المقدمة

هو أول الأنبياء الصغار. وكلمة صغار تشير لصغر حجم نبواتهم وليس صغر شأنهم.

هوشع كلمة عبرية تعني "يهوه يخلص" ومنها كلمة يشوع أو يسوع.

عاصر ملوك يهوذا " عزيا ويوثام وأحاز وحزقيا". وقارن مع (أش 1:1) تجد أنهم نفس الملوك الذين عاصرهم إشعياء. أي أن هوشع وإشعياء تنبأ كلاهما في نفس الفترة الزمنية. وبينما تنبأ إشعياء في يهوذا، تنبأ هوشع في مملكة إسرائيل الشمالية، إلاّ أنه غالباً وبعد سقوط السامرة في يد أشور ذهب هوشع إلى يهوذا وأكمل نبواته هناك. وهوشع ذكر أسماء ملوك يهوذا ولم يذكر أسماء ملوك إسرائيل الذين عاش وسطهم، لأنه غالباً إعتبر أن ملوك يهوذا، نسل داود هم الملوك الذين بحسب قلب الله. ومن الأنبياء الذين عاصروه أيضاً عاموس وميخا (عاموس في إسرائيل وميخا في يهوذا)

بدأ هوشع نبواته في أيام يربعام الثاني بن يوآش ملك إسرائيل.

ملك زكريا بن يربعام لمدة 6 شهور ثم قتله شلوم بن يابيش الذي ملك شهر واحد. ثم قام منحيم بن جادي على شلوم وقتله وإمتلك مكانه 10سنوات ومات وخلفه إبنه فقحيا بن منحيم لمدة سنتين. ثم قتله فقح بن رمليا. وهوشع قتل فقح. وحاصرت أشور السامرة في أيام هوشع ثلاث سنين إلى أن سقطت سنة 722ق.م.

تقدر المدة التي تنبأ فيها هوشع بحوالي 70سنة. وفيها تنبأ بخراب إسرائيل. وكرر نفس التحذير ليهوذا. وذلك بسبب الإنحلال الخلقي والديني وعبادة الأوثان والزنا. وعبادة الأوثان كانت تشتمل على الزنا في المعابد الوثنية.

استمرت مملكة إسرائيل فترات طويلة بدون ملك (هو3:10)

فكر ملوك إسرائيل في التحالف مع مصر ضد أشور، واعتبر هوشع هذا خطية كبيرة (6:10) وطبعاً الحل ليس في التحالف مع قوى عالمية كبيرة، بل في الاعتماد على الله. ولكن الله له شروطه وهي ضرورة التوبة. وسفر هوشع سفر رائع لموضوع التوبة خاصة الإصحاح الأخير.

قبل سقوط إسرائيل نهائياً في يد أشور تعرضت لعدة غزوات من الأشوريين وأوقعت أشور على الإسرائيليين الجزية. وهكذا نرى أن الله لا يأتي بضربة كبير إلاّ لو سبقها إنذارات. فلقد سبق سقوط السامرة زلزلة عظيمة (عا1:1) وضربة جراد (يؤ2:1-4) ثم غزوات أشور البسيطة وفرض الجزية وأخيراً الضربة الكبيرة وهي السبي بعد تدمير السامرة نهائياً.

 ولاحظ أن ملوك إسرائيل كانوا أشراراً كشعبهم، قتلة ومغتصبين للعرش وأخر ملوك إسرائيل هوشع بن إيلة الذي أخضعه شلمنآصر ملك أشور ووضعه تحت الجزية. وإذا وجد في خيانة لأنه استغاث بسوا ملك مصر ولم يؤد الجزية قبض عليه وحاصر السامرة 3 سنين وتم سبي إسرائيل، وكان هذا في السنة الخامسة لحزقيا الملك.

غالبية نبوات هوشع عن إسرائيل، ويسميها في بعض الأحيان السامرة فالسامرة هي العاصمة ويسميها في أحيان أخرى أفرايم وهو أكبر أسباط إسرائيل ومنه يربعام أول ملوكها بعد انفصال المملكتين.

سبب إنحراف مملكة إسرائيل منذ نشأتها أن يربعام بن نباط ملكهم الأول الذي شق المملكة أثر ثورة وانقلاب على رحبعام بن سليمان، هذا قد أقام هيكلين في أراضي إسرائيل، ووضع فيهم عجول ذهبية، وطلب من شعبه العبادة في هذه الهياكل، واعتبر أن هذه العجول الذهبية هي بمثابة يهوه إله إسرائيل. وهو فعل هذا لأنه خاف أن يذهب شعبه للعبادة في أورشليم بحسب الناموس فيثوروا ضده وينضموا لملك يهوذا. وهكذا كان الانفصال بداية كل الشرور. فلقد تبع عبادة هذه العجول الذهبية والانفصال عن هيكل الله في أورشليم دخول عبادة البعل الوثنية خصوصاً على يد عائلة أخاب ملك إسرائيل. ولهذه الشرور غابت البركة عن مملكة إسرائيل، فلقد توالت الاغتيالات السياسية، وحكمت إسرائيل أسرات عديدة، أما كرسي داود فلقد استمر ثابتاً يحكم يهوذا حتى سقوط يهوذا في سبي بابل. فالاستقرار كان بركة من الله.

اقتباسات العهد الجديد من هوشع:

قارن                        (رو25:9)                 مع       (هو10:1)

                             (مت15:2)                 مع       (هو1:11)

                             (مت13:9،7:12)         مع       (هو6:6)

                             (1كو55:15)              مع       (هو14:13)

                             (رؤ16:6)                 مع       (هو8:10)

هدف هذه النبوة كشف النقاب عن الخطية وإعلان دينونة الله على شعب رفض الإصلاح. وأن الخراب هو نتيجة طبيعية للخطية. وهو تنبأ بهذا الخراب قبل أن يحدث بمدة طويلة وعاش إلى أن رأه. وكانت أسماء أولاده كنبوة حية عن هذا الخراب الآتي


 

الإصحاح الأول

أية (1): "قول الرب الذي صار إلى هوشع بن بئيري في أيام عزيا و يوثام واحاز و حزقيا ملوك يهوذا وفي أيام يربعام بن يوآش ملك إسرائيل"

من رحمة الله أن يستمر هذا النبي الخادم كل هذه المدة ليشهد لله ويدعو الشعب للتوبة. وكما رأينا فهوشع النبي عاصر ملوكاً كثيرين لإسرائيل، لكنه لم يذكر سوى واحداً منهم فقط. وذلك راجع لشرورهم.

 

الآيات (2-5):"أول ما كلّم الرب هوشع قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى لان الأرض قد زنت زنى تاركة الرب. فذهب واخذ جومر بنت دبلايم فحبلت وولدت له ابنا. فقال له الرب ادع اسمه يزرعيل لأنني بعد قليل أعاقب بيت ياهو على دم يزرعيل وأبيد مملكة بيت إسرائيل. ويكون في ذلك اليوم أني اكسر قوس إسرائيل في وادي يزرعيل"

نجد هنا حادثة عجيبة فالله يطلب من النبي أن يتزوج من امرأة زنى. ولكن أليس هذا هو واقع علاقة الله بنا. فالنبي هنا يمثل الله، والزوجة هنا تمثل شعب الله. وهذا الشعب يزنى زنا روحي بعبادته للأوثان وزنا جسدي أيضاً. ومطلوب من النبي أن يحب زوجته وينجب منها. ومشاعر النبي هنا تعبر عن مشاعر الله. فالنبي الآن بهذا الزواج يشعر بآلام شديدة نفسية وجروح عميقة وهذا ما يريد الله أن نكتشفه، إننا بخطيتنا نجرح الله جداً. وهناك أراء تقول أن هذه القصة رمزية أو مجرد رؤيا. ولكن هذا الرأي مرفوض فكما ذهب إبراهيم بابنه مسيرة ثلاثة أيام ليذبحه قاسى خلالها أشد الآلام النفسية مرارة ليشرح الله له ولنا فكرة الفداء، والتي فيها سيعاني الآب والابن آلاماً حقيقية وترك الله إبراهيم ثلاثة أيام يتألم ألماً حقيقياً. هكذا ترك هوشع ليشعر ونشعر نحن من خلاله بكم نؤلم الله بخطيتنا. لقد ترك الله هوشع ليشعر بمشاعر الله وتركه يتكلم مع الشعب، هذه كما قال الله لأرمياء مثل فمي تكون (أر19:15) وقد تكون هذه الزوجة من هؤلاء اللواتي ينذرن أنفسهن في هياكل الأوثان للزنا الجسدي لحساب البعل الإله الوثني.

جومر بنت دبلايم: جومر تعني نهاية الكمال خاصة كمال الفشل. ودبلايم تعني كعكة من التين المضغوط أو أقراص الزبيب. وكان هذا النوع من الكعك يستخدم في الاحتفالات الخاصة بالبعل (هو1:3) والمعنى  أن عبادة الأوثان تقود لكمال الفشل.

أولاد زني: كما بقيت جومر في شرها تلد أبناء زنى بالرغم من زواجها من رجل نبي طاهر مبارك. هكذا بقى إسرائيل في زناه الروحي بالرغم من إعلان الله له عن اتحاده معه.

لأن الأرض قد زنت: لم يقل لأن إسرائيل قد زنت، بل الأرض، فإسرائيل بزناها صارت أرضاً وليس سماء. أما نحن فباتحادنا مع المسيح نقوم معه ونجلس معه في السماويات. وأولاد إسرائيل سيظلوا أولاد زنى لأن أمهم زانية حتى يقبلوا رسالة أبيهم (الله القدوس) ويرفضوا خطية أمهم (إسرائيل).

يزرعيل: الله يزرع. هذا هو أول أولاد جومر. ونسمع هنا لأنني بعد قليل أعاقب = والمعنى أن ما يزرعه الله فينا من تأديبات هو ثمر عملنا، أو أننا سوف نحصد من ثمار ما زرعناه، هم زرعوا خطية فسيجنوا عقاباً " الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد" (غل7:6) "والزارع إثماً يحصد بلية" (أم8:22) وكلمة يزرعيل تعني أيضاً (الله يبذر) وهذا ما كان الله ناوياً أن يعمله، فهو كان سوف يبذر إسرائيل ويشتتها على الجبال من أجل خطيتها. وسيبدأ الله بأن يعاقب بيت ياهو بن نمشي: هذا الملك قام على يورام بن أخاب زوج إيزابل الشريرة وقتله، وقتل كل أخوته وقتل إيزابل وأنبياء البعل فشجعه الله. ولكنه عاد فسار في نفس خطايا ملوك إسرائيل. وهو ملك 28سنة ومات وملك بدلاً منه يهو أحاز إبنه 17سنة ومات وملك بدلاً منه يوآش ابنه 16سنة ومات وملك بدلاً منه يربعام ابنه لمدة 41سنة. ثم ملك ابن يربعام، زكريا لمدة 6 شهور إلى أن قتله شلوم بن يابيش. وكان كل هؤلاء أشراراً واستحقوا أن تنتهي أسرة ياهو بن نمشى هذه النهاية. فحين أحسن ياهو شجعه الله (2مل3:10) وحين ما زاد الشر أنهى الله هذه الأسرة بقتل زكريا. وهذا لم يكن سوى البداية أما النهاية فكانت بخراب إسرائيل النهائي = وأبيد مملكة بيت إسرائيل. والعقوبة لبيت ياهو هي على دم يزرعيل= فياهو طلب من رؤساء السامرة ذبح أبناء أخاب السبعين. وهؤلاء خافوا من يعو فذبحوا السبعين إبناً ووضعوا رؤوسهم في سلال وأرسلوها إليه، إلى يزرعيل (2مل1:10-8) ولما وصلت السلال طلب ياهو أن يقسموها قسمين أمام مدخل الباب حتى الصباح. والله هنا يذكر هذا العمل الوحشي لياهو فالله يريد عقاب الأشرار مثل آخاب وبيته، ولكن الله لا يحب قطعاً ولا يرضى عن الوحشية التي في قلب ياهو.ووادي يزرعيل هذا وهو مرج ابن عامر اليوم، كان ساحة حروب دموية كثيرة. وهناك كُسِرَ قوس إسرائيل. قد يكون هذا الوادي مكاناً لحفظ أسلحة إسرائيل، أو حدثت فيه معركة ضعفت فيها قوة إسرائيل. وبعد موت زكريا أخر ملوك بيت ياهو بدأت مملكة إسرائيل في الإنحطاط وكان ذلك مقدمة لخرابها النهائي. والله هنا يذكر بأن بداية شرور بيت ياهو هو شر قلب ياهو الذي قام بقتل أولاد آخاب في يوم يزرعيل بعمل وحشي، كان فيه ياهو كارهاً للناس منتقماً لنفسه وليس كارهاً للشر والخطية بدليل ما قام به بعد ذلك من خطايا واستمراريته في شرور كل ملوك إسرائيل.

 

الآيات (6-7): "ثم حبلت أيضا وولدت بنتا فقال له ادع اسمها لورحامة لأني لا أعود ارحم بيت إسرائيل أيضا بل إنزعهم نزعا. وأما بيت يهوذا فارحمهم وأخلصهم بالرب ألههم ولا أخلصهم بقوس وبسيف وبحرب وبخيل وبفرسان"

لورحامة: أي لا أعود أرحم. هذه إحدى نتائج البعد عن الله والاستهانة بلطفة وطول أناته. لأني لا أعود أرحم = معنى هذا أن الله قد أعطاهم فرصاً لكثيرة للمراحم. أما بيت يهوذا فأرحمهم = فهم حافظوا على علاقتهم بالله مدة أطول من إسرائيل. ولا أخلصهم بقوس = فهذا ما حدث فعلاً فأشور أبادت مملكة إسرائيل، ولكن أثناء حصار أشور هذه لأورشليم وبعد صلاة حزقيا الملك ضرب الملاك من جيش أشور 185000. ولكن (آية7) هذه تشير لخلاص الكنيسة بفداء المسيح. فيهوذا هنا تشير للكنيسة والدليل أخلصهم بالرب إلههم = أي بالمسيح ولا أخلصهم بقوس = أي بالصليب، والمتحدث هنا هو الآب وهو يتكلم عن الابن ويكون خلاص يهوذا من أشور رمزاً لخلاص الكنيسة من الشيطان.

 

الآيات (8-11): "ثم فطمت لورحامة وحبلت فولدت ابنا. فقال ادع اسمه لوعمّي لأنكم لستم شعبي وأنا لا أكون لكم. لكن يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال ولا يعدّ ويكون عوضا عن أن يقال لهم لستم شعبي يقال لهم أبناء الله الحي.ويجمع بنو يهوذا وبنو إسرائيل معا ويجعلون لأنفسهم رأسا واحدا ويصعدون من الأرض لان يوم يزرعيل عظيم"

لوعمى: لستم شعبي. وهذا هو أقسى عقاب يُعَاقَبْ به شعب الله. فنسبتهم لله هي سر قوتهم ومصدر كل بركة. فتخلي الله عنا يساوي وقوعنا في يد الشيطان.ولكن ماذا حدث حتى يتخلى الله عن شعبه؟ الله لم يتخلى أولاً عنهم بل هم ذهبوا وراء البعل أولاً. وفي (آية10) لكن = لكن هذه معزية جداً، فالنهاية ليست رفض الله لشعبه وانفصاله عنّا، لكن هناك دائماً فرصة، وسيعود الله لشعبه= ويكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر وهذا قد حدث في الكنيسة. ويقال لهم أبناء الله الحي = فنحن قد حصلنا على البنوة في المسيح.  ويجعلون لأنفسهم رأساً واحداً = فالمسيح رأس الكنيسة (راجع رسالتي أفسس و كولوسي) ويصعدون من الأرض  = فنحن في المسيح صرنا في السماويات (أف6:2) لأن يوم يزرعيل عظيم = الله زرع هذا الخلاص بأن وقعت حبة الحنطة في الأرض وماتت (يو24:12). وكان رمز هذا الخلاص في العهد القديم رجوع إسرائيل ويهوذا بعد عودة يهوذا من سبي بابل، ليكونا أمة واحدة برأس واحد هو زربابل. وجمع يهوذا وإسرائيل في أمة واحدة رمز لجمع اليهود والأمم في جسد المسيح الواحد. وكان أولاد هوشع بأسمائهم إشارة لهلاك إسرائيل، كما كانت أسماء أولاد إشعياء ذات معاني نبوية. ولكن قيل عن أولاد هوشع أولاد زنى لولادتهم من زانية كما أن هلاك إسرائيل كان نتيجة طبيعية لخطاياهم. ولاحظ التدرج في الأسماء يزرعيل= عقاب الله، لورحامة=حجب عطفه، مراحمه، لوعمي= إقصائهم الكامل عن الله.

ثم فطمت لورحامة.. وحبلت فولدت إبناً.. اسمه لوعمى = نجد هنا مراحم الله واضحه فقبل أن يولد لوعمى كانت هناك فترة فطام للورحامة والمعني أن الله قبل أن يرفضهم من أن يكونوا شعباً له أعطاهم فرصة انتظار، هذه هي طول أناة الله، فهو يطيل أناته علينا لعلنا نتوب.

لأن يوم يزرعيل عظيم = فبعد أن كان يزرعيل يمثل تهديداً ومرارة وعقاب من الله، وحيث كان الرفض والخراب ثمر خطيتنا. صار يزرعيل يمثل وعداً بأن يزرعنا الله زرعاً مقدساً (أش13:6) وبذلك ينتشر ملكوت الله في الأرض كلها. وسهل يزرعيل كان مشهوراً بأرضه الخصبة. هكذا شعب الله سيمتاز بالبركات الروحية. وطبق هذا بولس الرسول في (رو25:9،26) وكثرة عدد المؤمنين واضح في (رؤ4:7،9 + غل27:4) وتم الوعد في (تك5:17) لاحظ كم معنى لكلمة يزرعيل. وشكراً لله الذي بمراحمه تحولت العقوبة لبركة.


 

الإصحاح الثاني

آية (1): "قولوا لأخواتكم عمّي ولاخوتكم رحامة"

انتهي الإصحاح السابق بوعد من الله بأن يجمع يهوذا وإسرائيل في أمة واحدة برأس واحد. وقد تحقق هذا بعد رجوع يهوذا من سبي بابل وانضمام إسرائيل لهم تحت قيادة زربابل. وكان كل هذا رمزاً لجسد الكنيسة الذي رأسه هو المسيح. وعمل المسيح الفدائي جعلنا كلنا أخوة = لإخوتكم عمى ولأخواتكم رُحامة.عمي = شعبي ورحامة = مرحومين. فهو يرحم شعبه.

آية (2): "حاكموا أمكم حاكموا لأنها ليست امرأتي وأنا لست رجلها لكي تعزل زناها عن وجهها وفسقها من بين ثدييها"

حاكموا أمكم = الأم هنا هي أمة إسرائيل. وكلمة حاكموا أي اعترفوا بالخطية ودينوها وأحكموا على من يخطئ بأنه يستحق العقاب. والاعتراف والتوبة هما الوسيلة الوحيدة لاستدرار مراحم الله. ولتكن توبة جماعية يمثلها توبة الأم إسرائيل كلها. فالله هنا يوجه كلامه للأتقياء بينهم أن يشهدوا على خطايا إسرائيل. ويوجه الله كلامه أيضاً للمتألمين من إسرائيل، أن لا يشتكوا على الله الذي سمح بهذه الآلام، بل أن يلقوا التبعة على خطايا أمهم (أش1:50) وفي دينونتهم لأمهم عليهم أن يذكروها بمراحم الرب السابقة عليها وخيانتها المستمرة له. فهي التي نقضت عهد الزيحة = لأنها ليست إمرأتي. الله لم يرفضها لسبب خطية سقطت فيها بضعف ولكن بسبب إصرارها على رفض الله ورفض التوبة. فالله قبل داود لأنه قَدَّمَ توبة ورفض شاول لإصراره على الخطية ورفض يربعام لأنه قاد إسرائيل كله لأن يخطئ ولم يتب. والزنى كما نعرف قد يكون روحي أي بعبادة الأوثان أو زنا جسدي فعلي. وما هو المطلوب من هذه المحاكمة؟ أن تعزل زناها عن وجهها = أي تنزع عن وجهها عدم الحياء وتخجل من خطاياها. وفسقها من بين ثدييها = هذه تفهم [1] بين الثديين يوجد القلب فالمطلوب إذاً أن ترجع لله بقلبها " بين ثديي يبيت" (نش13:1) وتتخلى بقلبها عن الخطية وليس في مظاهر عبادات خارجية " فأية شركة للنور مع الظلمة" [2]الثديين هما وسيلة الرضاعة، وإسرائيل كأم عليها أن تكف عن أن ترضع شعبها، أي أن تكف عن تعليمهم الخطايا.

