القضاة
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
1. كلمة قاضى مأخوذة من أصل كنعانى والترجمة الدقيقة تفيد معنى قائد أو رئيس فالقضاة المذكورين فى هذا السفر ليسوا قضاة بالمفهوم العام لنا، فلم يكن عملهم القضاء وإصدار أحكام بحسب قانون معين لتحقيق العدل، وإنما رد البر وإعادته فى حياة الجماعة، والدفاع عن حقوق هذه الجماعة وتخليصها من الضيق الذى تسقط فيه.
2. ظهر هؤلاء القضاة فى الفترة ما بين موت يشوع وبدء عصر الملوك (بداية بشاول) فكانوا ذوى سلطة ولكن ليس كالملوك، فكان الحكم إلهياً. بمعنى أن الله هو الملك الخفى للشعب، والقاضى يعمل كنائب لله. وكان كل سبط له رئيسه الذى يدبر أموره الخاصة، أمّا الأمور الكبرى التى تمس الجماعة على مستوى جميع الأسباط أو بعضها معاً كمحاربة الأعداء والتخلص من نيرهم فيرجع إلى القاضى.
3. كانت فترة ظهور القضاة فترة محزنة بعد موت يشوع. فإن كان سفر يشوع قد أظهر حياة الجهاد والنصرة، نجد أنه بعد موته أن إنصرف الشعب للذات الوقتية ومشاركة الأمم عبادتهم الوثنية، وكان القاضى ليس لهُ أن يسن شرائع أو يضع أثقالاً على الشعب وإنما يحكم ويؤدب خاصة المنحرفين إلى العبادة الوثنية، ويقود المعارك ضد الأمم وكان ينظر للقاضى كمخلص يخلص الشعب من سطوة الأمم الوثنية ويكون ذلك بقيادتهم عسكرياً خلال التوبة والرجوع إلى الله مع الجهاد.
4. لم يكن للقضاة أجور من الشعب ولا حرس ولا أتباع ولا أحد يخدمهم بل كل منهم ينفق على نفسه. وكان الله هو الذى يقيم القاضى، وأحياناً يختاره الشعب.
5. سفر يشوع هو سفر الخلاص المجانى، إذ يتسلم يشوع قيادة الشعب ليدخل بهم أرض الموعد (رمزاً للمعمودية الأن) ولكن سفر القضاة يكشف عن حال غالبية المؤمنين إذ يتهاونون بعطية الله العظمى ويتراخون فى المطالبة بمواعيد الله المجانية، إذ فترت غيرة الشعب وإنصرف غالبيته إلى مشاركة الأمم الوثنية التى تركها فى وسطهم فى عبادتهم والتلذذ معهم بالخطية. ونرى فى هذا السفر أسلوب الله فى التعامل مع أولاده إذا أخطأوا "فمن يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل أبن يقبله عب 12 : 6" فالله لا يترك أولاده فى الرجاسات بل يؤدبهم. وهناك نجد الله يؤدبهم مستخدماً الأمم ذاتها كعصا تأديب قاسية، وكان متى يرجع الشعب يرسل لهم الله مخلصاً ينقذهم. إذاً هذا السفر هو سفر حياة كل مؤمن ذاق عذوبة الحياة الجديدة مع المسيح يسوع بكونها الأرض الروحية التى تفيض لبناً وعسلاً، ولكن عوض الإنطلاق فيها من قوة إلى قوة يتراخى روحياً ويرتد لحياة اللذة الجسدانية فيؤدبه الرب حتى يرده إبناً مقدساً.
6. لقد أمرهم الله بإبادة الكنعانيين لكنهم إستبقوهم فصاروا عثرة لهم ونقلوا لهم وثنيتهم ورذائلهم بل كانوا سبب إرتدادهم. وهذه الشعوب هى (شعوب ما بين النهرين والموآبين والعمونيين والكنعانيين والمديانيين والفلسطينيين) ونلاحظ أن منهم شعوباً طلب الرب إبادتها وشعوب لم يطلب منهم ذلك بل طلب بعدم مصاهرتهم أو الأختلاط بهم وبأوثانهم. فكان أن إستخدم الرب هذه الشعوب لتأديبهم وإذلالهم فالخطية عقوبتها فى نفسها. وهذه الشعوب ضايقوا شعب إسرائيل على التوالى وفرضوا عليهم جزية صعبة. ولكنهم كانوا متى صرخوا إلى الله فى ضيقهم وتابوا، كان الله يشفق عليهم ويقيم لهم قادة يعطيهم شجاعة وحكمة خاصة فينقذوهم من تلك الضيقات ويكونوا ولاة أمورهم. وكان القضاة يمارسون وظيفتهم حتى نهاية حياتهم.
7. غالباً كتب هذا السفر صموئيل النبى كما جاء فى التقليد اليهودى وقبله كثير من أباء الكنيسة. وقد كتبه بعد تأسيس النظام الملوكى (19 : 1 + 21 : 15) وقبل أن يضم داود أورشليم (1 : 21 + 2صم 5 : 6 – 8) ولذلك فقد تحدد زمن كتابته فى أيّام شاول الملك، وكان نبى ذلك الزمان هو صموئيل النبى. والأعتراض على هذه العبارة التى وردت فى 18 : 30 "إلى يوم سبى الأرض" فتصوّر البعض أن السفر كتب بعد السبى ورداً على ذلك نقول:
أ. ربما تشير هذه الآية إلى أن السبى هو المقصود به أخذ الفلسطينيين لتابوت العهد (مز 78 : 60، 61 + 1 صم 4 : 11).
ب. أضيفت هذه العبارة فى عصر لاحق للإشارة لوثنية دان. وممّا يدل ان السفر لم يكتب بعد السبى خلوه من آية كلمة كلدانية ومن المعروف أن عزرا فى أثناء تجميعه لأسفار العهد القديم كان يفعل ذلك.
8. يمكننا القول أن فترة القضاة إتسمت بالإرتداد، ولكن وُجِدت قلة من المؤمنين عبدوا الله كما يشهد بذلك وجود خيمة الإجتماع فى شيلوه (18 : 31) والاحتفال بالعيد السنوى (21 : 19) ووجود رئيس الكهنة والإهتمام بتابوت العهد (20 : 27-28) وتقديم ذبائح لله (13 : 15،16..) وممارسة الختان والنذور (14 : 3 + 15 : 18+ 11 : 30).
9. مع أن هناك بعض النواحى الإيجابية التى تشير لوجود بعض المؤمنين إلا أنها فى مجملها تظهر بصورة باهتة جداً حتى أننا لا نسمع عن اللاويين سوى مرتين إقترنوا بفضائح وظهر وجود رئيس الكهنة كمرور عابر وهذا يعبر عن:
أ. إنحدار الحالة الدينية.
ب. لإظهار شخص المسيح كقاضى وديان وليس رئيس كهنة. فالمسيح هو القاضى الحقيقى لنا.
10. المسيح حين يقوم بدوره كرئيس كهنة فهو الشفيع الكفارى ولكنه فى هذا السفر يظهر بصورة القاضى الذى يؤدب شعبه إذا أخطأ وينقذهم إذا تابوا. وفى خلاصهم بيد القاضى نرى صورة المسيح المخلص القوى الذى ينقذنا من عبودية الخطية والشيطان. ولكن إذا أخطأنا يسمح للشيطان أن يضرب الجسد لتخليص الروح (1كو 5 : 5).
11. أحداث هذا السفر تبدأ بوفاة يشوع وتنتهى بموت شمشون أو قبيل بدآية صموئيل ويصعب جداً تحديد مدة هذه الفترة من خلال السفر نفسه، لأنه لو جمعنا الفترات التى حكم فيها القضاة مع فترات الضيق أو العبودية للأمم حيث لم يكن يوجد قضاة لوجدناها 410 عاماً هذا بفرض أن القضاة جاءوا على التوالى وتحسب هكذا :
أ. العبودية لكوشان رشعتايم 8 سنين.
ب. قضاء عثنئيل 40 سنة.
ج. العبودية لعجلون 18 سنة.
د. سلام فى أيام أهود وشمجر 80 سنة.
ه. مضايقة يابين 20 سنة.
و. فترة قضاء دبورة وباراق 40 سنة.
ز. الإستعباد لمديان 7 سنوات.
ح. فترة قضاء جدعون 40 سنة.
ط. حكم أبيمالك (ليس قاضياً) 3 سنوات.
ي. فترة قضاء تولع 23 سنة.
ك. فترة قضاء يائير 22 سنة.
ل. مضايقة العمونيين لهم 18 سنة.
م. فترة قضاء يفتاح 6 سنوات.
ن. فترة قضاء إبصان 7 سنوات.
س. فترة قضاء إيلون 10 سنوات.
ع. فترة قضاء عبدون 8 سنوات.
ف. الإستعباد للفلسطينيين 40 سنة.
ص.فترة قضاء شمشون 20 سنة.
ولكن هذا هو الغالب بالتأكيد أن القضاة لم يخلفوا بعضهم الأخر بل كان يعاصر أحدهم الأخر. وكان كل قاضى مسئول عن جزء من البلاد وليس كل البلاد، أى أن سلطة القاضى كانت لا تشمل كل الأسباط. إذاً سلطة القضاة كانت محلية وليس على مستوى الشعب كله ولم يمثل القضاة حلقة متصلة كالملوك ونلاحظ أن:-
أهود ويفتاح وإيلون ويائير شرق الأردن
باراق وتولع شمال كنعان
عبدون وسط كنعان
أبصان وشمشون جنوب كنعان
ولذلك تحدد فترة القضاة بحوالى 200-300 سنة ولا يمكن تحديدها بالضبط.
12. نلاحظ يد الله الرحيمة بالرغم من خطايا شعبه ففترات التأديب والعبودية كانت (8 + 18 20+7+3+18+40 = 114 سنة). بينما فترات السلام (410-114 = 296 سنة). وكأن فترات الضيق حوالى ربع المدة كلها.
13. القضاة الأخرون الذين خارج هذا السفر هما عالى وصموئيل النبى.
14. يظهر فى السفر عمل الروح القدس بقوة، روح القوة الذى به إنتصر القضاة على الأمم وهو بذاته الروح النارى الذى يعطينا النصرة لا بعمل بشرى إنما بعمله فينا.
15. ينقسم سفر القضاة إلى 3 أجزاء :
أ. حال الشعب بعد يشوع (مقدمة السفر) ص 1-2.
ب. عصر القضاة من عثنئيل إلى شمشون = ونجد فيه ضيق الشعب بسبب خطاياهم تم نجاتهم العجيبة حين يتوبون بواسطة القضاة ص 3-16.
ج. حادثتان أثناء عصر القضاة. يدلان على مدى إنغماس شعب إسرائيل فى الوثنية وفسادهم والمصيبة التى حلّت بسبط بنيامين لأنه حمى فاعلى الشر ص17-21.
سفر يشوع يعلن ميراثنا أرض الموعد بيشوع الحقيقى وسفر القضاة يكشف عن الإلتزام بدوام الجهاد مادمنا فى الجسد حتى نستولى على كنعان كلها، أى ننعم بكمال الوعد. ونجد فى هذا الإصحاح أخبار متنوعة ففى الآيات (2-21) نرى غزو جنوب كنعان بواسطة يهوذا وفى الآيات (22-26) نرى إستيلاء سبط يوسف على بيت إيل وفى الآيات (27-36) قائمة المدن التى لم تستطع الأسباط الوسطى والشمالية طرد الكنعانيين منها. وبذلك نرى أن الله يسجل من جاهد ومن تقاعس فى إصحاح واحد ليشجعنا أن نجاهد ضد إبليس. فأمكانية هزيمة إبليس موجودة بشرط أن نجاهد ولا نتهاون.
آية (1): "وكان بعد موت يشوع أن بني إسرائيل سألوا الرب قائلين من منا يصعد إلى الكنعانيين أولا لمحاربتهم."
سألوا الرب = غالباً بالأوريم. وعلينا أن لا نبدأ أى عمل إلا بالصلاة. ومن منا يصعد.. أولاً = كنا نتوقع أن لا حرب بعد موت يشوع لكن الجهاد يجب أن يستمر بعد أن مات عنّا يسوع وقام وصعد. ومن يتغافل عن الجهاد يفقد ما حصل عليه من نعمة مات المسيح ليعطيها لهُ. ولاحظ قول بولس " أقمع جسدى.. لئلا أصير مرفوضاً " (1كو 9 : 27) وطرد الكنعانيين رمز لأعمال إبليس والله أعطانا إمكانية هذا بالحياة الجديدة المقامة فى المسيح بالمعمودية.
آية (2): "فقال الرب يهوذا يصعد هوذا قد دفعت الأرض ليده."
قال الرب يهوذا = فيهوذا هو الأقوى والأكثر عدداً. والله لم يعطهم هذه القوة والكثرة ليناموا ويتكاسلوا بل ليحاربوا (مَثَلْ الوزنات). ويهوذا هم أكثر كرامة فلابد أن يكونوا اكثر التزاماً بالقيام بواجباتهم. وإذا عرفنا أن المسيح خرج من يهوذا نفهم أن هذا يشير أيضاً إلى أن الحرب الروحية تبدأ بالمسيح الخارج من سبط يهوذا (رؤ 2 : 6).
آية (3): "فقال يهوذا لشمعون أخيه اصعد معي في قرعتي لكي نحارب الكنعانيين فاصعد أنا أيضا معك في قرعتك فذهب شمعون معه."
إصعدى معى.. فأصعد معك = هذا كرم من يهوذا لأن شمعون ضعيف ويجب أن القوى يساند الضعيف. ولكن بالمعنى الرمزى فالمسيح القوى (يهوذا) يطلب منى أنا الضعيف (شمعون) أى المستمع (من يستمع الدعوة ويستجيب) أن أحارب معهُ والمسيح خرج غالباً ولكى يغلب (المسيح وأنا = يهوذا مع شمعون).
الآيات (4-7): "فصعد يهوذا ودفع الرب الكنعانيين والفرزيين بيدهم فضربوا منهم في بازق عشرة آلاف رجل ووجدوا ادوني بازق في بازق فحاربوه وضربوا الكنعانيين والفرزيين. فهرب ادوني بازق فتبعوه وامسكوه وقطعوا أباهم يديه ورجليه. فقال ادوني بازق سبعون ملكا مقطوعة أباهم أيديهم وأرجلهم كانوا يلتقطون تحت مائدتي كما فعلت كذلك جازاني الله وأتوا به إلى أورشليم فمات هناك."
أدونى = سيد، بازق = مبرق. وهما سمتان لإبليس الذى إستطاع خداع الإنسان وإمتلكه وصار سيداً لهُ بخداعاته المبرقة الكاذبة. إبليس جعل فى الخطية ما يبرق أمام الإنسان فيخدعه ويسقطه فيذل تحت إبليس ويملك إبليس عليه. لذلك أدونى بازق هو رمز إبليس الذى أذل البشرية التى خلقها الله كملوك (70 ملكاً = رقم قد يرمز لكل البشرية التى أذلها إبليس) وكان أدونى بازق قد هزم 70 ملكاً أى رئيس قبيلة طوال مدة حروبه وقطع أباهم يديهم وأرجلهم = وكانت هذه العادة عند الفرس وبعض شعوب المنطقة ليمنعوا أعدائهم من إستعمال السيف فكأنهم عطلوهم عن الحرب. وأذلوهم = يلتقطون تحت مائدتى ويهوذا حين غلبوا أدونى بازق فعلوا فيه نفس الشىء. فكثيراً يسمح الله بأن يصيبنا الشر الذى ألحقناه بأخوتنا فنعرف أذاه ونتوب عنه وهذا ما حدث مع داود + (عو 15) وروحياً فقطع أباهم اليد يشير إلى التوقف تماماً عن العمل لحساب مملكة الله وقطع أباهم الأرجل يشير إلى توقف الحركة فى الطريق الملوكى. هكذا أذل الشيطان البشرية وعطل حركتها السماوية وجعلها أسيرة قصر لذاته تأكل كالحيوانات من الفتات الساقط من مائدة إبليس، تسلك بلا كرامة. وجاء المسيح الخارج من سبط يهوذا ومن بعده سبط شمعون أى كل المؤمنين الذين إستجابوا وسمعوا دعوته وهزموا إبليس فالمسيح أعطانا السلطان أن ندوسه (لو 10 : 19،20) بعد أن هزمه (لو 10 : 18) ولاحظ أن أدونى بازق مات فى أورشليم = أورشليم = رؤية السلام. فلا يمكن أن يحل السلام فى القلب ما لم يمت أولاً أدونى بازق، أى حين يضع نهاية لعدو الخير تحيا النفس فى سلام.
آية (8): "وحارب بنو يهوذا أورشليم وأخذوها وضربوها بحد السيف وأشعلوا المدينة بالنار."
غالباً إستولى يهوذا على أورشليم ولكن الحصن بقى فى يد اليبوسيين حتى أيام داود الذى إستولى عليه (2صم5 : 6،7). وغالباً إشعال الحريق كان فى جزء من المدينة فقد بقى بنى بنيامين ويهوذا ساكنين فيها مع اليبوسيين (راجع آية 21).
آية (9): "وبعد ذلك نزل بنو يهوذا لمحاربة الكنعانيين سكان الجبل والجنوب والسهل."
بعد ذلك نزل = فأورشليم إرتفاعها 2593 قدماً. فمن سكن أورشليم لا يستطيع إلاّ أن يظل يحارب إبليس ويقاوم أعماله. سكان الجبل = أى بيت لحم وحبرون والجبل يشير للكبرياء. والجنوب = منطقة تعرف بالنجب تتسم الجفاف والقحط وتصل إلى القفر وتشير إلى خراب العالم بسبب خطيته. والسهل= منطقة منخفضة تمتد بين الساحل وسلسلة جبال يهوذا وهى منطقة خصبة. ولكن طالما هى فى يد الكنعانيين فهى تشير لثمار الخطية وفى كل من المناطق الثلاثة يحارب أولاد الله أعمال إبليس لا يخافوا من عنف الخطية وقوة إبليس (الجبال) ولا تجذبهم ثمارها (السهول).
الآيات (10-15): "وسار يهوذا على الكنعانيين الساكنين في حبرون وكان اسم حبرون قبلا قرية أربع وضربوا شيشاي واخيمان وتلماي. و سار من هناك على سكان دبير و اسم دبير قبلا قرية سفر. فقال كالب الذي يضرب قرية سفر و ياخذها اعطيه عكسة ابنتي امراة. فاخذها عثنيئيل بن قناز اخو كالب الاصغر منه فاعطاه عكسة ابنته امراة. و كان عند دخولها انها غرته بطلب حقل من ابيها فنزلت عن الحمار فقال لها كالب ما لك. فقالت له اعطني بركة لانك اعطيتني ارض الجنوب فاعطني ينابيع ماء فاعطاها كالب الينابيع العليا و الينابيع السفلى."
قرية أربع = أربع الرجل الأعظم فى العناقيين (يش 14 : 15 + 15 : 13).
آية (16): وبنو القيني حمي موسى صعدوا من مدينة النخل مع بني يهوذا إلى برية يهوذا التي في جنوبي عراد وذهبوا وسكنوا مع الشعب."
وبنو القينى = كلمة القينى تعنى حداد فهم حدادين متجولين. وهم أبناء إخوة زوجة موسى. وقد إلتصقوا بيهوذا. من مدينة النخل = أى أريحا ولكنه لم يقل أريحا لأنها كانت قد خربت. وانطلقوا إلى برية يهوذا = فهم مثل سائر البدو لا يحبون سكنى المدن بل يفضلون البرارى وسكنوا مع شعب هذا الموضع أى عماليق واستمروا حتى طلب منهم شاول الملك أن يعتزلوا ان يبيد العمالقة. والركابيين (أر 35 : 1) هم من القينيين.
آية (17): وذهب يهوذا مع شمعون أخيه وضربوا الكنعانيين سكان صفاه وحرموها ودعوا اسم المدينة حرمة.
وحرّموها = حطموها وضربوها تماماً بسبب ما قاسوه فيها من مرارة فى حرب العمالقة (عد 14 : 45).
آية (18): واخذ يهوذا غزة وتخومها واشقلون وتخومها وعقرون وتخومها.
ولكن سرعان إسترد الفلسطينيون مدنهم هذه من يهوذا.
الآيات (19-21): "وكان الرب مع يهوذا فملك الجبل ولكن لم يطرد سكان الوادي لان لهم مركبات حديد. و اعطوا لكالب حبرون كما تكلم موسى فطرد من هناك بني عناق الثلاثة. و بنو بنيامين لم يطردوا اليبوسيين سكان اورشليم فسكن اليبوسيون مع بني بنيامين في اورشليم الى هذا اليوم."
المركبات الحديدية كانت عائقاً بسبب تكاسلهم وليس لأن الله لا يستطيع. ولقد إحتكر الفلسطينيون صناعة الحديد حتى لا ينتفع به اليهود (اصم 13 : 19-22). وكانت نصرة داود على الفلسطينيون بداية لأستخدام الحديد كسلعة عامة فى إسرائيل.
آية (22): "وصعد بيت يوسف أيضا إلى بيت إبل والرب معهم."
بيت يوسف = فى البداية يصعد يهوذا (يسوع) ومعهُ شمعون (كل من إستجاب لصوت المسيح وخرج يجاهد). والأن نجد التقدم فى الحياة الروحية إفرايم (ثمر متكاثر) ومنسى (نسيان محبة العالم) فلا جهاد بدون ثمار. ويهوذا أقتنى أورشليم (رؤية السلام) وبيت يوسف اخذ بيت إيل أى بيت الله. أى مع نمونا الروحى نصير مسكناً لله. والرب معهم = لا نستطيع ان نقتحم بيت إيل أى بيت الله إلا بالله نفسه الذى يحملنا فيه إلى بيته ويكشف لنا أسراره ويمتعنا بحياته السماوية.
آية (23): واستكشف بيت يوسف عن بيت إبل وكان اسم المدينة قبلا لوز.
يُطلب من الجاسوس إظهار المكان الضعيف فى سور المدينة وروحياً فالكنيسة ترسل رسلاًَ وخداماً للكلمة يشهدون للحق لتفتح كل قلب لحساب مملكة الله.
الآيات (24،25): "فرأى المراقبون رجلا خارجا من المدينة فقالوا له أرنا مدخل المدينة فنعمل معك معروفا. فاراهم مدخل المدينة فضربوا المدينة بحد السيف و اما الرجل و كل عشيرته فاطلقوهم."
الرجل الذى قادهم للمدينة ولم يدخل معهم يشير ويرمز للشعب اليهودى الذى أؤتمن على النبوات وأسرار كثيرة وأظهر الطريق للكنيسة لكنه لم يؤمن بالمسيح.
آية (26): "فانطلق الرجل إلى ارض الحثيين وبنى مدينة ودعا اسمها لوز وهو اسمها إلى هذا اليوم."
نجد الرجل ذهب ليعيش وسط الحثيين والوثنيين واليهود شاركوا الوثنيين عدم إيمانهم ورفضهم للمسيح. ودعا إسمها لوز = كان من عادة أهل تلك الأيام أنه إن ترك أحد مكانه وهاجر ذهب ليؤسس مدينة بنفس إسم مدينته الأولى (وهى لوز هنا).
الآيات (27-36): "ولم يطرد منسى أهل بيت شان وقراها ولا أهل تعنك وقراها ولا سكان دور وقراها ولا سكان يبلعام وقراها ولا سكان مجدو وقراها فعزم الكنعانيون على السكن في تلك الأرض. وكان لما تشدد إسرائيل انه وضع الكنعانيين تحت الجزية ولم يطردهم طردا. وافرايم لم يطرد الكنعانيين الساكنين في جازر فسكن الكنعانيون في وسطه في جازر. زبولون لم يطرد سكان قطرون ولا سكان نهلول فسكن الكنعانيون في وسطه وكانوا تحت الجزية. ولم يطرد اشير سكان عكو ولا سكان صيدون واحلب واكزيب وحلبة وأفيق ورحوب. فسكن الاشيريون في وسط الكنعانيين سكان الأرض لأنهم لم يطردوهم. ونفتالي لم يطرد سكان بيت شمس ولا سكان بيت عناه بل سكن في وسط الكنعانيين سكان الأرض فكان سكان بيت شمس وبيت عناه تحت الجزية لهم. وحصر الاموريون بني دان في الجبل لأنهم لم يدعوهم ينزلون إلى الوادي.فعزم الاموريون على السكن في جبل حارس في ايلون وفي شعلبيم وقويت يد بيت يوسف فكانوا تحت الجزية. وكان تخم الاموريين من عقبة عقربيم من سالع فصاعدا."
تُشير هذه الآيات للتهاون مع الوثنيين الكنعانيين. وتركهم من اجل الجزية يشير لمحبتهم للمال وهذا إنحراف فى القلب. ونلاحظ فى آية (34) مضايقة الأموريين لبنى دان ممّا ما تسبب فى هجرة الدانيين بعد ذلك إلى لشم أو لايش فى الشمال (ص18) عكو = عكا.
الآيات (1-5): وصعد ملاك الرب من الجلجال إلى بوكيم وقال قد أصعدتكم من مصر وأتيت بكم إلى الأرض التي أقسمت لآبائكم وقلت لا انكث عهدي معكم إلى الأبد.و انتم فلا تقطعوا عهدا مع سكان هذه الأرض اهدموا مذابحهم ولم تسمعوا لصوتي فماذا عملتم. فقلت أيضا لا اطردهم من أمامكم بل يكونون لكم مضايقين وتكون آلهتهم لكم شركا. وكان لما تكلم ملاك الرب بهذا الكلام إلى جميع بني إسرائيل أن الشعب رفعوا صوتهم وبكوا. فدعوا اسم ذلك المكان بوكيم وذبحوا هناك للرب.
بوكيم = قد تكون بيت إيل (تك 35 : 8). أو هى أى مكان إجتمعوا فيه ثم سمعوا صوت الله فبكوا ويكون المكان قد أخذ أسمه من حادثة بكائهم. ملاك الرب = غالباً هذا يعنى ظهوراً إلهياً لكلمة الله. فكلمة الله الحى هو الذى قاد الشعب إلى الجلجال وهو الذى أتى بهم إلى بوكيم. من الجلجال إلى بوكيم = الآيات هنا من (1-5) هى عتاب من الله للشعب، والله يذكرهم بعمله معهم، وذكره الجلجال هنا ليذكرهم بما حدث فى الجلجال الذى كان أول معسكر للشعب بعد عبوره الأردن حيث قال الله أنه دحرج عنهم عار العبودية (جلجال = متدحرج). والجلجال كانت مركزاً لعمليات يشوع وهذا يذكرهم بعمل الله العجيب فى إنتصاراتهم.
وفى الجلجال إختتن الشعب وهذا يذكرهم بأنهم فى عهد مقدس مع الله وأنهم ملتزمين بالحياة المقدسة. ورمز الحياة المقدسة = لا تقطعوا عهداً مع سكان هذه الأرض، إهدموا مذابحهم حتى لا يعبدوا إلهتهم الوثنية ولكنهم عصوا الله = ولم تسمعوا صوتى. ولذلك فالله يوقع عليهم تأديبات قاسية = لا أطردهم من أمامكم بل يكونون لكم مضايقين = وكان هذا دافعاً لبكائهم وتوبتهم فلا أمل فى رفع غضب الله إلا بالتوبة. وتكون عبارة من الجلجال إلى بوكيم تحمل معنى قيادة الله لهم من ذكرى عمل الله ونعمته إلى التوبة الحقيقية، هو يذكرهم بنعمته ليشكروه ويذكرهم بخطاياهم ليبكوا عليها ويتوبوا ويطلبوا رحمة الله (أنظروا حكمة الكنيسة فى وضع المزمور 50 مزمور التوبة بعد صلاة الشكر فى كل الصلوات). وهناك عدة ملاحظات على هذا النص:
1. عدم تحريم الشعب الوثنية بل مخالطتهم والتشبه بهم كان ضد وصايا الله. راجع (خر 23 : 33 + 34 : 12-16 + عد 33 : 55 + تث 7 : 2،5،16).
2. هذه الآيات، بل هذا الإصحاح فيه ملخص لفكرة سفر القضاة وفلسفته.
3. بدأ السفر بالإنتصار على أدونى بازق ليبث روح الرجاء ثم يكلمنا الأن عن الدموع والتوبة. فلا يكفى لحياتنا الروحية التهليل بإنتصار حصلنا عليه بل يحب أن نستمر فى حياة التذلل والدموع والجهاد والتوبة ونستمر فى الإنتقال من الجلجال إلى بوكيم.
4. الله لا يتغير ولكن الإنسان يتغير ولأن الشعب عوضاً عن أن يطيعوا الله ساروا فى طرق شريرة وعصوا الله، فهم عرضوا أنفسهم لتأديبات قاسية، حيث يحل بهم البكاء.وهنا فالإنسان هو الذى غيّر وضعه بالنسبة لله وترك الله وفترت محبته.
5. علينا أن لا نحسب أنفسنا أقوياء. فالشعب حسبوا أنفسهم أقوياء وعاشروا الشعوب الوثنية فسقطوا فى وثنيتهم فصاروا فى ضيق عظيم وهكذا كل من يخالف وصايا الله.
6. هم تركوا الشعوب التى قال لهم الرب أن يبيدوهم لذلك كانت عقوبتهم هى نفسها خطيتهم أى أن الرب سيترك الشعوب وسطهم لتكون شوكة فى جنبهم. فإذا لم نقاوم الشر فلا نتوقع أن الله يقاومه لنا بل علينا أن نجاهد. وكان حكم الله عليهم بترك هذه الشعوب سبب بكائهم ولكن ترك هذه الشعوب كان لهُ فوائد أخرى فالله لا ينتقم من أولاده بل يؤدبهم ويحول كل شىء لصالحهم.
أ. كان التأديب لهم ضمان لعدم إنحرافهم فيما بعد.
ب. وجود هذه الشعوب أعطاهم أن يكونوا مستعدين دائماً للحرب. إذاً لا تراخى.
ج. وجود هذه الشعوب أعطاهم أن يتعلموا فن الحرب.
د. حتى لا تخلوا الأرض للوحوش فعدد بنى إسرائيل الآن قليل والأرض واسعة وحينما يزداد عددهم يطردوا الكنعانيين تماماً.
7. الطريق للصلح مع الله ورفع التأديبات هو التوبة ببكاء " إرجعوا إلىّ أرجع إليكم " ولكن للأسف نلاحظ أن الشعب بكوا لكنهم لم يتغيروا ولم يغيروا موقفهم.
8. إقامة عهد مع سكان الأرض الوثنيين يُحسب زنا، فالله يريدنا فى عهد معه وحدهُ.
9. الله يقدس الحرية الإنسانية وإذ أقام الشعب عهد مع الوثنيين ترك لهم الوثنيون فى الأرض. ألم يطلبوا هم ذلك !! دعهم يجنون ثمار طلبهم " يعطيك الرب حسب قلبك".
10. لكن الله المحب نجده هنا يعاقب ليجذبهم للتوبة محركاً قلوبهم ليستميلها.
الآيات (6-10): وصرف يشوع الشعب فذهب بنو إسرائيل كل واحد إلى ملكه لأجل امتلاك الأرض. وعبد الشعب الرب كل أيام يشوع وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع الذين رأوا كل عمل الرب العظيم الذي عمل لإسرائيل. ومات يشوع بن نون عبد الرب ابن مئة وعشر سنين. فدفنوه في تخم ملكه في تمنة حارس في جبل افرايم شمالي جبل جاعش. وكل ذلك الجيل أيضا انضم إلى آبائه وقام بعدهم جيل أخر لم يعرف الرب ولا العمل الذي عمل لإسرائيل.
واضح أن كاتب هذه الآيات هو نفسه كاتب الآيات (يش 24 : 29-31) وهذا للربط بين سفر يشوع وسفر القضاة فهى سلسلة واحدة من أعمال الله مع شعبه. ونلاحظ هنا أن الشعب تحت قيادة يشوع أو الشيوخ الذين رأوا أعمال الرب معهم. كان الشعب يعبد الرب ولكن حينما اتى شيوخ كرؤساء على الشعب لم يروا اعمال الرب عبد الشعب البعل. وهذه صورة للكنيسة التى تسلم قيادتها للمسيح ويكون لها أباء لهم خبرة روحية وقد تلامسوا مع المسيح فتحيا هذه الكنيسة فى حياة مقدسة وتوبة مستمرة فدفنوه فى تخم ملكه = هذه الآية تكشف عن الإيمان بالقيامة وميراث الحياة الأبدية. تمنة حارس = كان أسمها قبل ذلك تمنة سارح وتلاعب الشعب باللفظ وجعلوه حارس عوضاً عن سارح فكلمة حارس معناها شمس، وهم رسموا شمساً على قبر يشوع تذكاراً لحادثة وقوف الشمس بحسب طلبه.
الآيات (11-23): "وفعل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب وعبدوا البعليم.و تركوا الرب اله آبائهم الذي أخرجهم من ارض مصر وساروا وراء إلهة أخرى من إلهة الشعوب الذين حولهم وسجدوا لها وأغاظوا الرب. تركوا الرب وعبدوا البعل وعشتاروث. فحمي غضب الرب على إسرائيل فدفعهم بايدي ناهبين نهبوهم وباعهم بيد أعدائهم حولهم ولم يقدروا بعد على الوقوف أمام أعدائهم. حيثما خرجوا كانت يد الرب عليهم للشر كما تكلم الرب وكما اقسم الرب لهم فضاق بهم الأمر جدا. وأقام الرب قضاة فخلصوهم من يد ناهبيهم. ولقضاتهم أيضا لم يسمعوا بل زنوا وراء إلهة أخرى. و سجدوا لها حادوا سريعا عن الطريق التي سار بها آباؤهم لسمع وصايا الرب لم يفعلوا هكذا. وحينما أقام الرب لهم قضاة كان الرب مع القاضي. و خلصهم من يد أعدائهم كل أيام القاضي لان الرب ندم من اجل أنينهم بسبب مضايقيهم وزاحميهم. وعند موت القاضي كانوا يرجعون ويفسدون اكثر من آبائهم بالذهاب وراء إلهة أخرى ليعبدوها ويسجدوا لها لم يكفوا عن أفعالهم وطريقهم القاسية. فحمي غضب الرب على إسرائيل وقال من اجل أن هذا الشعب قد تعدوا عهدي الذي أوصيت به إباءهم ولم يسمعوا لصوتي. فأنا أيضا لا أعود اطرد إنسانا من أمامهم من الأمم الذين تركهم يشوع عند موته. لكي امتحن بهم إسرائيل أيحفظون طريق الرب ليسلكوا بها كما حفظها آباؤهم أم لا. فترك الرب أولئك الأمم ولم يطردهم سريعا ولم يدفعهم بيد يشوع."
