أشعياء
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
المقدمة
الملوك الذين عاصرهم إشعياء النبي :
ملك وهو إبن 16 سنة وملك 52 سنة، عمل ما هو مستقيم في عيني الرب ولكنه لم ينزع المرتفعات وكان أبرصاً ولذلك بقي في بيت المرض. وكان يوثام هو الذي يحكم ( 2 أي 26 :3 ). بدأ عزيا بدآية حسنة فأنجحه الله وخرج وحارب وهزم الفلسطينيين وإمتد أسمه إلي مدخل مصر حيث أنه تشدد جداً وبني أبراجاً وامتدت الزراعة في أيامه وكان له جيش قوى (307500) مسلحين بآخر إختراعات الحرب ولكن إرتفع قلبه ودخل ليبخر أمام مذبح البخور فإجتمع حوله 80 كاهنا يقولون له ليس لك يا عزيا. فحنق عليهم وفي يده المجمرة وعند ذلك خرج البرص في جبهته أمام الكهنة فطردوه. ولما مات دفنوه في حقل المقبرة بدلاً من مدافن الملوك بسبب برصه. وفي السنة الثانية والخمسين لملكه ملك فقح بن رمليا علي إسرائيل وفي أيامه جاء لتغلث فلاسر ملك أشور وسبا جزء كبير من إسرائيل. هو مثال لمن بدأ حسناً وباركه الله ووفقه ثم تكبر فسقط.
2- يوثام
كان إبن 25 سنة حين ملك، وملك 16 سنة وعمل ما هو مستقيم أمام الرب إلا أنه لم يزيل المرتفعات وحاربه رصين ملك أرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل (2مل 15 : 37). وكان السبب في ذلك فساد الشعب (2أي 27 : 2)
3- أحاز
ملك في السنة 17 لفقح بن رمليا وملك وهو إبن 20 سنة وملك 16 سنة ولم يعمل المستقيم في عيني الرب إلهه كداود أبيه. وسار في طريق ملوك إسرائيل وعبر إبنه في النار وذبح وأوقد في المرتفعات وأغلق أبواب الرواق وأطفأ سرج المنارة ولم يوقد بخوراً ولم يصعد محرقات (2 أي 29 :7). وصعد عليه رصين ملك أرام وفقح ملك إسرائيل وحاصروا يهوذا ولكنهم لم يقدروا أن يغلبوه ولكنهم أخذوا منه إيله وقتل فقح من يهوذا 120.000 قتيل وقتل إبن الملك وسبا منهم 200.000 من النساء والبنين. وكان نبي في إسرائيل رفض السبايا وأمر بعودتهم فأعادوهم (2 أي 28) وضربه كذلك الأدوميين.
وأرسل أحاز رسلا لتغلث فلاسر قائلا أنا عبدك وأبنك، اصعد وخلصني من يد ملك أرام وملك إسرائيل، وأرسل له الذهب والفضة التي كانت في بيت الرب هدية. فصعد ملك أشور وقتل رصين ملك أرام (دمشق) وأخذها وسباها. وكان رأي إشعياء عدم التحالف مع أشور لأنه رأي بروح النبوة أن الله سيخلص بدون اللجوء لأشور، أما اللجوء لأشور فسيجلب الذل علي يهوذا وصعد أحاز إلي دمشق ليؤدي فروض الولاء والطاعة لتغلث فلاسر ملك أشور. وهناك رأي مذبح أشوري فأعجبه فأمر بصنع مثله للهيكل (ربما لإرضاء ملك أشور) ووضع المذبح الأساسي جانباً وأصبحت الذبائح تقدم عليه. ونزع المر حضة من علي الثيران ووضعها علي رصيف من الحجارة. وفي السنة الثانية عشرة لأحاز ملك هوشع بن إيله علي السامرة. وفي أيام هوشع صعد عليه ملك أشور وأوقع عليه الجزية، واكتشف ملك أشور أن هوشع يتأمر مع مصر فحاصره 3 سنين ثم سبا إسرائيل. وتفاصيل خطايا إسرائيل مذكورة في (2مل 17) التي بسببها وقع السبي. ومن خطايا أحاز أنه ذبح لآلهة أرام وكان منطقه أن هذه الآلهة تساعد ملك أرام وحينما يذبح هو لها سوف تساعده وحينما مات دفنوه في المدينة ولم يرضوا أن يأتوا به لمقابر ملوك يهوذا لشروره، ومن أشهر أعماله أنه صنع ساعة (مزولة) علي درجات سميت درجات أحاز.
الحالة السياسية في أيامه : كانت يهوذا محصورة بين قوتين عظميين هما مصر وأشور وهذا جعلهم يفكرون في التحالف مع واحدة ضد الأخرى.
4- حزقيا :
ملك في السنة الثالثة لهوشع ملك إسرائيل وكان عمره 25 سنة ملك 29 سنة وعمل المستقيم وأزال المرتفعات وفتح الهيكل ورممه وطهره وأمر الكهنة أن يتقدسوا وعمل فصحاً عظيماً وكسر التماثيل وقطع السواري وأزال حية النحاس(نحو شتان) وسحقها لأن اليهود عبدوها. ولم يكن مثله. وفي أيامه نهب شلمنآصر وسبا إسرائيل ثم بعد 5 سنين من صعودهم علي إسرائيل صعدوا علي يهوذا وأخذوا كل مدنها الحصينة ووقعوا علي حزقيا جزية فدفعها ولكنهم لم يكتفوا وحاصر سنحا ريب ملك أشور أسوار أورشليم وأهان الرب. وصلي حزقيا فمات (185000) من جيش أشور حسب نبوة إشعياء وهرب الباقي وقتل سنحا ريب ابناه في هيكل نسروخ إلهه. ومرض حزقيا بعد ذلك وأخبره إشعياء أنه سيموت ولكنه حزن وصلي فزاد الرب من عمره 15 سنة وشفاه وأعطاه علامة برجوع الظل علي درجات أحاز (10 درجات) ثم أرسل له بروذخ بلادان ملك بابل هدية ففتح لهم أبواب القصر وأبواب الهيكل فجاءه إشعياء وقال له كل ما أريتهم إياه سيأخذونه وحدث هذا في سبي باب فعلاً.
5- منسي :
ابن حزقيا وهو أشر ملوك إسرائيل. وهو الذي قتل إشعياء نشراً بمنشار خشبي لتوبيخه إياه. وكان إشعياء يزيد عن التسعين عاماً. إلا أن منسي قد تاب في أواخر أيامه.
إشعياء النبي الإنجيلي :
دعي إشعياء النبي الإنجيلي، من يقرأ سفره يظن أنه يقرأ إنجيلاً عن المسيح وعمله الكفاري. وأسماه الآباء أيضا،ً أى دعوا سفره الإنجيل الخامس أو إنجيل إشعياء أو إنجيل الخلاص. وأقتبس منه كتاب العهد الجديد 21 نصاً مباشراً بالإضافة إلي تلميحات كثيرة، ويتميز سفر إشعياء بنبوات كاملة عن المسيح:
1) ميلاده من عذراء (7: 14).
2)لاهوته (9: 6).
3) أنه من نسل يسي (11 :1).
4) ممسوح لأجلنا (11 :2).
5) معلن الحق للأمم (42 : 1).
6) يسلك بالوداعة (42 : 2).
7) واهب الرجاء للكل (42 : 3).
8) هروبه إلي مصر (19: 1-2).
9) آلامه وصلبه (50 : 6 + 53 : 1-12).
10) فتح طريق الفرح للمفديين بقيامته (35 : 8-10).
11) تحدث عن الروح القدس (11 : 2، 32 : 15، 42 : 1، 44 : 3 ).
1) تنبأ إشعياء في أيام الملوك عزيا ويوثام وأحاز وحزقيا وإستشهد في أيام منسي بن حزقيا الذي أتهمه بالتجديف لقوله أنه رأي الله حيث نشره بمنشار خشبي وكان منسي هذا أشر ملوك يهوذا وكان هذا لأنه وبخه علي أعماله.
2) بدأ نبوته في أخر سنة لعزيا أي أنه تنبأ نحو 60 سنة، ويقول التقليد اليهودي (التلمود) أنهم حين كانوا يعذبون إشعياء بنشره عطش وطلب ماء فرفضوا إعطائه ماء فأخرج له الله عين سلوام وكان سنه حوالي 92 سنة وأشار بولس لحادثة نشره في (عب 11 : 37 ) وقد عاصره من الأنبياء هوشع وعاموس وميخا.
3- معني الاسم إشعياء، الرب يخلص وهذا الاسم يتوافق مع ما في سفره كل الموافقة، فهو يتحدث عن خلاص الله العجيب (45 : 20-22) وليس أسمه فقط بل أن أسماء أولاده لها دلالات نبوية : فالأول أسمه شآر يشوب أي البقية سترجع، وقد أخذ إشعياء معه هذا الابن لأحاز ليقول له أن البقية سترجع من السبي حين سباهم إسرائيل. وأسم الآخر "مهير شلال حاش بز (مهير = سريع، شلال = يسرق، حاش = يسرع، بز = ابتزاز وسلب) فيكون معني الاسم يعجل السلب ويسرع الغنيمة والنهب إشارة إلي أن ملك أشور سيحمل ثروة دمشق والسامرة. لذلك قال عن أولاده هاأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب آيات وعجائب في إسرائيل (8 : 8) ويضاف لهذا أنه هو نفسه سار حافياً عرياناً لمدة 3 سنوات كنبوة عن سبي مصر وكوش فهكذا كانوا يفعلون بالأسري حتي إذا سأله أحد لماذا أنت عريان ؟ يقول هكذا سيحدث للمصريين الذين تريدون الاتكال عليهم وهكذا عمل الله مع هوشع إذ طلب منه أن يتزوج من زانية وطلب من حزقيال أن ينام علي جنبه عدة أيام. وأيضاً سمي إشعياء زوجته النبية.
4- كان مثقفاً ثقافة عالية، وغالبية كتاباته ذات أسلوب شعرى رائع ذو مستوي عالٍ. ونجد دعوته للنبوة في ص 6 إذ رأي السيد المسيح في مجده.
5- يقال في الدراسات الحديثة أن هناك 3 كتاب أو كاتبين علي الأقل لسفر إشعياء. وأن من كتب الإصحاحات (40 - 66) غير من كتب الإصحاحات الأولي لاختلاف الأسلوب وطريقة الكتابة. وأصحاب هذه الآراء بنو افتراضاتهم هذه بناء علي استحالة أن يذكر إشعياء أسم كورش صراحة (ص 44، 45) قبل أن يولد كورش بعشرات السنين. ونرد علي ذلك بالآتي :
أ- لم يقل أباء اليهود بهذا أبداً والسبعينية نسبت السفر لواحد فقط.
ب- لا نستبعد أن يتنبأ إشعياء باسم كورش قبل أن يولد كورش فالروح القدس هو الذي ألهمه. والكتاب كله موحي به من الله. ويوسيفوس المؤرخ اليهودي قال أن كورش نفسه حين رأي هذه النبوة أصدر أمراً ببناء الهيكل (عز 1 : 1-3) فهل سينخدع ملك ذكي مثل كورش بهذا.
ج- توجد اصطلاحات مشتركة في كل السفر.
د- أستطاع الدارسون لشعر شكسبير أن يحددوا مراحل مختلفة لشكسبير تدل علي مراحل تطور تفكيره مع أنه كتب خلال 25 سنة، بينما ظل إشعياء يكتب لمدة 60 سنة من الطبيعي أن يتغير أسلوبه خلالها فهي فترة طويلة.
ه- هناك حادثة في الكتاب المقدس مشابهة لذكر أسم كورش قبل مولده فقد تنبأ أحد الأنبياء باسم يوشيا الملك الصالح قبل مولده ب 300 سنة ( 1 مل 13 : 1، 2).
و- أستخدم العهد الجديد حوالي 90 آية من إشعياء نسبها كلها لإشعياء وليس لكتاب آخرين. إلا أن المعاندين ردوا علي هذا بأن قالوا أن كل من كتب هذا السفر أسمهم إشعياء وسموهم إشعياء الأول وإشعياء الثاني وإشعياء الثالث. و واضح أن هذا مجرد عناد لا معني له إلا إنكار النبوة.
6- كان إشعياء من نسل ملوكي فهو أبن أموص أخو أمصيا أبو عزيا الملك ولذلك كان دخوله للقصر أمراً سهلاً.
7- كانت نصيحة إشعياء عدم التحالف لا مع مصر ولا مع أشور (فهما قوى سياسية وثنية ستجر البلاد للوثنية بالإضافة لاعتماد يهوذا علي ذراع بشري) ومع هذا أرسل احاز لتغلث فلاسر ملك أشور لينقذه من يد إسرائيل وسوريا. وقدم له ما في الهيكل وفعلاً سانده ملك أشور ثم إحتقره فيما بعد ولم يسانده (2 أي 28 : 20، 21)
8- كان إشعياء ذو نفس منكسرة وقلب منسحق (6 :5)" ويل لي أنا إنسان نجس الشفتين " وكانت أحشاؤه تئن علي بني شعبه (21 :3) بل وعلي الأمم وعلي أعدائه فشابه المسيح.
أ- تشمل نبوات إشعياء عدة مواضيع:
أ- مجد الأيام الأخيرة ب- نبوات عن مجيء المسيح
ج- نبوات عن أمم كثيرة د- تعاليم وتعزيات روحية
ه- إطلاع اليهود علي شرورهم و- الدعوة للتوبة وتعزية الأتقياء.
ز- تأكيد مجيء المسيح وعلي المؤمنين الانتظار.
10- يشمل هذا السفر 66 إصحاحاً ومع أن تقسيم الكتاب لإصحاحات هو عمل بشري إلا أننا نلاحظ أن يد الله امتدت لهذا العمل وأصبح سفر إشعياء بإصحاحاته ال 66 يمثل الكتاب المقدس بأسفاره ال 66، بل يمكن تقسيم السفر إلي قسمين الأول 39 إصحاح (= عدد أسفار العهد القديم) وهو يعالج حالة الشعب الماضية).
الثاني 27 إصحاح (= عدد أسفار العهد الجديد) وتعالج سقوط الإنسان الأول ومجيء السيد المسيح.
الإصحاحات 1- 39 تؤكد كراهية الله للخطية وتأديب الخطاة العاصين
الإصحاحات 40- 66 تعلن خلاص الله العجيب للخطاة من كل الشعوب والأمم
و الإصحاحات من 40 - 55 يندر أن نجد فيها آية لا نستطيع أن نبدأ بها كرازة عن المسيح كما حدث في قصة فيلبس والخصي الحبشي.
11- في ص 42 نسمع عن عبد الرب، فتارة نسمع أنه عبد مختار وموضع سرور للرب وتارة نسمع أنه عبد أصم وغير أمين. الأول يتكلم عن المسيح آدم الثاني. والثاني يتكلم عن آدم الأول أو شعب إسرائيل الذي حطمته الخطية فجاء السيد المسيح ليحطم سلطانها.
عزيا
52
يوثام
16
أحاز
16
حزقيا
29
منسى
55
يوشيا
31
يهو أحاز
1/4
يهوياقيم
11
يهوياكين
1/4
صدقيا
11
سبي بابل
795
608
597
586
ق.م.
أشور
بابل
الفرس
536 ق.م.
الممالك العظمى في التاريخ والتي لها تأثير على شعب الله:
· ظلت أشور هي المتسلطة حتى قامت دولة بابل سنة 606 ق.م. (نبوخذ نصّر) وفي هذه المدة بدأت غزوات بابل ليهوذا.
· سقطت بابل وقامت دولة الفرس بقيادة كورش الملك سنة 536 ق.م.
فقح بن رمليا
20 سنة
فترة
ثورات
هوشع بن إيلة
9
حصار أشور
3
سبي أشور لإسرائيل
مملكة إسرائيل
نهاية مملكة إسرائيل ( مملكة العشرة أسباط)
عزيا
52
يوثام
16
أحاز
16
حزقيا
29
منسى
55
مملكة يهوذا
شلمنآصّر الملك الذي قام
سنحاريب حاصر أورشليم
تغلث فلاسر
بسبي إسرائيل
قتله أبناه في هيكل نسروخ
أسر حدون
مملكة أشور
علاقة ملوك إسرائيل ويهوذا وأشور في تلك الفترة
الإصحاح الأول
هدف إشعياء هو الكشف عن إنجيل الخلاص أو أن تتمتع البشرية بالمخلص لذلك يبدأ بكشف مدي ما وصلت إليه البشرية من فساد وخلال سفر إشعياء يقول الوحي أن كل الأمم (مصر وأشور... الخ) استحقت التأديب. إذاً فلا خلاص إلا بالتدخل الإلهي وهو فتح باب الرجاء بالمخلص الآتي:
آية (1) رؤيا اشعياء بن أموص التي رآها على يهوذا و أورشليم في أيام عزيا و يوثام و أحاز و حزقيا ملوك يهوذا.
لفظة رؤيا = المشاهدة العقلية أو الإعلانات الإلهية وهو في حالة يقظة فالأنبياء رأوا الأمور المستقبلة كأنهم نظروا إلي صورها وهم لا يعرفون بعدها الزمني، أي متي ستحدث مثلما قال إشعياء "ها العذراء تحبل..." وحدث هذا بعد 700 سنة ولكنه ذكره كأنما هو أمام عينيه. و الرؤيا غير الحلم، فالرؤيا يكون فيها الرائي مستيقظاً ولكنها حالة روحية تعمل فيها النعمة لإزالة العوائق. لذلك يسمي النبي "رائي" فهو يري ما يتكلم به ويتنبأ به (عد 24 : 4) لذلك يتكلم بتأكيد.
آية (2) اسمعي أيتها السماوات و أصغي أيتها الأرض لان الرب يتكلم ربيت بنين و نشأتهم أما هم فعصوا علي.
فيها توبيخ للشعب وفي لغة شعرية يشهد السموات التي شهدت فجورهم والأرض التي لعنت. والسماء قد تكون الملائكة أو الطبيعة الجامدة والأرض قد تكون باقي الشعوب أو الطبيعة الجامدة. ربيت بنين = يكشف فيها عن أبوته لعلهم يتوبون، فهو لم يعاملهم حسب خطيتهم بل رعاهم في محبة وأمّن لهم حياتهم كأبناء. ولا شيء يحزن نفس الأب سوي فشله في تربية أولاده.
آية (3) الثور يعرف قانيه و الحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم.
هنا نري أن الحيوانات صارت أحكم منهم فهي تعرف ما ينفعها وبالغريزة تسير وراء صاحبها. ولكن الخطية هي أسوأ أنواع الجهل فهي تسقط الإنسان لدرجة أقل من الحيوان، وهذا قيل عن من سبق الله وأسماهم إبني البكر.
آية (4) ويل للأمة الخاطئة الشعب الثقيل الآثم نسل فاعلي الشر أولاد مفسدين تركوا الرب استهانوا بقدوس إسرائيل ارتدوا إلي وراء.
الثقيل الإثم = فالخطية حمل ثقيل وهم خطاياهم قد ازدادت جداً. أولاد مفسدين = أي يعلمون غيرهم الشر. قدوس إسرائيل = جاءت هذه العبارة في هذا السفر نحو 30 مرة ولم ترد في سائر أسفار الكتاب المقدس سوي 5 مرات وتكرارها إثبات أن إشعياء هو كاتب السفر كله.
الآيات (5، 6 ) على م تضربون بعد تزدادون زيغانا كل الرأس مريض و كل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جرح و إحباط و ضربة طرية لم تعصر و لم تعصب و لم تلين بالزيت.
الله يضرب بواسطة وسائل متعددة ليجذب شعبه للتوبة. وهنا هو يضرب بواسطة الأمم المجاورة. وكانوا قبلاً يستفيدون ويتوبون ولكن الآن تقست قلوبهم فهم كالمريض الذي لا يرجي شفاؤه. " إني كل من أحبه أؤدبه"
الرأس = إذاً لا قوة علي التدبير ولا إرادة في عمل وصايا الله. القلب سقيم = إذاً لا عاطفة ولا حرارة حب نحو الله. وهذا ينطبق علي الجميع. من القدم للرأس = أي من أصغر فرد للشعب إلي الرئيس حتي الكهنة والقضاة (قارن مع عب 12 : 5-11) علي م تضربون بعد = صارت الضربات بلا فائدة. ضربة طرية لم تعصر = قروح لم تنظف بعد. إشارة لأن التأديب لم يأتي بثماره والخطية مازالت فيهم كالقيح في الجروح (أثار الضربات). لم تلين بالزيت= كان هذا واجب الكهنة وخدام الله أن يشرحوا للشعب ويقربوه من الله ولكن الكهنة هم أيضاً غارقين في خطاياهم إحباط = كدمات وأثار جروح. صارت الجراحات قاتلة ونزف الدم غير متوقف وليس من يتحرك لينقذ ولا من يقدم زيت محبة ليلين الضربة القاسية.
الآيات( 7 - 9 ) بلادكم خربة مدنكم محرقة بالنار أرضكم تأكلها غرباء قدامكم و هي خربة كانقلاب الغرباء. فبقيت ابنة صهيون كمظلة في كرم كخيمة في مقثاة كمدينة محاصرة. لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم و شابهنا عمورة.
قارن مع (تث 28 : 15) بلادكم خربة = قد يكون في هذا إشارة لأن هذه النبوة كانت في أيام أحاز. تأكلها غرباء قدامكم = إشارة لمدي ذل إسرائيل. كانقلاب الغرباء = لو كان جيرانهم هم الذين أخذوا البيوت والحقول لحفظوها ولكن الغرباء يحرقون ويدمرون كل شيء. المظلة أو الخيمة = هي وقتية، وتوجد وحدها بلا بيوت حولها، إذا هي مكشوفة بعد أن خرب ما حولها. مقثأة = حقل قثاء أي أن الخيمة مكشوفة في هذا الحقل كما كانت أورشليم أمام طالبيها وهذا حدث فعلاً في أيام غزوة سنحا ريب إذ أحرق 46 مدينة من يهوذا وحاصر أورشليم نفسها بعد ذلك.
بقية صغيرة = من رحمة الله أنه يبقي بقية مثل نوح ولوط وكالب ويشوع وإيليا أيام أخاب من هذه البقية تخرج أمة جديدة. فالله لا ينسي الأمناء وسط الضربات، وبسببهم لا يحطم كل الشعب الفاسد. وهنا يذكر إشعياء لأول مرة كلمة البقية التي أشتهر بها سفره وأقتبسها منه بولس الرسول ( رو 9 : 29)
آية (10) اسمعوا كلام الرب يا قضاة سدوم إصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة.
قضاة سدوم وشعب عمورة = فهم شابهوهم في فسادهم.
الآيات (11 - 15) لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب اتخمت من محرقات كباش و شحم مسمنات و بدم عجول و خرفان و تيوس ما اسر. حينما تأتون لتظهروا أمامي. من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري.لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة البخور هو مكرهة لي رأس الشهر و السبت و نداء المحفل لست أطيق الإثم والاعتكاف.رؤوس شهوركم و أعيادكم بغضتها نفسي صارت علي ثقلا مللت حملها.فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم و إن كثرتم الصلاة لا اسمع أيديكم ملآنة دما.
هنا يهاجم النبي العبادة المظهرية فهم يقدمون الذبائح وهم مصرين علي خطاياهم. يهتمون بكلام الناس وقلوبهم بعيدة عن الله، لذلك يقول الله هنا ذبائحكم ولا يقل ذبائحى تدوسوا دوري= كانوا يكثرون من دخول الهيكل لتقديم ذبائحهم وهم في خطاياهم بلا توبة. أيديكم مملؤة دماً= من القتل وظلم المساكين. وكانوا يعبرون أولادهم في النار ويظلمون الفقراء ويستولون علي ما عندهم. لذلك فالله هنا حين يقول ذبائحكم فكأنه يتبرأ مما يقدمونه بل منهم هم شخصياً. وهذا الكلام قد يناسب عصر حزقيا وعزيا حيث سادت العبادة المظهرية خوفاً من الملك.
آية (16) اغتسلوا تنقوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني كفوا عن فعل الشر.
إغتسلوا = أي تطهروا من أعمالكم الشريرة وتنقوا ونحن نغتسل مرة بالمعمودية ثم بالتوبة وما يعطي قوة للمعمودية والتوبة هو دم السيد المسيح "غسلوا ثيابهم في دم الخروف" "أغسلني فأبيض أكثر من الثلج" وطبعا هنالا يقصد الله الغسل الظاهري والتطهيرات الناموسية بل يقصد التوبة أي قطع كل علاقة مع الخطية فهذا هو الطريق الوحيد للشركة مع الله.
آية (17) تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق أنصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة.
سمعنا في آية (16) عن التوبة السلبية أي اعتزال الشر وهنا نسمع عن التوبة الإيجابية أي فعل البر وهنا نري سمة السيد المسيح فينا.
آية (18) هلم نتحاجج يقول الرب إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف.
آية جميلة تعبر عن الصفح الكلي والسيد المسيح قال "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" هنا الرب كقاض وقد نزل عن كرسيه وجلس بجانب المذنب وأخذ يكلمه باللطف ويظهر له عظمة ذنبه ويحرضه علي الإصلاح ويعده بالغفران التام والبراءة بشرط أن يعده بأن لا يعود يخطيء. هنا نري شوق الله نحو خلاص كل إنسان، هو يطلب المصالحة ولا يواجه العناد بالعناد، إنما يسكب زيتاً مرطباً علي الجراحات. عظيمة هي قوة التوبة التي تنقي فنصير كالثلج في بياضنا.
هلم نتحاجج = تعالوا نتجادل بالحجة، فالله يود لو اقتنعنا بخطيتنا وأقررنا بها ونأتي طالبين الغفران فيغفر.
آيات (19، 20) إن شئتم و سمعتم تأكلون خير الأرض. و إن أبيتم و تمردتم تؤكلون بالسيف لان فم الرب تكلم.
قارن مع (لا 26، تث 28 : 15) هنا يضعنا الله أمام حرية الاختيار والله في العهد القديم كان يعطي وعوداً مادية كرمز للبركات الروحية في العهد الجديد.
آية (21) كيف صارت القرية الأمينة زانية ملآنة حقا كان العدل يبيت فيها و أما الآن فالقاتلون.
زانية= هناك زني جسدي وزني روحي أي الانفصال عن الله وتركه لنسير وراء خطايا أو وراء آلهة أخري ويا للأسف بعد أن كانت ملآنة حقاً وكانت يبيت العدل فيها صارت زانية يملؤها القاتلون.
آية (22) صارت فضتك زغلا و خمرك مغشوشة بماء.
الفضة= تشير للكنوز التي أودعها الله في نفس الإنسان (الوصايا وتقوي الله والإيمان والمحبة والطهارة أي كل الوزنات الروحية) زغلاً = رمز لشكليات العبادة ودخول حكمة العالم البشرية لحياة الإنسان. والفضة رمز لكلمة الله (مز 12) والإنسان الشكلي لا يحمل كلمة الله في داخله فيحيا بها بل يرددها دون تنفيذ.
الخمر= يشير للفرح الروحي. والخمر المغشوشة بماء = ماء العالم ولذاته التي من يشرب منها يعطش. وطبعاً كل من كانت عبادته مظهرية لن يكون له فرح حقيقي، بل ستكون أفراحه أفراح عالمية مغشوشة خادعة، فقلبه لا يحمل حباً حقيقياً إذاً هو بلا فرح حقيقي.
آية (23) رؤساؤك متمردون و لغفاء اللصوص كل واحد منهم يحب الرشوة و يتبع العطايا لا يقضون لليتيم و دعوى الأرملة لا تصل إليهم.
لغفاء = هم أصدقاء اللصوص. جمع لغيف وهو من يأكل مع اللصوص ويحفظ ثيابهم ولا يسرق معهم. فالرؤساء هنا لهم منظر الرئاسة وصورة التقوى والدفاع عن الضعفاء ولكنهم يتسترون علي الظالمين بسبب حب الرشوة.
آية (24) لذلك يقول السيد رب الجنود عزيز إسرائيل اه أني أستريح من خصمائي و انتقم من أعدائي.
هنا نري اشتياق الله لخلاص الإنسان وأن الله سينتقم من الشيطان بقوة.
آية (25) و أرد يدي عليك و انقي زغلك كانه بالبورق و انزع كل قصديرك.
هنا نري أن الله يضرب لينقي ويؤدب. البورق= يتم تنقية الفضة من الزغل بنار وبعض أنواع الأملاح.
آية (26) و أعيد قضاتك كما في الأول ومشيريك كما في البداءة بعد ذلك تدعين مدينة العدل القرية الأمينة.
الله يريد أن يعيد للإنسان كرامته الأولي فيكون كقاض حكيم. وقد تم ذلك بعد السبي فعلاً فقد أرسل الله لشعبه قضاة وولاة أتقياء مثل عزرا ونحميا وزر بابل... الخ ولكن هذا الوعد سيتم بصورة واضحة في المسيح وكنيسته.
آية (27) صهيون تفدى بالحق و تائبوها بالبر.
الحق= هو السيد المسيح. وصهيون تفدي بالحق = أي المسيح يفدي كنيسته بر المسيح = نلبس المسيح ليكون هو برنا.
آية (28) و هلاك المذنبين و الخطاة يكون سواء و تاركو الرب يفنون.
هنا نري أن الفناء سيكون مصير من لا يقبل الفداء.
آية (29) لأنهم يخجلون من أشجار البطم التي اشتهيتموها و تخزون من الجنات التي اخترتموها.
كانوا يقيمون مذابحهم تحت ظل أشجار البطم، وفي الجنات = أي الحدائق. والمعني أن الشعب سيشعر بالخجل حين يعلم أن هذه الأوثان التي طالما عبدوها لم تستطع أن تخلصهم من الضربات التي أتت عليهم.
آية (30) لأنكم تصيرون كبطمة قد ذبل ورقها و كجنة ليس لها ماء.
الصديق يكون كشجرة مثمرة وأما الخاطئ فكالهباء الذي تذريه الريح. فالذبول والجفاف علامة توقف الحياة في الجسد. ونلاحظ أنه حينما ذكر البطمة في آية 29 أستغلها في تشبيهه هنا. ولكن المعني أن من يسير وراء الأوثان يكون مثلها (بلا عقل ولا سمع ولا نظر ولاحواس ميت مثلها كشجرة بطم)
آية (31) و يصير القوي مشاقة و عمله شرارا فيحترقان كلاهما معا و ليس من يطفئ.
المشاقة = هي ما يبقي بعد مشط الكتان ويصلح لإيقاد النار. يصير القوي = أي الرؤساء الذين تقدم ذكرهم في عدد 26 وعمله شراراً = فالشر يحرق صاحبه. وقد يقصد عمله أي الأوثان التي عملوها. ولكن بنظرة عامة فالشر يحرق صاحبه ويكون هلاك الخطاة بواسطة الشرور التي اشتهوها وسعوا وراءها كمن يترك الله لأجل المال. وبعد ما ينال المال يجده تعباً وتجربة لبيته ولنفسه. أو من يتبع لذات العالم ويجدها مراراً وليس فيها لذة حقيقية لا للجسد ولا للنفس. ومن يفضل مجد الناس علي مجد الله فيكون نصيبه الإهانة والاحتقار من الناس.
ليس من يطفئ = لا يكون لها منقذ ولا معين.
الإصحاح الثاني
هنا يتكلم عن مجد المسيحية ودخول عديدين لها وأنها ستدخل السلام للعالم، وتبدأ هذه الموعظة بأيام مجيء المسيح حين تبدأ أورشليم السماوية بنهآية أورشليم الأرضية (عب 12 : 22 + غل 4 : 26) فحينما حزن إشعياء علي خراب أورشليم رفع الله عينيه ليري أورشليم الجديدة أي الكنيسة.
وغالباً فهذا الإصحاح كتب في أوائل أيام أحاز حيث الأرض مملوءة ذهباً وفضة وأيضاً امتلأت الأرض أصناما وهذا لم يكن في أيام عزيا أو حزقيا أو يوثام.
آية (1) الأمور التي رآها اشعياء بن أموص من جهة يهوذا و أورشليم.
أنشغل قلب النبي بمصير يهوذا وأورشليم وربما بكي عليهم فعزاه الرب بهذه الرؤيا كما فعل الرب مع دانيال وحزقيال.
الآيات (2-4) و يكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتا في رأس الجبال و يرتفع فوق التلال و تجري إليه كل الأمم.و تسير شعوب كثيرة و يقولون هلم نصعد إلى جبل الرب إلى بيت اله يعقوب فيعلمنا من طرقه و نسلك في سبله لأنه من صهيون تخرج الشريعة و من أورشليم كلمة الرب.فيقضي بين الأمم و ينصف لشعوب كثيرين فيطبعون سيوفهم سككا و رماحهم مناجل لا ترفع امة على امة سيفا و لا يتعلمون الحرب في ما بعد.
هذه الآيات وردت بالنص في ( مى:4 : 1-4) وكأن الله يريد أن تقوم كلمته علي فم شاهدين. فالروح القدس الذي
أوحي لإشعياء بهذه المواعيد الثمينة التي تشير لكنيسة العهد الجديد هو نفسه الذي أوحي لميخا بهذا. هنا نري
تأسيس الكنيسة المجيدة وسر مجدها أن مسيحها في وسطها.
آية (2) ويكون في أخر الأيام = عبارة إصطلاحية عند الأنبياء تعني إما أيام الإنجيل ونهآية اليهود كشعب الله أو نهآية العالم.
جبل بيت الرب = المسيح هو الجبل الذي رآه دانيال يملأ الأرض كلها (دا 2 : 35) وهو صخرتنا (1 كو 10 : 4) والمسيح أسس كنيسته علي جبال فهو هزم الشيطان علي جبل وقدم تعاليمه علي جبل وصلب علي جبل وتجلي علي جبل وصعد علي جبل. لأن الجبال تدل علي الثبات والعلو وهو صخرتنا الثابتة. فيه نحتمي وهو العالي السماوي وهكذا الكنيسة فهي ثابتة وسماوية. وبيت الرب هو جسد المسيح أي كنيسته التي سيؤسسها في أخر الأيام أي أيام مجيئه وفدائه. فيكون جبل بيت الرب هو المسيح بجسده. يكون ثابتاً في رأس الجبال = فهو رأس الكنيسة والمؤمنين فيها تشبهوا بمسيحهم فصاروا جبالاً، وهو رأس هذه الجبال. ويرتفع فوق التلال مهما أرتفع أي شيء آخر (كالناموس وشرائعه) لن يزيد عن كونه تلاً بالمقارنة بالجبال، وهذا هو سمو المسيحية. وتجري إليه كل الأمم = أمام هذا السمو يجري إلي المسيح وكنيسته جميع الشعوب معلنين إيمانهم به، حين يرون تأثير وجود المسيح في وسط كنيسته، وأنه سرقوه وفرح وعزاء كنيسته.
آية (3) هلم نصعد إلي جبل الرب = كل واحد يدعو الآخر للإيمان بالمسيح. ولنلاحظ أن القانون الطبيعي أن الماء ينزل من الأعالي ومن رؤوس الجبال للوديان ولكن عمل نعمة الروح القدس هو أن يأخذهم الروح ويصعد بالمؤمنين إلي السماويات. تسير شعوب كثيرة = هنا نري زيادة عدد المؤمنين بكثرة والكل يحاول أن يحيا في السماويات. بيت إله يعقوب = يعقوب هنا إشارة للكنيسة التي شابهت يعقوب في إيمانه وجهاده مع الله. فيعلمنا من طرقه هنا نري دور الروح القدس الذي يعلمنا كل شيء ( يو 14 : 26) لأن من صهيون تخرج الشريعة = معروف أن شريعة اليهود خرجت من سيناء لذلك فهو هنا يتحدث عن شريعة جديدة هي المسيحية التي تخرج من أورشليم للمسكونة كلها. الشريعة هنا هي الكتاب المقدس الذي سيصير دستوراً للإيمان. ومن صهيون كان يجب أن يخرج الإنجيل لكي تتضح العلاقة بين العهد الجديد والعهد القديم وأنه لا تعارض بينهما. وفي أورشليم عاش المسيح وصلب وقام وصعد إلي السموات وتلاميذه بدأوا خدمتهم أولاً من أورشليم. وإذاَ فالمسيح خرج من أورشليم وهو كلمة الرب ومنها خرجت الكرازة (من أورشليم) بواسطة الرسل.
آية (4) فيقضي بين الأمم = الأمم التي عاشت علي العداوة والحروب سابقاً بعد أن آمنوا بالمسيح صاروا يسلكون بالسلام والمحبة، ويتحول بولس مضطهد المسيحية إلي بولس أعظم كارز بالمسيحية. وينصف شعوب كثيرين = هذه الأمم كانت بعيدة عن الله فظلمها الشيطان وجاء المسيح لينصفها ويخلصها من يده.
فيطبعون سيوفهم سككاً = السكة هي جزء حديدي تحرث به الأرض هنا نري وصف للسلام الذي يتمتع به المؤمنين وهم عوضاً عن الحرب سيحرثون أرضهم ويعيشون في سلام وفي عمل بناء. وروحياً فعوضاً عن أن يهتم المؤمن بالحروب والخصومات مع أعدائه سيهتم بأن يحرث نفسه ليتوب وينقي أرضه لكي تصير صالحة وتثمر فيها كلمة الله ويصبح بهذا سماوياً. المناجل = أدوات زرع وحصاد، وهكذا كان بولس يزرع ويروي والله ينمي، هو كان يكرز ويحصد في حقل الله. بل أن هذا حدث حرفياً فالحروب قلت جداً أيام المسيح وحدث سلام بين السماء والأرض، وأخذوا يعتنون بالمرضي والأسري، أما في الماضي فكانت الحروب مذابح حتي للنساء والأطفال. فيطبعون سيوفهم = أي يتحول حديدها لأشياء نافعة. وروما تحولت من سفك الدماء إلي كرسي روما.
آية (5) يا بيت يعقوب هلم فنسلك في نور الرب.
هلم فنسلك في النور = المسيح هو نور العالم والكنيسة صارت نور للعالم بالمسيح الذي فيها. هذه دعوة لليهود أن يرفعوا البرقع من علي عيونهم ويؤمنوا بالمسيح الذي جاء ليخلصهم. أما في زمن إشعياء فهذه تعني أن لنا مستقبل مجيد فلنسلك بطهارة وتوبة وبما يليق بهذا المستقبل.
آية (6) فانك رفضت شعبك بيت يعقوب لأنهم امتلئوا من المشرق و هم عائفون كالفلسطينيين و يصافحون أولاد الأجانب.
الخطاب هنا موجه لله أنه رفض شعبه بسبب خطاياهم ولنلاحظ أن رفض اليهود كان بدآية لقبول الأمم وانتشار المسيحية في العالم كله (رو 11 : 12- 15). إمتلأوا من المشرق = أي خرافات المشرق مثل السحر. العائفون = هم من يتفاءلون ويتشاءمون من أصوات الطيور وعليها يحسبون المستقبل (كمن يتشاءم الآن من صوت البوم) يصافحون أولاد الأجانب = معجبون بوثنيتهم.
الآيات ( 7، 8) و امتلأت أرضهم فضة و ذهبا و لا نهآية لكنوزهم و امتلأت أرضهم خيلا و لا نهآية لمركباتهم. و امتلأت أرضهم أوثانا يسجدون لعمل أيديهم لما صنعته أصابعهم.
استغنوا من المظالم واستغلال حقوق المساكين والضعفاء وجاء لهم جيوشاً للحرب اعتمدوا عليها وليس علي الله وهذا عكس ما يطلبه الله، فالله يطلب الاعتماد عليه فقط وليس الاعتماد علي المال والقوة، لذلك تركهم الرب.
آية (9) ينخفض الإنسان و ينطرح الرجل فلا تغفر لهم.
وينخفض الإنسان = هذا ما يحدث لمن يعبد الأوثان إذ ينحني لصنعة أيديه بدلاً من السجود لخالقه.
الآيات (10 - 22) تشير للخراب الذي حدث لليهود بسبب كبريائهم، وهذا الخراب جزئياً أيام أشور وكليا في أيام بابل ثم الرومان، بل يشير لخراب كل متكبر أمام الله ولا مهرب من هذا الخراب سوي بالالتجاء إلي الله والهروب له.
الآيات (10 - 11)ادخل إلى الصخرة و اختبئ في التراب من أمام هيبة الرب و من بهاء عظمته. توضع عينا تشامخ الإنسان و تخفض رفعة الناس و يسمو الرب وحده في ذلك اليوم.
هنا نري الله يعرض حلولاً للهرب من هذا الخراب.
1- الإتضاع = إختبيء في التراب = قال إبراهيم حين وقف أمام الرب "أنا تراب ورماد". وموسي قال أنا مرتعب ومرتعد. والعكس حينما يبتعد الإنسان عن الله تزداد ثقته في نفسه وقدراته (برج بابل كمثال) ولكن يأتي يوم حين يقول هؤلاء المتكبرين للجبال غطينا (رؤيا 6 :15) حين يسمو الرب وحده في ذلك اليوم
2- الدخول إلي الصخرة = والصخرة هي المسيح. أي الثبات فيه والإختفاء فيه وهكذا دخل موسي إلي الصخرة ليري مجد الله (خر 33).
الآيات (12-14) فان لرب الجنود يوما على كل متعظم و عال و على كل مرتفع فيوضع. و على كل أرز لبنان العالي المرتفع و على كل بلوط باشان. و على كل الجبال العالية و على كل التلال المرتفعة.
أرز لبنان العالي = كنآية عن المتكبرين والملوك والقادة المتعجرفين، الجبال العالية = الممالك العظمي، التلال المرتفعة = الممالك الصغرى المتكبرة. وليس شيء يحطم كبرياء الإنسان مثل ملاقاته مع الله فيكشف انه لا شيء ويتحطم كبريائه ولكن لا تتحطم نفسه بل يشفي ويمتلئ رجاء في الرب.
آية (15) و على كل برج عال و على كل سور منيع.
كان عزيا قد بني أبراجاً في البرية وفي أورشليم (2 أي 26 : 9، 10) وكذلك يوثام، ويكون المعني ببطل الاتكال علي الذراع البشري. وهذا هو معني الآيات القادمة أيضاً (16، 17) أي بطل الاتكال علي القوة. والأبراج العالية تشير أيضاً للبر الذاتي.
الآيات (16، 17) و على كل سفن ترشيش و على كل الأعلام البهجة. فيخفض تشامخ الإنسان و توضع رفعة الناس و يسمو الرب وحده في ذلك اليوم.
ترشيش هي الجزء الجنوبي من أسبانيا ولذلك كانت سفن ترشيش أكبر السفن وأعظمها. وترشيش تشير للإنهماك في التجارة والمال والترف والغني علي حساب الاهتمام بالنفس ظانا في الغني أنه مصدر سلام.
الآيات (18، 19) و تزول الأوثان بتمامها. و يدخلون في مغاير الصخور و في حفائر التراب من أمام هيبة الرب و من بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الأرض.
هذه تحققت حرفياً بعد سبي بابل، فقد زالت العبادة الوثنية تماماً بعد السبي، الذي اختبأ فيه الناس في مغاير الصخور وحفائر التراب = حين يتخلي الإنسان عن كل ما إعتمد عليه ويجد نفسه محروماً من كل ما إعتبره حمآية له.
آيات (20،21) في ذلك اليوم يطرح الإنسان أوثانه الفضية و أوثانه الذهبية التي عملوها له للسجود للجرذان و الخفافيش. ليدخل في نقر الصخور و في شقوق المعاقل من أمام هيبة الرب و من بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الأرض.
عندما يكتشف الإنسان بطل العبادة الوثنية يلقي بالأوثان التي كان يعبدها. وهذا سيحدث بعد أن تنكسر كبريائهم كما سبق. وهذا ما حدث بعد سبي بابل فعلاً. شقوق المعاقل = يهربون من الحصار المفروض عليهم وهذا ما حدث فعلا حين حاول صدقيا الملك الهرب من شقوق السور فألقي البابليون القبض عليه وقتلوه.
ملحوظة : قد يكون تحقيق الآيات (10 : 21) في أيام المجيء الثاني بعد الختم السادس فكثير من آيات الدينونه
تنطبق علي الأيام الأخيرة.
آية (22) كفوا عن الإنسان الذي في انفه نسمة لأنه ماذا يحسب.
أي لا تعودوا تعظمون البشر (حدث هذا مع هيرودس فأكله الدود ومع نبوخذ نصر فجن وصار كالحيوان) الذي في أنفه نسمة = أي ضعيف ويموت سريعا. أي عليكم أن تدركوا خطأ الاعتماد علي الذراع البشري وليصمت كل إنسان فهو لا شيء.
الإصحاح الثالث
هم اتكلوا علي أشياء مادية مثل البشر ووفرة الخبز والماء ولذلك سينزع الله منهم كل ما اعتمدوا عليه ليخجلوا، ثانياً فإن الله أعطاهم خيرات كثيرة وعوضاً عن أن يشكروه حولوا الخيرات لإشباع شهواتهم، لذلك سيحرمهم الله منها وسينزع الله كل رجالهم فلا يتبقي سوي الأطفال يحكمونهم فيضلونهم فيخربون. وذلك ليس للإنتقام بل ليعودوا إلي الله مصدر شبعهم.
موضوع هذا الإصحاح مشابه لموضوع الإصحاح الثاني وفيه نري سوء حال الشعب في عصر إشعياء ونبوة بالمصائب الآتية عليهم. وهم بسبب تجديفهم وكبائرهم سيدّمروا بالجوع والفتن والحروب الأهلية الناتجة من قبض أناس جهلاء علي زمام الحكومة وتشويشها ونجاة الصديقين منهم من هذا العقاب وأن نسائهم بسبب خلاعتهن واهتمامهن بالزينة سيعاقبن بوقوعهن في السبي.
آية (1) فانه هوذا السيد رب الجنود ينزع من أورشليم و من يهوذا السند و الركن كل سند خبز و كل سند ماء.
نزع السند = ينزع الله ما نستند عليه لنكتشف ضعفنا بدون الله ونلجأ لله مصدر الشبع الحقيقي. فالجوع الحقيقي هو الجوع عندما لا يجد الإنسان كلمة الله (عا 8 : 11). هوذا = إشارة لقرب وقوع ذلك، وحدث هذا فعلاً فى حصار أشور ثم حصار بابل، سند خبز وسند ماء = بدل أن يستندوا علي الرب استندوا علي وفرة الخبز والماء (لذلك حرمهم إيليا ثلاث سنين ونصف سنة من المطر).
الآيات (2، 3) الجبار و رجل الحرب القاضي و النبي و العراف و الشيخ. رئيس الخمسين و المعتبر و المشير و الماهر بين الصناع و الحاذق بالرقية.