 

آية (3): "لئلا اجرّدها عريانة وأوقفها كيوم ولادتها واجعلها كقفر وأصيرها كأرض يابسة وأميتها بالعطش"

بالتوبة نكتسي بالبر. والمسيح هو برنا، وبالتوبة نلبس المسيح فإذا أصَّر إنسان على عدم التوبة يظهر عريه (كما حدث مع آدم) وعملياً فالخطية هي سبب خراب الشعوب والأفراد. وأجعلها كقفر = لأن الخطية سبب عدم الامتلاء من الروح القدس وهو الماء الذي يروي. وبالموت يخرج الإنسان من العالم كما ولدته أمه بدون شئ. لذلك فلنقدم توبة قبل الموت. العرى = افتضاح خطايانا.

 

آية (4): "ولا ارحم أولادها لأنهم أولاد زنى"

أولاد زنى = الله لن يرحم أولادها لو استمروا على شكل خطية أمهم. أما لو تابوا فسيصبح اسمهم عمى ورُحامة ولا يعود اسمهم أولاد زنى.

 

آية (5): "لان أمهم قد زنت.التي حبلت بهم صنعت خزيا.لأنها قالت اذهب وراء محبيّ الذين يعطون خبزي ومائي صوفي وكتاني زيتي واشربتي"

لأن أمهم قد زنت : إذن ما يحدث لهم من آلام ليس سببه قسوة الله إنما خطيتهم. صنعت خزياً = هي ذهبت وراء الألهة الوثنية وهذا هو الخزي فالسجود لساق شجرة ليس إهانة لله فقط بل خزي وعار للبشر. ومن يجري وراء أي خطية لا يناله سوى الخزي. ومن يتمسك بالعالم الذي سيزول، سوف يخزى لأنه تمسك بلا شئ. وهي نسبت لهذه الألهة أنهم مصدر خبزي = طعامها ومائي = شرابها. صوفي وكتاني= كساءها. زيتي = أي دواءها. واشربتي = أي مصدر سعادتها وبهجتها. مسكين من يعتبر أن مصدر خيراته هو العالم أو أي إنسان في العالم أو ذراعه هو، أو أن الخطية مصدر بهجة وشبع، كل هذا ليس الإّ خداع.

 

آية (6): "لذلك هاأنذا أسيج طريقك بالشوك وابني حائطها حتى لا تجد مسالكها"

نتيجة الخطية أنبتت الأرض شوكاً. ومن مراحم الله أن الله ترك هذا الشوك لينمو حتى يُتْعِبْ الخطاة ويكتشفوا أن نتيجة خطيتهم لن يقابلهم سوى الآلام. وأبنى حائطها حتى لا تجد مسالكها = المقصود أن الله يسمح بأن الخطاة يكونوا محاطين بسور من شوك أي آلام، وفشل في تنفيذ مقاصدهم كمن أمامه حائط يحوله هم تنفيذ ما يريد. بل يصير يتخبط = لا تجد مسالكها.

 

آية (7): "فتتبع محبيها ولا تدركهم وتفتش عليهم ولا تجدهم.فتقول اذهب وارجع إلى رجلي الأول لأنه حينئذ كان خير لي من الآن"

ولكن لماذا يسمح الله بذلك؟ حتى تفتش على محبيها فلا تدركهم. ومحبيها هنا للأسف هم أوثانها وشهواتها وخطاياها. مثلاً: إنسان شهواني يصيبه الله بمرض فيصبح غير قادر أن يتمم شهوته، أو إنسان مادي عابد للمال يسمح الله له بخسارة كبيرة تحول دون أطماعه.. ولماذا يسمح الله بهذا؟ لعلهم يتوبون فتقول أذهب وأرجع = وهذا ما حدث مع الابن الضال. لقد كانت المجاعة والأكل مع الخنازير حائط أمامه فلم يجد مسالكه، لم يُعد قادراً أن يتلذذ بشهواته وأمواله فقال أذهب وأرجع لأبي. ولنلاحظ أن القلوب المادية لا تشتهي سوى الأشياء الحسية. بينما أن من اختبر وصايا الله يجدها أشهى من العسل (مز10:119) ومحبة الله أحلى من الخمر وما قيل هنا تم فعلاً لإسرائيل فهم أرادوا التحالف مع المصريين لحمايتهم وخذلهم المصريون. ولنلاحظ أنه لو وجدنا طريقنا مسدوداً. فلنفكر ونقول لعل هذا بسبب خطايانا، هذه تشبه وقوف ملاك في وجه بلعام ليسد طريقه.

 

الآيات (8-13): "وهي لم تعرف أني أنا أعطيتها القمح والمسطار والزيت وكثّرت لها فضة وذهبا جعلوه لبعل. لذلك ارجع وآخذ قمحي في حينه ومسطاري في وقته وانزع صوفي وكتاني اللذين لستر عورتها.  والآن اكشف عورتها أمام عيون محبيها ولا ينقذها أحد من يدي. وابطّل كل أفراحها أعيادها ورؤوس شهورها وسبوتها وجميع مواسمها. واخرّب كرمها وتينها اللذين قالت هما أجرتي التي اعطانيها محبيّ واجعلهما وعرا فيأكلهما حيوان البرية. وأعاقبها على أيام بعليم التي فيها كانت تبخر لهم وتتزين بخزائمها وحليها وتذهب وراء محبيها وتنساني أنا يقول الرب"

هنا نرى كيف يدنس الإنسان عطايا الله ومواهبه وما نتيجة ذلك. فالله يعطينا خيرات زمنية مادية ومواهب وخيرات روحية = القمح والمسطار = أي الخمر. وهذه ما يسميها المسيح وزنات سوف يسألنا عنها فيما بعد. ماذا فعلنا بها. وكيف تاجرنا بها، وهل ربحنا أو خسرنا. ولكن هناك من يتصوَّر أن عطايا الله له هي لنفسه وليستغلها فقط للذة جسده (وهذا ما يسمى مال الظلم) أو كمن أعطاه الله صحة جسدية وأضاعها في التدخين والخمر وخطايا الجسد = كثرت لها فضة وذهباً جعلوه لبعل = في العهد القديم كانوا يدفعون ذهباً كثيراً لآلهتهم. أما في العهد الجديد فمعنى هذا هو تبديد المواهب في الخطايا. والنتيجة أن الله يحرمنا من عطاياه = لذلك أرجع وأخذ قمحي. بل سينزع عن الخطاة ما كان يسترهم، فهو سيتخلى عنهم وهو لباس برهم فيفتضحون أمام عيون محبيهم = أي من مارسوا معهم الشر. وستفقد النفس الخاطئة أيضاً أفراحها وسلامها. آية (11) فالأعياد والمواسم هي أيام فرح وهذا سيكف وينتهي. وأية (12) وأخرب  كرمها وتينها = الله يرى كنيسته كرماً يفرح بخمره وتينه يتلذذ بثمرها. والله أعطاها كروم أي أفراح فالخمر رمز للفرح. وأعطاها تيناً رمز المحبة الأخوية. ولكنها قدمت ثمارها لإبليس عوضاً عن أن تفرح بها الله. لذلك هو سيخرب هذه الكرمة وهذه التينة فلا تعود تفرح داخلياً، ولا يعود هناك محبة بين الناس (التينة ببذارها الكثيرة) داخل غلاف واحد، وطعمها الحلو، يشير هذا للمحبة التي تجمع الناس معاً، هذا هو نفس التهديد في (إش1:5-7) وفي (رؤ5:2) " فتب وإلاً.. أزحزح منارتك" فهي إعتبرت أن كل ما لها من عطايا الله هو ملكها، بل هو أجرتها ومن محبيها أي من العالم أو الذات. أجرتي = حرفياً هو أجر الزانية وهذه تصَّر الأنحطاط الذي وصلت إليه إسرائيل. ظنت هي أن أفراحها راجعة لخطاياها.

والله سيعاقبها على أيام بعليم = لأنها كانت تبخر لهم وتتزين وتنسى الرب تبخر لهم أي تصلي والمعنى أنها ذهبت وراء الأصنام بقلبها وتزينت لترضي العالم ونسيت الرب. وبعليم = جمع لفظ بعل. فالوثنيين كان لهم آلهة كثيرة مثل بعل زبوب أي إله عقرون وإله الذبان وبعل بريث إله العهود وبغل فغور إله الزنى (2مل2:1، قض33:8، عد3:25) حقاً من يترك الله يضل وراء آلهة كثيرة. ومن ينسب أي خير يأتيه لغير الله يصبح في درجة أقل من الحيوان "فالحمار يعرف معلف صاحبه" (أش3:1) وقارن بين آية (5) وآية (9) فهم نسبوا كل خيراتهم لأنفسهم وقالوا خبزي ومائي بينما هي لله "أخذ قمحي في حينه" والله يأتمننا على ما بين أيدينا كوكلاء محتفظاً بالملكية له (راجع مثل وكيل الظلم) وهو لا يمتلك فقط خيراتنا بل يمتلكنا نحن أيضاً. وإذا نزع الخيرات من أحد فهذا لئلا يسئ استعمالها فيما بعد. ولاحظ التدرج في العقاب، ففي آية (9) ينزع الخيرات ثم في (10) يكشف عورتها أي يفضحها ويفضح كل شرورها. فبينما إدعت أن الخطية شئ طبيعي، سيقوم الله بإعلان كم أن الخطية خاطئة جداً، ويظهر قبحها وفسادها. ثم تأتي درجة أصعب يحرم فيها الله من كل أفراحهم. وكون أن اليهود قد نسبوا الخيرات التي بين أيديهم للآلهة الوثنية فهذا يظهر في (أر16:44-18).

 

الآيات (14-23):"لكن هاأنذا اتملقها واذهب بها إلى البرية وألاطفها. وأعطيها كرومها من هناك ووادي عخور بابا للرجاء وهي تغني هناك كأيام صباها وكيوم صعودها من ارض مصر. ويكون في ذلك اليوم يقول الرب انك تدعينني رجلي ولا تدعينني بعد بعلي. وانزع أسماء البعليم من فمها فلا تذكر أيضا بأسمائها. واقطع لهم عهدا في ذلك اليوم مع حيوان البرية وطيور السماء ودبابات الأرض واكسر القوس والسيف والحرب من الأرض واجعلهم يضطجعون آمنين. واخطبك لنفسي إلى الأبد واخطبك لنفسي بالعدل والحق والإحسان والمراحم. اخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الرب. ويكون في ذلك اليوم أني استجيب يقول الرب استجيب السموات وهي تستجيب الأرض. والأرض تستجيب القمح والمسطار والزيت وهي تستجيب يزرعيل. وازرعها لنفسي في الأرض وارحم لورحامة وأقول للوعمّي أنت شعبي وهو يقول أنت الهي"

يعود الله هنا في حنان ولطف ويعلن رغبته في عودتها إليه. هو عريس عجيب في محبته، فبعد أن تخونه عروسه يعود ويلاطفها لتعود إليه = أتملقها. وأذهب بها إلى البرية = كما أخرج الشعب من عبودية واسر فرعون إلى الحرية. والمعنى أن الله سيقودنا إلى الحرية. ومعنى أن الله يتملقها أي تحايله عليها، كما يتحايل الأب على ابنه المتمرد. وكان المتوقع بعد آية (13) وقوله "وتنساني أنا يقول الرب" أن يقول الرب ولذلك سأنتقم منها ولكننا نجده يقول ولكن أي مع هذا فمحبتي لها كبيرة. وماذا سيقدم لها؟ أعطيها كرومها = أي يعيد لها فرحها. وإذا فهمنا أن المسيح هو الكرمة الحقيقية، فهو سيعطينا ذاته كسر فرح لنا. ووادي عخور = كلمة عخور تعني ضيق. والمعنى فمع كونها مازالت في العالم وادي الضيق أو الضيقة العظيمة كما في (رؤ14:7) إلاّ أنه سيفتح الله لنا باب الرجاء في الفرح الأبدي. وبعد الحرية وهذا الرجاء تسبح النفس المبتهجة = وهي تغني هناك كأيام صباها = فالإنسان في طفولته قبل أن يتدنس من العالم يستطيع أن يسبح بسهولة ولكن بعد أن يتعلم الخطية يصعب عليه التسبيح. وبعمل المسيح يعود كما كان طفلاً فرحاً ويستطيع أن يسبح. ولم يَعُدْ الضيق الذي في العالم قادراً أن ينزع منّا فرحنا وتسبيحنا (يو22:16). بل صار الألم هبة (في29:1) فيه نشترك مع المسيح في صليبه فنتذوق بهجة قيامته. وكتب بولس الرسالة لفيلبي وهي رسالة الفرح بينكما كان في سجنه، والثلاثة فتية في الأتون كانوا يسبحون.. ولكن وادي عخور يشير لأهمية ترك الخطية أولاً، ففيه رجم الشعب عاخان بن كرمي مكدَّر إسرائيل (يش24:7) فلنرجم خطايانا وندفنها حتى نستطيع أن نفرح. ونلاحظ أن يعقوب أبو الأباء بعد ن طمر الآلهة الغريبة تحت البطمة (تك4:35) ظهر له الله وباركه (تك9:35). فلن نفرح بالله قبل أن نتخلى عن خطايانا أولاً، هنا يتحول وادي عخور (العالم الذي نحيا فيه) إلى باب للرجاء. والفرح الحالي هو عربون فقط. وتدعينني رجلي ولا تدعينني بعلي = رجلي هي نفسها بعلي، لكن كلمة بعلي تشير لمحبتهم السابقة لأوثانهم. والله في محبته التي سيسكبها سينزع من القلب كل محبة غريبة لآخر= أنزع أسماء البعليم. ولاحظ أن هذا لم يتم إلاّ في البرية (14) أنه في عزلة عن العالم الشرير. ومرة أخرى فيعقوب قد رأى الله وباركه (تك9:35) بعد أن ترك مدينة شكيم وذهب إلى بيت إيل (تك1:35،3). تدعينني رجلي، يصير المسيح عريساً لنفوسنا ونتحد به. وهذا التملق وهذه الملاطفة التي أعطتنا الله عريساً لنا بدأت بالصليب وهذا الكلام لا يمكن تطبيقه إلاّ على الكنيسة. وفي آية (18) نرى عهد السلام، العهد الجديد، السلام الذي يعطيه الله، والذي هو ليس من هذا العالم فنضطجع آمنين = فالله ملك السلام يعطي لأحبائه نوماً. هذا السلام سيكون بين الإنسان والله وبين الإنسان والإنسان وبين الإنسان والحيوان، فهناك سلطان لأولاد الله على الوحوش سواء حيوان البرية أو طيور السماء= والوحوش قد تكون حقيقية (وقد كان للقديسين سلطان عليهم، وكان للإنسان سلطان على كل الحيوانات فقده بالخطية وعاد للقديسين) وقد تكون الوحوش إشارة للناس الأشرار الذين لهم طبع وحشي، كما قال بولس " حاربت وحوشاً في أفسس" عموماً هؤلاء الأشرار الوحوش ليس لهم سلطان علينا إن لم يكن هذا السلطان معطى من فوق كما قال السيد لبيلاطس (يو11:19) هنا نرى اللعنة التي ذُكِرَت في آية (12) أن حيوان البرية كان يأكل الأجرة، قد تحولت إلى بركة، فصار سلام مع حيوان البرية. وأكسر القوس والسيف هو تعبير يعني أن الله يُعطي سلاماً "سلامي أترك لكم سلامي أنا أعطيكم" لكن السيد أكمل بقوله "ليس كما يعطى العالم أعطيكم" فسلام الله ليس من الخارج بل سلامه يملأ العقل والقلب مهما كان العالم مضطرباً " إن قام علىّ جيش ففي هذا أنا مطمئن" فالله لا يِعَدْ ينزع الحروب من العالم، بل هو نبه أن العالم سوف يبغض أولاد الله لأنهم ليسوا من العالم. ولكنه سيعطى سلاماً داخلياً قادراً أن يتغلب على المخاوف الخارجية، سلاماً يفوق كل عقل (في7:4)

وفي (19) هذه الخطبة تمت بالصليب الذي ظهر فيه العدل والحق والإحسان والمراحم وباتحادنا بعريسنا السماوي نحصل على هذه الصفات عينها. وهذه الخطبة أبدية. وفي (20) أساس الخطبة هو الإيمان الذي به نتحد مع العريس فنعرفه المعرفة التي تفرح القلب والله أمين الذي دعاهم سيفعل أيضاً (1تس24:5) فبالتوبة نعرف الله وفي (21،22) نجد سلسلة من الاستجابات. فبسبب الخطية لا تستجيب السماء للأرض والأرض لا تستجيب لزراعة الإنسان، بل تصير السماء نحاس والأرض حديد لأنه لا توجد بركة (تث23:28) أي أن الله لا يستجيب ولكننا هنا نرى الله يستجيب فتستجيب السماء وتعطي مطرها، وتستجيب الأرض وتنبت ما يزرعه الإنسان = تستجيب يزرعيل. هذه سلسلة مباركة من الإستجابات تعلن بركة الله ورضاه. وهنك تأمل آخر: فالله يستجيب السموات فالسمائيين يشفعون فينا والسماء تستجيب الأرض = هذه الصورة نراها في (رؤ8:5) حيث الأربعة وعشرون قسيساً يقدمون أمام الله بخوراً الذي هو صلوات القديسين. فالأرض أي الكنيسة الأرضية تصلي والسماء تشفع فيها، ولاحظ أن المسيح جعل الاثنين واحداً أي السماء والأرض. وأمام هذا الحب يستجيب الله ويفيض ببركاته. قمح = شبع ومسطار أي خمر = فرح وزيت = امتلاء من الروح القدس. وهي تستجيب يزرعيل = (في4:1) كان يزرعيل يعني لعنة وعقاب وإبادة، وهنا يعني زرع الله. وزرع الله هو كلمته داخل النفس. والمسيح زرع الكنيسة زرعاً جديداً = وأزرعها لنفسي وصار يستجيب له (آية 23)

وهناك تأمل آخر :أن السموات تشير للنفس التي تحمل المسيح في داخلها عريساً لها. وهذه النفس يستجيب لها الله قطعاً. والأرض تشير للجسد والمسيح قُدَّس الجسد وصارت أعضاؤه آلات بر تعمل لحساب الله. فالنفس التي تتقدس لتصير سماءً يستجيب لها الله ويمطر عليها أمطاراً سماوية أي يفيض من روحه القدوس عليها، على أرضها أي جسدها فيثمر. مثل هذا الإنسان يتمتع بمراحم الله = أرحم لورحامة. ويصير له علاقة خاصة، علاقة حب بالله أقول للوعمي أنت شعبي وهو يقول أنت إلهي = هذه تشبه أنا لحبيبي وحبيبي لي.


 

الإصحاح الثالث

آية (1): "وقال الرب لي اذهب أيضا أحبب امرأة حبيبة صاحب وزانية كمحبة الرب لبني إسرائيل وهم ملتفتون إلى آلهة أخرى ومحبّون لأقراص الزبيب."

المرأة المذكورة هنا هي نفس المرأة المذكورة في الإصحاح الأول وقد تكون هربت من بيت الزوجية وباعت نفسها للفساد. فصارت عبدة وفقدت حريتها وعاد النبي وحررها واشتراها. والأمر هنا أحبب= أي لا أن يتزوجها فقط بل عليه أن يحبها، يحب هذه الزانية، هذا يؤكد محبة الله لشعبه وشوقه للاتحاد به وكأن الله يقول لهوشع هل تقدر أن تحب امرأة كهذه مع كل ما فعلته. ولكنني أنا الله أحب إسرائيل رغم كل ما يفعله. وهناك رأى بأن هذه المرأة حين عرفها هوشع أولاً كانت طاهرة وعفيفة ثم انحرفت وصارت من ناذرات أنفسهن للزنا في هياكل الأوثان، ولقد تزوجها هوشع ولكنها تركته وخانته وذهبت لهياكل الأوثان. وهذا يماثل ما حدث مع شعب إسرائيل، فلقد اختار الله أباء إسرائيل شعباً لله وهم إبراهيم واسحق ويعقوب وكانوا طاهرين ولكن أولادهم خانوه وعبدوا الأوثان، وبعد أن حررهم من أرض مصر وصاروا له شعباً عادوا وزنوا من ورائه. ومحبون لأقراص الزبيب = هذه هي تقدمات إسرائيل لأصنامهم كأن البعل أعطاهم هذه الكروم.

 

آية (2): "فاشتريتها لنفسي بخمسة عشر شاقل فضة وبحومر ولثك شعير"

ثمن العبد 30 شاقل فضة (خر32:21) والثمن المدفوع هنا 15 شاقلاً مع حومر ولثك شعير = وهذا أقل من ثمن العبد فهي بالخطية فقدت كرامتها ومجدها. بل كان تقييمها بالشعير أكل الفقراء والحيوانات. وقارن هذا بأن الله أعطاهم أرضاً تفيض لبناً وعسلاً وحنطة (مز16:81) وشراء هوشع لها يشير لشراء المسيح لنا بدمه. واللثك =     حومر (نوع من المكاييل).

