راعوث
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
1. سفر راعوث يأتى بين سفرى القضاة وصموئيل اللذين كثرت فيهما الحروب والدماء والعصيان والتأديب. وسفر راعوث يأتى بطريقة عجيبة بينهما فلا نجد فيه حروب ولا عداءات بل محبة وأشخاص يحيون فى بساطة وحب لله وطاعة لهُ. هو سفر يثبت أن هناك 7000 ركبة لم تنحنى لبعل وأن الله لا يبقى نفسه بلا شاهد. والآنتقال من سفر القضاة إلى سفر راعوث هو إنتقال من عالم الحرب إلى بيت السلام، هو إنتقال من العالم المملوء إضطراباً إلى الكنيسة المملوءة محبة وسلام. فالله قادر وسط هذا العالم المملوء إضطراباً أن يحفظ أولاده فى سلام يفوق كل عقل. وفى الكنيسة نتقابل مع المسيح عريس نفوسنا كما تقابلت راعوث مع بوعز عريسها.
2. تقليد اليهود يذكر أن كاتب السفر هو صموئيل النبى وهذا صحيح فمن سجل قصة داود أى صموئيل النبى يكتب قصة راعوث ليكمل نسب داود.
3. وقعت أحداث قصة راعوث فى عصر القضاة وهناك رأيين فى زمان الأحداث:-
أ. الرأى الأول يقول أن الأحداث حدثت فى زمان جدعون وأن المجاعة المذكورة هى التى حدثت نتيجة ظلم المديانيين ولو صح هذا يكون سلمون زوج راحاب قد وَلَدَ بوعز فى زمان بعيد عن أيام عوبيد والد يسى أبو داود. إلاّ لو كان هناك أسماء ساقطة لم تذكر ولكن (مت 1 : 5) يذكر صراحة أن سلمون ولد بوعز من راحاب فيكون سلمون المذكور هنا فى (را 4 : 21) هو زوج راحاب.
ب. يرى يوسيفوس أن راعوث عاشت فى أيام عالى الكاهن وفى جدول الأوقات التالى محاولة لحل المشكلة إفترضنا فيها أن سلمون ولد بوعز وعمره 60 سنة. وبوعز ولد عوبيد وعمره60 سنة وعوبيد ولد يسى وعمره 60 سنة ويسى ولد داود وعمره 60 سنة وبهذا يصبح إفتراض يوسيفوس بعيداً ويكون الإقتراح الأول أقرب للصحة.
ولادة سلمون 1325
دخول أرض الميعاد................
ولادة بوعز من راحاب 1265
ولادة عوبيد من راعوث 1205
1167 بدء قضاء عالى الكاهن
ولادة يسى 1145
1137 دعوة صموئيل وعمره 12 سنة
1127 موت عالى
1085 ولادة داود
1065 مسح داود ملكاً
1055 موت شاول
وبهذا الإقتراح تصبح فترة القضاة حوالى 200 سنة وهذا يتعارض مع قول يفتاح بأن لهم 300 سنة فى الأرض. ويفتاح غالباً كان معاصراً لعالى الكاهن. وحل المشكلة أن الكتاب أسقط إسم أو إسمين ما بين عوبيد ويسى. وهذا يحدث كثيراً فى الكتاب المقدس.
4. موآب بأوثانه وعبادته الوثنية يشير للشيطان، خصوصاً للعداوة الشديدة من موآب لشعب الله. ومن وسط موآب تخرج راعوث لترجع إلى الله أبيها. فراعوث الأممية إغتصبت نصيباً فى شعب الله فحسبت رمزاً لكنيسة الأمم.
5. سفر راعوث هو السفر الوحيد الذى سمى بإسم إمرأة أممية فى الكتاب المقدس نظراً للرتبة الفائقة التى بلغت إليها راعوث، التى صارت أماً للمسيح الأمر الذى كانت المؤمنات جميعاً يشتهين إياه. كما حُسِبَت رمزاً لكنيسة الأمم عروس المسيح القادمة من موآب إلى بيت لحم. لقد جرى دمها وهى أممية فى عروق مخلص العالم.
6. فى عصر القضاة رأينا إنحراف اليهود الشديد للوثنية، وهذا السفر يعلن أن لله بقية باقية له بين الأمم تتمسك بالإيمان به بلا مطمع أرضى أو شهوة جسدية.
