تفسير سفر نشيد الأنشاد
•الأصحاح 1 | •الأصحاح 4 | •الأصحاح 7 |
•الأصحاح 2 | •الأصحاح 5 | •الأصحاح 8 |
•الأصحاح 3 | •الأصحاح 6 |
•مقدمة تفسير سفر نشيد الأنشاد
تفسير سفر نشيد الأنشاد الأصحاح Intro
1- كاتب السفر هو سليمان الملك الذي وضع أناشيد كثيرة (1مل32:4).
2- سمى السفر نشيد الأناشيدأي أفضل نشيد لأفضليته عن باقي الأناشيد. كما نقول باطل الأباطيل أي أعظم الأباطيل، وعبد العبيد أي أحقر العبيد وكما نقول ملك الملوك ورب الأرباب وسماء السموات.
3- كان اليهود يقرأونه في اليوم الثامن من الاحتفال بعيد الفصح. فهو إذاً نشيد الحب المقدم لله الذي أنقذهم من فرعون بخروف الفصح، الذي هو نبوة عن المسيح الذي خلصنا من الشيطان ومن الموت وحررنا ودخل بنا إلى حجاله أي سماء السموات. فالفصح كان رمزاً للصليب. واليوم الثامن يشير للأبدية. فتكون هذه التسبحة إشارة لتسبيحنا في السماء.
4- هذا السفر سيمفونية رائعة تطرب بها النفس المنطلقة من عبودية العالم متحررة مع مسيحها.
5- نجد التدرج في علاقة سليمان مع الله خلال أسفاره. فسفر الأمثال يمثل من يسلك بحكمة فيقمع شهواته الجسدية. "إن أحبني أحد يحفظ وصاياي". وهذه الحكمة تقود مباشرة إلى سفر الجامعة وفيه تحتقر النفس هذا العالم وتحسبه نفاية وبذلك تدخل دائرة حب المسيح في هذا النشيد. وهنا تسمو النفس فوق المنظورات مرتبطة بكلمة الله متأملة في الأمور السماوية. فسليمان إذ تلامس مع العالم وجده باطل الأباطيل وإذ تلامس مع السماويات وجدها نشيد الأناشيد. وسليمان يعلن في سفر الجامعة أن المعرفة لم تشبع النفس ولكنه هنا وجد ما يشبع النفس تماماً ألا وهو الحب. في سفر الجامعة كان يبحث ويتحدث عن ما هو تحت الشمس فوجد الكل باطلاً وهنا إرتفع للسمويات أي لما فوق الشمس. حقاً فالمعرفة لا تُشْبِعْ مثل الحب، فالمحبة لا تسقط أبداً. ونلاحظ أن الشيطان الساقط كان من رتبة الكاروبيم المملوئين أعيناً أي معرفة، ولم يسقط أحد من السيرافيم الملتهبون حباً نارياً,
6- هو سفر البالغين أو الناضجين روحياً، وكان اليهود يمنعون قراءته لمن هم أقل من سن الثلاثين سنة حتى لا تشوه أفكارهم الجسدية معاني السفر. هو سفر البالغين إيمانياً.
7- هذا السفر بدون تفسير ينطبق عليه قول الخصي الحبشي "كيف أفهم إن لم يرشدني أحد"
8- من واقع علاقة الحب في هذا السفر نفهم لماذا تسمى عبادة الأوثان زنا روحي.
9- هذا السفر يقدم علاقة حب بين حبيب وحبيبته أو عريس وعروسه. وهذا يشير للحب بين المسيح والنفس البشرية، أو الكنيسة ككل. والكتاب المقدس أشار لهذه العلاقة في عدة مواضع (أف32:5+ 2كو2:11+رؤ2:21+ رؤ17:22+ أر2:2+ إش5:62+ هو14:2-20+ خر7:16-14+ مت15:9،2:22) وكما قال المعمدان من له العروس فهو العريس (يو19:3). فالمسيح إتخذنا له عروساً. ومن وهب نفسه للمسيح كعروس سيترنم بفهم بكلمات هذا النشيد.
10- نجد في هذا السفر حواراً بين العريس وعروسه. فالعريس يعلن حبه، ونجده يبحث عن عروسه باذلاً كل جهده لتقبله عريساً لها، معلناً جماله الإلهي مادحاً جمالها مع أنه من عمل يديه ونجده ساتراً عليها. أما العروس ففي فترات ضعفها لا تقبله، ثم ينفتح قلبها فتناجيه ومرة أخرى تعاتبه ومرة ثالثة تشكو نفسها (مقدمة توبة) وأخيراً في غمرة فرحها وتلذذها بحبه نجدها لا تنسى إخوتها، لذلك سٌمِّي هذا السفر قدس أقداس العلاقة بين النفس وبين الله. ونجد بجانب العروس وعريسها شخصيات أخرى مثل العذارى وبنات أورشليم وهؤلاء يشيروا لشعب الله (اليهود في العهد القديم) وهناك الأخت الصغيرة للعروس (الأمم الذين لم يعرفوا الله بعد) وهناك أصدقاء العريس (الملائكة والسمائيين). ونفهم هذه الشخصيات أيضاً كالتالي:
بنات أورشليم: يمثلن من لم يتذوق محبة المسيح بعد وهن مدعوات للتذوق.
العذارى : هن من تذوقن محبة المسيح وملأن مصابيحهن زيتاً.
الأخت الصغيرة: هي تمثل غير المؤمنين أصلاً.
أصدقاء العريس: يمثلون السمائيين الذين يفرحون بخاطئ واحد يتوب.
11- العريس هنا هو سليمان ومعنى اسمه سلام فهو رمز للمسيح ملك السلام. ونجد أنه أطلق اسمه على عروسه (الكنيسة أو النفس البشرية) فأسماها شولميث (مؤنث سلام).
12- السفر هو أنشودة حب، مسجلة برموز غزلية ولكنها تحمل معانٍ سمائية أكثر عمقاً لما يحمله ظاهرها، ومن يفهمها يترنم بها روحياً، ولكن هذا لمن صارت له الحواس مدربة (عب14:5). ولابد من فهم السفر رمزياً فهناك أوصاف للعروس يستحيل توجيهها لعروس على المستوى الجسدي ونأخذ بعض الأمثلة على ذلك:
أ- هل تطلب عروس وتفتخر بأن العذارى يحبون عريسها، بينما كل عروس تريد أن تستأثر بحب عريسها لوحدها(3:1).
ب- ولنفرض أنها تفتخر بهذا، أن العذارى يحبون عريسها، وهي قد أخذته منهن، لكن أليس من العجيب أن تقول"إجذبني وراءك فنجري" (4:1)، هل هي تريد الأخريات معها.
ج- هل يقول عريس لعروسه"عنقك كبرج داود المبني للأسلحة" (4:4) أو "أنت مرهبة كجيش بألوية" (4:6) أو "أنفك كبرج لبنان" (4:7). هذا الكلام لا يقال لعروس على المستوى الجسدي، بل يقال للكنيسة التي أرهبت أمم وأرهبت إبليس.
13- لماذا استخدم الوحي الإلهي هذا الأسلوب؟ نجد أن الله في الكتاب المقدس يستخدم أسلوب البشر في التعامل والكلام، فكما نقول عين الله ويد الله وعرش الله. وكما نقول أن الله يغضب إعلاناً عن وقوعنا تحت العدل الإلهي، هكذا ليعبر الوحي الإلهي عن علاقة الحب الروحي والسري بين الله والنفس البشرية استخدم نفس الأسلوب الذي نتعامل به في حياتنا البشرية.
كيف يفسر اليهود هذا السفر؟ هم يقولون أن العروس هي شعب اليهود، وأن العريس هو الله الذي أخرجهم من أرض مصر، وهم يرون أن إتحاد الشعب مع الله سيكمل بالمسيح، الذي مازالوا ينتظرونه!!
تفسير سفر نشيد الأنشاد - الأصحاح 1
العدد 2:
آية (2): "ليقبلني بقبلات فمه لأن حبك أطيب من الخمر."
العروس هنا هي التي تتكلم، وهي الكنيسة أو النفس البشرية الناضجة روحياً والتي
إختبرت حب المسيح= لأن حبك أطيب.. وهي الآن تطلب أن تتلذذ بمحبة الآب،؟ هي بعد
أن تذوقت حب الابن الذي اتضح على الصليب تريد أن تتذوق حب الآب، لذلك تطلب
قائلة ليقبلني= وتقولها بصيغة المجهول، فهي تكلم عريسها المسيح الذي هو الطريق
لكل نفس لكي تتذوق حب الآب (اف3:1-6) والابن هو الذي أعلن محبة الآب "فالابن
الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبرّ". وقول النفس ليقبلني= نقارنه بقبلة الأب
للابن الضال بعد رجوعه، فكأن النفس تطلب التأكد من الغفران وعودة المحبة
الإلهية ولاحظ أنها لا تشبع من قبلة واحدة بل تطلب الكثير= قبلات فمه فهي تريد
أن تفرح بحبه الأبوي وبأحضانه الأبوية. حبك أطيب من الخمر= هذه عن المسيح،
والخمر تشير للفرح، وحب المسيح يسكر النفس فتنس كل ما هو أرضي لتهيم في حب الله
وحده. وحب المسيح قدم على الصليب كسر فرح (إش1:63-4). لذلك كان الخمر يقدم مع
الذبائح (لا13:23).حب النفس للمسيح هو حب عروس لعريسها.
العدد 3:
آية (3): "لرائحة أدهانك الطيبة اسمك دهن مهراق لذلك أحبتك العذارى."
لرائحة أدهانك الطيبة= ما نشتمه منك هو الحب والبذل والطاعة حتى الصليب. لذلك
أحبتك العذارى. اسمك دهنٌ= هنا تلاعب جمالي بالألفاظ كما في (جا1:7). فبالعبرية
(اسم Shem ودهن shemen). والاسم يدل على صاحبه فحينما نذكر اسم يهوذا نذكر
الخيانة وحينما نذكر اسم يسوع نذكر محبته التي فاحت رائحتها في العالم كله،
فنحن بذكر الاسم نذكر أعمال الشخص، وعمل المسيح له رائحة أذكى من كل رائحة،
نذكره أمام الناس فيذكروا محبته فيفرحوا "محبوب هو اسمك يا رب فهو طول النهار
تلاوتي" فالمسيح سكب كمال حبه على الصليب، سكب نفسه ففاحت رائحة طاعته واشتمها
أبوه كرائحة عطرة (تك21:8 + لا9:1+ 13:1 .. + 2كو15:2). فرائحة عمل المسيح
الذكية كانت للآب ولنا.
أما الدهن فهو خليط من زيت وعطور وهو من أفضل التنعمات في أيام سليمان، وكان
دهن المسحة يسكب على رأس رئيس الكهنة فينزل على لحيته (مز133). والزيت رمز
للروح القدس، والعطور ترمز للمسيح ذو الرائحة الذكية. وحين حل الروح القدس على
المسيح رأس الكنيسة يوم عماده كان هذا لحساب العروس (الكنيسة) لتفوح منها رائحة
المسيح، فلحية هرون رئيس الكهنة تشير لشعب المسيح، كنيسته المجتمعة في حب
(رو5:5 + 2كو15:2) ونلاحظ أن عمل الروح القدس هو أن يشهد للابن (يو14:16،15).
والمسيح ممسوح بالدهن من قبل الآب لخلاصنا ليصير رئيس كهنة يقدم ذبيحة نفسه عنا
(أع27:4). دهن مهراق= أي منسكب بفيض (يؤ28:2،29). ونلاحظ أن الدهن مشبع ويمنح
الجلد رطوبة والروح القدس يعطي بمعرفة المسيح فرحاً وشبعاً. والعذارى= أي
النفوس المكرسة للمسيح ولا تحب العالم، ولا تبيع نفسها لمحبة غريبة، فما أن قدم
دمه على الصليب حتى إنجذبت له العذارى بمصابيحهن. وهكذا قال بولس الرسول
"خطبتكم لأقدم عذراء" (2كو2:11). وفداء المسيح كان سبب إنسكاب الروح.= اسمك دهن
مهراق. فبعد الفداء إنسكب الروح على الكنيسة لعيطيها محبة للمسيح ويعطيها فرح
.. يعرفها اسمه أي شخصه فتحبه وتشبع به وتفرح به فهو دهن مهراق.
العدد 4:
آية (4): "اجذبني وراءك فنجري أدخلني الملك إلى حجاله نبتهج ونفرح بك نذكر حبك
اكثر من الخمر بالحق يحبونك."
فنجري= حين يجذب المسيح نفساً تتحول لكارزة تجذب آخرين له (السامرية / زكا..)
والسبب أن الناس يروا في هذه النفس جمالها بسبب المسيح الذي فيها فينجذبون كلهم
للمسيح. ويجري الكل وراءه. والعروس سألت المسيح إجذبني والاستجابة كانت سريعة
أدخلني الملك إلى حجاله= حقاً "إسألوا تعطوا" وحجاله أي بيت العرس المزين
بالثياب والأسرة والستائر، وهذا يشير لعلاقة المخدع السرية بين المسيح والنفس
البشرية. فمن أراد أن يصلي فليدخل إلى مخدعه، وماذا يجد هناك؟ نبتهج ونفرح بك.
نذكر حبك.
العدد 5:
آية (5): "أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم كخيام قيدار كشقق سليمان."
الكنيسة توجه حديثها هنا لبنات أورشليم= فهن رأين تجاربها وآلامها واضطهادها
فظنوا أنها متروكة، بل رأوا فيها إنشقاق.. وبنات أورشليم يمثلن كل من لم يتذوق
جمال العشرة مع المسيح وهي تقول لهم أنا سوداء وجميلة= هي سوداء بطبيعتها لأننا
كلنا مولودين بالخطية، وهي سوداء بسبب تجاربها ومشاكلها كخيام قيدار= وقيدار
كان إبناً لإسمعيل وكانت خيامهم لونها أسوداً من الخارج. ولكنها جميلة كشقق
سليمان أي ستائر قصور سليمان الملونة، وهذه تظهر من الداخل "فكل مجد ابنة صهيون
من داخل" سر جمالها الداخلي وجود المسيح فيها. وشقق سليمان هي إشارة لخيمة
الاجتماع حيث يسكن الله مع شعبه كسر جمال لهم. وهي بهذا ترد على بنات أورشليم
القائلات "لماذا نأتي للمسيح بينما الحياة معه كلها وصايا وقيود وتجارب وآلام".
وكأنها تنادي مع داود "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" الرب الذي يعطي في الداخل
فرح ومجد وعزاء (2كو7:4-11+ 8:6-10). والنفس تذكر سوادها فتتضع وتذكر جمالها
فلا تصغر نفسها نجد هنا الإتزان. وهكذا تضع الكنيسة في مقدمة كل صلاة، صلاة
الشكر والمزمور الخمسون ففي صلاة الشكر نذكر عمل المسيح ونشكره لأنه أعطانا
جمالاً وفي المزمور الخمسين نذكر سواد خطايانا والعجيب أنه إن وقفنا أمام
المسيح باكين على سوادنا يرانا هو في جمال وجاذبية. حولي عني عينيك فأنهما قد
غلبتاني (نش5:6).
العدد 6:
آية (6): "لا تنظرن إليَّ لكوني سوداء لأن الشمس قد لوحتني بنو أمي غضبوا علي
جعلوني ناطورة الكروم أما كرمي فلم أنطره."
لا تنظرن إليَّ لكوني سوداء= أي لا تحكمن بحسب المظاهر. فالشمس قد لوحتني أي
التجارب التي كالشمس حولت لوني للسواد، ولكن [1] هذا خارجياً فقط. [2] هو شئ
وقتي، فبعد أن نبتعد من تحت الشمس (هذا العالم) سينتهي هذا اللون الأسود ويعود
لنا لون بشرتنا الأصلي في جسدنا الممجد، فهناك نصير مثله لأننا سنراه كما هو
(1يو2:3) بنو أمي= حين قامت الكنيسة المسيحية كان أول من هاجمها واضطهدها هم
اليهود. وبعد هذا قام على الكنيسة كثير من الهراطقة الذي أذاقوها مرارة
الإنقسام والخصومة. لقد جعل الله الكنيسة ناطورة الكروم= أي حارسة للكروم كلها
فلم تحرس حتى كرمها وانشقت.
ملحوظة للخدام= هناك من يهتم بمخدوميه ولا يهتم بأن يرعى كرمه هو (حياته
الروحية).
العدد 7:
آية (7): "اخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى أين تربض عند الظهيرة لماذا أنا
أكون كمقنعة عند قطعان أصحابك."
