المقدمة

1.     ناحوم كلمة عبرية معناها نياح أو راحة أو تعزية.

2.     ينسب نفسه إلى ألقوش (1:1) ويرى القديس جيروم أنها شمال الجليل.

3.  تنبأ ليهوذا (15:1) وليس لإسرائيل (مملكة الشمال). وقد عاصر الغزو الأشوري لإسرائيل فهرب ليهوذا. وربما أقام في أورشليم ، حيث شاهد بعد 7سنوات حصار المدينة بواسطة جيش أشور، وما حل بأشور (ليلة الـ85.000) (2مل18،19) وقد كتب نبوته بعد هذا (11:1). ويكون بهذا قد عاصر حزقيا الملك وإشعياء. وحزقيا الملك كان حكمه تقريباً سنة725- سنة690 ق.م. وهو عاصر سقوط نو آمون (طيبة) المصرية في يد أشور بانيبال سنة 666ق.م. وهو يسجل هذه الحادثة في سفره (8:3-10) ونينوى نفسها سقطت وخربت سنة 612ق.م. وبهذا يكون تاريخ نبوته بعد سنة 666 وقبل سنة 612. وغالباً سيكون بعد سنة 666ق.م. في أواخر أيام عمره.

4.  نبوته كانت ضد نينوى عاصمة أشور. وهذه كانت قد تابت قديماً بمناداة يونان (سنة825- سنة784ق.م) وعفا عنها الله. ولكننا نجد نبوة ناحوم هنا ليست دعوة للتوبة كنبوة يونان، بل حكم صادر ضدها. لأن شرورها أصبحت فظيعة ولا أمل في إصلاحها أو توبتها.

5.     كان الأشوريون دمويون وفي منتهى العنف وكأمثلة لذلك.

         أ‌-    ‌لما أيقن ملك أشور أنه هالك بعد حصار بابل له وسقوط عاصمته على يد نبوبلاسر أبو نبوخذ نصر ملك بابل، جمع نساؤه في قصره وأشعل فيه حريقاً فاحترقن كلهن.

                   ب‌-       كانوا يسلخون الأسرى وهم أحياء.

                   ت‌-       كانوا يقطعون رؤوس البعض ويعلقونها في أعناق الأحياء الآخرين.

        ث‌-   كانوا يلهون بقطع أنوف وأذان وأيدي الأسرى. وكانوا يضعون الأمراء والرؤساء الذين يهزمونهم في أقفاص ويعرضونهم للهزء بهم.

        ج‌-   أشور هي التي أسقطت إسرائيل وعاصمتها السامرة، وأحرقت 46مدينة ليهوذا وحاصرت أورشليم لتدمرها لولا معجزة هلاك الـ185.000.

        ح‌-   ملكهم أشور بانيبال دخل مصر وأخذ عاصمتهم نو آمون (طيبة). وأثارهم تقول أنهم غنموا من مصر الكثير (ذهباً وعبيداً). لذلك كانت أشور وسط الشعوب كوحش مفترس. فلا عجب أن جميع ممالك الأرض أبغضتهم تماماً (أش12:10-14).

6.  عل اسم النبي وهو يعني راحة وتعزية يتناسب مع نبوته، فهو تنبأ بخراب نينوى، ونبوته مرعبة لنينوى لكنها معزية لشعب الله، حيث يرتاح شعب الله من عدوه أشور الذي ظلمه. ويقال عن نبوته أنها صرخة ضمير غاضب من شر نينوى، أو أي شر عموماً. والنبي يوضح أن جزاء الشر دائماً هو الهلاك. ونبوته يسيطر عليها فكرة واحدة هي هلاك نينوى الشريرة وراحة شعب الله. وأشور هنا الدموية بشرها هي رمز لإبليس عدو شعب الله، والنبوات بنهاية الشر لهي نبوات معزية جداً للكنيسة فهي ترى فيها هلاك إبليس عدوها مصدر كل الشرور. وهنا لا نجد أي لوم ليهوذا أو لشعب الله، بل إنذارات فقط بهلاك أعداء شعب الله، ووعود معزية لشعب الله.

                     أ‌-         ‌أذللتك. لا أذلك ثانية.. أكسر نيره وأقطع ربطك.. وهذا وعد بالحرية.

                   ب‌-       ‌عيدي أعيادك أي إفرحي.. وهذا وعد بعودة الأفراح لشعب الله.

                   ت‌-       الرب يرد عظمة يعقوب.. سيكون لشعب الله مجد وعظمة.

وهذا ما فعله المسيح بعد هزيمته لإبليس على الصليب فهو أعطى لكنيسته الحرية من عبودية إبليس، وأرسل لها الروح القدس المعزي يملأها عزاءً وراحة وفرحاً،  وأعد لها أمجاداً سماوية.

7.  النبي يذكر أشور هنا بتخريبها لنو آمون في مصر بالرغم من قوة نو لتعرف أن هذه نهاية كل شر. وأنه إن كانت نو قد سقطت لتشامخها وخطيتها فلسوف تسقط نينوى بسبب خطاياها. وليتعظ كل خاطئ بسقوط وهلاك من سبقوه.

8.  أسلوب النبي شعري، ونبوته تكشف عن قوة الله، وكيف يوجه التاريخ حسب إرادته. (الشعر هنا أي الآيات مرتبة أبجدياً، فتبدأ كل آية بالحرف التالي للآية السابقة).