 

آية (3): "وقلت لها تقعدين أياما كثيرة لا تزني ولا تكوني لرجل وأنا كذلك لك"

كان الله يمكنه رفضهم نهائياً حسب الناموس. وهو هنا يعرض عرضاً جديداً فهم أصبحوا له شعباً وهو لهم إلهاً. وأنا كذلك لكِ. ولكن عليها أن تقعد أياماً كثيرة في عزلة، كأرملة مهجورة حزينة. هذا يذكرنا بقصة مريم في برصها حيت تحدت موسى أخيها فأبقاها الله 7 أيام في برصها (عد14:12). عليها في خلال هذه المرة أن تذكر خطاياها وتخجل وتشعر بقيمة تحريرها.وعليهم أن لا يعودوا لزناهم وأنطبق هذا بالنسبة لليهود في السبي، وبالرغم من أن الله أرسلهم للسبي فهو لم يرفضهم. وهذا ينطبق الآن عليهم لأنهم رفضوا المسيح فلم يعد الله عريساً لهم، وهم الآن كما في أيام السبي محرومين من ممارسة شعائرهم الدينية وعبادتهم ومؤسساتهم الدينية.

 

آية (4): "لان بني إسرائيل سيقعدون أياما كثيرة بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة وبلا تمثال وبلا أفود وترافيم"

هذا ما حدث في السبي فكانوا بلا ملك وبلا هيكل. وبلا أفود = ملابس رئيس الكهنة. وغالباً فالأفود والترافيم هم الأوريم والتميم اللذين كان بها رئيس الكهنة يستشير الرب، وهما حجارتين بلونين مختلفين يوضعان على صدرة رئيس الكهنة، ومعنى ما سبق أنهم سيكونوا بلا كهنوت.

بلا تمثال = الكلمة الأصلية "نصب" أو "عمود" مثل النصب الذي أقامه يعقوب حين رأي السلم والمعنى أنهم سيكونوا بلا علاقات تشير لرؤى من السماء. فالنصب يكون تذكاراً لمثل هذه الرؤي.

 

آية (5): "بعد ذلك يعود بنو إسرائيل ويطلبون الرب ألههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب والى جوده في آخر الأيام"

 بعد فترة الحرمان هذه يعودون كعروس لله. وقد تم هذا جزئياً في عودة اليهود من السبي. وقد تشير هذه الآية لإيمان اليهود بالمسيح في أواخر الأيام بعد طول مدة رفضهم لهُ. وقد تعني طول هذه المدة = أياماً كثيرة لا تكوني لرجل مع أنها لا تزنى = أي لا تعبد الأوثان ولكنها رافضة للمسيح. وداود ملكهم = قطعاً هذه تشير للمسيح أصل وذرية داود. ويفزعون إلى الرب = حينما يشرق نور التوبة في قلوبهم يشعرون بالظلمة التي كانت فيهم أو كانوا هم فيها. يفزعون هذه مثل "تمموا خلاصكم بخوف ورعدة" (في12:2) وقد تعني أنه مع ضيق الأيام الأخيرة وفزعهم من هذا الضيق سيلجأون للمسيح في فزع مؤمنين أن هذا الضيق سببه أنهم تركوا المسيح وصلبوه.


 

الإصحاح الرابع

من الإصحاح الرابع حتى نهاية العاشر نجد الله يحاجج شعبه بأن يدخل في حوار معهم ومحاكمة لا ليغلب وإنما يكشف لشعبه عن خطاياهم التي أحزنته. هو بهذا يعلن أبوته المحبة.

 

الآيات (1-2): "اسمعوا قول الرب يا بني إسرائيل.أن للرب محاكمة مع سكان الأرض لأنه لا أمانة ولا إحسان ولا معرفة الله في الأرض. لعن وكذب وقتل وسرقة وفسق. يعتنفون ودماء تلحق دماء."

مع سكان الأرض = هم بمحبتهم للأرضيات صاروا أرضاً. فهم حين فصلوا أنفسهم عن الله مصدر الأمانة والإحسان فقدوا الأمانة والحق والرحمة. وصارت خطاياهم لعن.. يعتنفون = معاملاتهم عنيفة بلا وداعة وبلا محبة. ودماء تلحق دماء = إشارة لكثرة الدم المسفوك. وهذا كله لأنه لا توجد معرفة الله في الأرض= فالأخلاق دائماً تستند على اللاهوت أي أن علاقة الإنسان بالله هي دائماً المبدأ الموجَّه لتصرفه مع أخيه الإنسان ومن يعرف الله سيخاف أن يغضب الله. والدماء التي سفكوها وصلت لداخل الهيكل، فهم رجموا زكريا الكاهن بأمر الملك داخل الهيكل (2أي21:24).

 

وفي (3): "لذلك تنوح الأرض ويذبل كل من يسكن فيها مع حيوان البرية وطيور السماء واسماك البحر أيضا تنتزع"

نتيجة الخطية خراب شامل يلحق بالأرض ومن عليها. فالأرض كانت أولاً تفيض لبناً وعسلاً وبالخطية لعنت الأرض. ويذبل كل من يسكن فيها = أي تذبل كل طاقات الإنسان وتتبدد مواهبه كالابن الضال. وكلمة تنوح الأرض تعنى أنها فقدت جمالها وسلامها وأقفرت فصارت مجاعات وحروب. بل أصبحت لا تعطي خيراتها. أسماك البحر أيضاً تنتزع = أي تهجر هذا الشاطئ لغيره.

 

الآيات (4-10): "ولكن لا يحاكم أحد ولا يعاتب أحد.وشعبك كمن يخاصم كاهنا. فتتعثر في النهار ويتعثر أيضا النبي معك في الليل وأنا اخرب أمك. قد هلك شعبي من عدم المعرفة.لأنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لي.ولأنك نسيت شريعة إلهك أنسي أنا أيضا بنيك. على حسبما كثروا هكذا أخطأوا إلى فأبدل كرامتهم بهوان. يأكلون خطية شعبي والى أثمهم يحملون نفوسهم. فيكون كما الشعب هكذا الكاهن وأعاقبهم على طرقهم  وأرد أعمالهم عليهم. فيأكلون ولا يشبعون ويزنون ولا يكثرون لأنهم قد تركوا عبادة الرب"

لا يحاكم أحد = تعني: [1‍] لا يحاكم أحد غيره فالكل مدان والكل أخطأ حتى الكهنة هم مدانون. [2] وصلوا لحالة من الإنحطاط وقساوة القلب بحيث أصبح لا فائدة من المحاكمة أو العتاب. والكهنة مدانون لأنهم لم يعلموا الشعب = هلك شعبي من عدم المعرفة. ولذلك رفضهم الله= أرفضك أنا حتى لا تكهن لي = أي يرفض ذبائحهم وصلواتهم. وقوله شعبك كمن يخاصم كاهناً = يشير أن الشعب رفض التعليم الإلهي الذي كان ينبغي أن يتلقوه من الكهنة. ولكن لأنه لا يوجد من الكهنة، من هو أمين ليعلم الشعب قال كمن يخاصم كاهناً بل أن الكهنة الأشرار أتحدوا مع الأنبياء الكذبة في التعثر نهاراً وليلاً وأعثروا الشعب معهم والنتيجة خراب إسرائيل = وأنا أخرب أمك. وهذا ما حدث فقد سقطت السامرة في يد أشور وخربت. ولاحظ قوله لأنك رفضت المعرفة = ولم يقل لأنك جاهل. فمن يعرف أكثر سيدان أكثر، ولكن هذا ليس حجة لأن نمتنع عن التعلم، فمن يرفض المعرفة ولا يعلم نفسه ويقبل تعليم الله يدان أيضاً ويرفض. ولأنك نسيت شريعة إلهك أنسى أنا أيضاً نبيك = إذا هناك شرط لأن يظل الله يعطي لنا ولأبنائنا خيراته، وهو أن نحفظ وصاياه. ولنلاحظ أن الله دائماً يعلن ذاته لنا، ولكن العيب فينا أننا لا نستجيب لهذه الإعلانات " لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم (رو28:1) وعلينا أن لا ننسى أفضال الله وخيراته ونشكره عليها دائماً ولكن هناك معنى آخر لهذه الآية. أن الكهنة الأشرار، هؤلاء الذين نسوا شريعة الله سينسى الله بنيهم، بمعنى أن الله سيرفضهم ولن يكون لهم نصيب في الكهنوت، أي سيرفض كهنوتهم، فإبن الكاهن كان يصير كاهناً عند اليهود، وهذا ما حدث مع بيت عالي.

وفي (7): بحسبما كثروا = فهم ازدادوا عدداً جداً. لكن الله كان قد تخلى عنهم بسبب خطاياهم لذلك تبدلت كرامتهم لهوان. وفي (8) يأكلون خطية شعبي= كلمتى خطية وذبيحة خطية هما في العبرية كلمة واحدة. والمعنى أن الكهنة صاروا لا يهتمون بتوبة الشعب عن خطيته بل يبتهجون بتقديم ذبائح الخطية التي يأكلون منها، كل ما كانوا يهتمون به أن يملأوا بطونهم لحماً على حساب الشعب. بل هم إلى إثمهم يحملون نفوسهم = أي هم كانوا يتمنون أن يخطئ الشعب ليقدم ذبيحة خطية ليأكلوا لحومها وفي (9،10) العقوبة للجميع كهنة وشعب. ولن تكون لهم بركة في شئ = يأكلون ولا يشبعون.

 

الآيات (11-14): "الزنى والخمر والسلافة تخلب القلب. شعبي يسأل خشبه وعصاه تخبره لان روح الزنى قد أضلهم فزنوا من تحت ألههم. يذبحون على رؤوس الجبال ويبخرون على التلال تحت البلوط واللبنى والبطم لان ظلها حسن.لذلك تزني بناتكم وتفسق كنّاتكم. لا أعاقب بناتكم لأنهن يزنين ولا كنّاتكم لأنهن يفسقن.لأنهم يعتزلون مع الزانيات ويذبحون مع الناذرات الزنى.وشعب لا يعقل يصرع"

هنا يظهر الله صراحة سبب وثنيتهم وهم شهرتهم للزنا والخمر والسلافة التي تخلب القلب. فكل إنحراف عن عبادة الله سببه الملذات الجسدية ولذلك إنحطوا للدرجة أن سألوا خشبة وعصاه تخبره = أي لجأوا للعبادة الوثنية الغبية وللطرق السحرية يسألون بها هذه الآلهة. فهم كانوا يتركون عصا لتقع ويحددون ماذا يفعلون بحسب إتجاه وقوع العصا. وآية (13) هذه مظاهر عبادتهم الوثنية (كان الوثنيون يفضلون إقامة مذابحهم تحت ظلال الأشجار الضخمة) ونتيجة وثنيتهم ساد الفساد العام لذلك = تزنى بناتكم. وفي (14) هنا الطبيب أدرك أن حالة المريض ميئوس منها فإمتنع عن إعطائه الدواء. فمن يحبه الرب يؤدبه.. هذا إن كان هناك أمل في توبته، ولكن أن فُقِدَ الأمل يقول الله لا أعاقب بناتكم = ولنعلم أنه خير لنا أن نعاقب هنا عن أن نرفض هناك من أمجاد السماء. لأنهم يعتزلون مع الزانيات = هذه خطية الرجال الذين يذهبون للهياكل الوثنية يزنون مع الناذرات الزنا. هذا شعب قد إنحط كله رجالاً ونساء بسبب الخطية. والأوثان هي بلا عقل وهكذا من يتبعها لا يعقل.. والنتيجة المتوقعة أنه يصرع.

 

الآيات (15-19): "أن كنت أنت زانيا يا إسرائيل فلا يأثم يهوذا.ولا تأتوا إلى الجلجال ولا تصعدوا إلى بيت آون ولا تحلفوا حيّ هو الرب. انه قد جمح إسرائيل كبقرة جامحة.الآن يرعاهم الرب كخروف في مكان واسع. افرايم موثق بالأصنام.اتركوه. متى انتهت منادمتهم زنوا زنى.احب مجانّها احبوا الهوان. قد صرّتها الريح في أجنحتها وخجلوا من ذبائحهم"

آية (15) كان النبي من إسرائيل ومعظم كلامه موجه لإسرائيل وهنا يعني أنه لو كان إسرائيل بهذا الحال فليحذر يهوذا من أن يشابهه. وربما كان هذا التوجيه لأن إسرائيل كانت أكبر وأكثر رخاءً من يهوذا، فلربما بسبب هذا يقلدها يهوذا في خطيتها. ولا تأتوا إلى الجلجال = كانت الجلجال مكاناً مقدساً (يش8:5-10) ولكنهم للأسف حولوها إلى مركز لعبادتهم الوثنية. وبيت آون = هي تسمية فيها يتهكم النبي عليهم، ويقصد بيت إيل ولكن كلمة بيت إيل تعني بيت الله، وهو يسميها بيت أون أي بيت البطل لأنهم حولوها أيضاً لعبادة الأوثان. وهنا النبي يحذر يهوذا أن لا تصعد لهذه الأماكن ولا تحلف فيها باسم الرب= لا تحلفوا حي هو الرب. أي لا تقدموا عبادة تذكرون فيها اسم الله الحي في هذه الأماكن التي احتلها الشيطان. وفي (16): يشبه إسرائيل ببقرة جامحة = تجري وراء شهواتها وأهوائها ولا يمكن ردها إلى الرب. هي لا تقبل نير صاحبها بل تجمح، وصاحبها هو الله فهم إنطلقوا لأماكن الشهوات ورفضوا أن ينصاعوا وراء الله وما نهاية طريق الخطية؟ قطعاً الهلاك فهم الآن مثل خروف يرعى في مكان واسع هم ظنوا أنهم تحرروا من وصايا الله وصاروا يمرحون كخروف يمرح ويأكل ما يشتهيه من مرعى واسع. ولكن الله يقول لهم بل أنتم كخروف تأكلون من مرعى خصيب لإعدادكم للذبيح.. فالشعب الذي أعطاه الله أرضاً مملوءة خيرات فأكلوا وشبعوا وسمنوا صاروا كخروف يعد للذبح، واشور هي التي ذبحتهم وهذا نفس التشبيه المذكور في (أم21:7-23) وفي (17) أفرايم أحب الأصنام حتى أصبح كأنه موثق بها يرفض التوبة أتركوه إذاً لمصيره أي الهلاك وفي (18) متى انتهت منادمتهم أي سكرهم ذهبوا للزنا. ومجانها = أي تروسها والمقصود رؤساؤها الذين هم كتروس لها يقومون بحمايتها. لكن هؤلاء أحبوا الخطية لذلك هم أحبوا الهوان. وفي (19) خطيتهم جعلتهم كالعصافة تذريها الريح في أجنحتها = وهذا ما حدث في السبي. وهناك خجلوا من ذبائحهم = المقصود خجلوا من وثنيتهم وذبائحهم لأصنامهم التي لم تحميهم فذهبوا إلى السبي.


 

الإصحاح الخامس

في الإصحاح السابق نجد الكلام موجهاً لإسرائيل، وهنا أشرك لنبي يهوذا مع إسرائيل، فكهنة إسرائيل رفضوا المعرفة الإلهية. وكهنة يهوذا وشعب يهوذا أيضاً بالرغم من كل ما لهم خاصموا الله.

 

الآيات (1-7): "اسمعوا هذا أيها الكهنة وأنصتوا يا بيت إسرائيل وأصغوا يا بيت الملك لان عليكم القضاء إذ صرتم فخّا في مصفاة وشبكة مبسوطة على تابور. وقد توغّلوا في ذبائح الزيغان فأنا تأديب لجميعهم. أنا اعرف افرايم.وإسرائيل ليس مخفيا عني.انك الآن زنيت يا افرايم.قد تنجس إسرائيل. أفعالهم لا تدعهم يرجعون إلى ألههم لان روح الزنى في باطنهم وهم لا يعرفون الرب. وقد أذلّت عظمة إسرائيل في وجهه فيتعثر إسرائيل وافرايم في أثمهما ويتعثر يهوذا أيضا معهما. يذهبون بغنمهم وبقرهم ليطلبوا الرب ولا يجدونه.قد تنحى عنهم. قد غدروا بالرب.لأنهم ولدوا أولادا أجنبيين.الآن يأكلهم شهر مع أنصبتهم"

أيها الكهنة = سواء كانوا كهنة حقيقيين قانونيين مثل من في يهوذا، أو ربما الكثيرين الذين في إسرائيل. والكل أخطأ، لذلك فالكلام موجه في (1) لبيت إسرائيل وفي (5) لبيت يهوذا. وفي (1) لبيت الملك = الذي يقود الشعب ويدبر لهم أمورهم الزمنية وللكهنة الذين يقودون الشعب روحياً. الكل اشتركوا في الخطية العامة وكذلك سيشتركون في القصاص العام. إذ صرتم فخاً في مصفاة وشبكة على تابور = أقام ملوك إسرائيل هيكل وضعوا فيه عجل ذهبي للعبادة في إسرائيل ليعبد فيه الشعب بدلاً من الذهاب لأورشليم (راجع 1مل25:12-31) ووضعوا جواسيس في الطريق إلى أورشليم لمنع الشعب من الذهاب إليها. وكانت مصفاة في شرق الأردن وتابور في الجليل هي الطرق لأورشليم وهؤلاء الجواسيس كانوا يقتلون من يحاول الذهاب إلى أورشليم. وهذا سيجعل عليكم القضاء = أنكم تسفكون دم شعبي الذي يذهب لأورشليم. وفي (2) وقد توغلوا في ذبائح الزيغان = هذه قد تعني [‍1] هم ازدادوا في ذبائحهم في الهياكل التي في إسرائيل وهذه الهياكل ليست بحسب قلب الله بل بحسب أوامر ملوكهم، وبهذه الهياكل وهذه الذبائح زاغوا عن العبادة الحقيقية التي في أورشليم. [2] إزدادوا في تقديم الذبائح لأوثانهم (عبادة البعل). [3] هؤلاء القتلى الذين قتلوهم وهم في طريقهم إلى إورشليم كانوا كذبائح. بل هؤلاء الذين كانوا يكمنون في الطريق قد استغلوا هذا لنهب أموال وأمتعة هؤلاء الأبرياء بعد أن يقتلوهم. [4] ملوك إسرائيل وقياداتها قادوا شعبهم لعبادات غريبة وثنية وهم بهذا يقودونهم  للهلاك وكأنهم يقدمونهم ذبائح نتيجة لزيغانهم. فأنا تاديب لجميعهم= أي أن الله لن يظهر مراحمه بل ستكون أعماله معهم كلها بالعدل والتأديب فهم يستحقون هذا. لأنهم صاروا فخاً.. وشبكة = هذه تعني [1] جواسيسهم الذين يقتلون من يريد الذهاب لأورشليم [2]  هذه العبادة الوثنية التي علموها للشعب هي عبادات تقود للهلاك، فكأنهم وضعوا لشعبهم فخاً وشبكة.

وفي (3) هنا خطيتهم وهي الزنا (روحي وجسدي) والله هو الذي يعرف خبايا القلوب = أنا أعرف أفرايم. وفي (4) أفعالهم لا تدعهم يرجعون إلى إلههم فهم في عنادهم وإصرارهم على الخطية ومحبتهم لها، يقاومون عمل الله الذي يدعوهم للتوبة. ولأن روح الزنى في باطنهم = أي أن محبتهم للخطية قلبية ولأن روح الزنى في القلب يخرج الروح القدس منه فلا شركة للنور مع الظلمة. والروح القدس وحده هو ما يجعلهم يرجعون لإلههم بالتوبة. والروح القدس هو روح الحكمة والمشورة فبدونه يصير الإنسان في ظلام وحمق فيصرع الإنسان (هو14:4) وبدون الروح القدس أصبحوا لا يعرفون الرب = لذلك ينبهنا الكتاب " لا تطفئوا الروح" "ولا تحزنوا الروح" ولكن كيف؟  " اليوم أن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم " (عب7:4) وفي (5) إذلت عظمة إسرائيل في وجهه = عظمة إسرائيل أي كبريائها، فهي تكبرت بسببب غناها، وهذا الكبرياء عائق عن التوبة، وكبريائهم كان واضحاً على وجوههم. ولكن قبل الكسر الكبرياء، ولأن إسرائيل دخلها الكبرياء إنكسرت، وكما كان الكبرياء واضحاً على وجوههم. وبسبب خطيتهم تعثروا بل علموا يهوذا فتعثرت معهم. وفي (6) يحاولون استرضاء الرب بعبادة مظهرية في ذبائحهم، لكن الله لا يقبلها بسبب أن الخطية في القلب بدون توبة. ولأنهم في (7) قد غدروا بالرب. لأنهم ولدوا أولاداً أجنبيين = فهم علَّموا أولادهم حب الأوثان فصاروا كأجنبيين وهذا منتهى الغدر. فالأولاد هم أولاد الله والأباء يربونهم لحساب الله، وإهمال تربيتهم يجازي عنه الله الآن يأكلهم شهر مع أنصبتهم = هذه تعنى أن أشور سوف يأكلهم لمدة محددة، ربما بفرض جزية عليهم أو يسبيهم.