حينما تذكرت شدتها وسوادها وهياج الأعداء عليها، بحثت عن الراعي، المسيح الذي
يقودها للمراعي الخضراء. يا من تحبه نفسي= فهي تحبه لأنه أحبها أولاً بالرغم من
سوادها. وهو القادر أن يشبعها ويعزيها= أين ترعي. ويحميها= أين تربض. وقت
اشتداد التجارب= عند الظهيرة= عندما تشرق الشمس التي تلوحها. ونجد العروس
هناتلوم نفسها أنها في بعض الأحيان تترك راعيها الحقيقي وتكون كمقنعة عند قطعان
أصحابك= كلمة مقنعة تعني من ترتدي قناعاً وبالتالي تكون غير قادرة على الرؤية
جيداً لذلك تترجم الكلمة أيضاً "تائهة" أو "مغشى عليها" أو في السبعينية
"خفيفة" أي تهزها التعاليم الغريبة للآخرين، هي إنجذبت وراء فكر آخر غير فكر
المسيح الواحد، خرجت من كنيسته الواحدة الوحيدة وذهبت وراء قطعان آخرين، وهنا
نجدها تلوم نفسها على ذلك. ومن إنجذبت وراءهم يدّعون أنهم أصحاب عريسها= قطعان
أصحابك (1يو19:2،22).
العدد 8:
آية (8): "أن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء فاخرجي على آثار الغنم وارعي
جداءك عند مساكن الرعاة."
أن لم تعرفي .. .. فاخرجي على آثار الغنم= كثيراً ما ندَّعي عدم المعرفة لذلك
يقول العريس هنا ولماذا التوهان أيتها النفس وعندك في كنيستك الأباء والقديسين،
ما عليك سوى أن تخرجي من نفسك وذاتك وإعجابك بكل ما هو جديد (وموضة) وسيري على
أثار القديسين والأباء (عب7:13-9). لا تتركوا إيمان الأباء المسلم مرة للقديسين
(يه3،4). أيتها الجميلة= سيتكرر وصف العريس لها بأنها جميلة وهذا لمحبة عريسها
لها، بل لم نسمع طوال السفر كلمة توبيخ واحدة للعروس. إرعي جداءك= عمل النفس
التي عرفت المسيح أن تشهد أمام الجداء= الخطاة بأن عريسها غفر لها وأحبها. ولكن
تقودهم لمساكن الرعاة= للكنيسة وليس للغرباء.
العدد 9:
آية (9): "لقد شبهتك يا حبيبتي بفرس في مركبات فرعون."
هي خلال جهادها ليست وحدها ضعيفة بل هي في حرب ولكنها قوية كفرس يقوده مسيحها
(رؤ2:6). وهي في موكب (الكنيسة) ولكنها مازالت على الأرض لذلك قيل مركبات فرعون
[1] اشتهر فرعون بجودة جياده [2] غرق فرسان فرعون في البحر الأحمر إشارة لموتنا
ودفننا مع المسح في المعمودية لنخرج منها فرساً أبيض يقوده هو وليس فرعون [3]
الفرس مشهور بأنه يدخل المعارك بلا خوف (أي21:39).
العدد 10:
آية (10): "ما اجمل خديك بسموط وعنقك بقلائد."
السموط= صنف من الجواهر= فإذ صارت النفس مسكناً للروح القدس ينعكس جمال المسيح
على وجهها أي خديها. وحين تغلب النفس يلبسها المسيح هذه الجواهر إذ جعلها ملكة.
وعنقك بقلائد= كان عنقها غليظاً رافضاً أن ينقاد لله، والآن قبلت نيره، وهذا هو
عمل الروح القدس الذي يبكت ويقنع. وإذ قبلت كافأها بقلادة هي روح الطاعة.
العدد 11:
آية (11): "نصنع لك سلاسل من ذهب مع جمان من فضة."
نصنع= الثالوث هو المتكلم هنا. وهذه الآية تدل على رمزية السفر فلا يوجد عدة
رجال يحبون امرأة واحدة. والسلاسل= تظهر من الخارج كأنها قيود ولكنها للجمال.
فهي من ذهب= أي سماوية (القيود هي الالتزام بالوصايا والصلاة والصوم ..) وقد
التزمت العروس بها بالحب. وجمان= أجراس كالتي تعلق في سلسلة الشورية. والفضة
ترمز لكلمة الله. فهذه النفس لها عمل تنبيه ووعظ الآخرين بكلمة الله (مز6:12).
العدد 12:
آية (12): "ما دام الملك في مجلسه أفاح نارديني رائحته."
الملك في مجلسه= هو ملك بصليبه على قلبي، ولما صار قلبي مجلساً ومسكناً له فاحت
رائحته. وما يجعل رائحة النفس تفوح كناردين هو أن تقبل النفس أن تُسكب عن
المسيح فتشترك معه في صليبه. وتظهر النفس كقابلة للصليب دائسة العالم مع
عريسها.
العدد 13:
آية (13): "صرة المر حبيبي لي بين ثديي يبيت."
المر= يشير للألم (بطعمه المر) ويشير للرائحة العطرة، فاحتمال الألم لأجل
المسيح له رائحة عطرة. بين ثديي يبيت= على صدري بجانب قلبي يبيت. قلبي هو موضع
راحته. هكذا كان يصنع يوحنا الحبيب. وما الذي يدفع النفس لتحتمل الألم والصليب؟
1- أن مسيحها تألم وكان صرة مرة (مملوء ألاماً) وبألامه فاحت رائحة محبته حين
فتحت هذه الصرة على الصليب، فملا حبه قلبها لأنها شعرت بأن حبه أُعْلِنَ أولاً.
2- بعد أن صار المسيح داخل النفس صار ثدياها (العهد القديم والعهد الجديد)
مصدراً لتعليم كل الناس لتجذبهم لمسيحها. وهي قطعاً عزلت خطاياها من بين ثدييها
(هو2:2).
3- كانت العادة أن الزوجة تعلق صورة زوجها الغائب في عنقها علامة محبتها
وولائها له غذ تستقر صورته على صدرها.
4- صرة المرة أيضاً تشير لعادة عند البنات في تلك الأيام. إذ كن يلبسن صرة مر
على صدورهن فيفوح منها رائحة عطرة. هكذا كل من قبل المسيح وصليبه تفوح رائحته.
العدد 14:
آية (14): "طاقة فاغية حبيبي لي في كروم عين جدي."
طاقة= حزمة. فاغية= نبات نور الحناء. وله زهر رائحته طيبة جداً وقد اشتهر وجود
هذا النبات في عين جدي. ومازالت هذه العادة للعروس موجودة في مصر وبعض البلدان،
أن تقبض العروس على حزمة من زهر الحناء ليلة عرسها فتصبغ يدها بلون أحمر ويصبح
ليدها رائحة حلوة يوم زفافها. العروس هنا حملت علامات الصليب (اللون الأحمر) في
يدها وصارت لها الرائحة الزكية (حمل الصليب).
العدد 15:
آية (15): "ها أنت جميلة يا حبيبتي ها أنت جميلة عيناك حمامتان."
عيناك حمامتان= [1] كحمامة نوح لا تستريح خارج الفلك (الفلك رمز الكنيسة) [2]
بسيطة ووديعة. "وإذا كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً" (مت22:6). [3] لهما
استنارة بالروح القدس. إذاً هذه النفس قد تحررت من الشهوات الجسدية وحملت
السمات الروحية وصفاء النفس لذلك يدعوها ها أنت جميلة يا حبيبتي. هذه النفس هي
التي حملت سمات المسيح وقبلت أن تشترك معه في صليبه. ولكن مازال لهذه النفس
خطاياها، ورغماً عن ذلك يراها الله جميلة.. كما قال الشاعر "عين المحب عن كل
عيب كليلة". فالمحب لا يرى سوى الجمال في من يحبها. "عبدي أيوب رجل كامل".
العدد 16:
آية (16): "ها أنت جميل يا حبيبي وحلو وسريرنا اخضر."
قال لها العريس عيناك حمامتان، فماذا أعطى الروح القدس لعيناها أن تراه؟ لقد
رأت جمال عريسها ها أنت جميل= لقد أدركت أنه جميل وأنه هو سر جمالها. بل هو
مصدر كل قوة وكل قداسة فينا، لا يجب أن ننسب لأنفسنا أي شئ صالح (يع17:1).
سريرنا أخضر= نتيجة هذا الإدراك الروحي دخلت النفس مع مسيحها في إتحاد أعمق.
والسرير هو الجسد الذي فيه تلتقي النفس مع الله، ويتحول الجسد لمكان يسكن فيه
الله بل يرتاح فيه الله، جسدنا لم يعد ملك لنا ولم يعد مسكناً للنفس البشرية
فقط، بل يسكن الله فيه، وهنا تظهر ثمار الروح القدس لذلك دُعِىَ السرير أخضر أي
مثمر. لقد دعا بولس أجسادنا أنها أعضاء المسيح (1كو15:6) لأنها حملت إنعكاساً
للوحدة الداخلية بين الكلمة الإلهي والنفس. لقد سبق المسيح وأخذ جسدنا فهو أخذ
مالنا ليعطينا ماله، لقد صار جسدنا جسده، وصار جسده سرير لنا، إذ لنا فيه راحة،
نرى فيه اتحادنا معه. لقد أثمر جسد الرب طاعة للآب عوض عصياننا ونقاوة عوضاً عن
نجاساتنا وغلبة على الشيطان عوضاً عن هزيمتنا. عموماً الخضرة علامة الحيوية
والإثمار لأن النفس مجتمعة مع الله.
العدد 17:
آية (17): "جوائز بيتنا أرز وروافدنا سرو."
كنيسة المسيح تشبه هنا بالبيت. والبيت له أعمدة سبعة رأسية= الجوائز= وله عوارض
أفقية= روافد. وتشير الأعمدة الرأسية غالباً للكنيسة المنتصرة التي هي الآن في
السماء، لذلك فالجوائز من أرز= وهذا عمره طويل (فإبراهيم واسحق ويعقوب أحياء)
ورائحته حلوة وهكذا سير أبائنا القديسين. وتشير العوارض الأفقية للكنيسة
المجاهدة على الأرض ونلاحظ أنها من سرو وهو مشهور بقوته وأنه لا يهتز بالريح
وهكذا ينبغي أن تكون كنيسة المسيح، فهي كنيسة قوية لا يستطيع أحد أن يحطمها،
وينبغي أن يكون المؤمنين واثقين في حماية ربها لها فلا يهتزون مع أي رياح
اضطهاد أو تعاليم غريبة. ونلاحظ أن البيت مكون من أعمدة رأسية ومن عوارض أفقية
وهكذا صليب المسيح، فالمسيح بصليبه وحد السمائيين بالأرضيين. وصارت الكنيسة من
قسمين، قسم رأسي، ممتد رأسياً وهي الكنيسة المنتصرة وقسم أفقي ممتد أفقياً في
كل الأرض وهي الكنيسة المجاهدة.
تفسير سفر نشيد الأنشاد -
الأصحاح 2
العدد 1:
آية (1): "أنا نرجس شارون سوسنة الأودية."
نرجس شارون= شارون هو وادي قفر ضيق غير مأهول، كان يستخدم كطريق بين مصر
وسوريا. وكان مملوءَّاَ بهذا النرجس الممتاز الذي قال عنه المسيح "ولا سليمان
كان يلبس كواحدة منها" وهذا النرجس ينمو طبيعياً، لا أحد يتعب في زراعته، فلم
يكن أحد ليتعب ويزرع في وادٍ ضيق غير مأهول وقفر ومُحْجِرْ. وهكذا السيد المسيح
الذي أتى لهذا العالم دون زرع بشر ليكون سوسنة الأودية= أو النرجس المملوء
جمالاً فهو أبرع جمالاً من بني البشر وَوُجِدَ وسط هذا العالم المملوء خطية،
فالأودية أماكن محجرة.
العدد 2:
آية (2): "كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات."
المسيح هو السوسن، وينعكس جماله علينا فتصير حبيبته كالسوسنة= فهي تحمل صورته.
ولكنها ما زالت في وسط العالم تتألم من شهوات الجسد وآلام هذا العالم وحروب
الشيطان ضدها والهرطقات التي تحاربها، وهموم الحياة وغناها ولذاتها (لو14:8)
وقد تسقط في الخطية بسبب كل هذا، والعجيب أن عريسها حمل الشوك عنها.
العدد 3:
آية (3): "كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين تحت ظله اشتهيت أن اجلس
وثمرته حلوة لحلقي."
الكنيسة تشبه حبيبها بالتفاح بين شجر الوعر= شجر الوعر له شكل وجاذبية ولكنه
بدون ثمر، شجر الوعر يشير للآلهة الكثيرة التي يعبدها الناس مثل شهوة البطن وحب
المال وحب المديح والكرامة. ولكن كل هذه بدون ثمر، أما المسيح فهو وحده المشبع،
آلهة العالم لا تروي ولا تشبع، بل من يشرب من هذا الماء يعطش أما المسيح فقد
قدم لنا نفسه سر شبع. ولاحظ أن العريس مشبه بالتفاح وليس شجر التفاح، فالمسيح
لم يعطنا أن نأكل من ثمره، بل أعطانا نفسه مأكلاً ومشرباً ليشبع نفوسنا. لذلك
فالتفاح هنا إشارة للتجسد. تحت ظله اشتهيت أن اجلس= في العهد القديم جلسنا تحت
ظل الموت إذ أكلنا من شجرة العصيان (وادي ظل الموت) والآن في العهد الجديد
جلسنا تحت ظل المسيح واهب الحياة إذ نأكل من جسده (إش9:51-14+ 16:51+ 2:49+
2:32). فالمسيح مشبه بصخرة تحمينا من شمس آلام هذا العالم نتلذذ بالتأمل فيه.
ثمرته حلوة لحلقي= الثمرة هي جسده الذي أعطانا لنأكله، فماذا أعطانا العالم؟!
ولاحظ أنها وسط الشوك مشغولة بعريسها وليس بالشوك. قيل عن الأشرار أن حنجرتهم
قبر مفتوح، يخرج منها كلمات الموت والهلاك، أما عروس المسيح فحنجرتها وحلقها لا
يوجد فيهما إلا كل ما هو حلو. وكلما تتذوق هذه الحلاوة تطلب الدخول إلى "بيت
الخمر" .
تأمل: في وسط تجارب وآلام هذا العالم ما أحلى أن يظلل علينا مسيحنا فنتعزي، ومن
تذوق هذه التعزيات يقول "تحت ظله اشتهيت أن أجلس" ولا يعود يطلب تعزيات هذا
العالم. وقوله أجلس إشارة للراحة الكاملة.
العدد 4:
آية (4): "أدخلني إلى بيت الخمر وعلمه فوقي محبة."
بيت الخمر= هو المكان الذي يقدم فيه الطعام والشراب للمسافرين، هو الكنيسة التي
تقدم لنا جسد المسيح ودمه كسر فرح، المسيح أدخلني لعلاقة كلها فرح، أدخلني
لأعماق حب الله. وعلمهُ فوقي محبة= الصورة هنا أن العريس أخذ عروسته إلى داخل
بيت ليعطيها أن تتذوق محبته التي كالخمر ووضع علمهُ فوق هذا البيت فما هو هذا
العلم؟
1- علامة ملكية الله لهذه النفس. 2- علامة حلوله في بيته الملكي (القلب) فحيثما
يوجد الملك ترفع رايته.
3- علامة حمايته لهذا المكان فلا يستطيع أحد أن يعتدي على مكان عليه علم ملك
قوي.
4- حول العلم تجتمع جيوش الملك لتحارب. والله هو رب الجنود. ونفس حبيبته هي
أيضاً نفس مجاهدة محاربة بل هي مرهبة كجيش بألوية (نش10:6).
العدد 5:
آية (5): "اسندوني بأقراص الزبيب أنعشوني بالتفاح فأني مريضة حباً."
لقد تذوقت النفس حب عريسها، ولكنها أدركت الثمن الباهظ لما هي فيه من فرح فقالت
أنها مريضة حباً= وفي ترجمة أخرى " مجروحة حباً" فهي حين رأت جراحات المحب وجدت
نفسها وكأنها جرحت بهذا الحب. والعجيب أنها تطلب اسندوني بأقراص الزبيب أنعشوني
بالتفاح= فهل الزبيت والتفاح يداويان جراحات الحب؟! هذه لا يمكن فهمها سوى
رمزياً. فصرخات النفس التي اكتشفت حب المسيح العجيب هي صرخات طالبة أن تعرف
المزيد عن حبه وعن شخصه، هي تطلب أن تدخل في الشركة معه والاتحاد به بالأكثر،
لذلك هي تطلب التناول الذي يفتح عينيها على حبيبها أكثر كسر انتعاش روحي.
فالزبيب نحصل على الخمر منه ويشير للدم. والتفاح يشير للجسد (آية3).
العدد 6:
آية (6): "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني."
شماله= هي يد العناية الإلهية التي تؤدب وتقطع فينا محبة الأرضيات والزمنيات.
ويمينه= هي يد النعمة التي تحتضن وسط الألم لتعزي وتترفق، وتعطينا أن نرى ونفرح
بالسماويات فنشتاق إليها. الشمال تسمح بالتجربة وتسمح بالجرح، واليمين تعصب
وتجذب للسماويات(الله سمح بشماله أن يلقي الثلاثة فتية في النار وبيمينه أتي
وحل وسطهم).
العدد 7:
آية (7): "أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقول ألا تيقظن ولا تنبهن
الحبيب حتى يشاء."