نجد هنا ملخصاً لكل سفر القضاة ومعاملات الله مع الشعب. فقد نسى الجيل الجديد أعمال الله مع أبائهم فإرتدوا للعبادة الوثنية لما فيها من لذات. فأغاظوا الرب الذى حمى غضبه عليهم = الله لا ينفعل ويغتاظ مثل البشر فهو محبة مطلقة، بل هو فى محبته يغير علينا ويود ان يضمنا إليه كعروس يفيض علينا من حبه، وإغاظة الله تعنى تهاوننا فى قبول حبه. وغضبه يشير لسقوطنا تحت عدله الإلهى نجنى ثمر خطايانا فيبدو الله كغاضب. ومع هذا فى محبته حين كانوا يرجعون إليه كان يرجع إليهم ويرسل لهم قضاة يخلصونهم من يد ناهبيهم. هذه هى قصة سفر القضاة بل قصة حياتنا، فنحن حين ننسى معاملات الله معنا لنسلك حسب أهوائنا نخضع لثمر شرنا فنتألم ونصرخ وحين نصرخ ينجى الله ولكننا للأسف نعود مرة أخرى وننسى الرب ونتعدى عهده.
عبادة البعل:
البعل إله كنعانى وجمع بعل هو بعليم. ومعنى كلمة بعل = سيد أو رب أو زوج. وكانت زوجة البعل الإلهة عشتاروت. هو إله الشمس وهى إلهة القمر. وكان البعل هو إله الخصب ورب المزارع والمهتم بالحيوانات. وكانت النساء يعجن لعشتاروت فطيراً (أر 7 : 18) يرسم عليه صورة القمر. وكان عابدى الوثن يحسبن البعل أباً لهم وعشتاروت أماً لهم. وكانوا يقدمون لهما من أطفالهم ذبائح ومحرقات.
وكانت تماثيل هذه الأصنام تصنع من نحاس أجوف تشعل داخله النيران حتى يحمر وتلقى الأم رضيعها على يديه فيحترق. وتضرب الطبول بشدة حتى لا تُسمع صرخات الرضيع وهو يحترق. وكان كهنة هذه الأوثان يخدعون الناس بسحرهم وشعوذتهم وكان هناك ناذرات أنفسهن للزنى فى هذه الهياكل (بل يوجد رجال مأبونون لهذا الغرض) وكان هذا الزنى جزء من طقوس العبادة. لذلك قيل أن العبادات الكنعانية لم يكن مثلها فى رجاساتها وفى قتلها للعواطف البشرية واستحقوا حكم الله عليهم.
القضاة:
إختار الله بعض الضعفاء ليخلصوا الشعب فيظهر أن القوة هى قوة الله وليست قوتهم.
1) عثنيئيل = كان الأخ الأصغر لكالب.
2) إهو بن جيرا = كان رجلاً أعسر (يستخدم يده اليسرى).
3) شمجر بن عناة = كانت كل عدته منساس بقر (أدواته الحربية).
4) دبورة = إمرأة ضعيفة.
5) باراق = طلب من دبورة المرأة الضعيفة أن تكون لها القيادة.
6) جدعون = عشيرته هى الذلّى فى منسى وهو الأصغر فى بيت أبيه وعدته الحربية أبواق وجرار.
7) يفتاح = من نسل إمرأة زانية ومضطهد ومطرود من إخوته.
8) شمشون = يستخدم لحى حمار ليقتل بها 1000 رجل.
ولاحظ أن الله يخفض جيش جدعون ليصبح 300 رجل فقط. الله يريدنا أن نعرف أن فضل القوة التى فينا هى لله لا منّا حتى لا ننتفخ وقبل السقوط الكبرياء (2كو 4 : 7).
الآيات (1-7): "فهؤلاء هم الأمم الذين تركهم الرب ليمتحن بهم إسرائيل كل الذين لم يعرفوا جميع حروب كنعان. إنما لمعرفة اجيال بني إسرائيل لتعليمهم الحرب الذين لم يعرفوها قبل فقط. أقطاب الفلسطينيين الخمسة وجميع الكنعانيين والصيدونيين والحويين سكان جبل لبنان من جبل بعل حرمون إلى مدخل حماة. كانوا لامتحان إسرائيل بهم لكي يعلم هل يسمعون وصايا الرب التي أوصى بها إباءهم عن يد موسى. فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين والاموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين. واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساء وأعطوا بناتهم لبنيهم وعبدوا آلهتهم. فعمل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب ونسوا الرب إلههم وعبدوا البعليم والسواري."
يعلن هنا عن إنحراف الشعب المتكرر وعلامة هذا زواجهم بالوثنيات وعبادة الألهة الوثنية. وهنا يبدأ بالزواج بالوثنيين أولاً قبل أن يشير لعبادة الأوثان وذلك لأن الزواج بالوثنيين يقود للعبادة الوثنية (هذا ما حدث مع سليمان الملك) ونلاحظ إهتمام إبراهيم بزواج إسحق إبنه من إمرأة تعرف الله.
ليمتحن بهم إسرائيل = هذا لا يعنى بالقطع أن الله ينتظر نتيجة هذا الإمتحان ليحكم على الشعب هل يعبد الله أم الألهة الوثنية فالكل مكشوف لله الماضى والحاضر والمستقبل ولكن كلمة يمتحن هنا معناها ان الله يكشف للشعب عن حالهم فإذا هم إنجرفوا لهذه العبادات الوثنية وسقطوا فى الضيق يعرفون سبب الضيق الذى هم فيه ألا وهو وثنيتهم فيصرخون لله والله يستجيب وينقذهم وبهذا يعرفون قوة الله. إذاً من هؤلاء الأعداء سيعرف إسرائيل هل الله معهُ أم لا، إن كان الأعداء خاضعين لهم فالله معهم وإن تقوى عليهم أعدائهم فالله قد تخلى عنهم وهم محتاجين للتوبة ليعود لهم. وبهذا يستمرون متطلعين إلى الله طالبين معونته ولا يتهاونون فى كسل. وبهذا نفهم معنى لتعليمهم الحرب = فالله لا يهتم بالتدريب العسكرى، إنما يختبر شعبه كيف يغلب وينتصر خلال الحياة التقوية والإتكال على الرب فيرون أعماله معهم لنصرتهم. وهكذا يخرج الله حتى من ضعفاتنا خيراً. وأيضاً نفهم أن كل الذين لم يعرفوا حروب كنعان انهم هم الذين أهملوا أن يعرفوا ما صنع الرب. والله إذن ترك هذه الشعوب ليتعلم الصغار الحرب، هؤلاء الذين وُلدوا بعد موت رجال الحرب. فالله يريد تعليم شعبه وليس ضررهم.
الأيات (8-11): "فحمي غضب الرب على إسرائيل فباعهم بيد كوشان رشعتايم ملك آرام النهرين فعبد بنو إسرائيل كوشان رشعتايم ثماني سنين. وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب فأقام الرب مخلصا لبني إسرائيل فخلصهم عثنيئيل بن قناز أخا كالب الأصغر. فكان عليه روح الرب وقضى لإسرائيل وخرج للحرب فدفع الرب ليده كوشان رشعتايم ملك آرام واعتزت يده على كوشان رشعتايم. واستراحت الأرض أربعين سنة ومات عثنيئيل بن قناز."
كوشان رشعتايم = كوشان = يختص بكوش، رشعتايم = (ذى الشرين) فلأن الشعب أخطأ فى شرين (الزواج بوثنيات وعبادة أوثان) أسلمهم الله لذى الشرين أرام النهرين = فى سوريا بين دجلة والفرات، أى الحرب كانت من الشمال. إذاً فالله أتى لشعبه بملك من بعيد ليؤدبهم. فعبد إسرائيل كوشان = أى أذلهم وأدبهم وصار لهم سيداً يستعبدهم. وصرخ بنو إسرائيل = هذه هى فائدة التجربة. فهم قبلاً لم يكونوا يصلوان والأن هم يصرخون. وأرسل الله لهم عثنيئيل = فكان أول قاضٍ. وأول مخلص من سبط يهوذا "كان أسداً خرج من سبط يهوذا" ليشير للمسيح. كلمة عثنيئيل = إستجابة الله أو قوة الله. فما يتحقق من خلاص لا يتم بقوة بشرية إنما هو إستجابة الرب الذى يسمع صرخات أولاده. وعثنيئيل هو الذى إستولى على قرية سفر وتزوج بعكسة إبنة كالب (يش 15 : 15-19). وسر قوة عثنيئيل = كان عليه روح الرب (2كو 4 : 7). وقرية سِفٌر تعنى كتاب. وهنا نفهم دور كلمة الله فى كتاب الله فى أنها تعطى قوة لمن يقتنيها (مز 119 : 22). إستراحت الأرض 40 سنة = يتكرر رقم 40 كثيراً وهو يشير لفترة زمنية يعطيها الله لنا، إن نجحنا فى إجتيازها يكون لنا البركة والعكس. والله يعطيهم هنا 40 سنة راحة وللأسف إرتدوا للشر فسقطوا فى عبودية عجلون.
آية (12): "وعاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب فشدد الرب عجلون ملك مواب على إسرائيل لأنهم عملوا الشر في عيني الرب."
هم ظنوا ان العدو الأول كوشان قد إنتهى وأصبحوا الأن فى أمان فبدأوا فى شرورهم ثانية ولم يفهموا أن الله لديه أدوات تأديب كثيرة. والأداة الحالية هى عجلون. وخطير إذا مّرت فى حياتنا أيام سلام وصحة وثروة فنشعر بالأمان ونخطىء فالأمان الحقيقى لا يكون إلا بالحياة فى المسيح فهو وحده ملك السلام، وكل ما عداه فهو كالسراب، شىء زائل غير مأمون ولا ضمان لإستمراره. ومعنى إسم عجلون = عجل سمين أو مثل العجول ربما إشارة لسمنته (آية 17) أو قوته الوحشية فى الحرب وغضبه القاتل وقسوته وعجلون هذا هو الذى خلف بالاق ملك موآب.
الآيات (13،14): "فجمع إليه بني عمون وعماليق وسار وضرب إسرائيل وامتلكوا مدينة النخل. فعبد بنو اسرائيل عجلون ملك مواب ثماني عشرة سنة."
نرى حلف مؤآب وبنى عمون وعماليق أعداء إسرائيل الذين لم يكن لهم سلطان على إسرائيل ولكن بسبب شرور إسرائيل صار لهم سلطان الآن عليها. وإمتلكوا مدينة النخل = هى أريحا. ولكن إذا فهمنا أن الصديق كالنخلة يزهو فتكون مدينة النخل (مز 92 : 12) هى إشارة للكنيسة التى إن تركت مسيحها وإنحرفت لتسير كالعالم يسمح الله للعالم أن يسود عليها. وأعدائها الذين كانوا يعجزون عن أن يسيطروا عليها، صار لهم الأن سلطان عليها بل أقام عجلون مقره فى مدينة النخل (وهو المقر الذى ضربه فيه أهود).
آية (15): وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب فأقام لهم الرب مخلصا أهود بن جيرا البنياميني رجلا اعسر فأرسل بنو إسرائيل بيده هدية لعجلون ملك مواب.
أهود = قد تكون إختصار ابيهود = أبى مجد أو جلال. أو تعنى متحد. ومعنى الإسم أن الله يستجيب لصراخنا إن إتحدنا به لأنه يغير على مجده. رجلاً أعسر = أى لا يجيد إستخدام يده اليمنى. (الله يحول ضعفاتنا إلى قوة لو إستلم حياتنا) هدية = علامة صداقة وود وقبول للخضوع لعجلون. وأخذ الهدية أهود ومعهُ بعض الرجال.
الآيات (16-18): " فعمل اهود لنفسه سيفا ذا حدين طوله ذراع و تقلده تحت ثيابه على فخذه اليمنى. و قدم الهدية لعجلون ملك مواب و كان عجلون رجلا سمينا جدا. وكان لما انتهى من تقديم الهدية صرف القوم حاملي الهدية."
صرف القوم = إنصرف أهود مع القوم بعد تقديم الهدية ثم عاد وحده وذلك:
1) ليحمى قومه من إنتقام عجلون لو إكتشفوا خطته.
2) يعد طريق فراره.
3) هو لا يستطيع أن ينفذ خطته فى وجود كل حراس عجلون فهو إكتسب ثقة عجلون أولاً ثم عاد ليدخلوه وحده.
آية (19): وأما هو فرجع من عند المنحوتات التي لدى الجلجال وقال لي كلام سر إليك أيها الملك فقال صه وخرج من عنده جميع الواقفين لديه.
المنحوتات = هى مقاطع الحجارة التى يأخذوا منها حجارة لأصنامهم وكانت الجلجال مركزاً لهذه الأصنام فحولها اليهود لمكان مقدس. وأهود إنصرف مع قومه ثم عاد لعجلون ثانية وأقنعه بأن هناك سراً، والملوك يهتمون بالأسرار فصرف جنده بعد أن وثق فى أهود وهو غالباً ظن أن أهود سيخون شعبه ويخبر الملك بسر مؤامرة ضده، أو كيف يملكه أجزاء أخرى فى إسرائيل لذلك أخرج الكل.
الآيات (20-23): فدخل إليه أهود وهو جالس في علية برود كانت له وحده وقال أهود عندي كلام الله إليك فقام عن الكرسي. فمد اهود يده اليسرى و اخذ السيف عن فخذه اليمنى و ضربه في بطنه. فدخل القائم ايضا وراء النصل و طبق الشحم وراء النصل لانه لم يجذب السيف من بطنه و خرج من الحتار. فخرج اهود من الرواق و اغلق ابواب العلية وراءه و اقفلها."
إلتقى إهود بعجلون على إنفراد فى علية برود = أى غرفة خاصة فى أعلى قصره يجلس فيها الملك تحت مظلة ليتبرد من الحر. كلام الله إليك = ظن عجلون أن أهود وهو راجع من عند المنحوتات أن الألهة الوثنية أرسلت رسالة لعجلون بيد أهود فقام عن الكرسى = إحتراماً للألهة الوثنية التى أوحت بالرسالة. وغالباً كان عجلون مقيماً فى مدينة النخل وأقام له مقراً مع رجاله ليتسلط منه على إسرائيل والمسافة لم تكن كبيرة بين الجلجال (حيث المنحوتات) وبين أريحا (مدينة النخل).
الآيات (24-27): "ولما خرج جاء عبيده ونظروا وإذا أبواب العلية مقفلة فقالوا انه مغط رجليه في مخدع البرود. فلبثوا حتى خجلوا و اذا هو لا يفتح ابواب العلية فاخذوا المفتاح و فتحوا و اذا سيدهم ساقط على الارض ميتا. و اما اهود فنجا اذ هم مبهوتون و عبر المنحوتات و نجا الى سعيرة. و كان عند مجيئه انه ضرب بالبوق في جبل افرايم فنزل معه بنو اسرائيل عن الجبل و هو قدامهم."
مغطٍ رجليه فى مخدع البرود = هو تعبير مهذب عن دخوله المرحاض.
الآيات (28-30): "وقال لهم اتبعوني لان الرب قد دفع أعداءكم الموابيين ليدكم فنزلوا وراءه واخذوا مخاوض الأردن إلى مواب ولم يدعوا أحدا يعبر. فضربوا من مواب في ذلك الوقت نحو عشرة الاف رجل كل نشيط و كل ذي باس و لم ينج احد. فذل الموابيون في ذلك اليوم تحت يد اسرائيل و استراحت الارض ثمانين سنة."
أخذوا مخاوض الأردن = المخاوض هى التى تعبر سيراً بالأقدام وكانت خطة إهود السيطرة على هذه المخاوض لمنع الموأبيين من الهرب عن طريقها إلى موآب، وأيضاً فهذا يمنع وصول أى نجدة من موآب لتأتى لحماية الجيش المحاصر فى إسرائيل. وبعد أن حاصروا جيش موآب فى غرب الأردن ضربوهم وقتلوهم (آية 29 10.000 رجل).
رموز إهود للمسيح:
1. فى إسمه فهو "أبى مجد" والمسيح مجّد الأب على الأرض والأب مجده (يو 17 : 1). ومعنى إسمه متحد = فهو واحد مع أبيه وهو جاء ليعطينا وحدة (يو 17 : 11، 21).
2. يظهر إهود حاملاً سيفاً ذا حدين تقلده على فخذه الأيمن ليقتل به عجلون = (مز 45 : 3) والسيف يشير لكلمة الله (عب 4 : 12). وكلمة الله سيف ذى حدين تعمل فى قلب الراعى والرعية. ومعنى حمل السيف على الفخذ، أى إشارة لتجسده يحمل وصيته (سيفه) على فخذه (جسده).
3. هدية إهود لعجلون التى أفرحته أولاً = الصليب الذى قبله المسيح فإبتهج الشيطان أولاً وهناك بعض الرجال ذهبوا مع أهود لتقديم الهدية كما حمل سمعان القيروانى الصليب مع المسيح لكن معركة الصليب كانت للمسيح وحده، كما ذهب إهود وحده ليقتل عجلون.
4. قتل إهود عجلون بعد أن قام عن كرسيه الملكى. والمسيح هزم الشيطان وحرمه من رياسته. وأفقده سلطانه (كو 2 : 15 + لو 10 : 18).
5. أغلق إهود على عجلون ولا يفتح عليه إلا عبيده وخدامه والمسيح قيّد لنا إبليس ولا يذهب لإبليس إلا كل من يريد أن يكون لهُ عبداً وخادماً. فرجوع الإنسان لإبليس لا يتحقق إلاّ بمحض إرادة الإنسان.
6. بعد أن قتل إهود عجلون قتل الشعب 10.000 رجل. وبعد هزيمة إبليس بواسطة يسوع يقوم شعب الله عبر العصور خلال جهادهم الروحى بغلبة إبليس (رؤ 6 : 2).
آية (31): وكان بعده شمجر بن عناه فضرب من الفلسطينيين ست مئة رجل بمنساس البقر وهو أيضا خلص إسرائيل.
شمجر كان عملهُ محلياً أى محصوراً فى مكان معين فقط. ولم يقم شمجر بعد موت إهود بدليل قوله فى آية (4 : 1) بعد موت إهود ولم يقل موت شمجر. فشمجر خدمته فى حياة إهود لكن فى مكان آخر. وفى أيام شمجر إعتاد الفلسطينيون أن يقطعوا الطريق على شعب الله ويضربونهم ويسرقونهم " وهذا ما قالته دبورة 5 : 6،7 " أن الطرق إستراحت. ويبدوا أن شمجر كان يحرث الأرض وفى يده منساس البقر = وهى عصا فى طرفها قطعة حديد حادة تستخدم فى رعاية البقر، وبينما هو فى عمله ظهر الفلسطينيون قطاع الطرق فأرشده الله أن يضربهم بما فى يده والله قادر أن يستخدم القليل كما الكثير. والله قادر أن يستخدمنا مهما كانت إمكانياتنا.
زى هنا أن الله يبرز دور النساء الإيجابى فالمرأة هى نصف الكنيسة وعليها دور عظيم ودبورة قامت بعمل لم يعمله الرجال، فهى التى فكرت فى خلاص شعبها من نير العبودية. وأثارت غيرة باراق الخائرة، وعنفت الرجال الذين لم يتعاونوا فى وقت الشدة. ولكننا نلمس تكامل أعضاء الكنيسة. فنحن نلاحظ أن دبورة وحدها لم تستطع أن تقوم بالعمل وحدها ولا باراق استطاع العمل وحده بل كان معهم 10.000 رجل وكانت هناك ياعيل أيضاً. فعلينا أن لا نحتقر أصغر عضو فى الكنيسة.
ونلاحظ أن دبورة كانت هى العقل لباراق وباراق كان اليد لدبورة، وهى كانت الإناء الضعيف لكن مملوء إيمان وكان باراق إناءً قوياً ولكن إيمانه أقل فإحتاج لصلواتها وإيمانها القوى ليسند إيمانه الأضعف منها.
وهذا الإصحاح يجمع بين الإنتصار على يابين ملك حاصور بواسطة زبولون ونفتالى والإنتصار على سيسرا الساكن فى حروشة الأمم بواسطة تضافر أسباط عديدة وهذا الإنتصار الأخير هو الذى أشاد به الإصحاح الخامس.
الآيات (1-3): "و عاد بنو اسرائيل يعملون الشر في عيني الرب بعد موت اهود. فباعهم الرب بيد يأبين ملك كنعان الذي ملك في حاصور ورئيس جيشه سيسرا وهو ساكن في حروشة الأمم. فصرخ بنو اسرائيل الى الرب لانه كان له تسع مئة مركبة من حديد و هو ضايق بني اسرائيل بشدة عشرين سنة."
يابين = ربما كان لقبأ لملوك كنعان كما كان فرعون لقباً لملوك مصر. وكان رئيس جيشه سيسرا ومعنى إسمه فقدان الفرح. وهذا جزاء من يترك الرب فيتركه الفرح. حروشة الأمم = أى خليط الأمم أو لفيف وهو موضع شمال فلسطين دُعِىَ هكذا نظراً لإختلاف أجناس سكانه.
آية (4): "ودبورة امراة نبية زوجة لفيدوت هي قاضية اسرائيل في ذلك الوقت."
القاضى يشير للمسيح. والقاضية دبورة تشير للكنيسة. ودبورة تعنى نحلة وهكذا قيل عن الكنيسة (نش 4 : 12). والنحلة تطير فوق مروج التعليم الكتابى وتجمع إلى مخازنها الحكمة وهكذا يتحول هذا إلى عسل فى داخلها. ولاحظ إسم رجلها لفيدوت أى مشرق كمصباح وعريس الكنيسة هو المسيح نور العالم.
آية (5): "وهي جالسة تحت نخلة دبورة بين الرامة و بيت ايل في جبل افرايم و كان بنو اسرائيل يصعدون اليها للقضاء."
نخلة دبورة = ما هذه النخلة التى دعيت بإسمها، وكانت تجلس تحتها ليصعد إليها الرجال للقضاء إلاّ خشبة الصليب (نش 2 : 3). ولاحظ أنها بين. الرامة وبيت إيل والرامة تعنى مرتفعات. وهى فى جبل إفرايم = والمعنى الروحى من يدخل بيت الله (بيت إيل) ويسكن فى السماويات أى يعيش فى المرتفعات السماوية (الرامة) تحت ظل الصليب (النخلة) يكون لهُ ثمر متكاثر (أفرايم). والمرتفعات تشير أيضاً لمن يجلس فوق هموم العالم وإغراءاته. وهناك أراء بأن باراق هو إبن أو زوج دبورة ولكنها غير مؤكدة.
الآيات (6-8): "فارسلت و دعت باراق بن ابينوعم من قادش نفتالي و قالت له الم يامر الرب اله اسرائيل اذهب و ازحف الى جبل تابور و خذ معك عشرة الاف رجل من بني نفتالي و من بني زبولون. فاجذب اليك الى نهر قيشون سيسرا رئيس جيش يابين بمركباته و جمهوره و ادفعه ليدك. فقال لها باراق ان ذهبت معي اذهب و ان لم تذهبي معي فلا اذهب."
10.000 رجل محارب = دبورة إذ تحث باراق على أن يحارب ومعه 10.000 رجل هذا يشبه دعوة الكنيسة لأولادها على الجهاد لتنفيذ الوصايا (10) ومن ينفذ الوصايا يحيا حياة سماوية (1000) وهذا معنى الرقم 10.000 الذى يشير للإنسان الحافظ الوصايا فيحيا بجهاده فى حياة سماوية.
آية (9): "فقالت اني اذهب معك غير انه لا يكون لك فخر في الطريق التي انت سائر فيها لان الرب يبيع سيسرا بيد امراة فقامت دبورة و ذهبت مع باراق الى قادش."
أرادت دبورة أن تحث باراق للخروج للحرب فأصّر أن تخرج معه فقبلت وكان كلامها يبيع سيسرا بيد إمرأة كنبوة لأن ياعيل هى التى قتلت سيسرا. وهناك رمز لطيف فيما حدث، فباراق الذى خرج يحارب ومعهُ دبورة يشير لرجال العهد القديم الذين كانوا يحاربون خلال النبوات ولكن الذى أكمل العمل والجهاد إمرأة أممية تشير للكنيسة التى جاءت من الأمم. فنبوة دبورة هى نبوة عن الكنيسة وإقامتها التى إنتصرت على قوات الشر الممثلة فى سيسرا. ولذلك لم نسمع فى بداية الإنطلاق عن ياعيل وإنما سمعنا عن باراق ودبورة فقط.
الآيات (10-13): "ودعا باراق زبولون و نفتالي الى قادش و صعد و معه عشرة الاف رجل و صعدت دبورة معه. و حابر القيني انفرد من قاين من بني حوباب حمي موسى و خيم حتى الى بلوطة في صعنايم التي عند قادش. و اخبروا سيسرا بانه قد صعد باراق بن ابينوعم الى جبل تابور. فدعا سيسرا جميع مركباته تسع مئة مركبة من حديد و جميع الشعب الذين معه من حروشة الامم الى نهر قيشون."
وهى آية إعتراضية تشرح سبب وجود حابر القينى فى هذا المكان للتعرف على ياعيل. وحابر هذا إعتزل القينيين ولكنه لم يتمتع بالميراث فى أرض الموعد رغم إيمانه بإله إسرائيل وخيّم على حدود الكنعانيين وإسرائيل (منطقة صعنايم) فتحالف مع الكنعانيين وإرتبط بصداقة إسرائيل فصار يمثل الأمميين الذين بحسب الناموس الطبيعى عرفوا الرب ولكنهم ظلوا متحالفين مع الوثنية ورجاساتها (الكنعانيين) حتى خرجت منهم ياعيل رمز الكنيسة.
آية (14): "فقالت دبورة لباراق قم لان هذا هو اليوم الذي دفع فيه الرب سيسرا ليدك الم يخرج الرب قدامك فنزل باراق من جبل تابور و وراءه عشرة الاف رجل."
قم = سر النصرة على إبليس هو القيامة مع الرب القائم من الأموات. فنزل باراق من جبل تابور هو جبل التجلى حيث تجلى المسيح مع موسى وإيليا أمام تلاميذه وقال التلاميذ جيد يارب أن نكون ههنا ننعم بالتجلى والراحة والفرح ولكن التجلى إنتهى وعاد التلاميذ للجهاد وهكذا نزل باراق للجهاد.
الآيات (15،16): "فازعج الرب سيسرا و كل المركبات و كل الجيش بحد السيف امام باراق فنزل سيسرا عن المركبة و هرب على رجليه. و تبع باراق المركبات و الجيش الى حروشة الامم و سقط كل جيش سيسرا بحد السيف لم يبق و لا واحد."
سر قوة باراق عمل الله معهُ = أزعج الله سيسرا. مع كل مركباته وجيوشه هزم باراق برجاله الـ10.000 سيسرا وجيوشه لأن الرب معهم فالله لا يحتاج للكثرة.
آية (17): "و اما سيسرا فهرب على رجليه الى خيمة ياعيل امراة حابر القيني لانه كان صلح بين يابين ملك حاصور و بيت حابر القيني."
ترك سيسرا مركبته فالمركبات هى موضع تركيز العدو. وبحث عن مخبأ وهو مختفى.
آية (18): "فخرجت ياعيل لاستقبال سيسرا و قالت له مل يا سيدي مل الي لا تخف فمال اليها الى الخيمة و غطته باللحاف."
هو لجأ لخيمة ياعيل إذ لا حرب بين القينيين وبين يابين وسيسرا ولكن كان القينيين متعاطفين مع الإسرائيليين ويحبون إلههم يهوة ويعبدونه من أيام موسى. وسبب آخر للجوء سيسرا لخيمة إمرأة أن الرجال لا يدخلون خيام النساء، فلن يبحث أحد عنه وهو فى خيمة إمرأة وبذلك يصير فى مأمن. ولأن دبورة مدحت ياعيل نفهم أن روح الله هو الذى أرشد ياعيل لقتل سيسرا وتكون ياعيل قد أنهت حياة هذا الطاغية تنفيذاً لمشيئة إلهية وليس بدافع إنتقام شخصى.
آية (19): "فقال لها اسقيني قليل ماء لاني قد عطشت ففتحت وطب اللبن و اسقته ثم غطته."
هو لبن مخثر وهذا لهُ تأثير مخدر. وطب اللبن = هو إناء جلد يوضع به اللبن وإذا كان اللبن يشير لتعاليم الإيمان التى تروى نفس المؤمن وتسكرها بحب الله، هى نفسها هذه التعاليم تكون قاتلة لإبليس ومهلكة لهُ. فالكنيسة تغلب عدوها لا بأسلحة عالمية بل بإيمانها وتعاليمها (2كو 10 : 4،5). وهناك تأمل روحى آخر:-
فالخيمة تشير للجسد (2كو 5 : 1) وجسدنا إستضاف إبليس فترة بقبولنا للشهوات ولكن بقبولنا تعاليم الإيمان نقتله ونصلب شهواتنا وأهوائنا (الوتد رمز الصليب).
الآيات (20-24): " فقال لها قفي بباب الخيمة و يكون اذا جاء احد و سالك اهنا رجل انك تقولين لا. فاخذت ياعيل امراة حابر وتد الخيمة و جعلت الميتدة في يدها و قارت اليه و ضربت الوتد في صدغه فنفذ الى الارض و هو متثقل في النوم و متعب فمات. و اذا بباراق يطارد سيسرا فخرجت ياعيل لاستقباله و قالت له تعال فاريك الرجل الذي انت طالبه فجاء اليها و اذا سيسرا ساقط ميتا و الوتد في صدغه. فاذل الله في ذلك اليوم يابين ملك كنعان امام بني اسرائيل. و اخذت يد بني اسرائيل تتزايد و تقسو على يابين ملك كنعان حتى قرضوا يابين ملك كنعان."
كان تثبيت الأوتاد هو عمل النساء فى ذلك الوقت. والأوتاد خشبية لذلك الوتد يرمز للصليب وهو فى يد ياعيل تقتل به سيسرا. هو الصليب الذى به أصلب شهواتى وأهوائى فيموت إبليس داخل خيمتى. وقارت = تمشت نحوه على أطراف أصابعها. ولنرى أن من أزعج شعب الله بمركبات حديدية يموت بوتد. فى قصة أمنا حواء تسلل إبليس بشهوة الطعام إليها فقتلها مع رجلها والأن فى قصة ياعيل هى تقدم طعاماً لسيسرا لتقتله فتنقذ الكل منه.
تسبحة دبورة = نشيد الغلبة. مكتوب بأسلوب شعرى رائع وهى تسبحة الإنسان المجاهد الذى يكون كدبورة أى نحلة نشيطة يترنم بها أثناء جهاده الروحى وينقسم النشيد إلى 3 أقسام كل منها 9 أعداد (3-11، 13-21، 22-30) أمّا العددان 1، 2 فهما مقدمة للتسبحة والعدد 12 مقدمة للقسم الثانى والعدد 31 خاتمة للتسبحة.
آية (1): "فترنمت دبورة وباراق بن ابينوعم في ذلك اليوم قائلين."
فترنمت = عند الضيق نصرخ لله ولكن عند الفرح نادراً ما يُرْجَعْ لله بالشكر والتسبيح (قصة العشرة البرص لو 17 : 13) وأهمية التسبيح أن لاننشغل بعطايا المسيح وبركاته عن المسيح واهب العطية. ونلاحظ هنا أن دبورة قادت عمل التسبيح وباراق قاد الجيش. كما قاد موسى الشعب وقادت مريم التسبيح (خر 15 :1).
آية (2): "لأجل قيادة القواد في إسرائيل لأجل انتداب الشعب باركوا الرب."
لأجل قيادة القواد = فالله هو الذى يقود قادة شعبه. فالله هو واهب النصرة ولكن التسبحة تشيد بالقادة أيضاً الذين جاهدوا. لأجل إنتداب الشعب = أى لقبولهم العمل والحرب تطوعاً، فالشعب أيضاً جاهد مع القادة. العمل جماعى بقيادة الله.باركو الرب = لا تلهيكم إنتصاراتكم عن أن تسبحوا الرب وتشكروه.
آية (3): "اسمعوا أيها الملوك وأصغوا أيها العظماء أنا أنا للرب أترنم أزمر للرب اله إسرائيل."
إسرائيل لم يكن لهم ملك. إذاً الدعوة هنا موجهة لملوك الأمم الوثنية لتتأمل أعمال الله الحى ويؤمنوا. أنا أنا = تكرار أنا يشير لأن دبورة تتكلم بلسان كنيستى العهدين القديم والجديد اللتين تشعران بضعفهما والقوة التى فيهما منسوبة لله حاميها.
آية (4): "يا رب بخروجك من سعير بصعودك من صحراء أدوم الأرض ارتعدت السماوات أيضا قطرت كذلك السحب قطرت ماء."
هى تعود بذاكرتها لمعاملات الله مع شعبه الخارج من مصر، فالله الذى خلّص أبائهم هو نفسه الذى رافقهم ضد سيسرا. وهى هنا تقصد أن تصور الرب وسط السحابة وهو يقود شعبه فى سيناء فكان الله هو هو أمس واليوم صانع عجائب ليحمى شعبه. بخروجك.. بصعودك = الله يخرج ويصعد مع شعبه. فهو فى وسطهم لا يفارقهم، هو غير منعزل عنهم. سعير = شعر. فالله يخرجنا من الفكر الجسدانى. أدوم = أرض أو دم وسعير وأدوم اسمان لعيسو. فالله يصعد بنا فوق مستوى الأرض لنعيش بفكر سماوى. الأرض أرتعدت= الخشية التى حلت بالأمم. والأرض تشير للجسد وإذ يعمل الله فيه يخشى الله ويخضع لروح الرب ولا يسلك فى شهواته. السموات قطرت الأرض الوثنية ترتعد لكن أولاد الله يكونون كسموات تقطر ندى بعمل الروح القدس وإن الجسد يشير لهُ الأرض التى ترتعد فالروح تشير لها السموات التى تقدم مطر مفرح.
آية (5): "تزلزلت الجبال من وجه الرب وسيناء هذا من وجه الرب اله إسرائيل."
قارن مع (أش 64 : 3). والجبال تزلزلت يوم إعطاء الشريعة. وبعد أن عرضت دبورة أعمال الله مع الأباء فى البرية عادت لتصف حالهم أيامها وحاجتهم إلى عمل الله.
الآيات (6-7): "في أيام شمجر بن عناه في أيام ياعيل استراحت الطرق وعابرو السبل ساروا في مسالك معوجة. خذل الحكام في إسرائيل خذلوا حتى قمت أنا دبورة قمت أما في إسرائيل."
تقدم لنا دبورة صورة مرة لمضايقات الكنعانيين لهم فقد أغلقوا عليهم الطرق الرئيسية فإضطروا أن يسلكوا طرق فرعية معوجة وخطيرة = ساروا فى مسالك معوجة. فلا أمان فى الطرق ولا تجارة ولا مسافرين فالعدو واللصوص فى كل مكان وإستراحت الطرق = أى لا مسافرين عليها من الخوف. وعدو الخير دائماً يحاول أن يغلق الطرق الإلهية عن المؤمنين بقطع الرجاء، والإغراءات بالشر ليدخل الإنسان فى طرق ملتوية. فى أيام ياعيل = هى تشهد لياعيل أن قلبها كان مستقيماً أمام الله وسط هذه الضيقات مثل شمجر. والحكام لم يكونوا قادرين على عمل شىء لينقذوا شعب الرب = خُذِلَ الحكام. بل حتى أحسنهم وهو باراق لم يستطع عمل شىء حتى قمت أنا دبورة ظل هذا الحال والضيق إلى وقت قيام الكنيسة التى أعلنت أمومتها فى الرب وقامت بدور التعليم = قُمت أماً فى إسرائيل = لا يمكن التحرر من مرارة الكنعانيين (إبليس) إلاّ بقيام دبورة (الكنيسة) أماً. فنحن نولد من الماء (الكنيسة) والروح.