7. سفر راعوث هو سفر الحصاد وفيه أُعْلِنَ دخول الأمم للإيمان فى شخص راعوث التى كانت تطلب السنابل الساقطة فحملت فى نسلها المسيح حبة الحنطة (يو 12 : 24) التى تقع فى الأرض لتأتى بثمر وحصاد كثير (قيلت هذه الآية عن دخول اليونانيين الإيمان).
8. أهمية السفر أنه إحتفظ لنا بنسب السيد المسيح. ونجد فى نسبه البشرية كلها يهوداً وأمماً. ونلاحظ فى نسب المسيح 3 نساء وهم ثامار الكنعانية وراحاب الكنعانية وراعوث الموآبية فالمسيح أخذ لنفسه طبيعة كل البشر وليس طبيعة اليهود فقط.
9. سفر راعوث سجل لنا أداب المخاطبة الروحية الرائعة والحوار المهذب الرائع بين راعوث وحماتها وبين نعمى وكنتها وبين راعوث وبوعز وبين بوعز وحصاديه.
10. نجد فى السفر بعض تقاليد اليهود وعاداتهم.
11. يشرح لنا السفر بركات الله المعطاة لراعوث التى إهتمت بحماتها.
12. نعمى السيدة اليهودية التى تتمتع بالناموس والآنبياء وحصلت على الخلاص بل هى فى أرض الميعاد فى وقت الضيق تركت أرض الميعاد لتذهب للحياة السهلة فى موآب وإذ بها تخسر كل شئ فى أرض موآب زوجها وأولادها. هذه صورة للمسيحى الذى حصل على الخلاص وفى وقت الضيق أو وقت الرخاء يترك المسيح (الخارج من سبط يهوذا) ليحيا فى العالم السهل فتخسر هذه النفس كل شئ. هى تمثل النفس التى تذوقت نعمة الله ثم عادت وجحدته لتشبع من العالم (عب 6 : 4-8). بينما راعوث التى نشأت فى أرض موآب حيث الخطية والوثنية إذ تسمع عن الإله الحى تخرج بالإيمان إلى بيت لحم لتتزوج بوعز ويأتى من نسلها المسيح. وحتى الآن فكثيرين من شعب الله يتركونه وينكرون الإيمان فيخسرون كل شئ وكثيرون ممن هم من خارج يسمعون عن المسيح فيؤمنون. فالمسيح جاء لسقوط وقيام كثيرين (لو 2 : 34) تسقط نعمى المستهترة بنعمة الله وتقوم راعوث الموآبية بإيمانها الحى به.
آية (1): "حدث في أيام حكم القضاة انه صار جوع في الأرض فذهب رجل من بيت لحم يهوذا ليتغرب في بلاد مواب هو وامرأته وابناه."
حدث = تربط هذه القصة بسفر القضاة.
صار جوع = لقد سمح الله بالمجاعة للتأديب ويبدو أن اليمالك لم يفتقر تماماً، فنعمى ذهبت وهى ممتلئة (آية 21). ولكنه لم يستطع أن يتحمل هذا الصليب البسيط وهرب من بيت لحم إلى موآب ولكنه مات ومات إبنيه. والمعنى الرمزى أننا لن نستطيع أن نهرب من أى ضيقة بهروبنا من الله، بل علينا أن نهرب إلى الله. فأليمالك هرب من بيت لحم وأورشليم وذهب إلى موآب الوثنية. وهو هنا يمثل من يظن أن الكنيسة بيت لحم هى حرمان وأن المسيح خسارة فيهرب للعالم ليشبع ملذاته فيفقد كل شئ. عموماً فأى ضيقة هى تأديب من الله علينا أن نقبله لا أن نهرب منه فيؤتى ثماره. وهذه المجاعة كانت لتأديب إسرائيل على الفساد الذى تفشى وسطهم ورأيناه فى سفر القضاة.
آية (2): "واسم الرجل اليمالك واسم امرأته نعمي واسما ابنيه محلون وكليون افراتيون من بيت لحم يهوذا فأتوا إلى بلاد مواب وكانوا هناك."