 

الإصحاح الأول

آية(1): "وحي على نينوى سفر رؤيا ناحوم الالقوشي."

وحي على نينوى = كلمة وحي تعني حمل. فهذه نبوة ثقيلة. وحملاً ثقيلاً متعباً لنينوى. لما تابوا قديماً بمناداة يونان عفا الله عنهم، ولكنهم سرعان ما إرتدوا فأرسل الله لهم هذه النبوة الثقيلة.

 

الآيات (2-7): "الرب اله غيور ومنتقم الرب منتقم وذو سخط الرب منتقم من مبغضيه وحافظ غضبه على أعدائه. الرب بطيء الغضب وعظيم القدرة ولكنه لا يبرئ البتة الرب في الزوبعة وفي العاصف طريقه والسحاب غبار رجليه. ينتهر البحر فينشفه ويجفف جميع الأنهار يذبل باشان والكرمل وزهر لبنان يذبل. الجبال ترجف منه والتلال تذوب والأرض ترفع من وجهه والعالم و كل الساكنين فيه. من يقف أمام سخطه ومن يقوم في حمو غضبه غيظه ينسكب كالنار والصخور تنهدم منه. صالح هو الرب حصن في يوم الضيق وهو يعرف المتوكلين عليه.

نينوى لم تعرف الله الذي يرسل لها هذه النبوة. ولذلك قيل لها هنا من هو الله، وما هي قدراته التي تبعث الفزع في الأشرار، والطمأنينة للأبرار. فالله سور من نار يحيط بشعبه ليحميهم وينير لهم. وهو نار تحرق أعدائهم. هو إله غيور ومنتقم = غيور على كرامته وعلى شعبه. ومنتقم من أعدائه كنينوى لأنها أصبحت مدينة شريرة. وهو ذو سخط = فهو قدوس لا يحتمل الشر. ومنتقم من مبغضيه = أي أنه يعتزم أن يحاسب من يسيئون إليه ولكنه في (3) بطئ الغضب = هو ليس كالإنسان ، فالإنسان لا يستطيع كبح غيظه، إنما الله يطيل أناته لعل طول أناته تقتادنا للتوبة. ولكنه لا يبرئ البتة = أي لا يبرئ الأشرار الذين يصرون على خطاياهم، وهذه فيها رد على من يتصور أن بطء غضب الله معناه أنه يتسامح في الخطأ فيتمادي فيه. أما الشرير لو رجع عن شره سيجد الله رحيماً به. وهو عظيم القدرة. وهنا يعطي تصوير من واقع الطبيعة التي يعرفونها ليتصوروا قدرات الله فهو في الزوبعة والعاصف = أي هو الذي يتحكم فيها، فهل تقف أمامه قوة أشور. والسحاب غبار رجليه = هو يطأه ويسير عليه. إذاً هو أعلى منه. فهل يطوله ملك أشور. وفي (4) ينتهر البحر فينشفه = فهكذا فعل أمام موسى في البحر الأحمر وأمام يشوع في نهر الأردن. ويجفف جميع الأنهار = الأنهار هي مصدر خيرات الشعوب فلو جفت لهلكت الشعوب. فماذا يصنع ملك أشور لو جفت أنهاره. يذبل باشان والكرمل وزهر لبنان يذبل = فإن ظن ملك أشور أن عاصمته جميلة كزهور لبنان وأن خيراته كثيرة كمراعي باشان الخضراء فالله قادر أن يجعل الكل يذبل ويذهب عنه جماله. وفي (5) الجبال القوية الثابتة ترجف أمامه. والتلال تذوب = هذا ما يرونه في الزلازل والبراكين فهل يثبت ملك أشور. والأرض ترفع من وجهه = هذا ما سيحدث في نهاية الأيام حين تزول السماء والأرض. ولكن في الوقت الحالي فالمعني حسب الترجمات الأخرى فإن الأرض تحترق وتخرب كما حدث في سدوم وعمورة. وفي (6) من يقف أمام سخطه = فإلهنا نار آكلة تحرق الخطاة. وفي (7) أما بالنسبة للمتوكلين عليه كأحباء وأنباء فهو يعرفهم ويحرص على سلامتهم وراحتهم. وبنفس قدراته على أن يرعب الأشرار فهو قادر أن يكون حصناً للأبرار في يوم ضيقهم "اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع".

 

آية (8): "ولكن بطوفان عابر يصنع هلاكا تاما لموضعها وأعداؤه يتبعهم ظلام."

بطوفان عابر يصنع هلاكاً تاماً لموضعها = قد يكون المعني أن جيش بابل في هجومه على نينوى سيكون كالطوفان يكتسح أمامه كل شئ. لكن هذه تعتبر نبوة عجيبة وواضحة عما حدث في خلال غزو بابل لنينوى، مما يظهر قدرات الله السابق شرحها وأنه هو المتحكم في الطبيعة وحده. فأثناء حصار بابل لنينوى حدث طوفان عظيم لنهر دجلة، واستولى البابليون على سدود الأنهار وحطموها فإندفعت المياه كالطوفان وأسقطت أسوار نينوى المنيعة (أسوار نينوى = راجع سفر يونان) مما سهل دخول البابليين للمدينة. وأعداؤه يتبعهم ظلام = أعداء الله يتبعهم ظلام، فهم بعداوتهم له فقدوا النور، لأن الله نور، لذلك هم يتخبطون.

