتى لحظات الحصار نفسها.
آية (14) فأعلن في أذني رب الجنود لا يغفرن لكم هذا الإثم حتى تموتوا يقول السيد رب الجنود.
الله لا يغفر إلا لمن يتوب، ولن يغفر لهم لإصرارهم علي عدم التوبة.
آية (15) هكذا قال السيد رب الجنود اذهب ادخل إلى هذا جليس الملك إلى شبنا الذي على البيت.
شبنا = هو وزير حزقيا الأول ووزير المال. وكان من أنصار التحالف مع مصر وكان غريب الجنس فلم يذكر له أب وكان أناني جشع محتال طموح وكان متولياً أمور الهيكل ويقول التقليد أنه كان مزمعاً أن يخون حزقيا، واستغل منصبه للإثراء الشخصي وتعظيم الذات وبني لنفسه قبراً مع ملوك يهوذا ليخلد نفسه. وكان الله موشكاً أن يدينه ويحكم عليه بأن يموت في أرض غريبة فلماذا هذا الضريح ؟!... هنا نري الله ضد أعداء شعبه الخارجيين كأشور والداخليين كشبنا هذا. وشبنا هذا يرمز لضد المسيح الذي سيقيم في هيكل الله (2 تس 4:2) بينما نجد إلياقيم (آية 20) رمزاً للمسيح الذي يأتي في مجده ليبيد الضد بنفخه فمه. هذا الغريب المتولي أمور الهيكل هو رجسه الخراب (مت 24 : 15).
آية (16) ما لك ههنا و من لك ههنا حتى نقرت لنفسك ههنا قبرا آيةا الناقر في العلو قبره الناحت لنفسه في الصخر مسكنا.
مالك ههنا = تدل علي أنه غريب، وقارن مع تسمية إلياقيم بعبد الرب آية (20) وأب لسكان أورشليم آية (21).
آية (17-19) هوذا الرب يطرحك طرحاً يا رجل ويغطيك تغطية. يلفك لف لفيفه كالكرة إلى ارض واسعة الطرفين هناك تموت و هناك تكون مركبات مجدك يا خزي بيت سيدك وأطردك من منصبك ومن مقامك يحطك .
يلفك = يلفه بكل ما له كشيء عديم القيمة، ويقذفه بعيداً أسيراً إما لأشور أو لمصر. يا خزي بيت سيدك = لأنه غش حزقيا.
آية (20) و يكون في ذلك اليوم أني أدعو عبدي الياقيم بن حلقيا.
الله يؤدب الأشرار ويبيدهم مثل شبنا ولكنه يعطي وعده بظهور المخلص الذي يسكن أورشليم الجديدة. الياقيم = تعني من يثبته الله إشارة للمسيح الذي كرسيه إلي دهر الدهور. فبعد أن يقذف الله بضد المسيح ويبيده تعلن مملكة المسيح الأبدية.
آية (21) و البسه ثوبك و أشده بمنطقتك و اجعل سلطانك في يده فيكون أبا لسكان أورشليم و لبيت يهوذا.
الله يعطي له ثياب الملك عوضاً عن شبنا فيملك علي شعبه بالحب = أباً لا بالذل كما كان يحكم شبنا. وأما منطقته فهي لغسل الأرجل والتطهير. يبدو أن شبنا هذا كان معتزاً بمنصبه وسيادته وملابسه الملوكية حباً في السيطرة رمزاً لإبليس الذي سيجرد من كل سلطانه.
آية (22) واجعل مفتاح بيت داود على كتفه فيفتح و ليس من يغلق و يغلق و ليس من يفتح.
يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح قيلت عن المسيح نفسه (رؤ 3 : 7) والمفتاح لا يحمل علي الكتف إلا لو كان الصليب الذي فتح به لنا الله باب السماء وأغلق به علي إبليس في الهاوية في بحيرة النار.
آية (23) و أثبته وتدا في موضع أمين و يكون كرسي مجد لبيت أبيه.
وتدا = ليملك علي بيت يعقوب للأبد (بشارة الملاك). والوتد يستعمل لتثبيت الأشياء. والمؤمنين سيثبتون في المسيح ( أثبتوا فيَ..)
آيات (24 – 25) و يعلقون عليه كل مجد بيت أبيه الفروع و القضبان كل أنية صغيرة من أنية الطسوس إلى أنية القناني جميعا.في ذلك اليوم يقول رب الجنود يزول الوتد المثبت في موضع أمين و يقطع و يسقط و يباد الثقل الذي عليه لان الرب قد تكلم.
الفروع والقضبان = هم أولاد الخلاص يصيرون كالفروع في كرمته وعملهم هو تمجيد الرب. والأواني هم المؤمنين أيضاً (2تي 2 : 20،21) وقارن مع قول بولس "إذ لنا هذا الكنز في أوان خزفية. والمسيح هو السبب في كل مجد بيت أبيه. ويعلقون = أي ينسبون له السبب في كل هذا المجد لطاعته وفدائه الذي طهر به الآنية المثبتة في المسيح. وثبت الأغصان في الكرمة ومجد الآب بصليبه (يو 17 :4). وأيضاً بصليبه حولنا كمؤمنين لآنية كرامة لمجد أسم أبيه. في ذلك اليوم = يوم نهآية ضد المسيح أو إبليس أو شبنا كرمز. فكل من تعلق بهذا الغريب الجنس وجعله وتداً له (يشبع شهواته ولذاته) وأتكل علي الباطل (العالم بما فيه ورئيسه إبليس ) معتبراً إياه وتداً مثبتاً فإنه يزول رجاؤه فيه فيقطع الوتد ويسقط ويباد كل متكل عليه.
الإصحاح الثالث والعشرون
قامت صور أولاً علي البر، ومع تقادم الزمن نقلت إلي جزيرة صخرية في مقابلها وذلك ليسهل الدفاع عنها، وسميت صور أيضا، وسميت المدينة التي علي البر صور القديمة. وحينما حاصرها نبوخذ نصر هربوا إلي صور الجزيرة وحينما دخلها نبوخذ نصر لم يجد فيها شيء. أما حينما حاصرها الإسكندر الأكبر وهرب شعبها إلي صور الجزيرة ردم الإسكندر الممر المائي بين صور الجديدة والقديمة.
وخطية صور هو انغماسها في الشهوات نتيجة الغني ثم الكبرياء. والخراب المشار إليه هنا يشير لخراب كل نفس تتشبه بصور من جهة ارتباكها بالغني مع الرجاسات. صور تشير لمن أعطاه الله خيرات كثيرة فأستغلها لا لشكر الرب وتمجيده بل لإرضاء شهواته فيزداد كبرياؤه.
وتشير صور للعالم باعتباره نظام تجاري عظيم يسعي فيه الناس لإمتلاك المادة لإغناء ذواتهم فيتنعمون بكل أنواع الرفاهية ناسين الله وهذا نجده متفشي في العالم كله. ولكن ستأتي أيام يزول فيها شكل هذا العالم وهيئته كما خربت صور نفسها. إذاً خطايا صور هي الافتخار الباطل وتجارتها في بضائع العالم وشهواته والزيغان عن الله
وكما اشتهرت بابل بأنها مملكة حربية علي الأرض وتمثل القوة العسكرية بجبروتها اشتهرت صور بأنها مملكة تجارية مالية علي البحر. فالشيطان إما يحاربنا حرب مباشرة وبقوة أو يحاربنا عن طريق إرضاء شهواتنا بالغني والمال ثم الكبرياء.
آية (1) وحي من جهة صور ولولي يا سفن ترشيش لأنها خربت حتى ليس بيت حتى ليس مدخل من ارض كتيم أعلن لهم.
سفن ترشيش = سفن أسبانيا ولها تجارة مع صور. ولولي = فثروة ترشيش قائمة علي علاقتها بصور. ولقد خربت صور القديمة علي يد نبوخذ نصر أما الخراب التام لصور القديمة وصور الجزيرة فكان علي يد الإسكندر الأكبر.
من أرض كتيم = كتيم هي قبرص التي وصلتها أنباء خراب صور، فكان التجار القادمين إلي صور يسمعون بأنباء خرابها حين يتوقفون عند قبرص للراحة.
آية (2) اندهشوا يا سكان الساحل تجار صيدون العابرون البحر ملأوك.
الساحل = هنا هو فينيقية. وتجار صيدون ملأوا صور بتجارتهم. وكان اسم كنعان يشمل صور وصيدا.. الخ.
آية (3) و غلتها زرع شيحور حصاد النيل على مياه كثيرة فصارت متجرة لأمم.
غلتها = غلة صور هو ربحها من تجارتها في زرع شيحور = شيحور هو نهر النيل فمعني الكلمة أسود وهي راجعة للطمي الذي يملأ النيل.
آية (4) اخجلي يا صيدون لان البحر حصن البحر نطق قائلا لم أتمخض و لا ولدت و لا ربيت شبابا و لا نشأت عذارى.
أخجلي يا صيدون = نظراً للعلاقة بين صور وصيدا، فصيدون هي المدينة الأم لصور. وسقوط صور يكون سقوطاً لصيدا وحزن شديد لها. حصن البحر = هو صور المدينة المحصنة. لأن البحر = إذ أن صور مبنية مالياً علي تجارة البحر.
ولم أتمخض = كانت صور قد أنشأت مستعمرات كثيرة مثل قرطاجنة فصارت صور أماً لهم، والآن إذ خربت صارت كأنها لم تلد أبدا، أي انقطعت كل علاقاتها بمستعمراتها وكل مساعدة منها.
آية(5) عند وصول الخبر إلى مصر يتوجعون عند وصول خبر صور.
آية (6)اعبروا إلى ترشيش ولولوا يا سكان الساحل.
أعبروا إلي ترشيش = النبي يطلب للبقية أن تذهب إلي ترشيش أحدي بنات صور أو مستعمراتها كلاجئين.
آية (7) أهذه لكم المفتخرة التي منذ الأيام القديمة قدمها تنقلها رجلاها بعيدا للتغرب.
المفتخرة = JOYOUS أي هايصة بمسارحها وملاعبها فليس لهم وقت لسماع إنذارات الله. منذ الأيام القديمة = صور أقدم مدن فينيقية بعد صيدون (يش 19 : 28،29) وتنقلها رجلاها = منظر امرأة فقيرة متغربة.
آية (8) من قضى بهذا على صور المتوجة التي تجارها رؤساء متسببوها موقرو الأرض.
المتوجة = كان بعض الملوك يدفعون جزية لها وتجارها يعيشون كالملوك.
آية(9) رب الجنود قضى به ليدنس كبرياء كل مجد و يهين كل موقري الأرض.
كل مجدها خربه نبوخذ نصر ثم الإسكندر، لذلك لنقل مع الكتاب، "ليس لنا هنا مدينة باقية"، ولنحتقر العالم الذي ليس له ثبات، أما من تكرمه السماء فيبقي للأبد في مجد حقيقي لا يزول ولا يخربه أحد.
آية (10) اجتازي أرضك كالنيل يا بنت ترشيش ليس حصر فيما بعد.
من الواضح أن ترشيش كانت تحت الجزية من صور. لكن بعد خراب صور ستتحرر ترشيش وتكون كفيضان النيل متنعمة بكل خيراتها.
آية (11) مد يده على البحر أرعد ممالك أمر الرب من جهة كنعان أن تخرب حصونها.
كنعان تشمل صور وصيدون.
آية (12) قال لا تعودين تفتخرين أيضا أيتها المنهتكة العذراء بنت صيدون قومي إلى كتيم اعبري هناك أيضا لا راحة لك.
بنت صيدون = هي صور نفسها، فصيدون هي أقدم بلاد فينيقية وهي أسست صور. وبعد سقوطها سيهرب شعبها إلي قبرص. ولكن أيضاً لن يجدوا راحة فلا راحة سوي بالرجوع إلي الله بالتوبة، وقيل أن ملك صيدون لجأ إلي قبرص في زمان أسر حدون فلحقه هناك وقطع رأسه.
آية (13) هوذا ارض الكلدانيين هذا الشعب لم يكن أسسها أشور لأهل البرية قد أقاموا أبراجهم دمروا قصورها جعلها ردما.
آية(14) ولولى يا سفن ترشيش لأن حصنك قد أُخرب.
الكلدانيين = النبي هنا ينظر للمستقبل إلي حوالي 150 سنه بعد النبوة ويري نبوخذ نصر ملك بابل قادماً علي صور. وكان ملك أشور كعادته قد أتي بالكلدانيين من الشمال وأسكنهم في ذلك المكان، فأصبحوا مملكة عظيمة أسقطت أشور نفسها، بل أطلق أسم الكلدانيين كما ذكرنا سابقاً علي بابل كلها.
آية (15) و يكون في ذلك اليوم أن صور تنسى سبعين سنة كأيام ملك واحد من بعد سبعين سنة يكون لصور كأغنية الزانية.
يبدو أن مدة السبعين سنة هي نفسها التي سبي فيها شعب الله إلي بابل، وإلي هناك سبي أيضاً شعب صور حيث تعرفوا علي اليهود وربما أعجبوا بهم وبعبادتهم وأستمر سبي أهل يهوذا وأهل صور 70 سنة طوال فترة حكم بابل، التي سميت هنا كأيام ملك واحد والمقصود مملكة واحدة. وهنا يعبر الوحي بصورة امرأة زانية مشهورة وهي صور (زانية لفسادها وتجارتها وغناها وكبريائها السابق ) وقد أصبحت منسية لطول مدة سبيها. ثم عادت من السبي فعادت لتجارتها القديمة. ويبدو كتشبيه لذلك أنه أنتشر أيام إشعياء أغنية بطالة فاسدة يرددها الزواني ليجذبن الرجال. والزني هو بيع العفة بالمال، وكلا من باع الصدق والأمانة والشفقة لأجل المال يخطيء خطأ الزانية. وهذا التشبيه ينطبق علي صور التي عادت من السبي لتجارتها القديمة، فحب الثروة العالمية هو زنا روحي (يع 4 :4) والشهوة وثنية روحية.
آية (16) خذي عودا طوفي في المدينة أيتها الزانية المنسية أحسني العزف أكثري الغناء لكي تذكري.
أحسني العزف = ستعود لما كانت عليه.
آيات (17 ، 18) ويكون من بعد سبعين سنة أن الرب يتعهد صور فتعود إلى أجرتها و تزني مع كل ممالك البلاد على وجه الأرض. و تكون تجارتها و أجرتها قدسا للرب لا تخزن و لا تكنز بل تكون تجارتها للمقيمين أمام الرب لأكل إلى الشبع و للباس فاخر.
المقصود بالزني هناهو تجارة صور. واستمرت التسمية بعد عودتهم من السبي، ويبدو أنهم خلال فترة سبيهم أعجبوا بعبادة اليهود وبيهوه فبعد عودتهم أرسلوا عطايا للهيكل وخدموا في بناء الهيكل = أجرتها قدساً للرب + (عز 3 :7). فهم استفادوا إذن بثروتهم بطريقة مقدسة. واستمرار تسمية تجارتهم بالزني كان كما أستمر معلمنا يعقوب يطلق علي راحاب أسم الزانية (يع 2 :25) ولكن يبدو علي المدى البعيد أن هذه النبوة تشير لإيمان الصوريين أيام المسيح (أع 21 : 3). إذاً صور هي كنآية عن القوة المالية، والنبي ينظر بلا شك ليوم يتقدس فيه مال العالم لخدمة الله (أش 49 : 18، 23 + 60 : 1-17).
الإصحاح الرابع والعشرون
في الإصحاحات من 24 حتى 27 نبوات خاصة بيهوذا وإسرائيل بل والشعوب المحيطة، نبوات عمومية تخص الأرض كلها عند كمال الأزمنة. إنه هنا يترك الجزئيات ليدخل في الكليات. فيترك الحديث عن عينات من الشعوب إلي شعوب الأرض كلها وهذا ليظهر شمولية الفساد.. و في ثنايا الحديث تظهر بشري الخلاص وما أدخره الله للمفديين من فرح وسرور أبدي وميراث أبدي لا يضمحل.
وسط النبوات بالخراب نسمع صوت الرجاء والخلاص فتتمازج هنا وعود الله للأبرار ووعيده للأشرار. فنسمع أن الأرض فسدت وتبدأ النبوات عن دينونة الأرض بإظهار أن الخطية ضربت جذورها في الأرض كلها وأمام الدينونة العامة، الجميع تحت الحكم سواء الكاهن أو النبي أو الشيخ أو الحكيم. فالجميع يستحق الموت فقد أخطأ الجميع. ثم تأخذ النبوات غآية الإبداع.. فنجد أن الرب يخلي الأرض ويفرغها.. وكأن الرب يعيد من جديد صياغتها، ويعيد خلقتها خليقة جديدة كما صنع منذ البدء حين خلق العالم وقت أن كان كل شيء خراب.
(تك 1 : 2) وهذا هو الخلاص الذي صنعه المسيح لذلك قال بولس الرسول " إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو 5 :17) فالأرض تشير للجسد الذي أخذ منها. و تفريغ الأرض ثم تجديدها إشارة لما يحدث في المعمودية من موت الإنسان العتيق ليقوم الإنسان الجديد. هي الولادة الجديدة.
والخراب المشار إليه قد يكون إشارة للخراب الذي عمله أشور، لكنه يشير صراحة للوضع المأساوي الذي وصل إليه البشر نتيجة الخطية، و يشير حال الخاطئ الآن الذي مازال غير ثابتاً في المسيح وانعدام تعزياته الداخلية.
وهذه الآيات ستتكرر في نهآية الأيام حين تزول الأرض وتخرب وتنتهي صورة العالم القديم ثم القيامة من الأموات والخلاص النهائي في الأبدية. وجزئياً فستخرب بابل إسرائيل ويهوذا لتأديبهما، ثم تسقط بابل أيضاً، والمصائب التي تصيب اليهود هدفها تطهيرهم أما مصائب الأمم غير التائبين فهي للهلاك.
آية (1) هوذا الرب يخلي الأرض و يفرغها و يقلب وجهها و يبدد سكانها.
الأرض = يهود وأمم، فالخلاص لكل بني أدم. ويقلب وجهها = تصير كصحن تقلبه فلا يصير فيه شيئاً. والأرض خربت بسبب الخطية. ونجد دائماً أن نهآية الأفراح العالمية حزن دائم.
آية (2) و كما يكون الشعب هكذا الكاهن كما العبد هكذا سيده كما الأمة هكذا سيدتها كما الشاري هكذا البائع كما المقرض هكذا المقترض و كما الدائن هكذا المديون.
الكل سواء في الخراب الواحد الذي يعم جميع الناس بدون استثناء ومراتب الناس لن تحميهم من الخراب أو من غضب الله.
آيات (3، 4) تفرغ الأرض إفراغا و تنهب نهبا لان الرب قد تكلم بهذا القول. ناحت ذبلت الأرض حزنت ذبلت المسكونة حزن مرتفعو شعب الأرض.
سبب الخراب هو الخطية والكبرياء مرتفعو = متكبرون.
آية (5) و الأرض تدنست تحت سكانها لأنهم تعدوا الشرائع غيروا الفريضة نكثوا العهد الأبدي.
سبب الخراب هو الخطايا = تعدوا الشرائع " ملعونة الأرض بسببك" ولهذا تأثرت الأرض بخطايا الإنسان إذ صارت ملعونة. العهد الأبدي = هو ناموس الله المطبوع في الإنسان أي الضمير ثم وصايا الناموس لشعب الله.
آية (6) لذلك لعنة أكلت الأرض و عوقب الساكنون فيها لذلك احترق سكان الأرض و بقي أناس قلائل.
من مراحم الرب أن هناك بقية.
آيات (7 - 9) ناح المسطار ذبلت الكرمة أن كل مسروري القلوب. بطل فرح الدفوف انقطع ضجيج المبتهجين بطل فرح العود. لا يشربون خمرا بالغناء يكون المسكر مرا لشاربيه.
انصبت الدينونة علي من يفرحون بهذا العالم فرحاً زائفاً ويصير الخطاة بلا تعزية وبلا سلام داخلي.
آية (10) دمرت قرية الخراب أغلق كل بيت عن الدخول.
قرية الخراب = ربما تكون أورشليم وربما أي مدينة تخرب بسبب الخطايا. أغلق كل بيت = بسبب الحزن والخراب.
آية (11) صراخ على الخمر في الأزقة غرب كل فرح انتفى سرور الأرض.
نري هؤلاء البائسين يتصارعون علي الخمر لعلهم يتعزون ولا فائدة.
آية (12) الباقي في المدينة خراب و ضرب الباب ردما.
سلامة المدينة في سلامة بابها، وهنا نجد الباب مضروباً.
آية(13) انه هكذا يكون في وسط الأرض بين الشعوب كنفاضة زيتونة كالخصاصة إذا انتهى القطاف.
مرة ثانية في نفس الإصحاح نري أن هناك بقية ستخلص.
آيات (14، 15) هم يرفعون أصواتهم و يترنمون لأجل عظمة الرب يصوتون من البحر.لذلك في المشارق
مجدوا الرب في جزائر البحر مجدوا اسم الرب اله إسرائيل.
نجد هنا ترتيل وترنيم لبزوغ النور الإلهي. وقارن مع ترنيمة المفديين (رؤ 15) وترنيمة موسي بعد الخروج. إذاً هذه هي ترنيمة الذين خلصهم المسيح من هذا الخراب الذي حل بالأرض. وهؤلاء المخلصين سيكونون في كل العالم من المشارق إلي غرب الأرض = جزائر البحر الكل يمجد. هذه أفراح البقية الأمينة المؤمنة، وبينما تتوقف الأفراح العالمية لا تتوقف الأفراح الروحية للقديسين (حتى في أوقات استشهادهم أو موتهم).
آية (16) من أطراف الأرض سمعنا ترنيمة مجدا للبار فقلت يا تلفي يا تلفي ويل لي الناهبون نهبوا الناهبون نهبوا نهبا.
عند ظهور مجد الرب هناك من يرنم كما سبق، ولكن هناك أيضاً من رفض الإيمان ومن عاش في خطيته هؤلاء الذين يهلكون يصرخون ياتلفي وربما هنا النبي في شفقته عليهم يتكلم بلسانهم. الناهبون نهبوا = من كان أبنا لإبليس في حياته رافضاً التوبة سينهبه إبليس في النهآية.
آية (17) عليك رعب و حفرة و فخ يا ساكن الأرض.
العدو يحارب شعب الله بالرعب والخداع والفخاخ.
آية (18) و يكون أن الهارب من صوت الرعب يسقط في الحفرة و الصاعد من وسط الحفرة يؤخذ بالفخ لان ميازيب من العلاء انفتحت و أسس الأرض تزلزلت.
المصائب مشبهة بميازيب إشارة لما حدث أيام الطوفان وربما تتزلزل الأرض فعلاً في آخر الأيام، بل هي ستزول وتحترق وتترنح كالسكران، أي هي غير ثابتة.
آيات (19، 20)انسحقت الأرض انسحاقا تشققت الأرض تشققا تزعزعت الأرض تزعزعا. ترنحت الأرض ترنحا كالسكران و تدلدلت كالعرزال و ثقل عليها ذنبها فسقطت و لا تعود تقوم.
إنسحقت.... تشققت.... تزعزعت = النبي لم يجد كلمة واحد للتعبير عما حدث. كل ما إعتبره الإنسان ثابتاً سيهتز. هنا نري صورة لثقل الخطية التي حملها المسيح عنا فهي مثل كتلة ثقيلة ارتطمت بالأرض فسحقتها وشققتها وزعزعتها. كالعرزال كوخ يبنيه المراقب في أطراف الشجرة ليراقب الحيوانات في الغابة فيثقل علي الفرع فينثني ولا تعود تقوم = إشارة لسقوط الممالك ونهآية بسقوط الأرض والسماء وزوالها لتقوم الأرض الجديدة والسماء الجديدة (رؤ 21 :1)
آية (21) و يكون في ذلك اليوم أن الرب يطالب جند العلاء في العلاء و ملوك الأرض على الأرض.
جند العلاء = هم أجناد الشر الروحية الذين سيحكم الله عليهم.
آية (22) و يجمعون جمعا كاسارى في سجن و يغلق عليهم في حبس ثم بعد أيام كثيرة يتعهدون.
المعني أن الله سيحط من شأن الشيطان ويقيده بسلسلة حتى يأتي الزمان الأخير حين يلقيه في البحيرة المتقدة بنار (رؤ 20 :10) أما حط الشيطان وتقييده بسلسلة فهذا تم بالصليب. أساري في سجن = أي موجودين في جهنم مكان انتظار الأشرار حتى يأتي اليوم الأخير الذي فيه يتعهدون أي يعاقبون بدخولهم للجحيم.
آية (23) ويخجل القمر و تخزى الشمس لان رب الجنود قد ملك في جبل صهيون و في أورشليم و قدام شيوخه مجد.
هذا ماحدث يوم الصليب وسيحدث في اليوم الأخير، فلقد خجل القمر والشمس أمام ما فعله الإنسان بمخلصه وفاديه. وقد تعني أن الأبرار سيعاينون نور الله الذي أمامه يخجل نور الشمس والقمر. قدام شيوخه مجد = إشارة لكهنة الرب الذين يتقدمون لأسراره.
الإصحاح الخامس والعشرون
في (24 : 16) سمع إشعياء ترنيمة من الأمم أي العالم كله... مجداً للبار. وهي تسبحة شكر علي عمل الله يقدمها النبي باسم الكنيسة علي خلاص المسيح. فنعمة الله ظهرت جزئياً في خلاص اليهود من السبي وكلياً في عمل المسيح. وسوف يسبح الأمم المسيح علي الخلاص بينما إسرائيل معزول في أحزانه. و لكن بعد أن يدخل ملء الأمم يجمع الله متفرقي إسرائيل وتخلص البقية، فترفع صهيون صوتها بذات التسبيح. وسبب الفرح خراب وسقوط قرية الخراب (24 :10) أي مملكة المخرب حيث ضد المسيح الذي كان يقاوم المدينة ذات الأساسات.
آية (1) يا رب أنت الهي أعظمك احمد اسمك لأنك صنعت عجبا مقاصدك منذ القديم أمانة و صدق.
من آية (1) إلي (5) إعلان لمقاصد الله الخيرة، حتى ولو بدت قاسية لكنها لازمة للخلاص. وفي هذه الآية يسبحون كتسبحة موسي. هنا البقية الأمينة تسبح بعد أن اعترفت بالمسيح بعد طول إنكار. البقية هم الذين امنوا بالمسيح وهم البقية من شعب اليهود في نهآية الأيام الذين عاشوا في ذل منذ قالوا ليس لنا ملك إلا قيصر. وهذا التسبيح عموما هو تسبيح كل نفس أدركت عمل المسيح الذي عمله بالفداء، ومازال يعمله فيها للان ليعينها علي الخلاص.
آيات (2، 3) لأنك جعلت مدينة رجمة قرية حصينة ردما قصر أعاجم أن لا تكون مدينة لا يبنى إلى الأبد. لذلك يكرمك شعب قوي و تخاف منك قرية أمم عتاة.
هذا الإصحاح يفسر علي خراب بابل علي يد الفرس، وبابل هنا تسمي قصر أعاجم، أي لهم لغة غير لغة اليهود. ويمكن تفسيره بصورة أعم و أشمل بخلاص العالم كله من مملكة الشر بابل التي تتكلم لغة غير لغة الله (لغة الله هي المحبة والقداسة) فهم أي إبليس وجنوده قصر أعاجم فهم يحتلون النفس كغرباء وأعاجم يملكون ما ليس لهم. والله يهدم ما فينا من إنسان عتيق ليقيم إنساناً جديداً (2 كو 4 :16) وهذه القوي جميعها سيتم تدميرها في نهآية الضيقة العظمي. كانت النفس قصراً لله لكن أحتلها الأعاجم ودمروها، والله سيعيد خلقتها خلقة جديدة، وفي نهآية الأيام ستنتهي تماماً هذه القوة الشيطانية التي تحارب البشر وتصير خراباً. وربما في قوله مدينة / قرية / قصر إشارة لسيطرة إبليس علي كل مستوي، الجماعة كلها / الأسرة / الفرد فهو يعمل علي كل المستويات ليملك علي البشر. يكرمك شعب قوي = هم إما الفرس أو أي شعب قوي ينفذ إرادة الله، أي الكنيسة القوية المرهبة بالمسيح الذي فيها والذين يخربون ويهدمون مملكة بابل. وتخاف منك قرية عتاة = هم إما البابليون أو كل مدينة تقاوم الله حين يرون يد الله في سقوطهم، وهكذا جزعت الشياطين حين شعروا بقوة المسيح.
آيات (4، 5) لأنك كنت حصنا للمسكين حصنا للبائس في ضيقه ملجأ من السيل ظلا من الحر إذ كانت نفخة العتاة كسيل على حائط. كحر في يبس تخفض ضجيج الأعاجم كحر بظل غيم يذل غناء العتاة.
المسكين والبائس هما شعب الله المُضايَق والله لشعبه حصن وملجأ من السيول، وظل من الحر، حائط يرد السيل، والله يلجأ إليه كل مسكين وبائس فيقبله، فالله لا يرفض أحدا عبر العصور ولنلاحظ المفارقة : المدينة الحصينة قصر الأعاجم يجعله ردماً (آية 2) = الله يذل المتكبرين بينما يكون حصناً للبائس فهو يرفع المتضعين ويحمي من يلجأ إليه.
والتصوير هنا يعني أن هجوم العتاة علي شعب الله كان كسيل ولكن الله يرد هذا السيل ويكون لنا كحائط وكسور يحمينا. وحينما يغنون لانتصارهم علينا إذ ضايقوا شعب الله كحر في يبس. كان الله ظل غيم يظلل علي شعبه ولنفهم أننا ما دمنا علي الأرض فهناك مضايقات من عدو الخير لكن الله لا يترك شعبه بل يكون لهم حامياً، بل هو قادر أن يحول هذه المضايقات لخير أولاده.
آيات (9 – 12) و يقال في ذلك اليوم هوذا هذا إلهنا انتظرناه فخلصنا هذا هو الرب انتظرناه نبتهج و نفرح بخلاصه. لان يد الرب تستقر على هذا الجبل و يداس مواب في مكانه كما يداس التبن في ماء المزبلة. فيبسط يديه فيه كما يبسط السابح ليسبح فيضع كبرياءه مع مكايد يديه.و صرح ارتفاع أسوارك يخفضه يضعه يلصقه بالأرض إلى التراب.
هذه ترنيمة الخلاص والانتقام من الأعداء وهذه الترنيمة تقال مرتين، الأولي حين جاء المسيح أول مرة وقدم الخلاص علي الصليب والمرة الثانية حينما يأتي في المجيء الثاني. هذه الترنيمة تعبر عن فرحتنا بخلاصنا من أعدائنا أي إبليس وجنوده، فلقد أعطانا السيد سلطاناً أن ندوس الحيات والعقارب وحول عبوديتنا حرية وجوعنا إلي شبع وعارنا إلي مجد وحزننا إلي فرح. ولنعود للآيات (6 – 8) لنري صورة الصليب والخلاص الذي قدمه المسيح.
آيات (6 – 8) و يصنع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن وليمة خمر على دردي سمائن ممخة دردي مصفى. و يفني في هذا الجبل وجه النقاب النقاب الذي على كل الشعوب و الغطاء المغطى به على كل الأمم.يبلع الموت إلى الأبد و يمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه و ينزع عار شعبه عن كل الأرض لان الرب قد تكلم.
هنا رسم واضح لأيقونة الصليب. فالمسيح هو الوليمة العظيمة المدعو لها جميع الشعوب وهي ذبيحة سمائن وخمر مصفي. المسيح يقدم ذاته لكل نفس بصفته المشبع لكل احتياجاتها فتقول النفس "الرب راعي فلا يعوزني شيءً" ويفنى في هذا الجبل = عندما صلب المسيح أنشق حجاب الهيكل بسبب الصلح وأنزاح البرقع عن أعيننا فأصبحنا ننظر مجد الله (لكن كما في لغز كما في مرآة ) بلا دخان كما كان يحدث في العهد القديم، ولكننا الآن في عصر التجلي، لقد عرفنا كل خطط الله لتمجيد الإنسان من كل الأمم. يبلع الموت إلي الأبد = المسيح الإله الحي إذ مات بجسده علي الصليب أبتلع الموت بحياته. وأعطانا جسده نأكله قائلاً من يأكلني يحيا بي، فهو أعطانا حياته نحيا بها للأبد. ينزع عار شعبه عار الشعوب الخطية وهذه قد حملها المسيح علي الصليب. وليمة سمائن = مائدة التناول من جسد المسيح هي مائدة مشبعة. دردي = أفضل أنواع الخمر وهي التي ترسب في أسفلها، لكنها حينما تنقي وتصفي تصبح أفضل الأنواع والخمر تشير للفرح الروحي، والله يعطي لأولاده أحسن أنواع الفرح (يو 16 : 22) سمائن ممخة = أي بها نخاع. لذلك نحن في القداس نكون كمن في السماء.
آيات (9 – 12) يد الرب تستقر علي هذا الجبل = الجبل هو الكنيسة جسد المسيح. فكان للمسيح قبل مجيئه ظهورات وهذه غير التجسد، أما في مجيئه متجسداً ومتأنساً فهو أستقر وسكن في طبيعتنا وما عاد يتخلي عن طبيعته الناسوتيه، ولن ينفصل لاهوته عن ناسوته. ويتوازي مع هذا انهيار الشيطان الذي يمثله هنا موآب (الموآبيون كانوا يشمتون في مصائب شعب الله ) والرب إنتصر علي الشيطان في مكانه.
1) جبل التجربة (البرية القفر)
2)النفوس التي سيطر عليها وأستعبدها فحررها المسيح.
3)الجحيم حين فك المسيح أسر السبايا.
4)الهواء حين صلب المسيح في الهواء.
كما يداس التبن = التبن يداس لعمل الطوب. والدوس إشارة لضعف إبليس الذي يبسط يديه = هو كغريق كاد أن يغرق ويبسط يديه محاولاً السباحة لينجو، وخلال محاولاته هذه يبذل أقصي وسعه لجذب كل من يمكنه أن يجذبهم ليغرقوا معه ويهلكوا. صرح إرتفاع أسوارك يخفضه = هو كان يظن أنه محصن ولكن الله خفض وأذل كبريائه.
الإصحاح السادس والعشرون
هذا الإصحاح هو تسبيح البقية بسبب الخلاص من بابل الذي هو رمز للخلاص من عبودية إبليس. فالشعب المفدى المحرر يسبح بينما تسقط أسوار بابل.
آية (1) في ذلك اليوم يغنى بهذه الأغنية في ارض يهوذا لنا مدينة قوية يجعل الخلاص أسوارا و مترسة.
المدينة القوية = أرض يهوذا = هي الكنيسة (أورشليم السماوية) والله هو سور لها يحميها، أعمال الله الخلاصية هي أسوار المدينة، لا يستطيع عدو الخير اقتحامها، لكنه هو يحاول إغراء من بالداخل. ولكن من يثبت في الله فهو غير قادر عليه. في ذلك اليوم = يوم الخلاص بالصليب.
آية (2) افتحوا الأبواب لتدخل الأمة البارة الحافظة الأمانة.
أفتحوا الأبواب = الأبواب تغلق من الخوف من الأعداء وتفتح في حالة السلام الأمة البارة = لو فهمنا أن الإصحاح يتكلم عن عودة اليهود فالبارة تعني أنهم هؤلاء الذين تخلوا عن عبادة الأوثان. ولو فهمناه عن الكنيسة فهي التي تبررت بالدم وبعد أن كانت مطرودة لخطاياها، قبلها الله وأدخلها بدمه وصار لها سلام.
آيات (3، 4) ذو الرأي الممكن تحفظه سالما سالما لأنه عليك متوكل. توكلوا على الرب إلى الأبد لان في ياه الرب صخر الدهور.
ذو الرأي الممكن = من استقر قراره علي اختيار الله والثقة فيه هذا يحفظه الله سالماً، هؤلاء هم ذوي أصحاب الهدف الثابت والعواصف لا تغير قرارهم. هنا نجد تأكيد يلذذ النفس أن الله يحفظ سلام شعبه كما حفظ الثلاثة فتية فتوكلوا علي الرب = فالرجاء به خير من الرجاء بالرؤساء.
آيات (5، 6) لأنه يخفض سكان العلاء يضع القرية المرتفعة يضعها إلى الأرض يلصقها بالتراب. تدوسها الرجل رجلا البائس أقدام المساكين.
هذه تساوي "أنزل الأعزاء من علي الكراسي ليرفع المتضعين". (لو 1 :53) يخفض سكان العلاء = بابل أو الرومان كرمز للشيطان وجنوده. و هذه نبوة بخراب كل متكبر علي شعب الله وكل عدو للكنيسة.
آية (7) طريق الصديق استقامة تمهد آية المستقيم سبيل الصديق.
الله طريقه مستقيم فليس عنده تغيير ولا ظل دوران، وهو يمهد سبيل الصديق.
آية (8) ففي طريق أحكامك يا رب انتظرناك إلى اسمك و إلى ذكرك شهوة النفس.
الأتقياء ينتظرون الرب وهو يجري أحكامه وهو ينصر شعبه ولكنه قد يؤدب. لذلك علي شعبه أن ينتظر بثقة خلاصه، ينتظر وهو ينفذ وصاياه، فالوصية ليست ثقلاً بل هي علة فرح الإنسان المستقيم (مز 119 : 14، 16، 24 ) وفي تحقيق الوصية تلاق مع المسيح نفسه. والانتظار معناه أيضاً تسليم لأحكام الله بدون تذمر. ومن يسلم أمره لله منفذاً وصاياه يتمتع به كسر خلاص وحياة.
آية (9) بنفسي اشتهيتك في الليل أيضا بروحي في داخلي إليك ابتكر لأنه حينما تكون أحكامك في الأرض يتعلم سكان المسكونة العدل.
التأمل في صفات الله يدفع للشوق إليه وأن يبكر الإنسان بالصلاة له (أم 8 : 17، 18) ومن أحكامه وكتابه المقدس نتعلم العدل. في الليل = في ليل هذا العالم تشتهي النفس اللقاء مع المسيح لأن النفس تعبت طول النهار من حر الشمس (ألام العالم) منتظرة في شوق أن تشرق عليها أفراح الأبدية.
آية (10) يرحم المنافق و لا يتعلم العدل في ارض الاستقامة يصنع شرا و لا يرى جلال الرب.
الله يمطر علي الأبرار وعلي المنافقين ولكنهم للأسف لا يشعرون بكل عطاياه بسبب عماهم الروحي الناشئ عن خطيتهم. في أرض الاستقامة يصنع شراً قد يصنع الأشرار خطاياهم بينما هم في الكنيسة. هؤلاء الأشرار سيحرمون من معاينة عزاء الرب هنا ومن مجده في الأبدية.
آية (11) يا رب ارتفعت يدك و لا يرون يرون و يخزون من الغيرة على الشعب و تأكلهم نار أعدائك.
ارتفعت يدك = بالضربات علي الأشرار ولعماهم الروحي لا يرون. يرون ويخزون = في النهآية سيرون ما حدث لهم من خراب ويخزون إذ يقارنون بالبركات والنصر الذي كان لشعب الله = يخزون من الغيرة علي الشعب. والغيرة هي غيرة الله علي شعبه، والله ينتقم لشعبه ويكون ناراً آكلة للأعداء.
آية (12) يا رب تجعل لنا سلاما لأنك كل أعمالنا صنعتها لنا.
كل أعمالنا صنعتها لنا = كل البركات التي نحن فيها صنعها الله لنا.
آيات (13، 14) آيةا الرب ألهنا قد استولى علينا سادة سواك بك وحدك نذكر اسمك.هم أموات لا يحيون أخيلة لا تقوم لذلك عاقبت و أهلكتهم و أبدت كل ذكرهم.
سادة سواك = هم إما ملوك بابل أو هم رمز لاستعباد الشيطان لشعب الله. هم يشتكون أن الله باعهم لسادة سواه يذلونه و الأصح أنهم بخطاياهم باعوا أنفسهم والله تركهم ليعرفوا الفرق بينه كسيد وبين الآخرين فهم اختاروا سادة يذلونهم والآن يقدمون توبة ويعودون لله. بك وحدك = أي بواسطة معونتك ننتصر عليهم نذكر إسمك = هذه فائدة التجربة أنهم عادوا لله، فهم تركوا الله ونسوه وقت أفراحهم وعادوا بسبب التجربة.
آيات (15، 16) زدت الأمة يا رب زدت الأمة تمجدت وسعت كل إطراف الأرض. يا رب في الضيق طلبوك سكبوا مخافتة عند تأديبك إياهم.
هذه نبوة برجوع اليهود من السبي وزيادة عددهم بعد أن طلبوا الرب في ضيقهم. وسكبوا مخافته = أي صلوا بصلوات خافته لله، ونلاحظ قوله هنا سكبوا، ولكنهم في أفراحهم كانت صلواتهم قليلة بل نادرة وربما كانت كقطرات. ولما صلوا أرجعهم الله ووسع أمتهم و زادها. و لكنها نبوة أيضا علي الكنيسة و دخول الأمم وزيادة شعب الله، والرسل بلغت أصواتهم كل المسكونة. عموماً نري في هذه الآيات أن الضيق والتأديب يوسعان الأمة ويؤديان للنمو المستمر وهذا ما حدث في عصور الاستشهاد.
آيات (17، 18) كما أن الحبلى التي تقارب الولادة تتلوى و تصرخ في مخاضها هكذا كنا قدامك يا رب.حبلنا تلوينا كأننا ولدنا ريحا لم نصنع خلاصا في الأرض و لم يسقط سكان المسكونة.
كان كل اجتهادهم في تخليص نفوسهم عبثاً، وما اكتشفوه في وقت الضيق ضعفهم، واحتياجهم كل الاحتياج إلي الرب. وعلي قدر تعبهم لم يسقط البابليين = سكان المسكونة. و هذا القول ينطبق تمام الانطباق روحياً فمهما جاهد الإنسان لوحده بدون الله للخلاص من خطية واحدة فلن يقدر. لأنه ليس بالقدرة ولا بالقوة (ليس بذراع إنسان ) بل بروحي يقول رب الجنود (زك 4 :6) وهل مهما حاول الإنسان يستطيع أن يعطي لنفسه قيامة ؟ بالطبع لا. ولكن سر القوة أن الله يعطي لأولاده قيامة (آية 19). فأولاد الله يتألمون و النتيجة مضمونة وهي القيامة، أما الأشرار فلن ينجبوا من أتعابهم وألامهم سوي الأنا وهذه ليست سوي ريح أو كبرياء فارغة.. و نلاحظ أنه شبه ألآلام هنا بأنها ألام ولادة، فمن يسمح الله بأن يتألم سيولد إنساناً جديد له أن يقوم من بين الأموات.
آية (19) تحيا أمواتك تقوم الجثث استيقظوا ترنموا يا سكان التراب لان طلك طل أعشاب و الأرض تسقط الأخيلة.
لننظر المفارقة فأعداء شعب الله أخيلة لا تقوم (آية 14)، أما شعب الله حتى وإن كانوا أمواتاً فسيحيون. وهذا النص هو أول نص صريح عن القيامة من الأموات. وهذا ينطبق علي إسرائيل وقت السبي فهم كانوا كأموات قامت أمتهم، وينطبق علي شعب الله قبل المسيح إذ كنا أموات.
طل أعشاب = شبه النبي اليهود بعشب كان قد يبس من الجفاف ثم نزل عليه المطر أي نعمة الله وإحساناته فأنتعش. والأرض تسقط الأخيلة = الأرض تخرج أمواتها إشارة لقيامة الأمة اليهودية، أو قيام الكنيسة،أو قيامتنا بعد الموت.
آيات (20، 21) هلم يا شعبي ادخل مخادعك و أغلق أبوابك خلفك اختبئ نحو لحيظة حتى يعبر الغضب. لأنه هوذا الرب يخرج من مكانه ليعاقب إثم سكان الأرض فيهم فتكشف الأرض دماءها و لا تغطي قتلاها في ما بعد.
هذه الآيات كأنها إجابة علي أسئلة الناس وهي "كيف تعدنا بالخلاص ونحن مازلنا في أحزاننا؟ هنا يدعوهم للدخول إلي مخادعهم ليتركوا العاصفة التي تشتت آخرين تقربهم لله أكثر. في المخدع نضع أنفسنا تحت الحمآية الإلهية، وسبق لنوح أن أحتمي بالفلك وقت الطوفان، واليهود احتموا في بيوتهم وقت مرور الملاك المهلك، وراحاب اختبأت في بيتها، ونحن الآن نختبئ في الكنيسة وفي مخادعنا أي بالعلاقة السرية مع المسيح. وفي الضيقة العظمي (وهذه في نظر الله لحيظة، بل حياتنا كلها علي الأرض لحيظة بعدها مجد أبدي) قد يكون علي الكنيسة أن تختبئ ولكن أين، هذا ما سيعلن وقتها. وحتى الموت فنحن به ننتقل إلي راحة نبقي خلاله لحيظة بلا أجساد بعدها نحصل علي الجسد الممجد. يخرج الرب من مكانه = عبارة تعني أن الرب سيعاقب أعداء شعبه وتظهر قوته في عقابهم، وينتقم لكل دم بريء سفك علي الأرض سواء قتل حتى الدم أو ظلم أو هلاك نفوس، هو سيعاقب لوياثان (27 – 1) وكل من استجاب له وظلم شعبه. والله بدأ هذا بصليبه وسيتم عقاب لوياثان النهائي في اليوم الأخير (كو 2 : 14، 15 + رؤ 20 : 10).
الإصحاح السابع والعشرون
الآية الأولي مناسبة لنهآية الإصحاح السابق، الذي حدثنا عن عقوبة الشيطان ودينونته وبعد ذلك نسمع صوت الرب نفسه يرتفع عالياً بالنشيد فرحاً بشعبه المُخَلَص. هو نشيد كرمة لكنه غير نشيد الكرمة في (ص 5) فهناك وجد الله عنبا رديئاً لأن إسرائيل حسب الجسد لم ينتج ثمراً لله أما الآن فنري الجنات مثقلة بعنب شهي.
آية (1) في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد لوياثان الحية الهاربة لوياثان الحية المتحوية و يقتل التنين الذي في البحر.
الرب هنا كملك وحاكم وقاض يستخدم سيفه في عقوبة لوياثان = وهي كلمة عبرية معناها ملتوٍ أو ملتف كالحية، وهي كلمة تشير لوحش كبير. وقد يشير هذا للممالك التي ظلمت شعب الله أو للشيطان.
آيات (2، 3) في ذلك اليوم غنوا للكرمة المشتهات. أنا الرب حارسها اسقيها كل لحظة لئلا يوقع بها احرسها ليلا و نهارا.
غنوا = السمائيين هم الذين يغنوا إذ أدركوا عمل الله الخلاصي لكنيسته (رؤ 5 : 11 – 14) هنا نسمع تسبيح الكاروبيم وال 24 قسيساً لأجل الخلاص. أسقيها أي رعآية مستمرة بأمطار نعمته المجانية أي روحه القدوس الكرمة المشتهاة = شعب الله. وهي كرمة محبوبة لصاحبها، هو يحرسها ولا يسلمها لحارس. يحرسها ليلاً = أي وسط الضيقات يعينها و يعزيها ولا يتركها. ونهاراً = هي أوقات السلام التي لا يعاني فيها أبناء الله أي ضيقات. وفيها يتعرض المؤمن لأن ينسي الله وينشغل في العالم، بل أن في الضيق يسهل علي المرء أن يلجأ لله. وقارن مع نشيد الكرمة السابقة (ص 5) والذي نزع سياجها. و أصحاب التفسير الألفي يقولون عن هذه الآيات أنها ستحدث خلال فترة الألف سنة، ولكن من تذوق العمل الخلاصي أدرك قوة عمل الصليب في حياته الآن. وأنه يحيا هذه الألف سنه الآن، ويحيا في أفراح الخلاص الآن.
آية (4) ليس لي غيظ ليت علي الشوك و الحسك في القتال فاهجم عليها و احرقها معا.
ليس لي غيظ = فهو نسي خطايانا وغسلها بدمه. ولا يعود يديننا. ليت عليَ الشوك = الشوك هو إشارة للخطية، بل هو نتاج الخطية "تخرج لك الأرض شوكاً وحسكاً" وهنا نري شهوة المسيح في محبته أن يحمل هو كل لعنات وثمار خطايانا، لذلك تكلل رأسه بإكليل شوك، هذه كانت إرادته وشهوته. ولكن من يريد أن يترك المسيح، ويظل في خطيته فسيحترق مع أشواك خطيته.
آية (5) أو يتمسك بحصني فيصنع صلحا معي صلحا يصنع معي.
هنا مره أخري نرى شهوة قلب الله أن يصنع صلحاً مع الإنسان وحتى الأشرار من منهم يتمسك بحصن الرب يصنع معه الرب صلحاً فيخلص من النار.
آية (6) في المستقبل يتأصل يعقوب يزهر و يفرع إسرائيل و يملأون وجه المسكونة ثمارا.
هذه نبوة برجوع إسرائيل، ولكن النبوة تمتد لما هو أبعد من هذا. فالمسيح هو أصل يعقوب وذريته، فتصبح كلمة يتأصل يعقوب نبوة عن التجسد فالكنيسة تنمو ويكون لها جذور وثمار حلوة، ويؤكد هذا بقية الآية. يزهر ويفرع إسرائيل ويملأون وجه المسكونة ثماراً = هذه هي الكنيسة جسد المسيح حين تتأصل في نعمة الله وتزهر فضائل وتنمو في كل المسكونة ويدخلها كل الأمم.
آية (7) هل ضربه كضربة ضاربيه أو قتل كقتل قتلاه.
ضرب إسرائيل يكون للتأديب فمن يحبه الرب يؤدبه، وضرب الأعداء لإفنائهم.
آيات (8، 9) بزجر إذ طلقتها خاصمتها أزالها بريحه العاصفة في يوم الشرقية. لذلك بهذا يكفر إثم يعقوب و هذا كل الثمر نزع خطيته في جعله كل حجارة المذبح كحجارة كلس مكسرة لا تقوم السواري و لا الشمسات.
هنا إسرائيل مشبهة بامرأة زانية حذرها زوجها لتعود عن زناها ولم ترجع. فطلقها بزجر = أي بعنف وخاصمها. وأزالها = طردها من مكانها أي من بيتها. بريح شرقية = وهي ريح عنيفة مضره، وهذا إشارة لما سوف يحدث في سبي بابل فقد طردهم الله من أرضهم وذهبوا إلي بابل. ولكن الله لم يترك شعبه للأبد. بل كفر إثم يعقوب، وكان ثمر عمل الله نزع الخطية وتكسير مذابح الأوثان. وهكذا طرد أدم من الجنة إلي أن كفر المسيح عن إثمه. والريح العاصفة تشير للتجارب، والريح تزيل القش والعصافة وتترك الثمار، هذه هي الآلام التي يسمح بها الله لينقي شعبه. لكن لليهود تشير لبابل.
آيات (10، 11) لان المدينة الحصينة متوحدة المسكن مهجور و متروك كالقفر هناك يرعى العجل و هناك يربض و يتلف أغصانها. حينما تيبس أغصانها تتكسر فتاتي نساء و توقدها لأنه ليس شعبا ذا فهم لذلك لا يرحمه صانعه و لا يترأف عليه جابله.
هذا حال أورشليم حين يتركها الله ويهجرها فحين كان الله معها كانت حصينة وفرحة ولكن الله جاء لهم وصلبوه، تركوا الله فتركهم الله وأصبحت أورشليم متوحدة. والمسكن مهجور ومتروك كالقفر. وهناك يرعي العجل = قد يشير للشيطان لأنهم عبدوا العجل عبادة وثنية. وهذا طبيعي فالمكان الذي يتركه الله يرعي فيه الشيطان. وحين ترعي العجول في المدينة فهذا فيه إشارة للخراب التام.
وتيبس أغصانها = فالتينة حين لعنت جفت أغصانها ولذلك تستعمل في الحريق. وتركهم لله ورفضهم للمسيح يدل أنهم شعب ليس بذي فهم وللآن فكل نفس تترك المسيح وترفضه وتختار طريق الشر يرعي فيها الشيطان وتكون معرضة للحريق. ومن يفعل هذا يكون بلا فهم.
آيات (12، 13) و يكون في ذلك اليوم أن الرب يجني من مجرى النهر إلى وادي مصر و انتم تلقطون واحدا واحدا يا بني إسرائيل.و يكون في ذلك اليوم انه يضرب ببوق عظيم فيأتي التائهون في ارض أشور و المنفيون في ارض مصر و يسجدون للرب في الجبل المقدس في أورشليم.
سبق في الآيات السابقة وأنبأ برفض اليهود، ولكن كان في هذا بركة للأمم فكان الله يجني من مجري النهر = الفرات إلي مصر وهذا يعني دخول الأمم، ولكن الله لن يترك شعب إسرائيل فسيلقطون واحداً واحداً (البقية) و حين تدخل هذه البقية الإيمان يضرب بوق عظيم = هو البوق الذي يأتي بعده الرب. وقبل مجيء الرب تحدث النبوة التي سبق وتنبأ عنها في (ص 19) أي إيمان عظيم في أشور ومصر مع إيمان بقية إسرائيل ويسجد الجميع للرب في الجبل المقدس (الكنيسة) حينئذ يقال مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور وميراثي إسرائيل. لذلك يري البعض أن في هذه الآيات نبوة برجوع بعض اليهود لإسرائيل في نهآية الأيام ليؤمنوا بالمسيح.
ومرحلياً فالبوق هو كورش الذي رد المسبيين من بابل، وهي الإنجيل الذي رد العالم كله.
الإصحاح الثامن والعشرون
هذا الإصحاح نبوة بسقوط السامرة و إنذار لأورشليم بسبب أنهم خُدِعوا بالخيرات الزمنية فظنوها باقية فسكروا بالخمر و ذهبوا لعبادة الأوثان.
آية (1) ويل لإكليل فخر سكارى افرايم و للزهر الذابل جمال بهائه الذي على رأس وادي سمائن المضروبين بالخمر.
أفرايم = إشارة لمملكة إسرائيل فإفرايم اكبر وأغني الأسباط، كان بها وفرة من الخيرات. إكليل فخر = كان سكان إسرائيل يفتخرون بعاصمتهم الجميلة السامرة. سكارى إفرايم = كان سكانها سكارى. علي رأس وادي = فهي مرتفعة وعوضاً عن أن تكون نوراً شاهداً لبركات الله سقطت في رذائلها. وعقوبتها لأنها أساءت استعمال خيرات الله، أن الله سيأخذ ما بين أيديها فيتحول سمانها إلي هزال = للزهر الذابل جمال بهائه = لسقوطها (هذا ما فعلته أشور بهم) سماها زهر ذابل. و كان السكارى قديماً يلبسون إكليل زهر معتقدين أن رائحته تخفف من أثار السكر فكان الإكليل علامة الخلاعة. إذاً الزهر هو استعارة من شكل السكارى وإضفاء هذا الشكل علي السامرة الجميلة كلها وكما سيخرب السكارى هكذا ستخرب السامرة كلها.
آيات (2- 4) هوذا شديد و قوي للسيد كانهيال البرد كنوء مهلك كسيل مياه غزيرة جارفة قد ألقاه إلى الأرض بشدة. بالأرجل يداس إكليل فخر سكارى افرايم. و يكون الزهر الذابل جمال بهائه الذي على رأس وادي السمائن كباكورة التين قبل الصيف التي يراها الناظر فيبلعها و هي في يده.
الشديد و القوي = هو ملك أشور الذي جاء كرجل واحد. وانهيال البرد هو هجوم أشور الذي بلا شفقة. باكورة التين = إذا وجد شخص تين مثمر كباكورة يلتهمه في الطريق حتى قبل أن يصل لبيته من لذته، وهذا إشارة لطمع ملك أشور.
آيات (5، 6) في ذلك اليوم يكون رب الجنود إكليل جمال و تاج بهاء لبقية شعبه.و روح القضاء للجالس للقضاء و باسا للذين يردون الحرب إلى الباب.
