سفر المكابيين الثاني
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
سفر المكابيين الثاني يركز على جهاد يهوذا المكابي القائد الشهير الذي يأتي بعد داود النبي في الشهرة من ناحية جهاده وخدمته للأمة اليهودية.
الآيات (1-9): "1 إلى الاخوة اليهود الذين في مصر سلام إليكم من الاخوة اليهود الذين في أورشليم وبلاد اليهودية أطيب السلام. 2 ليبارككم الله ويذكر عهده مع إبراهيم واسحق ويعقوب عبيده الأمناء. 3 وليؤتكم جميعا قلبا لأن تعبدوه وتصنعوا مشيئته بصدر مشروح ونفس راضية. 4 ويفتح قلوبكم لشريعته ووصاياه ويجعلكم في سلام. 5 وليستجب لصلواتكم ويتب عليكم ولا يخذلكم في أوان السوء. 6 ونحن ههنا نصلي من أجلكم. 7 كنا نحن اليهود قد كتبنا إليكم في عهد ديمتريوس في السنة المئة والتاسعة والستين حين الضيق والشدة التي نزلت بنا في تلك السنين بعد انصراف ياسون والذين معه من الأرض المقدسة والمملكة. 8 فانهم احرقوا الباب وسفكوا الدم الزكي فابتهلنا إلى الرب فاستجاب لنا وقربنا الذبيحة والسميذ وأوقدنا السرج وقدمنا الخبز. 9 فالآن عليكم أن تعيدوا أيام المظال التي في شهر كسلو."
يهود أورشليم أرادوا أن يشركوا إخوتهم يهود مصر فرحتهم في الإحتفال بالتدشين، فأرسلوا لهم شارحين الأحداث التي مرت بهم. وكانت الجالية اليهودية في مصر هي أكبر جالية يهودية خارج اليهودية. وشغل اليهود ثلاث أحياء سكنية من ثمانية أحياء في الإسكندرية وأقام لهم البطالمة هيكلاً في مصر. وكان منهم من له وظائف مرموقة. وتمتع اليهود في مصر لفترات طويلة بتأييد ملوك مصر، ولكن في فترات أخرى عانوا من الإضطهاد خصوصاً لرفضهم عبادة أوثان مصر. بصدر مشروح ونفس راضية= العبادة المقبولة هي النابعة من قلب مملوء حباً وتسليماً لله بلا تذمر. ويفتح قلوبكم لشريعته= هذه مثل قول السيد المسيح "إن احبني أحد يحفظ كلامي" (يو23:14). نصلي من أجلكم= هذا هو مطلب العهد الجديد "صلوا بعضكم لأجل بعض" (يع16:5) وهذا يفرح الله أن نهتم بالآخرين ونصلي لأجلهم. هذا هو الحب. السنة المئة والتاسعة والستين= 144-143ق.م. إذاً هذه الرسالة كتبت في هذا التاريخ، لكنها تتحدث عن الأحداث التي حدثت أيام أنطيوخس أبيفانيوس (168-165ق.م.) وديمتريوس المذكور هو ديمتريوس الثاني (145-125ق.م.) وكان عهده عهد شدة. وفي (9) يشير اليهود في أورشليم لعبادتهم المقبولة في أورشليم وهذا ضمنياً فيه إستنكار لأن يهود مصر أقاموا هيكلاً موازٍ لهيكل أورشليم، وهذا ممنوع بحكم الشريعة (تث5:12،6). لذلك يقولون في (5) ويتب عليكم= أي دعوة للتوبة عن هذا الهيكل وأن يكفوا عن العبادة فيه. ياسون= كان رئيس كهنة سيئ، إشترى رياسة الكهنوت ودمر الخدمة في أورشليم. ولما دفع منلاوس للسلوكيين أكثر عزلوا ياسون وعينوا منلاوس رئيساً للكهنة فهرب ياسون إلى مصر. تعيدوا عيد المظال= هنا التركيز على عيد المظال بالذات ليذكر اليهود الذين في مصر بأنهم غرباء وهم في مصر. فعيد المظال يسكنون فيه في مظال خارج بيوتهم ليتذكروا أنهم كانوا غرباء في أرض مصر.
الآيات (10-17): "10 في السنة المئة والثامنة والثمانين من سكان أورشليم واليهودية والشيوخ ويهوذا إلى ارسطوبولس مؤدب بطلماوس الملك الذي من ذرية الكهنة المسحاء وإلى اليهود الذين في مصر سلام وعافية. 11 نشكر الله الشكر الجزيل على انه خلصنا من أخطار جسيمة عند مناصبتنا للملك. 12 ودحر الذين يقاتلوننا في المدينة المقدسة. 13 فانه إذ كان الملك في فارس يقود جيشا لا يثبت أمامه أحد نكبوا في هيكل النناية بحيلة احتالها عليهم كهنة النناية. 14 وذلك انه جاء انطيوكس ومن معه من أصحابه إلى هناك متظاهرا بأنه يريد أن يقارنها وفي نفسه أن يأخذ الأموال على سبيل الصداق. 15فابرز كهنة النناية الأموال ودخل هو مع نفر يسير إلى داخل المعبد ثم أغلقوا الهيكل. 16 فلما دخل انطيوكس فتحوا بابا خفيا كان في ارض الهيكل وقذفوا حجارة رجموا بها القائد ثم قطعوهم قطعا وحزوا رؤوسهم والقوها إلى الذين كانوا في الخارج. 17 ففي كل شيء تبارك إلهنا الذي اسلم الكفرة."
هنا نص رسالة ثانية أقدم من الأولى بحوالي أربعين سنة. ففيها دعوة للإحتفال بعيد التدشين (18) والذي تم في 25ديسمبر سنة 164ق.م. ويعرضون هنا للأحداث التي حدثت لهم. أرسطوبولوس= يهودي سكندري من نسل كهنوتي وعمل مستشاراً لبطلميوس السادس فيلوميتر. ويبدو انه كان أكبر شخصية يهودية في مصر في ذلك الوقت. عند مناصبتنا للملك= عندما وقفنا في وجه الملك. هيكل النناية= راجع المقدمة (تحت عنوان الإعتراضات) وراجع تفسير(1مك1:6-13). هو هيكل برسابوليس للإلهة اناهيت. والنناية هي إلهة سومرية بابلية الأصل وهي زوجة الإله بيل وهي ربة الخصب والجنس قديماً. وهناك إحتمالات لهذه القصة:
1. هو ليس أنطيوخس أبيفانيوس الذي قتل هنا. فالكاتب ذكر قصة موته في (2مك9).
2. غالباً هو أبو أنطيوخس أبيفانيوس أي أنطيوخس الثالث الكبير الذي ذهب للهيكل ليأخذ كنوزه بعد خسائره في الحرب مع الرومان. وهو أتى بخديعة ليسرق الهيكل فخدعه كهنة الهيكل وقتلوه.
3. ربما القصة على ضباط وجنود أنطيوخس أبيفانيوس ويقصها كهنة الهيكل على أنهم إنتصروا على أبيفانيوس شخصياً فالكلمة حزوا رؤوسهم تشير لمقتل الجنود وليس أنطيوخس نفسه. والكاتب هنا يردد القصة التي رواها كهنة هيكل النناية.
الآيات (18-22): " 18 وبعد فإذ كنا مزمعين أن نعيد عيد تطهير الهيكل في اليوم الخامس والعشرين من شهر كسلو رأينا من الواجب أن نعلن ليكم أن تعيدوا انتم أيضا عيد المظال والنار التي ظهرت حين بنى نحميا الهيكل والمذبح وقدم الذبيحة. 19 فانه حين اجلي آباؤنا إلى فارس اخذ بعض أتقياء الكهنة من نار المذبح سرا وخبأاها في جوف بئر لا ماء فيها وحافظوا عليها بحيث بقي الموضع مجهولا عند الجميع. 20 وبعد انقضاء سنين كثيرة حين شاء الله أرسل ملك فارس نحميا إلى هنا فبعث أعقاب الكهنة الذين خباوا النار لالتماسها إلا انهم كما حدثونا لم يجدوا نارا بل ماء خاثرا. 21 فأمرهم أن يغرفوا ويأتوا به ولما أحضرت الذبائح أمر نحميا الكهنة أن ينضحوا بهذا الماء الخشب والموضوع عليه. 22 فصنعوا كذلك ولما برزت الشمس وقد كانت محجوبة بالغيم اتقدت نار عظيمة حتى تعجب الجميع."
النار التي خبأها أتقياء الكهنة كانت ناراً نازلة من السماء (لا24:9 + 1أي26:21 + 2أي1:7). حين أجلى أباؤنا إلى فارس= السبي تم إلى بابل ولكن الأسماء تغيرت فلقد إختفت بابل وإختفى إسم بابل وصار إسم المكان فارس لخضوع المكان لملك فارس. ماءً خاثراً= غالباً هو ماء مختلط بالنفط حيث سموه بعد ذلك "نفطار" (36:1) وهذه تعني نفط وكان زربابل قد قدم محرقات وذبائح على مذبح هيكل الرب في أورشليم سنة 536ق.م. بعد أن عادوا من فارس (عز1:3-6). وأكملوا بناء الهيكل سنة 515ق.م. وبعد أن عاد نحميا وأكمل بناء السور، أكمل أيضاً بناء الهيكل، وحدثت هذه القصة لنزول نار من السماء إعلاناً عن رضى الله.
الآيات (23-29): "23 وعند إحراق الذبيحة كان الكهنة كلهم يصلون وكان يوناتان يبدا والباقون يجيبونه. 24 وهذا ما صلى به نحميا أيها الرب الرب الإله خالق الكل المرهوب القوي العادل الرحيم يا من هو وحده الملك والبار. 25 يا من هو وحده المتفضل العادل القدير الأزلي مخلص إسرائيل من كل شر الذي اصطفى آباءنا وقدسهم. 26 تقبل الذبيحة من اجل جميع شعبك إسرائيل وصن ميراثك وقدسه. 27 واجمع شتاتنا واعتق المستعبدين عند الأمم وانظر إلى الممتهنين والممقوتين ولتعلم الأمم انك أنت إلهنا. 28 وعاقب الظالمين والقاذفين بتجبر. 29 واغرس شعبك في مكانك المقدس كما قال موسى."
هذه واحدة من خدمات التسبيح. وواضح أنهم كانوا فريقين يرددون هذه التسبحة على فريقين (كما نعمل التسبحة الآن) فريق مكون من يوناثان الكاهن ومعه بقية الكهنة وفريق من نحميا وبقية المصلين. أيها الرب، الرب الإله خالق الكل= هي تأكيد على وحدانية الله وسط الجو المشحون بالأوثان. تقبل الذبيحة= ويصلي الكاهن القبطي "لتكن هذه الذبيحة مقبولة أمامك" إحفظ ميراثك= أي شعبك. وقدسه= ليكن مخصصاً لك.
الآيات (30-36): "30 وكان الكهنة يرنمون بالأناشيد. 31 ولما أحرقت الذبيحة أمر نحميا بان يريقوا ما بقي من الماء على الحجارة الكبيرة. 32 فلما صنعوا ذلك اتقد اللهيب فاطفأه النور المنبعث من المذبح. 33 فشاع ذلك واخبر ملك فارس أن الموضع الذي خبا فيه الكهنة النار حين جلائهم قد ظهر فيه ماء وبه طهر الذين مع نحميا الذبيحة. 34 فسيجه الملك وصيره مقدسا بعد الفحص عن الأمر. 35 وانعطف الملك إليهم واخذ عطايا كثيرة ووهبها لهم. 36 وسماه الذين مع نحميا نفطار أي تطهيرا ويعرف عند كثيرين بنفطاي."
حين أراقوا الماء على الحجارة إتقد لهيب. ولكن الثور المنبعث من المذبح أطفأه= لقد كانت النار من أجل الذبيحة، فإذا إشتعلت النار في الذبيحة فلا داعي للنار ثانية. والملك الفارسي حول البئر إلى مزار سياحي والدخول إليه برسوم يحصل عليها الكهنة وخدام المكان= إنعطف الملك إليهم وأخذ عطايا كثيرة ووهبها لهم= وفي ترجمات أخرى "أعطى الملك الذين سلمهم إياه نصيباً من الدخل الذي كان يجنيه منه". وبه طهر الذين مع نحميا الذبيحة= فالنار هي نار إلهية مطهرة. ولاحظ التسمية نفطار هي في العبرية نطهار أو مطهر.
الآيات (1-3): "1 قد جاء في السجلات أن ارميا النبي أمر أهل الجلاء أن يأخذوا النار كما ذكر وكما أمر النبي أهل الجلاء. 2 إذ أوصاهم أن لا ينسوا وصايا الرب ولا تغوى قلوبهم إذا رأوا تماثيل الذهب والفضة وما عليها من الزينة. 3 وحرضهم بمثل هذا الكلام على أن لا يزيلوا الشريعة من قلوبهم."
السجلات= كثير من السجلات ضاعت في السبي وبأوامر انطيوخس أبيفانيوس أحرقوا الكثير، ولكن ما كان بالوحي لا يمكن لأحد أن يزيله. وكان يمكن لليهود في أرض السبي أن يتأثروا بعبادة الأصنام [1] لما فيها من دعارة وزنا [2] لما فيها من مغريات موسيقية وغموض [3] من خداع الشياطين [4] ضغط ملوك الأمم لمحو هويتهم [5] فخامة هذه التماثيل وروعتها.
الآيات (4-7): "4 وجاء في هذه الكتابة أن النبي بمقتضى وحي صار إليه أمر أن يذهب معه بالمسكن والتابوت حتى يصل إلى الجبل الذي صعد إليه موسى ورأى ميراث الله. 5 ولما وصل ارميا وجد كهفا فادخل إليه المسكن والتابوت ومذبح البخور ثم سد الباب. 6 فاقبل بعض من كانوا معه ليسموا الطريق فلم يستطيعوا أن يجدوه. 7 فلما اعلم بذلك ارميا لامهم وقال أن هذا الموضع سيبقى مجهولا إلى أن يجمع الله شمل الشعب ويرحمهم."
الله يأمر إرمياء النبي بحفظ المقدسات والله يخفيها فلا يعلم أحد مكانها.
الآيات (8-12): "8 وحينئذ يبرز الرب هذه الأشياء ويبدو مجد الرب والغمام كما ظهر في أيام موسى وحين سال سليمان أن يقدس الموضع تقديسا بهيا. 9 إذ اشتهر وأبدي حكمته بتقديم الذبيحة لتدشين الهيكل وتتميمه. 10 فكما دعا موسى الرب فنزلت النار من السماء وأفنت الذبيحة كذلك دعا سليمان فنزلت النار من السماء وأفنت المحرقات. 11 وقال موسى إنما أفنيت ذبيحة الخطيئة لأنها لم تؤكل. 12 وكذلك عيد سليمان للتدشين ثمانية الأيام."
هذه المقدسات ستظهر بفعل إلهي حين يريد الله أن يمجد شعبه ويظهر رضاه على شعبه ويبدو مجد الرب والغمام كما حدث في جبل سيناء وعند تدشين الهيكل (لا23:9 + 2أي13:5،14). على أنه من المستحيل أن يعود عهد الذبائح ثانية فقد بطل الرمز حين أتى المرموز إليه أي المسيح الذبيحة الحقيقية، وإنتهى دور الهيكل اليهودي، وصار المسيحيين هم شعب الله ومجدهم في وجود المسيح وسطهم دائماً (زك5:2 +مت20:28). وفي (9) إذ إشتهر وأبدى حكمته= وكانوا يخبرون أيضاً أنه بفضل حكمته قدم ذبيحة تدشين= هذه نبوة عن أقنوم الحكمة الذي قدم نفسه ذبيحة ليؤسس كنيسة العهد الجديد.
ويقول الكاتب أن علامة قبول الذبيحة أن ناراً تنزل من السماء وتحرق الذبيحة وهذا حدث مع موسى أولاً ثم مع سليمان. وها قد حدث مع نحميا. فالله إذاً قد عاد لقبول الأمة اليهودية والعلامة هذه النار التي تولدت من سكب الماء الخاثر (النفطار). وربما يريد الكاتب أن يشير أن الوضع مع نحميا كان أفضل من الوضع أيام موسى، إذ قد إحترقت ذبيحة الخطية إذ لم تؤكل= وكان من الواجب أن يأكل منها الكهنة علامة على قبول الله غفران خطية الشعب، وهرون لم ينتبه لذلك بسبب حزنه على إحتراق ولديه (لا1:10-20). ولكن هذا السهو لم يحدث مع نحميا. وكذلك عَيَّدَ سليمان للتدشين ثمانية أيام= إذ تصادف مجئ التدشين في مناسبة عيد المظال (1مل65:8،66). والإشارة هنا ليهود مصر، أنتم في غربة فلتحتفلوا بعيد المظال (2مك18:1) لتذكروا عمل الله الإعجازي والنار التي طهرت الذبيحة وغربتكم.
الآيات (13-15): "13 وقد شرح ذلك في السجلات والتذاكر التي لنحميا وكيف أنشأ مكتبة جمع فيها أخبار الملوك والأنبياء وكتابات داود ورسائل الملوك في التقادم. 14 وكذلك جمع يهوذا كل ما فقد منا في الحرب التي حدثت لنا وهو عندنا. 15 فان كانت لكم حاجة بذلك فأرسلوا من يأخذه إليكم."
عزرا جمع كل الأسفار ولكن جاء يهوذا المكابي وعمل مكتبة أخرى ليجمع فيها ما جمعه عزرا من قبل وتشتت بفعل أنطيوخس أبيفانيوس وما ظهر من كتب بعد عزرا مثل يشوع بن سيراخ والمكابيين. التقادم= التقدمات التي كان الملوك يقدمونها ومرتبطة بمصائب أو النجاة منها.
الآيات (16-19): "16 وإذ قد أزمعنا أن نعيد عيد التطهير كتبنا إليكم وأنكم لتحسنون الصنع إذا عيدتم هذه الأيام. 17 والله الذي خلص جميع شعبه ورد على الجميع الميراث والملك والكهنوت والمقدس. 18 كما وعد في الشريعة نرجو منه أن يرحمنا قريبا ويجمعنا مما تحت السماء إلى الموضع المقدس. 19 فانه قد أنقذنا من شرور عظيمة وطهر الموضع."
هذا هو هدف الرسالة أن يصلي الجميع ليعودوا فيجتمعوا في أرض اليهودية بدل تشتتهم، وحتى يحدث هذا فليظلوا على إتصالهم بشريعتهم وأمتهم وأعيادهم ومواسمهم حتى لا ينفصلوا عن أمتهم. وليكن الهيكل بأورشليم هو مركز حياتنا كلنا.