 

الآيات (9-15): "ماذا تفتكرون على الرب هو صانع هلاكا تاما لا يقوم الضيق مرتين. فانهم وهم مشتبكون مثل الشوك وسكرانون كمن خمرهم يؤكلون كالقش اليابس بالكمال. منك خرج المفتكر على الرب شرا المشير بالهلاك. هكذا قال الرب إن كانوا سالمين و كثيرين هكذا فهكذا يجزون فيعبر أذللتك لا أذلك ثانية. والآن اكسر نيره عنك واقطع ربطك. ولكن قد أوصي عنك الرب لا يزرع من اسمك في ما بعد أني اقطع من بيت إلهك التماثيل المنحوتة والمسبوكة اجعله قبرك لأنك صرت حقيرا. هوذا على الجبال قدما مبشر مناد بالسلام عيدي يا يهوذا أعيادك أوفي نذورك فانه لا يعود يعبر فيك أيضا المهلك قد انقرض كله."

هذه الآيات تشير لهلاك جيش أشور تحت قيادة سنحاريب. وهنا يعتبرها النبي درساً ورمزاً لخرابها النهائي (راجع القصة في أش36،37).

ماذا تفتكرون على الرب = أنها حماقة شديدة منكم أن تتآمروا على الله كأنكم قادرين على أن تتفوقوا على الحكمة الإلهية (مز1:2،2) هو صانع هلاكاً تاماً = ولأن الهلاك تام فلا داعي لأن يقوم الضيق مرتين. فبعد الضيق الذي ينتهي بالهلاك التام لا معنى لضيق آخر. وهذا ما حدث في ليلة هلاك الـ185.000من جيش أشور. وفي (10) هم مشتبكون مثل الشوك = الشوك مفسد للزروع الصالحة وهم اجتمعوا حول أورشليم (بقيادة سنحاريب) ليدمروا ويفسدوا زرع الله أي شعبه (1كو6:3-9) ويدمروا أورشليم حقل الله. هم تشابكوا وإتحدوا ليخربوا شعب الله، لكن الله سمح لهم بهذا التشابك والتجمع، ليحرقهم ويهلكهم كحزمة شوك جمعوها ليحرقوها. وهذا سيكرره الله ثانية ولكن في داخل مدينتهم نينوى فالله سيجمعهم داخلها، أيضاً كحزمة شوك ليحرقها البابليون. وأثناء حصارهم لأورشليم كانوا سكرانون كمن خمرهم = كانوا كسكارى من نشوة إنتصارهم على بقية الأمم، وظنوا إله أورشليم مثل بقية الآلهة يمكنهم هزيمته، فتفوهوا بكلمات صعبة ضد الله كسكران يهذي. وهكذا الشياطين هم كشوك يحاربون شعب الله ليسقطوهم في الخطايا ، ويدبروا لهم مؤامرات فظيعة تجعلهم يقعون في تجارب مؤلمة. والله يتركهم يجتمعون كحزمة شوك ليحرقهم دفعة واحدة في البحيرة المتقدة بالنار. وفي (11) منك خرج المفتكر على الرب شراً = في أثناء حصارهم لأورشليم طالما تفوه ملكهم سنحاريب وقائد جيشه ربشاقي بكلام شرير على الله. وبعد هذا حينما رفضوا التوبة وسخروا من إنذارات الله كانوا مفتكرين على الرب شراً. وكل من يفتكر على الرب شراً أو على شعبه مثل سنحاريب ويكون مشيراً بالهلاك على شعب الله، ففي الواقع يكون مشيراً بهلاك نفسه (ما نقوله عن أشور ينطبق تماماً على إبليس وقوات الظلمة) وفي (12) مهما كان جيش أشور (أو الشياطين) كثيرين أو سالمين بمعنى أنهم شاعرين بالإطمئنان وعدم الخوف من إنذارات الله. ولكن هكذا قال الرب يجزون = كما تجز الحشائش،  عندما يعبر الملاك المهلك صاحب المنجل الحاد. (رؤ17:14). ثم يوجه الله كلامه لشعبه بعد أن طمأنه على خبر هلاك أعدائهم. أذللتك. لا أذلك ثانية  = هو أذلهم أولاً بأن تركهم في يد أشور وكان ذلك ليؤدبهم، ولكن الآن سينجيهم من أشور ولا يعود يذلهم ثانية. وهذا حدث بعد سقوط آدم ، فلقد أُسْلِمَتْ الخليقة للبطل (رو20:8) وهذا يعتبر ذلاً ولكن كان ذلك من أجل التأديب. ثم أتي المسيح وحررنا "إن حرركم الابن.." وستكتمل فرحة شعب الله بهلاك إبليس في البحيرة المتقدة بالنار في اليوم الأخير فلا يعود يذل شعب الله ثانية. وفي (13) وعد الله بأن يعطي الحرية لشعب أورشليم من أشور. وأيضاً وعد بتكسير نير الشيطان عن شعبه. وفي (14) نهاية أشور نهائية وينتهي حكم ملوكه وعائلته = لا يزرع من إسمك فيما بعد = بمعنى ستبيد ذكرياته ولا تقوم له قائمة فيما بعد. ويقطع الله من بيت إلهه التماثيل المنحوتة والمسبوكة = فجيش بابل سوف يخرب كل شئ دون أن يستثنى حتى تماثيل ألهتهم. الأمر الذي يشير لأسباب غضب الله عليهم أي عبادتهم للأوثان. وهناك معنى آخر لو فهمنا أن أشور بأوثانها تشير للشياطين أن في السماء ستنتهي كل الآلام التي كان يثيرها عدو الخير "حيث يمسح الله كل دمعة من عيوننا" فلا نعود نذكر كل الآلام التي كان يسببها ولا نذكر حتى إسمه. أجله قبرك لأنك صرت حقيراً = بعد أن هان سنحاريب الله أمام أسوار أورشليم وبعد موت رجاله، ذهب في حسرة لبيت إلهه نسروخ وهناك قتله أبنيه فصار هيكل إلهه قبراً له، لأنه صار حقيراً حين أهان الله. وفي (15) بعد أن أعلن عن أنهيار نينوى وجعل معابدها الوثنية قبوراً. ها هو يفتح باب الرجاء لأورشليم الجديدة أي الكنيسة خلال الكرازة بالإنجيل. فلقد أخضع الله الشيطان للكنيسة وجعل لها سلطاناً أن تدوسه بقدميها = هوذا على الجبال قدما مبشر بالسلام = هؤلاء هم التلاميذ الذي جالوا مبشرين بعدما جاء المسيح وقال "سلامي أعطيكم سلامي أترك لكم" وعيدي يا يهوذا أعيادك = الأعياد تعني أفراح، وهذا عمل الروح القدس. فإنه لا يعود يعبر فيك أيضاً المهلك = فالمسيح رآه ساقطاً مثل البرق" وهذا جزئياً تحقق بهلاك أشور على أسوار أورشليم ونجاة شعب الله منه. والشيطان صار مقيداً بلا سلطان علينا.