في آية (9) شبهت العروس عريسها "بالظبي وغفر الأيائل" ولأن عريسها هو أثمن شئ
عندها، وله هذه الصفات، فهي تحلف بنات أورشليم بأغلى ما عندهم أي ما له نفس
الصفات، أن لا تيقظن الحبيب= هي لا تريد لأحد أن يقطع هذه الشركة ويحرمها من
هذا الفرح. هذه مثل قول بطرس "جيد يا رب أن نكون ههنا" وهذه الآية لا يمكن
فهمها حرفياً، أي بين عروس وعريسها من أهل العالم، فهل عمل بنات أورشليم أي
صاحبات العروس أن يدخلن للعريس ليوقظوه، وهل العروس هي التي تطلب هذا. هذا صوت
النفس التي تحيا في فرح مع المسيح وتطلب أن لا ينتهي بسبب إي إزعاج عالمي. وهذا
صوت الكنيسة تدعو أولادها ألا يزعجن المسيح المستريح في قلوبهم بخطاياهم. هذه
دعوة الكنيسة "لا تحزنوا الروح" راجع تفسير آية(9:7).
العدد 8:
آية (8): "صوت حبيبي هوذا آت طافراً على الجبال قافزا على التلال."
هذه الآية تفهم بطريقتين، تقولها النفس في العهد القديم، وتقولها الآن:
1- كانت النفس في العهد القديم تحس أن حبيبها قادم، بل هو مشتاق للتجسد
(إش4:27،5) هي تتعرف على صوته من بعيد، وتشعر أنه أتٍ بسرعة (سرعة الله ليست
مثل سرعة البشر فالله يعرف أنسب وقت، ويعد كل شئ بحكمته، لذلك قيل أن المسيح
أتى في ملء الزمان والمسيح قال ليوحنا ها أنا أتي سريعاً (رؤ20:22). ولم يأتي
للآن، فلم يأتي ملء الزمان لهذا) وكيف تعرفت النفس في العهد القيم على صوت
عريسها وأنه سيأتي هي شعرت بهذا من النبوات (الجبال= الشريعة والتلال= النبوات)
كما رأي إبراهيم هذا اليوم وفرح.
2- مازالت النفس في العهد الجديد بدراستها للكتاب المقدس ترى المسيح. والجبال
الآن هي العهد الجديد والتلال هي العهد القديم. وتترنم النفس "رفعت عيني إلى
الجبال من حيث يأتي عوني" وتتأمل في الكتاب المقدس كلمة الله فينكشف لها المسيح
كلمة الله، وأنه يحبها وأعد لها مكاناً، وأنه آتٍ ليأخذها للمجد، والنفس مشتاقة
ليوم يأتي عريسها ليأخذها. وهذه الآية قد تقولها النفس التي تسمع صوت الله
يناديها. والله في كثير من الأوقات يدعونا لنستجيب له كما دعا إبراهيم ليترك
أور بوثنيتها، وكما دعا لوط من سدوم بسبب خطيتها وقبل أن يدمرها. ومازال صوت
الله في أذن كل منا أن "إهرب لحياتك" واترك هذا المكان المعثر الذي يفصلك عن
الله. وصوت الله قد يأتي بالتوبيخ كما حدث مع إيليا وهو هارب من وجه إيزابل
الملكة، وقد يأتي بالتشجيع كما أتى لزكا "يا زكا ينبغي أن أكون اليوم في بيتك
"وقد يأتي بالإنذار "في هذه الليلة تؤخذ نفسك".
العدد 9:
آية (9): "حبيبي هو شبيه بالظبي أو بغفر الأيائل هوذا واقف وراء حائطنا يتطلع
من الكوى يوصوص من الشبابيك."
جاء حبيبها حاملاً طبيعتنا الإنسانية ومختفياً وراء حائطنا الإنساني أي الجسد=
هوذا واقف وراء الحائط. وهو يتطلع من الكوي= أي يظهر نفسه من خلال شبابيك ضيقة.
ويوصوص من الشبابيك= يوصوص أي يعمل خرقاً في الستر بمقدار عين تنظر منه. فهو
يظهر نفسه في مجده من خلال جسده الإنساني. فرأينا مجده كما في لغز كما في مرآة.
ولكن في الدهر الآتي سنراه كما هو (1كو12:13+ 1يو2:3) في التجلي كان المسيح
يوصوص ويظهر لاهوته بمقدار بسيط. شبيه بالظبي= عين الظبي حادة. وغفر الأيائل=
أي الأيائل الصغيرة. وهذه تشتهر بأنه سريعة. ترى الحيات من بعيد فتجري إليها
وتدوسها بأقدامها، وبسبب هذه المعركة تعطش فتجري فرحة لمجاري المياه لتشرب
(مز1:42). وكل هذا يشير لعمل السيد المسيح الذي تجسد وصار طفلاً (غفر الأيائل)
ليدوس على عدونا الشيطان (الحية القديمة) ويعطينا الماء الحي الروح القدس، الذي
يشرب منه لا يعطش أبداً. وهو لا يحكم بحسب المظهر (إش3:11) بل هو يعرف كل شئ
(النظر القوي) بل هو فاحص القلوب والكلى. بل أعطانا نفس السلطان، أن ندوس على
الحيات والعقارب، ونرى السماويات ونشتاق إليها، ونرى خداعات الخطية فنهرب منها.
العدد 10:
آية (10): "أجاب حبيبي وقال لي قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي."
هذه الآية موجهة لكل نفس بدأت تتعرف على المسيح، من خلال الكتاب المقدس أو كلمة
الله عموماً، وبدأ المسيح يوصوص لها، لكنها مازالت مترددة وخائفة شاعرة أنها
ضعيفة وأن الخطية أقوى منها. هنا نجد العريس يطمئن عروسه، بأن تجسده أعطاها
قيامة ونصرة على الخطية، هو يبشرها "ثقي أنا غلبت العالم" فتعالي وتذوقي حياة
القيامة. قومي فبداية الطريق القيامة من موت الخطية. وتَعَاَلىْ= إرجعي إلىّ.
العدد 11:
آية (11): "لأن الشتاء قد مضى والمطر مر وزال."
الشتاء= قد يشير [1] نهاية العهد القديم وظهور شمس البر. [2] شتاء خارجي أي
تجارب محيطة بالنفس [3] شتاء داخلي أي برودة المشاعر "تركت النفس محبتها
الأولى" نتيجة عواطف الشهوات وإضطرابات الرذائل. ونهاية الشتاء تشير لإنتهاء
غضب السماء على الإنسان بالتجسد. والمطر= يشير للأوحال والزوابع، والنفس التي
عرفت المسيح ما عادت تضطرب بكل رياح تعاليم غريبة. هي دعوة للمسيح للنفس كفاك
بروداً بعيداً عني، فلقد جئت لأصالحك على الآب.
العدد 12:
آية (12): "الزهور ظهرت في الأرض بلغ أوان القضب وصوت اليمامة سمع في أرضنا."
الزهور ظهرت في الأرض= الأرض ترمز للجسد المأخوذ من تراب الأرض، وحين تروي
الأرض بأمطار الروح القدس، تظهر ثمار الروح. وقد تشير الثمار للفضائل الداخلية
والزهور للمظهر الخارجي (غل22:5). وأوان القضب= القضب هو تقليم الأشجار التي
اخضرت وأثمرت وهذا يشير لصليب التجارب التي تكمل النفس. وصوت اليمامة= اليمام
طائر يحب الوحدة والعزلة ولا يحب الزحام وصوته حزين. وهذا يشير للكنيسة التي
اعتزلت العالم (بخطاياه) مقدمة كرازة للعالم كله= سُمِعَ في أرضنا. وصوت
تسبيحها فيه بكاء التوبة وليس تهليل العالم.
العدد 13:
آية (13): "التينة أخرجت فجها وقعال الكروم تفيح رائحتها قومي يا حبيبتي يا
جميلتي وتعالي."
الفج= براعم ثمار التين. القعال= الحصرم وهو العنب في بدايته. فالكنيسة بدأت
ثمارها ومعنى الآية فالنفس أو الكنيسة بمجيء المسيح وتعرفها عليه، بعد أن كانت
شجرة ميتة بدأت تظهر فيها الثمار (الكنيسة بمجيء المسيح صارت مثمرة، وكل نفس
تتعرف على المسيح تصير مثمرة). ولاحظ الترتيب. قومي= اتركي موت الخطية. يا
حبيبتي= من يسمع الوصية يحبه الله يا حمامتي= إمتلاء بالروح.
العدد 14:
آية (14): "يا حمامتي في محاجئ الصخر في ستر المعاقل أريني وجهك اسمعيني صوتك
لأن صوتك لطيف ووجهك جميل."
المحاجئ= نقر في الصخر= فالمسيح صخرتنا نختبئ فيه كما اختفى موسى في نقرة
الصخرة ليرى مجد الله. والنقرة تشير لجنبه المطعون. والإشارة هنا لنوع من
الحمام يختبئ في الصخور العالية ويسمى حمام الصخور. ستر المعاقل= ستر الأماكن
المنحدرة. أريني وجهك= لا تديري لى القفا. اسمعيني صوتك= كم يفرح الله بصلاتنا
وتسابيحنا. ولاحظ هنا أن الله يقدم نفسه كحصن نلتجئ له ونحتمي فيه. بمحبة
السماويات والرجاء فيها (محاجئ الصخور العالية) حتى لا نشتهي الأرضيات المنحدرة
فهو ستر المعاقل. وجهك جميل= يحمل صورة المسيح.
العدد 15:
آية (15): "خذوا لنا الثعالب الثعالب الصغار المفسدة الكروم لأن كرومنا قد
اقعلت."
الثعالب الثعالب الصغار= تكرار كلمة الثعالب هي للتحذير. والثعالب الصغار تدخل
من الثقوب الصغيرة فتفسد الكرم في بداية نموه، هذه هي الخطايا الصغيرة التي
نسمح بها إذ نشعر أنها صغيرة (كذب أبيض/ أصدقاء ظرفاء لكن كلامهم معثر.. .. )
فالشيطان الخبيث يقدم لنا الخطايا البسيطة ليقودنا للخطايا الكبيرة، فيهدم
العلاقة الحلوة مع الله، والخطايا الصغيرة لا تظهر إلا وسط الانتعاش الروحي،
وهذا ما حدث لهذه النفس التي بدأت براعم الثمار تظهر فيها، الثعالب الصغيرة قد
تكون الأفكار التي هي الخطوة الأولى التي تقود للخطية، والثعالب مشهورة
بالخداع، فما يقدم لهذه النفس يخدعها بأن هذه الخطية صغيرة ولن تغضب الله.
ولكنها للأسف تفسد الكروم= أي تخسر النفس سلامها وفرحها. بعد أن كانت ثمار
الروح (فرح..) قد ظهرت. ولنذكر قصة شمشون حين أحرق الثعالب (قض1:15-8)، فحين
أحرق الثعالب كان من الممكن أن يضرب الفلسطينيين (الخطايا الكبيرة). فلنحذر من
الخطايا الصغيرة والله سيحفظنا من الكبيرة. لكن لماذا لم يطلب أن نترك الخطايا
الكبيرة. إبليس يتعامل بحكمة شيطانية فهو قطعاً إذا أراد إسقاط إنسان له ثماره
الحلوة (آيات12-14) لن يبدأ بالخطايا الكبيرة فهو قطعاً سيرفضها، لكنه يبدأ
بالخطايا البسيطة ومن يقبلها يصل معه للكبيرة "الهفوات من يشعر بها ومن الخطايا
المستترة يا رب أبرئني".
العدد 16:
آية (16): "حبيبي لي وأنا له الراعي بين السوسن."
نجد النفس هنا وقد استجابت سريعاً لدعوة عريسها حين قال لها "قومي". حبيبي لي=
ما أحلى أن تُقَّدم النفس كلها لله، يقدم الإنسان نفسه لله. هكذا نفهم (1كو4:7)
روحياً. بل أن المسيح قدم جسده لعروسه وهي تقدم له جسدها ذبيحة حية (رو1:12).
وأنا له الراعي بين السوسن= إذا اجتمع اثنين أو ثلاثة باسمي فأنا أكون في
وسطهم. ولاحظ أن الكنيسة صارت "سوسن" مثل عريسها، فهي صارت على شبهه.
العدد 17:
آية (17): "إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال ارجع وأشبه يا حبيبي الظبي أو غفر
الأيائل على الجبال المشعبة."
الآن نحن على الجبال المشعبة في هذا العالم، أي في حياة التجارب والآلام.
وتترجم أيضاً "جبال الإنفصال" فنحن ما زلنا لا نتمتع بعريسنا بالكامل. حتى يفيح
النهار= نهار الحياة الأبدية إرجع= هي شهوة النفس لأن يأتي المسيح في مجيئه
الثاني بعد أن تذوقت حلاوة القيامة الأولى.
تفسير سفر نشيد الأنشاد - الأصحاح 3
العدد 1:
آية (1): "في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي طلبته فما وجدته."
في الليل= أي وسط التجارب والضيقات، وسط الخطايا والسقطات على الجبال المشعبة
طلبت النفس عريسها. ولكن على فراشها= أي فر تراخٍ وتواكل أو إعتداد بالذات. ومن
الطبيعي في هذه الحالة أنها لا تجده. (في بداية الإنسان الروحية يمر بلحظات
ضعف، هذا شئ طبيعي).
العدد 2:
آية (2): "أني أقوم وأطوف في المدينة في الأسواق وفي الشوارع اطلب من تحبه نفسي
طلبته فما وجدته."
المدينة والأسواق= أي وسط العالم، أو كما بحث عنه أغسطينوس في كتب الفلاسفة
وهذا مكان غير مناسب للبحث، فمن أراد أن يقابل حبيبه ففي مخدعه وفي لقاء شخصي
وسيكتشف مع أغسطينوس أنه أقرب مما يتصور، فهو في داخله. فما وجدته= وهذا كان
متوقعاً.
العدد 3:
آية (3): "وجدني الحرس الطائف في المدينة فقلت أرايتم من تحبه نفسي."
وجدني الحرس الطائف= هؤلاء هم خدام المسيح أرسلهم لحبيبته الضالة ليرشدوها
بدلاً من ضياعها. فوجدوها وشرحوا لها فسألتهم عنه أرأيتم من تحبه نفسي.
العدد 4:
آية (4): "فما جاوزتهم ألا قليلا حتى وجدت من تحبه نفسي فامسكته ولم أرخه حتى
أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي."
شرح لها الخدام. ولكن الخادم يسند المخدوم ولكنه لا يستطيع ان يدخل معه. ولذلك
ومع سؤالها كانت لم تجده بعد. فما أن جاوزتهم إلا قليلاً= هي دخلت في خبرتها
الخاصة مع حبيبها داخل مخدعها واختبرت صدق ما قاله لها الخدام، وهي لم تتعلق
بالخدام، بل طلبت العمق، عمق الخبرة الشخصية. ونلاحظ أن المسيح موجود دائماً
قريباً من وسائط النعمة. والآن وجدته. ولكنها كانت ذكية جداً فأمسكت به= أي
استمرت في علاقتها معه داخل غرفتها. ولم أرخه= لم تعود للتراخي. حتى أدخلته بيت
أمي= بيت أمها هي الكنيسة فلا توجد علاقة شرعية مع المسيح خارج الكنيسة. فنحن
نولد في الكنيسة= حبلت بي= وفيها نأخذ الحل من خطايانا والشفاء من أمراضنا
ونتغذى على جسد المسيح.
العدد 5:
آية (5): "أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقل ألا تيقظن ولا تنبهن
الحبيب حتى يشاء."
للمرة الثانية تتكرر نفس الآية. فبالتوبة تستعيد النفس أفراحها، وتتذوق العلاقة
الحلوة مع عريسها في حياة السكون والصلاة في خفية، فلا تريد أن يزعجها شئ أو
يشغلها شئ (راجع تفسير أية 5:7).
العدد 6:
آية (6): "من هذه الطالعة من البرية كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان وبكل
أذرة التاجر."
بعد أن تقابلت النفس مع الحبيب طلبت ما هو فوق، فاصبحت سماوية، وهذه ثمرة
علاقتها مع المسيح "الذي أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" وصارت تشتهي أن
تنطلق وتكون معه فذاك أفضل في نظرها. والعريس في فرحه بها يقول من هذه الطالعة
ليشجعها فإذا هي بعد على الأرض صارت تشتاق للسماء، بل تحيا حياة سماوية. وقد
تكون عبارة من هذه الطالعة= هي فرحة السمائيين بتوبتها، عموماً ففرحة السمائيين
بالنفس التائبة هي ترديد لفرحة العريس بها. وهي طالعة من البرية= البرية تشير
لهذا العالم. وهناك من يصعد من البرية فيحيا في السماويات مثل هذه العروس وهناك
من يشتهي حياة الخطية السابقة (قدور اللحم في مصر..) فيموت في البرية ولا يطلع
منها بسبب عصيانه وتذمره. ولكن هذه النفس داست العالم بأرجلها محتقرة إياه. وفي
طلوعها لم تكن ضعيفة بل كأعمدة من دخان= داخلها نار تلتهب بروح الأحراق
(إش4:4،5) تحرق خطاياها داخلها فيخرج دخان، والنار هي نار الروح القدس. فالنفس
التي تابت لم يعد الروح مطفئاً في داخلها، فالتوبة أضرمته، بل الروح أشعل الحب
في هذه النفس فصارت صلواتها وتسابيحها طالعة كالبخور، وحينها قدمت نفسها ذبيحة
حية وأطاعت وصايا عريسها، صار دخان حريقها يلذذ الرب ويتنسم بهذا رائحة الرضا
(تك21:8) ولاحظ أنهم كانوا يحرقون الدخان المعطر والبخور أمام مواكب الملوك.