يوم سقوط السامرة يكون الله إكليل جمال ليهوذا. و يوم سقوط أورشليم يكون الله إكليل جمال لشعبه (البقية). ويوم الصليب يوم سقوط إبليس، اليوم الذي حمل فيه الرب عارنا يكون هو إكليل لشعبه. ويوم سقوط أورشليم علي أيدي الرومان يكون الله إكليل جمال علي الذين آمنوا بالمسيح. وفي الأيام الأخيرة يكون الله إكليل لمن لم يتبعوا الدجال. عموماً فيوم دينونة الخطية هو يوم يظهر فيه مجد الله الذي دان الشر وحفظ بقية شعبه الذين رفضوا الشر، فدينونة الشر مجدا لله بل يكون الله هو روح القضاء للجالس للقضاء = الله يعطي للجالسين علي كرسي القضاء روح عدل، وهو الذي أعطي شعبه الروح واعداً "روح أبيكم يتكلم فيكم" وهو الذي أعطي تلاميذه وكنيسته سلطان الحل والربط. بل يكون أيضاً بأساً للمحاربين = فهو كل شيء لشعبه.
آيات (7، 8) و لكن هؤلاء أيضا ضلوا بالخمر و تاهوا بالمسكر الكاهن و النبي ترنحا بالمسكر ابتلعتهما الخمر تاها من المسكر ضلا في الرؤيا قلقا في القضاء. فان جميع الموائد امتلأت قيئاً و قذرا ليس مكان.
هذه عن يهوذا فالجميع زاغوا وفسدوا. وبسبب الخطية ضلا في الرؤيا والقضاء. النبي = هم الأنبياء الكذبة. قلقا في القضاء = لم تعد لهم رؤيا صحيحة للأحداث ففقدوا العدل. ليس مكان = كان الكهنة يسكرون في كل مكان فلم يوجد مكان نظيف، لا يوجد مكان يستريح فيه الله ولا مكان يستريح فيه إنسان.
آيات (9، 10) لمن يعلم معرفة و لمن يفهم تعليما المفطومين عن اللبن للمفصولين عن الثدي. لأنه أمر على أمر أمر على أمر فرض على فرض فرض على فرض هنا قليل هناك قليل.
لم يقبل الشعب تعاليم النبي لكبريائهم وقالوا لمن يعلم معرفة هل نحن مفطومين أي أطفال. لأنه أمر علي أمر... أي يكرر تعاليمه كما لأطفال صغار، لقد أكثر من أوامره، وضجروا من تعاليمه، فهم في نظر أنفسهم علماء في الدين لا يحتاجون لأي تعليم. ويبدو أن هؤلاء السكارى أخذوا كلام النبي وحولوه لأغنية علي سبيل المزاح فكرر النبي هنا أغنيتهم وكلامهم بل هم اعتبروا ما يقوله النبي تافه هنا قليل وهناك قليل = أي ما يقوله أشعياء أشياء بسيطه لا يصح أن يعلمنا إياها.
آيات (11- 13) انه بشفة لكناء و بلسان آخر يكلم هذا الشعب. الذين قال لهم هذه هي الراحة أريحوا الرازح و هذا هو السكون و لكن لم يشاءوا أن يسمعوا. فكان لهم قول الرب أمرا على أمر أمرا على أمر فرضا على فرض فرضا على فرض هنا قليلا هناك قليلا لكي يذهبوا و يسقطوا إلى الوراء و ينكسروا و يصادوا فيؤخذوا.
بشفة لكناء = هنا إنذار لهم "ما لم تقبلوه من النبي بإنذاره اللطيف سيعلمه لكم ملك أشور بلغة العنف والحرب والسبي، والشفة اللكناء واللسان الأخر. نبوة عن ملك أشور الأجنبي. وآية (12) حاول النبي إشعياء أن يعلمهم الراحة الحقيقية وأنها ليست في الخمر بل أن يريحوا المتألمين = الرازح وفي هذا راحة لله ولهم وللمتألم الرازح، لكنهم لم يسمعوا، وأهتم الكهنة وغيرهم في الممارسات الخارجية الشكلية دون أعمال محبة. فكان لهم قول الرب أمراً علي أمر... = أي ما لم تقبلوه من النبي وحولتموه لسخرية سوف تنفذونه بالعنف.
آية(14) لذلك أسمعوا كلام الرب يا رجال الهزء ولاة هذا الشعب الذى فى أورشليم.
آية (15) لأنكم قلتم قد عقدنا عهدا مع الموت و صنعنا ميثاقاً مع الهاوية السوط الجارف إذا عبر لا يأتينا لأننا جعلنا الكذب ملجأنا و بالغش استترنا.
إذا كانوا قد قالوا هذا الكلام فهم قد قالوه كتحد للنبي. و غالباً هم لم يقولوا هذا الكلام بالحرف ولكن هذا لسان حالهم أو أفعالهم. فمخالفتهم المتكررة لوصايا الله هي عقد عهد مع الموت. وعقدهم محالفات مع مصر ضد أشور هي صنع ميثاق مع الهاوية والسوط الجارف = أشور. فهم تصوروا أن تحالفاتهم وغشهم (تحالفهم مع أشور مرة ومع مصر مرة) سيحميهم من غزو ملك أشور.
آية (16) لذلك هكذا يقول السيد الرب هاأنذا أؤسس في صهيون حجرا حجر امتحان حجر زاوية كريما أساسا مؤسسا من آمن لا يهرب.
هم وضعوا أساساً كاذباً من المعاهدات ولكن الله هنا يريهم الأساس الحقيقي (المسيح) وأنه الملجأ الحقيقي. هنا نري الحاجة إلي مخلص حقيقي.
حجر امتحان = حاربه الشيطان وامتحنه وبنصرته أعطانا أن ننتصر.
حجر زاوية = جمع الاثنين في واحد (اف 2 : 15، 16).
آية (17) و اجعل الحق خيطا و العدل مطمارا فيخطف البرد ملجأ الكذب و يجرف الماء الستارة.
بعد أن صار المسيح حجر الزاوية للبناء يقوم الروح القدس بإكمال البناء. بالخيط والمطمار اللذين بهما يصبح البناء مستقيماً. وهو أيضأ سيبين ويبيد روح الكذب. البَرَدْ السائل ينزل علي شكل مياه (إشارة لعمل الروح القدس الآتي من فوق) وهذه المياه تطفو فتجرف الستارة (الغش الذي كانوا يختفون فيه) وقد يكون البرد والمياه إشارة للتجارب التي يسمح بها الله للتنقية.
آية(18، 19) و يمحى عهدكم مع الموت و لا يثبت ميثاقكم مع الهاوية السوط الجارف إذا عبر تكونون له للدوس. كلما عبر يأخذكم فانه كل صباح يعبر في النهار و في الليل و يكون فهم الخبر فقط انزعاجا.
المصائب القادمة من أشور تكون كالسوط الجارف. وتكونون له للدوس عبرت جيوش أشور في أرض إسرائيل 8 مرات علي الأقل، وكل مرة فيها خراب لهم. كل صباح = أي تكون المصائب متوالية.
آية (20) لان الفراش قد قصر عن التمدد و الغطاء ضاق عن الالتحاف.
تظهر الآية ضيقهم الناتج من الاستعداد الخاطئ (فراش قصير) أي إعتمادهم علي النبوات الكاذبة ومعاهداتهم والأحلاف التي يحتمون بها.
آية (21) لأنه كما في جبل فراصيم يقوم الرب و كما في الوطاء عند جبعون يسخط ليفعل فعله فعله الغريب و ليعمل عمله عمله الغريب.
سبق الله وساند اليهود ضد الفلسطنين في جبل فراصيم والوطاء عند جبعون، (2صم 5 : 20، 25 + 1أي 16،11:14) والآن الله سيعمل هذا العمل ضد اليهود وسيساند الأمم الوثنية وهذا هو الفعل الغريب فكما شابه اليهود الوثنيين في أعمالهم سيشابهونهم في ضرباتهم فالله الرحيم هو أيضاً عادل.
آية (22) فالآن لا تكونوا متهكمين لئلا تشدد ربطكم لأني سمعت فناء قضي به من قبل السيد رب الجنود. على كل الأرض.
كان اليهود مربوطين بربط الجزية. والمقصود لا تزيدوا خطاياكم فتتحول ربط الجزية إلي ربط حرب.
(23 – 29) أصغوا وأسمعوا صوتى إنصتوا وأسمعوا قولى. هل يحرث الحارس كل يوم ليزرع ويشق أرضه ويمهدها. أليس انه إذا سوى وجهها يبذر الشونيز و يذري الكمون و يضع الحنطة في اتلام و الشعير في مكان معين و القطاني في حدودها. فيرشده بالحق يعلمه إلهه أن الشونيز لا يدرس بالنورج و لا تدار بكرة العجلة على الكمون بل بالقضيب يخبط الشونيز و الكمون بالعصا. يدق القمح لأنه لا يدرسه إلى الأبد فيسوق بكرة عجلته و خيله لا يسحقه. هذا أيضا خرج من قبل رب الجنود عجيب الرأي عظيم الفهم
الشونيز = بزره يسمي حبة البركة وهو لا يدرس بل يخبط بالعصا. هذه تشبه أمثال السيد المسيح، وهي عن فلاح يعرف كيف يعمل أرضه بصبر وقواعد، يحرث ويروي كل يوم وله رجاء في الثمار، وهو يعرف أي أرض يزرع فيها كل نوع من الحبوب ويرسل خدامه ليروي أرضه. وهناك قضيب (أي تجارب) لكل نوع. وهو مصمم لكي نتحرر من العالم وتفصل بيننا وبين العصافة. إذا أدي القضيب عمله لا يلجأ لما هو أقسي أي بكرة عجلته التي تستخدم في طحن الدقيق الذي لم ينظف قشه.. إذا الهدف من التأديب هو كالحارث الذي يحرث، والله يحرث بحكمة ويميز بين متطلبات كل صنف. وكل عمل الله الذي يعمله بحكمة، هو زارع يطلب الثمار ولا يريد سحق المحصول.
الإصحاح التاسع والعشرون
هنا نري الويلين الثاني والثالث (1- 14) ، (15 – 24) ونري أن الله يستخدم أشور ثم بابل ثم الرومان ليضايق أورشليم ليؤدبها فتتضع أورشليم وتتكلم من الأرض (آية 4) ثم يعاقب أشور فتصير غبار (آية 5). وهذا يعمله مع كل نفس يؤدبها ويريدها أن تصبح أورشليماً له.
آية (1) ويل لاريئيل لاريئيل قرية نزل عليها داود زيدوا سنة على سنة لتدر الأعياد.
أريئيل = تعني موقد الله. وهذا إشارة للمذبح الذي يقدم عليه المحرقات. ومذبح الله كنآية عن أورشليم. نزل عليها داود = وأخذها لنفسه من اليبوسيين. والله سينزل عليها ويأخذها لنفسه بنزع خطاياها. زيدوا سنة علي سنة = تهكم عليهم إذ إنهم اهتموا بشكليات العبادة كتقديم ذبائح (علي أريئيل) دون الاهتمام بحالة قلبهم واهتموا بالطقوس الخارجية كل سنة في أعيادهم ولكن بلا ثمر.
آية (2) و أنا أضايق اريئيل فيكون نوح و حزن و تكون لي كاريئيل.
بسبب مسلكهم سيضايق الله أورشليم فتصبح. كأريئيل = أي كموقد الله أي تتقد فيها نيران المصائب وتكون نهايتها رماد. ثم بعد ذلك تصير موقد يحرق أعدائها.
آيات (3، 4) و أحيط بك كالدائرة و أضايق عليك بحصن و أقيم عليك متارس. فتتضعين و تتكلمين من الأرض و ينخفض قولك من التراب و يكون صوتك كخيال من الأرض و يشقشق قولك من التراب.
الله يضايقها حتى تتواضع ويكون صوتها منخفضا. ويشقشق = يكون صوتهم كمن يكلمون الموتى في همس.
آيات (5، 6) يصير جمهور أعدائك كالغبار الدقيق و جمهور العتاة كالعصافة المارة و يكون ذلك في لحظة بغتة.من قبل رب الجنود تفتقد برعد و زلزلة و صوت عظيم بزوبعة و عاصف و لهيب نار أكلة.
من هنا يبتدئ الوعد بخلاص اليهود من أعدائهم فيشتتهم الله كغبار. وتفتقد = أي أشور و بأسلوب عنيف. في لحظة بغتة = هذا ما حدث فعلاً يوم ال 185000 ولكن انتقام الله الحقيقي كان من إبليس عدونا الحقيقي وقوله بغتة إشارة للغلبة السريعة ولإمكانيات الصليب. زلزلة. صوت عظيم... الخ يوم الصليب صاحبته ظواهر طبيعية عجيبة وهذا ما سيحدث في اليوم الأخير.
آيات (7، 8) ويكون كحلم كرؤيا الليل جمهور كل الأمم المتجندين على اريئيل كل المتجندين عليها و على قلاعها و الذين يضايقونها. و يكون كما يحلم الجائع انه يأكل ثم يستيقظ و إذا نفسه فارغة و كما يحلم العطشان أنه يشرب ثم يستيقظ و إذا هو رازح و نفسه مشتهية هكذا يكون جمهور كل الأمم المتجندين على جبل صهيون.
هذا تصوير لخيبة أمال الأعداء فهم منوا أنفسهم بالحصول علي أورشليم ولكن كان ذلك كحلم.
آيات (9- 12) توانوا و ابهتوا تلذذوا و اعموا قد سكروا و ليس من الخمر ترنحوا و ليس من المسكر. لان الرب قد سكب عليكم روح سبات و أغمض عيونكم الأنبياء و رؤساؤكم الناظرون غطاهم. و صارت لكم رؤيا الكل مثل كلام السفر المختوم الذي يدفعونه لعارف الكتابة قائلين اقرأ هذا فيقول لا استطيع لأنه مختوم. أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة و يقال له أقرا هذا فيقول لا اعرف الكتابة.
من (9 -16) تصوير لحالة الضلال التي وقع فيها الشعب فهم لا يفهمون ما هي إرادة الله في الخلاص ولذلك بدأوا من وراء ظهر النبي في عمل تحالف مع مصر. وهنا نري عيوب الشعب :-
1) توانوا = هم كانوا كمن في سبات. والنبي يتهكم عليهم فهم لم ينتبهوا لكلامه فهو أنذرهم واختاروا الضلال.
2) إبهتوا : من عمل الله دون أن يفهموا.
3) تلذذوا = هم غارقون في لذتهم غير منتبهين لكل ما سيأتي عليهم من مصائب.
4) أعموا = هم أغمضوا عيونهم بإرادتهم، والله تركهم ليعملوا ما يريدون.
5) روح سبات = حين ينزع الله روحه أو حين يغضب ينطفئ روح الله ولا يعود الإنسان يستمع لصوته فيكون كمن هو في سبات.
6) وأغمض عيونكم = هم اختاروا طريق العمى برفضهم سماع صوت الله فلذلك أغمض الله عيونهم.
7) غطاهم = حتى مشيريهم ما عادوا يرون فقد غطي رؤوسهم فلا يبصرون ولا يسمعون. وكان هذا حال الكتبة والفريسيين أيام المسيح، كانوا كمن علي عيونهم برقع (2 كو 3 : 14).
8) والكتاب لهم وكلام الأنبياء ما عاد مفهوما، كلام الأنبياء الحقيقيين كإشعياء، صار لهم ككلام السفر المختوم = هنا يتعجب النبي كيف أن اليهود لهم الناموس والهيكل والأنبياء مثله بينما هم علي هذا الحال، سكارى باحثين عن ملذات العالم، وصاروا غير فاهمين إرادة الله بل هم يتحدون إرادته. فصاروا يتعثرون في أي شيء في طريقهم إذ فقدوا الرؤية وآثروا أن يناموا ولا يبحثوا ويسمعوا شريعة الله فسكب الله عليهم نوماً عميقا.ً سكروا وليس من الخمر = هذه حالة من لا يدري بما حوله وبما يقال، وهذه كانت حالتهم.
آية (13) فقال السيد لان هذا الشعب قد اقترب إلي بفمه و أكرمني بشفتيه و أما قلبه فأبعده عني و صارت مخافتهم مني وصية الناس معلمة.
هذا تعبير عن ريائهم. وأصبح تعليم الآباء هو السائد وليس تعليم الله وهذا ما نبه له السيد المسيح (مت 15 : 3-9).
آية (14) لذلك هاأنذا أعود اصنع بهذا الشعب عجبا و عجيبا فتبيد حكمة حكمائه و يختفي فهم فهمائه.
تكرار كلمة عجباً للتأكيد والتعجب، والعجب أن يترك الله شعبه فهم تركوه وحين تركوه تركهم فضاعت حكمتهم لذلك سيقبلون ضد المسيح في أواخر الأيام وفي أيام المسيح تركوا المسيح ليسمعوا كلام الفريسييين، وفي أيام إشعياء وأرمياء تركوهم ليسمعوا الأنبياء الكذبة. وقد يكون العمل العجيب هو مجيء المسيح الذي يبطل حكمة الآخرين.
آيات (15، 16) ويل للذين يتعمقون ليكتموا رآيةم عن الرب فتصير أعمالهم في الظلمة و يقولون من يبصرنا و من يعرفنا. يا لتحريفكم هل يحسب الجابل كالطين حتى يقول المصنوع عن صانعه لم يصنعني أو تقول الجبلة عن جابلها لم يفهم.
الأرجح أن يكون الرأي الذي أرادوا أن يكتموه هو التحالف مع مصر فيا لغباوتهم فهم اعتبروا أولاً أن الله لن يعلم مؤامرتهم وثانياً أنهم بحكمتهم السياسية في التحالف يفهمون أكثر من الله. وفي هذه الآيات نري السبب في كل خطاياهم وعنادهم وهو شعورهم بأن الله لا يري.
آية (17) أليس في مدة يسيرة جدا يتحول لبنان بستانا و البستان يحسب وعرا.
لبنان = الوعر والغابات التي بلا ثمر. يتحول بستاناً = أي يكون فيه ثمار وبعد المسيح صار الأمم (الوعر) مؤمنين لهم ثمار، واليهود (البستان) وعراً بلا ثمر.
آية (18) و يسمع في ذلك اليوم الصم أقوال السفر و تنظر من القتام و الظلمة عيون العمى.
ينسكب الروح القدس علي الأمم فيسمعون ويرون، والسمع الروحي والبصيرة الروحية الداخلية هي من عند الله. أقوال السفر = كلام الله الذي في الكتاب المقدس.
آية (19) و يزداد البائسون فرحا بالرب و يهتف مساكين الناس بقدوس إسرائيل.
من ثمار عمل الله الفرح الداخلي، وكلما ازدادت المعرفة الروحية أزداد الفرح.
آيات (20، 21) لان العاتي قد باد و فني المستهزئ و انقطع كل الساهرين على الإثم. الذين جعلوا الإنسان يخطئ بكلمة و نصبوا فخا للمنصف في الباب و صدوا البار بالبطل.
من هو العاتي = إلا كل من تجبر علي شعب الله مثل الشيطان الذي جعل شعب الله يخطئ. في الباب = حيث كان القضاة يجلسون، فكان من يحكم بعدل يدبرون له مكيدة = فخاً. جعل الإنسان يخطئ بكلمة = هكذا فعل الفريسيون بإبن الإنسان فلقد حاولوا أن يصطادوه بكلمة.
(مت 22 : 15)
آية (23،22) لذلك هكذا يقول لبيت يعقوب الرب الذي فدى إبراهيم ليس الآن يخجل يعقوب و ليس الآن يصفار وجهه. بل عند رؤية أولاده عمل يديَ فى وسطه يقدسون إسمى ويقدسون قدوس يعقوب ويرهبون إله إسرائيل.
يعقوب الذي ظن بأن عائلته انتهت وقطع منها معرفة الله سيفرح بأن يري كثيرين آمنوا بالمسيح وصاروا أولاداً له بالإيمان، وهذا ما حدث بعد الفداء. يصفار وجهه = يبهت. (الأمم صاروا أولاداً لإبراهيم وليعقوب بالإيمان).
إشارة للأمم مثل كونيليوس عمل يدي = هذا عمل يدي الله
آية (24) و يعرف الضالو الأرواح فهما و يتعلم المتمردون تعليما
الضالون الأرواح والمتمردون = هم شعب إسرائيل الذين سيعودون في نهآية الأيام. ففي هذه النبوة نرى رفض اليهود لقساوة قلوبهم وعمي عقولهم وبعد ذلك نري خلاص الأمم وقبولهم البشارة ثم رجوع اليهود في النهآية.
الإصحاح الثلاثون
هم يلجلأون لمصر لحمايتهم، وهي غير قادرة علي ذلك، بل ستؤذيهم كالحيات (آية 6) في هذا الإصحاح وما بعده شرح للخلاص الذي يأتي بطريقة معجزيه وتهديد بالويل لمن يتكل علي مصر التي سبق وأذلتهم.
آية (1) ويل للبنين المتمردين يقول الرب حتى إنهم يجرون رأيا و ليس مني و يسكبون سكيبا و ليس بروحي ليزيدوا خطيئة على خطيئة.
الله يبين محبته لليهود ويسميهم بنين بالرغم من خطاياهم وتمردهم وطلبهم التحالف مع مصر. ويسكبون سكيباً من عادات الوثنيين أنهم يسكبون أمام الآلهة سكيبة من خمر زيت لتصديق العهد. واليهود فعلوا هذا أمام آلهة المصريين في تحالفهم معهم.
آيات (2، 3) الذين يذهبون لينزلوا إلى مصر و لم يسالوا فمي ليلتجئوا إلى حصن فرعون و يحتموا بظل مصر.فيصير لكم حصن فرعون خجلا و الاحتماء بظل مصر خزيا.
لينزلوا إلي مصر = فالإتكال علي مصر أو أي أحد غير الله هو نزول بينما أن الاتكال علي الله هو صعود للسماويات. وكان سؤال الرب عن طريق رئيس الكهنة أو الأنبياء، وفي أيامنا بالصلاة وقراءة الكتاب المقدس وسؤال الكنيسة.
آيات (4، 5) لان رؤساءه صاروا في صوعن و بلغ رسله إلى حانيس.قد خجل الجميع من شعب لا ينفعهم ليس للمعونة و لا للمنفعة بل للخجل و للخزي.
صوعن = هي صالحجر علي نهر النيل (تانيس) كما دعاها اليونانيين. حانيس = أهناسيا. رؤساء يهوذا = أي المرسلون لعقد التحالف مع مصر وكان خجلهم فيما بعد حين تخلي عنهم المصريون وقت الحاجة.
آيات (6، 7) وحي من جهة بهائم الجنوب في ارض شدة و ضيقة منها اللبوة و الأسد الأفعى و الثعبان السام الطيار يحملون على أكتاف الحمير ثروتهم و على أسنمة الجمال كنوزهم إلى شعب لا ينفع. فان مصر تعين باطلا و عبثا لذلك دعوتها رهب الجلوس.
بهائم الجنوب = الجنوب هي مصر، ورسل اليهود المرسلين إلي مصر مشبهين بالبهائم، إذ يلجأوا لغير الله. لبؤة وأسد وثعبان = فهذا تصوير لمصر أنها أرض وحوش كاسرة تستعد للافتراس، ومع هذا أرسل لهم الشعب هداياهم. والله هنا يصور مصر باسم شعري رهب الجلوس ورهب تعني كبرياء وتعظم، والجلوس أي كالتماثيل فهي لا تنفع شيئاً.
آيات (9،8) تعال الآن اكتب هذا عندهم على لوح و ارسمه في سفر ليكون لزمن آت للأبد إلى الدهور. لأنه شعب متمرد أولاد كذبة أولاد لم يشاءوا أن يسمعوا شريعة الرب.
الله يطلب من النبي لا أن يكتفي بالكلام بل يكتب علي لوح ليراه كل إنسان وليصبح هذا شاهداً عليهم.
آيات (10 – 12) الذين يقولون للرائين لا تروا و للناظرين لا تنظروا لنا مستقيمات كلمونا بالناعمات انظروا مخادعات.حيدوا عن الطريق ميلوا عن السبيل اعزلوا من أمامنا قدوس إسرائيل.لذلك هكذا يقول قدوس إسرائيل لأنكم رفضتم هذا القول و توكلتم على الظلم و الاعوجاج و استندتم عليهما.
هنا نري الشعب يرفض الوعظ الذي يكشف خطاياه ويطلب كلاماً ناعماً ونبوات كاذبة تتفق مع مشيئته. وقارن مع سفر الرؤيا حين يفرح الناس بقتل النبيين ويرسلوا هدايا لبعضهم (رؤ 11) هؤلاء يرفضون قدوس إسرائيل.
آيات (13، 14) لذلك يكون لكم هذا الإثم كصدع منقض ناتئ في جدار مرتفع يأتي هده بغتة في لحظة. و يكسر ككسر إناء الخزافين مسحوقا بلا شفقة حتى لا يوجد في مسحوقه شقفة لأخذ نار من الموقدة أو لغرف ماء من الجب.
الصدع يكون قبل الهدم (هدم الجدار). ويكون فيه ويزداد رويداً رويداً، غير أن هدم الجدار يكون دفعة واحدة بغتة، وهكذا سيكون سقوط يهوذا ولكن من أسباب قديمة داخلية (وسيكسر حتى لا يصلح سوي للمزبلة وكسر الإناء هذه نراها بالتفصيل في (أر 19).
آية (15) لأنه هكذا قال السيد الرب قدوس إسرائيل بالرجوع و السكون تخلصون بالهدوء و الطمأنينة تكون قوتكم فلم تشاءوا.
هم لم يقبلوا الخلاص بطريقة الله التي كلها هدوء وطمأنينة وسلام بدل المخاوف. و لكن هذا السلام يتطلب الرجوع لله بالتوبة والهدوء بثقة بالرجوع والسكون تخلصون = أي بالرجوع عن خطاياهم خصوصاً الاتكال علي مصر.
آيات (16، 17) و قلتم لا بل على خيل نهرب لذلك تهربون و على خيل سريعة نركب لذلك يسرع طاردوكم. يهرب ألف من زجرة واحد من زجرة خمسة تهربون حتى إنكم تبقون كسارية على رأس جبل و كرآية على أكمة.
اشتهرت مصر قديما بالخيل والملك سليمان أخذ خيل من مصر والمعني إصرارهم علي الاتكال علي مصر وقوتها الحربية. وهم رفضوا دعوة الله في آية (15) وقالوا نهرب إلي مصر ظانين أنها قادرة أن تنقذهم، فإذا بالعدو يطاردهم بل يهربون من لا شيء، وهذا ناشي عن رعبهم. الله هنا ينذرهم بأن اتكالهم علي مصر سيكون سبباً في تشتتهم. كسارية = شجرة وحيدة باقية بعد قطع كل الأشجار. وكرآية علي أكمة = هي رآية في مكان ظاهر تبقى بعد.تشتت الجنود عبرة للجميع. هنا نري أيضاً صورة البقية.
آيات (18 – 26) صورة جميلة للشعب بعد انتهاء الحصار، وهذا وعد من الله لهم أنهم لو تركوا الاعتماد علي مصر ورجعوا إليه يرحمهم. هذه البركات هي للبقية سواء بعد فك حصار أشور أو الرجوع من السبي (من بابل) أو للمؤمنين بالمسيح.
آيات (18، 19) لذلك ينتظر الرب ليتراءف عليكم و لذلك يقوم ليرحمكم لان الرب اله حق طوبى لجميع منتظريه.لان الشعب في صهيون يسكن في أورشليم لا تبكي بكاء يتراءف عليك عند صوت صراخك حينما يسمع يستجيب لك.
لا تبكي = الله المحب الذي لا يحتمل بكائنا بل يعطينا فرحاً داخليا. و عند صوت صراخنا = يسمع ويستجب. هنا نري الله ينتظر عودتهم ورجوعهم له. وهنا يسكنهم الرب في أورشليم في هدوء وسلام. وهذه إشارة لسكني المؤمنين في الكنيسة في سلام.
آيات (20 : 21) و يعطيكم السيد خبزا في الضيق و ماء في الشدة لا يختبئ معلموك بعد بل تكون عيناك تريان معلميك. و أذناك تسمعان كلمة خلفك قائلة هذه هي الطريق اسلكوا فيها حينما تميلون إلى اليمين و حينما تميلون إلى اليسار.
حتى لو تضايقوا في السبي، أو لو عادوا من السبي وسكنوا في أورشليم وأتت عليهم آية ضيقة (وهذه تنطبق علينا الآن ونحن فى الكنيسة معرضين لتجارب) فالرب لا يتركهم ولا يقطع عنهم القوت الروحي أي نعمته اليومية. والقوت الروحي يرسله لهم الله عن طريق الروح القدس الذي يعلم ويذكر ويهب روح التعليم للمعلمين الذين يرسلهم الرب لنا وللشعب. والله لم يترك شعبه في السبي دون أنبياء بل أرسل لهم حزقيال ودانيال. كلمة خلفك = كتائهين عن الطريق يسمعون صوت دليلهم (صوت الروح القدس) من ورائهم يقول لهم أرجعوا.
آية (22) تنجسون صفائح تماثيل فضتكم. المنحوتة و غشاء تمثال ذهبكم المسبوك تطرحها مثل فرصة حائض تقول لها اخرجي.
هنا نري بركات التجربة. وأنهم رفضوا أوثانهم بكراهية شديدة.
الآيات (23 – 26) ثم يعطي مطر زرعك الذي تزرع الأرض به و خبز غلة الأرض فيكون دسما و سمينا و ترعى ماشيتك في ذلك اليوم في مرعى واسع. و الأبقار و الحمير التي تعمل الأرض تأكل علفا مملحا مذري بالمنسف و المذراة. و يكون على كل جبل عال و على كل أكمة مرتفعة سواق و مجاري مياه في يوم المقتلة العظيمة حينما تسقط الأبراج.و يكون نور القمر كنور الشمس و نور الشمس يكون سبعة أضعاف كنور سبعة أيام في يوم يجبر الرب كسر شعبه و يشفي رض ضربه.
نبوءة بأحسن البركات للكنيسة. خبز غلة = هنا نري الجهاد والنعمة، فالمؤمن يزرع والرب يبارك في الثمار. وروحياً فكلمة الله هي طعام القلب لمن يتأمل فيها. مطر زرعك + سواقي ومجاري مياه = هذه عطايا الروح القدس وفي (24) الأبقار والحمير إشارة للأجساد، وهنا يعد الله بأنها تأكل أحسن طعام علفاً مملحاً نقياً من التبن والأتربة علامة الاهتمام بالجسد الذي تقدس لحساب المسيح وفي (25) نعمة الله ستفيض علي العظماء (الجبال) وعلي البسطاء (الآكام) وهؤلاء مرتفعين بحياتهم السماوية، أما المتكبرين (الأبراج) فسيسقطون يوم المقتلة العظيمة = هو يوم هلاك جيش أشور، يوم ال 185.000 أو هو يوم نهآية بابل، أو هو يوم الصليب، يوم صراع المسيح مع الشيطان علي الصليب والذي من بعده قامت الكنيسة منتصرة، أو هو في الأيام الأخيرة بعد المعركة العظيمة ومجيء المسيح. ويوم الصليب سقطت الأبراج (جزئياً) أي الشياطين المتكبرين. وفي مجيئه الثاني تكون نهايتهم ونهآية كبريائهم.
وفي (26) بعد مجيء المسيح يصبح نور القمر = أي الكنيسة كالشمس إذ نري الله في كمال مجده، ويكون نور الشمس سبعة أضعاف = أي نور كامل لأننا سنري الله وجهاً لوجه، نراه في كمال مجده وليس فى لغز أو كما فى مرآة. سبعة أيام = رقم 7 رقم كامل والمعني سنوجد في هذا المجد للأبد، بلا نهآية.
آيات (27- 33) هنا تتداخل آيات البركة والدينونة.
آية (27) هوذا اسم الرب يأتي من بعيد غضبه مشتعل و الحريق عظيم شفتاه ممتلئتان سخطا و لسانه كنار آكلة.
أسم الرب = الاسم هو ما يعرف به المسمي ومعني الكلام أن الرب سيظهر نفسه بأعمال مخيفة ليعرف كل الناس قوة غضبه. و غضبه يأتي من بعيد فهو أنتظر طويلاً وأطال أناته لعل (أشور / الشيطان / كل إنسان شرير ) يتراجع عن كبريائه وشروره. و هو من بعيد لأن الأشرار يظنونه بعيداً وعقابه بعيد، بل ربما ظنوا أنه لن يأتي. وشفتاه = شفتا الرب تقطران دسماً لأولاده وسخطاً للعصاة. لسانه = لسان الله يدعو الكل لخيراته السماوية ويكون كنار آكلة للمضادين. الحريق عظيم = هلاك أشور أو هلاك الأيام الأخيرة.. وتصوير غضب الله هنا أنه كغيمة تأتي من بعيد وسريعاً ما تمتلئ السماء غيوماً وتسود السماء ويأتي المطر والريح. ومن البروق يشتعل حريق عظيم. هو مطر يسبب فيضاناً مهلكاً بالإضافة لحريق عظيم.
آية (28) و نفخته كنهر غامر يبلغ إلى الرقبة لغربلة الأمم بغربال السوء و على فكوك الشعوب رسن مضل.
نفخته كنهر = الله ينفخ في الريح فتعطي مطراً بفيضان يبلغ إلي الرقبة = هذه تفهم أن ملك أشور وصل حتى أورشليم (الرقبة) لكنه لم يغرقها فهو لم يدخلها. و تفهم علي ملك أشور نفسه أن غضب الله وصل إلي رقبته فقد هلك جيشه أما الملك نفسه فلم يهلك بل عاد لبلاده. و لاحظ في الآية (25) أن الماء كان يرمز لفيض الروح القدس علي الكنيسة. فنفخة الله لكنيسته فيها كل ملء البركة ونفخته ضد أعدائه فيضان يهلكهم. غربال السوء = هو الذي لا يبقي فيه سوي الهشيم وهذا مصيره الحريق. و الغربال في يد الله يوم الحصاد، لم يترك في هذا الغربال سوي القش (الأمم المقاومة / إبليس / الأشرار ) بعد أن انتقي أولاده وما تبقي في غربال السوء هو للحريق. ثم شبه جيش أشور بحصان جامح علي فكه. رسن مضل = أي علي فكه لجام يقود للضلال، فهو قد سمع عن خبر (ص 37 : 7) عن خروج المصريين عليه وخدعه هذا الخبر.
آيات (29 – 31) تكون لكم أغنية كليلة تقديس عيد و فرح قلب كالسائر بالناي ليأتي إلى جبل الرب إلى صخر إسرائيل.و يسمع الرب جلال صوته و يري نزول ذراعه بهيجان غضب و لهيب نار آكلة نوء و سيل و حجارة برد. لأنه من صوت الرب يرتاع أشور بالقضيب يضرب.
الصورة هنا للقديسين الذين يفرحون بعمل الله ضد أعدائهم ويكون لهم ذلك كليلة عيد فهم سيأتون لله بلا عائق متهللين ويسبحون (رؤ 14 : 2).
آية (32) و يكون كل مرور عصا القضاء التي ينزلها الرب عليه بالدفوف و العيدان و بحروب ثائرة يحاربه.
مرور عصا القضاء = الضربات التي وقعت علي أشور (إبليس) والقضاء الذي تم فيها فيه فرح بالدفوف لأبناء الله.
آية (33) لأن تفتة مرتبة منذ الأمس مهيأة هي أيضا للملك عميقة واسعة كومتها نار و حطب بكثرة نفخة الرب كنهر كبريت توقدها
تفتة = كانت مكاناً لمولك اله بني عمون حيث يوقدون في تمثال نحاسي له ويلقون أولادهم عليه كمحرقات. ولقد أزال يوشيا هذه العبادة وجعل هذا المكان الذي في وادي إبن هنوم مزبلة. وفيها ترمي الجثث وموقدة دائماً للتنقية. مرتبة منذ أمس = في مقاصد الله الأزلية. الملك = هو ملك أشور أو إبليس. وهذه الصورة هي نفسها في (رؤ 20 : 10)
الإصحاح الحادي والثلاثون
آية (1) ويل للذين ينزلون إلى مصر للمعونة و يستندون على الخيل و يتوكلون على المركبات لأنها كثيرة و على الفرسان لأنهم أقوياء جدا و لا ينظرون إلى قدوس إسرائيل و لا يطلبون الرب.
كانت يهوذا مملكة ضعيفة بين مصر وأشور الأقوياء، وكان من الحكمة السياسية أن تعتمد يهوذا علي إحداها لحمايتها ولكن الله يقول هنا أن هذا يعتبر خيانة للرب فالاتكال علي غير الرب يحطم الإيمان، وفيه استهانة بالرب.
آية (2) و هو أيضا حكيم و يأتي بالشر و لا يرجع بكلامه و يقوم على بيت فاعلي الشر و على معونة فاعلي الإثم.
وهو أيضاً حكيم = كثيرون يظنون أن الله يهتم فقط بالروحيات ولا يذكرونه سوي في وقت العبادة. أما أمور السياسة (وأعمالنا اليومية) فهي من اهتماماتنا فقط ومحور هذا الإصحاح أن الله يهتم بالسياسة وهو أيضاً حكيم فيها. و يأتي بالشر = أي النكبات وهو يأتي بها كعقاب علي الشر والخطية فهم في علاقتهم بمصر تعلموا الوثنية. وهو لا يرجع بكلامه = لأنه لا يخطئ أما الإنسان فيخطئ.
آية (3) و أما المصريون فهم أناس لا آلهة و خيلهم جسد لا روح و الرب يمد يده فيعثر المعين و يسقط المعان و يفنيان كلاهما معا.
اعتقد المصريون أن ملوكهم آلهة وليسوا بشر. و هنا الله يشرح أنهم ما هم إلا أناس مائتين، ومن يتكل علي الموتى يصير ميتاً مثلهم ومن يلتصق بالموتي يصير مثلهم، ومن يلتصق بالله الحي يحيا ويشاركه أمجاده. الله يشرح لهم هنا أن أسلحة البشر وأسلحة الجسد لا تخلص، بل الخلاص هو من عنده وحده.
آيات (4، 5) لأنه هكذا قال لي الرب كما يهر فوق فريسته الأسد و الشبل الذي يدعى عليه جماعة من الرعاة و هو لا يرتاع من صوتهم و لا يتذلل لجمهورهم هكذا ينزل رب الجنود للمحاربة عن جبل صهيون و عن أكمتها.كطيور مرفه هكذا يحامي رب الجنود عن أورشليم يحامي فينقذ يعفو فينجي.
الرب يشبه نفسه هنا بأسد يهجم علي فريسته، أي أشور، ويمزقها حتى يحمي شعبه. هنا نري قوة الله في الحمآية. ثم يشبه نفسه بطيور مرفة = هذه تهتم بصغارها. هنا نري صورة محبة الله كأم ترعي أولادها.
آيات (6 – 8) ارجعوا إلى الذي ارتد بنو إسرائيل عنه متعمقين. لان في ذلك اليوم يرفضون كل واحد أوثان فضته و أوثان ذهبه التي صنعتها لكم أيديكم خطيئة. و يسقط أشور بسيف غير رجل و سيف غير إنسان يأكله فيهرب من أمام السيف و يكون مختاروه تحت الجزية.
متعمقين = كانوا قد أخطأوا عمداً وقصداً، وربما أشارت الكلمة إلي مقاصدهم السرية أيضاً. وهم في علاقتهم مع مصر وتحالفاتهم تعمقوا في وثنيتهم التزاماً بشروط التحالف. و الإصلاح الحقيقي أن يفحص كل واحد عما في قلبه وأن ينزع خطيته. و أوثان فضته = لأنها إساءة لله. بسيف غير رجل = لان أشور سقطت بسيف الرب. بل صارت أشور. تحت الجزية لبابل.
آية (9) و صخره من الخوف يزول و من الرآية يرتعب رؤساؤه يقول الرب الذي له نار في صهيون و له تنور في أورشليم.
صخره = صخر أشور أي ملكه، هم ظنوه صخراً ولكنه سيزول، أما الرب صخرنا فهو القادر علي كل شيء. و ملك أشور من الرآية يرتعب = فالله حينما يوجد في مكان ترفع رايته دليل حمايته لهذا المكان "علمه فوقي محبة" وهذا يرعب الأعداء. نار في صهيون = نار مذبح المحرقة، نار العبادة، هي نار تخرج لتحرق الأعداء. والله كان عمود نار لشعبه، وسور من نار لشعبه. وجود الله في صهيون وفي وسط شعبه هو وجود نار حارقة لأعداء كنيسته.
الإصحاح الثاني والثلاثون
آية (1) هوذا بالعدل يملك ملك و رؤساء بالحق يترأسون.
قد يكون الملك هو حزقيا ولكنه يرمز هنا للمسيح، والنبي يمدحه هنا علي استجابته لعدم التحالف مع مصر. والكلام أبعد من حزقيا، فكل ما قيل هنا لا ينطبق علي حزقيا بل علي المسيح ويكون. الرؤساء = هم الرسل، أو المؤمنين الذين لهم سلطان علي أجسادهم.
آية (2) و يكون إنسان كمخبأ من الريح و ستارة من السيل كسواقي ماء في مكان يابس كظل صخرة عظيمة في ارض معيية.
يلجأ المسافر إلي المخبأ فيستريح سواء من الريح الحارة، أو الريح الباردة. والصخرة العظيمة تفعل نفس الشيء. والمعني واضح فيه التجسد بقوله ويكون إنسان. وبولس قال إن الصخرة كانت المسيح. كسواقي ماء = المسيح أرسل لنا الروح القدس يروي النفوس العطشي في البرية القاحلة. ولو فهمنا أن الكلام عن حزقيا فهو لتشجيعه ليكمل باقي إصلاحاته.
آية (3) و لا تحسر عيون الناظرين و آذان السامعين تصغى .
الوعد هنا أن الله يهب لمن في ملكوته القدرة علي السمع والفهم.
آية (4) و قلوب المتسرعين تفهم علما وألسنة. العييين تبادر إلى التكلم فصيحا.
المتسرعون هم الذين يتكلمون وليس لهم معرفة. والمعيون هؤلاء لهم معرفة لكنهم لا يقدرون علي الكلام. والوعد هنا أنه في ملكوت المسيح يتجدد القلب واللسان فيتكلم الجميع بمحبة المسيح. بطرس كمثال بعد أن كان خائفاً بعظة واحدة آمن 3000.
آيات (5 – 8) و لا يدعى اللئيم بعد كريما و لا الماكر يقال له نبيل.لان اللئيم يتكلم باللؤم و قلبه يعمل إثما ليصنع نفاقا و يتكلم على الرب بافتراء و يفرغ نفس الجائع و يقطع شرب العطشان.و الماكر الاته رديئة هو يتآمر بالخبائث ليهلك البائسين بأقوال الكذب حتى في تكلم المسكين بالحق. و أما الكريم فبالكرائم يتآمر و هو بالكرائم يقوم.
في ملكوت المسيح نعطي نعمة التمييز. والإفراز فلا ننخدع ونحسب اللئيم كريما، ولا داعي للرياء فيقال للئيم أنه كريم أو العكس. فأبناء هذا الدهر يعتبرون الناس بحسب أموالهم ومراكزهم ولكن هذه لن تغير من طبع الإنسان.
آيات (9 – 15) أيتها النساء المطمئنات قمن إسمعن صوتى. أيتها البنات الواثقات أصغين لقولى. أياماً على سنة ترتعدون أيتها الواثقات. لأنه قد مضى القطاف الاجتناء لا يأتي.ارتجفن أيتها المطمئنات ارتعدن أيتها الواثقات تجردن و تعرين و تنطقن على الاحقاء.لاطمات على الثدي من اجل الحقول المشتهاة و من اجل الكرمة المثمرة. على ارض شعبي يطلع شوك و حسك حتى في كل بيوت الفرح من المدينة المبتهجة.لان القصر قد هدم جمهور المدينة قد ترك الأكمة و البرج صارا مغاير إلى الأبد مرحا لحمير الوحش مرعى للقطعان. إلى أن يسكب علينا روح من العلاء فتصير البرية بستانا و يحسب البستان وعرا.
قارن هذه الآيات بالإصحاح الثالث فيبدو أن بنات أورشليم كن غافلات = اهتمامهن بالملبس والزينة الخارجية، مما دفع بأزواجهن لظلم الناس ليحصلوا علي أموال لشراء هذه المستلزمات، وهنا يحذرهن أنه بعد أيام علي سنة = أي بعد سنة وبضعة أيام تأتي الضيقات بواسطة سنحاريب. فمن يسيء استخدام الخيرات يجرده الله منها. هؤلاء النسوة يمثلن العذارى الجاهلات أو رافضي المسيح، هم يلهون في العالم فتضيع منهم أفراح الحصاد وعوض السلام يحل خوف ورعدة. لأنه قد مضي القطاف = حينما تأتي ضيقة الحصار لن يكون هناك مجال للقطاف أو جني الثمار. وسوف يتجردن ويتعرين = من الملابس الغالية، ويلبسن مسوحاً ويلطمن كمن لهم ميتا. وذلك لأن أرضهم الخصبة داسها جنود أشور فخربت وطلع فيها شوك وحسك. ويمتد نظر النبي لأبعد من أشور ويري ما صنعته بابل في هدم القصر والسبي = جمهور المدينة قد ترك = وقد تكون النظرة أبعد من ذلك فتكون هذه النبوة عن خراب أورشليم (أيام الرومان) التي لم تعرف زمان افتقادها. و يتطابق هنا كلام النبي مع كلام السيد المسيح "يا بنات أورشليم.. لا تبكين عليَ بل أبكين علي أنفسكن" الأكمة والبرج = أقسام من أورشليم وقد صارا مغاير نتيجة الخراب ويستمر هذا الخراب إلي أن يسكب روح من العلاء = هذه تفهم :
أ - حلول الروح القدس يوم الخمسين.
ب - إيمان باقي اليهود الذين كانوا في خراب، في أخر الأيام. وبعد حلول الروح القدس تحول الأمم (الوعر) إلي بستان. واليهود الذين كانوا بستاناً صاروا وعر لرفضهم السيد المسيح.
آيات (16 – 19) فيسكن في البرية الحق و العدل في البستان يقيم.و يكون صنع العدل سلاما و عمل العدل سكونا و طمأنينة إلى الأبد.و يسكن شعبي في مسكن السلام و في مساكن مطمئنة و في محلات أمينة. و ينزل برد بهبوط الوعر و إلى الحضيض توضع المدينة.
يعم العدل والحق في كل مكان وينزل بَرَدْ = هذه أحكام الله علي أورشليم فلابد من حدوث التأديب قبل وفاء المواعيد. والوعر = قد يكون أشور أو بابل أو القوات التي ستثير معركة ضخمة في الأيام الأخيرة.
آية (20) طوباكم آيةا الزارعون على كل المياه المسرحون أرجل الثور و الحمار
الزارعون = أي المبشرون الذين يزرعون كلمة الله بعمل الروح القدس المياه. وهؤلاء طوباهم فهم يفكون أسر وعبودية الثور والحمار = الثور كحيوان طاهر يرمز لليهود. والحمار كحيوان نجس يشير للأمم. وتشبيههما بثور وحمار فذلك لأنهما كبشر كان الكل مستعبد للخطية لأجل اللذة. وبحسب الناموس ما كان الثور والحمار يرعيان معاً (تث 22 : 10) فلا عبادة مشتركة بين اليهود والأمم، أما في كنيسة المسيح فلقد صار الكل واحداً يرعيان معاً.
الإصحاح الثالث والثلاثون
أخر النبوات المتعلقة بسنحاريب وكان حزقيا قد أرسل ذهب وفضة الهيكل لسنحاريب فقبل أولاً أن يترك المدينة لكنه نكث العهد، ثم أرسل ربشاقي وعيَر الله وحاصر المدينة ولكن النبي تنبأ هنا بنجاتها.
آية (1) ويل لك أيها المخرب. و أنت لم تخرب و آيةا الناهب و لم ينهبوك حين تنتهي من التخريب تخرب و حين تفرغ من النهب ينهبونك.
ويل لأشور المخرِب فهو سيخرب. وويل لبابل ولكل مقاوم للكنيسة وكل عدو متشامخ على الله وعلى شعبه. الله يستعمل هؤلاء الأعداء كعصا تأديب ثم يعاقبهم هم. وهذا الكلام ينطبق على الشيطان الذي بشروره يستخدمها الله لتأديبنا ثم أخيراً سيلقيه في البحيرة المتقدة بالنار.
آية (2) يا رب تراءف علينا إياك انتظرنا كن عضدهم في الغدوات خلاصنا أيضا في وقت الشدة.
صلاة النبي. في الغدوات = فهم وجدوا أشور جثثاً في الصباح ومراحم الله جديدة كل صباح (مرا 3 : 22، 23) هذه الصلاة لأجل البقية المقدسة التي عاشت داخل أورشليم من جيش أشور.
آية (3) من صوت الضجيج هربت الشعوب من ارتفاعك تبددت الأمم.
هنا استجابة سريعة لصلاة النبي في آية (2). والله إستجاب بأكثر مما طلبوا فهم تخلصوا من أعدائهم وأيضاً نهبوهم. صوت الضجيج = وتترجم زئير هو صوت الله المرعب للأعداء. والشعوب= جيش أشور مكون من شعوب كثيرة.
آية (4) و يجنى سلبكم جني الجراد كتراكض الجندب يتراكض عليه.
حينما أكتشف الشعب موت جيش أشور سلبوا ما قد تركوه وسلبت بابل أشور.
آيات (5، 6) تعالى الرب لأنه ساكن في العلاء ملأ صهيون حقا و عدلا. فيكون آمان أوقاتك وفرة خلاص و حكمة و معرفة مخافة الرب هي كنزه.
حينما يظهر الله عدله ويحكم ضد أعداء شعبه ويملأ صهيون حقاً وعدلا يكون الشعب في أمان. وعادة مايكون أوقات الآمان مدعاة للشر ولكن الآن سيكون وفرة خلاص وحكمة فمخافة الرب هي كنز الشعب.
آيات (7، 9) هوذا أبطالهم قد صرخوا خارجا رسل السلام يبكون بمرارة. خلت السكك باد عابر السبيل نكث العهد رذل المدن لم يعتد بإنسان. ناحت ذبلت الأرض خجل لبنان و تلف صار شارون كالبادية نثر باشان و كرمل.
أبطالهم = أي أبطال يهوذا المرسلون ليطلبوا الصلح من سنحاريب ورجعوا وثيابهم ممزقة (36: 22) وكان حالهم محزن إذ لم يستطيعوا سوى الصراخ في عجز وخوف. خلت السكك = خوفا من الآشوريين الذين نكثوا العهد. رذل المدن = لم يهتم بها بل حطمها ولقد أحرق سنحاريب 46 مدينة من يهوذا قبل أن يحاصر أورشليم. لبنان مشهور بأرزه. شارون مشهور بوروده. باشان = مشهور بمراعيه والكرمل مشهور بقمحه.
آيات (10 – 12) الآن أقوم يقول الرب الآن اصعد الآن ارتفع. تحبلون بحشيش تلدون قشيشا نفسكم نار تأكلكم. و تصير الشعوب وقود كلس أشواكا مقطوعة تحرق بالنار.
تكرار الآن تدل على غضب الله الشديد. وتحبلون حشيشاً وتلدون قشيشا أي قش. وهذا يشير لخيبة مقاصد أشور. فما يعجز الإنسان أن يعمله هذا يعمله الله. ونفسكم نار أكلة = كان كلام الكبرياء والتجديف الذي خرج من أفواه الأشوريين سبباً في هلاكهم. فالآية تقول أنهم أهلكوا أنفسهم أشواكاً مقطوعة = أي يابسة تحرق سريعاً.
آيات (13، 14) اسمعوا آيةا البعيدون ما صنعت و اعرفوا آيةا القريبون بطشي. ارتعب في صهيون الخطاة أخذت الرعدة المنافقين من منا يسكن في نار آكلة من منا يسكن في وقائد أبدية.
البعيدون = هم الأمم والقريبون = هم اليهود. فالدعوة تشمل الجميع وهى تحذير لهم من بطش الله فكما أن هناك خطايا للأمم هكذا هناك خطايا لليهود. والتحذير هنا أن غضب الله كنار أكلة تحرق الخطاة ومن يحتمل. نار الله هي أشور ضد أورشليم، وهى ملاك الله ضد أشور، ومن يتوب يهرب من نار الله.
آية (15) السالك بالحق و المتكلم بالاستقامة الراذل مكسب المظالم النافض يديه من قبض الرشوة الذي يسد أذنيه عن سمع الدماء و يغمض عينيه عن النظر إلى الشر.
لن يستطيع الوقوف قدام الله إلا من هذه مواصفاته و بها يرضى الرب يسد أذنيه عن سمع الدماء = لا يستمع لمؤامرات قاصدي سفك الدماء.
آية (16) هو في الأعالي يسكن حصون الصخور ملجأه يعطي خبزه و مياهه مأمونة.
مثل هذا آية (15) يسكن في الأمان. الأعالي = الله يكون حصناً له.
آية (17) الملك ببهائه تنظر عيناك تريان أرضا بعيدة.
الإنسان البار في يهوذا ينظر الملك حزقيا وقد خلع المسوح وارتدى ملابسه ببهائه ويرى أرضا بعيده = أي يخرج من أسر وحصار أورشليم ولكن المعنى المقصود أبعد من ذلك، أن يرى المسيح في بهاء مجده ويرى الأرض الجديدة البعيدة الآن وهى السماء.
آية (18) قلبك يتذكر الرعب أين الكاتب أين الجابي أين الذي عد الأبراج.
وحين يتذكر الأيام الماضية. يذكر الرعب = رعب الكاتب = الذي يعد أسرى اليهود. والجابي = الذي يقبض الجزية. والذي يعد الأبراج = ليهدمها ولكنه لا يجدهم (وهؤلاء يرمزون للشياطين)
آية (19) الشعب الشرس لا ترى. الشعب الغامض اللغة عن الإدراك العيى بلسانٍ لا يفهم .
الشعب الشرس = أشور / الشياطين. غامض اللغة = الشياطين لا تعرف المحبة.
آية (20) انظر صهيون مدينة أعيادنا عيناك تريان أورشليم مسكنا مطمئنا خيمة لا تنتقل لا تقلع أوتادها إلى الأبد و شيء من أطنابها لا ينقطع.
أنظر صهيون بعد نجاتها من أشور وعودتها لحالتها الأولى ولأعيادها وأفراحها. وخيمة لا تنتقل = لا يحطمها حتى الموت وهى أبدية. والمدينة الثابتة إلى الأبد هي أورشليم السماوية حيث نرى الله ونعيش معه للأبد.
آية (21) بل هناك الرب العزيز لنا مكان انهار و ترع واسعة الشواطئ لا يسير فيها قارب بمقذاف و سفينة عظيمة لا تجتاز فيها.
أورشليم مدينة بلا أنهار، ولكن الرب سيكون لها نهرا وسفن الأعداء لا تدخل هذا النهر ( نهر يعطى أيضاً خصوبة وثمار)، وحيث لا أعداء ستحيا المدينة في سلام فالله هو حامى أورشليم (الكنيسة) ولكن هذه الآية لها معنى أخر. فالأنهار تشير للروح القدس الذي يحملنا على شرط أن لا نقاومه. وماذا يقاوم تيار النهر إلا السفن ذات الشراع أو القوارب التي لها مجداف فمن له مجداف أو شراع فهو يتحكم في وجهته، أما من يترك نفسه لروح الله فهو يحمله (راجع يو 3 :8).
آية (22) فان الرب قاضينا الرب شارعنا الرب ملكنا هو يخلصنا.
الرب يملك في كنيسته، وهو الذي يُشَرِع لها، قدم إنجيله دستوراً لمملكته. ويقضى بالحب، هو ملك على كنيسته إذ خلصها واشتراها.
آية (23) ارتخت حبالك لا يشددون قاعدة ساريتهم لا ينشرون قلعا حينئذ قسم سلب غنيمة كثيرة العرج نهبوا نهبا.
الكنيسة مشبهة هنا بسفينة ارتخت حبالها لكسل الملاحين، ولكن لأن الرب يملك على كنيسته لن يتركها، كما لم يترك أورشليم وهو غاضب عليها بل خلصها بذراعه، ونهب سكان أورشليم غنيمة أشور. و شعب أورشليم هنا مشبه بالأعرج = لتكاسلهم ومع هذا كان لهم نصيب في الغنيمة، غنيمة أشور، فالله يعطى قوة لشعبه بها يهزمون عدوهم إبليس.