نفس المعني فالله سينزع رجال الحرب والصناعة. وحينما ينزع الحكماء والفاهمين سيحكم هذا الشعب الجهلاء والضعفاء. لقد أقام لهم الله ملوكاً عظماء كموسي وداود ولكن حين أنحرف الجميع ملوكاً وشعب أعطاهم قادة ضعفاء حتي يتعلموا أن يعودوا له ويستندوا عليه. الحاذق بالرقية = أي الذي يستخدم السحر والمعني أن الله سينزع من وسطهم السند الكاذب كما نزع السند الحقيقي من قبل (الخبز والماء والرجال). ونلاحظ أنه مع مثل هؤلاء البعيدين عن الله حين ينزع منهم الله السند يلجأون في ظلامهم للأمور الخرافية من دجالين وعرافين لتسكين مخاوفهم ولذلك حتي هؤلاء سينزعهم الله من وسطهم فلا يكون أمامهم سوي الالتجاء لله وحده.
آية (4) و اجعل صبيانا رؤساء لهم و أطفالا تتسلط عليهم.
أجعل صبياناً = ملك أحاز وعمره 20 سنة ومنسي كان عمره 12 سنة. وكان أحاز من صفاته التردد والجبن. وأطفالاً تتسلط عليهم = كان مشيرو الشعب مثل الأطفال في ضعفهم وجهلهم ويسلكون كصبيان وحين يضرب الراعي تتبدد الرعية.
آية (5) و يظلم الشعب بعضهم بعضا و الرجل صاحبه يتمرد الصبي على الشيخ و الدنيء على الشريف.
هنا نري أن الشعب سيظلم بعضه بعضاً فلا توجد قيادة حكيمة عادلة.
الآيات (6،7)إذا امسك إنسان بأخيه في بيت أبيه قائلا لك ثوب فتكون لنا رئيسا و هذا الخراب تحت يدك.
يرفع صوته في ذلك اليوم قائلا لا أكون عاصبا و في بيتي لا خبز و لا ثوب لا تجعلوني رئيس الشعب.
الآن نجد الشعب يعاني من محنة التخلي، فقد تخلي عنهم الله. ولكنهم عوضاً عن أن يلجأوا لله لجأوا للإنسان الذي ليس له سوي ثوبه أي مظهره الخارجي، فهم ما زالوا ينخدعون بالمظاهر الخارجية. وسيخزي من يتكل علي البشر. لا أكون عاصباً = أي أضمد الجراحات، هذا جزاء من يطلب مخلصاً بشرياً (مز 146 :3) وهذا الخراب تحت يدك = أي كل الخراب الذي أمامك نحن نملكك لتصلحه ولكن هذا الإنسان يستعفي من هذه المهمة كطبيب يستعفي من معالجة مريض ميئوس من شفائه ولا يريد الطبيب أن يموت المريض في يده.
الآيات (8،9) لان أورشليم عثرت و يهوذا سقطت لان لسانهما و أفعالهما ضد الرب لإغاظة عيني مجده. نظر وجوههم يشهد عليهم و هم يخبرون بخطيتهم كسدوم لا يخفونها ويل لنفوسهم لأنهم يصنعون لأنفسهم شرا.
إذاً سبب ما حدث لهم أنهم يغيظون الله. ونظر وجوهم يشهد عليهم = أي عينيهم فيها وقاحة وبلا ندم مثل أهل سدوم. وعدم الندم علي الخطية هو مصيبة في نظر الله والأصعب أنهم لا يخفونها، هنا نري فقدان الحياء إذ يخبرون بخطيبتهم. ولكن يمكن فهمها بأن لكل خطية علامات تظهر علي الوجه وتشوهه، هي بصمات الخطية وحرمانهم من عمل النعمة فيهم.
الآيات (10 ،11) قولوا للصديق خير لأنهم يأكلون ثمر أفعالهم. ويل للشرير شر لان مجازاة يديه تعمل به.
للصديق خير = فالله لا ينسي القلة الأمينة، كما نجا لوط فالله لا ينسي تعب المحبة. إذاً فالصديق سيكون بمأمن من هذا العقاب.
آية (12) شعبي ظالموه أولاد و نساء يتسلطن عليه يا شعبي مرشدوك مضلون و يبلعون طريق مسالكك.
ملوك يهوذا الأخيرين منسي ملك وعمره 12 سنة وأمون 22 سنة ويوشيا 8 سنين (كان استثناء إذ كان قديساً) ويهوياكين 18 سنة وصدقيا 21 سنة والكل كانوا أشراراً. وليس هذا فقط فكل المشيرين والحكماء كالأطفال ونساء يتسلطن عليه = قد تعني أن حكامهم تحت سلطة نساء شريرات أو نساء شريرات يحكمن عليهم كما حدث مع إيزابل وعثليا (وإيزابل تسلطت علي أخاب) ومرشدوك = أي الأنبياء وكان هناك أنبياء كذبة كثيرين. "وإن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون" (مت 6 : 23)
آية (13) قد انتصب الرب للمخاصمة و هو قائم لدينونة الشعوب.
الله لا يسكت علي الشر كثيرا.
آية (14) الرب يدخل في المحاكمة مع شيوخ شعبه و رؤسائهم و انتم قد أكلتم الكرم سلب البائس في بيوتكم.
الله يحاسب الرؤساء أولا. سَلبُ البائس في بيوتكم = لا تقدرون أن تنكروا. فما سرقتموه من البؤساء هو فى بيوتكم.
آية (15) ما لكم تسحقون شعبي و تطحنون وجوه البائسين يقول السيد رب الجنود.
الله يقيم نفسه محامياً ومدافعاً عن المظلومين.
الآيات (16 - 24) و قال الرب من اجل أن بنات صهيون يتشامخن و يمشين ممدودات الأعناق و غامزات بعيونهن و خاطرات في مشيهن و يخشخشن بأرجلهن. يصلع السيد هامة بنات صهيون و يعري الرب عورتهن. ينزع السيد في ذلك اليوم زينة الخلاخيل و الضفائر و الأهلة. و الحلق و الأساور و البراقع. و العصائب و السلاسل و المناطق و حناجر الشمامات و الاحراز. و الخواتم و خزائم الأنف. و الثياب المزخرفة و العطف و الأردية و الأكياس. و المرائي و القمصان و العمائم و الأزر. فيكون عوض الطيب عفونة و عوض المنطقة حبل و عوض الجدائل قرعة و عوض الديباج زنار مسح و عوض الجمال كي.
يتشامخن = في آباحية وكبرياء (قارن مع اتي 2 :9) واهتمام النساء بالزينة المبالغ فيها له مضار
1) هوضار أمام الفقيرات.
2) قد يدفع هذا الأزواج لظلم الفقراء للحصول علي المال.
3) علي هؤلاء النسوة آن يهتموا برأي الله فيهن عوضاً عن الاهتمام برأي الناس.
ملحوظة: أسماء الملبوسات المستخدمة هنا مع الزينة المذكورة ليست عبرانية وهذا دليل أن نساء صهيون أردن أن يقلدن الأجنبيات (يلبسن حسب الموضة). أما أولاد الله الذين يبررهم الله فيلبسون ثياباً بيض. وهذا ما يجب أن يهتم به الناس أن يلبسوا المسيح ليتبرروا عوضاً عن لبس آخر موضة ليرضوا الناس.
غامزات بعيونهن = علامة الفساد لجذب الرجال. وهذه الخلاعة تشبهن فيها بالأمم يخشخشن = وضع خلاخيل (موضة تلك الأيام) ولاحظ أن هذه الموضة صارت بلا معني الآن. مرائي = ملابس شفافة.
يٌصلع = الشعر تاج المرأة فالله سيجعلها قبيحة حتي تعود له بالتوبة فيستر عليها فيكون عوض الطيب عفونة = في السبي عملن كجواري فاحت منهن رائحة العرق. والطيب هو رائحة المسيح الزكية التي يجب أن تفوح منا فإن تركناه تفوح رائحة الخطية العفنة. عوض الجمال كي = الكي علامة العبودية وهذه العبودية نتيجة الخطية إن لم نقدم أعضائنا آلات بر، نُسبَي ونستعبد للخطية. عوض المنطقة حبل = الحبل يربطن به لسحبهن للسبي كذليلات.
الآيات (25،26) رجالك يسقطون بالسيف و أبطالك في الحرب. فتئن و تنوح أبوابها و هي فارغة تجلس على الأرض.
تنوح أبوابها وهي فارغة = أبواب المدن القديمة كانت لمرور أهل المدينة، منها يخرجون ويدخلون، وكانت مكاناً للجلوس والكلام. أيضاً كان القضاة يجلسون عند الأبواب للمحاكمات. والنبوءة بأن أبواب أورشليم تصير فارغة تدل علي سقوط الهيئة الاجتماعية كلها.
وتجلس علي الأرض = هنا نري أورشليم وهي مشبهة بإمرأة قد إنحطت إلي آخر درجة من الهوان والفقر وقد سك الإمبراطور فسباسيانوس مسكوكاً تذكاراً لافتتاح أورشليم وعليه صورة امرأة حزينة جالسة إلي الأرض وتحت الصورة كتابة ترجمتها "يهودية مسبية".
الإصحاح الرابع
آية (1) فتمسك سبع نساء برجل واحد في ذلك اليوم قائلات نأكل خبزنا و نلبس ثيابنا ليدع فقط اسمك علينا انزع عارنا.
المعني قلة الرجال الناتجة من الحروب (2 أي 28 :6) ولقد قتل فقح بن رمليا 120.000 من يهوذا في يوم واحد إنزع عارنا = أي ليكن لنا أولاد لأن القدماء لم يعرفوا الحياة بالمعني الذي نعرفه الآن وأنها حياة ممتدة لما بعد الموت، فكان عدم الإنجاب عار لأن إسم الأسرة سيموت ويندثر بل إن النساء يطلبن هنا ما هو ضد الطبيعة، أي أن تعمل هي وتأكل وتشرب من تعبها.
المعني الروحي = هذه الآية تشير لأن الحاجة ماسة جداً لمخلص ينزع العار ويستر الخطايا وان النساء (البشر) أحست بالعقم وعدم ثمر الحياة فأمسكن السبعة (رقم كامل يشير لليهود والأمم) برجل واحد هو (المسيح) قائلات أنزع عارنا، ليدع أسمك علينا، ليكون لنا ثمر ولا نكون بعد عبيد. لقد شعروا بفساد طبيعتهم واحتياجهم إلي مخلص.
في ذلك اليوم = يوم مجيء السيد المسيح، ومجده أضاء للرعاة والمجوس ومجده أضاء عيني سمعان الشيخ، فمجيء السيد المسيح هو العلاج الوحيد للإنسان ليرد له كرامته وجماله. وهذه الآية تنسب لإصحاح (3) كما لإصحاح (4)
آية (2) في ذلك اليوم يكون غصن الرب بهاء و مجدا و ثمر الأرض فخرا و زينة للناجين من إسرائيل.
كانت نهآية الإصحاح السابق عن خطايا الشر (النساء) وطلب النساء من رجل واحد أن ينزع عارهن. والسبع نساء يمثلن كل الكنيسة. ففي سفر الرؤيا تحدث المسيح مع 7 كنائس رمز لكل الكنيسة. والرجل الواحد هو المسيح والكنيسة تطلب منه أن ينزع عارها بأن يطلق أسمه عليها. لذلك نجد الآيات التالية إبتداء من آية (2) إصحاح (4) تتكلم صراحة عن هذا الرجل الوحيد أي المسيح الذي سينزع عار الكنيسة.
في ذلك اليوم = أي ملء الزمان، زمن ملك المسيح علي كنيسته، هو بشارة بمجيئه غصن الرب = راجع أر (23 : 5 + 33 : 15 + زك 3 : 8 + 6 :12) هو غصن باعتبار ناسوته وغصن الرب باعتبار لاهوته فهو أبن الله ولكن من نسل داود من ناحية تجسده. وكلمة ناصرة = غصن لذلك دعي المسيح ناصرياً (مت 2 : 23) إشارة لكونه غصن الرب. ونصبح كلنا أغصان مطعمين في ذلك الغصن. ثمر الأرض = باعتبار ناسوته و ولادته البشرية وهو سمي نفسه حبة حنطة، فهو أبن الإنسان. بهاء = بدخوله إلي العالم أعلن البهاء الإلهي. للناجين من إسرائيل = الذين يؤمنون به ينجون من الدينونة، هو مجدهم وبهاؤهم وجمالهم وقوتهم (لذلك لا يذكر العهد الجديد عن رجل أنه قوي أو امرأة أنها جميلة فهو قوتنا وجمالنا.
آية (3) و يكون أن الذي يبقى في صهيون و الذي يترك في أورشليم يسمى قدوسا كل من كتب للحياة في أورشليم.
بعد سبي بابل كان هناك بقية عادت مع زربابل ويشوع الكاهن وقد تابت تماماً وتنقت من عبادة الأوثان. وبعد خراب أورشليم تبقي هناك بقية آمنت بالمسيح. يبقي في صهيون = المقصود صهيون الحقيقية الروحية أي الكنيسة.
يترك في أورشليم = فاليهود الرافضين للمسيح يعتبر أنهم تركوا أورشليم الحقيقية
قدوساً = سمي المؤمنين قديسين في أماكن متعددة (راجع رسائل بولس الرسول)
كل من كتب للحياة = أصل هذا التشبيه أن اليهود من عادتهم أن يكتبوا جميع المولودين من كل بيت في كتاب خاص (قارن مع في 4 : 3 + رؤ 3 : 5 + رو 1 :7).
آية (4) إذا غسل السيد قذر بنات صهيون و نقى دم أورشليم من وسطها بروح القضاء و بروح الإحراق.
غسل السيد قذر بنات = غسل خطايانا في المعمودية في استحقاقات دمه ولا يزال يغسل كل ضعفاتنا بدمه حين نقدم توبة مع اعتراف.
روح القضاء = الصليب، روح الإحراق = الروح القدس الذي كان علي شكل السنة نار. وهو مازال يدين الخطية داخلنا (قضاء) ويحرقها ويلهب عواطفنا بالحب نحو المسيح (إحراق) نقي دم أورشليم = يقول القديس بولس الرسول "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2 كو 5 : 17) فالمسيح بروح القضاء وبروح الإحراق نقي دم المسيحيين وقدس الكنيسة وغسلها.
الآيات (5، 6) يخلق الرب على كل مكان من جبل صهيون و على محفلها سحابة نهارا و دخانا و لمعان نار ملتهبة ليلا لان على كل مجد غطاء. و تكون مظلة للفيء نهارا من الحر و ملجأ ومخبأ من السيل و من المطر
معناها أن الله بعد أن يطهر الشعب يعاملهم بالرحمة ويمنحهم نعماً خاصة ويحامي عنهم وتكون الكنيسة بالنسبة لأولاد الله مظلة وملجأ ومخبأ من آلام العالم التي هي حر النهار والسيل والمطر. فالرب يظلل على يدك اليمني (هذا بالنسبة لحر النهار) والكنيسة هي فلك نوح (بالنسبة للسيل والمطر أي لجج الخطية) والرب يقول من يقبل إليّ لا أخرجه.
سحابة نهاراً ودخاناً = هو يقود الكنيسة فهو الحافظ والمرشد. والدخان والسحاب لحجب مجد الله الذي لا نحتمله. وكان السحاب دائماً يظهر مرافقاً لمجد الله.
علي كل مكان = فالله ما عاد يقصر نفسه علي شعب اليهود بل إن محبته تشمل الكنيسة في كل مكان، وهو أقام من نفسه مظلة تحمي نفوس أولادها.
لأن علي كل مجد غطاء = لا يحتمل أحد ونحن ما زلنا في الجسد أن يري مجد الله ومن وراء السحاب نري ما يسمح به الله لأننا لا نري الله ونعيش طالما نحن في الجسد. وتعتبر الآلام التي تعانيها الكنيسة في هذا العالم غطاء لمجدها الداخلي فكل مجد ابنة الملك من داخل. وعلي كل نفس أن تخبئ مجدها في الداخل.
علي محفلها = يشير لعمل الرب في الكنيسة كمحفل واحد أو جماعة واحدة، كل فرد مرتبط بباقي الجماعة كما بالرب.
الاصحاح الخامس
يسمي هذا الإصحاح نشيد الكرم، وهو توبيخ لأهل أورشليم ويهوذا علي خطاياهم وأستخدم التشبيه مثل كرم َوفرَ الله له كل أسباب النمو والخصب فجاء بثمر ردىء. ثم بين الله ماسينزله عليهم من عقاب. والثمر الذي ينتظره الرب هو الحياة المقدسة وذبائح الشكر والتسبيح.
آية (1) لانشدن عن حبيبي نشيد محبي لكرمه كان لحبيبي كرم على أكمة خصبة.
لأنشدن عن حبيبي = أي أن النبي ينشد عن لسان الله حبيبه هذا النشيد وهو يستخدم المثل للشرح ليجعل كلامه مقبولاً لدي الناس فهو سيتكلم كلاماً صعباً وسيقول أن الله سيرفضهم. ولنلاحظ أن هذا المثل موجه لكل خاطئ في كل زمان. كرم = هو الشعب اليهودي شعب الله والكنيسة تسمي أيضاً كرم. كرم علي أكمة = الأكمة مكان مرتفع وأورشليم مرتفعة فالرب رفع شعبه وحملهم علي أجنحة النسور (مز 19 :4) والكنيسة سماوية مرتفعه خصبة = الكنيسة مخصبة ومثمرة. هكذا يجب أن تكون.
آية (2) فنقبه و نقى حجارته و غرسه كرم سورق و بني برجا في وسطه و نقر فيه أيضا معصرة فانتظر أن يصنع عنبا فصنع عنبا رديئا.
نقبه = حرثه ونزع الشوك والأعشاب الرديئة منه. كرم سورق = سورق أسم وادي فيه أفضل الكروم، فهم شعب مختار. نقي حجارته طرد من أمامهم الكنعانيين ونقاهم من العبادة الوثنية. والله بالمعمودية ينتزع منا قلب الحجر ليكون لنا قلب لحم (حز 11 :9) بني برجاً = البرج يكون للمراقبة، لاكتشاف الأعداء، والله أعطاهم خيمة وهيكل وشريعة وناموس وكهنة ويسيج حولهم وكان لهم سوراً، وأحاطهم برعايته وعنايته حتي أن نعالهم
لم تبلي وأباد أعداؤهم من أمامهم. والبرج الآن هو الإتحاد مع الرب يسوع ووجود قيادات روحية وكنسية. معصرة = لعصر العنب وعمل خمر الحب الذي يقدم للفرح الروحي. لذلك ظن الناس أن التلاميذ سكارى حين حل عليهم الروح القدس. فأنتظر عنباً = المقصود أن الله ينتظر منا الثمر، حبنا له مقابل حبه لنا وتوبتنا مقابل غفرانه لخطايانا.
آية (3) و الآن يا سكان أورشليم و رجال يهوذا احكموا بيني و بين كرمي.
هذه هي طريقة الرب أن يكتشف كل واحد خطأه.
آية (4) ماذا يصنع أيضا لكرمي و أنا لم اصنعه له لماذا إذ انتظرت أن يصنع عنبا صنع عنبا رديئا.
هنا يترك لهم الحكم ليفكروا ويحكموا علي أنفسهم ويدينوا أنفسهم.
آية (5) فالآن أعرفكم ماذا اصنع بكرمي انزع سياجه فيصير للرعي اهدم جدرانه فيصير للدوس.
الرب هو سور أورشليم الحقيقي. أنزع سياجه = يمتنع الله عن حمايتها وحينئذ يضر بها الأعداء ويدوسونها. ولو نزع الله حمايته عن إنسان تدخل حيوانات الشهوة لتدوس قلبه. والله ينزع حمايته ليدركوا ضعفهم فيلجأوا إليه تائبين، وإذ اقتربوا إليه يقترب إليهم.
الآيات (6،7) و اجعله خرابا لا يقضب و لا ينقب فيطلع شوك و حسك و أوصي الغيم أن لا يمطر عليه مطرا. أن كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل و غرس لذته رجال يهوذا فانتظر حقا فاذا سفك دم و عدلا فاذا صراخ.
أجعله خراباً = قال السيد المسيح لليهود "هوذا بيتكم يترك لكم خرابا".
لا ينقب = التنقيب هو حرث الأرض وهذا يشير للتوبة وفحص النفس وهذا عمل الروح القدس "توبني يا رب فأتوب". والمعني أن الروح القدس لا يعود يعمل. فحين يتوقف الطبيب عن العلاج يكون حال المريض ميئوس
أي منه تماماً.
يطلع شوك = هذه ثمار الانفصال عن الله، أن يفقد الإنسان سلامه. أوصي الغيم = آي لا تنزل أمطار النعمة الإلهية " وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله لذهن مرفوض" والمطر يشير للروح القدس ومن يحرم من عطية الروح يحرم من عمل النعمة الإلهية. وآية (7) تشير للمسيح الذي جاء ليهوذا وإنتظر حقاً فصلبوه وسفكوا دمه قائلين اصلبه اصلبه.
آية (8) ويل للذين يصلون بيتا ببيت و يقرنون حقلا بحقل حتى لم يبق موضع فصرتم تسكنون وحدكم في وسط الأرض.
يصلون بيتاً ببيت = الغني يأخذ بالقوة بيت جاره الفقير كما فعل أخاب بنابوت اليزرعيلي. وهذا يدل علي انشغال شعب الله بالملك الزمني وأن كل همهم أن لا يكون موضع لسواهم ليسكن فيه. عيب هؤلاء أنهم لا يقتنعون بشيء فصاروا كالإسكندر الأكبر الذي بعدما قهر العالم المعروف في ذلك الوقت بكي لأنه لا يجد أرضاً أخري يستولي عليها. حتي لم يبق موضع = هم إنهمكوا في الشراء ولم يصبح مكان للناس أن يشتروه. لم يترك الواحد موضعاً لأخيه خاصة الفقير وهذا يدل علي الجشع.
الآيات (9 ،10) في أذني قال رب الجنود إلا أن بيوتا كثيرة تصير خرابا بيوتا كبيرة و حسنة بلا ساكن. لان عشرة فدادين كرم تصنع بثا واحدا و حومر بذار يصنع ايفة.
العقاب لهؤلاء هو الخراب للبيوت وللحقول، البث = هو مكيال للسوائل يسع 27.5 كجم تقريبا، والعشرة فدادين يجب أن تنتج 500 بث لا بث واحد. والحومر مكيال للحبوب يسع 282 كجم تقريباً والإيفة عشر الحومر. والمعني أن الحاصل من الأرض يكون عشر الحبوب التي بذرت فيها. فالعقاب من جنس الخطية. لأن من لم يستعمل خيرات الله كوكيل أمين فالذي عنده يؤخذ منه.
آية (11) ويل للمبكرين صباحا يتبعون المسكر للمتأخرين في العتمة تلهبهم الخمر.
من يسكر صباحاً هم أشر السكارى وهذه عكس "يا إلهي إليك أبكر " وليس فقط يسكرون صباحاً بل يظلوا في الشرب والسكر حتي تأتي العتمة ويشتعلون من الخمر. هؤلاء يحاولون أن يحصلوا علي الفرح بعيداً عن الروحيات.
آية (13) و صار العود و الرباب و الدف و الناي و الخمر ولائمهم و إلى فعل الرب لا ينظرون و عمل يديه لا يرون. لذلك سبي شعبي لعدم المعرفة و تصير شرفاؤه رجال جوع و عامته يابسين من العطش.
العقاب مناظر للخطية في آية (12) أي الجوع والعطش في مقابل الأكل والشرب. سٌبي شعبي = قد يكون سبي الجسد أو سبي النفس للشياطين وهذا أقسي من سبي الجسد.
آية (14) لذلك وسعت الهاوية نفسها و فغرت فاها بلا حد فينزل بهاؤها و جمهورها و ضجيجها و المبتهج فيها.
الهاوية = هي القبر أو مكان أرواح الأموات فمن يقضي عمره في اللهو والأكل والشرب ماذا يفعل حين تنتهي حياته فجأة وهو غير مستعد.
الآيات (15، 16) و يذل الإنسان و يحط الرجل و عيون المستعلين توضع. و يتعالى رب الجنود بالعدل و يتقدس الإله القدوس بالبر.
أصل الخطية الكبرياء، ولذلك يذكر كمال نتيجة دمارهم أي ذلهم وانحطاطهم ويتعالي الرب بإظهار عدله.
آية (17) و ترعى الخرفان حيثما تساق و خرب السمان تأكلها الغرباء.
ترعي الخرفان = هم مساكين الأرض فنبوخذ نصر بعد السبي أخذ كل الشباب الأقوياء كسبايا وترك مساكين الأرض. ودائماً الله يرعي البقية ولا يتركهم بل يعطيهم أن يأكلوا في هدوء. وخَرِب السمان = Fat Ones فالبابليين أو أي شعب مستعمر سيستولي علي الخرائب التي تركها الأغنياء.
آية (18) ويل للجاذبين الإثم بحبال البطل و الخطية كأنه بربط العجلة.
معناها أن الشعب ظل مرتبطاً أو رابطاً نفسه بالخطية كما بحبال. لكنها حبال الباطل كحيوان مربوط إلي عجلة تدفعه وهو ساقط تحت نيرها مغلوباً علي أمره. هو يظن أنه هو المسيطر علي العجلة ولكنها هي تدفعه. والعربة هي الخطية الثقيلة. وما يجرونه هو نتائج وعقوبات الخطية وكل سقوط يؤدي إلي سقوط آخر.
آية (19) القائلين ليسرع ليعجل عمله لكي نرى و ليقرب و يأتي مقصد قدوس إسرائيل لنعلم.
فيها استخفاف بالله وهذا من نتائج الانغماس في الخطية "قال الجاهل في قلبه ليس إله". ليعجل عمله = هي
سخرية معناها أن الله لم ولن يفعل شيئاً. وهم يقولون قدوس إسرائيل كسخرية حينما سمعوها من إشعياء كثيراً
(2بط 3 : 4 + أم 17 : 15 + حز 12 : 22)
آية (20) ويل للقائلين للشر خيرا و للخير شرا الجاعلين الظلام نورا و النور ظلاما الجاعلين المر حلوا و الحلو مرا.
هم يخلطون الحق بالباطل، والخير بالشر والنور بالظلمة، ويعطون الخطية مسحة الفضيلة. وغايتهم في التحريف محبتهم للخطية.
آية (21) ويل للحكماء في أعين أنفسهم و الفهماء عند ذواتهم.
الذي أنشغل بذاتيته لا يشاور الآخرين (أم 26 :12)
آيات (22، 23) ويل للأبطال على شرب الخمر و لذوي القدرة على مزج المسكر. الذين يبررون الشرير من اجل الرشوة و أما حق الصديقين فينزعونه منهم.
سماهم النبي هنا أبطالاً كسخرية. وهنا يتكلم عن القضاة ويتهكم عليهم بأنهم ذوي قدرة في مزج المسكر، فهذا ليس عملهم بل عملهم إعطاء الحق وإنصاف المظلوم، لكنهم تركوا هذا لأجل الرشوة.
آية (24) لذلك كما يأكل لهيب النار القش و يهبط الحشيش الملتهب يكون أصلهم كالعفونة و يصعد زهرهم كالغبار لأنهم رذلوا شريعة رب الجنود و استهانوا بكلام قدوس إسرائيل.
أصبحوا بسبب خطيتهم ذوي عفونة من الداخل واحترقوا من الخارج بنار الأشوريين وغيرهم فالهلاك كان من الداخل ومن الخارج لأن العفونة التي في الداخل أيضاً سببت الشقاق والفساد داخلهم. وهم هنا مشبهون بالقش والحشيش في الخسة والضعف ولذلك يقعون في يد الله ويحترقون ويصير مجدهم أي زهرهم كغبار.
آية (25) من اجل ذلك حمي غضب الرب على شعبه و مد يده عليه و ضربه حتى ارتعدت الجبال و صارت جثثهم كالزبل في الأزقة مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
الله هو الذي يجازي والحروب والمجاعات وقيام الممالك وسقوطها هو من عند الله. ممدودة بعد = أي أن هناك مزيد من الخراب سيأتي.
الآيات (26- 30) فيرفع رآية للأمم من بعيد و يصفر لهم من أقصى الأرض فإذا هم بالعجلة يأتون سريعا. ليس فيهم رازح و لا عاثر لا ينعسون و لا ينامون و لا تنحل حزم احقائهم و لا تنقطع سيور أحذيتهم. الذين سهامهم مسنونة و جميع قسيهم ممدودة حوافر خيلهم تحسب كالصوان و بكراتهم كالزوبعة.لهم زمجرة كاللبوة و يزمجرون كالشبل و يهرون و يمسكون الفريسة و يستخلصونها و لا منقذ. يهرون عليهم في ذلك اليوم كهدير البحر فان نظر إلى الأرض فهوذا ظلام الضيق و النور قد اظلم بسحبها
هذا وصف للغزو الأشوري وهو رمز لغزو إبليس للنفس الخاطئة (قارن مع قول السيد المسيح عن الروح الشرير أنه إذا ترك مكاناً وعاد ووجده مكنوساً مزيناً يعود ومعه 7 شياطين أخر أشر منه)
يرفع رآية = أي يدعو الجيش للحرب. يصفر = ليجمعهم. يأتون سريعاً = للسلب والظلام = ظلام الضيق الذي يصيب النفس في داخلها. وقد سبا جيش أشور فعلاً من يهوذا حوالي 200000 رازح = متعب. فلا متعب في جيش أشور بالرغم من طول المسافة فهم في منتهي النشاط طمعاً في الغنيمة ولاحظ كسل أولاد الله مع أن لهم وعود بغنائم سماوية ولهم اسلحة روحية.
الإصحاح السادس
هنا نري سيامة إشعياء كبني وإرساليته، بأن رأي الله وغفر الله له. وهذه الرؤيا كانت غالباً قبل النبوات السابقة أي في أول خدمته ويذكرها هنا غالباً ليثبت صدق نبواته السابقة، وهو لم يذكرها سابقاً لتواضعه فنحن نلمس طاعة إشعياء وتواضعه ورقة قلبه. وربما لم يذكرها لأنه خاف أن ينفروا منه ويتشككوا فيه. ولعل إشعياء في أحزانه بخصوص عزيا الملك المعزول الأبرص والذي مات يريه الله هذه الرؤيا لله الذي لا يموت.
آية (1) في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالسا على كرسي عالٍ و مرتفع و أذياله تملا الهيكل.
رأيت السيد = هو المسيح قبل التجسد فالله لم يره أحد قط (يو 1 : 18) وهذا ما نسميه ظهور للمسيح. لكن إشعياء لم يري مجد لاهوت الله، فهذا لا يراه أحد ويعيش. كرسي عالٍ = إشعياء رأي المسيح علي عرشه فهو الملك الحقيقي لشعبه. والجلوس رمز للاستقرار فهو الملك العظيم الذي لا يتزعزع ملكه أبداً وهو عالٍ فالرب عال ومرتفع وأفكاره تعلو علي أفكار البشر، وهو مرتفع فوق السموات.
وأذياله تملأ الهيكل = ربما تشير هذه إلي هيبته ورهبته التي ملأت المكان وقد يكون إشعياء في ذلك الوقت داخل الهيكل يصلي لما رأي هذه الرؤيا. ولكن إذا رجعنا إلي (را 3 :9) نري أن بسط ذيل الثوب من بوعز علي راعوث تعني أنه سيحميها وأنه هو وليها. وتكون رؤيا إشعياء هنا تشير لأن الله قبل شعبه كعروس له تتحد معه يحميها ويرعاها ويفديها كولي. ونلاحظ أنه طالما كان مجد الله في هيكله لا يستطيع إنسان أن يعتدي عليه ولكن إن فارق مجد الله هيكله (حز 10 : 4 + 10 : 18، 19 + 11 : 22، 23) داسه البابليون.
آية (2) السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه و باثنين يغطي رجليه و باثنين يطير.
السرافيم = معناها المتوهجون الذين منظرهم ساطع كلهيب النار، هم الملائكة المشتعلون حبا، وهم واقفون للتسبيح فهذا هو عملهم وهذا سيكون عملنا في السماء. الله جالس أما هم فوقوف مستعدين للخدمة. وهذه الأجنحة رمزية فمعني يغطي وجهه = أنه لا يحتمل نور وعظمة مجد الله ولا يدرك كل البهاء الإلهي. ويغطي رجليه = تشير للخشوع والاحترام والحياء. ويطير = هذه تشير لإستعدادهم لأداء أي خدمة سريعاً.
آية (3) و هذا نادى ذاك و قال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض.
الثلاث تقديسات تشير للثالوث الأقدس وقارن مع آية (8) أيضا.
كل الأرض = وليس إسرائيل فقط، رب الجنود = أي السمائيين والأرضيين ونلاحظ أن لفظ رب جاء بالجمع في إشارة للثالوث.
آية (4) فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ و امتلأ البيت دخانا.
اهتزت أساسات العتب = من سمو مجد الله. والدخان = انفصال كحجاب بين الله والبشر، فلا يوجد إنسان يحتمل أن يري مجد الله. فلكي يعيش إشعياء كان هذا الدخان، كالسحاب يحجب نور الشمس فنستطيع أن ننظر إليها، أما الذي ينظر بلا سحاب فسيصاب العمى.
آية (5) فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين و أنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لان عيني قد رأتا الملك رب الجنود.
حينما رأي النبي الله في قداسته أدرك مدي نجاسته، كذلك نحن حين نتلامس مع الله ندرك مدي بشاعة خطايانا، أما الذي لا يتقابل مع الله فيظن في نفسه أنه قديس لذلك صرخ بولس الرسول قائلاً "الخطاة الذين أولهم أنا" ونلاحظ أن النبي أعترف بخطيبته أولاً ثم بخطية الشعب كله، وهذا فعله دانيال. نجس الشفتين = ربما أراد إشعياء أن يشترك مع السيرافيم في التسبيح فأدرك عدم استحقاقه، وكلما ازدادت الاستنارة الداخلية بالروح القدس ندرك عدم استحقاقنا ونجاستنا.
الآيات (6، 7) فطار إلي واحد من السرافيم و بيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح. و مس بها فمي و قال إن هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك و كفر عن خطيتك.
الجمرة = هي جسد الرب ودمه لأنها مأخوذة من علي المذبح هذا ما جاء في القداس الكيرلسي. والجمرة هي إتحاد اللاهوت بالناسوت وهي تقدس وتطهر ولا تحرق كنار العليقة. وتضرم نار الحب وتطلق اللسان بكلام الحق وكلام التسبيح. طبعاً إشعياء لم يتناول من جسد السيد المسيح ودمه فهذا السر كان لم يتأسس بعد ولكن ما حدث كان رمزاً لما سوف يحدث.
آية (8) ثم سمعت صوت السيد قائلا من أرسل و من يذهب من اجلنا فقلت هاأنذا أرسلني.
من أجلنا = الجمع إشارة للثالوث والمتكلم واحد من أرسل.
هاأنذا أرسلني = هنا نري استعداد النبي للخدمة بعد تطهيره، فهو إشتاق لطهارة شعبه أيضاً. وكان لابد لحصوله علي قوة قبل بدآية خدمته، نالها من هذه الجمرة وهكذا قال السيد "لا تبرحوا أورشليم قبل أن تلبسوا قوة من الأعالي".
آية (9) فقال اذهب و قل لهذا الشعب اسمعوا سمعا و لا تفهموا و أبصروا إبصارا و لا تعرفوا.
هذه الآية معناها "لو إنسان معاند وعملنا معه كل الممكن وظل علي عناده نقول له أذهب أصنع ماتريد". ولاحظ قول الله هذا الشعب ولم يقل شعبي، وهذا علامة غضب الله علي الشعب.
خدمة وكرازة إشعياء ستجعلهم ينضجون للخراب لأنهم سيرفضون كلامه فمن يغلق عينيه بإرادته عن كلام الله ولا يستمع للتحذيرات تغلق عينيه وأذنيه أكثر وأكثر. فمن يريد أن يري ويفهم سيري ويفهم، ومن لا يريد لن يري ولن يفهم، ومن لا يريد ويترك الله يزداد إظلاما.
وهذا ما حدث أيام المسيح فالتلاميذ أرادوا أن يفهموا ويعرفوا فرأوا وفهموا فآمنوا وقال لهم السيد المسيح طوبي لعيونكم لأنها تبصر ولأذانكم لأنها تسمع (مت 13 : 11-16) وأما من رفض لأغراض شخصيه سمع ولم يدرك ورأي ولم يبصر.
آيات (11 ، 12) غلظ هذا الشعب و ثقل أذنيه و اطمس عينيه لئلا يبصر بعينيه و يسمع بأذنيه و يفهم بقلبه و يرجع فيشفى. فقلت إلى متى آيةا السيد فقال إلى أن تصير المدن خربة بلا ساكن و البيوت بلا إنسان و تخرب الأرض و تقفر. و يبعد الرب الإنسان و يكثر الخراب في وسط الأرض.
الخراب بدأ في عصر إشعياء بالأشوريين ثم علي يد بابل ثم علي يد اليونان وكان الخراب النهائي علي يد تيطس القائد الروماني.
آية (13) و إن بقي فيها عشر بعد فيعود و يصير للخراب و لكن كالبطمة و البلوطة التي و إن قطعت فلها ساق يكون ساقه زرعا مقدسا.
عشر = بقية زهيدة. وإذا بقي هذا العشر بلا خراب يعود ويصير للخراب ولكن دائماً هناك جذع للشجرة بدليل
أنهم باقون للآن ومعني زرعاً مقدساً أنهم سيؤمنون في نهآية الأيام (رؤ 11 : 25، 26).
الإصحاح السابع
هذا الإصحاح يختلط فيه نغمتي الرحمة والإنذار، فالله سمح ببدآية الحروب ضدهم مع بدآية حكم أحاز الذي مال للوثنية وازدادت خطاياه جداً. فارتجف أحاز وهنا نري الله الرحيم الذي يرحم ويشجع شعبه يرسل ليشجع أحاز ليجذبه. ومن ص 7 إلي 14 : 28 جري في ملك أحاز بشأن محاربة ملكي أرام وإسرائيل لأورشليم. وسبب الحرب أن ملكي أرام وإسرائيل أرادا التحالف مع مصر ضد أشور، أما أحاز فرأي أن يتحالف مع أشور رافضاً مشورة ملكي أرام وإسرائيل فصعدوا عليه وحارباه ولكنهما لم يتمكنا من دخول أورشليم. وخاف أحاز خوفاً شديداً وأراد الإستعانه بأشور (2 مل 16 : 5 – 18) وأرسل الله لأحاز إشعياء ليشجعه أن يتكل علي الله وينبئه بأن ملكي أرام وإسرائيل لن يفوزا عليه وأن الرب يخلصه منهما دون الاستعانة بملك أشور. بل سأل إشعياء أحاز أن يطلب آية ليتأكد من المعونة الإلهية لكنه رفض أن يسأل آية لأنه كان قد قرر الاستعانة بأشور. وقد قام ملك أشور بقتل ملك أرام وقام هوشع بقتل فقح بن رمليا ملك إسرائيل وملك مكانه. ونجد من آية (17) وما بعدها نبوءة بأن أرض يهوذا ستخرب عقاباً للملك وشعبه لعدم إيمانهم وستخربهم الأمة التي لجأوا إليها واستغاثوا بها.
آية (2،1) و حدث في أيام أحاز بن يوثام بن عزيا ملك يهوذا أن رصين ملك أرام صعد مع فقح بن رمليا ملك إسرائيل إلى أورشليم لمحاربتها فلم يقدر أن يحاربها.و اخبر بيت داود و قيل له قد حلت أرام في افرايم فرجف قلبه و قلوب شعبه كرجفان شجر الوعر قدام الريح.
قارن خوف أحاز بموقف داود "إن قام علي جيش ففي هذا أنا مطمئن" خبرة داود هي خبرة الإيمان. وحلت أرام في إفرايم = أي أن جيش أرام أتحد مع جيش أفرا يم. وأفرايم هو أسم لإسرائيل حيث أنها السبط الأقوى.
آية (3) فقال الرب لاشعياء اخرج لملاقاة أحاز أنت و شآرياشوب ابنك إلى طرف قناة البركة العليا إلى سكة حقل القصار.
ذهب أحاز لهذا المكان ليطمئن علي الموارد المائية لأورشليم وأرسل الله إشعياء له ليطمئنه برجوع البقية (كانت إسرائيل قد أخذت 200.000 سبايا من يهوذا) والله الذي يريد أن يطمئنه بأنه هو الذي يحميه أرسل له إشعياء مع أبنه شآريشوب ومعني أسمه البقية سترجع. وكأن الله يريد أن يقول أنه كما يحمل إشعياء أبنه سأحمل أنا البقية المسبيين وأعيدهم ليهوذا وهذا ما حدث فعلاً وعاد الأسري ليهوذا.
آيات (4، 5) قل له احترز و اهدأ لا تخف و لا يضعف قلبك من اجل ذنبي هاتين الشعلتين المدخنتين بحمو غضب رصين و أرام و ابن رمليا. لان أرام تآمرت عليك بشر مع افرايم و ابن رمليا قائلة.
ذَنَبيَْ = في أحدي الترجمات Tails وفي أخري Stubs أي أصل الشجرة الباقي بعد قطع جذعها، وتعني عَقِب فالعدو ما هو إلا ذيل مدخن الشعلتين المدخنتين هما رصين ملك أرام وفقح ملك إسرائيل. هم هكذا في نظر الله ذنبين لشعلتين مدخنتين لكن غير مشتعلتين فالله وحده هو القادر أن يحرق، ودخان هذين الملكين إشارة لغضبهما وإعلانهما الحرب علي يهوذا.
آيات (6، 7)نصعد على يهوذا و نقوضها و نستفتحها لأنفسنا و نملك في وسطها ملكا ابن طبئيل.
هكذا يقول السيد الرب لا تقوم لا تكون.
أبن طبئيل = أسم سرياني، وكانت المؤامرة أن يتم قتل أحاز وتمليك هذا الآرامي بدلاً منه. ولكن الله لن يسمح
بهذا لكرسي داود = لا تقوم لا تكون.
آية (8) لان رأس أرام دمشق و رأس دمشق رصين و في مدة خمس و ستين سنة ينكسر افرايم حتى لا يكون شعبا.
في مدة 65 سنة = هذه المدة تشير للخراب النهائي لمملكة إسرائيل (إفرايم) فخرابها تم علي مراحل المرحلة الأولي = علي يد تغلث فلاسر ملك أشور وذلك في أواخر أيام عزيا حيث قام بسبي جزء من إسرائيل. المرحلة الثانية علي يد شلمنآصر ملك أشور حيث قام بالسبي الكبير لإسرائيل أيام هوشع بن إيلة ملك إسرائيل. المرحلة الثالثة = علي يد أسر حدون ملك أشور الذي أتي بقوم من بابل وكوش وعوا وحماة وسفروايم وأسكنهم مدن السامرة عوضاً عن بني إسرائيل (2 مل 17 : 24) وبذلك قضي علي الأمه وأصبح من المستحيل أن تصير شعباً وهذا حدث بعد 65 سنة من نبوة أشعياء.
رأس أرام دمشق = مهما حاول أن يتسع ملك أرام فمكانه سيظل دمشق ولن يتسع علي حساب أورشليم أي لن يستعمرها.
آية (9) و رأس افرايم السامرة و رأس السامرة ابن رمليا إن لم تؤمنوا فلا تامنوا.
إن لم تؤمنوا فلا تأمنوا = هذه تشبه "لا سلام قال إلهي للأشرار" فأحاز لم يؤمن بل كان ينظر للأمور الحاضرة فقط وإلي الخطر القادم من رصين وفقح فكان يراهما وحوش مخيفة، أما الله فكان يراهما شعلتين مدخنتين هو مزمع أن يطفئهما. لذلك لجأ أحاز في عدم إيمانه لملك أشور وبدون إيمان لا يوجد سلام حقيقي.
آية (10) ثم عاد الرب فكلم أحاز قائلا.
كلم الرب أحاز بفم إشعياء.
آية (11) اطلب لنفسك آية من الرب إلهك عمق طلبك أو رفعه إلى فوق.
كأن الله يريد أن يقول لأحاز لماذا تطلب من ملك أشور ولا تطلب مني وجدعون طلب آية والله لم يحزن فهناك فرق بين طلب الآية في حالة عدم الإيمان وطلب الآية لزيادة الإيمان ولكن أحاز كان قد وضع ثقته في أشور ولم يثق بالله، لذلك قرر أن لا يطلب معونة من الله ولا حتي آية.
عمق طلبك = أطلب ما تريد مهما كان صعبا.
آية (12) فقال أحاز لا اطلب و لا أجرب الرب.
هو جواب يدل علي عدم الثقة بالله تحت صورة مهذبة. فهو قد إتخذ قراراً باللجوء لأشور وليس هذا قداسة منه بأنه لا يريد أن يجرب الرب.
آية (13) فقال اسمعوا يا بيت داود هل هو قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا الهي أيضا.
توبيخ إشعياء لأحاز هنا راجع لرفض الاستعانة بالله.
آية (14) لكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل.
بضم هذه الآية مع (15، 16) يكون المعني أن هناك عذراء ستتزوج (وقد تكون زوجة النبي وأشار إليها بقوله عذراء) وأنها ستلد أبنا وقبل أن يبلغ الصبي سن 3 سنوات يموت الملكين فقح ورصين. وسن 3 سنوات هو السن التي يميز فيها الصبي بين الخير والشر. ولكن صيغة الكلام يعطيكم السيد نفسه آية تدل علي حادثة أعظم من المذكورة. هذه الآية إشارة واضحة لميلاد السيد المسيح من العذراء. لذلك قيل أن السيد يعطيكم نفسه آية، وآية أي شيئاً عجيباً، وكان عجيباً أن يتجسد الله. والمسيح هنا منسوب لعذراء وليس لرجل لأنه ليس من زرع رجل، عكس كل المولودين نجدهم منسوبين إلي رجال. هنا نري أن السيد يعطي نفسه آية وليس آية من السماء أو الأرض بل هو نفسه يصير آية، يأتي ويتجسد لا ليخلص من أشور بل من الشيطان والخطية. عمانوئيل = الله معنا فهو سيوجد في وسطنا حينما يتجسد.
عذراء = توجد في العبرية 3 كلمات تعبر عن النساء.
1- بتولية = أي عذراء غير مخطوبة.
2- إيسا = أي سيدة متزوجة.
3- ألما = عذراء صغيرة قد تكون مخطوبة.
والكلمة التي إستخدمها إشعياء هي ألما وهي تتطابق مع وضع العذراء.
آية (15، 16) زبدا و عسلا يأكل متى عرف أن يرفض الشر و يختار الخير. لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر و يختار الخير تخلى الأرض التي أنت خاش من ملكيها.
زبداً وعسلاً يأكل = الزبد خلاصة الطعام الحيواني والعسل هو خلاصة الطعام النباتي.إذاً هو يشاركنا كل طعامنا فهو سيكون له ناسوت حقيقي مثلنا. وقد مات الملكين فعلاً قبل 3 سنوات فتغلث فلاسر قتل رصين وأخذ دمشق وهوشع بن إيلة فتن علي فقح وقتله بعد هذه النبوة بثلاث سنوات تماما.
آية (17) يجلب الرب عليك و على شعبك و على بيت أبيك أياما لم تأتي منذ يوم اعتزال افرايم عن يهوذا أي ملك أشور.