والعطور هنا هي:
المر= احتملت النفس الصلب والألم مع المسيح، فأصبحت رائحة المسيح الزكية. والمر
كان من ضمن أكفان المسيح، فهذه النفس قبلت أن تصلب مع المسيح وتدفن معه لتقوم
معه.
واللبان= وهذا يشير للصلاة. ومنه يصنع البخور. وهذا يشير للصلاة الصاعدة إلى
فوق أي الصلاة المقبولة. أذرة التاجر= أي الفضائل التي تحلَّت بها النفس التي
تعلمت الصلاة وقبلت صليب المسيح. وأذرة التاجر هي كل الأصناف المعطرة من عند
العطار إشارة لتنوع الفضائل (محبة، وداعة، تواضع، تسليم .. ). لقد كان الأنبا
أنطونيوس ومارجرجس.. هم حبات بخور توضع في المجمرة ويشتم الله رائحتهم ويفرح
وتفرح بهم ملائكته أما رائحة الخطية فتزكم الأنوف (إش13:1+ أر20:6).
العدد 7:
آية (7): "هوذا تخت سليمان حوله ستون جباراً من جبابرة إسرائيل."
تخت= تترجم هنا BED. وهنا التخت إشارة للصليب الذي نام عيه رب المجد مصلوباً،
في الظاهر ضعف ولكنه كان قمة القوة في الحرب، وفيه انتصار على عدوه وعدونا
الشيطان. ونسمع يعقوب في نبوته عن المسيح (تك9:49) يقول "جثا وربض كأسد وكلبوة"
فالأسد هو المسيح المصلوب الذي جثا ولكنه جثا في قوة لأنه يحارب لذلك قيل وربض.
ومعه عروسه اللبؤة التي قبلت الصليب معه، فالحرب والمعركة هي معركة مستمرة.
والنفس التي قبلت أن تدفن مع المسيح تشترك معه في صليبه، وهو فيها سر جمالها
وسر نصرتها، فهو يحارب فيها خلال رحلة هذا العالم. والمسيح جمعنا بصليبه حوله
يملك علينا ويحارب فينا كستون جباراً= فنحن جبابرة به، هو يغلب إبليس فينا
لحسابنا. ولكن علينا أن نحارب ونجاهد حتى الدم وحتى نغلب. ونلاحظ أن سفر العدد
الذي أحصى الله فيه شعبه لم يعد النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ بل رجال الحرب.
ورقم 60= 12×5، 12= 3×4 فهم أبناء الملكوت الذين يملك الله (مثلث الأقانيم)
عليهم في هذا العالم (4). والعهد القديم (12سبط) والعهد الجديد (12 تلميذ) ورقم
(5) يشير [1] للنعمة، عمل المسيح الجبار المجاني الذي يعطيه لشعبه (معجزة الخمس
خبزات لإشباع 5000= 5×1000 شعب الله السماوي) [2] للمسئولية (5حواس +5 أصابع)
والمعنى أن نعمل فتسندنا نعمة المسيح (الجهاد والنعمة). إذا جاهدنا بأن نمنع
حواسنا من أن تتمتع بلذات العالم تنسكب نعمة المسيح فينا فنصير جبابرة. وتنقي
الحواس وتدربها وتقدسها. وكما حولت النعمة 5 خبزات لكل هذا الطعام المشبع، هكذا
تسند النعمة جهادنا فنصير جبابرة.
العدد 8:
آية (8): "كلهم قابضون سيوفاً ومتعلمون الحرب كل رجل سيفه على فخذه من هول
الليل."
سيوفاً= الله أعطانا أسلحة (اف6) لتسند ضعف الجسد= الفخذ من هول الليل= هول
الخطايا التي تأتي في الظلمة. فحربنا ليست مع لحم ودم.. (أف12:6) متعلمون
الحرب= هذا عمل الروح القدس الذي يعلمنا ويذكرنا بكل ما قاله المسيح.
العدد 9:
آية (9): "الملك سليمان عمل لنفسه تختاً من خشب لبنان."
رأينا في آية (6) المسيح في قيادته لشعبه على الأرض وهم حوله كجبابرة والآن نرى
الموكب الأبدي. فالحرب والصليب هنا على الأرض، وكل هذا سينتهي بمجيء المسيح
ليملك علينا في مجد أبدي. الملك سليمان= هو المسيح ملك السلام عمل لنفسه تختاً=
هنا كلمة تخت مترجمة CHARIOT أي مركبة ملوكية، أي محفة محمولة على الأكتاف. فهو
غلب وسيغلب. وهو الآن يملك علينا، ولكننا في السماء سنراه على عرشه وكما كان
اللاويون يحملون تابوت العهد قديماً على أكتافهم. هكذا نحن نحمله ملكاً على
قلوبنا. بل الكنيسة كلها تملكه عليها بحب فهو أحبها أولاً. والكنيسة عرش المسيح
موصوفة بأنها من خشب لبنان= لا يعتريه فساد ولا يسوس. وملك الله عليها لا ينتهي
(دا 3:4). والأرز مستقيم ورائحته طيبة. والخشب رمز للصليب الذي به ملك المسيح
على كنيسته. والخشب من ثمار الأرض وهكذا أجسادنا. لقد صار قبول الكنيسة للصليب
عرش الله سر حياتها الأبدية ووحدتها مع المسيح فألامها هي ألامه.
العدد 10:
آية (10): "عمل أعمدته فضة وروافده ذهباً ومقعده ارجواناً ووسطه مرصوفاً محبة
من بنات أورشليم."
مواصفات عرش الله. أعمدته فضة= الفضة هي كلمة الله الحية (عب12:4+ مز6:12)
وتشير أيضاً للفداء، الذي به تأسَّس هذا العرش. وروافده ذهباً= الذهب يشير
للسماويات فشعب الكنيسة صار سماويا. ومقعده أرجواناً= الأرجوان لبس الملوك.
ووسطه مرصوفاً محبة= فالله سيملك ويملك بالمحبة، ملكه داخلنا بسبب فدائه "نحن
نحبه لأنه أحبنا أولاً، وهو أسس فينا ملكاً سماوياً، ويملك بالحب وليس بالقهر=
مرصوفاً محبة.
العدد 11:
آية (11): "اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه
في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه."
هذه دعوة الكنيسة للعالم كله ليتمتع بذبيحة الصليب فيقبل أن يملك المسيح عليه،
وهي دعوة لليهود ليؤمنوا بمن صلبوه، ويروا ما عملوه به نتيجة أحقادهم. وماذا
قدم الشعب اليهودي للمسيح= التاج الذي توجته به أمه= أمه هنا هي الشعب اليهودي
الذي كلل رأس المسيح بإكليل شوك يوم عرسه على كنيسته فهو اشتراها ودفع دمه على
الصليب مهراً لها. ويوم عرسه كان هو يوم الصليب. يوم فرح قلبه= بخلاصها. وهذا
المنظر رأته فعلاً بنات أورشليم يوم الصليب.
تفسير سفر نشيد الأنشاد - الأصحاح 4
العدد 1:
آية (1): "ها أنت جميلة يا حبيبتي ها أنت جميلة عيناك حمامتان من تحت نقابك
شعرك كقطيع معز رابض على جبل جلعاد."
عيناك حمامتان من تحت نقابك= لكِ عينان بسيطتان لا تطلبان إلاّ كل ما هو لله
ولا تعرفان الشر، تبصران المسيح بالروح القدس الوديع. ولكن رؤيتك ليست كاملة
فهي من تحت نقاب الجسد، فالنفس التي يكلمها العريس مازالت في الجسد على الأرض،
ووجودنا في الجسد يمنع عنا رؤية الأمجاد (1كو9:13،12) وما تدركه هذه النفس يكون
كما تحت نقاب. فالعالم لا يدرك ما أدركته من أمجاد. شعركِ= الشعر يشير لشعب
الله، فالشعر يلتصق بالرأس سواء شعر الرأس أو اللحية والرأس هو المسيح، وشعبه
ملتصق به. وحينما أراد الله أن يعبر عن حكمه ضد أورشليم ورفضه لها أمر حزقيال
النبي أن يحلق شعره ويضربه بالسيف ويحرق بعضه. والعكس في (مز133)، فحينما يتقدس
الشعب ويكون في محبة ينسكب الروح القدس كالدهن من على الرأس المسيح على شعبه
(لحيته). كقطيع ماعز= شعب الله مشبه هنا بقطيع ماعز، والماعز لونه أسود عادة.
وكلما ارتفع القطيع على الجبل يراه الناظر كأنه وحدة واحدة، لا يميز الواحدة عن
الأخرى. ولون الشعر الأسود يشير للشباب والكنيسة يتجدد مثل النسر شبابها. إلا
أن هناك تأمل آخر في قطيع الماعز فهي تسير مطمئنة آمنة وراء راعيها، رؤوسها إلى
الأرض تبحث عن طعامها. لا ترى منها سوى أجساماً بلا رؤوس، فقد اختفت رؤوسها.
وهذا ما يجب أن نفعله كشعب للمسيح، أن لا نفكر في الغد، إذ لنا ثقة في راعينا
أنه يدبر كل شئ. ولكن إذا ما حدث ما يزعج القطيع فإنك تجد الرؤوس ترتفع كلها في
الحال وتنظر العيون شاخصة لا إلى مصدر الخطر بل إلى الراعي، تلتمس عنده الرأي
والمشورة والعون. ودليل أن السفر مكتوب بصيغة رمزية أنه هنا يشبه القطيع بشعر
الماعز الأسود وكأنه بلا رؤوس، وفي آية (2) يشبهه بقطيع ماعز تم جز شعره. وهذا
القطيع رابض على جبل جلعاد= وهو جبل عالٍ مشهور بمرعاه، إشارة لأن راعينا
يقودنا للسماويات فسيرتنا هي في السماويات.
العدد 2:
آية (2): "أسنانك كقطيع الجزائز الصادرة من الغسل اللواتي كل واحدة متئم وليس
فيهن عقيم."
أسنانك= هنا إشارة للخدام الذين يمضغون الطعام كالمرضعات ويقدمونه لبناً لحديثي
الإيمان، الذين لا يحتملون الطعام الدسم. الصادرة من الغسل= أي هم خارجون من
المعمودية. وهم مغسولون بالتوبة= جزائز= فإزالة الشعر تشير لإزالة أعمال الجسد.
والمعنى أنه أزيل عنهم كل ما إلتصق بهم من خطايا وأوساخ العالم في (تث11:22)
"لا تلبس ثوباً مختلطاً صوف مع كتان. فالصوف وهو شعر ماعز يشير للخطية بينما
الكتان الأبيض يشير للبر، فلا شركة للنور مع الظلمة" (2كو14:6،15). والآن نحن
أمام معمدين تائبين لهم قدرة على أكل الطعام القوي ويحولونه إلى لبن فمن المؤكد
سيكون لهم أولاد في الإيمان. كل واحدة متئم وليس فيها عقيم= أي كل واحدة تلد
توأم إشارة لوفرة الأبناء. فالسامرية أتت بشعب السامرة للمسيح.
العدد 3:
آية (3): "شفتاك كسلكة من القرمز وفمك حلو خدك كفلقة رمانة تحت نقابك."
شفتاك كسلكة القرمز= ما دمنا قد تكلمنا عن الكرازة فيشير هنا للشفتان الكارزتان
بدم المسيح (القرمز). وهي كسلكة، أي رقيقة لا تجرح أحد. فنحن نكرز بالمسيح دون
أن نهاجم أحداً. بل كلمات العروس كلها رقة وعذوبة وعطف وحب، ولا تنطق بما لا
يليق بها كعروس. وأيضاً فهاتان الشفتان لا يمكن أن يكونا كارزتان إن لم يغتسلا
ويتقدسا بدم المسيح، وهذا ما حدث مع إشعياء (إش5:6-7). ولأن الشفتان مقدستان
بالدم قيل أنهما قرمز. وفمكِ حلوٌ= يخرج تسابيح وصلوات. وخدُّك كفلقة رمانة تحت
نقابك= أي هي في حالة خجل من خطاياها، والخد أو الوجه يظهر ما في الداخل. وخدها
أحمر من خجلها وحيائها واحتشامها. وإحمرار وجهها يشبه رمانة مقطوعة (لونها
أحمر). أما الرمانة غير المقطوعة أو غير المفلوقة يكون لونها نحاسياً، واللون
النحاسي يشير لصلابة الوجه والجبهة، أي يخطئ ولا يهتم. تحت نقابك= سر خجلها
وقداستها هو في مجدها الداخلي (مز13:45).
العدد 4:
آية (4): "عنقك كبرج داود المبني للأسلحة ألف مجن علق عليه كلها أتراس
الجبابرة."
عنقك كبرج داود المبني للأسلحة= لكِ عنق مرتفع به تستطيعي تمييز العدو حين يأتي
من بعيد (فبرج داود كانوا ينظرون منه للقتال من بعيد ويراقبون منه الأعداء).
وهي لا تميز الأعداء فقط، بل لها أسلحة سماوية فرقم ألف يشير للسماويات. والمجن
والأتراس هي للدفاع ضد ضربات سهام الشرير الموجهة للعروس (2كو4:10). ونجد
العريس هنا مستمراً في شرح جمال عروسته، وسر جمالها هنا أنها عروس مجاهدة.
العدد 5:
آية (5): "ثدياك كخشفتي ظبية توأمين يرعيان بين السوسن."
خشفتي ظبية= أي أولاد الظبية التوأم الصغار، وهم لهم عيون حادة. والثديان= بهما
ترضع الأم أولادها الصغار. والكنيسة ترضع أولادها بكلمات الكتاب المقدس في
العهد الجديد والعهد القديم، وهما توأمان فلهما مصدر واحد هو الروح القدس، وهما
متكاملان فالعهد القديم تنبأ عن العهد الجديد والعهد الجديد شرح العهد القديم.
وعيون الظبي الحادة تشير لما سيكتسبه المؤمن فهو سيرى عدوه ويعرف طرقه وحربه
وحيله، فكلمة الله تعرفنا ما لنا من أسلحة. يرعيان بين السوسن= السوسن يشير
للكنيسة التي تشبهت بعريسها، وكلمة الله ترضع وترعى السوسن.
العدد 6:
آية (6): "إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال اذهب إلى جبل المر وإلى تل
اللبان."
أمام مديح العريس لعروسته، نجد العروس هنا تعلن لعريسها استعدادها لأن تتبعه
حتى إلى الصليب= المر. وتستعين على آلامها بالصلاة= اللبان إلى أن يفيح نهار
الأبدية= أي يشرق.
العدد 7:
آية (7): "كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة."
جمال النفس ظهر بسبب قبولها الصليب، وبسبب حياة الصلاة.
العدد 8:
آية (8): "هلمي معي من لبنان يا عروس معي من لبنان انظري من رأس أمانة من رأس
شنير وحرمون من خدور الأسود من جبال النمور."
هلمي معي من لبنان .. . معي من لبنان= لبنان مكان من أجمل ما يمكن، جباله خضراء
فإلى ماذا يشير لبنان ولماذا يكرر معي من لبنان.
1- يشير لبنان للعالم بإغراءاته وخداعاته. وكأن الله يقول لعروسته هلمي معي ولا
يخدعك العالم بملذاته وجماله فهو كالحية لها مظهر جذّاب لكنها سامة، بل هذه
الجبال الجميلة خطرة جداً. فبها خدور الأسود وبها نمور= وهذا يشير للحروب التي
سنجدها في هذا العالم مثل الخطية الساكنة في الجسد ولإبليس الأسد الزائر وسلاحه
لذات العالم.
2- قد يشير لبنان لحياة التعزية والفرح والراحة في بدء الحياة الروحية، ولكن
الله يعلن بأن هناك حروب يجب أن نجتازها فليست الحياة الروحية كلها تعزيات، بل
من المؤكد سنجد أسود ونمور في الطريق. وهنا دعوة للخروج مع العريس، فالحرب
الروحية هي للرب ولحسابه وباسمه، لذلك لابد وسننتصر، بل سننمو بإننا نحارب
وننتصر. ولكن كيف نحارب؟ أنظري من رأس أمانة= أي تنظر من قمة جبل أمانة الذي
يعني إيمان أي تنظر بعين الإيمان. ومن رأس حرمون= حرمون أي محّرم أو مقدس لله
ومكرس له. وهذا هو المطلوب من كل نفس أن تحرم ذاتها من ملذات العالم وشهوات
العالم بل تحسب نفسها أنها مكرسة لله وهي ليست للعالم مؤمنة أنها ستنتصر لأن
عريسها معها.