أليمالك = الهى ملك. بيت لحم = بيت الخبز وأفراته إسم ثانى لها بمعنى ثمار. نعمى = الحلوة أو متنعمة القلب. محلون = المستضعف أو جدب أو مرض. كليون = الهزيل أو خراب. وأسماء الأولاد متمشية مع المجاعة، هى صدى لها. ولاحظ أن المسيح خبز الحياة وولد فى بيت لحم (أى بيت الخبز). والمعنى الرمزى أن أليمالك لهُ إسم حلو فهو يمثل من لهُ الحياة الروحية المظهرية لكن بلا عمق، وهذا يترك بيت لحم أى لا يكون لهُ حياة المسيح فيكون حياته غير مثمرة (أفراته) وعقيمة ومجدبة (محلون وكليون). ومثل هذا لا يكون لهُ ثمار لأنه يطلب لذة الجسد (نعمى).
آية (3-5): "ومات اليمالك رجل نعمي وبقيت هي وابناها. فأخذا لهما امرأتين موابيتين اسم إحداهما عرفة واسم الأخرى راعوث وأقاما هناك نحو عشر سنين. ثم ماتا كلاهما محلون وكليون فتركت المرأة من ابنيها ومن رجلها."
منع الله شعبه أن يختلط بموآب لوثنيتها (تث 23 : 3،4 + 7 : 3،4). ولكننا نجد أولاد أليمالك يتزوجوا بموآبيات ضد الشريعة. وهذا خطأ الأب الذى ترك أرضه.
الآيات (6،7): "فقامت هي وكنتاها ورجعت من بلاد مواب لأنها سمعت في بلاد مواب أن الرب قد افتقد شعبه ليعطيهم خبزا. وخرجت من المكان الذي كانت فيه وكنتاها معها وسرن في الطريق للرجوع إلى ارض يهوذا."
عادت نعمى لأرضها مثل عودة الإبن الضال. فالله يسمح بتأديبات كثيرة حتى نرجع إليه ونشعر بخطايانا ونشتاق للعودة. ونعمى بعد فقد رجلها وإبنيها صارت بلاد موآب لها مُرَّة فالله يُمرَّرْ لأولاده أرض الخطية ليشتهوا العودة إليه كما فعل مع الابن الضال. وقد يُمرَّرْ لنا الأرض لنشتهى السماء (المقصود بتمرير الأرض، الضيقات والآلام).
الآيات (8،9):" فقالت نعمي لكنتيها اذهبا ارجعا كل واحدة إلى بيت أمها وليصنع الرب معكما إحسانا كما صنعتما بالموتى وبي.و ليعطكما الرب أن تجدا راحة كل واحدة في بيت رجلها فقبلتهما ورفعن أصواتهن وبكين."
نلاحظ رقة التعامل من نعمى لكنتيها. وهن شعرن بمحبتها أثناء عشرتهن لها فتمسكن بألاَّ يفارقنها، لقد ردوا الحب بالحب (آية 10).
الآيات (10-13): " فقالتا لها اننا نرجع معك الى شعبك. فقالت نعمي ارجعا يا بنتي لماذا تذهبان معي هل في أحشائي بنون بعد حتى يكونوا لكما رجالا. ارجعا يا بنتي واذهبا لاني قد شخت عن أن أكون لرجل وأن قلت لي رجاء أيضا باني أصير هذه الليلة لرجل وألد بنين أيضا. هل تصبران لهم حتى يكبروا هل تنحجزان من أجلهم عن أن تكونا لرجل لا يا بنتي فأنى مغمومة جدا من أجلكما لان يد الرب قد خرجت علي."
الشريعة تنص أنه لو مات الرجل دون أن ينجب يتزوج شقيقه من أرملته ليقيم لهُ نسلاً، أو أقرب ولى. ونعمى تشرح إستحالة تحقيق هذا. وهى لم تذكر شيئاً عن أن هناك وليين فى يهوذا فهى لا تعرف موقفهما بعد طول غيابها فى موآب. وهى لا ترضى لكنتيها أن يبقوا أرامل كل حياتهن فهى خافت إن رجعت بهن إلى يهوذا أن لا يقبل أحد من رجال يهوذا أن يتزوج منهن لأنهن وثنيات ولا حتى الوليين لذلك فضلت رجوعهن إلى موآب.
آية (14): "ثم رفعن أصواتهن وبكين أيضا فقبلت عرفة حماتها وأما راعوث فلصقت بها."