يتكلم الله هنا عن المخاوف الحقيقية وهي من أشور وليس المخاوف الوهمية من رصين وفقح. وكان ملك أشور بدآية ولكن أتي ملك بابل ليخرب خراباً تاما. لذلك فغالباً تشير هذه الآية لملك بابل بالأكثر وسمي ملك أشور:
1) لأن أشور بدأت التخريب أيام حزقيا إذ أحرقت 46 مدينة.
2) أن ملك بابل إمتلك أشور فصار ملكاً لأشور أيضاً.
3) كانت بابل غير معروفة في ذلك الوقت كدولة عظمي بل مملكة تحت حكم ملك أشور.
آية (18) و يكون في ذلك اليوم أن الرب يصفر للذباب الذي في أقصى ترع مصر و للنحل الذي في ارض أشور.
يصفر للذباب = أي للجيوش المصرية (لكثرة الذباب في مصر أو لكثرة عدد جيوش مصر) وللنمل في أرض أشور = أي جيوش أشور ربما لكثرة النمل في أشور والمقصود أن هذه الجيوش، جيوش مصر وأشور ستشارك في خراب يهوذا ولكن لنلاحظ:
1) هذه الجيوش الضخمة في نظر الله ما هي إلا ذباب ونحل والله قادر أن يسحقهم تماماً.
2) هذه الجيوش في يد الله هو الذي يحركها ليؤدب شعبه.
3) الخراب سيأتي ممن أرادت يهوذا أن تتحالف معهم.
4) مصر لم تعاون أشور ضد يهوذا ولكن صراع جيشا مصر وأشور كان غالباً علي أرض يهوذا، فيهوذا كانت بين حجري رحى.
الآيات (19 - 25) فتاتي و تحل جميعها في الأودية الخربة و في شقوق الصخور و في كل غاب الشوك و في كل المراعي. في ذلك اليوم يحلق السيد بموسى مستأجرة في عبر النهر بملك أشور الرأس و شعر الرجلين و تنزع اللحية أيضا. و يكون في ذلك اليوم أن الإنسان يربي عجلة بقر و شاتين. و يكون انه من كثرة صنعها اللبن يأكل زبدا فان كل من ابقي في الأرض يأكل زبدا و عسلا.و يكون في ذلك اليوم أن كل موضع كان فيه ألف جفنه بألف من الفضة يكون للشوك و الحسك.بالسهام و القوس يؤتى إلى هناك لان كل الأرض تكون شوكا و حسكا. و جميع الجبال التي تنقب بالمعول لا يؤتى إليها خوفا من الشوك و الحسك فتكون لسرح البقر و لدوس الغنم.
هنا يشير إلي خراب البلاد بكنآية أخري وهي الحلق بموسي إظهاراً لعظم ما يجري من الخراب في البلاد. الموسى المستأجرة تشير لاستئجار أحاز لملك أشور (2 مل 16 :8) هنا نري أن الرب استعمل تلك الآلة أي ملك أشور لإذلال أحاز. و نلاحظ أن حلق اللحية هو علامة المذلة فالأسري كانوا ملزمين بذلك لا إراديا. حلق الشعر = قارن مع المزمور " ما أحلي أن يجتمع الأخوة معاً.... النازل علي اللحية" فالشعر هو الشعب الملتصق بالله وحينما تضايق الله من هذا الشعب (أي الشعر) أمر بحلقه ليتخلص منه. عبر النهر = أي نهر الفرات (إشارة لملك أشور). ولقد حدث هذا فعلاً فملوك أشور حطموا وأزالوا دولة إسرائيل (10 أسباط) وأحرقوا 46 مدينة من يهوذا. وبعد ذلك أتي ملك بابل ليخرب يهوذا تماما.
الإنسان يربي عجلة وشاتين = علامة للفقر أن الغني لن يكون عنده أكثر من ذلك. وقد تشير الآية لأن الرجال (الفلاحين) هجروا الأرض بسبب الحروب والسبي، فتحولت لمراعي للحيوانات ولكن بلا محصولات زراعية طبيعية، الحاصلات المعتادة غير موجودة. وهذا معني ألف جفنه بألف من الفضة فالكرم الكبير الجيد تحول لأن يصبح مكاناً للشوك والحسك فلا توجد أيدي عامله لزراعة الكروم (والشوك والحسك نتيجة للخطية). ومن عدم وجود محصولات لن يوجد سوي نتاج المراعي. زبداً وعسلاً. هذا إشارة إلي خراب البلاد وقلة سكانها من كثرة الحروب والسبايا. بالسهام والقوس يؤتي إلي هناك = أي من كثرة الوحوش التي ازدادت بسبب قلة السكان لا يؤتي إلي هناك إلا بالسهام والقوس. وهذا ما حدث فعلاً (2مل 25:17)
الإصحاح الثامن
هذا الإصحاح وحتى ص (12) كلها موعظة واحدة عن خراب إسرائيل والضيق علي يهوذا من أشور، أما من أحتفظ بعلاقته مع الله فله عزاء وهناك وعود لشعب الله وسط الخراب وفيها إشارة لأيام المسيح.
وظروف هذا الإصحاح هي نفس ظروف الإصحاح السابق. مؤامرة رصين وفقح ضد يهوذا. وتوبيخ الله أحاز لتركه إياه ولجوئه لملك أشور. وذكر المصائب الآتية علي الذين يطلبون غير الله والتهديد بخراب مملكة أحاز بالإضافة لأقوال كثيرة للشعب لتنشيطهم وحثهم علي الإتكال علي الله.
آية (1) و قال لي الرب خذ لنفسك لوحا كبيرا و اكتب عليه بقلم إنسان لمهير شلال حاش بز.
لوحاً كبيراً = لكي يراه الجميع، هؤلاء الذين فقدوا السمع، ليكون شاهداً أن النبي سبق وقال هذا الكلام قبل أن يحدث. بقلم إنسان أي باللغة التي يفهمها كل إنسان والله كلمنا بلساننا وكلمنا في إبنه إبن الإنسان.
مهير شلال حاش بز = المعني يعجل الغنيمة ويسرع النهب. والاسم نبوءة مختصرة
آية (2) و أن اشهد لنفسي شاهدين أمينين أوريا الكاهن و زكريا بن يبرخيا.
أشهد لنفس = علي إشعياء أن يضع اللوح في الهيكل ويشهد عليه كاهنان وقد يكونا قد ختما عليه. وهذه شهادة بأنه قال ما قاله قبل أن يحدث.
الآيات (3، 4) فاقتربت إلى النبية فحبلت و ولدت ابنا فقال لي الرب ادع اسمه مهير شلال حاش بز.لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يدعو يا أبي و يا أمي تحمل ثروة دمشق و غنيمة السامرة قدام ملك أشور.
النبية = هي زوجة النبي إشعياء. والمعني أن أشور سوف ينهب كلا من إسرائيل وأرام لينقذ أورشليم. قبل أن يعرف = أي بعد حوالي سنة. وقد فعل تغلث فلاسر ذلك فعلاً.
الآيات (5 - 7) ثم عاد الرب يكلمني أيضا قائلا.لان هذا الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت و سر برصين و ابن رمليا. لذلك هوذا السيد يصعد عليهم مياه النهر القوية و الكثيرة ملك أشور و كل مجده فيصعد فوق جميع مجاريه و يجري فوق جميع شطوطه.
هذا الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت = سكوت Softly بعد أن طمأن الرب شعبه بخلاصهم من أعدائهم ها هو يلفت نظرهم لخطاياهم لكي يتوبوا. وشيلوه بركة مياه في أورشليم تنساب منها المياه في هدوء وتعتمد عليها المدينة. والمعني أن الشعب احتقروا هذه البركة واحتقروا مدينتهم والبركات التي أعطاها الله لهم. وحسدوا الأشوريون علي مياههم الكثيرة ونهرهم الواسع المتدفق (أو حسدوا الآراميين علي أنهارهم الواسعة) والمعني أنهم احتقروا عمل الله الهادئ وأعجبوا أو خافوا وانبهروا من قوة الجيوش المعادية. وروحياً فهذا يشير لمن يرفض روح الله الوديع الهادئ (مياه شيلوه) الذي يملأ القلب سلاماً هادئاً لذيذاَ يفوق كل عقل، ظاناً أنه في إرضاء شهواته الجامحة سيجد فرحاً وسلاما، مثل هؤلاء يصعد عليهم روح العالم الصاخب الهائج ويخربهم، وهذا ما حدث مع شمشون والابن الضال، فهؤلاء يشتهون اللذة الكاذبة والحرية الكاذبة.
وسُرَ برصين = الإعجاب بقوته و أوثانه وخطاياه. ومياه النهر القوية المقصود به نهر الفرات إشارة لجيش أشور. وأشور سينقذهم فعلاً ولكنه سيستدير عليهم ويخربهم، سيندفق عليهم كنهر الفرات الذي أعجبوا به واشتهوه، وهذا ما حدث أيام سنحاريب الذي حاصر أورشليم.
ونلاحظ أن شيلوه هي مكان عبادة الرب وتقديم الذبائح منذ القديم. فقد صعد إليها ألقانة وحنة أبوا صموئيل. وفيها نصب يشوع خيمة الاجتماع (يش 1:18) إذاً هي مكان اجتماع الله مع شعبه. ومعني شيلوه = شلوام أو سلوام أي المرسل وهكذا كان المسيح الذي أرسله الله فرذلوه واختاروا قيصر (مياه النهر القوية). وشيلوه بمياهه الهادئة يشير لقوة الروح الوديع الهادئ مصدر التقديس وينبوع البر، وهناك من يقاوم روح الله الهادئ ويحزنه ويرذله بإستسلامه لشهوات العالم الصاخب وكما تحمل بركة شيلوه (المرسل) المياه الهادئة، هكذا فالمسيح الذي أرسله الأب وهبنا الروح القدس وأرسله لنا. لذلك فشيلوه هي المكان الذي أغتسل فيه الأعمى فاستنارت عيناه. ورفض الشعب لشيلوه فيه معني رفضهم الإعتماد علي الله واتكالهم علي أشور، لذلك سيغرقهم أشور وهكذا أفقدت الشهوة شمشون كل قوته.
آية (8) و يتدفق إلى يهوذا يفيض و يعبر يبلغ العنق و يكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل.
بسط جناحيه = إشارة لأتساع المكان الذي تشغله جيوشه ويبلغ العنق = أي يصل حتى أورشليم ولكن لن يدخلها، يبلغ العنق كمن وصل الماء حتي عنقه لكنه لم يغرق. إذاً فهذا يعطي أمل. ونلاحظ أنهم هم طلبوا أشور والله أعطاهم حسب قلبهم (مز 20 : 4) وما أسوأ ما يطلب الإنسان. عرض بلادك يا عمانوئيل = أي اليهودية. وهذا القول يعني أن إشعياء قد فهم أن الولد المذكور الذي ستلده العذراء (7 : 14) ليس أبنه هو بل هو المسيح عمانوئيل. فالبلاد هي بلاد عمانوئيل. والله يسمح بتأديبنا ولكن لا يسمح بهلاكنا فنحن أرض عمانوئيل، نحن ملك الرب. ومادامت حياتنا مستترة في الله فلا خوف علينا.
آيات (9 ،10) هيجوا آية الشعوب و انكسروا و إصغي يا جميع أقاصي الأرض احتزموا و انكسروا احتزموا
و انكسروا.تشاوروا مشورة فتبطل تكلموا كلمة فلا تقوم لان الله معنا.
يوجه النبي كلامه إلي البقية المؤمنة ويطلب منهم أن لا يخافوا فالأعداء لن يمكنهم أن يدمروا شعب الله. وهذه الآيات تشير لهجوم الأعداء الروحيين علي المسيح وعلي مملكته أي الكنيسة ولكن مهما قاموا فسينكسروا ومهما ظهر للعيان عكس ذلك فالكنيسة عروس المسيح ستبقي.
الآيات (11 -13) فانه هكذا قال لي الرب بشدة اليد و انذرني أن لا اسلك في طريق هذا الشعب قائلا.لا تقولوا فتنة لكل ما يقول له هذا الشعب فتنة و لا تخافوا خوفه و لا ترهبوا. قدسوا رب الجنود فهو خوفكم و هو رهبتكم.
هنا الله يحذر النبي ومن يسمعونه من الأتقياء أن لا يسلكوا مسلك الشعب، وكان كلام الله له شديداً. وربما كان هذا في فترة مال فيها النبي لوجهة نظر الملك والشعب في التحالف مع أشور. ولكن الرب حذره وشدده بشدة اليد = أي بقوة يد الله عليه أمره أن يقبل ما يقوله الله بالرغم من صعوبة موقفه أمام الملك وأمام الشعب. وربما كان النبي خائفاً منهم. والله هنا يعطيه دفعة روحيه تعين ضعف الجسد. لا تقولوا فتنة فتنة أي مؤامرة. يبدو أن الشعب المنافق حسبوا توبيخ النبي لأحاز أنه مؤامرة ضد أحاز. قَدِسوا =" قارن مع ليتقدس أسمك" والقداسة سيكون فيها اختبار عشرة الله والحفظ من خطايا الأمم واستنارة وثبات ونصرة حقيقة علي الأعداء، وتقديسنا لأسم الله يكون بأن نحيا في قداسة.
آية (14) و يكون مقدسا و حجر صدمة و صخرة عثرة لبيتي إسرائيل و فخا و شركا لسكان أورشليم.
هذه الآية أقتبسها بطرس في (1بط 8:2) ويكون مقدسا في الآية السابقة طلب أن يتقدسوا ولكن كيف ؟ كانت القداسة في العهد القديم في الخيمة والهيكل بالدم. وهنا نري في هذه الآية نبوة عن المسيح الذي يقدس كهيكل جديد وهو سيكون صخرة حمآية للمؤمنين وحجر زاوية. ولكن سيكون صخرة عثرة وفخا للرافضين من اليهود.
آية (15) فيعثر بها كثيرون و يسقطون فينكسرون و يعلقون فيلقطون.
هذه العثرة التي يتكلم عنها أصدق شاهد لها سقوط الأمة اليهودية وقارن مع " من تلك الساعة رجع كثير من التلاميذ". يسقطون = في فخ إبليس وينكسرون =" قبل الكسر الكبرياء" ويعلقون = هذه النفوس الرافضة يلتقطها الشيطان ليفترسها. هم علقوا بما معناه لم يستطيعوا الارتفاع إلي السماويات بإيمانهم بالمسيح لأنهم انجذبوا في شباك الشيطان إذا هم علقوا في شباكه فلم يلحقوا بالمسيح وذلك لكبريائهم.
آية (16) صر الشهادة اختم الشريعة بتلاميذي.
صر الشهادة = الشهادة هي التي بدأ بها الإصحاح، المكتوبة علي اللوح بشأن سقوط دمشق والسامرة ثم تدمير ملك أشور لليهودية وخلاص البقية، وأن الله عمانوئيل معنا وأن المسيح سيأتي كسر تقديس للشعب وصخرة عثرة لليهود الرافضين. وهذا الكلام انتهي الأمر فيه ولا رجعة لذلك يقول له صر... إختم بتلاميذى أي بتلاميذ إشعياء الذين يقبلون هذه الشهادة. ولكنها نبوة عن تلاميذ المسيح في العهد الجديد وإنهم سوف يكشفون كل ما كان مستوراً حين يفك الأسد الخارج من سبط يهوذا كل الختوم وقوله صر.. إختم أي لا تزيد شيئاً عليها ولا تنقص.
آية (17) فاصطبر للرب الساتر وجهه عن بيت يعقوب و انتظره.
الساتر وجهه = بسبب غضبه ولكن هذا إلي حين فاصبر. هذه مثل "بصبركم تقتنون أنفسكم" وطلب الصبر هنا لأن هناك ضيقات آتية ينبغي مقابلتها بالصبر وبإيمان أنها للتأديب وللخير.
آية (18) هاأنذا و الأولاد الذين اعطانيهم الرب آيات و عجائب في إسرائيل من عند رب الجنود الساكن في جبل صهيون.
الله يستعمل النبي وأولاده آيات فأسماءهم كان لها معاني وكأنها نبوات مختصرة وقارن مع (عب 2 :13) فيكون إشعياء هنا رمزاً للمسيح لأن الرسول أقتبس هذا القول ونسبه للمسيح وأظهر به أن المسيح أشترك في اللحم والدم مع الطبيعة البشرية وفي هذا التفسير يصبح أولاد المسيح آيات وعجائب لرفضهم الشر ونظرهم لأمور سماوية. وهكذا كان إشعياء وأولاده وتلاميذه مختلفين عن الشعب الذين حولهم في إيمانهم وسلوكهم وأفكارهم نحو الرب وتلاميذ إشعياء حسبوا أولاداً له وهو في هذا يرمز للمسيح.
الآيات (19- 22) و إذا قالوا لكم اطلبوا إلى أصحاب التوابع و العرافين المشقشقين و الهامسين ألا يسأل شعب إلهه أيسال الموتى لأجل الأحياء.إلى الشريعة و إلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر فيعبرون فيها مضايقين و جائعين و يكون حينما يجوعون أنهم يحنقون و يسبون ملكهم و إلههم و يلتفتون إلى فوق.و ينظرون إلى الأرض و إذا شدة و ظلمة قتام الضيق و إلى الظلام هم مطرودون.
هناك خطأ شائع فحين يحجب الله وجهه تظلم الدنيا أمام الناس وبدلاً من التوبة والصلاة لله ليرفع غضبه يلجأون للعرافين والسحرة لطلب المشورة (هكذا فعل شاول الملك) وهنا فالنبي يحذر أتقياء الشعب من أن يسمعوا لمن يقول لهم أذهبوا واطلبوا إلي السحرة.
أصحاب التوابع والعرافين = الذين يدعون أنهم يقدرون أن يعاشروا أرواح الموتى ويعرفوا المستقبل المشقشقين والهامسين = من يتكلم بصوت هامس خافت غائر أو في رنة حزينة كالحمام وهذه طريقتهم في الكلام ليتقنوا دورهم. أيسأل الموتى لأجل الأحياء = هل ترضون بأن تتركوا الله الحي وأنتم عبيده أحياء إذا التزمتم بوصيته وتلجأون لهذه الوسائل الشيطانية إلي الشريعة وإلي الشهادة = هذا ما يجب أن يقوله من هو في ضيق فكلام الله هو الذي يعطي حياة. فليس لهم فجر = من لا يقول إلي الشريعة وإلي الشهادة. من لا يلجأ لكلام الله فليس له نور ويبقي في الظلام. وعجيب أن يكون للإنسان حياة في كلمات الكتاب المقدس ولا يقرأه. فيعبرون فيها = من يلجأ لهذه الوسائل يعيش في الأرض في ضيق وبلا معين.
الإصحاح التاسع
قال في الإصحاح السابق أن من يسير وراء التوابع يعيش في ظلام، فهم في ظلام بسبب هذا، وبسبب اعتمادهم علي أشور. أما هنا في هذا الإصحاح فيعطي أمل في المسيح الذي يحول الظلام إلي نور (2كو 9:4)ولنلاحظ أنه وعد بالنور وليس برفع الضيقة، وهذه طريقة الله أن يعطي نوراً وعزاءً لمن هم في ضيقة كما جاء للثلاثة فتية في أتون النار.
آية (1) و لكن لا يكون ظلام للتي عليها ضيق كما أهان الزمان الأول ارض زبولون و ارض نفتالي يكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم.
ولكن = هذه تعني أن الله لا يترك شعبه. وأن الأرض التي فيها ضيق لن يكون عليها ظلام متى جاء المسيح. والزمان الأول = حيث دخلت الخطية والموت بآدم. أما الزمان الثاني أو الأخير تدخل الكرامة حتى لجليل الأمم، هناك جاء المسيح ليعطي حياة. ومن المدهش أن إشعياء يحدد مكان بزوغ شمس البر طريق البحر – عبر الأردن جليل الأمم = وهي الأماكن التي ابتدأ الرب خدمته فيها. وطريق البحر = المقصود به بحر الجليل. أرض زبولون ونفتالي = كانتا أكثر البلاد التي قاست منذ زمن بعيد من هجمات الأمم المجاورة (أرام وأشور) وكانت أول من أشرق نور الرب عليها، في طبرية وكفر ناحوم وكورزين وهذه من قري نفتالي. وهذا معناه أن السيد المسيح يحول ما هو عار إلي مجد. وهو تجلي علي جبل تابور في أرض زبولون وهذه الآية أقتبسها معلمنا متي (مت 4 : 14 – 16).
جليل الأمم = كانت الناصرة والجليل كله علي حدود الأمم فاختلطوا بعاداتهم الوثنية، فكانوا في حالة انحلال روحي، وكذلك سكن في الجليل كثير من الأمم لذلك احتقر اليهود الجليليين لاختلاطهم بالأمم وكانوا يقولون "أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح" (يو 1 :46). ومعني الآية أن المسيح علي استعداد أن يتعامل وأن يعلن نفسه ليس فقط لليهود ولا للأمم بل لأحقر الأمم. فالله أختار الجهلاء والبسطاء ليعلن لهم نفسه. لذلك ذكرت الأناجيل الأربعة إسم مريم المجدلية التي كان بها 7 شياطين كشاهدة للقيامة بل كارزة بها. وسبب ذكر الأربعة الأناجيل لمريم المجدلية، أن هذا هو موضوع الإنجيل، الله يحول المزدري وغير الموجود إلي أولاد لله يكرزون باسمه.
الآيات (2،3) الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما الجالسون في ارض ظلال الموت أشرق عليهم نور.أكثرت الأمة عظمت لها الفرح يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد كالذين يبتهجون عندما يقتسمون غنيمة.
سكان الجليل الساكنين في الظلمة رأوا نور المسيح. أكثرت الأمة =عدد المؤمنين سيزداد بنعمة الروح القدس. عظمت لها الفرح = الفرح بالغلبة والنصرة والحصاد الكثير. الفرح هو سمة الكنيسة المتألمة بسبب مسيحها الذي فيها. كالفرح في الحصاد = أي الفرح في تحصيل الخيرات المذخرة في المسيح.
يقتسمون غنيمة = فضائل ونعم بعد الانتصار علي إبليس.
الآية (4) لان نير ثقله و عصا كتفه و قضيب مسخره كسرتهن كما في يوم مديان.
لأن نير ثقله = هذا هو السبب الأول لفرح الشعب، وهو إبادة المسيح لقوة أعدائه وخلاصهم من عصاته وقضيبه، لقد حررنا المسيح فصرنا بالحقيقة أحراراً "إن حرركم الابن..." يوم مديان = الله دائماً يخلص شعبه ويهلك أعداء شعبه، حدث هذا مع جدعون وتكرر في حادثه هلاك ال 185000 من جيش أشور وهذا كله رمز لهلاك إبليس.
آية (6،5) لان كل سلاح المتسلح في الوغى و كل رداء مدحرج في الدماء يكون للحريق مأكلا للنار. لأنه يولد لنا ولد و نعطى ابنا و تكون الرياسة على كتفه و يدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام.
السبب الثاني للفرح أن الأسلحة والحرب بطلت فزمان المسيح زمان سلام والمعني الروحي أن نار الروح القدس ستأكل سلاح الأعداء ورداء الشياطين المخضب بدماء الأبرياء، ويشمل سلام المسيح كل المؤمنين. فرحنا أن عدونا إبليس صار بلا سلاح.
كيف يحدث كل هذا؟ من الذي سيجرد إبليس من سلاحه ؟ من هو الذي يعطي سلاماً للعالم كله وفرحاً للمؤمنين ؟ هنا نجد إشعياء وقد تجاوز الرموز والظلام بهذه النبوة وتكلم مباشرة عن ولادة المسيح.
يولد لنا ولد = في العبرية يولد بيننا ولأجلنا. والمعني أن الابن يتأنس.
نعطي أبنا = هذه مثل الكلمة صار جسداً. الرياسة علي كتفه = المسيح بصليبه الذي حملة علي كتفه ملك علي قلوب كل من آمنوا به.
عجيباً = هو فائق الإدراك في نزوله من السماء، في إتضاعه ومحبته للبشر وميلاده البتولي ومعجزاته وقيامته وصعوده وأقواله وتعاليمه، بل بإسمه العجيب صنع تلاميذه معجزات. رئيس السلام = فهو أعظم من ضحي لأجل السلام، فصليبه كان صناعة سلام بين الأرض والسماء وهو وحده القادر أن يضع السلام الداخلي في قلوبنا، هذا السلام لا يستطيع العالم أن ينزعه منا. مشيراً = المسيح هو حكمة الله (1كو 24:1 + كو 2 :3) والمسيح أعلن السر الإلهي للبشر وكشف عن الآب (يو 6:17).
إلها قديراً = فهو واحد مع الآب في الجوهر، هو الإله الحق من الإله الحق
أباً أبدياً= المسيح في إلوهيته لم يعلن جبروت الله فقط بل أبوته وحنانه. آب تعني أصل وهي كلمة سريانية، فالإنسان كان يتحرق شوقاً لأصله ولأبيه. وبالمسيح عرفنا محبة الآب الأبدية وبه صرنا أبناء له.
آية (7) لنمو رياسته و للسلام لا نهآية على كرسي داود و على مملكته ليثبتها و يعضدها بالحق و البر من ألان إلى الأبد غيرة رب الجنود تصنع هذا.
النمو هو سمة الكنيسة وحياتها بالمسيح في الروح القدس فهو ينميها ويسقيها كل يوم في الأسرار. وغيرة = حب الله لشعبه صنع كل ذلك.
آية (8)أرسل الرب قولا في يعقوب فوقع في إسرائيل.
بدءاً من هنا نجد خطاب بالويلات الأتية عليهم (علي الأسباط العشرة) بسبب كبريائهم وتمردهم وشرهم الزائد. وهذه الآية فيها إنذار وتحذير وتنبيه ليعقوب أي للأسباط ولكنهم للأسف تجاهلوا إنذارات الله المتعددة عن يد أنبيائه العديدين. وقع القول في إسرائيل = أي تم تنفيذ التهديد وهنا بصيغة الماضي للتأكد من حدوثه. قبل ذلك من بدآية الإصحاح رأينا نوراً للأبرار المؤمنين بالمسيح وهنا نري ويل للأشرار رافصي النور أي رافضي السيد المسيح.
آيات (9 ،10) فيعرف الشعب كله افرايم و سكان السامرة القائلون بكبرياء و بعظمة قلب.قد هبط اللبن فنبني بحجارة منحوتة قطع الجميز فنستخلفه بارز.
يبدو أنه حدثت زلزلة عظيمة هدمت مدنهم (عا1 : 1 + زك 14 : 5) وكانت هذه الزلزلة إنذاراً لهم لكنهم في تحدي واضح قالوا سنبني مدناً أحسن ولن نتوب. وإن كانت بيوتنا السابقة من اللبن وهبطت سنبني بيوتاً بحجارة وهي أحسن وأقوي. وإن كنا قد استعملنا الجميز، في البناء سابقاً فسنستعمل الأرز. وفي هذا كبرياء وتحدي لله وإستهتار بإنذاراته.
آيات (11، 12) فيرفع الرب اخصام رصين عليه و يهيج أعداءه.الآراميين من قدام و الفلسطينيين من وراء فيأكلون إسرائيل بكل الفم مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
أخصام رصين = أي الأشوريين، فرصين كان يريد التحالف مع مصر ضد أشور. عليه = أي علي إفرايم. الآراميين = سيجبرون علي مساعدة أشور. بكل الفم = أي بكل قسوة وبلا رحمة، كما يأكل الوحش فريسته وذلك سيتم حين يهاجمهم الآراميين والفلسطينيين والأشوريين. فمن لا يتعلم من التأديب الأول (الزلزال) يأتي عليه التأديب الثاني (أشور)
الآيات (13 –16) و الشعب لم يرجع إلى ضاربه و لم يطلب رب الجنود. فيقطع الرب من إسرائيل الرأس و الذنب النخل و الاسل في يوم واحد. الشيخ و المعتبر هو الرأس و النبي الذي يعلم بالكذب هو الذنب. و صار مرشدو هذا الشعب مضلين و مرشدوه مبتلعين.
(آية 13) كأن الرب هو الضارب والمعني أنهم لم يستفيدوا من التأديب. وعلينا أن لا نرجع سبب نكباتنا للظروف بل نرجع لله ليرفع غضبه عنا.
الأسل = الشوك = أي يقطع الرب من إسرائيل الشريف والدنيء، الأعلى والأدنى. ونلاحظ أن خطية الأكبر سناً أو علماً هي أعظم.
الآية (17) لأجل ذلك لا يفرح السيد بفتيانه و لا يرحم يتاماه و أرامله لان كل واحد منهم منافق و فاعل شر و كل فم متكلم بالحماقة مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
الله يفرح بالفتيان الأطهار كيوسف ودانيال. ولكنه لا يفرح بهم لو انغمسوا في الشر. ويرحم الأرامل لو طلبوه ويتركهم لو تدنسوا.
الآية (18) لان الفجور يحرق كالنار تأكل الشوك و الحسك و تشعل غاب الوعر فتلتف عمود دخان.
الخاطئ يهلك نفسه والخطية كنار يشعلها الخاطئ في بيته. والزاني كمن يأخذ ناراً في حضنه (رو 1 :27)
الآية (19-21) بسخط رب الجنود تحرق الأرض و يكون الشعب كمأكل للنار لا يشفق الإنسان على أخيه. يلتهم على اليمين فيجوع و يأكل على الشمال فلا يشبع يأكلون كل واحد لحم ذراعه. منسى افرايم و افرايم منسى و هما معا على يهوذا مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد
كل واحد منهم لضيقه وجوعه يلتهم الآخر ويسلبه. وهذا ما حدث في فترة الاضطرابات في إسرائيل. يأكل لحم ذراعه = أي ذراع جاره وقريبه. صاروا بلا بركة كأنهم في غابة قانونها العنف والظلم يأكلون بعضهم. وهذا ما حدث في إسرائيل أي حرب أهليه مدمرة.
وتكرار كلمة يد الله مازالت ممدودة فهو لأنه لم يحقق ما يريده، أي توبتهم ويده ممدودة بالتأديب في محبة لجذب كل نفس.
الإصحاح العاشر
آيات (1-4 ) ويل للذين يقضون أقضية البطل و للكتبة الذين يسجلون جورا. ليصدوا الضعفاء عن الحكم و يسلبوا حق بائسي شعبي لتكون الأرامل غنيمتهم و ينهبوا الأيتام. و ماذا تفعلون في يوم العقاب حين تأتي التهلكة من بعيد إلى من تهربون للمعونة و أين تتركون مجدكم. إما يجثون بين الأسرى و إما يسقطون تحت القتلى مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
هي تكملة إنذار الله السابق علي مملكتي إسرائيل ويهوذا ولاحظ قول الله بائسي شعبي = فهو ينسب لنفسه البائسين. وحين يجيء يوم الشر يلجأ الأبرار لله فيحميهم ولا يجد الأشرار ملجأ لهم = إلي من تهربون للمعونة حين تأتي التهلكة من بعيد = أي بمجيء أشور. ويسألهم الرب متهكماً وأين تتركون مجدكم = أي مالكم الذي أخذتموه بالظلم أين تتركوه ولمن تتركوه وأنتم إما أسري أو أموات.
آيات (5-19) وصفاً لدمار أشور حينما تكبرت علي الله وأحست أن قوتها هي منها وليست من الله، فالله استعملهم كعصا تأديب لشعبه لسخطه علي شعبه.
آيات (5،6) ويل لأشور قضيب غضبي و العصا في يدهم هي سخطي.على امة منافقة أرسله و على شعب سخطي أوصيه ليغتنم غنيمة و ينهب نهبا و يجعلهم مدوسين كطين الأزقة.
علي أمة منافقة أرسله = نبوة بهجوم أشور علي شعب الله ويهوذا هو الأمة المنافقة بالرغم من وجود ملك قديس هو حزقيا علي رأسها. شعب سخطي = أي شعبي يهوذا الذي أنا ساخط عليه.
آيات (7-11)أما هو فلا يفتكر هكذا و لا يحسب قلبه هكذا بل في قلبه أن يبيد و يقرض أمما ليست بقليلة. فانه يقول أليست رؤسائي جميعا ملوكا.أليست كلنو مثل كركميش أليست حماة مثل ارفاد أليست السامرة مثل دمشق. كما أصابت يدي ممالك الأوثان و أصنامها المنحوتة هي أكثر من التي لأورشليم و للسامرة. افليس كما صنعت بالسامرة و بأوثانها اصنع بأورشليم و أصنامها.
سقطت مدن كثيرة بيد أشور. ولكن عين أشور كانت علي أورشليم مدينة الله. والشيطان يسقط كثيرين ولكن عينه علي نفوس أولاد الله المقدسين. وأشور تصورت إذ أسقطت مدناً كثيرة أنه لا توجد قوة قادرة علي الوقوف في وجهها وتصوروا عدم جدوى مقاومتهم – لقد سقطت أمامهم أعظم مدن أرام والحثيين فهل تقف أمامهم أورشليم. مشكلة أشور هنا أنهم تصورا أنهم بقوتهم فعلوا هذا. واعتبر ملك أشور أنه ملك ملوك.
رؤسائي ملوكاً = لقد أستخف الأشوريون بإله إسرائيل وحسبوه مثل باقي الآلهة أي آلهة الأمم ولم يفهموا أن الله إنما دفع إسرائيل ليدهم للتأديب وكبرياءهم هذا كان سبباً في أنهم يستحقون العقاب.
آيات (12-14) فيكون متى أكمل السيد كل عمله بجبل صهيون و بأورشليم أني أعاقب ثمر عظمة قلب ملك أشور و فخر رفعة عينيه. لأنه قال بقدرة يدي صنعت و بحكمتي لأني فهيم و نقلت تخوم شعوب و نهبت ذخائرهم و حططت الملوك كبطل.فأصابت يدي ثروة الشعوب كعش و كما يجمع بيض مهجور جمعت أنا كل الأرض و لم يكن مرفرف جناح و لا فاتح فم و لا مصفصف.
كما يجمع بيض مهجور = لقد تأله ملك أشور في عيني نفسه والمعني هنا أنه غزا الممالك وجمعها بلا مانع كما يجمع بيض مهجور بلا صاحب.
ولم يكن مرفرف جناح = أي من دون أدني مقاومة. ووجد في الكتابات الأشورية أن ملك أشور كان يسمي نفسه ملك الملوك ورب الأرباب.
مصفصف = أي يهمس بشفتيه أو يصفر والمعني الكل ساكت.
آية (15) هل تفتخر الفأس على القاطع بها أو يتكبر المنشار على مردده كأن القضيب يحرك رافعه كأن العصا ترفع من ليس هو عودا.
يظهر الله هنا أن أشور مجرد فأس في يده "الله لا يشمخ عليه"(غل7:6)
آيات (16-19) لذلك يرسل السيد سيد الجنود على سمانه هزالاً و يوقد تحت مجده و قيدا كوقيد النار.و يصير نور إسرائيل نارا و قدوسه لهيبا فيحرق و يأكل حسكه و شوكه في يوم واحد.و يفنى مجد وعره و بستانه النفس و الجسد جميعا فيكون كذوبان المريض.و بقية أشجار وعره تكون قليلة حتى يكتبها صبي.
سمانه = أي رجال حربه الأشداء يصيرون هزالاً.
يوقد تحت مجده = أي يحرق الله جيشه. ويصير نور إسرائيل ناراً = الله يؤدب شعبه ولكنه لا يتركه، هو نور لإسرائيل، قدوس يقدس شعبه لكنه نار علي أعدائها. وعره والبستان = كنآية عن عساكر أشور نظراً لكثرتهم. النفس والجسد = أما المؤمن فقد يهلك جسده ولكن نفسه لا تهلك وبقية أشجار وعره = أي أن جيشه الذي كان بلا عدد، كثيراً كالأشجار، أ شجار الوعر يصير قليلاً حتى يقدر صبي أن يَعُدَه = حتى يكتبها صبي.
ملحوظة : عرف الرب عند شعبه باسمه المملوء بركة ومواعيده اللانهائية أنا هو...... وهذا الاسم يملأ كل إحتياج لشعب الله. فإن جاعوا فهو أنا خبز الحياة وإن عطشوا فهو ماء الحياة وإن ساروا فهو "أنا هو الطريق" وإن ماتوا فهو "أنا هو الحياة" والآن شعب الله في ظلام وهو لهم نور ونار.
الآيات (20 – 23) و يكون في ذلك اليوم أن بقية إسرائيل و الناجين من بيت يعقوب لا يعودون يتوكلون أيضا على ضاربهم بل يتوكلون على الرب قدوس إسرائيل بالحق.ترجع البقية بقية يعقوب إلى الله القدير.لأنه و إن كان شعبك يا إسرائيل كرمل البحر ترجع بقية منه قد قضي بفناء فائض بالعدل.لان السيد رب الجنود يصنع فناء و قضاء في كل الأرض.
كعادة إشعياء يتحدث عن خلاص البقية التي تظل أمينه لله بعد التأديب (رو 9 : 27، 28) ولا يعودون يتوكلون علي ضاربهم = أي يتعلمون الحكمة من التأديب. ويتحققون فساد سياسة أحاز الإستعانه بملك أشور. كرمل البحر = هذا الوعد هو ما قيل لإبراهيم.
قد قضي بفناء فائض بالعدل = أي الحكم بالفناء الصادر ضد أشراركم كان بعدل في كل الأرض = تعني إسرائيل ويهوذا.
وتشير هذه الآيات لعودة المسبيين وأن الله سمح لهم بهذا السبي للتأديب ولكنه سيعيدهم. وسيستفيد بعض منهم ويعودون لله (وهؤلاء هم البقية) وقد عاد فعلاً من سبي بابل حوالي 43.000.
وتشير هذه الآيات أيضاً لسر الخلاص الأبدي حين أتي المسيح لليهود فآمنت قلة منهم (هم البقية) والأغلبية رفضوا واستمروا في سبي إبليس. وهذا يفعله الله بعدل إذ حين رفض اليهود المسيح، قبل الله الأمم في الإيمان وفي الأيام الأخيرة تؤمن بالسيد المسيح البقية.
الآيات (24 – 27) و لكن هكذا يقول السيد رب الجنود لا تخف من أشور يا شعبي الساكن في صهيون يضربك بالقضيب و يرفع عصاه عليك على أسلوب مصر. لأنه بعد قليل جدا يتم السخط و غضبي في إبادتهم. و يقيم عليه رب الجنود سوطا كضربة مديان عند صخرة غراب و عصاه على البحر و يرفعها على أسلوب مصر. و يكون في ذلك اليوم أن حمله يزول عن كتفك و نيره عن عنقك و يتلف النير بسبب السمانة.
هذا الكلام موجه لحزقيا وشعبه حين حاصره جيش أشور. رب الجنود = فهو الذي يحارب، فلا تخشوا جيش أشور، إذ هو يؤدب ولا يفني. الساكن في صهيون = من هو ساكن في صهيون لا يخف من ضربات التأديب، وهكذا من هو ثابت في الكنيسة لا يخاف. يضربك بالقضيب أشور هي القضيب. صخرة غراب = (راجع قصة جدعون) أسلوب مصر = أي كما كانوا في مصر مسخرين مستعبدين، ومنهوبين.
ولنلاحظ أن هذا ما حدث فعلاً. فقد نهب أشور أورشليم بوضع جزية عليهم دفعها حزقيا. ثم حاصروها. لكن قُتِل منهم 185.000 ثم مات ملكهم بيد أولاده كما قتل جدعون أمير المديانيين عند الصخرة بعد انتصاره. ويرفعها علي أسلوب مصر (آية 26) = كما رفع موسي عصاه وشق البحر ثم أغلقه علي المصريين فهلكوا هكذا سيهلك أشور. حمله يزول عن كتفك تنتهي سيطرتهم ويتحرر شعب الله. رمزاً للحرية بالفداء.
يتلف النير بسبب السمانة = تنتهي قوتهم فيتحرر الشعب وذلك بسبب كبريائهم (السمانة). وكلمة السمانة تعني أيضاً في العبرية "المسحة" ويكون المعني أن الله سيبيد أشور بسبب مواعيده لداود مسيحه.
آيات (28 - 32) قد جاء إلى عياث عبر بمجرون وضع في مخماش أمتعته. عبروا المعبر باتوا في جبع ارتعدت الرامة هربت جبعة شاول.اصهلي بصوتك يا بنت جليم اسمعي يا ليشة مسكينة هي عناثوث.هربت مدمينة احتمى سكان جيبيم.اليوم يقف في نوب يهز يده على جبل بنت صهيون أكمة أورشليم.
تنبئ هذه الآيات بمجيء أشور علي أورشليم عبر هذه المدن وحينما تأتي أخبار اجتياح أشور لهذه الأماكن يحدث ذعر في أورشليم فهذه خطة أشور للتخويف لتستسلم أورشليم. عيات = هي عاي وضع في مخماش أمتعته = ربما لصعوبة الطريق. جبعة شاول = هي قرية علي أكمة تجاه مخماس وكانت مسكناً لشاول اصهلي بصوتك = أي أندبي بصوتك. ونوب = مدينة للكهنة وقف عندها أشور.
آية (33) هوذا السيد رب الجنود يقضب الأغصان برعب و المرتفعو القامة يقطعون و المتشامخون ينخفضون.
يقضب الأغصان = شبه الله أشور بشجرة عاليه. ويقضب الأغصان معناها أنه عند اقتراب العدو من أورشليم يقيها الله بإهلاك هذه القوة التي أتت عليها وهكذا يهلك الله كل مقاوم له ولكنيسته.
آية (34) و يقطع غاب الوعر بالحديد و يسقط لبنان بقدير.
تعني تشتيت شمل الأشوريين وتمزيقهم في تلك الليلة الهائلة ليلة ال 185.000 ولكن بعد أن نفذ الرب خطته وأنكسر تشامخ الجميع.
الإصحاح الحادي عشر
نجد هنا تحول عجيب من الخلاص الزمني من أشور إلي الخلاص الأبدي بالمسيح. وكأن الخلاص الزمني رمز للخلاص الأبدي. والخلاص الأبدي يبدأ هنا علي الأرض في مملكة المسيح التي صار فيها الأسد (الإنسان المتوحش أخلاقاً) يأكل تبناً (تصرفاته هادئة). ونري أن السلام في مملكة حزقيا هو رمز للسلام في مملكة السيد المسيح. ورجوع كثيرين من الأسباط العشرة لحكم حزقيا بعد فناء إسرائيل رمز لرجوع الأمم.
آيات (1-5) و يخرج قضيب من جذع يسى و ينبت غصن من أصوله.و يحل عليه روح الرب روح الحكمة و الفهم روح المشورة و القوة روح المعرفة و مخافة الرب. و لذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه و لا يحكم بحسب سمع أذنيه. بل يقضي بالعدل للمساكين و يحكم بالإنصاف لبائسي الأرض و يضرب الأرض بقضيب فمه و يميت المنافق بنفخة شفتيه. و يكون البر منطقة متنيه و الأمانة منطقة حقويه.
كعادة إشعياء نجده بعد أن تكلم عن التهديدات ضد شعبه نجد أنه في (10 : 33، 34) انتقل إلي خراب أشور ويوضح هنا أن هذا رمزاً لعمل الله الخلاصى وظهور ربنا يسوع المسيح. نجده ينهي الإصحاح العاشر بقطع أغصان الأشرار ويبدأ هنا في ص (11) بخروج قضيب من جذع يسي أي أبن لداود. وهذه الآيات واضح أنها علي السيد المسيح ولكن اليهود يطبقونها علي حزقيا مع أنه ولد قبل نطق إشعياء بها.
من جذع يسي = نسبة السيد المسيح هنا إلي يسي وليس لداود الملك تشير لإتضاعه. والسيد المسيح بإتضاعه سحق تشامخ الأعداء وكبريائهم الذي صوره في (10 :33) بغصون مرتفعه ويحل عليه روح الرب = فهو قد حبل به من الروح القدس وحل عليه الروح في المعمودية لحسابنا. وحلول الروح القدس علي السيد المسيح يختلف عن حلوله فينا، فهو علي السيد المسيح حلول أقنومي، أما لنا فهو نعمة بقدر ما تحتمل طبيعتنا. السيد المسيح حل فيه كل الملء ومن ملئه ننال نحن نعمة فوق نعمة (كو 1: 19 + 9:2 + يو 16:1) وحلول الروح القدس علي المسيح كان لحسابنا ليحل علي البشر (جسد المسيح نحن) بعد ذلك وصفات الروح المذكورة هنا سبع، روح الرب روح الحكمة.. فرقم 7 رقم كامل يشير لعمل الروح القدس الكامل في الكنيسة، لذلك قيل في (رؤ 4:1) سبعة أرواح الله بنفس المفهوم. روح الله القدوس يعطينا حكمة وفهم لنفهم أسرار الله. وهو يشير علينا ويرشدنا للحق وهو يعطينا قوة جبارة تعتقنا من ناموس الخطية والموت. ويعطينا معرفة بها نتذوق الحياة الروحية. لذته تكون في مخافة الرب = الناس لذتهم في إشباع شهواتهم أما هو فقال عن نفسه من منكم يبكتني علي خطية. هي ليست مخافة الرعب ولكن مخافة من لا يريد أن يجرح مشاعر أبيه، وهذا ما يعطيه لنا الروح القدس.
فلا يقضي بحسب نظر عينيه = أي لا ينخدع بالمظاهر فهو يعلم قلوب الناس وهو فاحص القلوب والكلي. ولا يحكم بحسب سمع أذنيه = هو يرفض الوشايات البشرية. يقضي بالعدل للمساكين = هو يهتم بالمساكين ودعاهم إخوته. وطوب المساكين بالروح. وكان محباً للعشارين والخطاة. ويضرب الأرض بقضيب فمه = فهو يخرج من فمه سيف ماضي ذو حدين (رؤ 1 : 16) به يحارب أعداءه (رؤ 2: 16) وقوله يضرب الأرض أي من صار في شهوانيته أرضاً. وهو يضرب ليحطم فينا الزمنيات حتى يرفعنا للسماويات. وكلمة الله هي سيف ذو حدين (عب 4 : 12) الحد الأول يلدنا من جديد (1بط 1 :23) والحد الثاني يدين لو لم نستجب للحد الأول وعاندنا (يو 12 : 48 + رؤ 2 :16).
ويميت المنافق = المنافق هو ضد المسيح، روح الظلمة الموجود في كل زمان ومكان بنفخة شفتيه = هي الروح القدس. لذلك فلا سبيل لمقاومة وإبطال حجج المقاومين للإيمان وخداعات ونفاق إبليس إلا بالروح القدس.
ويكون البر منطقة متنيه = كان الأغنياء يلبسون ويتزينون بمنطقة مزركشة مذهبة علامة الغني والعظمة والمسيح لبس منطقة البر إذ ظهر أنه قدوس بلا خطية. وكانوا يلبسون منطقة لتقوية الجسد كاستعداد للقيام بعمل ما. والمسيح كان ببره هو الوحيد البار القادر أن يموت ليقدم الخلاص لنا وتمنطق ليغسل أرجلنا.( أى يطهر كل من يقبله).