آية (24) و لا يقول ساكن أنا مرضت الشعب الساكن فيها مغفور الإثم
هذه هي الكنيسة التي يتمتع فيها المؤمنون بغفران الخطايا فلا تمرض بل تكون صحيحة دائماً كعضو أو أعضاء صحيحة في جسد المسيح. فاليهود كانت لهم عقيدة أن المرض نتيجة للخطية. الله سينزع من الكنيسة (أورشليم) خطيتها ومرضها، وستتمتع الكنيسة بغفران خطاياها، خلال التوبة الدائمة.
الإصحاح الرابع والثلاثون
من الإصحاح (13) حتى (33) نبوءات مضمونها أحكام الله على الأمم أي أعداء شعب الله. و نبوات على اليهود ومواعيده لهم (أي الكنيسة أيضاً).
والإصحاحان (34،35) هما نبوة واحدة وخاتمة النبوءات المذكورة. وصف النبي فى الإصحاح 34 سخط الرب على كل الأمم ولا سيما أدوم فهم كانوا ينهبون ويسلبون من يهوذا في محنتهم حينما يهاجمهم عدو بالاتفاق مع هذا العدو.
أما الإصحاح (35) ففيه وصف للبركات التي سيمنحها الله لشعبه بعد انتقامه من أعدائه. إذاً فإصحاح (34) هو تحويل بلاد مثمرة إلى قفر وإصحاح (35) هو تحويل قفر لبلاد مثمرة. وأدوم تشير للشيطان للأسباب الآتية:
1- عداوة تقليدية بين يعقوب وعيسو من البطن.
2- أدوم يعنى دموي وهذه طبيعة إبليس والشيطان كان قتالاً للناس منذ البدء.
3- شمتوا في بلية شعب الله على يد بابل أو أشور.
4- ساعدوا أعداء يهوذا ضد يهوذا.
5- باعوا الهاربين من شعب يهوذا كعبيد. وإبليس أستعبد البشر.
6- جاءوا بأغنامهم ترعى في يهوذا بعدما صارت يهوذا خراب.
وكل نفس مقاومة لله يستعبدها إبليس فتصير خراباً ومأوى للأفكار الدنسة والعواطف المنحرفة، تلهو بها الخطايا وتلعب بها الشياطين.
آية (1) اقتربوا آية الأمم لتسمعوا و آيةا الشعوب أصغوا لتسمع الأرض و ملؤها المسكونة و كل نتائجها.
واضح أن الكلام الأتي له أهمية خاصة.
آية (2) لان للرب سخطا على كل الأمم و حموا على كل جيشهم قد حرمهم دفعهم إلى الذبح.
لأن هذه النبوة هي ختام النبوات فهو يكلم. كل الأمم. و الأمم هنا هم كل المقاومين لشعب الله لأن الرب لا يسر بسفك دماء شعبه. وقد تعنى الأمم الشياطين.
آية (3) فقتلاهم تطرح و جيفهم تصعد نتانتها و تسيل الجبال بدمائهم.
القتلى كثيرين وقد تشير للمعركة الأخيرة (حز38، 39).
آية (4) و يفنى كل جند السماوات و تلتف السماوات كدرج و كل جندها ينتثر كانتثار الورق من الكرمة و السقاط من التينة.
جند السموات = أي الشياطين. إذاً أدوم كانت رمزاً للشياطين. تلتف كدرج = الرب بسط السموات. ولكن في نهآية الأيام ستزول السماء الأولى ليكون هناك سماء جديدة (رؤ 21 :1) وهناك تأمل فالدرج هو الكتاب القديم وهذا كان يتكون من قطعة طويلة جداً من الورق ملتفة على بعضها على هيئة (رول) وإرادة الله معلنة في الكتاب المقدس ولكن عقول الأشرار كأنها منغلقة عن معرفة إرادة الله.
آية (5) لأنه قد روي في السماوات سيفي هوذا على أدوم ينزل و على شعب حرمته للدينونة.
قد روى في السموات سيفي = السيف سيف الله والقضاء صدر في السموات أن شعب أدوم سيهلك.
آية (6) للرب سيف قد امتلأ دما اطلي بشحم بدم خراف و تيوس بشحم كلى كباش لان للرب ذبيحة في بصرة و ذبحا عظيما في ارض أدوم.
امتلأ دماً = إشارة لذبح عظيم في الدينونة. أطلى بشحم = كانوا يدهنون السيوف بالشحم قبل المعركة حتى لا يلتصق بها الدم. و المعنى أن السيف أو حامل السيف مستعد للمعركة والقتل. خراف وتيوس = إشارة للادوميين. بصرة = مدينة في أدوم ومن أعظم مدنها.
آية (7) و يسقط البقر الوحشي معها و العجول مع الثيران و تروى أرضهم من الدم و ترابهم من الشحم يسمن.
شبه الأدوميون هنا بالبقر الوحشي. و من المعروف أن الجثث غير المدفونة تخصب الأرض. ونلاحظ أن هؤلاء أحبوا الأرض فاختلط دمهم بالأرض.
آية (8) لان للرب يوم انتقام سنة جزاء من اجل دعوى صهيون.
الرب يؤخر قصاص أعدائه لغايات.
1- يعطيهم فرصة للتوبة.
2- يؤدب شعبه ولكن قد عين يوماً للانتقام.
آية (9 – 12) و تتحول أنهارها زفتا و ترابها كبريتا و تصير أرضها زفتا مشتعلا. ليلا و نهارا لا تنطفئ إلى الأبد يصعد دخانها من دور إلى دور تخرب إلى ابد الآبدين لا يكون من يجتاز فيها. و يرثها القوق و القنفذ و الكركي و الغراب يسكنان فيها و يمد عليها خيط الخراب و مطمار الخلاء. أشرافها ليس هناك. من يدعونه للملك وكل رؤسائها يكونون عدماً.
إشارة للخراب الدائم التام كما حدث في سدوم وعمورة. وهنا إشارة لأتون النار المتقد أو بحيرة النار المتقدة (رؤ 20 :10) وللآن فمكان أدوم خراب وأمتد لها خيط خراب بدل خيط البناء. والقوق والقنفذ... الخ يعيشون في الخرائب. ولكن قوله إلى الأبد يصعد دخانها = فيه إشارة للهلاك الأبدي وليس لخراب أدوم، فيه إشارة لهلاك إبليس في البحيرة المتقدة بنار.
آيات (13 : 15) و يطلع في قصورها الشوك القريص و العوسج في حصونها فتكون مسكنا للذئاب و دارا لبنات النعام. و تلاقي وحوش القفر بنات اوى و معز الوحش يدعو صاحبه هناك يستقر الليل و يجد لنفسه محلا. هناك تحجر النكازة و تبيض و تفرخ و تربي تحت ظلها و هناك تجتمع الشواهين بعضها ببعض.
لاحظ أن كل من هناك وحوش. ويستقر الليل = كنآية عن الحزن والخوف. والنكازة = حية خبيثة ومن أخبث أنواع الحيات وتشير لسكنى الأرواح الشريرة القاتلة في النفوس المقاومة لله. الشواهين = طيور جارحة تسبب رعباً.
الآيات (16، 17) فتشوا في سفر الرب و اقرءوا واحدة من هذه لا تفقد لا يغادر شيء صاحبه لان فمه هو قد أمر و روحه هو جمعها. و هو قد القي لها قرعة و يده قسمتها لها بالخيط إلى الأبد ترثها إلى دور فدور تسكن فيها.
النبوءات – جميعها لن تسقط، النبوات عن أدوم وعن أعداء الله عموماً (حدث هذا على يد نبوخذ نصر وسيحدث في اليوم الأخير) وقرعة هذه الحيوانات الشريرة (الشياطين) في هذا المكان المرعب.
الإصحاح الخامس والثلاثون
في ص (34) رأينا الله يدين أعداء شعبه، وكان هذا لأجل بنيان شعبه وتمجيدهم وكل هذا تم بالصليب. وهذا الإصحاح قد يشير لعودة إسرائيل من السبى كرمز أو ازدهار مملكة حزقيا كرمز ولكنه يشير حقيقة لازدهار كنيسة المسيح وللخلاص بالصليب، المسيح يسكب مجده على كنيسته.
آية (1) تفرح البرية و الأرض اليابسة و يبتهج القفر و يزهر كالنرجس.
هنا نرى فرح الأرض بتقييد الشيطان، أو هو فرح اليهود برجوعهم من سبى بابل أو فرح الأمم بالإيمان والحرية أو فرح الكنيسة بالخلاص. عموماً فالفرح هو سمة كنيسة العهد الجديد. و الفرح ناشئ من أن القفر قد أزهر أثمر.
آية (2) يزهر إزهارا و يبتهج ابتهاجا و يرنم يدفع إليه مجد لبنان بهاء كرمل و شارون هم يرون مجد الرب بهاء إلهنا.
هم يرون = المؤمنون يرون مجد الرب فيما هم فيه من جمال وثمار ومجد فالله أعطاهم جمالاً كجمال لبنان. ومجد الرب وبهاؤه يتجلى في القلب كعربون للمجد الأبدي السماوي. (2 كو 17 – 18)
آيات (3، 4) شددوا الأيادي المسترخية و الركب المرتعشة ثبتوها. قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا هوذا إلهكم الانتقام يأتي جزاء الله هو يأتي و يخلصكم.
شددوا الأيادي = هنا نجد نغمة الجهاد مع الإيمان. فلنشجع بعضنا بعضاً ولا نشك في المواعيد. وليصير الإنسان سنداً لإخوته الضعفاء. و هو يأتي ويخلصكم = قد يكون الخلاص من أشور أو بابل لكن النبي يتحدث عن الخلاص بالمسيح.
آيات (5، 6) حينئذ تتفقح عيون العمى و أذان الصم تتفتح.حينئذ يقفز الأعرج كالأيل و يترنم لسان الأخرس لأنه قد انفجرت في البرية مياه و انهار في القفر.
المعنى أنه بحلول الروح القدس تتفتح العيون الروحية والبصيرة الداخلية تنفتح لتعاين الأسرار الإلهية والأذن الداخلية تسمع صوت الله وتستعذبه. والأخرس روحياً يترنم بتسابيح. و المسيح صنع هذه المعجزات فعلاً فقد فتح عيون العمى وشفى الأخرس ليثبت أنه مرسل من الآب. والسيد المسيح إستعمل هذه الآية فى الرد على تلاميذ يوحنا المعمدان ليعلن لهم من هو( مت2:11-6)
آية (7) و يصير السراب أجما و المعطشة ينابيع ماء في مسكن الذئاب في مربضها دار للقصب و البردي.
السراب هو خداع، منظر لماء غير موجود، هو كنآية عن خيرات غاشة يطلبها الناس ولا يحصلون عليها، أما الأجم فهي أماكن يوجد فيها ماء، وهى كنآية عن خيرات حقيقية يعطيها الله لشعبه. فعوض الجفاف يصير فيض ماء هو فيض الروح القدس (يو 7 : 37، 38) فيتحول المرار في نفس الإنسان لتعزيات. والأماكن التي كانت بلا ماء ويسكنها الذئاب (الشياطين) صارت مملوءة ماء حتى تصبح دار للقصب والبردي. هكذا نفوسنا بعد أن كانت مسكناً للشياطين أصبحت هياكل للروح القدس ليسكن فيها.
آية (8) و تكون هناك سكة و طريق يقال لها الطريق المقدسة لا يعبر فيها نجس بل هي لهم من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل.
السكة = قد تكون الطريقة التي يهيئها الله لشعبه للعودة من السبى. وفى العهد الجديد فالطريق هو المسيح. وقد هيأ لنا الكنيسة بأسرارها كوسائط للخلاص. وكما يطمئن الله اليهود المسبيين في بابل أن يعودوا فهو قد هيىء السكة، هكذا يعطينا طمأنينة قائلا "أنا هو الطريق".
آيات (9 ،10) لا يكون هناك أسد وحش مفترس لا يصعد إليها لا يوجد هناك بل يسلك المفديون فيها.و مفديو الرب يرجعون و يأتون إلى صهيون بترنم و فرح ابدي على رؤوسهم ابتهاج و فرح يدركانهم و يهرب الحزن و التنهد.
الأسد = يشير لكل من ضايق شعب الله (سنحاريب / الشيطان). المفديون = هم المحررون من عبودية (بابل / إبليس). إلى صهيون = كان الوعد أن المفديون يصلون لصهيون أو لأورشليم السمائية. وعلى رؤوسهم = فرح أبدى كأكاليل.
الإصحاح السادس والثلاثون
مضمون الأربعة الإصحاحات (36 – 39) هي نفسها مذكورة في (2 مل 18 – 20) غالباً فكاتبها كلها هنا وهناك هو إشعياء نفسه وهذه الإصحاحات جاءت هنا كتحقيق للنبوات السابقة، فكل ما تكلم عنه إشعياء في نبواته ها هو حدث تماماً. وبدآية قصة سنحاريب مع حزقيا أنه طلب جزية حتى لا يضرب المدينة فدفعها حزقيا 300 وزنة فضة + 30 وزنة ذهب لكن سنحاريب غدر بوعده واستدار وضرب يهوذا وأخذ 200.000 أسير وإشعياء هنا لم يذكر هذا فهو يريد أن يظهر إمكانية الغلبة على الأعداء، فهنا نرى إمكانية أن يعيش الإنسان منتصراً. قد ينتصر العدو لفترة لكنه في النهآية سينهزم.
الآيات
1- و كان في السنة الرابعة عشرة للمك حزقيا ان سنحاريب ملك اشور صعد على كل مدن يهوذا الحصينة و اخذها.
2- و ارسل ملك اشور ربشاقى من لاخيش الى اورشليم الى الملك حزقيا بجيش عظيم فوقف عند قناة البركة العليا في طريق حقل القصار.
3- فخرج اليه الياقيم بن حلقيا الذي على البيت و شبنة الكاتب و يواخ بن اساف المسجل.
4- فقال لهم ربشاقى قولوا لحزقيا هكذا يقول الملك العظيم ملك اشور ما هو هذا الاتكال الذي اتكلته.
5- اقول انما كلام الشفتين هو مشورة و باس للحرب و الان على من اتكلت حتى عصيت علي.
6- انك قد اتكلت على عكاز هذه القصبة المرضوضة على مصر التي اذا توكا احد عليها دخلت في كفه و ثقبتها هكذا فرعون ملك مصر لجميع المتوكلين عليه.
7- و اذا قلت لي على الرب الهنا اتكنا افليس هو الذي ازال حزقيا مرتفعاته و مذابحه و قال ليهوذا و لاورشليم امام هذا المذبح تسجدون.
8- فالان راهن سيدي ملك اشور فاعطيك الفي فرس ان استطعت ان تجعل عليها راكبين.
9- فكيف ترد وجه وال واحد من عبيد سيدي الصغار و تتكل على مصر لاجل مركبات و فرسان.
10- و الان هل بدون الرب صعدت على هذه الارض لاخربها الرب قال لي اصعد الى هذه الارض و اخربها.
11- فقال الياقيم و شبنة و يواخ لربشاقى كلم عبيدك بالارامي لاننا نفهمه و لا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور.
12- فقال ربشاقى هل الى سيدك و اليك ارسلني سيدي لكي اتكلم بهذا الكلام اليس الى الرجال الجالسين على السور لياكلوا عذرتهم و يشربوا بولهم معكم.
13- ثم وقف ربشاقى و نادى بصوت عظيم باليهودي و قال اسمعوا كلام الملك العظيم ملك اشور.
14- هكذا يقول الملك لا يخدعكم حزقيا لانه لا يقدر ان ينقذكم.
15- و لا يجعلكم حزقيا تتكلون على الرب قائلا انقاذا ينقذنا الرب لا تدفع هذه المدينة الى يد ملك اشور.
16- لا تسمعوا لحزقيا لانه هكذا يقول ملك اشور اعقدوا معي صلحا و اخرجوا الي و كلوا كل واحد من جفنته و كل واحد من تينته و اشربوا كل واحد ماء بئره.
17- حتى اتي و اخذكم الى ارض مثل ارضكم ارض حنطة و خمر ارض خبز و كروم.
18- لا يغركم حزقيا قائلا الرب ينقذنا هل انقذ الهة الامم كل واحد ارضه من يد ملك اشور.
19- اين الهة حماة و ارفاد اين الهة سفروايم هل انقذوا السامرة من يدي.
20- من من كل الهة هذه الاراضي انقذ ارضهم من يدي حتى ينقذ الرب اورشليم من يدي.
21- فسكتوا و لم يجيبوا بكلمة لان امر الملك كان قائلا لا تجيبوه.
22- فجاء الياقيم بن حلقيا الذي على البيت و شبنة الكاتب و يواخ بن اساف المسجل الى حزقيا و ثيابهم ممزقة فاخبروه بكلام ربشاقى
آيات (1، 2) و كان في السنة الرابعة عشرة للمك حزقيا أن سنحاريب ملك أشور صعد على كل مدن يهوذا الحصينة و أخذها.و أرسل ملك أشور ربشاقى من لاخيش إلى أورشليم إلى الملك حزقيا بجيش عظيم فوقف عند قناة البركة العليا في طريق حقل القصار.
ربشاقى = كان رئيس سقاة وكان ضليعاً في اللغة العبرانية.
لاخيش = مدينة فلسطينية على طريق مصر ويبدو أن غرضه كان فتح مصر وفى الطريق قصد تدمير المدن الحصينة. قناة البركة = قناة تحت الأرض لجلب الماء من خارج أورشليم إلى داخلها (7 :3)
آية (4) فقال لهم ربشاقى قولوا لحزقيا هكذا يقول الملك العظيم ملك أشور ما هو هذا الاتكال الذي اتكلته.
ظن ربشاقى أن عظمة أشور تستدعى من حزقيا أن يتكل على أحد مثل مصر وينبه هنا أنه باطل الاتكال على مصر أو حتى على الله (وتشكيك ربشاقى في قدرة الله على حمآية شعبه هو عمل الشيطان دائماً، لذلك يقول "ما هذا الاتكال الذى اتكلته".
آية (5) أقول إنما كلام الشفتين هو مشورة و باس للحرب و الآن على من اتكلت حتى عصيت علي.
معنى الكلام أن مشورة اليهود وبأسهم هو مجرد كلام ولكن بلا فعل.
آية (7) و إذا قلت لي على الرب إلهنا اتكلنا افليس هو الذي أزال حزقيا مرتفعاته و مذابحه و قال ليهوذا و لأورشليم أمام هذا المذبح تسجدون.
بحسب فهم ربشاقى أن المذابح التي أزالها حزقيا هي مذابح لله فهو وثنى.
آية (10) و الآن هل بدون الرب صعدت على هذه الأرض لأخربها الرب قال لي اصعد إلى هذه الأرض و أخربها.
كثير من ملوك الوثنيون اعتبروا أنفسهم رسلاً لألهتهم.
لا تسمعوا لحزقيا لأنه هكذا يقول ملك أشور اعقدوا معي صلحا و اخرجوا إلي و كلوا كل واحد من جفنته و كل
آيات (16 : 17) واحد من تينته و اشربوا كل واحد ماء بئره. حتى آتي و أخذكم إلى ارض مثل أرضكم ارض حنطة و خمر ارض خبز و كروم.
هو يطلب منهم أن يذهبوا معه لأرضه ويعدهم بأن يعطيهم أراض كأرضهم وهذا غش وخداع لأنه كان سيستعبدهم وهذه حيلة إبليس دائماً أن يجذب النفس خارج أسوار أورشليم (أي خارج أسوار الكنيسة) لينفرد بها ويذلها. وحكمة حزقيا واضحة في عدم الجدال مع ربشاقى وعلينا أن لا نتحاور مع إبليس مهما كانت وعوده تطبيقاً لقول بولس "أما المناقشات الغبية فأجتنبها" ولنلاحظ أن حواء سقطت حينما تحاورت مع الشيطان.
آيات (18 – 22) لا يغركم حزقيا قائلا الرب ينقذنا هل أنقذ آلهة الأمم كل واحد أرضه من يد ملك أشور. أين آلهة حماة و ارفاد أين آلهة سفروايم هل أنقذوا السامرة من يدي. من من كل آلهة هذه الأراضي أنقذ أرضهم من يدي حتى ينقذ الرب أورشليم من يدي. فسكتوا و لم يجيبوا بكلمة لان أمر الملك كان قائلا لا تجيبوه. فجاء الياقيم بن حلقيا الذي على البيت و شبنة الكاتب و يواخ بن اساف المسجل إلى حزقيا و ثيابهم ممزقة فاخبروه بكلام ربشاقى
كانوا يعتقدون أن الحروب هى حروب بين الآلهة والنصرة هي للآلهة.
الإصحاح السابع والثلاثون
الآيات
1- فلما سمع الملك حزقيا ذلك مزق ثيابه و تغطى بمسح و دخل بيت الرب.
2- و ارسل الياقيم الذي على البيت و شبنة الكاتب و شيوخ الكهنة متغطين بمسوح الى اشعياء بن اموص النبي.
3- فقالوا له هكذا يقول حزقيا هذا اليوم يوم شدة و تاديب و اهانة لان الاجنة دنت الى المولد و لا قوة على الولادة.
4- لعل الرب الهك يسمع كلام ربشاقى الذي ارسله ملك اشور سيده ليعير الاله الحي فيوبخ على الكلام الذي سمعه الرب الهك فارفع صلاة لاجل البقية الموجودة.
5- فجاء عبيد الملك حزقيا الى اشعياء.
6- فقال لهم اشعياء هكذا تقولون لسيدكم هكذا يقول الرب لا تخف بسبب الكلام الذي سمعته الذي جدف علي به غلمان ملك اشور.
7- هانذا اجعل فيه روحا فيسمع خبرا و يرجع الى ارضه و اسقطه بالسيف في ارضه.
8- فرجع ربشاقى و وجد ملك اشور يحارب لبنة لانه سمع انه ارتحل عن لخيش.
9- و سمع عن ترهاقة ملك كوش قولا قد خرج ليحاربك فلما سمع ارسل رسلا الى حزقيا قائلا.
10- هكذا تكلمون حزقيا ملك يهوذا قائلين لا يخدعك الهك الذي انت متوكل عليه قائلا لا تدفع اورشليم الى يد ملك اشور.
11- انك قد سمعت ما فعل ملوك اشور بجميع الاراضي لتحريمها و هل تنجو انت.
12- هل انقذ الهة الامم هؤلاء الذين اهلكهم ابائي جوزان و حاران و رصف و بني عدن الذين في تلسار.
13- اين ملك حماة و ملك ارفاد و ملك مدينة سفروايم و هينع و عوا.
14- فاخذ حزقيا الرسائل من يد الرسل و قراها ثم صعد الى بيت الرب و نشرها حزقيا امام الرب.
15- و صلى حزقيا الى الرب قائلا.
16- يا رب الجنود اله اسرائيل الجالس فوق الكروبيم انت هو الاله وحدك لكل ممالك الارض انت صنعت السماوات و الارض.
17- امل يا رب اذنك و اسمع افتح يا رب عينيك و انظر و اسمع كل كلام سنحاريب الذي ارسله ليعير الله الحي.
18- حقا يا رب ان ملوك اشور قد خربوا كل الامم و ارضهم.
19- و دفعوا الهتهم الى النار لانهم ليسوا الهة بل صنعة ايدي الناس خشب و حجر فابادوهم.
20- و الان ايها الرب الهنا خلصنا من يده فتعلم ممالك الارض كلها انك انت الرب الاله وحدك.
21- فارسل اشعياء بن اموص الى حزقيا قائلا هكذا يقول الرب اله اسرائيل الذي صليت اليه من جهة سنحاريب ملك اشور.
22- هذا هو الكلام الذي تكلم به الرب عليه احتقرتك و استهزات بك العذراء ابنة صهيون نحوك انغضت ابنة اورشليم راسها.
23- من عيرت و جدفت و على من عليت صوتا و قد رفعت الى العلاء عينيك على قدوس اسرائيل.
24- عن يد عبيدك عيرت السيد و قلت بكثرة مركباتي قد صعدت الى علو الجبال عقاب لبنان فاقطع ارزه الطويل و افضل سروه و ادخل اقصى علوه وعر كرمله.
25- انا قد حفرت و شربت مياها و انشف ببطن قدمي جميع خلجان مصر.
26- الم تسمع منذ البعيد صنعته منذ الايام القديمة صورته الان اتيت به فتكون لتخريب مدن محصنة حتى تصير روابي خربة.
27- فسكانها قصار الايدي قد ارتاعوا و خجلوا صاروا كعشب الحقل و كالنبات الاخضر كحشيش السطوح و كالملفوح قبل نموه.
28- و لكنني عالم بجلوسك و خروجك و دخولك و هيجانك علي.
29- لان هيجانك علي و عجرفتك قد صعدا الى اذني اضع خزامتي في انفك و شكيمتي في شفتيك و اردك في الطريق الذي جئت فيه.
30- و هذه لك العلامة تاكلون هذه السنة زريعا و في السنة الثانية خلفة و اما السنة الثالثة ففيها تزرعون و تحصدون و تغرسون كروما و تاكلون اثمارها.
31- و يعود الناجون من بيت يهوذا الباقون يتاصلون الى اسفل و يصنعون ثمرا الى ما فوق.
32- لانه من اورشليم تخرج بقية و ناجون من جبل صهيون غيرة رب الجنود تصنع هذا.
33- لذلك هكذا يقول الرب عن ملك اشور لا يدخل هذه المدينة و لا يرمي هناك سهما و لا يتقدم عليها بترس و لا يقيم عليها مترسة.
34- في الطريق الذي جاء فيه يرجع و الى هذه المدينة لا يدخل يقول الرب.
35- و احامي عن هذه المدينة لاخلصها من اجل نفسي و من اجل داود عبدي.
36- فخرج ملاك الرب و ضرب من جيش اشور مئة و خمسة و ثمانين الفا فلما بكروا صباحا اذا هم جميعا جثث ميتة.
37- فانصرف سنحاريب ملك اشور و ذهب راجعا و اقام في نينوى.
38- و فيما هو ساجد في بيت نسروخ الهه ضربه ادرملك و شراصر ابناه بالسيف و نجوا الى ارض اراراط و ملك اسرحدون ابنه عوضا عنه
آية (3) فقالوا له هكذا يقول حزقيا هذا اليوم يوم شدة و تأديب و اهانة لان الأجنة دنت إلى المولد و لا قوة على الولادة.
الشدة = أن يصل الأشوريين إلى باب أورشليم ويجدفوا على الله. وطالما هو يوم شدة فليكن يوم صلاة تعين على الولادة المتعسرة ويعطى طمأنينة للقلب. ولقد فهم حزقيا أنه طالما هناك شدة، فوراء الشدة التي سمح بها الله لابد وسيكون هناك ولادة أي ولادة أمة جديدة. ولا قوة للولادة تشبيه يدل على ألام شديدة فالله يسمح بالتجارب حتى يكون من ورائها خير كثير لنا ولكن لاحتمال التجارب علينا أن نطلب ونصرخ لله حتى نجتاز هذه الشدة. وهذا الفهم المستنير لحزقيا للآلام والتجارب أشار له السيد المسيح في (يو 16 : 21).
آية (4) لعل الرب إلهك يسمع كلام ربشاقى الذي أرسله ملك أشور سيده ليعير الإله الحي فيوبخ على الكلام الذي سمعه الرب إلهك فارفع صلاة لأجل البقية الموجودة.
الرب إلهك = اعترفوا بأن الرب مع إشعياء وأنه نبي الرب
آية (5، 6) فجاء عبيد الملك حزقيا إلى اشعياء. فقال لهم اشعياء هكذا تقولون لسيدكم هكذا يقول الرب لا تخف بسبب الكلام الذي سمعته الذي جدف علي به غلمان ملك أشور.
غلمان = كلمة احتقار لربشاقى ورفقائه.
آية (7) هاأنذا اجعل فيه روحا فيسمع خبرا و يرجع إلى أرضه و أسقطه بالسيف في أرضه.
أجعل فيه روحاً = روح خوف أو هو روح الشر الذي قبله بمحض اختياره فيرتد عليه شره. وجعل الله خوفه من خبر يسمعه = عن ترهاقة، وأسقطه بالسيف = وكان هذا بيد إبناه في هيكل إلهه الذي لم يستطع حمايته.
آيات (8، 9) فرجع ربشاقى و وجد ملك أشور يحارب لبنة لأنه سمع انه ارتحل عن لخيش.و سمع عن ترهاقة ملك كوش قولا قد خرج ليحاربك فلما سمع أرسل رسلا إلى حزقيا قائلا.
يبدو أن سنحاريب ترك لخيش وحارب لبنة وهى قريبة من لخيش. وترهاقة = غالباً كان يملك على مصر في ذلك الوقت وقد خرج لمحاربة أشور هنا نجد ربشاقى يوجه تهديداً ثانياً لأورشليم وسببه هو خوفه من مصر، فأراد الانتهاء من أورشليم والاستيلاء عليها بدون حرب لتكون سنداً له وجاء في (عو 15) ما فعلته يفعل بك، فهو حارب أورشليم وها مصر تحاربه.
آية (16) يا رب الجنود اله إسرائيل الجالس فوق الكروبيم أنت هو الإله وحدك لكل ممالك الأرض أنت صنعت السماوات و الأرض.
يارب الجنود = فهو إله الحرب ونحن وملائكته كلنا جنوده.
آيات (21 – 23) فأرسل اشعياء بن أموص إلى حزقيا قائلا هكذا يقول الرب اله إسرائيل الذي صليت إليه من جهة سنحاريب ملك أشور. هذا هو الكلام الذي تكلم به الرب عليه احتقرتك و استهزأت بك العذراء ابنة صهيون نحوك انغضت ابنة أورشليم رأسها. من عيرت و جدفت و على من عليت صوتا و قد رفعت إلى العلاء عينيك على قدوس إسرائيل.
العذراء ابنة صهيون = أي المدينة التي لن تفتح بواسطة سنحاريب بل ستهزأ به وتنغض الرأس لهزيمته، فمن يعظم نفسه على الله يصير موضع سخرية.
آية (24) عن يد عبيدك عيرت السيد و قلت بكثرة مركباتي قد صعدت إلى علو الجبال عقاب لبنان فاقطع أرزه الطويل و أفضل سروه و ادخل أقصى علوه وعر كرمله.
كان الملوك يكسرون الأشجار لتمر مركباتهم الحربية وإشتهر ملوك أشور بهذا بل وتفاخروا بقدرتهم عليه.
آية (25) أنا قد حفرت و شربت مياها و أنشف ببطن قدمي جميع خلجان مصر.
بعد تصوير انتصاراته على مصاعب الجبال يصور هنا انتصاراته على القفر حيث العطش وعلى نهر النيل كعائق لجنوده أو كرمز لجيوش مصر.
آية (26) الم تسمع منذ البعيد صنعته منذ الأيام القديمة صورته الآن أتيت به فتكون لتخريب مدن محصنة حتى تصير روابي خربة.
ألم تسمع = كلام الرب لسنحاريب أي هل لم تسمع عن النبوات التي تنبأ بها عليك أنبيائي. أو هل لم يخبرك عقلك بأنني القادر وحدي وأنني أنا الذي صنعتك وأعطيتك القدرة على ما صنعت فلا داعي أن تفتخر.
آيات (28 – 29) و لكنني عالم بجلوسك و خروجك و دخولك و هيجانك علي. لان هيجانك علي و عجرفتك قد صعدا إلى أذني أضع خزامتي في انفك و شكيمتي في شفتيك و أردك في الطريق الذي جئت فيه.
خزامتى في أنفك = هكذا كان الأشوريون يفعلون بأسراهم.
آيات (28، 29) هذا كلام الرب لحزقيا، فربما كان قدوم سنحاريب في الصيف فخسر اليهود غلتهم ولم يفلحوا في الخرف فخسروا أيضاً غلال السنة التالية وأما السنة الثالثة – يزرعون ويحصدون ومعنى الكلام أن الأشوريون لن يعودوا أبداً.
زريعاً Grows of Itself خلفة = أي ما تبقى من السنة الأولى والله كان قد طلب من اليهود أن يزرعوا ستة أعوام وفى العام السابع لا يزرعون بل يعطوا راحة لأنفسهم وللأرض. وفى مقابل ذلك يعطيهم الله في السنة الثانية ضعفين، أي يبارك الله غلة العام السادس فتكفى سنتين. ولكنهم لطمعهم لم ينفذوا الوصية، وهنا الرب يبدأ معهم من جديد، فمع هذه الشدة التي هم فيها، وإذ جاءت الآن السنة السابعة عليهم أن لا يزرعوا والله سيطعمهم وستكون الذريعة كافية لسنتين حتى لا يزرعوا في السنة السبتية التي كانت ستجيء بعد الحصار. وهذه البركة سماها خلفة أي ما يتخلف عن الزريعة، ثم يبدأون في الزراعة بعد ذلك.
آية (31، 32) و يعود الناجون من بيت يهوذا الباقون يتأصلون إلى أسفل و يصنعون ثمرا إلى ما فوق. لأنه من أورشليم تخرج بقية و ناجون من جبل صهيون غيرة رب الجنود تصنع هذا.
قالت الكتابات الأشورية أنهم أسروا 200150 من يهوذا والله يعدهم بأنهم سيتأصلون ثانية. و هذا ما حدث فإن المملكة في زمان يوشيا كانت تقارن في عظمتها بأحسن أيامها. ويصنعون ثمراً إلى فوق = تكون لهم حياة سماوية وهذه ثمار التجارب.
آيات (36، 37) فخرج ملاك الرب و ضرب من جيش أشور مئة و خمسة و ثمانين ألفا فلما بكروا صباحا إذا هم جميعا جثث ميتة. فانصرف سنحاريب ملك أشور و ذهب راجعا و أقام في نينوى.
سمع هيرودوتس من كهنة المصريين أن الفئران هي التي أكلت جيش أشور وأسلحته، لينسبوا المعجزة لآلهتهم.
آية (38) و فيما هو ساجد في بيت نسروخ ألهه ضربه ادرملك و شراصر ابناه بالسيف و نجوا إلى ارض اراراط و ملك اسرحدون ابنه عوضا عنه.
قتله أبناه لأنهما حسدا أخيهما أسر حدون حينما شعرا بأنه سيرث العرش.
الإصحاح الثامن والثلاثون
الآيات
1- في تلك الايام مرض حزقيا للموت فجاء اليه اشعياء بن اموص النبي و قال له هكذا يقول الرب اوص بيتك لانك تموت و لا تعيش.
2- فوجه حزقيا وجهه الى الحائط و صلى الى الرب.
3- و قال اه يا رب اذكر كيف سرت امامك بالامانة و بقلب سليم و فعلت الحسن في عينيك و بكى حزقيا بكاء عظيما.
4- فصار قول الرب الى اشعياء قائلا.
5- اذهب و قل لحزقيا هكذا يقول الرب اله داود ابيك قد سمعت صلاتك قد رايت دموعك هانذا اضيف الى ايامك خمس عشرة سنة.
6- و من يد ملك اشور انقذك و هذه المدينة و احامي عن هذه المدينة.
7- و هذه لك العلامة من قبل الرب على ان الرب يفعل هذا الامر الذي تكلم به.
8- هانذا ارجع ظل الدرجات الذي نزل في درجات احاز بالشمس عشر درجات الى الوراء فرجعت الشمس عشر درجات في الدرجات التي نزلتها.
9- كتابة لحزقيا ملك يهوذا اذ مرض و شفي من مرضه.
10- انا قلت في عز ايامي اذهب الى ابواب الهاوية قد اعدمت بقية سني.
11- قلت لا ارى الرب الرب في ارض الاحياء لا انظر انسانا بعد مع سكان الفانية.
12- مسكني قد انقلع و انتقل عني كخيمة الراعي لففت كالحائك حياتي من النول يقطعني النهار و الليل تفنيني.
13- صرخت الى الصباح كالاسد هكذا يهشم جميع عظامي النهار و الليل تفنيني.
14- كسنونة مزقزقة هكذا اصيح اهدر كحمامة قد ضعفت عيناي ناظرة الى العلاء يا رب قد تضايقت كن لي ضامنا.
15- بماذا اتكلم فانه قال لي و هو قد فعل اتمشى متمهلا كل سني من اجل مرارة نفسي.
16- ايها السيد بهذه يحيون و بها كل حياة روحي فتشفيني و تحييني.
17- هوذا للسلامة قد تحولت لي المرارة و انت تعلقت بنفسي من وهدة الهلاك فانك طرحت وراء ظهرك كل خطاياي.
18- لان الهاوية لا تحمدك الموت لا يسبحك لا يرجو الهابطون الى الجب امانتك.
19- الحي الحي هو يحمدك كما انا اليوم الاب يعرف البنين حقك.
20- الرب لخلاصي فنعزف باوتارنا كل ايام حياتنا في بيت الرب.
21- و كان اشعياء قد قال لياخذوا قرص تين و يضمدوه على الدبل فيبرا.
22- و حزقيا قال ما هي العلامة اني اصعد الى بيت الرب
حزقيا كان ملك قديس ولكن لنلاحظ أن القداسة لا تمنع المرض أو الموت.
آيات (2، 3) فوجه حزقيا وجهه إلى الحائط و صلى إلى الرب.و قال آه يا رب اذكر كيف سرت أمامك بالأمانة و بقلب سليم و فعلت الحسن في عينيك و بكى حزقيا بكاء عظيما.
لم تكن في العهد القديم فكرة واضحة عن حياة ما بعد الموت فكان الجميع يخافون الموت. وهنا نرى الاستجابة للصلاة التي صلاها حزقيا.
آية (5) اذهب و قل لحزقيا هكذا يقول الرب اله داود أبيك قد سمعت صلاتك قد رأيت دموعك هاأنذا أضيف إلى أيامك خمس عشرة سنة.
إضافة عمر لحزقيا فيها نبوة ورمز وإشارة لقيامة المسيح أبن حزقيا فكأن حزقيا أبن داود تزيد أيامه رمزاً للمسيح أبن داود الذي زادت أيامه بالقيامة ولهذا أشار المزمور (مز 61 :6)
آية (6) و من يد ملك أشور أنقذك و هذه المدينة و أحامي عن هذه المدينة.
ربما تشير هذه الآية أن هذه الحادثة وقعت قبل حصار أشور لأورشليم.
آية (10) أنا قلت في عز أيامي اذهب إلى أبواب الهاوية قد أعدمت بقية سني.
عز أيامي = كانت سنة وقتئذ 39 سنة وكان اليهود يعتقدون أن الله لو أحب أحداً يطيل أيامه، ولو مات مبكراً فكأن الله يطرده من أمامه.
آية (11) قلت لا أرى الرب في ارض الأحياء لا انظر أنسانا بعد مع سكان الفانية.
لا أرى الرب = لأن حزقيا كان يؤمن أنه يرى الرب في طقوس العبادة ولو مات فسيذهب إلى المجهول ولن يراه بعد ذلك.
آية (12) مسكني قد انقلع و انتقل عني كخيمة الراعي لففت كالحائك حياتي من النول يقطعني النهار و الليل تفنيني.
يشبه حياته بخيمة الراعي التي تبقى في مكانها مدة قليلة وهذه تعطى إحساس الغربة. وأنتقل عنى = إشارة لموت الجسد. لففت كالحائك = يشبه نفسه بحائك وأن حياته كنسيج قطعه من النول والنسيج لم يتم. تفنيني = يخاطب الرب هنا.
آيات (13، 14) صرخت إلى الصباح كالأسد هكذا يهشم جميع عظامي النهار و الليل تفنيني.كسنونة مزقزقة هكذا أصيح أهدر كحمامة قد ضعفت عيناي ناظرة إلى العلاء يا رب قد تضايقت كن لي ضامنا.
يصف هنا آلامه الشديدة ويصور أن الرب كأسد سمح بهذه الآلام عليه ليفنيه ويهشم عظامه. وكان يصيح كسنونة أي في ضعف إذ خفت صوته بسبب المرض. كن لي ضامناً = شبه نفسه بمد يون محكوم عليه بالحبس ولن يخرج إلا بمن يكفله.
آية (15) بماذا أتكلم فانه قال لي و هو قد فعل أتمشى متمهلا كل سني من اجل مرارة نفسي.
بعد قول إشعياء بزيادة عمره تحول للتسبيح، بماذا أتكلم = لا أستطيع أن أعبر عن شكري. وهو قد فعل = أي قد برأت وقد استفاد من المرض والتأديب فتواضع وتمشى متمهلاً وكان يذكر مرارة نفسه = ليتمهل بقية أيام حياته.
آية (16) آية السيد بهذه يحيون و بها كل حياة روحي فتشفيني و تحييني.
بهذه يحيون = أي بمواعيد الله ومر احمه يحيا الناس "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" كذلك بالتأديب يحيا الإنسان. فمن يثق في أن مواعيد الله وأحكامه هي للخير يحيا في سلام. وأما من لا يثق في هذا فيحيا في مرارة.
آية (17) هوذا للسلامة قد تحولت لي المرارة و أنت تعلقت بنفسي من وهدة الهلاك فانك طرحت وراء ظهرك كل خطاياي.
تعلقت نفسي من وهدة الهلاك = إختبر حزقيا الرب في ألمه أكثر مما إختبره فيه سلامته، فهو أحس بالله ينزل إليه في أعماق ضيقه ويرفعه ويخلصه ويطرح خطاياه ولا يذكرها بل يغفرها. وما جعل حزقيا يفرح بالأكثر هو غفران خطاياه.
آية (18) لان الهاوية لا تحمدك الموت لا يسبحك لا يرجو الهابطون إلى الجب أمانتك.
هذا الكلام من أفضل أتقياء العهد القديم يدل على جهلهم بما بعد الموت وقارن مع قول بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق.. فهذا أفضل جداً".
آية (19) الحى الحي هو يحمدك كما أنا اليوم الأب يعرف البنين حقك.
هو وعد الله بأن يربى إبنه في مخافة الرب، وقد فعل ولكن ليس ذنبه أن كبر منسى وأختار طريق الشر.
آيات (21، 22) و كان اشعياء قد قال ليأخذوا قرص تين و يضمدوه على الدبل فيبرا.و حزقيا قال ما هي العلامة أني اصعد إلى بيت الرب.
الدبل = دملة خبيثة والتين ليس فيه شفاء، بل أن الله يستخدم وسائط طبيعية من أجل تنفيذ أغراضه. وهكذا أستعمل الطين لخلق عيني الأعمى، والماء للمعمودية والزيت للميرون ومسحة المرضى والخبز والخمر للإفخارستيا فالإنسان جسد وروح، والتعامل مع الجسد يستلزم شيئاً ملموساً ومحسوساً.
ونلاحظ أنه في (2 مل 20 :8) حينما وعد إشعياء حزقيا بأنه لن يموت لم يسأل ما العلامة أنني أعيش، بل ما العلامة أن أصعد بيت الرب، فبيت الرب في قلبه.
الإصحاح التاسع والثلاثون
الآيات
1- في ذلك الزمان ارسل مرودخ بلادان بن بلادان ملك بابل رسائل و هدية الى حزقيا لانه سمع انه مرض ثم صح.
2- ففرح بهم حزقيا و اراهم بيت ذخائره الفضة و الذهب و الاطياب و الزيت الطيب و كل بيت اسلحته و كل ما وجد في خزائنه لم يكن شيء لم يرهم اياه حزقيا في بيته و في كل ملكه.
3- فجاء اشعياء النبي الى الملك حزقيا و قال له ماذا قال هؤلاء الرجال و من اين جاءوا اليك فقال حزقيا جاءوا الي من ارض بعيدة من بابل.
4- فقال ماذا راوا في بيتك فقال حزقيا راوا كل ما في بيتي ليس في خزائني شيء لم ارهم اياه.
5- فقال اشعياء لحزقيا اسمع قول رب الجنود.
6- هوذا تاتي ايام يحمل فيها كل ما في بيتك و ما خزنه اباؤك الى هذا اليوم الى بابل لا يترك شيء يقول الرب.
7- و من بنيك الذين يخرجون منك الذين تلدهم ياخذون فيكونون خصيانا في قصر ملك بابل.
8- فقال حزقيا لاشعياء جيد هو قول الرب الذي تكلمت به و قال فانه يكون سلام و امان في ايامي
بدأ هذا الإصحاح في الإشارة إلى سبى بابل، وكان من قبل يتكلم عن سبى أشور وما بعد هذا الإصحاح تحول الكلام إلى بابل كعدو للشعب، ولسبى بابل ثم الخلاص منه.
آية (1،2) في ذلك الزمان أرسل مرودخ بلادان بن بلادان ملك بابل رسائل و هدية إلى حزقيا لأنه سمع انه مرض ثم صح. ففرح بهم حزقيا و أراهم بيت ذخائره الفضة و الذهب و الاطياب و الزيت الطيب و كل بيت أسلحته و كل ما وجد في خزائنه لم يكن شيء لم يرهم إياه حزقيا في بيته و في كل ملكه.
كانت بابل في ذلك الوقت مازالت تحت حكم أشور ولكن نجمها بدأ يبزغ وبدأت تتمرد على أشور، وأرسل ملك بابل حزقيا يهنئه بالشفاء، بل ويستفهم عن الأعجوبة الفلكية في رجوع الظل، فهم في بابل كانوا يعبدون الشمس وكانت فرصة لحزقيا أن يشهد لإلهه. ولكن بكبريائه فشل. فكأنه نجح أمام ربشاقى ونشر رسائله وصلى طالباً معونة الرب أما هنا فرسب في هذه التجربة اليمينية (هنا نرى فائدة للتجارب المؤلمة مثل حصار أشور فقد قربت حزقيا لله ) ولكن مع التجربة اليمينية التي فيها تمجيد للذات لم يستشر الرب ولم يشهد له لان الرسائل كانت تمجد الملك بسبب ما حدث للشمس بسببه، وبسبب هزيمة أشور عدو بابل على أسوار أورشليم، بل وأتى رسل بابل معهم بهدايا فلم يسأل الرب عن الرسائل التي كان من المحتمل أنها تتضمن تجاديف على الله. وربما فكر حزقيا أن بابل لها مستقبل قوى ويمكن الإعتماد عليها أو التحالف معها. ولنسأل حزقيا ونسأل أنفسنا بعد كل ما ناله حزقيا من الله ماذا كان سيضاف إليه من هؤلاء الأمراء البابليين. بل كان يجب أن يشفق عليهم في وثنيتهم إذ هم لا يعرفون الله.
آية (3) فجاء اشعياء النبي إلى الملك حزقيا و قال له ماذا قال هؤلاء الرجال و من أين جاءوا إليك فقال حزقيا جاءوا إلي من ارض بعيدة من بابل.
كلام إشعياء فيه تحقير لهم من أين جاء هؤلاء الرجال. وجواب حزقيا فيه افتخار جاءوا إلىَ من أرض بعيدة.. فأنا أستحق هذا.
آيات (6، 7) هوذا تأتي أيام يحمل فيها كل ما في بيتك و ما خزنه إباؤك إلى هذا اليوم إلى بابل لا يترك شيء يقول الرب.و من بنيك الذين يخرجون منك الذين تلدهم يأخذون فيكونون خصيانا في قصر ملك بابل.
هذه نبوة واضحة بسبي بابل، وسبى بابل لم يحدث نتيجة هذه الخطية ولكن بسبب خطايا منسى ومن جاءوا بعده بل وخطايا الشعب كله ولكن ذكر السبي هنا كتوبيخ لحزقيا كمن يقول "هؤلاء الذين تفكر في التحالف معهم سيفعلون كذا....".
آية (8) فقال حزقيا لاشعياء جيد هو قول الرب الذي تكلمت به و قال فانه يكون سلام و أمان في أيامي
هنا حزقيا يعترف بخطيته ويسلم الأمر لإرادة الرب بعد أن أعطاه إشعياء درساً في التواضع.
ملحوظة : إظهار كل مخازن حزقيا ضد قول داود أن كل مجد ابنة الملك من داخل. لذلك علينا أن نحتفظ بعلاقتنا بالله سرا.ً
ص 1 – ص 35 نرى فيهم ما وصلت إليه البشرية من إنحطاط وموت
ص 36 – ص 39 نرى فيهم حزقيا سينتصر على الموت إشارة لان عدونا الأول أي الموت سيتم الانتصار عليه ولكن كيف ننتصر ؟
ص 40 – ص 66 نرى المسيح المخلص الذي سينقذنا من الموت مؤسساً كنيسته.
كورش الملك
فى الإصحاحات 40 – 66 يتكلم كثيراً عن كورش الملك فمن هو كورش
كورش من مملكة مادى وهو متسلسل من أستياجيس ملك ميديا. على أن البعض يقولون أنه لقيط. و أنه كان معرضاً للموت لولا أن أنقذته زوجة أحد الرعاة ولكن على أي الأحوال، كان رجلاً عبقرياً نشيطاً. وسريعاً ما صار معتبراً حين حاول ملك ليديا امتلاك بلاده فثار عليه حتى أمتلك هو ليديا نفسها المملكة الغنية جداً فاغتنى هو جداً. وكان غنى ملك ليديا (كروسيس) مضرباً للأمثال. ثم أستعمر باقي الممالك التي تتبع ليديا، وهذا شجعه على أن يهاجم بابل نفسها مع خاله داريوس الفارسى وبهذا أتحدت مادى وفارس. و كانت بابل محيطها 45 ميلاً أو أكثر وسورها 32 قدماً وارتفاعه 100 ذراع والبعض يصل تقديراته لضعف هذه الأرقام. ويقولون أنه كان يمكن ل 6 مركبات حربية أن تسير على سور بابل متوازية. وكان لبابل 100 باب نحاسي لها مزاليج من حديد. وعظمة بابل أغرى كورش على أن يخطط ويصمم على غزو بابل القوية الغنية. وهذه النبوات عن كورش قيلت قبل حدوثها ب 210 سنه وهكذا كان الله يعد الخلاص لشعبه حتى قبل أن يسقط في السبي ومن ناحية أخرى كان الله يعد زربابل قائد مسيرة العودة من السبي وكورش في كل ما سنقرأه عنه هو رمز للمسيح. فكما حرر كورش اليهود من سبى بابل حررنا المسيح من السبي الشيطاني الرهيب "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً" وكما بني المسيح هيكل جسده (الكنيسة) أصدر كورش أمراً ببناء الهيكل، وكما كسر كورش الأبواب الرهيبة المنيعة لبابل (رمز مملكة الشيطان) هكذا فعل المسيح إذ كسر مصاريح الهاوية وحرر الأموات، وكسر كل تحصينات إبليس وقال المؤرخين عن كورش أنه مثال أعلى للقوة مع البساطة والطهارة وضبط النفس أسماه الكتاب مسيح الرب فهو معين من قبل الرب لعمل خلاص لشعبه رمزاً للمسيح المخلص. و معنى أسم كورش شمس (المسيح شمس البر) وبالآرامية (راعي) رمز للمسيح.
خطة فتح بابل بواسطة كورش
كانت بابل قد أقامت أسوار حسب الرسم فيما عدا منطقة النهر إذ أن النهر هو عائق طبيعي. وأقامت مخازن للطعام تكفيها 20 سنة، ونهر الفرات يمدها بالماء. لذلك كان من العبث حصارها فمن الذي سيحاصر مدينة لمدة 20 سنة
ولكن جاء كورش بخطة عجيبة إذ وجد بحيرة جافة حفرتها
إحدى ملكات بابل لإقامة بحيرة صناعية. فحول مجرى النهر إليها
ولما جف مجرى نهر الفرات دخل جنود الفرس من خلال النهر إلى داخل بابل وفتحوا الأبواب من الداخل ليدخل بقية الجيش. وكانت بابل في هذه الليلة في حالة سكر من الملك للحراس. فضربهم كورش وجنوده ضربة عظيمة (دا 5) وهذه الخطة العسكرية تنبأ عنها إشعياء (ص 44، 45)
الإصحاح الأربعون
أفتتح السفر بالكشف عن مرارة ما وصل إليه الشعب من فساد، وما وصلت إليه البشرية كلها. وهنا نكتشف خطة الخلاص. لقد سبق وفارق مجد الرب الهيكل وذهب الشعب للسبي وهنا يعود الشعب وقائد المسيرة هو الله = أعدوا طريق الرب. هنا نرى الرب محرراً أولاده ويقودهم بنفسه في طريق الرجوع. وفى هذا إشارة لموكب المسيا الذي يدخل لحياة البشرية.
الجزء الأول من النبوة قد يكون غير معزى، ولكن الله أظهره ليعرفوا حالهم وحاجتهم لمخلص يظهره لهم. في الجزء الأول من النبوة يظهر الله أنه سيضرب. ولكننا نجده فى الجزء الثاني أنه يضرب ويجرح ليشفى. والمخلص الموعود به يظهر بوضوح في هذا الجزء الثاني.
ويقال أن النبي كتب هذا الجزء أثناء فترة حكم منسى الملك وكان النبي في شيخوخته، وقد رأى فظائع حكم منسى الذي أقام مذابح لكل جند السماء وسفك دماً بريئا كثيراً جداً حتى ملأ أورشليم، وتتشابه هنا حالة إشعياء الشيخ في رؤياه المعزية مع رؤيا يوحنا الشيخ في بطمس في فترة نفيه وألمه. وإشعياء هنا يتكلم كما لو كان في الروح يرى أحداثاً بعيدة ويظهر إشعياء في هذا الجزء عدة مواضيع.
1- لله: لا يوجد إلا إله واحد حقيقي فقط ويصف معرفته وقداسته وقدرته ويظهر حقارة الأوثان.
2- الشعب: وعود للمؤمنين بالتعزية ومواعيد الخلاص (من سبى بابل والخطية عموماً) وإنذار للأشرار بالتوبة ليرحموا.
3- المخلص: في حال أتضاعه وفى حال ارتفاعه.
4- الكنيسة: الدين الحقيقي لا ينحصر في أورشليم ولا في الهيكل فقد سمع الله لصلوات الشعب في بابل.
أما مضمون الإصحاح الأربعون هو أن الرب آتٍ إلى شعبه فعليهم أن يعزوا بعضهم ويهيئون الطريق له.
آية (1) عزوا عزوا شعبي يقول إلهكم.
عزوا عزوا = التكرار للتأكيد، وربما هي رسالة لليهود وللأمم. والمخاطبون هم معلمو الشعب مثل الأنبياء والكتبة. بل الشعب يعزى بعضه، وأحسن كلمة تعزية هي قوله شعبي. وإلهكم. أي لم يزال الله ألها لهم وهم شعبه بالرغم من سبيهم. هنا يتكلم عن التعزية وعن أن هناك خلاصاً. ولنتصور كم كانت هذه الآيات مشجعة لهم وهم في السبي. فالله يُعِد التعزية قبل أن تأتى المشكلة وعمل خدام الله بالروح القدس أن يعزوا. وتكرارها يشير لاهتمام الله بذلك ولأن بعض الناس يكونوا قد أغلقوا قلوبهم رافضين التعزية. ولاحظ محبة الله فبعد كلمات الوعيد السابقة تأتى التعزية. بل هو هنا يريد رفع روح اليأس من المسبيين. ومع أن الله يعطي وعود بالتعزية إلا أن التأديب لأبد أن يتم فلا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم (1بط 4 : 12 + 2 كو 1 :5).
آية (2) طيبوا قلب أورشليم و نادوها بان جهادها قد كمل أن إثمها قد عفي عنه أنها قد قبلت من يد الرب ضعفين عن كل خطاياها.
ما أحلى أن تكون لنا الأذن المدربة على سماع صوت الله حين يعزى القلب وتستطيع المحبة أن تكشف المحبة وأحلى ما تسمعه النفس أن حبيبها صفح عنها ولكن هناك نتائج للخطية فالسبي حدث بعد النبوة ولماذا القلب = هو مركز كل الانفعالات. ضعفين = عزاء الله يكون ضعف ما تألمنا به وحدث هذا مع أيوب حرفيا. والضعف نصيب البكر، ومسيحنا البكر ورث السماء والمجد لنرثهما.
آيات (3، 4) صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب قوموا في القفر سبيلا لإلهنا. كل وطاء يرتفع و كل جبل و أكمة ينخفض و يصير المعوج مستقيما و العراقيب سهلا.