الآيات (20-33): "20 أن الحوادث التي وقعت ليهوذا المكابي واخوته وتطهير الهيكل العظيم وتدشين المذبح. 21 والحروب التي وقعت مع انطيوكس الشهير وابنه اوباطور. 22 والآيات التي ظهرت من السماء في حق الذين تحمسوا لدين اليهود حتى انهم مع قلتهم تسلطوا على البلاد بجملتها وطردوا جماهير الأعاجم. 23 واستردوا الهيكل الذي اشتهر ذكره في المسكونة بأسرها وحرروا المدينة واحيوا الشرائع التي كادت تضمحل لأن الرب عطف عليهم بكثرة مراحمه. 24 تلك الأمور التي شرحها ياسون القيرواني في خمسة كتب قد اقبلنا نحن على اختصارها في درج واحد. 25 ولما رأينا تكاثر الحوادث والصعوبة التي تعترض من أراد الخوض في أخبار التاريخ لكثرة المواد. 26 كان من همنا أن نجعل فيما كتبناه فكاهة للمطالع وسهولة للحافظ وفائدة للجميع. 27 فلم يكن تكلفنا لهذا الاختصار أمرا سهلا وإنما تم بالعرق والسهر. 28 كما أن الذي يعد مأدبة ويبتغي بها منفعة الناس لا يكون الأمر عليه سهلا غير أنا لأجل مرضاة الكثيرين سنتحمل هذا النصب عن طيبة نفس. 29 تاركين التدقيق في تفاصيل الحوادث لأصحاب التاريخ وملتزمين في الاختصار استقراء أهم الوقائع. 30 فانه كما ينبغي لمن يهندس بيتا جديدا أن يهتم بجميع أجزاء البنيان ولمن يباشر الوسم والتصوير أن يتطلب أسباب الزينة هكذا ما نحن فيه على ما أرى. 31 فان التبحر والكلام على كل أمر والبحث عن جزء فجزء من شان مصنف التاريخ. 32 وإما الملخص فمرخص له أن يسوق الحديث باختصار مع إهمال التدقيق في المباحث. 33 وههنا نشرع في إيراد الحوادث مقتصرين من التمهيد على ما ذكرناه إذ ليس من الإصابة الإطناب فيما قبل التاريخ والإيجاز في التأريخ."
الكاتب هنا يلخص عمله في أنه لخص خمس كتب لكاتب آخر إسمه ياسون القيرواني ويشير أنه يركز على أعمال يهوذا المكابي وجهاده لأجل الحق وكيف أعانه الله على ذلك. وياسون القيرواني هو شخص يهودي سكندري من شتات القيروان. والتلخيص عادة أشق من التأليف. فكاهة للمطالع= متعة للمطالع
الآيات (1-3): "1 حين كانت المدينة المقدسة عامرة آمنة والشرائع محفوظة غاية الحفظ لما كان عليه أونيا الكاهن الأعظم من الورع والبغض للشر. 2 كان الملوك أنفسهم يعظمون المقدس ويكرمون الهيكل بأفخر التقادم. 3 حتى أن سلوقس ملك آسية كان يؤدي من دخله الخاص جميع النفقات المختصة بتقديم الذبائح."
هي صورة يريد بها الكاتب إظهار أنه حين يكون الشعب يرضي الله ورئيس كهنته قديس مثل أونيا فإن الملك الوثني يجبر على إحترام الله والهيكل "لكي يرى الله أعمالكم الحسنة فيمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت16:5). والمذكور هنا طبعاً ليس في أيام أنطيوخس أبيفانيوس ولكن في أيام سلوكس أخيه وكلاهما أولاد لأنطيوخس الثالث الكبير. وكانت هناك في أيامه علاقات طيبة بين الحاكم والهيكل. وكان الملوك السوريين يحبون أن يسموا أنفسهم ملك آسيا. وأونيا هنا هو إبن سمعان الثاني وحفيد أونيا الثاني وتنسب له صفات جميلة هنا (الرجل الصالح/ المحب لأمته/ المحب للفضيلة..) عزله الملك إذ إشترى ياسون المنصب ثم جاء منلاوس بعد ياسون أيضاً برشوة أكبر. ومنلاوس هذا دَبَّر مؤامرة لقتل أونيا حتى لا ينافسه على رئاسة الكهنوت ثانياً. وبعد موته ظهر مع إرمياء النبي ليشجع يهوذا المكابي (11:15-16).
الآيات (4-40): "4 وان رجلا اسمه سمعان من سبط بنيامين كان مقلدا الوكالة على الهيكل وقعت مخاصمة بينه وبين الكاهن الأعظم لأجل ظلم جناه على المدينة. 5 وإذ لم يمكنه التغلب على أونيا انطلق إلى ابلونيوس بن ترساوس وكان إذ ذاك قائدا في بقاع سورية وفينيقية. 6 واخبره أن الخزانة التي في أورشليم مشحونة من الأموال بما لا يستطاع وصفه حتى أن الدخل لا يحصى لكثرته وان ذلك ليس بمختص بنفقة الذبائح فيتهيأ للملك إدخال ذلك كله في حوزته. 7 ففاوض ابلونيوس الملك واعلمه بالأموال التي وصفت له فاختار هليودورس قيم المصالح وأرسله وأمره بجلب الأموال المذكورة. 8 فتوجه هليودورس لساعته قاصدا في الظاهر التطوف في مدن بقاع سورية وفينيقية وكان في الواقع يقصد إنفاذ مرام الملك. 9 فلما جاء أورشليم احسن الكاهن الأعظم ملتقاه فحدثه بما كوشفوا به وصرح له بسبب قدومه وسأله هل الأمر في الحقيقة كما ذكر له. 10 فذكر له الكاهن الأعظم أن المال هو ودائع للأرامل واليتامى. 11 وان قسما منه لهركانس بن طوبيا أحد عظماء الأشراف ثم أن الأمر ليس على ما وشى به سمعان المنافق وإنما المال كله أربعون قنطار فضة ومئتا قنطار ذهب. 12 فلا يجوز بوجه من الوجوه هضم الذين ائتمنوا قداسة الموضع ومهابة وحرمة الهيكل المكرم في المسكونة كلها. 13 لكن هليودورس بناء على أمر الملك أصر على حمل الأموال إلى خزانة الملك. 14 وعين يوما دخل فيه للفحص عن ذلك فكان في جميع المدينة ارتعاش شديد. 15 وانطرح الكهنة أمام المذبح بحللهم الكهنوتية يبتهلون نحو السماء إلى الذي سن في الودائع أن تصان لمستودعها. 16 وكان من رأى وجه الكاهن الأعظم يتفطر فؤاده لأن منظره وامتقاع لونه كانا ينبئان بما في نفسه من الارتعاش. 17 إذ كان الرجل قد اشتمل عليه الرعب والقشعريرة فكانا يدلان الرائين على ما في قلبه من الكابة. 18 وكان الناس يتبادرون من البيوت أفواجا ليصلوا صلاة عامة لسبب الهوان المشرف على الموضع. 19 وكانت النساء يزدحمن في الشوارع وهن متحزمات بالمسوح تحت ثديهن والعذارى ربات الخدور يتجارين بعضهن إلى الأبواب وبعضهن إلى الأسوار وأخريات يتطلعن من الكوى. 20 وكلهن باسطات أيديهن إلى السماء يتضرعن بالابتهال. 21 فكان انكسار الجمهور وانتظار الكاهن الأعظم وهو في ارتعاش شديد مما يصدع القلب رحمة. 22 وكانوا يتضرعون إلى الإله القدير أن يحفظ الودائع موفورة لمستودعيها. 23 أما هليودورس فكان أخذا في إتمام ما قضى به وقد حضر هناك مع شرطه في الخزانة. 24 فصنع رب آبائنا وسلطان كل قدرة أية عظيمة حتى أن جميع الذين اجتراوا على الدخول صرعتهم قدرة الله وأخذهم الانحلال والرعب. 25 وذلك انه ظهر لهم فرس عليه راكب مخيف وجهازه فاخر فوثب وضرب هليودورس بحوافر يديه وكانت عدة الراكب كأنها من ذهب. 26 وتراءى أيضا لهليودورس فتيان عجيبا القوة بديعا البهاء حسنا اللباس فوقفا على جانبيه يجلدانه جلدا متواصلا حتى أثخناه بالضرب. 27 فسقط لساعته على الأرض وغشيه ظلام كثيف فرفعوه وجعلوه على محمل. 28 فإذا به بعد أن دخل الخزانة المذكورة في موكب حافل وجند كثير قد اصبح محمولا لا مغيث له وقد تجلت لهم قدرة الله علانية. 29 فكان مطروحا بالقوة الإلهية ابكم منقطع الرجاء من الخلاص. 30 واليهود يباركون الرب الذي مجد مقدسة وقد امتلأ الهيكل ابتهاجا وتهللا إذ تجلى فيه الرب القدير بعدما كان قبيل ذلك مملوءا خوفا واضطرابا. 31 فبادر بعض من أصحاب هليودورس وسألوا أونيا أن يبتهل إلى العلي ويمن عليه بالحياة إذ كان قد اصبح على أخر رمق. 32 فخالج قلب الكاهن الأعظم أن الملك ربما اتهم اليهود بمكيدة كادوها لهليودورس فقدم الذبيحة من اجل خلاص الرجل. 33 وبينما الكاهن الأعظم يقدم الكفارة إذ عاد ذانك الفتيان فظهرا لهليودورس بلباسهما الأول ووقفا وقالا عليك بجزيل الشكر لأونيا الكاهن الأعظم فان الرب قد من عليك بالحياة من اجله. 34 وأنت أيها المجلود فاخبر الجميع بقدرة الله العظيمة قالا ذلك وغابا عن النظر. 35 فقدم هليودورس ذبيحة للرب وصلى إليه صلوات عظيمة على انه من عليه بالحياة وشكر أونيا ورجع بجيشه إلى الملك. 36 وكان يعترف أمام الجميع بما عاينه من أعمال الله العظيم. 37 وسال الملك هليودورس من ترى يكون أهلا لأن نعود فنرسله إلى أورشليم فقال. 38 أن كان لك عدوا وصاحب دسيسة في المملكة فأرسله إلى هناك فيرجع إليك مجلودا أن نجا فان في ذلك الموضع قدرة إلهية لا محالة. 39 لأن الذي مسكنه في السماء هو يراقب الموضع ويدافع عنه فيضرب الذين يقصدونه بالشر ويهلكهم. 40 هذا ما كان من أمر هليودورس وحماية الخزانة."
سمعان كان مقلداً الوكالة على الهيكل= إذاً كان هو الرجل الثاني بعد أونيا. أبولونيوس بن ترساوس= وذكر في (21:4) أنه إبن منستاوس. ولكن غالباً فإن ترساوس تعني الطرسوسي، وبذلك يكون إسمه أبولونيوس بن مسنتاوس الطرسوسي. وبسبب وشاية سمعان رأى سلوكس أن هناك حلاً للأزمة المالية التي خلفها له أبوه أنطيوخس الكبير وديونهم للرمان. هليودوروس، قيم المصالح= وظيفة وزير وهذا دخل أورشليم بطريقة دبلوماسية حتى لا يتحسبوا لمجيئه ويخفوا الأموال، وحتى لا يعطى فرصة للغيورين على الهيكل أن ينظموا صفوفهم للدفاع عن الهيكل إذا عرفوا نيته. ولا حتى أن يسحب المودعين أموالهم. هركانس بن طوبيا= والي أرض بني عمون وهذه سميت أرض طوب في (1مك13:5). وكمية الفضة المودعة تعادل (10500كجم) وكمية الذهب (5250كجم)، وهذا يعادل حوالي 20مليون جنيه مصري. وإهتزت المدينة يوم ذهب هليودوروس للهيكل لإغتصاب الأموال، ولكن إلتجأ الشعب لله والله لم يخذلهم، وكان الدرس لهليودوروس هو درس للملك نفسه. وقارن موقف أونيا هنا وخوفه على الودائع مع من جاءوا بعده بالرشاوي، إذ نهبوا هم الهيكل وباعوا نفائسه في الأسواق الوثنية (32:4،33 + 39:4-42). ونلاحظ هنا محبة الشعب وغيرته على الهيكل فلم يقولوا "هذه مشكلة رئيس الكهنة" بل الكل كان يصلي ويتضرع، وعندما ينسحق الإنسان أمام الله يتدخل الله. وأرسل الله جنوده ليؤدبوا جنود الملك، فالله هو ملك الملوك. وفكر رجال هليودوروس بطريقة صحيحة فالقوة التي تهاجمهم سمائية لا يصلح معها إستدعاء قوات أكبر، بل يحتاجون لشفاعة أونيا رجل الله وفي (35) ذبيحة للرب= هي ذبيحة سلامة وتقدم للشكر.
الآيات (1-6): "1 وكان سمعان المذكور الذي وشى في أمر الأموال والوطن يقذف أونيا كأنه هو أغرى هليودورس بذلك وجلب عليه ذلك الشر. 2 وبلغ من وقاحته انه وصف المحسن إلى المدينة والقائم بمصلحة أهل وطنه والغيور على الشريعة بأنه صاحب دسيسة. 3 فاشتدت العداوة حتى أن أحد خواص سمعان شرع في القتل. 4 فلما تبين أونيا ما في ذلك الخصام من الخطر مع حماقة ابلونيوس قائد بقاع سورية وفينيقية الذي كان يمد سمعان في خبثه قصد الملك. 5 لا واشيا بأهل وطنه ولكن ابتغاء لمصالح تعم الشعب برمته. 6 لأنه رأى انه بغير عناية الملك لا يمكن أن تكون الأحوال في سلام ولا أن يقلع سمعان عن رعونته."
في آية (1) "سمعان يفتري على أونيا كأنه هو هاجم هليودوروس وصنع له ذلك الشر" (ترجمة أخرى). هو أشاع أن أونيا أوقع الرعب في قلب هليودوروس بحيلة دبرها له. وفي آية (3) بدأ صدام دموي بين أتباع أونيا وأتباع سمعان. وشعر أونيا بأن هذا فيه خطورة ففكر أن يلجأ للملك. مع حماقة أبلونيوس= واضح أن أبلونيوس كان مشتركاً في المؤامرة مع سمعان لينهبوا الهيكل. ولا نسمع شيئاً عن سمعان بعد ذلك. ولكننا نجد أونيا في إنطاكية آية (33) ويبدو أنه إستمر هناك للنهاية.
الآيات (7-9): "7 وكان انه بعد وفاة سلوقس واستيلاء انطيوكس الملقب بالشهير على الملك طمع ياسون أخو أونيا في الكهنوت الأعظم. 8 فوفد على الملك ووعده بثلاث مئة وستين قنطار فضة وبثمانين قنطارا من دخل أخر. 9 وما عدا ذلك ضمن له مئة وخمسين قنطارا غيرها أن رخص له بسلطة الملك في إقامة مدرسة للتروض وموضع للغلمان وان يكتتب أهل أورشليم في رعوية إنطاكية."
فكر أونيا أن يلجأ للملك سلوكس ولكنه مات وجاء مكانه أنطيوخس أبيفانيوس، ووصل ياسون وسبق أونيا لأنطيوخس وبالرشوة حصل على وعد بتولي رئاسة الكهنوت. بل وعد ياسون أنطيوخس بأن يجعل أورشليم مركزاً يونانياً بثقافة يونانية، وكان هذا هو حلم أنطيوخس توحيد المملكة بثقافة يونانية وعقيدة يونانية ولغة يونانية. ياسون إسمه الأصلي يشوع وغيره لإسم يوناني مجاملة للسلوكيين. مدرسة للتروض= أي للرياضة. هي أشبه بنادي رياضي لتدريب المراهقين وصبغهم بصبغة يونانية. يكتتب أهل أورشليم في رعوية إنطاكية= أي يصبح اليهود لهم جنسية سلوكية فيفقدوا هويتهم اليهودية. قيمة الرشوة التي عرضها ياسون كانت حوالي 20مليون جنيه مصري يتحملها الشعب المسكين.
الآيات (10-17): "10 فأجابه الملك إلى ذلك فتقلد الرئاسة وما لبث أن صرف شعبه إلى عادات الأمم. 11 وألغى الاختصاصات التي انعم بها الملوك على اليهود على يد يوحنا أبي اوبولمس الذي قلد السفارة إلى الرومانيين في عقد الموالاة والمناصرة وابطل رسوم الشريعة وادخل سننا تخالف الشريعة. 12 وبادر فأقام مدرسة للتروض تحت القلعة وساق نخبة الغلمان فجعلهم تحت القبعة. 13 فتمكن الميل إلى عادات اليونان والتخلق بأخلاق الأجانب بشدة فجور ياسون الذي هو كافر لا كاهن اعظم. 14 حتى أن الكهنة لم يعودوا يحرصون على خدمة المذبح واستهانوا بالهيكل وأهملوا الذبائح لينالوا حظا في جوائز الملعب المحرمة بعد المباراة في رمي المطاث. 15 وكانوا يستخفون بمآثر آبائهم ويتنافسون بمفاخر اليونان. 16 فلذلك أحاقت بهم رزيئة شديدة فان الذين أولعوا برسومهم وحرصوا على التشبه بهم هم صاروا أعداء لهم ومنتقمين. 17 لأن النفاق في الشريعة الإلهية لا يذهب سدى كما يشهد بذلك ما سيجيء."
كان مركز رئيس الكهنة يعطي له سلطات مدنية إستخدمها ياسون في صبغ اليهودية بصبغة يونانية. يوحنا أبى أوبولمس السفير لدى الرومان. وفي (1مك17:8-30) نجد السفير أوبولمس بن يوحنا هو السفير. والحل بسيط أن هناك سفيرين أب وإبنه. والأب كان سفيراً في بداية حكم أنطيوخس أبيفانيوس والثاني أي الإبن كان في أيام يهوذا المكابي. تحت القلعة= هي قلعة عكرا التي أقامها السلوكيين ليتجسسوا على الهيكل. تحت القبعة= كان المشتركون في مدرسة التروض يرتدون قبعات عريضة. وكان الشبان يتدربون وهم عراة وكانت القبعات تحميهم من الشمس. وقطعاً أهمل الناس الهيكل والشريعة، بل تبني بعض الكهنة تلك الحملة وأهملوا واجباتهم الدينية. رمي المطاث= هو لعبة رمي القرص (وكان من الحديد أو الحجر وقطره 30سم). وفي آية (18) أحاقت بهم رزيئة شديدة= مصيبة كبيرة من قبل اليونانيين السلوكيين الذين أرادوا أن يتشبهوا بهم فجلبوا عليهم مصيبة كبيرة. فالنفاق في الشريعة الإلهية له عقوبته= لا يذهب سدى.
الآيات (18-20): "18 ولما جرت في صور المصارعة التي تجري كل سنة خامسة والملك حاضر. 19 انفذ ياسون الخبيث رسلا من أورشليم انطاكيي الرعوية ومعهم ثلاث مئة درهم فضة لذبيحة هركليس لكن هؤلاء طلبوا أن لا تنفق على الذبيحة لأن ذلك كان غير لائق بل تنفق في شيء أخر. 20 فكان هذا المال في قصد مرسله لذبيحة هركليس لكنه بسعي الذين حملوه انفق في بناء سفن ثلاثية."