قضيب من جذع يسي = قضيب أي فرع. فعائلة داود والتي قطعت بموت صدقيا أيام سبي بابل مشبهة بشجرة قطعت أغصانها ولكن بعد فترة طويلة يخرج من هذه الشجرة غصن أخضر، هو المسيح أبن داود. وصدقيا كان أخر ملك من نسل داود، حتى ظهر المسيح أبن داود .
آيات (6-9) فيسكن الذئب مع الخروف و يربض النمر مع الجدي و العجل و الشبل و المسمن معا و صبي صغير يسوقها. و البقرة و الدبة ترعيان تربض أولادهما معا و الأسد كالبقر يأكل تبنا.و يلعب الرضيع على سرب الصل و يمد الفطيم يده على حجر الأفعوان لا يسوؤون و لا يفسدون في كل جبل قدسي لان الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر.
الوحوش الضواري إشارة للأشرار فبولس الرسول يقول "حاربت وحوشاً في أفسس" ويقول معلمنا بطرس " خصمكم إبليس كأسد زائر" (من زئير) والسيد المسيح يقول "أرسلتكم وسط ذئاب". والعكس فالحيوانات الهادئة تشير لشعب المسيح فالسيد المسيح يقول "لا تخف آيةا القطيع الصغير" وأيضاً "كونوا حكماء كالحيات ودعاء كالحمام". وبعد المسيحية تحولت طبيعة البشر فسكان روما المتوحشين الذين كانوا يفرحون بمنظر الدماء في ساحات الملاعب تحولوا إلي مسيحيين ودعاء. بل أن هذه الآيات تحققت بالفعل مع بعض القديسين كالأنبا برسوم العريان وغيره. يأكل الأسد تبناً = أي يفقد طبعه الوحشي. صبي صغير يسوقها = إشارة للقيادات التي تتحلي بالبساطة ولا تعرف حب السيطرة. تربض أولادهما معاً. البقرة والدبة = البقر يشير لليهود الذين هم من قطيع الله تحت نير والبقر حيوان طاهر والدب يشير للأمم في وحشيتهم قبل الإيمان. لكن الكل سيصير واحداً تحت رآية السيد المسيح، وأولاد اليهود وأولاد الأمم لن يكون بينهما أي شقاق بل مصالحة حلوة. ونلاحظ أنه في بدآية الكنيسة كان المسيحيين من أصل يهودي لا يتقبلون الأمم والعكس صحيح، أما أولاد هؤلاء وأولئك لم تكن بينهم هذه الحساسيات وصاروا كنيسة واحدة. يلعب الرضيع علي سرب الصل= لا يعود الرضيع ينزعج لأنه قد بطل سم الصل. فالمسيح غير الطبيعية البشرية الشرسة لا يسوؤن في جبل قدسى = الكنيسة هي جبل قدس الله، هو طهرها والكل يعيشون في سلام. الأرض تمتلئ من معرفة الرب = ليست المعرفة الفلسفية بل معرفة روحية إختبارية. كما تعطي المياه البحر = نبوة عن إمتداد الكرازة وعمل الروح القدس.
آية (10) يكون في ذلك اليوم أن أصل يسى القائم رآية للشعوب إياه تطلب الأمم و يكون محله مجدا.
رآية للشعوب = أقتبس بولس الرسول هذه الآية عندما تحدث عن تمجيد الأمم لله من أجل رحمته عليهم
(رو 12،6:15) ولقد صار السيد نفسه رآية حينما علق علي الصليب باسطاً يديه ليضم العالم كله في أحضانه. وستجتمع حوله كل الشعوب ويكون في وسطهم. فحينما توجد رآية يكون الملك أو الرئيس موجوداً. ووجود الملك يعني حمآية من يلجأ تحت رايته. لذلك طلبه الأمم كما طلبه اليونانيون (يو 12) وكرنيليوس. ويكون محله مجداً = في الترجمة اليسوعية أتت هذه الآية ويكون مثواه مجداً. فلقد صار قبر المسيح مقدساً للمؤمنين، فيه يرون قبراً فارغاً دليل القيامة.
آية (11) و يكون في ذلك اليوم أن السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه التي بقيت من أشور و من مصر و من فتروس و من كوش و من عيلام و من شنعار و من حماة و من جزائر البحر.
ويكون في ذلك اليوم = أي العصر الإنجيلي. أن أقتني البقية = بعد أن أنقذ الله شعبه من عبودية فرعون، ثم ذهبوا إلي سبي بابل، فالله سيعيدهم من سبي بابل. ولكن الآية تفهم أيضاً أن هناك بقية ستؤمن بالمسيح وسيخلصها الله من استعباد الشيطان الفعلي بالصليب، ويكون الخلاص من فرعون أو بابل هو الرمز للخلاص الحقيقي. وهذا حدث يوم العنصرة ثم من خلال كرازة الرسل ثم عبر الكنيسة، ثم سيحدث أيضاً بإيمان اليهود في نهآية الأيام. وفتروس هي مصر العليا وكوش هي الحبشة وعيلام هي الفرس أو إيران وشنعار هي بابل (كل ذلك رمز للأمم التي ستدخل للمسيحية).
آية (12) و يرفع رآية للأمم و يجمع منفيي إسرائيل و يضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض.
الكنيسة ستضم الجميع الأمم مع اليهود الذين في الشتات.
آية (13) فيزول حسد افرايم و ينقرض المضايقون من يهوذا افرايم لا يحسد يهوذا و يهوذا لا يضايق افرايم.
أفرا يم ويهوذا في سلام إشارة للكنيسة التي تحيا في سلام.
آية (14) و ينقضان على أكتاف الفلسطينيين غربا و ينهبون بني المشرق معا يكون على أدوم و مواب امتداد يدهما و بنو عمون في طاعتهما.
الله لا يعادي الفلسطينيين ولا الموآبيين ولا غيرهم بدليل آية (11) ولكن هؤلاء الأمم في عبادتهم للشيطان هم يرمزون للشياطين. والله يعطي لأولاده سلطاناً علي الحيات والعقارب أي الشياطين أن يدوسوهم.
آية (15) و يبيد الرب لسان بحر مصر و يهز يده على النهر بقوة ريحه و يضربه إلى سبع سواق و يجيز فيها بالأحذية.
درس عبور الشعب للبحر الأحمر وشقه وشق نهر الأردن معناه هنا أن الرب يزيل كل العقبات. والنهر المقصود هنا هو نهر الفرات (قارن مع رؤ 16 : 12). والآية تشير أن الله سيجفف كل مقاومة في قلوب الأمم لينفتح الطريق للملكوت المسيانى وفيها إشارة لعودة اليهود من سبي بابل عبر نهر الفرات. وتجفيف نهر الفرات (رؤ 16 :12) + هذه الآية قد تحدث حقيقة وقد يكون رمزاً كما ذكرنا.
آية (16) و تكون سكة لبقية شعبه التي بقيت من أشور كما كان لإسرائيل يوم صعوده من ارض مصر.
وبعد هذا (في نهآية الأيام) يعود بقية شعبه للإيمان.
الإصحاح الثاني عشر
هنا تسبحة من فداه المسيح بدمه وآية (2) ترددها الكنيسة في تسبحة البصخة ليلة ويوم الجمعة العظيمة "قوتي وتسبحتي هو الرب وقد صار لي خلاصاً مقدساً" وكما سبح اليهود وموسي بعد خروجهم من مصر، هكذا هذا الإصحاح تسبحة بعد أخبار الخلاص، فقد رأينا ميلاد الرب من عذراء ومجيئه كنور، رأيناه طفلاً مولوداً ورأيناه ملكا علي شعبه وإلهاً قديراً ورئيس للسلام ومنتقما من أعدائه، حل عليه روح الرب لحسابنا. بعد كل هذا يحق لنا أن نسبح والتسابيح هي لغة المتحررين، والفرح هو الثمرة الأولي للخلاص والحرية.
آية (1) و تقول في ذلك اليوم أحمدك يا رب لأنه إذ غضبت علي ارتد غضبك فتعزيني.
ذلك اليوم = يوم الخلاص. وتقول = يقولها بالمفرد فالشعب جسد واحد وروح واحد. غضبت عليَ = الله يغضب علي الخطية. وارتد غضبك = غضب الله ارتد بالفداء. فتعزيني = غضب الله تحول إلي تعزية بحلول الروح المعزي.
آية (2) هوذا الله خلاصي فاطمئن و لا ارتعب لان ياه يهوه قوتي و ترنيمتي و قد صار لي خلاصا.
الله خلاصي = لم يقل مخلصي. فالمخلص يخلص مرة واحدة ولكن قوله خلاص تعني أن عمله مستمر بوجود الله معنا. ياه يهوه = اسمان للجلالة بمعني واحد والتكرار يشير لله السرمدي الذي لا يتغير. وياه تصغير يهوه وتستعمل في الشعر. وترديد أسم الله يكسبنا قوة ويعطينا حمآية، قارن مع قول السيد المسيح إحفظهم في إسمك (يو 11:17).
آية (3) فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص.
المسيح هو الصخرة التي تفجر منها الماء. والماء هو الروح القدس.
آية (4) و تقولون في ذلك اليوم احمدوا الرب ادعوا باسمه عرفوا بين الشعوب بأفعاله ذكروا بان اسمه قد تعالى.
عرفوا = من عرف عمل المسيح الفدائي يكرز ويبشر به ويشهد له.
آية (5،6) رنموا للرب لأنه قد صنع مفتخرا ليكن هذا معروفا في كل الأرض.صوتي و اهتفي يا ساكنة صهيون لان قدوس إسرائيل عظيم في وسطك.
حلول الله وسط شعبه سبب فرح وترنيم وتسبيح لهم.
الإصحاح الثالث عشر
هذا الإصحاح بداءة قسم آخر من نبوءات إشعياء يمتد من ص (13 حتي ص 23) وموضوعه الويلات علي الأمم التي ضايقت اليهود، فالله يملك علي الجميع وقد يسمع، بل هم سمعوا، هؤلاء الأمم هذه النبوات فيقدمون توبة. وأول نبوة في هذا الإصحاح وما يليه (13 : 1- 23:14) تتكلم عن بابل. وكتبت هذه النبوة سنة 739 أي قبل 133 سنة من نشأة أو قيام بابل كدولة كبيرة في التاريخ، إذ أن بابل قامت سنة 606 ق. م. وخربت سنة 538 بل أن هذا الإصحاح يتحدث عن الدولة التي ستخربها وهي مادي. ومعروف أن تحالف مادي وفارس هو الذي أسقطها سنة 538 ق.م. ولم تكن مادي سوي أمة بربرية وقتئذ، ولم تظهر كدولة إلا بعد النبوة بحوالي 100 سنة ونلاحظ أن الله يتكلم عن حمايته لشعبه من أمة لم تقم بعد فالله يحمي أولاده من الأعداء الخفيين والظاهرين، الحاليين والمستقبليين، ممن نعرفهم وممن لا نعرفهم. ولقد تحدث النبي قبل هذا الإصحاح عن مجيء السيد المسيح وخلاصه ولكن قبل مجيئه ستقوم بابل ثم تنتهي كدولة. وهذا موضوع هذا الإصحاح وبابل في الكتاب المقدس رمز لمملكة الشيطان فشعب بابل تحدوا الله وتكبروا عليه وعبدوا الأوثان ولكن الله أستخدمهم كأداة تأديب ضد شعبه. وقبل مجيء السيد المسيح الثاني ستقوم دولة الدجال (بابل الرمزية) ليبيدها المسيح بنفخة فمه كما ستباد بابل الأولي قبل مجيء المسيح الأول (هذا الإصحاح والإصحاح التالي 14). ولأن بابل رمز لمملكة الشر علينا أن نهرب من بابل أي مملكة الشر حتى لا يأتي علينا من ضرباتها.
آية (1، 2) وحي من جهة بابل رآه اشعياء بن أموص.أقيموا رآية على جبل اقرع ارفعوا صوتا إليهم أشيروا باليد ليدخلوا أبواب العتاة.
وحي = تترجم ثقل أو حمل. لصعوبة ما في هذه النبوة من آلام ومرارة تحل بالأمم. وقوله رآه = هو لم يسمع به فقط بل رآه، هذا تأكيد لوقوعه. أقيموا رآية = ليراها كل أحد. هو نداء لرؤساء الأمم ليزحفوا إلي بابل. جبل أقرع = أي لا يستره شيء من الشجر حتى يري كل واحد الرآية المرفوعة.
أرفعوا صوتاً إليهم = بالأبواق نادوا علي مادي وفارس. العتاة = البابليين.
آية (3) أنا أوصيت مقدسي و دعوت أبطالي لأجل غضبي مفتخري عظمتي.
مقدسى = المقدس هو المفرز لعمل ما. إذا الله هو الذي اختار كورش لإجراء غضبه علي بابل. ونحن مقدس الله مدعوون لقتال إبليس ومملكته لتتقدس أعماقنا وبهذا نصير أبطال لله.
مفتخري عظمتي = هم جنود كورش الذين يحققون مجد اسم الله العظيم. وتترجم أيضاً هؤلاء المفتخرين بعظمتي أو المبتهجين بعظمتي. فالله هو الذي أعطاهم هذه القوة. والله أعطي للمؤمنين قوة علي إبليس وجنوده وحيمنا ينتصرون علي حيله ومكايده يفرحون بعظمة الله الذي أعطاهم هذه القوة.
آيات (5،4) صوت جمهور على الجبال شبه قوم كثيرين صوت ضجيج ممالك أمم مجتمعة رب الجنود يعرض جيش الحرب. يأتون من ارض بعيدة من أقصى السماوات الرب و أدوات سخطه ليخرب كل الأرض.
كل هذا الجمهور أتي به الرب ويستعرضه بل أتي معهم = الرب وأدوات سخطه. فأدوات سخطه هم جنود مادي وفارس. ومادي وفارس أخر البلاد المعروفة لذلك قال = من أقصي السموات. ولأنهم جمهور كثير يذكر هنا ضجيجهم. وضجيج مادي وفارس مزعج جداً لبابل المحاصرة منهم. وهكذا تسبيح وصلوات المؤمنين في الكنيسة مرهبة جداً لإبليس وجنوده. صوت جمهور علي الجبال = إذا فهمناها علي مادي وفارس فهم علي الجبال يحيطون بابل وإذا فهمناها علي الكنيسة فهو شعب الله الذي يحيا في السماويات مرنما مهللا ليخرب كل الأرض = أي مملكة بابل. الله هنا يستعرض قواته التي أعدها.
آيات (6 ، 7) ولولوا لان يوم الرب قريب قادم كخراب من القادر على كل شيء. لذلك ترتخي كل الأيادي و يذوب كل قلب إنسان.
يوم الرب قريب = وكان هذا بعد النبوة بحوالي 200 سنة. ولولوا هذه لأهل بابل. ترتخي كل الأيدي = بعد الضربة. يذوب قلب كل إنسان = السبب هو عدم خوف الله فمن يخاف الله لا يخاف إنسان. "رأس الحكمة مخافة الله".
آيات (9،8) فيرتاعون تأخذهم أوجاع و مخاض يتلوون كوالدة يبهتون بعضهم إلى بعض وجوههم وجوه لهيب.هوذا يوم الرب قادم قاسيا بسخط و حمو غضب ليجعل الأرض خرابا و يبيد منها خطاتها.
يبهتون = كل واحد ينظر للآخر يطلب مشورته، ولا يجد عنده رأي أو حل فالكل في نفس الأتون. خطاتها = إذاً سبب سقوطهم هو خطاياهم. يتلوون كوالدة = فهم حاملين داخلهم ثمار شرورهم. وجوه لهيب = الخجل بسبب إنكسارهم الشديد، وربما انعكاس حمرة نيران المعركة علي وجوههم.
آية (10) فان نجوم السماوات و جبابرتها لا تبرز نورها تظلم الشمس عند طلوعها و القمر لا يلمع بضوئه.
جبابرتها = مجموعة نجوم في السماء تسمي الجبار. وهذه الأقوال قد تكون مجازية كمن يقول "الأرض بتلف بيَ" إشارة لإحساسه هو بالدوار فهؤلاء في ظلام تام كأنهم بلا سماء ولا شمس ولا قمر ولا نجوم، هم فقدوا الرؤية، هم في ظلمة الجهل بسبب مقاومتهم لله، لا يرون شمس البر (المسيح) ولا القديسين (الكواكب) ولا يتمتعون بالحياة الكنسية في الكنيسة (القمر.) ودينونه بابل هذه رمزاً لدينونة اليوم الأخير (مت 24 : 29).
آية (11) و أعاقب المسكونة على شرها و المنافقين على أثمهم و أبطل تعظم المستكبرين و أضع تجبر العتاة.
أعاقب المسكونة = أي أعاقب بابل. فبابل كانت تحكم المسكونة وقتها، ولكن هذه تشير لدينونة اليوم الأخير حيت تكون بابل الأخيرة أي دولة الشر تحكم المسكونة كلها.
آيات (12، 13) و اجعل الرجل اعز من الذهب الإبريز والإنسان اعز من ذهب أوفير لذلك أزلزل السماوات
و تتزعزع الأرض من مكانها في سخط رب الجنود و في يوم حمو غضبه.
بابل إستقدمت ألاف من البشر لبنائها وبناء أسوارها الرهيبة وكانت تموج بالبشر من شعبها أو من المسبيين. ولكن في يوم العقاب يقل الرجال من الضربات في الحروب حتى يصيروا أعز من الذهب الإبريز = أي الخالص، بعد أن كانوا كثيرين وبلا ثمن. أوفير = جنوب بلاد العرب علي المحيط الهندي.
آيات (14 - 16) و يكونون كظبي طريد و كغنم بلا من يجمعها يلتفتون كل واحد إلى شعبه و يهربون كل واحد إلى أرضه. كل من وجد يطعن و كل من إنحاش يسقط بالسيف. و تحطم أطفالهم أمام عيونهم و تنهب بيوتهم و تفضح نسائهم.
كل واحد إلي شعبه = لأن جيش بابل كان مكون من كل الشعوب، ولم يكن قلبهم علي بابل، فحينما جاءت الضربة تركوها وهربوا. وتأمل فالضربات للجميع حتى الأولاد والنساء. وهكذا عقاب الخطية ونتائجها المرة.
آية (17) هاأنذا أهيج عليهم الماديين الذين لا يعتدون بالفضة و لا يسرون بالذهب.
الماديين = هنا نبوة واضحة بالشعب الذي يكسر بابل أي مادي وفارس ولكن اشتهرت الدولة بعد ذلك باسم فارس ولم يكونوا مهتمين بالذهب والفضة بل هم في وحشيتهم حطموا بابل في قسوة، هكذا ستدان بابل في نهآية الأيام. وَوُجِد في كتابة لكورش لجنوده "أنا أعرف أنكم ما جئتم للحرب رغبة في الفضة" إلا أن كورش نفسه كان رقيقاً وإنساناً مهذبا.
آية (18) فتحطم القسي الفتيان و لا يرحمون ثمرة البطن لا تشفق عيونهم على الأولاد.
اشتهر الفرس بحرب القسي والقوس. والقسي هي السهام التي تستخدم في القوس.
آية (19) و تصير بابل بهاء الممالك و زينة فخر الكلدانيين كتقليب الله سدوم و عمورة.
بابل بهاء الممالك = هي كذلك لقِدَمِها وعلومها وغناها وتجارتها ومبانيها. الكلدانيين = إسم قبيلة من مملكة بابل منها خرج الكهنة ورجال الدين والسحرة ثم أطلق أسم الكلدانيين علي كل بابل، كما أطلق أسم الفراعنة علي كل مصر.
آية (20) لا تعمر إلى الأبد و لا تسكن إلى دور فدور و لا يخيم هناك إعرابي و لا يربض هناك رعاة.
لا تعمر إلي الأبد = اندثرت كل أثارها وكان ملوك الفرس يمارسون الصيد في خرائبها. ولا تسكن = خربت كل أراضيها الزراعية. ولا يخيم هناك إعرابي = توهم العرب أن الجن يسكن في خرائبها فكانوا لا يبيتون فيها. والنفس الخربة يسكن داخلها الشياطين المتوحشة والبوم (اليأس) والنجاسة والتشاؤم وصوت البوم (أي لا فرح).
آيات (21، 22) بل تربض هناك وحوش القفر و يملا البوم بيوتهم و تسكن هناك بنات النعام و ترقص هناك معز الوحش. و تصيح بنات أوى في قصورهم و الذئاب في هياكل التنعم و وقتها قريب المجيء و أيامها لا تطول.
هذا رمز لسكني الشيطان. ولكن هذا ما حدث فعلاً فهياكل أوثانها سكنتها الوحوش (لاحظ نتائج الخطية ) وأن وراء المنظر البهي في أرض الخطية خراب وبوم. بابل هي رمز لكل نفس متكبرة عاصية (رؤ 18 :10).
الإصحاح الرابع عشر
نجد هنا الفرحة بسقوط ملك بابل الذي أعطاه الله الغني والمجد فأساء استعمالهما وهكذا الشيطان ولأن ملك بابل يرمز للشيطان في :-
1-إساءة استعمال الغني والمجد والجمال.
2-ميل كلاهما للتخريب فبينما يبني الملوك المدن يخرب ملك بابل المدن والشيطان يفرح بخراب الإنسان لذلك يقوده للخطية والخطية تخرب.
3- الكبرياء ولذلك سقط كليهما.
ولأن ملك بابل يرمز للشيطان نري هنا في هذا الإصحاح آيات صريحة علي الشيطان وسقوطه قيلت خلال الآيات التي تتكلم عن سقوط ملك بابل.
آية (1) لأن الرب سيرحم يعقوب و يختار أيضا إسرائيل و يريحهم في أرضهم فتقترن بهم الغرباء و ينضمون إلى بيت يعقوب.
الرب يبيد بابل ليخلص شعبه ويحرره من العبودية. ويريحهم في أرضهم = هم خسروا أرضهم بسبب الخطية وبتوبتهم يعيدها الله ثانية لهم، بل دخل معهم الغرباء = الأمم. هنا نري الكنيسة التي تجمع اليهود والأمم بعد كسر إبليس عدوها.
آية (2) و يأخذهم شعوب و يأتون بهم إلى موضعهم و يمتلكهم بيت إسرائيل في ارض الرب عبيدا و إماء و يسبون الذين سبوهم و يتسلطون على ظالميهم.
ويأخذهم شعوب = الأمم ستساعدهم في الرجوع إلي وطنهم. ويمتلكهم بيت إسرائيل = الكنيسة سترتفع علي أعدائها. ومن سبق واستعبدوها. ستستعبدهم هي. صار سلطان لبني الملكوت بعد أن كانوا مسببين لمملكة الظلمة.
ويسبون الذين سبوهم = قيل أن السيد المسيح سبي سبياً بقيامته والكنيسة تسبي الذين سبوها أي يدخلون الإيمان وتاريخياً فكورش سخر البابليين لخدمة اليهود.
آيات (3- 8) و يكون في يوم يريحك الرب من تعبك و من انزعاجك و من العبودية القاسية التي استعبدت بها. انك تنطق بهذا الهجو على ملك بابل و تقول كيف باد الظالم بادت المتغطرسة. قد كسر الرب عصا الأشرار قضيب المتسلطين. الضارب الشعوب بسخط ضربة بلا فتور المتسلط بغضب على الأمم باضطهاد بلا إمساك. استراحت اطمأنت كل الأرض هتفوا ترنما. حتى السرو يفرح عليك و أرز لبنان قائلا منذ اضطجعت لم يصعد علينا قاطع.
التسبيح نتيجة الخلاص. فهناك يصف عتو ملك بابل وسقوطه وافتخارهم عليه وفرحهم بسقوطه. لأن ملك بابل كان ثقلاً رهيباً لم ينج أحد من بطشه. وبسقوطه تفرح كل الأرض، حتى الأشجار استراحت فكان ملوك بابل يقطعونها أما ملوك فارس فلم يعتادوا ذلك. والسرو، والأرز إشارة لفرح باقي الملوك بسقوط ملك بابل الطاغية وهي فرحة شعب الله بسقوط الشيطان. ونلاحظ أن قطع ملك بابل للأشجار إشارة لحبه في الأذية.
الضارب الشعوب بسخط = هو يضرب الآن تطبيقاً لقول عوبديا النبي آية (15) ما فعلته يفل بك، عملك يرتد علي رأسك.
آيات (9- 16)الهاوية من أسفل مهتزة لك لاستقبال قدومك منهضة لك الأخيلة جميع عظماء الأرض أقامت كل ملوك الأمم عن كراسيهم. كلهم يجيبون و يقولون لك أنت أيضا قد ضعفت نظيرنا و صرت مثلنا. اهبط إلى الهاوية فخرك رنة أعوادك تحتك تفرش الرمة و غطاؤك الدود. كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم. و أنت قلت في قلبك اصعد إلى السماوات ارفع كرسيي فوق كواكب الله و اجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. اصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلي. لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب. الذين يرونك يتطلعون إليك يتأملون فيك أهذا هو الرجل الذي زلزل الأرض
وزعزع الممالك.
ما الملائكة الأشرار إلا ولاة هذا العالم، عالم هذا الظلام (أف 12:6) وقد يسيطرون علي قلوب بعض الحكام ليتصرفوا ضد مشيئة الله. وملك بابل كما قلنا يرمز للشيطان لذلك يتداخل الكلام عن الشيطان وملك بابل في هذه الآيات، وفيها نري الهاوية تقوم مهتزة لإستقبال ملك بابل (إشارة لموته وهلاكه، والهاوية ستكون نصيب إبليس أيضاً) والأخيلة = الأموات وهنا نري دليل علي أن الأموات لا يتلاشون بعد الموت، بل يعرفون بعضهم (كما عرف الغني لعازر وعرف إبراهيم). وتبدو في هذه الآيات صورة السخرية من ملك بابل (أو إبليس) لأنه أصبح مثلهم أسير الهاوية للأبد. بلا قوة بلا سلطان... فأين هي قوته التي كان يرعب بها الناس ؟!! ويتضح أيضاً من هذه الآيات أن الأموات يشعرون بحالتهم. رنة أعوادك = صوت الآلات الوترية التي طالما تغني بها، أي أين صوت أفراحك وأفراح إنتصاراتك السابقة. زهرة بنت الصبح = كوكب الصبح الجميل وهذا لا ينطبق علي إنسان بل هو جمال الكاروب (إبليس) الذي أسقطه كبرياؤه. "قبل السقوط تشامخ الروح " وكل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع" وهكذا سيكون ضد المسيح (2تي 2 : 3،4) فهو سيدعي أنه إله. وهذا المتكبر هنا يريد أن يصبح مثل العلي. أما المسيح فجاء قائلاً تعلموا مني فإني وديع ومتواضع (مت 11: 28).
آية (17) الذى جعل العالم كقفر وهدم مدنه الذى لم يطلق أسراه إلى بيوتهم.
آية (17) الذي لم يطلق أسراه = ملك بابل لم يطلق يهوياكين ملك يهوذا، بل ظل في السجن 36 سنة وشعب اليهود أقام 70 سنة في السبي.
آيات (18،19) كل ملوك الأمم باجمعهم اضطجعوا بالكرامة كل واحد في بيته. و أما أنت فقد طرحت من قبرك كغصن أشنع كلباس القتلى المضروبين بالسيف الهابطين إلى حجارة الجب كجثة مدوسة.
الملوك يدفنون بكرامة (الأهرامات كمثال). وأما أنت = إشارة لبيلشاصر أخر ملوك بابل الذي قتله كورش ليلة فتح فارس لبابل، فهو قُتِل ولم ينشغل أحد بجثته وسط الخراب الذي حل بالمدينة. بل حتى الملوك الذين هزمتهم يا ملك بابل دفنهم شعبهم بكرامة وحنطوا أجسادهم. غصن أشنع = غصن متعفن. كلباس القتلى = ماذا يصنع بلباس قتيل ضرب بسيف سوي أن يلقي بإهمال.
آية (20) لا تتحد بهم في القبر لأنك أخربت أرضك قتلت شعبك لا يسمى إلى الأبد نسل فاعلي الشر.
آية (20) أخربت أرضك = بالظلم والإسراف علي شهواتهم فجلبوا علي أنفسهم دينونة الله. لا يسمي للأبد = ينقطع نسله من علي كرسيه.
آية (21)هيئوا لبنيه قتلا بإثم أبائهم فلا يقوموا و لا يرثوا الأرض و لا يملأوا وجه العالم مدنا.
قتل ملك فارس بنيه (أولاد ملك بابل) حتى لا يقوموا بثورة ضده، ولا يملئوا وجه العالم مدناً = اشتهرت بابل ببناء المدن.
آيات (22، 23) فأقوم عليهم يقول رب الجنود و اقطع من بابل اسما و بقية و نسلا و ذرية يقول الرب.و اجعلها ميراثا للقنفذ و آجام مياه و اكنسها بمكنسة الهلاك يقول رب الجنود.
ذكر أسم الرب 3 مرات هنا لأن الأمر مقرر من الرب. آجام مياه = برك وحل طينية (إشارة لشناعة الخطية).
آيات (24 – 27) قد حلف رب الجنود قائلا انه كما قصدت يصير و كما نويت يثبت.أن احطم اشور في ارضي و أدوسه على جبالي فيزول عنهم نيره و يزول عن كتفهم حمله.هذا هو القضاء المقضي به على كل الأرض و هذه هي اليد الممدودة على كل الأمم.فان رب الجنود قد قضى فمن يبطل و يده هي الممدودة فمن يردها.
هذه النبوة عن أشور. وقد ذكرت هنا لأن خراب بابل بعيد جداً. فبابل لم تكن قد قامت بعد. فإذا خربت أشور الذي كان خرابها قريبا كان ذلك برهاناً علي صدق النبوة بخراب بابل (التي ستخرب بعد 200 سنة).
آيات (28 – 32) في سنة وفاة الملك أحاز كان هذا الوحي. لا تفرحي يا جميع فلسطين لان القضيب الضاربك انكسر فانه من أصل الحية يخرج أفعوان و ثمرته تكون ثعبانا مسما طيارا. و ترعى أبكار المساكين و يربض البائسون بالأمان و أميت أصلك بالجوع فيقتل بقيتك. ولول آيةا الباب اصرخي أيتها المدينة قد ذاب جميعك يا فلسطين لأنه من الشمال يأتي دخان و ليس شاذ في جيوشه. فبماذا يجاب رسل الأمم أن الرب أسس صهيون و بها يحتمي بائسو شعبه
هي وحي من جهة فلسطين.
أيات (28 – 29) كان الملك عزيا قد ضرب الفلسطينين ضربات مؤثرة ثقيلة ولكنهم أخذوا بالثأر أيام أحاز ففرحوا. ثم غزا بلادهم تغلث فلاسر ملك أشور وإذ مات تغلث فلاسر فرح الفلسطينيون بموته إذ ظنوا أنهم تخلصوا من عبوديتهم لأشور ولكن النبي هنا يقول لهم، أنه وإن مات تغلث فلاسر (الحية) يأتي من نسله أي أبنه (أفعواناً) أشر منه. ونبوة إشعياء بخراب فلسطين كما كانت نبوته بخراب أشور (آيات 24 – 27) وكلاهما سيحدث قريباً دليلاً علي صدق نبوته بخراب بابل وقد يكون في هذه الأيات تحذيراً ليهوذا من الانضمام لفلسطين في ثورتهم ضد أشور إذ مات ملك أشور تغلث فلاسر.
يا جميع فلسطين = لأن فلسطين كانت مكونة من إمارات مختلفة. القضيب الضاربك هو تفلث فلاسر ملك أشور الذي أستولي علي بعض مدنها وبعد موته جاء أولاده وهم أشد منه وأشر منه.
إلاأن بعض المفسرين فسر هذه الآيات أن القضيب الضارب هو عزيا وأن نسله الأشد منه هو حزقيا الذي سيضرب فلسطين ضربة قاتلة.
آية (30) و ترعى أبكار المساكين و يربض البائسون بالأمان و أميت أصلك بالجوع فيقتل بقيتك.
أبكار المساكين = أي الأشد فقراً بالإضافة للبائسين الذين هم مساكين شعب الرب وهؤلاء قام الفسلطينيين بأذيتهم وعقاب الفلسطينيين علي ذلك هو ضربهم بالجوع ثم سيف أشور الذي سيقتل البقية.
آية (31) ولول آيةا الباب اصرخي أيتها المدينة قد ذاب جميعك يا فلسطين لأنه من الشمال يأتي دخان و ليس شاذ في جيوشه.
دخان = حرائق المدن الفلسطينية. ليس شاذ = كل جيش أشور أقوياء.
آية (32) فبماذا يجاب رسل الأمم إن الرب أسس صهيون و بها يحتمي بائسو شعبه.
رسل الأمم = قد يكونون رسل من فلسطين أو أي أمه أخري تطلب إقامة حلف ضد أشور. ويجب الرد عليهم بأن الرب يحمي بائسي شعبه.
الإصحاح الخامس عشر
موآب هو بكر ابنة لوط لذلك تشير موآب لمن يدعون أنهم أبناء الله، أي الإدعاء المزيف بالتدين. وموآب شمال أدوم يحدها من الغرب البحر الميت ومن الشرق الصحراء الغربية في وادي الأردن. وتنقسم بلدهم إلي:
1) بلاد موآب
2) عربات موآب وهذه كانت في وادي الأردن مقابل أريحا ومنهم بلعام. وكان ملكهم بالاق في أثناء رجوع الشعب من مصر. واتسمت العلاقة بين مؤآب ويهوذا بالعداوة، فتحالف موآب مع أعداء يهوذا وإسرائيل ضدهم. ولقد تأثر اليهود بعبادتهم لكموش. وقد دمرها أسرحدون تدميراً شديداً فعلاً بعد 3 سنوات من هذه النبوة فتذللوا حتى أنهم قدموا هدايا ليهوذا. وكانت راعوث جدة داود موآبيه.
ونبوات اشعياء علي الأمم تشير لان الله هو رب الأرض كلها وتشير لخلاص شعب الله من أعدائه. الله ليس ضد شعب موآب بل خطايا موآب، وعبادتها للأوثان ( الشيطان).
آيات (1- 4) وحي من جهة موآب أنه في ليلة خربت عار مواب و هلكت انه في ليلة خربت قير مواب و هلكت. إلى البيت و ديبون يصعدون إلى المرتفعات للبكاء تولول مواب على نبو و على ميدبا في كل رأس منها قرعة كل لحية مجزوزة. في أزقتها يأتزرون بمسح على سطوحها و في ساحاتها يولول كل واحد منها سيالاً بالبكاء. و تصرخ حشبون و العالة يسمع صوتهما إلى ياهص لذلك يصرخ متسلحو موآب نفسها ترتعد فيها.
نري هنا خراب مدن موآب الكبرى. عار موآب = عار أسم مدينة وسميت أيضاً عروعير وتسمي اليوم ربة وصارت خراب بعد أن كانت أهم مدنهم. إلي البيت = أي بيت إلههم كموش. يصعدون إلي المرتفعات = يلجئون لألهتهم لينقذوهم من هذا الخراب. فكانت مذابح الآلهة تقام علي المرتفعات. في كل رأس قرعة = القرعة في الرأس واللحية المجزوزة والرأس المقصوص الشعر مستديراً هي علامات حزن. يأتزرون بمسح = علامة حزن (هذا مثل من يلبسون الأسود هذه الأيام ) هذا الحزن يصيب النفوس التي تترك الله. ديبون = الظاهر انه كان فيها هيكل لكموش أيضاً. علي سطوحها = كانوا يضعون آلهة للعبادة فوق السطوح.
آية (5) يصرخ قلبي من اجل مواب الهاربين منها إلى صوغر كعجلة ثلاثية لأنهم يصعدون في عقبة اللوحيث بالبكاء لأنهم في طريق حورونايم يرفعون صراخ الانكسار.
تظهر هنا مشاعر النبي الرقيقة وشفقته حتى علي الوثنيين أعداء شعبه بلا شماتة. هي مشاعر يجب أن يتحلي بها كل خادم تجاه من يخدمهم حتى لو كانت تصرفاتهم قاسية نحوه. وهكذا كان بولس الرسول مثلاً (رو 9 : 1-3) وصوغر = هي المدينة التي لجأ إليها لوط. كعجلة ثلاثية = أي عمرها 3 سنوات وهذه تكون قوية غير مروضة تظل تعدو إلي أن تخور. وهكذا الموآبيين في هروبهم لجأوا إلي يهوذا وأدوم( حورو نايم من مدن أدوم) عقبة اللو حيث = غير معروفة.
آية (6)لان مياه نمريم تصير خربة لان العشب يبس الكلأ فني الخضرة لا توجد.
مياه نمريم = طَمَ أعداء موآب عيون المياه. وهذه ضربة عظيمة للموأبيين لأن غناهم من مواشيهم لذلك دخلوا في مجاعة.
آية (7) لذلك الثروة التي اكتسبوها و ذخائرهم يحملونها إلى عبر وادي الصفصاف.
وادي الصفصاف = علي حدود أدوم وفي وقت الخوف يأخذون قدر ما يستطيعون أن يحملوا ويذهبوا به إلي أدوم.
آيات (8،9)لان الصراخ قد أحاط بتخوم مواب إلى اجلايم ولولتها و إلى بئر ايليم ولولتها.لان مياه ديمون تمتلئ دما لأني اجعل على ديمون زوائد على الناجين من مواب اسدا و على بقية الأرض.
أجلايم وبئر أيليم = جهة الجنوب ناحية أدوم. ديمون = هي ديبون. زوائد = الضربات ستكون بزيادة. أسداً = قد يكون إشارة لمخرب قوي قاسي. أو إشارة إلي وجود حيوانات متوحشة من قلة الناس. وهناك من قال انه إشارة للمسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا وأنه سيملك علي الأمم = علي الناجين من موآب وعلي بقية الأرض.
الإصحاح السادس عشر
آية (1)أرسلوا خرفان حاكم الأرض من سالع نحو البرية إلى جبل ابنة صهيون.
كان الموآبيون رعاة خرفان. وكانوا يدفعون الجزية ليهوذا من هذه الخرفان. وكانوا حينما يتمردون يمتنعون عن إرسالها. وهنا مشورة من النبي لهم بإرسال الجزية، فهم سيحتاجون ليهوذا في هروبهم. حاكم الأرض = هو ملك يهوذا. وسالع = هي مدينة أدومية تحت تسلط موأب.
آية (2) و يحدث انه كطائر تائه كفراخ منفرة تكون بنات مواب في معابر ارنون.
في هروبهم من موآب إلي يهوذا سيكونون. كطائر تائه. أرنون = علي حدود موآب الشمالية. وطالما سيهربون إلي يهوذا فعليهم من الآن أن يقدموا خرافهم لملك يهوذا. ونحن سنهرب إلي الله أو سنذهب إلي الله في نهآية أيامنا فلنقدم له أنفسنا كخراف مذبوحة (رو 12 :1) عوضاً عن كبريائنا (كما كانت موآب متكبرة آية 6). وهذا ما يعطينا سلام هنا وحياة أبدية.
آية (3) هاتي مشورة اصنعي إنصافا اجعلي ظلك كالليل في وسط الظهيرة استري المطرودين لا تظهري الهاربين.
علي يهوذا أن تحمي ولا تظهر الموأبيون الذين إحتموا بها.
آية (4) ليتغرب عندك مطرودو موآب كوني سترا لهم من وجه المخرب لأن الظالم يبيد و ينتهي الخراب و يفنى عن الأرض الدائسون.
أشور الظالمة ستبيد وتفني من علي وجه أرض موآب.
آية (5) فيثبت الكرسي بالرحمة و يجلس عليه بالأمانة في خيمة داود قاض و يطلب الحق و يبادر بالعدل.
سيثبت كرسي ملك يهوذا بالرحمة التي سيظهرها لموآب. ولكن طبيعة الكلمات تشير للمسيح الجالس علي كرسي يهوذا في خيمة داود أي الكنيسة جسده وهو يحكم علي يهوذا والأمم (موآب) ويحمي كل من يلتجئ إليه. وهو ملك علي قلوب شعبه وكنيسته برحمته التي ظهرت في صليبه.
آية (6) قد سمعنا بكبرياء مواب المتكبرة جدا عظمتها و كبريائها و صلفها بطل افتخارها.
نبوة بان موآب لن تقبل النصيحة فيخربون لكبريائهم. والنبي هنا يكشف سبب الجرح. والكبرياء يمنع صاحبه من سماع المشورة الصالحة. وفعلاً موأب لم تقبل النصيحة ولم ترسل الجزية.
آية (7) لذلك تولول مواب على مواب كلها يولول تئنون على أسس قير حارسة إنما هي مضروبة.
وبالتالي عليهم أن يولولوا لأن رجاءهم بيهوذا إنقطع. قير حارسة = هي قير موآب التي لم يبق منها غير أسسها التي يئنون عليها فبيوتها هدمت. تولول موآب علي موآب = لا يوجد سبب يشجع به أحد الآخرين بل الكل يولول.
آية (8)لان حقول حشبون ذبلت كرمة سبمة كسر أمراء الأمم أفضلها وصلت إلى يعزير تاهت في البرية امتدت أغصانها عبرت البحر.
كرمة سبمة = مشهورة بخمرها وكسرها الأشوريون المغرمون بتكسير كل شيء حتى لو لم يكن فيه فائدة لهم. وصلت إلي يعزير = مدينة شمالي سبمه علي بعد 15 ميلاً. وهذا يدل علي أتساع الكرم. تاهت في البرية = أي الكروم وصلت للبرية شرقاً.
آيات (9، 10) لذلك ابكي بكاء يعزير على كرمة سبمة أرويكما بدموعي يا حشبون و العالة لأنه على قطافك و على حصادك قد وقعت جلبة. و انتزع الفرح و الابتهاج من البستان و لا يغنى في الكروم و لا يترنم و لا يدوس دائس خمرا في المعاصر أبطلت الهتاف.
هنا نري النبي بمشاعره الرقيقة يبكي خراب موآب ومصائبها. جلبة = صوت قتال بدل الفرح. أبطلت الهتاف = هذا إذن عمل الرب نفسه.
آية (11) لذلك ترن أحشائى كعودٍ من أجل موآب وبطنى من أجل قير حارس.
هذه مشاعر النبى الذى مازال يئن.
آية (12) و يكون إذا ظهرت إذا تعبت مواب على المرتفعة و دخلت إلى مقدسها تصلي أنها لا تفوز.
حينما يدخلون لهياكل آلهتهم ويظهرون فيها لا ينجحون، لأن ليس أسم آخر تحت السماء أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص إلا إسم يسوع المسيح. ويخزي جميع المتكلين علي صنعة الأيدي أما طالبو الرب فلا يعوزهم شيء من الخيرات.
آيات (13، 14) هذا هو الكلام الذي كلم به الرب مواب منذ زمان. و الآن تكلم الرب قائلا في ثلاث سنين كسني الأجير يهان مجد مواب بكل الجمهور العظيم و تكون البقية قليلة صغيرة لا كبيرة
يظهر أن إشعياء يحدد هذا الخراب أنه سيأتي بعد نبوته هذه بمدة 3 سنوات. وهي كسني الأجير أي محسوبة بكل دقة لا يزاد عليها فإن الأجير يستثقل مهمته وخدمته ويطلب سرعة كمالها. وهذا الخراب الذي تنبأ عنه إشعياء كان بيد ملك أشور ولكن خراباً أشد كان ينتظرها علي يد ملك بابل تنبأ عنه أرميا (ص 48).
الإصحاح السابع عشر
هنا نجد نبوة على دمشق وإسرائيل لأنهما تحالفا معاً وكانا يداً واحدة ضد يهوذا. فشركاء الخطية صاروا شركاء الخراب. وسبب الخراب واضح في آية (10) "لأنك نسيت إله خلاصك". فالله يؤدب إسرائيل كما يؤدب موأب وكما يؤدب دمشق. فليس عند لله محاباة فالله يحاكم ويدين الكل سواء المؤمنين به أو غير المؤمنين به فهو إله الكل. والله يؤدب إسرائيل هنا لتحالفها مع دمشق ضد يهوذا متكلين علي فرعون لذلك سمح الله لملك أشور أن يؤدبهما. وقد خربت دمشق عدة مرات تاريخيا. مرتين علي يد أشور ثم الكلدانيين ثم الفرس ثم اليونان وهكذا تحقق الوحي.
آيات (1، 2) وحي من جهة دمشق هوذا دمشق تزال من بين المدن و تكون رجمة ردم.مدن عروعير متروكة تكون للقطعان فتربض و ليس من يخيف.
رجمة ردم = حدث هذا أيام تغلث فلاسر. عروعير = تم شرحها كما سبق. كانت هناك عدة مدن باسم عروعير. وعروعير هنا ليست التي في موآب. بل هي في جلعاد بالقرب من ربة عمون. ويشير إسم عروعير للمدن الخربة المهجور ة المتروكة للرعي بلا سكان.
آية (3) و يزول الحصن من افرايم و الملك من دمشق و بقية أرام فتصير كمجد بني إسرائيل يقول رب الجنود.
كما إقترن أسم إسرائيل ودمشق في الشر هكذا كما سيزول مجد هذه سيزول مجد تلك. وروحياً فالشرير يفقد مجده الداخلي. الحصن = أي المدن الحصينة ستفقد حصانتها. وهكذا الشرير سيفقد حمآية الله له.
آية (4) و يكون في ذلك اليوم أن مجد يعقوب يذل و سمانة لحمه تهزل.
سمانة لحمة تهزل = حينما تنقل أشور سكان إسرائيل إلي أشور بالإضافة للجوع والذل والوحوش. ولكن لاحظ أن هناك بقية وكل شرير يفقد قوته.
آيات (5،6) و يكون كجمع الحصادين الزرع و ذراعه تحصد السنابل و يكون كمن يلقط سنابل في وادي رفايم.و تبقى فيه خصاصة كنفض زيتونة حبتان أو ثلاث في رأس الفرع و أربع أو خمس في أفنان المثمرة يقول الرب اله إسرائيل.
الحبات القليلة المتبقية في الفروع إشارة للبقية التي يتولي الله دائماً إنقاذها. وادي رفايم = مشهور بزراعة الحبوب الخصبة وفيه ضرب داود الفلسطنينين ضربة عظيمة فصار الوادي مثلاً لسببين، حصاد الحبوب وكثرة القتلى الذين وقعوا فيه بالسيف كما تقع السنابل تحت أيدي الحصادين وتكون بقية لإسرائيل قليلة كالسنابل القليلة التي يلتقطها الفقراء وراء الحصادين. وتشير الآية لأن عدو إسرائيل سيستولي علي غلاتهم وثمارهم ويكونوا هم كفقراء لايتبقي لهم نصيب إلا كنصيب من يلتقط وراء الحصادين. وهكذا كل شرير يفقد بركاته ويكون بلا ثمار.
آية (7) في ذلك اليوم يلتفت الإنسان إلى صانعه و تنظر عيناه إلى قدوس إسرائيل.
نتيجة طيبة للتأديبيات الإلهية التي جرت علي إسرائيل.
آية (8) و لا يلتفت إلى المذابح صنعة يديه و لا ينظر إلى ما صنعته أصابعه السواري و الشمسات.
السواري = تماثيل خشبية لعشتاروت آلهة الفينيقيين، الشمسات = عبادة الشمس وهي عبادات فيها دعارة وفجور.