عرفة حملت وفاءً صادقاً لحماتها لكنها عادت لأهلها. ورمزياً فهى تمثل من يحب المسيح لكنه ليس على إستعداد لترك ملذات العالم من أجله، فهم يحبون المسيح لكنهم يحبون العالم أكثر. وأمّا راعوث فقد فاقت الحدود البشرية فى محبتها وأصبحت تمثل من يترك بإيمانه أرض الخطية لينطلق إلى المسيح كما ترك إبراهيم أور وحاران.
الآيات (15-18): "فقالت هوذا قد رجعت سلفتك الى شعبها والهتها ارجعي انت وراء سلفتك. فقالت راعوث لا تلحي علي أن أتركك وارجع عنك لأنه حيثما ذهبت اذهب وحيثما بت أبيت شعبك شعبي وإلهك الهي. حيثما مت أموت وهناك اندفن هكذا يفعل الرب بي وهكذا يزيد إنما الموت يفصل بيني وبينك. فلما رات انها مشددة على الذهاب معها كفت عن الكلام اليها."
التصاق راعوث بحماتها يرمز لإلتصاق الشخص بالكنيسة وعن طريق ذلك الإلتصاق يحدث الزواج مع العريس المسيح كما تزوجت راعوث ببوعز. هكذا يفعل الرب بى = راعوث تقسم بإسم الرب وهذا يظهر تمسكها بإله إسرائيل كإله لها. ولاحظ إلى أى درجة كانت محبة راعوث....حتى الموت. لقد أعطت نعمى حباً لكنتيها وها هى تجنى ثمار حبها … ولقد أحبنا المسيح حتى الموت فهل نحبه نحن؟.
آية (19): "فذهبتا كلتاهما حتى دخلتا بيت لحم وكان عند دخولهما بيت لحم أن المدينة كلها تحركت بسببهما وقالوا أهذه نعمي."
تحركت المدينة بسببهما = لأن الكل توقع أن تدخل نعمى بأولادها وأحفادها ومعها خيرات كثيرة ولكنها رجعت فارغة تماماً إلاّ من كنتها التى هى الآن ثقلاً ومسئولية.
الآيات (20،21): "فقالت لهم لا تدعوني نعمي بل ادعوني مرة لان القدير قد امرني جدا. أنى ذهبت ممتلئة وأرجعني الرب فارغة لماذا تدعونني نعمي والرب قد أذلني والقدير قد كسرني."
لقد حسبت نعمى ما حدث لها علامة غضب من الله بسبب خطاياها.
آية (22): "فرجعت نعمي وراعوث الموابية كنتها معها التي رجعت من بلاد مواب ودخلتا بيت لحم في ابتداء حصاد الشعير."
ودخلتا بيت لحم فى إبتداء حصاد الشعير = ها هى عادت لبيت لحم لتجد الحقول ممتلئة ومن يعود للكنيسة سيجد خيرات كثيرة. والله يشبع كل نفس عائدة إلى بيت لحم (الكنيسة). مولود بيت لحم قادر أن ينزع مرارة النفس التى عادت وهى مُرّة.
الآيات (1-2): "وكان لنعمي ذو قرابة لرجلها جبار باس من عشيرة اليمالك اسمه بوعز. فقالت راعوث الموابية لنعمي دعيني اذهب إلى الحقل والتقط سنابل وراء من أجد نعمة في عينيه فقالت لها اذهبي يا بنتي."
بوعز = فيه عز وقوة. جبار بأس = الكلمة فى أصلها العبرى تشير لأن بوعز غنى وصاحب سلطان ومهابة فضلاً عن أن الكلمة تشير أيضاً للقوة فى الحرب. وراعوث إستأذنت حماتها لتذهب لتعمل فى الحقول لتأكل هى وحماتها من ثمر تعبها. وبحسب الشريعة كانت تُتْرك سنابل الحصاد الساقطة من وراء الحصادين للغريب والمسكين. (تث 24 : 19-22) ولم تستنكف راعوث من العمل أياً كان نوعه بل عملت بمنتهى الجدية.