العدد 9:
آية (9): "قد سبيت قلبي يا أختي العروس قد سبيت قلبي بإحدى عينيك بقلادة واحدة
من عنقك."
بإحدى عينيك= فكل واحد له عينان، عين جسدية وعين روحية. وحين تتضع العين
الداخلية الروحية وتبكي في توبة صادقة تسبي قلب الله أي تغلبه كما قال بعد ذلك
(5:6). النفس خلال جهادها أنَّتْ ورفعت للمسيح عين باكية (مز1:123). والله لا
يحتمل العين الباكية بل ينجذب بالرحمة والحب إليها (1مل24:21-29). والله يُسبى
أيضاً بطاعة النفس. بقلادة واحدة من عنقك= with one link of your necklace.
العنق الغليظ هو إشارة لمن يرفض الطاعة بل يتذمر على الله. أما الذي يطيع الله
فيصبح عنقه سهل الإنقياد، بل يفرح به الله ويلبسه قلادة، وكلما زادت طاعة النفس
يزيد الله القلادات Links. بقلادة واحدة= الله يفرح بطاعتنا حتى لوصية واحدة.
العدد 10:
آية (10): "ما احسن حبك يا أختي العروس كم محبتك أطيب من الخمر وكم رائحة
أدهانك أطيب من كل الأطياب."
كما تفرح النفس بعريسها أكثر من الخمر، هكذا العريس يفرح بالنفس التائبة. وسط
الآلام يعلن العريس لعروسه بكلمات مشجعة حبه لها، وأنها في مجد رغم آلامها.
ولاحظ أن أوصاف المسيح لعروسه هنا هي نفس أوصافه في (2:1،3) فقد أعطانا جماله،
ورائحة أطيابنا هي ثمر أطيابه العاملة فينا، هو يعطينا ما له ثم يعود فينسبه
لنا. ما أحسن حبك= هو الذي سكب فينا هذا الحب (رو5:5) ويعود ويفرح إذ يجده
داخلنا لم يتسرب للعالم.
العدد 11:
آية (11): "شفتاك يا عروس تقطران شهدا تحت لسانك عسل ولبن ورائحة ثيابك كرائحة
لبنان."
شهداً= هو تسبحة هذه النفس وصراخها لله في وسط الألم، والشهادة لله أمام
الآخرين. والشهد هو ثمار عمل النحل، والنحل إشارة للنفس المجاهدة، التي تجمع من
زهور الكتاب المقدس شهداً، تجمع النفس من هذه الزهور فتمتلئ النفس حكمة تظهر
على شفتيها. والعسل= يشير لكلمة الله التي ذاقها حزقيال وأرمياء وداود ويوحنا
في الرؤيا فوجدوها كالعسل (حز3:3+ مز103:119+ رؤ9:10). وكان المن كرمز للمسيح
طعمه كرقاق بعسل. ولبن= طعام الصغار. فالنفس التي تحب المسيح عندها طعام مناسب
لكل شخص. لقد وعد الله شعبه بأرض راحة يسيل منها العسل واللبن والآن تحولت
النفس مكاناً لراحة الله، مكان راحة الثالوث فهي تفيض لبناً وعسلاً. رائحة
ثيابك كرائحة لبنان= فهي خلعت ثياب الخطية ولبست المسيح، خلعت ثيابها الأرضية
ولبست السمائية، لبست ثمار الروح القدس، ولبنان أرض مثمرة. هي لبست المسيح
نفسه.
العدد 12:
آية (12): "أختي العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم."
جنة مغلقة= بمعنى مسيج حولها. جنة تعني حديقة بها ثمار وهي مغلقة أي مكرسة لله،
لا تنفتح للعالم، مغلقة فالله سور لها يحميها. حواسها لا تقبل أي شئ، فالذي
يترك حواسه مفتوحة تدخل منها الثعالب الصغار بل والكبار، بل كل وحش مفترس، هي
لا تقبل أي شئ جديد يأتي به العالم "سبحي الرب يا أورشليم لأنه قوى مغاليق
أبوابك" هي مغلقة لا تترك نفسها لكل فكرة جديدة أو مذهب جديد يدخلها ويدوسها.
عين مقفلة= عين أي تفيض ماء لهذه الجنة. ومقفلة هنا بمعنى أنها لا تفيض إلى
الخارج، أي الشوارع. والمعنى أنها لا تبعثر مواهبها وطاقاتها في الخطايا كما
ضيع الابن الضال ثروة أبيه. وينبوع مختوم= مختوم هنا تشير لعمل الروح القدس مع
النفس(أف30:4+ 2كو21،22). وفي امتلائها تفيض على الآخرين (يو38:7) بتعزيات
وكلام الله. لقد صار للنفس إمكانيات الروح القدس الساكن فيها، ولكنها بهذه
الإمكانيات تعمل لحساب مجد الله نفسه فهي مختومة أي مكرسة لله.
ونلاحظ أن المسيح دخل العلية والأبواب مغلقة، ودخل بطن العذراء وأبوابه كانت
وظلت مغلقة، ودخل قبر جديد لم يدخله أحد. والمسيح يرتاح داخل النفس ذات الأبواب
المغلقة للعالم، يفتحها هو لنفسه ولا أحد يغلق. ونحن بحفظنا للوصايا نغلق على
أنفسنا، ولا يفتح ليدخل سوى المسيح، وهنا نصير جنة مغلقة، ولا نعود نبدد
وزناتنا ومواهبنا في العالم فنصير عين مقفلة ثم نتحول لينبوع مختوم نفيض على
الآخرين لحساب مجد الله.
العدد 13:
آية (13): "أغراسك فردوس رمان مع أثمار نفيسة فاغية وناردين."
نرى هنا ثمار الروح في الجنة المغلقة. ومن الثمار ما هو للأكل (الرمان) وما هو
للعطور (فاغية) وما هو للأطياب (لبان). هي عروس غنية في كل شئ. لديها طعام يشبع
وشراب يروي وأطياب ثمينة وأدوية للعلاج. ولاحظ تكرار كلمة كل في آية (14) فهي
غنية لا ينقصها شئ (2كو8:9+ كو9:1،11). والرمان= عصيره في لون الدم، فعصيرها
إذاً هو نفس عصير دم حبيبها، أي أن ثمارها ثمار الحب الباذل. والفاغية
والناردين يستخدموا كأطياب وللزينة وهما غاليا الثمن فرائحة ثمارها حلوة
ومعطرة.
العدد 14:
آية (14): "ناردين وكركم قصب الذريرة وقرفة مع كل عود اللبان مر وعود مع كل
أنفس الأطياب."
يسترسل في وصف ثمارها. كركم= لونه أصفر علامة الضعف البشري فمع أن رائحتها حلوة
لكنها ضعيفة، فكنزها في أوانٍ خزفية (2كو7:4). وقصب الذريرة والقرفة= هي نباتات
عطرية تدخل في دهن المسحة وتستخدم كأدوية مع الكركم. وعود اللبان تصير أفراحها
صلوات وتسابيح فاللبان يستخدم في صنع البخور. عود= يستخدم لتعطير المنازل فله
رائحة زكية حين يحرق. (يو37:7-39).
العدد 15:
آية (15): "ينبوع جنات بئر مياه حية وسيول من لبنان."
حينما نحمل يسوع في داخلنا تفيض من داخلنا سيول الروح تجذب الآخرين للأبدية كما
تجذبنا نحن أنفسنا للأبدية.
العدد 16:
آية (16): "استيقظي يا ريح الشمال وتعالي يا ريح الجنوب هبي على جنتي فتقطر
أطيابها ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس."
الله لا يهتم بعد كل ما قيل أن تأتي رياح التجارب وتهب على النفس، ورياح
التجارب أنواع فمنها ما يأتي من الشمال (برودة روحية) ومنها ما يأتي من الجنوب
ألام ساخنة من الظروف الخارجية. بل إن هذه الرياح ستثبت خبراتها وتنمي إيمانها
بأن المسيح عريسها يسندها في تجاربها. وحينما تزداد خبرتها وعلاقتها مع عريسها
ويزداد إيمانها تقطر أطيابها ويأكل عريسها من ثمره النفيس (إش11:53).
تفسير سفر نشيد الأنشاد - الأصحاح 5
العدد 1:
آية (1): "قد دخلت جنتي يا أختي العروس قطفت مري مع طيبي أكلت شهدي مع عسلي
شربت خمري مع لبني كلوا أيها الأصحاب اشربوا واسكروا أيها الأحباء."
في آخر الإصحاح السابق دعت العروس عريسها ليأتي إلى جنته وها هو قد استجاب
فوراً ونزل إلها فهو يشتهي هذا. مرى مع طيبي= المر يشير للصليب أما الطيب فيشير
للدفن في القبر وكأن أحداث الخلاص ممتدة في حياة عروسه، فهو يرى أن كأس المر
الذي تشربه إنما هو كأسه. أكلت شهدي مع عسلي= كأنه دخل أرض الميعاد ووجد في
عروسه راحته، فهي أرض الميعاد بالنسبة له، كل ما فيها حلو. شربت خمري مع لبني=
الخمر هو خمر الحب واللبن هو لبن الإيمان البسيط عديم الرياء (2تي5:1). وهذا
الإيمان ناشئ من تعاليم صحيحة شربناها من كلمة الله. كلوا أيها الأصحاب= هم
السمائيين "يصير فرح في السماء بخاطئ يتوب".
العدد 2:
آية (2): "أنا نائمة وقلبي مستيقظ صوت حبيبي قارعاً افتحي لي يا أختي يا حبيبتي
يا حمامتي يا كاملتي لأن رأسي امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل."
يبدو أن الحالة الروحية لا تسير على وتيرة واحدة. فها هي قد عادت ونامت ولم
تستطع أن تسهر معه ساعة واحدة "هكذا الإنسان دائماً يميل للتراخي في حب الله
بالرغم من كل ما يقدمه له الله "للأسف محبتنا فاترة بالرغم من كل ما عمله
ويعمله لنا. ولكن يحسب لهذه النفس أن قلبها مستيقظ= ولأن الله رأى قلبها أنه
مازال مستيقظاً فهو لن يكف عن نداءه عليها. بل ينزل ليقرع على بابها ولكنه لا
يقتحم النفس اقتحاماً فالله يحترم حريتنا، هو ينادي ليفتح وإن استجبنا وفتحنا
يدخل (رؤ20:3+ يو20:6). ولأن قلبها كان مستيقظاً كانت تسمع صوت حبيبها قارعاً
(رؤ20:3). ومن يسمع هذا الصوت هو من يكون قلبه مستيقظاً.
تعليق: نحن أمام حالة فتور وليست حالة موت روحي، إنسان أهمل خلاص نفسه ولا يهتم
بهذا. قد يكون بسبب سعيه وراء شهوة عالمية.. الخ ولكن ما زال ضميره حياً. ولكن
هناك من يصل لدرجة الموت، موت الضمير فيشرب الإثم كالماء. ولكن حتى هذا فالمسيح
قادر أن يقيمه كما أقام لعازر. ودليل أن هذه النفس لها ضمير مازال حياً أنها
تحركت حينما عرفت أن الله غاضب منها وحين رأت جراحاته. ولكن مثل هذه النفس تكون
إرادتها ضعيفة، ولذلك يوقظها الله بأن يقرع على بابها. ونلاحظ كلمات التشجيع
للنفس يا أختي يا كاملتي فالله لا يوبخ= "أيوب رجل كامل" رأسي امتلأ من الطل
وقصصي من ندى الليل= هذه إعلان للنفس أن فتورها سبَّب له هذه الآلام، فالليل
يشير لخطايانا، وهو حمل خطايانا على رأسه (إش4:53،5) وهذه النفس في الليل، ليل
العالم وليل الضيقات والأحزان وليل الفتور والخطية وقد دخل عريسها هذا الليل من
أجلها وحمل أحزانها وحمل الغضب الإلهي.
العدد 3:
آية (3): "قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما."
يا لها من أعذار واهية تقدمها النفس في فتورها الروحي وتنشغل براحة جسدها. خلعت
ثوبي= لقد ألبسها الله ثوب البر "البسوا الرب يسوع" + (لو22:15+ غل27:3). غسلت
رجليّ= غسلتهما بماء برها الذاتي ليستريح ضميرها إلى حين ولكن لغفران الخطية
لابد من غسل القدمين بواسطة الرب (يو8:13).
العدد 4:
آية (4): "حبيبي مد يده من الكوة فأنت عليه أحشائي."
من الكوة= كان للبيوت في ذلك الوقت فتحة فوق القفل لإدخال المفتاح، وتتسع
لإدخال اليد، وكانت توجد فتحة أخرى يطل منها الساكن ليتكلم ويرى القارع
(شراعة). حبيبي مد يده= التي بها أثار الجراحات. ولما رأتها أنت فيها أحشائها
حينما مد يده أي أظهر آلامه وأدركت العروس أن كل هذا بسببها تحركت عواطفها
نحوه.
العدد 5:
آية (5): "قمت لأفتح لحبيبي ويداي تقطران مراً وأصابعي مر قاطر على مقبض
القفل."
قمت لأفتح= لقد استجابت كما استجاب الابن الضال. ويداها تقطران مراً= المر طعمه
مر ورائحته حلوة. فهي راجعة بتغصب بعد استهتار وفتور، عادت بدموع توبتها
الحقيقية وفيها ألم وتغصب للنفس، فيها قبول لأن تموت مع المسيح تاركة لذات
العالم وشهواته الخاطئة. ولكن هذا الألم وهذا الصليب له رائحة طيبة أمام الله.
ولكن حالة التغصب لا تستمر كثيراً، والشعور بالحرمان من لذة الخطايا لا يستمر
كثيراً وسرعان ما يعزي الله النفس فتكتشف أن ما تركته ما هو إلا نفاية بجانب
معرفة المسيح. ولاحظ أنها تغصبت ومنعت نفسها عن ملذاتها= يداها تقطران مراً=
وهذا التغصب اشتمه الله كرائحة حلوة.
العدد 6:
آية (6): "فتحت لحبيبي لكن حبيبي تحول وعبر نفسي خرجت عندما أدبر طلبته فما
وجدته دعوته فما أجابني."
تحول وعبر= هنا الله يؤدب النفس على تراخيها لأنها استهانت بمراحمه فالنفس التي
تعرف أن الله رحيم فتصنع الشر وتقول أن الله سيغفر لو قلت له ارحمنى، مثل هذه
النفوس المستهترة حين تعود لله يشعرها الله بالتخلي= دعوته فما أجابني. بل ربما
يسمح لها الله بضربة تأديب حتى تستيقظ مثل سماحه بمرض أو فشل في مشروع ما. ولكن
تخلى الله يكون إلى حين.. لا تتركني إلى الغاية (مز8:119). وأمام هذا الموقف،
حين تشعر النفس أن صلواتها غير مقبولة وأنها لا تجد الله، هناك موقفان [1] أن
تلوم النفس الله على تخليه فتزداد قساوة القلب وينحرف الإنسان بالأكثر. [2] أن
يلوم الإنسان نفسه ويقول "أنا السبب يا رب" ويقدم توبة، ويكتشف أنه بدون الله
هو لا شئ، وفي منتهى الضعف فتزداد صلواته للبحث عن الله ويتخلى عن بره الذاتي
ولا يعود يقول "غسلت رجليّ" بل يقول "إغسل يا رب رجليّ واغفر وغطيني بدمك" إذاً
هذا الترك والتخلي كان فيه محبة وعناية إلهية. وهذه النفس التي أمامنا (عروس
النشيد) أتخذت الموقف الثاني فعادت لمكانتها.
العدد 7:
آية (7): "وجدني الحرس الطائف في المدينة ضربوني جرحوني حفظة الأسوار رفعوا
إزاري عني."
الحرس الطائف= هنا تفسيرين لمن هم الحرس الطائف.
1- هم الشياطين: الذين إذ أحسوا أن حبيبها تحوَّل وعبر، ضربوها وجرحوها ورفعوا
إزارها أي عروها. هنا الله تركها لتتذوق مرارة استهتارها فالله لا يريد تدليل
النفس. وهذا درس لكل واحد، فحين لا يكون عريسنا معنا نصبح فريسة سهلة للشياطين
التي تضرب وتجرح وتفضح. ولكن نلاحظ أيضاً خطأ آخر لهذه النفس فهي خرجت تبحث عن
عريسها مرة أخرى وسط الشوارع بينما هو في داخلها.
2- هم خدام الله: الذين بسيف كلمة الله فضحوا برها الذاتي وكشفوا لها خطيتها أي
فضحوها، حتى تكتشف احتياجها للمسيح وتقدم توبة صادقة.
العدد 8:
آية (8): "أحلفكن يا بنات أورشليم أن وجدتن حبيبي أن تخبرنه بأني مريضة حباً."
لم يكن التأديب والترك وسماح الله للشياطين أن تضرب بلا سبب، فكل الأمور تعمل
معاً للخير.. لتكميل الإنسان.. وها هي عادت مريضة حباً أي حبها عاد كالأول.