صوت صارخ = لأن الإصحاحات (40 – 66) هي جزء إنجيلي لذلك نجدها تبدأ بالمعمدان، الصوت الصارخ في البرية (برية هذه الحياة القاحلة وينتهي هذا الجزء (40 – 66) بالسموات الجديدة والأرض الجديدة التي سمعنا عنها في سفر الرؤيا. و نلاحظ أن وعود النبي هنا بالخلاص هي وعود بخلاص أكبر بواسطة المسيح. أما بالنسبة لليهود فالصوت الصارخ هو الأنبياء والنبوات التي تبشر بأن وقت الخلاص قد جاء. وهذا الكلام ينطبق على المعمدان الذي جاء ليمهد القلوب بالتوبة (مت 3 : 2، 5) وهذا النداء ينطبق على حياتنا، فلكى يظهر مجد المسيح في حياتنا علينا أن نتوب. فيوحنا نادي بالتوبة وأعقب هذا معجزات المسيح. و علينا أن نقدم توبة ولا نخاف الناس فمهما كانت قوة الناس (البابليين مثلاًَ) فهم كعشب يموت ويتمجد الله. وبالتوبة كل جبل (متكبر) ينخفض = كل إنسان متكبر يتواضع وكل وطاء (صغير النفس) يثق في إلهه يرتفع فلنبشر بهذا للجميع.
والتمثيل هنا كأن الملك سيمر في طريق فيرسل أمامه من يمهد له الطريق والمسافة بين بابل وأورشليم (حوالي 3 – 4 أشهر) مملوءة بالمصاعب الطبيعية، جبال عالية وأودية سحيقة وعناد البابليين في إطلاق سراحهم ولكن هذا المنادى ينادى بأن كل جبل ينخفض وكل وطاء يرتفع أي كأنهم يمهدوا الطريق أمام الملك لمروره، وهذا النداء يطمئن الشعب بأن كل ما يعتبرونه عائقاً ووعراً في طريق العودة سيمهده الله لهم، وهذا ما يحدث في طريق التوبة لنعود إلى الله. ولقد أستعمل يوحنا المعمدان هذا التشبيه عن نفسه حينما سألوه من أنت. و هنا نسمع الصوت ولا نرى من أطلقه وهذا يعطى الأهمية للقول لا للقائل، فالله عبر العصور يتكلم من خلال خدامه، ونحن نستمع لا للخدام ولكن لصوت الله.
آية (5) فيعلن مجد الرب و يراه كل بشر جميعا لان فم الرب تكلم.
أعلن مجد الرب = أُعْلِن في العودة من السبى جزئياً وفى تجسد المسيح كلياً.
آيات (6 ، 8) صوت قائل ناد فقال بماذا أنادي كل جسد عشب و كل جماله كزهر الحقل. يبس العشب ذبل الزهر لان نفخة الرب هبت عليه حقا الشعب عشب. يبس العشب ذبل الزهر و أما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد.
سمع النبي صوتاً قائلاً ناد فقال بماذا أنادى. والمعنى ضعف الإنسان الذي يشبه العشب وقصر أيامه وأمانة الله فلماذا يخافون البابليين.
آيات (9، 10) على جبل عال اصعدي يا مبشرة صهيون ارفعي صوتك بقوة يا مبشرة أورشليم ارفعي لا تخافي قولي لمدن يهوذا هوذا إلهك. هوذا السيد الرب بقوة يأتي و ذراعه تحكم له هوذا أجرته معه و عملته قدامه.
هنا نرى الكنيسة التي قامت على أساس الرسل. هنا نرى البشارة بالرجوع من السبي ونمو أورشليم كرمز للبشارة الإنجيلية المفرحة.
يا مبشرة صهيون = كانت مريم المجدلية أول من بشر بالقيامة، ومعنى الآية هنا أن التلاميذ المبشرون عليهم أن يعلنوا البشارة بصوت عالٍ. فالمبشرون هم من حملوا البشارة للعالم. و سماها هنا مبشرة صهيون وسبق أن سماها بنت أورشليم فهي عروس المسيح التي تحمل البشارة، هي الكنيسة كلها. الجبل العالي = هو الكنيسة الجديدة. وذراعه تحكم له = الذراع تعنى المسيح فالمسيح هو قوة الله وحكمته والذراع رمز للقوة (1 كو 1 :24) هوذا أجرته = قد تعنى البركات التي يعطيها عند مجيئه وقد تعنى أن المسيح سيحصل على أجرته عن عمله الفدائي، وما هى أجرته التي سيفرح بها ؟ هم المؤمنون الذين سيصبحون له. كما أن يعقوب أخذ أجرته قطعاناً من الغنم، وهذا التفسير الأخير يتمشى مع ما بعده. وعملته قدامه = His work أي الذين خلصهم بيديه وآمنوا به.
آية (11) كراع يرعى قطيعه بذراعه يجمع الحملان و في حضنه يحملها و يقود المرضعات.
المسيح هو الراعي الصالح الذي يُربِض القطيع في مراع خضر ويورده إلى مياه الراحة ويرحم الضعيف.
آيات (12-17) من كال بكفه المياه و قاس السماوات بالشبر و كال بالكيل تراب الأرض و وزن الجبال بالقبان و الآكام بالميزان. من قاس روح الرب و من مشيره يعلمه. من استشاره فافهمه و علمه في طريق الحق و علمه معرفة و عرفه سبيل الفهم. هوذا الأمم كنقطة من دلو و كغبار الميزان تحسب هوذا الجزائر يرفعها كدقة. و لبنان ليس كافيا للايقاد و حيوانه ليس كافيا لمحرقة. كل الأمم كلا شيء قدامه من العدم و الباطل تحسب عنده.
الله يظهر لشعبه أنه راع متواضع، وهنا يظهر قوته وجبروته. في آية (11) نراه راع لشعبه. وهنا نراه جباراً أمام أعداء شعبه وسيخلص قطيعه بقوة. ونرى هنا إن كان الله يهتم ويضبط الخليقة الجامدة فهل يتركنا نحن قطيعه. كان الشعب الذي ذهب إلى بابل قد رأوا عظمة البابليين ورأوا الآلاف منهم يسجدون لآلهتهم في هياكلهم الجبارة الذهبية وأصنامهم الذهبية. والنبي هنا يوجه الأنظار لله ويقول أنه ليس مثله.
آية (12) من كال بكفه المياه و قاس السماوات بالشبر و كال بالكيل تراب الأرض و وزن الجبال بالقبان و الآكام بالميزان.
المكاييل والمقاييس المذكورة هنا صغيرة (كف / شبر / كيل) ولكن بهذه المكاييل يكيل الله الأرض فكف الله يسع كل البحار. إذا المقصود إظهار عظمة الله. و قد يكون هؤلاء المسبيون ظنوا أن الله تركهم ولكن علينا أن نثق أن الله لا يترك شعبه لكن الله له طرقه التي قد لا نفهمها. و علينا أن نردد هذا في ضيقاتنا.
آيات (13 – 15) من قاس روح الرب و من مشيره يعلمه. من استشاره فافهمه و علمه في طريق الحق و علمه معرفة و عرفه سبيل الفهم. هوذا الأمم كنقطة من دلو و كغبار الميزان تحسب هوذا الجزائر يرفعها كدقة
نا نرى الله كلى الحكمة، ولكن خطته غير خطة البشر وأفهامه تعلو على أفهامنا وتدابيره تعلو عن تدابيرنا (رو 11 :34) بل الأمم القوية التي ترعبهم وتريد أن تحكم العالم كبابل (الشياطين) ما هي إلا نقطة في دلو وليس المقصود بروح الله هنا الروح القدس الأقنوم الثالث، بل قدرة الله فالمقصود من يستطيع أن يعرف قدرة إلهنا وما الذي يستطيعه بقدراته. هوذا الأمم كنقطة تسقط من دلو = فلا يشعر بها أحد. كدقة = شيء صغير جداً.
آيات (16 – 17) و لبنان ليس كافيا للايقاد و حيوانه ليس كافيا لمحرقة. كل الأمم كلا شيء قدامه من العدم و الباطل تحسب عنده.
المقصود لا شيء يستطيع أن يكفر عن الخطية، لا كل حيوان لبنان ولا كل أخشابه كافية فالخطية مريعة جداً. لا شيء يغفر سوي الصليب.
آيات (18-26) فبمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون به. الصنم يسبكه الصانع و الصائغ يغشيه بذهب و يصوغ سلاسل فضة. الفقير عن التقدمة ينتخب خشبا لا يسوس يطلب له صانعا ماهرا لينصب صنما لا يتزعزع. ألا تعلمون ألا تسمعون الم تخبروا من البداءة الم تفهموا من أساسات الأرض. الجالس على كرة الأرض و سكانها كالجندب الذي ينشر السماوات كسرادق و يبسطها كخيمة للسكن. الذي يجعل العظماء لا شيء و يصير قضاة الأرض كالباطل. لم يغرسوا بل لم يزرعوا و لم يتأصل في الأرض ساقهم فنفخ أيضا عليهم فجفوا و العاصف كالعصف يحملهم. فبمن تشبهونني فأساويه يقول القدوس. ارفعوا إلى العلاء عيونكم و انظروا من خلق هذه من الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء لكثرة القوة و كونه شديد القدرة لا يفقد احد.
عتاب لمن يذهبون ويتعبدون للأوثان. ولا أحد يتعبد لأوثان هذه الأيام. ولكن هناك من يتعبد كمستعبد لشهواته أو للمال.
آية (21) حتى الطبيعة تشهد أن هناك إلهاً وراءها، صنعها وخلقها ويدبرها وهذا واضح لليهود من كتبهم وواضح للوثنيين من الطبيعة (رو 1 : 19، 20).
(22) هنا يتكلم عن الأرض ككرة قبل أن يكتشف ذلك بقرون، وقت أن كانوا يقولون أنها منبسطة. الجندب = جراد صغير ضعيف جداً. كسرادق = غطاء من نسيج ناعم كالستارة. كخيمة = السموات التي نارها أعظم شيء هي عند الله كخيمة يمكن أن يطويها (لذلك قيل أن السموات ستزول ) آيات (23 – 25) سبق أن قابل الرب بالخليقة وهنا يقابله بالملوك والعظماء.
لم يغرسوا = المقصود أن الملوك بشر يموتون وممالكهم تخرب وهم لا يقدرون أن يقاوموا الله ولا يجروا مقاصدهم، بل كالعصافه تحملها الريح.
آية (26) يسمى النجوم = الجند والله يعرفها واحداً واحداً وهكذا يعرف البشر واحداً واحداً. الفلك يظهر عمل الله وقدراته.
آيات (27 – 31):-
27- لماذا تقول يا يعقوب و تتكلم يا اسرائيل قد اختفت طريقي عن الرب و فات حقي الهي.
28- اما عرفت ام لم تسمع اله الدهر الرب خالق اطراف الارض لا يكل و لا يعيا ليس عن فهمه فحص.
29- يعطي المعيي قدرة و لعديم القوة يكثر شدة.
الله يعاتب المسبيين ليأسهم في الخلاص وقوله يا يعقوب ليذكرهم بوعده لأبيهم لتقواه، فهنا يحثهم أن يصيروا مثله.
آية (27) عتاب لليهود أنهم يتصورون أن الله لا يرى طريقهم ولا يهتم بهم.
وفات حقي إلهي = حقي في الخلاص لم يعطه لي الله، لأنهم كانوا مظلومين في بابل.
يعطي المعيي قدرة و لعديم القوة يكثر شدة.
آية (29) الله يعمل في الضعيف فيتقوى "قوتي في الضعف تكمل" ولنلاحظ أن الخطية تضعف إيماننا ولكن الله يعطى قوة.
آيات (30، 31) الغلمان يعيون و يتعبون و الفتيان يتعثرون تعثرا. وأما منتظرو الرب فيجددون قوة يرفعون أجنحة كالنسور يركضون و لا يتعبون يمشون و لا يعيون.
قد يثق الشبان في قوتهم ولكنهم سريعاً ما يخوروا. ولكن من يعتمد على الله تكون له قوة متجددة ويحلق عالياً تجاه الله وذلك بالروح القدس، روح القوة. انتظار الرب أي ترجى عونه بالصبر في المحن مع التأكد أنه لا يتباطأ. والله يمنح قوة جديدة لكل مهمة جديدة ولكل تجربة جديدة. يرفعون أجنحة كالنسور = تشير لإيمان قوى به ينتظرون الرب.
الإصحاح الحادي والأربعون
هذا الإصحاح يتلخص في قول إيليا المشهور إن كان الله هو الله فاعبدوه وإن كان البعل هو الله فاعبدوه. يدعو الله أقصاء الأرض، أي الجزائر، والمعنى كل الأرض لتحدد بمنطق بسيط من يستطيع أن يخبر بالمستقبل (21 – 23) ثم بدأ هو يتنبأ بأن هناك ملك يخرج من المشرق، وهو كورش، ولاحظ أن كورش المخلص رمز للمسيح المخلص من سبى إبليس. وحينما يعلن الله هذا التحدي تبدأ الأصنام في التحدي بل الانهيار فيرجمونها ويشدد النجار الصائغ ليشدد الآلهة صنعته (5-7) ويجمعون أدلة أوهي من خيوط العنكبوت لأن الأنبياء الكذبة كانوا يردون بردود عائمة أو نبوات كاذبة، أما نبوات الله ففي منتهي الدقة، ولا حيلة لكهنة الأوثان لكي يداروا آلهتهم إلا أن يضعوا على أوثانهم أجمل المجوهرات. ثم يؤكد الرب لشعبه أنه معهم وسيحفظهم ويعتني بهم.
آية (1) أنصتي إلي أيتها الجزائر و لتجدد القبائل قوة ليقتربوا ثم يتكلموا لنتقدم معا إلى المحاكمة.
فلتنصت الجزائر = قيل أنها البلاد البعيدة وقيل أنهم اليهود الذين ذهبوا بعيداً إلى بابل وأحاط بهم البابليين من كل مكان كالماء الذي يحيط جزيرة، بل حاصرتهم التجارب. ولكن المعنى المقصود هو أنها رسالة لكل العالم أن ينصت = إنصتى = فنحن لن نسمع صوت الله ما لم نصمت ونقترب. ليقتربوا. من الله ونبتعد عن ضجيج العالم. ولتجدد القبائل قوة = فعليهم أن يثبتوا إدعائهم بأن آلهتهم قادرة على التنبؤ بالمستقبل كما يفعل الله إنصتى فالموضوع هام. بالتواضع الله الذي يدخل في المحاكمة مع خليقته.
آية (2) من انهض من المشرق الذي يلاقيه النصر عند رجليه دفع أمامه أمما و على ملوك سلطه جعلهم كالتراب بسيفه و كالقش المنذري بقوسه.
كورش هو هذا الإنسان والصفات التي قيلت عنه هنا تنطبق عليه تماماً وذكره هنا يناسب إطلاق اليهود من السبي. صار أعظم ملك في العالم، وأشتهر بالشجاعة والسرعة في الحرب والحكمة والعدل والكرامة وله اعتبار خاص في الكتاب المقدس، أستخدمه الله كآلة لإرجاع شعبه من السبي. قال كورش في نهآية حياته، أنه "لم يبتدئ عملاً إلا نجح فيه" كالقش المنذرى = البابليين (رمز للشياطين) يلاقيه النصر عند رجليه = له سرعة حركة. ولقد عرف كورش بالعدالة أما جيشه فاشتهروا بالشراسة. من المشرق = فالمسيح هو شمس البر إلا أن كورش أيضاً جاء من الشرق.
آية (3) طردهم مر سالما في طريق لم يسلكه برجليه.
مر سالماً = لحكمته كانت خسائره في الحروب أقل ما يمكن. طريق لم يسلكه برجليه = كان سريعاً كأنه من الطيور كأنه لا يمس الأرض (دا 8 :5) وإذا فهمنا الآية على المسيح فهي سرعة انتشار الإنجيل.
آية (4) من فعل و صنع داعيا الأجيال من البدء أنا الرب الأول و مع الآخرين أنا هو.
من فعل = الرب هو الذي أنجح كورش (عز 1 :2) وكورش أعترف بهذا والله عمل ويبقى عاملاً مع شعبه من البدآية للنهآية والله سمى نفسه هنا الأول والآخر. ومع الآخرين أنا هو = هو يهوة الذي يتكلم. وبهذا يصير المسيح هو يهوة فهذا أسمه الذي قاله عن نفسه الأول والآخر (رؤ 1 : 17) والمعنى أنه بلا بدآية موجود قبل كون العالم، أبدى لا ينتهي، ضابط الكل. الكل مكشوف أمامه الماضي والحاضر والمستقبل، هو الذي يحكم العالم وأحكامه لا تتغير، إذاً فهو الذي أتى بكورش وها هو يخبر عنه قبل مجيئه ب 200 سنه.
آية (5) نظرت الجزائر فخافت أطراف الأرض ارتعدت اقتربت و جاءت.
كل الممالك ارتعدت حينما سمعت خبر كورش، وكل الممالك قامت ضده فيما يشبه الوحدة (بابل ومصر وغيرهما).
آيات (6،7) كل واحد يساعد صاحبه و يقول لأخيه تشدد. فشدد النجار الصائغ الصاقل بالمطرقة الضارب على السندان قائلا عن الإلحام هو جيد فمكنه بمسامير حتى لا يتقلقل.
كان استعدادهم بصنع آلهة جديدة لفشل ما عندهم، أو هم يصلحون ويشددون ما عندهم. ولكن المعنى يشير لأبعد من ذلك كما قلنا سابقاً أن الأصنام وصانعوها في حالة تحدى لله. هنا نرى ثورة الوثنيين دفاعاً عن آلهتهم كما فعل الافسسيين لأرطاميس (اع 28:19) هم يدافعون عن آلهتهم أما نحن فلنا إله يدافع عنا حتى ونحن صامتين.
آية (8) و أما أنت يا إسرائيل عبدي يا يعقوب الذي اخترته نسل إبراهيم خليلي.
أما أنت يا إسرائيل = الأمم التي تعتمد على أوثانها خافت، أما إسرائيل المتكل على الرب فلا يخاف لأنه يؤمن أن كل الأمور تعمل للخير لشعب الله.
آية (9) الذي أمسكته من أطراف الأرض و من أقطارها دعوته و قلت لك أنت عبدي.
الذي أمسكته = أولاً الله أمسك إبراهيم ودعاه من أور، ثم أمسك أولاده ودعاهم من مصر وأخرجهم من عبوديتها وصاروا له.
الآيات (10) لا تخف لأني معك لا تتلفت لأني إلهك قد أيدتك و أعنتك و عضدتك بيمين بري.
الآيات (10-20) آيات تشجيع للمسبيين ولشعب الله في كل مكان، فالله قوة للضعيف، وهو يروى النفس العطشانة دائما. و لاحظ تكرار قوله لا تخف فالخوف يفقدنا سلامنا الداخلي، والخوف عموماً سببه الشعور بالوحدة أما نحن فالمسيح المخلص أتى ليسكن داخلنا ولا يتركنا في احتياج.
الآيات (11: 13) انه سيخزى و يخجل جميع المغتاظين عليك يكون كلا شيء مخاصموك و يبيدون. تفتش على منازعيك و لا تجدهم يكون محاربوك كلا شيء و كالعدم. لأني أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف أنا أعينك.
لم يتصور أحد في أيام السبي أن يفتش عن البابليين فلا يجدهم.
آية (14) لا تخف يا دودة يعقوب يا شرذمة إسرائيل أنا أعينك يقول الرب و فاديك قدوس إسرائيل.
دودة يعقوب = تشير لضعف اليهود وعدم استحقاقهم. وقد داسهم فرعون كدودة فعلاً، وهكذا فعل نبوخذ نصر وباد الجبابرة وبقى شعب الله. فاديك = كلمة فادى بالعبراني تعنى الذي يفك المبيع (لا 25:25) فحين يفتقر أحد ويبيع من ملكه يأتي أخر (وليُه) ويفك مبيع أخيه، والولي هو الفادى، والكلمة تفيد أيضاً الذي يخلص من الخطية. فيكون بهذا كورش في هذه النبوءة رمزاً للمسيح الذي فك ديننا وخلصنا وحررنا.
آية (15) هاأنذا قد جعلتك نورجا محددا جديدا ذا أسنان تدرس الجبال و تسحقها و تجعل الآكام كالعصافة.
إذا كنا في نظر أنفسنا دودة لكن الله قادر أن يجعلنا نوارج قادرة على سحق الجبال، والجبال هي إنساننا القديم المتكبر، والله يخرج من الضعف قوة. وهكذا ذلل الله لهم كل الصعاب للعودة.
آية (16) تذريها فالريح تحملها و العاصف تبددها و أنت تبتهج بالرب بقدوس إسرائيل تفتخر.
هنا نرى صورة لعمل الجهاد مع النعمة فإسرائيل تذريها (الجهاد) أما الريح التي تحملها فهي إشارة للنعمة. فعمل الإنسان لازم بجانب نعمة الله والنتيجة المؤكدة هي فرح يملأ قلب المؤمن تبتهج وتفخر.
آيات (17-20) البائسون و المساكين طالبون ماء و لا يوجد لسانهم من العطش قد يبس أنا الرب استجيب لهم أنا اله إسرائيل لا اتركهم. افتح على الهضاب انهارا و في وسط البقاع ينابيع اجعل القفر أجمة ماء و الأرض اليابسة مفاجر مياه. اجعل في البرية الأرز و السنط و الاس و شجرة الزيت أضع في البادية السرو و السنديان و الشربين معا. لكي ينظروا و يعرفوا و يتنبهوا و يتأملوا معا أن يد الرب فعلت هذا و قدوس إسرائيل أبدعه.
نبوة بحلول الروح القدس فالله يشبع ويروى (يو 7 : 37، 38) والبائسون هنا هم مساكين إسرائيل في السبي أو المساكين بالروح (المتواضعين) وهم الجياع والعطاش إلى البر.
آيات (21 – 24) قدموا دعواكم يقول الرب احضروا حججكم يقول ملك يعقوب. ليقدموها و يخبرونا بما سيعرض ما هي الأوليات اخبروا فنجعل عليها قلوبنا و نعرف أخرتها أو أعلمونا المستقبلات.اخبروا بالآتيات فيما بعد فنعرف أنكم آلهة و افعلوا خيرا أو شرا فنلتفت و ننظر معا. ها انتم من لا شيء و عملكم من العدم رجس هو الذي يختاركم.
كان الوثنيون يعتبرون أن معرفة المستقبل هي أهم شيء بالنسبة للعبادة الوثنية، وكان الوثنيون يعتبرون الآلهة كملوك لهم مثل مولك أو ملكوم اله العمونيين وأدرملك إله لسفروايم. وها هو الله يعلن أنه هوالملك الحقيقي لشعبه = ملك يعقوب، فهو إلههم وملكهم وواضع شريعتهم. ما هي الأوليات = أي الأشياء الأولية التي حدثت قبلاً. أي المقصود دعهم يروننا نبوءاتهم السابقة التي تحققت. و افعلوا خيراً أو شراً = فهم لا يستطيعون أن يفعلوا شر نخاف منه. وهم بطبيعتهم غير قادرين على فعل الخير وهذا يعطينا اطمئنان أنه ليس في سلطة أعدائنا أن يضروننا أو يسيئون إلينا.
آية (25) قد أنهضته من الشمال فأتى من مشرق الشمس يدعو باسمي يأتي على الولاة كما على الملاط و كخزاف يدوس الطين.
بعد أن أخجل الله عبدة الأوثان وأظهر لهم جهل آلهتهم بالمستقبل ها هو يخبرهم بالمستقبل ويكلمهم عن كورش مرة أخرى= أنهضته من الشمال ..... من مشرق الشمس = بلاد فارس شرق بابل وبلاد مادي إلى جهة الشمال الشرقي. يدعو بأسمى = فكورش أعترف بأن الرب هو إله السماء (عز 1 :1 – 4) وهو قد داس ملوك كثيرون. ولكن معنى الآية الأبعد عن المسيح شمس البر الذي أشرق من الشمس وجاء من الشمال أي الناصرة، فالناصرة شمال أورشليم، وهو أتى ليدوس ملوك الأرض أي الشياطين والكل يخضع له.
آيات (26 – 29) من اخبر من البدء حتى نعرف و من قبل حتى نقول هو صادق لا مخبر و لا مسمع و لا سامع أقوالكم. أنا أولا قلت لصهيون ها ها هم و لأورشليم جعلت مبشرا. و نظرت فليس إنسان و من هؤلاء فليس مشير حتى اسألهم فيردون كلمة ها كلهم باطل و أعمالهم عدم و مسبوكاتهم ريح و خلاء
حتى نعرف = المتكلم هنا هو الرب وشعبه المؤمنون به. وهم يفتشون (الله وشعبه) لو هنا من هو صادق في نبوءاته به ليصدقوه. و الله وحده هو الذي أخبر شعبه سابقاً بخبر عودتهم من السبي ها ها هم. و لأورشليم جعلت مبشراً = الله يخبر شعبه بأنه أول من بشرهم بعودتهم من السبي على يد كورش المخلص. وليس إنسان = لم يوجد إنسان ليرد حتى يُعتبر إلهاً لذلك صاروا كلهم خلاء أي لا شيء.
الإصحاح الثاني والأربعون
تكلم من قبل عن يوحنا المعمدان كسابق للمسيح. والآن يتكلم عن المسيح نفسه.
مضمون الإصحاح عبد الرب. وخلاص شعب الله والصعوبات الواقعة في طريق هذا الخلاص، ومنها عدم إيمان إسرائيل. ويسمى هنا أيضاً إسرائيل عبد الرب، فالمسيح رأس الكنيسة، أخلى ذاته أخذا صورة عبد مشابهاً عروسه وكنيسته، صار عبداً ليحملها إلى أمجاده، وكنائب عنا أطاع الآب حتى يحقق خلاصها ويثبتها فيه فتحسب مطيعة وتصير موضع سرور الآب (أف 1 : 3-5) فإذا وجدنا وصفاً أن عبد الرب أعمى وأصم فهو يقصد شعب إسرائيل الذي لم يعرفه ورفض وإن قال عنه مختارى فهو المسيح.
آيات (1-4) قيلت عن المسيح في (مت 12 : 17 – 21) ويسميه عبدي لطاعته وخضوعه لمشيئة الأب. هو جاء ليعلن سر الحب العملي خلال البذل في (2 : 5-8)
آية (1) هوذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم.
هوذا عبدي = فالمسيح أخذ شكل العبد وغسل الأقدام، بل قبل الإهانة من عبد رئيس الكهنة الذي لطمه. مختارى = المسيح هو الوحيد الذي يستحق هذا اللقب فهو قد قدم الكمال للإنسانية فأشبع رغبة السماء في كمال الإنسان. سرت به نفسى = هذا هو أبنى الحبيب الذي سررت به وسرور الآب به هو سرور أزلي، فهو الابن المحبوب (أف 1 :6) وسروره به أيضاً لطاعته وسروره بالبشر الذين ساروا بطاعته أبناء لله. وأعلن هذا وقت العماد. فيخرج الحق للأمم = هو الحق جاء للأمم ليقبلوه فى حياتهم كسر خلاص
آية (2) لا يصيح و لا يرفع و لا يسمع في الشارع صوته.
بهذا تميز المسيح عن الأنبياء الكذبة فهو لم يستعمل القوة ولم يوبخ بشدة لا يصيح = في انتصاراته هادئ ولا يصيح ويدق الطبول مثل أمراء العالم. ولا يصيح تعطينا فكرة أننا لا نسمع صوته سوى في الهدوء والسكون حينما نقترب إليه.
آية3:- قصبة مرضوضة لا يقصف و فتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق.
هنا نرى اهتمامه بكل واحد مهما ضعف، فهو يهتم بالنفوس المحطمة ليبعث فيها الرجاء... هو السامرى الصالح. يخرج الحق = كأن الحق كان مخفيً والظلام غالب في العالم وجاء المسيح ليظهره ويثبته ويديمه.
آية (4) لا يكل و لا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض و تنتظر الجزائر شريعته.
آية(5):- هكذا يقول الله الرب خالق السماوات و ناشرها باسط الارض و نتائجها معطي الشعب عليها نسمة و الساكنين فيها روحا.
كان المسيح في الظاهر ضعيفاً، ولكنه كان في منتهى القوة أمام إبليس ولم يتأثر بكل تعييرات الفريسيين ولم يخاف الموت. الجزائر = الأمم البعيدة (أمريكا / إنجلترا).
آية (6) أنا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك و أحفظك و أجعلك عهدا للشعب و نورا للأمم.
آية(7):- لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة.
بر = قد تعنى بر الله أي الذي يحكم بعدل فهو لا يبارك للأشرار بل يعاقبهم، ولا يسمح للأقوياء بظلم الضعفاء وتعنى صدقه وأمانته في تتميم مواعيده وقد تعنى بر الإنسان وهذا تعبير يشير لعدل الإنسان واستقامته ولكن ليس بار ولا واحد، البار الوحيد هو الله. وبهذا يكون بر المؤمن يعنى أن الله يغفر له خطاياه ويعطيه من برالمسيح "الذي بلا خطية صار خطية لأجلنا لنصبح نحن بر الله فيه". وأجعلك عهداً = العهد الجديد هو عهد النعمة والمسيح بدمه صار هو العهد الجديد بين الله والإنسان، هو صار ذبيحة قادرة على إقامة ميثاق بين الآب والإنسان، وصار وسيطاً بين الله والإنسان.
نوراً للأمم = النور يشير لأنه يفتح بصيرتنا الداخلية لنعاين النور ونعرف طريق الخلاص (يو 1 : 9). وهذا ما نراه في آية (7).
آية (8) أنا الرب هذا اسمي و مجدي لا أعطيه لأخر و لا تسبيحي للمنحوتات.
آية(9):- هوذا الاوليات قد اتت و الحديثات انا مخبر بها قبل ان تنبت اعلمكم بها.
الأوليات = النبوءات السابقة قد حدثت الحديثات = نبوءات عن كورش (المسيح).
والمعنى أن المسيح هو الله ربنا فحين يقول مجدى لا أعطيه لآخر والمسيح ستمجده الشعوب إذاً فالمسيح هو الله.
آيات (10 – 13) غنوا للرب أغنية جديدة تسبيحه من أقصى الأرض آيةا المنحدرون في البحر و ملؤه و الجزائر و سكانها.لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا. ليعطوا الرب مجدا و يخبروا بتسبيحه في الجزائر. الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف و يصرخ و يقوى على اعدائه.
هذه أغنية المفديين من اليهود والأمم (رؤ 7 : 10) والمسيح أتى ليحارب إبليس وما زال يحاربه فينا. فهو كرجل حروب. قيدار = بلاد العرب. وسالع = عاصمة أدوم. و الجزائر = أي البلاد البعيدة. وينهض غيرته = قام في ملء الزمان ليخلص شعبه لغيرته عليهم. تسبحة جديدة = هي دائماً جديدة. لا تشيخ ولا تقدم لأنها تعبر عن حياة الفرح السماوي. من أقصى الأرض = كل المؤمنين عملهم سيكون التسبيح. و نلاحظ هنا أن أدوم من ضمن الذين يسبحوا الله أي آمنوا به. ولنقارن مع النبوات السابقة عن خراب أدوم (ص 34 مثلاً) فنفهم أن المعنى أن الله لا توجد عداوة بينه وبين أي من البشر فهو يريد أن الجميع يخلصون، وها أدوم تؤمن وتسبح وغيرها إشارة لإيمان كل الأمم. و لكن حين يتحدث عن خراب أدوم فيكون المعنى لمن يرمز له أدوم أي الشيطان ومن يتبعه.
آية (14) قد صمت منذ الدهر سكت تجلدت كالوالدة أصيح انفخ و انخر معا.
أي أن الله كان يتمنى أن يكون الخلاص فور سقوط آدم. ولكن هناك دائماً وقت محدد يسميه الكتاب ملء الزمان هو الوقت الذي يراه الله مناسباً ليتم العمل. والتشبيه هنا كوالدة = لأننا نولد ولادة جديدة (غل 4 :19) يا أولادي الذين أتمخض بهم إلى أن يتصور المسيح فيهم والمخاض هنا يساوى =أنفخ وأنخر. وتفسر هذه الآية على المدى القريب بالخلاص من بابل وولادة أمة جديدة.
آية (15) أخرب الجبال و الآكام و أجفف كل عشبها و اجعل الأنهار يبسا و أنشف الآجام.
الجبال والآكام = هم كل من يرتفع على الله. والأنهار والآجام يشيروا للممالك. لأن الأنهار مصدر الخيرات والحياة. فمن لم يبارك الله على عطاياه من العدل أن يحرمه الله من هذه الخيرات.
آية (16) و أسير العمى في طريق لم يعرفوها في مسالك لم يدروها أمشيهم اجعل الظلمة أمامهم نورا و
المعوجات مستقيمة هذه الأمور افعلها و لا اتركهم.
العمى هنا هم الأمم الوثنية التي قادها الله في طريق الإيمان الذي لم يعرفوه من قبل.
آية (17) قد ارتدوا إلى الوراء يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتن ألهتنا.
قد ارتدوا = يخزى عبدة الأوثان من أوثانهم بعد إيمانهم بالمسيح.
آية (18) آيةا الصم اسمعوا آية العمى انظروا لتبصروا.
هنا الرب يكلم شعبه إسرائيل وقال عنهم عمى وصم لأنهم رفضوا المسيح ولم يعرفوه. والصمم والعمى ينشئان عن الخطايا.
آيات ( 19 ،20) من هو أعمى إلا عبدي و أصم كرسولي الذي أرسله من هو أعمى كالكامل و أعمى كعبد الرب. ناظر كثيرا و لا تلاحظ مفتوح الأذنين و لا يسمع.
من هو أعمى إلا عبدي = عبد الرب هنا هو إسرائيل الذي أرسله الله كرسول وسط الأمم ليشهدوا لله، والله وضع في وسطهم الهيكل وأعطاهم الشريعة وكل شيء ليكونوا كالكامل = إذ أنتظر منهم القداسة ولكنهم استمروا في عماهم. ناظر كثيراً ولا تلاحظ = فالمسيح صنع في وسطهم الكثير ولم يعرفوه.
آية (21) الرب قد سر من اجل بره يعظم الشريعة و يكرمها.
الرب من أجل أمانته في تتميم مواعيده وبالرغم من عماهم سُرَ أن يخلصهم ويعظم شريعته التي أعطاها لهم ولأبائهم.
آية (22) و لكنه شعب منهوب و مسلوب قد اصطيد في الحفر كله و في بيوت الحبوس اختباوا صاروا نهبا و لا منقذ و سلبا و ليس من يقول رد.
الله يريد أن يخلصهم ولكنهم لم يريدوا (مت 23 : 37) ونرى هنا الآلام التي سيعانون منها إذ رفضوا المسيح وصلبوه.
آيات (23- 25) من منكم يسمع هذا يصغى و يسمع لما بعد. من دفع يعقوب إلى السلب و إسرائيل إلى الناهبين أليس الرب الذي أخطانا إليه و لم يشاءوا أن يسلكوا في طرقه و لم يسمعوا لشريعته. فسكب عليه حمو غضبه و شدة الحرب فاوقدته من كل ناحية و لم يعرف و أحرقته و لم يضع في قلبه.
هي شرح للآية (22).
الإصحاح الثالث والأربعون
انتهينا في الإصحاح السابق لأن الشعب عاند الله، فقبل الله الأمم يعقوب الحقيقي، وإسرائيل الله (غل 6 : 16) ومن قبل الإيمان من اليهود كانوا هم البقية التي خلصت ولكن دخل للإيمان الأمم الذين فداهم المسيح.
آية (1) والآن هكذا يقول الرب خالقك يا يعقوب و جابلك يا إسرائيل لا تخف لأني فديتك دعوتك باسمك أنت لي.
فديتك = الله فدى الشعب اليهودي سابقاً بخروف الفصح (فداء الأبكار) وفدى الكنيسة بالمسيح فصحنا (1 كو 5 : 7). دعوتك باسمك = فهي دعوة خصوصية من المسيح لكنيسته، وما يعزى في هذه الآية أن المسيح يعرفني بإسمى ويدعوني للدخول معه في علاقة حب. أنت لي = الرب يحبنا ويعتني بنا للأبد وبصورة جزئيه فهذه الآية تعنى خلاص اليهود من سبى بابل.
آية (2) إذا اجتزت في المياه فانا معك و في الأنهار فلا تغمرك إذا مشيت في النار فلا تلذع و اللهيب لا يحرقك.
طريقة الرب لا أن يخرجنا من نار التجارب، أو من ماء الضيقات الذي يغرقنا بل يأتي ويكون معنا خلال هذه الضيقات فلا تستطيع أن تؤذينا. كما فعل مع الثلاثة فتية في أتون النار. وكتأمل روحي في هذه الآية فلا مياه محبة العالم ولا نار الشهوات قادرة أن تهلك أولاد الله.
آية (3) لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك جعلت مصر فديتك كوش و سبا عوضك.
آية(4):- اذ صرت عزيزا في عيني مكرما و انا قد احببتك اعطي اناسا عوضك و شعوبا عوض نفسك.
أنا الرب مخلصك = تكررت هذه العبارة كثيراً في هذا الجزء من السفر وهذا الاسم مخلص هو أسم المسيح يسوع. جعلت مصر فديتك = هذا تفسيره بالنسبة للشعب اليهودي:
1- هذا ما حدث مع جيش فرعون وأبكار المصريين.
2-الله سيدفع مصر وكوش وسبا ليد كورش عوض إطلاقه لليهود من بابل. وإذا فهمناها عن الخلاص في العهد الجديد فإن مصر ترمز لفساد الشياطين فمصر من أيام موسى وعناد فرعون ترمز للعناد. وكوش ترمز لسواد الخطية (أر 13 :23) "هل يغير الكوشى جلده". وسبا يظن أنها شمال بلاد الأحباش وهى مناطق غنية ترمز لغنى هذا العالم ومجد هذا العالم، ورئيس هذا العالم هو الشيطان. وبالتالي يكون مصر وكوش وسبا رمزاً لإبليس المعاند رئيس هذا العالم الغارق في شروره. وجعلتهم فديه وعوض. فديتك... عوضك = أي أن الإنسان كان نصيبه الهلاك بسبب خطيته والله فداه بأن أشتراه المسيح بدمه، وأهلك إبليس بدلاً منه. وفى تطبيق تاريخي هناك ممالك، كالدولة الرومانية مثلاً، ذهبت من أمام الكنيسة وبقيت الكنيسة. ولماذا يفعل الله هذا؟ لحبه للكنيسة (آية 4).
آيات (5، 6) لا تخف فاني معك من المشرق أتي بنسلك و من المغرب أجمعك. أقول للشمال أعط و للجنوب لا تمنع ايت ببني من بعيد و ببناتي من أقصى الأرض.
نبوة عن أنه بعد السبي يجمع الله إسرائيل مرة أخرى من الشتات وهى نبوة بدخول الأمم من كل مكان للإيمان.
آية (7) بكل من دعي باسمي و لمجدي خلقته و جبلته و صنعته.
الله أختار من شعوب العالم من يمجده، لكنه يختار من سبق فعرفهم أنهم سيتجاوبون مع عمل نعمته (رو 8 : 29، 30).
آية (8) اخرج الشعب الأعمى و له عيون و الأصم و له أذان.
الشعب الأعمى هم إما (1) إسرائيل لعنادهم ورفضهم للمسيح.
(2) الوثنيين وهم لعبادتهم للأوثان صاروا عمى مثل أوثانهم لا يسمعون ولا يرون مثلهم والعمى هنا عمى روحي لكلاهما. هؤلاء أولئك سيخرج منهم مؤمنين = أخرج.
آية (9) اجتمعوا يا كل الأمم معا و لتلتئم القبائل من منهم يخبر بهذا و يعلمنا بالأوليات ليقدموا شهودهم و يتبرروا أو ليسمعوا فيقولوا صدق.
تحدى للشعوب، إما يثبتوا أنهم قادرين أن يخبروا بالمستقبل أو تكون لهم نبوات قد تحققت = الأوليات أو يعلنوا إيمانهم بالله الذي يفعل ذلك.
آية (10) انتم شهودي يقول الرب و عبدي الذي اخترته لكي تعرفوا و تؤمنوا بي و تفهموا أني أنا هو قبلي لم يصور اله و بعدي لا يكون.
الشعب اليهودي هم شهود لله لأن عندهم نبوات الله التي تحققت والتي ستتحقق. ونحن الذين انفتحت أعيننا وعرفنا الله لابد أن نشهد له بحياتنا، ونشهد لصدق النبوات التي تحققت إعلاناً لصدقه وألوهيته.
آية (11) أنا أنا الرب و ليس غيري مخلص.
ليس الدليل الوحيد على الإلوهية هو التنبؤ بالمستقبل بل أيضاً بل أيضاً تنفيذ المقاصد. والرب يخبر شعبه بنبوة
مفرحة أنه سيخلصهم، هو سيكون المخلص وقد ظهر كمال هذا القول وهذه النبوة في شخص المسيح.
آيات (12، 13) أنا أخبرت و خلصت و أعلمت و ليس بينكم غريب و انتم شهودي يقول الرب و أنا الله.أيضا من اليوم أنا هو و لا منقذ من يدي افعل و من يرد.
وليس بينكم غريب = أي ليس بينكم إله غريب. ومعنى الآية أن الله هو الله وليس الأصنام وهو يقدم دليلين على ذلك:
1) معرفته التي لا تسقط أبداً فهو قد أخبر بخلاص لليهود من السبي، لا يعودون بعده لعبادة آلهة غريبة. وهذا حدث حرفياً فلم يعد اليهود للوثنية بعد السبي.
2) قوته التي لا يردها أحد، فهو يضرب ويؤدب ولا أحد يستطيع أن يرد قضائه من هذه الأوثان الهزيلة ولا الشياطين التي ورائها.
آية (14) هكذا يقول الرب فاديكم قدوس إسرائيل لأجلكم أرسلت إلى بابل و القيت المغاليق كلها و الكلدانيين في سفن ترنمهم.
يتكلم بفعل الماضي قبل الحادثة بعشرات السنين، لأن الأمر قد صدر من الله بأن يرسل كورش ليزيل مغاليق بابل الحصينة. سفن ترنمهم = يقال أنه كان للبابليين عادة الترنيم، وكان لهم ألاف السفن في أنهارهم يرنمون فيها والبابليين يرمزون للشياطين الذين كانوا في فرح وغناء بهلاك البشر.
آية (15) أنا الرب قدوسكم خالق إسرائيل ملككم.
تأكيداً لوعده يذكر صفاته كمعطى لهذه الوعود.
آيات (16، 17) هكذا يقول الرب الجاعل في البحر طريقا و في المياه القوية مسلكا. المخرج المركبة و الفرس الجيش و العز يضطجعون معا لا يقومون قد خمدوا كفتيلة انطفئوا.
الرب يذكرهم بما فعله معهم في البحر الأحمر الذي شقه ونهر الأردن الذي أوقفه أمام يشوع. وجعل لشعبه طريقاً في كليهما، وأهلك جيش مصر أمامهم. وها هو سينقذهم من يد ملك بابل بأن يجفف نهر الفرات أمام كورش. علامة على خلاص المسيح وخلاص كل خاطئ يريد.
آية (18)لا تذكروا الأوليات و القديمات لا تتأملوا بها.
يقول لهم الرب أنه من عظمة الخلاص الجديد بيد كورش لن يذكروا كل ما مر لعدم أهميته بالمقارنة بالخلاص الجديد. ولكن بكل المقاييس كان الخلاص على يد موسى ويشوع أروع بكثير مما حدث أيام كورش، لذلك يؤخذ هنا خلاص كورش على أنه رمز لخلاص المسيح. خلاص المسيح هو الخلاص الذي تتضاءل أمامه كل الأحداث السابقة.
آية (19) هاأنذا صانع أمرا جديدا الآن ينبت ألا تعرفونه اجعل في البرية طريقا في القفر انهارا.
من شق لهم طريقاً وسط البحر سيشق لهم طريقاً في البرية (سيناء) ومن شق طريق سيناء سيشق لهم طريقاً في خلال عودتهم من بابل إلى أورشليم. ومن صنع هذا كله سيشق للكنيسة طريق للخلاص (فهو الطريق وسط برية هذا العالم).
آية (20) يمجدني حيوان الصحراء الذئاب و بنات النعام لأني جعلت في البرية ماء انهارا في القفر لأسقي شعبي مختاري.
من روى شعبه بماء من الصخرة هكذا سيروى شعبه في العهد الجديد بماء الروح القدس فيتحول حيوان الصحراء لمؤمنين يمجدون إسمه. وقد قال بولس الرسول "حاربت وحوشاً في أفسس" هؤلاء الوحوش ذئاب وبنات النعام هم الوثنيين قبل الإيمان. فالذئاب متوحشة. والنعام معروف عنه الحماقة (أى 39 : 17) وذلك لعبادتهم للأوثان فتشبهوا بها، وهى حيوانات البرية، فالبرية هي قفر شديد وخراب وهذا هو وضع الوثنيين. وبالإيمان تمتع هؤلاء بماء الروح القدس فتغيرت طبيعتهم.
آية (21) هذا الشعب جبلته لنفسي يحدث بتسبيحي.
هذا الشعب اقتناه بدمه. لتسبيحي = هذا عمل المؤمنين.
آيات (22 – 28) و أنت لم تدعني يا يعقوب حتى تتعب من اجلي يا إسرائيل. لم تحضر لي شاة محرقتك و بذبائحك لم تكرمني لم استخدمك بتقدمة و لا أتعبتك بلبان. لم تشتر لي بفضة قصبا و بشحم ذبائحك لم تروني لكن استخدمتني بخطاياك و أتعبتني بآثامك. أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي و خطاياك لا اذكرها. ذكرني فنتحاكم معا حدث لكي تتبرر.أبوك الأول أخطا و وسطاؤك عصوا علي. فدنست رؤساء القدس و دفعت يعقوب إلى اللعن و إسرائيل إلى الشتائم.
الله يذكر اليهود بخطاياهم ليعرفوا سبب السبي الذي هم فيه ولتظهر مراحمه. ولكن هذه الآيات لنا أيضاً، فمن هو في ضيقة وتجارب شديدة عليه أن يسأل نفسه فبماذا أحزنتك يا رب وكنت مثل هؤلاء.
آية (22) و أنت لم تدعني يا يعقوب حتى تتعب من اجلي يا إسرائيل.
هذا الشعب لم يدع الله ولم يسبحه ورفض أن يتعب لأجله هنا الدعاء يشير للصلاة، والصلاة هي سر تمتعنا بعمل الله، واستخدام إسم يعقوب هنا ليذكرهم به كرجل صلاة، إذ هم كفوا عن الصلاة ومن يهمل الصلاة يتضايق من خدمة الله ويعتبرها واجبات = حتى تتعب من أجلى.
آيات (23، 24) لم تحضر لي شاة محرقتك و بذبائحك لم تكرمني لم استخدمك بتقدمة و لا أتعبتك بلبان. لم تشتر لي بفضة قصبا و بشحم ذبائحك لم تروني لكن استخدمتني بخطاياك و أتعبتني بآثامك.
هذا الشعب رفض الصلاة (كما في آية 22) فإنحطوا عن أبائهم درجات كثيرة. وقد بدأوا يضيقون بدينهم وطقوسهم، وهذا نتيجة طبيعية لترك العبادة ونتيجة ضيقهم كانوا يحسون بالتعب من ممارساتهم الدينية وهم استكثروا النفقات التي يدفعونها في شراء المحرقات واللبان... الخ. وكأنهم يودون لو اعتذروا عن شرائها. وهذه مازالت مشكلتنا فنحن نعطى نقودنا وأوقاتنا لكل شيء ما عدا الله، فنحن مازلنا نتعب الله.
وربما انتقوا الهزيل وغير الصالح للتقدمة وكأن الله يقول أنا لم أطلب منك كل هذا، أي لا أريد منك هذه المعاملة، لأن تقدماتك لا تكرمني بها فكأن تقدماتك التي تقدمها كأنك لم تقدم. لم تحضر لي شاة = الله لا يريد شاه بل يريد القلب. استخدمتني بخطاياك = هم بخطاياهم ذهبوا إلى بابل ثم وضعوا عليه حمل إنقاذهم من عبودية بابل ولكن هذه تفهم أننا بخطايانا استعبدنا ووضعنا على الله حمل إنقاذنا من هذه العبودية. لذلك تجيء الآية القادمة.
آية (25) أنا أنا هو الماحي ذنوبك لآجل نفسي و خطاياك لا اذكرها.
الله يمحى الذنوب لا عن استحقاق فيهم ولا فينا بل من أجل نفسه.
آية (26) ذكرني فنتحاكم معا حدث لكي تتبرر.
ذكرني = الله لا ينسى لنذكره، ولكنه يعاتبهم ويدعوهم ليذكروا هم إن كانوا قد قدموا لله أي أعمال صالحة وفى هذه رد على الفريسى الذي ظن أنه بأعماله يتبرر.
آيات (27، 28) أبوك الأول أخطا و وسطاؤك عصوا علي. فدنست رؤساء القدس و دفعت يعقوب إلى اللعن و إسرائيل إلى الشتائم.
أبوك الأول = هو أبونا أدم، وإبائهم الذين عصوا الله. ووسطاؤك = الكهنة الذين أخطاؤا (حر 8 : 8-12) والأنبياء الكذبة. فدنست رؤساء القدس = أي أسلمتهم للسبي.
الإصحاح الرابع والأربعون
هنا نجد وعود وبركات بعد العودة من السبي. وهنا تكملة للإصحاح السابق يعلن فيه الله عن تحقيق خلاصنا بسكب روحه القدوس على كنيسته لأجل تجديدها المستمر. وليعطها بروحه شبعاً عوضاً عن الفراغ الروحي أيام عبادتها للأصنام فتكون كنيسته شاهدة له.
آيات (1، 2) و الآن اسمع يا يعقوب عبدي و إسرائيل الذي اخترته. هكذا يقول الرب صانعك و جابلك من الرحم معينك لا تخف يا عبدي يعقوب و يا يشورون الذي اخترته.
عبد الرب هنا هم المؤمنون الأتقياء أي الكنيسة المفدية التي أُرسِل لها الروح القدس. يشورون = دُعِي إسرائيل بهذا الاسم 4 مرات (تث 32 : 5 + 33 :5) ومعناه المستقيم. وإسرائيل الروحي هي الكنيسة لذلك سماها يشورون. فيشورون أي المستقيم ليس إسرائيل الخاطئة بل الكنيسة. الرحم = المعمودية.
آية (3) لأني اسكب ماء على العطشان و سيولا على اليابسة اسكب روحي على نسلك و بركتي على ذريتك.
المقصود بالماء هو الروح القدس لأنه:
1- ينزل من فوق كالمطر.
2- يُطهر القلوب كما الماء للجسد.
3- الجسد كالأرض فالأجساد أخذت من الأرض (تراب الأرض) والماء يعطيها أن تثمر (غل 5 : 22، 23)
4- يحل على البشر بالقوة والكثرة كما المطر الغزير.
5- من تذوق عطاياه ومواهبه نشعر بالعطش إليه وعمل الروح في الكنيسة هو الذي يجعلها تسمى يشورون أي المستقيم.
والماء يشير للروح القدس كما يظهر بوضوح من هذه الآية (يو37:7-39)).
آية (4) فينبتون بين العشب مثل الصفصاف على مجاري المياه.
المؤمنون يكونون كالصفصاف وهو نبات مرتفع الساق وغير المؤمنين كالعشب الذي يداس. ولاحظ أن الصفصاف يحتاج لمياه كثيرة.
آية (5) هذا يقول أنا للرب و هذا يكنى باسم يعقوب و هذا يكتب بيده للرب و باسم إسرائيل يلقب.
هذا يقول أنا للرب = المؤمنون يكرسون أنفسهم للرب. و هذا يكنى باسم يعقوب = يشير لانضمام المؤمنين إلى الكنيسة ودعوتهم باسم المسيح، فالمؤمنين سينسون نسبتهم لبلادهم وعائلاتهم ويفتخرون باسم مسيحي الذي حصلوا عليه. وهذا يكتب بيده = وفى ترجمة (أخرى) يتعهد بيده للرب، يتعهد بأن يكون للرب.
آية (7،6) هكذا يقول الرب ملك إسرائيل و فاديه رب الجنود أنا الأول و أنا الأخر و لا اله غيري. و من مثلي ينادي فليخبر به و يعرضه لي منذ وضعت الشعب القديم و المستقبلات و ما سياتي ليخبروهم بها.
أنا الأول وأنا الأخر = هنا لقب يهوة وفى (رؤ 1 : 17) لقب المسيح فيكون المسيح قطعاً هو يهوة. وهذه الآية يقف أمامها شهود يهوة حيارى.
آية (8) لا ترتعبوا و لا ترتاعوا آما أعلمتك منذ القديم و أخبرتك فانتم شهودي هل يوجد اله غيري و لا صخرة لا اعلم بها.
لا ترتعبوا = من كل ما يحدث من مظاهر قوة الأصنام (خاصة في بابل ) فلا يوجد صخرة = لها قوة وثبات إلا الله صخرتنا.
آية (9) الذين يصورون صنما كلهم باطل و مشتهياتهم لا تنفع و شهودهم هي لا تبصر و لا تعرف حتى تخزى.
الذين يصنعون الأصنام هم بشر محدود القدرة فكم بالأولى الأصنام التي يصنعونها. هنا سخرية من الأصنام حتى لا ينخدع اليهود في السبي بقوة آلهة البابليين ويكون لهم ثقة في يهوة إلههم القوى. مشتهياتهم = أصنامهم وشهودهم هي = الأصنام تشهد على نفسها أنها لا تسمع ولا تعرف فسيخزى عابدوها.
آيات (10، 11) من صور إلها و سبك صنما لغير نفع. ها كل أصحابه يخزون و الصناع هم من الناس يجتمعون كلهم يقفون يرتعبون و يخزون معا.
يجتمعون = كما أجتمع ديمتريوس وشعب أفسس يصرخون ساعتين عظيمة هي أرطاميس آلهة الأفسسين. و ليس هذا الصراخ سوى تعبير عن رعبهم وخزيهم فهم لهم آلهة من المخجل أن يدافعون عنها. وأما نحن فلنا إله يدافع عنا حتى ونحن صامتون فلا نخزى (أع 19 : 28، 29).
آية (12) طبع الحديد قدوما و عمل في الفحم و بالمطارق يصوره فيصنعه بذراع قوته يجوع أيضا فليس له قوة لم يشرب ماء و قد تعب.
كان من عادة صانعي الأوثان أن لا يأكلوا ولا يشربوا حتى ينتهوا من عملهم (هذه الجدية تدين تهاوننا نحن المؤمنين) فإن كانوا هم الصانعين تخور قوتهم فكم بالأولى ضعف وتفاهة الآلهة التي يصنعونها.
آية (13) نجر خشبا مد الخيط بالمخرز يعلمه يصنعه بالأزاميل و بالدوارة يرسمه فيصنعه كشبه رجل كجمال إنسان ليسكن في البيت.
الآية السابقة عن صانع الأوثان الحديدية وهذه عن صانعي الأوثان الخشبية.
آيات (14 – 17) قطع لنفسه ارزا و اخذ سنديانا و بلوطا و اختار لنفسه من أشجار الوعر غرس صنوبرا و المطر ينميه.فيصير للناس للإيقاد و يأخذ منه و يتدفأ يشعل أيضا و يخبز خبزا ثم يصنع إلها فيسجد قد صنعه صنما و خر له. نصفه احرقه بالنار على نصفه يأكل لحما يشوي مشويا و يشبع يتدفأ أيضا و يقول بخ قد تدفأت رأيت نارا. و بقيته قد صنعها إلها صنما لنفسه يخر له و يسجد و يصلي إليه و يقول نجني لأنك أنت الهي.
الإنسان هو الذي غرس الشجرة وهو الذي قطعها ليتدفأ ببعضها ويشوى لحماً بالبعض ويقول بخ AHA علامة اندهاش ويصنع ببقية الخشب إلهاً.
آيات (18 – 19) لا يعرفون و لا يفهمون لأنه قد طمست عيونهم عن الإبصار و قلوبهم عن التعقل. و لا يردد في قلبه و ليس له معرفة و لا فهم حتى يقول نصفه قد أحرقت بالنار و خبزت أيضا على جمره خبزا شويت لحما و أكلت أفأصنع بقيته رجسا و لساق شجرة آخر.