 

الإصحاح الثاني

الآيات (1-10): "قد ارتفعت المقمعة على وجهك احرس الحصن راقب الطريق شدد الحقوين مكن القوة جدا. فان الرب يرد عظمة يعقوب كعظمة إسرائيل لان السالبين قد سلبوهم وأتلفوا قضبان كرومهم. ترس أبطاله محمر رجال الجيش قرمزيون المركبات بنار الفولاذ في يوم أعداده والسرو يهتز. تهيج المركبات في الأزقة تتراكض في الساحات منظرها كمصابيح تجري كالبروق. يذكر عظماءه يتعثرون في مشيهم يسرعون إلى سورها وقد أقيمت المترسة. أبواب الأنهار انفتحت والقصر قد ذاب. وهصب قد انكشفت اطلعت و جواريها تئن كصوت الحمام ضاربات على صدورهن. ونينوى كبركة ماء منذ كانت ولكنهم الآن هاربون قفوا قفوا ولا ملتفت. انهبوا فضة انهبوا ذهبا فلا نهاية للتحف للكثرة من كل متاع شهي. فراغ وخلاء وخراب وقلب ذائب وارتخاء ركب ووجع في كل حقو واوجه جميعهم تجمع حمرة."

المقمعة = هي أداة للضرب لتقمع المنحرف. وهذا إنذار بالحرب مرسلاً لنينوى. والمقمعة هنا هي جيش بابل الذي سيجتاح المدينة ليقمعها ويحطمها. وقد دعيت بابل مطرقة كل الأرض (أر23:50). ثم بلهجة تهكم يقول لهم الله = أحرس الحصن.. مكن القوة جداً = أي مهما بذلت من جهد فإنك لن تقدر أن تهرب فالقصاص من الله.  وفي (2) لقد أذل أشور يعقوب جداً وأخرجه من أرضه وقتل كثيرين وإستعبد الأحياء.  وها هو  الله يعاقب أشور. لأن الله ينوى أن يرد عظمة يعقوب كعظمة إسرائيل = هذه الآية لم تجد لها تطبيقاً في سقوط أشور أمام بابل، بل أن سرعان ما أسقطت بابل أورشليم بعد ذلك، وبعد إنتهاء سبي بابل سقط اليهود تحت حكم الفرس ثم اليونان وأخيراً الرومان. ولكن هذه الآية لا يمكن فهمها إلا عن الكنيسة، فالله أخضع الشيطان وذلك لأنه أعاد مجد الكنيسة (أبناء يعقوب بالإيمان) إلى مجد إسرائيل.(الفرق بين يعقوب وإسرائيل هو البركة التي أخذها يعقوب حينما جاهد مع الله وغلب فأخذ بركة ومجداً) وقد يشير اسم يعقوب لمملكة إسرائيل في سبيها سواء في أشور أو يهوذا في بابل ويشير اسم إسرائيل لعودتها محررة من السبي. ولذلك يشير اسم يعقوب لشعب الله وهو مازال في سبي إبليس ومستعبداً له. واسم إسرائيل يشير للكنيسة المحررة. ولذلك فبولس الرسول يطلق على الكنيسة إسرائيل الله (غل16:6). فإسرائيل هي الكنيسة التي حررها المسيح وصار في وسطها مجداً (زك5:2) والله الغيور كان يراقب ما فعله أعداؤه بشعبه = السالبين سلبوهم وأتلفوا قضبان كرومهم = لقد سلبنا بنوتنا لله. والكرمة هي شعب الله، والقضبان هم أفراد الشعب، وهؤلاء أتلفتهم الخطية، فذهب عنهم الفرح الحقيقي فالكرمة رمز للفرح. ولذلك فالله حفظ نقمته حتى جاء يوم الصليب المرموز له هنا بهجوم بابل وتصوير للمعركة بين اشور وبابل. (3)  ترس أبطاله محمر = أسلحة البابليين مغطاة بالدماء لذلك هي محمرة. رجال الجيش قرمزيون = ثيابهم حمراء غالباً من دم الأشوريون. المركبات بنار الفولاذ = المركبات تستعمل في الهجوم كقوة حربية. إذاً الهجوم قوى جداً كالفولاذ. والقوة كما بنار. وهذا في يوم إعداده. أي يوم يعد الله الخلاص لشعبه، وسيكون خلاصاً قوياً، بدم المسيح الذي لطخ ثيابه