العدد 9:
آية (9): "ما حبيبك من حبيب أيتها الجميلة بين النساء ما حبيبك من حبيب حتى
تحلفينا هكذا."
هذه النفس التائبة تحولت إلى كارزة (مثل السامرية) فحين ظهر حبها لعريسها سألها
الآخرون ما حبيبك= أي اخبرينا عنه، من هو ولماذا تحبينه هكذا؟ "لكي تكونوا
مستعدين لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم" (1بط15:3). هذا السؤال
يوجه مثلاً للشهداء، لماذا تموتون هكذا من أجل المسيح؟!
وهنا يسميها أصحابها الجميلة بين النساء= فالرب يجعل كنيسته جميلة في أعين
الآخرين. ونلاحظ أهمية الخبرة الشخصية في الكرازة.
العدد 10:
آية (10): "حبيبي أبيض وأحمر معلم بين ربوة."
أبيض= اللون الأبيض يشير للطهارة والبر، لذلك قال المسيح "من منكم يبكتني على
خطية" والبياض كانت ملابسه يوم التجلي فهي إشارة لمجد اللاهوت. ومع كل مجده
قدَّم لي دمه= أحمر على الصليب ليغسلني فأبيض أكثر من الثلج. لأغسل ثيابي
وأبيضها في دم الخروف (رؤ14:7). ولون العريس الأبيض هنا ليس هو اللون الشاحب
الذي يدل على الموت (كالقبور المبيضة + أع3:23). ولكن بياض مخلصنا مشوب بالحمرة
مما يدل على الحياة. كذلك اللون الأحمر لا يشير للخطية والدموية (رؤ4:6 +
إش18:1) بل هو إحمرار دمه المسفوك في بره الأبيض (إش1:63) بل ليبيضنا فنحمل
إنعكاسات بهائه فينا. فكلمة أبيض هنا جاءت بمعنى بهي (رؤ4:3،9:7) وفي القيامة
كانت ملابس الملائكة بيضاء. مُعْلَمٌ بين ربوة= أي مميز حتى لو كان وسط
10.000شخص. قبل أن تدخل النفس في علاقة حب مع حبيبها كان هذا الحبيب مثله مثل
باقي الآخرين، لهم جميعاً نفس قوة الجذب. أما بعد أن أحبته فقد وجدته مميزاً
حتى أن كان بين 10.000 شخص.
العدد 11:
آية (11): "رأسه ذهب إبريز قصصه مسترسلة حالكة كالغراب."
رأسه ذهب إبريز= أي خالص ونقي. والذهب يشير للاهوته فرأس المسيح هو الله
(1كو3:11)، وملكه السماوي ليس من هذا العالم، بل هو يجعل كنيسته سماوية باتحاده
معها. قصصه مسترسلة حالكة= شعره هو كنيسته وهي سوداء لا تشيخ فهو يجدد كالنسر
شبابها. والكنيسة مشبهة بالشعر أيضاً لأنه لن تسقط شعرة إلا بإذن منه.
العدد 12:
آية (12): "عيناه كالحمام على مجاري المياه مغسولتان باللبن جالستان في
وقبيهما."
عيناه كالحمام= أي ينظر بوداعة علينا كمؤمنين أما أعداء كنيسته فنظرته لهم مثل
لهيب النار. وعينه علينا طول السنة لا ينعس ولا ينام. عيناه على مجاري المياه=
المياه تشير للروح القدس. إذاً هو عيناه على هذه المجاري فهو مهتم أن نولد من
الماء والروح وأن نمتلئ بالروح. الله لا يهتم بأن نكون أغنياء مثلاً بل بكل ما
يجعل مجاري المياه مستعدة دائماً أن تفيض علينا. وهذا ما نراه في سفر الرؤيا
(5:4،6) فنحن نجد أمام العرش أي أمام عيني الله أي محل اهتمامه [1] سبعة مصابيح
نار هي سبعة أرواح الله [2] بحر زجاج هو الكنيسة. فالله مهتم بأن الروح القدس
يكمل كنيسته، عروسه، ويعدها للسماء. مغسولتين باللبن= الله مهتم بأن يقدم
لمؤمنيه الإيمان الخالص والتعاليم الخالصة غير المغشوشة غذاء لنفوسهم وهذا هو
عمل الروح القدس "يعلمكم ويذكركم" (يو26:14+ عب11:8). واللبن يشير لهذا التعليم
والإيمان الخالص الذي يضرم فينا موهبة الروح فتكون مجاري المياه مستعدة أن
تفيض. وقد تشير العينان للخدام الذين ينظرون لشعب الله ويعطونهم احتياجاتهم من
التعليم. جالستان في وقبيهما= الوقب كل نقرة في الجسد كنقرة العين والكتف.
ومعنى أن الله جالس أي هادئ غير مضطرب. نحن البشر ننظر للمستقبل بقلق أما الله
فبهدوء وثقة ينظر لنا نحن أولاده ليرعانا ويدبر لنا كل أمور حياتنا.
العدد 13:
آية (13): "خداه كخميلة الطيب وأتلام رياحين ذكية شفتاه سوسن تقطران مراً
مائعاً."
خدّاه= أي مظهره. وما في الداخل يظهر في الخارج. وخد المسيح تحملا الهزء
(إش6:50). والآن تراهما الكنيسة حاملين دلائل الحب. وكيف يشبه الخدان= كخميلة
الطيب= الخميلة هي مجموعة أشجار لها رائحة طيبة من كل نوع. وأتلام رياحين= أي
باقات زهور، وقد تشير لرائحة المسيح التي تفوح من كنيسته. شفتاه سوسن= تنسكب
منهما النعمة مثلما تنسكب نعمة الجمال من منظر السوسن. (يو46:7) فكلام المسيح
لم يكن له مثيل وسط البشر. والسوسن يشير للجمال وشبه به ملابس سليمان. يقطران
مراً نسمع منه أخبار صليبه التي فاحت منها رائحة محبته الحلوة فنشتهي من محبتنا
أن نشترك معه في صليبه ثم في مجده.
العدد 14:
آية (14): "يداه حلقتان من ذهب مرصعتان بالزبرجد بطنه عاج أبيض مغلف بالياقوت
الأزرق."
يداه حلقتان= الحلقة بلا بداية ولا نهاية، ومن ثمَّ فعطاياه لا حدود لها.
والحلقتان من ذهب= إشارة لأن عطاياه سماوية. وعطاياه بغني قادرتان أن تشبعنا
روحياً وجسدياً. مرصعتان بالزبرجد= الزبرجد حجر كريم لونه أخضر. والخضرة رمز
للحياة فعطاياه محيية. بطنه عاج أبيض= بطنه أو أحشاؤه تشير لمشاعره وأحاسيسه
وهذه كلها حب وحنان (في8:1،1:2). وإلى أي حد وصلت هذه المشاعر؟ وصلت للموت عنا
ولذلك شبهت عواطفه بالعاج الأبيض، فالعاج ينزع من الفيل بعد موته، وهكذا ظهرت
محبة المسيح في موته "ليس حب أعظم من هذا أن يبذل أحد نفسه.." مغلف بالياقوت
الأزرق= أي أن حبه له سمة سماوية، وأهدافه سماوية ويرفعنا للسماويات. أما البشر
لو أعطوا سيعطوا ماديات قد تتسبب في ضياع السماء منا.
العدد 15:
آية (15): "ساقاه عمودا رخام مؤسستان على قاعدتين من إبريز طلعته كلبنان فتى
كالأرز."
ساقاه عمودا رخام= هو أسس مملكته بالخلاص الذي تم على الصليب، وكان عمله قوياً
مؤسساً على الصخر (الرخام). وكل من يتحد بالمسيح تكون له القدرة على السير نحو
السماء بثبات (لو51:9). على قاعدتين إبريز= الخلاص قاعدته أي هدفه سماوي يرفعنا
عن الأرضيات. طلعته كلبنان= وجهه جميل دائم البشاشة "هو أبرع جمالاً من بني
البشر". فتى كالأرز الأرز شامخ مستقيم طويل العمر جداً لا يشيخ ودائم الخضرة،
وموجود على جبال لبنان الشاهقة ورائحته زكية. وقوله فتى إشارة لأن المسيح شارك
البشرية كل مراحلها ما عدا الشيخوخة، فهو كان طفل وصبي فشاب فرجل، ولكنه لم
يشيخ. حتى لا تحمل كنيسته صورة الشيخوخة (مز5:103). فالجسد قد يضعف ويشيخ لكن
الروح لا تشيخ أبداً لأولاد الله ولكنيسة المسيح.
العدد 16:
آية (16): "حلقه حلاوة وكله مشتهيات هذا حبيبي وهذا خليلي يا بنات أورشليم."
حلقه حلاوة= كلامه كله حلاوة. (مز103:119) وفيه روح وحياة، من يأكل منه يشتاق
إليه وطوبى للجياع والعطاش إلى البر فإنهم يشبعون. "لكل كمال وجدت منتهى أما
وصاياك فواسعة جداً" وهو يعطي مع كلامه قوة للتنفيذ، فترتفع الوصية بالإنسان
ليدخل إلى معرفة أسرار السموات فتنطلق النفس من مجد إلى مجد. وكله مشتهيات
فالمسيح كما يعلنه الروح القدس للنفس هو جذاب لكن لا يمكن التعبير عنه، هنا عجز
عن التعبير.
تفسير سفر نشيد الأنشاد - الأصحاح 6
العدد 1:
آية (1): "أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء أين توجه حبيبك فنطلبه معك."
إذ شهدت النفس لعريسها بدأ غير المؤمنين يتساءلون عنه ويطلبونه معها. أيتها
الجميلة لقد ظهر عليها جمال عريسها. وهو جمال من نوع عجيب، فهم لم يطلبوها هي
بل طلبوا عريسها وهم أدركوا أنهم سيعرفونه من خلالها لذلك يسألونها، ونحن نعرف
المسيح خلال الكنيسة.
العدد 2:
آية (2): "حبيبي نزل إلى جنته إلى خمائل الطيب ليرعى في الجنات ويجمع السوسن."
نزل إلى جنته= أي تواضع هذا أن ينزل العريس السماوي، هو تواضع المحبة أن ينزل
ليصعدنا معه للسماء. والمسيح داخل كنيسته دائماً وداخل كل نفس آمنت به. وما دام
المسيح داخل كنيسته فمن العبث البحث عنه خارجها. والكنيسة كانت قفراً (أو
النفس) أولاً ولكن بعد أن رواها ماء الروح تحولت إلى جنة، بها خمائل طيب= لقد
قيل في (13:5) أن خداه كخميلة الطيب والآن نرى أن هذا وصف لعروسه (الكنيسة) فهي
أخذت صورته وهي خميلة طيب أي مجموعات مختلفة من الأشجار، ثمارها متنوعة وكثيرة
وكلها طيب. ويجمع السوسن= السوسن كان صفة للعريس فأصبح صفة العروس "يا أولادي
الذين أتمخض بكم إلى أن يتصور المسيح فيكم". والمسيح أتي ليجمع أولاده في
كنيسته، يجمع أولاد الله المتفرقين إلى واحد. (يو52:11 + يو20:17-26). فجنة
المسيح هي أولاد الله الذين صارت لهم صورة المسيح، وكلهم مجتمعين في وحدة ومحبة
داخل كنيسته (جنته) وهو في وسط هذه الجنة "إذا اجتمع إثنين أو ثلاثة باسمي فأنا
أكون في وسطهم".
العدد 3:
آية (3): "أنا لحبيبي وحبيبي لي الراعي بين السوسن."
أنا لحبيبي وحبيبي لي= (16:2). من المهم أن يشعر كل واحد أن له علاقة شخصية
بالمسيح والعروس هنا تعطي نفسها لحبيبها بكامل حريتها، لا تعطي له فقط ما تملكه
بل تعطي نفسها له لأنه سبق وأعطاها نفسه. (1كو4:7). هو عطاء كامل متبادل.
العدد 4:
آية (4): "أنت جميلة يا حبيبتي كترصة حسنة كأورشليم مرهبة كجيش بألوية."
كترصة= العريس يشبه عروسه بمدينة جميلة وهي ترصة، وهذه كانت عاصمة لإسرائيل
لمدة 50سنة ومعنى اسمها فرح. وهو اسم أصغر بنات صلفحاد اللواتي كان لهن إصرار
على الحصول على الميراث (عد1:27-11). والعريس يرى أن جمال كنيسته هو إيمانها
وجهادها وإصرارها أن تحصل على ميراثها السماوي. وهي كأورشليم= هي مدينة الملك
السمائي العظيم وتمثل الأقداس السماوية. وقد جعلها سليمان بهجة كل الأرض وفخر
العالم وكفاها أنها المدينة المقدسة. وهذا ما صنعه سليماننا المسيح ملك السلام
الذي جعل كنيسته سماوية مقدسة وملك عليها. وهي مرهبة كجيش بألوية= فجمالها
ممتزج بالقوة، والقوة راجعة للمسيح الذي فينا، وحين يكون المسيح فينا نكون
مرعبين للشياطين ولنا سلطان أن ندوسهم (لو19:10+ 2كو4:10،5). وقوله ألوية يدل
على أنها جيش منظم فإلهنا إله نظام وليس إله تشويش "إجلسوهم خمسين خمسين.. ".
العدد 5:
آية (5): "حولي عني عينيك فانهما قد غلبتاني شعرك كقطيع المعز الرابض في
جلعاد."
حولي عني عينيك فانهما قد غلبتاني= فبكاء المرأة الخاطئة وتنهدات اللص اليمين
اجتذبا لهما مراحم السيد المسيح. فالله لا يحتمل إنسحاق إنسان (1مل19:21).
العدد 5- 7:
الآيات (5-7): "حولي عني عينيك فانهما قد غلبتاني شعرك كقطيع المعز الرابض في
جلعاد. أسنانك كقطيع نعاج صادرة من الغسل اللواتي كل واحدة متئم وليس فيها
عقيم. كفلقة رمانة خدك تحت نقابك."
لاحظ تكرار الصفات، فالعروس استعادت مكانتها الأولى بعد التوبة من حالة الفتور.
وهكذا أعاد الله بطرس لدرجة الرعاية بعد أن أنكره.
العدد 8:
آية (8): "هن ستون ملكة وثمانون سرية وعذارى بلا عدد."
هنا يمتدح المسيح كنيسته خلال لغة الأرقام. ورقم (60) سبق تفسيره. ولكن كان رقم
(60) سابقاً مقروناً بالجبابرة في الحرب. وهنا نجده مقترناً بمن صاروا ملكات.
ونفهم أن الذين كانوا جبابرة في الحرب صاروا الآن ملكات فهم صاروا عرائس المسيح
الملك. ثمانون سرية= السرية هي من عاشت تستعبد نفسها لوصايا المسيح. والسرية
ليست لها حقوق الزوجة التي في العلن ولكن لها شركة سرية مع زوجها أو سيدها.
وهكذا شركتنا مع المسيح هي شركة سرية الآن. ورقم 80=8×10. ورقم 8 يشير للمجد
الأبدي ورقم (10) يشير للوصايا. فمن استعبد نفسه لوصايا الله سيتذوق المجد
الأبدي. عذارى بلا عدد= هن عذارى بمعنى أن القلب لله، هذه حالة تكريس. وهنّ بلا
عدد لأن من في السماء لم يستطع أحد أن يعدهم (رؤ9:7).
العدد 9:
آية (9): "واحدة هي حمامتي كاملتي الوحيدة لأمها هي عقيلة والدتها هي رأتها
البنات فطوبنها الملكات والسراري فمدحنها."
لندرك رمزية السفر. فقد قيل سابقاً أنهم 60 ثم قيل 80 ثم قيل بلا عدد والآن هي
واحدة= فهي كنيسة واحدة وحيدة، جسد واحد وروح واحد، إيمان واحد يوحد الكنيسة
واحدة هي حمامتي= فالذي يوحد الكنيسة هو الروح القدس الذي يعطي للمؤمنين شركة
مع الله وشركة بين بعضهم البعض. كاملتي= إذ تلبس الكنيسة المسيح الكامل تصير
كاملة. وقيل أن هذه الواحدة الكاملة هي العذراء مريم، وعموماً فالعذراء هي أم
الكنيسة عقيلة والدتها هي= أي مختارة والدتها. وكأن أورشليم السماوية هي
الوالدة للكنيسة المجاهدة والوالدة تنتظر وصول وحيدتها للسماء. وحيدتها التي
خطبها المسيح لنفسه. والبنات طوبنها= فالسمائين فرحوا بها.
العدد 10:
آية (10): "من هي المشرفة مثل الصباح جميلة كالقمر طاهرة كالشمس مرهبة كجيش
بألوية."
مشرفة كالصباح= كما ينفجر نور الصباح ويظهر، هكذا ظهور نور الكنيسة عروس
المسيح. جميلة كالقمر= لإنعكاس نور عريسها (شمس البر عليها). طاهرةٌ كالشمس= هو
طهرها بميلاده منها واتحاده بها وتطهيرها بدمه، وبأن أرسل لها روحه المعزي روح
الإحراق.