سبب هذه الغباوة ليس ضعف العقل بل قساوة القلب ومحبة الخطية فهم لا يريدون أن يعرفوا الإله الطاهر القدوس الذي لا يرضى بالخطية فيغمضون عيونهم ويقسون قلوبهم بإرادتهم.
آية (20) يرعى رمادا قلب مخدوع قد أضله فلا ينجي نفسه و لا يقول أليس كذب في يميني.
يرعى رماداً = هؤلاء الوثنيون يخدعون أنفسهم، فهم يراعون أخشاب (أحرقوا بقيتها في التدفئة والشواء فتحولت رماداً) لو احترقت أيضاً لتحولت إلى رماد. وهم ينتظرون أن يكون لهم خير من وراء هذا. ولا ينجى نفسه = فهم مازالوا يخافون من الأرواح الشريرة وتقلبات الطبيعة ومن الموت ويعانون من تسلط الشهوات.
وكذب في عينيه = لا يعترف بأن هناك خطأ في الأمور الجوهرية.
آيات (21- 23) اذكر هذه يا يعقوب يا إسرائيل فانك أنت عبدي قد جبلتك عبد لي أنت يا إسرائيل لا تنسى مني. قد محوت كغيم ذنوبك و كسحابة خطاياك ارجع إلي لأني فديتك. ترنمي ايتها السماوات لان الرب قد فعل اهتفي يا اسافل الارض اشيدي ايتها الجبال ترنما الوعر و كل شجرة فيه لان الرب قد فدى يعقوب و في اسرائيل تمجد.
لا تنسى منى = الله لا ينسى شعبه، أما الشعب فقد ظنوا أن الله قد نساهم. والذنوب كغيم = لأنها تفصل الإنسان عن الله وتجلب على الإنسان غضب الله كالرعود. والله سيزيلها فيعود ضوء الشمس يظهر، أي حنان ومحبة الله. وكل ما يطلبه الله إرجع إلىَ بالتوبة. وحينما نذكر الله ونرجع له يذكرنا الله ويحارب من أسلمنا ليدهم ويحمق حكمتهم ويكذب حكماؤهم الذين تنبئوا لهم بدوام السيادة.
آيات (24، 25) هكذا يقول الرب فاديك و جابلك من البطن أنا الرب صانع كل شيء ناشر السماوات وحدي باسط الأرض من معي. مبطل آيات المخادعين و محمق العرافين مرجع الحكماء إلى الوراء و مجهل معرفتهم.
فاديك = المسيح وهنا تشير إلى الله الذي سيفدى شعبه من سبى بابل. مبطل آيات المخادعين = كل ما يحدث يوافق أقوال الرب تماماً ويكذب أقول العرافين. مرجع الحكماء إلى الوراء = أي يظهر فساد أراء مدعِى الحكمة.
آيات (26- 28) مقيم كلمة عبده و متمم رأي رسله القائل عن أورشليم ستعمر و لمدن يهوذا ستبنين و خربها أقيم.القائل للجة أنشفي و أنهارك أجفف. القائل عن كورش راعي فكل مسرتي يتمم و يقول عن أورشليم ستبنى و للهيكل ستؤسس
مقيم كلمة عبده = أي سيتمم الله كل نبوات إشعيا عبد الرب. ومتمم رأى رسله = الأنبياء كأرمياء
(أر 29 : 1-14) وحزقيال (39 : 25-28) وغيرهم. القائل للجة = أي نهر الفرات الذي نشفه كورش لما أخذ بابل وهذا عمل الله لأنه أنهض كورش وأرسله. القائل عن كورش = الرب هنا ذكر أسم كورش صراحة. و كورش معنى أسمه شمس رمز للمسيح شمس البر ومعنى أسمه بالآرامية راعٍ. وقد ذكر أسم كورش قبل أن يولد بما يزيد عن المائة عام. و ذكر أسمه برهان قاطع على أن الرب هو الإله الحقيقي وحده. وحينما رأى كورش هذه النبوة قال الرب إله السماء أوصاني... (عز 1 :2) يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن دانيال (هو الذي أعطى هذه النبوة لكورش). كورش راعىَ = قيل أن كورش أحب هذا اللقب وقال فعلاً يجب أن يكون الملك راعٍ. ولكن هنا كورش الراعي يرمز للراعي الحقيقي الذي سيحرر شعبه ويرعاهم بعد كورش بحوالي 536 سنه.
الإصحاح الخامس والأربعون
آية (1) هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لادوس أمامه أمما و احقاء ملوك احل لأفتح أمامه المصراعين و الأبواب لا تغلق.
لمسيحه لكورش = كان الملوك اليهود يمسحون، وهذه هي المرة الوحيدة التي نسمع فيها عن مسح ملك أممى فهو رمز للمسيح. وهى لا تعنى أن أحداً مسح كورش بدهن ولكن هذا يعنى أنه مكلف برسالة وعمل من قبل الله. لأدوس أمامه أمماً = ذكر في التاريخ أن كورش فتح 17 مملكة وكانت عادة الملوك المنتصرين أن يدوسوا على أعناق عظماء المملكة التي هزموها (يش 10 :24) وكورش فى هذا كان رمزاً للمسيح، فهذا قيل عن المسيح " الرب عن يمينك يحطم فى يوم رجزه ملوكاً" (مز 110 : 5) (الملوك رمز للشياطين رؤساء العالم وملوك الوثنيين الذين اضطهدوا المسيحية ) وفى (مز 110 : 10) قيل "حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك " وهذه تناظر لأدوس أمامه أمما. ولنقارن بين الاثنين (1، 5) في مزمور (110) فنرى مرة المسيح عن يمين الآب ومرة الآب عن يمين الابن. إذاً اليمين ليس مكاناً بل هو إشارة للقوة والمجد. أحقاء ملوك أحل = حل المنطقة علامة ضعف وانكسار وهذا ما حدث لبيلشاصر (دا 5 :6).
آية (2) أنا أسير قدامك و الهضاب أمهد اكسر مصراعي النحاس و مغاليق الحديد اقصف.
الهضاب = هضاب الصعوبات. المصراعين = ذكر التاريخ أنه كان لبابل 100 باب نحاس مغاليقها من
الحديد ونحن في المسيح تنفتح أمامنا الأبواب الأبدية لنحيا للأبد في السماء، وأمام المسيح انفتحت أبواب الجحيم ليخرج الأبرار.
آية (3) و أعطيك ذخائر الظلمة و كنوز المخابئ لكي تعرف إني أنا الرب الذي يدعوك باسمك اله إسرائيل.
ذخائر الظلمة = أعتاد الملوك إخفاء كنوزهم حتى لا يأخذها أحد من الأعداء. وكان البابليون قد كنزوا كثيراً من ثروات الشعوب، وقد أخذ كورش كل شيء منهم، كأن الله أعطاه ثمناً لتحرير شعبه.
آية (4 – 6) لأجل عبدي يعقوب و إسرائيل مختاري دعوتك باسمك لقبتك و أنت لست تعرفني. أنا الرب و ليس آخر لا اله سواي نطقتك و أنت لم تعرفني. لكي يعلموا من مشرق الشمس و من مغربها إن ليس غيري أنا الرب و ليس آخر.
لقبتك = براعيَ ومسيحي.
آية (7) مصور النور و خالق الظلمة صانع السلام و خالق الشر أنا الرب صانع كل هذه.
خالق الشر = فبعض الأمم الوثنية ومنهم الفرس كان لهم إيمان بأن هناك إلهين اله للخير وإله للشر. والمعنى هنا أنه ليس سوى إله واحد والشر هو بسماح منه. والله لا يتسبب في الشر أو الخطية، فالخطية هي عدم القدرة أو فشل الإنسان في أن يحيا في بر، فالسرقة هي فشل الإنسان أن يحيا أميناً. ولكن الشر المقصود هنا هو ما يحسبه الإنسان شراًُ مثل الحروب والأمراض والموت، وهذه يسمح بها الله وهدفها التأديب. و كلمة شر هنا جاءت ليست بمعنى خطية ولكن الأثار التي تسببها الخطية من حزن وضيق وآلام. هذه الأثار هي نتيجة الخطية ولكن الله بمحبته حول هذه الآلام للتأديب للخلاص وهنا معنى ما نصلى به بالقداس الغريغورى "حولت لي العقوبة خلاصاً".
آية (8) أقطري أيتها السماوات من فوق و لينزل الجو برا لتنفتح الأرض فيثمر الخلاص و لتنبت برا معا أنا الرب قد خلقته.
هنا إشعياء ينتقل بالوحي لخلاص المسيح بدلاً من خلاص كورش الزمني. هنا نرى البر الذي لن يكون سوى بذبيحة المسيح. أقطري = أي أن البر سيأتي من السماء كما ياتى المطر من السماء. ونلاحظ أن الأرض هي الأخرى تنبت براً = والأرض لن تنبت إلا بنزول المطر. وإذ فهمنا أن الأرض هي إشارة للجسد المأخوذ من تراب الأرض نرى هنا جهاد الإنسان الذي به يقبل نعمة الله.
آية (9) ويل لمن يخاصم جابله خزف بين أخزاف الأرض هل يقول الطين لجابله ماذا تصنع أو يقول عملك ليس له يدا.
عملك ليس له يدان = ليس من حق الإناء الخزفي أن يعترض على الخزاف قائلاً لماذا لم تصنع يدان لي. وهذا الكلام موجه لإسرائيل، حتى لا يتذمروا على الله جابله سائلاً لماذا تأخر الخلاص، أو لماذا كان الخلاص على يد كورش وليس على يد ملك منهم.
الآية (10) ويل للذي يقول لأبيه ماذا تلد و للمرأة ماذا تلدين.
لا يليق بإنسان أن يتذمر على أبويه معترضاً على فقره أو الحال التي فيها.
آية (11) هكذا يقول الرب قدوس إسرائيل و جابله اسألوني عن الآتيات من جهة بني و من جهة عمل يدي أوصوني.
أسألوا تعطوا... صلوا بإيمان فالصلاة جزء من نظام تعاون بين الله والإنسان. مثل الفلاح عليه أن يزرع وعلى الله أن ينمى.
آية (12) أنا صنعت الأرض و خلقت الإنسان عليها يداي أنا نشرتا السماوات و كل جندها أنا أمرت.
أنا فعلت كل هذا فهل يعسر علىَ أمر، هل يعسر علىَ إصلاح ما أفسده إبليس.
آية (13) أنا قد أنهضته بالنصر و كل طرقه أسهل هو يبني مدينتي و يطلق سبيي لا بثمن و لا بهدية قال رب الجنود.
الله أنجح طريق كورش ليفك أسر شعبه وأنجح طريق المسيح ليحررنا ويؤسس هيكل جسده (كنيسته) وكان هذا مجاناً (رو 3 : 24،25).
آية (14) هكذا قال الرب تعب مصر و تجارة كوش و السبئيون ذوو القامة إليك يعبرون و لك يكونون خلفك يمشون بالقيود يمرون و لك يسجدون إليك يتضرعون قائلين فيك وحدك الله و ليس آخر ليس اله.
الرب يذكر هنا 3 شعوب بالنيابة عن كل الأمم وانضمامهم للكنيسة. إذاً الخلاص لكل العالم. وستقدم الشعوب ثرواتها وكل مالهم من تعب أو زراعة أو تجارة للمسيح. والله أطلق شعبه من مصر ومن بابل أغنياء، وأطلقنا من عبودية إبليس مملوئين من الروح القدس، فالله لا يحرر أولاده ثم يتركهم فارغين. بالقيود = المقصود ليس سلاسل بل تسلط الحق على عقول الناس وضمائرهم. هي تعنى إيمان حر بالله، به يقيد الإنسان نفسه بحريته بالمسيح. وحدث بعد السبي أن تحول الكثيرين إلى اليهودية (إش 8 : 17 + زك 8 : 23) وتحقق هذا في الكنيسة.
آية (16،15) حقاً أنت اله محتجب يا اله إسرائيل المخلص. قد خزوا و خجلوا كلهم مضوا بالخجل جميعا الصانعون التماثيل.
اله محتجب = أفكاره تسمو عن أفكارنا وهكذا كل طرقه وحكمته.
آية (17) أما إسرائيل فيخلص بالرب خلاصا أبديا لا تخزون و لا تخجلون إلى دهور الأبد.
خلاصاً أبدياً= إذاً المقصود خلاص المسيح وليس خلاص كورش.
آية (18) لأنه هكذا قال الرب خالق السماوات هو الله مصور الأرض و صانعها هو قررها لم يخلقها باطلا للسكن صورها أنا الرب و ليس آخر.
الله خلق الأرض ومنها أرض اليهود لا ليتركها خراباً بلا سكان، إذاً فهذا وعد بالعودة. كل شيء خلقه الله له قيمته ولا يوجد شيء باطل أي لا فائدة منه. وأي إنسان يقول أنه خلق بلا فائدة فهذا خطأه هو نفسه.
آية (19) لم أتكلم بالخفاء في مكان من الأرض مظلم لم اقل لنسل يعقوب باطلا اطلبوني أنا الرب متكلم بالصدق مخبر بالاستقامة.
لم أتكلم بالخفاء = هنا نرى صفة جديدة لخلاص المسيح أنه خلاص علني فهو عَلَم علانية وصُلِب علانية وأرسل رسله ليكرزوا للعالم علانية. وكانت عادة الكهنة الوثنيين أن يتكلموا في الظلمة وبألفاظ مبهمة، أما أعمال المسيح فكانت علانية. لم أقل باطلاً اطلبوني = فالله يسمع الصلاة ويستجيب.
آية (20) اجتمعوا و هلموا تقدموا معا آيةا الناجون من الأمم لا يعلم الحاملون خشب صنمهم و المصلون إلى اله لا يخلص.
اجتمعوا = آية الناجين من بابل بعد أن تعلمتم أن الأصنام لا قيمة لها ولا تخلص تابعيها الذين يحملونها ولا تحملهم. لا يعلم = أي أن الجهال هم الذين يحملون خشب أصنامهم.
آية (21) اخبروا قدموا و ليتشاوروا معا من اعلم بهذه منذ القديم اخبر بها منذ زمان أليس أنا الرب و لا اله آخر غيري اله بار و مخلص ليس سواي.
اخبروا قدموا = ذكر الرب مراراً في هذه النبوة أن الإعلان عن المستقبل هو دليل الإلوهية. وهنا هو يعلمهم بكورش وعمله. اله بار ومخلص = بار لأنه ينفذ مواعيده بالخلاص.
آية (23،22) التفتوا الي و اخلصوا يا جميع اقاصي الارض لاني انا الله و ليس اخر. بذاتي أقسمت خرج من فمي الصدق كلمة لا ترجع انه لي تجثو كل ركبة يحلف كل لسان.
القسم هنا يدل على أن الكلام الذي يأتي بعده مهم وهو تجثو لي كل ركبة فمن كان يصدق وقتها أن الأرض كلها تجثو للرب أي تؤمن به. نرى هنا قبول الأمم وقارن مع (في 2 : 10) فللمسيح تجثو كل ركبة وهذا لأن المسيح هو الله.
آيات (24 – 25) قال لي إنما بالرب البر و القوة إليه يأتي و يخزى جميع المغتاظين عليه. بالرب يتبرر و يفتخر كل نسل إسرائيل
قال لي = قال الرب للنبي. بالرب البر والقوة = هذا من جهة الرب أنه صادق في كل مواعيده وقادر أن يتممها. جميع المغتاظين = هؤلاء يخزون ويسلمون للمسيح لأنهم ليسوا قادرين على مقاومته. أما بنو إسرائيل أي الكنيسة فيفتخرون بالرب.
الإصحاح السادس والأربعون
بعد سقوط بابل أمام كورش الذي يؤمن بالإله الواحد، لم يشفق كورش على آلهة بابل الكثيرة، بل جردوها من جواهرها وحملوا الآلهة على الحيوانات كغنائم حرب. وهنا يقارن هذه الآلهة المحمولة بالله الذي يحمل إسرائيل كطفله فالبعض يحملون آلهتهم ودياناتهم والبعض وهم نحن يحملنا إلهنا وديننا.
و الله هنا يدعو الشعب للاستهزاء بآلهة بابل فهي غير قادرة على أن تمنعهم من الرجوع إلى أورشليم وخلاصهم. وكم كانت هذه الآيات مشجعة للشعب وقت الرجوع. لذلك يطلب الله من شعبه أن لا يساووا بينه وبين هذه الآلهة العاجزة المحمولة، وهو حامل الجميع بكلمة قدرته (عب 1 :3) وهو الذي يقول حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلىَ (خر 19 : 4 + تث 1 : 31 ) بل هو حمل عنا خطايانا.
آية (1) قد جثا بيل انحنى نبو صارت تماثيلهما على الحيوانات و البهائم محمولاتكم محملة حملا للمعيي.
بيل = أسم إله بابلي ومنه تنسب أسماء مثل بيلشاصر. وهو يناظر الاسم العبري بعل أي السيد وغالباً هو نفسه الإله مرودخ. نبو = أسم اله آخر ينسب له أسماء مثل نبوخذ نصر وهذين الإلهين هما أعظم آلهة بابل, وقد حطم الفرس تماثيلهم فكأنها جثث وحملها الفرس على البهائم ليس كآلهة بل لقيمة المعدن المصنوعة منه فقط.
آية (2) قد انحنت جثت معا لم تقدر أن تنجي الحمل و هي نفسها قد مضت في السبي.
قد انحنت جثث = الحيوانات المُتعَبة من حمل هذه التماثيل انحنت وهذه الآلهة لم تستطع أن تعينها.
آيات (3-5) اسمعوا لي يا بيت يعقوب و كل بقية بيت إسرائيل المحملين علي من البطن المحمولين من الرحم.و إلى الشيخوخة أنا هو و إلى الشيبة أنا احمل قد فعلت و أنا ارفع و أنا احمل و انجي. بمن تشبهونني و تسوونني و تمثلونني لنتشابه.
كل بقية إسرائيل = الباقين من الحرب مع بابل وذهبوا للسبي في بابل المحملين علىَ = الله يحمل شعبه من وقت ولادتهم في الرحم إلى وقت شيخوختهم وذلك برعايته لهم وتدبيره كل أمورهم ومواعيده الثابتة لهم واحتماله لهم ثم بغفران خطاياهم. قد فعلت وأنا أرفع = الله أرسلهم للسبي لتأديبهم وها هو يعيدهم من السبي. وهو أسلمنا لإبليس بسبب خطايانا فاستعبدنا وها هو يرفع عبودية إبليس عنا ويغفر لنا خطايانا.
آية (7،6) الذين يفرغون الذهب من الكيس و الفضة بالميزان يزنون يستأجرون صائغا ليصنعها ألها يخرون و يسجدون. يرفعونه على الكتف يحملونه و يضعونه في مكانه ليقف من موضعه لا يبرح يزعق احد اليه فلا يجيب من شدته لا يخلصه.
يفرغون الذهب = ينفقون مبالغ باهظة لصنع آلهة لهم. كم ننفق نحن على شهواتنا التي نتعبد لها. يجب أن نخجل من قلة عطايانا للإله الحقيقي.
آية (8-10) اذكروا هذا و كونوا رجالا رددوه في قلوبكم آية العصاة. اذكروا الاوليات منذ القديم لاني انا الله و ليس اخر الاله و ليس مثلي. مخبر منذ البدء بالاخير و منذ القديم بما لم يفعل قائلا رايي يقوم و افعل كل مسرتي.
كونوا رجالاً = من مميزات الرجال الثبات والشجاعة واحتمالات المشقات. أيها العصاة = الذين يختارون الخطية ويستغنون عن الله. وهذا قاله بولس الرسول لأهل كورنثوس (1 كو 16 : 13) إذاً نفهم أن الله يريدهم أن يكونوا رجالاً ويتخذوا قراراً ثابتاً بأن يتركوا عبادة الأوثان ويعبدوه هو.
آية (11) داع من المشرق الكاسر من ارض بعيدة رجل مشورتي قد تكلمت فاجريه قضيت فافعله.
الكاسر = طائر من الجوارح مثل النسر. وكورش سُمِى بهذا الاسم لأنه سريع الحركة ولشدته وكان له أنف تشبه الكواسر فسموه هكذا فعلاً. وقد أتى كورش من المشرق فعلاً كنسر أنقض على بابل وخطفها كفريسة رمزاً للمسيح شمس البر المُشرِق من المَشرِق الذي أنقض على عدو الخير وحطم مملكته. من أرض بعيده = كانت فارس ومادى آخر البلاد المعروفة ولكن هذه تشير للمسيح الآتي من السماء. رجل مشورتي = الذي يحقق إرادة الآب.
آيات (12، 13) اسمعوا لي يا أشداء القلوب البعيدين عن البر. قد قربت بري لا يبعد و خلاصي لا يتأخر و اجعل في صهيون خلاصا لإسرائيل جلالي.
قد قرَبت برى = بر الله الذي سيعطيه للمؤمنين أي خلاصهم هذا قد أقترب موعده. هذه مثل ها أنا آتى سريعاً (رؤ 22 :20). لإسرائيل جلالي = مجد الرب وجلاله سيكونان في وسط كنيسته (زك 2 :5) "وأكون في وسطها مجداً" إذا أجتمع أثنين أو ثلاثة بأسمى فأنا أكون في وسطهم" وجود المسيح وسط كنيسته مجد لها. هذه الآيات دعوة لكل إنسان حتى لا يتردد في قبول الخلاص.
الإصحاح السابع والأربعون
كما وجه الله يونان برسالة إلى نينوى، هكذا يوجه إشعياء برسالة إلى بابل، فالله يحذر قبل أن يضرب. في الإصحاح السابق نبوة بسقوط آلهة بابل وفى هذا الإصحاح نبوة بسقوط بابل نفسها بسبب خطاياها وهى الكبرياء والتنعم والحكمة البشرية والوثنية والاتكال على المال وممارسات السحر والخرافات. و نلاحظ أن أول أسفار الكتاب المقدس "التكوين" أشار لبابل كمركز للكبرياء والتجديف وآخر أسفار الكتاب "الرؤيا" يشير لها كمركز لقوة العالم الشرير. و نلاحظ تسمية بابل هنا بعذراء، وهو تشبيه شائع في الكتاب المقدس عن المدن الجميلة، ولكن هي كعذراء لابد أن تخطب لأحد. فإما تخطب لله وتصير عروس مقدسة (مثل أورشليم في حالة طهارتها) أو تصير عروساً لعدو الخير تتحد معه، وهذا ما حدث لبابل فصارت كما يسميها الكتاب المقدس (أم الزوانى) ( رؤ 17 : 5) فالله لم يرى الجمال الخارجي وأنخدع به لكنه رأى العفونة التي في الداخل. وهذا ما سيتسبب في خرابها سريعاً وهكذا كل نفس هي عذراء. وياليتنا نتجاوب مع دعوة بولس الرسول "خطبتكم لأقدم عذراء للمسيح". وقد تشير كلمة عذراء لأنها لم تلد فلا زوج لها. وعدم الإنجاب راجع لخرابها المحتم، فهى ستكون بلا ثمر قريباً.
آية (1) انزلي و اجلسي على التراب أيتها العذراء ابنة بابل اجلسي على الأرض بلا كرسي يا ابنة الكلدانيين لأنك لا تعودين تدعين ناعمة و مترفة.
بلا كرسي = فبعد سقوطها لم يعد كرسي العرش فيها بل انحطت جداً. ناعمة ومترفهة = تمثل بابل هنا النفس الساقطة خلال الكبرياء مع الترف والأفراح الزمنية وطلب الشهوات الأرضية. وكانت بابل مولعة بالسكر والخلاعة، ونهآية هذا فبعد أن كانت بهاء الممالك ستصير خربة وتذهب للذل والعبودية.
آية (2) خذي الرحى و اطحني دقيقا اكشفي نقابك شمري الذيل اكشفي الساق اعبري الأنهار.
يشير لسبيهن فالطحن على الرحى هو عمل النساء الفقيرات والعبيد، فهي شابهت شمشون إذ أذلته الخطية. والنقاب هو عادة السيدات المترفهات وعبور الأنهار إشارة لأخذهن سبايا.
آية (3) تنكشف عورتك و ترى معاريك اخذ نقمة و لا أصالح أحدا.
المعنى تباد ثروتها وكنوزها. و يؤخذ منها كل شيء والكلام يشير لغضب الله العظيم لعذاب شعبه في بابل، وعلى خطاياها تنكشف عورتك = هذا ما حدث مع آدم وحواء فالخطية تسبب العرى والفضيحة، أما بالتوبة فالله يستر علينا.
آيات (4 ،5) فادينا رب الجنود اسمه قدوس إسرائيل.اجلسي صامتة و ادخلي في الظلام يا ابنة الكلدانيين
لأنك لا تعودين تدعين سيدة الممالك.
كلام النبي بالنيابة عن إسرائيل التي سمعت بأخبار الخلاص فقالت لله فادينا وقدوس لأنه صادق في وعوده الصمت = يشير للخراب فلا بائع ولا مشترى.
آية (6) غضبت على شعبي دنست ميراثي و دفعتهم إلى يدك لم تصنعي لهم رحمة على الشيخ ثقلت نيرك جدا.
لا يبرر بابل في ظلمها للشعب أنها تجري أحكام الله، كما لا يبرر اليهود أنهم في صلبهم المسيح تحقق الخلاص للعالم. دنست ميراثي = بدخولهم الهيكل المقدس. لم تصنعي لهم رحمة = صور الآثار القديمة تشير لملك بيده رمح يقلع به عيني يهودي راكع أمامه، ويداه مربوطتان خلف ظهره وأخرى لبابلي يقود يهودي كدابة ممسوكاً من أنفه ومع هذا كان بعض اليهود في راحة في بابل.
آية (7) و قلت إلى الأبد أكون سيدة حتى لم تضعي هذه في قلبك لم تذكري آخرتها.
لم تذكري آخرتها = أي آخرة خطاياك واتكالك على قوتك وجيشك ومالك.
آية (8) فالآن اسمعي هذا أيتها المتنعمة الجالسة بالطمأنينة القائلة في قلبها أنا و ليس غيري لا اقعد أرملة و لا اعرف الثكل.
الطمأنينة = الطمأنينة التي تضايق الله هي الطمأنينة الوهمية بينما الإنسان غارق في خطاياه، أما الطمأنينة الحقيقية هي ثمره علاقة مع الله. أنا وليس غيري = سبب آخر لخرابها أنها قالت أنا وليس غيري فساوت نفسها بالله الذي وحده يقدر أن يقول هذا فهو دائم للأبد وغير متغير، موجود بذاته، كامل ولا نهائي. الأرملة والثكلى = أصعب من الفقر، الحزن.
آية (9) فيأتي عليك هذان الاثنان بغتة في يوم واحد الثكل و الترمل بالتمام قد أتيا عليك مع كثرة سحورك مع وفور رقاك جدا.
بداية المصائب يوم دخول كورش = في يوم واحد. سحورك = لكثرة السحر. ورقاك = كان سحرتها يكتبون كلمات على أحجار يلبسها الناس لتحفظهم في الأخطار، وكانوا يحددون أن هناك أيام فأل وأيام نحس. وكان هذا السحر والأباطيل يطمئنانها.
آية (11،10) و انت اطماننت في شرك قلت ليس من يراني حكمتك و معرفتك هما افتناك فقلت في قلبك انا و ليس غيري. فيأتي عليك شر لا تعرفين فجره و تقع عليك مصيبة لا تقدرين أن تصديها و تأتي عليك بغتة تهلكة لا تعرفين بها.
أي الشر يأتي كليل لا فجر له فلا أمل في خلاص من هذا الشر. بغتة = فكيف يدعون معرفة المستقبل.
آية (12) قفي في رقاك و في كثرة سحورك التي فيها تعبت منذ صباك ربما يمكنك أن تنفعي ربما ترعبين.
كلما إبتعد الناس عن الله لجأوا للقوى الخفية فهتلر لجأ للمنجمين واستعان بخرائط للحظ ليحدد متى يهاجم، وكبار تجار نيويورك لا يعقدون صفقات إلا بعد أخذ رأى المنجمين. وهكذا سمعنا أن كبار زعماء العالم يتشاورون مع عرافين للآن مثل ريجان رئيس أمريكا الأسبق وميتران رئيس فرنسا السابق. وهذا الأسلوب يلغى دور العقل فضلاً عن أنه تحدٍ لله الذي يعرف المستقبل وحده. ربما ترعبين = فقد يحالفك النجاح أو تثيرين الرعب في قلوب أعداءك.
آية (13) قد ضعفت من كثرة مشوراتك ليقف قاسمو السماء الراصدون النجوم المعرفون عند رؤوس الشهور و يخلصوك مما يأتي عليك.
نراهم معتمدين على سحرتهم الذين يسألون النجوم ورؤوس الشهور. قد ضعفت = عقل الإنسان يضعف من عدم استعماله واتكاله على السحر والشعوذة. هذا بالإضافة لأن اعتمادنا على غير الله يحرمنا من معونة الله فنصير ضعفاء. ومن يعتمد على الله يصير الله قوته.
آية (14) ها أنهم قد صاروا كالقش أحرقتهم النار لا ينجون أنفسهم من يد اللهيب ليس هو جمرا للاستدفاء و لا نارا للجلوس تجاهها.
علماؤهم وكهنتهم يكونون كالقش الذي لا يرد النار،فسيتلاشون والنار لن تكون محدودة كنار للإستدفاء بل ستكون حريق عظيم.
آية (15) هكذا صار لك الذين تعبت فيهم تجارك منذ صباك قد شردوا كل واحد على وجهه و ليس من يخلصك
لم يهتم بها أحد لينقذها بل أن حتى تجارها هربوا.
ملحوظة: الشرور التي كانت في بابل مازالت موجودة حتى اليوم، ومازالت بابل الروحية تقاوم ملكوت الله.
الإصحاح الثامن والأربعون
ينقسم القسم الثاني من نبوة إشعياء أي الإصحاحات (40 – 66) إلى ثلاثة أقسام في كل منها 9 إصحاحات ينتهي كل قسم منها بعبارة لا سلام قال الرب للأشرار كما نرى في هذا الإصحاح الذي هو نهآية التسعة الإصحاحات الأولى. والتسعة الإصحاحات الأولى (40 – 48) تضمنوا النبوة بكورش والتمييز بين الإله الحقيقي والأصنام. وفى هذا الإصحاح نرى عتاب أبوي رقيق، فالله يذكر شعبه بخطاياهم ويذكرهم بمحبته حتى لا يعودوا لخطاياهم ثانية.
آيات (1- 8) يشرح الله أن سبيهم إلى بابل كان لوثنيتهم وعنادهم فرقابهم كالحديد.
آيات (1-2) اسمعوا هذا يا بيت يعقوب المدعوين باسم إسرائيل الذين خرجوا من مياه يهوذا الحالفين باسم الرب و الذين يذكرون اله إسرائيل ليس بالصدق و لا بالحق.فأنهم يسمون من مدينة القدس و يسندون إلى اله إسرائيل رب الجنود اسمه.
يعقوب... إسرائيل = إسم يعقوب يشير للأصل الطبيعي وإسم إسرائيل يشير لاستلام المواعيد فإذا هم شعب مختار. الذين خرجوا من مياه يهوذا = سبط يهوذا هو السبط الملكي، إذاً هم شعب ملوكي.. ويهوذا هم الذين بقوا في أورشليم أما باقي الأسباط فتمردوا وانفصلوا عن الهيكل والعبادة. ولكن يهوذا إستمر ملتصقاً بالله وهيكله وعبادته (إسم يهود جاء من يهوذا) يسندون إلى إله إسرائيل = أي يستندون عليه ويتكلون عليه. يحلفون باسمه = ولكن بعد أن أعطاهم الرب هذه العلاقة الخاصة، انقلبوا إلى مرائين يحلفون باسمه ويذكرون إله إسرائيل ولكن ليس بالصدق، مع أنهم ينتمون لأورشليم ولله القدوس.
آية (3) بالأوليات منذ زمان أخبرت و من فمي خرجت و أنبأت بها بغتة صنعتها فأتت.
الأوليات = هي كل النبوات القديمة التي تنبأ بها أنبيائهم. وكانت تحدث بغتة = أي بلا مقدمات كهلاك جيش سنحاريب والله طالما تكلم فهو ينفذ وهم تمتعوا بالنبوات الإلهية، وكان الله يخبرهم بالآتيات لتثبيتهم في الإيمان وليميزوا بين الله والأوثان، ومع هذا لم يسمعوا وصلبوا رقابهم.
آية (4) لمعرفتي انك قاس و عضل من حديد عنقك و جبهتك نحاس.
توبيخ شديد لإسرائيل (نادر في إشعياء كثير جداً فى حزقيال) عنق حديد = إشارة لعنادهم. جبهتك نحاس = قلة حياء وعناد.
آية (5) أخبرتك منذ زمان قبلما أتت أنباتك لئلا تقول صنمي قد صنعها و منحوتي و مسبوكي أمر بها.
النبوات صادقة على ألوهية الله. ويبدو أن اليهود عبدوا الأصنام فترة طويلة.
.
آيات (6، 7) قد سمعت فانظر كلها و انتم ألا تخبرون قد أنباتك بحديثات منذ الآن و بمخفيات لم تعرفها. الآن خلقت و ليس منذ زمان و قبل اليوم لم تسمع بها لئلا تقول هاأنذا قد عرفتها.
قد سمعت = أي إسرائيل سمع النبوات. فأنظر = أنتظر إتمامها. ألا تخبرون = كان يجب على شعب الله أن يخبر باقي الشعوب بما بين يديه ليؤمن الآخرين. بحديثات = النبوات الحديثة في إشعياء عن المسيح ليس فيها شيء غير واضح عن المسيح وملكوته. الآن خلقت = أي أظهرت وأعلنت. وقبل اليوم لم تسمع بها = أي أن النبوات السابقة لنبوات إشعياء ليست بهذا الوضوح.
آية (8) لم تسمع و لم تعرف و منذ زمان لم تنفتح أذنك فاني علمت انك تغدر غدرا و من البطن سميت عاصيا.
كانوا قد سمعوا النبوات ولكنهم لم ينتبهوا لها ولا أمنوا بها فكأنهم لم يسمعوا من البطن = منذ أن صاروا شعباً. تغدر غدراً = خالفوا العهد الذي بينهم وبين إلههم، ولقد ظهر هذا من أول تاريخهم.
آية (9) من اجل اسمي أبطئ غضبي و من اجل فخري امسك عنك حتى لا أقطعك.
الله أبطأ غضبه من أجل مواعيده وحتى لا يسخر منه الأمم ويتهموه بأنه أخرج شعبه ليفنيهم في الصحراء. والله هنا يطمئنهم حتى لا ييأسوا ويظنوا أن الله تركهم لخطاياهم ورفضهم ولكنه سيرحمهم ويقبلهم لأجل أسمه.
آية (10) هاأنذا قد نقيتك و ليس بفضة اخترتك في كور المشقة.
الله أجازهم في كور المشقة لينقيهم ويحصل على فضة نقية أي شعب نقى.
آية (11) من اجل نفسي من اجل نفسي افعل لأنه كيف يدنس اسمي و كرامتي لا أعطيها لأخر.
الله لم يختارهم لقداستهم أو غناهم أو قوتهم بل ليظهر فيهم محبته وخلاصه. ويدنس إسم الرب لو تركهم بلا تأديب على خطاياهم أو لو تركهم بلا خلاص.
آيات (12 – 13) اسمع لي يا يعقوب و إسرائيل الذي دعوته أنا هو أنا الأول و أنا الأخر. و يدي أسست الأرض و يميني نشرت السماوات آنا ادعوهن فيقفن معا.
ليسمعوا من الله فهو القادر على كل شيء وهو الذي مازال يحفظ السموات والأرض. فمهما كانت قوة البابليين فهم غير قادرين على منعهم من العودة.
آية (14) اجتمعوا كلكم و اسمعوا من منهم اخبر بهذه قد أحبه الرب يصنع مسرته ببابل و يكون ذراعه على الكلدانيين.
اجتمعوا آية الإسرائيليون وأسمعوا مَنْ مِنْ الأمم أخبر بسقوط بابل، ولكنني هاأنذا أخبرت بهذا قبل حدوثه بعشرات السنين، وتنبأت بكورش الذي أحببته لأنه صنع مسرتي في بابل وحاربهم وكانت ذراعه عليهم.
آية (15) أنا أنا تكلمت و دعوته أتيت به فينجح طريقه.
الله هو الذي دعا كورش.
آية (16) تقدموا إلي اسمعوا هذا لم أتكلم من البدء في الخفاء منذ وجوده أنا هناك و الآن السيد الرب أرسلني و روحه.
هنا ينتقل بوضوح من كورش إلى المسيح المخلص. لم أتكلم من البدء في الخفاء = كلم موسى من على الجبل كما كلم الشعب من على الجبل وكلام الله مفهوم وليس غامضاً. تقدموا إلىَ = الرب هو المتكلم أي المسيح. منذ وجوده أنا هناك = منذ الأزل، منذ وجود الآب الأزلي. فالمسيح موجود فهو أزلي مثله فهو قوته وحكمته. والسيد الرب أرسلني وروحه = من داخل المشروة الثالوثية، كان عمل الأقنوم الثاني أن يتجسد ويظهر ويُرسَل ليقوم بعمل الفداء. فالمسيح هو الكلمة، والله كلم الناس به وأظهر به مجده. وإذا فهمنا أن الآية على كورش وأن الله وروحه أرسلاه نفهم منذ وجوده = أي وجود الأمر بإرسال كورش ليحرر الشعب، وأن هذا الأمر كان أزلياً.
آية (17) هكذا يقول الرب فاديك قدوس إسرائيل أنا الرب إلهك معلمك لتنتفع و أمشيك في طريق تسلك فيه.
الرب يعلم شعبه بلسان الأنبياء وبالتأديب أيضاً. وكون الرب معلم شعبه فهذا يشير لمحبته وطول أناته ولقيمة الإنسان عنده. وأيضاً لمسئولية الإنسان. فالله لا يعامله كحيوان يجبره على شيء بل يعلمه ليفهم ويعرف، الله يقنعه ليقتنع (أر 20 : 7) ويطيع الرب بإرادته.
آية (18) ليتك أصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك و برك كلجج البحر.
ليتك = فالله يريد أن جميع الناس يخلصون. كان كنهر سلامك = هو نهر لأنه من فوق، فالمطر نازل من السماء وهو دائماً نهر جارى لا تنقطع مياهه ولا ينشف وهو يروى الأرض العطشانة (الجسد) فيثمر، أما سلام العالم فكسيول الأودية مخربة ومدمرة. لو أطاعوا ليس فقط ما كانوا قد سقطوا في السبي وإنما كان الله يفيض عليهم سلاماً كنهر متسع وعميق ودائم الجريان ومروى للجميع.
وبرك كلجيج البحر = الله هو العامل فينا أن نريد وأن نعمل (في 2 :13) وإن تركنا الله يعمل فينا ولم نقاومه نكون أبراراً، وسر هذا البر هو البر الذي بالمسيح الذي يغطى كل شيء كلجيج البحر القوية.
آية (19) و كان كالرمل نسلك و ذرية أحشائك كأحشائه لا ينقطع و لا يباد اسمه من أمامي.
هذا الوعد تم جزئياً في أولاد إبراهيم بالجسد وكلياً في أولاد إبراهيم بالإيمان. لا يباد أسمه = أي إسم إسرائيل لا يباد بحرب أو سبى.
آية (20) اخرجوا من بابل اهربوا من ارض الكلدانيين بصوت الترنم اخبروا نادوا بهذا شيعوه إلى أقصى الأرض قولوا قد فدى الرب عبده يعقوب.
نبوءة بالرجوع من السبي. و هنا الله يحث شعبه الذين في السبي أن يعودوا لأورشليم، فالله لا يجبر أحداً بل. ينادى على كل واحد ليخرج بإرادته (وفعلاً خرج حوالي 43.000 شخص ) وكان معظم اليهود في بابل قد ولدوا فيها فاستصعبوا العودة، وهنا الله ينذرهم بالخطر في استمرارهم فسيقع عليهم نفس الضربات الخطيرة التي ستقع على البابليين. وهذا هو نفس النداء في (رؤ 18 :4) أن يترك شعب الله خطايا العالم ويعتزلوها
(لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم) ونلاحظ أن هروبهم يصاحبه فرح وترنم بالفداء وعليهم أن ينشروا هذا في الأرض = شيعوه.
آية (21) و لم يعطشوا في القفار التي سيرهم فيها أجرى لهم من الصخر ماء و شق الصخر ففاضت المياه.
يد الرب كانت معهم في الرجوع، وكما روى الله شعبه الخارج من مصر من الصخرة، يروى الله المؤمنين خلال رحلة حياتهم من روحه القدوس. ومن يمتلئ من الروح القدس يمتلئ سلاماً، فهناك سلام لمن يرجع لله بالتوبة.
آية (22) لا سلام قال الرب للأشرار.
أما الأشرار فلا سلام لهم. الموضوع إختيارى إما نعود لله بتوبة صادقه فنحيا في سلام أو نحيا في الشر ولذة الخطية ونحرم من السلام.
الإصحاح التاسع والأربعون
في الجزء (40 – 48) وجدنا مجادلة الرب مع إسرائيل حول وثنيتهم لذلك نجد آخر آية في هذا الجزء لا سلام يقول ربى للأشرار. وفى هذا الجزء الجديد ( 49 – 57) كلام واضح عن ملكوت المسيح أي كنيسته ومجيئه ورفض اليهود له ومعاملتهم السيئة له بل وصلبه لذلك نجد ختام هذا الجزء أيضاً لا سلام يقول إلهي للأشرار (أش 57 :21) وابتداء من هنا لا كلام عن كورش ولا عبادة الأصنام.
والآيات هنا في عظمتها لا يمكن أن تشير لعودة 43.000 لأورشليم، بل هم ظلوا خاضعين لملك الفرس وتحت الجزية. بل هي تشير للكنيسة وللمسيح الذي كان قليل عليه أن يأتي لليهود فقط ليخلصهم، لذلك أتى لكل العالم، بل أن حتى أكثر اليهود رفضوه. وفى الإصحاح السابق أشار لإرسالية المسيح (48 : 16) والآن يتحدث عن هذه الإرسالية الفريدة التي فيها يخلى الابن ذاته لكي يمجدنا فيه.
آيات (1، 2) اسمعي لي أيتها الجزائر و أصغوا آيةا الأمم من بعيد الرب من البطن دعاني من أحشاء أمي ذكر اسمي. و جعل فمي كسيف حاد في ظل يده خبأني و جعلني سهما مبريا في كنانته أخفاني.
المتكلم هو المسيح فالصفات المذكورة بعد ذلك لا تنطبق إلا عليه.
أيتها الجزائر = كان اليهود يتطلعون للجزائر في البحر المتوسط أنها بعيدة عن اليهود وغريبة عنهم.
الأمم من بعيد = فالمسيح مرسل لكل الأمم. و هم من بعيد لأنهم في كل أنحاء العالم، وهم من بعيد إذ لم يدخلوا في شركة مع الله كاليهود من قبل. في (ص 48) كان يكلم اليهود وهنا نجده يكلم الأمم.
الرب من البطن دعاني = هذه إشارة للتجسد، والمسيح سُمىِ يسوع أي مخلص قبل أن يولد "في بشارة الملاك للعذراء". جعل فمي كسيف = هو صاحب سلطان راجع (رؤ 1 : 16 + رؤ 2 :16 + مت 7 : 29 + كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين (عب 4: 12) سهماً مبرياً = السهم يستخدم لضرب الأعداء البعيدين، فهو سهم ضد إبليس. وهو سهماً مبرياً، أي غير صدأ، مصقول. فالمسيح شهد له أعداءه "لم يتكلم إنسان قط هكذا مثل هذا الإنسان، ولم يستطيع أحد أن يجيبه بكلمة. في ظل يده خبأني = الله حفظه حتى الساعة المعينة من الأعداء الحانقين، فكان يختفي من وسطهم عدة مرات حين كانوا يريدون قتله قبل أن تأتى ساعة الصليب. والآية تعنى أيضاً أن الله كتم سر إرسال إبنه حتى جاء ملء الزمان. وهو خَبَأ حقيقته عن الشياطين فلم يعرفوه وهو أي المسيح كان سره مكتوماً مخبأ في النبوات. ثم ظهر بغتة كسهم مصوب ضد إبليس على الصليب. وهو سهم موجه للمؤمنين يجرحهم حباً (نش 2 : 5) ويجعلهم مشتاقين إليه كل حين، لا يتحدثون سوى عنه ولا يستمعون سوى له.
آيات (3،4) و قال لي أنت عبدي إسرائيل الذي به أتمجد. أما أنا فقلت عبثا تعبت باطلا و فارغا أفنيت قدرتي لكن حقي عند الرب و عملي عند الهي.
الذي به أتمجد (يو 17 : 4،5) فالمسيح بصليبه تمجد ومَجَد الآب. فبه صالح الآب مع البشر. عبثاً تعبت = هذا لسان حال المسيح وهو على الصليب معلق واليهود شامتين رافضين والتلاميذ هاربين مشتتين. هذا مظهر الصليب الخارجي وأما عمله وفاعليته الحقيقيتين فيظهران في آيات (5،6).
آيات (5،6) و الآن قال الرب جابلي من البطن عبدا له لإرجاع يعقوب إليه فينضم إليه إسرائيل فأتمجد في عيني الرب و الهي يصير قوتي. فقال قليل أن تكون لي عبدا لإقامة أسباط يعقوب و رد محفوظى إسرائيل فقد جعلتك نورا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض.
جابلي من البطن = تجسد المسيح من الروح القدس ومن العذراء مريم آخذاً صورة عبد وهذا ليُرجِع يعقوب إلى الإيمان ويترك عبادة الأوثان، وليرجع بالتوبة، ليرجع إلى الله بإيمانه بالمسيح المخلص فينضم إسرائيل = قد تكون نبوة بعودة اليهود في المستقبل، ولكنها تشير لدخول الأمم = إسرائيل الله (غل 6 :16) فالمسيح كان قليلاً عليه أن ياتى ليخلص اليهود، بل هو أتى لخلاص كل الأمم.
آية (7) هكذا قال الرب فادي إسرائيل قدوسه للمهان النفس لمكروه الأمة لعبد المتسلطين ينظر ملوك
فيقومون رؤساء فيسجدون لأجل الرب الذي هو أمين و قدوس إسرائيل الذي قد اختارك.
مكروه الأمة = يسمى التلمود المسيح "المنبوذ المصلوب أو المسيح الأبرص" عبد المتسلطين = كان المسيح كعبد وهو يقف بين يدي بيلاطس وهيرودس وكان كالمهان النفس = هذا كان نبوة عما سيحدث للمسيح فسيكون متضعاً فقيراً مرفوضاً. ينظر ملوك فيقومون = جاء للملكة فيكتوريا رئيس إفريقي وثنى يسألها إلام تنسبين نجاح إمبراطوريتك فقالت لهذا وأعطته إنجيلاً، وقالت أنا مؤمنه بالمجيء الثاني، وربما أن الله أطال عمري ليعطيني فرصة أن أضع تاجي عند قدمي السيد المسيح عندما يجيء. وهذا حال كثيرين من الملوك المؤمنين. لأجل الرب الذي هو آمين فالله يتمجد في كنيسته التي إشتراها وطهرها ولا يخيب رجاء أحد المتكلين عليه. الذي قد إختارك = فالله إختار المسيح أي أرسله لمهمة الفداء والخلاص.
آية (8) هكذا قال الرب في وقت القبول استجبتك و في يوم الخلاص أعنتك فأحفظك و أجعلك عهدا للشعب لإقامة الأرض لتمليك أملاك البراري.
هنا الرب يكلم المسيح قائلاً أنه أعانه في يوم الخلاص، فإن كان الآب قد أرسل له ملائكة لتقوية (لو 22 : 43) فكم صنع الآب بنفسه معه. في وقت القبول هو وقت تأسيس الكنيسة في العهد الجديد. و وقت القبول بالنسبة لنا هو كل وقت نقدم فيه توبة طالما نحن أحياء. وهذه ثمار الخلاص فنحن صرنا مقبولين بالإبن لدى الأب فيستجيب الآب لنا. وأجعلك عهداً = الآب قدم إبنه عهداً جديداً ليس منقوشاً على حجارة بل مسجلاً بالدم في جسد الابن، وبهذا العهد تنال الكنيسة مملكة سماوية وميراث لا يعبر عنه. لإقامة الأرض = أي لتعمير الأرض الخربة، فكما خرب البابليون أورشليم وعادوا من السبي ليعمروها، خَرَب إبليس أرضنا أي جسدنا والمسيح أتى ليقيمه من الخراب وليكون مثمراً. ولتمليك أملاك البراري = بعد السبى عاد الشعب لإمتلاك أرضه الخربة التي صارت كالبراري وبعد الصليب عاد المسيح ليمتلك شعبه بعد أن كانوا للشيطان الذى خربهم كالبراري.
آيات (9،10) قائلا للأسرى اخرجوا للذين في الظلام اظهروا على الطرق يرعون و في كل الهضاب مرعاهم.لا يجوعون و لا يعطشون و لا يضربهم حر و لا شمس لان الذي يرحمهم يهديهم و إلى ينابيع المياه يوردهم.
الحرية ثمرة من ثمار الخلاص فلا يعود للعدو سلطان على أسرى الخطية أسرى الظلام والشهوات الذين حررهم المسيح. ومن الثمار أيضاً التمتع بمرعى إلهي خصب. على الطرق يرعون = فالله قادر أن يرعى شعبه حتى خارج المراعى طالما نحن في طريقه، وحتى على الهضاب = إشارة للضيقات. و المعاني هنا تطبق جزئياً على الأرض إذ نحيا في سلام مع الله وفرح ولكن التطبيق الكامل في السماء يكون.
آية (11) و اجعل كل جبالي طريقا و مناهجي ترتفع.
الجبال هي وصايا الرب والحياة السماوية التي يريدها الله لنا. ولكن الله يمهد لنا الطريق مهما بدا شاقاً بإتحادنا مع المسيح الطريق فتتحول الوصية إلى لذة. مناهجي ترتفع = ستكون الوصية التي هي مناهج أو مسالك الرب سهلة نحن لن ننزل للعالم بل نصعد للرب، على جبال الرب لنحيا في السماويات.
آيات (12، 13) هؤلاء من بعيد يأتون و هؤلاء من الشمال و من المغرب و هؤلاء من ارض سينيم.ترنمي أيتها السماوات و ابتهجي أيتها الأرض لتشد الجبال بالترنم لان الرب قد عزى شعبه و على بائسيه يترحم.
المواعيد للجميع من أرض سينيم = قد تشير لأسوان وقد تشير للجنوب عموماً، وأمام هذا الخلاص فلتفرح الأرض كلها، والترنم هو سمة المؤمنين بسبب تعزيات الروح القدس.
آية (14) و قالت صهيون قد تركني الرب و سيدي نسيني.
قد تكون هذه أقوال صهيون قالتها في مدة سبيها، وقد تكون قالتها حين قبل الله الأمم. وهذا القول هو لسان كل نفس أو الكنيسة فى تجاربها ومشاكلها.
آيات (15،16) هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين و أنا لا أنساك. هوذا على كفي نقشتك أسوارك أمامي دائما.
نقشتك = هذا رد الله على من يتصور أن الله نسيه وأهمله. وحين ينقش الله على كفه فهو لا ينسى، فهذا النقش هو كالوشم لا يزول. وكانت هناك عادة أن ينقش الواحد أسم محبوبته علامة حبه الأبدي لها. والمسيح نقش على كفيه أثار المسامير علامة حبه لكنيسته. قد يشعر الإنسان في تجربته أنه وحده ولكن أمام هذه الآيات يتعزى. أسوارك = أي موضوع حمايتها أمام الله كل حين. والله سيعيد لها أسوارها. بل يكون لها سور من نار " وسيعيد حمايتها وبنائها، وسيعيد إليها بنيها كما كانت، وهو حين يقول أنه يذكر أسوارها فهو يذكرها في حالة مجدها ويشتاق أن يعيد إليها مجدها الأول.
آية (17) قد أسرع بنوك هادموك و مخربوك منك يخرجون.
الله لا يسمح بخراب الكنيسة ولكن للأسف فالهادمون والمخربون يخرجون من الكنيسة ولأغراضهم الشخصية وهذا ما أدى لوجود طوائف متعارضة.
آية (18) ارفعي عينيك حواليك و انظري كلهم قد اجتمعوا أتوا إليك حي أنا يقول الرب انك تلبسين كلهم كحلي و تتنطقين بهم كعروس.
الذين يجتمعوا هم المؤمنون، وهم أجمل زينة للكنيسة كما أن أجمل زينة للوالدين هم أبناؤهم الصالحين.
آية (19) إن خربك و براريك و ارض خرابك انك تكونين الآن ضيقة على السكان و يتباعد مبتلعوك.
هذه نبوة بإتساع شعب الله وكنيسته بدخول الأمم جميعاً للإيمان.
آية (20) :- يقول أيضا في أذنيك بنو ثكلك ضيق علي المكان وسعي لي لأسكن.
بنوكك = بنو ثكلك هم أبناء التي كانت قد فقدت أبنائها (إشارة لرفض اليهود للإيمان، فكأن الكنيسة الأم عدمتهم) فأصبح لها أبناء آخرين (إشارة لقبول الأمم للإيمان). وسعى = إشارة لكثرة الداخلين للإيمان من الأمم.
آية (21) فتقولين في قلبك من ولد لي هؤلاء و أنا ثكلى و عاقر منفية و مطرودة و هؤلاء من رباهم هاأنذا كنت متروكة وحدي هؤلاء أين كانوا.
الكنيسة هنا مشبهة بامرأة مطرودة مهجورة ثم أصبح لها أبناء.
آية (22) هكذا قال السيد الرب ها إني ارفع إلى الأمم يدي و إلى الشعوب أقيم رايتي فيأتون بأولادك في الأحضان و بناتك على الأكتاف يحملن.
كالقائد يرفع يده ليجمع الأمم إلى أحضان الكنيسة (يو 12 : 32 ) ورفع اليد تم على الصليب. فكان الصليب رآية بسط المسيح ذراعيه ليجمع كل الأمم، هي رآية الحب. يده = رمز لتجسد المسيح ذراع الله أي قوة الله.
آية (23) و يكون الملوك حاضنيك و سيداتهم مرضعاتك بالوجوه إلى الأرض يسجدون لك و يلحسون غبار رجليك فتعلمين إني أنا الرب الذي لا يخزي منتظروه.
الملوك يتعهدون الكنائس بالرعآية ومثال لهذا كورش وإستير قديماً بل إن الإسكندر الأكبر فرض حمايته على أورشليم وقسطنطين وثيئودوسيوس حديثاً.
آيات (24 – 26) هل تسلب من الجبار غنيمة و هل يفلت سبي المنصور. فانه هكذا قال الرب حتى سبي الجبار يسلب و غنيمة العاتي تفلت و أنا أخاصم مخاصمك و اخلص أولادك. و اطعم ظالميك لحم أنفسهم و يسكرون بدمهم كما من سلاف فيعلم كل بشر إني أنا الرب مخلصك و فاديك عزيز يعقوب.
هي تدعيم لكل من أصابه اليأس والتشكك في محبة الله وقدرته على الخلاص. وهنا نرى الله الغالب المنصور في معركة الصليب يقتنى أولاده بدمه، ولن يهلك أحد منهم إلا إبن الهلاك (هذا ما نراه في آية 26) وقارن آية (26) مع (رؤ 16 : 6) فالله قادر أن يهيج أعداء كنيسته بعضهم ضد بعض فينقذ كنيسته من بين أيديهم. يسكرون بدمهم = عملهم يرتد على رؤوسهم فيذوقون من عنفهم مرارة حتى كمن يفقد وعيه كمن في حالة سكر.
الإصحاح الخمسون
الله هنا يشبه نفسه لمسبيى بابل (اومسبيى إبليس قبل المسيح) بزوج خانته زوجته ومن حقه أن يطلقها ومع هذا لم يفعل وشبه نفسه بأب والأب بحسب الشريعة كان يمكنه أن يبيع أبنه لسداد ديونه، والله باعهم مؤقتاً للبابليين لتأديبهم وفارقهم إلى حين لذلك هم بلا هيكل بعيداً عن أورشليم، طردهم مؤقتاً من أمامه كما طردوا مريم أخت موسى من المحلة (7 أيام).