آية (8): "اختار إلهة حديثة حينئذ حرب الأبواب هل كان يرى مجن أو رمح في أربعين ألفا من إسرائيل."
إختار آلهة حديثة = شعب إسرائيل الذى ترك عبادة الرب وعبد أوثان لذلك تركهم الرب ووصلت الحرب للأبواب = حينئذ حرب الأبواب = فالله هو سورّ لنا (زك 2 : 5) فإن تخلى عنا يصل الأعداء إلى الأبواب. وإذا تركنا نصير حتى بلا سلاح هل كان يُرى مجن أو رمح = فالفلسطينيون حرموهم من حمل السلاح أو تصنيعه لمدة 20 سنة (1صم 13 : 19). أيام شاول الملك وغالباً فنفس المشكلة كانت تتكرر من الكنعانيين وغيرهم. ونلاحظ قوله حرب الأبواب = فالأبواب التى يجلس فيها قضاة الشعب وشيوخه صارت مكان حرب. إذا تخلى الرب عن شعبه يتحول السلام لدماء.
آية (9): "قلبي نحو قضاة إسرائيل المنتدبين في الشعب باركوا الرب."
لكن الله لا يتخلى للأبد عن شعبه فيرسل لهم قضاة. فليسبحه شعبه = باركوا الرب.
آية (10): "أيها الراكبون الأتن الصحر الجالسون على طنافس والسالكون في الطريق سبحوا."
الراكبون الأتن الصحر = العظماء يركبون الأتن القادمة من الصحراء وهى نوع نادر من الأتن. الجالسون على طنافس = رجال القضاء والسالكون فى الطريق = أى بقية الشعب الفقراء والعامة السائرين على أقدامهم. فليسبح الجميع الرب.
آية (11): "من صوت المحاصين بين الأحواض هناك يثنون على حق الرب حق حكامه في إسرائيل حينئذ نزل شعب الرب إلى الأبواب."
المحاصين = هناك من فسرها على أنها رماة السهام وهناك من فسرها أنها تعنى الذين يقتسمون الغنائم. إذاً هم رجال إسرائيل الذين حاربوا وانتصروا بمعونة الرب وجاءوا إلى أحواض الماء يقتسمون غنائمهم=بين الأحواض وأحواض الماء هي أخطر مكان لأن اللصوص يكمنون هناك للناس. ولكن الآن لأن هناك سلام فالكل عند أحواض الماء يسبحون الله على عمله. حينئذ نزل شعب الرب إلى الأبواب= نزلوا في أمان بلا خوف فلا حرب عند الأبواب بل شعب منتصر يقسم غنائم.
آيه (12): "استيقظي استيقظي يا دبورة استيقظي استيقظي وتكلمي بنشيد قم يا باراق واسب سبيك يا ابن ابينوعم."
هذه الآية مقدمة الجزء الثاني الذي يعلن عمل الله الخلاصى خلال دبورة وباراق كرمز لخلاص المسيح لكنيسته استيقظي= تكررت 4 مرات لأن المسيح خلص الكنيسة في كل أنحاء العالم لتستيقظ الشعوب الوثنية من نومها مع مسيحها القائم من الأموات وإسب سبيك= باراق قاد المعركة وصارت له غنائم كثيرة وهكذا المسيح الذي حرر البشرية وخلصنا نحن الذين كان الشيطان قد سبانا تحت نير الخطية "صعدت إلى العلاء،سبيت سبياً مز18:68. فالمسيح بعد فدائه وصعوده حررنا من سبي الخطية وصرنا في المسيح يسوع أبناء الله يسبينا حبه المفرح وصرنا غنائم محبته الفائقة.
الآية (13): "حينئذ تسلط الشارد على عظماء الشعب الرب سلطني على الجبابرة."
الشارد= هو الهارب والطريد،هؤلاء الذين تشردوا من شعب إسرائيل بسبب ظلم الكنعانيين الآن بواسطة عمل دبورة يتسلطون على عظماء الكنعانيين الرب سلطني= صارت قائدة للأسباط في المعركة. وهي ذكرت الأسباط التي سارت ورائها ولم تذكر بينها يهوذا وشمعون اللذان كانوا مشغولين بحرب الفلسطنيين.
آية (14): "جاء من افرايم الذين مقرهم بين عماليق وبعدك بنيامين مع قومك من ماكير نزل قضاة ومن زبولون ماسكون بقضيب القائد."
الذين مقرهم بين عماليق= أرض إفرايم كانت كحصن منيع ضد عماليق المحيط بها. وبعدك بنيامين مع قومك = حينما خرج إفرايم للحرب خرج ورائه بنيامين أيضاً من ماكير نزل قضاة = ماكير هو سبط منسي وهؤلاء خرج منهم قادة للجيش. وهكذا مع سبط زبولون خرج منهم قادة = ما سكون قضيب القائد.
آية (15): "والرؤساء في يساكر مع دبورة وكما يساكر هكذا باراق اندفع إلى الوادي وراءه على مساقي راوبين اقضية قلب عظيمة."
وهنا تمدح رؤساء يساكر الذين خرجوا بأنفسهم معها إلى ساحة القتال ولم يكتفوا بإرسال رجالهم وشعبهم ولكي تمدح شجاعتهم شبهتهم بباراق= وكما يساكر هكذا باراق. لقد اندفع يساكر مع باراق إلى الوادي ضد مشاة الأعداء ومركباتهم على مساقي رأوبين أقضية قلب عظيمة= دبورة تعطي كل سبط حقه فإفرايم خرج أولاً وورائه بنيامين.. وهكذا لكنها هنا تلوم رأوبين بشدة لأنه لم يحارب.
آية (16): "لماذا أقمت بين الحظائر لسمع الصفير للقطعان لدى مساقي راوبين مباحث قلب عظيمة."
رأوبين عوضاً عن أن يذهب ليحارب مع أخوته اعتذر بعذر تافه أنه مشغول بمواشيه،وهنا نجد سخرية شديدة من امرأة خاضت القتال ضد العدو بينما رجال رأوبين الذين أخذوا يتباحثون هل يذهبوا إلى الحرب أم يستمروا في رعاية قطعانهم=مباحث قلب عظيمة وقولها عظيمة هو سخرية منهم بمرارة لأن نتيجة المباحثات كانت عدم الذهاب للحرب بل الجلوس لدي المساقي لرعاية الغنم. ودبورة تتعجب على قلوب هؤلاء الرجال المتخاذلون= أقضيه قلب عظيمة = لقد قضي قلبهم المتخاذل أن يتخلوا عن أخوتهم ليسمعوا صفير الرعاة لأغنامهم عوضاً عن سماع صوت بوق القتال. هذا السبط في اعتذاره يماثل عند عروس النشيد"غسلت رجلي فكيف أوسخهما نس 3:5. هي أعذار واهية لكل نفس ارتبطت بمحبة العالم ولا تريد أن تجاهد ضد شهوة الجسد وضد الخطية.
آية (17): "جلعاد في عبر الأردن سكن ودان لماذا استوطن لدى السفن واشير أقام على ساحل البحر وفي فرضه سكن."
هنا توبيخ لبقية الأسباط التي رفضت الحرب. جلعاد في عبر الأردن سكن= جلعاد يمثل النفس التي لا تريد عبور الأردن أي لا تريد الموت مع المسيح وتختار الطريق الواسع. ودان اعتذر لأنه يهتم بسفنه. وأشير في فُرضِهِ سكن فرضه أي الخلجان على الشواطئ. أشير يمثل الذي خنقته قلاقل العالم واضطراباته فالبحر يمثل العالم المضطرب. أما سبط دان فيقول الأباء أنه يمثل الهراطقه إذ يخرج منهم ضد المسيح واهتمامه بسفنه لأنهم أي الهراطقة ينشرون هرطقاتهم في العالم.
آية (18): "زبولون شعب أهان نفسه إلى الموت مع نفتالي على روابي الحقل."
زبولون أهان نفسه إلى الموت= أي خاطر بنفسه حتى الموت لشجاعته.وسبطا زبولون ونفتالي خرجاً وراء باراق وكان منهم قادة. على روابي الحقل= الرابية مكان مرتفع. وهي شجاعة أن يحارب أحد علي رابية فيراه العدو واضحاً.
آية (19): "جاء ملوك حاربوا حينئذ حارب ملوك كنعان في تعنك على مياه مجدو بضع فضة لم يأخذوا."
هي تتحدث هنا عن الملوك الذين أزروا ملك كنعان، فقد جاءوا إلى تعنك وهى مدينة تبعد 5 أميال جنوب شرق مجدو. وكانت تعنك تابعة ليساكر ثم صارت لمنسى. وكانت المعركة فى تعنك بجوار مياه مجدو. ولكن العدو لم يغنم أى فضة.
الآيات (20-21): "من السماوات حاربوا الكواكب من حبكها حاربت سيسرا. نهر قيشون جرفهم نهر وقائع نهر قيشون دوسي يا نفسي بعز."
لماذا لم يغنم الأعداء أى فضة ؟ لأنهم فوجئوا بأن السموات نفسها تحاربهم، فهؤلاء الذين يعادون الله تعاديهم الطبيعة نفسها فهى خليقة الله. فالسموات ثارت ضدهم بظروف طبيعية قاسية حتى بدت كواكبها كجنود تحاربهم. الكواكب من حبكها = أى من مداراتها (طرق مساراتها). وبعد ذلك توضح ما فعلته الطبيعة. نهر قيشون جرفهم = لقد تفجرت السموات بالسحب ثم السيول التى جعلت نهر قيشون يفيض ويغمر ويجرف الأعداء أحيائهم مع قتلاهم. نهر وقائع = أى النهر الذى من قديم. ودبورة هنا تكشف أن الطبيعة لعبت دوراً هاماً فى المعركة وأيد هذا يوسيفوس. وحين يرجع الإنسان لله بالتوبة تعطيه السماء معونة فالسمائيين من ملائكة وشهداء وقديسين (كنجوم) تحارب معهُ. ونبع الروح القدس يمطر عليه ليجرف الخطية حينئذ تقول النفس "دوسى يا نفس بعز" إبليس وأعماله.
آية (22): "حينئذ ضربت أعقاب الخيل من السوق سوق أقويائه."
هنا تكشف دبورة فى الجزء الثالث ضعف سيسرا كرمز لضعف إبليس. وهذه الآية تشير لأن سيسرا حين أدرك هزيمته ضرب الخيل بشدة للهرب = ضربت أعقاب الخيل فكانت الخيل تضرب الأرض بحوافرها من القيادة الجنونية لقادة سيسرا = من السوق سوق أقويائه = السوق أى قيادة الخيل. والخيل يشير للقوة البشرية ولكن هل القوة البشرية تنجى، القوة البشرية تعجز عن أن تخلص.
آية (23): "العنوا ميروز قال ملاك الرب العنوا ساكنيها لعنا لأنهم لم يأتوا لمعونة الرب معونة الرب بين الجبابرة."
حلّت اللعنة بميروز بكل سكانها لأنها إتخذت موقفاً سلبياً فإذ رأت سيسرا هارباً لم تحاول أن تمسكه، ويبدو أن ميروز هذه كانت مدينة كبيرة ولم يعدلها أثر بعد هذه اللعنة. فهى خانت العهد بما أوكل إليها من مهام فى المعركة ولم تساعد شعب الرب.
الآيات (24،25): "تبارك على النساء ياعيل امرأة حابر القيني على النساء في الخيام تبارك. طلب ماء فاعطته لبنا في قصعة العظماء قدمت زبدة."
عكس ما حدث لميروز. فنجد هنا البركة لياعيل التى تمثل النفس الشجاعة المجاهدة.
آية (26،27): "مدت يدها إلى الوتد ويمينها إلى مضراب العملة وضربت سيسرا وسحقت رأسه شدخت وخرقت صدغه. بين رجليها انطرح سقط اضطجع بين رجليها انطرح سقط حيث انطرح فهناك سقط مقتولا."
مضراب العملة = العَمَلَةْ أى الصناع ومضراب العملة أى القادوم الذى به يضرب الوتد. وهى صورة لإبليس الساقط بواسطة الصليب منسحقاً بلا سلطان.
آية (28): "من الكوة أشرفت وولولت أم سيسرا من الشباك لماذا ابطات مركباته عن المجيء لماذا تأخرت خطوات مراكبه."
أم سيسرا التى توقعت عودته منتصراً مع غنائم كثيرة، الأن تولول لطول مدة غيابه.
آية (29): "فأجابتها احكم سيداتها بل هي ردت جوابا لنفسها."
إحدى نساء القصر تطمئنها بأنه يقتسم نساء وغنائم إسرائيل والثياب الثمينة المطرزة.
آية (30): "ألم يجدوا ويقسموا الغنيمة فتاة أو فتاتين لكل رجل غنيمة ثياب مصبوغة لسيسرا غنيمة ثياب مصبوغة مطرزة ثياب مصبوغة مطرزة الوجهين غنيمة لعنقي."
الثياب المطرزة من الوجهين هى أثمن الثياب. ولكن للأسف كانت ثياب سيسرا مطرزة الأن بدمائه. لعنقى = كانوا يزينون أعناقهم بغنائمهم.
آية (31): "هكذا يبيد جميع أعدائك يا رب وأحباؤه كخروج الشمس في جبروتها واستراحت الأرض أربعين سنة."
أحباء الله أى شعبه بعد أن حطّم أعدائه كانوا نوراً والكنيسة تشرق كشمس فى جبروتها أى فى وسط النهار والشمس فى قوتها. وهذه الكنيسة تكون فى الراحة = استراحت الأرض.
نجد هنا صورة متكررة لقد أراح الله الأرض 40 سنة فعوضاً عن أن يشكروا الرب على إحساناته نسوا الله وعاشوا فى الخطية، وهى صورة متكررة فى سفر القضاة وفى حياة كل منّا. وهنا تركهم الرب للمديانيين، ليس مديانيين الجنوب حيث عاش يثرون حمو موسى بل مديانيين الشرق الذين كانوا قد إتحدوا مع موآب فى موضوع بلعام وكان هؤلاء أشرار مملوئين عنفاً، وكانوا أول من أستخدم الجمال المدجنة على نطاق واسع ممّا جعل الإغارة من مكان قصى أمراً سهلاً عليهم. وقد إتفقوا مع العمالقة وبنى المشرق (قبائل من عرب البادية) على مضايقة الإسرائليين فهرب منهم الإسرائيليون إلى كهوف الجبال، وكلما زرع الإسرائيليون أتلفوا حقولهم وإستولوا على محصولاتهم وسلبوا حيواناتهم حتى لم يتركوا لهم القوت الضرورى للحياة.
الآيات (1-6): "عمل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب فدفعهم الرب ليد مديان سبع سنين. فاعتزت يد مديان على إسرائيل بسبب المديانيين عمل بنو إسرائيل لأنفسهم الكهوف التي في الجبال والمغاير والحصون. وإذا زرع إسرائيل كان يصعد المديانيون والعمالقة وبنو المشرق يصعدون عليهم. وينزلون عليهم ويتلفون غلة الأرض إلى مجيئك إلى غزة ولا يتركون لإسرائيل قوت الحياة ولا غنما ولا بقرا ولا حميرا. لأنهم كانوا يصعدون بمواشيهم وخيامهم ويجيئون كالجراد في الكثرة وليس لهم ولجمالهم عدد ودخلوا الأرض لكي يخربوها. فذل إسرائيل جدا من قبل المديانيين وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب."
إلى مجيئك إلى غزة =أى من الأردن إلى غزة أى بكل عرض البلاد.
الآيات (7-10): "وكان لما صرخ بنو إسرائيل إلى الرب بسبب المديانيين. أن الرب أرسل رجلا نبيا إلى بني إسرائيل فقال لهم هكذا قال الرب اله إسرائيل أنى قد أصعدتكم من مصر وأخرجتكم من بيت العبودية.و أنقذتكم من يد المصريين ومن يد جميع مضايقيكم وطردتهم من أمامكم وأعطيتكم أرضهم. وقلت لكم أنا الرب إلهكم لا تخافوا إلهة الاموريين الذين انتم ساكنون أرضهم ولم تسمعوا لصوتي."
الله يرسل لهم نبياً يكشف لهم سبب تسلط مديان عليهم ألا وهو الخطية. وهذا النبى حدثهم عن محبة الله ليجذبهم للتوبة فلا خلاص سوى بالتوبة. وهكذا جاء يوحنا المعمدان قبل المسيح لينادى بالتوبة.
الآيات (12،11): "وأتى ملاك الرب وجلس تحت البطمة التي في عفره التي ليواش الابيعزري وابنه جدعون كان يخبط حنطة في المعصرة لكي يهربها من المديانيين. فظهر له ملاك الرب وقال له الرب معك يا جبار إلباس."
ملاك الرب = هو أحد ظهورات المسيح قبل التجسد. ودليل هذا قوله أما أرسلتك (14) وإنى أكون معك (16). ولاحظ جلوس الملاك تحت البطمة = والبطمة شجرة لأن خلاص جدعون رمز لخلاص المسيح بصليبه الخشبى. عفرة =قرية لمنسى غرب الأردن ابيعزر =هو إبن جلعاد إبن ماكير إبن منسى. يخبط حنطة فى المعصرة = كان يضرب الحنطة بالعصا لينتزع عنها الحبوب فهو أولاً فقد أدوات الدرس بسبب هجمات العدو وثانياً كان يعمل هذا فى المعصرة حيث لا يتصور المديانيين أن هناك حنطة تدرس فى المعصرة وإلاّ أتوا وأخذوها. فهو كان مختبئاً عن عيونهم. وعموماً الضرب بالعصا يستخدم مع الكميات القليلة خصوصاً للفقراء الذين ليس لهم ماشية ولا أدوات للدرس. وكانت السنابل التى يخبطها جدعون هى الباقية بعد النهب ومعنى إسم جدعون = مصارع. وإذا كان جدعون يرمز للمسيح فالمسيح يصنع هذا أيضاً فهو يفصل الحنطة (أولاد الله) عن التبن (أولاد العالم) ليقدم أولاد الله للأب. وهو صنع هذا بصليبه(كما كان جدعون يخبط الحنطة بعصا). الرب معك يا جبّار البأس يبدو أن جدعون كان معروفاً بشجاعته. والله يستخدم الأقوياء كما الضعفاء ونلاحظ أن جدعون كان من أصغر عشيرة فى منسى رمزاً للمسيح جبار البأس الذى صار عبداً.
آية (13): "فقال له جدعون أسألك يا سيدي إذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه وأين كل عجائبه التي اخبرنا بها آباؤنا قائلين ألم يصعدنا الرب من مصر والآن قد رفضنا الرب وجعلنا في كف مديان."
نلاحظ هنا إهتمام جدعون بشعبه وغيرته عليهم، فالله يختار خدامه ممن كانت قلوبهم ملتهبة حباً لإخوتهم (هكذا كان موسى ويشوع وداود وأرمياء الباكى على شعبه) وكلمات جدعون لا تحمل معنى الشك فى مواعيد الله إنما العتاب بدالة المحبة يطلب المراحم لإخوته. مثل هذا يرسله الله لينقذ شعبه فالرب يفرح بقلب مثل هذا.
آية (14): "فالتفت إليه الرب وقال اذهب بقوتك هذه وخلص إسرائيل من كف مديان أما أرسلتك."
الله يرسله. بقوتك هذه = أى بغيرتك المقدسة.
الآيات (16،15): "فقال له أسألك يا سيدي بماذا اخلص إسرائيل ها عشيرتي هي الذلى في منسى وأنا الأصغر في بيت أبى. فقال له الرب أنى أكون معك وستضرب المديانيين كرجل واحد."
جدعون المملوء غيرة لا يعتذر عن العمل بل يقبل لكن يسأل كيف يخلص وهو الأصغر. ويرد الله إنى أكون معك. وهذا منهج روحى كامل يشعر أى خادم بأنه لا شئ وأنه الأصغر ولكن الله معهُ يقدر أن يغلب.
الآيات (17-24): "فقال له أن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فاصنع لي علامة انك أنت تكلمني. لا تبرح من ههنا حتى أتى إليك واخرج تقدمت وأضعها أمامك فقال أنى أبقى حتى ترجع. فدخل جدعون وعمل جدي معزى وايفة دقيق فطيرا أما اللحم فوضعه في سل وأما المرق فوضعه في قدر وخرج بها إليه إلى تحت البطمة وقدمها. فقال له ملاك الله خذ اللحم والفطير وضعهما على تلك الصخرة واسكب المرق ففعل كذلك. فمد ملاك الرب طرف العكاز الذي بيده ومس اللحم والفطير فصعدت نار من الصخرة وأكلت اللحم والفطير وذهب ملاك الرب عن عينيه. فرأى جدعون انه ملاك الرب فقال جدعون أه يا سيدي الرب لاني قد رأيت ملاك الرب وجها لوجه. فقال له الرب السلام لك لا تخف لا تموت.فبنى جدعون هناك مذبحا للرب ودعاه يهوه شلوم إلى هذا اليوم لم يزل في عفره الابيعزريين."
استكثر جدعون على نفسه أن يكلمه الله بل يرسله كقاض للشعب فيطلب علامة حتى لا يظن أن ما يحدث كان حلماً أو خيالاً. وغالباً تصوَّر جدعون فى أول الأمر أن إنساناً عادياً يكلمه فهو مسافر معه عكاز، وهذا الشخص العادى كان يدفعه للقتال ليخلص شعبه ثم مع مرور الوقت ظهر أن هذا الشخص يتكلم بسلطان "أنا معك.. أنا أرسلك" فبدأ يشك هل ما يراه حقيقة أم خيال وهل من يكلمه هو الله لذلك أراد أن يقدم لهُ ما يقدم لله بحسب الشريعة (ذبيحة وفطير) فلو قبله يكون هو الله وعلامة قبول الله نزول نار من السماء لتقبل التقدمة، أمّا لو أكل المسافر الطعام بطريقة عادية لكان شخصاً عادياً. وكانت الصخرة هنا تقوم بدور المذبح. وجدى المعزى يشير للخطية التى قُدِّم بسببها المسيح ذبيحة خطية بصليبه أى العكاز فخرجت نار الروح القدس لتحرق خطايانا، فهو روح الإحراق. وبعد إختفاء الملاك تأكد جدعون أنه الرب فخاف فطمأنه الله، وأمام هذا الحب أقام جدعون مذبحاً لله الذى وهبه السلام يهوة شلوم = الله سلام (يو 14 : 27).
الآيات (25-32): "وكان في تلك الليلة أن الرب قال له خذ ثور البقر الذي لأبيك وثورا ثانيا ابن سبع سنين واهدم مذبح البعل الذي لأبيك واقطع السارية التي عنده. وابن مذبحا للرب إلهك على راس هذا الحصن بترتيب وخذ الثور الثاني واصعد محرقة على حطب السارية التي تقطعها. فاخذ جدعون عشرة رجال من عبيده وعمل كما كلمه الرب وإذ كان يخاف من بيت أبيه وأهل المدينة أن يعمل ذلك نهارا فعمله ليلا. فبكر أهل المدينة في الغد وإذا بمذبح البعل قد هدم والسارية التي عنده قد قطعت والثور الثاني قد اصعد على المذبح الذي بني.29 فقالوا الواحد لصاحبه من عمل هذا الأمر فأسالوا وبحثوا فقالوا أن جدعون بن يواش قد فعل هذا الأمر. فقال أهل المدينة ليواش اخرج ابنك لكي يموت لأنه هدم مذبح البعل وقطع السارية التي عنده. فقال يواش لجميع القائمين عليه انتم تقاتلون للبعل أم انتم تخلصونه من يقاتل له يقتل في هذا الصباح أن كان إلها فليقاتل لنفسه لان مذبحه قد هدم. فدعاه في ذلك اليوم يربعل قائلا ليقاتله البعل لأنه قد هدم مذبحه."
إذ ظهر الله لجدعون، وتقدس الموضع بهذا الظهور، لم يكن ممكناَ أن يبقى البعل مع الظهور الإلهى ولا أن تقدم محرقات للرب مع ذبائح للبعل. وكانت أوامر الرب لجدعون أن:
1. يهدم مذبح البعل الذى أقامه والده ويقطع السارية التى عنده وهى عمود خشبى يقام فى موضع مرتفع عنده تقدم العبادة للبعل والعشتاروت زوجته.
2. خذ ثور البقر الذى لأبيك = على جدعون أن يأخذ الثور من أمام أبيه لأن أبوه كان يُعِّدْ هذا الثور ليقدمه ذبيحة للبعل(ويستعمله سواء للجر أو كطعام).
3. يأتى بثور 7 سنوات (بعدد سنوات ذل الشعب للمديانيين 6 :1) وكأن بموت هذا الثور تنتهى سنوات الذل لمديان. وهناك رأى بأن الثور الثانى كان ملكاً لأهل القرية وكانوا يعدونه أيضاً ليقدم ذبيحة (وهذا سبب هياج أهل القرية).
4. أن يبنى مذبحاً للرب يقدم عليه الثور الثانى ويستخدم خشب السارية كحطب (وقود) وما طلبه الله من جدعون هو بصورة استثنائية فجدعون ليس من سبط لاوى ولا هو كاهن. وما عمله جدعون ليس إغتصاباً للكهنوت فهو يطلب من الله وليس شهوة كهنوت ولكن غالباً كان اللاويين هاربين بسبب المديانيين. بل غالباً ما طلبه الرب من جدعون ليس تقديم ذبيحة خطية أو محرقة بل إظهار ضعف البعل وأنه غير قادر على الدفاع عن نفسه. فالذبائح لا تقدم سوى فى خيمة الإجتماع. إذاً تقديم الثور ذبيحة ليس عملاً كهنوتياً بل إظهار أن عبادة البعل باطلة وهذا عمل استثنائى. ونلاحظ فساد المدينة التى هاجت على جدعون ورجاله العشرة. فعابدى البعل أكثر كثيراً من عابدي يهوه فطبيعة عبادة البعل تتمشى مع طبيعة الإنسان الساقطة ويبدوا أن يؤأش والد جدعون كان يعبد البعل بينما كان جدعون يقاوم هذا العمل. ويبدو أن رجالة العشرة كانوا معه ضد عبادة البعل. وحينما طلب أهل المدينة قتل جدعون تشدد أباه وساند ابنه، فهناك نفوس تتشجع إذا وجدت من يبدأ العمل. ويؤاش سخر من قوم يدافعون عن إلههم المحطم. من يقاتل له يقتل هذا الصباح أي من يدافع عن البعل يقتل سريعاً هذا الصباح. ودعا يؤاش ابنه يربعل = أي من بنيه وبين البعل قتال. وصار هذا الاسم شهرة لجدعون بعد ذلك. ليقاتله البعل هذه سخرية من البعل الذي عليه أن يقاتل جدعون إذا استطاع بعد أن هدم مذبحه.
الآيات(33-35): "واجتمع جميع المديانيين والعمالقة وبني المشرق معا وعبروا ونزلوا في وادي يزرعيل. ولبس روح الرب جدعون فضرب بالبوق فاجتمع ابيعزر وراءه. وأرسل رسلا إلى جميع منسى فاجتمع هو أيضا وراءه وأرسل رسلا إلى اشير وزبولون ونفتالي فصعدوا للقائهم."
وادى يزرعيل = هذا الوادى فى قلب فلسطين لذلك كثيراً ما كان موقعاً للمعارك. وهذا الوادى يمتد من جبل الكرمل إلى وادى الأردن. وتجمع المديانيين كان :
1. أنه وقت الحصاد فهم أتوا لغنم الغنيمة (ودليل هذا أن جدعون كان يخبط الحنطة).
2. لتأديب جدعون ومن معهُ على هدم مذبح البعل وربما شعروا أن هدم مذبح البعل هو ثورة ضدهم أرادوا إجهاضها بعنف. فضرب بالبوق = من كان يضرب الحنطة سراً من الخوف، بعد أن لبسه روح الرب تغير تماماً ليصبح قائداً للجيش. وهذا ما حدث مع التلاميذ يوم الخمسين. بل أن روح الرب حرّك عشيرته فاجتمعت وراءُه. هؤلاء الذين ثاروا عليه بسبب هدم مذبح البعل الأن يتحركون وراءُة للحرب. والروح القدس قادر أن يجعل جسدى المستعبد للخطية أداة فى يد الرب للخدمة كأداة بر. ولقد إستدعى جدعون أخرين وإستجابوا لهُ.
الآيات (36-40): "وقال جدعون لله أن كنت تخلص بيدي إسرائيل كما تكلمت. فها أنى واضع جزة الصوف في البيدر فان كان طل على الجزة وحدها وجفاف على الأرض كلها علمت انك تخلص بيدي إسرائيل كما تكلمت. وكان كذلك فبكر في الغد وضغط الجزة وعصر طلا من الجزة ملء قصعة ماء. فقال جدعون لله لا يحم غضبك علي فأتكلم هذه المرة فقط امتحن هذه المرة فقط بالجزة فليكن جفاف في الجزة وحدها وعلى كل الأرض ليكن طل. ففعل الله كذلك في تلك الليلة فكان جفاف في الجزة وحدها وعلى الأرض كلها كان طل."
جدعون يطلب علامة ليخرج للحرب. وفى هذه العلاقة رأى الأباء تفسير لطيف. فالندى الذى على الجزة هو الإيمان الذى كان فى اليهود فكلمة الله تنزل كندى (تث 32 : 2) بينما كان العالم كله جافاً بسبب خضوعه لإبليس. والعكس فالندى على الأرض كلها ما عدا الجزة هو رفض اليهود وقبول الأمم. (مت 15 : 24 + أش 5 : 6 + مز 72 : 6) لقد تحول المجرى الإلهى إلى قلوب الأمم (رو 5:5). وهذا يعنى أن المسيح ترك خراف بيت إسرائيل الضالة لأنها رفضته وتحول للأمم.
آية (1): "فبكر يربعل اي جدعون وكل الشعب الذي معه ونزلوا على عين حرود وكان جيش المديانيين شماليهم عند تل مورة في الوادي."
كان جيش مديان 135,000 رجل (10:8). ولاحظ أن جدعون يجتمع عند عين حرود فسر النصرة هى الإمكانيات الإلهية التى يتمتع بها المؤمن خلال ينبوع المعمودية. حرود تعنى إرتعاد يشير هذا الإسم لإرتعاد المديانيين أو المرتعدين من جيش جدعون الذين تركوا المعركة وربما تشير لإرتعاد إبليس من عمل الله مع شعبه.
آية (2): "وقال الرب لجدعون أن الشعب الذي معك كثير علي لأدفع المديانيين بيدهم لئلا يفتخر علي إسرائيل قائلا يدي خلصتني."
كان عدد جيش جدعون 32,000 وهو أقل بكثير من جيش مديان ومع هذا استكثره الله.
آية (3): "والآن ناد في أذان الشعب قائلا من كان خائفا ومرتعدا فليرجع وينصرف من جبل جلعاد فرجع من الشعب اثنان وعشرون ألفا وبقي عشرة آلاف."
هؤلاء الخائفون يمثلون غير الواثقين فى وعود الله (رؤ 21 : 8). وللأسف كانوا أكثر من ثلثى الجيش وهؤلاء أولاً بلا نفع وثانياً يفسدون شجاعة الباقين.
الآيات (4-6): " و قال الرب لجدعون لم يزل الشعب كثيرا انزل بهم الى الماء فانقيهم لك هناك و يكون ان الذي اقول لك عنه هذا يذهب معك فهو يذهب معك و كل من اقول لك عنه هذا لا يذهب معك فهو لا يذهب. فنزل بالشعب الى الماء و قال الرب لجدعون كل من يلغ بلسانه من الماء كما يلغ الكلب فاوقفه وحده و كذا كل من جثا على ركبتيه للشرب. وكان عدد الذين ولغوا بيدهم إلى فمهم ثلاث مئة رجل وأما باقي الشعب جميعا فجثوا على ركبهم لشرب الماء."
ولغوا بيدهم = هؤلاء شربوا وهم واقفين ولم يجثوا على ركبهم للشرب، وهؤلاء لأنهم فى حالة حرب لم يجلسوا فهم شاعرين بالمسئولية غير متكاسلين. أمّا الذين جلسوا وإستراحوا فهم غير مهتمين بالحرب. ورجل الله المحارب لا يهتم كثيراً بالأكل والشرب فهما عنده وسيلة وليس غاية بل عينه على جهاده منتبه لأى حركة من العدو. إذاً مواصفات خدّام الله الذين يختارهم :
1) شجعان، إيمانهم قوى.
2) غير متكاسلين
الآيات (7،8): "فقال الرب لجدعون بالثلاث مئة الرجل الذين ولغوا أخلصكم وادفع المديانيين ليدك وأما سائر الشعب فليذهبوا كل واحد إلى مكانه. فاخذ الشعب زادا بيدهم مع ابواقهم و ارسل سائر رجال اسرائيل كل واحد الى خيمته و امسك الثلاث مئة الرجل و كانت محلة المديانيين تحته في الوادي."
رقم 300 باليونانية " " وهذه علامة الصليب التى بها نغلب، حين نصلب أهوائنا مع شهواتنا نتمتع بقوة عمل صليب المسيح. وأخذ الرجال زاداً مع الأبواق ونحن نحتاج فى جهادنا لزاد من كلمة الله (الأبواق تشير لكلمة الله والزاد للإيمان).
الآيات (9-14): "وكان في تلك الليلة أن الرب قال له قم انزل إلى المحلة لاني قد دفعتها إلى يدك. وأن كنت خائفا من النزول فانزل أنت وفوره غلامك إلى المحلة. وتسمع ما يتكلمون به وبعد تتشدد يداك وتنزل إلى المحلة فنزل هو وفوره غلامه إلى أخر المتجهزين الذين في المحلة. وكان المديانيون والعمالقة وكل بني المشرق حالين في الوادي كالجراد في الكثرة وجمالهم لا عدد لها كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة. وجاء جدعون فإذا رجل يخبر صاحبه بحلم ويقول هوذا قد حلمت حلما وإذا رغيف خبز شعير يتدحرج في محلة المديانيين وجاء إلى الخيمة وضربها فسقطت وقلبها إلى فوق فسقطت الخيمة. فأجاب صاحبه وقال ليس ذلك إلا سيف جدعون بن يواش رجل إسرائيل قد دفع الله إلى يده المديانيين وكل الجيش."
لاحظ موقف جدعون الصعب:
1. جيشه 300 رجل فى مقابل 135,000 مقاتل.