العدد 11:
آية (11): "نزلت إلى جنة الجوز لأنظر إلى خضر الوادي ولأنظر هل اقعل الكرم هل
نور الرمان."
أمام مديح المسيح لكنيسته أو للنفس، نزلت النفس التي أحبت المسيح للعمل لحساب
عريسها لتفرح قلبه، هي نزلت للبستان لتفرح بالثمار وتطمئن على توبة الكثيرين
ورجوعهم. جنة الجوز= الجوز يشير للكتاب المقدس، فهو لغير المؤمنين كثمرة الجوز
لها قشر يابس من الخارج. وللمؤمنين الذين يدخلون إلى العمق فالكتاب المقدس
كَلُب الجوز الحلو المفيد. ومن يقرأ الكتاب المقدس بروح الصلاة يكتشف حلاوته.
وسميت الكنيسة هنا جنة الجوز لأنها تعيش تقتات على الكتاب المقدس "ليس بالخبز
وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" وهذا التعبير استخدم هنا
بالذات فالعروس نزلت لتخدم فماذا تستخدم في كرازتها وخدمتها إلا كلمة الله
تفسرها لمن يسمع أي تكسر ثمرة الجوز حتى تظهر حلاوتها لمن يسمع.
العدد 12:
آية (12): "فلم اشعر ألا وقد جعلتني نفسي بين مركبات قوم شريف."
لقد رأينا النفس العروس تجاهد وتتوب وتعود لمركزها السابق بل تعمل في كرم
عريسها، هي تجاهد في حياتها ضد الخطية، تنضم لموكب المجاهدين الشريف والخدام
الأمناء وهذا الموكب موكب شريف فقائد الموكب هو المسيح نفسه ملك الملوك. وهذا
جعلها كما لو كانت ملكة لها مركبة وسط المركبات CHARIORS. فالنفس المجاهدة
يكرمها الله.
العدد 13:
آية (13): "ارجعي ارجعي يا شولميث ارجعي ارجعي فننظر إليك ماذا ترون في شولميث
مثل رقص صفين."
رحلة جهاد العروس هي رحلة رجوع دائم إلى الله. قد تنجذب للأرضيات فتسمع حالاً
صوت عريسها إرجعي إرجعي. يا شولميث= لقد أعطاها العريس اسمه فشولميث هو مؤنث
شالم أو سليمان. فالعروس حملت شخص عريسها المسيح في داخلها. وسر فرحة المسيح
بها هي أنها في حالة رجوع دائم إليه ومهما سقطت ترجع "الصديق يسقط في اليوم سبع
مرات ويقوم". فننظر إليك= هنا الثالوث يتكلم بفرح عنها، وهي أيضاً في عودتها
ورجوعها تفرح وكأنها ترقص= مثل رقص صفين= رقص داود أمام تابوت العهد ورقصت مريم
بعد عبور البحر الأحمر وحصولهم على الحرية. وقوله مثل رقص أي فرح داخلي لا
يُعبَّر عنه، هذا هو عمل التوبة في النفس. وقوله صفين، أي جيشين ووردت الكلمة
الأصلية "محنايم" (تك1:32،2). فيعقوب أطلق على المكان محنايم لأنه كان هناك
جيشين "الجيش الأول هو أسرته" "والجيش الثاني كان الملائكة" والمسيح ينظر بفرح
لجيشين "الأول هو الكنيسة المحاربة المجاهدة على الأرض" "والثاني هو الكنيسة
المنتصرة في السماء بالإضافة للملائكة السمائيين". والمسيح ينظر بفرح لتسبيح كل
هؤلاء تعبيراً عن فرحهم الداخلي. وهذا التسبيح مرهب جداً للشياطين كأن جيشين
يحاربانهم.
والكنيسة تردد تسبحة الساعة الثانية عشرة يوم الجمعة العظيمة كجيشين أحدهما في
الهيكل (الشمامسة ويمثلون السماء) والآخر في صحن الكنيسة (ويمثل الكنيسة على
الأرض) الكل يسبح الله.
تفسير سفر نشيد الأنشاد - الأصحاح 7
العدد 1:
آية (1): "ما اجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم دوائر فخذيك مثل الحلي صنعة
يدي صناع."
السيد المسيح عريس الكنيسة مازال يُعبِّر عن حبِّه لعروسته حين وصفته (إش5)
بدأت برأسه فهو النازل من السماء للأرض وهو يصفها مبتدئاً بقدميها والسبب أن سر
جمالها هو الطريق الذي تأخذه "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" إذاً هي باتجاهها
تصعد للسماء من الأرض. بنت الكريم= كنا قد فقدنا بنوتنا وانتسابنا لله بعد
الخطية، وبالمسيح رجعت الكنيسة لبنوتها، ونحصل على هذه النبوة من الماء والروح
في المعمودية. ما أجمل رجليك بالنعلين= قارن مع "حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل
السلام" (أف15:6). فنفهم أن سر جمال العروس أنها تسير في الطريق الملوكي، طريق
الرجوع إليه، مستجيبة لندائه إرجعي إرجعي (13:6) أي طريق التوبة، دائسة أشواك
وتجارب العالم، كارزة بالإنجيل "ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر
بالسلام" (إش7:52+ رو15:10). هنا العريس يبدأ بالرجلين اللتين سارتا في طريق
المسيح بحسب الإنجيل (توبة/ كرازة/ دائسة أشواك العالم وخطاياه). دوائر فخذيك=
دوائر تعني مفاصل JOINTS (أف16:4+ كو19:2) جمال الكنيسة في ترابطها ووحدتها
التي يصنعها الروح القدس= الصنّاع. وهذه الوحدة في نظرا لله كالحلي تترجم سلاسل
تربط بين الجميع. والروح القدس يجمع بين أعضاء الجسد (الكنيسة) بالمحبة.
العدد 2:
آية (2): "سرتك كاس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوسن."
السُرَّة= تقطع من جسد الأم حيث كان الطفل يحصل على غذائه، رمزاً لبدء حياة
جديدة. وفي (حز4:16) استخدم تصوير عدم قطع السرة ليشير لبشاعة ما وصل إليه
الإنسان من محبته للعالم التي أدت به للموت. وبالتالي فقطع السرة هنا يشير لأن
هذه العروس قطعت علاقتها بالعالم ولكنه يقول السرة وليس الفم فهي مازالت مرتبطة
بالله وليس حرة في مصادر فرحها. والسرة ترشم بالميرون لأن الروح القدس يقدس
الأحشاء الداخلية كما الخارجية ليكون الإنسان بكليته للرب. وهي مستديرة= بلا
بداية ولا نهاية، أي حملت سمات السماء أي أن عطايا السماء لها بلا نهاية. ولا
يعوزها شراب= لا تعوزها أفراح العالم. بطنك صبرة حنطة= صبرة أي كومة. فداخل
الكنيسة مخازن غذاء روحي. والحنطة تشير لجسد المسيح " كفقراء ونحن نغني
كثيرين." مسيجة بالسوسن= عريسها يحميها فالسوسن صفة العريس، ولكنه صار صفة
للعروس، وبهذا تشير الآية أن الكنيسة تصير قوية بأولادها الذين تلدهم ويصبحوا
على صورة الله.
العدد 3:
آية (3): "ثدياك كخشفتين توأمي ظبية."
راجع (5:4).
العدد 4:
آية (4): "عنقك كبرج من عاج عيناك كالبرك في حشبون عند باب بث ربيم انفك كبرج
لبنان الناظر تجاه دمشق."
عاج= ما أعطاها التلذذ بالسماويات هوموتها عن العالم. عنقك كبرج عاج= هناك عنق
كعنق الحيوانات دائماً ينظر لأسفل، للأرض يشتهيها. وهناك عنق إنحنى بالأكثر
ودفن في التراب (خطية العالم). ولكن هذه العروس ترفع عنقها دائماً لفوق فهي
دائماً تتطلع لعريسها الذي من فوق، لا تنظر للتراب أي تحيا في طهارة وقداسة.
وتشبيه العنق بالبرج هنا يدل على أنها في طهارتها هي راسخة قوية، وهذها راجع
لثقتها وإيمانها بعريسها. والتشبيه بالعاج (الذي يحصلون عليه من الفيل بعد
موته) يشير لاستعدادها للموت دفاعاً عن إيمانها وطهارتها. ولاحظ لون العاج
الأبيض الذي يشير للطهارة والعفة.
عيناك كالبرك= البرك بلا أمواج أو اضطرابات والبرك فيها عمق وصفاء، هما
مفتوحتان وترى بهما السماء، خصوصاً هذا بسبب عنقها المرفوع لأعلى لأنه من عاج.
فهي لها نظرة روحية هادئة. في حشبون حشبون إحدى مدن الملجأ وهذا يشير لأن
هدوئها وسلامها راجع لأنها محتمية في ملجأها الرب يسوع، بل تصير النفس التي لها
هذه الصفات كالملجأ لمن يريد أن ينعم بالهدوء هذه النفس المملوءة سلاماً صارت
مصدر جذب للآخرين، باب بث ربيم= أي باب بنت الجماعة، إشارة للجموع الكثيرة التي
تدخل من هذا الباب. هذه النفس في سلامها صارت مصدر جذب لكثيرين ليتذوقوا حالة
السلام التي تحياها. أنفك كبرج= الأنف للشم أي التمييز فهي تستطيع أن تميز
أعداءها القادمين من أتجاه دمشق= ودمشق تشير للعالم والزمنيات (عدد مدينة دمشق
444) هي بلد تجاري. وغالباً برج لبنان كان برجاً شهيراً للمراقبة. وكأن الكنيسة
أو النفس التي لها البصيرة الروحية تستطيع أن تنظر للعالم وتحكم على كل شئ
(1كو15:2)، هي تستطيع أن تميز بين رائحة المسيح الزكية ورائحة العالم وأطايبه
الزائلة، وهي تستطيع أن تواجه كل تيار زمني.
العدد 5:
آية (5): "رأسك عليك مثل الكرمل وشعر رأسك كأرجوان ملك قد أسر بالخصل."
الكرمل= هو جبل عالٍ مثمر، إمتاز بالخضرة الكثيفة والغابات ذات الثمار الكثيرة
رأسكِ عليك مثل الكرمل= الرأس هو المسيح السماوي العالي المثمر في كنيسته
فالكرمل جبل عالٍ جداً وكله خضرة مثمرة.
شعر رأسكِ كأرجوان= الشعر يشير لأفراد الكنيسة الملتصقين بالرأس. والأرجوان هو
لبس الملوك، فعروس الملك تصير ملكة. ملك أسِرَ بالخصل= الملك هو العريس وقوله
أسر أي هو لا يريد أن يترك كنيسته (الخصل) من محبته لها.
العدد 6:
آية (6): "ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات."
باللذات= الله يتلذذ بشعبه المحب له الملتف حوله "لذاتي مع بني آدم" (أم31:8).
العدد 7:
آية (7): "قامتك هذه شبيهة بالنخلة وثدياك بالعناقيد."
النخلة= تمتاز بطولها واستقامتها وبأن لها جذور قوية تحصل بها على الماء من
العمق. ولذلك شبه القديسين بالنخل "الصديق كالنخلة يزهو" فهو يعيش مستقيماً
ويدخل للعمق، وكلما دخل للعمق يرتوي من مياه الروح القدس. ونلاحظ أن السبعين
رسولاً رُمِزَ لهم بسبعين نخلة في العهد القديم (خر27:15). ولذلك كان بيت الله
مزين بالنخيل (1مل29:6،32،35+ 36:7). ورأينا في سفر الرؤيا السمائيين وقد حملوا
سعف النخيل (رؤ9:7) علامة النصرة. وهكذا قابل الشعب المسيح بسعف النخيل في
دخوله لأورشليم (يو13:12)، إذ كانوا يستقبلونه كملك منتصر. وثدياك بالعناقيد=
الثديان بهما يُطعمون الأطفال. والثديان يرمزان للعهد القديم والجديد بهما تشبع
الكنيسة أولادها. ولاحظ أن الثديان هنا مشبهان بالعناقيد فهما مملوءان خمراً
رمز الفرح لذلك يقول بولس "إن كان وعظ ما تسلية ما ففي المحبة في المسيح" فبدون
المسيح لا فرح (في1:2).
العدد 8:
آية (8): "قلت أني اصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها وتكون ثدياك كعناقيد الكرم
ورائحة انفك كالتفاح."
عذوقها= هو جريد النخلة والمقصود هنا الرخص الضعيف، والعريس بفرحته بعروسه
المثمرة يشتاق أن يمسك به حتى لا يخطفه أحد (الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك
منهم أحد إلا ابن الهلاك" (يو12:17) فالجريد الرخص إشارة لأعضاء الكنيسة. وقوله
أصعد إلى النخلة= يشير لاشتياقه واستعداده لتحمل أي ألام ليحمي أولاده. فهو نزل
وتجسد وصلب ومات ليحمي أولاده ويفديهم. وقوله أصعد يعبر عن فرحته بأن كنيسته
ارتفعت. نحن نمسك بالسعف لأننا بالرب ننتصر هو يمسكننا كعذوق (سعف أخضر) ونحن
نمسك بالسعف رمز انتصارنا (رؤ9:7). والمسيح يمسك بنا كسعف ليحمينا. ولأن
انتصارنا هو لحساب مجد اسمه فهو يفرح بكل انتصار لنا. إذاً انتصارنا كان لأنه
يمسكنا. تكرار يكون ثدياك كعناقيد (بينهما نسمع أن المسيح يمسك بعذوقها) =
بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً فبعد أن أمسك بعذوقها صار لها أن تكون فعلاً
مصدر فرح لأولادها. رائحة أنفك كالتفاح= دائماً تشتم التجسد. فالتفاح يشير
للتجسد (3:2). أوهي تتنفس المسيح دائماً والتنفس هو حياة أي المسيح حياتها.
العدد 9:
آية (9): "وحنكك كأجود الخمر لحبيبي السائغة المرقرقة السائحة على شفاه
النائمين."
حنكك كأجود الخمر= حنكها أي سقف حلقها. فهي في فرحها تسبح من العمق وليس
بالشفتين فقط بينما القلب مبتعد بعيداً. سائغة= ساغ الشراب في الحلق أي يسهل
دخوله فيه. مرقرقة= يجري جرياً سهلاً. سبق للنفس وقالت لا تيقظن الحبيب حتى
يشاء (7:2+ 5:3+ 4:8) وهنا نرى الحبيب نائماً وهي لا تريد أن توقظه أو تزعجه.
وهل ينام الحبيب حقاً؟ الله لا ينام ولا ينعس (مز4:121) ولم يذكر الكتاب سوى
مرة واحدة أن المسيح نام، وكان ذلك في السفينة والبحر هائج. وذهب التلاميذ
ليوقظوه وهم في حالة خوف من الأمواج قائلين "يا رب أما يهمك أننا نهلك"
(مر38:4). وقام المسيح وانتهر الريح وقال لهم، ما بالكم خائفين هكذا. كيف لا
إيمان لكم" إذاً قلة الإيمان هذه هي التي تزعج المسيح. فكيف تغرق السفينة وكيف
نهلك طالما المسيح موجود. المسيح لا ينام بل يبدو في بعض الأحيان أنه نائم إذ
لا يتدخل بينما الأمواج تشتد والتجارب تزداد وما الذي يفرح الحبيب؟
حنكك كأجود الخمر – لحبيبي السائغة= أي تسابيح النفس في وسط التجارب واثقة أن
الرب سيتدخل في الوقت المناسب. أما عدم إيماننا واضطرابنا فهذا يزعجه. والخمر
ترمز للفرح وأجود أنواع الفرح بالنسبة لله هو تسبيح نفس متألمة واثقة في عريسها
وفي محبته غير مهتمة بالأمواج وهذه النفس التي أحبت عريسها تطلب من الجميع ألا
يوقظوه بعدم إيمانهم= لا تيقظن الحبيب حتى يشاء. أي اتركوا المسيح يتدخل لينتهر
الأمواج وقتما يشاء ولا تزعجوه بصياحكم وعدم إيمانكم. وقولها "لا تيقظن الحبيب
حتى يشاء" في آية (4:8) موجه للخدام حتى لا يضطربوا وييأسوا من مشاكل الخدمة.
العدد 10:
آية (10): "أنا لحبيبي وإليّ اشتياقه."
بعد أن سمعت النفس هذه الأوصاف قالت أنا لحبيبي وإليّ اشتياقه. فهي إذ سمعت أن
عريسها فرح بسبب فرحتها قالت "إن كل ما وصفتني به إنما هو منك ولك.
العدد 11:
آية (11): "تعال يا حبيبي لنخرج إلى الحقل ولنبت في القرى."