آية (9) في ذلك اليوم تصير مدنه الحصينة كالردم في الغاب و الشوامخ التي تركوها من وجه بني إسرائيل فصارت خرابا.
كما ترك الكنعانيون مدنهم خربة أمام بني إسرائيل هكذا سيترك بني إسرائيل مدنهم خربة أمام أعدائهم في هذه الضربة.
آيات (10 ، 11) لأنك نسيتي اله خلاصك و لم تذكري صخرة حصنك لذلك تغرسين أغراسا نزهة و تنصبين نصبة غريبة. يوم غرسك تسيجينها و في الصباح تجعلين زرعك يزهر و لكن يهرب الحصيد في يوم الضربة المهلكة و الكآبة العديمة الرجاء.
حينما نسيت الله ماذا فعلت غرست أغراساً نزهة ونصبت نصبة غريبة = أي أنواع عبادة غريبة وثنية علي المرتفعات. وفي (11) نجد أن كل هذا بلا فائدة.
آيات (12-14) آه ضجيج شعوب كثيرة تضج كضجيج البحر و هدير قبائل تهدر كهدير مياه غزيرة. قبائل تهدر كهدير مياه كثيرة و لكنه ينتهرها فتهرب بعيدا و تطرد كعصافة الجبال أمام الريح و كالجل أما الزوبعة. في وقت المساء إذا رعب قبل الصبح ليسوا هم. هذا نصيب ناهبينا و حظ سالبينا
نري هنا جزاء من يخرب شعب الله، هم أعداء أقوياء حقا وكهدير البحر ولكن إذ ينتهرهم الله يصيروا كعصافة في الهواء. ومن يختفي في الرب يصير عدوه القوي مهما كان جباراً كلا شيء. ضجيج = أمتاز الأشوريون بالضجيج وهذا فيه إشارة لكثرة عددهم. في وقت المساء = فقد مات 185.000 ليلاً قبل الصبح. كالجل = أي الأشياء الخفيفة كالعصافه. هذه الآيات تشير لاندحار أعداء شعب الله كأشور أو حرب في نهآية الأيام أو اندحار الشياطين.
الإصحاح الثامن عشر
هناك رأيان في هذا الإصحاح :-
الأول: أن كورش هي الحبشة كما هو معروف ويكون معني الإصحاح أن الأحباش وقد وصلهم أخبار غزو أشور أرسلوا ليسألوا يهوذا في أمر سنحاريب، وربما طلبوا عقد تحالف مع يهوذا ضد أشور، لأنه في هذا الوقت كان قادماً علي أورشليم فإذا دخلها لم يعد شيء يقف في سبيله ليدخل مصر وكوش.
الثاني :- أن المقصود ليس كوش الحبشة لأنه يقول التي في عبر أنهار كوش، وهناك مكان آخر يسمي كوش (تك 2 : 13) في منطقة العراق، فيكون المقصود أنها بلاد خارج حدود الحبشة والعراق. وهناك من فكر أنها بلاد قوية تدعم وجود إسرائيل مثل أمريكا وإنجلترا.. الخ ولنبدأ بالتفسير الأول:
آية (1) يا ارض حفيف الأجنحة التي في عبر انهار كوش.
سميت حفيف الأجنحة = لعظمة جيوشها وأساطيلها التي لها أشرعة تسمي أجنحة. وفي حزقيال (17) شبه ملك أشور بنسر عظيم ذو منكبين وهكذا شبه في (إش 8:8). ويكون المقصود بذلك السلطان الإمبراطوري الذي يبسط جناحية علي الحبشة والمناطق المحيطة بها (راجع 2مل 9:19) ترهاقة يحارب سنحاريب.
آية (2) المرسلة رسلا في البحر و في قوارب من البردي على وجه المياه اذهبوا آيةا الرسل السريعون إلى امة طويلة و جرداء إلى شعب مخوف منذ كان فصاعدا امة قوة و شدة و دوس قد خرقت الأنهار أرضها.
رسلاً = المرسلون من ملك الحبشة لأورشليم. في البحر = هو نهر النيل وسمي البحر لعظمته ( أش 19 :5). البردي = كانوا يستخدمونه لبناء قوارب سريعة لأنها خفيفة. أمة طويلة وجرداء. شعب مخوف = الشعب المخوف هو إسرائيل لأن إلهه مخوف يدافع عنه حتى والشعب صامت (خر 14 : 14) + ( خر 23 : 27 + 10:34+ تث 28: 10 + يش 2 :9). وهو كان شعب مخوف منذ نشأته إذ خرج من مصر بذراع رفيعة. وهم أمة طويلة = بدأت منذ إختار الله إبراهيم وتستمر لنهآية الأيام. وجرداء = بلا ثمر لرفضها المستمر لله خصوصاً حينما تعتمد علي يد آخرين وليس علي يد الله. قد خرقت الأنهار أرضها = إسرائيل بلا أنهار ولكنها قد تشير:-
1) للخيرات الكثيرة التي يفيض بها الله عليهم.
2) وقد تشير الأنهار لهجوم أشور عليها (راجع أش 17 : 12، 13)
آية (3) يا جميع سكان المسكونة و قاطني الأرض عندما ترتفع الرآية على الجبال تنظرون و عندما يضرب بالبوق تسمعون.
هنا الرد الذي ينبغي أن يحمله الرسل. وهو دعوة لكل المسكونة لينظر الناس ويسمعوا حين يعمل الله أعمالا
عجيبة في الأشوريين لخلاص شعبه.
آيات (4- 6)لأنه هكذا قال لي الرب إني اهدأ و انظر في مسكني كالحر الصافي على البقل كغيم الندى في حر الحصاد.فانه قبل الحصاد عند تمام الزهر و عندما يصير الزهر حصرما نضيجاً يقطع القضبان بالمناجل و ينزع الأفنان و يطرحها. تترك معا لجوارح الجبال و لوحوش الأرض فتصيف عليها الجوارح و تشتي عليها جميع وحوش الأرض.
الحر الصافي = كثيراً ما يبدو الله هادئاً ساكناً كأنه لا يعبأ بأمورنا، يترك ملك أشور حتى أسوار أورشليم، لكنه هو طويل الأناة. ويطمئننا أنه يهدأ وينظر = وفي الوقت المناسب يتدخل. ففي كل الأمور هناك وقت مناسب للحصاد. والله في كل الأمور حين يحتاج المحصول للحر يكون هو حر صافي وحين يحتاج لغيم الندي = يكون هو غيم الندي. وفي الوقت المحدد يحصد محصوله. والمحصول هنا هو خلاص شعبه وهلاك أعداء شعبه (أشور كرمز أو كمثال) والقضبان التي تقطع هي جيش أشور فتترك للطيور والوحوش.
آية (7) في ذلك اليوم تقدم هدية لرب الجنود من شعب طويل و اجرد و من شعب مخوف منذ كان فصاعدا من امة ذات قوة و شدة و دوس قد خرقت الأنهار أرضها إلى موضع اسم رب الجنود جبل صهيون.
قد تكون هذه الهدية هي إيمان أهل كوش في مستقبل الأيام حين يأتون إلي أورشليم الكنيسة ويتحدوا معها في الإيمان.
أما التفسير الثاني
قد تكون أرض حفيف الأجنحة هي أرض النسر التي هي أمريكا أو انجلترا صاحباً أكبر أساطيل بحرية وجوية في العالم، أو أي دول أخري تدعم وجود أو قيام إسرائيل. وهذه الأمم يبدو أنها ستقضي وقتاً طويلاً تدعم إسرائيل ثم تنقلب عليها. والأمة الطويلة الجرداء هي إسرائيل التي عاشت فترة طويلة وهي الآن بلا ثمر، جرداء، معتمدة علي غيرها (الدول العظمي التي تدعمها ) فملعون من اتكل علي ذراع بشر وهم معتمدون في قيامهم ليس علي الله بل علي دول قوية، هي كانت شعب مخوف حينما كانت معتمدة علي الله فوقع رعبهم علي الشعوب المجاورة. والآيات (1، 2) تشير لتدعيم الدول الغربية لإسرائيل والآيات (3- 6) الرآية هي تجمع اليهود لأرضهم، فيجتمع اليهود المشتتون لإسرائيل ولكن عودتهم تنتهي بآلام عظيمة لهم. وبعد هذه الآلام يكون إيمانهم بالمسيح وهذا هو المعبر عنه بالهدية التي يقدمونها لرب الجنود.
الإصحاح التاسع عشر
هذه نبوة بسقوط مصر ثم رجوعها لله. ولماذا تسقط ؟ بسبب كبريائها. فمصر تشير للمملكة المتعجرفة المتكبرة، مفتخرة ومتكبرة بنيلها وأرضها وخيراتها. هي عرفت الله لكنها استبدلت الخالق بالمخلوق (روا : 25) فبدلاً من أن يعبدوا الله عبدوا الأوثان. فإنحطو سياسياً وأدبياً. ومصر في الكتاب المقدس تشير في أماكن كثيرة للعالم. وفرعون المتكبر القاسي يشير لرئيس هذا العالم (إبليس) كما رأينا في أيام وجود الشعب في مصر وخروجه منها. والعكس فيوسف سمي مخلص العالم كرمز للعتيد أن يأتي مثله. ونجد في هذا الإصحاح نبوءة بسقوط مصر ثم رجوعها إلي الله وهي قسمان:-
الأول: الوعيد لمصر (1 – 17) والثاني الوعد لمصر (18 – 25)
وخلاصة الإصحاح "يضرب الرب ضارباً فشافياً" (آية 22) فالله يضرب لا ليبيد !! حاشا، بل ليؤدب ويشفي. ومن الأهداف الثانوية إظهار ضعف مصر ليهوذا فلا تتكل علي مصر ثانية بل تتكل علي الله. وهناك رأي بأن هذا الإصحاح يبدأ بدخول المسيح إلي أرض مصر ودخول المسيحية إلي مصر بعد ذلك وتنتهي بنهآية هذا العالم حينما تؤمن البقية من إسرائيل.
آية (1) وحي من جهة مصر هوذا الرب راكب على سحابة سريعة و قادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه و يذوب قلب مصر داخلها.
وحي من جهة مصر = هو عمر المسيحية في مصر من يوم دخولها. سحابة سريعة = هي العذراء مريم فالسحاب عموما يشير للقديسين المرتفعين عن الأرضيات ومحلقين في السماويات (عب 12 : 1). وهي خفيفة ومرتفعه نظراً لقداستها لذلك قال عنها سريعة. ويذكر التقليد أنه عند دخول المسيح إلي أرض مصر كانت الأوثان تسقط في كل مدينة يقيمون بها فكانوا يطردونهم ولذلك اضطروا أن يسيروا 1000كم في أرض مصر.
آية (2) و أهيج مصريين على مصريين فيحاربون كل واحد أخاه و كل واحد صاحبه مدينة مدينة و مملكة مملكة.
تاريخياً فقد حدثت فترة انقسامات بين المصريين فإنقسمت المملكة إلي 12 مملكة كل واحدة ضد الأخرى. وذلك بعد ضرب أشور لمصر وتخريبها. وبعد دخول المسيحية هيج الشيطان المصريين الوثنيين ضد المسيحيين فعاشت الكنيسة فترات طويلة في استشهاد حباً لفاديها.
آية (3) و تهراق روح مصر داخلها و افني مشورتها فيسالون الأوثان و العازفين و أصحاب التوابع و العرافين.
تركهم الرب ليتضايقوا ويظهر بطل أصنامهم، فيسألون أوثانهم وسحرتهم ولا يجدون إجابة. وهدف الله من الضيقة أن يعرفوه ويرجعوا إليه.
العازفين = السحرة (في ترجمات كثيرة). وحتى الآن فمن لا يملأ الإيمان قلبه حين يقع في ضيقة يذهب لأمثال هؤلاء الدجالين والسحرة.
آية (4) و أغلق على المصريين في يد مولى قاس فيتسلط عليهم ملك عزيز يقول السيد رب الجنود.
تاريخياً: أستولي علي مصر كثير من الولاة القساة ابتداء من أسر حدون الذي بعدما فتح مصر قسمها 20 قسماً وغير أسماء مدنها وأمر وكلاؤه أن يقتلوا وينهبوا وكأن ذلك من الواجبات. ثم أتي بعده اليونانيين والرومان والأتراك وكان حكمهم قاسياً. وإذ يتقسي قلب الشعب بسبب خطتيهم يسمح لهم الله بحكام قساة. "ما فعلته يفعل بك " (عو15 )
آيات ( 5-10) و تنشف المياه من البحر و يجف النهر و ييبس.و تنتن الأنهار و تضعف و تجف سواقي مصر و يتلف القصب و الاسل. و الرياض على النيل على حافة النيل و كل مزرعة على النيل تيبس و تتبدد و لا تكون. و الصيادون يئنون و كل الذين يلقون شصا في النيل ينوحون و الذين يبسطون شبكة على وجه المياه يحزنون.و يخزى الذين يعملون الكتان الممشط و الذين يحيكون الأنسجة البيضاء.و تكون عمدها مسحوقة و كل العاملين بالأجرة مكتئين النفس.
الشر يحمل ثمره المر في حياة الإنسان واحتياجاته الضرورية. وهنا نري عقاب مادي وزمني لمن هو مستعبد للشياطين. فالنيل هو متكل مصر يجف، فيعم البوار وتدمر كل المؤسسات التجارية. وقد سحب الأتراك من مصر كل العمال المهرة. وبعد أن كانت مصر مشهورة بكتانها الذي تصدره ويسبب دخلاً كبيراً للتجار، ضاع هذا الدخل. والبحر = أي النيل. وتكون الأنهار أي الترع وفروع النيل. عمدها = أكابر الهيئة الإجتماعية، وروحياً فإن جفت مياه الروح القدس تصير حال الإنسان للجوع والعطش وقريباً من اللعنة. والصيادون هم الكارزون وما أكثر حزنهم حينما يلقون شباكهم فلا يجدون صيداً. أما الكتان والثياب البيض فهي ثياب البر التي يجاهدون للحصول عليها.
آية(12،11) أن رؤساء صوعن أغبياء حكماء مشيري فرعون مشورتهم بهيمية كيف تقولون لفرعون أنا ابن حكماء ابن ملوك قدماء فأين هم حكماؤك فليخبروك ليعرفوا ماذا قضى به رب الجنود على مصر.
بسبب الشر حرم المصريون المشهورين بحكمتهم من الحكمة = صوعن = هي تانيس وحالياً صان وكانت مدينة رئيسية. أغبياء = فهم اتكلوا علي حكمتهم ولكنهم عجزوا عن معرفة أسباب هذه المصائب، فحكمة العالم أمام الله جهالة. وهذا ناشئ عن الكبرياء. ومازال المصريون لو أرادوا أن يقولوا لإنسان أنه متكبر وعنيد يقولون له أنه فرعون أو متفرعن.
آيات (13-15) رؤساء صوعن صاروا أغبياء رؤساء نوف انخدعوا و أضل مصر وجوه أسباطها. مزج الرب في وسطها روح غي فاضلوا مصر في كل عملها كترنح السكران في قيئه. فلا يكون لمصر عمل يعمله رأس أو ذنب نخلة أو أسلة.
نوف = ممفيس، أسباطها = طبقاتها من كهنة وعسكر ورعاة.
روح غي = الله له الحق أن يسحب القوي العقلية من إنسان لا يستحقها حين يريد.
رأس أو ذنب = الشرفاء أو أصحاب المشورة والفعلة أصحاب الصناعة. هذا ما يعمله الله مع العالم الشرير أن ينزع منه حكمته فيتخبط. ومصر ترمز للعالم الشرير فهي قد أذلت شعب الله تحت لسع السياط وهكذا العالم الشرير يذل شعب الله تحت لسع سياط شهوة الجسد. لذلك يؤدب الله العالم الشرير بنزع حكمتهم فيصيرون مضِلين ومضَلين (2 تي 3 : 13).
آية (16) في ذلك اليوم تكون مصر كالنساء فترتعد و ترجف من هزة يد رب الجنود التي يهزها عليها.
قد يكون ذلك اليوم هو يوم هجوم الأشوريين، وحينما أنهزم جيش مصر قال ملك مصر "صار رجالي نساء". هذا الكلام موجه لإسرائيل فهل بعد هذا يعتمدون ويتكلون ويتحالفوا مع مصر. ملعون من يتكل علي ذراع بشر. بل في الآية القادمة نجد فرعون لا يرتعب من ملك أشور فقط بل من يهوذا نفسها.
آية (17) و تكون ارض يهوذا رعبا لمصر كل من تذكرها يرتعب من أمام قضاء رب الجنود الذي يقضي به عليها.
قد يكون هذا حينما خضعت يهوذا لأشور أو لبابل وصار رجال يهوذا ضمن جيوش هذه الدول القوية. أو فترة أخري في التاريخ كانت فيها أرض يهوذا أقوي من مصر وترعبها بأسلحتها. وروحياً فيهوذا تشير للكنيسة أرض المسيح التي أصبحت رعباً لأرض مصر رمز العالم وشياطينه. ولنري في آية (1) كيف اهتزت أوثان مصر أمام المسيح.
آية (18) في ذلك اليوم يكون في ارض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان و تحلف لرب الجنود يقال لإحداها مدينة الشمس.
تاريخياً قد يكون في بعض الفترات أن وجد اليهود في مصر. وتكلمت المناطق التي يسكنوها لغتهم. و روحيا فهذه إمتداد للغة السيد المسيح أي المسيحية إلي مصر. ورقم 5 يشير للحواس التي تتقدس وتصير سمائية. هليوبوليس = بالعبرية إر– ها – هيرس مدينة الشمس أي مركز لعبادة الشمس وفي الحاشية جاءت الكلمة إر – ها – شيرس = مدينة الهلاك. والمعني أن أماكن الهلاك أي المعابد الوثنية في مصر تتحول إلي المسيحية.
آية (19) في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط ارض مصر و عمود للرب عند تخمها.
مذبح للرب = هذه نبوة عن إيمان المصريين بالمسيح وقد تكون أيام أيام مارمرقس. ولا تطبق هذه الآية علي وجود اليهود في مصر فيستحيل علي اليهود إقامة مذبح لهم خارج أورشليم. وعمود للرب = يقال علي بطرس ويعقوب ويوحنا أعمدة، هكذا سماهم بولس الرسول. وكل من يغلب يصير عموداً في هيكل الله (رؤ 3 :12) وقد يكون هذا العمود هو مارمرقس الرسول. والمذبح هنا لا يعني سوي مذبح يقدم عليه ذبيحة الإفخارستيا (جسد ودم المسيح).
آية (20) فيكون علامة و شهادة لرب الجنود في ارض مصر لأنهم يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصا و محاميا و ينقذهم.
شهداء المصريين المسيحيين يفوقون شهداء العالم أجمع والمخلص المحامي هو المسيح.
آية (21) فيعرف الرب في مصر و يعرف المصريون الرب في ذلك اليوم و يقدمون ذبيحة و تقدمة و ينذرون للرب نذرا و يوفون به.
هناك نصيب للمصريين في بركة معرفة الرب في الأيام الأخيرة ورفضهم لضد المسيح.
آية (22) يضرب الرب مصر ضاربا فشافيا فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم و يشفيهم.
هذه الآية هي خلاصة الإصحاح كله، فالله لا يضرب إلا ليشفي وبعد أن تكون مصر قد تعلمت من الدينونات المنصبة عليها، ستعود للمسيح.
آية (23) في ذلك اليوم تكون سكة من مصر إلى أشور فيجيء الأشوريون إلى مصر و المصريون إلى أشور و يعبد المصريون مع الأشوريين.
قد تكون نبوة عن سلام بين مصر وأشور. والمسيح سمي نفسه الطريق إذاً هي وحدة إيمان في طريق المسيح بين مصر وأشور. ولاحظ أنه بعد السبي تشتت شعب الله جزء في أورشليم وجزء في بابل وجزء في مصر ويبدو أن في الأيام الأخيرة سيكون شعب الله في هذه المناطق.
آية (24) في ذلك اليوم يكون إسرائيل ثلثا لمصر و لأشور بركة في الأرض.
كما ارتبطت مصر وأشور وإسرائيل في حروب هكذا في نهآية الأيام سيرتبطون إيمانياً في وحدانية العبادة، حينما يؤمن إسرائيل (البقية) ويتحدون إيمانياً مع مؤمني مصر وأشور، فتكون هذه الوحدة في إيمان قوي هي بركة للأرض أو خميرة تخمر العالم كله، وربما في رفضهم لضد المسيح.
آية (25) بها يبارك رب الجنود قائلا مبارك شعبي مصر و عمل يدي أشور و ميراثي إسرائيل.
إذاً هي بركة ثلاثية للمؤمنين في إسرائيل ومصر وأشور، أو لكل الأمم ولليهود الذين آمنوا بالمسيح أي لمؤمني العالم كله.
الإصحاح العشرون
يؤكد الله هنا ليهوذا أن لا تتكل علي مصر فإن مصر نفسها وكوش ستسقط في سبي أشور وستخضع مصر لأشور. إذاً فيه تخجيل لشعب الله الذي فكر في الإستعانة بهم.
آية (1) في سنة مجيء ترتان إلى اشدود حين أرسله سرجون ملك أشور فحارب اشدود و أخذها.
ترتان = لقب رئيس الجيش. وكانت أشدود قد عصت علي أشور فأرسل ملك أشور سرجون جيشه ليؤدبها وكانت أشدود مدخلاً لمصر. وبسقوط أشدود صار الطريق لمصر مفتوحاً.
آية (2) فى ذلك الوقت تكلم الرب عن يد اشعياء بن أموص قائلا اذهب و حل المسح عن حقويك و اخلع حذاءك عن رجليك ففعل هكذا و مشى معرى وحافياً.
المسح = هو لباس إشعياء وهو ثوب خشن من شعر كما يلبس الأنبياء.
وخلع إشعياء لملابسه كما لو كان أسيراً رمزاً لأن المصريين سيصيرون أسري.
آية (3) فقال الرب كما مشى عبدي اشعياء معرى و حافيا ثلاث سنين آية و أعجوبة على مصر و على كوش.
كانت كوش متسلطة علي جنوب مصر وبعض من شماله لعدم إتفاق المصريين.
آية (4) هكذا يسوق ملك أشور سبي مصر و جلاء كوش الفتيان و الشيوخ عراة و حفاة و مكشوفي الاستاه خزيا لمصر.
كانت مصر تدافع عن فلسطين في ذلك الوقت ضد أشور. وكان سقوط أشدود كأنه سقوط مصر وكوش.
آية (5) فيرتاعون و يخجلون من اجل كوش رجائهم و من اجل مصر فخرهم.
يرتاع الذين إلتجأوا لمصر وكوش لأنهم اتكلوا علي من لا يقدر علي المساعدة.
آية (6) و يقول ساكن هذا الساحل في ذلك اليوم هوذا هكذا ملجأنا الذي هربنا إليه للمعونة لننجو من ملك أشور فكيف نسلم نحن.
كانت إسرائيل من سكان الساحل. وسؤالهم الذي سيسألونه حين يؤخذ أهل مصر سبايا "كيف ننجو نحن وقد كانت أمالنا معلقة علي مصر".
ونلاحظ في هذا الإصحاح طاعة إشعياء الذي عرض نفسه للسخرية منفذاً وصية صعبة إذ سار حافياً عريانا، ونحن نرفض تنفيذ الوصايا السهلة. هكذا فعل المسيح إذ تعري ليسترنا ويشفينا.
الإصحاح الحادي والعشرون
هنا 3 نبوات علي هيئة رؤي :
أ) إ خراب مادي وفارس لبابل (آيات 1-10)
ب) بوءة علي أدوم.
ج) نبوءة علي بلاد العرب.
آية (1) وحي من جهة برية البحر كزوابع في الجنوب عاصفة يأتي من البرية من ارض مخوفة.
برية البحر = هي بابل. و هي برية رمز لخرابها القادم ورمز لأن خطاياها حولتها إلي قفر، وهي برية البحر لأن نهر الفرات يشار له بالبحر كما قيل عن نهر النيل سابقاً، أو لأن بابل اتسعت وشملت كثيراً من أ جزاء العالم المعروف والبحر يشير للعالم والشعوب الكثيرة. و الله يكرر هنا وفي عدة أماكن علي خراب بابل وهلاكها فاليهود اشتهوا صداقتها للاتكال عليها حيناً وحيناً أخر خافوا منها وقد يكونوا اشتهوا خطاياها. ويظهر الله هنا هلاك بابل وأن أوثانها لن تنفعها. ونلاحظ أن حزقيال أيضاً أطلق علي بابل برية ففي تهديده لشعب اليهود بالسبي إلي بابل قال "أتي بكم إلي برية الشعوب وأحاكمكم هناك". وبابل عموماَ تشير لمملكة الشيطان عروس ضد المسيح وستخرب هي أيضاً وفي سفر الرؤيا نسمع "هلم فأريك دينونة الزانية العظيمة... فأخذني الروح إلي برية" فحيثما توجد الخطية يوجد الخراب. كزوابع = هي جيش كورش. وهي زوابع لأنها تثور وتخرب ثم تهدأ بعد أن تنهي عملها. وزوابع الجنوب تشتهر بقوتها. من أرض مخوفة = هي أرض مادي وفار س التي ستخرب بابل.
آية (2) قد أعلنت لي رؤيا قاسية الناهب ناهبا و المخرب مخربا اصعدي يا عيلام حاصري يا مادي قد أبطلت كل أنينها.
رؤيا قاسية = علي خراب بابل. والناهب = كورش وعيلام = فارس أنينها = الرب يبطل الأنين الذي سببه ظلم بابل، أي يحرر الشعوب من ظلمهم.
آية (3) لذلك امتلأت حقواي وجعا و أخذني مخاض كمخاض الوالدة تلويت حتى لا اسمع اندهشت حتى لا انظر.
هنا النبي رقيق المشاعر يعبر عن انفعالاته لألام بابل كما حزن علي موآب سابقاً.
آية (4) تاه قلبي بغتني رعب ليلة لذتي جعلها لي رعدة.
ليلة لذتي = الكلام هنا لبيلشاصر الذي جلس يتلذذ ويسكر في يومه الأخير في آنية بيت الرب. وهذا حدث أيام الطوفان إذ أتي بغتة وحدث لسدوم وعمورة الخراب بغتة. ولذلك وصية الله "أسهروا وصلوا".
آية (5) يرتبون المائدة يحرسون الحراسة يأكلون يشربون قوموا آيةا الرؤساء امسحوا المجن.
أعد البابليين الموائد وأقاموا الحراس ليشربوا ويسكروا. امسحوا المجن كان المجن يصنع من جلد ممدود علي خشب أو نحاس ومسحه بالزيت يحفظه وقت الحرب وهذه دعوة لرؤساء مادي وفارس بشن الحرب في ليلة سكر البابليين. وهذا ما حدث تماماً (أقرأ دانيال ص 5).
آية (6) لأنه هكذا قال لي السيد اذهب أقم الحارس ليخبر بما يرى.
أمر الرب النبي أن يقيم حارساً ليخبر بما يري. وقد يكون هذا في رؤيا فقط.
آية (7) فرأى ركابا أزواج فرسان ركاب حمير ركاب جمال فأصغى إصغاء شديدا.
أثنين أثنين = تعبيراً عن أن الجيش يتكون من فرسان مادي وفارس وقد أشتهر الفرس بمركباتهم التي تجرها الحمير، والماديين بالمركبات التي تقودها الجمال. فأصغي أصغاء شديداً = دخل جيش الفرس بهدوء دون أن يدري به البابليين.
آية (8) ثم صرخ كاسد آيةا السيد أنا قائم على المرصد دائما في النهار و أنا واقف على المحرس كل الليالي.
هاجت انفعالات الحارس لأنه أقام في محرسه نهاراً وليلاً دون أن يشعر بشيء، فلم يضبط انفعالاته. (الحراس يقفون علي الأسوار، لكن فارس ومادي دخلوا من خلال نهر الفرات الذي حولوا مساره ولم يدخلوا من الأسوار أو الأبواب المغلقة لذلك لم يدري بهم الحارس).
آية (9) و هوذا ركاب من الرجال أزواج من الفرسان فأجاب و قال سقطت سقطت بابل و جميع تماثيل آلهتها المنحوتة كسرها إلى الأرض.
كأن الحارس توقف عن الصراخ ثم أخذ بعد فترة يخبر النبي بما رآه عن خراب بابل (رمز لسقوط بابل الروحية في أخر الأيام ) (رؤ 14 : 8 + 18 : 2) فحينما تختفي المبادئ الروحية يصير المكان خرابا.
خراب بابل رمز لانهيار مملكة إبليس وعودة شعب الله له. بابل رمز لمحبة العالم التي تؤدي للبلبلة والإرتباك. وأورشليم علي العكس هي رؤية السلام. ومن يترك بابل (العالم بخطاياه) ليذهب لأورشليم (الكنيسة) يهرب من خرابها المحتم.
آية (10) يا دياستي و بني بيدري ما سمعته من رب الجنود اله إسرائيل أخبرتكم به.
ديا ستي = الذين يدوسون العنب. بني بيدري = الذين يعملون في حصاد الحنطة. والمعني أن الله لا يخفي شيئاً
عن خدامه.
آيات (11، 12) وحي من جهة دومة صرخ إلي صارخ من سعير يا حارس ما من الليل يا حارس ما من الليل. قال الحارس أتى صباح و أيضا ليل أن كنتم تطلبون فاطلبوا ارجعوا تعالوا.
دومة = يدعوا النبي أدم باسم نبوي دومة الذي يعني السكوت والصمت أي سكوت الموت. الاسم يشير لمكان قفر بلا سكان رمزاً للخراب أو لمن يجلس في وادي ظل الموت حيث لا يُسْمَع صوت الله من أحد. لا نبوة ولا رؤية ولا صلاة فهم مرفوضون، هذا هو حال الإنسان قبل المسيح. ولكن إشعياء صاحب الأذن المختونة الذى يميز صوت الله ويسمعه ويعمل فيه الروح القدس فقد سمع تنهد صوت البائسين، صوت البشرية المعذبة، وإستمع هنا لمن يقول يا حارس.. ما من الليل = أي يا حارس هل مازال جزء كبير من الليل الذي نعيش فيه، ألم يقترب الفجر... هذه صرخات من تمرر في ظلام الخطية، وربما هي صرخات الأنبياء والأبرار الذين كانوا ينتظرون خلاص المسيح وهي صرخات النفس الخاطئة لخدام الله... كم تبقي لي في ليل الخطية.
ورد عليه أتي صباح وأيضاً ليل = جاء المسيح نوراً للعالم وأشرق للجالسين في الظلمة ولكن الخطية موجودة ومن يرفض يبقي في الليل.. لذلك ينادي أرجعوا تعالوا.
آيات (13-17) وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين.هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان ارض تيماء و افوا الهارب بخبزه. فأنهم من أمام السيوف قد هربوا من أمام السيف المسلول و من أمام القوس المشدودة و من أمام شدة الحرب. فانه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار. و بقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل لان الرب اله إسرائيل قد تكلم.
يعلن الوحي هنا أن بابل ستسحق القبائل المجاورة ددان وقيدار وهم تجار بين بلاد العرب وترشيش. والنبي يصور حالهم. وقد هربوا عن طريق تجارتهم (بسبب الحرب) ولجأوا للصحراء ينشدون الأمان في القفر. وهؤلاء الهاربين من آلام ضيقات الحرب ينادون أهل تيماء ليقدموا لهم يد المعونة، وهم يكادون يهلكون عطشاً وجوعا. هذا إشارة لمن استهوتهم بضاعة العالم وتجارته (الخطية) وراحوا يتاجرون في الأرضيات ويستغنون بلذات العالم وغناه ومباهجه الكاذبة، هؤلاء سيكون نصيبهم مع العالم في انهياره وزوال مجده. وينادي الوحي أولئك الساكنين في القفر = سكان أرض تيماء أن يحضروا خبزاً وماءً في يوم البلية لهذه النفوس الذليلة ويسندوا هؤلاء المنكسرين !! ولكن من أين لهم الماء وهم سكان القفر. فالماء المروي هو عند المسيح فقط (يو 4 :14 + رؤ 3 :18) ولكن لماذا طلب الوحي من سكان القفر أن يمدوهم بالخبز والماء ؟! والله يعلم أنه لا يملكون. حقاً الله يعلم لكن المشكلة أن من أعتاد الحياة في لذات العالم، ولم يعتاد اللجوء للمسيح هذا إن حاصرته الضيقة لن يلجأ للمسيح، بل سيلجأ لمن يعرفه. ألا وهو العالم القفر. والكلام هنا في اللجوء لتيماء فيه سخرية، فهل تقدر تيماء (العالم) أن تعطي شبعاً ورياً لنفس متألمة. وقيدار = أشهر قبيلة في العرب وذكرت هنا بالنيابة وتمت النبوءة بهجوم سرجون علي بلاد العرب خلال سنة من النبوة وقيل أن كلمة العرب هنا أصلها EREB وليسEREB. ARABIA تعني مساءً فهي تشير لمن يعيش في العالم ولذات العالم. وتجارة العالم ما هي إلا قفر ومساء. هؤلاء في الضيقات لمن يلجأون، نجدهم يلجأون أيضاً لأهل القفار الذين هم بلا ماء ولا خبز فيظلوا علي عطشهم وجوعهم فلا شبع سوي في المسيح. ولكن أن نلجأ لإنسان فنحن نلجأ لقفر لا يُروى أحد.
الإصحاح الثاني والعشرون
نجد النبي هنا ينذر بخراب أورشليم والويلات التي تحل بشعبها وبجليس الملك المتمتع بالسلطان، وتكشف عن عماهم فهم لا يميزون صوت الرب ولا يعرفون إرادته، فهو حين يدعوهم للبكاء (عدد 12) إذ بهم يفرحون، لذلك حين يعبر زمان التوبة فلابد أن يجني الشعب مر الثمر ويكابد عقاب دينونة. وكعادة إشعياء يأتي بنبوات مفرحة عن المسيح عقب ذلك.
آية (1) وحي من جهة وادي الرؤيا فمالك انك صعدت جميعا على السطوح.
وادي الرؤيا = هي أورشليم فطالما رأي فيها الأنبياء رؤي، وكان إسمها جبل صهيون وبسبب انحطاطها الروحي صارت وادي وفقدوا الرؤيا والرؤية بسبب خطاياهم "أخفي عن عينيك" ولأنهم فقدوا الرؤيا سمح الله لهم بتأديب لتعود العينان مفتوحتان. ويبدوا أن زمن هذه النبوة كان في أيام حصار سنحاريب لأورشليم. وكان سنحاريب قد أخذ جزية كبيرة، ففرح الشعب إذ ظنوا أن الخطر قد زال. ولكن الله يقول لهم إن الخطر لم ينتهي بعد لأنكم مازلتم بعد في الخطية. فمالك أنك صعدت علي السطوح = من يصعد علي السطوح ولا يبقي في المنازل هو من لم يعد يشعر بخطر، الله يقول لهم أن هذا شعور زائف بالأمان فلا أمان ولا سلام إلا بالتوبة وهم لم يتوبوا بعد.
آيات (2، 3) يا ملآنة من الجلبة المدينة العجاجة القرية المفتخرة قتلاك ليس هم قتلى السيف و لا موتى الحرب. جميع رؤسائك هربوا معا اسروا بالقسي كل الموجودين بك اسروا معا من بعيد فروا.
الجلبة = فهي إذاً مدينة ملآنة مظاهر وسطحيات وأفراح عالمية كالعالم.
القرية المفتخرة = هي تفتخر بقوتها وليس بالله. قتلاك ليس هم قتلي السيف = بل هم قتلي الخطية التي كل قتلاها أقوياء، وقد طرحت كثيرين جرحي حتى جميع رؤسائك هربوا = لم يهتموا بك إذ هم أسري، أسري شهواتهم وبالتالي أسري بيد أعدائهم.
آية (4) لذلك قلت اقتصروا عني فابكي بمرارة لا تلحوا بتعزيتي عن خراب بنت شعبي.
نري هنا مشاعر النبي الرقيقة ثانية وقارن مع من يضعف وأنا لا ألتهب.
آيات (5-7) أن للسيد رب الجنود في وادي الرؤيا يوم شغب و دوس و ارتباك نقب سور و صراخ إلى الجبل. فعيلام قد حملت الجعبة بمركبات رجال فرسان و قير قد كشفت المجن.فتكون أفضل أوديتك ملآنة مركبات و الفرسان تصطف اصطفافا نحو الباب.
نري هنا شعب ودوس وارتباك =هذه نبوة بعودة الحصار. عيلام وقير = حلفاء أشور. قد كشفت المجن = لأنه يكون مغطي أثناء السفر ويكشفونه وقت الحرب. فهذه نبوة بإعلان الحرب.
آية (8) و يكشف ستر يهوذا فتنظر في ذلك اليوم إلى أسلحة بيت الوعر.
ما سبب كل ما ذكر في الآيات (5-7) هل هو قدرة العدو الخارقة ؟! لا بل أن الرب كشف ستر يهوذا.. فالساكن في ستر العلي في ظل الإله القدير يبيت. الجبال حولها والرب حول شعبه. إذا السبب هو تخلي نعمة الله.
وتفهم الآية علي أنها (1) خراب المدن المحيطة بها فتنكشف أورشليم وقد خرَب سنحاريب فعلاً 46 مدينة في يهوذا.
(2) فضح خطاياهم، فالله يستر علي شعبه، لكن حين يغضب الله بسبب الخطية لا يعود يستر، وهذه إحدى طرق الله لعلنا نتوب وللأسف فقد ترك شعب يهوذا الله الذي هو سور من نار وذهبوا يبحثون عن تدعيم الأسوار الحجرية، لقد تجاهلوا ستر العلي. كانوا يفكرون في هدم البيوت لاستخدام ردمها في ترميم الأسوار المتشققة ولم يذكروا قول داود أبيهم. "إن لم يحرس الرب المدينة فباطلاً سهر الحراس"
بيت الوعر = بناه سليمان وهو مملوء أسلحة، هم ذهبوا يبحثون عن أسلحة مادية
آيات (9 – 11) ورأيتم شقوق مدينة داود أنها صارت كثيرة و جمعتم مياه البركة السفلى.و عددتم بيوت أورشليم و هدمتم البيوت لتحصين السور. و صنعتم خندقا بين السورين لمياه البركة العتيقة لكن لم تنظروا إلى صانعه و لم تروا مصوره من قديم.
مياه البركة = مياه أورشليم قليلة حتى اليوم. وقبل هذه الحادثة بنحو 34 سنة أهتم الملك أحاز بهذا الأمر
(أش 3:7) فكانوا يريدون تحويل المياه من خارج حتى لا يستفيد بها العدو إلي داخل أورشليم فيستفيدوا بها هم خلال الحصار. وعددتم بيوت أورشليم = لتعرفوا أي البيوت يهدم لتدعيم الأسوار بالحجارة الناتجة عن الهدم. بين السورين = أنظر الرسم. والله يلومهم هنا لاهتمامهم بتدبير المدينة والتحصينات ولكنهم لم يهتموا بالتوبة والرجوع إلي الله.
آيات (12، 13) ودعا السيد رب الجنود في ذلك اليوم إلى البكاء و النوح و القرعة و التنطق بالمسح. فهوذا بهجة و فرح ذبح بقر و نحر غنم أكل لحم و شرب خمر لنأكل و نشرب لأننا غدا نموت.
عوضا عن البكاء والتوبة التي دعا لها الله عاشوا في أفراح وأكل وخمر حتى لحظات الحصار نفسها.
آية (14) فأعلن في أذني رب الجنود لا يغفرن لكم هذا الإثم حتى تموتوا يقول السيد رب الجنود.
الله لا يغفر إلا لمن يتوب، ولن يغفر لهم لإصرارهم علي عدم التوبة.
آية (15) هكذا قال السيد رب الجنود اذهب ادخل إلى هذا جليس الملك إلى شبنا الذي على البيت.
شبنا = هو وزير حزقيا الأول ووزير المال. وكان من أنصار التحالف مع مصر وكان غريب الجنس فلم يذكر له أب وكان أناني جشع محتال طموح وكان متولياً أمور الهيكل ويقول التقليد أنه كان مزمعاً أن يخون حزقيا، واستغل منصبه للإثراء الشخصي وتعظيم الذات وبني لنفسه قبراً مع ملوك يهوذا ليخلد نفسه. وكان الله موشكاً أن يدينه ويحكم عليه بأن يموت في أرض غريبة فلماذا هذا الضريح ؟!... هنا نري الله ضد أعداء شعبه الخارجيين كأشور والداخليين كشبنا هذا. وشبنا هذا يرمز لضد المسيح الذي سيقيم في هيكل الله (2 تس 4:2) بينما نجد إلياقيم (آية 20) رمزاً للمسيح الذي يأتي في مجده ليبيد الضد بنفخه فمه. هذا الغريب المتولي أمور الهيكل هو رجسه الخراب (مت 24 : 15).
آية (16) ما لك ههنا و من لك ههنا حتى نقرت لنفسك ههنا قبرا آيةا الناقر في العلو قبره الناحت لنفسه في الصخر مسكنا.
مالك ههنا = تدل علي أنه غريب، وقارن مع تسمية إلياقيم بعبد الرب آية (20) وأب لسكان أورشليم آية (21).
آية (17-19) هوذا الرب يطرحك طرحاً يا رجل ويغطيك تغطية. يلفك لف لفيفه كالكرة إلى ارض واسعة الطرفين هناك تموت و هناك تكون مركبات مجدك يا خزي بيت سيدك وأطردك من منصبك ومن مقامك يحطك .
يلفك = يلفه بكل ما له كشيء عديم القيمة، ويقذفه بعيداً أسيراً إما لأشور أو لمصر. يا خزي بيت سيدك = لأنه غش حزقيا.
آية (20) و يكون في ذلك اليوم أني أدعو عبدي الياقيم بن حلقيا.
الله يؤدب الأشرار ويبيدهم مثل شبنا ولكنه يعطي وعده بظهور المخلص الذي يسكن أورشليم الجديدة. الياقيم = تعني من يثبته الله إشارة للمسيح الذي كرسيه إلي دهر الدهور. فبعد أن يقذف الله بضد المسيح ويبيده تعلن مملكة المسيح الأبدية.
آية (21) و البسه ثوبك و أشده بمنطقتك و اجعل سلطانك في يده فيكون أبا لسكان أورشليم و لبيت يهوذا.
الله يعطي له ثياب الملك عوضاً عن شبنا فيملك علي شعبه بالحب = أباً لا بالذل كما كان يحكم شبنا. وأما منطقته فهي لغسل الأرجل والتطهير. يبدو أن شبنا هذا كان معتزاً بمنصبه وسيادته وملابسه الملوكية حباً في السيطرة رمزاً لإبليس الذي سيجرد من كل سلطانه.
آية (22) واجعل مفتاح بيت داود على كتفه فيفتح و ليس من يغلق و يغلق و ليس من يفتح.
يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح قيلت عن المسيح نفسه (رؤ 3 : 7) والمفتاح لا يحمل علي الكتف إلا لو كان الصليب الذي فتح به لنا الله باب السماء وأغلق به علي إبليس في الهاوية في بحيرة النار.
آية (23) و أثبته وتدا في موضع أمين و يكون كرسي مجد لبيت أبيه.
وتدا = ليملك علي بيت يعقوب للأبد (بشارة الملاك). والوتد يستعمل لتثبيت الأشياء. والمؤمنين سيثبتون في المسيح ( أثبتوا فيَ..)
آيات (24 – 25) و يعلقون عليه كل مجد بيت أبيه الفروع و القضبان كل أنية صغيرة من أنية الطسوس إلى أنية القناني جميعا.في ذلك اليوم يقول رب الجنود يزول الوتد المثبت في موضع أمين و يقطع و يسقط و يباد الثقل الذي عليه لان الرب قد تكلم.
الفروع والقضبان = هم أولاد الخلاص يصيرون كالفروع في كرمته وعملهم هو تمجيد الرب. والأواني هم المؤمنين أيضاً (2تي 2 : 20،21) وقارن مع قول بولس "إذ لنا هذا الكنز في أوان خزفية. والمسيح هو السبب في كل مجد بيت أبيه. ويعلقون = أي ينسبون له السبب في كل هذا المجد لطاعته وفدائه الذي طهر به الآنية المثبتة في المسيح. وثبت الأغصان في الكرمة ومجد الآب بصليبه (يو 17 :4). وأيضاً بصليبه حولنا كمؤمنين لآنية كرامة لمجد أسم أبيه. في ذلك اليوم = يوم نهآية ضد المسيح أو إبليس أو شبنا كرمز. فكل من تعلق بهذا الغريب الجنس وجعله وتداً له (يشبع شهواته ولذاته) وأتكل علي الباطل (العالم بما فيه ورئيسه إبليس ) معتبراً إياه وتداً مثبتاً فإنه يزول رجاؤه فيه فيقطع الوتد ويسقط ويباد كل متكل عليه.
الإصحاح الثالث والعشرون
قامت صور أولاً علي البر، ومع تقادم الزمن نقلت إلي جزيرة صخرية في مقابلها وذلك ليسهل الدفاع عنها، وسميت صور أيضا، وسميت المدينة التي علي البر صور القديمة. وحينما حاصرها نبوخذ نصر هربوا إلي صور الجزيرة وحينما دخلها نبوخذ نصر لم يجد فيها شيء. أما حينما حاصرها الإسكندر الأكبر وهرب شعبها إلي صور الجزيرة ردم الإسكندر الممر المائي بين صور الجديدة والقديمة.
وخطية صور هو انغماسها في الشهوات نتيجة الغني ثم الكبرياء. والخراب المشار إليه هنا يشير لخراب كل نفس تتشبه بصور من جهة ارتباكها بالغني مع الرجاسات. صور تشير لمن أعطاه الله خيرات كثيرة فأستغلها لا لشكر الرب وتمجيده بل لإرضاء شهواته فيزداد كبرياؤه.
وتشير صور للعالم باعتباره نظام تجاري عظيم يسعي فيه الناس لإمتلاك المادة لإغناء ذواتهم فيتنعمون بكل أنواع الرفاهية ناسين الله وهذا نجده متفشي في العالم كله. ولكن ستأتي أيام يزول فيها شكل هذا العالم وهيئته كما خربت صور نفسها. إذاً خطايا صور هي الافتخار الباطل وتجارتها في بضائع العالم وشهواته والزيغان عن الله
وكما اشتهرت بابل بأنها مملكة حربية علي الأرض وتمثل القوة العسكرية بجبروتها اشتهرت صور بأنها مملكة تجارية مالية علي البحر. فالشيطان إما يحاربنا حرب مباشرة وبقوة أو يحاربنا عن طريق إرضاء شهواتنا بالغني والمال ثم الكبرياء.
آية (1) وحي من جهة صور ولولي يا سفن ترشيش لأنها خربت حتى ليس بيت حتى ليس مدخل من ارض كتيم أعلن لهم.
سفن ترشيش = سفن أسبانيا ولها تجارة مع صور. ولولي = فثروة ترشيش قائمة علي علاقتها بصور. ولقد خربت صور القديمة علي يد نبوخذ نصر أما الخراب التام لصور القديمة وصور الجزيرة فكان علي يد الإسكندر الأكبر.