وحمرها (اش1:63). وهجومه سيكون بقوة جداً. والنار هنا هي نار لاهوته، فكيف يقاومها الشيطان، هو لن يثبت بل سيهتز. هو وإن كان كالسرو لكنه سيهتز أمام هذا الهجوم. وبالنسبة لأشور فعظماء أشور سيكونون كالسرو الذي يهتز أمام قصاص الله. وفي (4) تهيج المركبات في الأزقة = هذا تصوير لجيش بابل ومركباته أثناء هجومهم على شوارع نينوى بعد أن اقتحموها. منظرها كمصابيح = حينما تسلط عليها أشعة الشمس وتجري كالبرق بسرعة وعنف. لكن هذا يعني أيضاً شعب الله الذي حرره المسيح وامتلأ بالروح القدس ، فقاده الروح للهجوم على إبليس بضراوة. فالمركبات هي شعب الله الذي يقوده الله. هي الفرس الأبيض والراكب عليه هو المسيح الذي خرج غالباً ولكي يغلب (رؤ2:6) وحينما صاروا شعباً للمسيح صاروا كمصابيح منيرة. لأنهم حاملين في داخلهم النور الحقيقي. وهم يجرون كالبرق وراء مسيحهم نحو السماويات دائسين الأرضيات وفي (5) هنا صورة عظماء أشور وهم يحاولون الهرب ناحية الأسوار لكن الأسوار قد أنهدمت بفعل الهجوم وبفعل الطوفان (فيضان النهر وتكسير السدود) فأين المفر؟ من المؤكد أنهم سيتعثرون فهم في ظلام. وقد أقيمت المترسة = المترسة هي آلة الهجوم ضد المدن (راجع أف6 + 2كو4:10) لتعرف قوة هذه الأسلحة الروحية وفعاليتها. وفي (6) أبواب النهر إنفتحت = هذا بالفيضان، والفيضان غمر البيوت والقصور واصبح الكل في يأس. وهكذا إبليس. والقصر قد ذاب = قد يكون قصر ملك أشور أو هيكل إلههم نسروخ، أو هو كل تحصينات إبليس السابقة. وفي (7) هصب = إما أن تكون إحدى ملكات نينوى، أو اسم إلهة مشهورة، وصار هذا الاسم نعت أو اسم رمزي لنينوى. والأغلب أنها آلهة ولها معبد وفيه جواري وهناك رأى بأن هصب فعل بمعنى "قد قضى" إشارة إلى ما قصده الله بنينوى. قد انكشفت وأطلعت = أي أخرجت من مكانها. وظهر ضعفها بعد أن خدعت كثيرين بقوتها. هذا ما حدث مع أشور، وهذا ما حدث لإبليس فبعد أن إنكشف قضاء الله عليه لم يصبح ملكاً ولا قوياً بل هو تحت أقدامنا وطرد من السماء ولم يعد له قوة لذلك فكل جواريها تئن = الجواري هنا هم كل من ظل مخدوعاً عابداً وتابعاً للشيطان. والضرب على الصدور = علامة شدة الحزن والغيظ. وفي (8) نينوى كبركة ماء = بعد الفيضانات صارت نينوى كبركة الماء وتعثر فيها الكل. وقد يكون غرق فيها كثيرين. ولذلك يحاولون الهرب. ولا يلتفتوا لمن يقول لهم قفوا قفوا. وفي (9) فجيش بابل ينهب كل الذهب والفضة التي خزنها أشور. ومازال الشيطان يغوي الكثيرين بأن تكون لهم كنوزهم في هذا العالم ولكن لننظر بطل هذه الفكرة. وفي (10) صورة لخراب نينوى وصورة لخراب هذا العالم. والرعب في الأيام الأخيرة. وحمرة الوجوه تشير للخجل من كل ما اعتمدوا عليه تاركين عبادة الله.

 

الآيات (11-13): "أين مأوى الأسود ومرعى أشبال الأسود حيث يمشي الأسد واللبوة وشبل الأسد وليس من يخوف. الأسد المفترس لحاجة جرائه والخانق لأجل لبوأته حتى ملا مغاراته فرائس ومأواه مفترسات. ها أنا عليك يقول رب الجنود فاحرق مركباتك دخانا وأشبالك يأكلها السيف واقطع من الأرض فرائسك ولا يسمع أيضا صوت رسلك."