كل سنة خامسة= أي كل أربع سنوات تقام دورة أوليمبية كما يحدث الآن للألعاب التي يتدربون عليها كالملاكمة والمصارعة والجري..الخ. ومع الرومان كان هناك مسابقات وحوش مع وحوش ووحوش مع بشر، وبشر مع بشر حتى الموت، والمتصارعين كانوا من الأسرى أو المجرمين في هذه الحالة. ثم صاروا من المسيحيين. ولما جرت في صور= في هذه السنة أقيمت الدورة الأوليمبية في صور وهذه لها إمتيازات إنطاكية. وكان أنطيوخس حاضراً. وأرسل ياسون الخبيث رُسُلاً من أورشليم لهم الجنسية الإنطاكية يحملون ثمن ذبيحة للإله هرقليس على سبيل المجاملة للملك والسلوقيين ولكن الرسل رفضوا هذا. هرقليس= هو إله الألعاب الأوليمبية وله تمثال هائل في صور. السفن الثلاثية= أسطول بحري مكون من ثلاث قطع. وهم أنفقوا أموال ياسون في المساهمة في بناء هذه السفن. ثلاث مئة درهم= (درهم باليونانية دراخمة) هذه= 1621 جنيه مصري وكان أجر الحرفي في ذلك الوقت حوالي درهم في اليوم.
الآيات (21-22): "21 وأرسل ابلونيوس بن منستاوس إلى مصر لمبايعة بطلماوس فيلوماتور الملك فعلم انطيوكس انه قد نحي عن تدبير الأمور فوجه اهتمامه إلى تحصين نفسه ورجع إلى يافا ثم سار إلى أورشليم. 22 فاستقبله ياسون وأهل المدينة استقبالا جليلا ودخل بين المشاعل والهتاف ثم انصرف من هناك بالجيش إلى فينيقية."
كان الخلاف مازال على أشده بين بطالمة مصر وملوك سوريا السلوكيين وأبولونيوس بن منستاوس هذا كان تابعاً لأنطيوخس، لكنه وغالباً بإيعاز من الرومان ذهب إلى بطالمة مصر ليحضر عُرساً، فإعتبر أنطيوخس هذا العمل خروجاً على طاعته، بل فكر أن أبولوينوس يريد التحالف مع مصر فبدأ يحصن نفسه تحسباً لأي هجوم من البطالمة.
الآيات (23-29): "23 وبعد مدة ثلاث سنين وجه ياسون منلاوس أخا سمعان المذكور ليحمل أموالا للملك ويفاوضه في أمور مهمة. 24 فتزلف إلى الملك وأطرا عظمة سلطانه وأحال الكهنوت الأعظم إلى نفسه بان زاد ثلاث مئة قنطار فضة على ما أعطى ياسون. 25 ثم رجع ومعه أوامر الملك ولم يكن على شيء مما يليق بالكهنوت الأعظم وإنما كانت له أخلاق غاشم عنيف وأحقاد وحش ضار. 26 وهكذا فان ياسون الذي ختل أخاه ختله أخر فطرد وفر إلى ارض بني عمون. 27 واستولى منلاوس على الرئاسة إلا انه لم يوف شيئا من الأموال التي كان وعد بها الملك. 28 فكان سستراتس رئيس القلعة يطالبه لأنه كان مولي أمر الجباية ولهذا السبب استدعيا كلاهما إلى الملك. 29 فاستخلف منلاوس ليسيماكس أخاه على الكهنوت الأعظم واستخلف سستراتس كراتيس والي القبرسيين."
منلاوس هذا كان شقيق سمعان الوكيل الخائن، أرسله ياسون ليحمل أموالاً إلى الملك، فإشترى الكهنوت من الملك بدلاً من ياسون. ولما علم ياسون بأن الملك عينه هرب من أورشليم. وأثناء إنشغال الملك بإخضاع سكان طرسوس وملو، نهب الهيكل بمساعدة أندرونيكوس الذي قتل أونيا بإيعاز منه. وكان سستراتس مكلفاً بجمع الجزية، فطلب من منلاوس دفع ما وعد الملك به، ولما لم يدفع إستدعاهما كليهما الملك لأنه ظن أن هناك تواطئاً بينهما. ليسيماكس= أخ غير شقيق لمنلاوس وشرير مثله، سلب الهيكل وقتل كثيرين.
الآيات (30-38): "30 وحدث بعد ذلك أن أهل طرسوس وملو تمردوا لأنهم جعلوا هبة لأنطيوكيس سرية الملك. 31 فبادر الملك لإطفاء الفتنة واستخلف مكانه اندرونكس أحد ذوي المناصب. 32فرأى منلاوس انه قد أصاب فرصة فسرق من الهيكل آنية من الذهب أهدى بعضها إلى اندرونكس وباع بعضها في صور والمدن التي بجوارها. 33 ولما تيقن أونيا ذلك حجه به وكان قد انصرف إلى حمى بدفنة بالقرب من إنطاكية. 34 فخلا منلاوس باندرونكس وأغراه أن يقبض على أونيا فصار إلى أونيا وخدعه بمكره وعاقده بقسم حتى حمله على الخروج من الحمى وان كان غير واثق به ثم اغتاله من ساعته ولم يرع للعدل حرمة. 35 فوقع ذلك موقع المقت عند اليهود بل عند كثير من سائر الأمم وشق عليهم قتل الرجل بغيا. 36 فلما رجع الملك من نواحي قيلقية رفع إليه يهود المدينة مع ساءته هذه الجناية من اليونانيين مقتل أونيا عدوانا. 37 فتأسف انطيوكس ورق رحمة وبكى على حكمة ذلك المفقود وكثرة أدبه. 38 واضطرم غضبا ولساعته نزع الأرجوان عن اندرونكس ومزق حلله وأطافه في المدينة كلها ثم أباد ذلك القاتل في الموضع الذي فتك فيه بأونيا فانزل به الرب العقوبة التي استحقها."
أهدى الملك أنطيوخس مدنيتي طرسوس وملو (ملوس) هدية لسريته أنطيوكيس (الإسم المؤنث لأنطيوخس). تحصل هي على الجزية منهم، بل تتحكم في شعبهما وهذا أساء لشعب المدينتين ربما لأنها أساءت إستخدام حقها، فثار شعبا المدينتين، وذهب أنطيوخس لإخماد الثورة وترك مكانه شخص إسمه أندرونيكوس. والعجيب أن منلاوس كان خائفاً من الملك ولم يكن يخاف الله. فعندما عرف أن الملك مشغول في طرسوس نهب الهيكل بمساعدة أندرونيكوس، وعندما وبخ أونيا منلاوس على فعلته، حرض منلاوس أندرونيكوس عليه فقتله. حَجَّهُ به= لامه على تصرفه. إنصرف إلى حمىً= مكان يحتمي به. ولقد وافق أندرونيكوس على قتل أونيا حتى لا يخبر أونيا الملك بسرقتهم للهيكل. ولاحظ حزن اليهود والأمم على مقتل أونيا. بل أن أنطيوخس نفسه حزن على أونيا وقتل اندرونيكوس.
الآيات (39-50): "39 وكان ليسيماكس في المدينة قد سلب بإغراء منلاوس كثيرا من مال الأقداس فذاع الخبر في الخارج بان قد اخذ كثير من الذهب فاجتمع الجمهور على ليسيماكس. 40 فلما رأوا ليسيماكس هيجان الجموع وشدة غضبهم سلح ثلاثة آلاف رجل واعمل أيدي الظلم تحت قيادة رجل عات قد تناهى في السن والحماقة جميعا. 41 فلما بمآثر ما عزم عليه ليسيماكس تناول بعضهم حجارة وبعضهم هراوى وبعضهم رمادا حثوه من كل جانب على أتصاب ليسيماكس. 42 فجرحوا كثيرين منهم وصرعوا بعضا وهزموهم بأجمعهم وقتلوا سالب الأقداس عند الخزانة. 43 وأقيم الحكم في هذه الأموال على منلاوس. 44 فلما قدم الملك إلى صور أرسلت المشيخة ثلاثة رجال فرفعوا عليه الدعوى. 45 وأخريات رأوا منلاوس انه مغلوب وعد بطلماوس بن دوريمانس بمال جزيل ليستميل الملك. 46 فدخل بطلماوس على الملك وهو عندنا بعض الأروقة يتنسم الهواء وصرفه عن رأيه. 47 فحكم لمنلاوس الذي هو علة الشر كله بالبراءة مما شكى به وقضى بالموت على أولئك المساكين الذين لو رفعوا دعواهم إلى الاسكوتيين لحكم لهم بالبراءة. 48 ولم يلبث أولئك المحاجون عن المدينة والشعب والأقداس أمور حل بهم العقاب الجائر. 49 فشق هذا التعدي حتى على الصوريين وبذلوا نفقات دفنهم بسخاء. 50 واستقر منلاوس في الرئاسة بشره ذوي الأحكام وكان لا يزداد الانحلال خبثا ولم يزل لأهل وطنه كمينا مهلكا."
ليسيماكس يعيد الكرة ويسرق هو الآخر وبإغراء من منلاوس. وهاج اليهود إذ عُرِفَ الخبر ودحروا أتباع ليسيماخوس وقتلوه هو نفسه. وأقام اليهود دعوى على منلاوس إذ كان موافقاً على ما حدث. ولكن منلاوس وعد أحد المقربين من الملك برشوة كبيرة وإسمه بطلماوس بن دوريمانوس فتشفع له عند الملك فحكم ببراءته، وحكم بقتل الأبرياء المدافعين عن الحق (الثلاثة رجال).
الإسكوتيين= أو السكيثيين وأسماهم العرب التتار/ همجيون/ دائمو الإغارة والنهب/ يشربون دم من يقتلوهم/ عبدوا السيف كإله يقدمون له ذبائح بشرية من أسراهم/ يشربون في جماجم الموتى/ لا يستحمون بالماء. يضرب بهم المثل في الهمجية. والمعنى هنا أنهم أكثر رحمة وعدلاً من أنطيوخس. ذكرهم بولس الرسول في (كو11:3).
الآيات (1-14): "1 في ذلك الزمان تجهز انطيوكس لغزو مصر ثانية. 2 فحدث انه ظهر في المدينة كلها مدة أربعين يوما فرسان تعدو في الجو وعليهم ملابس ذهبية وفي أيديهم رماح وهم مكتبون كتائب. 3 وقنابل من الخيل مصطفة وهجوم وكر بين الفريقين وتقليب تروس وحراب كثيرة واستلال سيوف ورشق نبال ولمعان حلي ذهبية ودروع من كل صنف. 4 فكان الجميع يسألون أمور يكون مال هذه الآية خيرا. 5 وارجف قوم أمور انطيوكس قد مات فاتخذ ياسون جيشا ليس بأقل من ألف نفس وهجم على المدينة بغتة حتى إذا دفع الذين على الأزلي وأوشك أمور ويبدو مجد المدينة هرب منلاوس إلى القلعة. 6 فطفق ياسون يذبح إنما وطنه بغير رحمة ولم يفطن أمور الظفر بالإخوان هو عين الخذلان حتى كان نصرته هذه أنقذنا كانت على أصر لا على بني أمته. 7 لكنه لم يحز الرئاسة وأنكم أحاق به أخيرا خزي كيده فهرب ثانية إلى ارض بني عمون. 8 وكانت خاتمة أمره منقلبا سيئا لأن ارتاس زعيم العرب طرده فجعل يفر من مدينة إلى مدينة والجميع ينبذونه ويبغضونه بغضة من ارتد عن الشريعة ويمقتونه مقت من هو قتال لأهل وطنه حتى دحر إلى مصر. 9 فكان أمور الذي غرب كثيرين هلك في الغربة في ارض لكديمون إذ لجا إلى هناك بوسيلة القرابة. 10 والذي طرح كثيرين بغير قبر اصبح لم يبك عليه ولم يدفن ولم يكن له قبر في وطنه. 11 فلما بلغت الملك هذه الحوادث اتهم اليهود بالانتقاض عليه فزحف من مصر وقد تنمر في قلبه واخذ المدينة عنوة. 12 وأمر الجنود أمور يقتلوا كل من صادفوه دون رحمة ويذبحوا المختبئين في البيوت. 13 فطفقوا يهلكون الشبان والشيوخ ويبيدون الرجال والنساء والأولاد ويذبحون العذارى والأطفال. 14 فهلك ثمانون ألف نفس في ثلاثة أي منهم أربعون الفا في المعركة وبيع منهم عدد ليس بأقل من القتلى."
بينما كان أنطيوخس مشغولاً في حرب مع مصر، وصلت إشاعة بأنه مات. فإنتهز ياسون الفرصة وهجم على أورشليم يريد قتل منلاوس ليستعيد رئاسة الكهنوت. لكن منلاوس هرب إلى قلعة عكرة. وحدثت رؤيا سماوية لمعارك بين فريقين فريق منهم له أسلحة ذهبية (الذهب رمز للسماويات)، وجيوش مسلحة. والمعنى أن الله يخبرهم بمعارك ستقوم ضدهم، لكن السماء ستتدخل. ولماذا يسمح الله بهذه الضربات؟ للتأديب (آية17). كما قال السيد المسيح لبيلاطس "لم يكن لم عليّ سلطان البتة إن لم تكن قد أعطيت من فوق" (يو11:19) وحدثت مثل هذه الرؤى قبل خراب أورشليم سنة 70م على يد تيطس الروماني. وسريعاً ما بدأ تحقيق الرؤيا فلقد عاد أنطيوخس ليشن إضطهاداً دموياً عنيفاً ضد أورشليم، وبدأ أيضاً التدخل السمائي بإنعزال يهوذا المكابي إستعداداً لتكوين الجيش المكابي الذي سينتصر. أما ياسون فهرب بعد ذلك إلى مصر ثم إسبرطة= لكديمون (هو إسم آخر لإسبرطة) فكان يقال أن هناك قرابة بين اليهود والإسبرطيين. ومات في غربة ولم يجد من يدفنه، وغالباً فإن اليهود في أورشليم هم الذين طردوا ياسون إذ وصلتهم أخبار الإشاعة بأن أنطيوخس مات، بل لولا إحتماء منلاوس بالقلعة لكانوا قد قتلوه هو أيضاً، ويقال أن أنطيوخس كان راجعاً من مصر بمهانة شديدة فشمت فيه اليهود فإنتفم منهم.
الآيات (15-27): "15 ولم يكتف بذلك بل اجترا ودخل الهيكل الذي هو اقدس موضع في الأحوال كلها وكان دليله منلاوس الخائن للشريعة والوطن. 16 واخذ الآنية المقدسة بيديه الدنستين مع ما أهدته ملوك الأبواب لزينة الموضع وبهائه وكرامته وقبض عليها بيديه النجستين ومضى. 17 فتشامخ انطيوكس في نفسه ولم يفطن إلى أمور الله غضب حينا كأنها خطايا سكان المدينة وانه لذلك أهمل الموضع. 18 ولولا انهم انهمكوا بخطايا كثيرة لجلد حال دخوله وردع عن جسارته كما وقع لهليودورس الذي بعثه سلوقس الملك لافتقاد الخزانة. 19 ولكن الرب لم يتخذ الأمة كأنها الموضع بل الموضع كأنها الأمة. 20 ولذلك بعدما اشترك الموضع في مصائب الأمة عاد فاشترك في نعم الرب وبعدما خذله القدير في غضبه أدرك كل مجد عند توبته تعالى. 21 وحمل انطيوكس من الهيكل ألفا وثماني مئة قنطار وبادر الرجوع إلى أنت وقد خيلت إليكم كبرياؤه وتشامخ نفسه انه يقطع البر بالسفن والبحر بالقدم. 22 وترك عمالا يراغمون الأمة منهم فيلبس في أوامر وهو فريجي الأصل وكان أشرس أخلاقا من الذي نصبه. 23 واندرونكس في جرزيم وأيضاً منلاوس الذي كان اشد جورا على الرعية من كليهما. 24 ثم حمله ما كان عليه من المقت لرعايا اليهود على أمور أرسل ابلونيوس الرئيس البغيض في اثنين وعشرين ألف جندي وإما أمور يذبح كل بالغ منهم ويبيع النساء والصبيان. 25 فلما وفد إلى أورشليم اظهر السلام وتربص إلى يوم السبت المقدس حتى إذا دخل اليهود في عطلتهم أمر أصحابه بان يتسلحوا. 26 وذبح جميع الخارجين للتفرج ثم اقتحم المدينة بالسلاح واهلك خلقا كثيرا. 27 وان يهوذا المكابي كان قد انصرف إلى البرية وهو عاشر عشرة فلبث مع أصحابه في الجبال يعيشون عيشة الوحوش ويأكلون العشب لئلا يشتركوا في النجاسة."
كان ممنوع على الأمم دخول الهيكل، فنجد منلاوس رئيس الكهنة يساعد أنطيوخس على دخوله. الرب لم يتخذ الأمة لأجل الموضع بل الموضع لأجل الأمة= الموضع هو هيكل الله المقدس. وهذه الآية تماثل قول السيد المسيح "السبت إنما جُعل لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت" (مر27:2،28). فالله جعل كل شئ لأجل الإنسان. . الطبيعة والخليقة بل حتى الهيكل. فالهيكل جعله الله وسيلة ليقترب بها الإنسان لله فيجد سلامه وفرحه. فلما أهان الإنسان الهيكل بل أحزنوا الله يسمح الله بنهب الهيكل، بل بتحطيمه كما حدث أيام نبوخذ نصر، إذ فارق الله الهيكل (حز18:10،19 + حز22:11،23) فالله كان لا يريد أن يجتمع مع هذا الشعب الخاطئ، فما الداعي للهيكل. ثم حين عادوا بالتوبة عاد لهم الله، وتطهر الهيكل. عند توبته تعالي= في ترجمة أخرى "عند تصالحه مع السيد العظيم" أي عندما يتوب الشعب ويرجع لله يرجع لهم الله "إرجعوا إليّ أرجع إليكم" (زك3:1). ويبلغ مقدار ما حمله أنطيوكس من الهيكل 59مليون جنيه. وبادر بالرجوع إلى إنطاكية= خوفاً من تمرد يقوم به مناصرو سلوكس الرابع. يقطع البر بالسفن والبحر بالقدم= أي يقوم بالمستحيل. عمالاً يراغمون= يضايقون. أندرونيكوس= شخص آخر غير المذكور في (31:4). وفي (26) ذبح جميع الخارجين للتفرج وفي (25) أمر أصحابه بأن يتسلحوا وبهذا نفهم أنه أمر بعمل عرض عسكري فخرج اليهود يتفرجون فقتلهم ودخل المدينة ليقتل آخرين. ثم نسمع عن بداية المكابيين. عاشر عشرة= هم عشرة رجال خرجوا معاً. النواة الأولى للجيش المكابي. عيشة الوحوش= بلا أكل ولا شرب ولا مسكن ووسط أخطار البرية.