2. الحرب فى السهل حيث لا توجد حصون طبيعية.
3. هم بلا معدات حربية فقد سلبهم المديانيين كل شئ خلال سنوات الإستعباد السبعة.
4. هم جيش بلا تدريب ولا خبرة فى القتال. لكن الله هو الذى يحارب ويعطى علامات وجوده لجدعون ليقويه.
أ. يظهر لهُ ويرسله بكلمات واضحة.
ب. يقبل ذبيحته بنار سماوية.
ج. يعطيه علامات واضحة (الجزة).
د. وهنا يسمعه حلم رجل مديان.
فورةغلامك = حامل سلاحك. أخر المتجهزين = أخر صفوف الجيش الجاهز للحرب وفائدة الحلم أن يظهر الله حالة الرعب التى عليها المديانيين، لقد أرعبهم الله وأراد الله أن يظهر حالتهم لجدعون فيتشدد. فأظهر الله حلماً لأحدهم وفسره أخر.ورغيف الشعير هو أرخص أنواع الخبز فى فلسطين، يأكله الفقراء ويُقدم للحيوانات وكأن الله يعلن حتى للعدو، أنه يحطم المديانيين بجدعون الذى يبدو فى الضعف والفقر كرغيف من الشعير بلا ثمن. فجدعون بالنسبة للمديانيين ضعيف وفقير. ونحن مهما كنا ضعفاء حتى كرغيف شعير يستخدمنا الله فلا نخاف. ونلاحظ أن أعداء شعب الله حين يروا يد الله مع شعبه يرعبون ويصيبهم الذهول.
الآيات (15-18): "و كان لما سمع جدعون خبر الحلم و تفسيره انه سجد و رجع الى محلة اسرائيل و قال قوموا لان الرب قد دفع الى يدكم جيش المديانيين. وقسم الثلاث مئة الرجل إلى ثلاث فرق وجعل ابواقا في أيديهم كلهم وجرارا فارغة ومصابيح في وسط الجرار. وقال لهم انظروا إلى وافعلوا كذلك وها أنا آت إلى طرف المحلة فيكون كما افعل أنكم هكذا تفعلون. ومتى ضربت بالبوق أنا وكل الذين معي فاضربوا انتم أيضا بالأبواق حول كل المحلة وقولوا للرب ولجدعون."
ما هى أسلحة جدعون فى مواجهة هذا الجيش المتمرن؟
1) 300 رجل.
2) مصابيح.
3) جرار.
4) أبواق.
ولكن جدعون وضع خطة حربية بإستخدام كل ما عنده من طاقات وإمكانيات. فيجب علينا أن نجاهد بكل ما أعطانا الله من حكمة وعقل فالله الذى أعطانا الحكمة والعقل والمواهب وهو يقدس العمل الإنسانى ويباركه ويعطيه النجاح، فعلينا أن نفهم أننا يجب أن نجاهد بقدر ما نستطيع ولكن فضل القوة يكون لله لا منّا. فجدعون يضع خطة ويترك نجاحها للرب. والثلاث فرق (كل منها 100 رجل) احتلت موقعاً حول المحلة.
الآيات (19-23): "فجاء جدعون والمئة الرجل الذين معه إلى طرف المحلة في أول الهزيع الأوسط وكانوا إذ ذاك قد أقاموا الحراس فضربوا بالأبواق وكسروا الجرار التي بأيديهم.20 فضربت الفرق الثلاث بالأبواق وكسروا الجرار وامسكوا المصابيح بأيديهم اليسرى والأبواق بأيديهم اليمنى ليضربوا بها وصرخوا سيف للرب."
و لجدعون. ووقفوا كل واحد في مكانه حول المحلة فركض كل الجيش وصرخوا وهربوا. وضرب الثلاث المئين بالأبواق وجعل الرب سيف كل واحد بصاحبه وبكل الجيش فهرب الجيش إلى بيت شطه إلى صردة حتى إلى حافة ابل محولة إلى طباة. فاجتمع رجال إسرائيل من نفتالي ومن اشير ومن كل منسى وتبعوا المديانيين.
أوّل الهزيع الأوسط = حوالى الساعة 10 مساءاً. كسروا الجرار =
الجرار فائدتها =
1. إخفاء ضوء المشاعل حتى يحين الميعاد.
2. حماية المشاعل من الريح حتى لا تنطفئ.
3. صوت كسر الجرار ليوهم المديانيين بأن هناك جيشاً ضخماً يهاجمهم.
وما أرعب جيش مديان.
1. رعب الله وقع عليهم فكان تأثير خطة جدعون مضاعفاً.
2. صوت الأبواق وصوت تكسير الجرار المفاجئ بينما هم نائمون. فقد كسّر كل رجل جرته فى جرة أخيه فكأنه صوت إشتباك العدد الحربية معاً.
3. الليل أصلاً مُرعب فلا أحد يرى شيئاً ولكنهم فوجئوا بالمشاعل تحيط بهم.
4. سيف للرب وجدعون = جدعون إستعار الكلمة من فم رجل مديان (أية14) ولكنه قال سيف للرب فهو يعرف أن الله هو الذى يحارب. وهو قال سيف لجدعون لأنه يحكمَ أن إسم جدعون صار يمثل رعباً للمديانيين. وهم ظنوا المصابيح نجدة أتية لجدعون من بعيد.
ومن شدة الرعب ضرب المديانيين أنفسهم فدارت المعركة بينهم وهم لا يدرون ولاحظ أن جدعون سأل الرب أين المعجزات (6 : 13) وها هو يرى بعينيه ولنلاحظ أن الله قادر أن يجعل أعداء كنيسته يتقاتلون معاً وتنجو الكنيسة. وهرب باقى جيش مديان ناحية شرق الأردن، هم كانوا هاربين من وجه قوة يشعرون بها ولا يرونها، هم جعلهم الله يهربون بلا مطارد فهو الذى أرعبهم وسلمهم لأعمالهم الشريرة التى تفقدهم سلامهم (أم 14 : 32 + 28 : 1).
آية (24): "فأرسل جدعون رسلا إلى كل جبل افرايم قائلا انزلوا للقاء المديانيين وخذوا منهم المياه إلى بيت بارة والأردن فاجتمع كل رجال افرايم واخذوا المياه إلى بيت بارة والأردن."
وكان هرب المديانيين نحو الأردن ليعبروه هرباً من جدعون فطلب جدعون من رجال أفرايم قطع طريق الهروب أمامهم. خذوا منهم المياه = أى أن يستولى رجال أفرايم على مخاوض الأردن ولا يدعو المديانيين يعبرون ليهربوا، فهم قطعوا خط الرجعة والهروب عليهم. الأن بعد أن تحطم جيش مديان بدأ الهاربون والخائفون والمنسحبون والمتكاسلون من جيش إسرائيل يطاردون فلول جيش مديان الهارب فنصرة المسيح على الصليب (جدعون رمز للمسيح) أعطت لنا نحن الضعفاء إمكانية هزيمة إبليس. وكيف نهزم إبليس؟ خذوا منهم المياه = فالمياه ترمز لعطايا الله ونعمه لنا أى كل مواهبنا وطاقاتنا وجسمنا التى إستولى عليها إبليس فعلينا أن نأخذها منه لنستعملها لحساب المسيح. (لقد إستولى مديان أولاً على مخاوض الأردن ليهرب منها أو يعبر منها متى شاء، متى شاء يدخل ومتى شاء يخرج) والأن أخذها شعب إفرايم فلا يستطيع مديان أن يستعملها بل هلك داخل أرض إسرائيل.
آية (25): "وامسكوا اميري المديانيين غرابا وذئبا وقتلوا غرابا على صخرة غراب وأما ذئب فقتلوه في معصرة ذئب وتبعوا المديانيين وأتوا براسي غراب وذئب إلى جدعون من عبر الأردن."
الحمامة تشير للروح القدس أو للكنيسة المنقادة بالروح القدس. والغراب يشير لإبليس (غراب فلك نوح يعيش على الجثث الميتة وإبليس يفرح بهلاك شعب الله وكونهم كجثث ميتة). والحمل يشير للمسيح ولكل مؤمن إتحد به. والذئب يشير لعدو الخير الذى طبعه الشراسة والإفتراس ويعطى لتابعيه أن يكونوا مثله فى طبعه يفترسون الحملان الوديعة. إذاً الغراب إشارة للفساد والذئب إشارة للإفتراس. وبإرتباطنا بيسوع جدعون نهزم غراب وذئب. ولاحظ قتل غراب وذئب على صخرة (والمسيح هو الصخرة 1كو 10:4) والمعصرة تشير للكنيسة. فإرتباط المسيحى بالكنيسه المعصرة المملوءة من عصير الكرمة (دم المسيح) كمصدر حياة هو سر حياة المؤمن وسر هلاك إبليس ولاحظ طريق النصرة:
1. رجال جدعون 300 مؤمنين يحملون الصليب.
2. هم 3 فرق = إيمان بقوة القيامة العاملة فيهم.
3. لهم أبواق = كلمة الله التى تعطى إنذار للنفس وأجساد مائتة منكسرة كالجرار والروح القدس كمصباح منير.
4. رفض روح الفساد (الغراب) والشر (الذئب).
آية (1): "وقال له رجال افرايم ما هذا الأمر الذي فعلت بنا إذ لم تدعنا عند ذهابك لمحاربة المديانيين وخاصموه بشدة."
كان سبط إفرايم له قوته بين الأسباط، وحين إنقسمت إسرائيل إلى مملكتين دعيت إحداهما (الشمالية وهى الكبرى 10 أسباط) إفرايم. وكان الإفرايميون يحتلون أفضل الأراضى. ومعنى كلامهم هنا هو عتاب لجدعون لماذا لم يستدعيهم لقتال مديان، وظاهر كلامهم الشجاعة والغيرة على مجد الله ولكن حقيقة مشاعرهم هى معركة على الزعامة فإفرايم خاف أن تصبح الزعامة لمنسى.
الآيات (2،3): "فقال لهم ماذا فعلت الان نظيركم أليس خصاصة افرايم خيرا من قطاف ابيعزر. ليدكم دفع الله اميري المديانيين غرابا وذئبا وماذا قدرت أن اعمل نظيركم حينئذ ارتخت روحهم عنه عندما تكلم بهذا الكلام."
يظهر هنا حكمة جدعون وتواضعه فقد أجاب بلطف شديد أنه لم يفعل شئ بجانب ما فعله إفرايم = ماذا فعلت الأن نظيركم. اليست خصاصة إفرايم خيراً من قطاف أبيعزر = الخصاصة هى ما يبقى فى الكرم بعد قطفه وهو قليل جداً. وهو يقصد أبيعزر عائلته هو. أى فى تواضع أن أقل ما عند إفرايم أفضل من عائلة جدعون. وقد قدمهم أنهم أتوا برأس غراب وذئب. "الجواب اللين يصرف الغضب (أم 15 : 1)" لقد كان من الممكن لجدعون أن يوبخهم بشدة قائلاً "وأين كنتم طوال سبع سنوات الذل" لكنه لم يفعل فيخسرهم بل هو بحكمة اكتسبهم لجانبه. بل معنى كلامه أنه هو قام بعمل الإستعداد للمعركة وهم الذين حاربوا.
الآيات (4،9): "وجاء جدعون إلى الأردن وعبر هو والثلاث مئة الرجل الذين معه معيين ومطاردين. فقال لأهل سكوت أعطوا أرغفة خبز للقوم الذين معي لأنهم معيون وأنا ساع وراء زبح وصلمناع ملكي مديان. فقال رؤساء سكوت هل أيدي زبح وصلمناع بيدك الان حتى نعطي جندك خبزا. فقال جدعون لذلك عندما يدفع الرب زبح وصلمناع بيدي ادرس لحمكم مع أشواك البرية بالنوارج. وصعد من هناك إلى فنوئيل وكلمهم هكذا فأجابه أهل فنوئيل كما أجاب أهل سكوت. فكلم أيضا أهل فنوئيل قائلا عند رجوعي بسلام اهدم هذا البرج."
تابع جيش جدعون ملكى مديان وأعيوا من الجوع فطلبوا طعاماً من أهل مدينتى سكوت ثم فنوئيل. فكان كل المطلوب من سكوت وفنوئيل رمزاً لإشتراكهم فى المعركة بعض الخبز لكنهم جبنوا عن ذلك. فهم تصوروا عدم إمكانية هزيمة المديانيين فخافوا أن يساعدوا جدعون لئلا ينتقم منهم مديان بعد ذلك على هذه المساعدة. وبينما جدعون ورجاله يحاربون مديان لحساب الجماعة يبخل سكوت وفنوئيل بالخبز عليهم عوضاً عن مساعدتهم فى تلك الحرب، هؤلاء يمثلون المستسلمون للعبودية والمثبطين لهمم الذين يعملون. بل هم سخروا من جدعون "هل أيدى زبح وصلمناع بيدك" هؤلاء إستهانوا بإله إسرائيل وبرجل الله لذلك هم غالباً من عابدى البعل. لذلك كان تهديد جدعون (الوديع أمام إفرايم) لهم مرعباً. فهو كقاض لإسرائيل عليه أن يؤدب هؤلاء حتى لا تحل اللعنة على الشعب كله. ولاحظ فى تهديد جدعون لأهل سكوت قوله أدرس لحمكم مع أشواك البرية =فالشوك هو رمز للخطية فهو من لعنات الخطية. فالخطية التى ننفذها بأجسادنا ستكون سبباً لهلاكنا. وكان تهديد جدعون لأهل فنوئيل هو هدم برجهم = فيبدو أنهم كان لهم برجاً حصيناً يحتمون فيه فلم يخافوا من تهديدات جدعون، هم صاروا كأهل بابل يبنون برجاً يحميهم وهذا البرج يمثل كبريائهم. وإذا فهمنا كلمة فنوئيل = رؤية وجه الله فيكون أهل فنوئيل ممثلين لمن حصل على قدر من الروحيات فتكبر وإنتفخ وظن نفسه محصناً فى برج بينما أهل سكوت يمثلون الجسدانيين. وكلاهما يهلك.
الآيات (10-12): "وكان زبح وصلمناع في قرقر وجيشهما معهما نحو خمسة عشر ألفا كل الباقين من جميع جيش بني المشرق والذين سقطوا مئة وعشرون آلف رجل مخترطي السيف. وصعد جدعون في طريق ساكني الخيام شرقي نوبح ويجبهة وضرب الجيش وكان الجيش مطمئنا. فهرب زبح وصلمناع فتبعهما وامسك ملكي مديان زبح وصلمناع وأزعج كل الجيش."
طريق ساكنى الخيام = غالباً كان طريق غير معتاد ولم يتوقع المديانيون أن يسلكه جدعون، وفوجئوا به فحدث لهم تشويش مرة أخرى وإرتعدوا (ربما كان طريق الخيام هو طريق يسكنه العربان الذين ظنهم مديان حماية لهم ضد جدعون). كان العدو فى البداية ذو قوة 135,000. والأن هو عدو هارب مذعور. زبح = ذبيحة فهو يذبح للأصنام. صلمناع = الإله المظلم. قرقر = مسطح حتى الأرض.
المسيح جدعوننا الحقيقى هزم إبليس الإله المظلم وأتى به لمستوى الأرض (لو 10 : 19) لاحظ هزيمة ملكى مديان فى البرية. ويسوع صعد ليجرب من لإبليس فى البرية وليهزمه.
الآيات (13-17): "و رجع جدعون بن يواش من الحرب من عند عقبة حارس. و امسك غلاما من اهل سكوت و ساله فكتب له رؤساء سكوت و شيوخها سبعة و سبعين رجلا. و دخل الى اهل سكوت و قال هوذا زبح و صلمناع اللذان عيرتموني بهما قائلين هل ايدي زبح صلمناع بيدك الان حتى نعطي رجالك المعيين خبزا. و اخذ شيوخ المدينة و اشواك البرية و النوارج و علم بها هل سكوت. و هدم برج فنوئيل و قتل رجال المدينة."
الآيات (18-21): "وقال لزبح وصلمناع كيف الرجال الذين قتلتماهم في تابور فقالا مثلهم مثلك كل واحد كصورة أولاد ملك.فقال هم اخوتي بنو أمي حي هو الرب لو استحييتماهم لما قتلتكما. وقال ليثر بكره قم اقتلهما فلم يخترط الغلام سيفه لأنه خاف بما انه فتى بعد. فقال زبح وصلمناع قم أنت وقع علينا لأنه مثل الرجل بطشه فقام جدعون وقتل زبح وصلمناع واخذ الأهلة التي في أعناق جمالهما."
غالباً قتل المديانيون إخوة جدعون يوم إجتمعوا فى وادى يزرعيل (6 : 33) قبل المعركة مع جدعون. وهنا يحقق جدعون مع الملكين ويثبت عليهما تهمة القتل فهو غير متعطش للدماء ولا يحكم على أحد إلاّ بعد أن يفحص أمره. وجدعون طلب من إبنه الفتى أن ينفذ حكم الإعدام فيهما ليعلمه القتال ويعطيه ثقة ضد الأعداء. قم أنت وقع علينا = لأن القاتل يكون فوق المقتول.وهم طلبوا من جدعون أن يقتلهم هو فضربة جدعون القوى المحنك فى الحرب ستكون قاضية فى الحال، أمّا ضربة الفتى الصغير الخائف المتردد فستكون عذاباً لهم فهو سيضطر أن يضربهم عدة مرّات لتردده ممّا سيعذبهم كثيراً. ولقد أخذ جدعون الأهلة التى فى أعناق جمالهما = هؤلاء الملوك الوثنيين عابدى القمر كانوا يصنعون هذه الأهلة كأحجبة لتحفظهم وإستيلاء جدعون عليها رمز لأنه سيطر على ألهتهم وهزمها.
الآيات (22-23): "وقال رجال إسرائيل لجدعون تسلط علينا أنت وابنك وابن ابنك لأنك قد خلصتنا من يد مديان. فقال لهم جدعون لا أتسلط أنا عليكم ولا يتسلط ابني عليكم الرب يتسلط عليكم."
نجد هنا أول محاولة لإقامة نظام ملكى أى الإبن يرث ملك أبيه. ولقد نجح جدعون أيضاً فى هذا الإختبار إذ طلب أن يكون الملك لله، لأن جدعون كان سالكاً بالروح فلم تغريه السلطة بل قبل أن يكون خادماً للشعب. ولاحظ أن شعب إسرائيل نسب الإنتصار لجدعون " لأنك قد خلصتنا ". وجدعون رفض هذا ونسب الفضل لله فى الإنتصار وإذا كان الله هو الذى إنتصر فليتسلط الله على الشعب = الرب يتسلط عليكم. جدعون هنا يرفض الكرامة الزمنية وهى ضربة توجه دائماً لرجال الله. وبالرغم من رفض جدعون للملك حاول إبنه بعد ذلك أن يملك. ولنسأل أنفسنا "إن كان إسرائيل قد طلبوا من جدعون أن يملك عليهم إذ خلصهم من مديان فهل لا نملك المسيح علينا وهو خلَّصنا من عدو أشَّر.
الآيات (24-27): "ثم قال لهم جدعون اطلب منكم طلبة أن تعطوني كل واحد أقراط غنيمته لأنه كان لهم أقراط ذهب لأنهم اسماعيليون. فقالوا أننا نعطي وفرشوا رداء وطرحوا عليه كل واحد أقراط غنيمته. وكان وزن أقراط الذهب التي طلب ألفا وسبع مئة شاقل ذهبا ما عدا الأهلة والحلق وأثواب الأرجوان التي على ملوك مديان وما عدا القلائد التي في أعناق جمالهم. فصنع جدعون منها افودا وجعله في مدينته في عفره وزنى كل إسرائيل وراءه هناك فكان ذلك لجدعون وبيته فخا."
نجح جدعون فى رفضه الملك ولكنه سقط هنا فى إختبار أخر:
فقد كان للمديانيين أقراطاً ذهبية كالإسمعيليين، وكانوا يتصورون أن الأقراط لها قوى خرافية لذلك يصنعون الألهه منها (خر 32 : 2) هكذا صنع هرون العجل الذهبى. وقد طلب جدعون أن يعطيه الشعب الأقراط ليصنع منها تماثيلاً وأفوداً كذكرى لإنتصاره. والأفود هو ملابس الكهنة. فربما أقام جدعون نوع من العبادة المحلية قريباً من بيته بدلاً من الذهاب لخيمة الإجتماع فى شيلوه (أفرايم) المنافسة لهُ. وبما هو إشتهى الكهنوت (بينما لم يشتهى الملك) فإرتدى الأفود فى تقديمه ذبائح أمام هذا التمثال بل جذب الشعب لهذه العبادة الوثنية = وزنى كل إسرائيل وراءهُ الزنا هنا هو زنا روحى بمعنى عبادة الأوثان. أو يكون الأفود هو نوع من الحلل التى تستخدم فى العرافة ولكن هذه ايضاً عادات وثنية. خلاصة الموضوع أن سقطة جدعون أنه أقام نوعاً من العبادة فى مقر إقامته كان سبباً لغواية الناس بعيداً عن الله فلم يذهبوا لخيمة الإجتماع. وياليت جدعون قد سأل الرب فى هذا ولو فعل لما سقط وأسقط معهُ الشعب. والأفضل ان نعبد الله كما يريد هو لا كما نريد نحن. أو كما نتصور نحن أو نشتهى. ولكن كثير من الدارسين يرون أن جدعون تاب عن سقطته بدليل إلى:
1. بولس حسبه من رجال الإيمان (عب 11 : 32).
2. قول الكتاب أنه مات بشيبة صالحة (8 : 32). ولكن هذه الأفود وهذه العبادة الوثنية ربما إستمر فيها أولاده وكانت سبباً فى نهايتهم المحزنة على يد أبيمالك (9 : 5).
آية (28): "وذل مديان أمام بني إسرائيل ولم يعودوا يرفعون رؤوسهم واستراحت الأرض أربعين سنة في أيام جدعون."
لاحظ تكرار رقم 40 مع القضاة ومع صموئيل وشاول وداود وسليمان.
الآيات (29-31): "و ذهب يربعل بن يواش و اقام في بيته. و كان لجدعون سبعون ولدا خارجون من صلبه لانه كانت له نساء كثيرات. وسريته التي في شكيم ولدت له هي أيضا ابنا فسماه ابيمالك."
سريته = تسمى هكذا فهو يتزوج بها سراً عن زوجته وأولادها لا يرثون. أبيمالك = معنى إسمه أبى يملك، وهكذا أسمته أمه لتحرضه أن يطلب شيئاً من ميراث أبيه وعظمته. وهذا اقام بدور شرير متفقاً مع أهل والدته من شكيم ضد إخوته السبعين ليتسلط هو على إسرائيل.
الآيات (32-35): "و مات جدعون بن يواش بشيبة صالحة و دفن في قبر يواش ابيه في عفرة ابيعزر. وكان بعد موت جدعون أن بني إسرائيل رجعوا وزنوا وراء البعليم وجعلوا لهم بعل بريث آلها. و لم يذكر بنو اسرائيل الرب الههم الذي انقذهم من يد جميع اعدائهم من حولهم. و لم يعملوا معروفا مع بيت يربعل جدعون نظير كل الخير الذي عمل مع اسرائيل."
بعل بريث = سيد العهد. كأنهم عاهدوا البعل أن يعبدوه وكأن البعل يعدهم بأن يحميهم، أوهم تعاهدوا مع الكنعانيين على عبادة البعل إله الكنعانيين.
الآيات (1-2): "ذهب ابيمالك بن يربعل إلى شكيم إلى اخوة أمه وكلمهم وجميع عشيرة بيت أبى أمه قائلا. تكلموا الآن في أذان جميع أهل شكيم أيما هو خير لكم اان يتسلط عليكم سبعون رجلا جميع بني يربعل أم أن يتسلط عليكم رجل واحد واذكروا أنى أنا عظمكم ولحمكم."
أكثر جدعون من نسائه وسراريه فكان هذا سبب مشاكل لهُ. وكانت إحدى سراريه من شكيم فى أفرايم من عائلة كنعانية وولدت لهُ أبيمالك. وهذا ذهب لأهل أمَّه بعد موت أبيه ليثيرهم ضد إخوته السبعين مدعياً أن أخوته السبعون يريدون أن يملكوا وهذا لم يحدث فجدعون أبوهم رفض هذه الفكرة. لكن أبيمالك هو الذى كان يشتهى الملك الأمر الذى دفعه لقتل جميع إخوته (عدا يوثام الذى هرب). ونلاحظ أن جدعون الذى رفض الملك عاش فى راحة 40 سنة أمّا ابيمالك الذى إشتهى الملك فعاش قليلاً وفى إضطراب وكانت أيامه شريرة وتحطم هو وأهل بلده. وكانت مؤهلاته "أنا عظمكم ولحمكم" فتحولت الخدمة إلى مجاملات لحساب القرابة الدموية والعلاقات الشخصية. لقد أخطأ أبيمالك فى حبه للتسلط وأخطأ إفرايم فى إختيار شخص غير مناسب ليملك، وهو سوء إختيار سبب لهم خسائر عظيمة. ولذلك يحب الدقيق فى إختيار أى خادم للرب.
آية (3): "فتكلم اخوة أمه عنه في أذان كل أهل شكيم بجميع هذا الكلام فمال قلبهم وراء ابيمالك لأنهم قالوا أخونا هو."
أخونا هو = هذا كان منطق أهل شكيم من إسرائليين وكنعانيين، أى هو قريبنا بالجسد فيسندنا حين يملك.
الآيات (4-6): "وأعطوه سبعين شاقل فضة من بيت بعل بريث فاستأجر بها ابيمالك رجالا بطالين طائشين فسعوا وراءه. ثم جاء إلى بيت أبيه في عفره وقتل اخوته بني يربعل سبعين رجلا على حجر واحد وبقي يوثام بن يربعل الأصغر لأنه اختبأ. فاجتمع جميع أهل شكيم وكل سكان القلعة وذهبوا وجعلوا ابيمالك ملكا عند بلوطة النصب الذي في شكيم."
من بيت بعل بريث = أى بيت المال فى هيكل بعل بريث. وكان هذا المبلغ ليستأجر ابيمالك رجالاً أشرار يقتلون إخوته، ولعلهم أخذوا المبلغ من بيت البعل لأنهم ظنوا أن فى هذا بركة للعمل لتنجح خطتهم. وهنا نسمع وجود ملك لأول مرة، ولكنه لم يكن ملكاً على كل الأسباط بل على شكيم وبعض البلاد المجاورة لذا لم يحسب كملك على إسرائيل مثل شاول داود. سكان القلعة = برج شكيم أو حصنها. بلوطة النصب = تحتها دفن يعقوب الآلهة الغريبة (تك 35 : 4). وتحتها أقام يشوع حجر الشهادة (يش 24 : 26). لذلك دعيت بلوطة النصب أى حجر الشهادة.
آية (7): "واخبروا يوثام فذهب ووقف على راس جبل جرزيم ورفع صوته ونادى وقال لهم اسمعوا لي يا أهل شكيم يسمع لكم الله."
يهوثام = يهوة تام أو كامل. وكان حديث يوثام لأهل شكيم حين سمع بما فعلوه وأنهم أقاموا أبيمالك ملكاً عليهم. وكان كلام يوثام كأنه إنذار أو نبوة من الله لشكيم ولكن كان أهل شكيم لهم أذان ولا يسمعون. يسمع الله لكم = أى يجازيكم خيراً بإستجابة طلباتكم. ولقد وقف يوثام على الجبل كمن على منبر. وفى وسط الصحراء يدوى الصوت فيمكن سماعه فى شكيم بل وعلى الجبل المقابل عيبال. وبدأ كلامه بمثل بطريقة غامضة ومشوقة ليجذبهم للإستماع والتفكير وختم بالنتيجة المؤلمة حتى إذا ما ثاروا عليه يستطيع أن يهرب فى إحدى مغائر الجبل. وروعة المثل قالهُ يوثام تتفق مع كونه إبناً لرجل عظيم مثل جدعون.
آية (8): "مرة ذهبت الأشجار لتمسح عليها ملكا فقالت للزيتونة املكي علينا."
هل الأشجار تطلب حماية من ملك ؟! هذا أول توبيخ لهم على فكرة وجود ملك ليحمى إسرائيل، فالله هو الذى يحميها كما يحمى الأشجار. والنصيحة التالية أنهم لو فكروا أن يكون لهم ملك فليكن لهُ فائدة مثل الزيتونه والكرمة والتينة، أى قادر على العطاء وعلى خدمة شعبه.
آية (9): "فقالت لها الزيتونة ااترك دهني الذي به يكرمون بي الله والناس واذهب لكي املك على الأشجار."
الزيتونة مصدر الزيت والدهن هى رمز للكنيسة المملوءة من الروح القدس أو النفس المملوءة من الروح (مز 52 : 8 + أر 11 : 16). والإنسان المملوء من الروح مملوء من ثمار الروح لا يبحث عن كرامة زمنية أو سلطة بل يطلب خدمة الناس، ما يبهج قلبه أن يستخدم الدهن الذى فيه لينير للناس شفاء وشبع (الزيت يستخدم فى الإضاءة والعلاج والأكل). الخادم الحقيقى يحترق لينير للناس.
الآيات (10-11): "ثم قالت الأشجار للتينة تعالي أنت واملكي علينا. فقالت لها التينة ااترك حلاوتي وثمري الطيب واذهب لكي املك على الأشجار."
التينة تشير للكنيسة فهى مملوءة بذوراً تشير لأعضاء الكنيسة والتينة لها غلاف واحد يجمع البذور هو روح الحب والوحدة الحلو. والكنيسة المملوءة حباً وكل فرد فيها لهُ روح خدمة الآخرين لا يبحث أحد أعضائها عمن يكون رئيساً على الآخرين.
الآيات (12-13): "فقالت الأشجار للكرمة تعالي أنت واملكي علينا. فقالت لها الكرمة ااترك مسطاري الذي يفرح الله والناس واذهب لكي املك على الأشجار."
الكرمة تمثل الكنيسة بكونها بيت الصليب فيها يعصر العنب لينتج مسطاراً (خمرً جديداً). هذه الكنيسة تفرح بالصليب والألم لكى يُسَّر بها الله. والخمر يشير للفرح، والله يفرح بالكنيسة التى تقبل الألم والصليب ويسكن عليها تعزياته وأفراحه فتفرح وسط ألامها. والكرمة تشير لفرح الله المرتبط بذبيحة المسيح وفرح الكنيسة المتألمة مع مسيحها، ومثل هذه الكنيسة (الكرمة) لا تبحث عن كرامة زمنية.
آية (14): "ثم قالت جميع الأشجار للعوسج تعال أنت واملك علينا."
العوسج نبات ذو أشواك وهو مضر ومؤلم وبلا ثمر ويظهر فى المناطق الجافة ولا يحتاج لمياه كثيرة، وإذ هو قليل الرطوبة يتعرض للحرق، بل ويسبب إحتراقاً للأشجار التى بجواره. وملحض مثل يوثام أن الذى لهُ عمل وخدمة لا يبحث عن رئاسة وسيطرة على الآخرين، أمّا الذى بلا عمل وسط الناس فيهتم بالسيطرة وإستغلال المركز لأنه يشعر بنقصه وهذا كالعوسج (أبيمالك) يحترق ويحرق الآخرين.
آية (15): "فقال العوسج للأشجار أن كنتم بالحق تمسحونني عليكم ملكا فتعالوا واحتموا تحت ظلي وإلا فتخرج نار من العوسج وتأكل أرز لبنان."
لقد طلب العوسج أن تحتمى الأشجار تحت ظله مع أن الأشجار أكثر علواً وضخامة من نبات العوسج الصغير الحجم بل أن ورقة وأشواكه حادة لا يستطيع أحد أن يستظل تحته. ولم يكتفى العوسج بالملك إذ يُعرض عليه بل هدد الأشجار بالحرق بدلاً من أن يشكرها. وهذا شأن اللؤماء "إن أنت أكرمت اللئيم تمردا ".
الآيات (16-19): "فالان أن كنتم قد عملتم بالحق والصحة إذ جعلتم ابيمالك ملكا وأن كنتم قد فعلتم خيرا مع يربعل ومع بيته وأن كنتم قد فعلتم له حسب عمل يديه. لان أبى قد حارب عنكم وخاطر بنفسه وأنقذكم من يد مديان. وانتم قد قمتم اليوم على بيت أبى وقتلتم بنيه سبعين رجلا على حجر واحد وملكتم ابيمالك ابن أمته على أهل شكيم لأنه أخوكم. فان كنتم قد عملتم بالحق والصحة مع يربعل ومع بيته في هذا اليوم فافرحوا انتم بابيمالك وليفرح هو أيضا بكم."
توبيخ من يوثام لأهل شكيم لأنهم ردوا جميل جدعون لهم بخيانته.
الآيات (21،20): "وإلا فتخرج نار من ابيمالك وتأكل أهل شكيم وسكان القلعة وتخرج نار من أهل شكيم ومن سكان القلعة وتأكل ابيمالك. ثم هرب يوثام و فر و ذهب الى بئر و اقام هناك من وجه ابيمالك اخيه."
هنا تحذير يوثام لهم وهو كنبوة على ما حدث بعد ذلك. فأهل شكيم ظنوا أن أبيمالك سيسندهم ولم يدركوا أنه سيكون ناراً تحرقهم وتحرقه هو نفسه. فشره كان كنار تحرق الجميع. فكيف يقبلون ملك خائن قتل إخوته.
آية (22): "فتراس ابيمالك على إسرائيل ثلاث سنين."
ترأس ابيمالك = لم يقل ملك فهو لم يرأس سوى شكيم وما حولها، ولم يحترمه أحد، ولم يقل حتى أنه قاضياً لإسرائيل لكنه هو فَرِحَ بأن يسمى نفسه ملك.
آية (23): "وأرسل الرب روحا رديا بين ابيمالك وأهل شكيم فغدر أهل شكيم بابيمالك."
لا نعرف كيف عاش ابيمالك هذه الثلاث سنين ولكن هنا نسمع أن الله أرسل روحاً ردياً بينه وبين أهل شكيم، بمعنى أن كل طرف أدرك شر الأخر فصار فيهما روح بغضة وكراهية وغدر، فكأن من شدد يديه لقتل إخوته صار الأن لا يطيقه. بل شعروا أن من خان إخوته لا يمكن أن يأتمنوه على أنفسهم، وهو غالباً شعر بكراهيتهم الجديدة لهُ. فغدر أهل شكيم بأبيمالك = فهؤلاء الذين خانوا جدعون وقتلوا أولاده كيف لا يخونون هذا المغتصب بعد أن إكتشفوا عدم صلاحيته.
آية (24): "لياتي ظلم بني يربعل السبعين ويجلب دمهم على ابيمالك أخيهم الذي قتلهم وعلى أهل شكيم الذين شددوا يديه لقتل اخوته."
ملخص ما حدث بعد ذلك نجده هنا فقد كان الروح الردى بين ابيمالك وأهل شكيم سبباً فى خراب كلا الطرفين فكلا الطرفين أشتركا فى جريمة قتل أبناء جدعون فكلاهما يستحق. ما حدث لهما من خراب بسبب خيانتهم.