كان الأشوريون يصورون آلهتهم كأسود مجنحة وآلهتهم عشتاروت بلبؤة علامة جبروتها. وهنا نجد في نبرة تهكم ضد أشور، نجد أعدائها ساخرين منها بعد خرابها. ويتساءلون ببهجة أين مأوى الأسود = أي نينوى التي خربت. فبعد خرابها أصبح ليس من يخوف. بعد أن كانوا يخافون منها. وإبليس خصمنا يجول كأسد زائر يلتمس من يبتلعه، لكن شعب الله يهاجمه بعد أن غلبه المسيح لحسابهم، ويهاجمونه بلا خوف. في (12) يصور أشور كأسد يفترس ويخنق فرائسه ليطعم جرائه ولبؤاته. وملأ مغاراته من الفرائس. طالما هاجم الشيطان البشر ليرضي نفسه بسقوطهم. وفي (13) انتقام الله منهم. وهم سيحرق مركباتهم ويجعلها كدخان = وطالما سمعنا في قصص القديسين عن احتراق الشياطين وتحولهم لدخان بإشارة الصليب التي يرسمها القديسون. ولا يسمع صوت رسلك = كان ربشاقي رسول الملك سنحاريب الذي أهان الله أمام أسوار أورشليم؟ وبعد خراب أشور لم يعد أحد يسمع تجاديف رسل ملوكها. وشعب الله الذي يعرف صوته الآن لن يعطي أذنه فيما بعد لرسل إبليس. وأقطع من الأرض فرائسك = قد تعني أنه بعد خراب أشور لن يكون لها فرائس. ولكن ليحذر كل من يستسلم لإبليس ويسقط كفريسة له من أن الله سيقطعه.


 

الإصحاح الثالث

الآيات (1-7): "ويل لمدينة الدماء كلها ملآنة كذبا وخطفا لا يزول الافتراس. صوت السوط وصوت رعشة البكر وخيل تخب ومركبات تقفز. وفرسان تنهض ولهيب السيف وبريق الرمح وكثرة جرحى ووفرة قتلى ولا نهاية للجثث يعثرون بجثثهم. من اجل زنى الزانية الحسنة الجمال صاحبة السحر البائعة أمماً بزناها وقبائل بسحرها. هانذا عليك يقول رب الجنود فاكشف أذيالك إلى فوق وجهك وأرى الأمم عورتك والممالك خزيك. واطرح عليك أوساخا وأهينك وأجعلك عبرة. ويكون كل من يراك يهرب منك ويقول خربت نينوى من يرثي لها من أين اطلب لك معزين."

نجد هنا التهم الموجهة لأشور (أو الشيطان) هي مدينة دماء = (راجع المقدمة) والشيطان "كان قتالاً للناس منذ البدء" ملآنة كذباً وخطفاً = انتشر فيها الغش في التجارة وإنعدم منها الصدق. والخطف هو السرقة. والشيطان هو الكذاب وأبو الكذاب، وهو الذي يحاول خطف أولاد الله ليفترسهم= لا يزول الإفتراس "خصمكم إبليس يجول يلتمس من يبتلعه". وبالنسبة لأشور فهم لا يعرفون كيف يشبعون فملأوا بلادهم أكاذيب وخدع بسبب أطماعهم في زيادة ممتلكاتهم. وفي (4) لأن أشور زانية = ففيها زنى جسدي وزني روحي أي عبادة أوثان. الحسنة الجمال نظراً لغناها وعظمتها وموقعها. البائعة أمماً بزناها = فهم صاروا كزانية وغشوا الشعوب بمعاهدات كاذبة وتظاهروا بالود لهم، كما تفعل الزانيات ليسقطوا الضحايا. ويظهر هذا في حوار ربشاقي بأنه يحب أورشليم وهو قاصداً تدميرها (أش16:36،17). وهم طالما غشوا الشعوب وأسقطوها وعلموها وثنيتهم وجعلوا أحاز ملك يهوذا يفسد هيكل الرب في أورشليم ويضع فيه مذبح اشوري ليساعد أشور يهوذا في حربه (2مل7:16-18). وهي صاحبة السحر = بأعمال الشياطين كانت تتعامل وبهذا باعت أمماً كثيرين واسقطتهم. هذه كانت التهم الموجهة إليهم ونأتي الآن للقضاء ضدهم. في (2) صوت السوط = هي حرب رهيبة ضدهم. والجيش المهاجم يسوق عرباته بعنف. وهذا صوت سياط قادة المراكب، أو تفسر على أن بابل هي السوط الذي به يؤدب الله أشور. وصوت رعشة البكر = البكر أي المركبات ، فكلمة بكر تعنى عجلات. وفي (3) من هول المعركة وكثرة القتلى يعثرون بجثثهم (2مل35:19) وحادثة الـ185.000 المذكورة كانت مقدمة لخراب نينوى نفسها النهائي. وفي (5) المهاجم ليس جيش بابل إنما هو الله. هأنذا عليك فأكشف أذيالك = المدينة هنا مشبهة بسيدة أصابتها أعظم إهانة فقد أفتضحت وأصبحت عارية في خجل وعار. وها أشور قد افتضح ضعفها وأنها غير قادرة على الدفاع عن نفسها. وليس هذا فقط، بل في (6) أطرح عليك أوساخاً وأهينك وأجعلك عبرة = وهذا ما حدث بالنسبة لإبليس فقد صار له رائحة نتنة جداً. وفي (7) كل من يراها يهرب منها خوفاً من أن يهلك معها. من أين أطلب لك معزين = فلا أحد يحبها حتى يعزيها وضيقها شديد لدرجة لا يصلح معه أي عزاء.