 

الآيات (8-12): " اضربوا بالبوق في جبعة بالقرن في الرامة.اصرخوا في بيت آون.وراءك يا بنيامين. يصير افرايم خرابا في يوم التأديب.في اسباط إسرائيل اعلمت اليقين. صارت رؤساء يهوذا كناقلي التخوم فاسكب عليهم سخطي كالماء. افرايم مظلوم مسحوق القضاء لأنه ارتضى أن يمضي وراء الوصية. فأنا لافرايم كالعث ولبيت يهوذا كالسوس"

اضربوا بالبوق.. بالقرن = في آية (7) سمعنا أن العقاب سيقع عليهم حتماً، وهنا يأمر الله بضرب البوق للتحذير بأن الحرب ستقع وذلك كعقاب لهم. في جبعة.. في الرامة = جبعة والرامة على حدود بنيامين الجنوبية فكأن العدو اجتاز البلاد كلها من الشمال إلى الجنوب، فهذه نبوة باكتساح أشور لإسرائيل. إصرخوا في بيت آون = بيت الله، بيت إيل، الذي حولوه لبيت الباطل، هناك ستكون الضربة شديدة تحتاج لصراخهم. وراءك يا بنيامين أي العدو وراءه وهو هارب من وجه العدو. وفي (9) أعلمت اليقين = أي أن تحذير الله لإسرائيل بالخراب كان يقيناً. وفي (10) كناقلي التخوم = حدد الله بواسطة يشوع تخماً أي حدوداً لكل سبط ولكل عائلة، ولعن من يغيره بسبب الجشع والنهب والاستيلاء (تث17:27) والله يعاتب هنا لسببين [1] الأغنياء نهبوا أملاك الفقراء، وبهذا اشتركت يهوذا مع إسرائيل في أعمال العنف. [2] استغلت يهوذا ضعف إسرائيل، المملكة الشمالية بسبب حروبها مع أرام واستولت على بعض مدن إسرائيل وبهذا غيرت التخوم. وفي (11) وراء الوصية = في الترجمات الأخرى "شرع أن يقتفي السوء" أي وصية يربعام التي جعلت إسرائيل يخطئ، وذلك بعمل هياكل بها عجول ذهبية ليعبدها إسرائيل منفصلين عن هيكل الله في أورشليم. وبسبب هذا كان قضاء الله عليهم بالخراب = أنا لأفرايم كالعث = أي حتى ينقرض وينتهي وأسكب سخطي كالماء= أي تأتي عليهم الضربات كالطوفان وبغزارة وقد يكون نقل التخوم في (10) إشارة لأنهم يحرفون الوصايا والناموس فلكل شئ حدود ولا ينبغي أن نتعداها.

 

الآيات (13-15): "ورأى افرايم مرضه ويهوذا جرحه فمضى افرايم إلى آشور وأرسل إلى ملك عدو ولكنه لا يستطيع أن يشفيكم ولا أن يزيل منكم الجرح. لأني لأفرايم كألاسد ولبيت يهوذا كشبل الأسد فأني أنا افترس وامضي آخذ ولا منقذ. اذهب وارجع إلى مكاني حتى يجازوا ويطلبوا وجهي.في ضيقهم يبكرون إلى"

في وقت مرضهم أي مع بداية ضربات الله، كان يجب أن يلجأوا لله وهو يشفيهم. إلاّ أنهم لغبائهم التجأوا لآشور وهي عدو لهم. لذلك سيكون الله لهم كأسد = أي يوقع عليهم أحكاماً شديدة. والله سيستخدم أشور التي لجأوا إليها كأداة تأديب لهم. ولنلاحظ أن الضربة تجئ لنا من حيث أخطأنا. وفي (15) أذهب وأرجع إلى مكاني = فعندما يعاقب الله الخطاة يخرج من مكانه (أش21:26) وبعد أن يؤدبهم يرجع إلى مكانه ينتظر توبتهم، يرجع ليحتجب عنهم فترة إلى أن يقدموا توبة ويرجعوا للرب = حتى يجازوا ويطلبوا وجهي = يعودوا له وبطلبونه بعد أن تتم عليهم العقوبة.


 

الإصحاح السادس

الآيات (1-3): "هلم نرجع إلى الرب لأنه هو افترس فيشفينا.ضرب فيجبرنا. يحيينا بعد يومين.في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه. لنعرف فلنتتبع لنعرف الرب.خروجه يقين كالفجر.يأتي إلينا كالمطر.كمطر متأخر يسقي الأرض"

من الذي يقول هذه الآيات ؟ قطعاً ليس هم اليهود، لا يهوذا ولا إسرائيل فهم في حالة قساوة ورفض لعمل الله. ولكن هذه استجابة الكنيسة للآية الأخيرة من الإصحاح السابق. فكان الله ينتظرها لتأتي إليه بعد أن يظهر لها محبته بصليبه، وهي استجابت وقالت هلَّم نرجع إلى الرب هذه آيات إنجيلية فيها نبوة عن صلب المسيح وقيامته بعد ثلاثة أيام وإرساله للروح القدس لكنيسته التي أقامها معه. وعند رجوع التائب إلى الله سيكتشف أن الضربات التي سمح بها الله كانت لتشفيه= لأنه افترس فيشفينا لقد سمعنا في الإصحاح السابق أن الله سيفترس كأسد (14:5) ولكننا هنا نرى مراحمه، فهو إنما كان يفترس ليؤدب ويشفى، يفترس الخاطئ بضرباته ليشفيه من خطيته. والله يخرج ليعاقب ويؤدب الخاطئ، ثم يذهب ويرجع لمكانه تاركاً الخاطئ في ضيق بسبب تجربته، ولكن الله ينتظر في مكانه أن يرجع إليه الخاطئ فيرفع عنه ضيقه ويعزيه والمسيح بصليبه افترس الشيطان والموت ليشفينا ويحيينا. فالله يهب الشفاء خلال عمله الخلاصي في المسيح يسوع الذي قام وأقامنا معه وهذا معنى يحيينا بعد يومين في اليوم الثالث يقيمنا = فالكنيسة تقوم مع السيد في قيامته.

وهذه نبوة واضحة عن أن السيد دُفِنَ ثلاثة أيام (يوم الجمعة = اليوم السادس، ويوم السبت هو اليوم السابع وقام يوم الأحد أي الثامن وبهذا يتطابق اليوم الثالث مع اليوم الثامن، فهو الثالث بالنسبة ليوم الصلب وهو الثامن لدخوله أورشليم أو لأنه بداية أسبوع جديد إشارة للحياة الجديدة التي نحياها في السماء بعد القيامة. لذلك فرقمي 3،8 يشيران للقيامة. ولكن كما مات المسيح وقام علينا أن نموت معه عن العالم حتى يحيينا " مع المسيح صلبت فأحيا.." (غل20:2) وهذه القيامة هي سر قيامتنا وحياتنا وهي سر معرفة الرب = لنعرف الرب. خروجه يقين كالفجر. وفي ترجمة أخرى للآية " لنعلم ونتتبع معرفة الرب" = لنعرف فلنتتبع لنعرف الرب. فالقيامة أعطتنا حياة جديد ة بإمكانيات جديدة ورؤية جديدة بها نعرف الرب ونتتبع أعماله فطوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله. وقوله خروجه يقين كالفجر = فيها نبوة أن المسيح قام في فجر اليوم الثالث. ونلاحظ أنه في نهاية الإصحاح السابق يقول الرب "يبكرون إلىَّ" ومن يبكر إلى الله يجده أي يتقابل مع المسيح القائم من الأموات فجراً. وماذا بعد القيامة؟ حلول الروح القدس. وهذا نراه هنا أيضاً يأتي إلينا كالمطر ليروي أرضنا اليابسة فنثمر. وخروجه يقين = أي أن خلاصه وقيامتنا أكيدة. والآن فالله أرسل الروح القدس وأعطانا القيامة وأعطانا أن نعرفه ويكون لنا هذا حياة. إذاً ماذا نفعل؟ لنعرف فلنتتبع = لنعرف المسيح فلنسير على خطواته ونتتبعها فهو صُلِب ومات، وهذا هو جهادنا، وكلما صلبنا أهواءنا وشهواتنا نختبر حياة المسيح فينا. وكون هذه الآيات قد أشارت لقيامة المسيح في اليوم الثالث فهذا نجده واضحاً في (1كو4:15) فلا توجد نبوة عن قيامة المسيح في اليوم الثالث إلاّ هذه النبوة. ولقد أتت عبارة المطر المتأخر في بعض الترجمات " المطر المبكر والمتأخر" أي المطر الذي ينزل في بداية الموسم، وما يأتي قبل الحصاد، وهذا يعمل على كمال نضج المحصول، وعمل الروح دائماً كامل.

ولكن كيف فهم اليهود هذه الآيات ؟ إن الله الذي أفترسنا بآلام شديدة في السبي وخلال حروب أشور سيتركنا ويهجرنا لفترة نكون فيها كالأموات وهذه الفترة نسبياً قصيرة = يومين ولكن مهما طالت هذه الفترة فهو سيعود ليخلصنا في اليوم الثالث أي سريعاً ويقيمنا من هذا الموت وهذا الخلاص أكيد كما أن الفجر بالتأكيد يأتي بعد الليل.

من أين فهمنا أن الماء والمطر يشيران للروح القدس؟ (أش3:44 + يو38:7،39).

 

الآيات (4-11): "ماذا اصنع بك يا افرايم.ماذا اصنع بك يا يهوذا.فان إحسانكم كسحاب الصبح وكالندى الماضي باكرا. لذلك أقرضهم بالأنبياء اقتلهم بأقوال فمي والقضاء عليك كنور قد خرج. أني أريد رحمة لا ذبيحة ومعرفة الله اكثر من محرقات. ولكنهم كآدم تعدّوا العهد.هناك غدروا بي. جلعاد قرية فاعلي الإثم مدوسة بالدم. وكما يكمن لصوص لإنسان كذلك زمرة الكهنة في الطريق يقتلون نحو شكيم.انهم قد صنعوا فاحشة. في بيت إسرائيل رأيت أمرا فظيعا.هناك زنى افرايم.تنجس إسرائيل. وأنت أيضا يا يهوذا قد أعدّ لك حصاد عندما أرد سبي شعبي"

 في (4) الله يعاتب أفرايم ويهوذا كلاهما على أن عبادتهم مظهرية سطحية كالندى. إحسانكم= صلاحكم. هذا مثل سحاب الصبح سريعاً ما ينقشع أو مثل الندى الماضي باكراً= أي شئ وقتى سريعاً ما يزول. هكذا أيضاً برنا الذاتي. لذلك أقرضهم بالأنبياء = كان الأنبياء يوبخونهم ويتنبأون عليهم بالهلاك، وما يقوله لأنبياء هو حكم الله = أقوال فمي = هي أقوال الله والأنبياء وصرحوا بها والقضاء عليك كنور = لأن أحكام الله عادلة وعدله ظاهر كالنور. وهذا ما حدث فعلاً فياهو قام ببعض الإصلاحات ولكنه سرعان ما إرتد (ياهو هو ملك إسرائيل) وحزقيا ملك يهوذا قام بالإصلاح ولكن حين مات وجاء منسى الملك سرعان ما تجاوب الشعب مع شروره. لذلك فإحسانهم مثل الندى.

وفي (6) أريد رحمة لا ذبيحة = هذه الآية استعملها المسيح مرتين (أنظر المقدمة) والمعنى أن الله لا يريد ذبائحهم التي يقدمونها بطريقة مظهرية شكلية وقلوبهم مملوءة شراً، ولكن الله يريد رحمة أي قلباً مملوءاً حباً ثابتاً، الله يريد الأعمال الناشئة عن توبة وتغيير حقيقي في القلب، وهذه تتضح في تعاملهم برحمة بعضهم مع بعض. وهذه ليست في طاقة البشر، ولكن الله هو العامل فينا ليهبنا هذا الحب وخلال هذا الحب الذي يعطيه لنا الله نتعرف على الله = ومعرفة الله. لكن علينا أن لا نقاوم عمل روح الله فينا. وفي (7) يشبه الله إسرائيل بآدم:-

آدم أعطاه الله الجنة وأعطى إسرائيل أرضاً تفيض لبناً وعسلاً.

آدم أوصاه الله وهكذا أوصى الله شعب إسرائيل.

كانت عطايا الله لكلاهما كافية حتى لا يسألوا آخر ولكن آدم صدق الحية وإسرائيل ذهب وراء آلهة وثنية، فكان كلاهما بلا عذر في خطيته، كلاهما تعدى عهده مع الله بكل خفة ويُسر.

آدم لم يعترف بخطيته وإسرائيل لم يشعر بخطيته.

آدم طُرِد من الجنة وإسرائيل طردت من أرضها في سبي آشور وهكذا مع يهوذا.

هناك غدروا بي = يبدو أن قوله هناك فيه إشارة لمكان مشهور بعبادة الأوثان. وفي آية (8) أمثلة لمن غدروا بالله. جلعاد = هي راموت جلعات إحدى مدن الملجأ الثلاثة وهي مدينة للاويين ولكن للأسف صارت مدينة للإثم وسفك الدم = مدوسة بالدم = وقد يكون هذا بالقتل فعلاً أو بأن يأخذوا رشوة ويحموا هناك أي قاتل ويسلموا البريء الفقير للقتل. وفي (9) تحول الكهنة إلى لصوص = كماكرين محتالين قتلة. وهم يقتلون نحو شكيم = شكيم في الطريق لأورشليم، فهم كانوا يقتلون الصاعدين لأورشليم للعبادة ومما يزيد من فظاعة خطيتهم أن شكيم كانت من مدن الملجأ.

وآية (11): وأنت يا يهوذا أعَّدَ لك حصاد عندما أرد سبي شعبي = كلمة حصاد تشير لمعنيين [1] للدينونة كما في (مت39:13 + يؤ13:3 + رؤ15:14). [2] للبركات ودخول المؤمنين كقول السيد " الحصاد كثير والفعلة قليلون" (مت37:9) وبحسب التفسير الأول نفهم الآية أنه عندما يملك الله على شعبه بالكامل يوم الدينونة ويستعيد الله كل شعبه = عندما أرد سبي شعبي = سيدين الله يهوذا وبحسب التفسير الثاني نفهمه أولاً أن يهوذا سيكون لها بركات عندما يرد الله سبي شعبه فيهوذا عادت من السبي أيام كورش الفارسي عكس إسرائيل وتفهم الآية أيضاً أنه في وقت الدينونة أو في الأيام الأخيرة سيؤمن اليهود بالمسيح ويرد الله سبيهم الذي هم فيه الآن، وهذا هو الحصاد.


 

الإصحاح السابع

الآيات (1،2): "حينما كنت اشفي إسرائيل أعلن إثم افرايم وشرور السامرة فانهم قد صنعوا غشا.السارق دخل والغزاة نهبوا في الخارج. ولا يفتكرون في قلوبهم أني قد تذكرت كل شرهم.الآن قد أحاطت بهم أفعالهم.صارت أمام وجهي"

حينما كنت أشفى = الله يتقدم هنا كطبيب يشفي مرضهم وهو مضطر أن يكشف لهم خطورة هذا المرض حتى يأخذوا موضوع العلاج بجدية ويتقبلوا الدواء. أعلن إثم إفرايم = الله يفضح المرض حتى يمد يده بالمشرط. ومرضهم أنهم قد صنعوا غشاً = هذا أخطر ما يصيب الإنسان فبينما هو يغش الناس إذ به يغش نفسه ويخدع ضميره، وهذا ما حدث لهم فبينما كانوا يغشون الآخرين السارق دخل = أي بينما كان الإنسان الغاش يظن أنه يسرق جاره جاء الغزاة ونهبوه من الخارج = وهذا قصاص الله لهم فبينما هم يظنون أنه يسلبون بعضهم جاء لهم لصوص من الخارج لينهبوهم وربما تشير هذه للجزية التي فرضت عليهم. وروحياً إذا ترك الإنسان خطية تتسلل إليه كسارق سينفتح الباب للغزاة أي باقي الخطايا ويصبح الإنسان فاسداً بكليته. وفي (2) هم ظنوا أن خطاياهم مخفية عن الله أو ظنوها أمراً تافهاً فلا يذكرها الله. ولكن الله يتذكر كل شرهم = أي لا يعرفه فقط بل لا ينسى منه شيئاً وسيعاقبهم على كل شئ. الآن قد أحاطت بهم أفعالهم = الله لا يريد أن يفضح أحد بخطاياه، بل هو يجعلها واضحة حتى تشفى أما تجاهلها فمميت.

 

الآيات (3-7): "بشرّهم يفرّحون الملك وبكذبهم الرؤساء. كلهم فاسقون كتنور محمى من الخباز.يبطّل الإيقاد من وقتما يعجن العجين إلى أن يختمر. يوم ملكنا يمرض الرؤساء من سورة الخمر.يبسط يده مع المستهزئين. لأنهم يقربون قلوبهم في مكيدتهم كالتنور.كل الليل ينام خبازهم وفي الصباح يكون محمى كنار ملتهبة. كلهم حامون كالتنور وأكلوا قضاتهم.جميع ملوكهم سقطوا.ليس بينهم من يدعو إلى"

 نجد هنا خطايا الملك ومن حوله من الرؤساء وهؤلاء هم قادة الشعب. فإذا فسدت القيادة فسد الشعب كله وضلَّ. هكذا لو فسدت إرادة الإنسان يَضَّل هذا الإنسان وينحرف للشر والفساد. وفي (3) نجد الملك والرؤساء فرحين بشرور الشعب وكذبه وتملقه لهم (غالباً الملك هنا هو زكريا) وهنا وصف للملك ورؤساؤه بأنهم كالتنور = ملتهبون بنار شهواتهم وهكذا كل نفس فاسدة (لا يطفئ هذه النار سوى الروح القدس، وهو يشعل بدلاً منها نار مقدسة هي حب الله) والتنور هو القلب (تنور = فرن) والخباز هو الإنسان نفسه والنار هي الشهوة، وكما يحمي الخباز التنور هكذا هؤلاء الفاسقون يحمون ويهيجون شهواتهم بأفكارهم وكلماتهم ونظراتهم الرديئة (كمن أدمن مشاهدة بعض المجلات والصور والأفلام الرديئة) ويظل هذا الإنسان الفاسق يهيج شهوته ويُدبَّر مؤامراته ولا يكف إلى أن يختمر العجين المؤامرة هنا هي وضع خميرة في عجين أي وضع أفكار شريرة بكلمات خبيثة في قلب إنسان برئ (كمن يضع كلاماً معسولاً في أذنى فتاة بريئة يصوَّر فيه حبه، وخطوة خطوة يوقع بها) ويختمر العجين هنا أي تشتعل شهوة الضحية البريئة وتسقط الضحية بخمير شرور الشخص الفاسق = الخباز وتدبير المؤامرات وبذر الشرور هو عجن العجين فالشخص الشرير يظل يُلقى سمومه فترة في أذنى الضحية ثم يتركها = يبطل الإيقاد = هو وضع الخميرة أي بذرة الشر في قلب الإنسان البرئ ويترك هذه الخميرة تختمر داخله أي تشعل شهوة قلبه. لذلك على كل إنسان أن يتحرز ويحتاط من خمير هؤلاء الفاسقين الذي هو شرورهم وعلى كل واحد أن يتحاشى وضع خميرة شر في قلبه حتى لا تشتعل شهوته (بمنع العين عن النظر واللسان عن الكلام والأذن عن سماع كل ما هو بطال) وفي (5) ويوم ملكنا = قد يكون يوم عيد ميلاده أو جلوسه على العرش يسكر رؤساءه بالخمر = يمرض الرؤساء من سورة الخمر وفي ترجمة أخرى " أمرض الرؤساء أنفسهم بحمى الخمر" بل أن الملك نفسه يبسط يده = أي يضع يده في يد المستهزئين. وفي الترجمة الإنجليزية وردت الآية هكذا " جعل الرؤساء الملك يمرض من زجاجات الخمر" أي هم حرضوه على أن يشرب ويسكر فيصير سخرية لكل الهازئين. لاحظ أن الخطية تفقد الإنسان كرامته وتنزل به من درجة الملوك (فالله جعلنا ملوكاً وكهنة أي ملوكاً على شهواتنا، ومن يملك على شهوته، تكون له كرامة، والعكس صحيح) لدرجة الذين بلا كرامة. ولاحظ أن يوم ملكنا هو يوم فرح. فكيف نقضى نحن أفراحنا، هل بطريقة نصير فيها بلا كرامة. هناك فرح وهو عرس قانا الجليل دُعَي فيه المسيح والعذراء والتلاميذ. فمن ندعو لأفراحنا وماذا نعمل في أفراحنا. وفي (6) كما أن الخباز يلقي بالحطب داخل التنور ويذهب لينام ليلاً ويجده في الصباح ملتهباً، هكذا هؤلاء الأشرار كانوا يلقون بالوقود (أي مشوراتهم الشريرة) ولعلهم كانوا يخططون لقتل الملك وفعلاً فالملك زكريا مات مقتولاً في فتنة. وقوله ينام خبّازهم = أي يسكتون وينتظرون الفرصة لإتمام مقصودهم كما ينتظر الخباز حتى يختمر العجين. وهكذا إبليس فهو يشعل شهوتنا في كل فرصة وذلك ليهلكنا. كلهم حامون كالتنور أي مشتعلين بشهواتهم، مملوئين من شرهم ومؤامراتهم وأكلوا قضاتهم = هم قتلوا القلة التي كانت تدين أفعالهم الشريرة. وقتلوا القضاة الصالحين العادلين. وجميع ملوكهم سقطوا = أنظر المقدمة فجميع ملوك هذه الفترة تقريباً تم اغتيالهم في فترة فتن واضطرابات. ففي مملكة إسرائيل التي استمرت 260سنة ملك 20ملكاً قُتِلَ منهم 9 ملوك بينما في يهوذا فلم تتغير الخلافة مدة 460 سنة من داود إلى صدقيا وهؤلاء الملوك قتلوا إذ لا بركة من الله بسبب وثنيتهم وشرورهم.