آية (25): "فوضع له أهل شكيم كمينا على رؤوس الجبال وكانوا يستلبون كل من عبر بهم في الطريق فاخبر ابيمالك."
كانت خطة شكيم للخلاص من أبيمالك وقتله أن يثيروا القلاقل فى المنطقة فوضعوا كمائن على رؤوس الجبال لسلب كل من يمر بالطريق. ويشعر أهل المنطقة بعدم الأمان فيذهبون ليشتكوا للملك أبيمالك. وهذه الكمائن أيضاً حرمت الملك أبيمالك من الجزية التى يحصلها من التجار إذ خسروا تجارتهم من السلب وهذا ما حدث أن ذهب الذين تضرروا من الكمائن يشتكون لأبيمالك = فأخبر أبيمالك. وكانت الخطة أنه لو خرج أبيمالك لضرب الكمائن يضربونه ويقتلونه ويقيمون غيره ملكاً. ونلاحظ أن من دبّر خطة لقتل إخوته يقف أقرباؤه الأن يدبرون خطة لقتله.
الآيات (26-29): "وجاء جعل بن عابد مع اخوته وعبروا إلى شكيم فوثق به أهل شكيم. وخرجوا إلى الحقل وقطفوا كرومهم وداسوا وصنعوا تمجيدا ودخلوا بيت إلههم وأكلوا وشربوا ولعنوا ابيمالك. فقال جعل بن عابد من هو ابيمالك ومن هو شكيم حتى نخدمه أما هو ابن يربعل وزبول وكيله اخدموا رجال حمور أبى شكيم فلماذا نخدمه نحن. من يجعل هذا الشعب بيدي فاعزل ابيمالك وقال لابيمالك كثر جندك واخرج."
ظهر هنا قائد لأهل شكيم هو جعل بن عابد ليقود الثورة ضد أبيمالك وجعل هذا غالباً هو كنعانى لأنه فى كلامه مجّد حمور الكنعانى = إخدموا رجال حمور وتحدى جعل هذا أبيمالك ووكيله زبول. وجاء جعل مع إخوته = هم غالباً جماعة من اللصوص وقطاع الطرق يعملون تحت قيادة جعل وفرح بهم أهل شكيم وجعلوه رئيساً لهم وبدءوا خطتهم للإيقاع بأبيمالك بطقس دينى وثنى. آية 27: فقطفوا عنب وعصروه = وداسوا لعمل الخمر ومجدوا الههم البعل أى غنوا وسبحوا للبعل الههم الباطل ولعنوا أبيمالك = أى طلبوا من الهتهم أن تتخلى عن أبيمالك فيصير ملعوناً فيغلبونه. من هو أبيمالك ومن هو شكيم = هو إستخفاف بأبيمالك وقوله شكيم يعنى به أيضاً أبيمالك فأبيمالك يملك على شكيم الأن. أما هو إبن يربعل = يربعل هو جدعون. وهو يذكر إسم الشهرة لجدعون أى يربعل (يقاتل البعل) ليثير عابدى البعل ويذكرهم بما فعله جدعون بهيكل البعل فيثوروا على أبيمالك إبنه. ومعنى كلامه كيف يملك عدو البعل على عابدى البعل، أى كيف يملك علينا ونحن كلنا نعبد البعل، فهذا الكلام إثارة لعابدى البعل الموجودين إخدموا رجال حمور أبى شكيم = يفهم من هذا أن جعل بن عابد هو من نسل حمور الكنعانى. وهو هنا يدعو سامعيه أن يثوروا على أبيمالك العبرانى ويملكوه هو فهو إبن حمور الذى أسس شكيم = أبى شكيم. فهو هنا يعتبر أن حمور هو الملك الشرعى لشكيم والعبرانيين دخلاء. وإسم حمور جاء من ذبيحة الحمار التى كانت مظهراً أساسياً فى إبرام المعاهدات عند الأموريين فى القرن 18 ق.م. وفى (29) معناها إجعلونى ملكاً وأنا أطرد أبيمالك. ثم أرسل جعل رسالة لأبيمالك قائلاً كثر جندك وأخرج = فهو تحدى للحرب.
الآيات (30-33): "ولما سمع زبول رئيس المدينة كلام جعل بن عابد حمي غضبه. وأرسل رسلا إلى ابيمالك في ترمة يقول هوذا جعل بن عابد واخوته قد أتوا إلى شكيم وها هم يهيجون المدينة ضدك. فالان قم ليلا أنت والشعب الذي معك واكمن في الحقل. ويكون في الصباح عند شروق الشمس انك تبكر وتقتحم المدينة وها هو والشعب الذي معه يخرجون إليك فتفعل به حسبما تجده يدك."
زبول أقامه أبيمالك رئيساً على شكيم ونائباً لهُ. وأرسل زبول لأبيمالك فى السر حتى يهاجم جعل فجأة ويبطش به. لأن أبيمالك كان يقيم خارجاً عن شكيم.
آية (34-36): " فقام ابيمالك و كل الشعب الذي معه ليلا و كمنوا لشكيم اربع فرق. فخرج جعل بن عابد و وقف في مدخل باب المدينة فقام ابيمالك و الشعب الذي معه من المكمن. ورأى جعل الشعب فقال لزبول هوذا شعب نازل عن رؤوس الجبال فقال له زبول انك ترى ظل الجبال كأنه أناس."
تظاهر زبول بصداقة أبيمالك. وكانت خطة زبول ان لا يدخل أبيمالك المدينة إنما ينزل برجاله ليلاً ويكمن فى الحقل، وإذ يخرج جعل ورجاله فى الصباح يحاربهم عند أبواب المدينة فلا تكون لجعل حصون يحتمون فيها. وحينما رأى جعل جيش أبيمالك نازلاً من على الجبال (هو قسمه أربعة فرق، وينزلون فرقة وراء فرقة ليرعبوا جعل ورجالهُ) خدعه زبول بأن ما يراه ليس جيشاً بل ظلال حتى لا يستعد للحرب، ومحاولة زبول ايضاً هى لتحطيم معنويات جَعَلْ فإن كان يتوهم وجود جيوش فهو جبان خائف من الحرب يتوهم وجود جيوش بينما لا توجد جيوش. بالإضافة إلى أنه إذا تصوّر إن ما يراه ظلال لن يدخل المدينة ويغلق الأبواب.
آية (37): "فعاد جعل وتكلم أيضا قائلا هوذا شعب نازل من عند اعالي الأرض وفرقة واحدة آتية عن طريق بلوطة العائفين."
بلوطة العائفين = غالباً هى بلوطة يجلسون تحتها لمعرفة الغيب والمستقبل.
آية (38): "فقال له زبول أين الآن فوك الذي قلت به من هو ابيمالك حتى نخدمه أليس هذا هو الشعب الذي رذلته فاخرج الآن وحاربه."
الأن زبول بعد أن وصل أبيمالك وجيشه يكلم جعل فى إستخفاف أين الأن فوك = أى حارِب وأثبت أنك أهلاً لما كنت تتكلم به منذ ساعات. لقد تحديت أبيمالك فحارب الآن وإثبت أنك تقدر على تنفيذ ما فاه به فوك.
آية (39): "فخرج جعل أمام أهل شكيم وحارب ابيمالك."
لقد غدر أهل شكيم بأبناء جدعون وهاهم يدبرون وسيلة لإنقاذهم من أبيمالك. (أى جعل الشرير الوثنى) فتفسد الوسيلة وينهزم جعل ويسقط كثير من أهل أبيمالك (أى أهل شكيم) قتلى. فالفساد كالنار تأكل بعضها بعضاً.
آية (40): "فهزمه ابيمالك فهرب من قدامه وسقط قتلى كثيرون حتى عند مدخل الباب."
كون أن القتلى حتى عند مدخل الباب يفهم منه أن جَعَلْ حين إنهزم إنسحب إلى داخل شكيم وأغلق أبوابها عليه فرجع أبيمالك وجنوده.
آية (41): "فأقام ابيمالك في أرومة وطرد زبول جعلا واخوته عن الإقامة في شكيم."
بات أبيمالك هذه الليلة فى أرومة. وعاد لشكيم صباحاً ليجهز على جَعَلْ ورجاله ومن ناحية أخرى أهاج زبول بخداعاته أهل شكيم ربما بأن إتهمه بالجبن والجهل وأن هذا سبب هزيمته ثم أقنع أهل شكيم بأن يطردوه.
آية (42): "وكان في الغد أن الشعب خرج إلى الحقل واخبروا ابيمالك."
شعر أهل شكيم بالخوف من إنتقام أبيمالك فحينما رأوه قد عاد إلى شكيم خرجوا لإسترضائه وأخبروه أنهم طردوا جَعَلْ عدوه من شكيم.
آية (43): "فاخذ القوم وقسمهم إلى ثلاث فرق وكمن في الحقل ونظر وإذا الشعب يخرج من المدينة فقام عليهم وضربهم."
كان أبيمالك قد صمم على الإنتقام من أهل شكيم لخيانتهم لهُ. وتظاهر بأنه صدقهم ولكنه كَمُنَ لهم فى الحقل وإذ خرجوا كالعادة وهم مطمئنين بإن أبيمالك قد عفا عنهم قام وضربهم. وهو قتل حتى الشعب الأعزل (الفلاحين) الذين خرجوا لحقولهم.
آية (44): "وابيمالك والفرقة التي معه اقتحموا ووقفوا في مدخل باب المدينة وأما الفرقتان فهجمتا على كل من في الحقل وضربتاه."
وقفوا فى مدخل باب المدينة = حتى لا يهرب أحد من شعبها وحتى لا يغلقوا الأبواب حتى يكمل إنتقامه من كل أهلها.
آية (45): "وحارب ابيمالك المدينة كل ذلك اليوم واخذ المدينة وقتل الشعب الذي بها وهدم المدينة وزرعها ملحا."
زرعها ملحاً = عبارة تعنى أنه خرّب المدينة خراباً شديداً.
الآيات (46-49): "وسمع كل أهل برج شكيم فدخلوا إلى صرح بيت إبل بريث. فاخبر ابيمالك ان كل اهل برج شكيم قد اجتمعوا. فصعد ابيمالك الى جبل صلمون هو و كل الشعب الذي معه و اخذ ابيمالك الفؤوس بيده و قطع غصن شجر و رفعه و وضعه على كتفه و قال للشعب الذي معه ما رايتموني افعله فاسرعوا افعلوا مثلي. فقطع الشعب ايضا كل واحد غصنا و ساروا وراء ابيمالك و وضعوها على الصرح و احرقوا عليهم الصرح بالنار فمات ايضا جميع اهل برج شكيم نحو الف رجل و امراة."
سمع أهل البرج = أى حرس القلعة. سمعوا بما حدث فى المدينة فإحتموا بالبرج وكان حمايتهم هو إلههم بعل بريث. ولكن هل يستطيع البعل حماية أحد !!. هنا نجد أن مثل يوثام قد تحقق حرفياً. خرجت نار من العوسج وإلتهمت أشجار الأرز.
الآيات (50-57): "ثم ذهب ابيمالك إلى تاباص ونزل في تاباص وأخذها. وكان برج قوي في وسط المدينة فهرب إليه جميع الرجال والنساء وكل أهل المدينة وأغلقوا وراءهم وصعدوا إلى سطح البرج. فجاء ابيمالك إلى البرج وحاربه واقترب إلى باب البرج ليحرقه بالنار. فطرحت امرأة قطعة رحى على راس ابيمالك فشجت جمجمته. فدعا حالا الغلام حامل عدته وقال له اخترط سيفك واقتلني لئلا يقولوا عني قتلته امرأة فطعنه الغلام فمات. ولما رأى رجال إسرائيل أن ابيمالك قد مات ذهب كل واحد إلى مكانه. فرد الله شر ابيمالك الذي فعله بابيه لقتله اخوته السبعين. وكل شر أهل شكيم رده الله على رؤوسهم وأتت عليهم لعنة يوثام بن يربعل."
تاباص غالباً كانت ضمن مملكة أبيمالك وتمردت عليه فى هذا التمرد فذهب لها أيضاً ليحرقها كما فعل بشكيم ولكن الله كان قد أنهى زمان حياته بسبب شره وقطعاً فكل إنسان يعرف أنه من الممنوع الإقتراب من أسوار مدينة محاصرة وفى حالة حرب. ولكن من يعاديه الله يفقد كل حكمة فيتصرف كأحمق. لقد إحترق العوسج مع الأشجار التى أحرقها.
الآيات (1-2): "قام بعد ابيمالك لتخليص إسرائيل تولع بن فواه بن دودو رجل من يساكر كان ساكنا في شامير في جبل افرايم. فقضى لإسرائيل ثلاثا وعشرين سنة ومات ودفن في شامير."
قام بعد أبيمالك = المقصود قام بعده زمنياً. فلم يكن أبيمالك قاضياً. وتولع من سبط يساكر. وأقيم قاضياً فى إفرايم. قام ليخلص إسرائيل ربما من تحرشات خفيفة لم تستحق الذكر. تولع = دودة أو قماش قرمزى هذا معنى إسمه ولأن القضاة يرمزون للمسيح. نجد أن تولع يشير للخلاص بدم المسيح بعد أن التهمت النار العوسج ومن أقامه ملكاً عليهم. وشامير = تعنى شوك = فمن إختار طريق الكرامة الزمنية (مثل أبيمالك) قضى أيامه فى الآلام هو ومن تبعه أما من اختار طريق الشوك (المسيح الذى كلل بتاج شوك) جلب السلام لمن تبعه.
الآيات (3-5): "ثم قام بعده يائير الجلعادي فقضى لإسرائيل اثنتين وعشرين سنة. وكان له ثلاثون ولدا يركبون على ثلاثين جحشا ولهم ثلاثون مدينة منهم يدعونها حووث يائير إلى هذا اليوم هي في ارض جلعاد. ومات يائير ودفن في قامون."
بالرجوع إلى (عد 32 : 41) نجد أن يائير بن منسى أخذ مزارع جلعاد ودعاهن حؤوث يائير. ويائير هذا من سبط يهوذا. وتفسير هذا: أحد أمرين:
1. ربما يائير هو من سبط منسى وقاضى وأضيف إسمه فى سفر العدد والتثنية بعد زمان موسى.
2. أن يائير القاضى هو إبن يائير بن منسى وقد ثبتت ملكيته لأراضى أبيه وظلت المدن بإسمها حؤوث يائير وهذا معنى قوله إلى هذا اليوم. ثلاثون جحشاً = لم يكن هناك خيول. وكان من يركب الجحش علامة على الكرامة والغنى. ولهم ثلاثون مدينة = هى فى حقيقتها 30 مزرعة امتلأت مبانى ومنشأت فدعيت مدن. وسميت حؤوث يائير = أى مزارع يائير. وكلمة يائير = تعنى ينير فالقاضى يائير يرمز للمسيح الذى أرسل روحه القدوس ينير للعالم. ونحن نحصل على هذه الإستنارة بالروح القدس بواسطة المعمودية (يرمز لها رقم 30 السن التى إعتمد فيها المسيح) وصارت لنا كرامة وغنى الروح القدس (رمزها ركوب الجحش).
آية (6): "وعاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب وعبدوا البعليم والعشتاروث وإلهة أرام وإلهة صيدون وإلهة مواب وإلهة بني عمون وإلهة الفلسطينيين وتركوا الرب ولم يعبدوه."
عادة ما تبدأ العبادة الوثنية جنباً مع جنب مع عبادة الله (كما يقول أحدهم الأن لا داعى للتعصب) ثم بعد قليل يتركون عبادة الرب وينغمسون فى العبادة الوثنية.
الآيات (7-9): "فحمي غضب الرب على اسرائيل و باعهم بيد الفلسطينيين و بيد بني عمون. فحطموا ورضضوا بني إسرائيل في تلك السنة ثماني عشرة سنة جميع بني إسرائيل الذين في عبر الأردن في ارض الاموريين الذين في جلعاد. و عبر بنو عمون الاردن ليحاربوا ايضا يهوذا و بنيامين و بيت افرايم فتضايق اسرائيل جدا."
حطموا ورضضوا = تعبير مستعار من الطحن بالرحى. الله يتركهم يتذوقوا مرارة ما إختاروه. فصاروا فى مذلة 18 سنة لمن عبدوا الهتهم.
آية (10): "فصرخ بنو إسرائيل إلى الرب قائلين اخطانا إليك لأننا تركنا إلهنا وعبدنا البعليم."
صراخهم للرب كان لأنه أحبوا نفوسهم ولم يحبوا الله. لذلك لم تكن إستجابة الرب سريعة بل عاتبهم على تصرفاتهم الجاحدة فى مقابل محبته ورعايته وخلاصه.
الآيات (11-13): " فقال الرب لبني اسرائيل اليس من المصريين و الاموريين و بني عمون و الفلسطينيين خلصتكم. و الصيدونيون و العمالقة و المعونيون قد ضايقوكم فصرختم الي فخلصتكم من ايديهم. وانتم قد تركتموني وعبدتم إلهة أخرى لذلك لا أعود أخلصكم."
لا أعود أخلصكم = لا ليغلق الباب أمام مراحمه. بل هى أبوة حازمة فيها يخبرهم الله أنه لن يخلصهم طالما هم فى خطاياهم. فعليهم أولاً أن يزيلوا الألهة الغريبة.
آية (14): "امضوا واصرخوا إلى الإلهة التي اخترتموها لتخلصكم هي في زمان ضيقكم."
عتاب رقيق من الله أن يذهبوا الأوثان التى مازالت فى وسطهم. ومعنى الآية أنه طالما أن هذه الأوثان فى وسطهم لن أخلصكم. الله فى عتابه يدخل بهم إلى عمق المشكلة، أو السبب الحقيقى للمشكلة.
ملحوظة (1): فى الآية 11 يقول فقال الرب لبنى إسرائيل = كان هذا بواسطة نبى أو كاهن.
ملحوظة (2): بمقارنة آية 6 مع آية 12 نجد سبع شعوب قد أذلت إسرائيل فى مقابل سبع ألهة وثنية عبدها إسرائيل.
الآيات (16،15): "فقال بنو اسرائيل للرب اخطانا فافعل بنا كل ما يحسن في عينيك انما انقذنا هذا اليوم. وأزالوا الإلهة الغريبة من وسطهم وعبدوا الرب فضاقت نفسه بسبب مشقة إسرائيل."
وأزالوا الآلهة.... فضاقت نفس الرب = إرجعوا الىّ إرجع إليكم (زك 1 : 3) الأن بعد أن أزالوا الألهة الغريبة يعود الرب ليخلص. فهو لا يحتمل مشقة أولاده ولا يحتمل دموعهم (نش 6 : 5 + هو 11 : 8، 9 + 1 مل 21 : 19، 25، 29).
الآيات (18،17): "فاجتمع بنو عمون ونزلوا في جلعاد واجتمع بنو إسرائيل ونزلوا في المصفاة. فقال الشعب رؤساء جلعاد الواحد لصاحبه اي هو الرجل الذي يبتدئ بمحاربة بني عمون فانه يكون راسا لجميع سكان جلعاد"
إذ رجع الله لشعبه كان يهيئ لهم مخلصاً هو يفتاح ليرد عنهم بنى عمون.
الآيات (1–3): "وكان يفتاح الجلعادي جبار باس وهو ابن امرأة زانية وجلعاد ولد يفتاح. ثم ولدت امرأة جلعاد له بنين فلما كبر بنو المرأة طردوا يفتاح وقالوا له لا ترث في بيت أبينا لأنك أنت ابن امرأة أخرى. فهرب يفتاح من وجه اخوته وأقام في ارض طوب فاجتمع إلى يفتاح رجال بطالون وكانوا يخرجون معه."
كلمة يفتاح = الذى يفتح. إبناً لإمراة زانية = الكلمة كما سبق وقلنا مع راحاب قد تعنى صاحبة فندق، وهى عموماً كنعانية غريبة عن شعب الرب وليست إسرائيلية. وكونه أبن زنا فهذا لا يعيبه فالأبن لا يطالب بخطية أبيه فالنفس التى تخطئ هى تموت (حز 18 : 4). لذلك فبولس الرسول يحسب يفتاح فى عداد الأبرار (عب 11 : 32). ولكن اجتماعياً فأبن الزنا يعامل معاملة سيئة ولذلك حرمته الشريعة من دخول جماعة، أى من العضوية فى المجمع حتى لا يُعيَّر بكونه أبن زنا لكن كان هذا لا يحرمه من قيادة الجيش والقضاء ولا التمتع بالميراث الأبدى. ولقد طرده أخوته فخسروه بلا ذنب إرتكبه هو. ونتيجة معاملة المجتمع السيئة لهُ ألتصق بالأشرار وصار زعيماً لهم وربما فى السلب والنهب. وكان جبار بأس. ونلاحظ ان الله لهُ طرق متعددة فى دعوة رجاله وإعدادهم. فهنا لم يظهر ملاك ليفتاح كما ظهر لجدعون ولوالدى شمشون. ولكن الله إستعمل الطريق الطبيعى فالشعب جلس يفكر فى قائد والله أرشده ليفتاح كقائد مناسب. وكان الله قد سمح بكل هذه الظروف التى أحاطت بحياته كأعداد لهُ. فالله استفاد من كونه جبار بأس طريد عنيف ليقود الجيش الخائر فيحسن قيادته. وككل قاضٍ فهو له رموز للمسيح :
1. إسمه "الذى يفتح" والمسيح هو الذى يفتح ولا أحد يغلق (رؤ 3 : 7).
2. يفتاح كان مطروداً ومرفوضاً من إخوته وهكذا المسيح الذى لم يجد مكاناً يولد فيه وليس لهُ أى يسند رأسه.
3. ويفتاح المطرود قبل أن يخلص من طردوه والمسيح فتح قلبه وبالحب على الصليب ليضم الجميع. وفتح لنا باب الفردوس.
وقد دُعى يفتاج الجلعادى من جانبين :
1. نشأ فى جلعاد.
2. أبيه يدعى جلعاد.
الآيات (4-11): "وكان بعد أيام أن بني عمون حاربوا إسرائيل. ولما حارب بنو عمون إسرائيل ذهب شيوخ جلعاد ليأتوا بيفتاح من ارض طوب. وقالوا ليفتاح تعال وكن لنا قائدا فنحارب بني عمون.فقال يفتاح لشيوخ جلعاد أما أبغضتموني انتم وطردتموني من بيت أبى فلماذا أتيتم إلى الآن إذ تضايقتم. فقال شيوخ جلعاد ليفتاح لذلك قد رجعنا الآن إليك لتذهب معنا وتحارب بني عمون وتكون لنا رأسا لكل سكان جلعاد.فقال يفتاح لشيوخ جلعاد إذا أرجعتموني لمحاربة بني عمون ودفعهم الرب أمامي فأنا أكون لكم رأسا. فقال شيوخ جلعاد ليفتاح الرب يكون سامعا بيننا أن كنا لا نفعل هكذا حسب كلامك. فذهب يفتاح مع شيوخ جلعاد وجعله الشعب عليهم رأسا وقائدا فتكلم يفتاح بجميع كلامه أمام الرب في المصفاة."
حيت طُرِد يفتاح من جلعاد استند إخوته على حكم من شيوخ جلعاد. والآن جاء الشيوخ أنفسهم يسألونه أن يكون قائداً. فهو معروف بقوته وجبروته وأنه جبار بأس ومشهور بجرأته كزعيم عصابة. وقالوا له كُن لنا قائداً = كلمة قائد التى استخدمها الشيوخ تعنى فى الحرب فقط ويفتاح لم يقبل أن يكون قائداً فى الحرب فقط بل طلب أن يكون لهم رأساً أى قائد فى الحرب وفى السلم. ونجده يعاتب الشيوخ على قرارهم السابق بطرده = أما أبغضتمونى. وهم أعلنوا أسفهم على ذلك بقولهم لذلك قد رجعنا الأن إليك. وقد قبل الشيوخ أن يكون لهم رأساً فدخل يفتاح فى علاقة مع الرب فى المصفاة (آية 11) وكأنه تسلم العمل من يدى الرب وليس من أيدى الشيوخ = فتكلم يفتاح بجميع كلامه أمام الرب. وطالما أرسله الرب فهو ملأه بالروح ونجده قد تغير بعد ذلك تماماً وصارت لهُ حكمة ومواقف إيمان.
آية (12): "فأرسل يفتاح رسلا إلى ملك بني عمون يقول ما لي ولك انك أتيت إلى للمحاربة في ارضي."
ظهرت حكمة يفتاح فى أنه بدأ عمله بروح الحكمة والحوار وطلب السلم وليس بالحرب. وأرسل رسالة عتاب لملك بنى عمون أن لا يحاربه فى أرضه.
آية (13): "فقال ملك بني عمون لرسل يفتاح لان إسرائيل قد اخذ ارضي عند صعوده من مصر من ارنون إلى اليبوق وإلى الأردن فالان ردها بسلام."
إدّعى ملك بنى عمون أن إسرائيل فى صعوده من مصر أخذ أرض بنى عمون وحقيقة الأمر أن الله منع إسرائيل من التعدى على أرض موآب وأرض بنى عمون. فكلام ملك بنى عمون (تث 2 : 9،19). ولكن الأرض موضع خلافهم كانت فى الأصل لبنى عمون وقد أستولى عليها الأموريون (عد 21 : 26). وبنى إسرائيل أخذوا الأرض من الأموريون وليس من بنى عمون.
الآيات (14-27): "وعاد أيضا يفتاح وأرسل رسلا إلى ملك بني عمون. وقال له هكذا يقول يفتاح لم يأخذ إسرائيل ارض مواب ولا ارض بني عمون. لأنه عند صعود إسرائيل من مصر سار في القفر إلى بحر سوف وأتى إلى قادش.و أرسل إسرائيل رسلا إلى ملك أدوم قائلا دعني اعبر في أرضك فلم يسمع ملك أدوم فأرسل أيضا إلى ملك مواب فلم يرض فأقام إسرائيل في قادش. وسار في القفر ودار بأرض أدوم وارض مواب وأتى من مشرق الشمس إلى ارض مواب ونزل في عبر ارنون ولم يأتوا إلى تخم مواب لان ارنون تخم مواب. ثم أرسل إسرائيل رسلا إلى سيحون ملك الاموريين ملك حشبون وقال له إسرائيل دعني اعبر في أرضك إلى مكاني. ولم يأمن سيحون لإسرائيل أن يعبر في تخمه بل جمع سيحون كل شعبه ونزلوا في ياهص وحاربوا إسرائيل. فدفع الرب اله إسرائيل سيحون وكل شعبه ليد إسرائيل فضربوهم وامتلك إسرائيل كل ارض الاموريين سكان تلك الأرض. فامتلكوا كل تخم الاموريين من ارنون إلى اليبوق ومن القفر إلى الأردن. والآن الرب اله إسرائيل قد طرد الاموريين من أمام شعبه إسرائيل افانت تمتلكه. أليس ما يملكك إياه كموش إلهك تمتلك وجميع الذين طردهم الرب إلهنا من أمامنا فإياهم نمتلك. والآن فهل أنت خير من بالاق بن صفور ملك مواب فهل خاصم إسرائيل او حاربهم محاربة. حين أقام إسرائيل في حشبون وقراها وعروعير وقراها وكل المدن التي على جانب ارنون ثلاث مئة سنة فلماذا لم تستردها في تلك المدة. فأنا لم أخطئ إليك وأما أنت فانك تفعل بي شرا بمحاربتي ليقض الرب القاضي اليوم بين بني إسرائيل وبني عمون."
كانت حجج يفتاح فى الرد على ملك بنى عمون:
1. ان الأرض التى أستولى عليها إسرائيل هى أرض سيحون وعوج اللذين منعوا إسرائيل من المرور فى أرضهما بل خرجا لمحاربة إسرائيل وهزمهما إسرائيل وأخذوا أرضهما فمطالبة بنى عمون الأن بالأرض هى بدون وجه حق.
2. لقد إستولى إسرائيل على الأرض منذ حوالى 300 عام فصارت الأرض ملكاً لهم بوضع اليد (آية 26) يفتاح يتكلم غالباً وهو فى القرن الثالث بعد دخول أرض الميعاد ولكنه يقول 300 عام كرقم شامل.
3. ما ناله إسرائيل ليس من يد بنى عمون ولكن من يد الرب عطية إلهية (آية 23) وكأن موضوع الحوار ليس الأرض وإنما مملكة الله فالأرض أعطاها لهم الله فهل يرفضوها، بل كان تراخى فى إمتلاكها يحسب إهانة لله وبنفس الفكر (1كو 6 : 15).
4. أستشهد يفتاح بأن موآب لم تطالب بالأرض كما يفعل بنى عمون الأن (آية 25).
آية (28): "فلم يسمع ملك بني عمون لكلام يفتاح الذي أرسل إليه."
رفض ملك بنى عمون السِلمْ وعرض يفتاح فهو تعود لمدة 18 سنة أن يستغل إسرائيل وهم صامتين والأن يريد أن يلتهمها كلها.
آية (29): "فكان روح الرب على يفتاح فعبر جلعاد ومنسى وعبر مصفاة جلعاد ومن مصفاة جلعاد عبر إلى بني عمون."
كان الروح على يفتاح ليتنبأ بل ليعطيه موهبة قيادة الجيش فالله يعده للعمل الذى أرسله إليه.
الآيات (30-31): "ونذر يفتاح نذرا للرب قائلا أن دفعت بني عمون ليدي. فالخارج الذي يخرج من أبواب بيتي للقائي عند رجوعي بالسلامة من عند بني عمون يكون للرب واصعده محرقة."
بتأثير الجو الكنعانى الوثنى والأم الكنعانية أعتقد يفتاح أنه يرضى الله بالذبائح البشرية. وهو نذر ليس فيه شئ من الحكمة والله لا يوافق عليه. ولكن الله صمت ولم يمنع تقديم الإبنة كنذر:
1. ليلقن كل المؤمنين درساً قاسياً أن هذا النذر بهذا الأسلوب أى تقديم نفوس بشرية كذبائح هو شئ مرفوض.
2. حتى يتعلم يفتاح الدرس بصفة شخصية سمح الله لإبنته العذراء أن تخرج هى للقائه فصارت القصة مريرة ولكن هل لو قابلته أى عذراء أخرى كان سيشعر بنفس المرارة ؟ هو لن يشعر لكن أهلها سيشعرون إذن هو درس لهُ.
عموماً فالنذر ليس ثمناً فالله يعطيه من محبته مجاناً بدون ثمن ويعطى بسخاء ولا يُعيِّر. ولكن النذر هو تعبير عن شكر. ولكن هذا النذر غير المقبول كان نذراً قاسياً وكان تحقيقه أكثر مرارة. ولا توجد مقارنة بين هذه القصة وتقديم إسحق محرقة. فالله الذى طلبه ليشرح قصة فداء المسيح لذلك لم يترك إبراهيم يذبحه. ولكن يُحسب ليفتاح ولأبنته إنهما قبلا تنفيذ النذر ولم يتراجعا. فهما بجهل من كليهما أشتاق أن يقدما أغلى ما عندهما لله فقدما شئ لا يوافق الله عليه لكن ما فعلاه كان يعبر عن حب شديد وإخلاص شديد لله.
الآيات (32-40): "ثم عبر يفتاح الى بني عمون لمحاربتهم فدفعهم الرب ليده. فضربهم من عروعير الى مجيئك الى منيت عشرين مدينة و الى ابل الكروم ضربة عظيمة جدا فذل بني عمون امام بني اسرائيل. ثم اتى يفتاح الى المصفاة الى بيته و اذا بابنته خارجة للقائه بدفوف و رقص و هي وحيدة لم يكن له ابن و لا ابنة غيرها. و كان لما راها انه مزق ثيابه و قال اه يا بنتي قد احزنتني حزنا و صرت بين مكدري لاني قد فتحت فمي الى الرب و لا يمكنني الرجوع. فقالت له يا ابي هل فتحت فاك الى الرب فافعل بي كما خرج من فيك بما ان الرب قد انتقم لك من اعدائك بني عمون. ثم قالت لابيها فليفعل لي هذا الامر اتركني شهرين فاذهب و انزل على الجبال و ابكي عذراويتي انا و صاحباتي. فقال اذهبي و ارسلها الى شهرين فذهبت هي و صاحباتها و بكت عذراويتها على الجبال. و كان عند نهاية الشهرين انها رجعت الى ابيها ففعل بها نذره الذي نذر و هي لم تعرف رجلا فصارت عادة في اسرائيل. ان بنات اسرائيل يذهبن من سنة الى سنة لينحن على بنت يفتاح الجلعادي اربعة ايام في السنة."
الآية (1): "اجتمع رجال افرايم وعبروا إلى جهة الشمال وقالوا ليفتاح لماذا عبرت لمحاربة بني عمون ولم تدعنا للذهاب معك نحرق بيتك عليك بنار."
نفس ما فعلهُ إفرايم مع جدعون ها هم يكررونه ثانية مع يفتاح، وهم خافوا من حرب بنى عمون والأن بعد أن إنتصر يفتاح يثيرون المشاكل لأنهم فى كبريائهم يرفضون أن يقضى عليهم يفتاح أو يحكمهم. فهم يطلبون الرئاسة دائماً. ونلاحظ أنهم فعلوا ذلك عوضاً عن أن يشكروا يفتاح على الخلاص الذى صنعه أو يواسونه على فقده لإبنته. لقد حسبوا إنقاذه لسائر إسرائيل دون الأعتراف بسيادتهم ذنباً لا يغتفر. وكان هناك فرقين بين حادثة جدعون وحادثة يفتاح :
1. كان جدعون هادئ طويل البال بينما يفتاح كان رجل حرب عنيف محطم لفقد إبنته.
2. جاء إفرايم هذه المرة بوحشية وبرجال حرب لحرق بيت يفتاح، بل جاءوا بالألاف. ومن عدد القتلى من أفرايم نفهم أنهم عبروا بجيش كبير ليحاربوا يفتاح. إذاً هم جاءوا ليس للعتاب بل للحرب.
الآيات (2-4): "فقال لهم يفتاح صاحب خصام شديد كنت أنا وشعبي مع بني عمون وناديتكم فلم تخلصوني من يدهم. ولما رأيت أنكم لا تخلصون وضعت نفسي في يدي وعبرت إلى بني عمون فدفعهم الرب ليدي فلماذا صعدتم علي اليوم هذا لمحاربتي. جمع يفتاح كل رجال جلعاد وحارب افرايم فضرب رجال جلعاد افرايم لأنهم قالوا انتم منفلتو افرايم جلعاد بين افرايم ومنسى."
كان رد يفتاح عليهم :
1. وبخهم معلناً أنه دعاهم للحرب فلم يستجيبوا.
2. إذاً هم كاذبين فى تهجمهم عليه بأنه لم يدعهم للحرب، بل هم مهملين متخاذلين.
3. أن يفتاح عرض حياته للخطر من أجلهم.
4. فدفعهم الرب ليدى = فالله هو الذى أعطى النصر فكل مقاومة ليفتاح هى مقاومة لله.