 

الآيات (8-11): "هل أنت افضل من نوامون الجالسة بين الأنهار حولها المياه التي هي حصن البحر ومن البحر سورها. كوش قوتها مع مصر وليست نهاية فوط ولوبيم كانوا معونتك. هي أيضا قد مضت إلى المنفى بالسبي وأطفالها حطمت في راس جميع الأزقة وعلى أشرافها القوا قرعة وجميع عظمائها تقيدوا بالقيود. أنت أيضا تسكرين تكونين خافية أنت أيضا تطلبين حصنا بسبب العدو."

هنا النبي يذكرها بسقوط "نو آمون" في مصر (طيبة) ومصر كانت دولة قوية جداً. فإن عشمت أشور نفسها بسلام بالرغم من تحذير الله فلتذكر أن مصر وهي كانت أقوى منها قد سقطت قبلها ولم تستطع أن تنجو من غضب الله. وكان لنو آمون 100 باب ، 20.000مركبة حربية مع خيلها وعساكرها واثار الأقصر خير شاهد لعظمتها. وكانت نو آمون قد سقطت بيد اشور بانيبال ملك أشور سنة 666ق.م. ولنلاحظ أن مما يعيننا على أن نحفظ أنفسنا في خوف مقدس من غضب الله أن نذكر أننا لسنا أفضل ممن حل بهم هذا الغضب الإلهي من قبلنا. ومصر كانت قوية فهي جالسة بين الأنهار = نهر النيل بفروعه. حولها المياه التي هي حصن البحر = فشمال مصر وشرقها لهما حماية طبيعية من البحر الأبيض والبحر الأحمر. فالبحرين لها كسور أو كحصن. وجنوبها نجد كوش، وهذه حليفة لمصر= قوتها مع مصر. وغربها نجد فوط ولوبيم أي ليبيا والقيروان وهم أيضاً حلفاء يعطون معونتهم لمصر. والمعنى أن مصر لها خيراتها الممثلة في نهر النيل وهي في حماية كاملة. وبالرغم من هذا فهي سقطت في السبي والقيود. وأشرافها صاروا للسخرية = ألقوا قرعة. وعلى أشور أن تتعظ وأن تعرف أن عليها الدور بسبب شرها وستشرب من كأس خمر غضب الله = أنت أيضاً تسكرين. تطلبين حصناً بسبب العدو = تأتي لجيرانك متذللة طالبة حمايتهم. وتكونين خافية أي تختفين وتختبئين بسبب عارك.

 

الآيات (12-19): "جميع قلاعك أشجار تين بالبواكير إذا انهرت تسقط في فم الآكل. هوذا شعبك نساء في وسطك تنفتح لأعدائك أبواب أرضك تأكل النار مغاليقك. استقي لنفسك ماء للحصار اصلحي قلاعك ادخلي في الطين ودوسي في الملاط اصلحي الملبن. هناك تاكلك نار يقطعك سيف ياكلك كالغوغاء تكاثري كالغوغاء تعاظمي كالجراد. أكثرت تجارك اكثر من نجوم السماء الغوغاء جنحت و طارت. رؤساؤك كالجراد وولاتك كحرجلة الجراد الحالة على الجدران في يوم البرد تشرق الشمس فتطير ولا يعرف مكانها أين هو. نعست رعاتك يا ملك أشور اضطجعت عظماؤك تشتت شعبك على الجبال ولا من يجمع. ليس جبر لانكسارك جرحك عديم الشفاء كل الذين يسمعون خبرك يصفقون بأيديهم عليك لأنه على من لم يمر شرك على الدوام."

تصوير لضعف أشور أمام هجوم الأعداء فحصونها كأشجار تين  مملوءة تيناً من البواكير أي أحلى تين. والمعنى أنهم سيأكلونها. والأكل هنا هو جيش بابل. وسيأكل كل غناها. وفي (13) شعبها وجيشها في منتهى الضعف فهم كالنساء. تنفتح لأعدائك أبواب أرضك أي كل الطرق المؤدية للمدينة. وفي (14) عليها أن تستقي ماء استعداداً للحصار. وأيضاً عليها أن تصلح قلاعها = أي تحصنها أدخلي في الطين ودوسي في الملاط = أبذلي كل جهد من أجل تحصين قلاعك. الملبن= فرن الطوب. طبعاً كل هذا بأسلوب تهكمي أي مهما فعلت لتحصين نفسك فهو بلا فائدة، فكل هذه المحاولات دون جدوى. ففي (15) هناك تأكلك نار. ويكون خرابك كحقل أكله الجراد = الغوغاء. وحتى لو زادت في أعداد جيشها فصار كالجراد فلا أمل. وفي (16) لأنها مدينة عظيمة فكان التجار فيها من كل أنحاء العالم، كثيرين جداً ولكن في وقت محنتهم صار هؤلاء التجار كالجراد، أخذوا أموالهم وهربوا ولم يبذلوا أي جهد في الدفاع عن المدينة = الغوغاء جنحت وطارت. وفي (17) إذا كانوا معتمدين على رؤسائهم فرؤسائهم كحرجلة الجراد = أي سرب الجراد تافهون جداً. يحتشدون ولكن حينما تشرق الشمس يطير ويهرب = فالجراد مع طلوع الشمس يطير ويرحل باحثاً عن حقول جديدة يأكلها. إذاً الجيش والقادة والتجار والعظماء سيهربون ويختفون مثل جيش الجراد حينما تظهر بابل بقوتها. وفي (18) عظماؤها نعسوا واضطجعوا = أي ماتوا ودفنوا، وحينما ضرب الرعاة تشتت الرعية = تشتت شعبك على الجبال. وفي (19) هي ضربة بلا شفاء. بل أن كل من حولها سيفرح لسقوطها ويشمتون فيها.