 

الآيات (8-12): "افرايم يختلط بالشعوب.افرايم صار خبز ملّة لم يقلب. أكل الغرباء ثروته وهو لا يعرف وقد رشّ عليه الشيب وهو لا يعرف. وقد أذلّت عظمة إسرائيل في وجهه وهم لا يرجعون إلى الرب ألههم ولا يطلبونه مع كل هذا. وصار افرايم كحمامة رعناء بلا قلب.يدعون مصر.يمضون إلى أشور.  عندما يمضون ابسط عليهم شبكتي.القيهم كطيور السماء.أودّبهم بحسب خبر جماعتهم"

أفرايم يختلط بالشعوب = لم يعد هناك حدود تفصل بين أفرايم والشعوب الوثنية، فتعلموا منهم أعمالهم هذه صورة كل إبن لله يختلط بالعالم فيدخل العالم إلى قلبه صار خبز ملة لم يقلب = أي خبز تمت تسويته على وجه واحد فقط والوجه الآخر مازال عجيناً نيئاً، وهذا لا يصلح لشئ، هذا إشارة لأنهم أحرزوا نجاحاً في الحكمة الدنيوية ومثال لذلك مهارتهم في عقد تحالفات سياسية ولكنهم كانوا بلا نجاح موازٍ في حياتهم الروحية فكان تدينهم مجرد شكليات وفرائض مظهرية بلا عمق، والقلب مبتعد عن الله.           وفي (9) أكل الغرباء ثروته وهو لا يعرف = هم إتكلوا على أشور فأكلتهم أشور كما جعلهم ملك أرام مالتراب للدوس (2مل7:13) (هذه نتائج الحكمة الدنيوية وتحالفاتهم السياسية التي برعوا فيها) وكل هذا ولم يلجأوا لله. هؤلاء الغرباء هم إبليس وشياطينه، الذي يسلبون من النفس أثمن ما لديها حتى حياتهم الأبدية وهو لا يعرف = لأنهم لا يريدوا أن يعرفوا حالتهم، فهم كجاهل لا يريد أن يصلح بيته الذي سيسقط فيقول البيت جيد وقد رشَّ عليه الشيب  = أي دخلوا للشيخوخة الروحية وأصبحوا قريبين من الإضمحلال. وفي (11) حمامة رعناء بلا قلب = " وتترجم بلا فهم وهذه أفضل" هذا يدل على نقصان العقل، وعلى الحماقة، وهذا يختلف عن البساطة التي أوصى بها المسيح. وهذه الحمامة تترك عشها وتطير على غير هدى مرة هنا ومرة هناك إلى أن تسقط في فخ. وهذا إشارة لإسرائيل فهم تركوا الله وتركوا هيكله في أورشليم، وانطلقوا من عبادة مرفوضة لعجول ذهبية، إلى عبادة وثنية فَضَلَُوا أيضاً مرة وراء أشور ومرة وراء مصر ليحموها بدلاً من أن تذهب لله. وإذا أخذنا الترجمة بلا قلب = فهذا يعنى خلو قلبها من محبة الله " حب الرب إلهك من كل قلبك.. " وهذا الحب هو الذي يسحبها في اتجاه واحد ناحية الله وبلا تخبط. ويقال أن الحمامة الرعناء هي بلا قلب وبلا عقل فهي لا تحزن على صغارها إذا أخذوا منها، بل تبني عشها ثانية في نفس المكان. وإسرائيل بعد ما حمل العدو جزءاً من شعبهم كسبايا لم يتأثروا واستمروا في معاملتهم بل الاتكال عليهم. أبسط عليهم شبكتي = هم انخدعوا من أشور ومن مصر ولكن الشبكة التي انتشبوا فيها هي شبكة الرب، فهو الذي اسلمهم لأعدائهم بعد أن تركوه. فهو يؤدبهم بحسب خبر جماعتهم = فهو سبق وأخبر جماعتهم بعقوبة الخطاة. كل هذا وهو لا يعرف أي لا يعرف أن يد الله ممدودة ضده من جهلهم " هلك شعبي من عدم المعرفة".

 

الآيات (13-16): "ويل لهم لأنهم هربوا عني.تبّا لهم لأنهم أذنبوا إلى.أنا افديهم وهم تكلموا عليّ بكذب.  ولا يصرخون إلى بقلوبهم حينما يولولون على مضاجعهم.يتجمعون لأجل القمح والخمر ويرتدّون عني. وأنا أنذرتهم وشددت أذرعهم وهم يفكرون عليّ بالشر. يرجعون ليس إلى العلي.قد صاروا كقوس مخطئة.يسقط رؤساؤهم بالسيف من اجل سخط ألسنتهم.هذا هزؤهم في ارض مصر"

نلاحظ هنا أنهم عصوا على الله وتمردوا عليه بالرغم من الطرق المختلفة التي اتخذها ليحفظ ولائهم له. ففي (13) أنا افديهم = فهو أخرجهم من أرض مصر ونجاهم من ضيقات كثيرة. وفي (15) أنا أنذرتهم وشددت أذرعهم = أي حين هنت قوتهم كالذراع المكسور، جبر الله ذراعهم وضمده (2مل16:13،17 + 2مل25:14،26) وماذا كان موقفهم هم؟ هربوا عني = كما تهرب الحمامة الرعناء، هم التجأوا للغرباء. الله الطبيب أعلن أنه لابد من قبول العلاج لكنهم هربوا من العلاج أي التأديب. ويل لهم= من يهرب من الله تتبعه الويلات. وأعظم ويل هو الابتعاد عن الله مصدر الحياة وكل خير. وتباً لهم = أي لهم الهلاك وهم تكلموا علىَّ بكذب = فهم أنكروا قدرته على الخلاص، وأنه غير قادر أن ينجيهم، وأنكروا محبته وأمانته بل هم يفكرون علىَّ بالشر = هنا الله يعرف أفكارهم والله يدين على الأفكار الخاطئة وأي خطية هي أمر سئ وخيانة لله ولكرامته. وفي (14) فبالرغم من النكبات التي حلَّت بهم وجعلتهم يولولون على مضاجعهم فإنهم لم يصرخوا إلى الله بقلوبهم. هم تجمعوا لأجل القمح والخمر = فإحدى الضربات التي لحقتهم كانت أن انقطع المطر، وهنا صلوا لله ليعطيهم مطراً فيكون لهم القمح والخمر = كل ما يطلبونه الخيرات الجسدية ولكنهم لم يقدموا توبة ولم يتركوا أصنامهم لذلك يقول الله ويرتدون عني فعبادتهم هنا هي نوع من الكذب لأنها مظهرية. إلاّ أنه في الترجمة السبعينية جاءت كلمة تجمعوا لأجل القمح = جاءت يجرحون نفوسهم حول مذابح أوثانهم كما يفعل الوثنيون (1مل28:18) وهذه الترجمة تشرح قوله ويرتدون عني وبسبب هذا حاول البعض فهم كلمة مضاجعهم على أنها مذابحهم الوثنية. وفي (16) هم في ترددهم بين طريق الله وبين أصنامهم لم يرجعوا إلى الله. والله يطلب الرجوع إليه بالكامل "إرجعوا إلىَّ أرجع اليكم" (زك3:1) الله يطلب الرجوع بكل القلب وبغير هذا يكون الإنسان قد أخطأ هدفه كقوس مخطئة = ولأنهم مترددين في الإلتجاء لله بكل القلب، فهم مرة يصلون لله ومرة أخرى يذهبوا لأرض مصر طلباً للمعونة، والتجائهم لأخر غير الله سيخجلهم، فهم سيخجلوا من شعب لا ينفعهم (أش5:30) وسينهزموا = ويسقط رؤساؤهم بالسيف. هذا هزؤهم في أرض مصر = فبإلتجائهم لمصر سيكونون هزءاً فينظر كل من حولهم.

وفي هذه الآيات نجد نبوة عن عمل المسيح لهذا الشعب ورفض هذا الشعب له أنا أفديهم (لهذا جاء المسيح فهو جاء إلى خاصته) وهم تكلموا علىّ بكذب. (وخاصته لم تقبله) بل هم للآن يكذبون ويرفضون المسيح. وكانت عقوبتهم التشريد لمدة 2000سنة كانوا فيها يولولون على مضاجعهم وكل ما يطلبونه الخيرات الزمنية ورجوعهم إلى أرض الميعاد ولكن يرفضوا المسيح = يرتدون عني لذلك قد صاروا كقوسٍ مخطئة. لم يحصلوا على بركات الخلاص لأنهم ضلوا الهدف، فالخلاص روحي لكنهم ظنوه خلاصاً زمنياً (لو21:24)

تأمل روحي: أن فقدنا القمح والخمر، أي إن أصابتنا خسارة زمنية، فقبل أن نصرخ من أجل عودة البركات الزمنية فلنقدم توبة حقيقية لله. فكثيرين يصرخون لله ليرفع الألم، ولكن الله لا يستجيب حتى يأتي الألم بثماره أي التوبة.،

وهم يفكرون علىّ بالشر = فهم دبروا صلبه وأنا أنذرتهم = فكتب الأنبياء بين أيديهم لذلك سقط رؤساؤهم = تشتتوا لمدة 2000 سنة.


 

الإصحاح الثامن

الآيات (1،2): "إلى فمك بالبوق.كالنسر على بيت الرب.لأنهم قد تجاوزوا عهدي وتعدّوا على شريعتي.  إلى يصرخون يا الهي نعرفك نحن إسرائيل"

إلى فمك بالبوق = الله يأمر النبي أن ينذر شعب إسرائيل بالخراب القادم. وكان البوق يستعمل للإنذار بالحرب. فكأن نبوات النبي هي البوق. والعدو سيأتي على بيت الرب كالنسر = أي في هجوم خاطف. وبيت الرب هو إسرائيل شعب الله.؟ إلىّ يصرخون يا إلهي نعرفك = أي نحن شعبك وبيتك فلماذا تسمح بهذا ضدنا. والرد لأنهم تعدوا على شريعتي = فمن يحفظ عهد الله يحفظه الله. ذو الرأي الممكن تحفظه سالماً سالماً لأنه عليك متوكل (أش3:26) وقولهم يا إلهي نعرفك، فهذا قول بالشفاه ولكن القلب مبتعد بعيداً فلا يستطيعون أن يقولوا يا إلهي نحبك. هم كانوا شعب الله ولكنهم بإنفصالهم عنه صاروا أموات. وحيثما توجد الجثة يجتمع النسور حولها (مت27:24) لذلك هاجمهم ملوك أشور كالنسر.

 

الآيات (3-6): "قد كره إسرائيل الصلاح فيتبعه العدو. هم أقاموا ملوكا وليس مني.أقاموا رؤساء وأنا لم اعرف.صنعوا لأنفسهم من فضتهم وذهبهم أصناما لكي ينقرضوا. قد زنخ عجلك يا سامرة.حمي غضبي عليهم.إلى متى لا يستطيعون النقاوة. انه هو أيضا من إسرائيل.صنعه الصانع وليس هو إلها.أن عجل السامرة يصير كسرا"

آية (3) الصلاح الذي كرهه إسرائيل هو حفظ وصايا الرب. ولو تبعوا الرب ما تبعهم العدو. وآية (4) معظم ملوك إسرائيل ملكوا نتيجة فتن وقتلْ. وهم لم يتبعوا وصايا الرب أبداً منذ نشأتهم لذلك هم ليسوا منى. وأول ملوكهم يربعام أقام هياكل وضع فيها عجول ذهبية. وظنوا أن الله يحل فيها ولكنها تحولت مع الوقت للعبادة الوثنية. وهو صنع هذا خوفاً من ثورة إسرائيل لتعود لحكم ملوك يهوذا حيث الهيكل وأورشليم. وعبادتهم الوثنية هذه جعلتهم ينفصلوا عن الله وهذا ما جعلهم ينقرضوا = أي تتبدد مملكتهم في السبي. وفي (5) قد زنخ عجلك يا سامرة = زنخ أي فسد فتغيرت مكانته وأصبح مرفوضاً وفي الإنجليزية أنه أصبح مرفوضاً. وذلك لأنه لم يستطع أن يحمي عابديه ومحبيه ولا حتى قَدِرَ أن يخلص نفسه = ويصير كسراً (6) فسقط من عيونهم. الملك هو من يملك على شعبه ولا يملك أحد عليه. ونحن نصير ملوكاً لو لم تمتلكنا شهواتنا، بل بإرادتنا بمعونة إلهية نتحرر من كل شهوة تستعبدنا. لذلك نفهم أقاموا ملوكاً وليس منى = [1] أن ملوك إسرائيل ليسوا بحسب فكر الله فهم منشقون عن كرسي داود. [2] روحياً تشير لمن أسلم إرادته لشهواته وهذا ضد رأي الله وبنفس المفهوم.. الله أعطانا مواهب ووزنات = ذهباً وفضة فماذا فعلنا بها؟ هم أقاموا من الذهب والفضة تماثيل عبدوها ونحن بمواهبنا أقمنا تمثالاً للذات وعبدناه. وبددنا مواهبنا ووزناتنا في العالم وهذا مما يحزن الله. وبسبب أفعالهم حمي غضبي عليهم = لأنهم عوضاً عن أن يستخدموا عطايا الله لمجد الله بددوها لحساب الشيطان. إلى متى لا يستطيعون النقاوة = هذا سؤال الله في حزن عليهم. فهم لأنهم رفضوا الله القدوس لن يستطيعوا أن يحيوا في نقاوة وهم صنعوا لأنفسهم إلهاً من أختراعهم = أنه هو أيضاً من إسرائيل = فهم الذين اخترعوا هذا العجل الذهبي وعبدوه !! الله قادر أن ينقينا أن أردنا. وبهذا لا نتألم. لذلك لا يجب أن نلومه على ما نحن فيه من آلام وخطايا فهي منّا ومن اختراعاتنا. وأن سلمنا إرادتنا لله وامتنعنا عن أن نخونه فسيكون أميناً معنا.

 

الآيات (7-10): "انهم يزرعون الريح ويحصدون الزوبعة.زرع ليس له غلّة لا يصنع دقيقا.وان صنع فالغرباء تبتلعه. قد ابتلع إسرائيل.الآن صاروا بين الأمم كإناء لا مسرّة فيه. لأنهم صعدوا إلى أشور مثل حمار وحشي معتزل بنفسه.استأجر افرايم محبين. أني وان كانوا يستأجرون بين الأمم الآن اجمعهم فينفكّون قليلا من ثقل ملك الرؤساء"

يزرعون الريح = طبيعي أن يكون الحصاد من جنس البذار. وهم زرعوا أعمالاً ردية باطلة فيسحصدون الدمار الكامل – يحصدون الزوبعة = خراب وقلاقل وهموم. هم تكبدوا مشقات كثيرة في الزراعة ولكنهم تعبوا باطلاً فالريح تزيل كل شئ. زرع ليس لهُ غلة = بلا بركة مثل سنابل فرعون التي لفحتها الريح الشرقية فلم يوجد فيها شئ وأن صنع فالغرباء تبتلعه = هم الآن بدون بركة حماية الرب عليهم. وفي (8) الآلهة الوثنية لا تبارك بل تبتلع وتدنس وهذا ما حدث لهم = قد ابتلع إسرائيل. بل فقدوا كرامتهم في أعين الأمم. صاروا كإناء لا مسرة فيه = فإذ هم يُجارون الأمم في شرورهم إذ بهذه الأمم تزدري بهم والسبب في (9) هم صاروا كحمار وحشي= غبي وعنيد وصعب المراس معتزل بنفسه = لا يقبل مشورة أحد، ولا يصدهم شئ حتى سيف غضب الله وهم في عنادهم هذا لم يلجأوا لله ليحميهم بل هم استأجروا مجيين = وهم تكبدوا نفقات كثيرة ليشتروا صداقة الأمم حولهم يا لهُ من غباء أن نطلب المعونة والراحة والعزاء والفرح من العالم وليس من الله.

وآية (10) هي نبوة صيغت كلماتها بطريقة تجعلها تفسر بعدة طرق:-

هم الآن يستأجرون بين الأمم محبين أي يدفعوا لملك أشور ليعقد معهم معاهدة حماية. وهذا لا يرضيني ولذلك سأسلمهم أسرى في يد ملك أشور لكنني أعود فأجمعهم. فينفكون = أي يتحررون من نير ملك أشور= ثقل ملك الرؤساء وكان ملك أشور يسمى نفسه ملك الرؤساء أو ملك ملوك (أش8:10) وقوله قليلاً لأنهم تحرروا من سبيهم فعلاً أيام كورش ملك فارس ولكن سريعاً ما سقطوا تحت حُكم اليونان ثم تحرروا قليلاً وبعد هذا سقطوا تحت حُكم الرومان.

ورد المقطع الأخير من الآية في الترجمة السبعينية هكذا " ينفكون قليلاً عن مسح ملك ورؤساء. وهذه إشارة لذهابهم للسبي حيث يكونوا بلا ملك ولا رؤساء وهذه صيغة تهكم أنهم سيرتاحون من مسح ملك لهم يمسحه الله ليكون ملكاً.

تشير الآية للأيام الأخيرة حيث يجمعهم الله قرب نهاية الأيام ليؤمنوا بالمسيح ويشير المقطع الأول وإن كانوا يستأجرون بين الأمم = لتشتتهم في كل أنحاء العالم لمدة 2000سنة وحين يتجمعوا يتحررون من ثقل ملوك العالم الذين أذلوهم 2000سنة ولكن هذا سيكون قليلاً = لأن تجمعهم سيكون إيذاناً بنهاية العالم.

 

الآيات (11-14): "لان افرايم كثّر مذابح للخطية صارت له المذابح للخطية. اكتب له كثرة شرائعي فهي تحسب أجنبية. أما ذبائح تقدماتي فيذبحون لحما ويأكلون.الرب لا يرتضيها.الآن يذكر أثمهم ويعاقب خطيتهم.انهم إلى مصر يرجعون. وقد نسي إسرائيل صانعه وبنى قصورا وكثّر يهوذا مدنا حصينة.لكني أرسل على مدنه نارا فتأكل قصوره"

في (11) هم أشركوا عبادة الأصنام مع عبادة الله = لأن أفرايم كثّر مذابح الخطية = أي مذابح الأصنام. والبداية كانت بأنهم أقاموا هياكل العجول خارج أورشليم والنهاية صارت عبادتهم كلها خطية. وفي (12) الله أعطاهم الناموس والشريعة لتكون لهم حياة ولكنهم لم يعودوا يفهمونا وكأنها صارت أجنبية أو كأنها ليست لهم وفي (13) لأن عبادتهم صارت غير مقبولة فذبائحهم لم تكن أكثر من لحماً يؤكل. ومصر تشير للعبودية والمعنى أنهم لخطيتهم يعودون للعبودية ولكن في أشور. وفي (14) يهوذا أيضاً مخطئ ولا يظن أن مدنه الحصينة ستحميه. وحقاً فلقد نجت أورشليم من حصار جيش أشور يوم هلك الـ185000 لكن قبل أن يحاصر أشور أورشليم فلقد أحرقوا 46مدينة من يهوذا وجاءت الآية في الإنجليزية وقد نسى إسرائيل صانعه وبنى هياكل (وكلمة هياكل أوقع من الترجمة العربي قصوراً).


 

الإصحاح التاسع

يظن الإنسان أنه حين يتمتع بالخطية يفرح ولكنه لا يعرف سوى المرارة الداخلية والغم.