وعوضاً أن يرجع رجال إفرايم بعد هذا الرد المقنع إزدادوا ثورة وبدأوا فى إهانة الجلعاديين بقولهم أنهم منفلتو أفرايم، جلعاد بين أفرايم ومنسى = أى أن أهل جلعاد هم مجموعة من الهاربين من أفرايم بسبب إجرامهم (لصوصية وقتل.. ألخ) فكانوا يهربون من أفرايم ولا يذهبون إلى منسى بل يبقون فى جلعاد، أى يلجأون إلى الأرض التى بين أراضى السبطين. لذلك وبسبب هذه الإهانات وثورتهم هاجمهم يفتاح وضرب منهم 42.000.
الآيات (5-7): "فاخذ الجلعاديون مخاوض الأردن لافرايم وكان إذ قال منفلتو افرايم دعوني اعبر كان رجال جلعاد يقولون له اانت افرايمي فان قال لا. كانوا يقولون له قل اذا شبولت فيقول سبولت و لم يتحفظ للفظ بحق فكانوا ياخذونه و يذبحونه على مخاوض الاردن فسقط في ذلك الوقت من افرايم اثنان و اربعون الفا. و قضى يفتاح لاسرائيل ست سنين و مات يفتاح الجلعادي و دفن في احدى مدن جلعاد."
وقف الجلعاديون عند مخاوض الأردن = أى الأماكن التى يعبر منها رجال أفرايم للرجوع لبلادهم غرب الأردن، حتى لا يهرب الأفرايمين إلى إفرايم. وكانوا يسألون من يعبر هل أنت إفرايمى فلو قال نعم قتلوه وإن قال لا إمتحنوه بلفظ شبولت وتعنى مخاضة فالإفرايميين ينطقوها سبولت (فى بعض بلاد الصعيد يقولون عن الشمس سمس). سبط إفرايم سحقه كبريائه.
الآيات (9،8): "و قضى بعده لاسرائيل ابصان من بيت لحم. وكان له ثلاثون ابنا وثلاثون ابنة أرسلهن إلى الخارج وأتى من الخارج بثلاثين ابنة لبنيه وقضى لإسرائيل سبع سنين."
زوج الكل من الخارج ليتسع نطاق العائلة = أرسلهم للخارج.
القضاة الثلاثة أبصان / أيلون / عبدون. لا نعرف عنهم الكثير فهم قضوا أياماً هادئة ولم توجد فى حياتهم مواقف معينة ولكن لأمانتهم إستحقوا أن تسجل أسمائهم فى الكتاب المقدس.
الآيات (10-15): "و مات ابصان و دفن في بيت لحم. و قضى بعده لاسرائيل ايلون الزبولوني قضى لاسرائيل عشر سنين. و مات ايلون الزبولوني و دفن في ايلون في ارض زبولون. و قضى بعده لاسرائيل عبدون بن هليل الفرعتوني. و كان له اربعون ابنا و ثلاثون حفيدا يركبون على سبعين جحشا قضى لاسرائيل ثماني سنين. و مات عبدون بن هليل الفرعتوني و دفن في فرعتون في ارض افرايم في جبل العمالقة."
الإصحاحات (13-16) هى قصة شمشون وهو يرمز للمسيح فى أشياء عديدة. نذكرها ونضع بجانبها علامةÅ. وشمشون غالباً كان معاصراً ليفتاح. فيفتاح خلص إسرائيل من بنى عمون وشمشون خلصهم من الفلسطينيين. وكان للفلسطينيون شأن عظيم فى ذلك الزمان حتى أيام داود. وهم لم يخضعوا إسرائيل عسكرياً لكنهم كانوا يستغلونهم ويرهبونهم ويضايقونهم. والفلسطينيين ليسوا كنعانيين بل هم من جزيرة كريت (كفتور) لذلك كانوا يسمون بالكفتوريون.
آية (1): "ثم عاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب فدفعهم الرب ليد الفلسطينيين أربعين سنة."
يرى البعض أن الأربعين سنة إنتهت بما ورد فى (1صم 7 : 13). فيكون عالى الكاهن قد مات نحو الزمان الذى بلغ فيه شمشون كمال الرجولية.
آية (2): "وكان رجل من صرعه من عشيرة الدانيين اسمه منوح وامرأته عاقر لم تلد."
1. والدة شمشون كانت عاقراً لا تلد وولادتها كانت ببشارة ملاك والعذراء مريم كان لا زوج لها وولدت ببشارة ملاك. وشمشون والمسيح كلاهما جاء لخلاص شعبه من محنة عبودية.
2. كلاهما خلّص شعبه بقوة ذراعيه لكن شمشون خلّص بقوة جسدية بينما المسيح فتح ذراعيه على الصليب. وكانت أم شمشون عاقراً (وهذا علامة غضب الله عند اليهود) ولكن إنتظار الله بإيمان يعطى ثمراً كثيراً.
آية (3): "فتراءى ملاك الرب للمرأة وقال لها ها أنت عاقر لم تلدي ولكنك تحبلين وتلدين ابنا."
الملاك يؤكد لأم شمشون أنها عاقر أى حسب الطبيعة لا يمكن أن تنجب. فما تناله إذاً هو ثمرة وعد إلهى من محبة الله. وهذا ما كان مع العذراء مريم.
آية (4): "والآن فاحذري ولا تشربي خمرا ولا مسكرا ولا تأكلي شيئا نجسا."
لا تشر بى خمراً = الله يهيئ لشمشون جواً مقدساً وهو بعد جنين فى بطن أمه Å3 أم شمشون تقدست قبل أن تلده. والله إختار اليهود شعباً مقدساً ليأتى منه المسيح.
آية (5): "فها انك تحبلين وتلدين ابنا ولا يعل موسى رأسه لان الصبي يكون نذيرا لله من البطن وهو يبدا يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين."
يكون نذيراً لله = Å 4 المسيح لم يكن نذيراً بالمفهوم اليهودى ولكن هو كان لأبيه فى كل شىء، يعمل إرادته، نقياً بلا خطية. وكان النذيرين رمزاً للمسيح. يبدأ يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين = فالخلاص بدأ بشمشون وأكمل صموئيل العمل ثم بعده شاول الملك وأنهى العمل داود الملك. فالله أراد أن أن الخلاص يأتى تدريجياً ولذلك كان تأديب الفلسطينيين تدريجياً ولم يأتى شمشون كقائد عسكرى مثل جدعون أمّا المسيح فبدأ وأنهى الخلاص فكان هو شمشون وداود فى وقت واحد Å5.
الآيات (6،7): "فدخلت المرأة وكلمت رجلها قائلة جاء إلى رجل الله ومنظره كمنظر ملاك الله مرهب جدا ولم أساله من أين هو ولا هو اخبرني عن اسمه. وقال لي ها أنت تحبلين وتلدين ابنا والآن فلا تشربي خمرا ولا مسكرا ولا تأكلي شيئا نجسا لان الصبي يكون نذيرا لله من البطن إلى يوم موته."
كلمات أم شمشون كلها ثقة وإيمان ولم تتشكك مثل سارة.
آية (8): "فصلى منوح إلى الرب وقال أسألك يا سيدي أن يأتي أيضا إلينا رجل الله الذي أرسلته ويعلمنا ماذا نعمل للصبي الذي يولد."
منوح وثق فى كلام المرأة لكنه إشتاق أن يرى هو أيضاً رجل الله كزوجته.
آية (9): "فسمع الله لصوت منوح فجاء ملاك الله أيضا إلى المرأة وهي جالسة في الحقل ومنوح رجلها ليس معها."
ملاك الرب (هو أحد ظهورات المسيح قبل التجسد) يحقق لمنوح طلبته ويظهر ثانية.
الآيات (10-14): "فاسرعت المراة و ركضت و اخبرت رجلها و قالت له هوذا قد تراءى لي الرجل الذي جاء الي ذلك اليوم. فقام منوح و سار وراء امراته و جاء الى الرجل و قال له اانت الرجل الذي تكلم مع المراة فقال انا هو. فقال منوح عند مجيء كلامك ماذا يكون حكم الصبي و معاملته. فقال ملاك الرب لمنوح من كل ما قلت للمراة فلتحتفظ. من كل ما يخرج من جفنة الخمر لا تاكل و خمرا و مسكرا لا تشرب و كل نجس لا تاكل لتحذر من كل ما اوصيتها."
آية (15): "فقال منوح لملاك الرب دعنا نعوقك ونعمل لك جدي معزى."
هنا منوح يظن أن ملاك الرب إنسان عادى أو ربما نبى فأراد تقديم طعام لهُ.
آية (16): "فقال ملاك الرب لمنوح ولو عوقتني لا أكل من خبزك وأن عملت محرقة فللرب اصعدها لان منوح لم يعلم انه ملاك الرب."
الملاك يشرح لمنوح أنه ليس إنساناً ليأكل = لا أكل خبزك ليصحح لهُ مفهومه وإن عملت محرقة للرب أصعدها = لا يفهم من هذا أنه ليس الرب حتى لا يقبل المحرقة، بل على منوح أن يفهم أولاً أنهُ الرب. لأن منوح كان يظن أنه يكلم إنسان حتى هذه اللحظة فكيف تقدم محرقة لإنسان. هذه مثل حديث المسيح للشاب لماذا تدعونى صالحاً، ليس أحد صالحاً إلاّ الله وحده وقوله للمجدلية "لاتلمسينى".
آية (17): "فقال منوح لملاك الرب ما اسمك حتى إذا جاء كلامك نكرمك."
ما إسمك = حتى إذا تحقق كلامك نأتى إليك ونكرمك. فحتى هذه اللحظة كان منوح لم يعرف بعد أنه الرب Å 6 "جاء إلى العالم والعالم لم يعرفه" وهذا قيل عن المسيح.
آية (18): "فقال له ملاك الرب لماذا تسال عن اسمي وهو عجيب."
عجيب = وهكذا قيل عن المسيح يُدعى إسمه عجيباً (1ش 9 : 6). ولكن فى العهد الجديد صار إسمه معروفاً فهو يهوة المخلص ولكن هذا السر كان مكتوماً فى العهد القديم. وكون إسمه عجيب فهذا يشير لأنه فائق للإدراك والنطق، يدخل بالقلب إلى حالة التعجب.
آية (19): "فاخذ منوح جدي المعزى والتقدمة واصعدهما على الصخرة للرب فعمل عملا عجيبا ومنوح وامرأته ينظران."
ربما من الجملة الأخيرة بدأ منوح يفهم أن من يكلمه هو الرب فقدم له المحرقة والمسيح هو الصخرة التى نقدم عليها ذبائح حبنا، إذ هو صار ذبيحة حبنا.
آية (20): "فكان عند صعود اللهيب عن المذبح نحو السماء أن ملاك الرب صعد في لهيب المذبح ومنوح وامرأته ينظران فسقطا على وجهيهما إلى الأرض."
ما حدث هو صورة حية للعمل الخلاص بالصليب، ففيه يقدم السيد المسيح نفسه ذبيحة حب ملتهبة ناراً خلالها يمحو كل خطايانا. الصورة التى أمامنا فيها تلتحم الذبيحة بدمها مع النار الإلهية مع الأقنوم الإلهى الذى دخل للسماء (الأقدس) بدم نفسه ليجد فداء أبدياً ويشفع فينا (عب 9 : 12) فهو الذى جاء من السماء وصعد إلى السماء (يو 3 : 13 + 6 : 62). ولذلك كان منوح وزوجته ينظران كما التلاميذ أثناء الصعود.
الآيات (22،21): "ولم يعد ملاك الرب يتراءى لمنوح و امراته حينئذ عرف منوح انه ملاك الرب. ولم يعد ملاك الرب يتراءى لمنوح وامرأته حينئذ عرف منوح انه ملاك الرب."
إعتقد منوح أنه سيموت لأن الله قال لموسى " لا يرانى الإنسان ويعيش" لكن الله كان يقصد أننا لا يمكن أن نراه فى مجده ونحن بعد فى جسدنا الخاطىء.
آية (23): "فقالت له امرأته لو أراد الرب أن يميتنا لما اخذ من يدنا محرقة وتقدمه ولما أرانا كل هذه ولما كان في مثل هذا الوقت اسمعنا مثل هذه."
كانت وجهة نظر إمرأة منوح صحيحة تماماً. والله ظهر بعد أن حجب مجده فلم يموتا.
الآيات (24،25): "فولدت المرأة ابنا ودعت اسمه شمشون فكبر الصبي وباركه الرب. و ابتدا روح الرب يحركه في محلة دان بين صرعة و اشتاول."
شمشون = قوة الشمس وهم غالباً أسموه هكذا لأن بميلاده سيبدأ الخلاص ويشرق نور الحرية من الفلسطينيين حسب وعد الرب. والمسيح شمس البر Å 7 وإبتدأ روح الرب يحركه = والمسيح إمتلأ بالروحورافقه الروح.
الآيات (1-4): "ونزل شمشون إلى تمنة ورأى امرأة في تمنة من بنات الفلسطينيين. فصعد واخبر أباه وأمه وقال قد رأيت امرأة في تمنة من بنات الفلسطينيين فالان خذاها لي امرأة. فقال له أبوه وأمه أليس في بنات اخوتك وفي كل شعبي امرأة حتى انك ذاهب لتأخذ امرأة من الفلسطينيين الغلف فقال شمشون لأبيه إياها خذ لي لأنها حسنت في عيني. ولم يعلم أبوه وأمه أن ذلك من الرب لأنه كان يطلب علة على الفلسطينيين وفي ذلك الوقت كان الفلسطينيون متسلطين على إسرائيل."
الزواج بأممية ليس بحسب ناموس موسى بل هو ضده، إذاً فهى ضد مشيئة الله. فلماذا قيل أن ذلك من الرب = لقد أخطأ شمشون فى طلبه هذا فهو تصرف وفقاً لهواه وإختار إمرأة وثنية لكن الله لأنه يريد تأديب أعداء شعبه ولأن الله قادر أن يجعل كل الأمور تعمل معاً للخير فهو سمح بهذا ليستغله لخير شعبه. وهل شمشون وهو بلا شك قد أخطأ فى هذا الإختيار هل ممكن أنه يرمز للمسيح ككل قاضٍ؟ بلا شك شمشون كان يرمز للمسيح فى أنه 8 هو نزل ليخطب لنفسه إمرأة وثنية. والمسيح نزل لعالمنا ليخطب لهُ من بين الأمم عروساً هى كنيسته، يخطبها لنفسه روحياً 9 وكما لم يسترح أبو شمشون لهذه الخطبة لم يسترح الشعب اليهودى لعلاقة المسيح بالأمم ولم يفهموا أن الأمر من الله. 10 بهذه الخطبة بدأ شمشون فى مضايقة أعداء شعبه. والمسيح حينما بدأ يخطب عروسه الكنيسة بدأ يضايق أعداء شعبه (الشياطين) تمهيداً لضربهم تماماً.
والمسيح كان بلا خطية ولكن حمل خطايانا ومات بها على الصليب فهو أدانها على الصليب وحطمها 11 وهكذا شمشون ولكن شمشون كانت لهُ خطاياه فعلاً رمزاً للمسيح الذى وهو بلا خطية صار خطية لأجلنا. وشمشون بموته تحت أنقاض الهيكل الفلسطينى أدينت خطاياه فى جسده الذى مات بسبب الخطية. وكان فى موته هلاك أقطاب الفلسطينيين (16 : 30).
ونلاحظ ان الله لم يريد حرباً عامة ضد الفلسطينيين بل مجرد مضايقتهم وتأديبهم لأن الفلسطينيين لم يحاربوا إسرائيل بل عن طريق جبابرتهم إغتصبوا مقتنيات اليهود ووضعوا جزية عليهم فالله يرد عليهم بالمثل. لذلك لم يرسل الله قائداً كجدعون. تمنة = 740 قدماً عن سطح البحر. بينما صرعة مدينة شاول إرتفاعها 1500 قدم لذلك قيل ونزل شمشون رمزاً لنزول المسيح.
الآيات (5-9): "فنزل شمشون وأبوه وأمه إلى تمنة وأتوا إلى كروم تمنة وإذا بشبل أسد يزمجر للقائه. فحل عليه روح الرب فشقه كشق الجدي وليس في يده شيء ولم يخبر أباه وأمه بما فعل. فنزل وكلم المرأة فحسنت في عيني شمشون. ولما رجع بعد أيام لكي يأخذها مال لكي يرى رمة الأسد وإذا دبر من النحل في جوف الأسد مع عسل. فاشتار منه على كفيه وكان يمشي ويأكل وذهب إلى أبيه وأمه وأعطاهما فأكلا ولم يخبرهما انه من جوف الأسد اشتار العسل."
الله أعطى قوة لشمشون، وأعطاه هنا أن يختبر قوته فيثق فى نفسه فالله يدربه ليستطيع أن يقف أمام الفلسطينيين. وهكذا صنع الله مع داود. فداود قتل أسداً ودباً فوثق فى إمكانية قتل جلياط الجبار. وكان قتل الأسد وأكل العسل من جوفه تمهيداً للغز الذى حيَّر الفلسطينيين. هنا يظهر شمشون أقوى من الآخرين لأن روح الرب يحركه ويقوده والمسيح لم يكن فى قوته أحد 12 فهو لهُ سلطان على كل شىء حتى الطبيعة وحتى الموت. وشمشون كان يعمل بمفرده كما قيل عن المسيح دُست المعصرة وحدى 13. وهزم شمشون الأسد والمسيح هزم الشيطان الذى يجول كأسد زائر يلتمس أن يبتلع عروسه 14 ووالدى شمشون لم يعرفا سر هزيمة الأسد وقتله واليهود للأن لم يعرفا سر الصليب 15 وشمشون مع أبويه نزل إلى كروم تمنة = رمزاً للمسيح الذى نزل لكنيسته الكرمة الحقيقية. ولم يخبر أباه.. بما فعل = ربما تواضعاً. وإذا دبّر من النحل فى جوف الأسد = لقد جفت جثة الأسد سريعاً بسبب الشمس فجاء النحل وعمل فيها خلية. فإشتار منه = أى قشطه بيديه. وكان يمشى ويأكل = كان فرحاً لأنه وجد لغزاً يصعب على أحد حلّه وكما فرح شمشون وأكل العسل بعد هزيمة الأسد، هكذا كل من يغلب خطية ما بعد أن يقاومها يصير لهُ هذا فرح ولذة. ويتحول الجافى إلى حلاوة. ويكون الذى يفترس الآخرين لنا شيئاً نأكله. ودائماً فالله يخرج لكنيسته وشعبه حلاوة من كل الضيقات التى يدبرها لها أعدائها لأذيتها. فأعطاهما فأكلا ولم يخبرهما = هو خشىِ أن يخبرهما أن العسل من جثة والناموس يمنع ملامسه الميت. وأيضاً خشى أن يخبرهما فهو نذير والنذير لا يليق به لمس جثة ميت. وكذلك حتى لا يفشوا سر الأحجية التى أكتشفها للفلسطينيين. ويسوعنا بعد أن هزم لنا إبليس 16 قدّم لنا عسل أسرار محبته، محبة الله الفائقة. وأكل والديه من العسل يشير لأنه كان من بين اليهود 17 مؤمنين بالمسيح تذوقوا عسل محبته.
وهناك من تأمل فيما حدث وقال إن شمشون يرمز للشعب اليهودى الذى قتل المسيح وهو الأسد الخارج من سبط يهوذا. فالمسيح هو الأسد هُزِم بالموت ليهزم الموت وبموته إنتصر على الشيطان 18 والرأيان يكمل أحدهما الأخر. ويكون العسل فى فم الأسد هو التعاليم المحيية للمسيح (مز 119 : 103) 19
الآيات (10،11): "و نزل ابوه الى المراة فعمل هناك شمشون وليمة لانه هكذا كان يفعل الفتيان. فلما رأوه احضروا ثلاثين من الأصحاب فكانوا معه."
لماّ رأوه ورأوا قوته أتو بـ 30 رجلاً لخوفهم منه ليحموا أنفسهم.
الآيات (12،13): "فقال لهم شمشون لاحاجينكم أحجية فإذا حللتموها لي في سبعة أيام الوليمة وأصبتموها أعطيكم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب. و ان لم تقدروا ان تحلوها لي تعطوني انتم ثلاثين قميصا و ثلاثين حلة ثياب فقالوا له حاج احجيتك فنسمعها."
قميص = صدرية من الكتان كملبس داخلى. حلّة ثياب = خاصة بحضور الولائم والمناسبات عوض الثوب اليومى.
آية (14): "فقال لهم من الأكل خرج أكل ومن الجافي خرجت حلاوة فلم يستطيعوا أن يحلوا الأحجية في ثلاثة أيام."
من الأكل = أى بطن الأسد الذى كان يجب أن يكون قبراً لشمشون خرج أكل = أى عسل الذى صار مصدر حياة وطعام وحلاوة. وهذا فيه إشارة للفلسطينيين الذين كان شمشون سيقف أمامهم وعوضاً أن يقتلوه قتلهم وخلّص شعبه وأعطى شعبه حياة. وتشير أيضاً لصراعنا مع إبليس فالله يعطينا قوة لننتصر عليه فيكون ما هو سبباً لهلاكنا حلة لتتويجنا. الجافى = المر أو الذى لا يؤنس إليه أو جافى الطباع.
الآيات (15-18): " و كان في اليوم السابع انهم قالوا لامراة شمشون تملقي رجلك لكي يظهر لنا الاحجية لئلا نحرقك و بيت ابيك بنار التسلبونا دعوتمونا ام لا. فبكت امراة شمشون لديه و قالت انما كرهتني و لا تحبني قد حاجيت بني شعبي احجية و اياي لم تخبر فقال لها هوذا ابي و امي لم اخبرهما فهل اياك اخبر. فبكت لديه السبعة الايام التي فيها كانت لهم الوليمة و كان في اليوم السابع انه اخبرها لانها ضايقته فاظهرت الاحجية لبني شعبها. فقال له رجال المدينة في اليوم السابع قبل غروب الشمس اي شيء أحلى من العسل وما اجفى من الأسد فقال لهم لو لم تحرثوا على عجلتي لما وجدتم أحجيتي."
كان ردهم بهذا الأسلوب الغامض حتى يفهم شمشون أنهم أدركوا الحل بذكائهم وليس من خطيبته الفلسطينية. ولكن شمشون فهم ما حدث فقال لو لم تحرثوا على عجلتى أى لو لم تضغطوا على خطيبتى كما بمحراث حتى يخرجوا ما بداخلها كالأرض المحروثة يظهر ما فى باطنها. ونلاحظ أن إبليس لا يستطيع أن يؤدبنا ما لم يحرث على عجلة شهواتنا وطبيعتنا الفاسدة.
آية (19): وحل عليه روح الرب فنزل إلى اشقلون وقتل منهم ثلاثين رجلا واخذ سلبهم وأعطى الحلل لمظهري الأحجية وحمي غضبه وصعد إلى بيت أبيه.
ظهر هنا لماذا كان أمر الخطبة من الله أى بسماح منه، فلقد تحوّلت أفراح أعداء شعب الله لأحزان، فأياّم الفرح السبعة كانت ضيق للمرأة وأسرتها بسبب ضغط الرجال عليهم، وضيق للرجال فهم لا يستطيعون حل الأحجية ثم موت 30 رجلاً منهم ولاحظ تكرار القول أن روح الرب يحركه وهذا سر قوته. فإذا سمعنا أن سر قوته فى شعره فهذا لأن الشعر علامة تكريسه وليست القوة فى شعره بل فى روح الرب الذى يحركه.
20 من الأكل خرج آكل = هى تشير للمسيح. فالأكل هو الموت الذى ماته المسيح ولكن جاء منه أكُل فالمسيح أعطانا جسده لنأكله (يو 6 : 41). والأمم الوثنية أمنوا فوجدوا حلاوة الحياة من الذى حمل جفاوتهم (المر والخل). ومن فم الأسد الميت أى من فم المسيح الذى ربض ونام كأسد خرج دبّر من النحل أى المسيحيين لو لم تحرثوا على عجلتى لما وجدتم أحجيتى = العجلة هى الكنيسة خطيبة المسيح التى صارت لها أسرار إيماننا معلنة لها بواسطة رجلها. فبواسطة تعاليم الرسل والقديسين وخلال كرازتهم إنتشرت أسرار الثالوث والقيامة والدينونة وملكوت السموات. والوليمة التى عرفت فيها المرأة الأسرار وأذاعتها على العالم (30 من الأصحاب) فتمتعوا بحلل الخلاص خلال مياه المعمودية فرقم 30 يشير لسن عماد المسيح. هى نفس الوليمة التى كانت سر هلاك 30 من الغرباء وسلب حللهم. فما يناله كل منا من نعم وبركات خلال عمل المسيح (رمزه شمشون) يُحسب هلاكاً لإبليس وسلباً لممتلكاته التى سبق فإغتصبها. لقد نُزِعَتْ عن إبليس كل إمكانياته بعد أن كان قبلاً كوكب الصبح ومجلسه فى السمويات لينعم الإنسان بإمكانيات سماوية ويرتفع بين الطغمات الملائكية. ولكل مؤمن قوة تناظر قوة شمشون هى قوة الإيمان الذى ينقل الجبال (جبل المقطم) ويهدم الحصون (2كو 10 : 4) وأعظم ما يغيره الإيمان هو أنه يحول القلب المملوء خطية إلى قلب محب لله.
آية (20): فصارت امرأة شمشون لصاحبه الذي كان يصاحبه.
فصارت إمراة شمشون لصاحبه = هو صاحب العريس الذى يساعده يوم عُرسِهِ أى إشبينه (يو 3 : 29).
الآيات (1-3): "وكان بعد مدة في أيام حصاد الحنطة أن شمشون افتقد امرأته بجدي معزى. وقال ادخل إلى آمراتي إلى حجرتها ولكن أباها لم يدعه أن يدخل وقال أبوها أنى قلت انك قد كرهتها فأعطيتها لصاحبك أليست أختها الصغيرة احسن منها فلتكن لك عوضا عنها. فقال لهم شمشون أنى بريء الآن من الفلسطينيين إذا عملت بهم شرا."
بعد مدة إذ هدأ غضب شمشون أراد أن يرجع لخطيبته وأخذ معه هدية للمصالحة جدى معزى ففوجئ بأبوها وقد زوجها وحاول إرضائه أو رشوته بأن يعطيه أختها الصغرى ولكن هل الحُب يُرشى بالجمال أو صغر السن؟!! وبلاشك فقد تسرع أبوها فى ذلك.
إنى برئ الأن =
1. فهم رفضوه لأنه إسرائيلى.
2. أخذوا زوجته وزوجوها لغيره.
3. خدعوها وعرفوا سر أحجيته.
وثار شمشون وكانت ثورته بدآية لعدة ضربات ضد الفلسطينيين. فروح الرب لهُ طرق عديدة ويستغل كل الأمور لصالح شعبه.
الآيات (4-7): "وذهب شمشون وامسك ثلاث مئة ابن أوى واخذ مشاعل وجعل ذنبا إلى ذنب ووضع مشعلا بين كل ذنبين في الوسط. ثم أضرم المشاعل نارا وأطلقها بين زروع الفلسطينيين فاحرق الأكداس والزرع وكروم الزيتون.فقال الفلسطينيون من فعل هذا فقالوا شمشون صهر التمني لأنه اخذ امرأته وأعطاها لصاحبه فصعد الفلسطينيون واحرقوها وأباها بالنار. فقال لهم شمشون ولو فعلتم هذا فأنى انتقم منكم وبعد اكف."
كانت أول ضربة ضد الفلسطينيين ربط مشاعل فى ذيول "أولاد أوى" وإبن أوى هو حيوان أكبر من الثعلب وأصغر من الذئب. فكانت الحيوانات تجرى مذعورة من النيران التى فى ذيولها فى كل مكان فأحرقوا الحقول كلها لأن الحقول كانت جافة إذ كان وقت الحصاد. فإغتاظ الفلسطينيون وأحرقوا بيت زوجة شمشون وأحرقوها هى وأبوها بالنار ولنلاحظ أنهم هددوها بالإحراق إن لم يفشى السر وهى أخطأت بإفشائها السر وها هى تموت بنفس الطريقة فالخطية لا تنجى. ومعنى آية (7) أنكم لو تصورتم أنكم ترضوننى بحرق إمرأتى وعائلتها فهذا لا يرضينى لأجل كل خيانتكم، فأنا مازلت أحب إمرأتى وحرقها أغاظنى، وسوف أنتقم منكم على هذه الفعلة أيضاً (أى قتل إمرأتى) وبعد ذلك أهدأ.
آية (8): "وضربهم ساقا على فخذ ضربا عظيما ثم نزل وأقام في شق صخرة عيطم."
ضربهم ساقاً على فخذ = هذا تعبير مأخوذ من المصارعة ومترجم كانت مذبحة عظيمة لهم. أى جعلهم بضرب السيف قطعاً بعضهم فوق بعض فصار الساق فوق الفخذ والقدم فوق الرأس وما إلى ذلك. ثم أقام فى شق صخرة عيطم = هناك تأمل للقديس أغسطينوس: فالهرطقة الذين يريدون قسمة الكنيسة عن المسيح يشبهون الفلسطينيين الذين زوجوا إمرأة شمشون لصاحبه وهؤلاء نصيبهم الحرق ونحن علينا أن نرفض هذه الأفكار، أفكار إبليس فتكون كمن ألهب ذيله بالنار ثم نهرب مع شمشون إلى شق الصخرة، أى نحتمى بالمسيح صخرتنا، نحتمى بجراحاته.
الآيات (9-13): "وصعد الفلسطينيون ونزلوا في يهوذا وتفرقوا في لحي. فقال رجال يهوذا لماذا صعدتم علينا فقالوا صعدنا لكي نوثق شمشون لنفعل به كما فعل بنا. فنزل ثلاثة آلاف رجل من يهوذا إلى شق صخرة عيطم وقالوا لشمشون أما علمت أن الفلسطينيين متسلطون علينا فماذا فعلت بنا فقال لهم كما فعلوا بي هكذا فعلت بهم. فقالوا له نزلنا لكي نوثقك ونسلمك إلى يد الفلسطينيين فقال لهم شمشون احلفوا لي أنكم انتم لا تقعون علي. فكلموه قائلين كلا ولكننا نوثقك ونسلمك إلى يدهم وقتلا لا نقتلك فأوثقوه بحبلين جديدين واصعدوه من الصخرة."
سؤال اليهود الفلسطينيين لماذا صعدتم علينا = معناه لماذا أتيتم علينا الأن بعداوة ونحن ندفع لكم الجزية، هذا سؤال يدل على الإستكانة للعبودية، ولقد إستنكر اليهود ما عمله شمشون وكأنهم كانوا راضين بتسلط الفلسطينيين عليهم راضيين بعبوديتهم. وعوضاً عن أن يحاربوا مع شمشون ويجاهدوا وافقوا على أن يمسكوا شمشون ويقيدوه ويسلموه ليد الفلسطينيين. وعجيب أن شمشون الجبار هذا لم يؤذى أحد من اليهود الذين أتوا طالبين أن يمسكوه فهو لا يؤدب سوى أعداء شعبه، بل لم يوجه لهم كلمة عتاب واحدة على جبنهم وخضوعهم. لقد كان إستسلام شمشون لليهود مملوءاً وداعة وضعفاً أمام شعبه ولكنه مملوءاً قوة جبارة أمام أعداء شعبه، بل كان طلب شمشون من اليهود أن لا يقعوا به لأنه خاف أن يؤذى أحد منهم. ونلاحظ أن الفلسطينيين صعدوا عليه بجيش فهو وحده عبارة عن جيش. ونحن يجب أن لا نشابه اليهود هنا فى إستسلامهم للعبودية بأن نيأس من خطايانا بل نجاهد فى صلواتنا وأن نمتنع عن خطايانا ولا نستسلم للشر مواظبين على دراسة الكتاب المقدس الكلمة الحية. والرموز للمسيح: 21 اليهود لم يقتلوا شمشون بل سلموه للأمم ليقتلوه. واليهود سلموا المسيح للرومان ليصلبوه 22 قوة شمشون الخرافية التى لم تظهر أمام اليهود هى رمز لقوة المسيح الجبارة وأنه إستسلم بإرادته 23 شمشون إستسلم ليصنع مقتلة عظيمة لأعداء شعبه وهكذا المسيح إستسلم بإرادته ليصنع مقتلة لإبليس 24 اليهود أدانوا شمشون ولاموه على ما صنع بأعدائهم لخلاصهم واليهود أدانوا المسيح على كل الخير الذى صنعه لأجلهم.
آية (14): "ولما جاء إلى لحي صاح الفلسطينيون للقائه فحل عليه روح الرب فكان الحبلان اللذان على ذراعيه ككتان احرق بالنار فانحل الوثاق عن يديه."
حتى وإن تركنا الجميع فالله قادر أن يحول كل شئ للخلاص ويعطى غلبة. 25 وقطع شمشون الحبال بنفسه يشير للمسيح الذى قام من نفسه ولم يحتاج مثل لعازر لمن يَحُلَّهُ من رباطاته. هنا صورة للمسيح الذى واجه العدو على الصليب وإذ هو القيامة لم يستطع الموت أن يُمسك به ولا الجحيم أن يعوقه. فحطم بنار لاهوته حبلى الموت والجحيم = فكان الحبلان.. ككتان أحرق بالنار فإنحل الوثاق عن يديه.
آية (15): "ووجد لحي حمار طريا فمد يده وأخذه وضرب به ألف رجل."
لحى حمار طرياً = أى فك حمار وكان طرياً فلو كان جافاً لتحطم وإنكسر بسهولة واللحى يكون به 3 أو 4 أسنان كأنهم سكاكين ويمكن إستخدامه كسلاح بدائى 26 شمشون هنا وهو يمسك الحمار يقتل به الأعداء يشير للمسيح الذى يمسك الإنسان (الذى بالخطية نزل مستواه إلى مستوى الخليقة غير العاقلة) ليضرب به القوات الشريرة. ولاحظ أن الفك هو فك حمار ميت إشارة للإنسان الذى مات بالخطية. ضرب 1000 رجل رمز لإبليس الذى يُرمز له بألف رجل شرير.
آية (16): "فقال شمشون بلحي حمار كومة كومتين بلحي حمار قتلت ألف رجل."
بلحى حمار كومة كومين = يمكن قراءتها كومتهم أكواماً. ومعناها أنه بفك الحمار كوَّم الفلسطينيين كومة وكومتين و3 كومات... وهكذا فهو حوّلهم لقتلى مكومين. فهى تسبحة نصرة. وفى العبرية يظهر أن ما قاله شمشون كان بصورة شعر فكلمة حمار هى نفسها كلمة كومة وبالعبرية قال شمشون (حمور حمور حموريم) وبهذا تعنى الجملة أيضاً أن الفلسطينيين سقطوا كالحمير.
آية (17): "ولما فرغ من الكلام رمى تلحي من يده ودعا ذلك المكان رمت لحي."