"1 وبعد ذلك بيسير أرسل الملك شيخا اثينيا ليضطر اليهود أن يرتدوا عن شريعة آبائهم ولا يتبعوا شريعة الله. 2 وليدنس هيكل أورشليم ويجعله على اسم زوس الأولمبي ويجعل هيكل جرزيم على اسم زوس مؤوي الغرباء لأن أهل الموضع كانوا غرباء. 3فاشتد انفجار الشر وعظم على الجماهير. 4 وامتلأ الهيكل عهرا وقصوفا واخذ الأمم يفسقون بالمابونين ويضاجعون النساء في الدور المقدسة ويدخلون إليها ما لا يحل. 5وكان المذبح مغطى بالمحارم التي نهت الشريعة عنها. 6 ولم يكن لأحد أن يعيد السبت ولا يحفظ أعياد الآباء ولا يعترف بأنه يهودي أصلاً. 7 وكانوا كل شهر يوم مولد الملك يساقون قسرا للتضحية وفي عيد ديونيسيوس يضطرون إلى الطواف إجلالاً له وعليهم أكاليل من اللبلاب. 8 وصدر أمر إلى المدن اليونانية المجاورة بإغراء البطالمة ان يلزموا اليهود بمثل ذلك وبالتضحية. 9 وان من أبى أن يتخذ السنن اليونانية يقتل فذاقوا بذلك أمر البلاء. 10 فان امرأتين سعي بهما انهما ختنتا أولادهما فعلقوا أطفالهما على أثديهما وطافوا بهما في المدينة علانية ثم القوهما عن السور. 11 ولجا قوم إلى مغاور كانت بالقرب منهم لإقامة السبت سرا فوشي بهم إلى فيلبس فاحرقهم بالنار وهم لا يجترئون أن يدافعوا عن أنفسهم إجلالاً لهذا اليوم العظيم. 12 وأني لأرجو من مطالعي هذا الكتاب أن لا يستوحشوا من هذه الضربات وان يحسبوا هذه النقم ليست للهلاك بل لتأديب امتنا. 13 فانه إذا لم يهمل الكفرة زمنا طويلا بل عجل عليهم بالعقاب فذلك دليل على رحمة عظيمة. 14 لأن الرب لا يمهل عقابنا بالأناة إلى أن يستوفى كيل الآثام كما يفعل مع سائر الأمم. 15 فقد قضى فينا بذلك لئلا تبلغ آثامنا غايتها وينتقم منا أخيرا. 16فهولا يزيل عنا رحمته أبداً وإذا أدب شعبه بالشدائد فلا يخذله. 17 نقول هذا على سبيل التذكرة ونرجع إلى تتمة الحديث بكلام موجز. 18 كان رجل يقال له ألعازار من متقدمي الكتبة طاعن في السن رائع المنظر في الغاية فاكرهوه بفتح فيه على أكل لحم الخنزير. 19 فاختار آن يموت مجيدا على أن يحيا ذميما وانقاد إلى العذاب طائعاً. 20وقذف لحم الخنزير من فيه ثم تقدم كما يليق بمن يتمنع بشجاعة عما لا يحل ذوقه رغبة في الحياة. 21 فخلا به الموكلون بأمر الضحايا الكفرية لما كان بينهم وبينه من قديم المعرفة وجعلوا يحثونه أن يأتي بما يحل له تناوله من اللحم مهيأ بيده ويتظاهر بأنه يأكل من لحم الضحايا التي أمر بها الملك. 22 لينجو من الموت إذا فعل ذلك وينال منهم الجميل لأجل مودته القديمة لهم. 23 لكنه عول على الرأي النزيه الجدير بسنه وكرامة شيخوخته وما بلغ إليه من جلالة المشيب وبكمال سيرته الحسنة منذ حداثته بل بالشريعة المقدسة الإلهية وأجاب بغير توقف وقال بل اسبق إلى الجحيم. 24 لأنه لا يليق بسننا الرئاء لئلا يظن كثير من الشبان أن العازار وهو ابن تسعين سنة قد انحاز إلى مذهب الأجانب. 25 ويضلوا بسببي لأجل رئائي وحبي لحياة قصيرة فانية فاجلب على شيخوختي الرجس والفضيحة. 26 فأني ولو نجوت الآن من نكال البشر لا افر من يدي القدير لا في الحياة ولا بعد الممات. 27 ولكن إذا فارقت الحياة ببسالة فقد وفيت بحق شيخوختي. 28 وأبقيت للشبان قدوة شهامة ليتلقوا المنية ببسالة وشهامة في سبيل الشريعة الجليلة المقدسة ولما قال هذا انطلق من ساعته إلى عذاب التوتير والضرب. 29فتحول أولئك الذين ابدوا له الرافة قبيل ذلك إلى القسوة لحسبانهم أن كلامه كان عن كبر. 30 ولما اشرف على الموت من الضرب تنهد وقال يعلم الرب وهو ذو العلم المقدس أني وأنا قادر على التخلص من الموت أكابد في جسدي عذاب الضرب الأليم وأما في نفسي فأني احتمل ذلك مسرورا لأجل مخافته. 31 وهكذا قضى هذا الرجل تاركا موته قدوة شهامة وتذكار فضيلة لامته بأسرها فضلا عن الشبان بخصوصهم."
نرى هنا نوعية الإضطهاد الديني اليوناني لليهود. فقد أرسلوا شيخاً أثينياً ليقوم بالدعاية للوثنية والإشراف على تحويل العبادة للوثنية. زوس الأولمبي= هو زيوس رب الأرباب في الأساطير اليونانية. وسُمى هيكل أورشليم بهذا الإسم نسبة للألعاب الأوليمبية التي تقام بالقرب منه، والمدرسة الرياضية كانت ملاصقة للهيكل.
زوس مؤوى الغرباء= هذا إسم هيكل جرزيم الذي بناه سنبلط مع حميه منسى على جبل عيبال. وزيوس مؤوي الغرباء كان يؤوي الأجانب الغرباء. ولاحظ أن خلاف اليهود مع السامريين إستمر حتى حين جعلوا هياكلهم بأسماء آلهة يونانية فكان لكل هيكل إله غير الآخر. وفي الأصل العبري لا يقولون هيكل جرزيم (2) بل جرزيم فاليهود لا يعترفون به كهيكل لله. ونشروا الزنا بل الشذوذ الجنسي في الهيكل= المأبونين وخصصوا مكرسات للزنا ومأبونين (رجال شواذ) للهيكل ويدفعون ما يحصلون عليه للهيكل (4) وذبحوا خنزير على المذبح (5) وأجبروا اليهود على الأكل منه. هذا كله يعني أن الله ترك المكان.
ديونيسيوس= إله الخمر وهو إبن زيوس (7). وآية (8) البطالمة هم أهل بطلمايس أي عكا. وهؤلاء هم أعداء تقليديين لليهود إستصدروا أمراً ليطبق كل هذا على اليهود في كل مدينة. وهم منعوا الختان، لذلك نرى هنا إستشهاد إمرأتين تقيتين رفضتا تنفيذ القانون اليوناني وإلتزمتا بالشريعة وختنتا ولديهما. فعلقوا الأطفال برقاب أمهاتهم وألقوهما من السور.
في هذا الإصحاح نرى الإستشهاد بسبب [1] ممارسة الختان [2] الحفاظ على السبت [3] الإمتناع عن أكل الخنزير. وفي آيات (12-17) نرى فلسفة الألم لشعب الله وهو تأديب الشعب. فالله لا يرفض شعبه إذا أخطأ بل يؤدبه، فالله لا ينتقم من شعبه. أما الشهداء فهؤلاء لهم أكاليل عظيمة في السماء. ولأجل الضعفاء يسمح الله بنهاية فترة الإضطهاد حتى لا يخور الجميع. أما الأمم الذين يضطهدون شعب الله فالله يتركهم حتى يمتلئ كأس الغضب منهم ثم يرفضهم، لكن إذا تعلم الأمم شئ ورجعوا لله فالله يرجع لهم.
ألعازار= غالباً كان له صلة بمن عذبوه، وغالباً هم من اليهود المتعاونين مع العدو أو هم إنطاكيين من أورشليم. ورفض أن يأتوا له سراً بلحم طاهر يأكله فينجو من الموت، هذا لأنه خاف أن يعثر الآخرين. فإنقلب عليه الذين كانوا أصدقاء لأنهم إعتبروه مجنون إذ يرفض الحياة، ولأنه عاندهم.
"1 وقبض على سبعة اخوة مع أمهم فاخذ الملك يكرههم على تناول لحوم الخنزير المحرمة ويعذبهم بالمقارع والسياط. 2 فانتدب أحدهم للكلام وقال ماذا تبتغي وعم تستنطقنا أنا لنختار أن نموت ولا نخالف شريعة آبائنا. 3 فحنق الملك وأمر بإحماء الطواجن والقدور ولما أحميت. 4 أمر لساعته بان يقطع لسان الذي انتدب للكلام ويسلخ جلد رأسه وتجدع أطرافه على عيون اخوته وأمه. 5 ولما عاد جذمة أمر بان يؤخذ إلى النار وفيه رمق من الحياة ويقلى وفيما كان البخار منتشرا من الطاجن كانوا هم وأمهم يحض بعضهم بعضا أن يقدموا على الموت بشجاعة. 6 قائلين أن الرب الإله ناظر وهو يتمجد بنا كما صرح موسى في نشيده الشاهد في الوجوه إذ قال وسيتمجد بعبيده. 7 ولما قضى الأول على هذه الحال ساقوا الثاني إلى الهوان ونزعوا جلد رأسه مع شعره ثم سألوه هل يأكل قبل أن يعاقب في جسده عضوا عضوا. 8فأجاب بلغة آبائه وقال لا فأذاقوه بقية العذاب كالأول. 9 وفيما كان على أخر رمق قال انك أيها الفاجر تسلبنا الحياة الدنيا ولكن ملك العالمين إذا متنا في سبيل شريعته فسيقيمنا لحياة أبدية. 10 وبعده شرعوا يستهينون بالثالث وأمروه فدلع لسانه وبسط يديه بقلب جليد. 11 وقال أني من رب السماء أوتيت هذه الأعضاء ولأجل شريعته ابذلها وإياه أرجوان استردها من بعد. 12 فبهت الملك والذين معه من بسالة قلب ذلك الغلام الذي لم يبال بالعذاب شيئا. 13 ولما قضى عذبوا الرابع ونكلوا به بمثل ذلك. 14 ولما اشرف على الموت قال حبذا ما يتوقعه الذي يقتل بأيدي الناس من رجاء إقامة الله له أما أنت فلا تكون لك قيامة للحياة. 15 ثم ساقوا الخامس وعذبوه فالتفت إلى الملك وقال. 16 انك بما لك من السلطان على البشر مع كونك فانيا تفعل ما تشاء ولكن لا تظن أن الله قد خذل ذريتنا. 17 اصبر قليلا فترى باسه الشديد كيف يعذبك أنت ونسلك. 18 وبعده ساقوا السادس فلما قارب أن يموت قال لا تغتر بالباطل فأنا نحن جلبنا على أنفسنا هذا العذاب لأنا خطئنا إلى إلهنا ولذلك وقع لنا ما يقضي بالعجب. 19 وأما أنت فلا تحسب انك تترك سدى بعد تعرضك لمناصبة الله. 20 وكانت أمهم اجدر الكل بالعجب والذكر الحميد فأنها عاينت بنيها السبعة يهلكون في مدة يوم واحد وصبرت على ذلك بنفس طيبة ثقة بالرب. 21 وكانت تحرض كلا منهم بلغة آبائها وهي ممتلئة من الحكمة السامية وقد ألقت على كلامها الأنثوي بسالة رجلية. 22 قائلة لهم أني لست اعلم كيف نشاتم في أحشائي ولا أنا منحتكم الروح والحياة ولا أحكمت تركيب أعضائكم. 23 على أن خالق العالم الذي جبل تكوين الإنسان وأبدع لكل شيء تكوينه سيعيد إليكم برحمته الروح والحياة لأنكم الآن تبذلون أنفسكم في سبيل شريعته. 24 وان انطيوكس إذ تخيل انه يستخف به وخشي صوت معير يعيره اخذ يحرض بالكلام أصغرهم الباقي بل أكد له بالإيمان انه يغنيه ويسعده إذا ترك شريعة آبائه ويتخذه خليلا له ويقلده المناصب. 25 ولما لم يصخ الغلام لذلك البتة دعا الملك أمه وحثها أن تشير على الغلام بما يبلغ إلى خلاصه. 26 وألح عليها حتى وعدت بأنها تشير على ابنها. 27 ثم انحنت إليه واستهزأت بالملك العنيف وقالت بلغة آبائها يا بني ارحمني أنا التي حملتك في جوفها تسعة اشهر وأرضعتك ثلاث سنين وعالتك وبلغتك إلى هذه السن وربتك. 28 انظر يا ولدي إلى السماء والأرض وإذا رأيت كل ما فيهما فاعلم ان الله صنع الجميع من العدم وكذلك وجد جنس البشر. 29 فلا تخف من هذا الجلاد لكن كن مستأهلا لاخوتك واقبل الموت لأتلقاك مع اخوتك بالرحمة. 30 وفيما هي تتكلم قال الغلام ماذا انتم منتظرون أني لا أطيع أمر الملك وإنما أطيع أمر الشريعة التي ألقيت إلى آبائنا على يد موسى. 31 وأنت أيها المخترع كل شر على العبرانيين انك لن تنجو من يدي الله. 32 فنحن إنما نعاقب على خطايانا. 33 وربنا الحي وان سخط علينا حينا يسيرا لتوبيخنا وتاديبنا سيتوب على عبيده من بعد. 34 وأما أنت أيها المنافق يا اخبث كل بشر فلا تتشامخ باطلا وتتنمر بآمالك الكاذبة وأنت رافع يدك على عبيده. 35 لأنك لم تنج من دينونة الله القدير الرقيب. 36 ولقد صبر اخوتنا على ألم ساعة ثم فازوا بحياة أبدية وهم في عهد الله وأما أنت فسيحل بك بقضاء الله العقاب الذي تستوجبه بكبريائك. 37 وأنا كاخوتي ابذل جسدي ونفسي في سبيل شريعة آبائنا وابتهل إلى الله أن لا يبطئ في توبته على امتنا وان يجعلك بالمحن والضربات تعترف بأنه هو الإله وحده. 38 وان ينتهي في وفي اخوتي غضب القدير الذي حل على امتنا عدلا. 39 فحنق الملك ولم يحتمل ذلك الاستهزاء فزاده نكالا على اخوته. 40 وهكذا قضى هذا الغلام طاهرا وقد وكل إلى الرب كل أمره. 41 وفي آخر الأمر هلكت آلام على اثر بنيها. 42 وبما أوردناه عن الضحايا والتعذيبات المبرحة كفاية."
هنا قصة إستشهاد رائعة لأم وأبنائها السبعة لرفضهم تناول لحوم الخنزير. أتوا بهم لأنطيوكس والشكوى أنهم يرفضون الثقافة والحياة اليونانية ويتمسكون بشرائعهم. والأم لم تشفق على أبنائها والأولاد لم يشفقوا على حياتهم مؤثرين عليها طاعة شريعة الله. يسلخ جلد رأسه= يحز بالسكين جلد الرأس على شكل دائرة ثم ينزع. تجدع أطرافه= الأنف والأذنين والأصابع. جذمة= بدون هذه الأطراف. الطواجن والقدور= أواني نحاسية يلقون فيها الشخص ويشعل تحتها النيران، وربما يضعوا فيها ماء أو زيت أو قطران. ولاحظ كيف كان الكل يشجعون بعضهم بعضاً. ولاحظ إيمانهم بالقيامة للأبرار. نزعوا جلد رأسه مع شعره (7) أي نزعوا جلد رأسه بشد الشعر بعنف. لغة أبائه= أي العبرية.
هؤلاء الشهداء وهذه الأم التي إحتملت كل هذا في أولادها كانت ناظرة إلى ما لا يُرى أي النصيب السمائي (2كو18:4). هي شعرت أنهم ليسوا ملكاً لها بل الله إستخدم أحشائها ليصنع هؤلاء أولاداً له. صنع الجميع من العدم وكذلك وجد جنس البشر (28). لأتلقاك مع إخوتك بالرحمة (29)= حتى ألقاكم في الحياة الأخرى بمراحم الله علينا. فخالق الجنس البشري قادر أن يعطينا خليقة جديدة. الروح والحياة (22)= فالروح هي النسمة التي وهبها الله للإنسان (تك7:2). والحياة إشارة للنفس التي يشترك فيها الإنسان والحيوان. ولقد كرم أباء الكنيسة هؤلاء الشهداء. ونرى أنطيوخس يتحول لأسلوب الوعود، ولكن من إنفتحت عينه على الأبدية بأمجادها قطعاً سيحتقر كل هذه الوعود. المخترع كل شئ (31) لقب أطلق على الشيطان.
الآيات (1-4): "1 وكان يهوذا المكابي ومن معه يتسللون إلى القرى ويندبون ذوي قرابتهم ويستضمون الذين ثبتوا على دين اليهود حتى جمعوا ستة آلاف. 2 وكانوا يبتهلون إلى الرب أن ينظر إلى شعبه الذي اصبح يدوسه كل أحد ويعطف على الهيكل الذي دنسه أهل النفاق. 3ويرحم المدينة المتهدمة التي أشرفت على الإمحاء ويصغي إلى صوت الدماء الصارخة إليه. 4ويذكر إهلاك الأطفال الأبرئاء ظلما والتجاديف على اسمه ويجهر ببغضته للشر."
نرى هنا يهوذا ورجاله يبتعدون وينعزلون عن الشر ويصلون، لذلك يستجيب الرب وينصرهم.
الآيات (5-7): "5 ولما اصبح المكابي في جيش لم تعد الأمم تثبت أمامه إذ كان سخط الرب قد استحال إلى رحمة. 6 فجعل يفاجئ المدن والقرى ويحرقها حتى إذا استولى على مواضع توافقه تغلب على الأعداء في مواقع جمة. 7 وكان اكثر غاراته ليلا فذاع خبر شجاعته في كل مكان."
يفاجئ المدن والقرى ويحرقها= قطعاً هذه القرى هي التي تؤيد السلوكيين وبدأت في العبادة الوثنية.
الآيات (8-11): "8فلما رأى فيلبس أن الرجل اخذ في التقدم شيئا فشيئا وقد أوتى الفوز في اكثر أموره كتب إلى بطلماوس قائد بقاع سورية وفينيقية يسأله المناجدة لصيانة مصالح الملك.9فاختار لساعته نكانور بن بتركلس من خواص أصدقاء الملك وجعل تحت يده لفيفا من الأمم يبلغ عشرين ألفا ليستأصل ذرية اليهود عن أخرهم وضم إليه جرجياس وهو من القواد المحنكين في أمر الحرب. 10 فرسم نكانور أن يؤخذ من مبيع سبي اليهود ألفا القنطار التي كانت للرومانيين على الملك. 11 وأرسل في الحال إلى مدن الساحل يدعو إلى مشتري رقاب اليهود مسعرا كل تسعين رقبة بقنطار ولم يخطر له ما سيحل به من نقمة القدير."