وهناك تأمل روحي: هذه الآيات التي تصور سقوط أشور أو الشيطان نرى أن أي خاطئ يستمر في خطيته بلا توبة يكون [1] كشجرة تين يهزها العدو فيبتلع كل طاقاتها أي يكون مأكلاً للعدو [2] يتحول قلبه إلى الجبن فيسقط أمام أصغر الخطايا [3] تنفتح أبواب حواسه لتصير أعماقه ملهى للشيطان، وتدخل الخطايا الكبيرة [4] عوض الحرية يصير ذليلاً [5] يلتصق بالأرضيات كمن يدوس في الوحل [6] تحرقه نيران الخطية ويحطمه سيفها [7] يفقد قادته دورهم ليعيش محطماً تماماً والقادة هم العقل والإرادة والعاطفة [8] يكون بلا جيش ، غير قادر على الحرب الروحية.


 

تعليق على سفر ناحوم

خراب نينوى:

ورد في سنكسار يوم 5 كيهك يوم نياحة ناحوم النبي "أن الرب أرسل زلزالاً وناراً فدمرت وأحرقت الشعب.." وبذلك يكون خراب نينوى تم عن طريق:

1.     زلزال ويتضح هذا من

(5:1)  الجبال ترجف منه والتلال تذوب.

(3:2) السرو يهتز.

(12:3) جميع قلاعك أشجار تين بالبواكير إذا إنهزت تسقط في فم الآكل.

2.     طوفان ويتضح هذا من

(8:1) بطوفان عابر يصنع هلاكاً تاماً لموضعها.

(6:2) أبواب الأنهار انفتحت.

(8:2) نينوى كبركة ماء.

وقبل أن تنهار الأسوار بفعل الزلزال والطوفان كان هناك حصار مؤلم.

(14:3) استقي لنفسك ماءً للحصار.

3.     نار أحرقت كل شئ ويتضح هذا من

(6:1) غيظه ينسكب كالنار.

(10:1) فإنهم وهم مشتبكون مثل الشوك مجتمعون داخل الأسوار يؤكلون كالقش اليابس بالكمال (بالنار).

(3:2،4) ترس أبطاله محمر. رجال الجيش قرمزيون (من إنعكاس لون النار الأحمر على التروس والملابس).. منظرها كمصابيح تجري كالبروق.

(10:2) أوجه جميعهم تجمع حمرة.

(13:2) ها أنا عليك يقول رب الجنود فأحرق مركباتك.

(3:3) ولهيب السيف وبريق الرمح.

(13:3) تأكل النار مغاليقك.

(15:3) هناك تأكلك نار.

وخراب نينوي بالطوفان والنار أي ماء ونار شئ غريب، فالماء والنار لا يجتمعان ولكن هذا قد رأيناه في قرية من قرى أسيوط منذ عدة أعوام. حين حدثت سيول شديدة جرفت في طريقها خزانات وقود فكسرتها وطفا البترول على وجه الماء واشتعل وحملت المياه البترول المشتعل إلى داخل البيوت فأحرقت القرية بالكامل. وفي نينوى غالباً فإن الزلزال فضلاً عن أنه حطم الأسوار فأنه فجر أبار البترول في هذه المناطق المعروفة بغناها بأبار النفط فأشتعلت ودخل البترول المحمول بمياه الطوفان ليدمر المدينة العظيمة نينوى ويحرقها تماماً.

وكما قلنا فإن نينوى ترمز لإبليس في شرورها ودمويتها ولقد صدر ضد إبليس حكم بإن يلقى في البحيرة المتقدة بالنار (رؤ10:20).

وبعد هلاك إبليس سيكون هناك راحة أبدية لشعب الله (وهذا معنى اسم ناحوم) وهذا بدأ جزئياً بالصليب. فلقد استخدم الله إبليس ليؤدب البشر بسبب خطاياهم فأذلهم إبليس. لكن بعد أن يهلك إبليس في البحيرة المتقدة بالنار لا يعود يذل شعب الله ثانياً (نا12:1) وستعيد إسرائيل أي شعب الله في أفراح أبدية (نا15:1) إذ أن المهلك إبليس لا يعود يعبر بل قد انقرض كله. والرب سيرد عظمة إسرائيل (شعبه في العهد القديم والعهد الجديد) (نا2:2) وسيعود شعب الله لسابق مجده أيام الفردوس بل سيصيروا في هيئة مجد المسيح (في21:3).

 

الصفحة الرئيسية