إذ صارت المنطقة أكواماً من القتلى الذين قتلوا بلحى الحمار سميت المنطقة رمت لحى = أى مرتفعات الفك.
آية (18): "ثم عطش جدا فدعا الرب وقال انك قد جعلت بيد عبدك هذا الخلاص العظيم والآن أموت من العطش واسقط بيد الغلف."
عطش جداً = والمسيح على الصليب قال 27 أنا عطشان. وكان هذا بسماح من الله حتى لا ينتفخ بقوته ويظن أنه بقوته صنع هذا الإنتصار بل كان هذا كتأديب لهُ فهو فى نشيده لم ينسب انتصاره لله بل لنفسه. والأن وهو يكاد يموت من العطش.. أين قوته.. الأن ذكر الرب. حعلت بيد عبدك هذا الخلاص العظيم = وهذه فائدة التجارب. الأن هو ينسب العمل لله.
آية (19): "فشق الله الكفة التي في لحي فخرج منها ماء فشرب ورجعت روحه فانتعش لذلك دعا اسمه عين هقوري التي في لحي إلى هذا اليوم."
شق الله الكفة التى فى لحى = هذه لها تفسيران
1. الأن صار إسم المنطقة لحى نسبة إلى الحادثة فقد أسماها "رمت لحى" وتكون كلمة لحى هنا إختصار لإسم "رمت لحى" والله أخرج لهُ الماء من نتوء فى صخرة. والنتوء إسمه الكفة. وإذا فهمنا أن الصخرة تشير إلى المسيح 28 فالماء الخارج منها إشارة للروح القدس الذى أرسلهُ المسيح للكنيسة.
2. أو أن الله أخرج لهُ الماء من الكفة أى منبت السن من فك الحمار وهذا يشير لأن من يؤمن بالمسيح تجرى من بطنه أنهار ماء حى 29 إشارة للروح القدس (يو 7 : 38) والمعنيان متكاملان لعمل المسيح مع الكنيسة. عين هتورى = أى عين الداعى وهذا الإسم الجديد تذكار لدعاء شمشون إلى الله وإستجابة الله لهُ.
آية (20): "وقضى لإسرائيل في أيام الفلسطينيين عشرين سنة."
قضى 20 سنة = قضاها فى بطولات ولكن شمشون ظهر كقاضى محلى فى جنوب يهوذا.
الآيات (1-3): "ثم ذهب شمشون إلى غزة ورأى هناك امرأة زانية فدخل إليها. فقيل للغزيين قد أتى شمشون إلى هنا فأحاطوا به وكمنوا له الليل كله عند باب المدينة فهداوا الليل كله قائلين عند ضوء الصباح نقتله. فاضطجع شمشون إلى نصف الليل ثم قام في نصف الليل واخذ مصراعي باب المدينة والقائمتين وقلعهما مع العارضة ووضعها على كتفيه وصعد بها إلى راس الجبل الذي مقابل حبرون."
ذهب شمشون إلى غزة = ذهب إلى أكبر مدنهم واثقاً فى قوته غير خائف ودخل إلى إمرأة زانية = هذا الجبار الذى قتل ألاف ينهزم من شهوته. فكان قوياً جسدياً لكنه كان ضعيفاً أمام شهوته. وهذه السقطة لشمشون سقطة فظيعة. حقاً كل قتلاها أقوياء (أم 7: 26). ثم قام فى نصف الليل = ربما قام إستجابة لروح الله الذى فيه، الذى عمل فيه للتوبة فأدرك أن هذا المكان لا يليق بنذير مثله. ما حدث من شمشون كان خطية لكن من الناحية الرمزية يرى القديس أغسطينوس أنه يرمز لما عمله المسيح بعد صلبه 30 فهو قام محطماً أبواب الهاوية وصعد للسماء ويشبه أغسطينوس البيت بالجحيم أى بيت الزانية وهناك أعداء محيطين بالبيت ليمسكوه. ولكن لم يستطع أحد أن يمسك المسيح فى الجحيم فخرج نازعاً الأبواب أى محطماً أبواب الهاوية للأبد. ثم صعد شمشون للجبل كما صعد المسيح للسماء. وكان الأعداء المحيطين بالبيت كالحراس حول القبر لم يستطيعوا أن يمنعوا القيامة بل هم لم يروا المسيح أصلاً.
الآيات (4-5): "وكان بعد ذلك انه احب امرأة في وادي سورق اسمها دليلة. فصعد إليها أقطاب الفلسطينيين وقالوا لها تملقيه وانظري بماذا قوته العظيمة وبماذا نتمكن منه لكي نوثقه لإذلاله فنعطيك كل واحد ألفا ومئة شاقل فضة."
رأينا شمشون يخطئ مراراً عديدة والروح القدس يرشده ويقوده حتى لا تهلكه الخطيئة، فكانت قوته لا تفارقه لأنه يتجاوب مع نداء الروح القدس. لكن أمام إصرار الإنسان على مقاومة الروح القدس يبدأ صوت تبكيت الروح ينخفض رويداً رويداً " لا تحزنوا الروح.... لا تطفئوا الروح" وهذا ما حدث مع شمشون إذ سقط فى حب دليلة (ومعنى إسمها مدللة أو معشوقة). لم يعد شمشون يتجاوب مع صوت الروح فى داخله فإنهار تماماً. ودليلة هذه عاشت كزانية أحبها الرجال وأخيراً يأتى إليها شمشون ليسقط فى حبها فيفقد مجد نذره ويحرم من بصيرته ويصير سخرية للعدو. والمسيح أرسلنا للعالم كنور وكملح نسعى كسفراء ولكن إذا إنغمسنا فى شرور العالم وإشتركنا فيها نصير سخرية وهزءاً من العالم. ودليلة لمحبتها فى المال أغراها أقطاب الفلسطينيين بالمال لتوقع بشمشون.
الآيات (6-14): "فقالت دليلة لشمشون اخبرني بماذا قوتك العظيمة وبماذا توثق لاذلالك. فقال لها شمشون إذا أوثقوني بسبعة أوتار طرية لم تجف اضعف وأصير كواحد من الناس. فاصعد لها أقطاب الفلسطينيين سبعة أوتار طرية لم تجف فأوثقته بها. والكمين لابث عندها في الحجرة فقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون فقطع الأوتار كما يقطع فتيل المشاقة إذا شم النار ولم تعلم قوته. فقالت دليلة لشمشون ها قد ختلتني وكلمتني بالكذب فاخبرني الآن بماذا توثق. فقال لها إذا أوثقوني بحبال جديدة لم تستعمل اضعف وأصير كواحد من الناس. فأخذت دليلة حبالا جديدة وأوثقته بها وقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون والكمين لابث في الحجرة فقطعها عن ذراعيه كخيط. فقالت دليلة لشمشون حتى الآن ختلتني وكلمتني بالكذب فاخبرني بماذا توثق فقال لها إذا ضفرت سبع خصل رأسي مع السدى. فمكنتها بالوتد وقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون فانتبه من نومه وقلع وتد النسيج والسدى."
سألت دليلة شمشون عن سر قوته 3 مرات لأنها ظنت مثل أقطاب الفلسطينيين أن قوة شمشون نتيجة عمل سحرى إن أبطل فقد قوته. وشمشون عَرِف غرضها منذ المرة الأولى لذلك خدعها. ولكن عوضاً عن أن يتركها إستمر فى حبها فلقد صار مستعبداً لشهوته بالكامل وشهوته أعمته حتى أن 3 مرّات ينكشف فيها خداعها كانوا غير كافين لأن تنفتح عيناه ويهرب من هذا المكان. سبعة أوتار طرية لم تجف = أى سبعة حبال من الكتان أو غيره من النباتات. فتيل المشاقة = هو ما يسقط من الكتان عند مشقه أو تمشيطه ليُغزل ثم يستخدم كفتائل للسرج. السدى = هى الخيوط الطويلة التى تستخدم فى ألة النسيج وأمّا الخيوط العريضة فتسمى اللحمة. ولاحظ أنه فى المرة الثالثة إقترب من موضوع شعره فالخاضع لشهوته يقترب للسقوط رويداً رويداً. والعجيب أنه فى الثلاث مرّات كان الفلسطينيون يهجمون عليه فهل لم يفهم ؟! إذا الخطية تعمى العيون.... لهم عيون ولا يبصرون وأذان ولا يسمعون. ونلاحظ أن سر قوته ليس شعره إنما فى الروح الذى عليه والروح فارقه لإستغراقه فى شهوته.
آية (15): "فقالت له كيف تقول احبك وقلبك ليس معي هوذا ثلاث مرات قد ختلتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة."
كيف تقول أحبك وقلبك ليس معى = ماذا لو وجه المسيح لنا هذا السؤال. إذاً علينا أن نعطى القلب لله، كل القلب ونعترف أمامه بكل شىء ونطلب منه أن يُغيرنا.
الآيات (17،16): "ولما كانت تضايقه بكلامها كل يوم وألحت عليه ضاقت نفسه إلى الموت. فكشف لها كل قلبه وقال لها لم يعل موسى رأسي لاني نذير الله من بطن أمي فان حلقت تفارقني قوتي واضعف وأصير كأحد الناس."
ضاقت نفسه إلى الموت = إذ إنحنت نفسه لشهوات جسده الشريرة تضيق نفسه منجرفة نحو الموت. وإذا كان رأسنا هو المسيح فحلق رؤوسنا إشارة لأننا فقدنا نعمة المسيح. فمن يستسلم لشهوات جسده فهو يُخدع ويحرم من النعمة.
الآيات (18-21): "ولما رأت دليلة انه قد اخبرها بكل ما بقلبه أرسلت فدعت أقطاب الفلسطينيين وقالت اصعدوا هذه المرة فانه قد كشف لي كل قلبه فصعد إليها أقطاب الفلسطينيين واصعدوا الفضة بيدهم. وانامته على ركبتيها ودعت رجلا وحلقت سبع خصل رأسه وابتدأت بإذلاله وفارقته قوته. وقالت الفلسطينيون عليك يا شمشون فانتبه من نومه وقال اخرج حسب كل مرة وانتفض ولم يعلم أن الرب قد فارقه. فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به إلى غزة وأوثقوه بسلاسل نحاس وكان يطحن في بيت السجن."
نام شمشون على ركبتى دليلة مستغرقاً فى شهواته مغلقاً أذنيه عن صوت روح الله فى داخله، ليستيقظ ويجد نفسه أسيراً فى يد أعدائه. وهكذا مع كل إنسان فإبليس يجعله ينام مطمئناً فى خطيته شاعراً أنه فى أمان حتى يفقده كل كرامته وكل قوته ويصير أسيراً. فمن يترك الله يتركه الله. ولنفهم أن شمشون إعتقد أن القوة التى فيه هى من نفسه فسقط وفقد قوته، إذاً لنعلم أن أية قوة فينا مصدرها الله وليس برنا الذاتى. ولاحظ قول شمشون.... أخرج حسب كل مرة = فهو يُحسبَ أنه بقوته يغلب ولكن هذه المرة كان الرب قد فارقه. لذلك لم يقل الكتاب فى هذه المرة "حل عليه روح الرب" شمشون مثل حواء سقط لأنه دخل فى نقاش وحوار مع إبليس ولم يغلق باب الحوار معهُ كما فعل يوسف "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطىء إلى الله ". ولاحظ أنهم قلعوا عينيه لكنه هو كان قد فقد بصيرته الروحية نتيجة لشهوته من قبل وأنهم ربطوه بسلاسل لأنه هو ربط نفسه بسلاسل الشهوة من قبل وأهانوا كرامته لكنه هو أهان نفسه مع زانية قبل أن يهينوا هم كرامته أمام الجميع، هم ساقوه كحيوان ليجر الطاحونة لأنه عاش فى شهوة حيوانية من قبل. لعلّ شمشون وهو يطحن والأولاد بل الجميع يسخر منه كان يلعن اللحظات التى إعتبرها لذيذة على ركبتى دليلة. فهذه اللذة العابرة أنزلته لدرجة أقل من الحيوان ولعلنا نتذكر عاقبة الخطية قبل أن نسقط فيها فسنوثق بسلاسل ونهان. ولكن لنذكر أن أبواب التوبة مفتوحة لمن يريد، فكيف نحب يسوع وقاتله أى الخطية. فالخطية هى قاتلة يسوع فلنتركها ونختار يسوع. حجر الرحى = عمل الحيوانات وهذا منتهى الإذلال لمن كانوا يرتعبون من قوته. ولنلاحظ أن عدونا الشيطان يسخر من الخطاة بشدة عندما يفقدون نعمة المسيح ويجعلهم كالحمير يدورون فى طاحونة فاقدين نظرهم موضوعين فى سجن وأسر. الكارثة أن نفقد معية الرب.
آية (22): "وأبتدأ شعر رأسه ينبت بعد أن حلق."
إبتدأ شعر رأسه ينبت = مرة أخرى ليست القوة فى الشعر ولكنه وهو فى السجن يفكر فى قوته السابقة ويندم على ما خسره تاب، مثل الإبن الضال الذى تذكر فى حظيرة الخنازير مجد بيت أبيه. فكون الكتاب يذكر أن شعر رأسه ينبت فهذا يشير لأفكار التوبة وقرار التوبة الذى بدأ ينبت فى رأسه وأنه بدأ يستجيب لصوت تبكيت الروح القدس فبدأت قوته تعود لهُ كما عاد للإبن الضال الخاتم والحلة.
الآيات (23-31): "وأما أقطاب الفلسطينيين فاجتمعوا ليذبحوا ذبيحة عظيمة لداجون إلههم ويفرحوا وقالوا قد دفع إلهنا ليدنا شمشون عدونا. ولما رآه الشعب مجدوا إلههم لأنهم قالوا قد دفع إلهنا ليدنا عدونا الذي خرب أرضنا وكثر قتلانا. وكان لما طابت قلوبهم انهم قالوا ادعوا شمشون ليلعب لنا فدعوا شمشون من بيت السجن فلعب أمامهم وأوقفوه بين الأعمدة. فقال شمشون للغلام الماسك بيده دعني المس الأعمدة التي البيت قائم عليها لاستند عليها. وكان البيت مملؤا رجالا ونساء وكان هناك جميع أقطاب الفلسطينيين وعلى السطح نحو ثلاثة آلاف رجل وامرأة ينظرون لعب شمشون. فدعا شمشون الرب وقال يا سيدي الرب اذكرني وشددني يا الله هذه المرة فقط فانتقم نقمة واحدة عن عيني من الفلسطينيين. وقبض شمشون على العمودين المتوسطين اللذين كان البيت قائما عليهما واستند عليهما الواحد بيمينه والأخر بيساره.و قال شمشون لتمت نفسي مع الفلسطينيين وانحنى بقوة فسقط البيت على الأقطاب وعلى كل الشعب الذي فيه فكان الموتى الذين أماتهم في موته اكثر من الذين أماتهم في حياته. فنزل اخوته وكل بيت أبيه وحملوه وصعدوا به ودفنوه بين صرعه واشتاول في قبر منوح أبيه وهو قضى لإسرائيل عشرين سنة."
ظن أقطاب الفلسطينيين أن إلههم داجون هو الذى أسلم لهم شمشون (داجون نصفه الأعلى إنسان والأسفل على شكل سمكة). والله سمح بتسليم شمشون ليد الفلسطينيين ليتأدب فيحسب من رجال الإيمان (عب 11 : 32) وليكون فى موته أكثر إيلاماً للفلسطينيين من حياته. وفى إحتفالهم بإلههم وكانوا يقدمون له ذبائح أتوا بشمشون ليلعب مثل بهلوان. ولكن شمشون كانت التوبة قد أرجعته إلى الله فرجع الله إليه، وعادت لهُ قوته. وكانت صلاة شمشون (آية 28). هى توبة وندم وحنين إلى خدمته السابقة. والأن عرِف شمشون أن الله هو سر قوته ولم يعد يخرج لينتفض متكلاً على ذاته، بل هو الأن يصلى ليعطيه الله قوة. لقد أثمر التأديب توبة والتوبة أثمرت بصيرة روحية كانت الشهوة قد أضاعتها. وشمشون تظاهر بالتعب أمام الغلام الماسك يده وقال له دعنى المس الأعمدة وكان هذا الغلام يقوده للرقص وللعب. وبسط شمشون يديه
31 كما بسط المسيح ذراعيه على الصليب. وكما غلب شمشون أعدائه بموته هكذا المسيح 32 فألام شمشون صارت هلاكاً لمضطهديه (آية 30). والمسيح بموته تهشمت مملكة الموت. فبيت الإله داجون يرمز لمملكة الشيطان. والمسيح بموته قلب مملكة إبليس رأساً على عقب كما قلب شمشون هيكل داجون وهو فيه وكسره وأهلك كل أقطاب الفلسطينيين. وهناك فارِقْ فشمشون مات وهو يصلى طالباً الإنتقام والمسيح مات وهو يصلى طالباً الصفح، وإلاّ أننا يمكن أن نقول أن المسيح طلب الصفح للبشر والإنتقام من إبليس. وموت شمشون لا يعتبر إنتحاراً فهو لم يطلب الموت نفسه يأساً بل موت الأعداء فهو مثل من يحارب. ونلاحظ أن هناك عمودين لهيكل داجون وهناك عمودين تستند عليهما مملكة إبليس هما الطمع والملذات (1تى 6 : 10) محبة المال أصل لكل الشرور + (أم 7 : 26). كل قتلاها أقوياء. وحينما أتى أهل شمشون ليدفنوه يأخذوا جثته لم يجسر الفلسطينيون على منعهم بعد الدمار الذى حدث لهم.
اٌلإصحاحات (17-21) حدثت أحداثها غالباً قبل قيام القضاة لتظهر بؤس الحالة قبل وجود القضاة ولإظهار أن الحالة كانت أفضل كثيراً مع القضاة. ونرى فى هذه الإصحاحات صورة لزيغان الشعب بل اللاويين نحو عبادة هى مزيج من عبادة الله وعبادة الأوثان. ونرى صورة لمدى الفساد الخلقى الذى وصل إليه الشعب من شهوات وعنف بصورة لا توصف.
ص 17، 18 تمثال ميخا
ص 19 – 21 اللاوى وسريته
الآيات (1-6): "وكان رجل من جبل افرايم اسمه ميخا. فقال لامه أن الألف والمئة شاقل الفضة التي أخذت منك وأنت لعنت وقلت أيضا في أذني هوذا الفضة معي أنا أخذتها فقالت أمه مبارك أنت من الرب يا ابني. فرد الألف والمئة شاقل الفضة لامه فقالت أمه تقديسا قدست الفضة للرب من يدي لابني لعمل تمثال منحوت وتمثال مسبوك فالان أتردها لك. فرد الفضة لامه فأخذت أمه مئتي شاقل فضة وأعطتها للصائغ فعملها تمثالا منحوتا وتمثالا مسبوكا وكانا في بيت ميخا. وكان للرجل ميخا بيت للإلهة فعمل افودا وترافيم وملا يد واحد من بنيه فصار له كاهنا. وفي تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل كان كل واحد يعمل ما يحسن في عينيه."
سرق ميخا من والدته الغنية 1100 شاقل من الفضة. ولم تعرف أمه من هو السارق وأنه إبنها فلعنت السارق. فخاف ميخا حين سمعها تلعن السارق وبلا شك فهذه نقطة إيجابية فى ميخا فهو يدرك أن المال بدون بركة لا يساوى شىء. ولذلك إعترف ميخا بالسرقة وأتى بالفضة لأمه وهذه نقطة إيجابية ثانية فى ميخا. والأم أرادت أن تبرر لعنتها للسارق بأنها قد نذرت المبلغ للرب. او هى نذرت إن وجدت المبلغ تعطيه للرب. ورفضت الأم إستلام المبلغ وطلبت عمل تمثال منحوت وتمثال مسبوك وسلمتها لإبنها ميخا ليضعها فى بيته فى موضع مقدس ليقدم بواسطتها عبادة للرب ربما ليسامحه على سرقته ولتنزع اللعنة منه ويكون بيته مقدساً فعمل ميخا تمثال منحوت = يكون من الخشب ومطلياً بالفضة. وتمثال مسبوك = يكون كله من الفضة. وربما كانت هذه التماثيل على هيئة عجول فهكذا صنع يربعام فيما بعد. ونلاحظ أنهم كانوا يعبدون الله على هيئة تماثيل. ولكن هذا النوع من العبادة فتح باب بعد ذلك للعبادة الوثنية أى عبادة آلهة أخرى من آلهة الشعوب غير الله. وعمل ميخا أفوداً = أى ثبات الكهنة وعمل ترافيم = هى تماثيل أشورية تستخدم كآلهة خاصة بكل عائلة. وملأيد واحد من بنيه = هذا تعبير مأخوذ من سفر اللاويين ويعنى تكريس الكاهن أى جعل الشخص كاهناً لله مكرساً لهذا العمل. وعائلة ميخا هى عائلة متدينة كما هو واضح ولكن طريقة عبادتهم كشفت عن الجهل المتفشى وسطهم والعمى الروحى:
1. التماثيل المسبوكة والمنحوتة والترافيم هى عبادة مرفوضة وضد الوصايا العشر وهذه القصة تمثل أول مخالفة من هذا النوع بعد عصر يشوع.
2. لاحظ قوله فى آية 5: بيت للآلهة = فهو يعبد الله لكن يعبد معهُ آلهة أخرى نرى هنا إذن أن الوثنية بدأت تزحف لشعب الله.
3. أقام ميخا كاهناً من أولاده مخالفاً شريعة الرب أن الكاهن يجب أن يكون لاوياً ومن نسل هارون. وأقام عبادة فى بيته خارجاً عن خيمة الإجتماع وهذا ضد الناموس. لذلك يقول الكتاب " هلك شعبى من عدم المعرفة" فهم يريدون أن يرضوا الله لكنهم لا يعرفون كيف يرضونه، يتمسكون بمظهريات العبادة دون جوهرها.
4. نلاحظ أن الأم نذرت المبلغ كله لله لكنها وقت التنفيذ أعطت 200 شاقل فقط. وإحتفظت بالباقى لنفسها.
والكتاب يقدم تفسيراً لهذه الفوضى فى (آية 6):- أنه لم يكن ملك فى إسرائيل.وإذا كانت هذه التصرفات تصدر من الأتقياء فما بال عامة الشعب.
ملحوظة:
أقام ميخا إلهاً من فضته وأقام كاهناً حسب هواه وحتى اليوم يقيم كثيرين آلهة ةعبادات وكهنة بحسب هواهم " آلهتهم بطونهم" (فى 3 : 19).
الآيات (7-13): "وكان غلام من بيت لحم يهوذا من عشيرة يهوذا وهو لآوى متغرب هناك. فذهب الرجل من المدينة من بيت لحم يهوذا لكي يتغرب حيثما اتفق فآتى إلى جبل افرايم إلى بيت ميخا وهو اخذ في طريقه. فقال له ميخا من أين أتيت فقال له أنا لآوى من بيت لحم يهوذا وأنا ذاهب لكي أتغرب حيثما اتفق. فقال له ميخا أقم عندي وكن لي أبا وكاهنا وأنا أعطيك عشرة شواقل فضة في السنة وحلة ثياب وقوتك فذهب معه اللاوي. فرضي اللاوي بالإقامة مع الرجل وكان الغلام له كأحد بنيه. فملا ميخا يد اللاوي وكان الغلام له كاهنا وكان في بيت ميخا. فقال ميخا الآن علمت أن الرب يحسن إلى لأنه صار لي اللاوي كاهنا."
نجد هنا علامة جهل أخرى فنجد ميخا يقيم لهُ كاهناً من اللاويين وهذه مخالفة أخرى ولكن من أقام لهُ إلهة بحسب هواه وعيَّن إبنه كاهناً ليس غريباً عليه أن يقيم هذا للاوى كاهناً بل يحسب هذا علامة رضى من الله ؟! منتهى الجهل بشريعة الله من ميخا ومن اللاوى. فالكاهن ينبغى أن يكون إبناً لهرون ويقدم ذبائحه فى خيمة الإجتماع فقط وليس أمام تماثيل. لقد نسى اللاويون خدمتهم وخرجوا يبحثون عن المال وقبلوا أن يستأجرهم أى أحد، لقد إهتموا ببطونهم تاركين خدمة الرب. وربما فعل اللاويون هذا نتيجة أن الشعب أهمل العبادة ففرغت خزائن بيت الرب ممّا إضطر هذا اللاوى أن يبحث عن من يستأجره. ونجد أن ميخا كان مازال متبقياً لديه بعض من المعرفة فحين وَجَد لاوياً فضله على إبنه، إذاً هو يعرف أن الكاهن ينبغى أن يكون لاوياً. وكان اللاوى من عشيرة يهوذا = ربما لإقامته فترة فى يهوذا وربما لأن والدته من يهوذا. وسأله ميخا أن يكون أباً له = أى كاهناً ومرشداً وواعظاً. ولقد فرح اللاوى بعرض ميخا وهذا يدل على فساد الكل حتى اللاويين الذين تجاهلوا الشريعة الإلهية. وفى (آية 13): الرب يحسن إلىّ = مع أن الله من المؤكد أنه رافض لكل هذه الأفكار التى تدل على الجهل.
رأينا فى الإصحاح السابق الفساد على مستوى الأفراد ونرى هنا أن الفساد على مستوى الأسباط. فسبط دان أراد أن يقيم لنفسه الهاً وكاهناً ولو بالإغتصاب.
الآيات (1،2): "وفي تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل وفي تلك الأيام كان سبط الدانيين يطلب له ملكا للسكنى لأنه إلى ذلك اليوم لم يقع له نصيب في وسط أسباط إسرائيل. فارسل بنو دان من عشيرتهم خمسة رجال منهم رجالا بني باس من صرعة و من اشتاول لتجسس الارض و فحصها و قالوا لهم اذهبوا افحصوا الارض فجاءوا الى جبل افرايم الى بيت ميخا و باتوا هناك."
لم يكن ملك فى إسرائيل = بعد موت يشوع لم يكن لهم ملك. وهم رفضوا بوثنيتهم أن يكون الله ملكاً عليهم، فضلوا إذ لا مدبر ولا مشير. وفى هذا الوقت شعر سبط دان أن أرض ميراثهم كانت ضيقة عليهم، وكان الكنعانيون يضايقونهم فى أرضهم.
الآيات (3،4): "وبينما هم عند بيت ميخا عرفوا صوت الغلام اللاوي فمالوا إلى هناك وقالوا له من جاء بك إلى هنا وماذا أنت عامل في هذا المكان وما لك هنا. فقال لهم كذا و كذا عمل لي ميخا و قد استاجرني فصرت له كاهنا."
عرفوا صوت الغلام = ربما بسبب وجود الغلام فى بيت لحم يهوذا وكان هناك علاقات بين دان ويهوذا. وربما عرفوه من لهجته، أو سمعوه يخدم فعرفوا أنه كاهن وربما كان هذا اللاوى فى تجواله باحثاً عمن يستأجره قد مّر بدان وعرفوه هناك.
آية (5): "فقالوا له أسال أذن من الله لنعلم هل ينجح طريقنا الذي نحن سائرون فيه."
عجيب أن يسألوا هذا الغلام ليسأل لهم الرب ولا يسألوا رئيس الكهنة فى شيلوه ورئيس الكهنة معه الأوريم والتميم. لقد ابتعدوا بعيداً عن الرب وهيكله.
آية (6): "فقال لهم الكاهن اذهبوا بسلام أمام الرب طريقكم الذي تسيرون فيه."
إجابة الغلام الكاهن هى أمينة بمعنى "ليحفظ الرب طريقكم" أكثر منها أى شىء آخر فنحن لم نسمع أنه دخل وصلّى والرب أجاب بأى طريقة.
الآيات (7-11): "فذهب الخمسة الرجال وجاءوا إلى لايش ورأوا الشعب الذين فيها ساكنين بطمانينة كعادة الصيدونيين مستريحين مطمئنين وليس في الأرض مؤذ بأمر وارث رياسة وهم بعيدون عن الصيدونيين وليس لهم أمر مع إنسان. وجاءوا الى اخوتهم الى صرعة و اشتاول فقال لهم اخوتهم ما انتم. فقالوا قوموا نصعد اليهم لاننا راينا الارض و هوذا هي جيدة جدا و انتم ساكتون لا تتكاسلوا عن الذهاب لتدخلوا و تملكوا الارض. عند مجيئكم تاتون الى شعب مطمئن و الارض واسعة الطرفين ان الله قد دفعها ليدكم مكان ليس فيه عوز لشيء مما في الارض. فارتحل من هناك من عشيرة الدانيين من صرعة و من اشتاول ست مئة رجل متسلحين بعدة الحرب."
مؤذٍ بأمر وارث رياسة = أى ليس هناك ملك وارث للملك فيؤذى الناس بمطالبتهم بالضرائب أو شن الحروب. لا يش = تسمى أيضاً لشم وهى فى أقصى شمال فلسطين. ومفهوم كلام الجواسيس أنهم وجدوا المدينة ضعيفة جداً من الناحية العسكرية إذ لا ملك (وروحياً فالذى لا يملك الله على قلبه ويحيا فى أمان زائف مثل أهل لايش يكون معرضاً لهجوم إبليس عليه).
الآيات (12،13): "وصعدوا وحلوا في قرية يعاريم في يهوذا لذلك دعوا ذلك المكان محلة دان إلى هذا اليوم هوذا هي وراء قرية يعاريم. و عبروا من هناك الى جبل افرايم و جاءوا الى بيت ميخا."
صعدوا وحلوا فى قرية يعاريم وهى إحدى قرى الجبعونيين الأربع (يش 9 : 17). على تخم يهوذا وبنيامين (يش 15 : 9، 10 + 18 : 14، 15). وتدعى قرية بعل من نصيب يهوذا. وحلوا بالقرية مدة ليست بقليلة حتى دعيت محله دان. هوذا هى وراء قرية يعاريم = إذا هم أقاموا على حدود القرية من ورائها. وراء يعنى غر بها بينما أمامها يعنى شرقها. والشمال يسمى شماله ويسمى الجنوب يمينه.
آية (14-20): "فأجاب الخمسة الرجال الذين ذهبوا لتجسس ارض لايش وقالوا لاخوتهم أتعلمون أن في هذه البيوت افودا وترافيم وتمثالا منحوتا وتمثالا مسبوكا فالان اعلموا ما تفعلون. فمالوا إلى هناك وجاءوا إلى بيت الغلام اللاوي بيت ميخا وسلموا عليه. والست مئة الرجل المتسلحون بعدتهم للحرب واقفون عند مدخل الباب هؤلاء من بني دان. فصعد الخمسة الرجال الذين ذهبوا لتجسس الأرض ودخلوا إلى هناك واخذوا التمثال المنحوت والافود والترافيم والتمثال المسبوك والكاهن واقف عند مدخل الباب مع الست مئة الرجل المتسلحين بعدة الحرب. وهؤلاء دخلوا بيت ميخا واخذوا التمثال المنحوت والافود والترافيم والتمثال المسبوك فقال لهم الكاهن ماذا تفعلون. فقالوا له اخرس ضع يدك على فمك واذهب معنا وكن لنا أبا وكاهنا اهو خير لك أن تكون كاهنا لبيت رجل واحد أم أن تكون كاهنا لسبط ولعشيرة في إسرائيل.فطاب قلب الكاهن واخذ الافود والترافيم والتمثال المنحوت ودخل في وسط الشعب."
أخبر الجواسيس باقى السبط بأن فى بيت ميخا يوجد تماثيل وترافيم وكاهن. وقرر رجال سبط دان إغتصاب الكل لإقامة عبادة كهنوتية فى مكانهم الجديد فى لايش التى سيحتلونها. وعجيب فكر هؤلاء الرجال فكيف يغتصبون آلهة وكيف يشتمون الكاهن قائلين لهُ أخرس ثم يضيفون قائلين كن أباً وكاهناً لنا كيف تكون البركة بالإغتصاب، إغتصاب الآلهة والكاهن. وعجيب موافقة الكاهن بل أن قلبه طاب لذلك لأنه سيصبح كاهناً لسبط عوضاً من كونه كاهناً لبيت رجل واحد. وهذا ليس بعجيب على هذا الكاهن الذى هو ليس كاهناً بل لاوى فقط فهو أصلاً مغتصب للكهنوت، وكان يبحث عمن يستأجره وها هو وَجَدَ من يدفع أكثر. هذه الصورة مؤلمة للعبادة الشكلية دون روح أو جوهر، سواء من الشعب أو من هذا اللاوى الذى وجد ما يشبع مطامعه. ونلاحظ فى (آية 16، 17). أن رجال سبط دان وقفوا على باب ميخا يتكلمون مع اللاوى حتى يصرفون ذهنه عما يفعله باقى رجالهم الذين دخلوا ليسرقوا الآلهة حتى لا ينبه ميخا. وبعد ذلك أخذوه هو نفسه.
آية (21): "ثم انصرفوا وذهبوا ووضعوا الأطفال والماشية والثقل قدامهم."
العادة أن يذهب الرجال للحرب بدون نسائهم وأطفالهم ولكننا نجد هنا رجال سبط دان لأنهم واثقين من ضعف لايش ومن أنهم قادرون على إمتلاكها، قد أخذوا معهم نساؤهم وأطفالهم وأمتعتهم.
الآيات (22-26): " و لما ابتعدوا عن بيت ميخا اجتمع الرجال الذين في البيوت التي عند بيت ميخا و ادركوا بني دان. و صاحوا الى بني دان فالتفتوا و قالوا لميخا ما لك صرخت. فقال آلهتي التي عملت قد أخذتموها مع الكاهن وذهبتم فماذا لي بعد وما هذا تقولون لي ما لك. فقال له بنو دان لا تسمع صوتك بيننا لئلا يقع بكم رجال انفسهم مرة فتنزع نفسك و انفس بيتك. و سار بنو دان في طريقهم و لما راى ميخا انهم اشد منه انصرف و رجع الى بيته."
صورة مؤسفة للتدين، فهنا نجد ميخا يظن أن آلهته التى تحميه قد سُرِقت وبهذا لا يعود هناك من يحميه بل هو خَسِرَ كل شىء = فماذا لى بعد.
الآيات (27-29): "وأما هم فاخذوا ما صنع ميخا والكاهن الذي كان له وجاءوا إلى لايش إلى شعب مستريح مطمئن وضربوهم بحد السيف واحرقوا المدينة بالنار. و لم يكن من ينقذ لانها بعيدة عن صيدون و لم يكن لهم امر مع انسان و هي في الوادي الذي لبيت رحوب فبنوا المدينة و سكنوا بها. و دعوا اسم المدينة دان باسم دان ابيهم الذي ولد لاسرائيل و لكن اسم المدينة اولا لايش."
الله سمح للدانيين أن يهلكوا أهل لايش الكنعانيين لأن كأس خطايا لايش قد إمتلأ. بينما كأس خطايا دان قد بدأ فى الإمتلاء.
آية (30): "وأقام بنو دان لأنفسهم التمثال المنحوت وكان يهوناثان ابن جرشوم بن منسى هو وبنوه كهنة لسبط الدانيين إلى يوم سبي الأرض."