إستعدت جيوش السلوكيين بل أخذوا معهم تجار عبيد ليبيعوا لهم الأسرى من اليهود عبيداً، ومن عائد البيع يدفعون ما عليهم للرومان= ألفا القنطار. فهم كانوا واثقين من الإنتصار على اليهود. فيلبس= ممثل الملك في أورشليم. بطلماوس= قائد إقليم سورية وهذه تشمل أورشليم. عشرين ألفاً= وفي (1مك39:3) يقول 40.000. العشرين ألفاً هم الذين أتوا مع نكانور بأوامر من بطلماوس، ثم إنضم له عشرون ألفاً من جيش السلوكيين في اليهودية.
ولاحظ ثقة الجيش السلوكي في الإنتصار إذ وزعوا نشرة على تجارة العبيد بأنهم سيبيعون اليهود بسعر قنطار لكل 90رقبة أي ما يوازي 12جنيه مصري= 67 دراخمة للرأس. ولكي يحصلوا على الألف قنطار ليدفعوها للرومان، فهم بهذا تصوروا أنه سيبيعوا (180.000) يهودي، ما بين عبد وأمة. وهذه الجزية كانت مقررة على أنطيوخس الثالث من قبل الرومان، بموجب معاهدة سلام بينهم سنة 188ق.م.
الآيات (12-20): "12 فاتصل بيهوذا خبر مقدم نكانور فاخبر الذين معه بمجيء الجيش. 13 فبدا الذين خافوا ولم يثقوا بعدل الله ينسابون كل واحد من مكانه. 14 وباع آخرون كل ما كان باقيا لهم وكانوا يبتهلون إلى الرب ان ينقذهم من نكانور الكافر الذي باعهم قبل الملتقى. 15 وذلك أن لم يكن من أجلهم فمن اجل عهده مع آبائهم وحرمة اسمه العظيم الذي هم مسمون به. 16 فحشد المكابي أصحابه وهم ستة آلاف وحرضهم أن لا يرتاعوا من الأعداء ولا يخافوا من كثرة الأمم المجتمعة عليهم بغيا وان يقاتلوا ببأس. 17 جاعلين نصب عيونهم الإهانة التي ألحقوها بالموضع المقدس عدوانا وما أنزلوه بالمدينة من القهر والعار مع نقض سنن الآباء. 18 وقال ان هؤلاء إنما يتوكلون على سلاحهم وجسارتهم وأما نحن فنتوكل على الله القدير الذي يستطيع في لمحة أن يبيد الثائرين علينا بل العالم بأسره. 19 ثم ذكر لهم النجدات التي أمد بها آباؤهم وما كان من إبادة المئة والخمسة والثمانين ألفا على عهد سنحاريب. 20 والواقعة التي كانت لهم في بابل مع الغلاطيين كيف برزوا للقتال وهم ثمانية آلاف رجل ومعهم أربعة آلاف من المكدونيين وكيف حين وهل المكدونيون اهلك اولئك الثمانية الآلاف مئة وعشرين ألفا بالنجدة التي اوتوها من السماء وعادوا بخير جزيل."
نجد هنا أول حرب نظامية وليست مناوشات. ونرى إيمان يهوذا القوي. وعظة يهوذا في جيشه هي ما يسمونه الآن التوجيه المعنوي. ويظهر أن يهوذا ليس قائداً عسكرياً فقط بل دارس للكتب المقدسة. آية (18) هي نفس ما قاله داود لجلياط. والإشارة في آية (20) هي لمعركة جند فيها أنطيوخس الثالث جيش يهودي ليحارب بهم الغلاطيون سنة 220ق.م. حين وَهِل= حين صار المقدونيون في وضع حرج أنقذهم اليهود الثمانية آلاف.
الآيات (21-29): "21 وبعدما شددهم بهذا الكلام حتى أضحوا مستعدين للموت في سبيل الشريعة والوطن قسمهم أربع فرق. 22 وأقام كل واحد من اخوته سمعان ويوسف ويوناتان قائدا على فرقة وجعل تحت يده ألفا وخمس مئة. 23 ثم أمر العازار أن يتلو عليهم الكتاب المقدس وجعل لهم كلمة السر نصرة الله ثم اتخذ قيادة الكتيبة الأولى وحمل على نكانور. 24فأيدهم القدير فقتلوا من الأعداء ما يزيد على تسعة آلاف وتركوا اكثر جيش نكانور مجرحين مجدعي الأعضاء والجأوا الجميع إلى الهزيمة. 25 وغنموا أموال الذين جاءوا لشرائهم ثم تعقبوهم مسافة غير قصيرة. 26 إلى أن حضرت الساعة فامسكوا وعادوا وقد أدركهم السبت ولذلك لم يطيلوا تعقبهم. 27 وجمعوا أسلحة الأعداء واخذوا أسلابهم ثم حفظوا السبت وهم يباركون الرب كثيرا ويعترفون له إذ أنقذهم ليعيدوا ذلك اليوم ومن عليهم باستئناف رحمته. 28 ولما انقضى السبت وزعوا على الضعفاء والأرامل واليتامى نصيبهم من الغنائم واقتسموا الباقي بينهم وبين أولادهم. 29 وبعدما فرغوا من ذلك أقاموا صلاة عامة سائلين الرب الرحيم أن يعود فيتوب على عبيده."
تقسيم الجيش تكتيك عسكري ناجح، إذ يهاجم جيش العدو من عدة إتجاهات فيرتبك. يوسف= لا يوجد من إخوة يهوذا المكابي أحداً بإسم يوسف وغالباً المقصود أخوة في المحبة والأهداف. ونلاحظ أنهم توقفوا عن القتال في السبت (وهذا التحفظ عن القتال في السبت أبطلوه بعد ذلك بفتوى من أبيهم متتيا). سائلين الرب الرحيم أن يعود فيتوب على عبيده= أي يقبل توبتهم ويعيدهم إليه ويصالحهم.
الآيات (30-36): "30 وقتلوا ما يزيد على عشرين ألفا من جيوش تيموتاوس وبكيديس واستولوا على حصون مشيدة واقتسموا كثيرا من الأسلاب جعلوها سهاما متساوية لهم وللضعفاء واليتامى والأرامل والشيوخ. 31 ولما جمعوا أسلحة العدو رتبوا كل شيء في موضعه اللائق به وحملوا ما بقي من الغنائم إلى أورشليم. 32 وقتلوا رئيس جيش تيموتاوس وكان رجلا شديد النفاق الحق باليهود أضرارا كثيرة. 33 وبينا هم يحتفلون بالظفر في وطنهم احرقوا كلستانيس وقوما معه في بيت كانوا قد فروا إليه وكانوا قد احرقوا الأبواب المقدسة فنالهم الجزاء الذي استوجبوه بكفرهم. 34 وأما نكانور الشديد الفجور الذي كان قد استصحب معه ألف تاجر لمشتري اليهود. 35 فلما رأى الذين كان يحتقرهم قد أذلوه بإمداد الرب خلع ما عليه من الثياب الفاخرة وانساب في كبد البلاد منفردا كالأبق حتى لحق بإنطاكية وهومتفجع غاية التفجع لانقراض جيشه. 36 وبعدما كان قد وعد الرومانيين بان يفيهم الخراج من سبي أورشليم عاد يذيع أن اليهود لهم الله نصير وانهم لذلك لا يغلبون إذ هم متبعون ما رسم لهم من الشرائع."
تيموثاوس وبكيديس= واضح أن الكاتب غير مهتم بالترتيب التاريخي، فهو يضع هنا بعض الإنتصارات غير مرتبة زمنياً، ليظهر عمل الله مع يهوذا، ثم في الإصحاح التاسع يحدثنا عن هلاك أنطيوخس أبيفانيوس جزاء ما عمله. جمعوا أسلحة العدو= وهذه أسلحة حديثة ليست مثل أسلحتهم. رتبوا كل شئ في موضعه اللائق= صار لهم مخازن للأسلحة. أحرقوا كلستانيس= هذا كلفه نكانور بإحراق أبواب الهيكل غير أن المكابيين قبضوا عليه وأحرقوه جزاء حرقه للأبواب المقدسة وبعد كل هذا إضطر نكانور أن يعترف أن الله مع هذا الشعب ويحارب عنهم طالما هم يتبعون ما رسم لهم من الشرائع. وهو فرَّ كالعبد الهارب من سيده= كالآبق بعد أن كان يريد أن يبيع اليهود كعبيد.
"1 واتفق في ذلك الزمان أن انطيوكس كان منصرفا عن بلاد فارس بالخزي. 2 وكان قد زحف على مدينة اسمها برسابوليس وشرع يسلب الهياكل ويعسف المدينة فثار الجموع إلى السلاح ودفعوه فانهزم انطيوكس منقلبا بالعار. 3 ولما كان عند احمتا بلغه ما وقع لنكانور وأصحاب تيموتاوس. 4 فاستشاط غضبا وأزمع أن يحيل على اليهود ما ألحقه به الذين هزموه من الشر فأمر سائق عجلته بان يجد في السير بغير انقطاع وقد حل به القضاء من السماء فانه قال في تجبره لأتين أورشليم ولأجعلنها مدفنا لليهود. 5 لكن الرب اله إسرائيل البصير بكل شيء ضربه ضربة معضلة غير منظورة فانه لم يفرغ من كلامه ذاك حتى أخذه داء في أحشائه لا دواء له ومغص اليم في جوفه. 6 وكان ذلك عين العدل في حقه لأنه عذب أحشاء كثيرين بالآلام المتنوعة الغريبة لكنه لم يكن ليكف عن عتيه. 7 وإنما بقي صدره ممتلئا من الكبرياء ينفث نار الحنق على اليهود ويحث على الإسراع في السير حتى انه من شدة الجري سقط من عجلته فترضضت بتلك السقطة الهائلة جميع أعضاء جسمه. 8 فاصبح بعدما خيل له بزهوه الذي لم يبلغ إليه إنسان انه يحكم على أمواج البحر ويجعل قمم الجبال في كفة الميزان مصروعا على الأرض محمولا في محفة شهادة للجميع بقدرة الله الجلية. 9 حتى كانت الديدان تنبع من جسد ذلك المنافق ولحمه يتساقط وهو حي بالآلام والأوجاع وصار الجيش كله يتكره نتن رائحته. 10 حتى انه بعدما كان قبيل ذلك يزين له انه يمس كواكب السماء لم يكن أحد يطيق حمله لشدة رائحته التي لا تحتمل. 11 فلما رأى نفسه في تلك الحال من تمزق جسمه اخذ ينزل عن كبريائه المفرطة ويتعقل الحق إذ كانت الأوجاع تزداد فيه على الساعات بالضربة الإلهية. 12 حتى انه هو نفسه أمسي لا يطيق نتنه فقال حق على الإنسان أن يخضع لله وان لا يحمله الكبر وهو فان على أن يحسب نفسه معادلا لله. 13 وكان ذلك الفاجر يتضرع إلى الرب لكن الرب لم يكن ليرحمه من بعد ونذر. 14 أن المدينة المقدسة التي كان يقصدها حثيثا ليمحو أثارها ويجعلها مدفنا سيجعلها حرة. 15 وان اليهود الذين كان قد قضى عليهم بان لا يدفنوا بل يلقوا مع أطفالهم مأكلا للطيور والوحوش سيساويهم جميعا بالاثينيين. 16 وان الهيكل المقدس الذي كان قد انتهبه سيزينه بأفخر التحف ويرد الآنية المقدسة أضعافا ويؤدي النفقات المفروضة للذبائح من دخله الخاص. 17 بل انه هو نفسه يتهود ويطوف كل معمور في الأرض ينادي بقدرة الله. 18 وإذ لم تسكن آلامه لأن قضاء الله العادل كان قد حل عليه قنط من نفسه وكتب إلى اليهود رسالة في معنى التوسل وهذه صورتها. 19 من انطيوكس الملك القائد إلى رعايا اليهود الأفاضل السلام الكثير والعافية والغبطة. 20 إذا كنتم في سلامة وكان أولادكم وكل شيء لكم على ما تحبون فإني اشكر الله شكرا جزيلا أما أنا فرجائي منوط بالسماء. 21 وبعد فإني منذ اعتللت لم ازل أذكركم بالمودة ناويا لكم الكرامة والخير فأني في إيابي من نواحي فارس أصابني داء شديد فرأيت من الواجب أن اصرف العناية إلى مصلحة الجميع. 22 ليس لأني قانط من نفسي فان لي رجاء وثيقا أن أتخلص من علتي. 23 ثم أني تذكرت أن أبى حين سار بجيشه إلى الأقاليم العليا عين الولي لعهده. 24 وأنا أخاف أن يقع أمر غير منتظر أو يذيع خبر مشؤوم فيضطرب مقلدو الأمور في البلاد عند بلوغه إليهم. 25 وقد تبين لي أن من حولنا من ذوي السلطان ومجاوري المملكة يترصدون الفرص ويتوقعون حادثا يحدث فلذلك عينت للملك ابني انطيوكس الذي سلمته غير مرة إلى كثيرين منكم وأوصيتهم به عند مسيري إلى الأقاليم العليا وقد كتبت إليه في هذا المعنى. 26 فأنشدكم وارغب إليكم أن تذكروا ما أوليتكم من النعم العامة والخاصة وان يبقى كل منكم على ما كان له من الولاء لي ولابني. 27 ولي الثقة بأنه سيأتم بقصدي فيعاملكم بالرفق والمروءة. 28 ثم قضى هذا السفاك الدماء المجدف بعد آلام مبرحة كما كان يفعل بالناس ومات ميتة شقاء على الجبال في ارض غربة. 29 فنقل جثته فيلبس رضيعه ثم انصرف إلى مصر إلى بطلماوس فيلوماتور خوفا من ابن انطيوكس."
هنا نرى نهاية مأساوية لأنطيوكس سفاك الدماء المتكبر، ولعل الله من رحمته أعطاه هذه الفرصة ليصحو من كبريائه ويتوب لله عما فعله. وخبر موت أنطيوكس تاريخياً يأتي بعد تطهير الهيكل، لكن كاتب السفر كما قلنا لا يهتم بالترتيب التاريخي، بل هو بعد أن ذكر أخبار إضطهاد أنطيوكس لليهود وإستشهاد قديسين بلا ذنب، يذكر هزيمة السلوكيين على يد يهوذا ثم يذكر هنا نهاية هذا السفاح المجنون المتكبر الذي ظن نفسه إلهاً متجسداً. هذه فلسفة الكاتب.
مشكلة أنطيوكس الرابع أبيفانيوس تركة الديون التي تركها له والده، والتي عليه أن يسددها لروما. فحاول سرقة هيكل الرب في أورشليم. وهنا يحاول الإستيلاء على ما في هيكل برسابوليس في بلاد فارس فينهزم أمام رجال فارس. ضربة معضلة غير منظورة (5)= مرض غير معروف للناس، ولا يعرفون له علاج. هنا عاد أنطيوكس لله معترفاً أنه أي أنطيوخس ليس بإله، فإن كان إلهاً فكيف لا يستطيع شفاء نفسه. لكن ربما لو عاد أنطيوكس لصحته لعاد لكبريائه ولأصر على قتل شعب الله. لذلك لم يشفه الله إذ تاب. وراجع خطابه لليهود الذي يدل على حالة ندم، لكن غالباً هو ندم متأثراً بحالته فقط دون أن يتغير الداخل. وخشية حدوث صراعات على العرش نجده يعين إبنه ملكاً وهو كان قد عهد إلى ليسياس صديقه أن يتوقى إعداد إبنه للملك، إذ كان إبنه مازال صغيراً. ولكن لأن ليسياس كان بعيداً عنه في ساعات إحتضاره فقد وكل فيلبس الذي كان بجانبه. بل يذكر اليهود بما كان عليه هو نفسه من تعاطف معهم قبل أن ينقلب عليهم وذلك حتى يؤيدوا إبنه ويسامحوه على ما فعله. وهناك إحتمالات لهذه الرسالة:-
1. أنها لليهود اليونانيين (المتأغرقين) الذين إتبعوا الحضارة اليونانية، فهم الذين يعترف بهم.
2. لليهود وهذا هو الأغلب، إذ هو نادم على إضطهادهم.
3. هذه الرسالة وزعت منها صور على جميع الأقاليم.
إستمرت الصراعات بين فيلبس وليسياس فترة طويلة كانت فرصة ليهوذا المكابي ليحقق إنتصارات كثيرة. وإنتهت الصراعات بمقتل فيلبس.
الآيات (1-8): "1 أما المكابي والذين معه فبإمداد الرب استردوا الهيكل والمدينة. 2 وهدموا المذابح التي كان الأجانب قد بنوها في الساحة وخربوا المعابد. 3 وطهروا الهيكل وصنعوا مذبحا آخر واقتدحوا حجارة اقتبسوا منها نارا وقدموا ذبيحة بعد فترة سنتين وهيأوا البخور والسرج وخبز التقدمة. 4 وبعدما أتموا ذلك ابتهلوا إلى الرب وقد خروا بصدورهم أن لا يصابوا بمثل تلك الشرور لكن إذا خطئوا يؤدبهم هو برفق ولا يسلمهم إلى أمم كافرة وحشية. 5واتفق انه في مثل اليوم الذي فيه نجست الغرباء الهيكل في ذلك اليوم عينه تم تطهير الهيكل وهو اليوم الخامس والعشرون من ذلك الشهر الذي هو شهر كسلو. 6 فعيدوا ثمانية أيام بفرح كما في عيد المظال وهم يذكرون كيف قضوا عيد المظال قبيل ذلك في الجبال والمغاور مثل وحوش البرية. 7 ولذلك سبحوا لمن يسر تطهير هيكله وفي أيديهم غصون ذات أوراق وأفنان خضر وسعف. 8 ورسموا رسما عاما على جميع أمة اليهود أن يعيدوا هذه الأيام في كل سنة."
نسمع هنا عن تطهير الهيكل من كهنة الفساد ومن تجار الدعارة. ولم يتبق في أورشليم سوى سكان قلعة عكرة. ولقد حدث بعد ذلك معاهدة سلام بين يهوذا المكابي وليسياس بعد إنسحاب ليسياس، فلم يعد أحد يتصدى لليهود. وهدم المكاببيون مذابح زيوس ومساكن كهنة الأوثان. إقتدحوا حجارة= بعد دخول السلوكيين للهيكل إنطفأت النار التي إندلعت من الماء الخاثر (النفطار) أيام نحميا والتي ظلت مشتعلة حتى دخول اليونانيين (2مك20:1،36).
وحيث أنهم لا يريدون إشعال نار جديدة غريبة فهم فكروا في وسيلة للحصول على نار من حك حجرين معاً. بعد فترة سنتين= من بداية أعمال يهوذا المكابي وليس من يوم تدنيس الهيكل على يد أنطيوكس ورجاله. وطلب اليهود من الله أنهم لو أخطأوا فليؤدبهم هو ولا يتركهم في يد غرباء مثل أنطيوكس الذي أذلهم.