من أرض كتيم = كتيم هي قبرص التي وصلتها أنباء خراب صور، فكان التجار القادمين إلي صور يسمعون بأنباء خرابها حين يتوقفون عند قبرص للراحة.
آية (2) اندهشوا يا سكان الساحل تجار صيدون العابرون البحر ملأوك.
الساحل = هنا هو فينيقية. وتجار صيدون ملأوا صور بتجارتهم. وكان اسم كنعان يشمل صور وصيدا.. الخ.
آية (3) و غلتها زرع شيحور حصاد النيل على مياه كثيرة فصارت متجرة لأمم.
غلتها = غلة صور هو ربحها من تجارتها في زرع شيحور = شيحور هو نهر النيل فمعني الكلمة أسود وهي راجعة للطمي الذي يملأ النيل.
آية (4) اخجلي يا صيدون لان البحر حصن البحر نطق قائلا لم أتمخض و لا ولدت و لا ربيت شبابا و لا نشأت عذارى.
أخجلي يا صيدون = نظراً للعلاقة بين صور وصيدا، فصيدون هي المدينة الأم لصور. وسقوط صور يكون سقوطاً لصيدا وحزن شديد لها. حصن البحر = هو صور المدينة المحصنة. لأن البحر = إذ أن صور مبنية مالياً علي تجارة البحر.
ولم أتمخض = كانت صور قد أنشأت مستعمرات كثيرة مثل قرطاجنة فصارت صور أماً لهم، والآن إذ خربت صارت كأنها لم تلد أبدا، أي انقطعت كل علاقاتها بمستعمراتها وكل مساعدة منها.
آية(5) عند وصول الخبر إلى مصر يتوجعون عند وصول خبر صور.
آية (6)اعبروا إلى ترشيش ولولوا يا سكان الساحل.
أعبروا إلي ترشيش = النبي يطلب للبقية أن تذهب إلي ترشيش أحدي بنات صور أو مستعمراتها كلاجئين.
آية (7) أهذه لكم المفتخرة التي منذ الأيام القديمة قدمها تنقلها رجلاها بعيدا للتغرب.
المفتخرة = JOYOUS أي هايصة بمسارحها وملاعبها فليس لهم وقت لسماع إنذارات الله. منذ الأيام القديمة = صور أقدم مدن فينيقية بعد صيدون (يش 19 : 28،29) وتنقلها رجلاها = منظر امرأة فقيرة متغربة.
آية (8) من قضى بهذا على صور المتوجة التي تجارها رؤساء متسببوها موقرو الأرض.
المتوجة = كان بعض الملوك يدفعون جزية لها وتجارها يعيشون كالملوك.
آية(9) رب الجنود قضى به ليدنس كبرياء كل مجد و يهين كل موقري الأرض.
كل مجدها خربه نبوخذ نصر ثم الإسكندر، لذلك لنقل مع الكتاب، "ليس لنا هنا مدينة باقية"، ولنحتقر العالم الذي ليس له ثبات، أما من تكرمه السماء فيبقي للأبد في مجد حقيقي لا يزول ولا يخربه أحد.
آية (10) اجتازي أرضك كالنيل يا بنت ترشيش ليس حصر فيما بعد.
من الواضح أن ترشيش كانت تحت الجزية من صور. لكن بعد خراب صور ستتحرر ترشيش وتكون كفيضان النيل متنعمة بكل خيراتها.
آية (11) مد يده على البحر أرعد ممالك أمر الرب من جهة كنعان أن تخرب حصونها.
كنعان تشمل صور وصيدون.
آية (12) قال لا تعودين تفتخرين أيضا أيتها المنهتكة العذراء بنت صيدون قومي إلى كتيم اعبري هناك أيضا لا راحة لك.
بنت صيدون = هي صور نفسها، فصيدون هي أقدم بلاد فينيقية وهي أسست صور. وبعد سقوطها سيهرب شعبها إلي قبرص. ولكن أيضاً لن يجدوا راحة فلا راحة سوي بالرجوع إلي الله بالتوبة، وقيل أن ملك صيدون لجأ إلي قبرص في زمان أسر حدون فلحقه هناك وقطع رأسه.
آية (13) هوذا ارض الكلدانيين هذا الشعب لم يكن أسسها أشور لأهل البرية قد أقاموا أبراجهم دمروا قصورها جعلها ردما.
آية(14) ولولى يا سفن ترشيش لأن حصنك قد أُخرب.
الكلدانيين = النبي هنا ينظر للمستقبل إلي حوالي 150 سنه بعد النبوة ويري نبوخذ نصر ملك بابل قادماً علي صور. وكان ملك أشور كعادته قد أتي بالكلدانيين من الشمال وأسكنهم في ذلك المكان، فأصبحوا مملكة عظيمة أسقطت أشور نفسها، بل أطلق أسم الكلدانيين كما ذكرنا سابقاً علي بابل كلها.
آية (15) و يكون في ذلك اليوم أن صور تنسى سبعين سنة كأيام ملك واحد من بعد سبعين سنة يكون لصور كأغنية الزانية.
يبدو أن مدة السبعين سنة هي نفسها التي سبي فيها شعب الله إلي بابل، وإلي هناك سبي أيضاً شعب صور حيث تعرفوا علي اليهود وربما أعجبوا بهم وبعبادتهم وأستمر سبي أهل يهوذا وأهل صور 70 سنة طوال فترة حكم بابل، التي سميت هنا كأيام ملك واحد والمقصود مملكة واحدة. وهنا يعبر الوحي بصورة امرأة زانية مشهورة وهي صور (زانية لفسادها وتجارتها وغناها وكبريائها السابق ) وقد أصبحت منسية لطول مدة سبيها. ثم عادت من السبي فعادت لتجارتها القديمة. ويبدو كتشبيه لذلك أنه أنتشر أيام إشعياء أغنية بطالة فاسدة يرددها الزواني ليجذبن الرجال. والزني هو بيع العفة بالمال، وكلا من باع الصدق والأمانة والشفقة لأجل المال يخطيء خطأ الزانية. وهذا التشبيه ينطبق علي صور التي عادت من السبي لتجارتها القديمة، فحب الثروة العالمية هو زنا روحي (يع 4 :4) والشهوة وثنية روحية.
آية (16) خذي عودا طوفي في المدينة أيتها الزانية المنسية أحسني العزف أكثري الغناء لكي تذكري.
أحسني العزف = ستعود لما كانت عليه.
آيات (17 ، 18) ويكون من بعد سبعين سنة أن الرب يتعهد صور فتعود إلى أجرتها و تزني مع كل ممالك البلاد على وجه الأرض. و تكون تجارتها و أجرتها قدسا للرب لا تخزن و لا تكنز بل تكون تجارتها للمقيمين أمام الرب لأكل إلى الشبع و للباس فاخر.
المقصود بالزني هناهو تجارة صور. واستمرت التسمية بعد عودتهم من السبي، ويبدو أنهم خلال فترة سبيهم أعجبوا بعبادة اليهود وبيهوه فبعد عودتهم أرسلوا عطايا للهيكل وخدموا في بناء الهيكل = أجرتها قدساً للرب + (عز 3 :7). فهم استفادوا إذن بثروتهم بطريقة مقدسة. واستمرار تسمية تجارتهم بالزني كان كما أستمر معلمنا يعقوب يطلق علي راحاب أسم الزانية (يع 2 :25) ولكن يبدو علي المدى البعيد أن هذه النبوة تشير لإيمان الصوريين أيام المسيح (أع 21 : 3). إذاً صور هي كنآية عن القوة المالية، والنبي ينظر بلا شك ليوم يتقدس فيه مال العالم لخدمة الله (أش 49 : 18، 23 + 60 : 1-17).
الإصحاح الرابع والعشرون
في الإصحاحات من 24 حتى 27 نبوات خاصة بيهوذا وإسرائيل بل والشعوب المحيطة، نبوات عمومية تخص الأرض كلها عند كمال الأزمنة. إنه هنا يترك الجزئيات ليدخل في الكليات. فيترك الحديث عن عينات من الشعوب إلي شعوب الأرض كلها وهذا ليظهر شمولية الفساد.. و في ثنايا الحديث تظهر بشري الخلاص وما أدخره الله للمفديين من فرح وسرور أبدي وميراث أبدي لا يضمحل.
وسط النبوات بالخراب نسمع صوت الرجاء والخلاص فتتمازج هنا وعود الله للأبرار ووعيده للأشرار. فنسمع أن الأرض فسدت وتبدأ النبوات عن دينونة الأرض بإظهار أن الخطية ضربت جذورها في الأرض كلها وأمام الدينونة العامة، الجميع تحت الحكم سواء الكاهن أو النبي أو الشيخ أو الحكيم. فالجميع يستحق الموت فقد أخطأ الجميع. ثم تأخذ النبوات غآية الإبداع.. فنجد أن الرب يخلي الأرض ويفرغها.. وكأن الرب يعيد من جديد صياغتها، ويعيد خلقتها خليقة جديدة كما صنع منذ البدء حين خلق العالم وقت أن كان كل شيء خراب.
(تك 1 : 2) وهذا هو الخلاص الذي صنعه المسيح لذلك قال بولس الرسول " إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو 5 :17) فالأرض تشير للجسد الذي أخذ منها. و تفريغ الأرض ثم تجديدها إشارة لما يحدث في المعمودية من موت الإنسان العتيق ليقوم الإنسان الجديد. هي الولادة الجديدة.
والخراب المشار إليه قد يكون إشارة للخراب الذي عمله أشور، لكنه يشير صراحة للوضع المأساوي الذي وصل إليه البشر نتيجة الخطية، و يشير حال الخاطئ الآن الذي مازال غير ثابتاً في المسيح وانعدام تعزياته الداخلية.
وهذه الآيات ستتكرر في نهآية الأيام حين تزول الأرض وتخرب وتنتهي صورة العالم القديم ثم القيامة من الأموات والخلاص النهائي في الأبدية. وجزئياً فستخرب بابل إسرائيل ويهوذا لتأديبهما، ثم تسقط بابل أيضاً، والمصائب التي تصيب اليهود هدفها تطهيرهم أما مصائب الأمم غير التائبين فهي للهلاك.
آية (1) هوذا الرب يخلي الأرض و يفرغها و يقلب وجهها و يبدد سكانها.
الأرض = يهود وأمم، فالخلاص لكل بني أدم. ويقلب وجهها = تصير كصحن تقلبه فلا يصير فيه شيئاً. والأرض خربت بسبب الخطية. ونجد دائماً أن نهآية الأفراح العالمية حزن دائم.
آية (2) و كما يكون الشعب هكذا الكاهن كما العبد هكذا سيده كما الأمة هكذا سيدتها كما الشاري هكذا البائع كما المقرض هكذا المقترض و كما الدائن هكذا المديون.
الكل سواء في الخراب الواحد الذي يعم جميع الناس بدون استثناء ومراتب الناس لن تحميهم من الخراب أو من غضب الله.
آيات (3، 4) تفرغ الأرض إفراغا و تنهب نهبا لان الرب قد تكلم بهذا القول. ناحت ذبلت الأرض حزنت ذبلت المسكونة حزن مرتفعو شعب الأرض.
سبب الخراب هو الخطية والكبرياء مرتفعو = متكبرون.
آية (5) و الأرض تدنست تحت سكانها لأنهم تعدوا الشرائع غيروا الفريضة نكثوا العهد الأبدي.
سبب الخراب هو الخطايا = تعدوا الشرائع " ملعونة الأرض بسببك" ولهذا تأثرت الأرض بخطايا الإنسان إذ صارت ملعونة. العهد الأبدي = هو ناموس الله المطبوع في الإنسان أي الضمير ثم وصايا الناموس لشعب الله.
آية (6) لذلك لعنة أكلت الأرض و عوقب الساكنون فيها لذلك احترق سكان الأرض و بقي أناس قلائل.
من مراحم الرب أن هناك بقية.
آيات (7 - 9) ناح المسطار ذبلت الكرمة أن كل مسروري القلوب. بطل فرح الدفوف انقطع ضجيج المبتهجين بطل فرح العود. لا يشربون خمرا بالغناء يكون المسكر مرا لشاربيه.
انصبت الدينونة علي من يفرحون بهذا العالم فرحاً زائفاً ويصير الخطاة بلا تعزية وبلا سلام داخلي.
آية (10) دمرت قرية الخراب أغلق كل بيت عن الدخول.
قرية الخراب = ربما تكون أورشليم وربما أي مدينة تخرب بسبب الخطايا. أغلق كل بيت = بسبب الحزن والخراب.
آية (11) صراخ على الخمر في الأزقة غرب كل فرح انتفى سرور الأرض.
نري هؤلاء البائسين يتصارعون علي الخمر لعلهم يتعزون ولا فائدة.
آية (12) الباقي في المدينة خراب و ضرب الباب ردما.
سلامة المدينة في سلامة بابها، وهنا نجد الباب مضروباً.
آية(13) انه هكذا يكون في وسط الأرض بين الشعوب كنفاضة زيتونة كالخصاصة إذا انتهى القطاف.
مرة ثانية في نفس الإصحاح نري أن هناك بقية ستخلص.
آيات (14، 15) هم يرفعون أصواتهم و يترنمون لأجل عظمة الرب يصوتون من البحر.لذلك في المشارق
مجدوا الرب في جزائر البحر مجدوا اسم الرب اله إسرائيل.
نجد هنا ترتيل وترنيم لبزوغ النور الإلهي. وقارن مع ترنيمة المفديين (رؤ 15) وترنيمة موسي بعد الخروج. إذاً هذه هي ترنيمة الذين خلصهم المسيح من هذا الخراب الذي حل بالأرض. وهؤلاء المخلصين سيكونون في كل العالم من المشارق إلي غرب الأرض = جزائر البحر الكل يمجد. هذه أفراح البقية الأمينة المؤمنة، وبينما تتوقف الأفراح العالمية لا تتوقف الأفراح الروحية للقديسين (حتى في أوقات استشهادهم أو موتهم).
آية (16) من أطراف الأرض سمعنا ترنيمة مجدا للبار فقلت يا تلفي يا تلفي ويل لي الناهبون نهبوا الناهبون نهبوا نهبا.
عند ظهور مجد الرب هناك من يرنم كما سبق، ولكن هناك أيضاً من رفض الإيمان ومن عاش في خطيته هؤلاء الذين يهلكون يصرخون ياتلفي وربما هنا النبي في شفقته عليهم يتكلم بلسانهم. الناهبون نهبوا = من كان أبنا لإبليس في حياته رافضاً التوبة سينهبه إبليس في النهآية.
آية (17) عليك رعب و حفرة و فخ يا ساكن الأرض.
العدو يحارب شعب الله بالرعب والخداع والفخاخ.
آية (18) و يكون أن الهارب من صوت الرعب يسقط في الحفرة و الصاعد من وسط الحفرة يؤخذ بالفخ لان ميازيب من العلاء انفتحت و أسس الأرض تزلزلت.
المصائب مشبهة بميازيب إشارة لما حدث أيام الطوفان وربما تتزلزل الأرض فعلاً في آخر الأيام، بل هي ستزول وتحترق وتترنح كالسكران، أي هي غير ثابتة.
آيات (19، 20)انسحقت الأرض انسحاقا تشققت الأرض تشققا تزعزعت الأرض تزعزعا. ترنحت الأرض ترنحا كالسكران و تدلدلت كالعرزال و ثقل عليها ذنبها فسقطت و لا تعود تقوم.
إنسحقت.... تشققت.... تزعزعت = النبي لم يجد كلمة واحد للتعبير عما حدث. كل ما إعتبره الإنسان ثابتاً سيهتز. هنا نري صورة لثقل الخطية التي حملها المسيح عنا فهي مثل كتلة ثقيلة ارتطمت بالأرض فسحقتها وشققتها وزعزعتها. كالعرزال كوخ يبنيه المراقب في أطراف الشجرة ليراقب الحيوانات في الغابة فيثقل علي الفرع فينثني ولا تعود تقوم = إشارة لسقوط الممالك ونهآية بسقوط الأرض والسماء وزوالها لتقوم الأرض الجديدة والسماء الجديدة (رؤ 21 :1)
آية (21) و يكون في ذلك اليوم أن الرب يطالب جند العلاء في العلاء و ملوك الأرض على الأرض.
جند العلاء = هم أجناد الشر الروحية الذين سيحكم الله عليهم.
آية (22) و يجمعون جمعا كاسارى في سجن و يغلق عليهم في حبس ثم بعد أيام كثيرة يتعهدون.
المعني أن الله سيحط من شأن الشيطان ويقيده بسلسلة حتى يأتي الزمان الأخير حين يلقيه في البحيرة المتقدة بنار (رؤ 20 :10) أما حط الشيطان وتقييده بسلسلة فهذا تم بالصليب. أساري في سجن = أي موجودين في جهنم مكان انتظار الأشرار حتى يأتي اليوم الأخير الذي فيه يتعهدون أي يعاقبون بدخولهم للجحيم.
آية (23) ويخجل القمر و تخزى الشمس لان رب الجنود قد ملك في جبل صهيون و في أورشليم و قدام شيوخه مجد.
هذا ماحدث يوم الصليب وسيحدث في اليوم الأخير، فلقد خجل القمر والشمس أمام ما فعله الإنسان بمخلصه وفاديه. وقد تعني أن الأبرار سيعاينون نور الله الذي أمامه يخجل نور الشمس والقمر. قدام شيوخه مجد = إشارة لكهنة الرب الذين يتقدمون لأسراره.
الإصحاح الخامس والعشرون
في (24 : 16) سمع إشعياء ترنيمة من الأمم أي العالم كله... مجداً للبار. وهي تسبحة شكر علي عمل الله يقدمها النبي باسم الكنيسة علي خلاص المسيح. فنعمة الله ظهرت جزئياً في خلاص اليهود من السبي وكلياً في عمل المسيح. وسوف يسبح الأمم المسيح علي الخلاص بينما إسرائيل معزول في أحزانه. و لكن بعد أن يدخل ملء الأمم يجمع الله متفرقي إسرائيل وتخلص البقية، فترفع صهيون صوتها بذات التسبيح. وسبب الفرح خراب وسقوط قرية الخراب (24 :10) أي مملكة المخرب حيث ضد المسيح الذي كان يقاوم المدينة ذات الأساسات.
آية (1) يا رب أنت الهي أعظمك احمد اسمك لأنك صنعت عجبا مقاصدك منذ القديم أمانة و صدق.
من آية (1) إلي (5) إعلان لمقاصد الله الخيرة، حتى ولو بدت قاسية لكنها لازمة للخلاص. وفي هذه الآية يسبحون كتسبحة موسي. هنا البقية الأمينة تسبح بعد أن اعترفت بالمسيح بعد طول إنكار. البقية هم الذين امنوا بالمسيح وهم البقية من شعب اليهود في نهآية الأيام الذين عاشوا في ذل منذ قالوا ليس لنا ملك إلا قيصر. وهذا التسبيح عموما هو تسبيح كل نفس أدركت عمل المسيح الذي عمله بالفداء، ومازال يعمله فيها للان ليعينها علي الخلاص.
آيات (2، 3) لأنك جعلت مدينة رجمة قرية حصينة ردما قصر أعاجم أن لا تكون مدينة لا يبنى إلى الأبد. لذلك يكرمك شعب قوي و تخاف منك قرية أمم عتاة.
هذا الإصحاح يفسر علي خراب بابل علي يد الفرس، وبابل هنا تسمي قصر أعاجم، أي لهم لغة غير لغة اليهود. ويمكن تفسيره بصورة أعم و أشمل بخلاص العالم كله من مملكة الشر بابل التي تتكلم لغة غير لغة الله (لغة الله هي المحبة والقداسة) فهم أي إبليس وجنوده قصر أعاجم فهم يحتلون النفس كغرباء وأعاجم يملكون ما ليس لهم. والله يهدم ما فينا من إنسان عتيق ليقيم إنساناً جديداً (2 كو 4 :16) وهذه القوي جميعها سيتم تدميرها في نهآية الضيقة العظمي. كانت النفس قصراً لله لكن أحتلها الأعاجم ودمروها، والله سيعيد خلقتها خلقة جديدة، وفي نهآية الأيام ستنتهي تماماً هذه القوة الشيطانية التي تحارب البشر وتصير خراباً. وربما في قوله مدينة / قرية / قصر إشارة لسيطرة إبليس علي كل مستوي، الجماعة كلها / الأسرة / الفرد فهو يعمل علي كل المستويات ليملك علي البشر. يكرمك شعب قوي = هم إما الفرس أو أي شعب قوي ينفذ إرادة الله، أي الكنيسة القوية المرهبة بالمسيح الذي فيها والذين يخربون ويهدمون مملكة بابل. وتخاف منك قرية عتاة = هم إما البابليون أو كل مدينة تقاوم الله حين يرون يد الله في سقوطهم، وهكذا جزعت الشياطين حين شعروا بقوة المسيح.
آيات (4، 5) لأنك كنت حصنا للمسكين حصنا للبائس في ضيقه ملجأ من السيل ظلا من الحر إذ كانت نفخة العتاة كسيل على حائط. كحر في يبس تخفض ضجيج الأعاجم كحر بظل غيم يذل غناء العتاة.
المسكين والبائس هما شعب الله المُضايَق والله لشعبه حصن وملجأ من السيول، وظل من الحر، حائط يرد السيل، والله يلجأ إليه كل مسكين وبائس فيقبله، فالله لا يرفض أحدا عبر العصور ولنلاحظ المفارقة : المدينة الحصينة قصر الأعاجم يجعله ردماً (آية 2) = الله يذل المتكبرين بينما يكون حصناً للبائس فهو يرفع المتضعين ويحمي من يلجأ إليه.
والتصوير هنا يعني أن هجوم العتاة علي شعب الله كان كسيل ولكن الله يرد هذا السيل ويكون لنا كحائط وكسور يحمينا. وحينما يغنون لانتصارهم علينا إذ ضايقوا شعب الله كحر في يبس. كان الله ظل غيم يظلل علي شعبه ولنفهم أننا ما دمنا علي الأرض فهناك مضايقات من عدو الخير لكن الله لا يترك شعبه بل يكون لهم حامياً، بل هو قادر أن يحول هذه المضايقات لخير أولاده.
آيات (9 – 12) و يقال في ذلك اليوم هوذا هذا إلهنا انتظرناه فخلصنا هذا هو الرب انتظرناه نبتهج و نفرح بخلاصه. لان يد الرب تستقر على هذا الجبل و يداس مواب في مكانه كما يداس التبن في ماء المزبلة. فيبسط يديه فيه كما يبسط السابح ليسبح فيضع كبرياءه مع مكايد يديه.و صرح ارتفاع أسوارك يخفضه يضعه يلصقه بالأرض إلى التراب.
هذه ترنيمة الخلاص والانتقام من الأعداء وهذه الترنيمة تقال مرتين، الأولي حين جاء المسيح أول مرة وقدم الخلاص علي الصليب والمرة الثانية حينما يأتي في المجيء الثاني. هذه الترنيمة تعبر عن فرحتنا بخلاصنا من أعدائنا أي إبليس وجنوده، فلقد أعطانا السيد سلطاناً أن ندوس الحيات والعقارب وحول عبوديتنا حرية وجوعنا إلي شبع وعارنا إلي مجد وحزننا إلي فرح. ولنعود للآيات (6 – 8) لنري صورة الصليب والخلاص الذي قدمه المسيح.
آيات (6 – 8) و يصنع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن وليمة خمر على دردي سمائن ممخة دردي مصفى. و يفني في هذا الجبل وجه النقاب النقاب الذي على كل الشعوب و الغطاء المغطى به على كل الأمم.يبلع الموت إلى الأبد و يمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه و ينزع عار شعبه عن كل الأرض لان الرب قد تكلم.
هنا رسم واضح لأيقونة الصليب. فالمسيح هو الوليمة العظيمة المدعو لها جميع الشعوب وهي ذبيحة سمائن وخمر مصفي. المسيح يقدم ذاته لكل نفس بصفته المشبع لكل احتياجاتها فتقول النفس "الرب راعي فلا يعوزني شيءً" ويفنى في هذا الجبل = عندما صلب المسيح أنشق حجاب الهيكل بسبب الصلح وأنزاح البرقع عن أعيننا فأصبحنا ننظر مجد الله (لكن كما في لغز كما في مرآة ) بلا دخان كما كان يحدث في العهد القديم، ولكننا الآن في عصر التجلي، لقد عرفنا كل خطط الله لتمجيد الإنسان من كل الأمم. يبلع الموت إلي الأبد = المسيح الإله الحي إذ مات بجسده علي الصليب أبتلع الموت بحياته. وأعطانا جسده نأكله قائلاً من يأكلني يحيا بي، فهو أعطانا حياته نحيا بها للأبد. ينزع عار شعبه عار الشعوب الخطية وهذه قد حملها المسيح علي الصليب. وليمة سمائن = مائدة التناول من جسد المسيح هي مائدة مشبعة. دردي = أفضل أنواع الخمر وهي التي ترسب في أسفلها، لكنها حينما تنقي وتصفي تصبح أفضل الأنواع والخمر تشير للفرح الروحي، والله يعطي لأولاده أحسن أنواع الفرح (يو 16 : 22) سمائن ممخة = أي بها نخاع. لذلك نحن في القداس نكون كمن في السماء.
آيات (9 – 12) يد الرب تستقر علي هذا الجبل = الجبل هو الكنيسة جسد المسيح. فكان للمسيح قبل مجيئه ظهورات وهذه غير التجسد، أما في مجيئه متجسداً ومتأنساً فهو أستقر وسكن في طبيعتنا وما عاد يتخلي عن طبيعته الناسوتيه، ولن ينفصل لاهوته عن ناسوته. ويتوازي مع هذا انهيار الشيطان الذي يمثله هنا موآب (الموآبيون كانوا يشمتون في مصائب شعب الله ) والرب إنتصر علي الشيطان في مكانه.
1) جبل التجربة (البرية القفر)
2)النفوس التي سيطر عليها وأستعبدها فحررها المسيح.
3)الجحيم حين فك المسيح أسر السبايا.
4)الهواء حين صلب المسيح في الهواء.
كما يداس التبن = التبن يداس لعمل الطوب. والدوس إشارة لضعف إبليس الذي يبسط يديه = هو كغريق كاد أن يغرق ويبسط يديه محاولاً السباحة لينجو، وخلال محاولاته هذه يبذل أقصي وسعه لجذب كل من يمكنه أن يجذبهم ليغرقوا معه ويهلكوا. صرح إرتفاع أسوارك يخفضه = هو كان يظن أنه محصن ولكن الله خفض وأذل كبريائه.
الإصحاح السادس والعشرون
هذا الإصحاح هو تسبيح البقية بسبب الخلاص من بابل الذي هو رمز للخلاص من عبودية إبليس. فالشعب المفدى المحرر يسبح بينما تسقط أسوار بابل.
آية (1) في ذلك اليوم يغنى بهذه الأغنية في ارض يهوذا لنا مدينة قوية يجعل الخلاص أسوارا و مترسة.
المدينة القوية = أرض يهوذا = هي الكنيسة (أورشليم السماوية) والله هو سور لها يحميها، أعمال الله الخلاصية هي أسوار المدينة، لا يستطيع عدو الخير اقتحامها، لكنه هو يحاول إغراء من بالداخل. ولكن من يثبت في الله فهو غير قادر عليه. في ذلك اليوم = يوم الخلاص بالصليب.
آية (2) افتحوا الأبواب لتدخل الأمة البارة الحافظة الأمانة.
أفتحوا الأبواب = الأبواب تغلق من الخوف من الأعداء وتفتح في حالة السلام الأمة البارة = لو فهمنا أن الإصحاح يتكلم عن عودة اليهود فالبارة تعني أنهم هؤلاء الذين تخلوا عن عبادة الأوثان. ولو فهمناه عن الكنيسة فهي التي تبررت بالدم وبعد أن كانت مطرودة لخطاياها، قبلها الله وأدخلها بدمه وصار لها سلام.
آيات (3، 4) ذو الرأي الممكن تحفظه سالما سالما لأنه عليك متوكل. توكلوا على الرب إلى الأبد لان في ياه الرب صخر الدهور.
ذو الرأي الممكن = من استقر قراره علي اختيار الله والثقة فيه هذا يحفظه الله سالماً، هؤلاء هم ذوي أصحاب الهدف الثابت والعواصف لا تغير قرارهم. هنا نجد تأكيد يلذذ النفس أن الله يحفظ سلام شعبه كما حفظ الثلاثة فتية فتوكلوا علي الرب = فالرجاء به خير من الرجاء بالرؤساء.
آيات (5، 6) لأنه يخفض سكان العلاء يضع القرية المرتفعة يضعها إلى الأرض يلصقها بالتراب. تدوسها الرجل رجلا البائس أقدام المساكين.
هذه تساوي "أنزل الأعزاء من علي الكراسي ليرفع المتضعين". (لو 1 :53) يخفض سكان العلاء = بابل أو الرومان كرمز للشيطان وجنوده. و هذه نبوة بخراب كل متكبر علي شعب الله وكل عدو للكنيسة.
آية (7) طريق الصديق استقامة تمهد آية المستقيم سبيل الصديق.
الله طريقه مستقيم فليس عنده تغيير ولا ظل دوران، وهو يمهد سبيل الصديق.
آية (8) ففي طريق أحكامك يا رب انتظرناك إلى اسمك و إلى ذكرك شهوة النفس.
الأتقياء ينتظرون الرب وهو يجري أحكامه وهو ينصر شعبه ولكنه قد يؤدب. لذلك علي شعبه أن ينتظر بثقة خلاصه، ينتظر وهو ينفذ وصاياه، فالوصية ليست ثقلاً بل هي علة فرح الإنسان المستقيم (مز 119 : 14، 16، 24 ) وفي تحقيق الوصية تلاق مع المسيح نفسه. والانتظار معناه أيضاً تسليم لأحكام الله بدون تذمر. ومن يسلم أمره لله منفذاً وصاياه يتمتع به كسر خلاص وحياة.
آية (9) بنفسي اشتهيتك في الليل أيضا بروحي في داخلي إليك ابتكر لأنه حينما تكون أحكامك في الأرض يتعلم سكان المسكونة العدل.
التأمل في صفات الله يدفع للشوق إليه وأن يبكر الإنسان بالصلاة له (أم 8 : 17، 18) ومن أحكامه وكتابه المقدس نتعلم العدل. في الليل = في ليل هذا العالم تشتهي النفس اللقاء مع المسيح لأن النفس تعبت طول النهار من حر الشمس (ألام العالم) منتظرة في شوق أن تشرق عليها أفراح الأبدية.
آية (10) يرحم المنافق و لا يتعلم العدل في ارض الاستقامة يصنع شرا و لا يرى جلال الرب.
الله يمطر علي الأبرار وعلي المنافقين ولكنهم للأسف لا يشعرون بكل عطاياه بسبب عماهم الروحي الناشئ عن خطيتهم. في أرض الاستقامة يصنع شراً قد يصنع الأشرار خطاياهم بينما هم في الكنيسة. هؤلاء الأشرار سيحرمون من معاينة عزاء الرب هنا ومن مجده في الأبدية.
آية (11) يا رب ارتفعت يدك و لا يرون يرون و يخزون من الغيرة على الشعب و تأكلهم نار أعدائك.
ارتفعت يدك = بالضربات علي الأشرار ولعماهم الروحي لا يرون. يرون ويخزون = في النهآية سيرون ما حدث لهم من خراب ويخزون إذ يقارنون بالبركات والنصر الذي كان لشعب الله = يخزون من الغيرة علي الشعب. والغيرة هي غيرة الله علي شعبه، والله ينتقم لشعبه ويكون ناراً آكلة للأعداء.
آية (12) يا رب تجعل لنا سلاما لأنك كل أعمالنا صنعتها لنا.
كل أعمالنا صنعتها لنا = كل البركات التي نحن فيها صنعها الله لنا.
آيات (13، 14) آيةا الرب ألهنا قد استولى علينا سادة سواك بك وحدك نذكر اسمك.هم أموات لا يحيون أخيلة لا تقوم لذلك عاقبت و أهلكتهم و أبدت كل ذكرهم.
سادة سواك = هم إما ملوك بابل أو هم رمز لاستعباد الشيطان لشعب الله. هم يشتكون أن الله باعهم لسادة سواه يذلونه و الأصح أنهم بخطاياهم باعوا أنفسهم والله تركهم ليعرفوا الفرق بينه كسيد وبين الآخرين فهم اختاروا سادة يذلونهم والآن يقدمون توبة ويعودون لله. بك وحدك = أي بواسطة معونتك ننتصر عليهم نذكر إسمك = هذه فائدة التجربة أنهم عادوا لله، فهم تركوا الله ونسوه وقت أفراحهم وعادوا بسبب التجربة.
آيات (15، 16) زدت الأمة يا رب زدت الأمة تمجدت وسعت كل إطراف الأرض. يا رب في الضيق طلبوك سكبوا مخافتة عند تأديبك إياهم.
هذه نبوة برجوع اليهود من السبي وزيادة عددهم بعد أن طلبوا الرب في ضيقهم. وسكبوا مخافته = أي صلوا بصلوات خافته لله، ونلاحظ قوله هنا سكبوا، ولكنهم في أفراحهم كانت صلواتهم قليلة بل نادرة وربما كانت كقطرات. ولما صلوا أرجعهم الله ووسع أمتهم و زادها. و لكنها نبوة أيضا علي الكنيسة و دخول الأمم وزيادة شعب الله، والرسل بلغت أصواتهم كل المسكونة. عموماً نري في هذه الآيات أن الضيق والتأديب يوسعان الأمة ويؤديان للنمو المستمر وهذا ما حدث في عصور الاستشهاد.
آيات (17، 18) كما أن الحبلى التي تقارب الولادة تتلوى و تصرخ في مخاضها هكذا كنا قدامك يا رب.حبلنا تلوينا كأننا ولدنا ريحا لم نصنع خلاصا في الأرض و لم يسقط سكان المسكونة.
كان كل اجتهادهم في تخليص نفوسهم عبثاً، وما اكتشفوه في وقت الضيق ضعفهم، واحتياجهم كل الاحتياج إلي الرب. وعلي قدر تعبهم لم يسقط البابليين = سكان المسكونة. و هذا القول ينطبق تمام الانطباق روحياً فمهما جاهد الإنسان لوحده بدون الله للخلاص من خطية واحدة فلن يقدر. لأنه ليس بالقدرة ولا بالقوة (ليس بذراع إنسان ) بل بروحي يقول رب الجنود (زك 4 :6) وهل مهما حاول الإنسان يستطيع أن يعطي لنفسه قيامة ؟ بالطبع لا. ولكن سر القوة أن الله يعطي لأولاده قيامة (آية 19). فأولاد الله يتألمون و النتيجة مضمونة وهي القيامة، أما الأشرار فلن ينجبوا من أتعابهم وألامهم سوي الأنا وهذه ليست سوي ريح أو كبرياء فارغة.. و نلاحظ أنه شبه ألآلام هنا بأنها ألام ولادة، فمن يسمح الله بأن يتألم سيولد إنساناً جديد له أن يقوم من بين الأموات.
آية (19) تحيا أمواتك تقوم الجثث استيقظوا ترنموا يا سكان التراب لان طلك طل أعشاب و الأرض تسقط الأخيلة.
لننظر المفارقة فأعداء شعب الله أخيلة لا تقوم (آية 14)، أما شعب الله حتى وإن كانوا أمواتاً فسيحيون. وهذا النص هو أول نص صريح عن القيامة من الأموات. وهذا ينطبق علي إسرائيل وقت السبي فهم كانوا كأموات قامت أمتهم، وينطبق علي شعب الله قبل المسيح إذ كنا أموات.
طل أعشاب = شبه النبي اليهود بعشب كان قد يبس من الجفاف ثم نزل عليه المطر أي نعمة الله وإحساناته فأنتعش. والأرض تسقط الأخيلة = الأرض تخرج أمواتها إشارة لقيامة الأمة اليهودية، أو قيام الكنيسة،أو قيامتنا بعد الموت.
آيات (20، 21) هلم يا شعبي ادخل مخادعك و أغلق أبوابك خلفك اختبئ نحو لحيظة حتى يعبر الغضب. لأنه هوذا الرب يخرج من مكانه ليعاقب إثم سكان الأرض فيهم فتكشف الأرض دماءها و لا تغطي قتلاها في ما بعد.
هذه الآيات كأنها إجابة علي أسئلة الناس وهي "كيف تعدنا بالخلاص ونحن مازلنا في أحزاننا؟ هنا يدعوهم للدخول إلي مخادعهم ليتركوا العاصفة التي تشتت آخرين تقربهم لله أكثر. في المخدع نضع أنفسنا تحت الحمآية الإلهية، وسبق لنوح أن أحتمي بالفلك وقت الطوفان، واليهود احتموا في بيوتهم وقت مرور الملاك المهلك، وراحاب اختبأت في بيتها، ونحن الآن نختبئ في الكنيسة وفي مخادعنا أي بالعلاقة السرية مع المسيح. وفي الضيقة العظمي (وهذه في نظر الله لحيظة، بل حياتنا كلها علي الأرض لحيظة بعدها مجد أبدي) قد يكون علي الكنيسة أن تختبئ ولكن أين، هذا ما سيعلن وقتها. وحتى الموت فنحن به ننتقل إلي راحة نبقي خلاله لحيظة بلا أجساد بعدها نحصل علي الجسد الممجد. يخرج الرب من مكانه = عبارة تعني أن الرب سيعاقب أعداء شعبه وتظهر قوته في عقابهم، وينتقم لكل دم بريء سفك علي الأرض سواء قتل حتى الدم أو ظلم أو هلاك نفوس، هو سيعاقب لوياثان (27 – 1) وكل من استجاب له وظلم شعبه. والله بدأ هذا بصليبه وسيتم عقاب لوياثان النهائي في اليوم الأخير (كو 2 : 14، 15 + رؤ 20 : 10).
الإصحاح السابع والعشرون
الآية الأولي مناسبة لنهآية الإصحاح السابق، الذي حدثنا عن عقوبة الشيطان ودينونته وبعد ذلك نسمع صوت الرب نفسه يرتفع عالياً بالنشيد فرحاً بشعبه المُخَلَص. هو نشيد كرمة لكنه غير نشيد الكرمة في (ص 5) فهناك وجد الله عنبا رديئاً لأن إسرائيل حسب الجسد لم ينتج ثمراً لله أما الآن فنري الجنات مثقلة بعنب شهي.
آية (1) في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد لوياثان الحية الهاربة لوياثان الحية المتحوية و يقتل التنين الذي في البحر.
الرب هنا كملك وحاكم وقاض يستخدم سيفه في عقوبة لوياثان = وهي كلمة عبرية معناها ملتوٍ أو ملتف كالحية، وهي كلمة تشير لوحش كبير. وقد يشير هذا للممالك التي ظلمت شعب الله أو للشيطان.
آيات (2، 3) في ذلك اليوم غنوا للكرمة المشتهات. أنا الرب حارسها اسقيها كل لحظة لئلا يوقع بها احرسها ليلا و نهارا.
غنوا = السمائيين هم الذين يغنوا إذ أدركوا عمل الله الخلاصي لكنيسته (رؤ 5 : 11 – 14) هنا نسمع تسبيح الكاروبيم وال 24 قسيساً لأجل الخلاص. أسقيها أي رعآية مستمرة بأمطار نعمته المجانية أي روحه القدوس الكرمة المشتهاة = شعب الله. وهي كرمة محبوبة لصاحبها، هو يحرسها ولا يسلمها لحارس. يحرسها ليلاً = أي وسط الضيقات يعينها و يعزيها ولا يتركها. ونهاراً = هي أوقات السلام التي لا يعاني فيها أبناء الله أي ضيقات. وفيها يتعرض المؤمن لأن ينسي الله وينشغل في العالم، بل أن في الضيق يسهل علي المرء أن يلجأ لله. وقارن مع نشيد الكرمة السابقة (ص 5) والذي نزع سياجها. و أصحاب التفسير الألفي يقولون عن هذه الآيات أنها ستحدث خلال فترة الألف سنة، ولكن من تذوق العمل الخلاصي أدرك قوة عمل الصليب في حياته الآن. وأنه يحيا هذه الألف سنه الآن، ويحيا في أفراح الخلاص الآن.
آية (4) ليس لي غيظ ليت علي الشوك و الحسك في القتال فاهجم عليها و احرقها معا.
ليس لي غيظ = فهو نسي خطايانا وغسلها بدمه. ولا يعود يديننا. ليت عليَ الشوك = الشوك هو إشارة للخطية، بل هو نتاج الخطية "تخرج لك الأرض شوكاً وحسكاً" وهنا نري شهوة المسيح في محبته أن يحمل هو كل لعنات وثمار خطايانا، لذلك تكلل رأسه بإكليل شوك، هذه كانت إرادته وشهوته. ولكن من يريد أن يترك المسيح، ويظل في خطيته فسيحترق مع أشواك خطيته.
آية (5) أو يتمسك بحصني فيصنع صلحا معي صلحا يصنع معي.
هنا مره أخري نرى شهوة قلب الله أن يصنع صلحاً مع الإنسان وحتى الأشرار من منهم يتمسك بحصن الرب يصنع معه الرب صلحاً فيخلص من النار.
آية (6) في المستقبل يتأصل يعقوب يزهر و يفرع إسرائيل و يملأون وجه المسكونة ثمارا.
هذه نبوة برجوع إسرائيل، ولكن النبوة تمتد لما هو أبعد من هذا. فالمسيح هو أصل يعقوب وذريته، فتصبح كلمة يتأصل يعقوب نبوة عن التجسد فالكنيسة تنمو ويكون لها جذور وثمار حلوة، ويؤكد هذا بقية الآية. يزهر ويفرع إسرائيل ويملأون وجه المسكونة ثماراً = هذه هي الكنيسة جسد المسيح حين تتأصل في نعمة الله وتزهر فضائل وتنمو في كل المسكونة ويدخلها كل الأمم.
آية (7) هل ضربه كضربة ضاربيه أو قتل كقتل قتلاه.
ضرب إسرائيل يكون للتأديب فمن يحبه الرب يؤدبه، وضرب الأعداء لإفنائهم.
آيات (8، 9) بزجر إذ طلقتها خاصمتها أزالها بريحه العاصفة في يوم الشرقية. لذلك بهذا يكفر إثم يعقوب و هذا كل الثمر نزع خطيته في جعله كل حجارة المذبح كحجارة كلس مكسرة لا تقوم السواري و لا الشمسات.
هنا إسرائيل مشبهة بامرأة زانية حذرها زوجها لتعود عن زناها ولم ترجع. فطلقها بزجر = أي بعنف وخاصمها. وأزالها = طردها من مكانها أي من بيتها. بريح شرقية = وهي ريح عنيفة مضره، وهذا إشارة لما سوف يحدث في سبي بابل فقد طردهم الله من أرضهم وذهبوا إلي بابل. ولكن الله لم يترك شعبه للأبد. بل كفر إثم يعقوب، وكان ثمر عمل الله نزع الخطية وتكسير مذابح الأوثان. وهكذا طرد أدم من الجنة إلي أن كفر المسيح عن إثمه. والريح العاصفة تشير للتجارب، والريح تزيل القش والعصافة وتترك الثمار، هذه هي الآلام التي يسمح بها الله لينقي شعبه. لكن لليهود تشير لبابل.
آيات (10، 11) لان المدينة الحصينة متوحدة المسكن مهجور و متروك كالقفر هناك يرعى العجل و هناك يربض و يتلف أغصانها. حينما تيبس أغصانها تتكسر فتاتي نساء و توقدها لأنه ليس شعبا ذا فهم لذلك لا يرحمه صانعه و لا يترأف عليه جابله.
هذا حال أورشليم حين يتركها الله ويهجرها فحين كان الله معها كانت حصينة وفرحة ولكن الله جاء لهم وصلبوه، تركوا الله فتركهم الله وأصبحت أورشليم متوحدة. والمسكن مهجور ومتروك كالقفر. وهناك يرعي العجل = قد يشير للشيطان لأنهم عبدوا العجل عبادة وثنية. وهذا طبيعي فالمكان الذي يتركه الله يرعي فيه الشيطان. وحين ترعي العجول في المدينة فهذا فيه إشارة للخراب التام.
وتيبس أغصانها = فالتينة حين لعنت جفت أغصانها ولذلك تستعمل في الحريق. وتركهم لله ورفضهم للمسيح يدل أنهم شعب ليس بذي فهم وللآن فكل نفس تترك المسيح وترفضه وتختار طريق الشر يرعي فيها الشيطان وتكون معرضة للحريق. ومن يفعل هذا يكون بلا فهم.
آيات (12، 13) و يكون في ذلك اليوم أن الرب يجني من مجرى النهر إلى وادي مصر و انتم تلقطون واحدا واحدا يا بني إسرائيل.و يكون في ذلك اليوم انه يضرب ببوق عظيم فيأتي التائهون في ارض أشور و المنفيون في ارض مصر و يسجدون للرب في الجبل المقدس في أورشليم.
سبق في الآيات السابقة وأنبأ برفض اليهود، ولكن كان في هذا بركة للأمم فكان الله يجني من مجري النهر = الفرات إلي مصر وهذا يعني دخول الأمم، ولكن الله لن يترك شعب إسرائيل فسيلقطون واحداً واحداً (البقية) و حين تدخل هذه البقية الإيمان يضرب بوق عظيم = هو البوق الذي يأتي بعده الرب. وقبل مجيء الرب تحدث النبوة التي سبق وتنبأ عنها في (ص 19) أي إيمان عظيم في أشور ومصر مع إيمان بقية إسرائيل ويسجد الجميع للرب في الجبل المقدس (الكنيسة) حينئذ يقال مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور وميراثي إسرائيل. لذلك يري البعض أن في هذه الآيات نبوة برجوع بعض اليهود لإسرائيل في نهآية الأيام ليؤمنوا بالمسيح.
ومرحلياً فالبوق هو كورش الذي رد المسبيين من بابل، وهي الإنجيل الذي رد العالم كله.
الإصحاح الثامن والعشرون
هذا الإصحاح نبوة بسقوط السامرة و إنذار لأورشليم بسبب أنهم خُدِعوا بالخيرات الزمنية فظنوها باقية فسكروا بالخمر و ذهبوا لعبادة الأوثان.
آية (1) ويل لإكليل فخر سكارى افرايم و للزهر الذابل جمال بهائه الذي على رأس وادي سمائن المضروبين بالخمر.
أفرايم = إشارة لمملكة إسرائيل فإفرايم اكبر وأغني الأسباط، كان بها وفرة من الخيرات. إكليل فخر = كان سكان إسرائيل يفتخرون بعاصمتهم الجميلة السامرة. سكارى إفرايم = كان سكانها سكارى. علي رأس وادي = فهي مرتفعة وعوضاً عن أن تكون نوراً شاهداً لبركات الله سقطت في رذائلها. وعقوبتها لأنها أساءت استعمال خيرات الله، أن الله سيأخذ ما بين أيديها فيتحول سمانها إلي هزال = للزهر الذابل جمال بهائه = لسقوطها (هذا ما فعلته أشور بهم) سماها زهر ذابل. و كان السكارى قديماً يلبسون إكليل زهر معتقدين أن رائحته تخفف من أثار السكر فكان الإكليل علامة الخلاعة. إذاً الزهر هو استعارة من شكل السكارى وإضفاء هذا الشكل علي السامرة الجميلة كلها وكما سيخرب السكارى هكذا ستخرب السامرة كلها.