لنخرج إلى الحقل= العروس لا تكتفي بفرحها، فمن تشبهت بعريسها لا تنغلق على
ذاتها بل تخرج من ذاتها وراحتها الشخصية إلى مجال خدمة شعب المسيح، وتهتم بأنهم
يتذوقوا ما تذوقته هي. وقولها لنخرج= إذ كيف تخرج للخدمة بدونه (يو35:4+
1كو6:3-9) وربما أيضاً تريد النفس أن تخرج من العالم ومسراته لتشترك مع عريسها
في خدمة النفوس. لنبت في القرى= أي نسهر على خدمة النفوس. والقرى تشير لمكان
البسطاء والفقراء.
العدد 12:
آية (12): "لنبكرن إلى الكروم لننظر هل أزهر الكرم هل تفتح القعال هل نور
الرمان هنالك أعطيك حبي."
لنبكرن= هذه أمانة الخدمة، لقد تخلت عن كل أنانية وإنغلاق لتبكر للخدمة. فنصيحة
لكل خادم "لا تتأخر وإلا ضاع المخدوم" هناك أعطيك حبي= النفس الأمينة في الخدمة
تعطي ببذل ناتج عن الحب لعريسها ولأولاده وشعبه. هل أزهر الكرم .. = هل ظهرت
ثمار الخدمة في المخدومين. هناك أعطيك حبي= الحب العامل في الخدمة.
العدد 13:
آية (13): "اللفاح يفوح رائحة وعند أبوابنا كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها
لك يا حبيبي."
اللفاح= نوع من أجمل الزهور وأبهاها. يشير للحب الزيجي بين رجل وزوجته. وكان
القدماء يتصورون أن فيه شفاء للعقم. (تك14:30-16). والمعنى هنا أن الحب بين
العروس وحبيبها المسيح فاحت رائحته. وهذه الوحدة لها ثمار كلها نفائس= هي ثمار
عمل كلمة الله في النفس. جديدة= فكل يوم هناك إضافات جديدة وهي قديمة = أي
أصيلة وعميقة. ذخرتها لك يا حبيبي= قارن بين هذه النفس التي ذخرت لحبيبها نفائس
جديدة وقديمة وحينما تقابله في السماء يجد معها هذا الكنز من النفائس فيفرح
بها. وبين نفس أخرى تذخر لنفسها غضباً في يوم الغضب يوم الدينونة (رو5:2). فمن
يتقبل عمل المسيح وعمل الروح القدس فيه يذخر نفائس تكون له كنوزاً في السماء.
ويكون اليوم الأخير له هو يوم عرس ومن لا يتقبل عمل الروح القدس فيه ويقاومه
ويحزنه يصير هذا اليوم يوم دينونة له.
تفسير سفر نشيد الأنشاد - الأصحاح 8
العدد 1:
آية (1): "ليتك كأخٍ لي الراضع ثديي أمي فأجدك في الخارج وأقبلك ولا يخزونني."
ليتك كأخٍ لي= إذ كان هذا الإصحاح هو إصحاح الخدمة، نجد أن الخادم عليه أولاً
أن يتمتع بمسيحه عريس الكنيسة. وهذا النداء هو نداء كنيسة العهد القديم للرب
يسوع ليتجسد. "ويكون بكراً بين أخوة كثيرين" (رو29:8). وهو نفس النداء الذي
ردده إشعياء بعد ذلك "ليتك تشق السموات وتنزل" (إش1:64). الراضع ثديي أمي= أي
العروس تشتاق أن يكون الرب المتجسد شقيقاً لها (رو29:8). وقد حدث هذا فعلاً
وَوُلِد المسيح متجسداً وصار إنساناً كاملاً ورضع من العذراء مريم التي صارت
أماً للكنيسة جسد المسيح. وأقبلك ولا يخزونني= فبعد التجسد وبعدما رأيناه من
عمل المسيح العجيب دخلنا معه في علاقة حب. والبنت لا يصلح لها أن تقبل غريباً
أمام الناس في الخارج. والآن بعد عمل المسيح صارت الكنيسة كارزة بهذا الحب أمام
الجميع الذين في الخارج. فكنيسة العهد القديم كانت كنيسة منغلقة غير كارزة أما
كنيسة العهد الجديد فأعلنت حبها لمن تجسد لأجلها أمام الجميع بدون خزي.
العدد 2:
آية (2): "وأقودك وادخل بك بيت أمي وهي تعلمني فأسقيك من الخمر الممزوجة من
سلاف رماني."
بيت أمها= الكنيسة. فهناك تتعلم كيف تقابل حب المسيح بحبها. وهناك تنكشف لها
أسراره السماوية. فحين ترد الحب بالحب فكأنها تسقي المسيح من خمر حبها ليفرح.
وحبها هذا ممزوج بعصير= سلاف رماني= أي استعدادها لبذل حياتها حتى الدم مثله.
وإذا كانت ثمارها رمان (13:4) فما يفرح المسيح محبتها الباذلة أي تتشبه به.
العدد 3- 4:
الآيات (3،4): "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني. أحلفكن يا بنات أورشليم ألا
تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء."
لماذا تذكر هذا ثانية؟ في الأولى نفس تتعرف على المسيح وتتألم في العالم
والثانية نفس خادمة تتألم في الخدمة. شماله تحت رأسي= هنا هي متاعب الخدمة فهي
نزلت لتخدم ولكن هناك تعزيات في علاقتها الخاصة. ومرة أخرى فهي لا تريد أن تزعج
حبيبها بمشاكل الخدمة (بأن تيأس بسبب المشاكل) بل تنشغل بتسبيحها واثقة في
تتدخله في الوقت المناسب.
العدد 5:
آية (5): "من هذه الطالعة من البرية مستندة على حبيبها تحت شجرة التفاح شوقتك
هناك خطبت لك أمك هناك خطبت لك والدتك."
من هذه الطالعة= العالم هنا يتعجب لسمو الكنيسة وسيرتها التي في السماويات
ورفضها للعالم بملذاته وكرازته وشهادتها له حتى الموت. ولكن كل هذا لأنها
مستندة على حبيبها تحت شجرة التفاح شوقتك= التفاح قلنا عنه أن يشير لجسد المسيح
الذي أعطاه لنا مأكلاً ولذلك شبهت العروس عريسها بالتفاح وسط شجر الوعر (3:2).
فما هي شجرة التفاح. هذه هي الكنيسة بأعضائها الذي صار كل واحد منهم عضواً في
جسد المسيح، صرنا أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه (أف30:5). وكل نفس تدخل للكنيسة
سواء بالمعمودية أو بالتوبة بعد ذلك (لأن التوبة معمودية ثانية) تشوق المسيح
لها. هو اتخذ له جسداً لأنه كان يشتاق لعروسه، وهو يبذل جسده لكل نفس تائبة
تتغذى عليه فهو يعطي لغفران الخطايا. فالنفس تشوق المسيح بتوبتها وبطهارتها
وولادتها الجديدة.
هناك خطبت لك أمك= هناك أي تحت شجرة التفاح. فلم يكن هناك خطبة بين العريس
وعروسه إلا على أساس التجسد. ولننظر المهر المدفوع للعروس (11:3) فالمهر كان
دمه الذي سال بهذا الإكليل وغيره من الطعنات التي طعن بها. هنا الأم هي الشعب
اليهودي الذي خرج منه المسيح ثم صلبه، وهي أي الأم بهذا خطبت له كنيسة جديدة
لتصير عروسه. هناك خطبت لك والدتك= والدتك مترجمة "التي حملت بك" أو حملتك. هنا
الإشارة لكنيسة العهد الجديد التي مازالت تقول مع بولس الرسول "خطبتكم لرجل
واحد" (2كو2:11). وهي كنيسة ولود، وتحمل المسيح فيها. وبسبب التجسد= تحت شجرة
التفاح= أمكن للكنيسة أن تصبح أماً ولود تلد أولاداً لله. فالمسيح ولد جسدياً
لنولد نحن روحياً. الكنيسة مازالت تقدم كل يوم لله أولاداً وللمسيح عرائس
يخطبهن كعذارى مكرسين أنفسهم له.
العدد 6:
آية (6): "اجعلني كخاتم على قلبك كخاتم على ساعدك لأن المحبة قوية كالموت
الغيرة قاسية كالهاوية لهيبها لهيب نار لظى الرب."
نجد في هذه الآية أقوى عبارات تُصوِّر حب العروس لعريسها. إجعلني كخاتم على
قلبك= الخاتم يحمله الشخص إما على صدره مدلّى من رقبته، أو هناك من يحب شخص
فيضع صورته على صدره أو على ساعده في سوار. والأقرب للتصور، فهناك طريقة قديمة
ومازالت مستخدمة، بإذابة الشمع ثم وضع الختم على الشمع المذاب فيتشكل بشكل
الختم. وهذه العروس جعلها حبها القوى أن تشتعل وتذوب، وأين تريد أن يضعها
حبيبها؟ على قلبه. هي تريد أن تملأ قلب حبيبها كله، فلا يستطيع أحد أن يقترب
إليها ويمحو اسمها من أمام وجه الله. والختم عن طريق الشمع الذائب تختم به
الأوراق الهامة حتى يظل محتواها سرياً، وهي تريد أن تكون علاقتها بحبيبها سرية
لا يعرفها أحد، هو يملأ كل قلبها، وهي تملأ كل قلبه، ولا أحد يعرف هذه العلاقة.
والشمع المذاب يتشكل بحسب صورة الختم. ونحن مختومين بختم الروح القدس ليتصور
فينا المسيح ونأخذ صورته (أف30:4+ 2كو21:1،22+ غل19:4) كخاتم على ساعدك= قال
الله "نقشتكم على كفي" لإظهار رعايته. ولكن هذه العروس التي اشتعلت حباً تريد
أن تكون في قلبه مركز عواطفه وليس هذا فقط بل على ساعده مركز العمل لتعمل معه،
لا بل بقوته. وإذا فهمنا أن الساعد يشير للمسيح "استيقظي استيقظي إلبسى قوة يا
ذراع الرب" (إش9:51) نفهم أن النفس تريد إتحاداً كاملاً مع المسيح المتجسد.
وهذه الدالة في طلبها نابعة من المحبة القوية كالموت= كان أقوى شئ. قبل المسيح
هو الموت، فأخذ كمثال كأقوى شئ، فكل جبار مهما زادت عظمته وجبروته هُزِمَ أمام
الموت. (بعد المسيح تغيرَّ هذا فقيل "أين شوكتك يا موت"). والعروس هنا تود أن
تقول أن حبها قوياً جداً كأقوى شئ أي الموت، بل حتى الموت لا يستطيع أن يوقف
حبها له (رو38:8،39). والموت قوي جداً في التدمير، أما الحب فقوي جداً في
الإنقاذ والخلاص، ولا شئ يوقف أو يبطل هذا الحب. والغيرة قاسية كالهاوية= النفس
التي تحب لو شعرت أن حبيبها سيتركها تفضل أن تلقى في الهاوية أو القبر عن أن
يتركها. ومن أشعل هذا اللهيب هو الرب= لهيبها لهيب نار لظى الرب وهكذا حل الروح
القدس على شكل ألسنة نار وسكب محبة الله في قلوبنا (رو5:5).
العدد 7:
آية (7): "مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها أن أعطي
الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقاراً."
نار المحبة المقدسة هذه تحرق كل خطية داخلها ومياه= بحر هذا العالم لا تطفئها.
وكل ثروة هي ترفضها إن كانت بديلاً عن المحبة. هكذا رفض المسيح كل أمجاد
العالم، وهكذا كل نفس أحبت المسيح تحتقر كل ثروات العالم لأنها تحبه ولا تعوضها
ثروات العالم عن محبته. ودعوة المسيح لكل نفس "يا ابني اعطني قلبك" فهو لا يريد
المال ولا أي شئ إن لم يسبق الحب كل شئ. فلو أعطت الزوجة لزوجها كل شئ حتى
جسدها لكن بدون محبة لما فرح الزوج. والرجل الذي يتزوج بامرأة لأجل مالها
يُحْتَقَرْ. المسيح يطلب الحب المتبادل.
العدد 8:
آية (8): "لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان فماذا نصنع لأختنا في يوم تخطب."
لنا أخت صغيرة= قد يكون هذا قول كنيسة العهد القديم إذ انشغلت بالأمم الوثنيين
غير المؤمنين. وقد يكون هذا قول كل نفس أحبت المسيح وتذوقت حلاوة الحب إذ
انشغلت بكل من لم يتذوق النعمة وليس له ثمر روحي بعد. ليس لها ثديان= ليس للأمم
الوثنية ناموس ولا توراة، ليس لهم عهد جديد أو عهد قديم، ليس لهم كلمة الله ولا
رؤيا إلهية وهكذا كل نفس لم تتذوق لذة الكتاب المقدس. فماذا نصنع لأختنا في يوم
تخطب= أي إذا جاء المسيح ليخطبها كيف ستتعرف عليه. فالأخت الكبرى تسند وتصلي
للأخت الصغرى التي لم تكتشف الحق الإنجيلي بعد ولم تتعرف على المسيح عريسها.
العدد 9:
آية (9): "أن تكن سوراً فنبني عليها برج فضة وأن تكن باباً فنحصرها بألواح
أرز."
هذه إجابة العريس المطمئنة، ومعنى ما قيل هنا لو بدأت النفس تستجيب لعمل الله،
وظهرت أي بادرة استجابة واقتنعت النفس بالجهاد لإنسكبت نعمة الله بشكل لا يمكن
تصوره وساندها الله بعمل إيجابي.
إن تكن سوراً= إن بدأت كلمة الله تحصرها وبدأت تستجيب للوصايا وتنفصل عن خطايا
العالم. نبني عليها برج فضة= الفضة تشير لكلمة الله، أي ستتحول هذه النفس
لكارزة بشهادتها بكلمة الله في العلن. وإن تكن باباً= بعد الخطوة الأولى صارت
باباً يدخل منه المؤمنون لحب المسيح أو غير المؤمنين للإيمان، لقد شاهد الآخرين
فيها تحولاً فسألوها عن سبب الرجاء الذي فيها وصارت معبراً يعبر الآخرون
بواسطتها للمسيح فنحصرها بألواح أرز= بعدما صارت باباً سيهاجمها العدو ويحاربها
ولكن الله سيسيج حولها بألواح أرز. وهناك تأمل آخر أن غير المؤمنين نوعان:
1. يقاوم عمل الله كسور، وهذا نبني عليه برج فضة لنهزمه بكلمة الله.
2. مندمج في العالم يدخل منه كل فكر خاطئ كباب، وهذا نحصره بقوة المسيح التي
تطرد إبليس عنه، نحصره بألواح أرز لحمايته.
العدد 10:
آية (10): "أنا سور وثدياي كبرجين حينئذ كنت في عينيه كواجدة سلامة."
الكنيسة هنا ترد على عريسها قائلة أنا أعلم أن هذا في استطاعتك فقد اعطيتني أن
أكون سور أحمي أولادي داخلي. وثدياي كبرجين= الكتاب المقدس بعهديه ترضع بهما
أولادها لتحميهما. والكنيسة التي تطعم أولادها وتحميهم كسور تكون كواجدة سلامة=
هي تحيا في سلام وتنشر السلام وسط من حولها.
العدد 11:
آية (11): "كان لسليمان كرم في بعل هامون دفع الكرم إلى نواطير كل واحد يؤدي عن
ثمره ألفاً من الفضة."
كان لسليمان كرم في بعل هامون= بعل هامون= زوج شعب كثير. ولذلك تترجم الآية
"كان كرم لسليمان كرب جمهور". فالمسيح صار عريس كنيسته. وهو أعطى الكرم لخدام=
نواطير= هو لم يبعه لهم بل سلمهم كرمه ليحرسوه ويقدموا له الثمار في أوقاتها.
ولكنه مازال كرمه. وعلى الخدام أن يقدموا له ألفاً من الفضة= 1000يشير
للسماويات. إذاً الثمر الذي يطلبه الله من خدامه أن يقدموا له ثماراً لعملهم هو
نفوس صارت نفوساً سماوية.
العدد 12:
آية (12): "كرمي الذي لي هو أمامي الألف لك يا سليمان ومئتان لنواطير الثمر."
كرمي الذي لي هو أمامي= هو مازال صاحب الكرم وعينه مازالت عليه. ونصيب الرب
النفوس السماوية. ونصيب الخدام 200= 100+100 (كل من ترك أباً أو .. يأخذ
100ضعف) فهذا نصيب كل من يتعب للرب ويترك من أجله، و200 (لخدام العهد القديم
وخدام العهد الجديد).
العدد 13:
آية (13): "أيتها الجالسة في الجنات الأصحاب يسمعون صوتك فأسمعيني."
حب العروس لم يعد خفياً ولا مكتوماً. والأصحاب السمائيين صاروا يفرحون بصوت
تسبحتها والأرضيين يفرحون بصوت كرازتها. فهو يفرح بصوتها والأصحاب يفرحون
أيضاً.
العدد 14:
آية (14): "اهرب يا حبيبي وكن كالظبي أو كغفر الأيائل على جبال الأطياب."
جبال الأطياب= تشير للمكان السماوي الذي المسيح فيه الآن يشفع في عروسه
وينتظرها وهي مشتاقة ليوم اللقاء. إهرب= أسرع. هذه النهاية تشبه "أمين تعال
أيها الرب يسوع".