الآيات (9-13): "9 هكذا كانت وفاة انطيوكس الملقب بالشهير. 10 ولنشرع الآن في خبر ابن ذاك المنافق ونذكر ما كان من رزايا الحروب بالإيجاز. 11 انه لما استولى هذا على الملك فوض تدبير الأمور إلى ليسياس قائد القواد في بقاع سورية وفينيقية. 12 وذلك أن بطلماوس المسمى بمكرون عزم على أن ينصف اليهود مما كانوا فيه من الظلم واجتهد في معاملتهم بالسلم. 13 فلذلك سعى به أصحابه إلى اوباطور وكثر كلام الناس فيه بأنه خائن لأنه تخلى عن قبرس التي كان فيلوماطور قد استعمله عليها وانحاز إلى انطيوكس الشهير وإذ ذهبت عنه كرامة السلطان بلغ منه الكمد فقتل نفسه بسم."
بعد أن مات أنطيوكس أبيفانيوس تولى مكانه إبنه أنطيوخس الخامس وأسماه ليسياس المتولي أموره "أوباطور" أي "المشرِّف أباه" وكان عمره وقتها 9سنوات تقريباً، لذلك كان ليسياس وصياً عليه، بل الملك الفعلي للبلاد.
بطلماوس (مكرون)= أحد الحكام على أقاليم سوريا وهذا كان قد عينه أبيفانيوس حاكماً من ضمن 72 حاكماً عينهم على مملكته. وربما يكون هو بطلماوس الذي ساند منلاوس أمام أنطيوخس (2مك45:4،46). وتعاطف بطلماوس هذا مع اليهود، فوُشىَ به (غالباً أعداء اليهود) لدى ليسياس بأنه وقد كان سابقاً حاكماً لقبرص إنحاز لملك مصر فيلوماطور وكان مخلصاً لملك مصر بالرغم من تبعيته لأنطيوخس أبيفانيوس. وعندما إحتل أبيفانيوس قبرص إنحاز مكرون له. ولما كثرت الشائعات حوله إنتحر.
الآيات (14-23): "14 فولى جرجياس قيادة البلاد وشرع يجيش من الأجانب وناصب اليهود حربا متواصلة. 15 وكذلك الادوميون الذين كانت لهم حصون ملائمة كانوا يرغمون اليهود ويقبلون المهاجرين من أورشليم ويتجهزون للحرب. 16 فابتهل الذين مع المكابي وتضرعوا إلى الله أن يكون لهم نصيرا ثم هجموا على حصون الادوميين. 17 واندفعوا عليها بشدة وامتلكوا مواضع منها وصدموا جميع الذين كانوا يقاتلون على السور وكل من اقتحمهم قتلوه فاهلكوا منهم عشرين ألفا. 18 وفر تسعة آلاف منهم إلى برجين حصينين جدا مجهزين بكل أسباب الدفاع. 19 فخلف المكابي سمعان ويوسف وزكا وعددا من أصحابه كافيا لمحاصرتهما وانصرف إلى مواضع أخرى كانت اشد اقتضاء له. 20 غير أن الذين كانوا مع سمعان استغواهم حب المال فارتشوا من بعض الذين في البرجين وخلوا سبيلهم بعد أن اخذوا منهم سبعين ألف درهم. 21 فلما اخبر المكابي بما وقع جمع رؤساء الشعب وشكا ما فعلوا من بيع اخوتهم بالمال إذ أطلقوا أعداءهم عليهم. 22 ثم قتل أولئك الخونة ومن فوره استولى على البرجين. 23 وقرنت أسلحته بكل فوز على يده فاهلك في البرجين ما يزيد على عشرين ألفا."
قيادة البلاد= أي أدوم واليهودية. وبدأ جرجياس هذا يتحرش باليهود من خلال جيرانهم الذين يكرهونهم كالأدوميين الذين بدأوا في إيواء المعارضين ليهوذا عندهم، وغالباً كان هؤلاء من أعضاء الحزب اليوناني، وكان ذلك رغبة في إضعاف يهوذا. وكان أن ضرب يهوذا الأدوميين لكن كان هناك خونة إرتشوا بالمال، فحاكمهم يهوذا وقتلهم وضرب من في الأبراج، فقد عَرَّض هؤلاء الخونة إخوتهم للقتل.
وقرنت أسلحته بكل فوز على يده= أسلحة يهوذا كانت حكمته وتقواه وإيمانه وبها فاز في حروبه.
الآيات (24-38): "24 ثم أن تيموتاوس الذي كان اليهود قد قهروه من قبل حشد جيشا عظيما من الغرباء وجمع من فرسان آسية عددا غير قليل ونزل على اليهودية نزول مستفتح قهرا. 25فعندما اقترب توجه أصحاب المكابي إلى الابتهال إلى الله وقد حثوا التراب على رؤوسهم وحزموا أحقاءهم بالمسوح. 26 وخروا عند رجل المذبح وابتهلوا إليه أن يكون راحما لهم ومعاديا لأعدائهم ومضايقا لمضايقيهم كما ورد في الشريعة. 27 ولما فرغوا من الدعاء اخذوا السلاح وتقدموا حتى صاروا عن المدينة بمسافة بعيدة ولما قاربوا العدو وقفوا. 28 وعند طلوع الشمس تلاحم الفريقان وهؤلاء متوكلون على الرب كفيلا بالفوز والنصر مع بسالتهم وأولئك متخذون البأس قائدهم في الحروب. 29فلما اشتد القتال تراءى للأعداء من السماء خمسة رجال رائعي المنظر على خيل لها لجم من ذهب فجعل اثنان منهم يقدمان اليهود. 30 وهما قد اكتنفا المكابي يخفرانه بأسلحتهما ويقيانه الجراح وهم يرمون بالسهام والصواعق حتى عميت أبصارهم وجعلوا يخبطون ويتصرعون. 31 فقتل عشرون ألفا وخمس مئة ومن الفرسان ست مئة. 32 وانهزم تيموتاوس إلى الحصن المسمى بجازر وهو حصن منيع وكان تحت امرة كيراوس. 33 فاستبشر آسية المكابي وحاصروا المعقل أربعة أيام. 34 وان الذين في داخله لثقتهم بمناعة المكان تمادوا في التجديف وأفحشوا في الكلام. 35 فلما كان صباح اليوم الخامس هجم عشرون فتى من أصحاب المكابي على السور وهم متقدون غيظا من التجاديف وطفقوا يذبحون ببسالة وتنمر كل من عرض أمامهم. 36 وعطف آخرون فتسلقوا إلى الذين في الداخل وأضرموا البرجين واحرقوا أورشليم المجدفين أحياء في النيران المتقدة. 37 وكسر آخرون الأبواب وادخلوا بقية الجيش فاستحوذوا على المدينة وكان تيموتاوس مستخفياً في جب فذبحوه هو وكيراوس أخاه وابلوفانيس. 38 وبعد ذلك باركوا الرب بالنشيد والاعتراف على إحسانه العظيم إلى إسرائيل وتأييده لهم بالنصر."
الآية المحورية هنا وهؤلاء متوكلون على الرب كفيلاً بالفوز والنصر مع بسالتهم فالنعمة (عمل الله) تعمل مع جهاد البشر، وليس مع المتخاذلين. والنعمة هنا كانت معونة سماوية ربما ملائكة يحاربون مع جيش يهوذا، كما قاتل ملاك جيش أشور حول أورشليم يوم قتل الـ185.000 ولا ننسى أنهم إلتجأوا لله بصلاة منسحقين. وهذه الرؤيا السماوية أرعبت العدو وأعطت تعزية وقوة جبارة ليهوذا ورجاله. فرسان آسية= المقصود بآسية كل مملكة سوريا السلوكية.
الآيات (1-15): "1 وبعد ذلك بزمان يسير أخرى كانت هذه الحوادث قد شقت على ليسياس وكيل الملك وذي قرابته والمقلد تدبير آلاف. 2 جمع نحو ثمانين ألفا والفرسان كلهم وزحف على اليهود زاعما انه يجعل المدينة مسكنا لليونانيين. 3 ويجعل الهيكل موضعا للكسب كسائر معابد الأمم ويعرض الكهنوت الأعظم للبيع سنة فسنة. 4 غير متفكر في قدرة الله لكن متوكلا برعونة قلبه على ربوات الرجالة وألوف الفرسان وفيلته الثمانين. 5 فدخل اليهودية وبلغ إلى بيت صور وهي موضع منيع على نحو خمس غلوات من أورشليم وضايقها. 6 فلما علم أصحاب المكابي انه يحاصر الحصون ابتهلوا إلى الرب مع الجموع بالنحيب والدموع أن يرسل ملاكه الصالح لخلاص إسرائيل. 7 ثم اخذ المكابي سلاحه أولا وحرض الآخرين على الاقتحام معه لنجدة اخوتهم. 8 فاندفعوا متحمسين بقلب واحد وفيما هم بعد عند أورشليم تراءى فارس عليه لباس ابيض يتقدمهم وهو يخطر بسلاح من ذهب. 9 فطفقوا بأجمعهم يباركون الله الرحيم وتشجعوا في قلوبهم حتى كانوا مستعدين أن يبطشوا بأضرى الوحوش فضلا عن الناس ويخترقوا الأسوار الحديدية. 10واخذوا يتقدمون بانتظام وقد أتتهم السماء نصرة والرب رحمة. 11 وحملوا على الأعداء حملة الأسود وصرعوا منهم أحد عشر ألفا ومن الفرسان ألفا وست مئة. 12والجاوا سائرهم إلى الفرار وكان اكثر الذين نجوا بأنفسهم جرحى عراة وانهزم ليسياس اقبح هزيمة. 13 وإذ كان الرجل صاحب دهاء اخذ يفكر فيما أصابه من الخسران وفطن أن العبرانيين قوم لا يقهرون لأن الله القدير مناصر لهم فراسلهم. 14 ووعد بأنه يسلم بكل ما هو حق ويستميل الملك إلى موالاتهم. 15 فرضي المكابي بكل ما سال ليسياس ابتغاء لما هو انفع وكل ما طلب المكابي من ليسياس بالكتابة أن يقضى لليهود قضاه الملك."
أثارت إنتصارات اليهود حفيظة ليسياس فقرر شن حملة جديدة على اليهود. وهذه الحملة تاريخياً وقعت قبل موت أنطيوخس أبيفانيوس. وكان غزو ليسياس هو أولى الحملات السلوكية ضد اليهود بعد حملة نيكانور وجرجياس، بل كانت رد فعل لفشل هذه الحملة. ولذلك فقوله وبعد ذلك بزمان يسير= فغالباً هو يقصد حملة نيكانور وجرجياس (2مك9:8). وكان الهدف من حملة ليسياس محو الهوية الدينية لليهود وتحويل أورشليم إلى مدينة يهودية، وهيكلها إلى بيت دعارة للآلهة الوثنية يعود بالنفع المادي للسلوكيين (3) فبهذا تزداد الضرائب على الهيكل. بالإضافة لبيع وظيفة رئيس الكهنة= موضعاً للكسب. وهنا نرى أيضاً ملاكاً سمائياً= فارس عليه لباس أبيض (8) وهزم ليسياس وعرض الصلح.
الآيات (16-21): "16 وهذا نص الرسائل التي كتب بها ليسياس إلى اليهود من ليسياس إلى شعب اليهود سلام. 17 قد سلم إلينا يوحنا وابشالوم الموجهان من قبلكم كتاب جوابكم وسالا قضاء فحواه. 18 فشرحت للملك ما ينبغي إنهاؤه إليه فأمضى منه ما تحتمله الحال. 19 وان بقيتم على الإخلاص فيما بيننا من الأمور فأني أتوخى أن أكون لكم فيما يأتي سببا للخير. 20 وأما تفصيل الأمور فقد أوصيناهما مع من نحن مرسلون من قبلنا أن يفاوضوكم فيه. 21 والسلام في السنة المئة والثامنة والأربعين في الرابع والعشرين من شهر ديوس كورنتي."
كتب ليسياس إلى يهوذا يعرض إتفاقية الصلح أو الهدنة، ورد يهوذا بمطالبه (1مك58:6-60). وكان رد ليسياس هو المذكور هنا. شهر ديوس كورنتي= الشهر الثالث للكريتيين.
الآيات (22-26): "22 وهذه صورة رسالة الملك من الملك انطيوكس إلى أخينا ليسياس سلام. 23 أنا منذ انتقل والدنا إلى الآلهة لم يزل همنا ان يكون أهل مملكتنا بغير بلبال منقطعين إلى شؤونهم. 24 وإذ قد بلغنا أن اليهود غير راضين بما أمرهم والدنا من التحول إلى سنن اليونان لكنهم متمسكون بمذهبهم ولذلك يسألون أن تباح لهم سننهم. 25 ونحن نريد لهذا الشعب أن يكون كغيره خاليا عن البلبال فأنا نحكم بان يرد لهم الهيكل وان يساسوا بمقتضى عادات آبائهم. 26 فإذا أرسلت إليهم وعاقدتهم ليطمئنوا إذا علموا رأينا فيهم ويقبلوا على مصالحهم بارتياح فنعما تفعل."
إلى أخيه ليسياس= صفة تطلق لحبيب الملك ومن أخلص له. إنتقل والدنا إلى الآلهة= ولم يقل عند الآلهة، فهو في نظرهم إله إنتقل ليعيش وسط الآلهة رفقائه، فهو ليس بشر يستودع لدى الآلهة عند موته. وهنا يحرر الملك اليهود من قيود الملك السابق أبيفانيوس الذي أراد إلغاء الشرائع اليهودية وإعتناق الحضارة اليونانية.
الآيات (27-33): "27 وهذه رسالة الملك إلى الأمة من الملك انطيوكس إلى مشيخة اليهود وسائر اليهود سلام. 28 أن كنتم في خير فهذا ما نحب ونحن أيضا في عافية. 29 قد اطلعنا منلاوس أنكم تودون أن تنزلوا فتقيموا مع قومكم. 30 فالذين يرتحلون إلى اليوم الثلاثين من شهر كسنتكس يكونون في أمان. 31 وقد أبحنا لليهود أطعمتهم وشرائعهم كما كانوا عليه من قبل وكل من هفا منهم فيما سلف فلا إعنات عليه. 32 وأنا مرسل إليكم منلاوس ليشافهكم. 33 والسلام في السنة المئة والثامنة والأربعين في الخامس عشر من شهر كسنتكس."
رسالة أنطيوخس لليهود يؤكد فيها على حرياتهم وعلى الإمتيازات التي أوصى بها ليسياس. ولكنه في رسالته يؤكد على دور منلاوس كرئيس للكهنة وكمتحدث رسمي عن اليهود أمامه. وهذا ضمناً يحمل عدم الإعتراف بالمكابيين كقادة للشعب. والسؤال هنا كيف يحافظ منلاوس هذا على الشريعة وهو الذي طالما أساء إليها. شهر كسنتكس هو نفسه شهر ديوس كورنتي. ولكن الملك أعطى مهلة= الذين يرتحلون إلى اليوم الثلاثين من شهر كسنتكس يكون في أمان= ولاحظ أن الرسالة مدونة في اليوم الخامس. وبهذا يكون أمام المعارضين 15يوماً للرجوع إلى أورشليم.
الآيات (34-38): "34 وأرسل الرومانيون إليهم رسالة هذه صورتها من كونتس مميوس وتيطس منليوس رسولي الرومانيين إلى شعب اليهود سلام. 35 ما رخص لكم فيه ليسياس نسيب الملك نحن موافقان عليه. 36 وما استحسن أن يرفع إلى الملك تشاوروا فيه وبادروا بإرسال واحد لنقضي ما يوافقكم فأنا متوجهان إلى إنطاكية. 37 فعجلوا في إرسال من ترسلون لنكون على بصيرة مما تبتغون. 38 والسلام في السنة المئة والثامنة والأربعين في الخامس عشر من شهر كسنتكس."
هذه رسالة من الرومانيون ومؤرخة في نفس تاريخ رسالة أوباطور. ومن هذه الرسالة نجد أن روما تعطي لنفسها حق التدخل في شئون الدول الأخرى، بل أن روما سيكون لها سفيران في إنطاكية وعلى اليهود إرسال رغباتهم للسفيران في إنطاكية ليؤيدا هذه الطلبات.
الآيات (1-9): "1 وبعد إبرام هذه المواثيق انصرف ليسياس إلى الملك واقبل اليهود على حرث أراضيهم. 2 إلا أن القواد الذين في البلاد وهم تيموتاوس وابلونيوس بن جنايوس وايرونيمس وديمفون وكذلك نكانور حاكم قبرس لم يدعوا لهم راحة ولا سكينة. 3 واتى أهل يافا اغتيالا فظيعا وذلك انهم دعوا اليهود المساكنين لهم أن يركبوا هم ونساؤهم وأولادهم قوارب كانوا أعدوها لهم كان لا عداوة بينهم. 4 وإذ كان ذلك بإجماع أهل المدينة كلهم رضي به اليهود وهم واثقون منهم بالإخلاص وغير متهمين لهم بسوء فلما أمعنوا في البحر أغرقوهم وكان عددهم يبلغ المئتين. 5 فلما بلغ يهوذا ما وقع على بني أمته من الغدر الوحشي نادى فيمن معه من الرجال ودعا الله الديان العادل. 6 وسار على الذين اهلكوا اخوته وأضرم النار في المرفأ ليلا واحرق القوارب وقتل الذين فروا إلى هناك. 7ولما كانت المدينة مغلقة انصرف في نية الرجوع ومحو دولة اليافيين من اصلها. 8 لكن لما علم أن أهل يمنيا ناوون أن يصنعوا بمساكنيهم من اليهود مثل ذلك. 9 نزل على أهل يمنيا ليلا واحرق المرفأ مع الأسطول حتى رؤى ضوء النار من أورشليم على بعد مئتين وأربعين غلوة."
عاش اليهود في سلام = حرث أراضيهم بعد المعاهدة مع ليسياس لكن الشعوب الوثنية حولهم لم ترحمهم، وقادة الشعوب حولهم تيموثاوس وأبلونيوس.. ضايقوهم. وقد يكون هذا بإيعاز من ليسياس. تيموثاوس= قائد عبر الأردن. ونرى خيانة فظيعة من أهل يافا ضد يهود أبرياء. وكانت يافا ويمنيا مدينتان وميناءان فلسطينيان. ونرى يهوذا يصلي وينتصر لإخوته. ولكن يهوذا لم يستطع دخول يافا لأنهم أغلقوا أبوابها لكنه إكتفى بحرق المرفأ وقتل من فيه. ثم ذهب إلى يمنيا وأحرقها. 240غلوة= تقريباً 45كم.