آيات (1- 3) هكذا قال الرب أين كتاب طلاق أمكم التي طلقتها أو من هو من غرمائي الذي بعته إياكم هوذا من اجل آثامكم قد بعتم و من اجل ذنوبكم طلقت أمكم.لماذا جئت و ليس إنسان ناديت و ليس مجيب هل قصرت يدي عن الفداء و هل ليس في قدرة للإنقاذ هوذا بزجرتي أنشف البحر اجعل الأنهار قفرا ينتن سمكها من عدم الماء و يموت بالعطش.البس السماوات ظلاما و اجعل المسح غطاءها.
بالرغم من ذنوبهم فالله لم يطلقها (إسرائيل كرمز والبشرية كلها كحقيقة ) طلاقاً نهائياً بأن يرسل لها كتاب طلاق. ولم يسلمهم الرب لأحد من غرمائه أو باعهم له. من أجل آثامكم قد بعتم = أنتم الذين بعتم أنفسكم بإقبالكم على ملذات الخطايا وشهواتها. والله إن كان أبعدها مؤقتاً فلأجل ذنوبها الكثيرة ولكن الذي وعد أن إثمها قد عُفِى عنه (40 : 2) يشرح الطريقة التي سيأتي بها.
وليس إنسان = أي لن يقبلوه. و سينادى وليس مجيب = والله يتساءل هل ليس لدى قدرة على الإنقاذ أنا الذي سبقت ونشفت البحر ونهر الأردن لدرجة أن سمكها مات من عدم الماء. وجعلت ظلاماً = على المصريين. ونلاحظ قوله طلقت أمكم، وقوله أين كتاب طلاق أمكم = إذاً طالما لا يوجد كتاب طلاق فهو إبعاد مؤقت كحادثه مريم أخت موسى.
وآية (2) المقصود منها لماذا لم تقبلوني وعندي وحدي خلاصكم فلا يوجد سواى من هو قادر على خلاصكم وقد إختبرتمونى من قبل في خروجكم من مصر. وكما هو قادر أن يخلص أولاده فهو قادر أن يجعل أعداءه في ظلام ويجعل السموات ترتدي مسحاً فلا تعطيهم ضوءاً فيصيروا في حزن وظلام وهذا معنى آية (3).
آيات (4 -9) قد يكون إشعياء قد قالها إذ رفضه اليهود ورفضوا نبواته ولكنها بروح النبوة كانت منطبقة على المسيح الذي رفضوه وأهانوه وصلبوه.
آيات (4،5) أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أغيث المعيي بكلمة يوقظ كل صباح يوقظ لي أذنا لأسمع كالمتعلمين.السيد الرب فتح لي أذنا و أنا لم أعاند إلى الوراء لم ارتد.
لسان المتعلمين = لا نتعجب أن قيل هذا عن المسيح، فقد قيل عنه أنه كان ينمو في القامة والحكمة والنعمة، وقال عن نفسه أتكلم بهذا كما علمني أبى (يو 8 : 28) وهو كان رئيس كهنة مُجَرِب في كل شيء. فالآب أعطى إبنه (أي لجسد أبنه) كل هذا والابن في تواضعه كان يحب دائماً أن يشهد للآب فهو أتى ليستعلن لنا الآب.
أغيث المعيي = فهو الذي قال "تعالوا إلىَ يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم". و هو الذي كان يعزى الناس بالكلام الذي يسمعه من الآب كل صباح أي دائماً. فالأنبياء كانوا يسمعون من الله بعض الأوقات ولكن الابن كان على اتصال دائم بأبيه، يعرف إرادته فهم واحد. يوقظ = تترجم يضيف، أي أعطاني أذناً داخلية مستعدة كل لحظة لسماع صوت الآب لتعرف مشيئته = فتح لي أذناً كل هذا لنفهم أن المسيح يعلن إرادة الآب ويستعلن الآب إذ هو والآب واحد وأذنه مفتوحة بصفة مستمرة على إرادة الآب. وهو عرف أن إرادة الآب هى موته على الصليب. ولم يعاند وإلى الوراء لم يرتد، بل أطاع حتى الموت موت الصليب (في 2 : 8) وكلمات التعزية للشعب التي سمعها من الآب أسمعها لنا.
آية (6) بذلت ظهري للضاربين و خدي للناتفين وجهي لم استر عن العار و البصق.
سبق ورأينا ماذا عمله المسيح، وهنا نرى ماذا عملوه في المسيح.
آية (7) و السيد الرب يعينني لذلك لا اخجل لذلك جعلت وجهي كالصوان و عرفت أني لا أخزى.
التلاميذ حين ضربوهم "خرجوا فرحين لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل أسمه". كالصوان = أي بعزم ثابت.
آية (8) قريب هو الذي يبررني من يخاصمني لنتواقف من هو صاحب دعوى معي ليتقدم إلي.
الآب كان دائماً قريب من الابن وشهد له يوم المعمودية ويوم التجلي وفي جثسيمانى أرسل له ملاك يقويه. و كانت قيامته وصعوده أعظم شاهد من الله على بره، وفى كل هذا كان الله يبرر الابن أي يظهر بره للعالم ويحكم أنه بار. ومن يريد أن يخاصم المسيح فسيجد الآب بنفسه يدافع عنه ويبرره.
آية (9) هوذا السيد الرب يعينني من هو الذي يحكم علي هوذا كلهم كالثوب يبلون يأكلهم العث.
أين أعداء المسيح من كتبة وفريسيين... الخ كلهم بادوا كالعث.
آيات (10 ، 11) من منكم خائف الرب سامع لصوت عبده من الذي يسلك في الظلمات و لا نور له فليتكل على اسم الرب و يستند إلى ألهه. يا هؤلاء جميعكم القادحين نارا المتنطقين بشرار اسلكوا بنور ناركم و بالشرار الذي أوقدتموه من يدي صار لكم هذا في الوجع تضطجعون.
هذا كلام الرب لشعبه على لسان النبي، والشعب هو شعب الرب في أي وقت. و منهم من هو سامع لعبده أي للمسيح ومنهم من يرفض ويعاند المسيح ففي (10) نجد من يطيع الإيمان = سامع لصوت عبده. حتى وإن كان يسير في الظلمات. ولا نور له في ضيقات هذا العالم حين يؤمن يكون المسيح نوراً له. في آية (11) هنا العكس فنرى صورة الذين رفضوا المسيح ليكون نوراً لهم. بل كانوا يقدحون ناراً = القادحين ناراً = أي يسلكوا حسب حكمتهم الذاتية وبرهم الذاتي أو هم سالكين باحثين كيف يرضوا شهواتهم ولذاتهم، متوقعين في هذا سعادتهم ولا يدركون أن اللذة مجرد شرار ينير لحظات ثم يختفي، أما سلام المسيح فنور دائم وفرح مستمر. أما من يسلك في نور شهواته وحكمته فالله يتهكم عليهم قائلاً اسلكوا بنور ناركم لعلها تفيدكم، لا بل تجعلكم في الوجع تضطجعون أي تبقون في الظلام.
الإصحاح الحادي والخمسون
إصحاح فيه تعزية للمسبيين وللمؤمنين المتألمين في كل جيل. ويقول لهم النبي أن الله الذي أعطى إسحق لإبراهيم من مستودع ميت كالصخر هو قادر أن يخلص وأن يعطى حياة للكنيسة. ولكل إنسان كان ميتاً بالخطية بل هو قادر أن يوجد كنيسة من لا شيء ولكن ليذكر كل من ولد جديداً كيف كانت ولادته صعبة مثل النحت في الصخر.
لقد تكلم عن عبد الرب وآلامه في الإصحاح السابق وسيتكلم عنه ثانية ابتداء من (52 :13) ومابين هذين الفصلين كلام تعزية من الرب لشعبه. وهنا نجد ثلاثة أوامر بأن نسمع أسمعوا لي (آية 1) ثم أنصتوا لي (آية 4) ثم أسمعوا لي (آية 7) فإن كان أبن الله سمع وأطاع فبالأولى نسمع نحن ونطيع فكلمة إسمعوا هي حث على الطاعة، ومن يسمع يصير تابعاً للبر.
آيات (1، 2) اسمعوا لي آيةا التابعون البر الطالبون الرب انظروا إلى الصخر الذي منه قطعتم و إلى نقرة الجب التي منها حفرتم. انظروا إلى إبراهيم أبيكم و إلى سارة التي ولدتكم لأني دعوته و هو واحد و باركته و أكثرته.
التابعون البر = هم كل من يريد أن يتبع وصايا الرب لكنه متشكك في أنه يتبع البر فعلاً ويصير قديساً بينما هو ميت في خطاياه. و الله يذكر هؤلاء بأنه قد أعطى من قبل لإبراهيم وسارة نسل كرمل البحر بعد أن فقدا كل أمل في أن تخرج منهما حياة، فهل يعجز الآن. ما حدث لإبراهيم ليس بقوته بل من عند الله، وما سيحدث لي من قداسة وبر هو من عمل الله فيَ أنا الخاطئ الميت.
آية (3) فان الرب قد عزى صهيون عزى كل خربها و يجعل بريتها كعدن و باديتها كجنة الرب الفرح و الابتهاج يوجدان فيها الحمد و صوت الترنم.
الله قد عزى شعبه وكنيسته، هذه التي كانت خِرباً فصارت كجنة. هذا عمل نهر الروح القدس الذي كان له ثماره من فرح ظهر في التسبيح والترنيم.
آية (4) أنصتوا إلي يا شعبي و يا أمتي أصغي إلي لان شريعة من عندي تخرج و حقي أثبته نورا للشعوب.
شعبي وأمتي = هي كلمات معزية، فالله مازال يعتبرهم ويعتبرنا خاصته لأن شريعة = هي شريعة العهد الجديد التي أعطاها الله = من عندي تخرج ليس لإسرائيل وحدها بل لكل الشعوب = نوراً للشعوب. وشعب الرب هو من يخضع لشريعة الرب. و هذه الشريعة ليست ثقيلة بل هي نوراً للشعوب هي انطلاق وحرية وفرح وتسبيح وترنم وامتلاك للسماء وليست قيوداً.
آية (5) قريب بري قد برز خلاصي و ذراعاي يقضيان للشعوب إياي ترجو الجزائر و تنتظر ذراعي.
قريب برى = لقد أقترب البر والخلاص الذي للمسيح وهو للجميع حتى الجزائر. و ذراعي = أي قوتي أي المسيح المنتظر.
آية (6) ارفعوا إلى السماوات عيونكم و انظروا إلى الأرض من تحت فان السماوات كالدخان تضمحل و الأرض كثوب تبلى و سكانها كالبعوض يموتون آما خلاصي فالي الأبد يكون و بري لا ينقض.
السماء والأرض يزولان ولكن كلامي لا يزول (مت 24 :35) فخلاص الله الموعود هو خلاص أبدى ثابت وليس قابلاً للتغير كالإنسان.
آيات (7،8) اسمعوا لي يا عارفي البر الشعب الذي شريعتي في قلبه لا تخافوا من تعيير الناس و من شتائمهم لا ترتاعوا. لأنه كالثوب يأكلهم العث و كالصوف يأكلهم السوس آما بري فالي الأبد يكون و خلاصي إلى دور الأدوار.
المخاطبون هنا هم المؤمنين بالرب وهم عرضة للخوف من كثرة المضطهدين وقوتهم، والله يطمئنهم بأن هؤلاء المضطهدين كبابل مصيرهم الزوال وهم كالعث.
آيات (9، 11) استيقظي استيقظي البسي قوة يا ذراع الرب استيقظي كما في أيام القدم كما في الأدوار القديمة الست أنت القاطعة.رهب الطاعنة التنين. الست أنت هي المنشفة البحر مياه الغمر العظيم الجاعلة أعماق البحر طريقا لعبور المفديين.و مفديو الرب يرجعون و يأتون إلى صهيون بالترنم و على رؤوسهم فرح ابدي ابتهاج و فرح يدركانهم يهرب الحزن و التنهد.
ذراع الرب = قوته أي المسيح (1كو 24:1) وهذا نداء له ليقوم أى ليتجسد ويخلص شعبه. كما فعل في الماضي مع رهب = أي مصر أيام موسى.
آية (13،12) أنا أنا هو معزيكم من أنت حتى تخافي من إنسان يموت و من ابن الإنسان الذي يجعل كالعشب. و تنسى الرب صانعك باسط السماوات و مؤسس الارض و تفزع دائما كل يوم من غضب المضايق عندما هيا للاهلاك و اين غضب المضايق.
جواب الرب لصلاة شعبه فحواه أن ينظروا إليه وحده ولا يخافون من بشر الذين يموتون وهم مهما بلغت قوتهم فهم ضعاف كالعشب يداسون.
آية (14) سريعا يطلق المنحني و لا يموت في الجب و لا يعدم خبزه.
المنحنى = أي الأسير الذي يضعون رجليه في المقطرة ورأسه مربوط عند العنق إشارة للمسبيين (في بابل أو سبى الخطية) ووعد بتحرير حتى هذا المنحنى.
آيات (15، 16) و أنا الرب إلهك مزعج البحر فتعج لججه رب الجنود اسمه.و قد جعلت أقوالي في فمك و بظل يدي سترتك لغرس السماوات و تأسيس الأرض و لتقول لصهيون أنت شعبي.
لماذا تخافون والرب قادر أن يزعج البحر، البحر يشير لبابل التي كأنها أغرقتهم. والرب قادر أن يزعج البحر ويرعب أعداء شعبه كما فعل مع المصريين وكما فعل مع موآب أيام جدعون. و طالما هو يستطيع أن يزعجهم فهو قادر أن يسكنهم أيضاً. وقد جعلت أقوالي في فمك = المخاطب هنا هو المسيح كلمة الله وهو الذي سيغرس السموات = أي الكنيسة التي على الأرض ولكنها سماوية (لأن سيرتكم هي في السماويات).يغرس السموات هذه مثل طأطأ السموات فهو جعل كنيسته التى على الأرض كالسموات ( مز 9:18).
آية (17) انهضي انهضي قومي يا أورشليم التي شربت من يد الرب كاس غضبه ثقل كاس الترنح شربت مصصت.
كانت هناك عادة أن يعطوا للمحكوم عليه بالإعدام كأس خمر شديدة ليترنح قبل إعدامه، والكلام هنا لأورشليم التي شربت من يد الرب كأس غضبه وذهبت تحت نير بابل. وكانت خطاياها سبب هلاكها. و النداء لها هنا أن تنهض للحرية من بابل والنداء أيضاً للكنيسة. وللنفس البشرية التي طالما عانت من العبودية للخطية ولسلطان الشهوات ولإبليس.
آية (18) ليس لها من يقودها من جميع البنين الذين ولدتهم و ليس من يمسك بيدها من جميع البنين الذين ربتهم.
ليس لها من يقودها = فملوكها أسرى ورؤساؤها هربوا. وأي أرض بلا قائد تخرب." إضرب الراعي فتتبدد الرعية" والمعنى قبل المسيح لم يكن هناك قائد أو مرشد لطريق الخلاص فلا أحد يعرفه أما المسيح فهو الطريق.
آية (19) اثنان هما ملاقياك من يرثي لك الخراب و الانسحاق و الجوع و السيف بمن أعزيك.
الاثنان هما الخراب والانسحاق. الخراب = الجوع في الداخل والانسحاق هو السيف في الخارج. ولا محامٍ عنك.
آية (20) بنوك قد أعيوا اضطجعوا في رأس كل زقاق كالوعل في شبكة الملآنون من غضب الرب من زجرة إلهك.
النبي هنا كأنه يرى ما حدث بعد السبي كالوعل في شبكة = يرفس ويضرب ويُعذِب نفسه ولا يقدر أن يخلص (اليهود في بابل). وكل ذاك لأنهم ملآ نون من غضب الرب. وهكذا كل أسرى شباك الخطية.
آية (21) لذلك اسمعي هذا أيتها البائسة و السكري و ليس بالخمر.
هنا الله يكلم شعبه. اللاهى في خطاياه وكأنهم سكري. وليس بالخمر = بل بالخطايا. وقطعاً جزاء الخطية غضب الرب و ألام كثيرة.
آية (22) هكذا قال سيدك الرب و إلهك الذي يحاكم لشعبه هاأنذا قد أخذت من يدك كاس الترنح ثقل كاس غضبي لا تعودين تشربينها في ما بعد.
الوضع الآن أن الشعب معذب بسبب خطاياه والرب أتى ليحاكم. لكن لم يكن محام كما ذكرنا قبلاً. وهنا قام الرب بهذا الدور. فكان هو المحامى عن شعبه بل هو الذي أخذ من يدها كأس الترنح فهو حمل خطايانا وحمل عقوباتها.
آية (23) و أضعها في يد معذبيك الذين قالوا لنفسك انحني لنعبر فوضعت كالأرض ظهرك و كالزقاق للعابرين.
كانت العادة أن المنتصر يدوس على رقبة المهزوم لذلك أمرها الغالبون أن تنطرح أرضاً ليسير العدو على ظهرها كزقاق ضيق يعبر فيه، هنا نرى مذلة الخطية، ولكن كما عذبهم البابليون هكذا عُذِبوا هم . وبعد الفداء نال الشيطان كل الآلام التي كان يكيلها للبشر وأُعِد له البحيرة المتقدة بالنار التي نارها لا تطفأ ودودها لا يموت.
الإصحاح الثاني والخمسون
آية (1) استيقظي استيقظي البسي عزك يا صهيون البسي ثياب جمالك يا أورشليم المدينة المقدسة لأنه لا يعود يدخلك فيما بعد أغلف و لا نجس.
إستيقظى إستيقظى = سبق وكرر كلمة أسمعوا 3 مرات وهنا يكرر كلمة إستيقظى. فهذا الكلام موجه لأورشليم الثملة من كأس غضب الرب، وهم كانوا في بابل كأموات يائسين من العودة. وكلمة إستيقظى هنا مثل "طابيثا قومى " لتستيقظ صهيون من سباتها، أو لتستيقظ الكنيسة من موتها، أو يستيقظ كل خاطئ من موته (أف 5 : 14 + 2 :6) والكنيسة تموت مع المسيح في المعمودية وتقوم معه في جدة الحياة (رو 6) وهذا نداء يعنى أن الكنيسة ستقوم من الموت مع المسيح مخلصها وفاديها بعد أن كانت في حالة السبي للخطية. وفى الإصحاح السابق تكررت كلمة إستيقظى 3 مرات موجهة لذراع الرب وهنا موجهة مرتين للكنيسة (أمم ويهود) فالله لا يعمل وحده. وبلا عمل منهم لا يعمل هو لأجلهم. البس عزك والبس ثياب جمالك = هنا نرى عودة البشرية إلى مكانها الأول لتعيش حرة كما أراد لها الله. وهذه تناظر ألبسوا المسيح، فالمسيح هو برنا هو يغطينا بدمه فتتبرر ويكون هو لنا كل شيء، قوتنا وطريقنا لنسير في بر في هذه الحياة أيضاً. لا يدخلك أغلف = واضح أن هذا لم يتحقق في رجوع إسرائيل من السبي فقد دخلها بعد ذاك اليونانيين والرومان ولكن هذا تحقق في إقامة الكنيسة السماوية على الأرض. وبالنسبة لليهود فقد نفهم الآية على أنهم لم يعودوا للوثنية وأمرهم عزرا ونحميا بترك زوجاتهم الوثنيات.
آية (2) انتفضي من التراب قومي اجلسي يا أورشليم انحلي من ربط عنقك أيتها المسبية ابنة صهيون.
هذا عكس ما قيل لبابل إنزلى وإجلسى في التراب، بابل السيدة صارت أمة والأمة أورشليم صارت سيدة. والمعنى أن الكنيسة لا يصح أن تكون مرتبطة بالتراب بعد أن حلها المسيح من ربط الخطية. رُبُط الخطية مثل محبة المال والمجد العالمى والعادات الرديئة وبعد أن كانت مربوطة من عنقها بالخطية وتسحب كالحيوانات عادت لها كرامة الحرية.
آية (3) فانه هكذا قال الرب مجانا بعتم و بلا فضة تفكون.
خلاص المسيح كان مجاناً وبلا فضة. والخاطئ الذى يبيع نفسه للخطية (فالله لم يبعهم بل هم باعوا أنفسهم بتركهم لله) يبيع ما لا يقدر بمال أي نفسه مجاناً لأن المتعة التي يجنيها من لذة الخطية لا تساوى شيئاً.
آية (4) لأنه هكذا قال السيد الرب إلى مصر نزل شعبي أولا ليتغرب هناك ثم ظلمه أشور بلا سبب.
الشعب أستعبد 3 مرات لمصر ولأشور ولبابل فأذلهم هؤلاء. وكل أولاد الله قبل المسيح استعبدوا للشياطين فأذلوهم. بلا سبب = لم يكن هناك داع سياسي أو عسكري لمصر أو بابل أن تذل الشعب وإنما كان هذا لمحبتهم للخطية، وبلا سبب تكرهنا الشياطين، ولكن الله سلمنا لهم بسبب خطايانا.
آيات (5،6) فالآن ماذا لي هنا يقول الرب حتى اخذ شعبي مجانا المتسلطون عليه يصيحون يقول الرب و دائما كل يوم اسمي يهان. لذلك يعرف شعبي اسمي لذلك في ذلك اليوم يعرفون إني أنا هو المتكلم هاأنذا.
ماذا لي هنا = تعبير يعنى لماذا أرضى بهذا الوضع، سأقوم لخلاص شعبي. المتسلطون عليه يصيحون = هم يجدفون على الله، وفى نفس الوقت يعاملون شعب الله معاملة مهينة. ويوم الخلاص الذي أُعلِنَ هنا فيه يعرفون أن الله هو المتكلم. فالذي تجسد هو كلمة الله "الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء... كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في إبنه. والمسيح يقول من رآنى فقد رأى الآب. المعنى أن يوم الخلاص سنعرف أن ذاك الذي مات عنا هو الله الذي كان يكلمنا في النبوات وفى الكتاب كله.
آيات (7- 12) يشير للخلاص من بابل كرمز لخلاص المسيح ثم في الآيات (13 – 15) ينتقل صراحة للخلاص بالمسيح.
آية (7) ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام المبشر بالخير المخبر بالخلاص القائل لصهيون قد ملك إلهك.
المبشر هو المسيح الذي كان يجلس على الجبال ليعلم تلاميذه. قد ملك إلهك = الله بخلاصه الذي صنعه ملك على قلوبنا. ونحن نصلى ليأتي ملكوتك.
آية (9،8) صوت مراقبيك يرفعون صوتهم يترنمون معا لأنهم يبصرون عينا لعين عند رجوع الرب إلى صهيون. اشيدي ترنمي معا يا خرب اورشليم لان الرب قد عزى شعبه فدى اورشليم.
المراقبين = هم الرسل والتلاميذ الذين لهم أعين لتنظر وهؤلاء اكتشفوا عمل المسيح وخلاصه فرفعوا أصواتهم بالبشارة بعد أن رأت عيونهم. (1يو1 : 1،2) وسبب الفرح ليس الرجوع لأورشليم بل رجوع الرب لصهيون ينظرون عيناً لعين = بالنسبة لليهود ينظرون تحقيق النبوات. و بالنسبة للكنيسة فهي بالروح القدس ترى أمجاد السماء الآن كما في لغز كما في مرآة وفى السماء ترى الله وجهاً لوجه.
آية (10) قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا.
ذراع قدس الرب = تعبير يعنى قوة الرب وشمر الرب عن ذراعه = تعنى التجسد أو تعنى أن الله يظهر قوته لأعدائه.
آية (11) اعتزلوا اعتزلوا اخرجوا من هناك لا تمسوا نجسا اخرجوا من وسطها تطهروا يا حاملي أنية الرب.
المنظر الذي نراه كرمز لفداء المسيح هو خروج اليهود من بابل ورجوعهم إلى صهيون. وهم عادوا فى موكب حاشد يتحرك ببطء ولكن بلا خوف. وهو ليس مشهد جماعة من العبيد الهاربين الذين يخشون متابعة سادتهم، بل يسيرون في ثقة وترنيم ويركض أمامهم من يبشر بالسلام. ومعهم كهنتهم حاملين آنية بيت الرب، ولقد إستغرقت الرحلة 4 شهور. وكانوا يرنمون، وحين يرنمون ترى الأرض كلها خلاص الله لشعبه. و المعنى، فبعد أن يقدم المسيح الخلاص لشعبه، على شعبه أن لا يخاف بطش عدو، سواء شياطين أو من تحركهم الشياطين ، فهو تحرر منهم. وعلى شعب الله أن يعتزل الشر ويحيا حياة التسبيح شاهداً لخلاص إلهه. وكما إعتزل اليهود الذين تعودوا الحياة في بابل حياتهم، على الكنيسة شعب الله أن تعتزل حياة الخطية =لا تمسوا نجساً = علينا أن لا نكون مثل اليهود الذين أخرجهم الرب من مصر فخرجوا ومحبة الأوثان، أي العجل الذهبي في قلوبهم فأهلكتهم، علينا أن نضحي باللذات الوقتية، ويجب أن نطمئن من جهة الطريق فالله الذي يقود ويحافظ على المسيرة. وعلينا أن نتبع أثار من سبقونا من القديسين والشهداء، وعلى رجال الكهنوت حاملي آنية الرب أن يتطهروا (والآنية هي التي أخذها نبوخذ نصر فأعادها كورش (عزا)).
آية (12) لأنكم لا تخرجون بالعجلة و لا تذهبون هاربين لان الرب سائر أمامكم و اله إسرائيل يجمع ساقتكم.
لن يخرجوا بالعجلة = كما خرجوا من مصر وإله إسرائيل يجمع ساقتكم = ساقة الجيش هى مؤخرته من الضعفاء والأطفال والشيوخ والنساء، حتى هؤلاء الضعفاء فالله – يجمعهم. إذاً العدو لا يستطيع أن يبطش بهم من خلف فالله هو القائد.
الإصحاح الثالث والخمسون
لا شك في أن عبد الرب هنا هو المسيح، وهكذا فسره اليهود حتى القرن 12. لكن نتيجة جدالهم مع المسيحيين اضطروا أن يفتشوا عن تفسير آخر. فقال بعهم أن عبد الرب هو شعب اليهود والبعض قالوا أنه أرميا والبعض يوشيا. ولقد آمن كثيرون من اليهود بالمسيح بمطالعتهم لهذا الفصل ومقابلته بالعهد الجديد وفى الأيام الحديثة، أسقط اليهود هذا الفصل (52: 13 – 53 : 12) من القراءات المنتخبة للقراءة الأسبوعية فهو نبوءة كاملة عن ألام المسيح قبل المسيح بحوالي 700 سنة. وهذه الآلام كانت حتى يفدى شعبه، لقد جعل نفسه ذبيحة إثم
(53 : 10) وبهذه النبوة نقترب إلى الله وننظر إلى سر الفداء.
آيات (52 : 13-15):- هوذا عبدي يعقل يتعالى و يرتقي و يتسامى جدا. كما اندهش منك كثيرون كان منظره كذا مفسدا اكثر من الرجل و صورته اكثر من بني ادم. هكذا ينضح امما كثيرين من اجله يسد ملوك افواههم لانهم قد ابصروا ما لم يخبروا به و ما لم يسمعوه فهموه
عبدي يعقل = عبدي لأنه أخلى ذاته في تجسده، آخذا صورة عبد. وأطاع لنحسب فيه مطيعين. يعقل = فهو أقنوم اللوغوس العقل المنطوق به أو النطق العاقل. هو أقنوم الحكمة. هو حكمة الله وقوته (1كو 1 : 24) والمسيح بالجسد كان ينمو في الحكمة، وكان كلامه كله بحكمة أذهلت الناس.
يتعالى ويرتقى = هو يتعالى ويرتقى لأنه تنازل وتواضع أولاً فنجاح عمله أي الفداء رفعه في أعين كل العالم. ولأنه تواضع رفعه الله وأعطاه إسما فوق كل إسم (في 2 : 9، 10) والتعالي والتسامي صفات لله، فهكذا رأى إشعياء الله جالسا على كرسي عالٍ (أش 6 :1) ونفس المفهوم نجده في (أش 57 : 15) لذلك فالمسيح هو الله. هكذا ينضح – ينضح لها معنيين:
1) يذهل. فهو كان إتضاعه مذهلاً فاليهود انتظروا مسيحاً في صورة مجد لا مسيحاً متألماً.
2) يرش فالمسيح رش دمه على المؤمنين من كل الأمم لأجل تطهيرهم. فمنظره كذا مفسداً = صورته في جروحه ودمه الذي غطى جسمه، حتى أن بيلاطس قال "هوذا ملككم" أبصروا ما لم يخبروا به = هم رأوا في المسيح وعرفوا ما لم يخبرهم به كهنتهم وعرافيهم.
آية (1) من صدق خبرنا و لمن استعلنت ذراع الرب.
من صدق خبرنا = المسيح أتى لليهود ولكنهم لم يصدقوه. والصليب كان سراً مذهلاً لم يصدقه أحد.
لمن إستعلنت ذراع الرب = في المسيح (ذراع الرب) إستعلن محبة الله وقوته. والسؤال فيه استنكار لموقف اليهود من المسيح فهو تجسد منهم وأتى لهم لكنهم لم يؤمنوا به فقد انتظروه ملكاً وقائداً.
آية (2) نبت قدامه كفرخ و كعرق من ارض يابسة لا صورة له و لا جمال فننظر إليه و لا منظر فنشتهيه.
نبت قدامه = أي قدام الرب. فكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح (لو 2 : 40) كفرخ = لم يخرج في صورة قائد عظيم، بل جاء كفرخ (غصن) من أصل شجرة جافة. خرج كقضيب من جذع يسى الشجرة اليابسة (فأسرة داود انتهت أيام سبى بابل سنه 586 أيام صدقيا الملك أخر ملوك الأسرة) أو تفهم أن المسيح خرج من الطبيعة البشرية التي هي أرض يابسة. لا صورة له ولا جمال = كانت عيون اليهود مغلقة فلم يروا جماله الداخلى، جمال قداسته، وفى هذه كان أبرع جمالاً من بنى البشر (مز 45 :2) إختفى جماله من أمام عيونهم فلم يروا سوى فقره وتواضعه وصليبه، بل كان مكروهاً لتوبيخه الناس على خطاياهم. يقول البعض في أيامنا لو رأينا المسيح لآمنا به. و لا يعرفون أن الإيمان بالمسيح الآن وهو في مجده أسهل من الإيمان به في هذه الصورة المحتقرة التي تناسب ما يريده الناس من قوة ومن عظمة.
آية (3) محتقر و مخذول من الناس رجل أوجاع و مختبر الحزن و كمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به.
مختبر الحزن = كانت ملحوظة أحد نبلاء الرومان عن المسيح وقد أرسلها لمجلس الشيوخ الروماني أن المسيح لا يضحك، بل قيل في الكتاب المقدس عن المسيح أنه بكى ولكن لم يقال ولا مرة أنه ضحك. محتقر ومخذول = هكذا أحتقر اليهود ورؤساءهم المسيح وقالوا عنه مجنون، وقالوا به شيطان.... الخ وكمستر عنه وجوهنا = هم ستروا وجوههم عنه كأبرص وحينما رأو المسيح على الصليب قالوا هذا من غضب الله. كما قالوا سابقاً أأخطأ هذا أم أبواه فعندهم أن الألم عقوبة للخطية ولم يعرفوا أنه يتألم لأجلهم هم.
آيات (4، 6) لكن أحزاننا حملها و أوجاعنا تحملها و نحن حسبناه مصابا مضروبا من الله و مذلولا. و هو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه و بحبره شفينا.كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه و الرب وضع عليه إثم جميعنا.
قال المسيح على الصليب "يا أبتاه أغفر لهم" والمقصود من هذا ليس أن المسيح سامحهم عما فعلوه، بل إنه وهو معلق على الصليب غارقاً ومغطى بدمائه بدأ شفاعته الكفارية. فدمه لا يطلب الثأر مثل دم هابيل (عب 12 : 4) أحزاننا حملها = الأحزان ناتجة عن الخطية فهو حمل خطايانا وأثارها ليعطينا سلام الله الذي يفوق كل عقل. تأديب سلامنا = هو أحتمل نيابة عنا التأديب ونتيجة هذا حصلنا على السلام وبجبره = هي أثار الجروح التي نتجت عن ضربات السوط والقصبة والشوك وجروح المسامير واللكم واللطم. وهكذا وضع الرب عليه إثم جميعنا = جميعنا فالجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله.
آية (7) ظلم أما هو فتذلل و لم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذبح و كنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه.
ظُلِم = محاكمته كانت ظالمة وأتوا له بشهود زور. أما هو فتذلل = أي سلم نفسه للظلم. ولم يفتح فاه = فهو سكت أمام قيافا وبيلاطس وهيرودس. وكان كشاه تساق للذبح = أي بلا مقاومة، فهو يعرف ما جاء لأجله وهو عرف نية محاكميه وظلمهم، وكان سكوت المسيح هذا أبلغ دليل على قوته، فهو لم يستخدم قوته ضدهم وإلا كان الفداء قد تعطل.
آية (8) من الضغطة و من الدينونة اخذ و في جيله من كان يظن انه قطع من ارض الأحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبي.
من الضغطة = الشدة والضيق والمشقة. ومن الدينونة = المحاكمة أمام رؤساء الكهنة ثم الملوك. وفى جيله = أي الشعب الذي رآه يصلب لم يفهم أنه صلب ومات من أجل ذنب الشعب وليس من أجل ذنبه هو. قطع من أرض الأحياء = مات من أجل ذنب شعبي وليس لخطية فيه.
آية (9) و جعل مع الأشرار قبره و مع غني عند موته على انه لم يعمل ظلما و لم يكن في فمه غش.
جعل مع الأشرار قبره لها تفسيرين :
1- قد تشير لحراسة الجنود الرومان الأشرار وهم قد قبلوا الرشوة ليكتموا خبر القيامة، فهم كاذبين مرتشين، قالوا كنا نيام وأتى التلاميذ وسرقوه.
2- كان المخطط أن يلقوا جسده في وادي أبن هنوم ليحرق بالنار كما يعملون دائماً مع المصلوبين. ولكن الله دبر أن يدفن في مقبرة يوسف الرامى الرجل الغنى = ومع غنى عند موته.
آية (10) أما الرب فسر بان يسحقه بالحزن أن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلا تطول أيامه و مسرة الرب بيده تنجح.
الرب سر أن يسحقه بالحزن = وإن كان الأشرار هم الذين دبروا هذا ضد المسيح إلا أن هذا كان في قصد الله وهو سر بان يسحق أبنه بالحزن حتى نخلص نحن ونفرح، فهل هناك حب أعظم من هذا. جعل نفسه ذبيحة إثم = فالمسيح لم يتألم جسدياً فقط بل نفسياً بالأكثر لحمله خطايا العالم ومن خيانة الكل له. ومن الشر الذي في البشر، هو ترك لنقبل نحن = يرى نسلاً = النسل هم المؤمنين الذين فداهم. كان هو حبة الحنطة التي سقطت ليكون هناك حبوب كثيرة. تطول أيامه = أي لن تنتهي حياته بالموت وهذا نبوة عن القيامة. ومسرة الرب بيده تنجح = مسرة الرب هي خلاص الناس.
آية (11) من تعب نفسه يرى و يشبع و عبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين و آثامهم هو يحملها.
يرى ويشبع = يرى أجر تعبه وهو خلاص النفوس الكثيرة ومن كثرتها يشبع. هذا معنى ما قاله المسيح للتلاميذ في قصة السامرية (يو 4 : 32) أنا لي طعام لآكل لستم تعرفونه أنتم... طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله (يو 4 : 34) ولا يوجد شبع بعيداً عن المحبة. ولا توجد محبة بدون تعب ولا يوجد تعب لا يعوض بالسرور وبقدر ما يكون التعب بما فيه من آلام ومرارة بقدر ما تكون البركة والشبع. بمعرفته يبرر كثيرين = من يؤمن به يتبرر أي يعطيه المسيح بره وتكون أثامه محسوبة على المسيح. وهو يغفر لنا كل يوم بشفاعته الكفارية.
آية (12) لذلك اقسم له بين الأعزاء و مع العظماء يقسم غنيمة من اجل انه سكب للموت نفسه و أحصي مع آثمة و هو حمل خطية كثيرين و شفع في المذنبين.
الأعزاء = ملوك الأرض الأقوياء كملوك أشور وبابل والفرس الذين قهروا ممالك وأخضعوا الأرض كلها لهم، وهكذا أعطى الله المسيح أن يكون ملكاً يخضع الناس لنفسه. ولكن المعنى الأصح أن الشياطين التي كانت تملك على قلوب شعب الله من قبل وكانوا كأعزاء وهم ملوك هذه الأرض، بل أن كل من يموت يغتنموه لهم، أما الآن فقد رُبِط الشيطان وقُيِد وأصبح هناك نسل للمسيح، غنيمة للمسيح، وأبداً لن يكون الملكوت فارغاً والجحيم مملوءاً. وهذا ما رآه يوحنا اللاهوتى (رؤ 7 : 9) بعد هذا نظرت وإذا جمع كثير يستطع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش وأمام الخروف متسربلين بثياب بيض وفى أيديهم سعف النخل. و الرب حين سألوه أقليل الذين يخلصون لم يجب بنعم بل قال اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق.
الإصحاح الرابع والخمسون
بعد أن تكلم عن ألام المسيح في (ص 53) كان من المناسب هنا أن يتحدث عن نمو الكنيسة ثمرة عمله الفدائي، سبق في (ص 53) وقال أنه يرى نسله وها هو يرى نسله، وها هو يرى نسله أي المؤمنين، ربما يشير الكلام جزئياً عن العودة من السبي. و لكن واضح أن الكلام هنا عن الكنيسة التي تمتد من اليمين لليسار فتضم كل الشعوب والأمم وأتساعها ومحبة الرب لها ومجدها.
آية (1) ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد أشيدي بالترنم أيتها التي لم تمخض لان بني المستوحشة أكثر من بني ذات البعل قال الرب.
من هي العاقر ؟ = قد تكون البقية الراجعة إلى أورشليم وتجدها خربة، والله هنا يعدها بأنها ستكون أكثر من الأول حين كان لها بعل (أي الله نفسه) والمعنى أن الله سيعيد لها مجدها أكثر من الأول. وقد تكون العاقر هي كنيسة الأمم التي كانت وهى بعيدة عن الله عاقراً ولم تلد ومستوحشة والله يعدها أنها ستكون بأولادها أكثر كثيراً جداً من كنيسة اليهود التي لها بعل فهي أيضاً أصبحت عروساً للمسيح. وهكذا فهم بولس الرسول هذه الآية أنها إشارة للكنيسة (غل 4: 26، 27) وقد تكون العاقر هي أنا وأنت حين تكون حياتنا فيها عقم وجفاف ولكن مراحم الرب واسعة تجعل للعاقر بنين، فلا نيأس من خطايا الماضي لتكون لنا ثمار ( بنين ) والثمار هى ثمار الروح القدس. والمطلوب. ترنمي.. وأشيدي من أجل ما هو آت بالإيمان.
هذه الآية هي مفتاح لهذا الإصحاح وما بعد ه.
آية (2) أوسعي مكان خيمتك و لتبسط شقق مساكنك لا تمسكي أطيلي أطنابك و شددي أوتادك.
هذا يدل على انتشار الكنيسة على الأرض أوسعى مكان خيمتك = هي خيمة لأنها مكان سكن مؤقت أما البيت الثابت فهو في السماء (2 كو 5 :1) والمعنى كثرة الداخلين للإيمان، فلم تعد اليهودية تكفيهم، بل احتاجوا لكل العالم. ولتبسط شقق مساكنك = الشقق هي الستائر وهى رمز للجمال من الداخل فكل مجد أبنة الملك من داخل.
آية (3) لأنك تمتدين إلى اليمين و إلى اليسار و يرث نسلك أمما و يعمر مدنا خربة.
امتداد الكنيسة والمدن المخربة (قد تكون أورشليم وقد تكون إشارة للنفوس التي خربها إبليس) ستعمر وتصبح الكنيسة هي أورشليم الروحية.
آية (4) لا تخافي لأنك لا تخزين و لا تخجلي لأنك لا تستحين فانك تنسي خزي صباك و عار ترملك لا تذكرينه بعد.
لا تخافي = من أن لا ينجز الوعد. خزي صباك = عبودية مصر. فإن حررنا المسيح نكون بالحقيقة أحراراً. وعار ترملك = في سبى بابل صارت إسرائيل كامرأة مهجورة بسبب خطيتها. والمعنى أن الفرح الذي يعطيه المسيح سينسيها أيام العار والخزي. وهذا الكلام لكل نفس عاشت بعيداً عن المسيح لفترة طويلة متروكة كما في السبي ليس من يملأ فراغ قلبها. لكن إن عادت يفرحها المسيح وينسيها خزيها.
آية (5) لان بعلك هو صانعك رب الجنود اسمه و وليك قدوس إسرائيل اله كل الأرض يدعى.
لأن بعلك = الكنيسة هي عروس المسيح. وليك = هو من يفك الميراث المرهون والمعنى أن الرب يفدى شعبه، وهو يتكفل بخلاصهم. فالكنيسة للرب، أولاً لأنه صانعها، وثانياً لأنه وليها أي مخلصها.
آية (6) لأنه كامرأة مهجورة و محزونة الروح دعاك الرب و كزوجة الصبا إذا رذلت قال إلهك.
زوجة الصبا = هي التي أحبها الرب قديماً دون غيرها. ثم رفضها بسبب خطاياها فصارت مهجورة. ولكنه لمحبته الأولى لها لم يقدر أن ينساها فغفر لها وردها.
آية (7، 8) لحيظة تركتك و بمراحم عظيمة سأجمعك. بفيضان الغضب حجبت وجهي عنك لحظة و بإحسان ابدي أرحمك قال وليك الرب.
التأديب لمدة محددة = لحيظة. أما المراحم فأبدية = بإحسان أبدى والغضب كغيمة تحجب عنا نور الشمس ولكنها سرعان ما تزول.
سأجمعك = من اليهود والأمم وكل الشعوب.
آيات (9، 10) لأنه كمياه نوح هذه لي كما حلفت أن لا تعبر بعد مياه نوح على الأرض هكذا حلفت أن لا اغضب عليك و لا أزجرك. فان الجبال تزول و الآكام تتزعزع أما إحساني فلا يزول عنك و عهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب.
هذه = أي الضيقات، ضيقات شعبه.. أي أن عهد سلام الله لكنيسته عهد أبدى. وبالرغم من ضيقاتها فلن تفنى الكنيسة. و كما وعد الله نوح بأن لا يكون طوفان ثانية يعد كنيسته بعهد سلام وأنها لن تزول من أمامه. لكن كما طهر الطوفان العالم من خطيته هكذا فالضيقات تطهر الكنيسة.
آيات (11، 17) نرى الكنيسة التي إتضعت وتذللت وناحت في توبة ورجعت فرجع لها الله وكان سر مجدها.
آيات (11، 12) أيتها الذليلة المضطربة غير المتعزية هاأنذا ابني بالاثمد حجارتك و بالياقوت الأزرق أؤسسك. و اجعل شرفك ياقوتا و ابوابك حجارة بهرمانية و كل تخومك حجارة كريمة.
هكذا كان وضع الكنيسة قبل المسيح حينما كانت مرفوضة = ذليلة بسبب العبودية. ومضطربة = بسبب هجر الروح القدس مصدر السلام لها وهى كمدينة كانت خربة. هاأنذا أبنى بالأثمد حجارتك = الحجارة هي النفوس البشرية التي تطهرت بدم المسيح وصارت حجارة حية في هيكل الرب (1 بط 2 : 5) والأثمد هو الحجر الذي يكتحل به (يصنع منه كحل العيون لتزيد قوة إبصارها) والمعنى أن يكون شعب المسيح مبصراً له عيون روحية ترى بالروح القدس. وبالياقوت الأزرق أؤسسك = إذاً الأساس سماوي،فالأساس الذي تبنى عليه الكنيسة هو المسيح. واللون الأزرق لون السماء. والشرف ياقوت = الشرف هي الجزء الذي ننظر منه للخارج. و هناك لونين من الياقوت: 1) الأزرق وكما قلنا أنه إشارة للسماويات، فمن هذه الشرف يتطلع المؤمنين للسماويات هكذا أعطى الله المؤمنين أن ينظروا للسماويات من الآن ولكنه ينظرونها كما فى لغز كما في مرآة. 2) الشفاف وهذا إشارة لقداسة القلب ونقاوته وبر الإنسان. وبدون هذا لا يرى أحد السماويات " طوبى لأنقياء القلب. لأنهم يعاينون الله" (مت5:8). إتبعوا السلام مع القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب (عب 12 : 14) وتخومك حجارة كريمة = أي أسوارك = تخومك = والمقصود أنها محاطة بالفضائل، فهي كنيسة جميلة مجيدة طاهرة. وتشير للتقديس الكامل للنفس والجسد. أبوابك حجارة بهرمانية = الأبواب هي الحواس وهى مقدسة أيضاً.
آية (13) و كل بنيك تلاميذ الرب و سلام بنيك كثيرا.
البركة الموعود بها هي السلام، وهو أعظم من الغنى والمجد والسلطة ومن لذات العالم. وهو سلام ليس كما يعطى العالم، بل سلام يفوق كل عقل. وكلنا تلاميذ الرب فهو المعلم وهو الذي يرسل الروح القدس "يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم " والسيد قال أن من يريد أن يصير له تلميذاً عليه أن يحمل صليبه ويتبعه. كل = قطعاً كل من يريد أن يتعلم.
آية (14) بالبر تثبتين بعيدة عن الظلم فلا تخافين و عن الارتعاب فلا يدنو منك.
البر هنا وعد الله الأمين للمؤمنين، هو يعطينا بره، ومن يقبل ويكون باراً يثبت = بالبر تثبتين. و الله يعيننا أن نسلك في بره. ومن يجتهد أن يثبت في هذا البر يثبت في الرب. والسيد نادى قائلاً "أثبتوا فيَ". بعيدة عن الظلم فلا تخافين = لابد أن نفهم أن الله حامى كنيسته لا يستطيع أحد أن يظلمها فعليها ألا تخاف. ولكن هناك اضطهاد وضيق يقعان على الكنيسة فكيف نفسر هذا ؟ قال السيد المسيح في العالم سيكون لكم ضيق وعلينا أن نحمل صليبه ونتبعه. ولكنه في نفس الوقت قال لبيلاطس "لم يكن لك على سلطان البتة إن لم تكن قد أعطيت من فوق... اى من الله".
إذاً الضيق الواقع علينا، لا يقع علينا من الناس الأشرار لأنهم أقوياء، بل من الله الذي يسمح بذلك، وطالما نحن في يد الله فعلينا أن لا نخاف ولا نرتعب من مخلوق. والضيق هو للتأديب، فمن يحبه الرب يؤدبه.
آيات (15 - 17) ها أنهم يجتمعون اجتماعا ليس من عندي من اجتمع عليك فإليك يسقط. هاأنذا قد خلقت الحداد الذي ينفخ الفحم في النار و يخرج آلة لعمله و أنا خلقت المهلك ليخرب. كل آلة صورت ضدك لا تنجح و كل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه هذا هو ميراث عبيد الرب و برهم من عندي يقول الرب
هناك مؤامرات كثيرة ضد الكنيسة وهى قطعاً ليست من عند الله ولذلك فهي محكوم عليها بالفشل. ولكن ما يسمح به الله أن يتم من ضيقات على الكنيسة هو لصالحها للتأديب. فالله وحده قادر أن يخرج من الآكل أُكل الأكل هنا هو مؤامراتهم. والأكل هو التأديب. بل إن أعظم مثال لهذا هو الصليب نفسه. وفى النهآية ستنتهي كل مقاومة ضد الكنيسة وتتكلل الكنيسة عروس المسيح.
اجتماعاً ليس من عندي = فأشور وبابل خربوا أورشليم بعلم وأوامر الرب، أما الآن فلن يخرب أحد كنيسة الله. ومن يفعل إليك يسقط = أعداء الكنيسة سوف ينضمون إليها وأشهر مثال على هذا الإمبراطورية الرومانية أشهر من أضطهد المسيحية تحولت أخيراً للمسيحية. أنا خلقت الحداد = كل من يقوم ضد الكنيسة كأنه حداد ينفخ فى النار ليشكل الحديد، والله يستعمل الضيقات لتشكيل كل مؤمن ليخلص، الله يستعمل أعداء الكنيسة لخلاصها. هذا هو ميراث = كل ما ذكر من بركات كالسلام والبر والأمان والابتعاد عن الظلم هو ميراث الكنيسة. عبيد الرب = جسد المسيح عبد الرب. برهم من عندي= عبيد الرب تبرروا حينما آمنوا واعتمدوا وصار المسيح حياً ثابتاً فيهم يعطيهم حياته وبره فيسلكون بالبر وجعل روحه فيهم يبكتهم إذا أخطئوا، وإن تابوا يغفر لهم والروح يبكتهم إن لم يسلكوا في البر وتكون لهم أعمال بر وإن جاهدوا وسلكوا في النور وسلكوا في أعمال صالحة يعطيهم من بر المسيح.
الإصحاح الخامس والخمسون
هنا نرى الدعوة للجميع ليتركوا ملذات العالم ويتذوقوا نعمة الروح القدس وأفراحه وتعاليمه، دعوة ليتوب الجميع ويرفضوا الشر، وليؤمن غير المؤمنين فيتذوقوا ثمار الخلاص من شبع وإرتواء. واضح في هذا الإصحاح نتائج الخلاص وهو حلول الروح القدس. والخلاص من بابل هو رمز للخلاص العظيم الذي صنعه المسيح، ولا يذكر خلاص بابل بجانبه فحين يتم المرموز إليه لا نعود نذكر هذا الرمز.
آية (1) آية العطاش جميعا هلموا إلى المياه و الذي ليس له فضة تعالوا اشتروا و كلوا هلموا اشتروا بلا فضة و بلا ثمن خمرا و لبنا.
المياه = هي ينابيع الروح القدس (يو 7 : 37 + رؤ 22 : 17) والمتكلم هنا كبائع يقف ليبيع بضاعته مجاناً. والشرط الوحيد أن يشعر الإنسان بعطشه أي بالاحتياج ليأتي ويأخذ. وهذا الخلاص مقدم لمن ليس له فضة أي فقير في المال وفقير في الأعمال الصالحة، فهو مقدم للمحتاجين (رؤ 3 : 14-18) وبركات الخلاص فائقة الثمن لا يقدر أحد على دفع ثمنها فلذلك يقدمها المسيح مجاناً والخمر = يعنى الفرح فمن ثمار الروح القدس فرح وسلام. واللبن = يعنى التعليم فهو يعلمنا كل شيء.
آيات (2، 3) لماذا تزنون فضة لغير خبز و تعبكم لغير شبع استمعوا لي استماعا و كلوا الطيب و لتتلذذ بالدسم أنفسكم.أميلوا آذانكم و هلموا إلي اسمعوا فتحيا أنفسكم و اقطع لكم عهدا أبديا مراحم داود الصادقة.
لماذا تزنون فضة لغير خبز = لم يكن هناك نقود مسكوكة فى ذلك الوقت بل كان يعطون فى مقابل ما يشترونه فضة بالوزن. والخبز هو للشبع والمعنى لماذا تبعثرون طاقاتكم ومواهبكم أي وزناتكم في العالم الزائل الباطل وفيما لا يشبع = ليس خبز، فهذا العالم هو كالآبار المشققة التي لا تضبط ماء. استمعوا إلىَ = علينا أن ننتبه أن وعود الله حق ونستمع إليه فالله لا يرغمنا على طريقه. ومن يستمع سيأكل الطيب وتتلذذ بالدسم أنفسكم = يروون من دسم بيتك ومن نهر نعمك تسقيهم (مز 36 : 8) وأكل الدسم هو أكل جسد المسيح ونهر النعم هو نهر ثمار الروح القدس. وهذا عهد أبدى = العهد الجديد عهد النعمة، حصلنا عليه بدم المسيح ومراحم داود = أي الوعود بدوام مملكة داود، أى أن المسيح يملك على شعبه فتكون له شعباً ويملك هو علينا. "ليأت ملكوتك".
آية (4) هوذا قد جعلته شارعا للشعوب رئيسا و موصيا للشعوب.
المسيح هنا سُمِى داود فى الآية السابقة، فهو من نسله "هو أصل وذرية داود" (أر 30 : 9 + حز 34 : 23+ رؤ 22 : 16) وشارعاً = أي مشرع شريعة المحبة الجديدة.
آية (5) ها امة لا تعرفها تدعوها و امة لم تعرفك تركض إليك من أجل الرب .إلهك و قدوس إسرائيل لأنه قد مجدك.
المخاطب هنا هو المسيح والمعنى أن الأمم سيدعوهم المسيح وسيركضون إليه.
آيات (6، 7) طلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه و هو قريب. ليترك الشرير طريقه و رجل الإثم أفكاره و ليتب إلى الرب فيرحمه و إلى إلهنا لأنه يكثر الغفران.
هنا نرى أهمية الصلاة والتوبة دائماً.
آيات (8، 9) لان أفكاري ليست أفكاركم و لا طرقكم طرقي يقول الرب. لأنه كما علت السماوات عن الأرض هكذا علت طرقي عن طرقكم و أفكاري عن أفكاركم.
طرق الله عجيبة، فهو يحول إنسان خاطئ للتوبة عن طريق إصابته بمرض أو تجربة. وهكذا عن طريق السبي أمتنع اليهود نهائياً عن الوثنية. وقد أستخدم بولس الرسول هذه الآيات حينما تأمل في أن الله قَبِل اليهود أولاً ثم رفضهم وقَبِل الأمم، ثم يعود في نهآية الأزمنة ويقبل اليهود (رو 11 : 23، 24)
آيات (10، 11) لأنه كما ينزل المطر و الثلج من السماء و لا يرجعان إلى هناك بل يرويان الأرض و يجعلانها تلد و تنبت و تعطي زرعا للزارع و خبزا للأكل.هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع إلي فارغة بل تعمل ما سررت به و تنجح فيما أرسلتها له.
كلمة الرب في كتابه المقدس أو كلمة الكرازة لا ترجع فارغة = بل يكون لها ثمار وكلمة الله تشبه المطر لأنها نازلة من السماء، وتنزل على الأرض اليابسة (آدم وكل شعب الله أُخِذوا من الأرض وإلى التراب يعودون ) فيرويها ويكون لها ثمار.. و المطر لا يعود إلى السماء إلا بعد أن يروى الأرض ويعمل عمله (هو يعود للسماء بعد أن يتبخر).
آية (12) لأنكم بفرح تخرجون و بسلام تحضرون الجبال و الآكام تشيد أمامكم ترنما و كل شجر الحقل تصفق بالأيادي.
الشعب سبق لهم الخروج من مصر رمز العبودية. بفرح خرجوا، وبعد خروجهم رنموا، هكذا في خروجنا من سبى خطيتنا علينا أن نفرح ونتهلل.
آية(13):- عوضا عن الشوك ينبت سرو و عوضا عن القريس يطلع اس و يكون للرب اسما علامة ابدية لا تنقطع
الشوك كان لعنة من ثمار الخطية والمعنى هنا أنه عوضاً عن لعنة الخطية ستكون بركات وتكون أشجار جميلة نافعة عوضاً عن الأشواك المؤلمة. ويكون للرب إسماً = أي يتمجد الرب في أبنائه المؤمنين.
الإصحاح السادس والخمسون
في الآيات (1- 8) نجد عمومية الدعوة، فهي لكل إنسان تائب، حتى من الخصيان والغرباء والعبيد ولكن على المؤمنين أن يطيعوا الله ويتمسكوا به، ففي مقابل نعم الله علينا، فعلينا نحن واجبات ينبغي تنفيذها بجهاد حقيقي فنتقابل في الطريق. وفى الآيات (9- 12) المحرومون هم رعاة إسرائيل الذين انحرفوا وراء الربح والخمر وتركوا الرعية.
آيات (1، 2) هكذا قال الرب أحفظوا الحق و اجروا العدل لأنه قريب مجيء خلاصي و استعلان بري. طوبى
للإنسان الذي يعمل هذا و لابن الإنسان الذي يتمسك به الحافظ السبت لئلا ينجسه و الحافظ يده من كل عمل شر.