 

الآيات (1-6): "لا تفرح يا إسرائيل طربا كالشعوب.لأنك قد زنيت عن إلهك.أحببت الأجرة على جميع بيادر الحنطة.لا يطعمهم البيدر والمعصرة ويكذب عليهم المسطار. لا يسكنون في ارض الرب بل يرجع افرايم إلى مصر ويأكلون النجس في أشور. لا يسكبون للرب خمرا ولا تسرّه ذبائحهم.أنها لهم كخبز الحزن كل من أكله يتنجس.أن خبزهم لنفسهم.لا يدخل بيت الرب. ماذا تصنعون في يوم الموسم وفي يوم عيد الرب. انهم قد ذهبوا من الخراب.تجمعهم مصر.تدفنهم موف.يرث القريص نفائس فضتهم يكون العوسج في منازلهم"

إسرائيل كان يُقّلدْ الشعوب حوله في رجاساتهم ظاناً أن هذا هو طريق الفرح. ولكن أولاد الله يحل بهم العقاب أسرع من العالم. فلأنهم أبناء يلزم تأديبهم. وهم أحبوا الأجرة على جميع بيادر الحنطة = أي هم نسبوا الخيرات التي بين أيديهم (كالحنطة) للأصنام (هو5:2 + أر17:44). وهم ربطوا بين خصوبة الأرض وعبادة البعليم. ولذلك هم أحبوا أن يعطوا عطايا لهذه الأوثان كأجرة عن هذه الخيرات. وهكذا كل الخطاة يصرفون على شهواتهم بحب ويبخلون أن يعطوا شيئاً لله. والله يقول لهم لا تفرح يا إسرائيل = فكيف يفرحون والخراب أتٍ لتأديبهم وكيف نفرح بلذة وقتية يعقبها مرارة داخلية ثم خراب خارجي كيف يفرحون والخطية كانت سبباً في إنعدام البركة = لا يطعمهم البيدر ويكذب عليهم المسطار = أي الحقل لا يعطي ثمراً يوضع في البيدر والكروم لا تعطي ثماراً والمسطار (الخمر) هو إشارة للفرح وإمتلاء البيدر إشارة للشبع. فكأن من ترك الله سعياً وراء ملذات وأفراح العالم يخسر الشبع بالله. ويخسر الفرح وفي (3) يصل الأمر لأن الرب يطردهم من الأرض ويحملون إلى السبي. وهنا مصر تشير للعبودية. ولكن مكان السبي سيكون أشور حيث يأكلون النجس. والمعنى أنهم سيعودون لسابق حالتهم قبل أن يختارهم الله شعباً لهُ ويحررهم من مصر. وكأن هذه الأرض المقدسة هم لا يستحقونها. ومعنى الأكل النجس أنهم يأكلونه في أرض وثنية نجسة وهناك يحرمون من كل شئ هم رفضوا عبادة الله فحرمهم الله منها = لا يسكبون خمراً (4) أي ستبطل التقدمات والذبائح فهم الآن في السبي بلا هيكل وحتى لو قدموا ذبائح فلن تسر الرب لأنها بلا صلاح وهي بالرياء. أنها لهم كخبز الحزن من أكله يتنجس = راجع (عد14:19) لأن كل شئ في بيت الميت يعتبر نجساً. ومن يأكل من خبز هذا البيت يتنجس وهم الآن بإنفصالهم عن الله في حكم الموتى وتقدماتهم كأنها خبز حزن من بيت ميت وهم الآن في السبي فخبزهم نجس لن يقبله الله. خبزهم لأنفسهم = أي ليكن لهم لاستبقاء حياتهم والله لا يريد منه شئ فهم موتى خطية وفي (5) يوم الموسم = أعيادهم ماذا سيقدمون فيها وهم مرفوضين من الرب. ستكون أعياد كلها حزن. وهذا ينطبق عليهم من الآن وحتى قبل أن يذهبوا للسبي. وفي (6) ذهبوا من الخراب = ستخرب بلادهم فيهربون منها تجمعهم مصر تدفنهم موف = موف عاصمة مصر (ممفيس) والمعنى تجمعهم العبودية. والقريص (الصدأ) وبيوتهم ومزارعهم تتحول لبرية تنبت عوسجاً = شجرة شوكية كعلامة للخراب. ومعنى الآيات السابقة أن من يجري وراء الأفراح العالمية لن يجني الخراب والأشواك. وهنا نسأل سؤالاً ماذا تصنعون في يوم الموسم؟ وماذا نصنع في أعيادنا ؟ هل نجري وراء الأفراح العالمية. فلندقق حتى لا ينطبق علينا نفس هذه الكلمات الصعبة وفي (6) حينما هربوا من خراب بلادهم جمعتهم العبودية في مصر. لأنهم لجأوا لمصر للحماية ولكن ماذا كانت النتيجة تدفنهم موف. فمن يلجأ للعالم لحمايته سيموت في العالم منفصلاً عن المسيح ووتنتهي كل عطايا الله لهُ الفضة وما اقتناه بالفضة يصدأ.

 

الآيات (7-9): "جاءت أيام العقاب.جاءت أيام الجزاء.سيعرف إسرائيل.النبي أحمق.إنسان الروح مجنون من كثرة إثمك وكثرة الحقد. افرايم منتظر عند الهي.النبي فخ صيّاد على جميع طرقه.حقد في بيت إلهه. قد توغّلوا فسدوا كأيام جبعة. سيذكر أثمهم.سيعاقب خطاياهم"

هذه الآيات تشير لحلول وقت العقاب الذي حين يجئ سيميز إسرائيل = سيعرف إسرائيل الفرق بين النبي الحقيقي وهو هوشع الذي طالما حذرهم من الخراب الآتي بسبب خطاياهم وطالما دعاهم للتوبة ليتوقف هذا الخراب، وبين الأنبياء الكذبة الذين طمأنوهم قائلين سلام سلام. هم قالوا عن هوشع النبي أحمق وكل من كلمهم بالروح = إنسان الروح قالوا عنه مجنون وسيعرفون الآن حين يجئ هذا الخراب أن الأنبياء الكذبة هم الحمقى والمجانين ولماذا سمح الله للأنبياء الكذبة أن يضلوهم بسبب كثرة إثمك وكثرة حقدك= فهم أحبوا الأثم فحقدوا على أنبياء الله حين طلبوا منهم التوبة. وفي (8) أفرايم منتظر عند إلهي = وفي ترجمة أخرى رقيب أفرايم منتظر عند إلهي ورقيب أفرايم هو النبي هوشع نفسه ينتظر إعلانات الرب لهُ ليعلنها لإفرايم شعبه. أو هو أي إنسان يطلب الله بإخلاص ويترقب سماع صوت الله في أفرايم ولكن الأنبياء الكذبة يدبرون المؤامرات ضده = النبي فخ صيّاد على جميع طرقه  مما أثار حقد الشعب ضده = حقد في بيت إلهه وفي (9) أيام جبعة = حين فسد سبط بنيامين (راجع قض19،20) فسمح الله بهلاك رجالهم وسقط منهم 25.000رجل ولم يتبقي منهم سوى 600. والمقصود أن إسرائيل تسلك في فساد دائماً من أيام جبعة وحتى الآن، وكما عاقب الله بنيامين لفساده هكذا سيعاقب أفرايم،

 

الآيات (10-14): "وجدت إسرائيل كعنب في البرية.رأيت آباءكم كباكورة على تينة في أولها.أما هم فجاءوا إلى بعل فغور ونذروا أنفسهم للخزي وصاروا رجسا كما احبوا. افرايم تطير كرامتهم كطائر من الولادة ومن البطن ومن الحبل. وان ربّوا أولادهم اثكلهم إياهم حتى لا يكون إنسان.ويل لهم أيضا متى انصرفت عنهم. افرايم كما أرى كصور مغروس في مرعى ولكن افرايم سيخرج بنيه إلى القاتل. أعطهم يا رب.ماذا تعطي.أعطهم رحما مسقطا وثديين يبسين"

هنا ضربة أخرى فسيصبحوا غير مثمرين. هم فقدوا الفرح الروحي الداخلي أولاً لسعيهم وراء أفراح العالم. وثانياً بسبب حلول وقت الجزاء وثالثاً هنا الله يعرض لهم سبباً آخر. فالله فرح بهم كمن يفرح بوجود كرمة عنب في برية = هم كانوا كرمة، والكرم يشير للفرح، فالله فرح بهم لأنهم كانوا شعباً لهُ وسط هذا العالم الوثني = البرية. وانتظر منهم أن يكونوا لهُ فهو الذي صنع هذا الكرم لكنهم نذروا أنفسهم للخزي = بأن جاءوا لبعل فغور أي بعل أو إله الفجور والله رآهم كباكورة تين رأي أباؤهم كباكورة التين. وهو أحب أبائهم وكان يتوقع من أبنائهم أن يبادلوه الحب ولكنهم خانوه وجحدوه مع بعل فغور. وارتباطهم ببعل فغور حطم طبيعتهم ونزع عنهم كرامتهم ودخل بهم إلى العار والخزي = وتطير كرامتهم = كل خيراتهم التي افتخروا بها ولا سيما أولادهم فالله منع عنهم الثمر فنساؤهم لا يلدن ويكنَّ عاقرات أو أن يموت أولادهم وهم في بطون أمهاتهم أو بعد ولادتهم = من الولادة ومن البطن ومن الحبل والأولاد الموجودين حالياً سيطيرون للسبي في أشور وكل مجدهم يطير مع الريح بسرعة ولا يرجع وأن ربوا أولادهم أثكلهم أياهم = أي لن يبقى لهم نسل وينقرضوا. هم صاروا كطائر ترك عشه، وهم تركوا حضن إلههم فجاء من جاء وحطم البيض في العش = أثكلهم إياهم. وفي (13) أفرايم كما أرى كصور غروس في مرعي = الصور هو قرن ينفخ فيه (مز6:98) "بصوت الصور اهتفوا قدّام الملك" والمعنى أن الله وضع أفرايم في أرض كمرعى يرعاهم هو بنفسه، وأعطاهم خيراً كثيراً وطلب منهم أن يشهدوا لهُ ويهتفوا قدامه ويسبحوه ولكن بسبب شهواتهم إنحازوا لبعل فغور (عبادة نجسة تشتمل على الزنا في هياكل الأوثان). لو مجدوا الله لباركهم وبارك في أولادهم، ولكن بسبب خطاياهم فإن الله سيضربهم في أولادهم = أفرايم (بخطيته) سيخرج بنيه إلى القاتل (أشور الذي سيهلك الجميع) والنبي يوافق الله ويقول أعطهم رحماً مسقطاً وثديين يبسين فأي خير ينتظر أطفالاً أباؤهم نذروا أنفسهم لبعل فغور موت هؤلاء الأطفال خير لهم. وهكذا قال السيد المسيح "طوبى للبطون التي لم تلد والثدي التي لم ترضع" حين كان الهلاك التام قادماً على أمة اليهود.

 

الآيات (15-17): "كل شرهم في الجلجال.أني هناك أبغضتهم.من اجل سوء أفعالهم اطردهم من بيتي.لا أعود احبهم.جميع رؤسائهم متمردون. افرايم مضروب.أصلهم قد جف.لا يصنعون ثمرا.وان ولدوا أميت مشتهيات بطونهم. يرفضهم الهي لأنهم لم يسمعوا له.فيكونون تائهين بين الأمم"

هنا يتكلم عن طردهم من أمام الرب. والسبب أنهم جعلوا الجلجال المكان المقدس مركزاً للعبادة الوثنية (15:4 + 11:12) فهم دنسوها بشرهم وعبادتهم، بعد أن كانت الجلجال مكان الفصح الأول بعد دخولهم لأرض كنعان (يش19:4-9:5) لذلك أطردهم من بيتي = فإسرائيل كانت بيت الرب، كانت الأرض المقدسة ولكن الآن لا أعود أحبهم = لا أعود أرضي عنهم وأرحمهم كانت أفرايم كشجرة مثمرة أماّ الآن فهو ملفوح = أفرايم مضروب. وإذا كان أصلهم جف فهم لا يصنعون ثمراً ولكن بالنسبة ليهوذا نبت غصن من أصول يسى (أش1:11) وهو المسيح أمّا باقي اليهود الذين رفضوا المسيح يقول عنهم يرفضهم إلهي = لأنهم لم يسمعوا له أي للمسيح فيكونون تائهين بين الأمم = الآيات تفهم [1] حين رفضوا الله وذهبوا لبعل فغور تشتتوا في أشور [2] حين صلبوا المسيح ورفضوه تشتتوا في كل العالم.


 

الإصحاح العاشر

كثيراً ما يشبه الله شعبه بالكرمة (أش5 + مت33:21) طالباً منها عنباً لحساب ملكوته. الله يطلب الثمر لنفسه بعد أن تعب فيها، لكن هي قدمت الثمر لحساب عدوه إبليس.

 

الآيات (1-3): "إسرائيل جفنة ممتدّة.يخرج ثمرا لنفسه.على حسب كثرة ثمره قد كثّر المذابح.على حسب جودة أرضه أجاد الأنصاب. قد قسموا قلوبهم.الآن يعاقبون.هو يحطم مذابحهم يخرب أنصابهم. أنهم الآن يقولون لا ملك لنا لأننا لا نخاف الرب فالملك ماذا يصنع بنا"

جفنة ممتدة = أي كرمة بفروع صالحة وثمرها وفير هي بلا عذر فالله خلقها بطبيعة صالحة وأعطاها قوة للنمو ولم يبخل عليها بشيء إذ كثرت خيراتها المادية. ولكن هي ظنت أن الثمر لنفسها ولحساب شهواتها الشريرة وهم كثروا المذابح أي كثرت عباداتهم الوثنية كما كثرت أثمار الأرض، هم ردوا على سخاء الله بالجحود. الأنصاب = التماثيل الوثنية. ولم يكن قلبهم مستقيماً أمام الله ففي (2) قسموا قلوبهم بين الله والبعل (1مل21:18) أو بين الله والمال (وهذا يحدث الآن) لذلك يحطم الرب مذابحهم = هم يحبون شهواتهم فيذهبون للأصنام وليسكنوا ضمائرهم يمارسوا عبادات شكلية أمام الله بلا روح لذلك فهو لا يستجيب وفي (3) هم قضوا فترات طويلة بلا ملك وكانت فترات فوضى. وهم يقولون لا ملك لنا = لا ملك لنا يصنع لنا خيراً أو يدافع عنّا أو ليحفظ سلام وأمن البلد. والنبي يكشف السبب = أننا لا نخاف الرب. فالملك ماذا يصنع بنا = أي إذا كان الرب قد رفضنا فوصلنا لما نحن فيه فماذا يمكن أن نتوقعه من الملك طالما خسرنا رضا الله، أي حتى لو كان هناك ملك ماذا عساه يفعل لنا والرب قد تخلى عنا.

 

الآيات (4-8): "يتكلمون كلاما بأقسام باطلة يقطعون عهدا فينبت القضاء عليهم كالعلقم في أتلام الحقل. على عجول بيت آون يخاف سكان السامرة.أن شعبه ينوح عليه وكهنته عليه يرتعدون على مجده لأنه انتفى عنه. وهو أيضا يجلب إلى أشور هدية لملك عدو.يأخذ افرايم خزيا ويخجل إسرائيل على رأيه.  السامرة ملكها يبيد كغثاء على وجه الماء.وتخرب شوامخ آون خطية إسرائيل.يطلع الشوك والحسك على مذابحهم ويقولون للجبال غطينا وللتلال اسقطي علينا"

في كلامهم كانوا مخادعين ويقسمون أقسام باطلة (4) سواء مع الله أو مع بعضهم البعض. فماذا يكون القضاء عليهم = ينبت القضاء.. كعلقم وهو نبات مر في أتلام حقل = الحقل الذي حرث وأعد للزراعة (خطوط الحرث تسمى أتلام) والتصوير هنا عن خطايا إسرائيل:- كأن إسرائيل قد حرثت حقلها إنما لتتلقى في أتلامه علقم (نبات مر وسام) الدينونة الإلهية فما زرعوه حصدوه. والآية تقسم هكذا يتكلمون كلاماً (مجرد كلام أجوف) بأقسام باطلة يقطعون عهداً = غش وفي (5) كان عجول بيت آون التي يعبدونها من ذهب وكانوا يخافون عليها من السرقة ومن طمع الأعداء فيها. شعبه ينوح عليه = شعب العجل ينوحون عليه = لأن مجده انتفى فهو غير قادر أن يخلصهم من ضيقهم وكهنته عليه يرتعدون = حين ينتفى مجده ستبطل التقدمات التي يكسبون منها الكثير وفي (6) العجل سيجلب إلى أشور هدية لملكها العدو. ويخجل إسرائيل على رأيه = رأيه إماّ [1] إقامة عجل ليعبدوه [2] طلبهم المساعدة من أشور وفي (7) ملكها يبيد كغثاء = ملوك السامرة الأقوياء بسبب خطيتهم صاروا كفقاقيع على الماء، وانتهي ملكهم بالسبي. وفي (8) تخرب شوامخ آون = ما كان في أعينهم أماكن مرتفعة لا يقدر أحد أن يقترب منها سيحل بها الخراب وينهار مجد عجولها = خطية إسرائيل. وفي خجلهم يقولون للجبال غطينا (لو30:23 + رؤؤ16:6) ولاحظ أن الجبال كانت مركزاً لعبادة الأوثان.

 

الآيات (9-11): "من أيام جبعة أخطأت يا إسرائيل.هناك وقفوا لم تدركهم في جبعة الحرب على بني الإثم.  حينما أريد أودّبهم ويجتمع عليهم شعوب في ارتباطهم بإثميهم. وافرايم عجلة متمرنة تحب الدراس ولكني اجتاز على عنقها الحسن.اركب على افرايم.يفلح يهوذا.يمهد يعقوب"

من أيام جبعة أخطأت = إذاً الخطية ليست جديدة عليهم بل هي لها جذور قديمة مع رفض للتوبة. وكما أن الحرب لم تدرك بنيامين لمدة يومين لكن هلك في اليوم الثالث 25.000رجل هكذا الآن فالله لم يهلك أفرايم حالاً لكن سيجيء يوم يهلكها كما أهلك بنيامين سابقاً= هناك وقفوا لم تدركهم في الجبعة الحرب على بنى الإثم = أي رجال بنيامين الخطاة الله هنا يريد أن يوجه أنظارهم للفساد الداخلي ومعنى الكلام أنا لم أهلك لمدة يومين بنيامين، ولم أهلككم حتى الآن يا أفرايم لأعطى لهم ولكم فرصة للتوبة. فالله لا يريد أن يهلك بل يؤدب ولكن حين أريد أؤدبهم = ويجتمع عليهم شعوب = أي أشور تحاصرهم والسبب ارتباطهم باثميهم = [1] الزنا الروحي والزنا الجسدي [2] الانفصال عن يهوذا وعبادتهم للأوثان [3] ربما الاثمين هما عجلي دان وبيت إيل.

آية (11) إفرايم عجلة متمرنة تحب الدراس = في أثناء الدراس يعطي للعجول خيرات لتأكل وتشبع والله أعطى أفرايم خيرات كثيرة لكنها شبعت ورفست وتمردت (تث15:32) لذلك فالله سيضع نيره على عنقها الحسن = يصور إسرائيل هنا كعجل مدلل لم يوضع عليه نير من قبل = عنقها الحسن = فهي لم تستعبد من قبل ولم تقع في سبي من قبل. ويُرْكِب عليها = أُرْكِبُ على أفرايم = أي يروضهم وذلك بواسطة الأشوريين الذين سيركبونهم حتى لا ينطلقوا في شهواتهم والله سيعمل هذا مع إسرائيل ويهوذا. يفلح يهوذا = أي يحرثهم لينقيهم ويمهد يعقوب = نتيجة التأديب إزالة كل المعثرات من طريقه.

 

الآيات (12-15): "ازرعوا لأنفسكم بالبر.احصدوا بحسب الصلاح احرثوا لأنفسكم حرثا فانه وقت لطلب الرب حتى يأتي ويعلّمكم البر. قد حرثتم النفاق حصدتم الإثم.أكلتم ثمر الكذب.لأنك وثقت بطريقك بكثرة أبطالك. يقوم ضجيج في شعوبك وتخرب جميع حصونك كاخراب شلمان بيت اربئيل في يوم الحرب.الأم مع الأولاد حطّمت. هكذا تصنع بكم بيت إبل من اجل رداءة شركم.في الصبح يهلك ملك إسرائيل هلاكا"

 لأن الكرمة صارت عقيمة بلا ثمر بسبب فسادها الداخلي فهناك واجب يدعوهم لهُ الله ويشبههم هنا بأرض يدعوهم لفلاحتها. إزرعوا بالبر = مارسوا الأعمال الصالحة، اتبعوا الناموس وإصنعوا عدلاً ورحمة وما تصنعونه هو لأنفسكم وحسب ما تزرعون ستحصدون = احصدوا بحسب الصلاح.وقبل أن تزرعوا نقوا الأرض أي قلوبكم من الشهوات الدنسة التي تشبه الأعشاب والأشواك = احرثوا لأنفسكم فإنه وقت لطلب الرب = "اليوم أن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" وأي وقت أنسب أن يُطْلَبّ فيه الرب من هذا الوقت الذي يقف فيه الخراب على بابهم ويطل عليهم شبح الموت. حتى يأتي ويعلمكم البر = عليكم الآن أن تزرعوا بالبر بمجهودكم الذاتي حتى يأتي المسيح برنا ويعلّمنا البر بطريقته فهو سيسكن فينا ويغير طبيعتنا وفي (13) الآية السابقة قيلت بهذا الأسلوب لأنه كان من الصعب أن يميزوا في العهد القديم بين البر الذاتي والبر الذي بالمسيح وهنا يمكن أن نفهم الآية بطريقتين بمفهوم العهد القديم = هم حرثوا نفاق وحصدوا اثم = هم تكبدوا مشقات كثيرة جداً في خدمة الخطية. وكان الحصاد إثم وكذب وهم إتكلوا على الخليقة = وثقت بطريقك بكثرة أبطالك = فهم ساروا في الخطية ولم يهتموا بأن الله سيعاقبهم بأشور فهم دبروا طرقاً   بالتحايل مع مصر وإعداد أبطال للحرب. وكل هذا كان خداع كاذب = أكلتم ثمرة الكذب. وبمفهوم العهد الجديد = تُفهم بأنه علينا أن لا نتكل على برنا الذاتي وبطولاتنا الشخصية ونمتنع عن أن نتفاخر أو نظهر برنا فهذا نفاق. وفي (14) وإذا لم يسمعوا لتحذير الرب يقوم ضجيج في شعوبك = هو ضجيج الحرب ولذلك يكمل وتخرب جميع حصونك وبمفهوم عهد النعمة فكل من يتكل على بره لن يسمع سوى ضجيج وتخرب الحصون الروحية التي يتحصن بها فيصير نهباً لإبليس. شلمان = هي اختصار لشلمنآصر الذي سبى شعب إسرائيل وكما سبي ملك أشور إسرائيل حين تنهدم حصوننا الروحية يسبينا الشيطان. وبيت أريئيل= تعنى موقد الله. فالله سيسمح لشلمنآصر ملك أشور بتحويل السامرة لموقد غضب الله بحرب رهيبة وحصار رهيب. = في يوم الحرب والأم مع أولادها حطمت = أي إسرائيل وشعبها لأنها كانت أماً زانية وفي (15) هكذا تصنع بكم بيت إيل = أي لأنكم حولتم بيتي (بيت إيل = بيت الله) إلى عبادة أوثان ستخربون. إذاً ليس أشور هو الذي خربكم بل هو شركم = من أجل رداءة شركم = من يفسد هيكل الله يفسده الله (1كو17:3) في الصبح يهلك ملك إسرائيل هلاكاً = أي أن ملك إسرائيل ينهزم في بداية المعركة فلا تتكلوا عليه. فمن يتكل على إنسان والإنسان يموت، ماذا يكون مصيره غير الهلاك.