الآيات (10-16): "10 ثم ساروا من هناك تسع غلوات زاحفين على تيموتاوس فتصدى لهم قوم من العرب يبلغون خمسة آلاف ومعهم خمس مئة فارس. 11 فاقتتلوا قتالا شديدا وكان الفوز لأصحاب يهوذا بنصرة الله فانكسر عرب البادية وسألوا يهوذا أن يعاقدهم على أن يؤدوا إليهم مواشي ويمدوهم بمنافع أخرى. 12 ولم يشك يهوذا انه يحصل منهم على جدوى طائلة فرضي بمصالحتهم فعاقدهم فانصرفوا إلى أخفيتهم. 13 ثم أغار على مدينة حصينة ممنعة بالجسور والأسوار يسكنها لفيف من الأمم اسمها كسفيس. 14وإذ كان الذين فيها واثقين بمناعة الأسوار ووفرة الميرة اخذوا الأمر بالتهاون وطفقوا يشتمون أصحاب يهوذا ويجدفون وينطقون بما لا يحل. 15 فدعا أصحاب يهوذا رب العالمين العظيم الذي اسقط أريحا على عهد يشوع بغير كباش ولا مجانيق ثم وثبوا على السور كالأسود. 16 وفتحوا المدينة بمشيئة الله وقتلوا من الخلق ما لا يحصى حتى أن البحيرة التي هناك وعرضها غلوتان امتلأت وطفحت بالدماء."
يهوذا خاض حروباً كثيرة لينقذ شعبه في كل مكان. وكاتب هذا السفر يذكر بعض هذه المعارك ليشير لعمل الله معه، ولا يهتم بالترتيب التاريخي. العرب= هنا هم النبطيون، وبعد هذه المعركة هنا صاروا حلفاء ليهوذا ويعطوا جزية له. كباش= هي أذرع حديدية تضرب الأسوار مباشرة لفتحتها، أما المجانيق فتلقى حجارة على الأسوار.
الآيات (17-31): "17 ثم ساروا من هناك مسيرة سبع مئة وخمسين غلوة حتى انتهوا إلى الكرك إلى اليهود الذين يعرفون بالطوبيين. 18 فلم يظفروا بتيموتاوس في تلك المواضع لأنه كان قد انصرف عنها دون أن يصنع شيئا لكنه ترك في بعض المواضع محرسا منيعا. 19فخرج دوسيتاوس وسوسيباتير من قواد المكابي واهلكا من الجند الذي تركه تيموتاوس في الحصن ما ينيف على عشرة آلاف. 20 وقسم المكابي جيشه فرقا وأقامهما على الفرق وحمل على تيموتاوس وكان معه مئة وعشرون ألف راجل وألفان وخمس مئة فارس. 21 فلما بلغ تيموتاوس مقدم يهوذا وجه النساء والأولاد وسائر الثقل إلى مكان يسمى قرنيم وكان موضعا منيعا يصعب فتحه والأقدام عليه لأنه محاط بالمضايق. 22 ولما بدت أول فرقة من جيش يهوذا داخل الأعداء الرعب والرعدة إذ تراءى لهم من يرى كل شيء فبادروا المفر من كل وجه حتى أن بعضهم كان يؤذي بعضا وأصاب بعضهم بعضا بحد السيوف. 23 وشد يهوذا في أثارهم يثخن في أولئك الكفرة حتى اهلك منهم ثلاثين ألف رجل. 24 ووقع تيموتاوس في أيدي أصحاب دوسيتاوس وسوسيباتير فطفق يتضرع إليهم بكل وسيلة أن يطلقوه حيا بحجة أن عنده كثيرين من آبائهم واخوتهم إذا هلك يخذلون. 25 وأكد لهم العهد بضمانات كثيرة انه يطلقهم سالمين فخلوا سبيله لأجل خلاص اخوتهم. 26 ثم أغار يهوذا على قرنيم وهيكل اترجتيس وقتل خمسة وعشرين ألف نفس. 27 وبعد انكسار أولئك وهلكتهم زحف يهوذا على عفرون إحدى المدن الحصينة وكان يسكنها ليسياس وأمم شتى وكان على أسوارها شبان من ذوي البأس يقاتلون بشدة ومعهم كثير من المجانيق والسهام. 28فدعا أصحاب يهوذا القدير الذي يحطم باس العدو بشدة فاخذوا المدينة وصرعوا من الذين في داخلها خمسة وعشرين ألفا. 29 ثم ارتحلوا من هناك وهجموا على مدينة بيت شان وهي على ست مئة غلوة من أورشليم. 30 إلا أن اليهود المقيمين هناك شهدوا بان أهل بيت شان مصافون لهم وانهم عاملوهم بالإحسان في أزمنة الضيق. 31فشكروهم على صنيعهم وأوصوهم أن لا يزالوا معهم على المصافاة ثم جاءوا أورشليم لقرب عيد الأسابيع."
750غلوة= 124كم. الطوبيين= سكان أرض طوب (1مك13:5). وكان يهوذا يعتقد أن تيموثاوس ضرب أهلها، لكن تيموثاوس وضع حامية عسكرية سلوكية فيها وتركها ومضى. دوسيتاوس وسوسيباتير= قائدين يهوديين وفي (21) نجد تيموثاوس خوفاً من يهوذا يخبئ نساءه وأولاده وسائر الثقل= أمتعته، إلى مكان آمن. ونجد الله هنا يساند يهوذا برؤيا أخرى= تراءى لهم من يرى كل شئ= ولكن ماذا رأوا بالضبط، لا نعرف. لكن ما رأوه جعلهم يتخبطون من الخوف.
أترجتيس= كبيرة آلهة الأراميين. عفرون= يبدو أن ليسياس القائد كان له منزل في عفرون ونفهم من (1مك45:5) أن يهوذا ومن معه طلبوا منهم المرور فقط خلال المدينة فرفضوا. عيد الأسابيع= هو عيد الخمسين الذي يأتي بعد 7أسابيع من الفصح.
الآيات (32-46): "32 وبعد العيد المعروف بعيد الخمسين أغاروا على جرجياس قائد ارض أدوم. 33 فبرز إليهم في ثلاثة آلاف راجل وأربع مئة فارس. 34 واقتتل الفريقان فسقط من اليهود نفر قليل. 35 وكان فيهم فارس ذوباس يقال له دوسيتاوس من رجال بكينور فأدرك جرجياس وقبض على ثوبه واجتذبه بقوة يريد أن ياسر ذلك المنافق حيا فعدا عليه فارس من التراكيين وقطع كتفه وفر جرجياس إلى مريشة. 36 وتمادى القتال على أصحاب اشدرين حتى كلوا فدعا يهوذا الرب ليأخذ بنصرتهم ويقاتل في مقدمتهم. 37 وجعل يهتف بالأناشيد بلسان ابائه ثم صرخ وحمل على أصحاب جرجياس بغتة وكسرهم. 38 ثم جمع يهوذا جيشه وسار به إلى مدينة عدلام ولما كان اليوم السابع تطهروا بحسب العادة وقضوا السبت هناك. 39 وفي الغد جاء يهوذا ومن معه على ما تقتضيه السنة ليحملوا جثث القتلى ويدفنوهم مع ذوي قرابتهم في مقابر آبائهم. 40فوجدوا تحت ثياب كل واحد من القتلى أنواطاً من أصنام يمنيا مما تحرمه الشريعة على اليهود فتبين للجميع أن ذلك كان سبب قتلهم. 41 فسبحوا كلهم الرب الديان العادل الذي يكشف الخفايا. 42 ثم أنثنوا يصلون ويبتهلون أن تمحى تلك الخطيئة المجترمة كل المحو وكان يهوذا النبيل يعظ القوم أن ينزهوا أنفسهم عن الخطيئة إذ رأوا بعيونهم ما أصاب الذين سقطوا لأجل الخطيئة. 43 ثم جمع من كل واحد تقدمة فبلغ المجموع ألفى درهم من الفضة فأرسلها إلى أورشليم ليقدم بها ذبيحة عن الخطيئة وكان ذلك من احسن الصنيع واتقاه لاعتقاده قيامة الموتى. 44 لأنه لو لم يكن مترجيا قيامة الذين سقطوا لكانت صلاته من اجل الموتى باطلا وعبثا. 45 ولاعتباره ان الذين رقدوا بالتقوى قد ادخر لهم ثواب جميل. 46 وهو رأي مقدس تقوي ولهذا قدم الكفارة عن الموتى ليحلوا من الخطيئة."
لم يحرز يهوذا نصراً حاسماً على جيش جرجياس الضعيف ومات من رجال يهوذا كثيرين! وإكتشفوا بعد ذلك أن الموتى وضعوا أصنام يمنيا= كأحجبة لتحفظهم. دوسيتاوس وبكينور من قادة جيش يهوذا. وأسدرين (36) أحد قادة يهوذا. ثم نرى يهوذا يقدم ذبائح ويصلى عن الأموات. والكنيسة ترفع القرابين عن الأموات بنفس الفكر. والكنيسة تصلي لرفع الخطايا التي ليست للموت أو التي سهى على المؤمن أن يعترف بها أو نساها. ولكن من كان يخطئ بتجبر فلا ينتفع بهذه الصلاة. ولنطبق هذا على حالة الصلاة على جنود يهوذا هنا. فسنعتبر خطيتهم يمكن الصلاة عنها، فهم مؤمنين مجاهدين يضحون بحياتهم لأجل الله وشعب الله. لكنهم في جهل صنعوا ما صنعوه.
"1 في السنة المئة والتاسعة والأربعين بلغ أصحاب يهوذا أن انطيوكس اوباطور قادم على اليهودية بجيش كثيف. 2 ومعه ليسياس الوكيل وقيم المصالح ومعهما جيش من اليونان مؤلف من مئة وعشرة آلاف راجل وخمسة آلاف وثلاث مئة فارس واثنين وعشرين فيلا وثلاث مئة عجلة ذات مناجل. 3 فانضم إليهم منلاوس وجعل يحرض انطيوكس بكل نوع من المؤالسة غير مبال بخلاص الوطن بل كان همه ان يرد إلى الرئاسة. 4 ولكن ملك الملوك هيج سخط انطيوكس على ذلك الكافر فان ليسياس اشربه ان الرجل كان هو السبب في تلك النوازل بأسرها فأمر بان يذهب به إلى بيرية ليقتل على عادة البلاد. 5 وهناك برج علوه خمسون ذراعا مملوء رمادا وفيه آلة مستديرة تهوي براكبها من جميع جهاتها إلى الرماد. 6 ففي ذلك الموضع اهلك ذلك المختلس للهيكل الذي كان سببا لشرور شتى مدفوعا إليه بأيدي الجميع. 7 وبهذه المنية هلك منلاوس المنافق ولم يحصل على تربة يوارى فيها. 8 وكان ذلك بكل عدل فانه إذ كان قد اجترم جرائم كثيرة على المذبح الذي ناره ورماده مطهران ذاق منيته في الرماد. 9 وأما الملك فما زال متقدما بعتوه وقساوته متوعدا اليهود بأمر من البلايا التي أنزلها بهم أبوه. 10 فلما علم يهوذا بذلك أمر الشعب بالابتهال إلى الرب نهارا وليلا أن ينصرهم في ذلك اليوم كما كان يفعل من قبل. 11 إذ قد اشرفوا على اضمحلال الشريعة والوطن والهيكل المقدس وان لا يدع الأمم المجدفة تذل شعبه الذي لم يفرج عنه إلا من أمد يسير. 12 ففعلوا كلهم وتضرعوا إلى الرب الرحيم بالبكاء والصوم والسجود مدة ثلاثة أيام بلا انقطاع ثم حرضهم يهوذا وأمرهم بالاجتماع. 13 وخلا بالشيوخ وابرم معهم مشورة أن يخرجوا ويقضوا الأمر بتأييد الرب قبل أن يدخل جيش الملك اليهودية ويستحوذ على المدينة. 14 ففوض الأمر إلى خالق الكائنات وحض أصحابه أن يقاتلوا ببسالة ويبذلوا أنفسهم دون الشريعة والهيكل والمدينة والوطن والدولة ونصب محلته عند مودين. 15 وجعل لهم كلمة السر النصر بالله ثم اختار قوما من نخب الشبان وهجم بهم ليلا على مخيم الملك في المحلة وقتل أربعة آلاف رجل واهلك أول الفيلة مع القوم الذين كانوا في برجه. 16 وملأوا المحلة رعبا واضطرابا وانقلبوا فائزين بوقاية الرب التي كانت تكتنفه. 17 وتمت له هذه النصرة عند طلوع الفجر. 18 فلما ذاق الملك ما عند اليهود من البطش عمد إلى اخذ المعاقل بالحيلة. 19 فحاصر بيت صور وهي محرس منيع لليهود فانكسر وارتد منكوسا خاسرا. 20 وكان يهوذا يمد الذين فيها بما يحتاجون إليه. 21وان رجلا من جيش اليهود اسمه رودكس كاشف العدو بأسرارهم فطلبوه وقبضوا عليه وسجنوه. 22 فعاد الملك وخاطب أهل بيت صور وعرض عليهم الصلح فعاقدوه وانصرف. 23 وبعد أن قاتل يهوذا وانكسر بلغه أن فيلبس الذي كان قد ترك في إنطاكية لتدبير الأمور قد تمرد عليه فوقع في حيرة وتوسل إلى اليهود ودان لهم وحالفهم على إعطاء حقوقهم كلها وسالمهم وقدم ذبيحة واكرم الهيكل واحسن إلى الموضع. 24وصافى المكابي ونصبه قائدا وحاكما على البلاد من بطلمايس إلى حدود الجرانيين. 25 ثم جاء إلى بطلمايس وكان أهل المدينة قد شق عليهم ذلك العهد وأنكروا عليه فسخ عهودهم. 26 فانطلق ليسياس إلى الديوان وأورد ما استطاع من الحجج فأقنعهم وسكنهم وميلهم إلى الرفق ثم عاد إلى إنطاكية وهكذا انقضى مقدم الملك ورجوعه."
جاء ليسياس بهذا الجيش كنجدة لسكان وجنود قلعة عكرة الذين إستنجدوا به من مضايقات يهوذا (1مك24:6) وليسياس بهذا نقض معاهداته السابقة مع يهوذا. عجلة ذات مناجل= على محور العجلة سكاكين ومناشير تقطع كل ما يمر بجانبها. ونرى هنا منلاوس يرد العودة على أشلاء بنى أمته، ولكن ليسياس بإرشاد إلهي يدرك أن منلاوس هو السبب في كل ما يحدث، فيأمر بعقابه وقتله بطريقة مرعبة، فكان يثبت المجرم المعاقب بهذه الطريقة على عجلة دوارة، وبينما هي تدور لأسفل يدخل رأس المجرم في رماد ملتهب فيختنق وهكذا حتى يموت مختنقاً، وهذه العجلة إختراع فارسي وتسمى بالدولبة وفي (2مك28:6) سماها التوتير. وتركت جثة منلاوس بدون دفن. خلا بالشيوخ وأبرم معهم مشورة= فهو قائد عسكري لكنه يتشاور مع الآخرين ولا يعتد برأيه. وكان الرأي ألا ينتظرون وصول ليسياس، بل يخرج إليه ويضربه. وضرب يهوذا ضربة مفاجئة جيش ليسياس. فإتجه ليسياس إلى بيت صور ونتيجة غدر أحد الجواسيس تمكن منها فقتلوا هذا الجاسوس.
عقد ليسياس معاهدة مع أهل بيت صور ظناً أنهم سيساندونه ضد يهوذا، لذلك بعد أن عاهدهم سعى مرة أخرى وراء يهوذا، لكنه تراجع إذ وصلته أخبار عن تمرد فيلبس فعقد صفقة مع اليهود وعين يهوذا المكابي قائداً حتى عكا، وأثار هذا أهل عكا. وذهب لهم ليسياس شارحاً لهم أنه لن يتخلى عنهم.
الجرانيين= مدينة جنوب غرب كنعان قريبة من البحر على بعد 14كم جنوب شرق غزة وغرب بئر سبع. وهي جرار التي إنحدر إليها كل من إبراهيم وإسحق عندما حدث جوع في الأرض. وقد عين ليسياس ألكيمس رئيساً للكهنة قبل أن يغادر اليهودية.
الآيات (1-14): "1 وبعد مدة ثلاث سنين بلغ أصحاب يهوذا أن ديمتريوس بن سلوقس قد ركب البحر من ميناء طرابلس بجيش كثيف وأسطول. 2 واستولى على البلاد بعدما قتل انطيوكس وليسياس وكيله. 3 وان الكيمس الذي كان قد قلد الكهنوت الأعظم ثم انقاد إلى النجاسة أيام الاختلاط أيقن أن لا خلاص له البتة ولا سبيل إلى ارتقاء المذبح المقدس. 4 فآتى ديمتريوس الملك في السنة المئة والحادية والخمسين وأهدى إليه إكليلا من ذهب وسعفة واغصانا من زيتون مما يختص بالهيكل وبقي في ذلك اليوم ساكتا. 5 ثم أصاب فرصة توافق رعونة مقاصده فان ديمتريوس دعاه إلى ديوانه وسأله عن أحوال اليهود وما في نياتهم. 6 فقال أن الحسيديين من اليهود الذين عليهم يهوذا المكابي لا يزالون في الحروب والفتن ولا يدعون للمملكة راحة. 7 وهاءنذا قد سلبت كرامة آبائي اعني الكهنوت الأعظم فقدمت إلى هنا. 8 أولا لأوفي خدمتي فيما ياول إلى مصلحة الملك وثانيا للسعي في مصلحة قومي لأن سفه أولئك الناس قد انزل بأمتنا البلاء الشديد. 9 فإذ قد اطلعت أيها الملك على تفصيل ذلك فالتفت إلى بلادنا وامتنا المبغي عليها بما فيك من الرفق والإحسان إلى الجميع. 10 فانه ما دام يهوذا باقيا فمن المحال أن تكون الأحوال في دعة. 11 ولما أتم مقاله جعل سائر أصدقاء ديمتريوس وهم أعداء ليهوذا يوغرونه عليه. 12 فاستحضر من ساعته نكانور مدبر الفيلة وأقامه قائدا على اليهودية وأرسله. 13 وأمره أن يقتل يهوذا ويبدد أصحابه ويقيم الكيمس كاهنا اعظم للهيكل الشهير. 14فاخذ الأمم الذين في اليهودية يفرون عن يهوذا وينضمون أفواجا إلى نكانور وهم يعدون نكبات اليهود ورزاياهم حظا لهم."
إسترد ديمتريوس العرش وقتل أوباطور وليسياس، فجاءه ألكيمس بوشاية ضد شعبه. وكان ألكيمس قد إنقاد إلى النجاسة= أي سلك مسلك اليونانيين الوثنيين كأكل لحم الخنزير مثلاً أو أن يتقدم للخدمة وهو غير طاهر. وغالباً رفضه اليهود التقاة، لذلك ذهب لديمتريوس ليعيده إلى وظيفته. الحسيديين= هم مجموعة التقاة، تبعوا أولاً متتيا لكنهم إحتجوا على سياسة التوسع التي إتبعها المكابيين، لذلك كانوا أول من تقبل ألكيمس. وخرج منهم الفريسيين. وقدم ألكيمس هدايا قديمة للملك. وبقى في ذلك اليوم ساكتاً= متظاهراً أنه أتى للتهنئة فقط.