آيات (2- 4) هوذا شديد و قوي للسيد كانهيال البرد كنوء مهلك كسيل مياه غزيرة جارفة قد ألقاه إلى الأرض بشدة. بالأرجل يداس إكليل فخر سكارى افرايم. و يكون الزهر الذابل جمال بهائه الذي على رأس وادي السمائن كباكورة التين قبل الصيف التي يراها الناظر فيبلعها و هي في يده.
الشديد و القوي = هو ملك أشور الذي جاء كرجل واحد. وانهيال البرد هو هجوم أشور الذي بلا شفقة. باكورة التين = إذا وجد شخص تين مثمر كباكورة يلتهمه في الطريق حتى قبل أن يصل لبيته من لذته، وهذا إشارة لطمع ملك أشور.
آيات (5، 6) في ذلك اليوم يكون رب الجنود إكليل جمال و تاج بهاء لبقية شعبه.و روح القضاء للجالس للقضاء و باسا للذين يردون الحرب إلى الباب.
يوم سقوط السامرة يكون الله إكليل جمال ليهوذا. و يوم سقوط أورشليم يكون الله إكليل جمال لشعبه (البقية). ويوم الصليب يوم سقوط إبليس، اليوم الذي حمل فيه الرب عارنا يكون هو إكليل لشعبه. ويوم سقوط أورشليم علي أيدي الرومان يكون الله إكليل جمال علي الذين آمنوا بالمسيح. وفي الأيام الأخيرة يكون الله إكليل لمن لم يتبعوا الدجال. عموماً فيوم دينونة الخطية هو يوم يظهر فيه مجد الله الذي دان الشر وحفظ بقية شعبه الذين رفضوا الشر، فدينونة الشر مجدا لله بل يكون الله هو روح القضاء للجالس للقضاء = الله يعطي للجالسين علي كرسي القضاء روح عدل، وهو الذي أعطي شعبه الروح واعداً "روح أبيكم يتكلم فيكم" وهو الذي أعطي تلاميذه وكنيسته سلطان الحل والربط. بل يكون أيضاً بأساً للمحاربين = فهو كل شيء لشعبه.
آيات (7، 8) و لكن هؤلاء أيضا ضلوا بالخمر و تاهوا بالمسكر الكاهن و النبي ترنحا بالمسكر ابتلعتهما الخمر تاها من المسكر ضلا في الرؤيا قلقا في القضاء. فان جميع الموائد امتلأت قيئاً و قذرا ليس مكان.
هذه عن يهوذا فالجميع زاغوا وفسدوا. وبسبب الخطية ضلا في الرؤيا والقضاء. النبي = هم الأنبياء الكذبة. قلقا في القضاء = لم تعد لهم رؤيا صحيحة للأحداث ففقدوا العدل. ليس مكان = كان الكهنة يسكرون في كل مكان فلم يوجد مكان نظيف، لا يوجد مكان يستريح فيه الله ولا مكان يستريح فيه إنسان.
آيات (9، 10) لمن يعلم معرفة و لمن يفهم تعليما المفطومين عن اللبن للمفصولين عن الثدي. لأنه أمر على أمر أمر على أمر فرض على فرض فرض على فرض هنا قليل هناك قليل.
لم يقبل الشعب تعاليم النبي لكبريائهم وقالوا لمن يعلم معرفة هل نحن مفطومين أي أطفال. لأنه أمر علي أمر... أي يكرر تعاليمه كما لأطفال صغار، لقد أكثر من أوامره، وضجروا من تعاليمه، فهم في نظر أنفسهم علماء في الدين لا يحتاجون لأي تعليم. ويبدو أن هؤلاء السكارى أخذوا كلام النبي وحولوه لأغنية علي سبيل المزاح فكرر النبي هنا أغنيتهم وكلامهم بل هم اعتبروا ما يقوله النبي تافه هنا قليل وهناك قليل = أي ما يقوله أشعياء أشياء بسيطه لا يصح أن يعلمنا إياها.
آيات (11- 13) انه بشفة لكناء و بلسان آخر يكلم هذا الشعب. الذين قال لهم هذه هي الراحة أريحوا الرازح و هذا هو السكون و لكن لم يشاءوا أن يسمعوا. فكان لهم قول الرب أمرا على أمر أمرا على أمر فرضا على فرض فرضا على فرض هنا قليلا هناك قليلا لكي يذهبوا و يسقطوا إلى الوراء و ينكسروا و يصادوا فيؤخذوا.
بشفة لكناء = هنا إنذار لهم "ما لم تقبلوه من النبي بإنذاره اللطيف سيعلمه لكم ملك أشور بلغة العنف والحرب والسبي، والشفة اللكناء واللسان الأخر. نبوة عن ملك أشور الأجنبي. وآية (12) حاول النبي إشعياء أن يعلمهم الراحة الحقيقية وأنها ليست في الخمر بل أن يريحوا المتألمين = الرازح وفي هذا راحة لله ولهم وللمتألم الرازح، لكنهم لم يسمعوا، وأهتم الكهنة وغيرهم في الممارسات الخارجية الشكلية دون أعمال محبة. فكان لهم قول الرب أمراً علي أمر... = أي ما لم تقبلوه من النبي وحولتموه لسخرية سوف تنفذونه بالعنف.
آية(14) لذلك أسمعوا كلام الرب يا رجال الهزء ولاة هذا الشعب الذى فى أورشليم.
آية (15) لأنكم قلتم قد عقدنا عهدا مع الموت و صنعنا ميثاقاً مع الهاوية السوط الجارف إذا عبر لا يأتينا لأننا جعلنا الكذب ملجأنا و بالغش استترنا.
إذا كانوا قد قالوا هذا الكلام فهم قد قالوه كتحد للنبي. و غالباً هم لم يقولوا هذا الكلام بالحرف ولكن هذا لسان حالهم أو أفعالهم. فمخالفتهم المتكررة لوصايا الله هي عقد عهد مع الموت. وعقدهم محالفات مع مصر ضد أشور هي صنع ميثاق مع الهاوية والسوط الجارف = أشور. فهم تصوروا أن تحالفاتهم وغشهم (تحالفهم مع أشور مرة ومع مصر مرة) سيحميهم من غزو ملك أشور.
آية (16) لذلك هكذا يقول السيد الرب هاأنذا أؤسس في صهيون حجرا حجر امتحان حجر زاوية كريما أساسا مؤسسا من آمن لا يهرب.
هم وضعوا أساساً كاذباً من المعاهدات ولكن الله هنا يريهم الأساس الحقيقي (المسيح) وأنه الملجأ الحقيقي. هنا نري الحاجة إلي مخلص حقيقي.
حجر امتحان = حاربه الشيطان وامتحنه وبنصرته أعطانا أن ننتصر.
حجر زاوية = جمع الاثنين في واحد (اف 2 : 15، 16).
آية (17) و اجعل الحق خيطا و العدل مطمارا فيخطف البرد ملجأ الكذب و يجرف الماء الستارة.
بعد أن صار المسيح حجر الزاوية للبناء يقوم الروح القدس بإكمال البناء. بالخيط والمطمار اللذين بهما يصبح البناء مستقيماً. وهو أيضأ سيبين ويبيد روح الكذب. البَرَدْ السائل ينزل علي شكل مياه (إشارة لعمل الروح القدس الآتي من فوق) وهذه المياه تطفو فتجرف الستارة (الغش الذي كانوا يختفون فيه) وقد يكون البرد والمياه إشارة للتجارب التي يسمح بها الله للتنقية.
آية(18، 19) و يمحى عهدكم مع الموت و لا يثبت ميثاقكم مع الهاوية السوط الجارف إذا عبر تكونون له للدوس. كلما عبر يأخذكم فانه كل صباح يعبر في النهار و في الليل و يكون فهم الخبر فقط انزعاجا.
المصائب القادمة من أشور تكون كالسوط الجارف. وتكونون له للدوس عبرت جيوش أشور في أرض إسرائيل 8 مرات علي الأقل، وكل مرة فيها خراب لهم. كل صباح = أي تكون المصائب متوالية.
آية (20) لان الفراش قد قصر عن التمدد و الغطاء ضاق عن الالتحاف.
تظهر الآية ضيقهم الناتج من الاستعداد الخاطئ (فراش قصير) أي إعتمادهم علي النبوات الكاذبة ومعاهداتهم والأحلاف التي يحتمون بها.
آية (21) لأنه كما في جبل فراصيم يقوم الرب و كما في الوطاء عند جبعون يسخط ليفعل فعله فعله الغريب و ليعمل عمله عمله الغريب.
سبق الله وساند اليهود ضد الفلسطنين في جبل فراصيم والوطاء عند جبعون، (2صم 5 : 20، 25 + 1أي 16،11:14) والآن الله سيعمل هذا العمل ضد اليهود وسيساند الأمم الوثنية وهذا هو الفعل الغريب فكما شابه اليهود الوثنيين في أعمالهم سيشابهونهم في ضرباتهم فالله الرحيم هو أيضاً عادل.
آية (22) فالآن لا تكونوا متهكمين لئلا تشدد ربطكم لأني سمعت فناء قضي به من قبل السيد رب الجنود. على كل الأرض.
كان اليهود مربوطين بربط الجزية. والمقصود لا تزيدوا خطاياكم فتتحول ربط الجزية إلي ربط حرب.
(23 – 29) أصغوا وأسمعوا صوتى إنصتوا وأسمعوا قولى. هل يحرث الحارس كل يوم ليزرع ويشق أرضه ويمهدها. أليس انه إذا سوى وجهها يبذر الشونيز و يذري الكمون و يضع الحنطة في اتلام و الشعير في مكان معين و القطاني في حدودها. فيرشده بالحق يعلمه إلهه أن الشونيز لا يدرس بالنورج و لا تدار بكرة العجلة على الكمون بل بالقضيب يخبط الشونيز و الكمون بالعصا. يدق القمح لأنه لا يدرسه إلى الأبد فيسوق بكرة عجلته و خيله لا يسحقه. هذا أيضا خرج من قبل رب الجنود عجيب الرأي عظيم الفهم
الشونيز = بزره يسمي حبة البركة وهو لا يدرس بل يخبط بالعصا. هذه تشبه أمثال السيد المسيح، وهي عن فلاح يعرف كيف يعمل أرضه بصبر وقواعد، يحرث ويروي كل يوم وله رجاء في الثمار، وهو يعرف أي أرض يزرع فيها كل نوع من الحبوب ويرسل خدامه ليروي أرضه. وهناك قضيب (أي تجارب) لكل نوع. وهو مصمم لكي نتحرر من العالم وتفصل بيننا وبين العصافة. إذا أدي القضيب عمله لا يلجأ لما هو أقسي أي بكرة عجلته التي تستخدم في طحن الدقيق الذي لم ينظف قشه.. إذا الهدف من التأديب هو كالحارث الذي يحرث، والله يحرث بحكمة ويميز بين متطلبات كل صنف. وكل عمل الله الذي يعمله بحكمة، هو زارع يطلب الثمار ولا يريد سحق المحصول.
الإصحاح التاسع والعشرون
هنا نري الويلين الثاني والثالث (1- 14) ، (15 – 24) ونري أن الله يستخدم أشور ثم بابل ثم الرومان ليضايق أورشليم ليؤدبها فتتضع أورشليم وتتكلم من الأرض (آية 4) ثم يعاقب أشور فتصير غبار (آية 5). وهذا يعمله مع كل نفس يؤدبها ويريدها أن تصبح أورشليماً له.
آية (1) ويل لاريئيل لاريئيل قرية نزل عليها داود زيدوا سنة على سنة لتدر الأعياد.
أريئيل = تعني موقد الله. وهذا إشارة للمذبح الذي يقدم عليه المحرقات. ومذبح الله كنآية عن أورشليم. نزل عليها داود = وأخذها لنفسه من اليبوسيين. والله سينزل عليها ويأخذها لنفسه بنزع خطاياها. زيدوا سنة علي سنة = تهكم عليهم إذ إنهم اهتموا بشكليات العبادة كتقديم ذبائح (علي أريئيل) دون الاهتمام بحالة قلبهم واهتموا بالطقوس الخارجية كل سنة في أعيادهم ولكن بلا ثمر.
آية (2) و أنا أضايق اريئيل فيكون نوح و حزن و تكون لي كاريئيل.
بسبب مسلكهم سيضايق الله أورشليم فتصبح. كأريئيل = أي كموقد الله أي تتقد فيها نيران المصائب وتكون نهايتها رماد. ثم بعد ذلك تصير موقد يحرق أعدائها.
آيات (3، 4) و أحيط بك كالدائرة و أضايق عليك بحصن و أقيم عليك متارس. فتتضعين و تتكلمين من الأرض و ينخفض قولك من التراب و يكون صوتك كخيال من الأرض و يشقشق قولك من التراب.
الله يضايقها حتى تتواضع ويكون صوتها منخفضا. ويشقشق = يكون صوتهم كمن يكلمون الموتى في همس.
آيات (5، 6) يصير جمهور أعدائك كالغبار الدقيق و جمهور العتاة كالعصافة المارة و يكون ذلك في لحظة بغتة.من قبل رب الجنود تفتقد برعد و زلزلة و صوت عظيم بزوبعة و عاصف و لهيب نار أكلة.
من هنا يبتدئ الوعد بخلاص اليهود من أعدائهم فيشتتهم الله كغبار. وتفتقد = أي أشور و بأسلوب عنيف. في لحظة بغتة = هذا ما حدث فعلاً يوم ال 185000 ولكن انتقام الله الحقيقي كان من إبليس عدونا الحقيقي وقوله بغتة إشارة للغلبة السريعة ولإمكانيات الصليب. زلزلة. صوت عظيم... الخ يوم الصليب صاحبته ظواهر طبيعية عجيبة وهذا ما سيحدث في اليوم الأخير.
آيات (7، 8) ويكون كحلم كرؤيا الليل جمهور كل الأمم المتجندين على اريئيل كل المتجندين عليها و على قلاعها و الذين يضايقونها. و يكون كما يحلم الجائع انه يأكل ثم يستيقظ و إذا نفسه فارغة و كما يحلم العطشان أنه يشرب ثم يستيقظ و إذا هو رازح و نفسه مشتهية هكذا يكون جمهور كل الأمم المتجندين على جبل صهيون.
هذا تصوير لخيبة أمال الأعداء فهم منوا أنفسهم بالحصول علي أورشليم ولكن كان ذلك كحلم.
آيات (9- 12) توانوا و ابهتوا تلذذوا و اعموا قد سكروا و ليس من الخمر ترنحوا و ليس من المسكر. لان الرب قد سكب عليكم روح سبات و أغمض عيونكم الأنبياء و رؤساؤكم الناظرون غطاهم. و صارت لكم رؤيا الكل مثل كلام السفر المختوم الذي يدفعونه لعارف الكتابة قائلين اقرأ هذا فيقول لا استطيع لأنه مختوم. أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة و يقال له أقرا هذا فيقول لا اعرف الكتابة.
من (9 -16) تصوير لحالة الضلال التي وقع فيها الشعب فهم لا يفهمون ما هي إرادة الله في الخلاص ولذلك بدأوا من وراء ظهر النبي في عمل تحالف مع مصر. وهنا نري عيوب الشعب :-
1) توانوا = هم كانوا كمن في سبات. والنبي يتهكم عليهم فهم لم ينتبهوا لكلامه فهو أنذرهم واختاروا الضلال.
2) إبهتوا : من عمل الله دون أن يفهموا.
3) تلذذوا = هم غارقون في لذتهم غير منتبهين لكل ما سيأتي عليهم من مصائب.
4) أعموا = هم أغمضوا عيونهم بإرادتهم، والله تركهم ليعملوا ما يريدون.
5) روح سبات = حين ينزع الله روحه أو حين يغضب ينطفئ روح الله ولا يعود الإنسان يستمع لصوته فيكون كمن هو في سبات.
6) وأغمض عيونكم = هم اختاروا طريق العمى برفضهم سماع صوت الله فلذلك أغمض الله عيونهم.
7) غطاهم = حتى مشيريهم ما عادوا يرون فقد غطي رؤوسهم فلا يبصرون ولا يسمعون. وكان هذا حال الكتبة والفريسيين أيام المسيح، كانوا كمن علي عيونهم برقع (2 كو 3 : 14).
8) والكتاب لهم وكلام الأنبياء ما عاد مفهوما، كلام الأنبياء الحقيقيين كإشعياء، صار لهم ككلام السفر المختوم = هنا يتعجب النبي كيف أن اليهود لهم الناموس والهيكل والأنبياء مثله بينما هم علي هذا الحال، سكارى باحثين عن ملذات العالم، وصاروا غير فاهمين إرادة الله بل هم يتحدون إرادته. فصاروا يتعثرون في أي شيء في طريقهم إذ فقدوا الرؤية وآثروا أن يناموا ولا يبحثوا ويسمعوا شريعة الله فسكب الله عليهم نوماً عميقا.ً سكروا وليس من الخمر = هذه حالة من لا يدري بما حوله وبما يقال، وهذه كانت حالتهم.
آية (13) فقال السيد لان هذا الشعب قد اقترب إلي بفمه و أكرمني بشفتيه و أما قلبه فأبعده عني و صارت مخافتهم مني وصية الناس معلمة.
هذا تعبير عن ريائهم. وأصبح تعليم الآباء هو السائد وليس تعليم الله وهذا ما نبه له السيد المسيح (مت 15 : 3-9).
آية (14) لذلك هاأنذا أعود اصنع بهذا الشعب عجبا و عجيبا فتبيد حكمة حكمائه و يختفي فهم فهمائه.
تكرار كلمة عجباً للتأكيد والتعجب، والعجب أن يترك الله شعبه فهم تركوه وحين تركوه تركهم فضاعت حكمتهم لذلك سيقبلون ضد المسيح في أواخر الأيام وفي أيام المسيح تركوا المسيح ليسمعوا كلام الفريسييين، وفي أيام إشعياء وأرمياء تركوهم ليسمعوا الأنبياء الكذبة. وقد يكون العمل العجيب هو مجيء المسيح الذي يبطل حكمة الآخرين.
آيات (15، 16) ويل للذين يتعمقون ليكتموا رآيةم عن الرب فتصير أعمالهم في الظلمة و يقولون من يبصرنا و من يعرفنا. يا لتحريفكم هل يحسب الجابل كالطين حتى يقول المصنوع عن صانعه لم يصنعني أو تقول الجبلة عن جابلها لم يفهم.
الأرجح أن يكون الرأي الذي أرادوا أن يكتموه هو التحالف مع مصر فيا لغباوتهم فهم اعتبروا أولاً أن الله لن يعلم مؤامرتهم وثانياً أنهم بحكمتهم السياسية في التحالف يفهمون أكثر من الله. وفي هذه الآيات نري السبب في كل خطاياهم وعنادهم وهو شعورهم بأن الله لا يري.
آية (17) أليس في مدة يسيرة جدا يتحول لبنان بستانا و البستان يحسب وعرا.
لبنان = الوعر والغابات التي بلا ثمر. يتحول بستاناً = أي يكون فيه ثمار وبعد المسيح صار الأمم (الوعر) مؤمنين لهم ثمار، واليهود (البستان) وعراً بلا ثمر.
آية (18) و يسمع في ذلك اليوم الصم أقوال السفر و تنظر من القتام و الظلمة عيون العمى.
ينسكب الروح القدس علي الأمم فيسمعون ويرون، والسمع الروحي والبصيرة الروحية الداخلية هي من عند الله. أقوال السفر = كلام الله الذي في الكتاب المقدس.
آية (19) و يزداد البائسون فرحا بالرب و يهتف مساكين الناس بقدوس إسرائيل.
من ثمار عمل الله الفرح الداخلي، وكلما ازدادت المعرفة الروحية أزداد الفرح.
آيات (20، 21) لان العاتي قد باد و فني المستهزئ و انقطع كل الساهرين على الإثم. الذين جعلوا الإنسان يخطئ بكلمة و نصبوا فخا للمنصف في الباب و صدوا البار بالبطل.
من هو العاتي = إلا كل من تجبر علي شعب الله مثل الشيطان الذي جعل شعب الله يخطئ. في الباب = حيث كان القضاة يجلسون، فكان من يحكم بعدل يدبرون له مكيدة = فخاً. جعل الإنسان يخطئ بكلمة = هكذا فعل الفريسيون بإبن الإنسان فلقد حاولوا أن يصطادوه بكلمة.
(مت 22 : 15)
آية (23،22) لذلك هكذا يقول لبيت يعقوب الرب الذي فدى إبراهيم ليس الآن يخجل يعقوب و ليس الآن يصفار وجهه. بل عند رؤية أولاده عمل يديَ فى وسطه يقدسون إسمى ويقدسون قدوس يعقوب ويرهبون إله إسرائيل.
يعقوب الذي ظن بأن عائلته انتهت وقطع منها معرفة الله سيفرح بأن يري كثيرين آمنوا بالمسيح وصاروا أولاداً له بالإيمان، وهذا ما حدث بعد الفداء. يصفار وجهه = يبهت. (الأمم صاروا أولاداً لإبراهيم وليعقوب بالإيمان).
إشارة للأمم مثل كونيليوس عمل يدي = هذا عمل يدي الله
آية (24) و يعرف الضالو الأرواح فهما و يتعلم المتمردون تعليما
الضالون الأرواح والمتمردون = هم شعب إسرائيل الذين سيعودون في نهآية الأيام. ففي هذه النبوة نرى رفض اليهود لقساوة قلوبهم وعمي عقولهم وبعد ذلك نري خلاص الأمم وقبولهم البشارة ثم رجوع اليهود في النهآية.
الإصحاح الثلاثون
هم يلجلأون لمصر لحمايتهم، وهي غير قادرة علي ذلك، بل ستؤذيهم كالحيات (آية 6) في هذا الإصحاح وما بعده شرح للخلاص الذي يأتي بطريقة معجزيه وتهديد بالويل لمن يتكل علي مصر التي سبق وأذلتهم.
آية (1) ويل للبنين المتمردين يقول الرب حتى إنهم يجرون رأيا و ليس مني و يسكبون سكيبا و ليس بروحي ليزيدوا خطيئة على خطيئة.
الله يبين محبته لليهود ويسميهم بنين بالرغم من خطاياهم وتمردهم وطلبهم التحالف مع مصر. ويسكبون سكيباً من عادات الوثنيين أنهم يسكبون أمام الآلهة سكيبة من خمر زيت لتصديق العهد. واليهود فعلوا هذا أمام آلهة المصريين في تحالفهم معهم.
آيات (2، 3) الذين يذهبون لينزلوا إلى مصر و لم يسالوا فمي ليلتجئوا إلى حصن فرعون و يحتموا بظل مصر.فيصير لكم حصن فرعون خجلا و الاحتماء بظل مصر خزيا.
لينزلوا إلي مصر = فالإتكال علي مصر أو أي أحد غير الله هو نزول بينما أن الاتكال علي الله هو صعود للسماويات. وكان سؤال الرب عن طريق رئيس الكهنة أو الأنبياء، وفي أيامنا بالصلاة وقراءة الكتاب المقدس وسؤال الكنيسة.
آيات (4، 5) لان رؤساءه صاروا في صوعن و بلغ رسله إلى حانيس.قد خجل الجميع من شعب لا ينفعهم ليس للمعونة و لا للمنفعة بل للخجل و للخزي.
صوعن = هي صالحجر علي نهر النيل (تانيس) كما دعاها اليونانيين. حانيس = أهناسيا. رؤساء يهوذا = أي المرسلون لعقد التحالف مع مصر وكان خجلهم فيما بعد حين تخلي عنهم المصريون وقت الحاجة.
آيات (6، 7) وحي من جهة بهائم الجنوب في ارض شدة و ضيقة منها اللبوة و الأسد الأفعى و الثعبان السام الطيار يحملون على أكتاف الحمير ثروتهم و على أسنمة الجمال كنوزهم إلى شعب لا ينفع. فان مصر تعين باطلا و عبثا لذلك دعوتها رهب الجلوس.
بهائم الجنوب = الجنوب هي مصر، ورسل اليهود المرسلين إلي مصر مشبهين بالبهائم، إذ يلجأوا لغير الله. لبؤة وأسد وثعبان = فهذا تصوير لمصر أنها أرض وحوش كاسرة تستعد للافتراس، ومع هذا أرسل لهم الشعب هداياهم. والله هنا يصور مصر باسم شعري رهب الجلوس ورهب تعني كبرياء وتعظم، والجلوس أي كالتماثيل فهي لا تنفع شيئاً.
آيات (9،8) تعال الآن اكتب هذا عندهم على لوح و ارسمه في سفر ليكون لزمن آت للأبد إلى الدهور. لأنه شعب متمرد أولاد كذبة أولاد لم يشاءوا أن يسمعوا شريعة الرب.
الله يطلب من النبي لا أن يكتفي بالكلام بل يكتب علي لوح ليراه كل إنسان وليصبح هذا شاهداً عليهم.
آيات (10 – 12) الذين يقولون للرائين لا تروا و للناظرين لا تنظروا لنا مستقيمات كلمونا بالناعمات انظروا مخادعات.حيدوا عن الطريق ميلوا عن السبيل اعزلوا من أمامنا قدوس إسرائيل.لذلك هكذا يقول قدوس إسرائيل لأنكم رفضتم هذا القول و توكلتم على الظلم و الاعوجاج و استندتم عليهما.
هنا نري الشعب يرفض الوعظ الذي يكشف خطاياه ويطلب كلاماً ناعماً ونبوات كاذبة تتفق مع مشيئته. وقارن مع سفر الرؤيا حين يفرح الناس بقتل النبيين ويرسلوا هدايا لبعضهم (رؤ 11) هؤلاء يرفضون قدوس إسرائيل.
آيات (13، 14) لذلك يكون لكم هذا الإثم كصدع منقض ناتئ في جدار مرتفع يأتي هده بغتة في لحظة. و يكسر ككسر إناء الخزافين مسحوقا بلا شفقة حتى لا يوجد في مسحوقه شقفة لأخذ نار من الموقدة أو لغرف ماء من الجب.
الصدع يكون قبل الهدم (هدم الجدار). ويكون فيه ويزداد رويداً رويداً، غير أن هدم الجدار يكون دفعة واحدة بغتة، وهكذا سيكون سقوط يهوذا ولكن من أسباب قديمة داخلية (وسيكسر حتى لا يصلح سوي للمزبلة وكسر الإناء هذه نراها بالتفصيل في (أر 19).
آية (15) لأنه هكذا قال السيد الرب قدوس إسرائيل بالرجوع و السكون تخلصون بالهدوء و الطمأنينة تكون قوتكم فلم تشاءوا.
هم لم يقبلوا الخلاص بطريقة الله التي كلها هدوء وطمأنينة وسلام بدل المخاوف. و لكن هذا السلام يتطلب الرجوع لله بالتوبة والهدوء بثقة بالرجوع والسكون تخلصون = أي بالرجوع عن خطاياهم خصوصاً الاتكال علي مصر.
آيات (16، 17) و قلتم لا بل على خيل نهرب لذلك تهربون و على خيل سريعة نركب لذلك يسرع طاردوكم. يهرب ألف من زجرة واحد من زجرة خمسة تهربون حتى إنكم تبقون كسارية على رأس جبل و كرآية على أكمة.
اشتهرت مصر قديما بالخيل والملك سليمان أخذ خيل من مصر والمعني إصرارهم علي الاتكال علي مصر وقوتها الحربية. وهم رفضوا دعوة الله في آية (15) وقالوا نهرب إلي مصر ظانين أنها قادرة أن تنقذهم، فإذا بالعدو يطاردهم بل يهربون من لا شيء، وهذا ناشي عن رعبهم. الله هنا ينذرهم بأن اتكالهم علي مصر سيكون سبباً في تشتتهم. كسارية = شجرة وحيدة باقية بعد قطع كل الأشجار. وكرآية علي أكمة = هي رآية في مكان ظاهر تبقى بعد.تشتت الجنود عبرة للجميع. هنا نري أيضاً صورة البقية.
آيات (18 – 26) صورة جميلة للشعب بعد انتهاء الحصار، وهذا وعد من الله لهم أنهم لو تركوا الاعتماد علي مصر ورجعوا إليه يرحمهم. هذه البركات هي للبقية سواء بعد فك حصار أشور أو الرجوع من السبي (من بابل) أو للمؤمنين بالمسيح.
آيات (18، 19) لذلك ينتظر الرب ليتراءف عليكم و لذلك يقوم ليرحمكم لان الرب اله حق طوبى لجميع منتظريه.لان الشعب في صهيون يسكن في أورشليم لا تبكي بكاء يتراءف عليك عند صوت صراخك حينما يسمع يستجيب لك.
لا تبكي = الله المحب الذي لا يحتمل بكائنا بل يعطينا فرحاً داخليا. و عند صوت صراخنا = يسمع ويستجب. هنا نري الله ينتظر عودتهم ورجوعهم له. وهنا يسكنهم الرب في أورشليم في هدوء وسلام. وهذه إشارة لسكني المؤمنين في الكنيسة في سلام.
آيات (20 : 21) و يعطيكم السيد خبزا في الضيق و ماء في الشدة لا يختبئ معلموك بعد بل تكون عيناك تريان معلميك. و أذناك تسمعان كلمة خلفك قائلة هذه هي الطريق اسلكوا فيها حينما تميلون إلى اليمين و حينما تميلون إلى اليسار.
حتى لو تضايقوا في السبي، أو لو عادوا من السبي وسكنوا في أورشليم وأتت عليهم آية ضيقة (وهذه تنطبق علينا الآن ونحن فى الكنيسة معرضين لتجارب) فالرب لا يتركهم ولا يقطع عنهم القوت الروحي أي نعمته اليومية. والقوت الروحي يرسله لهم الله عن طريق الروح القدس الذي يعلم ويذكر ويهب روح التعليم للمعلمين الذين يرسلهم الرب لنا وللشعب. والله لم يترك شعبه في السبي دون أنبياء بل أرسل لهم حزقيال ودانيال. كلمة خلفك = كتائهين عن الطريق يسمعون صوت دليلهم (صوت الروح القدس) من ورائهم يقول لهم أرجعوا.
آية (22) تنجسون صفائح تماثيل فضتكم. المنحوتة و غشاء تمثال ذهبكم المسبوك تطرحها مثل فرصة حائض تقول لها اخرجي.
هنا نري بركات التجربة. وأنهم رفضوا أوثانهم بكراهية شديدة.
الآيات (23 – 26) ثم يعطي مطر زرعك الذي تزرع الأرض به و خبز غلة الأرض فيكون دسما و سمينا و ترعى ماشيتك في ذلك اليوم في مرعى واسع. و الأبقار و الحمير التي تعمل الأرض تأكل علفا مملحا مذري بالمنسف و المذراة. و يكون على كل جبل عال و على كل أكمة مرتفعة سواق و مجاري مياه في يوم المقتلة العظيمة حينما تسقط الأبراج.و يكون نور القمر كنور الشمس و نور الشمس يكون سبعة أضعاف كنور سبعة أيام في يوم يجبر الرب كسر شعبه و يشفي رض ضربه.
نبوءة بأحسن البركات للكنيسة. خبز غلة = هنا نري الجهاد والنعمة، فالمؤمن يزرع والرب يبارك في الثمار. وروحياً فكلمة الله هي طعام القلب لمن يتأمل فيها. مطر زرعك + سواقي ومجاري مياه = هذه عطايا الروح القدس وفي (24) الأبقار والحمير إشارة للأجساد، وهنا يعد الله بأنها تأكل أحسن طعام علفاً مملحاً نقياً من التبن والأتربة علامة الاهتمام بالجسد الذي تقدس لحساب المسيح وفي (25) نعمة الله ستفيض علي العظماء (الجبال) وعلي البسطاء (الآكام) وهؤلاء مرتفعين بحياتهم السماوية، أما المتكبرين (الأبراج) فسيسقطون يوم المقتلة العظيمة = هو يوم هلاك جيش أشور، يوم ال 185.000 أو هو يوم نهآية بابل، أو هو يوم الصليب، يوم صراع المسيح مع الشيطان علي الصليب والذي من بعده قامت الكنيسة منتصرة، أو هو في الأيام الأخيرة بعد المعركة العظيمة ومجيء المسيح. ويوم الصليب سقطت الأبراج (جزئياً) أي الشياطين المتكبرين. وفي مجيئه الثاني تكون نهايتهم ونهآية كبريائهم.
وفي (26) بعد مجيء المسيح يصبح نور القمر = أي الكنيسة كالشمس إذ نري الله في كمال مجده، ويكون نور الشمس سبعة أضعاف = أي نور كامل لأننا سنري الله وجهاً لوجه، نراه في كمال مجده وليس فى لغز أو كما فى مرآة. سبعة أيام = رقم 7 رقم كامل والمعني سنوجد في هذا المجد للأبد، بلا نهآية.
آيات (27- 33) هنا تتداخل آيات البركة والدينونة.
آية (27) هوذا اسم الرب يأتي من بعيد غضبه مشتعل و الحريق عظيم شفتاه ممتلئتان سخطا و لسانه كنار آكلة.
أسم الرب = الاسم هو ما يعرف به المسمي ومعني الكلام أن الرب سيظهر نفسه بأعمال مخيفة ليعرف كل الناس قوة غضبه. و غضبه يأتي من بعيد فهو أنتظر طويلاً وأطال أناته لعل (أشور / الشيطان / كل إنسان شرير ) يتراجع عن كبريائه وشروره. و هو من بعيد لأن الأشرار يظنونه بعيداً وعقابه بعيد، بل ربما ظنوا أنه لن يأتي. وشفتاه = شفتا الرب تقطران دسماً لأولاده وسخطاً للعصاة. لسانه = لسان الله يدعو الكل لخيراته السماوية ويكون كنار آكلة للمضادين. الحريق عظيم = هلاك أشور أو هلاك الأيام الأخيرة.. وتصوير غضب الله هنا أنه كغيمة تأتي من بعيد وسريعاً ما تمتلئ السماء غيوماً وتسود السماء ويأتي المطر والريح. ومن البروق يشتعل حريق عظيم. هو مطر يسبب فيضاناً مهلكاً بالإضافة لحريق عظيم.
آية (28) و نفخته كنهر غامر يبلغ إلى الرقبة لغربلة الأمم بغربال السوء و على فكوك الشعوب رسن مضل.
نفخته كنهر = الله ينفخ في الريح فتعطي مطراً بفيضان يبلغ إلي الرقبة = هذه تفهم أن ملك أشور وصل حتى أورشليم (الرقبة) لكنه لم يغرقها فهو لم يدخلها. و تفهم علي ملك أشور نفسه أن غضب الله وصل إلي رقبته فقد هلك جيشه أما الملك نفسه فلم يهلك بل عاد لبلاده. و لاحظ في الآية (25) أن الماء كان يرمز لفيض الروح القدس علي الكنيسة. فنفخة الله لكنيسته فيها كل ملء البركة ونفخته ضد أعدائه فيضان يهلكهم. غربال السوء = هو الذي لا يبقي فيه سوي الهشيم وهذا مصيره الحريق. و الغربال في يد الله يوم الحصاد، لم يترك في هذا الغربال سوي القش (الأمم المقاومة / إبليس / الأشرار ) بعد أن انتقي أولاده وما تبقي في غربال السوء هو للحريق. ثم شبه جيش أشور بحصان جامح علي فكه. رسن مضل = أي علي فكه لجام يقود للضلال، فهو قد سمع عن خبر (ص 37 : 7) عن خروج المصريين عليه وخدعه هذا الخبر.
آيات (29 – 31) تكون لكم أغنية كليلة تقديس عيد و فرح قلب كالسائر بالناي ليأتي إلى جبل الرب إلى صخر إسرائيل.و يسمع الرب جلال صوته و يري نزول ذراعه بهيجان غضب و لهيب نار آكلة نوء و سيل و حجارة برد. لأنه من صوت الرب يرتاع أشور بالقضيب يضرب.
الصورة هنا للقديسين الذين يفرحون بعمل الله ضد أعدائهم ويكون لهم ذلك كليلة عيد فهم سيأتون لله بلا عائق متهللين ويسبحون (رؤ 14 : 2).
آية (32) و يكون كل مرور عصا القضاء التي ينزلها الرب عليه بالدفوف و العيدان و بحروب ثائرة يحاربه.
مرور عصا القضاء = الضربات التي وقعت علي أشور (إبليس) والقضاء الذي تم فيها فيه فرح بالدفوف لأبناء الله.
آية (33) لأن تفتة مرتبة منذ الأمس مهيأة هي أيضا للملك عميقة واسعة كومتها نار و حطب بكثرة نفخة الرب كنهر كبريت توقدها
تفتة = كانت مكاناً لمولك اله بني عمون حيث يوقدون في تمثال نحاسي له ويلقون أولادهم عليه كمحرقات. ولقد أزال يوشيا هذه العبادة وجعل هذا المكان الذي في وادي إبن هنوم مزبلة. وفيها ترمي الجثث وموقدة دائماً للتنقية. مرتبة منذ أمس = في مقاصد الله الأزلية. الملك = هو ملك أشور أو إبليس. وهذه الصورة هي نفسها في (رؤ 20 : 10)
الإصحاح الحادي والثلاثون
آية (1) ويل للذين ينزلون إلى مصر للمعونة و يستندون على الخيل و يتوكلون على المركبات لأنها كثيرة و على الفرسان لأنهم أقوياء جدا و لا ينظرون إلى قدوس إسرائيل و لا يطلبون الرب.
كانت يهوذا مملكة ضعيفة بين مصر وأشور الأقوياء، وكان من الحكمة السياسية أن تعتمد يهوذا علي إحداها لحمايتها ولكن الله يقول هنا أن هذا يعتبر خيانة للرب فالاتكال علي غير الرب يحطم الإيمان، وفيه استهانة بالرب.
آية (2) و هو أيضا حكيم و يأتي بالشر و لا يرجع بكلامه و يقوم على بيت فاعلي الشر و على معونة فاعلي الإثم.
وهو أيضاً حكيم = كثيرون يظنون أن الله يهتم فقط بالروحيات ولا يذكرونه سوي في وقت العبادة. أما أمور السياسة (وأعمالنا اليومية) فهي من اهتماماتنا فقط ومحور هذا الإصحاح أن الله يهتم بالسياسة وهو أيضاً حكيم فيها. و يأتي بالشر = أي النكبات وهو يأتي بها كعقاب علي الشر والخطية فهم في علاقتهم بمصر تعلموا الوثنية. وهو لا يرجع بكلامه = لأنه لا يخطئ أما الإنسان فيخطئ.
آية (3) و أما المصريون فهم أناس لا آلهة و خيلهم جسد لا روح و الرب يمد يده فيعثر المعين و يسقط المعان و يفنيان كلاهما معا.
اعتقد المصريون أن ملوكهم آلهة وليسوا بشر. و هنا الله يشرح أنهم ما هم إلا أناس مائتين، ومن يتكل علي الموتى يصير ميتاً مثلهم ومن يلتصق بالموتي يصير مثلهم، ومن يلتصق بالله الحي يحيا ويشاركه أمجاده. الله يشرح لهم هنا أن أسلحة البشر وأسلحة الجسد لا تخلص، بل الخلاص هو من عنده وحده.
آيات (4، 5) لأنه هكذا قال لي الرب كما يهر فوق فريسته الأسد و الشبل الذي يدعى عليه جماعة من الرعاة و هو لا يرتاع من صوتهم و لا يتذلل لجمهورهم هكذا ينزل رب الجنود للمحاربة عن جبل صهيون و عن أكمتها.كطيور مرفه هكذا يحامي رب الجنود عن أورشليم يحامي فينقذ يعفو فينجي.
الرب يشبه نفسه هنا بأسد يهجم علي فريسته، أي أشور، ويمزقها حتى يحمي شعبه. هنا نري قوة الله في الحمآية. ثم يشبه نفسه بطيور مرفة = هذه تهتم بصغارها. هنا نري صورة محبة الله كأم ترعي أولادها.
آيات (6 – 8) ارجعوا إلى الذي ارتد بنو إسرائيل عنه متعمقين. لان في ذلك اليوم يرفضون كل واحد أوثان فضته و أوثان ذهبه التي صنعتها لكم أيديكم خطيئة. و يسقط أشور بسيف غير رجل و سيف غير إنسان يأكله فيهرب من أمام السيف و يكون مختاروه تحت الجزية.
متعمقين = كانوا قد أخطأوا عمداً وقصداً، وربما أشارت الكلمة إلي مقاصدهم السرية أيضاً. وهم في علاقتهم مع مصر وتحالفاتهم تعمقوا في وثنيتهم التزاماً بشروط التحالف. و الإصلاح الحقيقي أن يفحص كل واحد عما في قلبه وأن ينزع خطيته. و أوثان فضته = لأنها إساءة لله. بسيف غير رجل = لان أشور سقطت بسيف الرب. بل صارت أشور. تحت الجزية لبابل.
آية (9) و صخره من الخوف يزول و من الرآية يرتعب رؤساؤه يقول الرب الذي له نار في صهيون و له تنور في أورشليم.
صخره = صخر أشور أي ملكه، هم ظنوه صخراً ولكنه سيزول، أما الرب صخرنا فهو القادر علي كل شيء. و ملك أشور من الرآية يرتعب = فالله حينما يوجد في مكان ترفع رايته دليل حمايته لهذا المكان "علمه فوقي محبة" وهذا يرعب الأعداء. نار في صهيون = نار مذبح المحرقة، نار العبادة، هي نار تخرج لتحرق الأعداء. والله كان عمود نار لشعبه، وسور من نار لشعبه. وجود الله في صهيون وفي وسط شعبه هو وجود نار حارقة لأعداء كنيسته.
الإصحاح الثاني والثلاثون
آية (1) هوذا بالعدل يملك ملك و رؤساء بالحق يترأسون.
قد يكون الملك هو حزقيا ولكنه يرمز هنا للمسيح، والنبي يمدحه هنا علي استجابته لعدم التحالف مع مصر. والكلام أبعد من حزقيا، فكل ما قيل هنا لا ينطبق علي حزقيا بل علي المسيح ويكون. الرؤساء = هم الرسل، أو المؤمنين الذين لهم سلطان علي أجسادهم.
آية (2) و يكون إنسان كمخبأ من الريح و ستارة من السيل كسواقي ماء في مكان يابس كظل صخرة عظيمة في ارض معيية.
يلجأ المسافر إلي المخبأ فيستريح سواء من الريح الحارة، أو الريح الباردة. والصخرة العظيمة تفعل نفس الشيء. والمعني واضح فيه التجسد بقوله ويكون إنسان. وبولس قال إن الصخرة كانت المسيح. كسواقي ماء = المسيح أرسل لنا الروح القدس يروي النفوس العطشي في البرية القاحلة. ولو فهمنا أن الكلام عن حزقيا فهو لتشجيعه ليكمل باقي إصلاحاته.
آية (3) و لا تحسر عيون الناظرين و آذان السامعين تصغى .
الوعد هنا أن الله يهب لمن في ملكوته القدرة علي السمع والفهم.
آية (4) و قلوب المتسرعين تفهم علما وألسنة. العييين تبادر إلى التكلم فصيحا.
المتسرعون هم الذين يتكلمون وليس لهم معرفة. والمعيون هؤلاء لهم معرفة لكنهم لا يقدرون علي الكلام. والوعد هنا أنه في ملكوت المسيح يتجدد القلب واللسان فيتكلم الجميع بمحبة المسيح. بطرس كمثال بعد أن كان خائفاً بعظة واحدة آمن 3000.
آيات (5 – 8) و لا يدعى اللئيم بعد كريما و لا الماكر يقال له نبيل.لان اللئيم يتكلم باللؤم و قلبه يعمل إثما ليصنع نفاقا و يتكلم على الرب بافتراء و يفرغ نفس الجائع و يقطع شرب العطشان.و الماكر الاته رديئة هو يتآمر بالخبائث ليهلك البائسين بأقوال الكذب حتى في تكلم المسكين بالحق. و أما الكريم فبالكرائم يتآمر و هو بالكرائم يقوم.
في ملكوت المسيح نعطي نعمة التمييز. والإفراز فلا ننخدع ونحسب اللئيم كريما، ولا داعي للرياء فيقال للئيم أنه كريم أو العكس. فأبناء هذا الدهر يعتبرون الناس بحسب أموالهم ومراكزهم ولكن هذه لن تغير من طبع الإنسان.
آيات (9 – 15) أيتها النساء المطمئنات قمن إسمعن صوتى. أيتها البنات الواثقات أصغين لقولى. أياماً على سنة ترتعدون أيتها الواثقات. لأنه قد مضى القطاف الاجتناء لا يأتي.ارتجفن أيتها المطمئنات ارتعدن أيتها الواثقات تجردن و تعرين و تنطقن على الاحقاء.لاطمات على الثدي من اجل الحقول المشتهاة و من اجل الكرمة المثمرة. على ارض شعبي يطلع شوك و حسك حتى في كل بيوت الفرح من المدينة المبتهجة.لان القصر قد هدم جمهور المدينة قد ترك الأكمة و البرج صارا مغاير إلى الأبد مرحا لحمير الوحش مرعى للقطعان. إلى أن يسكب علينا روح من العلاء فتصير البرية بستانا و يحسب البستان وعرا.
قارن هذه الآيات بالإصحاح الثالث فيبدو أن بنات أورشليم كن غافلات = اهتمامهن بالملبس والزينة الخارجية، مما دفع بأزواجهن لظلم الناس ليحصلوا علي أموال لشراء هذه المستلزمات، وهنا يحذرهن أنه بعد أيام علي سنة = أي بعد سنة وبضعة أيام تأتي الضيقات بواسطة سنحاريب. فمن يسيء استخدام الخيرات يجرده الله منها. هؤلاء النسوة يمثلن العذارى الجاهلات أو رافضي المسيح، هم يلهون في العالم فتضيع منهم أفراح الحصاد وعوض السلام يحل خوف ورعدة. لأنه قد مضي القطاف = حينما تأتي ضيقة الحصار لن يكون هناك مجال للقطاف أو جني الثمار. وسوف يتجردن ويتعرين = من الملابس الغالية، ويلبسن مسوحاً ويلطمن كمن لهم ميتا. وذلك لأن أرضهم الخصبة داسها جنود أشور فخربت وطلع فيها شوك وحسك. ويمتد نظر النبي لأبعد من أشور ويري ما صنعته بابل في هدم القصر والسبي = جمهور المدينة قد ترك = وقد تكون النظرة أبعد من ذلك فتكون هذه النبوة عن خراب أورشليم (أيام الرومان) التي لم تعرف زمان افتقادها. و يتطابق هنا كلام النبي مع كلام السيد المسيح "يا بنات أورشليم.. لا تبكين عليَ بل أبكين علي أنفسكن" الأكمة والبرج = أقسام من أورشليم وقد صارا مغاير نتيجة الخراب ويستمر هذا الخراب إلي أن يسكب روح من العلاء = هذه تفهم :
أ - حلول الروح القدس يوم الخمسين.