 

الإصحاح الحادي عشر

وسط رعود الدينونة نسمع من الله هنا فاصل من المحبة الرقيقة.

 

الآيات (1-4): "لما كان إسرائيل غلاما أحببته ومن مصر دعوت ابني. كل ما دعوهم ذهبوا من أمامهم يذبحون للبعليم ويبخّرون للتماثيل المنحوتة. وأنا درّجت افرايم ممسكا إياهم بأذرعهم فلم يعرفوا أني شفيتهم. كنت اجذبهم بحبال البشر بربط المحبة وكنت لهم كمن يرفع النير عن أعناقهم ومددت إليه مطعما إياه"

الله يظهر هنا حبه لشعبه إسرائيل ويشبه العلاقة هنا بأنه أب حنون على ابنه المحبوب لديه ويشتاق أن يحرره من عبودية فرعون = من مصر دعوت ابني = ولكننا فهمنا من (مت15:2) أن هذه نبوة عن المسح ومعنى الصورة في آية (1) أن إسرائيل في مصر حين حرّره الله كان مازال غلاماً يحتاج لأن تمسك أمه بيده ليستطيع السير وليتعلم المشي = وأنا درجت أفرايم فماذا كان موقف الشعب في مقابل المحبة؟ كل ما دعوهم = الله أرسل لهم الأنبياء كمربية تُسْمِعَهُمْ صوت الله وتعاليمه وتدعوهم إلى الله لكنهم ذهبوا من أمامهم للبعليم = في منتهى الجحود. وكما سكن إسرائيل في مصر وكانوا في ضعف قليلي العدد هرب المسيح إلى مصر من وجه هيرودس وسكن فيها. فلم يعرفوا إني شفيتهم = لم يقدروا أن الله شفاهم من العبودية لفرعون وذهبوا لعبودية البعل. كنت أجذبهم بحبال البشر = جاءت هذه الآية في السبعينية" أنه كان يرفعهم كطفل إلى خديه وينحني ليقدم لهم طعاماً في افواههم" هذه الصورة لله كأب يحاول أن يجتذب إبنه الطفل ليحبه فيأتي لهُ بالحلوى وهذه هي حبال البشر والله صنع مع شعبه في مصر معجزات عديدة، وهكذا في البرية وفي دخولهم إلى أرض الميعاد، وذلك ليعرفوه ويحبوه، والله يهتم بأن نحبه، ففي محبة الله ننفك من عبودية إبليس = كنت كمن يرفع النير = الحرية من فرعون رمز للحرية من إبليس.

 

الآيات (5-7): "لا يرجع إلى ارض مصر بل أشور هو ملكه.لأنهم أبوا أن يرجعوا. يثور السيف في مدنهم ويتلف عصيّها وياكلهم من اجل آرائهم. وشعبي جانحون إلى الارتداد عني فيدعونهم إلى العلي ولا أحد يرفعه"

شعبي جانحون إلى الإرتداد عني = يرتدون عن الله ولا شئ يمسكهم أو يوقفهم ومن مراحم الله أنه مازال يسميهم شعبي وهم تلقوا دعوة الأنبياء = يدعونهم إلى الله العلي ومع هذا ارتدوا فسقطوا في هوة الإنحطاط فعبادة الله ترفع للسماويات وعبادة الأوثان والخطية عموماً تنزل الإنسان إلى أحط الدرجات. وبالرغم من كل دعوات أنبياء الله لهم ليرتفعوا عن إنحطاطهم فهم جنحوا للإرتداد = ولا أحد يرفعه أي لعنادهم لم يستجيبوا لأحد. وفي (5) لا يرجع إلى أرض مصر = هم أرادوا عقد معاهدة مع مصر لتحميهم من أشور ورفضوا الرجوع لله. وهنا هم يختارون مصر حامياً وسيداً لهم. لكن الله يقول لا. هم حادوا بجنوح عني فسأختار أنا لهم السادة الذين يربونهم ويؤدبونهم. لن يرجعوا لحماية مصر وعبوديتها بل آشور هو ملكه = وأشور هذا لم يأتي باللين بل يثور السيف في مدنهم = إذاً هي حرب رهيبة وكلمة يثور في ترجمات أخرى جاءت (يجول) ويتلف عصيها = وفي ترجمة أخرى أغصانها وفروعها أي رؤساؤها وأمراؤها وهؤلاء ستنتهي سلطتهم كل هذا من أجل أرائهم = لأنهم أرادوا اللجوء لمصر وصلُّوا لأوثانهم عوضاً عن أن يرجعوا إلىَّ.

 

الآيات (8،9): "كيف أجعلك يا افرايم.أصيرك يا إسرائيل.كيف أجعلك كأدمة.أصنعك كصبوييم.قد انقلب عليّ قلبي.اضطرمت مراحمي جميعا. لا اجري حمو غضبي لا أعود اخرب افرايم لأني الله لا إنسان القدوس في وسطك فلا آتي بسخط"

 حتى في لحظات التأديب لا يحتمل الله أن يرى شعبه متألماً، إذ ينقلب قلبه الحنون في داخله، وتضطرم نار مراحمه فيه = قد أنقلب علىَّ قلبي. اضطرمت مراحمي. والله في أسى يتساءل كيف أجعلك يا أفرايم.. ثم لا يكمل كأنه لا يريد أن ينطق بشئ ردئ على من أحبهم. لكن لأنه مضطر لإعلان التأديب يكمل كيف أجعلك كأدمة.. وصبوييم = (تك2:14 + تث22:29،23) وأدمة وصبوييم مدينتان في منطقة سدوم وعمورة وقد إحترقتا معهما بسبب شرهما وفي (9) تعود مراحم الله بالوعود بالإبقاء على نسل لإفرايم ولن تكون خراباً نهائياً مثل سدوم وعمورة. لا أجرى حمو غضبي = فهم يستحقون أكثر مما سيأتي عليهم لا أعود أخرب أفرايم = فإن القصاصات التي ستوقع على إفرايم لا تتناسب مع خطاياه والضربة التي ستوجه لن يتلوها ضربات أخرى فالله لا ينوى خرابها وإفنائها بل تأديبها  فهو لهُ بقية في أفرايم لأني الله لا إنسان = فالإنسان لا يرى إلاّ ما هو أمامه فقط، والصورة القاتمة التي عليها إسرائيل الآن تستحق عقوبة خراب نهائي كسدوم وعمورة لكن هذا حكم الإنسان. أماّ الله الذي يرى المستقبل كما نرى نحن الحاضر فهو يرى من نسل هؤلاء بقية ستؤمن به. إذاً لا يجب إهلاك الكل. بل فناء البعض وسبب هذا الفناء أن الله قدوس في وسط إسرائيل = فهو لا يحتمل الخطية وهو نار تحرق بسببها ولكن بحساب حتى لا تضيع البقية = فلا أتى بسخط = أي بدمار كامل.

 

الآيات (10-12): "وراء الرب يمشون.كاسد يزمجر.فانه يزمجر فيسرع البنون من البحر. يسرعون كعصفور من مصر وكحمامة من ارض أشور فأسكنهم في بيوتهم يقول الرب. قد أحاط بي افرايم بالكذب وبيت إسرائيل بالمكر ولم يزل يهوذا شاردا عن الله وعن القدوس الأمين"

الله في تأديبه كما قلنا لن يفنى بل يؤدَّب وهو يؤدب هنا كأسد يزمجر. وهذا التأديب نتيجته أنهم وراء الرب يمشون ويسرعون وراءه كعصفور هم سيتركون أرض الأعداء ويذهبون لبلادهم وراء الله. وهذا حدث جزئياً في العودة مع زربابل فقد عاد معهُ يهوذا وكثيرين من إسرائيل أمّا تطبيق هذه الآيات الكامل فلم يحدث سوى مع المسيح "الأسد الخارج من سبط يهوذا " (رؤ5:5) الذي أتى مزمجراً ضد الشيطان محرراً البنون من إسر إبليس فسار المؤمنون وراءه. وأسرع البنون من البحر = فنحن حصلنا على البنوية في المسيح والبحر هو هذا العالم. فإنطلق المؤمنين الذين حرَّرهم المسيح وراءه كعصفور إنطلق من حبسه وكحمامة من أشور = بحلول الروح القدس فيهم تحرروا من العبودية وأسكنهم في بيوتهم = أي في الكنيسة. وأمّا موقف اليهود من المسيح فهو واضح في (12) أحاطوا به بالكذب والمكر حتى صلبوه. ولم يزل يهوذا شارداً عن الله حتى الآن.


 

الإصحاح الثاني عشر

الآيات (1،2): "افرايم راعي الريح وتابع الريح الشرقية.كل يوم يكثر الكذب والاغتصاب ويقطعون مع أشور عهدا والزيت إلى مصر يجلب. فللرب خصام مع يهوذا وهو مزمع أن يعاقب يعقوب بحسب طرقه.بحسب أفعاله يرد عليه"

أفرايم راعي الريح = لقد ترك إفرايم راعيه الصالح. وخرج يرعي الريح أي لا فائدة من كل أعمالهم وتابع الريح الشرقية = هنا يريد إقناع إفرايم بالحماقة لاعتمادة على مصر وأشور فهم يطعمون أنفسهم بالأمال الباطلة بل المؤذية فالريح الشرقية مُضِرَّة وتجفف مجاري المياه وبالتالي يموت الثمر. ولذلك فإن تفسير الريح الشرقية أنه "ضد المسيح" فهم تركوا المسيح حتى الآن وسيقبلون ضد المسيح حين يأتي وبذلك يرعون ريحاً شرقية تخربهم ويصبحون بلا ثمر. ولذلك كل يوم يكثر الكذب = فالشيطان الذي يملأ ضد المسيح هو "الكذاب وأبو الكذاب" أنا أتيت باسم أبي ولستم تقبلوني أن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه (يو43:5) وتابع الريح الشرقية = أي هم سيتبعونه لخرابهم (هو15:13) ولأنهم تعاهدوا مع الشيطان شابهوه = فكثر الكذب والاغتصاب، وقطع العهود مع العالم (أشور ومصر) بدلاً من الله. وفي (2) بسبب كل هذا سيعاقبون من الله والزيت يجلب إلى مصر = هذه علامة قطع العهد. ولكن العالم غير أمين في عهوده فرئيس هذا العالم هو الشيطان. وهنا يذكرهم بأنهم أولاد يعقوب = يعاقب يعقوب = أي نسل يعقوب فنسله لم يشابهه.

 

الآيات (3-6): "في البطن قبض بعقب أخيه وبقوّته جاهد مع الله. جاهد مع الملاك وغلب.بكى واسترحمه.وجده في بيت إبل وهناك تكلم معنا. والرب اله الجنود يهوه اسمه. وأنت فارجع إلى إلهك.احفظ الرحمة والحق وانتظر إلهك دائما"

هنا يذكرهم بجهاد يعقوب مع الله من بطن أمه = فهو قبض بعقب أخيه لأنه اشتهى البكورية أي أن يأتي المسيح من نسله وقطعاً فيعقوب في بطن أمه لم يكن يدرك هذا، ولكن بعد ما كَبُرَ فَهِمَ واهتم بالبكورية بينما احتقرها عيسو. وكان ما حدث أثناء الولادة نوع من الرمز قصده الله حتى يعلن مدى الاهتمام بهذه البركة وأن من يطلب البركة بلجاجة ويتمسك بها ينالها. وهو جاهد مع الملاك = ولماّ اكتشف أن ذراعيه غير قادرتين على أن يغلب بكي واسترحمه (وقصة بكاء يعقوب وطلبه الرحمة في جهاده لم تذكر في سفر التكوين بل هنا فقط) وبذلك رحمه الله وأعلن نفسه لهُ = وجدهُ في بيت إيل = الله يذكرهم كيف كانت بيت إيل مكاناً يلتقي فيه يعقوب أبيهم مع الله وليقارنوا بماذا يفعلونه الآن في بيت إيل حتى أن النبي أسماها بيت آون. والله كلم يعقوب في بيت إيل ومن خلال يعقوب تكلم الله معنا. وفي (5) يهوه اسمه = أنا هو = أنا الكائن الذي كنت والذي سوف أكون والكائن بذاتي الآن، أي الأزلي والأبدي، والمعنى إذا كان الله قد بارك يعقوب نظراً لجهاده فإن رجع إسرائيل للرب وجاهد فسيباركهم الرب فهو لا يتغير " هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" وهو إله الجنود = وهذا هو المنظر الذي رأه يعقوب في بيت إيل في المرة الثانية (جيش من الملائكة) ولذلك في (6) يدعوهم النبي للعودة بكل قلبهم بتوبة وإيمان وانتظر إلهك = أي لا تتعجلوا النتائج.

 

الآيات (7-11): "مثل الكنعاني في يده موازين الغش.يحب أن يظلم. فقال افرايم أني صرت غنيا.وجدت لنفسي ثروة.جميع أتعابي لا يجدون لي فيها ذنبا هو خطية. وأنا الرب إلهك من ارض مصر حتى أسكنك الخيام كأيام الموسم. وكلّمت الأنبياء وكثّرت الرؤى وبيد الأنبياء مثّلت أمثالا. أنهم في جلعاد قد صاروا إثما بطلا لا غير.في الجلجال ذبحوا ثيرانا ومذابحهم كرجم في أتلام الحقل"

هنا صورة إسرائيل وقد رفضت المسيح. فبعد أن كانوا شعباً لله وأبناً لهُ صاروا مثل الكنعاني = وكلمة كنعاني تعني تاجر لأن الكنعانيين اشتهروا وتفوقوا في التجارة ولكنهم وثنيين لا يعرفون الله، والكنعانيون ملعونون (تك25:9) في يده موازين الغش يحب أن يظلم = اليهود مشبهين حتى الآن بأنهم صاروا تجار مرفوضين من الله (وثنيين) ملعونين (لصلبهم المسيح) وهم تجار غشاشين فهم في يدهم النبوات والتوراة تشهد للمسيح لكنهم يحرفون معانيها ونسوا الجهاد مع الله واهتموا بمجد العالم والزمنيات ويريدون مسيحاً يعطيهم الأكثر من الزمنيات = أني صرت غنياً. ولا يجدون لي فيها ذنباً هو خطية = وهذا استخفاف بخطاياهم فكأنهم يريدون القول أنهم لا يجدون من الذنب ما يستحق أن يذكر أو يكون خطية، ولكن إدعاءهم هذا لن يرحمهم من لعنة الله وذلك لغشهم ورفضهم للمسيح. وفي (9) وأنا الرب إلهك من أرض مصر = أنا أخرجتكم من أرض العبودية لتعبدوني وتكونون لي شعباً وبنيت لكم بيوتاً وأسكنتكم وأرحتكم، لكنكم خنتموني فسأعيدكم لحالكم الأول وأهدم بيوتكم= وأسكنتكم الخيام كأيام الموسم = وأيام الموسم هي عيد المظال حيث يسكنون في خيام سبعة أيام حتى يذكروا عطايا الرب. لهم لكن هنا سيجلب الله عليهم الخراب ويسكنون الخيام للأبد. وهم تشتتوا فعلاً وتغربوا في العالم 2000سنة بعد صلبهم للمسيح. والله هنا يبرر نفسه، فهو لم يقصر معهم ففي (10) كلمت الأنبياء وكثرت الرؤى والنبوات التي تشهد عن المسيح فلماذا لا تؤمنون ؟ قطعاً السبب أنهم لا يميلون للروحيات التي يعلمها المسيح ويطلبون الزمنيات وملك العالم = وجدت لنفسي ثروة. وفي (11) خطيتهم أنهم عبدوا الأوثان في جلعاد وفي الجلجال. وخطيتهم الآن أنهم تركوا المسيح وعبدوا قوتهم وثروتهم. وخطيتهم في المستقبل أنهم سيسيرون وراء النبي الكذّاب أي ضد المسيح وسيتحول كل ما عبدوه وستتحول مذابحهم إلى رُجم = أي خرائب كل مجدهم العالمي سينتهي (رؤ8:18-10).

 

الآيات (12-14): "وهرب يعقوب إلى صحراء آرام وخدم إسرائيل لأجل امرأة ولأجل امرأة رعى. وبنبيّ اصعد الرب إسرائيل من مصر وبنبيّحفظ. أغاظه إسرائيل بمرارة فيترك دماءه عليه ويردّ سيده عاره عليه"

يعقوب أبوهم خرج وهرب من وجه عيسو إلى الصحراء وكان هارباً في فقر وضعف ثم خدم من أجل المرأة التي أحبها كثيراً. والله أغناه وكأن الله يقول لهم أتركوا العالم وسيروا ورائي وأنا أبارككم وبنبي أي موسى أصعدهم من مصر وحفظهم في القفر وهو قادر أن يحفظهم لو ساروا وراءه لكن هم يغيظون الله ويعبدون البعليم فيترك دماءه عليهم ويتركهم في عار. واليهود يفهمون هذه الآيات أن الله سيباركهم ويرعاهم لو شابهوا أبائهم يعقوب وموسى ولكنه سيلعنهم ويترك دماءهم عليهم لو خانوه.

لكن هذه الآيات هي نبوة عن عمل المسيح الراعي الحقيقي الذي أتى في فقر وضعف من أجل المرأة التي أحبها (الكنيسة) وهو النبي الذي أصعدنا من عبودية إبليس ومازال يرعى ويحفظ كنيسته، ولكنهم أغاظوه برفضهم للمسيح وصلبه فيترك دماءه عليهم ويتركهم في عار منذ قولهم دمُه علينا، ولأن إسرائيل مازالوا يرفضون المسيح ويرفضون الإيمان فدمهُ عليهم، مازالوا في عار.


 

الإصحاح الثالث عشر

في هذا الإصحاح نرى أن الخطية سببت الموت والله يقدم نفسه كملك حقيقي قادر أن يقيمنا من الموت.

 

الآيات (1-3): "لما تكلم افرايم برعدة ترفّع في إسرائيل.ولما إثم ببعل مات. والآن يزدادون خطية ويصنعون لأنفسهم تماثيل مسبوكة من فضتهم أصناما بحذاقتهم كلها عمل الصناع.عنها هم يقولون ذابحو الناس يقبّلون العجول. لذلك يكونون كسحاب الصبح وكالندى الماضي باكرا.كعصافة تخطف من البيدر وكدخان من الكوّة"

آية (1) لما تكلم إفرايم برعدة = أي حينما سلك بمخافة الله صار مقامه رفيعاً بين الأسباط = ترفع في إسرائيل ولما أثم ببعل مات = حينما أخطأ بعبادته للبعل انفصل عن الله مصدر الحياة فمات (وهذا ما حدث لأدم) والخطية تجتذب الخاطئ إلى خطية أخرى وهكذا = الآن يزدادون خطية = بسبب فساد الطبيعة وأقاموا لأنفسهم تماثيل مسبوكة يتعبدون لها (والناس الآن تتعبد للمال والشهوة والذات والقوة...) وانتشر بينهم مثل = عنها يقولون ذابحو الناس يقبلون العجول = ذابحو الناس هم كهنة هذه الأوثان أو كل من يعلم الأخرين الخطية وكأنهم بهذا يذبحونهم لذلك نصلي "نجني من الدماء يا الله" أي دماء من كنت أنا سبباً في عثرتهم وهؤلاء الكهنة كانوا يدعون الناس ليقبلوا العجول كنوع من العبادة. وماذا تكون آخرة هؤلاء؟ يختفي مجدهم ويكونون سحاب الصبح = مخادع يبشر بالمطر ولكن ما أن تشرق الشمس حتى يختفي تماماً وكالندى الباكر = سريعاًٍ ما يزول دون أن يروى الأرض ويكونون كالعصافة = يطرح بها في كل جانب وكدخان من الكوة = سرعان ما ينقشع. هؤلاء الذين ينفصلوا عن الله حتى ولو نجحوا فإن ذلك يكون لزمن قليل جداً.