الآيات (15-25): "15 ولما بلغ اليهود قدوم نكانور وانضمام الأمم إليه حثوا التراب على رؤوسهم وابتهلوا إلى الذي أقام شعبه ليبقى مدى الدهر مدافعا عن ميراثه بآيات بينة. 16 ثم أمرهم القائد فبادروا المسير من هناك وألتقوهم عند قرية دساو. 17 وكان سمعان أخو يهوذا قد نازل نكانور فجاءته نجدة على حين بغتة فأدركه بعض الفشل. 18 ولكن لما سمع نكانور بما أبداه أصحاب يهوذا من البأس والبسالة في مدافعاتهم عن الوطن أشفق من أن يفصل الأمر بالسلاح. 19 فأرسل بوسيدونيوس وتاودوتس ومتتيا لعرض الصلح وأمضائه. 20 فبحثوا في الأمر طويلا وعرض القائد ذلك على الجمهور فاجمعوا كلهم على رأي واحد وقبلوا العهد. 21 وعينوا يوما يواجهونهم فيه سرا فاقبل نكانور وجيء بالكراسي من الجانبين. 22 وأقام يهوذا رجالا متسلحين متأهبين في المواضع الموافقة مخافة أن يدهمهم الأعداء بشر ثم تفاوضوا وعقدوا الاتفاق. 23 وأقام نكانور بأورشليم لا يأتي منكرا وأطلق الجيوش التي اجتمعت إليه أفواجا. 24 وكان كثير التردد إلى يهوذا وصبا إليه بقلبه. 25 وحثه على الزواج والاستيلاد فتزوج ولبث في راحة وطيب عيش."
جاءته نجدة= يقال أنها من يهود خونة لذلك صدم سمعان حين رآهم فأدركه بعض الفشل. وآثر نكانور الصلح بل أعجب بشجاعة اليهود وتصادق مع يهوذا. ونلاحظ أن من ضمن رجال نكانور رجل يهودي إسمه متتيا. ونجد الصداقة بين نكانور ويهوذا تصل إلى أن يدعو نكانور يهوذا أن يتزوج ويكون له أولاد= الإستيلاد.
الآيات (26-36): "26 ولما رأى الكيمس ما هما فيه من التصافي والتعاهد عاد فآتى إلى ديمتريوس وقال أن نكانور يرى في الأمور رأي الفساد وانه قد عين في موضعه يهوذا الكامن للمملكة كاهنا اعظم. 27 فاستشاط الملك غضبا ووغر صدره بسعاية ذلك الفاجر فكتب إلى نكانور يقول انه ساخط من ذلك العهد ويأمره بان يبادر إلى إرسال المكابي مقيدا إلى إنطاكية. 28 فلما وقف نكانور على ذلك أدركته الحيرة وصعب عليه أن ينقض عهده ولم ير من الرجل ظلما. 29 ولكن إذ لم يجد سبيلا إلى مقاومة الملك تربص فرصة ليمضي الأمر بالمكيدة. 30 ورأى المكابي أن نكانور قد تغير عليه ولم يعد يتلقاه ببشاشته المألوفة ففطن أن هذا التغير ليس عن خير فجمع عددا من أصحابه وتغيب عن نكانور. 31 فلما رأى نكانور أن الرجل قد سبقه بحزمه ودهائه انطلق إلى الهيكل العظيم المقدس وكان الكهنة يقدمون الذبائح على عادتهم فأمرهم ان يسلموا إليه الرجل. 32 فاقسموا وقالوا انهم لا يعلمون اين الذي يطلبه فمد يمينه على الهيكل. 33واقسم قائلا لئن لم تسلموا إلى يهوذا موثقا لأهدمن بيت الله هذا إلى الأرض ولأقلعن المذبح وأشيدن هنا هيكلا شهيرا لديونيسيوس. 34 قال هذا وانصرف فرفع الكهنة أيديهم إلى السماء ودعوا من هو نصير امتنا على الدوام قائلين. 35 يا من هو رب الجميع الغني عن كل شيء لقد حسن لديك أن يكون هيكل سكناك فيما بيننا. 36 فالآن أيها الرب يا قدوس كل قداسة صن هذا البيت الذي قد طهر عن قليل واحفظه طاهرا إلى الأبد."
إنزعج ألكيمس من هذه الصداقة وعاد للوشاية عند ديمتريوس بأن نكانور كان له رأي الفساد= أي رأى فساد في أنه عين يهوذا رئيساً للكهنة= كاهناً أعظم بينما هو الكامن للملكة= أي متربص بالمملكة يريد الأذى لها. ونرى نكانور يستجيب لرأي الملك وراح يتحين الفرصة ليغدر بيهوذا.
الآيات (37-46): "37 وكان في أورشليم شيخ اسمه رازيس وهو رجل محب لوطنه محمود السمعة يسمى بابي اليهود لما كان عنده من الغيرة عليهم فوشي به إلى نكانور. 38 وكان فيما سلف من أيام الاختلاط مخلص التمسك بدين اليهود ولم يزل يبذل جسمه ونفسه في سبيل الدين. 39 وأراد نكانور أن يبدي ما كان عنده من الحنق على اليهود فأرسل اكثر من خمس مئة جندي ليقبضوا عليه. 40 لاعتقاده انه أن امسكه فقد انزل بهم مصيبة عظيمة. 41 فلما رأى الجنود قد أوشكوا أن يستولوا على البرج ويفتحوا باب الدار وقد أطلقوا النار لإحراق الأبواب واصبح محاطا من كل جانب وجا نفسه بالسيف. 42واختار أن يموت بكرامة ولا يصير في أيدي المجرمين ويشتم بما لا يليق بأصله الكريم. 43ولكنه لعجلته اخطأ المقتل وإذ كانت الجنود قد هجمت إلى داخل الأبواب رقي إلى السور بقلب جليد وألقى بنفسه من فوق الجنود. 44 فانفرجوا لحينهم فسقط في وسط الفرجة. 45 وإذ كان به رمق وقد اشتعلت فيه الحمية قام ودمه يتفجر كالينبوع وجراحه بالغة واخترق الجنود عدوا. 46 واستوى قائما على صخرة عالية وقد نزف دمه ثم اخرج أمعاءه وحملها بيديه وطرحها على الجند ودعا رب الحياة والروح أن يردهما عليه ثم فاضت نفسه."
رازيس هو أحد وجهاء اليهودية الغيورين، له تاريخ طويل في الدفاع عن الإيمان. له ثقل كبير في أورشليم ولذلك أسموه أبي اليهود. وكان يحيا فيما يشبه القلعة. وقد يكون عالماً بمكان يهوذا وخاف أن يعذبوه فيخبرهم. وخاف أن يكون تعذيبه وإهانته سبباً في ضعف شعبه وإستسلامهم. وعندما رمى أحشاؤه في وجه جنود نكانور دعا رب الحياة والروح أن يردهما إليه= أي أن يعيد له الحياة يوم القيامة، وهذا إعلان منه بإيمانه بالقيامة.
وكانت هناك مدارس حاخامية تدين الإنتحار بشدة لأي سبب ولكن هناك مدارس تبيح الإنتحار لفتاة مجبرة على الزنا أو لشخص يخاف أن يجبروه على عبادة الأصنام، بل كانت هناك أسر يهودية مستعدة للإنتحار قبل أن ترى الهيكل يدنس.
لذلك وبحسب الفكر اليهودي يُحسب ما عمله رازيس هذا نوعاً من الإستشهاد:
1. حتى لا يخبر بمكان يهوذا.
2. حتى لا ينكر الإيمان تحت الضغط.
3. حتى لا يكون تعذيبه سبباً في ضعف الروح المعنوية، بل إن ما عمله من رمي أحشاؤه في وجه الجنود أعطى قوة لمن شاهد ذلك.
الآيات (1-24): "1 وبلغ نكانور أن أصحاب يهوذا في نواحي السامرة فعزم على مفاجأته يوم السبت دون تعرض لخطر الحرب. 2 فقال له اليهود الذين شايعوه اضطرارا لا تأخذ القوم بهذه القسوة والخشونة بل ارع حرمة يوم قد أكرمه وقدسه الرقيب على كل شيء. 3 فسال ذلك الفاجر وهل في السماء قدير أمر بحفظ يوم السبت. 4 فقالوا أن في السماء الرب الحي القدير وهوا لذي أوصى بحفظ اليوم السابع. 5 فقال الرجل وأنا أيضا قدير في الأرض فأمر بأخذ السلاح وإمضاء أوامر الملك ولكنه لم يتمكن من قضاء مآربه الخبيث. 6 وكان نكانور بما عنده من الزهو والصلف مضمرا أن ينصب تذكارا يشير به إلى جميع غلباته على أصحاب يهوذا. 7 وأما المكابي فلم يزل يثق كل الثقة بان الرب سيؤتيه النصر. 8 فحرض أصحابه أن لا يجزعوا من غارة الأمم بل يذكروا النجدات التي طال ما أمدوا بها من السماء وينتظروا الظفر والنصرة التي سيؤتونها من عند القدير. 9ثم كلمهم عن الشريعة والأنبياء وذكر لهم الوقائع التي باشروها حتى أذكى حماستهم. 10 وبعدما ثبت عزائمهم شرح لهم كيف نقضت الأمم عهودها وحنثت بإيمانها. 11 وسلح كلا منهم بتعزية كلامه الصالح اكثر مما سلحهم بالتروس والرماح ثم قص عليهم رؤيا يقينية تجلت له في الحلم فشرح بها صدورهم أجمعين. 12 وهذه هي الرؤيا قال رأيت أونيا الكاهن الأعظم رجل الخير والصلاح المهيب المنظر الحليم الأخلاق صاحب الأقوال الرائعة المواظب منذ صبائه على جميع ضروب الفضائل باسطا يديه ومصليا لأجل جماعة اليهود بأسرها. 13 ثم تراءى لي رجل كريم الشيبة أغر البهاء عليه جلالة عجيبة سامية. 14 فأجاب اونيا وقال هذا محب الاخوة المكثر من الصلوات لأجل الشعب والمدينة المقدسة ارميا نبي الله. 15 ثم ان ارميا مد يمينه وناول يهوذا سيفا من ذهب وقال. 16 خذ هذا السيف المقدس هبة من عند الله به تحطم الأعداء. 17 فطابت قلوبهم بأقوال يهوذا الصالحة التي حركت بقوتها حماستهم وأثارت نفوس الشبان وعقدوا عزمهم على أن لا يعسكروا بل يهجموا بشجاعة ويحاربوا بكل بسالة حتى يفصلوا الأمر إذ كانت المدينة والأقداس والهيكل في خطر. 18 وكان اضطرابهم على النساء والأولاد والاخوة وذوي القرابات ايسر وقعا من خوفهم على الهيكل المقدس الذي كان هو الخوف الأعظم والأول. 19 وكان الباقون في المدينة في اضطراب شديد من قبل القتال الذي كانوا يتوقعونه في الفضاء. 20 وبينا كان الجميع ينتظرون ما ياول إليه الأمر وقد ازدلف العدو واصطف الجيش واقيمت الفيلة في مواضعها وترتبت الفرسان على الجناحين. 21 تفرس المكابي في كثرة الجيوش وتوفر الأسلحة المختلفة وضراوة الفيلة فرفع يديه إلى السماء ودعا الرب الرقيب صانع المعجزات لعلمه ان ليس الظفر بالسلاح ولكنه بقضائه يؤتي الظفر من يستحقه. 22 وصلى قائلا انك يا رب قد أرسلت ملاكك في عهد حزقيا ملك يهوذا فقتل من جند سنحاريب مئة وخمسة وثمانين ألفا. 23 والآن يا ملك السماوات أرسل ملاكا صالحا أمامنا يوقع الرعب والرعدة وبعظمة ذراعك. 24ليتروع الذين وافوا على شعبك المقدس مجدفين وكان يهوذا يصلي هكذا."
يتمادي نكانور في تجديفه ويعتبر أنه لا يوجد إله قدير في السماء، لكنه هو القدير في الأرض، وأمر الكل أن يحارب يهوذا يوم السبت، وهو بحكم خبرته يعلم أن اليهود يحترمون يوم السبت وربما رفضوا الحرب فيه فتكون فرصة له ليبيدهم= دون تعرض لخطر الحرب= يبيدهم دون قتال من جانبهم (1). ولكن المكابيين كانوا قد قرروا أن يحاربوا يوم السبت لو كان دفاعاً عن النفس (1مك41:2). أما اليهود الذين مع نكانور غالباً هم من الحزب اليوناني (المتأغرقين) وكان ما يزال فيهم بقية من حب ووفاء لأمتهم لذلك يطلبون الرحمة بشعبهم (2). وأراد نكانور بعد أن يهزم يهوذا أن يقيم تذكاراً أي هرماً يضع تحته ربما جثث اليهود ويخلد عليه إسمه وإنتصاراته (6). ونجد الله يشجع يهوذا برؤيا يرى فيها أونيا رئيس الكهنة الشهيد وإرمياء النبي يشجعانه. وهنا نرى أن الموت ليس موتاً بل هو إنتقال. وسيف الذهب= إشارة للمعونة السماوية. وهذه الرؤيا جعلت السامعين يكتسبون قوة هجومية عظيمة ويبادروا للقتال. وهم إهتموا بالدفاع عن الهيكل أكثر من أسرهم. وكان الشعب في أورشليم يتابعون الموقف عن كثب فعلي نتيجة هذه الحرب يتوقف مستقبلهم ومستقبل الهيكل. وبدأ السلوكيين يستعرضون قوتهم. ويلجأ يهوذا للتضرع والصلاة مع أنه رأى رؤيا، لكن الصلاة أهم.
الآيات (25-37): "25 وأِصحاب نكانور يتقدمون بالأبواق والأغاني. 26 فواقعهم أصحاب يهوذا بالدعاء والصلوات. 27 وفيما هم يقاتلون بالأيدي كانوا يصلون إلى الله في قلوبهم فصرعوا خمسة وثلاثين ألفا وهم في غاية التهلل بمحضر الله ونصرته. 28 ولما فرغوا من الجهاد ورجعوا مبتهجين وجدوا نكانور بسلاحه وقد خر قتيلا. 29 حينئذ ارتفع الهتاف والزجل وسبحوا الملك العظيم بلسان آبائهم. 30 ثم أن يهوذا الذي لم يزل في مقدمة أهل وطنه باذلا دونهم جسده ونفسه وراعيا لبني أمته المودة التي أثرهم بها منذ حداثته أمر بقطع راس نكانور ويده مع كتفه وحملهما إلى أورشليم. 31 ولما بلغ إلى هناك دعا بني أمته والكهنة وقام أمام المذبح واستحضر الذين في القلعة. 32 واراهم راس نكانور الفاحش ويد ذلك الفاجر التي مدها متجبرا على بيت القدير المقدس. 33ثم قطع لسان نكانور المنافق وأمر بان يقطع قطعا ويطرح إلى الطيور وتعلق يد ذلك الأحمق تجاه الهيكل. 34 وكان الجميع يباركون إلى السماء الرب الحاضر لنصرتهم قائلين تبارك الذي حفظ موضعه من كل دنس. 35 وربط راس نكانور على القلعة ليكون دليلا بينا جليا على نصرة الله. 36 ثم رسم الجميع بتوقيع عام ان لا يترك ذلك اليوم بدون احتفال. 37 بل يكون عيدا وهو اليوم الثالث عشر من الشهر الثاني عشر الذي يقال له آذار بلسان آرام قبل يوم مردكاي بيوم واحد."
جيش نكانور يصلي لآلهته وجيش شعب الله يصلي لله والنتيجة قطعاً محسومة. ربط رأس نكانور على القلعة= التي هي قلعة عكرة التي يسكنها اليونانيون ومنها يضايقون المصلين في الهيكل. وكان هذا إذلالاً لساكني القلعة من السلوكيين. ودخل يهوذا إلى أورشليم كمنتصر. وصار يوم نكانور عيد قومي.
الآيات (38-40): "38 هذا ما تم من أمر نكانور ومنذ تلك الأيام عادت المدينة في حوزة العبرانيين وههنا أنا أيضا اجعل ختام الكلام. 39 فان كنت قد أحسنت التأليف وأصبت الغرض فذلك ما كنت أتمنى وان كان قد لحقني الوهن والتقصير فأني قد بذلت وسعي. 40 ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتعقب لذة وطربا كذلك تنميق الكلام على هذا الأسلوب يطرب مسامع مطالعي التأليف انتهى."
الكاتب يريد أن تكون نهاية كلامه أن أورشليم عادت وصارت في يد شعب الله محررة من الوثنيين، وهيكلها لله وليس في يد الوثنيين. ويريد الكاتب أن يقول أن الله قد كلل أعمال يهوذا بالنجاح. ونرى أيضاً إتضاع الكاتب.
الخمر= يشير للتاريخ الذي كتبه والماء = يشير لمزج هذا التاريخ بالتفسيرات والشرح الذي كان يكتبه مثل (6:9،8،10+ 6:13،8). أي أن الهدف من الكتابة أن نرى عمل الله مع شعبه فنتعزى كمن يشرب خمراً لينتشي ويفرح. ولكن الخمر وحدها مضرة إذ تكون قوية، والتاريخ وحده دون شرح (الماء) قد لا يفهم فيحدث ضرراً. والماء وحده (أي رأي الكاتب) لن يفرح أحد.
مثال لذلك:- لماذا يسمح الله لكل هذا العذاب لشعبه؟ لو ذكر التاريخ وحده لتعثر القارئ، لذلك فالكاتب يمزج التاريخ بالشرح فنفهم أن هذا كان بسبب خطايا الشعب وأن هذا كان لمحبة الله لشعبه فهو يؤدبهم (14:4-17+ 17:5،18+ 12:6) وفي الأخيرة (12:6) يقول صراحة "إني لأرجو من مطالعي هذا الكتاب أن لا يستوحشوا من هذه الضربات وأن يحسبوا هذه النقم ليست للهلاك بل لتأديب أمتنا"
ولا معنى لأن يقال أن قول الكاتب عن الوهن والتقصير والتأليف ينفي موضع الوحي عن الكتاب:
1. يقول بولس الرسول "أما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب.." (1كو12:7)
2. "أيها الإخوة بحسب الإنسان أقول" (غل15:3) وكذلك (رو5:3) فهل أقوال بولس هذه تنفي أنه كان يتكلم بوحي من الروح القدس.
3. وراجع (1كو25:1) فنجد بولس يقول "ضعف الله أقوى من الناس" (1كو25:1) وعن نفسه ينسب الضعف (1كو3:2). فلماذا ننكر أن أقوال سفر المكابيين الثاني هي أسفار إلهية لأن كاتبها ينسب لنفسه الوهن والتقصير (39). لكنها كلمات إتضاع منه