للأسف بعد أن أقاموا دان الجديدة على أنقاض دان القديمة، عوضاً عن أن يشكروا الله أقاموا تمثالاً منحوتاً. هؤلاء يمثلون من مات فى المعمودية وقام مع المسيح وعوضاً عن أن يعيش حياته لمن مات لأجله وقام وأعطاه هذه الحياة الجديدة، يعود يقدم حياته لأى خطية أو شهوة وتكون لهُ كتمثال منحوت أو صنم يتعبد لهُ.
ملحوظة:
أصبحت دان هذه أقصى شمال إسرائيل بينما كانت بئر سبع أقصى جنوب إسرائيل. لذلك أصبح التعبير من دان إلى بئر سبع يشير لكل إسرائيل وكان يهوناثان إبن جرشوم بن منسى = وجود حرف أ فى إبن جرشوم ليس عادياً فكان يجب لغوياً أن يقال يهوناثان بن جرشوم بن منسى. ويهوناثان هو اللاوى الذى أقامه ميخا كاهناً وأخذه سبط دان. وإذا فهمنا أن كلمة جرشوم تعنى الغريب أو المتغرب. فيكون هناك تفسير لذلك بأن الآية تعنى هكذا.... وكان يهوناثان إبن المتغرب بن منسى. غير أن بعض نسخ الكتاب المقدس أوردت الجملة هكذا. وكان يهوناثان إبن جرشوم بن موسى (راجع الإنجيل بشواهد). وبهذا يكون المقصود أن يهوناثان اللاوى هذا هو من نسل جرشوم بن موسى وهذا هو التفسير الأوقع فكلمة إبن جرشوم تشير أنه من نسل جرشوم بن موسى. ويهوناثان هذا أقام كهنوتاً فى سبط دان ولأنه كان من نسل موسى فإن يربعام غالباً إعتمد على هذا حين أقام أحد هياكله الإثنين فى دان والآخر فى بيت إيل.
إلى يوم سبى الأرض = هذه الجملة لها معنى من إحتمالين :
1. سبى الأرض المقصود به سبى أشور لأرض إسرائيل، أى أن العبادة التى أقامها هذا اللاوى ظلت لها قوتها حتى سبت أشور أرض إسرائيل. ومن المنطق أنها ضعفت أيام داود وسليمان وربما كانت عبادة سرية فى أيامهما لكنها أخذت الطابع الرسمى حين دعمها يربعام بالهيكل الذى أقامه فى دان.
2. يكون المقصود بسبى الأرض هو اليوم الذى سبا فيه الفلسطينيون التابوت وهذا يمكن فهمه فى ضوء آية (31).
آية (31): "ووضعوا لأنفسهم تمثال ميخا المنحوت الذي عمله كل الأيام التي كان فيها بيت الله في شيلوه."
معناها أن عبادة دان كانت عبادة قديمة مثلها مثل عبادة شيلوه.
يكشف هذا الإصحاح عن حالة الفساد الخلقى البشعة التى تردى إليها شعب الله. وهذه الأحداث غالباً حدثت بعد موت يشوع بفترة لأن فينحاس كان رئيساً للكهنة (28:20) وقولهُ لم يكن ملك (19 : 1). تعنى ايضاً لم يكن هناك قاضٍ لإسرائيل.
آية (1): "وفي تلك الأيام حين لم يكن ملك في إسرائيل كان رجل لآوى متغربا في عقاب جبل افرايم فاتخذ له امرأة سرية من بيت لحم يهوذا."
سرية = كانت السرية زوجة شرعية لكنها فى درجة أقل من الزوجة العادية، إذ كانت غالباً من العبيد اللواتى يشترين بثمن، وفى بعض الأحيان من أسرى الحرب. عقاب جبل إفرايم = أى عند سفح الجبل. أو على جانب الجبل فى منطقة نائية.
آية (2): "فزنت عليه سريته وذهبت من عنده إلى بيت أبيها في بيت لحم يهوذا وكانت هناك أياما أربعة اشهر."
إرتكبت السرية جريمة زنا وخافت من زوجها اللاوى فهربت إلى بيت أبيها.
آية (3-11): "فقام رجلها وسار وراءها ليطيب قلبها ويردها ومعه غلامه وحماران فأدخلته بيت أبيها فلما رآه أبو الفتاة فرح بلقائه. وامسكه حموه أبو الفتاة فمكث معه ثلاثة أيام فأكلوا وشربوا وباتوا هناك. وكان في اليوم الرابع انهم بكروا صباحا وقام للذهاب فقال أبو الفتاة لصهره اسند قلبك بكسرة خبز وبعد تذهبون.فجلسا وأكلا كلاهما معا وشربا وقال أبو الفتاة للرجل ارتض وبت وليطب قلبك. ولما قام الرجل للذهاب ألح عليه حموه فعاد وبات هناك. ثم بكر في الغد في اليوم الخامس للذهاب فقال أبو الفتاة اسند قلبك وتوانوا حتى يميل النهار وأكلا كلاهما. ثم قام الرجل للذهاب هو وسريته وغلامه فقال له حموه أبو الفتاة أن النهار قد مال إلى الغروب بيتوا الآن هوذا أخر النهار بت هنا وليطب قلبك وغدا تبكرون في طريقكم وتذهب إلى خيمتك. فلم يرد الرجل أن يبيت بل قام وذهب وجاء إلى مقابل يبوس هي أورشليم ومعه حماران مشدودان وسريته معه. فلم يرد الرجل ان يبيت بل قام و ذهب و جاء الى مقابل يبوس هي اورشليم و معه حماران مشدودان و سريته معه."
سامح اللاوى سريته وذهب ليطيب خاطرها ويستردها، وإذ فرح أبوها بتسامح زوجها وبأن صلحها مع زوجها فيه ستر على خطيئة إبنته بالغ فى إكرام زوج إبنته وأكثر من أيام الضيافة التقليدية. وفى غروب اليوم الخامس أصّر اللاوى على السفر مع سريته. ومعه حماران = لهُ ولسريته.
الآيات (12-14): "فقال له سيده لا نميل إلى مدينة غريبة حيث ليس أحد من بني إسرائيل هنا نعبر إلى جبعة. و قال لغلامه تعال نتقدم الى احد الاماكن و نبيت في جبعة او في الرامة. فعبروا و ذهبوا و غابت لهم الشمس عند جبعة التي لبنيامين."
لم يُردْ اللاوى أن يبيت فى يبوس إذ هم وثنيون وياليته فَعَلْ فالوثنيون ما كانوا سيفعلون به أشر ممّا فعل إخوته البنيامينيون. ولنلاحظ أن شعب الله إذا فسد يصير أشر من الوثنيين " إذا فَسَدَ الملح فإنه يداس".
آية (15): "فمالوا إلى هناك لكي يدخلوا ويبيتوا في جبعة فدخل وجلس في ساحة المدينة ولم يضمهم أحد إلى بيته للمبيت."
كان الضيوف يجلسون فى ساحة المدينة إلى أن يدعوهم أحد للمبيت فلم يكن نظام الفنادق معروفاً والرب قد أمر بإضافة الغرباء. ولكن احداً لم يستضفه.
الآيات (16،17): "وإذا برجل شيخ جاء من شغله من الحقل عند المساء والرجل من جبل افرايم وهو غريب في جبعة ورجال المكان بنيامينيون. فرفع عينيه و راى الرجل المسافر في ساحة المدينة فقال الرجل الشيخ الى اين تذهب و من اين اتيت."
رجُل شيخ = من الذى إستضاف اللاوى وسريته ؟ رجل شيخ مازال فيه تقوى من عاش أيام موسى ويشوع. جاء من الحقل = إذاً هو رجل فقير غريبّ فى جبعة = جاء يعمل كأجير طوال اليوم فى الحقول، ولأنه غريب فهو يشعر بشعور الغرباء. هو رجل غريب ورجال المكان بنيامينيون = فالرجل لم يكن من سبط بنيامين. أى أن الكتاب يتهم سبط بنيامين بأنهم بلا مروءة ولا شهامة.
الآيات (18-21): "فقال له نحن عابرون من بيت لحم يهوذا إلى عقاب جبل افرايم أنا من هناك وقد ذهبت إلى بيت لحم يهوذا وأنا ذاهب إلى بيت الرب وليس أحد يضمني إلى البيت. و ايضا عندنا تبن و علف لحميرنا و ايضا خبز و خمر لي و لامتك و للغلام الذي مع عبيدك ليس احتياج الى شيء. فقال الرجل الشيخ السلام لك انما كل احتياجك علي و لكن لا تبت في الساحة. و جاء به الى بيته و علف حميرهم فغسلوا ارجلهم و اكلوا و شربوا."
إلى بيت الرب = وفى ترجمات أخرى إلى بيتى (راجع الإنجيل بالشواهد) وهكذا جاءت فى السبعينية. وربما قصد اللاوى أن يذهب لبيته ولكن يمر أولاً على بيت الرب فى شيلوه. وغالباً فكلمة بيتى والتى تنتهى بالياء تشير فى نفس الوقت إلى بيت يهوة فالياء إختصار ليهوة.
الآيات (22،23): "وفيما هم يطيبون قلوبهم إذا برجال المدينة رجال بني بليعال أحاطوا بالبيت قارعين الباب وكلموا الرجل صاحب البيت الشيخ قائلين اخرج الرجل الذي دخل بيتك فنعرفه. فخرج اليهم الرجل صاحب البيت و قال لهم لا يا اخوتي لا تفعلوا شرا بعدما دخل هذا الرجل بيتي لا تفعلوا هذه القباحة."
هذه القصة للأسف الشديد تصدر من شعب الرب وهى تكرار لما فعله شعب سدوم وعمورة (فشعب بنيامين طلب الرجل أولاً وليس المرأة). والله لهُ طرقه فى عقاب الأشرار فبينما كانت النار عقاباً لأهل سدوم وعمورة، كان هنا شعب الأسباط مجتمعة هو الأداة التى أبادت سبط بنيامين بل أحرقوا مدنهم أيضاً بنار.
آية (24): "هوذا ابنتي العذراء وسريته دعوني أخرجهما فاذلوهما وافعلوا بهما ما يحسن في أعينكم وأما هذا الرجل فلا تعملوا به هذا الأمر القبيح."
نلاحظ هنا أمراً عجيباً فى مبادئ هؤلاء الناس فالشهامة فى ضيافة الغريب لها أولوية على كرامة النساء وعفتهن، هذا يكشف عن إستهانة الرجال بالنساء فى ذلك الحين، وإستخفافهم بخطية الزنا.
آية (25): "فلم يرد الرجال أن يسمعوا له فامسك الرجل سريته وأخرجها إليهم خارجا فعرفوها وتعللوا بها الليل كله إلى الصباح وعند طلوع الفجر أطلقوها."
اخرج اللاوى سريته لهم ليفعلوا بها الشر لينقذ بنت مضيفه العذراء.
الآيات (26،27): " فجاءت المراة عند اقبال الصباح و سقطت عند باب بيت الرجل حيث سيدها هناك الى الضوء. فقام سيدها في الصباح وفتح أبواب البيت وخرج للذهاب في طريقه وإذا بالمرأة سريته ساقطة على باب البيت ويداها على العتبة."
كانت الشهوة خطية هذه المرأة فزنت من وراء رجلها فكانت الشهوة أيضاً عقوبتها، فالخطية عقوبتها فى نفسها. وكانت هذه المرأة يجب أن تموت بسبب زناها ولكن لم يقتلها أحد فزوجها إستهان بخطية الزنا وسامحها ولم يكن هناك ملك فى إسرائيل والزوج لا يهتم. ولكن هناك إله يهتم ويعاقب وينتقم.
آية (28): "فقال لها قومي نذهب فلم يكن مجيب فأخذها على الحمار وقام الرجل وذهب إلى مكانه."
عجيب حال هذا اللاوى أيضاً فها هو يدعو سريته لأن تقوم = قومى نمضى وكان لم يحدث شىء طوال الليل. لقد نام طوال الليل أو إختبأ فى جبن ملقياً بإمرأته خارجاً للشر وهى ترتمى ويداها على العتبة كانها تستغيث برجلها النائم.
الآيات (29،30): "ودخل بيته واخذ السكين وامسك سريته وقطعها مع عظامها إلى اثنتي عشرة قطعة وأرسلها إلى جميع تخوم إسرائيل. و كل من راى قال لم يكن و لم ير مثل هذا من يوم صعود بني اسرائيل من ارض مصر الى هذا اليوم تبصروا فيه و تشاوروا و تكلموا."
فعل الرجل بجسد سريته عملاً وحشياً بسبب غيظة وفعل هذا ليثير إسرائيل لينتقموا لهُ من بنيامين وفعلاً قام الكل ضد بنيامين.
آية (1): "فخرج جميع بني إسرائيل واجتمعت الجماعة كرجل واحد من دان إلى بئر سبع مع ارض جلعاد إلى الرب في المصفاة."
من دان إلى بئر سبع = أى كل إسرائيل من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها. إلى الرب = بيت الرب فى شيلوه. المصفاة = 3 أميال من جبعة.
الآيات (2-4): "ووقف وجوه جميع الشعب جميع أسباط إسرائيل في مجمع شعب الله أربع مئة ألف راجل مخترطي السيف. فسمع بنو بنيامين ان بني اسرائيل قد صعدوا الى المصفاة و قال بنو اسرائيل تكلموا كيف كانت هذه القباحة. فاجاب الرجل اللاوي بعل المراة المقتولة و قال دخلت انا و سريتي الى جبعة التي لبنيامين لنبيت."
وجوه = وجهاء. الكل صعد للحرب ما عدا يابيش جلعاد (21 : 8).
الآيات (5-9): "فقام علي أصحاب جبعة وأحاطوا علي بالبيت ليلا وهموا بقتلي وأذلوا سريتي حتى ماتت. فامسكت سريتي و قطعتها و ارسلتها الى جميع حقول ملك اسرائيل لانهم فعلوا رذالة و قباحة في اسرائيل. هوذا كلكم بنو اسرائيل هاتوا حكمكم و رايكم ههنا. فقام جميع الشعب كرجل واحد و قالوا لا يذهب احد منا الى خيمته و لا يميل احد الى بيته. و الان هذا هو الامر الذي نعمله بجبعة عليها بالقرعة."
هموا بقتلى هو خجل أن يذكر ما طلبه أهل جبعة (أن يعرفوه هو) فقال هم أرادوا أن يفعلوا بى كما فعلوا بسريتى وإختصر الكلام بقوله "قتلى"
آية (10): فنأخذ عشرة رجال من المئة من جميع أسباط إسرائيل ومئة من الألف وألفا من الربوة لأجل اخذ زاد للشعب ليفعلوا عند دخولهم جبعة ببنيامين حسب كل القباحة التي فعلت بإسرائيل.
إختاروا 10 % من عددهم ليكون عملهم تموين الجيش فهم مقبلون على حرب.
الآيات (11-13): " فاجتمع جميع رجال اسرائيل على المدينة متحدين كرجل واحد. وأرسل أسباط إسرائيل رجالا إلى جميع أسباط بنيامين قائلين ما هذا الشر الذي صار فيكم. فالان سلموا القوم بني بليعال الذين في جبعة لكي نقتلهم و ننزع الشر من اسرائيل فلم يرد بنو بنيامين ان يسمعوا لصوت اخوتهم بني اسرائيل."
كانت الشريعة تأمر بقتل أمثال هؤلاء الرجال الخطاة وحرق مدينتهم بالنار (تث 13 : 14-17). ولكن بنو بنيامين رفضوا تسليم رجالهم الأشرار، كان يجب أن يستمع البنيامينيون لشريعة الله ويقفوا فى صف القداسة لا أن يتعصبوا لإخوتهم أكثر من الله " من أحب أباً أو أماً، أخاً أو أختاً.... أكثر منى فلا يستحقنى" فكرامة الله يجب أن تكون لها أولوية على العلاقات الأسرية. وكان البنيامينيون مهرة فى الحرب (1أى 12 : 2) فتصوروا أنهم قادرين على مقاومة كل الجماعة. وكانت حساباتهم خاطئة ولأنهم لم يهتموا بشريعة الله
كانت الخسارة كبيرة. وعجيب أن يتحدى بنيامين وحده كل أسباط إسرائيل ومعهم رئيس الكهنة وتابوت العهد. وكان رجال بنيامين 26.000 بينما رجال إسرائيل 400.000 وياليتهم كانوا يدافعون عن حق الله فكان الله ينصرهم، بل هم يدافعون عن أشرار بل غالباً كانوا كلهم كذلك على نفس مستوى شر أهل جبعة، ومثل هؤلاء الأشرار يكونون متكبرين والكبرياء تعمى عيونهم ويكون ذلك لهلالكهم.
آية (14-17): "فاجتمع بنو بنيامين من المدن الى جبعة لكي يخرجوا لمحاربة بني اسرائيل. و عد بنو بنيامين في ذلك اليوم من المدن ستة و عشرين الف رجل مخترطي السيف ما عدا سكان جبعة الذين عدوا سبع مئة رجل منتخبين. من جميع هذا الشعب سبع مئة رجل منتخبون عسر كل هؤلاء يرمون الحجر بالمقلاع على الشعرة ولا يخطئون. و عد رجال اسرائيل ما عدا بنيامين اربع مئة الف رجل مخترطي السيف كل هؤلاء رجال حرب."
تظهر مهارة البنيامينيين فى الحرب، وعلى هذا إعتمدوا فتكبروا فهلكوا.
الآيات (18-28): "فقاموا وصعدوا إلى بيت إبل وسألوا الله وقال بنو إسرائيل من يصعد منا أولا لمحاربة بني بنيامين فقال الرب يهوذا أولا. فقام بنو إسرائيل في الصباح ونزلوا على جبعة. وخرج رجال إسرائيل لمحاربة بنيامين وصف رجال إسرائيل أنفسهم للحرب عند جبعة. فخرج بنو بنيامين من جبعة واهلكوا من إسرائيل في ذلك اليوم اثنين وعشرين ألف رجل إلى الأرض. وتشدد الشعب رجال إسرائيل وعادوا فاصطفوا للحرب في المكان الذي اصطفوا فيه في اليوم الأول. ثم صعد بنو إسرائيل وبكوا أمام الرب إلى المساء وسألوا الرب قائلين هل أعود أتقدم لمحاربة بني بنيامين أخي فقال الرب اصعدوا إليه. فتقدم بنو إسرائيل إلى بني بنيامين في اليوم الثاني. فخرج بنيامين للقائهم من جبعة في اليوم الثاني واهلك من بني إسرائيل أيضا ثمانية عشر ألف رجل إلى الأرض كل هؤلاء مخترطو السيف. فصعد جميع بني إسرائيل وكل الشعب وجاءوا إلى بيت إبل وبكوا وجلسوا هناك أمام الرب. و صاموا ذلك اليوم إلى المساء واصعدوا محرقات وذبائح سلامة أمام الرب. و سال بنو إسرائيل الرب وهناك تابوت عهد الله في تلك الأيام. وفينحاس بن العازار بن هرون واقف أمامه في تلك الأيام قائلين ااعود أيضا للخروج لمحاربة بني بنيامين أخي أم اكف فقال الرب اصعدوا لاني غدا ادفعهم ليدك."
تثير هذه الآيات تساؤلاً مهاً، فأسباط إسرائيل سألوا الرب مرتين ومع ذلك إنهزموا مرتين وهلك 40.000 فلماذا ؟
1. فى (آية 26) نجد الأسباط يصلون ويبكون ويتذللون أمام الله ويصومون ويقدمون ذبائح. وفى هذه المرة يسمع إسرائيل وعد الله غداً أدفعهم ليدك هذا هو السر فى هزيمتهم مرتين ثم غلبتهم فى الثالثة.
2. فى المرة الأولى والثانية إعتمدوا على قوتهم وكان سؤالهم لله بعد أن قرروا كل شىء، لقد قرروا الحرب وكان سؤالهم من يصعد منّا أولاً ولم يكن سؤالهم أأصعد أم لا. لقد كان سؤالهم من قبيل إستكمال الشكليات.
3. هم كانوا واثقين فى قوتهم لعددهم وقلة عدد بنيامين. وهذا هو نفس خطأ سبط بنيامين الذين كانوا واثقين فى قدراتهم القتالية (آية 16) والكبرياء بداية السقوط.
4. الله يريد أن يؤدب بنيامين ولكنه فى نفس الوقت يريد أن باقى شعبه يكون كاملاً مقدساً. فالله أدّب الأسباط أولاً بأن سمح بأن ينكسروا وينهزموا فيتواضعوا ويتذللوا ويبطل كبريائهم ويبدأوا ويعتمدوا على الرب كسر قوتهم ومن خلال تواضعهم يوجد الله وسطهم (أش 57 : 15) وإذا وُجد الله معهم يكون سر إنتصارهم.
5. نلاحظ أن الأسباط تحركوا للإنتقام للاوى ولمقتل سريته ولكنهم لم يتحركوا للقضاء على الوثنية التى تفشت بينهم (ص 17،18) وكان الأولى أن يتحركوا لضرب الوثنيين ولكن كانت الوثنية قد بدأت تتفش وسط الجميع ويتبع ذلك خطايا الزنا الجسدى ولذلك لم يهتم الأسباط بإصلاح الحال المتردى فالجميع ساقطون. وهم تحركوا هنا فقط لإهتزاز مشاعرهم ممّا فعله هذا اللاوى حين قطع جسد سريته ولم يتحركوا غيرة منهم على كرامة الله وحفظ وصاياه فكان لزاماً على الله أن يؤدبهم ليطهر الأداة التى يستخدمها لتأديب سبط بنيامين أولاً. فالله سمح بهزيمتهم ليطهرهم ويعلمهم التواضع لذلك لم يسمعوا فى المرة الأولى والثانية غداً أدفعهم ليدك. فكانت نية الله متجهة فى المرتين لتطهرهم هم أولاً بواسطة سبط بنيامين ثم إستخدامهم وهم مقدسين ضد بنيامين الخاطىء.
6. كانت الغلبة فى المرة الثالثة بينما كان الموت والهزيمة فى المرتين الأولى والثانية وهكذا القيامة كانت فى اليوم الثالث وسبقها موت لمدة يومين. واليوم الثالث يشير لتمتعنا بقوة قيامة السيد المسيح، فلا نصرة ضد الخطية ولا غلبة على قوات الظلمة إلاّ بالتمتع بقوة الرب فينا.
7. وقبل أن نتمتع بالقيامة وقوة القيامة يجب المرور على الموت والصليب أى صليب أهوائنا وشهواتنا حتى نتطهر. وكما مات من إسرائيل فى المرتين 40.000 هكذا ينبغى أن نجاهد لقمع الجسد واستعباده ولقتل شهوات الجسد فينا أولاً.
الآيات (29-48): "ووضع إسرائيل كمينا على جبعة محيطا. وصعد بنو إسرائيل على بني بنيامين في اليوم الثالث واصطفوا عند جبعة كالمرة الأولى والثانية. فخرج بنو بنيامين للقاء الشعب وانجذبوا عن المدينة واخذوا يضربون من الشعب قتلى كالمرة الأولى والثانية في السكك التي إحداها تصعد إلى بيت إبل والأخرى إلى جبعة في الحقل نحو ثلاثين رجلا من إسرائيل. وقال بنو بنيامين انهم منهزمون أمامنا كما في الأول وأما بنو إسرائيل فقالوا لنهرب ونجذبهم عن المدينة إلى السكك. وقام جميع رجال إسرائيل من أماكنهم واصطفوا في بعل تامار وثار كمين إسرائيل من مكانه من عراء جبعة. وجاء من مقابل جبعة عشرة آلاف رجل منتخبون من كل إسرائيل وكانت الحرب شديدة وهم لم يعلموا أن الشر قد مسهم. فضرب الرب بنيامين أمام إسرائيل. و اهلك بنو إسرائيل من بنيامين في ذلك اليوم خمسة وعشرين ألف رجل ومئة رجل كل هؤلاء مخترطو السيف. ورأى بنو بنيامين انهم قد انكسروا وأعطى رجال إسرائيل مكانا لبنيامين لأنهم اتكلوا على الكمين الذي وضعوه على جبعة. فأسرع الكمين واقتحموا جبعة وزحف الكمين وضرب المدينة كلها بحد السيف. وكان الميعاد بين رجال إسرائيل وبين الكمين اصعادهم بكثرة علامة الدخان من المدينة. و لما انقلب رجال إسرائيل في الحرب أبتدأ بنيامين يضربون قتلى من رجال إسرائيل نحو ثلاثين رجلا لأنهم قالوا إنما هم منهزمون من أمامنا كالحرب الأولى. ولما ابتدأت العلامة تصعد من المدينة عمود دخان التفت بنيامين إلى ورائه وإذا بالمدينة كلها تصعد نحو السماء. ورجع رجال إسرائيل وهرب رجال بنيامين برعدة لأنهم رأوا أن الشر قد مسهم. ورجعوا أمام بني إسرائيل في طريق البرية ولكن القتال ادر كهم والذين من المدن أهلكوهم في وسطهم. فحاطوا بنيامين وطاردوهم بسهولة وادركوهم مقابل جبعة لجهة شروق الشمس. فسقط من بنيامين ثمانية عشر ألف رجل جميع هؤلاء ذوو باس. فداروا وهربوا إلى البرية إلى صخرة رمون فالتقطوا منهم في السكك خمسة آلاف رجل وشدوا وراءهم إلى جدعوم وقتلوا منهم ألفى رجل. وكان جميع الساقطين من بنيامين خمسة وعشرين ألف رجل مخترطي السيف في ذلك اليوم جميع هؤلاء ذوو باس. ودار وهرب إلى البرية إلى صخرة رمون ست مئة رجل وأقاموا في صخرة رمون اربعة اشهر. ورجع رجال بني إسرائيل إلى بني بنيامين وضربوهم بحد السيف من المدينة بأسرها حتى البهائم حتى كل ما وجد وأيضا جميع المدن التي وجدت احرقوها بالنار."
هذه الخطة هى نفس خطة "يشوع" ضد "عاى" فلقد دبر إسرائيل كميناً يحيط بجبعة وظهر إسرائيل أمام بنيامين ليجذبه خارج المدينة، وإذ بدأ بنيامين يضرب كاليومين السابقين إنطلق إسرائيل البعض إلى السكك أى الطرق العامة المؤدية إلى بيت إيل والأخر نحو حقل جبعة، وكان هناك كمين مختفياً فى بعل تامار وفى عراء جبعة وهؤلاء إنطلقوا وراء المدينة وإقتحموها وضربوها بحد السيف وأشعلوها بالنيران وحينئذ خرج الكمين الأخر فسقط من بنيامين 25.000 رجل 18.000 فى الحرب + 5.000 فى الطرق + 2000 عند صخرة رمون = المجموع 25.000 والعدد الدقيق للقتلى 25.100 وهرب 600 رجل إلى صخرة رمون. وكان رجال سبط بنيامين 26700 نسمة قتل منهم 25.100 وهرب 600. إذاً يتبقى 1000 رجل هؤلاء غالباً قتلوا فى معارك اليومين الأولين حين غلب بنيامين إسرائيل. راجع آية (14،15) بنيامين 26.000 + جبعة 700. وأنظر لنتيجة الخطية، فكل هؤلاء ماتوا بسببها.. كل قتلاها أقوياء ونلاحظ أن آية 36 بداية تفصيل ما قيل من قبل.
آية (34): وجاء من مقابل جبعة عشرة آلاف رجل منتخبون من كل إسرائيل وكانت الحرب شديدة وهم لم يعلموا أن الشر قد مسهم.
الشر قد مسهم = أى أن وراءهم كميناً. ولقد أثبتت الأثار أن المدينة أحرقت بالنار فى ذلك الزمان تماماً.
آية (1): "ورجال إسرائيل حلفوا في المصفاة قائلين لا يسلم أحد منا ابنته لبنيامين امرأة."
هذا الحلف معناه الحكم بالقضاء على سبط بنيامين تماماً. وهو قسم خاطئ قطعاً.
آية (2): "وجاء الشعب إلى بيت إبل وأقاموا هناك إلى المساء أمام الله ورفعوا صوتهم وبكوا بكاء عظيما."
بكوا بكاءً عظيماً = صارت نفوسهم مرة فقد هلك من بنيامين 26.100 وهلك من إسرائيل 40.030. وحتى الـ 600 المتبقين من بنيامين لا يستطيعوا الزواج بسبب حلفهم ومعنى هذا إختفاء سبط من إسرائيل نهائياً.
الآيات (3-9) "و قالوا لماذا يا رب اله اسرائيل حدثت هذه في اسرائيل حتى يفقد اليوم من اسرائيل سبط. و في الغد بكر الشعب و بنوا هناك مذبحا و اصعدوا محرقات و ذبائح سلامة. و قال بنو اسرائيل من هو الذي لم يصعد في المجمع من جميع اسباط اسرائيل الى الرب لانه صار الحلف العظيم على الذي لم يصعد الى الرب الى المصفاة قائلا يمات موتا. و ندم بنو اسرائيل على بنيامين اخيهم و قالوا قد انقطع اليوم سبط واحد من اسرائيل. ماذا نعمل للباقين منهم في امر النساء و قد حلفنا نحن بالرب ان لا نعطيهم من بناتنا نساء. و قالوا اي سبط من اسباط اسرائيل لم يصعد الى الرب الى المصفاة و هوذا لم يات الى المحلة رجل من يابيش جلعاد الى المجمع. فعد الشعب فلم يكن هناك رجل من سكان يابيش جلعاد."
الآيات (10-12): "فأرسلت الجماعة إلى هناك اثني عشر ألف رجل من بني الباس وأوصوهم قائلين اذهبوا واضربوا سكان يابيش جلعاد بحد السيف مع النساء والأطفال. و هذا ما تعملونه تحرمون كل ذكر و كل امراة عرفت اضطجاع ذكر. فوجدوا من سكان يابيش جلعاد اربع مئة فتاة عذارى لم يعرفن رجلا بالاضطجاع مع ذكر و جاءوا بهن الى المحلة الى شيلوه التي في ارض كنعان."
هم حذروا كل مدينة لا تشترك فى قتال بنيامين. ولكن هذه وحشية أن يقتلوا الرجال مع النساء مع الأطفال ماعدا الفتيات العذارى.
الآيات (13،14): "وأرسلت الجماعة كلها وكلمت بني بنيامين الذين في صخرة رمون واستدعتهم إلى الصلح. فرجع بنيامين في ذلك الوقت فاعطوهم النساء اللواتي استحيوهن من نساء يابيش جلعاد و لم يكفوهم هكذا."
هم سبق وتساءلوا ماذا نعمل للـ 600 الباقين (آية 7) والأن بعد مذبحة يابيش جلعاد وجدوا الحل بتزويج الـ 600 للعذارى المتبقين من يابيش جلعاد لإحياء السبط من جديد. وهذه الصلة بين يابيش جلعاد وسبط بنيامين تشرح تعاطف أهل يابيش جلعاد مع أجساد شاول الملك وبنيه بعد ذلك، بل ودفاع شاول عن يابيش جلعاد ضد العمونيين (يابيش جلعاد من سبط جاد).
آية (15): "وندم الشعب من اجل بنيامين لان الرب جعل شقا في أسباط إسرائيل."
كأن إسرائيل كثوب كامل مزَّق منه أحدهم شقأ منه :
ونلاحظ فى هذه القصة عدة أخطاء:
1. كبرياء بنيامين إذ لم يُسلمْ أشرار جبعة وقراره بقتال كل الأسباط.
2. كبرياء إسرائيل فى قرار الحرب دون إستشارة الله.
3. كبرياء إسرائيل فى طريقة عقابهم الوحشية ليابيش جلعاد. وقبل ذلك فى إفناء سبط بنيامين بأكمله بل قسمهم فى عدم زواج بنيامينى ببناتهم. وربما لو سألوا الله لأرشدهم لطرق عديدة يعاقبون بها الأشرار ولا يفنوا سبطاً بأكمله ثم بعد ذلك يندمون.
4. إقامة مذبح غير مذبح خيمة شيلوه آية 4.
5. هذا فضلاً عن تفشى الوثنية والنجاسة فى إسرائيل.
الآيات (16-18): " فقال شيوخ الجماعة ماذا نصنع بالباقين في امر النساء لانه قد انقطعت النساء من بنيامين. وقالوا ميراث نجاة لبنيامين ولا يمحى سبط من إسرائيل. و نحن لا نقدر ان نعطيهم نساء من بناتنا لان بني اسرائيل حلفوا قائلين ملعون من اعطى امراة لبنيامين."
وقالوا ميراث نجاة لبنيامين = إذ يجب أن يكون ورثة للناجين من سبط بنيامين.
الآيات (19-24): "ثم قالوا هوذا عيد الرب في شيلوه من سنة إلى سنة شمالي بيت إبل شرقي الطريق الصاعدة من بيت إبل إلى شكيم وجنوبي لبونه. وأوصوا بني بنيامين قائلين امضوا واكمنوا في الكروم. وانظروا فإذا خرجت بنات شيلوه ليدرن في الرقص فاخرجوا انتم من الكروم واخطفوا لأنفسكم كل واحد امرأته من بنات شيلوه واذهبوا إلى ارض بنيامين. فإذا جاء آباؤهن او اخوتهن لكي يشكوا إلينا نقول لهم تراءفوا عليهم لأجلنا لأننا لم نأخذ لكل واحد امرأته في الحرب لأنكم انتم لم تعطوهم في الوقت حتى تكونوا قد أثمتم. ففعل هكذا بنو بنيامين واتخذوا نساء حسب عددهم من الراقصات اللواتي اختطفوهن وذهبوا ورجعوا إلى ملكهم وبنوا المدن وسكنوا بها. فسار من هناك بنو إسرائيل في ذلك الوقت كل واحد إلى سبطه وعشيرته وخرجوا من هناك كل واحد إلى ملكه."
لأن القسم الذى أقسموه كان خاطئاً، ها هم يتحايلون ليجدوا طريقة للخروج من المأزق، بأن يخطف الـ 200 بنيامينى الذين بلا زوجة 200 فتاة من الراقصات فى العيد. ألم يكن من الأفضل الاّ يقسموا أصلاً !! لذلك طلب السيد المسيح أن لا نقسم.
ومعنى قوله فى آية 22 فى الوقت = أى أنتم لم تعطوهم بناتكم فى الوقت الذى طلبوا فيه بل هم خطفوهم دون إرادتكم، فإذاً أنتم لم تكسروا حلفكم بل هم أخذوا البنات.... وهذا هو التحايلْ.
آية (25): "في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل كل واحد عمل ما حسن في عينيه."
لم يكن ملك فى إسرائيل = بهذه العبارة يُختمْ السفر. وكأن غاية السفر أن يشرح أن سبب كل هذا الفساد أنه لا يوجد ملك. وقلب الإنسان يميل للإباحية وللحرية الخاطئة وليعمل حسب هواه بلا ضابط ولكن من يملك المسيح على قلبه لا يفسد بل يعطيه المسيح الملك أن يفهم معنى الحرية الحقيقية