 

الآيات (4-6): "وأنا الرب إلهك من ارض مصر.والها سواي لست تعرف ولا مخلّص غيري. أنا عرفتك في البرية في ارض العطش. لما رعوا شبعوا.شبعوا وارتفعت قلوبهم لذلك نسوني"

الله هنا يؤكد عمله الخلاصي لهم. فهو يؤكد لهم أنه وحده الذي خلَّصهم ورعاهم وأشبعهم في البرية إلاّ أنهم تركوه. ومن المؤلم أن الجسد حين يشبع ينسى الله. أنا عرفتك = جاءت في السبعينية "أنا رعيتك".

 

الآيات (7،8): "فاكون لهم كاسد.ارصد على الطريق كنمر. اصدمهم كدبة مثكل واشق شغاف قلبهم وآكلهم هناك كلبوة يمزقهم وحش البرية"

الله القدوس يقف أمام الخطية في حزم وفي مرارة نفس فكم يشق على الله أن يكون كأسد ضد أولاده وكنمر يرصد على الطريق ليفترسهم والمعنى أن الله سيعاقبهم على كل خطية. ولأن الخطايا إزدادت جداً فهو أخذ يرصد عليهم كل خطية لهم وسيصدمهم كدبة مثكل = وبذلك تزداد نكباتهم وحشية وقسوة وسيشعرهم الله بالغيظ الذي أغاظوه به = أشق شغاف قلوبهم ولقد ارتفعت قلوبهم لكن الله سوف يتخذ معهم طريقة فعالة = أشق شغاف قلوبهم. ولقد ارتفعت قلوبهم لكن الله سوف يتخذ طريقة فعالة ليذلها = يمزقهم وحش البرية فمن يسئ إلى الله ويزداد في فجوره يتحول له الله من راعٍ محب لوحش مفترس.

 

الآيات (9-13): "هلاكك يا إسرائيل أنّك عليّ على عونك. فأين هو ملكك حتى يخلصك في جميع مدنك وقضاتك حيث قلت اعطني ملكا ورؤساء. أنا أعطيتك ملكا بغضبي وأخذته بسخطي. إثم افرايم مصرور.خطيته مكنوزة. مخاض الوالدة يأتي عليه.هو ابن غير حكيم إذ لم يقف في الوقت في مولد البنين"

معنى الآية (9) أن ما تسبب في هلاكك يا إسرائيل أنك وقفت ضد الله والله هو الذي يعينك= أنك علىّ = ضد الله. على عونك = فالله هو الذي يعينك ضد أعداءك، فلو تركك الله لخربت فهم هلكوا بسبب تصرفاتهم المهلكة التي تقودهم للموت، وأمّا خلاصهم ففي ملكهم (الله) المرفوض هذا الذي نسوه طالبين لهم ملكاً حسب هواهم (البعليم) والله هنا يذكرهم بقصة طلبهم ملك من صموئيل النبي، وكان هذا رفضاً لملك الله عليهم. ولكن الله تركهم لرغبتهم وأعطاهم ملكاً بحسب رغبة قلبهم ولكنه غضب من موقفهم = أنا أعطيتك ملكاً بغضبي ولكن بسبب شروره سحبه منهم = وأخذته بسخطي.هذا حدث مع شاول الملك ويحدث الآن مع إسرائيل التي تترك الله وتذهب للبعل. وتكرر ثالثة في رفضهم للمسيح، فهم يطلبون ملكاً غير المسيح ولكن لن يخلصهم غير المسيح كما لم يخلصهم سابقاً سوى داود الصغير في بيت أبيه. وهم بدون المسيح يسألهم الله فأين هو ملكك حتى يخلصك = المعنى أي ملك أو أي رئيس لهم سيخلصهم من غضب الله. وكما أختاروا لأنفسهم ملكاً سابقاً ولم يخلصهم ولم يقم المملكة سوى داود. فلم يخلصهم المسيح الذي مازالوا ينتظرونه وهم مازالوا ينتظرون لذلك سيعطيهم الله حسب شهوة قلوبهم. فلأجل تأديبنا يسمح الله لنا أن ننال ما نشتهيه لندرك حاجتنا إلى قبول إرادة الله، لا تنفيذ إرادتنا الذاتية. ورفضهم للمسيح لا ينساه الله لهم= إثم أفرايم مصرور. خطيته مكنوزة = أنهم صاروا كسيدة تحمل في داخلها جنين فالمخاض بآلامه قادم لا محالة = مخاض الوالدة يأتي عليه. وهم حبالي بالخطية (يع15:1) والمخاض هنا هو الآلام التي عانوا منها مع شاول الملك، أو هي الآلام التي عانوا منها على يد أشور إذ رفضوا الله واختاروا البعليم، أو هي الآلام التي عانوا منها إذ صلبوا المسيح، أو هي الآلام التي سيعانوا منها إذ يقبلوا ضد المسيح. هم انخدعوا في أيام بحبوحة العيش وظنوا أن الله سيغفر لهم أي خطايا، أليس هم شعبه المختار، بل هم يعتبرون غناهم وقوتهم دليلاً على رضا الله عليهم، والنبي يقول لا فخطيتهم مكنوزة ومحفوظة عند الله والله سيعاقب عليها، فالسيدة الحامل لابد وستعاني من آلام المخاض، وانتم تحملون ذنب رفض المسيح فلابد وأنكم ستعانون وقد يكون هذا هو منطق اليهود الآن فهم في غني ولهم دولة وربما ظنوا أن الله قد نسى صلبهم للمسيح ولكن هذا خطأ فالله ما زال حافظاً لهم خطيتهم البشعة في صلب المسيح وذلك حتى يؤمنوا بالمسيح. هو ابن غير حكيم= هو ابن لم يفكر في عقوبة أبيه فارتكب الشر، وهو غير حكيم أيضاً إذ لم يقف في الوقت في مولد البنين = حين وُلِدَتْ الكنيسة وصار المسيحيين أبناء لله لم يكن هو بين هؤلاء البنين بل كان في غير حكمة متمرداً على الله أنا أعطيتك ملكاً بغضبي وأخذته بسخطي = هذه تنطبق على شاول الملك وتنطبق على إسرائيل وقت نبوة هوشع فالله أعطاهم ملكاً ولكن بسبب شرورهم سحب الله الملك منهم وأسلمهم في سخطه ليد ملك أشور. وهذا حدث مع يهوذا إذ أسلمهم الله ليد ملك بابل. ثم أعادهم الله بعد أن أدبهم وعاد وسحب منهم كل شئ بعد صلبهم للمسيح وأسلمهم ليد الرومان، وهم بموقفهم الأخير مع المسيح صاروا كطفل في رحم أمَّه. حين جاءت الساعة لولادته ظل في داخل بطن أمَّه ولم يخرج وهذا تسبب في موته، فإسرائيل الآن برفضها للمسيح رفضت الولادة الجديدة والبنوة لله فماتت وهذا هو موقف كل من يؤخَّر خروجه للحياة، ويعرض نفسه للموت مع استمرار آلام المخاض. أي آلامه بسبب خطاياه.

 

الآيات (14-16): "من يد الهاوية افديهم من الموت أخلصهم.أين اوباؤك يا موت أين شوكتك يا هاوية.تختفي الندامة عن عينيّ. وان كان مثمرا بين اخوة تأتى ريح شرقية ريح الرب طالعة من القفر فتجف عينه وييبس ينبوعه.هي تنهب كنز كل متاع شهي. تجازى السامرة لأنها قد تمردت على ألهها.بالسيف يسقطون.تحطم أطفالهم والحوامل تشقّ"

 في بداية الإصحاح قال " ولما أثم ببعل مات" هذه هي مشكلة الإنسان فبعد أن خلقه الله على أكمل وجه اختار طريق الخطية والموت " أنا أختطفت لي قضية الموت" ولم يكن هناك ملك يخلصه كما قال في آية (10) من هذا المصير المظلم المحتوم. ولكن المسيح الملك المرفوض من اليهود بفدائه على الصليب نزع عنّا سلطان الموت. وهنا نجد الله يعطي للإنسان وعداً بهذا = من يد الهاوية أفديهم من الموت أخلصهم = فالله لم يخلص شعبه من السبي فقط، بل هو يعد هنا بأن يخلص الإنسان عموماً من الموت فهو بموته داس الموت وبقوة حياته الأبدية حين مات بالجسد ابتلع الموت فهو بموته داس الموت وبقوة حياته الأبدية حين مات بالجسد ابتلع الموت وبعد أن كان الموت مخيفاً مرعباً صار مجرد انتقال في انتظار أمجاد الحياة الأبدية، ولذلك يتهلل النبي ومن ورائه بولس الرسول مردداً أين أوباؤك يا موت أين شوكتك يا هاوية (1كو55:15) وهذه الآية مترجمة في ترجمات أخرى "وأكون هلاكك أيها الموت أو أكون وباؤك أيها الموت وأكون خرابك أيتها الهاوية" بمعنى أن صليب المسيح كان كالوباء المدمَّر للموت وللهاوية وحين يرى المؤمن هذا يسخر من الموت قائلاً أين شوكتك = شوكة = STING هي حُمة العقرب أو لسعة العقرب المميتة التي تضع السم في جسم من تلسعه. صار الموت كعقرب ولكن بدون حُمة. وعمل الله هذا ثابت ومقرر وبدون ندامة ولا تغيير في وعده = تختفي الندامة عن عيني = أي لا أتراجع فيما وعدت به. وآية (15) كلمة أفرايم تعني مثمر= وأن كان مثمراً بين أخوته. وافرايم هي إشارة لإسرائيل. ولكن بسبب أنهم رفضوا المسيح الحقيقي وقبلوا ضد المسيح ستأتي ريح شرقية عليه. وهي ريح مضرة قوية جداً تتلف وتخرب جميع أملاكهم. وهذا تحقق في السبي الآشوري لمملكة العشرة أسباط أي إسرائيل. وهذا السبي أتي عليهم من الشرق، وهذا الهجوم حطَّم إسرائيل تماماً، كما هو موصوف هنا والسبب في (16) لأن السامرة تمردت على إلههاً ولكن هذا الوعيد سيتكرر ثانية في نهاية الأيام ويخرب مجدهم كله الذي فرحوا به لقبولهم ضد المسيح.


 

الإصحاح الرابع عشر

هذا الإصحاح يختلف عماّ سبق فما سبق كان يتكلم عن غضب الله وعقوبة الخطية بينما نجد هنا دعوة للتوبة ووعود بالمراحم للتائبين وهذا الإصحاح درس للتائبين. هذا الإصحاح هو دعوة العريس لعروسه.

 

الآيات (1-3): "ارجع يا إسرائيل إلى الرب إلهك لأنك قد تعثرت بإثمك. خذوا معكم كلاما وارجعوا إلى الرب.قولوا له ارفع كل إثم واقبل حسنا فنقدم عجول شفاهنا. لا يخلّصنا أشور.لا نركب على الخيل ولا نقول أيضا لعمل أيدينا آلهتنا.انه بك يرحم اليتيم"

أرجع يا إسرائيل = هي دعوة الله الحنون ليس بالعنف ولكنه يستعطف إسرائيل ويستعطفنا نحن أيضاً بحبه. مقدراً لنا حريتنا الإنسانية في أن نختاره أو نختار الخطية، ولكنه يشرح هنا أن الخطية تعثرنا = لأنك تعثرت بإثمك = بخطاياك وبأوثانك تعثرت فإنفصلت عن الله وبذلك تجئ عليك اللعنة والخراب والألم فتكون كمن يتعثر ويتخبط ولا حل لهُ غير التوبة. وفي (2) خذوا معكم كلاماً = أي قدَّموا لله صلوات معترفين فيها بأنكم أخطأتم. والله لا يطلب منهم ذبائح بل تضرعات وتوسلات من القلب. ثمار شفاه، ليس من اللسان فقط بل من القلب، على القلب أن يملي اللسان ما يقوله وعليهم أن يصلوا بالروح أي يعطيهم الروح ما ينبغي أن يقولوه والروح لن يعطي هذا سوى بتوبتنا لذلك يقول وأرجعوا إلى الرب هو رجوع داخلي لله ورجوع خارجي بتغيير كل طرق حياتنا لنرضي الله. والله هنا يعلمهم ماذا يقولون = ارفع كل إثم = هم الآن تحت عقوبات وآلام بسبب خطاياهم ولكن عليهم أن يصلوا ليس لطلب رفع الآلام بل رفع الآثام. فحين ترفع الأثام لا نعود نتعثر وتنتهي الآلام. لذلك حين أراد المسيح شفاء المفلوج قال له "مغفورة لك خطاياك" والإحساس بعمق الخطية وفضح بشاعة الخطية هو عمل الروح القدس الذي يبكت على خطية" وخطايانا هي التي كانت تمنع عنّا كل إحسانات الله. ولذلك نصلي إقبل حسناً = فحين ترفع الخطية يقبلنا الله وتعود إلينا إحساناته ونعود نتمتع ونتلذذ بحبه. وحين نفرح بإحساناته ومحبته نشكره ونسبحه = فنقدم عجول شفاهنا = وفي السبعينية يقول "نقدم ثمار شفاهنا" وهكذا قالها بولس الرسول (عب15:13) وما هي عجول شفاهنا أو ثمار شفاهنا؟ نفس كلمة ثمار استخدمت عن ذبيحة المحرقة والعجول تستخدم لتقديم ذبائح المحرقة وبهذا نفهم أن المتألم إذا وقف أمام الله في ألمه ولا ينسب لله خطأً في ألمه بل ينسبه لنفسه معترفاً بذنوبه وأنه يستحق ما يقع عليه من ألم ويسبح الله ويشكره (ذبيحة تسبيح) بهذا يصبح هذا المتألم كمن يقدم نفسه ذبيحة محرقة، وتصبح كلمات التسبيح والاعتراف على شفاهه افضل من تقديم عجول كذبيحة وفي (3) لا يخلصنا أشور = أي لا نعود يا رب نعتمد على أحد سواك أنت مخلصنا الوحيد لقد أخطأنا بإلتجائنا لغيرك ولن نضع ثقتنا حتى في قوتنا = لا نركب على الخيل ولا نعود نتعبد لعمل أيدينا وأصنامنا. يا رب خلاصنا لا يتم بذراع بشري بل بك أنت وحدك (فعمل أيدينا أن فكرنا أنه يخلصنا فهذا ما نسميه البر الذاتي) وأنا واقف أمامك يا رب كيتيم بلا قوة وأنت ترحم اليتيم = بل أنا في خطيتي كأني يتيم بدونك فارحمني.

 

الآيات (4-7): "أنا اشفي ارتدادهم.احبهم فضلا لان غضبي قد ارتد عنه. أكون لإسرائيل كالندى.يزهر كالسوسن ويضرب أصوله كلبنان. تمتد خراعيبه ويكون بهاؤه كالزيتونة وله رائحة كلبنان. يعود الساكنون في ظله يحيون حنطة ويزهرون كجفنة.يكون ذكرهم كخمر لبنان"

الارتداد عن الله هو مرض خطير والطبيب هو الله وحده فعلينا أن نأتي إلى الله كطبيب ونقبل وسائل علاجه. إسرائيل هنا صار في حالة مرضية يصعب علاجها سوى بواسطة الله = أنا أشفى إرتدادهم. وهنا نجد رد الله على الصلوات التي قدَّموها سابقاً = أحبهم فضلاً = أي مجاناً. وهذا الحب ظهر على الصليب " ليس حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه (يو13:15) الله أبغضهم حين إنغمسوا في الخطية (هو15:9) أماّ بعد فداء المسيح نسمع غضبي قد إرتد = والآن الله يحب مجاناً من يقدم توبة، نحن لا نستحق هذا الحب ولا هذا الفداء ونحن لم نصنع ما نستحق عليه هذا الحب ولا هذا الفداء لكنه أحبنا فضلاً. ولكن الغضب لا يرتد إلاّ بالتوبة والله سريعاً ما يتصالح مع التائب. وفي (5) أكون لإسرائيل كالندى = الله لا يعطيهم ما يطلبونه فقط بل يكون هو لهم كل شئ (سواء عطايا مادية أو روحية) كان الله يمطر على اليهود مناً والآن هو لنا المن السماوي نأكله فنحيا. هو لنا الندى الذي ينعش ويعزي فتكون أرواحنا كجنة = يزهر كالسوسن = هذا النبات يختفي في الأرض طوال فترة الشتاء ثم مع ندى الربيع ينمو بسرعة كبيرة ومنظره جميل. والسوسن هو المسيح أي أن التائب يعطيه المسيح نمواً سريعاً ليكون على صورته (نش1:2،2،16) ويضرب أصوله كلبنان = لا يوجد تشبيه كامل فالسوسن سريعاً ما يجف ويذبل لكن الله هنا يعود ويقول بل تكون جذور كم قوية كأشجار الأرز لا يمكن قلعها أو قطعها (عا15:9) والله يهتم بالعطايا الروحية وهي داخلية كالجذور بعيدة عن نظر الآخرين.  وستكون لهم ثمار وامتداد في كل مكان = تمتد خراعيبه أي فروعه = ويزهرون كجفنة = أي كرمة. والكرمة تمتد ثمارها وأغصانها في كل مكان أكثر من أي شجرة أخرى. ويكون بهاؤه كالزيتونة = وهي دائماً خضراء. وهكذا الكنيسة بطاعتها للمسيح دائماَ فيها حيوية ومادامت خضراء فورقها لن ينتثر. والتائب الثابت في المسيح يكون له بهاؤه أمام الله والناس والتائبين يسكب الله رائحته فيهم فتكون لهم رائحة المسيح الذكية = ولهُ رائحة كلبنان وذكرهم كخمر لبنان  والخمر رمز الفرح والمعنى أن ذكرهم يجعل من يسمع سيرتهم يفرح وهنا تم تشبيه التائب بزيتونة (رمز للإمتلاء من الروح القدس = الزيت) وبكرمة (رمز الفرح) وهي أشجار لها ثمار حلوة بل هؤلاء التائبين سيكونون كشجرة مظللة يظللون على غيرهم من المتعبين = يعود الساكنون في ظله يحيون = فهم يحملون المسيح فيهم وبهذا تكون لهم القلوب المنفتحة بالحب ليضموا تحت ظلهم كثيرين يقدمون لهم كلمة الحياة = يحيون.

 

الآيات (8،9): "يقول افرايم ما لي أيضا وللأصنام.أنا قد أجبت فألاحظه.أنا كسروة خضراء.من قبلي يوجد ثمرك. من هو حكيم حتى يفهم هذه الأمور وفهيم حتى يعرفها.فان طرق الرب مستقيمة والأبرار يسلكون فيها.وأما المنافقون فيعثرون فيها"

هنا حوار بين الله وإفرايم فإفرايم يعلن توبته = يقول أفرايم مالي وللأصنام = هذه توبة قلبية يعلن فيها الإنسان تخليه عن غباوته السابقة وتركه لخطاياه التي جَرَّت عليه الآلام فيقول مالي وهذه الخطايا التي تجلب الآلام سوف أتركها هذه لغة التائب والله يجيب = أنا قد أجبت فألاحظه = كأن الله كان مترقباً رجوعنا وملاحظاً كل ما في داخلنا منتظراً أدنى تحرك من جانبنا كي يتحرك نحونا بحبه (مثال الابن الضال) أنا كسروةٍ خضراء = شجر السرو في هذه البلاد كبير وكثيف والمعنى أن الله يقول اتركوا هذه الأصنام واتركوا خطاياكم التي جلبت عليكم الآلام وأرجعوا إلىَّ فأنا وحدي قادر أن أحميكم كسروةٍ خضراء من آلام حر وشمس ضيقات وآلام هذا العالم. الحوار هنا هو كلام الله الذي يريدنا أن نقوله.. مالنا وخطايانا. وهو واهب ثمرنا = من قبلي يوجد ثمرُكِ ولكن لا توجد ثمار بدون توبة والله يعطينا كل الوسائط لنثمر وفي آية (9) نصيحة يقدمها الله لنا جميعاً لنتعقل ونرجع وننال ثمرها من هو حكيم.. حتى يعرفها = سبق وقيل " هلك شعبي من عدم المعرفة (هو6:4) والآن فالروح القدس يعطي حكمة للتائب يفهم بها طريق الحياة ويعرف بها الله وطرق الله

 

الصفحة الرئيسية