ب - إيمان باقي اليهود الذين كانوا في خراب، في أخر الأيام. وبعد حلول الروح القدس تحول الأمم (الوعر) إلي بستان. واليهود الذين كانوا بستاناً صاروا وعر لرفضهم السيد المسيح.
آيات (16 – 19) فيسكن في البرية الحق و العدل في البستان يقيم.و يكون صنع العدل سلاما و عمل العدل سكونا و طمأنينة إلى الأبد.و يسكن شعبي في مسكن السلام و في مساكن مطمئنة و في محلات أمينة. و ينزل برد بهبوط الوعر و إلى الحضيض توضع المدينة.
يعم العدل والحق في كل مكان وينزل بَرَدْ = هذه أحكام الله علي أورشليم فلابد من حدوث التأديب قبل وفاء المواعيد. والوعر = قد يكون أشور أو بابل أو القوات التي ستثير معركة ضخمة في الأيام الأخيرة.
آية (20) طوباكم آيةا الزارعون على كل المياه المسرحون أرجل الثور و الحمار
الزارعون = أي المبشرون الذين يزرعون كلمة الله بعمل الروح القدس المياه. وهؤلاء طوباهم فهم يفكون أسر وعبودية الثور والحمار = الثور كحيوان طاهر يرمز لليهود. والحمار كحيوان نجس يشير للأمم. وتشبيههما بثور وحمار فذلك لأنهما كبشر كان الكل مستعبد للخطية لأجل اللذة. وبحسب الناموس ما كان الثور والحمار يرعيان معاً (تث 22 : 10) فلا عبادة مشتركة بين اليهود والأمم، أما في كنيسة المسيح فلقد صار الكل واحداً يرعيان معاً.
الإصحاح الثالث والثلاثون
أخر النبوات المتعلقة بسنحاريب وكان حزقيا قد أرسل ذهب وفضة الهيكل لسنحاريب فقبل أولاً أن يترك المدينة لكنه نكث العهد، ثم أرسل ربشاقي وعيَر الله وحاصر المدينة ولكن النبي تنبأ هنا بنجاتها.
آية (1) ويل لك أيها المخرب. و أنت لم تخرب و آيةا الناهب و لم ينهبوك حين تنتهي من التخريب تخرب و حين تفرغ من النهب ينهبونك.
ويل لأشور المخرِب فهو سيخرب. وويل لبابل ولكل مقاوم للكنيسة وكل عدو متشامخ على الله وعلى شعبه. الله يستعمل هؤلاء الأعداء كعصا تأديب ثم يعاقبهم هم. وهذا الكلام ينطبق على الشيطان الذي بشروره يستخدمها الله لتأديبنا ثم أخيراً سيلقيه في البحيرة المتقدة بالنار.
آية (2) يا رب تراءف علينا إياك انتظرنا كن عضدهم في الغدوات خلاصنا أيضا في وقت الشدة.
صلاة النبي. في الغدوات = فهم وجدوا أشور جثثاً في الصباح ومراحم الله جديدة كل صباح (مرا 3 : 22، 23) هذه الصلاة لأجل البقية المقدسة التي عاشت داخل أورشليم من جيش أشور.
آية (3) من صوت الضجيج هربت الشعوب من ارتفاعك تبددت الأمم.
هنا استجابة سريعة لصلاة النبي في آية (2). والله إستجاب بأكثر مما طلبوا فهم تخلصوا من أعدائهم وأيضاً نهبوهم. صوت الضجيج = وتترجم زئير هو صوت الله المرعب للأعداء. والشعوب= جيش أشور مكون من شعوب كثيرة.
آية (4) و يجنى سلبكم جني الجراد كتراكض الجندب يتراكض عليه.
حينما أكتشف الشعب موت جيش أشور سلبوا ما قد تركوه وسلبت بابل أشور.
آيات (5، 6) تعالى الرب لأنه ساكن في العلاء ملأ صهيون حقا و عدلا. فيكون آمان أوقاتك وفرة خلاص و حكمة و معرفة مخافة الرب هي كنزه.
حينما يظهر الله عدله ويحكم ضد أعداء شعبه ويملأ صهيون حقاً وعدلا يكون الشعب في أمان. وعادة مايكون أوقات الآمان مدعاة للشر ولكن الآن سيكون وفرة خلاص وحكمة فمخافة الرب هي كنز الشعب.
آيات (7، 9) هوذا أبطالهم قد صرخوا خارجا رسل السلام يبكون بمرارة. خلت السكك باد عابر السبيل نكث العهد رذل المدن لم يعتد بإنسان. ناحت ذبلت الأرض خجل لبنان و تلف صار شارون كالبادية نثر باشان و كرمل.
أبطالهم = أي أبطال يهوذا المرسلون ليطلبوا الصلح من سنحاريب ورجعوا وثيابهم ممزقة (36: 22) وكان حالهم محزن إذ لم يستطيعوا سوى الصراخ في عجز وخوف. خلت السكك = خوفا من الآشوريين الذين نكثوا العهد. رذل المدن = لم يهتم بها بل حطمها ولقد أحرق سنحاريب 46 مدينة من يهوذا قبل أن يحاصر أورشليم. لبنان مشهور بأرزه. شارون مشهور بوروده. باشان = مشهور بمراعيه والكرمل مشهور بقمحه.
آيات (10 – 12) الآن أقوم يقول الرب الآن اصعد الآن ارتفع. تحبلون بحشيش تلدون قشيشا نفسكم نار تأكلكم. و تصير الشعوب وقود كلس أشواكا مقطوعة تحرق بالنار.
تكرار الآن تدل على غضب الله الشديد. وتحبلون حشيشاً وتلدون قشيشا أي قش. وهذا يشير لخيبة مقاصد أشور. فما يعجز الإنسان أن يعمله هذا يعمله الله. ونفسكم نار أكلة = كان كلام الكبرياء والتجديف الذي خرج من أفواه الأشوريين سبباً في هلاكهم. فالآية تقول أنهم أهلكوا أنفسهم أشواكاً مقطوعة = أي يابسة تحرق سريعاً.
آيات (13، 14) اسمعوا آيةا البعيدون ما صنعت و اعرفوا آيةا القريبون بطشي. ارتعب في صهيون الخطاة أخذت الرعدة المنافقين من منا يسكن في نار آكلة من منا يسكن في وقائد أبدية.
البعيدون = هم الأمم والقريبون = هم اليهود. فالدعوة تشمل الجميع وهى تحذير لهم من بطش الله فكما أن هناك خطايا للأمم هكذا هناك خطايا لليهود. والتحذير هنا أن غضب الله كنار أكلة تحرق الخطاة ومن يحتمل. نار الله هي أشور ضد أورشليم، وهى ملاك الله ضد أشور، ومن يتوب يهرب من نار الله.
آية (15) السالك بالحق و المتكلم بالاستقامة الراذل مكسب المظالم النافض يديه من قبض الرشوة الذي يسد أذنيه عن سمع الدماء و يغمض عينيه عن النظر إلى الشر.
لن يستطيع الوقوف قدام الله إلا من هذه مواصفاته و بها يرضى الرب يسد أذنيه عن سمع الدماء = لا يستمع لمؤامرات قاصدي سفك الدماء.
آية (16) هو في الأعالي يسكن حصون الصخور ملجأه يعطي خبزه و مياهه مأمونة.
مثل هذا آية (15) يسكن في الأمان. الأعالي = الله يكون حصناً له.
آية (17) الملك ببهائه تنظر عيناك تريان أرضا بعيدة.
الإنسان البار في يهوذا ينظر الملك حزقيا وقد خلع المسوح وارتدى ملابسه ببهائه ويرى أرضا بعيده = أي يخرج من أسر وحصار أورشليم ولكن المعنى المقصود أبعد من ذلك، أن يرى المسيح في بهاء مجده ويرى الأرض الجديدة البعيدة الآن وهى السماء.
آية (18) قلبك يتذكر الرعب أين الكاتب أين الجابي أين الذي عد الأبراج.
وحين يتذكر الأيام الماضية. يذكر الرعب = رعب الكاتب = الذي يعد أسرى اليهود. والجابي = الذي يقبض الجزية. والذي يعد الأبراج = ليهدمها ولكنه لا يجدهم (وهؤلاء يرمزون للشياطين)
آية (19) الشعب الشرس لا ترى. الشعب الغامض اللغة عن الإدراك العيى بلسانٍ لا يفهم .
الشعب الشرس = أشور / الشياطين. غامض اللغة = الشياطين لا تعرف المحبة.
آية (20) انظر صهيون مدينة أعيادنا عيناك تريان أورشليم مسكنا مطمئنا خيمة لا تنتقل لا تقلع أوتادها إلى الأبد و شيء من أطنابها لا ينقطع.
أنظر صهيون بعد نجاتها من أشور وعودتها لحالتها الأولى ولأعيادها وأفراحها. وخيمة لا تنتقل = لا يحطمها حتى الموت وهى أبدية. والمدينة الثابتة إلى الأبد هي أورشليم السماوية حيث نرى الله ونعيش معه للأبد.
آية (21) بل هناك الرب العزيز لنا مكان انهار و ترع واسعة الشواطئ لا يسير فيها قارب بمقذاف و سفينة عظيمة لا تجتاز فيها.
أورشليم مدينة بلا أنهار، ولكن الرب سيكون لها نهرا وسفن الأعداء لا تدخل هذا النهر ( نهر يعطى أيضاً خصوبة وثمار)، وحيث لا أعداء ستحيا المدينة في سلام فالله هو حامى أورشليم (الكنيسة) ولكن هذه الآية لها معنى أخر. فالأنهار تشير للروح القدس الذي يحملنا على شرط أن لا نقاومه. وماذا يقاوم تيار النهر إلا السفن ذات الشراع أو القوارب التي لها مجداف فمن له مجداف أو شراع فهو يتحكم في وجهته، أما من يترك نفسه لروح الله فهو يحمله (راجع يو 3 :8).
آية (22) فان الرب قاضينا الرب شارعنا الرب ملكنا هو يخلصنا.
الرب يملك في كنيسته، وهو الذي يُشَرِع لها، قدم إنجيله دستوراً لمملكته. ويقضى بالحب، هو ملك على كنيسته إذ خلصها واشتراها.
آية (23) ارتخت حبالك لا يشددون قاعدة ساريتهم لا ينشرون قلعا حينئذ قسم سلب غنيمة كثيرة العرج نهبوا نهبا.
الكنيسة مشبهة هنا بسفينة ارتخت حبالها لكسل الملاحين، ولكن لأن الرب يملك على كنيسته لن يتركها، كما لم يترك أورشليم وهو غاضب عليها بل خلصها بذراعه، ونهب سكان أورشليم غنيمة أشور. و شعب أورشليم هنا مشبه بالأعرج = لتكاسلهم ومع هذا كان لهم نصيب في الغنيمة، غنيمة أشور، فالله يعطى قوة لشعبه بها يهزمون عدوهم إبليس.
آية (24) و لا يقول ساكن أنا مرضت الشعب الساكن فيها مغفور الإثم
هذه هي الكنيسة التي يتمتع فيها المؤمنون بغفران الخطايا فلا تمرض بل تكون صحيحة دائماً كعضو أو أعضاء صحيحة في جسد المسيح. فاليهود كانت لهم عقيدة أن المرض نتيجة للخطية. الله سينزع من الكنيسة (أورشليم) خطيتها ومرضها، وستتمتع الكنيسة بغفران خطاياها، خلال التوبة الدائمة.
الإصحاح الرابع والثلاثون
من الإصحاح (13) حتى (33) نبوءات مضمونها أحكام الله على الأمم أي أعداء شعب الله. و نبوات على اليهود ومواعيده لهم (أي الكنيسة أيضاً).
والإصحاحان (34،35) هما نبوة واحدة وخاتمة النبوءات المذكورة. وصف النبي فى الإصحاح 34 سخط الرب على كل الأمم ولا سيما أدوم فهم كانوا ينهبون ويسلبون من يهوذا في محنتهم حينما يهاجمهم عدو بالاتفاق مع هذا العدو.
أما الإصحاح (35) ففيه وصف للبركات التي سيمنحها الله لشعبه بعد انتقامه من أعدائه. إذاً فإصحاح (34) هو تحويل بلاد مثمرة إلى قفر وإصحاح (35) هو تحويل قفر لبلاد مثمرة. وأدوم تشير للشيطان للأسباب الآتية:
1- عداوة تقليدية بين يعقوب وعيسو من البطن.
2- أدوم يعنى دموي وهذه طبيعة إبليس والشيطان كان قتالاً للناس منذ البدء.
3- شمتوا في بلية شعب الله على يد بابل أو أشور.
4- ساعدوا أعداء يهوذا ضد يهوذا.
5- باعوا الهاربين من شعب يهوذا كعبيد. وإبليس أستعبد البشر.
6- جاءوا بأغنامهم ترعى في يهوذا بعدما صارت يهوذا خراب.
وكل نفس مقاومة لله يستعبدها إبليس فتصير خراباً ومأوى للأفكار الدنسة والعواطف المنحرفة، تلهو بها الخطايا وتلعب بها الشياطين.
آية (1) اقتربوا آية الأمم لتسمعوا و آيةا الشعوب أصغوا لتسمع الأرض و ملؤها المسكونة و كل نتائجها.
واضح أن الكلام الأتي له أهمية خاصة.
آية (2) لان للرب سخطا على كل الأمم و حموا على كل جيشهم قد حرمهم دفعهم إلى الذبح.
لأن هذه النبوة هي ختام النبوات فهو يكلم. كل الأمم. و الأمم هنا هم كل المقاومين لشعب الله لأن الرب لا يسر بسفك دماء شعبه. وقد تعنى الأمم الشياطين.
آية (3) فقتلاهم تطرح و جيفهم تصعد نتانتها و تسيل الجبال بدمائهم.
القتلى كثيرين وقد تشير للمعركة الأخيرة (حز38، 39).
آية (4) و يفنى كل جند السماوات و تلتف السماوات كدرج و كل جندها ينتثر كانتثار الورق من الكرمة و السقاط من التينة.
جند السموات = أي الشياطين. إذاً أدوم كانت رمزاً للشياطين. تلتف كدرج = الرب بسط السموات. ولكن في نهآية الأيام ستزول السماء الأولى ليكون هناك سماء جديدة (رؤ 21 :1) وهناك تأمل فالدرج هو الكتاب القديم وهذا كان يتكون من قطعة طويلة جداً من الورق ملتفة على بعضها على هيئة (رول) وإرادة الله معلنة في الكتاب المقدس ولكن عقول الأشرار كأنها منغلقة عن معرفة إرادة الله.
آية (5) لأنه قد روي في السماوات سيفي هوذا على أدوم ينزل و على شعب حرمته للدينونة.
قد روى في السموات سيفي = السيف سيف الله والقضاء صدر في السموات أن شعب أدوم سيهلك.
آية (6) للرب سيف قد امتلأ دما اطلي بشحم بدم خراف و تيوس بشحم كلى كباش لان للرب ذبيحة في بصرة و ذبحا عظيما في ارض أدوم.
امتلأ دماً = إشارة لذبح عظيم في الدينونة. أطلى بشحم = كانوا يدهنون السيوف بالشحم قبل المعركة حتى لا يلتصق بها الدم. و المعنى أن السيف أو حامل السيف مستعد للمعركة والقتل. خراف وتيوس = إشارة للادوميين. بصرة = مدينة في أدوم ومن أعظم مدنها.
آية (7) و يسقط البقر الوحشي معها و العجول مع الثيران و تروى أرضهم من الدم و ترابهم من الشحم يسمن.
شبه الأدوميون هنا بالبقر الوحشي. و من المعروف أن الجثث غير المدفونة تخصب الأرض. ونلاحظ أن هؤلاء أحبوا الأرض فاختلط دمهم بالأرض.
آية (8) لان للرب يوم انتقام سنة جزاء من اجل دعوى صهيون.
الرب يؤخر قصاص أعدائه لغايات.
1- يعطيهم فرصة للتوبة.
2- يؤدب شعبه ولكن قد عين يوماً للانتقام.
آية (9 – 12) و تتحول أنهارها زفتا و ترابها كبريتا و تصير أرضها زفتا مشتعلا. ليلا و نهارا لا تنطفئ إلى الأبد يصعد دخانها من دور إلى دور تخرب إلى ابد الآبدين لا يكون من يجتاز فيها. و يرثها القوق و القنفذ و الكركي و الغراب يسكنان فيها و يمد عليها خيط الخراب و مطمار الخلاء. أشرافها ليس هناك. من يدعونه للملك وكل رؤسائها يكونون عدماً.
إشارة للخراب الدائم التام كما حدث في سدوم وعمورة. وهنا إشارة لأتون النار المتقد أو بحيرة النار المتقدة (رؤ 20 :10) وللآن فمكان أدوم خراب وأمتد لها خيط خراب بدل خيط البناء. والقوق والقنفذ... الخ يعيشون في الخرائب. ولكن قوله إلى الأبد يصعد دخانها = فيه إشارة للهلاك الأبدي وليس لخراب أدوم، فيه إشارة لهلاك إبليس في البحيرة المتقدة بنار.
آيات (13 : 15) و يطلع في قصورها الشوك القريص و العوسج في حصونها فتكون مسكنا للذئاب و دارا لبنات النعام. و تلاقي وحوش القفر بنات اوى و معز الوحش يدعو صاحبه هناك يستقر الليل و يجد لنفسه محلا. هناك تحجر النكازة و تبيض و تفرخ و تربي تحت ظلها و هناك تجتمع الشواهين بعضها ببعض.
لاحظ أن كل من هناك وحوش. ويستقر الليل = كنآية عن الحزن والخوف. والنكازة = حية خبيثة ومن أخبث أنواع الحيات وتشير لسكنى الأرواح الشريرة القاتلة في النفوس المقاومة لله. الشواهين = طيور جارحة تسبب رعباً.
الآيات (16، 17) فتشوا في سفر الرب و اقرءوا واحدة من هذه لا تفقد لا يغادر شيء صاحبه لان فمه هو قد أمر و روحه هو جمعها. و هو قد القي لها قرعة و يده قسمتها لها بالخيط إلى الأبد ترثها إلى دور فدور تسكن فيها.
النبوءات – جميعها لن تسقط، النبوات عن أدوم وعن أعداء الله عموماً (حدث هذا على يد نبوخذ نصر وسيحدث في اليوم الأخير) وقرعة هذه الحيوانات الشريرة (الشياطين) في هذا المكان المرعب.
الإصحاح الخامس والثلاثون
في ص (34) رأينا الله يدين أعداء شعبه، وكان هذا لأجل بنيان شعبه وتمجيدهم وكل هذا تم بالصليب. وهذا الإصحاح قد يشير لعودة إسرائيل من السبى كرمز أو ازدهار مملكة حزقيا كرمز ولكنه يشير حقيقة لازدهار كنيسة المسيح وللخلاص بالصليب، المسيح يسكب مجده على كنيسته.
آية (1) تفرح البرية و الأرض اليابسة و يبتهج القفر و يزهر كالنرجس.
هنا نرى فرح الأرض بتقييد الشيطان، أو هو فرح اليهود برجوعهم من سبى بابل أو فرح الأمم بالإيمان والحرية أو فرح الكنيسة بالخلاص. عموماً فالفرح هو سمة كنيسة العهد الجديد. و الفرح ناشئ من أن القفر قد أزهر أثمر.
آية (2) يزهر إزهارا و يبتهج ابتهاجا و يرنم يدفع إليه مجد لبنان بهاء كرمل و شارون هم يرون مجد الرب بهاء إلهنا.
هم يرون = المؤمنون يرون مجد الرب فيما هم فيه من جمال وثمار ومجد فالله أعطاهم جمالاً كجمال لبنان. ومجد الرب وبهاؤه يتجلى في القلب كعربون للمجد الأبدي السماوي. (2 كو 17 – 18)
آيات (3، 4) شددوا الأيادي المسترخية و الركب المرتعشة ثبتوها. قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا هوذا إلهكم الانتقام يأتي جزاء الله هو يأتي و يخلصكم.
شددوا الأيادي = هنا نجد نغمة الجهاد مع الإيمان. فلنشجع بعضنا بعضاً ولا نشك في المواعيد. وليصير الإنسان سنداً لإخوته الضعفاء. و هو يأتي ويخلصكم = قد يكون الخلاص من أشور أو بابل لكن النبي يتحدث عن الخلاص بالمسيح.
آيات (5، 6) حينئذ تتفقح عيون العمى و أذان الصم تتفتح.حينئذ يقفز الأعرج كالأيل و يترنم لسان الأخرس لأنه قد انفجرت في البرية مياه و انهار في القفر.
المعنى أنه بحلول الروح القدس تتفتح العيون الروحية والبصيرة الداخلية تنفتح لتعاين الأسرار الإلهية والأذن الداخلية تسمع صوت الله وتستعذبه. والأخرس روحياً يترنم بتسابيح. و المسيح صنع هذه المعجزات فعلاً فقد فتح عيون العمى وشفى الأخرس ليثبت أنه مرسل من الآب. والسيد المسيح إستعمل هذه الآية فى الرد على تلاميذ يوحنا المعمدان ليعلن لهم من هو( مت2:11-6)
آية (7) و يصير السراب أجما و المعطشة ينابيع ماء في مسكن الذئاب في مربضها دار للقصب و البردي.
السراب هو خداع، منظر لماء غير موجود، هو كنآية عن خيرات غاشة يطلبها الناس ولا يحصلون عليها، أما الأجم فهي أماكن يوجد فيها ماء، وهى كنآية عن خيرات حقيقية يعطيها الله لشعبه. فعوض الجفاف يصير فيض ماء هو فيض الروح القدس (يو 7 : 37، 38) فيتحول المرار في نفس الإنسان لتعزيات. والأماكن التي كانت بلا ماء ويسكنها الذئاب (الشياطين) صارت مملوءة ماء حتى تصبح دار للقصب والبردي. هكذا نفوسنا بعد أن كانت مسكناً للشياطين أصبحت هياكل للروح القدس ليسكن فيها.
آية (8) و تكون هناك سكة و طريق يقال لها الطريق المقدسة لا يعبر فيها نجس بل هي لهم من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل.
السكة = قد تكون الطريقة التي يهيئها الله لشعبه للعودة من السبى. وفى العهد الجديد فالطريق هو المسيح. وقد هيأ لنا الكنيسة بأسرارها كوسائط للخلاص. وكما يطمئن الله اليهود المسبيين في بابل أن يعودوا فهو قد هيىء السكة، هكذا يعطينا طمأنينة قائلا "أنا هو الطريق".
آيات (9 ،10) لا يكون هناك أسد وحش مفترس لا يصعد إليها لا يوجد هناك بل يسلك المفديون فيها.و مفديو الرب يرجعون و يأتون إلى صهيون بترنم و فرح ابدي على رؤوسهم ابتهاج و فرح يدركانهم و يهرب الحزن و التنهد.
الأسد = يشير لكل من ضايق شعب الله (سنحاريب / الشيطان). المفديون = هم المحررون من عبودية (بابل / إبليس). إلى صهيون = كان الوعد أن المفديون يصلون لصهيون أو لأورشليم السمائية. وعلى رؤوسهم = فرح أبدى كأكاليل.
الإصحاح السادس والثلاثون
مضمون الأربعة الإصحاحات (36 – 39) هي نفسها مذكورة في (2 مل 18 – 20) غالباً فكاتبها كلها هنا وهناك هو إشعياء نفسه وهذه الإصحاحات جاءت هنا كتحقيق للنبوات السابقة، فكل ما تكلم عنه إشعياء في نبواته ها هو حدث تماماً. وبدآية قصة سنحاريب مع حزقيا أنه طلب جزية حتى لا يضرب المدينة فدفعها حزقيا 300 وزنة فضة + 30 وزنة ذهب لكن سنحاريب غدر بوعده واستدار وضرب يهوذا وأخذ 200.000 أسير وإشعياء هنا لم يذكر هذا فهو يريد أن يظهر إمكانية الغلبة على الأعداء، فهنا نرى إمكانية أن يعيش الإنسان منتصراً. قد ينتصر العدو لفترة لكنه في النهآية سينهزم.
الآيات
1- و كان في السنة الرابعة عشرة للمك حزقيا ان سنحاريب ملك اشور صعد على كل مدن يهوذا الحصينة و اخذها.
2- و ارسل ملك اشور ربشاقى من لاخيش الى اورشليم الى الملك حزقيا بجيش عظيم فوقف عند قناة البركة العليا في طريق حقل القصار.
3- فخرج اليه الياقيم بن حلقيا الذي على البيت و شبنة الكاتب و يواخ بن اساف المسجل.
4- فقال لهم ربشاقى قولوا لحزقيا هكذا يقول الملك العظيم ملك اشور ما هو هذا الاتكال الذي اتكلته.
5- اقول انما كلام الشفتين هو مشورة و باس للحرب و الان على من اتكلت حتى عصيت علي.
6- انك قد اتكلت على عكاز هذه القصبة المرضوضة على مصر التي اذا توكا احد عليها دخلت في كفه و ثقبتها هكذا فرعون ملك مصر لجميع المتوكلين عليه.
7- و اذا قلت لي على الرب الهنا اتكنا افليس هو الذي ازال حزقيا مرتفعاته و مذابحه و قال ليهوذا و لاورشليم امام هذا المذبح تسجدون.
8- فالان راهن سيدي ملك اشور فاعطيك الفي فرس ان استطعت ان تجعل عليها راكبين.
9- فكيف ترد وجه وال واحد من عبيد سيدي الصغار و تتكل على مصر لاجل مركبات و فرسان.
10- و الان هل بدون الرب صعدت على هذه الارض لاخربها الرب قال لي اصعد الى هذه الارض و اخربها.
11- فقال الياقيم و شبنة و يواخ لربشاقى كلم عبيدك بالارامي لاننا نفهمه و لا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور.
12- فقال ربشاقى هل الى سيدك و اليك ارسلني سيدي لكي اتكلم بهذا الكلام اليس الى الرجال الجالسين على السور لياكلوا عذرتهم و يشربوا بولهم معكم.
13- ثم وقف ربشاقى و نادى بصوت عظيم باليهودي و قال اسمعوا كلام الملك العظيم ملك اشور.
14- هكذا يقول الملك لا يخدعكم حزقيا لانه لا يقدر ان ينقذكم.
15- و لا يجعلكم حزقيا تتكلون على الرب قائلا انقاذا ينقذنا الرب لا تدفع هذه المدينة الى يد ملك اشور.
16- لا تسمعوا لحزقيا لانه هكذا يقول ملك اشور اعقدوا معي صلحا و اخرجوا الي و كلوا كل واحد من جفنته و كل واحد من تينته و اشربوا كل واحد ماء بئره.
17- حتى اتي و اخذكم الى ارض مثل ارضكم ارض حنطة و خمر ارض خبز و كروم.
18- لا يغركم حزقيا قائلا الرب ينقذنا هل انقذ الهة الامم كل واحد ارضه من يد ملك اشور.
19- اين الهة حماة و ارفاد اين الهة سفروايم هل انقذوا السامرة من يدي.
20- من من كل الهة هذه الاراضي انقذ ارضهم من يدي حتى ينقذ الرب اورشليم من يدي.
21- فسكتوا و لم يجيبوا بكلمة لان امر الملك كان قائلا لا تجيبوه.
22- فجاء الياقيم بن حلقيا الذي على البيت و شبنة الكاتب و يواخ بن اساف المسجل الى حزقيا و ثيابهم ممزقة فاخبروه بكلام ربشاقى
آيات (1، 2) و كان في السنة الرابعة عشرة للمك حزقيا أن سنحاريب ملك أشور صعد على كل مدن يهوذا الحصينة و أخذها.و أرسل ملك أشور ربشاقى من لاخيش إلى أورشليم إلى الملك حزقيا بجيش عظيم فوقف عند قناة البركة العليا في طريق حقل القصار.
ربشاقى = كان رئيس سقاة وكان ضليعاً في اللغة العبرانية.
لاخيش = مدينة فلسطينية على طريق مصر ويبدو أن غرضه كان فتح مصر وفى الطريق قصد تدمير المدن الحصينة. قناة البركة = قناة تحت الأرض لجلب الماء من خارج أورشليم إلى داخلها (7 :3)
آية (4) فقال لهم ربشاقى قولوا لحزقيا هكذا يقول الملك العظيم ملك أشور ما هو هذا الاتكال الذي اتكلته.
ظن ربشاقى أن عظمة أشور تستدعى من حزقيا أن يتكل على أحد مثل مصر وينبه هنا أنه باطل الاتكال على مصر أو حتى على الله (وتشكيك ربشاقى في قدرة الله على حمآية شعبه هو عمل الشيطان دائماً، لذلك يقول "ما هذا الاتكال الذى اتكلته".
آية (5) أقول إنما كلام الشفتين هو مشورة و باس للحرب و الآن على من اتكلت حتى عصيت علي.
معنى الكلام أن مشورة اليهود وبأسهم هو مجرد كلام ولكن بلا فعل.
آية (7) و إذا قلت لي على الرب إلهنا اتكلنا افليس هو الذي أزال حزقيا مرتفعاته و مذابحه و قال ليهوذا و لأورشليم أمام هذا المذبح تسجدون.
بحسب فهم ربشاقى أن المذابح التي أزالها حزقيا هي مذابح لله فهو وثنى.
آية (10) و الآن هل بدون الرب صعدت على هذه الأرض لأخربها الرب قال لي اصعد إلى هذه الأرض و أخربها.
كثير من ملوك الوثنيون اعتبروا أنفسهم رسلاً لألهتهم.
لا تسمعوا لحزقيا لأنه هكذا يقول ملك أشور اعقدوا معي صلحا و اخرجوا إلي و كلوا كل واحد من جفنته و كل
آيات (16 : 17) واحد من تينته و اشربوا كل واحد ماء بئره. حتى آتي و أخذكم إلى ارض مثل أرضكم ارض حنطة و خمر ارض خبز و كروم.
هو يطلب منهم أن يذهبوا معه لأرضه ويعدهم بأن يعطيهم أراض كأرضهم وهذا غش وخداع لأنه كان سيستعبدهم وهذه حيلة إبليس دائماً أن يجذب النفس خارج أسوار أورشليم (أي خارج أسوار الكنيسة) لينفرد بها ويذلها. وحكمة حزقيا واضحة في عدم الجدال مع ربشاقى وعلينا أن لا نتحاور مع إبليس مهما كانت وعوده تطبيقاً لقول بولس "أما المناقشات الغبية فأجتنبها" ولنلاحظ أن حواء سقطت حينما تحاورت مع الشيطان.
آيات (18 – 22) لا يغركم حزقيا قائلا الرب ينقذنا هل أنقذ آلهة الأمم كل واحد أرضه من يد ملك أشور. أين آلهة حماة و ارفاد أين آلهة سفروايم هل أنقذوا السامرة من يدي. من من كل آلهة هذه الأراضي أنقذ أرضهم من يدي حتى ينقذ الرب أورشليم من يدي. فسكتوا و لم يجيبوا بكلمة لان أمر الملك كان قائلا لا تجيبوه. فجاء الياقيم بن حلقيا الذي على البيت و شبنة الكاتب و يواخ بن اساف المسجل إلى حزقيا و ثيابهم ممزقة فاخبروه بكلام ربشاقى
كانوا يعتقدون أن الحروب هى حروب بين الآلهة والنصرة هي للآلهة.
الإصحاح السابع والثلاثون
الآيات
1- فلما سمع الملك حزقيا ذلك مزق ثيابه و تغطى بمسح و دخل بيت الرب.
2- و ارسل الياقيم الذي على البيت و شبنة الكاتب و شيوخ الكهنة متغطين بمسوح الى اشعياء بن اموص النبي.
3- فقالوا له هكذا يقول حزقيا هذا اليوم يوم شدة و تاديب و اهانة لان الاجنة دنت الى المولد و لا قوة على الولادة.
4- لعل الرب الهك يسمع كلام ربشاقى الذي ارسله ملك اشور سيده ليعير الاله الحي فيوبخ على الكلام الذي سمعه الرب الهك فارفع صلاة لاجل البقية الموجودة.
5- فجاء عبيد الملك حزقيا الى اشعياء.
6- فقال لهم اشعياء هكذا تقولون لسيدكم هكذا يقول الرب لا تخف بسبب الكلام الذي سمعته الذي جدف علي به غلمان ملك اشور.
7- هانذا اجعل فيه روحا فيسمع خبرا و يرجع الى ارضه و اسقطه بالسيف في ارضه.
8- فرجع ربشاقى و وجد ملك اشور يحارب لبنة لانه سمع انه ارتحل عن لخيش.
9- و سمع عن ترهاقة ملك كوش قولا قد خرج ليحاربك فلما سمع ارسل رسلا الى حزقيا قائلا.
10- هكذا تكلمون حزقيا ملك يهوذا قائلين لا يخدعك الهك الذي انت متوكل عليه قائلا لا تدفع اورشليم الى يد ملك اشور.
11- انك قد سمعت ما فعل ملوك اشور بجميع الاراضي لتحريمها و هل تنجو انت.
12- هل انقذ الهة الامم هؤلاء الذين اهلكهم ابائي جوزان و حاران و رصف و بني عدن الذين في تلسار.
13- اين ملك حماة و ملك ارفاد و ملك مدينة سفروايم و هينع و عوا.
14- فاخذ حزقيا الرسائل من يد الرسل و قراها ثم صعد الى بيت الرب و نشرها حزقيا امام الرب.
15- و صلى حزقيا الى الرب قائلا.
16- يا رب الجنود اله اسرائيل الجالس فوق الكروبيم انت هو الاله وحدك لكل ممالك الارض انت صنعت السماوات و الارض.
17- امل يا رب اذنك و اسمع افتح يا رب عينيك و انظر و اسمع كل كلام سنحاريب الذي ارسله ليعير الله الحي.
18- حقا يا رب ان ملوك اشور قد خربوا كل الامم و ارضهم.
19- و دفعوا الهتهم الى النار لانهم ليسوا الهة بل صنعة ايدي الناس خشب و حجر فابادوهم.
20- و الان ايها الرب الهنا خلصنا من يده فتعلم ممالك الارض كلها انك انت الرب الاله وحدك.
21- فارسل اشعياء بن اموص الى حزقيا قائلا هكذا يقول الرب اله اسرائيل الذي صليت اليه من جهة سنحاريب ملك اشور.
22- هذا هو الكلام الذي تكلم به الرب عليه احتقرتك و استهزات بك العذراء ابنة صهيون نحوك انغضت ابنة اورشليم راسها.
23- من عيرت و جدفت و على من عليت صوتا و قد رفعت الى العلاء عينيك على قدوس اسرائيل.
24- عن يد عبيدك عيرت السيد و قلت بكثرة مركباتي قد صعدت الى علو الجبال عقاب لبنان فاقطع ارزه الطويل و افضل سروه و ادخل اقصى علوه وعر كرمله.
25- انا قد حفرت و شربت مياها و انشف ببطن قدمي جميع خلجان مصر.
26- الم تسمع منذ البعيد صنعته منذ الايام القديمة صورته الان اتيت به فتكون لتخريب مدن محصنة حتى تصير روابي خربة.
27- فسكانها قصار الايدي قد ارتاعوا و خجلوا صاروا كعشب الحقل و كالنبات الاخضر كحشيش السطوح و كالملفوح قبل نموه.
28- و لكنني عالم بجلوسك و خروجك و دخولك و هيجانك علي.
29- لان هيجانك علي و عجرفتك قد صعدا الى اذني اضع خزامتي في انفك و شكيمتي في شفتيك و اردك في الطريق الذي جئت فيه.
30- و هذه لك العلامة تاكلون هذه السنة زريعا و في السنة الثانية خلفة و اما السنة الثالثة ففيها تزرعون و تحصدون و تغرسون كروما و تاكلون اثمارها.
31- و يعود الناجون من بيت يهوذا الباقون يتاصلون الى اسفل و يصنعون ثمرا الى ما فوق.
32- لانه من اورشليم تخرج بقية و ناجون من جبل صهيون غيرة رب الجنود تصنع هذا.
33- لذلك هكذا يقول الرب عن ملك اشور لا يدخل هذه المدينة و لا يرمي هناك سهما و لا يتقدم عليها بترس و لا يقيم عليها مترسة.
34- في الطريق الذي جاء فيه يرجع و الى هذه المدينة لا يدخل يقول الرب.
35- و احامي عن هذه المدينة لاخلصها من اجل نفسي و من اجل داود عبدي.
36- فخرج ملاك الرب و ضرب من جيش اشور مئة و خمسة و ثمانين الفا فلما بكروا صباحا اذا هم جميعا جثث ميتة.
37- فانصرف سنحاريب ملك اشور و ذهب راجعا و اقام في نينوى.
38- و فيما هو ساجد في بيت نسروخ الهه ضربه ادرملك و شراصر ابناه بالسيف و نجوا الى ارض اراراط و ملك اسرحدون ابنه عوضا عنه
آية (3) فقالوا له هكذا يقول حزقيا هذا اليوم يوم شدة و تأديب و اهانة لان الأجنة دنت إلى المولد و لا قوة على الولادة.
الشدة = أن يصل الأشوريين إلى باب أورشليم ويجدفوا على الله. وطالما هو يوم شدة فليكن يوم صلاة تعين على الولادة المتعسرة ويعطى طمأنينة للقلب. ولقد فهم حزقيا أنه طالما هناك شدة، فوراء الشدة التي سمح بها الله لابد وسيكون هناك ولادة أي ولادة أمة جديدة. ولا قوة للولادة تشبيه يدل على ألام شديدة فالله يسمح بالتجارب حتى يكون من ورائها خير كثير لنا ولكن لاحتمال التجارب علينا أن نطلب ونصرخ لله حتى نجتاز هذه الشدة. وهذا الفهم المستنير لحزقيا للآلام والتجارب أشار له السيد المسيح في (يو 16 : 21).
آية (4) لعل الرب إلهك يسمع كلام ربشاقى الذي أرسله ملك أشور سيده ليعير الإله الحي فيوبخ على الكلام الذي سمعه الرب إلهك فارفع صلاة لأجل البقية الموجودة.
الرب إلهك = اعترفوا بأن الرب مع إشعياء وأنه نبي الرب
آية (5، 6) فجاء عبيد الملك حزقيا إلى اشعياء. فقال لهم اشعياء هكذا تقولون لسيدكم هكذا يقول الرب لا تخف بسبب الكلام الذي سمعته الذي جدف علي به غلمان ملك أشور.
غلمان = كلمة احتقار لربشاقى ورفقائه.
آية (7) هاأنذا اجعل فيه روحا فيسمع خبرا و يرجع إلى أرضه و أسقطه بالسيف في أرضه.
أجعل فيه روحاً = روح خوف أو هو روح الشر الذي قبله بمحض اختياره فيرتد عليه شره. وجعل الله خوفه من خبر يسمعه = عن ترهاقة، وأسقطه بالسيف = وكان هذا بيد إبناه في هيكل إلهه الذي لم يستطع حمايته.
آيات (8، 9) فرجع ربشاقى و وجد ملك أشور يحارب لبنة لأنه سمع انه ارتحل عن لخيش.و سمع عن ترهاقة ملك كوش قولا قد خرج ليحاربك فلما سمع أرسل رسلا إلى حزقيا قائلا.
يبدو أن سنحاريب ترك لخيش وحارب لبنة وهى قريبة من لخيش. وترهاقة = غالباً كان يملك على مصر في ذلك الوقت وقد خرج لمحاربة أشور هنا نجد ربشاقى يوجه تهديداً ثانياً لأورشليم وسببه هو خوفه من مصر، فأراد الانتهاء من أورشليم والاستيلاء عليها بدون حرب لتكون سنداً له وجاء في (عو 15) ما فعلته يفعل بك، فهو حارب أورشليم وها مصر تحاربه.
آية (16) يا رب الجنود اله إسرائيل الجالس فوق الكروبيم أنت هو الإله وحدك لكل ممالك الأرض أنت صنعت السماوات و الأرض.
يارب الجنود = فهو إله الحرب ونحن وملائكته كلنا جنوده.
آيات (21 – 23) فأرسل اشعياء بن أموص إلى حزقيا قائلا هكذا يقول الرب اله إسرائيل الذي صليت إليه من جهة سنحاريب ملك أشور. هذا هو الكلام الذي تكلم به الرب عليه احتقرتك و استهزأت بك العذراء ابنة صهيون نحوك انغضت ابنة أورشليم رأسها. من عيرت و جدفت و على من عليت صوتا و قد رفعت إلى العلاء عينيك على قدوس إسرائيل.
العذراء ابنة صهيون = أي المدينة التي لن تفتح بواسطة سنحاريب بل ستهزأ به وتنغض الرأس لهزيمته، فمن يعظم نفسه على الله يصير موضع سخرية.
آية (24) عن يد عبيدك عيرت السيد و قلت بكثرة مركباتي قد صعدت إلى علو الجبال عقاب لبنان فاقطع أرزه الطويل و أفضل سروه و ادخل أقصى علوه وعر كرمله.
كان الملوك يكسرون الأشجار لتمر مركباتهم الحربية وإشتهر ملوك أشور بهذا بل وتفاخروا بقدرتهم عليه.
آية (25) أنا قد حفرت و شربت مياها و أنشف ببطن قدمي جميع خلجان مصر.
بعد تصوير انتصاراته على مصاعب الجبال يصور هنا انتصاراته على القفر حيث العطش وعلى نهر النيل كعائق لجنوده أو كرمز لجيوش مصر.
آية (26) الم تسمع منذ البعيد صنعته منذ الأيام القديمة صورته الآن أتيت به فتكون لتخريب مدن محصنة حتى تصير روابي خربة.
ألم تسمع = كلام الرب لسنحاريب أي هل لم تسمع عن النبوات التي تنبأ بها عليك أنبيائي. أو هل لم يخبرك عقلك بأنني القادر وحدي وأنني أنا الذي صنعتك وأعطيتك القدرة على ما صنعت فلا داعي أن تفتخر.
آيات (28 – 29) و لكنني عالم بجلوسك و خروجك و دخولك و هيجانك علي. لان هيجانك علي و عجرفتك قد صعدا إلى أذني أضع خزامتي في انفك و شكيمتي في شفتيك و أردك في الطريق الذي جئت فيه.
خزامتى في أنفك = هكذا كان الأشوريون يفعلون بأسراهم.
آيات (28، 29) هذا كلام الرب لحزقيا، فربما كان قدوم سنحاريب في الصيف فخسر اليهود غلتهم ولم يفلحوا في الخرف فخسروا أيضاً غلال السنة التالية وأما السنة الثالثة – يزرعون ويحصدون ومعنى الكلام أن الأشوريون لن يعودوا أبداً.
زريعاً Grows of Itself خلفة = أي ما تبقى من السنة الأولى والله كان قد طلب من اليهود أن يزرعوا ستة أعوام وفى العام السابع لا يزرعون بل يعطوا راحة لأنفسهم وللأرض. وفى مقابل ذلك يعطيهم الله في السنة الثانية ضعفين، أي يبارك الله غلة العام السادس فتكفى سنتين. ولكنهم لطمعهم لم ينفذوا الوصية، وهنا الرب يبدأ معهم من جديد، فمع هذه الشدة التي هم فيها، وإذ جاءت الآن السنة السابعة عليهم أن لا يزرعوا والله سيطعمهم وستكون الذريعة كافية لسنتين حتى لا يزرعوا في السنة السبتية التي كانت ستجيء بعد الحصار. وهذه البركة سماها خلفة أي ما يتخلف عن الزريعة، ثم يبدأون في الزراعة بعد ذلك.
آية (31، 32) و يعود الناجون من بيت يهوذا الباقون يتأصلون إلى أسفل و يصنعون ثمرا إلى ما فوق. لأنه من أورشليم تخرج بقية و ناجون من جبل صهيون غيرة رب الجنود تصنع هذا.
قالت الكتابات الأشورية أنهم أسروا 200150 من يهوذا والله يعدهم بأنهم سيتأصلون ثانية. و هذا ما حدث فإن المملكة في زمان يوشيا كانت تقارن في عظمتها بأحسن أيامها. ويصنعون ثمراً إلى فوق = تكون لهم حياة سماوية وهذه ثمار التجارب.
آيات (36، 37) فخرج ملاك الرب و ضرب من جيش أشور مئة و خمسة و ثمانين ألفا فلما بكروا صباحا إذا هم جميعا جثث ميتة. فانصرف سنحاريب ملك أشور و ذهب راجعا و أقام في نينوى.
سمع هيرودوتس من كهنة المصريين أن الفئران هي التي أكلت جيش أشور وأسلحته، لينسبوا المعجزة لآلهتهم.
آية (38) و فيما هو ساجد في بيت نسروخ ألهه ضربه ادرملك و شراصر ابناه بالسيف و نجوا إلى ارض اراراط و ملك اسرحدون ابنه عوضا عنه.
قتله أبناه لأنهما حسدا أخيهما أسر حدون حينما شعرا بأنه سيرث العرش.
الإصحاح الثامن والثلاثون
الآيات
1- في تلك الايام مرض حزقيا للموت فجاء اليه اشعياء بن اموص النبي و قال له هكذا يقول الرب اوص بيتك لانك تموت و لا تعيش.
2- فوجه حزقيا وجهه الى الحائط و صلى الى الرب.
3- و قال اه يا رب اذكر كيف سرت امامك بالامانة و بقلب سليم و فعلت الحسن في عينيك و بكى حزقيا بكاء عظيما.
4- فصار قول الرب الى اشعياء قائلا.
5- اذهب و قل لحزقيا هكذا يقول الرب اله داود ابيك قد سمعت صلاتك قد رايت دموعك هانذا اضيف الى ايامك خمس عشرة سنة.
6- و من يد ملك اشور انقذك و هذه المدينة و احامي عن هذه المدينة.
7- و هذه لك العلامة من قبل الرب على ان الرب يفعل هذا الامر الذي تكلم به.
8- هانذا ارجع ظل الدرجات الذي نزل في درجات احاز بالشمس عشر درجات الى الوراء فرجعت الشمس عشر درجات في الدرجات التي نزلتها.
9- كتابة لحزقيا ملك يهوذا اذ مرض و شفي من مرضه.
10- انا قلت في عز ايامي اذهب الى ابواب الهاوية قد اعدمت بقية سني.
11- قلت لا ارى الرب الرب في ارض الاحياء لا انظر انسانا بعد مع سكان الفانية.
12- مسكني قد انقلع و انتقل عني كخيمة الراعي لففت كالحائك حياتي من النول يقطعني النهار و الليل تفنيني.
13- صرخت الى الصباح كالاسد هكذا يهشم جميع عظامي النهار و الليل تفنيني.
14- كسنونة مزقزقة هكذا اصيح اهدر كحمامة قد ضعفت عيناي ناظرة الى العلاء يا رب قد تضايقت كن لي ضامنا.
15- بماذا اتكلم فانه قال لي و هو قد فعل اتمشى متمهلا كل سني من اجل مرارة نفسي.
16- ايها السيد بهذه يحيون و بها كل حياة روحي فتشفيني و تحييني.