الحق والعدل بصورتهم الكاملة المطلقة لن يكونا إلا في السماء، ولكن علينا أن نحفظهم بقدر إمكاننا من الآن، أي كأننا نعيش حياة سماوية وذلك يكون الحفظ الوصية. قريب مجيء خلاصي = يقولها إشعياء فالخلاص باق له 700 سنة فقط. والأهم أن الخلاص قريب لكل أحد أن الكلمة في داخل القلب (رؤ 10 : 8) ويقولها إشعياء للمسبيين في بابل لينتظروا عودتهم من السبي على رجاء. ويقولها لليهود في إسرائيل بعد السبي لينتظروا مجيء المسيح الأول ويقولها لنا الآن لننتظر مجيء المسيح الثاني أو ننتظر كل واحد لقائنا معه على حدة بعد انتقالنا. السبت = يشير للسبت خصوصاً لأن في التمسك بالسبت تمسك بانتمائنا لله وللسماء، فالسبت يمتنع فيه الإنسان عن العمل ليتفرغ للرب ويذكر أنه غريب على الأرض. لذلك من أستطاع أن يكرس السبت للرب ويقدسه يعرف أن يكرس حياته كلها للرب. واستبدلت الكنيسة السبت بالأحد فهو يوم القيامة.. وفيه لا نطلب أحد سوى الرب.
آيات (3- 6) فلا يتكلم ابن الغريب الذي اقترن بالرب قائلا إفرازا افرزني الرب من شعبه و لا يقل الخصي ها أنا شجرة يابسة.لأنه هكذا قال الرب للخصيان الذين يحفظون سبوتي و يختارون ما يسرني و يتمسكون بعهدي.إني أعطيهم في بيتي و في أسواري نصبا و اسما أفضل من البنين و البنات أعطيهم اسما أبديا لا ينقطع.و أبناء الغريب الذين يقترنون بالرب ليخدموه و ليحبوا اسم الرب ليكونوا له عبيدا كل الذين يحفظون السبت لئلا ينجسوه و يتمسكون بعهدي.
كانوا في العهد القديم يهتمون بأن يكون لهم أولاد، ليبقى لهم إسم بعد موتهم، أما في العهد الجديد فنحن أحياء بالإيمان بالمسيح ولا أحد يهتم بأن يكون له أولاد ليظل حي فالملائكة ليس لهم أولاد، ولكنهم أحياء، والله يعطى للجميع حياة. ولذلك كان عند اليهود، لا يدخل الخصى إلى جماعة الرب فهو غير مثمر وعقيم والمعنى أن لا ينضم للمحافل ولا للكهنوت. وكذلك الغرباء لأنهم لا يشبهون شعب الله ولكن هؤلاء حينما دعوا للإيمان المسيحي لم يعودوا أشجاراً يابسة غير مثمرة. هم بعد أن قبلوا المسيح مخلصاً حل عليهم الروح القدس فتمسكوا بالإيمان وحفظوا السبت. وهكذا كم من الذين كانوا مرفوضين قبلاً صاروا قديسين عظماء (موسى الأسود).
آية (7) أتي بهم إلى جبل قدسي و أفرحهم في بيت صلاتي و تكون محرقاتهم و ذبائحهم مقبولة على مذبحي لان بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب.
هنا نرى أفراح العبادة في المسيحية، والصلاة في ارتفاعها للسماويات على جبل الرب. فالكنيسة بيت صلاة سماوي، من يدخله لا يصير غريباً عن الله ويحيا في فرح.
آية (8) يقول السيد الرب جامع منفيي إسرائيل اجمع بعد إليه إلى مجموعيه.
وأجمع بعد إليه = الله يجمع المؤمنين من كل الأمم ويضمهم للكنيسة ويصيروا مثمرين بل متئمين (نش 4 :2)
العقيم يتحول لمتئم (أى يلد توأم)
آيات (9 -12) يا جميع وحوش البر تعالي للأكل يا جميع الوحوش التي في الوعر.مراقبوه عمي كلهم لا يعرفون كلهم كلاب بكم لا تقدر أن تنبح حالمون مضطجعون محبو النوم. و الكلاب شرهة لا تعرف الشبع و هم رعاة لا يعرفون الفهم التفتوا جميعا إلى طرقهم كل واحد إلى الربح عن أقصى. هلموا اخذ خمرا و لنشتف مسكرا و يكون الغد كهذا اليوم عظيما بل أزيد جدا.
من يبقى خارج الكنيسة يتعرض للوحوش المفترسة فهو بلا رعآية. هنا نرى مصير اليهود الذين رفضوا المسيح فسيترك الله عليهم جميع الوحوش = أي أعداء إسرائيل وهذا ما حدث من الرومان سنة 70 م. وهؤلاء الوحوش سيأتون بأمر الرب لأنه يقول تَعَالَى. وللأسف فهذا الشعب كل مراقبوه عمى = أي كهنتهم ومعلميهم الذين يفسرون لهم الكتاب المقدس. فكل من يقرأ الكتاب المقدس، العهد القديم ولا يرى المسيح فهو أعمى معاند. كلاب بكم = عمل الكلب أن ينبح ليحذر أصحابه عند إقتراب خطر، ولكن هؤلاء لا يقومون بهذا الواجب، فالخطر يقترب بلا محذر يحذرهم. وعلى كل خادم أن يفهم أن عمله هو تحذير مخدوميه وأن لا يسكت على خطاياهم. وهم ليسوا بُكماً فقط بل شرهين للأموال نائمين غير مبالين بما سوف يحدث من هلاك لرعيتهم. بل الأسوأ أنهم غارقين في ملذاتهم = هلموا آخذ خمراً = هذا كلام كاهن لآخر تعال نسكر ولا تهتم فالغد سيكون أحسن من اليوم.
الإصحاح السابع والخمسون
تحدث سابقاً عن دعوة الله المجانية للعطاش كي يشربوا من ينابيع الخلاص، وعن بيت الرب المفتوح للجميع. وفى الإصحاحات (57- 59) نجد عوائق التمتع بعمل الله الخلاصى مثل الرجاسات والزنى والظلم والقتل. ومع هذا يفتح باب الرجاء أمام الراجعين إليه. هنا يذكر خطايا الشعب التي دفعت الرب أن يؤدبهم بالسبي. وهذا الكلام موجه لكل خاطئ حتى بعد خلاص المسيح.
آيات (1، 2) باد الصديق و ليس احد يضع ذلك في قلبه و رجال الإحسان يضمون و ليس من يفطن بأنه من وجه الشر يضم الصديق. يدخل السلام يستريحون في مضاجعهم السالك بالاستقامة.
الأشرار إضهدوا الصديقين وقتلوهم، وهذا تكرر كثيراً في عصر منسى الملك. والأشرار فرحوا بالخلاص من القتلى. و لكنهم لم يفهموا أن الصديقين إنما استراحوا وذهبوا إلى الله، والله لابد وسيعاقب هؤلاء الأشرار، فالشر آتٍ عليهم وقد سمح الله بموت الأبرار حتى لا يروا الشر الأتي = ومن وجهة الشر يضم الصديق. كما جاء الشر على سدوم وعمورة بعد خروج لوط. وغرق العالم بعد دخول نوح الفلك.
آيات (3، 4) أما انتم فتقدموا إلى هنا يا بني الساحرة نسل الفاسق و الزانية. بمن تسخرون و على من تفغرون الفم و تدلعون اللسان أما انتم أولاد المعصية نسل الكذب.
الله يعدد التهم ضد يهوذا التي بسببها ضربتهم بابل. فهم فاسقين وزناة وأولاد فاسقين تاركين الرب ساجدين للأصنام. با بني الساحرة = أي أمكم تعاملت مع الشياطين والسحرة. وهؤلاء الأشرار يسخرون من الأبرار بل ومن الله = تدلعون اللسان، أما الأبرار فلا يسخرون من أحد. نسل الكذب = هذه صفة إبليس (يو 8 : 44) وهم بشرورهم أولاد إبليس (1 يو3 : 10).
آية (5) المتوقدون إلى الأصنام تحت كل شجرة خضراء القاتلون الأولاد في الأودية تحت شقوق المعاقل.
كانوا يقدمون العبادة تحت أشجار يقدسونها. ونحن نقدم طاقاتنا وأموالنا ذبيحة لعدو ا لخير حين نرضى شهواتنا. كانوا يقدمون أولادهم ضحايا ومحرقات للأوثان. أنظر تضحية هؤلاء الوثنيين حتى بأولادهم في سبيل أوثانهم، فماذا نقدم نحن لله ؟ شقوق المعاقل = الأماكن الموحشة في البراري.
آية (6) في حجارة الوادي الملس نصيبك تلك هي قرعتك لتلك سكبت سكيبا و أصعدت تقدمة اعن هذه أتعزى.
قال داود نصيبي هو الله، أما هم فنصيبهم الأصنام. يأخذون حجارة من الوادي ملساء، صارت ملساء بجريان الماء عليها و يقيمون منها أوثان.
آية (7) على جبل عال و مرتفع وضعت مضجعك و إلى هناك صعدت لتذبحي ذبيحة.
كانوا يختارون الجبال العالية لعباداتهم. مضجعك = هنا يشبه عبادة الأصنام بالزنى بالإضافة لأن عبادة الأصنام اشتملت على زنى فعلى في هياكل الأوثان.
آية (8) وراء الباب و القائمة وضعت تذكارك لأنك لغيري كشفت و صعدت أوسعت مضجعك و قطعت لنفسك عهدا معهم أحببت مضجعهم نظرت فرصة.
كان التذكار علامة العبادة الوثنية وكانت هذه العلامة يضعونها وراء أبواب بيوتهم، تذكرهم بآلهتهم التي يعبدونها، كقديس حامٍ للبيت وكان كل من يدخل البيت يسجد لهذا التذكار عند دخوله، أحببت مضجعهم = كأنهم تعاهدوا بمحبة الأوثان حتى الموت. أوسعت مضجعك = يشبه الأشرار بزانية توسع مضجعها، فإذ لا تشبع من الشر، تزني مع أي إنسان، واليهود كانوا قد أفرطوا في عدد الأصنام التي عبدوها، بل تباهوا بزيادة عدد أوثانهم كما فعل أحاز حتى أنه غير مذبح الرب. قطعت لنفسك = لم يعبدوا الآلهة الوثنية فقط بل تعاهدوا مع الشوب الوثنية لتحميهم. نظرت فرصه = هم كانت لهم النية ويتحينون الفرص لذلك.
آية (9) و سرت إلى الملك بالدهن و أكثرت اطيابك و أرسلت رسلك إلى بعد و نزلت حتى إلى الهاوية.
يشير للمعاهدات السياسية، ربما مع فرعون لينقذهم من أشور، والله حسب هذا زناً روحياً أي الاتكال على ذراع بشر. وهم في سبيل عقد هذه المعاهدات تجملوا جداً أمام الشعوب الغريبة حتى ينالوا إعجابهم فوضعوا الدهن وأكثروا الأطياب وهم ظنوا أنهم بالمعاهدات مع الأقوياء قد ارتفعوا جداً. و لكنهم في نظر الله انخفضوا جداً حتى إلى الهاوية. وقد يقصد بالهاوية سؤال العرافين وسؤال الموتى.
آية (10) بطول أسفارك أعييت و لم تقولي يئست شهوتك وجدت لذلك لم تضعفي.
تعبوا وراء الملوك (كمن يتعب ويجرى وراء شهوات العالم الآن) بلا تعب ولا يأس مثل من يتعب ليحصل على شهوته ثم لا يقدر أن يصلى.
آية (11) و ممن خشيت و خفت حتى خنت و إياي لم تذكري و لا وضعت في قلبك أما أنا ساكت و ذلك منذ القديم فإياي لم تخافي.
هم خافوا من الملوك الذين حولهم ولم يعرفوا أنهم بشر وهم في قبضة الله، ولكنهم لم يذكروا الله وخانوه والله لم يؤدب فوراً ولم يقتص منهم فوراً فتقست قلوبهم ولم يعودوا يخافون الرب، مع أن الله يطيل أناته لعلنا نتوب.
آية (12) أنا اخبر ببرك و بأعمالك فلا تفيدك.
الله يعرف وها هو يظهر أن برهم ناقص، هو بر ظاهري غير حقيقي ويُظهر أن أعمالهم الشريرة وعبادتهم للأصنام لن تفيدهم.
آيات (13، 14) إذ تصرخين فلينقذك جموعك و لكن الريح تحملهم كلهم تأخذهم نفخة أما المتوكل علي فيملك الأرض و يرث جبل قدسي. و يقول اعدوا اعدوا هيئوا الطريق ارفعوا المعثرة من طريق شعبي.
إذ تحدث لهم مصيبة يصرخون لجموع ملوكهم وأصنامهم لينقذوهم ولكنهم سيكتشفوا مؤخراً أن ملوكهم وأصنامهم هم كالعصافة تذريها الريح ثم نجد بعد ذلك وعود لمن يرجع للرب = أما المتوكل كل على الرب = الكلام هنا موجه للأتقياء التائبين، وهؤلاء سيرثوا جبل قدسى = بالنسبة لليهود سيرثوا الأرض أي يعودوا لأورشليم وبالنسبة لنا سنرث السماء. وفى طريق شعب الله لميراث السماء، يعد الله لهم الطريق ويهيئه ويرفع المعثرة من أمامه.
آيات (15، 16) لأنه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الأبد القدوس اسمه في الموضع المرتفع المقدس اسكن و مع المنسحق و المتواضع الروح لأحيي روح المتواضعين و لأحيي قلب المنسحقين. لأني لا أخاصم إلى الأبد و لا اغضب إلى الدهر لان الروح يغشى عليها أمامي و النسمات التي صنعتها.
الله يوجه لهم دعوة هنا ليتواضعوا ويرجعوا إليه، فيعود لهم بل يسكن فيهم. الله الذي لا تسعه السموات يسكن في القلب المتواضع. ساكن الأبد. الله ليس كالملوك الأرضيون الذين يموتون بل هو أبدى. في الموضع المرتفع المقدس = ارتفاع الله مقترن بقداسته فهو مرتفع لأنه قدوس. و لكنه يسكن عن المتواضعين ومن يسكن عنده الله يحييه الله. لا أخاصم إلى الأبد فالله لو خاصم إنسان لابد وأن هذا الإنسان يفنى = لأن الروح يغشى عليها أمامي = فمن يحتمل الوقوف أمام الله. وكثيرين من القديسين الذين رأوا الله كان يسقطون كأموات، والله في محبته كان يقيمهم (حزقيال، يوحنا الرائي). فالإنسان نسمات ضعيفة خلقها الله.
آية (17) من اجل إثم مكسبه غضبت و ضربته استترت و غضبت فذهب عاصيا في طريق قلبه.
إثم مكسبه = يشير لخطية الطمع، ونلاحظ أنه أمام الخطية يستتر الله، وإذا أستتر الله عن خليقته تموت فهو المحيى (مثال الشمس). والله إذ سمح بضربة ثم أعطى عزاء للإنسان لإحتمل الإنسان، أما لو ضرب الله ثم أستتر أي لا يعطى عزاء لمن ضربه تكون الضربة موجعة جداً.
آية (18) رأيت طرقه و سأشفيه و أقوده و أرد تعزيات له و لنائحيه.
الطرق المذكورة هي طرق الخطية والعصيان. ولكن الله يَعِد بالشفاء ولكن لمن ؟ للتائبين النائحين.
آية (19) خالقا ثمر الشفتين سلام سلام للبعيد و للقريب قال الرب و سأشفيه.
ثمر الشفتين = ذبيحة التسبيح (عب 13 : 15) ويعطى شعبه سلام. للبعيد = أي للأمم والقريب = أي اليهود. و من ثمار السلام التسبيح.
آيات (20 ، 21) أما الأشرار فكالبحر المضطرب لأنه لا يستطيع أن يهدا و تقذف مياهه حماة و طينا.ليس سلام قال الهي للأشرار.
الأشرار الذين لن يقبلوا الله في قلوبهم يكونون كالبحر، وكما تهيج الرياح أمواج البحر، تهيج الشهوات الجسدية الأشرار، وتهيج عليهم تجارب العالم والمصائب والضيقات. والنتيجة لا سلام لهؤلاء الأشرار = ليس سلام قال إلهي للأشرار. وبهذه الآية يختتم إشعياء هذا الجزء الذي يعاقب فيه الرب اليهود على رفضهم للمسيح والآلام التي وضعوها عليه، وهم لن يجدوا سلاماً في هذا العالم طالما هم رافضين للمسيح.
الإصحاح الثامن والخمسون
الإصحاحات من (60 - 66) تكلمنا عن بناء مدينة الله الجديدة. وهذا الإصحاح وما بعده مدخل لها، موضوعه الابتعاد عن الشكليات في العبادة. وهنا في ص (58) يكلمهم عن الصوم، وأن المطلوب ليس المظاهر إنما فعل الرحمة والحق، وإذا عملوا هذا وحفظوا السبت تأتيهم البركات. حقاً هم بعد السبي تركوا عبادة الأوثان ولكنهم اتجهوا للمظهرية في العبادة مثل أصوامهم. يصومون دون تغيير في القلب ولما لم يستجب الله تبجحوا قائلين(لماذا صمنا ولم تنظر) آية (3).
آية (1) ناد بصوت عال لا تمسك ارفع صوتك كبوق و اخبر شعبي بتعديهم و بيت يعقوب بخطاياهم.
على رجل الله أن ينبه شعبه بما يقوله الله. ولا يُمسِك = أي يقول ما يعجبه ويمنع مالا يستحسنه. و بصوت عال = فيسمع الجميع حتى الغير المنتبهين وكبوق = والبوق يستعمل للإنذار والتحذير في الحروب ونحن في حرب دائمة مع عدو الخير. وفى العهد الجديد أرسل الله الروح القدس ليبكت على الخطية، فلا يموت الإنسان بسبب خطاياه دون أن يدرى . فالروح القدس يعمل على أن نعيش أنقياء والله يطلب تنقية القلب للكمال قبل الصوم المظهري.
آية (2) و إياي يطلبون يوما فيوما و يسرون بمعرفة طرقي كأمة عملت برا و لم تترك قضاء إلهها يسألونني عن أحكام البر يسرون بالتقرب إلى الله.
هم لهم مظاهر التقوى، يسألون عن طرق الرب وأحكام البر ولكنهم ينكرون قوتها، يعيشون في مظاهر فقط. هنا نرى الابتهاج بالمعرفة الروحية العقلانية دون اختبار.
آيات (3، 4) يقولون لماذا صمنا و لم تنظر ذللنا أنفسنا و لم تلاحظ ها أنكم في يوم صومكم توجدون مسرة و بكل أشغالكم تسخرون. ها أنكم للخصومة و النزاع تصومون و لتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاء.
من يصوم للمظاهر فقط لا يسمع له الرب. و هؤلاء صاموا للمسرة أي عاشوا في خطاياهم يتلذذون بها ويصنعون ما يسرهم لا ما يسر الله. امتنعوا عن العمل وسخروا لهم عبيداً ليعملوا العمل ولم يعطوهم راحة هم في إحتياج إليها بل كانوا في خصومة ونزاع. ويضربوا إخوتهم بلكمة الشر وبالتالي لم يكن لهم صومهم لتسميع صوتهم في العلاء = عمل الصوم أن يساعد على توصيل صوت صلواتنا للعلاء، ولكن إذا كانت قلوبنا مملوءة شراً فالله قطعاً لن يستجيب. والعكس لو صمنا وتذللنا وامتنعنا عن الشر واللذات يسمع الله صوتنا في العلاء ويستجيب.
آيات (5، 6) امثل هذا يكون صوم اختاره يوما يذلل الإنسان فيه نفسه يحني كالاسلة رأسه و يفرش تحته مسحا و رمادا هل تسمي هذا صوما و يوما مقبولا للرب. أليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير و إطلاق المسحوقين أحرارا و قطع كل نير.
الله لا يطلب من أحد أن يتظاهر بهذا فهو يعرف القلوب والنيات. وما يطلبه الله فعلا حل قيود الشر = أي القيود التي قيد بها الشرير نفسه للخطايا أي المطلوب إذاً تقديم توبة. و فك عقد النير = أي ترك مطالبة الدين ورد الرهن أي الرحمة بالآخرين. الأسلة = نبات مائي يميل مع الهواء والتيار.
آية (7) أليس أن تكسر للجائع خبزك و أن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك إذا رأيت عريانا أن تكسوه و أن لا تتغاضى عن لحمك.
الصدقة مقترنة بالصوم. أن لا تتغاضى عن لحمك = أقربائك وكلنا جسد المسيح.
آية (8) حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك و تنبت صحتك سريعا و يسير برك أمامك و مجد الرب يجمع ساقتك.
النور كنآية عن الفرح والنجاح والمجد والبركة وهذا سيعلنه الرب أمام من يرحم ويصوم بنقاوة قلب. ويكون الرب وراء شعبه بقوته = يجمع ساقتك هنا نرى الله قائداً للمسيرة يسير أمامها ويحمى مؤخرتها أي الضعفاء والعاجزين الذين فيهم. مع الله نشعر بالأمان. وإتحادنا بالله إذا صمنا صوماً مقبولاً هو إظهار لنور الله الذي فينا.
آيات (9، 10) حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هاأنذا إن نزعت من وسطك النير و الإيماء بالأصبع و كلام الإثم.و أنفقت نفسك للجائع و أشبعت النفس الذليلة يشرق في الظلمة نورك و يكون ظلامك الدامس مثل الظهر.
الإيماء بالأصبع = إشارة معناها الاحتقار، فلو نزع المؤمن كبرياؤه ونزع كلام الإثم أي المؤامرات الشريرة. وأنفق ماله بل نفسه، أي يتعب من اجل الجائع حينئذ يشرق نور هذا الإنسان ويكون الرب نوراً له وهو نور للآخرين أي يحدث له تغييراً كلياً.
آيات (11، 12) و يقودك الرب على الدوام و يشبع في الجدوب نفسك و ينشط عظامك فتصير كجنة ريا و كنبع مياه لا تنقطع مياهه. و منك تبنى الخرب القديمة تقيم أساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى.
يقودك الرب = هذه أعظم البركات فمن يقوده الرب لا يعثر. في الجدوب = أي القفار إشارة إلى أوقات اليأس والضيق. وهذا الإنسان المملوء من الروح القدس (نبع المياه) سيفيض على الآخرين، ومن هو خرب سيبنيه، أي يكون شريكاً لله في بناء حياة الآخرين المنهدمة = منك تبنى الخرب = كما تم بناء الهيكل والسور بعد السبي وكذلك تم بناء أورشليم. ينشط عظامك = يملأك فرحاً قادراً أن يقيمك كما لو كانت عظامك قوية تحملك بقوة ونشاط. مرمم الثغرة = الثغرة هي التي يخرج منها الفضيلة فيدخل منها قضاء الله، مثال الشهوات.
آيات (13، 14) إن رددت عن السبت رجلك عن عمل مسرتك يوم قدسي و دعوت السبت لذة و مقدس الرب مكرما و أكرمته عن عمل طرقك و عن إيجاد مسرتك و التكلم بكلامك. فانك حينئذ تتلذذ بالرب و أركبك على مرتفعات الأرض و أطعمك ميراث يعقوب أبيك لان فم الرب تكلم.
في هذه الآيات يكلمنا عن حفظ السبت بالمفهوم الروحي بعد أن كلمنا عن الصوم بالمفهوم الروحي. إن رددت عن السبت رجلك = أي لا تدوسه برجلك وتعمل فيه ما يلذ لك. والمعنى أن السبت هو نصيب الرب فلا يجب أن نعطيه لأخر "أعط ما لله لله" وأكرمته عن عمل طرقك = ليس فقط أن نمتنع في السبت عن اللذات بل عن أي عمل نجد فيه مكسب مادي لنا. ومن ينفذ هذا سيجد في النهآية لذة = ويركبه الله على مرتفعات الأرض = يركبه كملك ظافر على ما كان يشتهيه من قبل ويعتبره من مرتفعات الأرض، فحين نعرف الرب نعتبر العالم بكل ما فيه كأنه نفآية (في 3 :8) ومن وصل لهذا سيرث السماء أيضاً وهى ميراث يعقوب. أطعمك ميراث يعقوب = أعطيك كل بركات العهد مع يعقوب وخيرات كنعان.
الإصحاح التاسع والخمسون
يظهر هنا كم أن الخطية خاطئة جداً وكم أن نعم الله كريمة جداً ونرى أن خطية الإنسان توقف مراحم الله وإحساناته. هنا يتحدث عن العصيان كعائق، عصيان الله يكون الحاجز للبركات الإلهية وحاجز يفصل بين الله والإنسان.
آيات (1، 2) ها أن يد الرب لم تقصر عن أن تخلص و لم تثقل أذنه عن أن تسمع. بل آثامكم صارت فاصلة بينكم و بين إلهكم و خطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع.
الله يسمع ويريد أن يخلص ولكن ما يمنع هذا هو خطايانا، فالذي يعيق عمل الخلاص إرادتي أنا لا إرادة الله، وهذا عين ما قاله السيد المسيح لليهود (مت 23 : 37).
آية (3) لان أيديكم قد تنجست بالدم و أصابعكم بالإثم شفاهكم تكلمت بالكذب و لسانكم يلهج بالشر.
الأيدي والأصابع والشفاه عوضاً عن أن تصبح آلات بر، أصبحت آلات إثم، فعوضاً عن أن ترتفع الأيدي بالصلاة والشفتين تسبحان، فالأيدي أصبحت تضرب بلكمة الشر (أش 58 : 4) والشفاه تهزأ بالناس (57 :4) والدم هنا قد يكون عثرة أحد الأبرياء = لأن أيديكم قد تنجست بالدم. فلنصلى نجنى من الدماء يا الله.
آيات (4، 6) ليس من يدعو بالعدل و ليس من يحاكم بالحق يتكلون على الباطل و يتكلمون بالكذب قد حبلوا
بتعب و ولدوا إثما.فقسوا بيض أفعى و نسجوا خيوط العنكبوت الآكل من بيضهم يموت و التي تكسر تخرج أفعى. خيوطهم لا تصير ثوبا و لا يكتسون بأعمالهم أعمالهم أعمال إثم و فعل الظلم في أيديهم.
نرى هنا 3 صور للخداع موجودة في الأشرار :
1) كمن يحبل بدون ولادة بنين
2) بيض لا يشبع بل يقتل.
3) نسيج عنكبوت لا يستر بل يقتل. فطبيعة الخطية الخداع وعاقبتها موت. ليس من يدعو بالعدل = الشعب وحكامه، الكل صاروا لا يحبون العدل، بل الكل يلجأ لشهادة الزور والباطل. الكل يجرى وراء خطاياه وشهواته حتى لو ظلم الآخرين. والخطايا عاقبتها دائماً الآلام = حبلوا بتعب فالله يسمح بهذه الآلام لعل الخاطئ يمتنع. ولكنهم لم يتوبوا وأصروا على تنفيذ خطاياهم والاستمرار فيها، والخطية طالما خرجت لخير الوجود يقال أن الخاطئ قد ولدها، أما وهى في طور التفكير يقال أنه حبل بها = وولدوا إثماً (يع 1 : 15) إذاً هم تعبوا وخططوا للخطية وصاحب ذلك ألاما سمح بها الله لعلهم يتوبون ولكن كان ذلك بلا فائدة إذ هم نفذوا الخطية.
ومنهم من يمارس أعمال تقوى ظاهرية ولكنه لا يمتنع عن ارتكاب الإثم فهذا كمن فقس بيض أفعى، من يكسره ليأكله يموت = الآكل من بيضهم يموت = أي من يتعامل بهم ويقتدي بهم. هنا لا نرى عملية ولادة، أي لا نرى خطايا ظاهرة بل نرى بيضاً، هنا غش وخداع، بيض يحمل هيئة أشياء صالحة للأكل. هذا كمن يقدم تعاليم عقائدية مغشوشة، أو كمن يقدم تعاليم نظرية وهو ينكر قوة التقوى، "لهم صورة التقوى وهم ينكرون قوتها" فيعيشون في خطاياهم ويبررونها فيعثرون الأبرياء. ولو تركت هذا البيض إلى حين ستظهر حقيقته ويخرج منه أفعى. فسواء كسر أو فقس فسيخرج شيئاً ساماً قاتلاً.
أما العنكبوت فهو ينسج خيوط ولكنها أبداً لا تصير ثوباً يكتسي به أحداً. و هكذا كل من يحاول أن يكتسي ببره الذاتي، أما دودة القز فتعطى ثياباً بهية جداً ولكنها تموت أولاً. ففي المسيح الذي مات أولاً نلبس ثياب البر، ثياب الخلاص. وهذا تفسيرل " أما أنا فدودة لا إنسان" أي أنه بذل حياته لنكتسي نحن مجداً. وهناك تفسير آخر أن الخاطئ يتوهم أنه يبنى قلاعاً من اللذة بشهواته وخطاياه ولكن حقيقة يبنى نسيج عنكبوت، من أوهي ما يمكن بل هو قاتل للذباب الذي يشير للأبرياء الذين يقتربون في إعجاب من هؤلاء الخطاة ويقتدون بهم فيهلكوا إذ يعثرون بسببهم.
آيات (7، 8) أرجلهم إلى الشر تجري و تسرع إلى سفك الدم الزكي أفكارهم أفكار إثم في طرقهم اغتصاب و سحق.طريق السلام لم يعرفوه و ليس في مسالكهم عدل جعلوا لأنفسهم سبلا معوجة كل من يسير فيها لا يعرف سلاما.
إقتبسها بولس الرسول في (رو 3 : 15) أرجلهم = الأرجل هي التي توجه الإنسان والمعنى أن اتجاهات الإنسان الخاطئة تقوده للشر ويُعَلِم الآخرين فيسفك دماً زكياً. أفكارهم = أي مصدر شرورهم وأعمالهم. اغتصاب وسحق يغتصبون ويسحقون البائس. طريق السلام = مع الله لا يوجد سلام فهم أشرار ومع الناس لا يوجد إذ هم لا يسالمون أحداً وأعمالهم ردية، كذب وظلم وغش.
آية (9) من اجل ذلك ابتعد الحق عنا و لم يدركنا العدل ننتظر نورا فإذا ظلام ضياء فنسير في ظلام دامس.
لذلك أبتعد الحق = أي الله. وخلاصه عنا = فالنبي يتكلم باسم الشعب كاعتراف بالخطايا وكتوبة هو نائب عنهم فيها.
آية (10) نتلمس الحائط كعمي و كالذي بلا أعين نتجسس قد عثرنا في الظهر كما في العتمة في الضباب كموتى
الله نور فإذا ابتعد الله صاروا في ظلمة كعمى. والله حياة فإذا أبتعد الله يكونون كموتى = والله يشبه الخطاة بالموتى لابتعاد الله عنهم "لك أسم أنك حي وأنت ميت" (رؤ 3 :1) + إبنى هذا كان ميتاً فعاش (الابن الضال)
آية (11) نزار كلنا كدبة و كحمام هدرا نهدر ننتظر عدلا و ليس هو و خلاصا فيبتعد عنا.
صوت الدبة وصوت الحمام كصوت الموجوع والمحزون وذلك بسبب ابتعاد الله وخلاصه عنهم. والعدل = هو الخلاص من ظالميهم وهذا لا يحدث لخطاياهم.
آية (12) لان معاصينا كثرت أمامك و خطايانا تشهد علينا لان معاصينا معنا و آثامنا نعرفها.
معاصيهم أمام الرب، هو يراها ويعرفها ولا يقدرون أن يخفوا عنه شيئاً.
آيات (13-15) تعدينا و كذبنا على الرب وحدنا من وراء إلهنا تكلمنا بالظلم و المعصية حبلنا و لهجنا من القلب بكلام الكذب. و قد ارتد الحق إلى الوراء و العدل يقف بعيدا لان الصدق سقط في الشارع و الاستقامة لا تستطيع الدخول. و صار الصدق معدوما و الحائد عن الشر يسلب فرأى الرب و ساء في عينيه انه ليس عدل.
هذا اعتراف بالخطايا لأن الصدق سقط في الشارع = كان القضاة يجلسون في الساحات وأبواب المدينة والشوارع ليحكموا، ومعنى هذا الحكم الظالم من القضاة أن الصدق سقط في وقت الحكم وفى مكان الحكم. إذ صار الصدق معدوماً. حينما يحدث هذا يصبح الناس في حالة مزرية مثل الوحوش والحائد عن الشر يسلب لأن جميع الناس اعتصموا بالكذب والغش والظلم، فالصادق المستقيم العادل لم يقدر أن يسلك معهم بل هم سلبوه. هم في شرهم العنيف كانوا كتيار يجرف من يقف ضدهم فيظلمونه ويسلبونه.
آيات (16، 17) فرأى انه ليس إنسان و تحير من انه ليس شفيع فخلصت ذراعه لنفسه و بره هو عضده. فلبس البر كدرع و خوذة الخلاص على رأسه و لبس ثياب الانتقام كلباس و اكتسى بالغيرة كرداء.
بالرغم من كل الشرور المذكورة لم يأتي الله كمنتقم بل أتى كمخلص فرأى أنه ليس إنسان = لم يوجد إنسان يستحق الخلاص، ولم يوجد الإنسان الذي من بني آدم القادر أن يخلص، أو يموت فداءً عن البشر. وتحيَر = الله لا يتحيَر ولكن المعنى يفيد أن وضع البشر كان يدفع للحيرة. فحالهم ميئوس منه سائرين في طريق الموت، هالكين للأبد... لكنهم في النهآية هم أولاد الله.. والله لا يرضى بذلك. موت الإنسان وهلاكه هو قضية تحدى بها الشيطان عقل الله وقوته، كأنه يقول ها هم أولادك وليس شفيع لهم، ها قد نجحت حيلتي مع أبويهم آدم وحواء وهلكوا ولكن هنا نرى ذراع الله = أي قوته وحكمته (الأقنوم الثاني) الذي تجسد فصار لنا شفيعاً كفاريا وخلاصاً. فهو الله غير المحدود فيستطيع أن يقدم فداءً غير محدود لخطايا غير محدودة وهو بار = بره الذي هو عضده = لذلك لن يموت عن خطيته بل يموت عن خطايا الآخرين. ونراه هنا في صورة محارب آتى لينقذ عروسته أي كنيسته، شعبه، نراه في غيرته عليها لابساً ثياب الانتقام. وله خوذة الخلاص الخوذة تحمى الرأس، فماذا كان في فكر المسيح سوى خلاص كنيسته.
آية (18) حسب الأعمال هكذا يجازي مبغضيه سخطا و أعداءه عقابا جزاء يجازي الجزائر.
مبغضيه هنا هم الشياطين ويرمز لهم هنا الأمم الساكنين في الجزائر.
آية (19) فيخافون من المغرب اسم الرب و من مشرق الشمس مجده عندما يأتي العدو كنهر فنفخة الرب تدفعه.
حين يظهر الرب قوته في خلاص شعبه فبعض الشعوب يؤمن والبعض يخاف فقط دون أن يؤمن وهكذا خاف جميع الشعوب من إسرائيل غرق جيش فرعون أمامهم. وعمل الشيطان كنهر يسقى منه الناس ولكن من يشرب من هذا الماء يعطش (يو 4 : 13) والله سيبيده بنفخته (2كو 2 : 8) = فنفخة الرب تدفعه.
آية (20) و يأتي الفادي إلى صهيون و إلى التائبين عن المعصية في يعقوب يقول الرب.
تفهم هذه الآية أن الرب يأتي لصهيون أي للكنيسة ولكل تائب عن المعصية وتفهم أنه بعد أن "يعرف الرب في الشرق والغرب، وفى نهآية الأيام يأتي الرب لصهيون. للتائبين عن المعصية. (رؤ 11 : 26) ما معنى أن يأتي الله لصهيون. الله يأتي لكنيسته كطبيب يأتي لمستشفى ليعالج مرضاه.
آية (21) آما أنا فهذا عهدي معهم قال الرب روحي الذي عليك و كلامي الذي وضعته في فمك لا يزول من فمك و لا من فم نسلك و لا من فم نسل نسلك قال الرب من الآن و إلى الأبد
أما أنا = الآب هو المتكلم. ومعهم = مع التائبين من اليهود والأمم. كلامي = الكتاب المقدس لا يسقط منه حرف للأبد. و المعنى أن هذا هو كلام الآب موجه للابن، لأن الروح الذي حل على الابن حل لحساب كنيسته وكلام الابن هو إنجيله، هذا سيكون في كنيسته للأبد. هنا نرى إقامة عهد جديد مع البشرية مع تأكيد لتحقيق الوعود الإلهية.
الإصحاح الستون
من إصحاح (60) حتى (66) نرى الكنيسة في مجدها المستتر والذي سيظهر للعيان في الأبدية هنا نرى بناء مدينة الرب الجديدة. كانت الوعود في آخر الإصحاح السابق أن الفادى سيأتي إلى صهيون. ولها عهد مع الله، روحه عليها وكلامه في فمها ولا يزول للأبد قد تكون صهيون هي إسرائيل بعد عودتها من السبي، ولكن هذا لم يحدث تماماً بعد العودة من سبى بابل لذلك يعتبر هذا نبوة عن كنيسة المسيح التي سيأتي لها ويفديها ويسكب روحه عليها والتحقيق الكامل لمجد الكنيسة المنتظر هو في أورشليم السماوية بعد أن يأتي المسيح في مجيئه الثاني.
آيات (1- 3) قومي استنيري لأنه قد جاء نورك و مجد الرب أشرق عليك. لأنه ها هي الظلمة تغطي الأرض و الظلام الدامس الأمم أما عليك فيشرق الرب و مجده عليك يرى. فتسير الأمم في نورك و الملوك في ضياء إشراقك.
المسيح يوجه كلامه لكنيسته التي أنارها بوجوده فيها، فأزال الظلمة التي كانت فيها، ولكن عليها هي أن تعمل شيئاً لتستنير ولا تقعد ساكتة فعليها واجب ومسئولية أن تكون نوراً للعالم الذي لا يزال في الظلمة فنور الرب يجذب الأمم. مجده عليك يُرى = لإتحاده بك.
آية (4) ارفعي عينيك حواليك و انظري قد اجتمعوا كلهم جاءوا إليك يأتي بنوك من بعيد و تحمل بناتك على الأيدي.
إرفعى عينيك = أي أنظري للمستقبل وترين بعين الإيمان تتميم مواعيد الله وأن الأمم سيقبلون الله بل يخدمون أولاد الله (أبنائه وبناته يحملونهم)
آية (5) حينئذ تنظرين و تنيرين و يخفق قلبك و يتسع لأنه تتحول إليك ثروة البحر و يأتي إليك غنى الأمم.
تنيرين = تفرحين لأن الإنسان الفرح يكون كأنه منير. وهذا الفرح سيكون بسبب إتساع الكنيسة، وستأتي لها أيضاً ثروة الأمم الذين آمنوا. ثروة البحر = هي السمك إشارة للمؤمنين فالبحر يشير للعالم.
آيات (6،7) تغطيك كثرة الجمال بكران مديان و عيفة كلها تأتي من شبا تحمل ذهبا و لبانا و تبشر بتسابيح الرب. كل غنم قيدار تجتمع إليك كباش نبايوت تخدمك تصعد مقبولة على مذبحي و أزين بيت جمالي.
بكران = أولاد الجمال. مديان وعيفة وشبا = من قبائل العرب. وهنا النبي يعبر عن مجد الكنيسة بعبارات مستعارة من أهل عصره وكأننا في أيامنا نقول عوضاً عن مديان وعيفة..... إنجلترا وأمريكا..... والمعنى كثرة المؤمنين الذين يقدمون تقدمات مادية = ذهب وتسابيح = لبان. وكل عطية بالمحبة تصعد مقبولة = يقبلها الرب. والمؤمنون بحضور المسيح وسطهم وروحه يزينون الكنيسة. وقد نفهم الغنم والكباش أنهم نفوس الذين آمنوا ويقدمون أنفسهم ذبائح حية (رو 12 :1)
آيات (8، 9) من هؤلاء الطائر ون كسحاب و كالحمام إلى بيوتها. إن الجزائر تنتظرني و سفن ترشيش في الأول لتأتي ببنيك من بعيد و فضتهم و ذهبهم معهم لاسم الرب إلهك و قدوس إسرائيل لأنه قد مجدك.
الأمم الذين سيأتون بسرعة كأنهم طائرون كسحاب لقداستهم ورفضهم للدنيويات التي طالما تلذذوا بها ولم تشبعهم، والقديسين مشبهين بالسحاب لأنهم يعيشون في السماويات (عب 12 : 1 + 1 ش 19 : 1) وهم بامتلائهم من الروح القدس صاروا كحمام راجع إلى بيته، صاروا روحيين. والجزائر وترشيش حتى البلاد البعيدة تنتظر مجيء الرب لتؤمن به ويقدموا له مالهم.
آية (10) و بنو الغريب يبنون أسوارك و ملوكهم يخدمونك لأني بغضبي ضربتك و برضواني رحمتك.
كورش وارتحشستا أمرا بترميم أسوار أورشليم، والله سيحافظ على كنيسته باستخدام كل الوسائل، حتى الغرباء غير المؤمنين سيحرسونها. ولكنها إذا أخطأت وحتى لا تهلك سيضربها ويؤدبها بواسطتهم حتى تتوب.
آية (11) و تنفتح أبوابك دائما نهارا و ليلا لا تغلق ليؤتى إليك بغنى الأمم و تقاد ملوكهم.
لا ينقطع دخول الناس إلى الكنيسة، والكنيسة لا ترد خاطئ أتى إليها تائباً. ذولا يكون حرب أو خوف فتغلق الأبواب. كان اليهود قد أغلقوا أبوابهم على أنفسهم، أما الكنيسة فهي مفتوحة للجميع. وتقاد ملوكهم = كم من الملوك الوثنيين آمنوا بالمسيح وانقادوا له بحريتهم.
آية (12) لان الأمة و المملكة التي لا تخدمك تبيد و خرابا تخرب الأمم.
تخرب إذا حرمت نفسها من بركات ونعم الله، بالإضافة لخرابها وهلاكها الأبدي، ولا خلاص خارج الكنيسة.
آية (13) مجد لبنان إليك يأتي السرو و السنديان و الشربين معا لزينة مكان مقدسي و امجد موضع رجلي.
شبهت الكنيسة هنا بهيكل سليمان الذي إستخدم فيه كل هذه الأنواع من أحسن الأخشاب، سرو وسنديان وشربين. وهكذا الكنيسة ستتزين بأحسن رجال وبنات العالم حينما يؤمنوا بالمسيح. كل الطاقات الخاملة (الأشجار) تتحول لخدمة الرب ولبناء مسكنه وكنيسته.
آية (14) و بنو الذين قهروك يسيرون إليك خاضعين و كل الذين أهانوك يسجدون لدى باطن قدميك و يدعونك مدينة الرب صهيون قدوس إسرائيل.
لننظر تطبيق هذه الآية على الدولة الرومانية، فالآباء اضطهدوا الكنيسة وقهروها وأبناؤهم صاروا مؤمنين خاضعين لها. وهنا نرى سلطان الكنيسة.
آية (15) عوضا عن كونك مهجورة و مبغضة بلا عابر بك أجعلك فخرا أبديا فرح دور فدور.
الكنيسة مشبهة بامرأة مهجورة قبل المسيح وبحلول المسيح فيها وروحه صارت أفراحها وأمجادها أبدية.
آية (16) و ترضعين لبن الأمم و ترضعين ثدي ملوك و تعرفين إني أنا الرب مخلصك و وليك عزيز يعقوب.
المعنى أن الكنيسة ستستفيد من غنى الأمم وقوتهم. وقد يكون المعنى أن الأمم حين يؤمنون ستستفيد الكنيسة من خبراتهم الفلسفية التي سيخضعونها للإيمان وقدراتهم العقلية والإيمانية والروحية، وبها يستفيد ويتعلم الجميع. وواضع قانون الإيمان أثناسيوس الروسولى كان وثنياً. وكم أخرجت الإسكندرية من جبابرة.
آية (17) عوضا عن النحاس أتي بالذهب و عوضا عن الحديد أتي بالفضة و عوضا عن الخشب بالنحاس و عوضا عن الحجارة بالحديد و اجعل وكلاءك سلاما و ولاتك برا.
النحاس يشير للقوة. وعوضاً عن القوة آتى بالذهب أي السماويات ومجد الكنيسة السماوي، وهو بالمقارنة يكون مجد العهد القديم كنحاس (2 كو 3 : 10) والمقصود أن كل الخبرات القديمة تتحول إلى ماهو أحسن وأقوى وأعظم فالختان صار معمودية والذبائح الحيوانية صارت تناول والكهنوت المسيحي أتى عوضاً عن اللاوى. وأجعل وكلاؤك سلاماً = المتولون عليك سيجرون فيك سلاماً.
آية (18) لا يسمع بعد ظلم في أرضك و لا خراب أو سحق في تخومك بل تسمين أسوارك خلاصا و أبوابك تسبيحا.
حيثما وُجِد المسيح يوجد العدل وحيثما وُجِد الروح القدس يوجد التسبيح.
آية (19) لا تكون لك بعد الشمس نورا في النهار و لا القمر ينير لك مضيئا بل الرب يكون لك نورا أبديا و إلهك زينتك.
نور الشمس يصبح كلا شيء بالنسبة لنور الرب. والنور رمز للفرح والسلام والقداسة، وهذا هو الوضع في السماء ( رؤ 22 :5).
آية (20) لا تغيب بعد شمسك و قمرك لا ينقص لان الرب يكون لك نورا أبديا و تكمل أيام نوحك.
شمسها هو الرب يسوع لا يعود يتركها ويغيب. وتكمل أيام نوحك النوح يكون بسبب الشعور بالتخلي، ولكن من يشعر أن المسيح معه في ضيقته لن ينوح بل يفرح ويتعزى. ويكمل هذا في السماء حين يمسح الله كل دمعة من أعيننا.
آية (21) و شعبك كلهم أبرار إلى الأبد يرثون الأرض غصن غرسي عمل يدي لأتمجد.
البر هو بر المسيح والذي يتبرر به يرث الأرض أي السماوات.
آية ( 22) الصغير يصير ألفا و الحقير امة قوية أنا الرب في وقته أسرع به
كانت بداءة المسيحية نبتات صغيرة سرعان ما أثمرت آلاف فملايين. أنا الرب في وقته = هذه تساوى قوله ملء الزمان.. هنا نرى الكنيسة تتمتع بقوة الله غير المحدودة. الصغير يصير ألفاً. رقم 1000 يشير للسماء فالصغير يصير سمائياً. والحقير = من هو خارج المسيح تلهو به الشياطين. يصير أمة قوية كجيش مرهبة بألوية.
الإصحاح الحادي والستون
عمل المسيح كما نراه في هذا الإصحاح هو:
1- مبشر: بالإنجيل للبائسين والمتواضعين.
2- شافى: منكسرى القلوب من الخطية وأثارها.
3- محرر : هو أُرسِل كملك يحرر شعبه ويعتقهم وكان كورش رمزاً له. وكان رمزاً لهذا سنة اليوبيل، السنة المقبولة التي يتم فيها تحرير العبيد وعتق المرهونات. في هذه السنة المقبولة حين أتى المسيح حررنا بنعمته.
4- معزى: لمن ينوح على خطيته وليس لمن ينوح على العالم، من يجلس في التراب تائباً يقيمه من التراب ويعطيه جمالاً، ودهن فرح أي ثمار الروح.
5- زارع: فالكنيسة هي حقل الرب والمؤمنون أشجار مثمرة، بثمار بر. ليتمجد الله في قديسيه.
6- بكر: ليعطينا ميراث الأبكار، أي السماء وميراث الأبكار هو الضعف.
آيات (1- 3) روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لاعصب منكسري القلب لأنادي للمسبيين بالعتق و للمأسورين بالإطلاق. لأنادي بسنة مقبولة للرب و بيوم انتقام لإلهنا لأعزي كل النائحين.لأجعل لنائحي صهيون لأعطيهم جمالا عوضا عن الرماد و دهن فرح عوضا عن النوح و رداء تسبيح عوضا عن الروح اليائسة فيدعون أشجار البر غرس الرب للتمجيد.
هذا هو الجزء الذي دفع للمسيح ليقرأه في الهيكل (لو 4 : 16- 21) فقرأ ووقف عند كلمة بسنة مقبولة للرب. ولم يكمل بعدها، لأن ما قبلها يشير للمجيء الأول، السنة المقبولة، وحتى الآن فنحن في السنة المقبولة، وكل من يتوب يقبل. وما بعدها... وبيوم انتقام لإلهنا = هذا سيكون في المجيء الثاني، والمسيح لم يقرأه فالوقت لم يحن بعد. روح السيد الرب علىَ = فهو حبل به بالروح القدس وحل عليه الروح القدس ليمسحه = مسحنى أي كرسه وخصصه لعمله الكهنوتي الملوكي النبوى. وحل عليه الروح القدس لحسابنا فالروح القدس حل على المؤمنين بالميرون ليجدد طبيعتهم ولم يكن ممكناً أن يحل على المؤمنين ما لم يحل على جسد المسيح، وجسد المسيح أي كنيسته. لأجعل لنائحى صهيون = النائحون بمعنى التائبين المتذللين أمام الرب الذين يحزنون على خطاياهم وهؤلاء يعطيهم المسيح جمال روحي ناشئ عن فرح الروح القدس داخلهم = دهن فرح هؤلاء يسبحون دائماً. واللباس يدل على حالة لابسه فما يعبر عن الفرح الداخلي التسبيح الدائم. ويدعون أشجار البر = شبه برهم بالأشجار لأنه ثابت ومتين كشجرة، ولأنه ينمو ويتسع، وهو غرس الرب فيهم. وبرهم هذا يظهر للناس جميلاً مثمراً كشجرة.
آية (4) و يبنون الخرب القديمة يقيمون الموحشات الأول و يجددون المدن الخربة موحشات دور فدور.
كما أقيمت أورشليم الجديدة على أنقاض القديمة، هكذا نحن بالمعمودية، يموت الإنسان العتيق فينا ويولد ويقوم إنسان جديد، المسيحية جددت وأصلحت الإنسان الذي خربته الخطية.
آيات (5، 6) و يقف الأجانب و يرعون غنمكم و يكون بنو الغريب حراثيكم و كراميكم.أما انتم فتدعون كهنة الرب تسمون خدام إلهنا تأكلون ثروة الأمم و على مجدهم تتآمرون.
الأجانب = أي الذين ليسوا يهوداً. وهؤلاء الأجانب سيكون فيهم كهنة ورعاة وحراثين وكرامين في حقل الرب. فالكرمة أصبحت للكل والزيتونة القديمة طعمت بالأمم. وحقل الرب الجديد أي الكنيسة يحرث فيه الجميع ويعملون كشركاء للروح القدس. أما أنتم فتدعون كهنة الرب = كل المؤمنين لهم كهنوت روحي عام أي تقديم ذبائح صلاة وتسبيح. وتأكلون ثروة الأمم = كل ثروات الأمم من طاقات وجهد أبنائها ومجدهم سيصبح ملكاً للكنيسة تتباهى به. و على مجدهم تتآمرون = تتآمرون أي تتباهون، الكنيسة تستخدم كل هذا لمجدها وتتباهى به.
آية (7) عوضا عن خزيكم ضعفان و عوضا عن الخجل يبتهجون بنصيبهم لذلك يرثون في أرضهم ضعفين بهجة أبدية تكون لهم.
الخيرات الموعود بها هي ضعفين عن كل خزيهم السابق كما حدث مع أيوب فالله يعطى بسخاء ولا يعير. ونصيب الضعف هو نصيب البكر. ونحن صرنا أبكاراً في المسيح البكر. وصارت الكنيسة تسمى كنيسة أبكار (عب 12 : 23).
آية (8) لأني أنا الرب محب العدل مبغض المختلس بالظلم و اجعل أجرتهم أمينة و اقطع لهم عهدا أبديا.
الرب يعلن أنه عادل وفى عدله قام بعمل الفداء فهو فهو مبغض المختلس بالظلم أي إبليس الذي إختلس أولاده منه، فاستعادهم الله بالفداء.وأجعل أجرتهم أمينه = أمين هو الله الذي أعطانا ميراثاً سماوياً أبدياً وفرحاً على الأرض.
آية (9) و يعرف بين الأمم نسلهم و ذريتهم في وسط الشعوب كل الذين يرونهم يعرفونهم أنهم نسل باركه الرب.
يعرف بين الأمم نسلهم = النسل هم كل من يؤمن بالمسيح ويتصور المسيح فيه . "يا أولادي الذين أتمخض بهم إي أن يتصور المسيح فيهم"،كان هذا هو هدف خدمة بولس الرسول، أن يتصور المسيح فيمن يخدمهم. ومن يتصور المسيح فيه سُيعرف بسهوله بين الأمم لنوره وسط الظلمة. والأمم هنا المقصود بهم الذين لم يعرفوا المسيح بعد، ومازالوا في مملكة الظلمة.
الآيات (10، 11) فرحا افرح بالرب تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص كساني رداء البر مثل عريس يتزين بعمامة و مثل عروس تتزين بحليها.لأنه كما أن الأرض تخرج نباتها و كما أن الجنة تنبت مزروعاتها هكذا السيد الرب ينبت برا و تسبيحا أمام كل الأمم.
تكون لنا صورة الله، فنلبس البر، بر المسيح، ونتزين كعروس تتزين لعريسها، ومن يلبسه الرب هكذا فليسبح. وفى (10) نرى تسبيح الكنيسة، فالكنيسة بعد أن عرفت مكانها عند المسيح سبحت "فرحاً أفرح بالرب" هذه بهجة أبدية.
آية (11) الكنيسة هنا مشبهة بالأرض، إذا نظرنا إليها وهى يابسة بلا خضرة نظن أن هذا هو حالها، ولكن الله هو الذي ينبتها ويكسيها بالمزروعات والأزهار والثمار. فلنسبح الله الذي يكسو كنيسته ثياب البر.
الإصحاح الثاني والستون
آية (1) من اجل صهيون لا اسكت و من اجل أورشليم لا اهدأ حتى يخرج برها كضياء و خلاصها كمصباح يتقد.
المسيح هو المتحدث، وهو لن يهدأ حتى يتمم الخلاص فيخرج نور الكنيسة بحلوله فيها ويهيأها كعروس له.المسيح راحته في خلاص كنيسته.
آية (2) فترى الأمم برك و كل الملوك مجدك و تسمين باسم جديد يعينه فم الرب.
ما هو الاسم الجديد = كما تسمى باسم عريسها، هكذا ستسمى الكنيسة جسد المسيح وعروسه، فهي أصبحت منسوبه له. ستصير خليقة جديدة ( 2كو 5 : 17 ) والاسم يعبر عن الشخصية.
آية (3) و تكونين إكليل جمال بيد الرب و تاجا ملكيا بكف إلهك.
شبهت الكنيسة بإكليل لأنها أجمل وأمجد شيء من خلائق الله، وهى في يد الرب لأنه أشتراها بدمه، وفى يده يحفظها ولا يخطفها منه أحد. ولكن فلنلاحظ أن الإكليل في يد الرب وليس على رأسه، فنحن لا نضيف لأمجاده شيئاً بل هو سر جمال كنيسته، وهى عمل يديه، هو رأسها وهى جسده.
آية (4) لا يقال بعد لك مهجورة و لا يقال بعد لأرضك موحشة بل تدعين حفصيبة و أرضك تدعى بعولة لان الرب يسر بك و أرضك تصير ذات بعل.
مهجورة = قيل سابقاً أن الرب ترك شعبه لحيظة ولكن من الآن فالرب في وسط كنيسته وتسمى حفصيبة = أي مسرتي بها. وحفصيبة هو أسم إمرأة حزقيا الملك (2 مل 21 :1) ولأن في إطالة عمر حزقيا 15 سنه كان حزقيا رمزاً للمسيح القائم من الأموات، فالكنيسة التي يسر بها الله هي عروسه، عروس المسيح القائم من الأموات ويعطى حياة لكنيسته، ويقيمها من موت الخطية. و لذلك تسمى أيضاً بعولة أي ذات بعل أي متزوجة من زوج يحبها ويسر بها ويعولها ويحميها ولا يتركها للأبد ونلاحظ أن الكنيسة خارج المسيح هي مهجورة وموحشة.
آية (5) لأنه كما يتزوج الشاب عذراء يتزوجك بنوك و كفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك.
التشبيه هنا أنه كما يتزوج الشاب عذراء = والشاب هنا هو أبناء الكنيسة وقيل شاب بالمفرد فالكنيسة في وحدة. والعذراء هي الكنيسة. فالكنيسة هي عذراء عفيفة (2 كو 11 : 2) وفى نفس الوقت هي أم المؤمنين، والعذراء مريم عذراء وأم. والشاب حينما يتزوج من عذراء يأخذها ويحبها ولا يقدر أن يتركها، هكذا يتزوجك بنوك = بمعنى أن أبناء الكنيسة الذين ولدتهم في المعمودية سيلتصقون بها وهم سيحبونها ويثبتوا على إيمانها حتى النفس الأخير، وبمثل هؤلاء البنين يفرح الله كفرح العريس بالعروس، ويعود التشبيه بأن العريس هو المسيح والعروس هي كنيسته. و قوله يتزوجك بنوك = لا يفهم حرفياً فالشاب لا يتزوج أمه ولكن المقصود من التشبيه تعلق أولاد الكنيسة بالكنيسة.
آيات (6، 7) على أسوارك يا أورشليم أقمت حراسا لا يسكتون كل النهار و كل الليل على الدوام يا ذاكري الرب لا تسكتوا. و لا تدعوه يسكت حتى يثبت و يجعل أورشليم تسبيحة في الأرض.
المتكلم هو الرب الذي أقام حراساً لحراسة أورشليم (الكنيسة) وهم الملائكة والسمائيين في السماء والأنبياء والرسل والكهنة والخدام على الأرض، ينذرون ويعلمون ويصلون عن الكنيسة. يا ذاكري الرب لا تسكتوا = هذا نداء من الله لنا لنصلى بلا انقطاع، علامة على محبتنا في الله وثقتنا فيه، وأنه هو ملكنا وليس آخر، ندعوه ليخلصنا. وهذه الآية تدل على أهمية الصلاة حتى يتدخل الله ويحرس بالرغم من أنه أقام حراساً. وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنون تنالونه.
آيات (8، 9) حلف الرب بيمينه و بذراع عزته قائلا إني لا ادفع بعد قمحك مأكلا لأعدائك و لا يشرب بنو الغرباء خمرك التي تعبت فيها. بل يأكله الذين جنوه و يسبحون الرب و يشربه جامعوه في ديار قدسي.
نفس المعنى الذي سبق في حراسة الله لكنيسته.واليمين والذراع = يدلان على القوة، فالله يحلف بقوته أن لن يترك شعبه بعد للأعداء. ومن هو الله؟ هو المسيح (1 كو 1 : 24) والمسيح هو الله. فكأن الله هنا يقسم بذاته (عب 6 : 13) وكل التشبيهات مستعارة من كنيسة العهد القديم. والمعنى أن الذين يعملون في كرم الرب سيفرحون بثمار تعبهم. مثل خادم يتعب في خدمته.وسيفرح بنتاج عمله في ديار قدس الرب = أي وسط كنيسته.
آية (10) اعبروا اعبروا بالأبواب هيئوا طريق الشعب اعدوا اعدوا السبيل نقوه من الحجارة ارفعوا الرآية للشعب.
ما هو المطلوب الآن من شعب الله ؟ الإجابة أن يتركوا بابل بعد كل ما هيأه الله لهم، أي يتركوا أرض العبودية والخطية ويسيروا وراء المسيح. وكما هيأ يوحنا المعمدان الطريق أمام الرب، هكذا يهيىء خدام الله قلوب الشعب ليأتي السيد ويسكن فيها.
آية (11) هوذا الرب قد اخبر إلى أقصى الأرض قولوا لابنة صهيون هوذا مخلصك آت ها أجرته معه و جزاؤه أمامه.
قد يكون المتكلم هنا هو أشعياء بعدما إبتهج بهذه الأخبار يصرخ قائلاً إن الرب قد أخبر إلى أقصى الأرض أي الإيمان وصل لأقصى الأرض. ويبشر صهيون بان مخلصها آت = وسيخلص ويحصل على أجرته من المؤمنين الذين سيعتبرهم أجرة تعبه، فإنه بذل نفسه حباً لهم وإذ نجح عمله وجد أجرته في ازدياد عدد المؤمنين.
آية (12) و يسمونهم شعبا مقدسا مفديي الرب و أنت تسمين المطلوبة المدينة غير المهجورة.
الكنيسة تسمى شعباً مقدساً وهى مطلوبة فكثيرين يطلبون الإيمان بها وهى غير مهجورة ففاديها وعريسها فيها دائماً.
الإصحاح الثالث والستون
هنا استعارة مأخوذة من الشرق حين كان أهل الشرق يجمعون العنب ويطرحونه في معصرة عظيمة ثم يخلع الشبان ثيابهم ونعولهم ويلبسون ثياباً بيض ويدخلون إلى أرض المعصرة حفاة الأقدام فيدوسون العنب فتتلطخ ثيابهم بدم العنب الأحمر وكان ذلك وقت بهجة عارمة وكان موسم فرح عند العبرانيين، وكان الشباب يخرجون من المعاصر وثيابهم ملطخة وحمراء.
وقد ذكرت معصرة العنب هذه في (رؤ 14 : 18-20) حين قطفت عناقيد كرم الأرض لأن عنبها (الأشرار) قد نضج فألقى هذا العنب إلى معصرة غضب الله العظيمة، وديست هذه المعصرة خارج المدينة فخرج دم من المعصرة حتى إلى لجم الخيل. وهنا عصير العنب إشارة للدم (حروب عظيمة )
هنا في الآيات القادمة نتقابل مع شاب يلبس لباساً احمر هو المسيح الفادى الذي غطى دمه جسده ليفدى كنيسته. وهذا الشاب داس المعصرة إشارة لأنه داس أعداءه وأعداء شعبه (الشياطين) والفرحة (فرحة عصير العنب) إشارة لفرحة الكنيسة بخلاصها من أعدائها.
آيات (1- 6) من ذا الآتي من أدوم بثياب حمر من بصرة هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص. ما بال لباسك محمر و ثيابك كدائس المعصرة. قد دست المعصرة وحدي و من الشعوب لم يكن معي احد فدستهم بغضبي و وطئتهم بغيظي فرش عصيرهم على ثيابي فلطخت كل ملابسي.لان يوم النقمة في قلبي و سنة مفديىَ قد أتت. فنظرت و لم يكن معين و تحيرت إذ لم يكن عاضد فخلصت لي ذراعي و غيظي عضدني. فدست شعوبا بغضبي و أسكرتهم بغيظي و أجريت على الأرض عصيرهم.
هنا أدوم تشير لأعداء الله وأعداء شعب الله الروحيين أي قوات الشر الروحية، فهي عداوة تقليدية بين أدوم (عيسو) وبين يعقوب أي شعب الله، هي عداوة من البطن، كما بين الشيطان والبشر. وهناك حروب دائمة بين يعقوب وعيسو، دامت في أولادهم. وكانت هزيمة داود لأدوم (2صم 8 : 13، 14) رمزاً لهزيمة المسيح لإبليس. وخطايا أدوم هي الكبرياء (عو 3) والبغضه (حز 35 : 5) والحسد (حز 35 : 11) والظلم لشعب الله (يؤ 3 : 19) وهذه الخطايا هي خطايا قوات الشر الروحية من الشياطين الذين يبغضون شعب الله، وهم كأسد زائر يجول يلتمس من يبتلعه. وهم المتكبرين وهم الذين يحسدون شعب الله على ما حصل عليه من بركات العهد الجديد ومحارباتهم لنا هي كنوع من الظلم. ولقد بدأ انتقام الرب يوم الصليب، يوم تلطخت ثيابه بالدماء، بل جسده كله. ولكن مازال هناك حروب ضد شعب الله وهناك يوم للانتقام وصفه الله في سابق علمه وسماه هنا سنه مفدييى = فهو يوم محدد للخلاص النهائي يوم تداس فيه قوات الشر الروحية في معصرة غضب الله. حين تقطع عنا قيد كرم الأرض أي أشرار الأرض ويداسون في الأرض في معركة عظيمة قد تكون حول أورشليم وبعدها يكون المجيء الثاني بوقت قليل، وفيه يطرح عدو الخير ومن يتبعه في البحيرة المتقدة بالنار. وهذا هو يوم نقمة الله = لأن يوم النقمة في قلبي. وفى هذا اليوم سيرش دمهم على ثيابه فتلطخ كل ملابسه = إشارة لأنه غلب العدو وداسه (أي إبليس ومن تبعه) وهذه الدماء كانت خارجة من معصرة الغضب.
ملحوظات:
1) قوله سنة مفديى قبل أن يتم الفداء إشارة لأن كلمة الله لا تسقط، فهو قرر وسيعمل بالتأكيد.
2) لأن يوم النقمة في قلبي = ومعنى هذا أن الله أنتظر بصبر عجيب حتى يأتي يوم الفداء ليخلص أولاده، ولكنه لا يعمل إلا في الوقت المناسب، ملء الزمان، كما خلص الشعب من مصر ومن بابل.
وهنا في هذه الآيات رأى النبي المسيح بثياب حمر = إشارة للفداء، وقد أتى من أدوم (فالمعركة كانت بين الفادى وبين الشيطان ورمزه هنا أدوم. وبصره = هي أكبر مدن أدوم. ورآه بهي في ملابسه متعظم بكثرة قوته = فهو الذي رآه يوحنا وقد "خرج غالباً ولكي يغلب ". وهو المتكلم بالبر = فهو المسيح الكلمة الذي برر شعبه. للخلاص = فمعنى إسم يسوع هو يخلص شعبه فسأله النبي ما بال لباسك محمر = الفداء على الصليب. وثيابك كدائس المعصرة = هنا لا يتكلم عن الفداء بل يوم الانتقام يوم المعصرة يوم أن يصير الدم حتى لجم الخيل، يوم يلقى عدو الخير في بحيرة النار. و يرد المسيح قد دست المعصرة وحدي = فلا يوجد شريك للمسيح في عمل الخلاص. وهو أيضاً الذي سينتقم من أعدائه في سنة الفداء = السنة المحددة لبدء الحياة الأبدية. وفى عمل الخلاص لا يوجد معين = فالتلاميذ تركوه وهربوا، بل أن حتى كل إنسان إنشغل عن خلاص نفسه بغوآية أعداء الله. وتحيرت إذ لم يكن عاضد = الله لا يتحير ولكن المعنى أنه :- كان الوضع قبل الصليب وضعاً ميئوساً منه، وهلاك البشر محتوم وعدو الخير كان كأنه قد إنتصر. بل بعد أن قدم المسيح الفداء كان المنتظر أن يهتم كل إنسان بخلاصه ويتجه بقلبه للمسيح ولكن ما يدفع إلى الحيرة (وهذه بلغة البشر ) أن الإنسان لم يفعل ما هو منتظر منه. فخلصت لي ذراعي = الذراع تشير لقوة الله أي المسيح فهو قوة الله وحكمته. مدفوعاً بغيظه = وغيظي عضدني = أي غيرتي ومحبتي لشعبي جعلتني أنتقم من أعدائهم بغيظ.
آية (7) إحسانات الرب اذكر تسابيح الرب حسب كل ما كافأنا به الرب و الخير العظيم لبيت إسرائيل الذي كافاهم به حسب مراحمه و حسب كثرة إحساناته.
تسبحة شكر لله على هذا الخلاص العظيم.
آية (8) و قد قال حقا أنهم شعبي بنون لا يخونون فصار لهم مخلصا.
هذا ما كان الرب يتوقعه أنهم بنون لا يخونون.
آية (9) في كل ضيقهم تضايق و ملاك حضرته خلصهم بمحبته و رأفته هو فكهم و رفعهم و حملهم كل الأيام القديمة.
في كل ضيقهم تضايق = شفقة ورحمة ومحبة الله تنطق في هذه الكلمات وهو الذي بكى على قبر لعازر وهو عالم انه سيقيمه، وهو بكى تأثراً بما حوله من جو حزن، وبكى حزناً على الإنسان الذي جلب على نفسه قضية الموت ولكن ملاك حضرته = الرب يسوع خلصهم. وحملهم كل الأيام القديمة = فعنآية الله بشعبه حتى قبل المسيح، فهو خلاص الرب في كل الأزمنة.
آيات (10، 11) و لكنهم تمردوا و احزنوا روح قدسه فتحول لهم عدوا و هو حاربهم. ثم ذكر الأيام القديمة موسى و شعبه أين الذي أصعدهم من البحر مع راعي غنمه أين الذي جعل في وسطهم روح قدسه.
الله يخلص ولكن ما هو موقف البشر ؟ و لكنهم تمردوا. وماذا صنع الله ؟ و هو حاربهم = ليس المعنى الانتقام من شعبه، بل تطهير شعبه من خطاياهم فسمح لشعب إسرائيل أن يقع في يد بابل مدة من الزمان للتطهير. بعدها ذكر الأيام القديمة = الله لم ينسى حتى يذكر، بل نحن الذين ننسى إحساناته والمعنى أنه حين انتهى التطير ومن أجل وعوده لآبائهم أطلقهم من بابل وهنا تحير النبي فتساءل أين الذين أصعدهم من البحر مع راعى غنمه موسى = كان يجب أن يكونوا تابعين لله ولكن للأسف أين هم ؟
آيات (12-14) الذي سير ليمين موسى ذراع مجده الذي شق المياه قدامهم ليصنع لنفسه اسما أبديا. الذي سيرهم في اللجج كفرس في البرية فلم يعثروا. كبهائم تنزل إلى وطاء روح الرب أراحهم هكذا قدت شعبك لتصنع لنفسك اسم مجد.
الله يذكرهم بأعماله العظيمة معهم أي بالرغم أنهم أحزنوا روحه القدوس إلا أنه معهم. عن يمين موسى = أي قوة لموسى يسنده ويشق أمامه المياه وسيرهم وسط اللجج = وسط البحر كفرس = لا يعثر لأن الله هو الذي يقودهم. وحين يعطشوا يقودهم كبهائم تنزل إلى وطاء = لتشرب من الوادي مياهاً حلوة بعنايته. وروح الرب أراحهم = فهو المعزى دائماً أبداً لأولاده. وكان الله في كل هذا يصنع لنفسه إسما وأسم مجد = ليتمجد الله وسط شعبه وأمام الأمم ليؤمنوا.
آيات (15- 19) تطلع من السماوات و انظر من مسكن قدسك و مجدك أين غيرتك و جبروتك زفير أحشائك و مراحمك نحوي امتنعت. فانك أنت أبونا و إن لم يعرفنا إبراهيم و إن لم يدرنا إسرائيل أنت يا رب أبونا ولينا منذ الأبد اسمك. لماذا أضللتنا يا رب عن طرقك قسيت قلوبنا عن مخافتك ارجع من اجل عبيدك أسباط ميراثك. إلى قليل امتلك شعب قدسك مضايقونا داسوا مقدسك.قد كنا منذ زمان كالذين لم تحكم عليهم و لم يدعى عليهم باسمك
موضوع هذه الآيات والإصحاح الذي بعده، صلاة من الشعب قد يكون إشعياء هو الذي صلاها بدافع من الروح القدس. فيها يطلب الشعب من الرب أن يرحمهم ويعترف بأنهم شعبه ويخلصهم من خطاياهم وأعدائهم.تطلع من السماء = كأن الله في غضبه قد ترك الأرض وجلس في السماء. وهنا يصلى له الشعب تطلع = انظر إلينا في ضيقاتنا. زفير أحشاءك= شفقتك وإن لم يعرفنا إبراهيم = هم قالوا قبلها لأنك أنت أبونا، ويكون المعنى أنه وحتى إن لم نكن أولاد إبراهيم فبنوتنا لله أهم من بنوتنا لإبراهيم بالرغم من اعتزاز اليهود ببنوتهم لإبراهيم. ولا توجد صلاة أخرى في العهد القديم فيها يخاطب الشعب الله قائلا أبونا سوى هذه الصلاة. وهذا مما يدل أن الروح القدس أوحى لإشعياء أن يصلى بروح العهد الجديد " أبانا الذي في السموات " أضللتنا = الله لا يضل أحد ولكن هم بحريتهم ضلوا بعيداً عنه وربما تشير للسبي الذي يحكم به الله. وقد تشير أن الله تركهم وتخلى عنهم بسبب خطاياهم فضلوا. إلى قليل أمتلك شعب قدسك = أي المدة منذ بناء الهيكل حتى السبي وهى حوالي 400 سنه ولكن الشعب أعتبرها مدة قليلة. قد كنا منذ زمان = مدة الضيقات الحاضرة تظهر أنها طويلة (مع أنها 70 سنه) كالذين لم تحكم عليهم = هذه شهوة قلوبهم أن يعود ويحكم عليهم وليس الأمم، وهذا ما نصليه يومياً "ليأت ملكوتك".
الإصحاح الرابع والستون
هذا الإصحاح هو تكملة للصلاة التي بدأت في الإصحاح السابق والصلاة هي لكي نتمسك بالله كما يتمسك إنسان بشخص يريد أن يغادره وهو يمسك به لكى يمنعه من تركه. كمن يصارع معه مثل يعقوب. وحين نتمسك بالله نكون مثل شخص في قارب معه حبل مربوط بخطاف على الشاطئ، والقارب يصارع الأمواج في ليلة عاصفة مظلمة، هو هنا لا يجذب الشاطئ إليه، بل هو ينجذب للشاطئ. وكل ما يقترب يشعر بالاطمئنان هكذا نحن نصلى ليس لنحضر الله لعقولنا وقلوبنا ولكن لنحضر أنفسنا إلى الله. ومثال الشخص الذي في القارب ممسك بحبل مثبت في الشاطئ هو تعريف بولس الرسول للرجاء، في (عب 6 : 18، 19) فنحن نصلى برجاء وليس بيأس.والآيات من (1-7) فيها إعتراف بالخطأ، والآيات (8- 12) فيها استدرار لمراحم الله.
آية (1) ليتك تشق السماوات و تنزل من حضرتك تتزلزل الجبال.
في ضيقتهم أثناء الاضطهاد الناشئ عن خطاياهم صرخوا ليظهر الله قوته ويخلصهم، فليس من يستطيع أن يصلح الأمر سواه، ونحن لن نستطيع أن نصعد لك يا رب فأنزل أنت لنا، هي صرخة الناس قبل مجيء المسيح قائلين ليتك تتجسد لتخلصنا = تشق السموات وتنزل، وهذا ما نصرخ به الآن في انتظار المجيء الثاني "أمين تعال آيها الرب يسوع" (رؤ 22 : 20) الصورة هنا كأن الله حجب وجهه وراء السحاب لغضبه، وهناك من يضعف إيمانه في وقت الضيقة إذ هو لا يفهم طرق الله. ولكننا في هذه الآية نرى النبي يصلى بإيمان أن الله موجود وراء السحاب والضباب، وراء الضيقات، ومهما طالت الضيقات فهو سيتدخل. هناك ترتيلة لطيفة تقول "ثق حبيبي أن الشمس خلف الغيمة" وتنزل = أي لتظهر أعمالك للذين على الأرض، ويعرف الناس أنك إلهنا ونحن شعبك. وزلزلة الجبال حدثت في سيناء فعلاً. ولكن ما حدث لفرعون من مصائب وما حدث لسنحاريب (هؤلاء كانوا في جبروتهم كالجبال) مشبه بزلزلة، زلزلت هؤلاء الأقوياء.
آية (2) كما تشعل النار الهشيم و تجعل النار المياه تغلي لتعرف أعداءك اسمك لترتعد الأمم من حضرتك.
لتعرف أعداءك أسمك = أي ليعرفوا قوتك. وترتعد الأمم من حضرتك هؤلاء الذين قلوبهم كالجبال ليرتعدوا ويكونوا كالهشيم المشتعل بنار غضب الله ويكونوا ضعفاء كالماء، وبنار غضبك يكونون كماء مغلي. و هناك تأمل في هذه الآية لتكن نار الله ناراً تحرق الخطايا التي فينا كما تحرق الهشيم. و برودة حياتنا التي كالماء فلتتحول بنارك يا رب لماء مغلى أي تشتعل بالحب قلوبنا.
آية (3) حين صنعت مخاوف لم ننتظرها نزلت تزلزلت الجبال من حضرتك.
نرى هنا ضربات الله المميتة لأعداء شعبه.
آية (4) و منذ الأزل لم يسمعوا و لم يصغوا لم تر عين إلها غيرك يصنع لمن ينتظره.
نرى هنا محبة الله وكرمه في العطاء لشعبه.
آية (5) تلاقي الفرح الصانع البر الذين يذكرونك في طرقك ها أنت سخطت إذ أخطانا هي إلى الأبد فنخلص.
تلاقى = ليس فقط يقبل الله الصانع البر، بل يلاقيه، كما خرج أبو الابن الضال ليلاقيه. فالله يفرح بأعمالنا الصالحة. و من يعمل أعمال صالحة= أعمال بر ويسلم قلبه لله يكون في حالة فرح = الفرح. والعكس فالذي يصنع خطية يجعل الله يسخط عليه = ها أنت سخطت إذ أخطأنا. وهى إلى الأبد أي طرق الرب وقبوله للتأبين. فنخلص = إذا عدلنا عن طريقنا ورجعنا لله. إذاً ليكمل فرحنا ويلاقينا الله علينا أن نترك خطايانا في توبة حقيقية.
آية (6) و قد صرنا كلنا كنجس و كثوب عدة كل أعمال برنا و قد ذبلنا كورقة و آثامنا كريح تحملنا.
ثوب عدة = ثوب توسخ من جرجرته وراءنا في الطريق، هذا عمل الخطية حينما نلتصق بالأرض. و المعنى أن كل أعمال برنا = أي حتى كل أعمالنا الصالحة صارت غير كاملة وغير مقبولة، فهي مختلطة بالخطية. فمهما عملنا من بر ومعه خطية واحدة فقد تلوثنا بها تماماً.
" من أخطأ في واحدة فقد أخطأ في الكل" (يو 2 : 10) لذلك ذبلنا كورقة شجر منع عنها المياه. و هذه عكس صورة الأبرار الذين هم شجرة مغروسة على مجارى المياه وورقها لا يذبل ولا ينتثر، هؤلاء الأبرار بررهم دم المسيح وثبتوا فيه. فنحن لا نعتمد على برنا بل على دم المسيح وإلا وجدنا نجسون عراة. والمعنى أن الشعب ترك ينبوع الماء الحي فذبل، وصار أوراقاً جافه فحملته الريح صار بلا منظر ولا حياة وسقط وضاع وتبعثر من أمام الرب وراح بعيداً.
آية (7) و ليس من يدعو باسمك أو ينتبه ليتمسك بك لأنك حجبت وجهك عنا و اذبتنا بسبب آثامنا.
ليس من يدعو باسمك = أي يصلى بإيمان متكلاً على الرب متمسكاً به = كما تمسك يعقوب بالرب قائلاً له " لن أتركك إن لم تباركني لأنك حجبت وجهك عنا = فحين يحجب الله وجهه نحس أن صلواتنا غير مقبولة وهذا بسبب آثامنا. أذبتنا = كما يذيب الصائغ الذهب ليعيد تشكيله.
آية (8) و الآن يا رب أنت أبونا نحن الطين و أنت جابلنا و كلنا عمل يديك.
صلاة إبن لأبيه فيها استعطاف وحين يكون الطفل كالطين في يد أبيه الخراف من المؤكد أنه سيصنع منه إناءً للكرامة.
آيات (9، 10) لا تسخط كل السخط يا رب و لا تذكر الإثم إلى الأبد ها انظر شعبك كلنا. مدن قدسك صارت برية صهيون صارت برية و أورشليم موحشة.بيت قدسنا و جمالنا حيث سبحك آباؤنا قد صار حريق نار و كل مشتهياتنا صارت خرابا.الأجل هذه تتجلد يا رب أتسكت و تذلنا كل الذل.
هذا وضع أورشليم بعد السبي محروقة بنار ومنظرها يبكى من يراها وهذا حال كل نفس تركت المسيح لتجرى وراء شهواتها وخطاياها و أليس هذا حال كنائس كثيرة في أيامنا هذه عبث بها الشيطان فأنكروا حتى لاهوت المسيح ولكن مازال هناك بقية أمينة لله مازالت تصلى هذه الصلاة.
الإصحاح الخامس والستون
الإصحاحين (65، 66) يوجهوننا نحو السموات الجديدة والأرض الجديدة الذين سيقودنا إليهما الإيمان بالمسيح. والله يعلن دعوته لكل البشر للتمتع بالحياة الجديدة التي تبدأ هنا على الأرض. و نرى أيضاً الفصل والتميز بين ما هو صالح وما هو شرير. فالمسيح جاء لأجل هذا. وفى هذا الإصحاح نجد توقع قبول الأمم للنداء الإنجيلي.
آية (1) أصغيت إلى الذين لم يسالوا وجدت من الذين لم يطلبوني قلت هاأنذا هاأنذا لأمة لم تسم باسمي.
ورفض اليهود لعنادهم وعدم إيمانهم آيات (2- 7) ثم خلاص البقية منهم بجلبهم للإيمان بالمسيح آيات
(8- 10) ثم أحكام الله ستتعقب اليهود المرفوضين، آيات (11- 16) ثم البركات المحفوظة للكنيسة المسيحية التي ستكون فرحها ومجدها آيات (17-25)
آيات (1، 2) أصغيت إلى الذين لم يسالوا وجدت من الذين لم يطلبوني قلت هاأنذا هاأنذا لأمة لم تسم باسمي.بسطت يدي طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صالح وراء أفكاره.
هذه الآيات فسرها بولس الرسول برفض اليهود وقبول الأمم (رو 1 : 20، 21) ولقد علق بولس الرسول أن إشعياء كان جريئاً حين واجه اليهود بهذا، أنهم سوف يُرفضون وأكمل أن هذا تتميماً لنبوة موسى "أغيظكم بأمة غبية (تث 32 :21) الذين لم يسألوا = هم الأمم وهم أيضاً. الذين لم يطلبوه فهم لم يعرفوه لكي يطلبوه أو يسألوه ولكنه هو عرفهم بنفسه وقال لهم هاأنذا. أما اليهود الذين بسطت لهم يدي = وذلك بفيض نعمه عليهم وبقيادته لهم بأنبيائه. وبمعجزاته، ثم جاء لهم وأرسل لهم تلاميذه. فهو بسط يديه لهم ليحتضنهم ويقبلهم ويعطيهم علامات محبته بل في صليبه ظل باسطاً لهم يديه بالحب ليحتضن الكل. و كان هذا طول النهار = أي طول عمر الكنيسة فالله سيقبل إليه كل من يرجع إليه ولكنهم شعب متمرد يسيرون وراء أفكارهم = أي شهواتهم الأرضية وخطاياهم.
آية (3) شعب يغيظني بوجهي دائما يذبح في الجنات و يبخر على الأجر.
يغيظني بوجهي = أي بوقاحة وبلا حياء وهم بدأو في هذا من أول أيام النبي في عبادة الأصنام ثم في تحديهم للمسيح وصلبه ثم في إصرارهم إلى هذا اليوم في رفضه يبخر على الأجر = قارن هذا بما أعطاه لهم الله أن البخور يكون أمام المذبح الذهبي. والآجر هو ما يغطى به سطح المنازل فهم وضعوا أصنامهم ومذابحها فوق بيوتهم (2 مل 23، 12).
آية (4) يجلس في القبور و يبيت في المدافن يأكل لحم الخنزير و في أنيته مرق لحوم نجسة.
يجلس في القبور = لسؤال أرواح الموتى. وهم لم يسألوا الرب. و يبيت في المدافن فهم ظنوا أن أرواح الموتى تظهر لهم في الليل أو بواسطة أحلام. ويأكل لحم الخنزير = فالخنزير نجس بحكم الشريعة ولكنها طبيعة العصيان والتمرد التي أصبحت فيهم.
آية (5) يقول قف عندك لا تدن مني لأني أقدس منك هؤلاء دخان في انفي نار متقدة كل النهار.
بالرغم من خطاياهم فهم في كبرياء يقولون للآخرين قف عندك لا تدن منى حتى لا تنجسني فأنا أقدس منك. وهؤلاء المتكبرون يثيرون ضيق الله كدخان في أنفه. وكانت هذه خطية الكتبة والفريسيين أيام المسيح.
آية (6) ها قد كتب أمامي لا اسكت بل أجازي أجازي في حضنهم. آثامكم و آثام أبائكم معا قال الرب الذين بخروا على الجبال و عيروني على الآكام فأكيل عملهم الأول في حضنهم.
ها قد كتب أمامي = لنعرف أن الله لا ينسى. أجازى في حضنهم = فالخطية تحرق يد الخاطئ ومن يحتضن الخطية تحرقه.
آيات (8، 10) هكذا قال الرب كما إن السلاف يوجد في العنقود فيقول قائل لا تهلكه لان فيه بركة هكذا اعمل لأجل عبيدي حتى لا اهلك الكل. بل اخرج من يعقوب نسلا و من يهوذا وارثا لجبالي فيرثها مختارى و تسكن عبيدي هناك. فيكون شارون مرعى غنم و وادي عخور مربض بقر لشعبي الذين طلبوني.
وهذا شرحه بولس الرسول في رو (11 : 1-5) وهو مبدأ قبول البقية. فالله لم يرفضهم نهائياً. و شبههم الله هنا بكرمة تبدو أنها جفت وتستحق أن تقلع، ولكن عين الكرام الخبير تكشف أن بعض الأغصان مازال فيها عصارتها وتبشر بمحصول فيبقى عليها. ولقد رفض اليهود المسيح، ولكن قلة منهم قبلوه، هم البقية وستكون في نهآية الأيام، بقية تؤمن. وما هي مواصفات هذه البقية = هم عبيدي = هم يعبدون الله وليس شهواتهم الأرضية. و شعبي الذين يطلبوني = فهم أصبحوا يطلبون الله ومن يطلب الله لابد ويستجيب له الله وهؤلاء ستكون لهم إقامة سعيدة فهم سيرثون في جبال الله وأين ؟ من وادي شارون على الحد الغربي وإلى وادي عخور على الحد الشرقي للأرض. هي الأرض المقدسة، أرض ميراث الرب كلها، والآن الأرض كلها للرب.
آية (11) آما انتم الذين تركوا الرب و نسوا جبل قدسي و رتبوا للسعد الأكبر مائدة و ملأوا للسعد الأصغر خمرا ممزوجة.
أما أنتم = هذا الكلام موجه لليهود ويوجهه إشعياء لقومه ومن سيأتي بعدهم الذين سيعبدون النجوم = السعد الأكبر والأصغر. وهى عبادة فيها سكر وعربدة وحتى يومنا هذا فهناك من يؤمن بالأبراج وحظك اليوم ويتفاءلون ويتشاءمون.
آية (12) فاني أعينكم للسيف و تجثون كلكم للذبح لأني دعوت فلم تجيبوا تكلمت فلم تسمعوا بل عملتم الشر في عيني و اخترتم ما لم اسر به.
فإني أعينكم = والمعنى المقصود في الترجمة الأصلية أنني أُعَيِن العدو الذي سيهلك بالسيف، فالسيف ليس عشوائياً يقتل، بل هو في يد الله. و السيف تركه الله عليهم لأنه تكلم = بواسطة أو في إبنه الكلمة فلم يجيبوا بل عملوا الشر = صلبوه.
آيات (13، 14) لذلك هكذا قال السيد الرب هوذا عبيدي يأكلون و انتم تجوعون هوذا عبيدي يشربون و انتم تعطشون هوذا عبيدي يفرحون و انتم تخزون. هوذا عبيدي يترنمون من طيبة القلب و انتم تصرخون من كآبة القلب و من انكسار الروح تولولون.
مقارنة بين حال عبيد الرب ورافضى الرب. فعبيد الرب مكتفين قانعين حتى في الطعام والشراب وأفراح السماء لهم أفراح أبدية، وأما هؤلاء الذين وضعوا أمالهم في الأرض فهم في عطش وحزن وجوع، يجرون ويلهثون وراء هذه الأرض الفانية. أما عبيد الرب فهم يشتركون فرحين في مائدة الرب الدسمة فيفرحون ويشبعون ويسبحون.
أيام (15، 16) و تخلفون اسمكم لعنة لمختاري فيميتك السيد الرب و يسمي عبيده اسما آخر.فالذي يتبرك في الأرض يتبرك باله الحق و الذي يحلف في الأرض يحلف باله الحق لان الضيقات الأولى قد نسيت و لأنها استترت عن عيني.
هناك فرق أيضاً بين عبيد الرب والخطاة من ناحية الذكرى والسمعة فإسم من عبد الأوثان ثم صلبوا المسيح سيترك لعنة. وسوف يُهمل ويكون استخدامه بائساً وسيئاً . فكان هناك مثل أوروبي "يجعلك الله بائساً كاليهود " ويكون كل هذا كإنذار ليتساءلوا لماذا نحن كذلك، ويكون هناك خوف من أن تنزل اللعنات على الناس مثلما تنزل على اليهود، فالله تركهم للعنة = ويميتك السيد الرب. أما عبيد الرب فذكراهم دائماً بالبركة، والله سيدعوهم باسم آخر، فإسم شعب الله اليوم مسيحيين وجسد المسيح. وتحت هذا الاسم سيكون لهم كل بركات ومميزات العهد الجديد. ولن يكون هذا الشعب واحد في الأرض بل لكل الأرض فالذي يتبرك في الأرض كلها يتبرك بإله الحق = والمسيح هو الحق، وهؤلاء سوف ينسبون كل نجاح لهم وكل تعزية لله وهؤلاء سينسون أيضاً كل آلام الماضي في أفراح الحاضر. والله هو الذي سيجعلهم ينسون مشاكل الماضي، بل الله يقول إنها استترت عن عينيه أي أزيلت. فهو في كل ضيقنا تضايق، وإذا كان مازال هناك مشاكل لكانت بقيت أمام عينيه، فهو يحس بالآلام التي نحسها ويرتاح حينما نرتاح، وهنا على الأرض يتحقق جزء من هذا وأما تحقيقه الكامل فهو في السماء.
آية (17):- لأني هاأنذا خالق سماوات جديدة و أرضا جديدة فلا تذكر الأولى و لا تخطر على بال.
هذه الآية وجدت تحقيقها جزئياً أولاً فى عودة اليهود من السبي لأرض جديدة بلا أوثان وسماء جديدة أي بعلاقة جديدة بينهم وبين الله. ثم ثانياً في الكنيسة فصارت الكنيسة هي الأرض الجديدة فأعضائها من المؤمنين في حب يتعاملون مع بعضهم، وهى السماء الجديد أي في علاقة حب بين هؤلاء المؤمنين وبين الله، بل هي علاقة بنوة نقول لله فيها " يا أبانا الذي في السموات " ولكن الآية ستتحقق كلياً في الحياة الأبدية فهي بحق الأرض الجديدة والسموات الجديدة (رؤ 21 : 1)
آية (18) بل افرحوا و ابتهجوا إلى الأبد فيما أنا خالق لأني هاأنذا خالق أورشليم بهجة و شعبها فرحا.
فرح القديسين بالرب فرح أبدى فكل ما سيخلقه الله جديداً سيكون مصدر فرح لقديسيه ومن تألم مع الكنيسة سيفرح (رو 8 : 17)
آية (19) فابتهج بأورشليم و افرح بشعبي و لا يسمع بعد فيها صوت بكاء و لا صوت صراخ.
إذا طبقنا هذه الآية على الأرض فيكون المعنى أننا لن نحزن على الأرضيات الفانية ولكن تطبيقها الكامل سيكون في السماء.
آية (20) لا يكون بعد هناك طفل أيام و لا شيخ لم يكمل أيامه لان الصبي يموت ابن مئة سنة و الخاطئ يلعن ابن مئة سنة.
لن يكون طفل أيام = بعد المسيح انتهى سلطان الموت فلم يعد يقال "قد أعدمت بقية سني" أو "من النوال يقطعني" (أش 38 : 10،12) وقائلها هو حزقيا الملك حينما أخبره النبي بموته فإعتبر ذلك بمثابة أنه يموت ناقص عمر بلغة هذه الأيام. فكلمة طفل أيام هي المضاد لكلمة يموت شبعان أيام التي قيلت كثيراً فيمن عمروا طويلاً. ولا يقال اليوم بعد المسيح أن فلان مات ناقص عمر لأنه:
1) العمر محدد من الله.
2) ليس موت لعبيدك يا رب بل هو إنتقال. فالذي مات ذهب إلى السماء ولا مقارنة بين السماء والأرض خاصة بعد أن قال بولس آيته الشهيرة "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً "
لأن الصبي يموت أبن مئة سنة والخاطئ يلعن أبن مئة سنه = الصبي هنا في مقابل الخاطئ وكلاهما يعيش 100 سنه ثم يموت. و لكن الصبي قيل عنه يموت، أي ينتقل من حياة على الأرض إلى حياة في السماء. وأما الخاطئ فقيل عنه يلعن فهو كان ميتاً بالخطية على الأرض وإنتقل إلى جهنم بعد موته وهى مكان لعنة.
من هو الصبي ؟ قال السيد المسيح "إن لم ترجعوا وتكونوا مثل هؤلاء الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات". فمن تعلق بالمسيح وأنار المسيح حياته يستعيد بساطة الأطفال فيكون صالحاً لملكوت السموات ومن لم يتعلق بالمسيح فلن تشفى طبيعته (لاحظ أن المسيح هو طبيب أنفسنا) وسيظل كما هو بطبيعة العصيان والخطية وكلاهما يموت.. ولكن الصبي وهذا من تم شفاؤه يموت وتحمله الملائكة (لعازر) والخاطئ يموت وتحمله الشياطين لمكان اللعنة الأبدية (الغنى)
ولكن كلاهما عاش 100 سنه فما هي هذه ال 100 سنه. هي مدة حياتهما على الأرض و تمثل رمزياً ب 100 سنه فرقم 100 يشير للكمال فهم أتموا ما حدده لهم الله من عمر. وهو أيضاً يشير للمكافأة أو المجازاة عن الأعمال "كل من ترك أباً أو أماً.... يأخذ 100 ضعف " فكل من الصبي والخاطئ أتم حياته وأخذ نصيبه على أعماله وأحدهم ذهب للسماء والآخر للجحيم ليلعن.
والبعض يفسر الآية على أن هناك أطفال يموتون في عمر صغير ولكن بعد أن قضوا حياة كلها قداسة وامتلأوا من كل حكمة فهؤلاء كأنهم عاشوا 100 سنة، أو كأنهم في حكمة الشيوخ. أما الخطاة الذين يعيشون في العالم ولا يشبعون منه فحتى لو عاشوا 100 سنة فهم لن يشبعوا ويموتون ويلعنون لخطاياهم. إذاً طول العمر ليس المقياس بل كيف نعيش عمرنا هذا هو المقياس.
آيات (21- 23) و يبنون بيوتا و يسكنون فيها و يغرسون كروما و يأكلون أثمارها. لا يبنون و آخر يسكن و لا يغرسون و آخر يأكل لأنه كأيام شجرة أيام شعبي و يستعمل مختاري عمل أيديهم. لا يتعبون باطلا و لا يلدون للرعب لأنهم نسل مباركي الرب و ذريتهم معهم.
الله سيبارك عمل أياديهم، ويجنون ما يتمنونه، وبلغة ما كان يحدث قديماً فحين كانوا يخطئون كان الله يسلط عليهم أمة تؤدبهم، بأن تطردهم من بيوتهم وتسكن فيها وتأكل محاصيلهم (راجع سفر القضاة) ولكن الآن في عهد النعمة فلا سلطان لأحد علينا حتى ولا الشياطين. وكأيام شجرة أيام شعبي = مثل شجرة البلوط التي وإن قطعت أوراقها تعود وتستعيد شكلها ثانية، ونحن نستعيد شكلنا بالتوبة ونزدهر من جديد. وفى الترجمة السبعينية كأيام شجرة الحياة = وشجرة الحياة هي المسيح، أي سيكون المسيح لنا شجرة حياتنا "لي الحياة هي المسيح " وفيه سنتمتع بكل التعزيات الروحية. ولا يلدون للرعب = الله سيجعل أولادهم مصدر تعزية لهم بأن يجعلهم يسيرون في طريق الحياة، طريق الحق وتكون أيامهم فرحة.
آية (24) و يكون إني قبلما يدعون أنا أجيب و فيما هم يتكلمون بعد أنا اسمع.
هناك إتصال جيد بينهم وبين الله، والله يتوقع ما يصلون لأجله، كما قابل الأب الابن الضال في طريقه.
آية (25) الذئب و الحمل يرعيان معا و الأسد يأكل التبن كالبقر أما الحية فالتراب طعامها لا يؤذون و لا يهلكون في كل جبل قدسي قال الرب
ويكون هناك اتصال جيد بينهم وبين بعضهم فالله أرسلنا كحملان وسط ذئاب ولو آمن هؤلاء الذئاب لصار الكل حملان. وطبع البشر سيتغير، ومن منهم كالأسد يأكل الدماء سيصير كالبقر آكل تبن. أما الشيطان فمقيد بسلسلة والتراب طعامه. ومن عاش للأرضيات يصير تراباً أي طعاماً لإبليس.
الإصحاح السادس والستون
هذا الإصحاح يشبه ما قبله حتى في عباراته فهو يتكلم عن التمييز بين الأبرار والأشرار بعد العودة من السبي كرمز لرفض اليهود للمسيح. ثم إيمان الأمم وإقامة مملكة المسيح في العالم. والآية الأولى من هذا الإصحاح أستخدمها إسطفانوس أمام المجمع ليثبت بها أن هيكل اليهود قد إنحل بعد تأسيس الكنيسة المسيحية
(أع 7 : 49، 50) وهذا يعتبر مفتاح للإصحاح كله، وفيه الاحتقار الذي يضعه الله على الطقوس التي يمارسونها.
1) لأن الله يهتم بحالة القلب قبل ممارسة الطقوس.
2) بعد مجيء المسيح صارت هذه الطقوس من ذبائح وخلافه بلا معنى، فحين يأتي المرموز إليه يبطل الرمز لذلك نرى نية الله الواضحة لأن يضع نهآية لهذا الهيكل قريباً بذبائحه ورفض كل ما يتعلق به آيات (1- 4). والخلاص الذي يعده الله ليخلص شعبه من أيدي ظالميهم آية (5) متكلماً بالرعب لمضطهديهم آية (6) وبالتعزيات للمظلومين وخلاص سريع وتام آيات (7- 9) وإقامة فَرِحة آيات (10، 11) ودخول الأمم عليهم والرضا الكامل في ذلك آيات (12- 14) والانتقام المرعب الذي سيأتي به الله على أعداء كنيسته وشعبه آيات (15- 18) وإقامة الكنيسة على أساسات كبيرة وأكيدة ونصرها الأكيد على أعدائها آيات (19- 24).
من المؤكد أن هذا النبي الإنجيلي كان ينظر للأيام الأخيرة أي إلى يوم الأبدية.
آية (1) هكذا قال الرب السماوات كرسيي و الأرض موطئ قدمي أين البيت الذي تبنون لي و أين مكان راحتي.
الله الذي يسكن السموات ولا يحده مكان، أين هو المكان الذي يليق به لنبنيه له ليسكن فيه. وهذا الكلام موجه لهم ليعرفوا ضآله حجم الهيكل الذي يفتخرون به (حتى أيام المسيح ) وكثيراً ما إعتمد اليهود على وجود الهيكل بينهم كسبب مجد لهم مهما كانت خطاياهم ولهذا وبخهم الرب. والسموات كرسيي = هناك عرش مجده حيث يتعالي بلا نهآية. والأرض موطئ قدميه = حيث يقف كضابط الكل. فلو أراد الله له بيتاً لكان قد صنعه حين أسس الأرض، ولو صنع الله بيتاً لما زال أبداً. وكانت هذه الآية إعداد لهم لتقبل فكره إنتهاء دور الهيكل كمكان وحيد للعبادة.
آية (2) و كل هذه صنعتها يدي فكانت كل هذه يقول الرب و إلى هذا انظر إلى المسكين و المنسحق الروح و المرتعد من كلامي.
الله الذي لا يسعه مكان، وهو الذي خلق كل هذا، ما نراه وما لا نراه، يرتاح عند المتواضع والمسكين فيكون المتواضع له سماءً وعرشاً. فالمتواضع أكثر راحة لله من الهيكل. وبالإتضاع نثبت في المسيح المتضع فيسكن فينا الله فنصير سماء جديدة.
الآيات (3، 4) من يذبح ثورا فهو قاتل إنسان من يذبح شاة فهو ناحر كلب من يصعد تقدمة يصعد دم خنزير من احرق لبانا فهو مبارك وثنا بل هم اختاروا طرقهم و بمكرهاتهم سرت أنفسهم. فانا أيضا اختار مصائبهم و مخاوفهم اجلبها عليهم من اجل إني دعوت فلم يكن مجيب تكلمت فلم يسمعوا بل عملوا القبيح في عيني و اختاروا ما لم اسر به.
من يذبح ثور هو قاتل إنسان = لها معنيين :-
1) من يهتم بالشكليات في العبادة دون تواضع القلب ونقاوته، يكون كمن يتحدي الله وقطعاً فالله لا يستجيب لهم.
2) رفض ذبائح اليهود بعد مجيء السيد المسيح. فبعد أن جاء المسيح بطلت الذبائح وصار لا معني لتقديمها فكان إصرارهم علي ذلك تحدي لله.
وهم تركوا المسيح واختاروا طرقهم وبمكرهاتهم سرت أنفسهم = فكما اختاروا هم طريقهم وأعطوا أذناً صماء للمسيح، فالله سيختار طريقة العقوبة، وكما أهانوه سيجعلهم سخرية لأعدائهم.
آية (5) اسمعوا كلام الرب آية المرتعدون من كلامى قال إخوتكم الذين أبغضوكم و طردوكم من اجل اسمي ليتمجد الرب فيظهر لفرحكم و أما هم فيخزون.
المرتعدون من كلامه = في أيام النبي هم اليهود الأتقياء. وفي أيام المسيح هم الذين قبلوه وآمنوا به. قال إخوتكم = فمن إضهد المسيحيين في كل مكان هم اليهود. وفي كل مدينه كان اليهود يثيرون الوثنيين ضد الرسل وضد المسيحيين وهذا البعض سبب فرحاً للمسيحيين (أع 5 : 41). وتاريخياً فقد هرب المسيحيين من أورشليم نتيجة الاضطهاد، فنجوا من هلاك أورشليم علي أيدي الرومان الذين أخربوها وحرقوها ودمروا الهيكل واحرقوه. وكان هذا لكي يخزون اليهود.
آية (6) صوت ضجيج من المدينة صوت من الهيكل صوت الرب مجازيا أعداءه.
هنا نري ثمار مضايقتهم للمسيحيين، فهذا الصوت هو صوت خراب المدينة علي يد تيطس الروماني. هذا الخراب كان لليهود الرافضين للمسيح.
آيات (7، 8) قبل أن يأخذها الطلق ولدت قبل أن يأتي عليها المخاض ولدت ذكرا. من سمع مثل هذا من رأى مثل هذه هل تمخض بلاد في يوم واحد أو تولد امة دفعة واحدة فقد مخضت صهيون بل ولدت بنيها.
الخراب المشار إليه لن يصيب المسيحيين الذين آمنوا. بل سيولدوا من جديد. ولنقارن هذه الآيات ب (رؤ 12) المرأة التي ولدت ذكراً فميلاد الكنيسة تم بميلاد السيد المسيح ثم موته وقيامته فصعوده ثم إرسال الروح القدس. وفي كل هذا لم يكن دور للمؤمنين، فالعمل كله قام به السيد المسيح. وهذا معني قبل أن يأخذها الطلق ولدت قبل أن يأتي عليها المخاض ولدت ذكراً = الكنيسة لم تقم بأي دور، المسيح وحده قام بكل شيء، الكنيسة لم يكن لها حتى هذه اللحظة أي آلام مخاض وفي يوم واحد آمن 3000 دفعة واحدة ثم 2000، أمة تولد دفعة واحدة بلا آلام. ولكن بعد أن ولدت الكنيسة كانت هناك آلام الطريق الضيق، وبدأ اضطهاد اليهود ثم اضطهاد الوثنيين = وهذا معني مخضت صهيون. وهذا ما قاله بولس الرسول "يا أولادى الذين أتمخض بكم إلي أن يتصور المسيح فيكم" ولكن هذه الآيات قد تشير جزئياً لخروج الشعب من بابل 42.000 دفعة واحدة وبسلام راجعين لأورشليم.
آية (9) هل أنا امخض و لا أولد يقول الرب أو أنا المولد هل أغلق الرحم قال إلهك.
من محبة الله قوله هذا فالكنيسة تمخض وتتألم والله يعتبر هذا كأنه ألمه هو = هل أمخض. والمعزى أن هناك ولد يولد أي أمة تولد.
آيات (10، 11) افرحوا مع أورشليم و ابتهجوا معا يا جميع محبيها افرحوا معا فرحا يا جميع النائحين عليها. لكي ترضعوا و تشبعوا من ثدي تعزياتها لكي تعصروا و تتلذذوا من درة مجدها.
نائحين عليها = بسبب الآلام التي تعانى منها ولكن فليفرح النائحين لأن هذا الحزن سيتحول إلى فرح وفير ومجد، بل هي في فرح وتعزيات حقيقية لشركتها مع المسيح. ومن هذه التعزيات تشبع وترضع كل محتاج. كل من يأتي إليها كل من يبكى علي خطاياه وكل من يحب أورشليم السمائية. ويتعلق بها سيرضع من ثدي تعزياتها أي يمتلئ بالروح ويتعزى بكلمة الله. دِرَة مجدها = وفرة مجدها.
آية (12) لأنه هكذا قال الرب هاأنذا أدير عليها سلاما كنهر و مجد الأمم كسيل جارف فترضعون و على الأيدي تحملون و على الركبتين تدللون.
الله سيعطى أسباب لهذا الفرح. ويزيد السلام كنهر لا يقف شيء في طريقه. ومجد الأمم سيأتي كسيل جارف. أدير = الله هو الذي يسقى كنيسته سلاماً كما يروى الفلاح أرضه ويتعدها بالرعآية، يرويها سلاماً كما من نهر لا ينضب. تُحمَلون = الله هو الذي يحملنا في يده (رؤ 1 : 16) " معه في يده اليمنى سبعة كواكب " وهو نقشنا على كفه بمعنى وشم.
آية (13) كانسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا و في أورشليم تعزون.
بقية الآية السابقة فالله واضح هنا أنه مصدر تعزياتنا، فنحن محتاجين للتعزيات لأننا نعيش في وسط عالم كله ألام. ولكن أين تكون هذه التعزيات = في أورشليم = أي داخل الكنيسة، في شركة جسد المسيح.
آية (14) فترون و تفرح قلوبكم و تزهو عظامكم كالعشب و تعرف يد الرب عند عبيده و يحنق على أعدائه.
العظام هي مركز قوة الجسم والمعنى انه بالفرح الذي سيعطيكم الله تكونون أقوياء، أي يشتد إيمانكم ويتقوى، فالآلام مع التعزية تزيد الإيمان إذ نرى يد الله التي تحملنا، هذه هي شركة الصليب.كالعشب = أي مثمرين فالعشب لونه أخضر، والخضرة علامة الحياة.
آيات (15، 16) لأنه هوذا الرب بالنار يأتي و مركباته كزوبعة ليرد بحمو غضبه و زجره بلهيب نار.لان الرب بالنار يعاقب و بسيفه على كل بشر و يكثر قتلى الرب.
هنا نرى مجازاة للأشرار، فالله سيجازى هنا بنار عدم السلام والقلق والاضطراب، وهناك بنار لا تطفأ ودود لا يموت.
آية (17) الذين يقدسون و يطهرون أنفسهم في الجنات وراء واحد في الوسط آكلين لحم الخنزير و الرجس و الجرذ يفنون معا يقول الرب.
المقصود كل فاعلي الشر، وهذه عينة من الخطايا التي كانت في أيام إشعياء، إذ كانوا يقدمون الجرذان والخنازير في عبادتهم للأصنام ثم يأكلون من تقدماتهم كعلامة إتحاد بين الصنم وبينهم.
آية (18) و أنا أجازي أعمالهم و أفكارهم حدث لجمع كل الأمم و الألسنة فيأتون و يرون مجدي.
لاحظ أن الله يجازى على ما في القلوب والأفكار.
حَدَثَ = أي جاء الوقت لجمع كل الأمم ليروا مجد الله (قبولهم)
آية (19) و اجعل فيهم آية و أرسل منهم ناجين إلى الأمم إلى ترشيش و فول و لود النازعين في القوس إلى توبال و ياوان إلى الجزائر البعيدة التي لم تسمع خبري و لا رأت مجدي فيخبرون بمجدي بين الأمم.
الله سيرسل رسله للأمم لترشيش (تعنى أسبانيا أو كل جزائر البحر ) وفول (أسم يطلق على ملوك أشور وقد تكون أسماء مناطق في أشور ) ولود = غالباً مملكة ليديا المشهورة. وتوبال قد تكون إيطاليا. وياوان = اليونان وأجعل فيهم آية = فهؤلاء الرسل سيكونون مزودين بالمعجزات لإثبات كلامهم وكرازتهم.
آية (20) و يحضرون كل أخوتكم من كل الأمم تقدمة للرب على خيل و بمركبات و بهوادج و بغال و هجن إلى جبل قدسي أورشليم قال الرب كما يحضر بنو إسرائيل تقدمة في إناء طاهر إلى بيت الرب.
هؤلاء الرسل سيقدمون تقدمة للرب، وهذه التقدمة هي الأمم الذين آمنوا (رو 15، 16) وكان الأمم الآتين لله كأنهم في قطيع كبير قادم لأورشليم في أحد الأعياد. وحينما يأتون لا يأتون فارغين. وتعدد وسائل الركوب تعنى اختلاف شخصيات القادمين، فالأشخاص المهمين يأتون في مركبات، والصغار في هوادج والشباب على بغال. الكل قادم للكنيسة غير مهتم بمشقة، ويأتون بكل الوسائل، وهم يأتون لا ليقدموا تقدمة بل يقدمون أنفسهم، والرسل يقدمونهم لله في إناء طاهر = فكان كهنة اليهود يقدمون تقدماتهم في آنية، وهذا يفيد أن التقدمة هنا هي الأمم والرسل هم الكهنة ويقدمونهم في إناء طاهر لأنهم مقدسين متطهرين. المسيح طهر آنيتنا
(2 آتى 2 : 20،21)
آية (21) و اتخذ أيضا منهم كهنة و لآويين قال الرب.
وأتخذ منهم كهنة ولاويين = هذه فيها رد على الإخوة البروتستانت الذين يدعون أن الكل كهنة في العهد الجديد، فهنا وبوضوح نجد أن الله يقبل الأمم ولكنه يأخذ بعضاً منهم ليقيمهم كهنة والبعض لاويين.
آية (22) لأنه كما أن السماوات الجديدة و الأرض الجديدة التي أنا صانع تثبت أمامي يقول الرب هكذا يثبت نسلكم و اسمكم.
ثبات الكنيسة أمام الله وإزدهارها من جيل إلى جيل "فالأشياء القديمة قد مضت.. هوذا الكل قد صار جديداً (2 كو 5 : 17) وهذه الحياة الجديدة هي استعداد للحياة الجديدة في الأبدية.
آية (23) و يكون من هلال إلى هلال و من سبت إلى سبت إن كل ذي جسد يأتي ليسجد أمامي قال الرب.
في الكنيسة أعياد ومناسبات يجتمع فيها الشعب للصلاة في الكنيسة في الآحاد وفى القداسات، بل نجتمع في كل زمان وكل مكان والأعياد بلغة العهد القديم هى السبوت والأهلة. ولكن نحن الآن لا نسجد في أورشليم فقط بل في كل مكان نسجد بالروح.
آية (24) و يخرجون و يرون جثث الناس الذين عصوا علي لان دودهم لا يموت و نارهم لا تطفأ و يكونون رذالة لكل ذي جسد
حين يرى أولاد الله الحال التي فيها الأشرار فهم يحيون كأموات = جثث "لك أسم أنك حي وأنت ميت " يسبحون الله على الخلاص الذي قدمه لهم وإلا لكانوا هم أيضاً مثلهم، وفى السماء يكونون في الجحيم أما المؤمنين ففي مجد ولكن من يثبت في أورشليم لن يهلك، بل يهلك من هم خارج أورشليم