ورمزياً:- فراعوث تشير لكنيسة الأمم التى إلتصقت بنعمى (كنيسة اليهود). ونعمى كانت ذا قرآبة بالجسد مع بوعز أى أن المسيح جاء بالجسد من كنيسة اليهود. وراعوث أتت إلى حقل بوعز لتلتقط سنابل هذا يشير للكنيسة التى جاءت فى أواخر الأزمنة تجمع ما قد سبق وتعب فيه الأباء والآنبياء (يو 4 : 37،38)، ولاحظ أنها جاءت إلى بيت لحم أى بيت الخبز لتصير راعوث هى أيضاً ليست ذات قرابة لبوعز بل عروساً لهُ. ونحن الكنيسة عروس المسيح جبار البأس الذى بعز وقوة يسند نفوس عروسته الخائرة ويرفعها فوق الضيق والألم. وراء من أجد نعمة فى عينيه = لاحظ أن راعوث تركت تدبير الأمر كله لله والله دبّر عجباً.
آية (3): "فذهبت وجاءت والتقطت في الحقل وراء الحصادين فاتفق نصيبها في قطعة حقل لبوعز الذي من عشيرة اليمالك."
فإتفق نصيبها = هذا ليس مصادفة أو حظ حسن بل هو تدبير من الله، والله يدبر لكل من يترك حمله عليه. ونلاحظ أن هذه الضيقة لم تجعل راعوث ترتد وتعود إلى موآب لبيت أبيها بل عملت فى صمت تجمع لتأكل وتشبع حماتها أيضاً. هكذا على كل نفس أن تعمل فى كرم المسيح مهما كانت الضيقات ولا ترتد لتعيش وتحب العالم. ومن المؤكد فالشبع والتعزيات سوف تأتى. ونلاحظ أن راعوث لم تقل لحماتها لماذا أعمل أنا وأنت نائمة فى البيت وأيضاً لم تطلب أن تلهو مع بنات القرية.
آية (4): "وإذا ببوعز قد جاء من بيت لحم وقال للحصادين الرب معكم فقالوا له يباركك الرب."
لاحظ الطريقة المهذبة فى الحوار بين بوعز ورجاله.
آية (5): "فقال بوعز لغلامه الموكل على الحصادين لمن هذه الفتاة."
لم يقل بوعز مَن هذه الفتاة بل لمن هذه الفتاة = فالعادة فى الشرق أن تنسب كل فتاة لرجل بكونها إبنته أو زوجته أو أمته.
آية (6): "فأجاب الغلام الموكل على الحصادين وقال هي فتاة موابية قد رجعت مع نعمي من بلاد مواب."
هذا هو حال كنيسة الأمم تركت أباها القديم وجاءت بلا عريس، غريبة الجنس محتاجة إلى رجل تنسب إليه وإلى عريس يضمها.
آية (7): "وقالت دعوني التقط واجمع بين الحزم وراء الحصادين فجاءت ومكثت من الصباح إلى الان قليلا ما لبثت في البيت."
إستحقت راعوث أن يهتم بها بوعز لأنها جاهدت جهاداً حسناً. وجهاد راعوث فى الحقل هو رمز لجهاد النفس فى التوبة والصلاة والصوم. وبجهاد راعوث دخل معها بوعز فى حوار محبة. والنفس المجاهدة تلتقى بالإيمان مع السيد المسيح وتشعر بمحبته.
آية (8): "فقال بوعز لراعوث إلا تسمعين يا بنتي لا تذهبي لتلتقطي في حقل أخر وأيضا لا تبرحي من ههنا بل هنا لازمي فتياتي."
يا بنتى = هذه تشير لأنه كان كبير السن. وتشير لمحبته الأبوية وإهتمامه بها. لا تذهبى لتلتقطى فى حقل أخر = وعد منه برعايتها. ولقدد صرنا أبناء لله بالمعمودية وهو كأب يعتنى بأولاده. ووصية بوعز هى وصية الله لا تبرحى من ههنا = لا تتركى الكنيسة لازمى فتيانى = أى نكون فى شركة مع القديسين ننعم كلنا بمحبة الله التى يحصرنا بها. (نش 18:1). وعلينا أن نلتصق بالكنيسة حتى ينتهى الحصاد (حصاد هذا العالم هو فى نهآية الأيام).
آية (9): "عيناك على الحقل الذي يحصدون واذهبي وراءهم ألم أوص الغلمان أن لا يمسوك وإذا عطشت فاذهبي إلى الآنية واشربي مما استقاه الغلمان."
عيناك على الحقل = بوعز يشعرها أنها لا تأخذ مجاناً بل هى لها عمل، فلم تصبح غريبة بل عاملة فى الحقل كأنه حقلها. والنفس الأمينة فى علاقتها مع الله يعطيها كرامة الخدمة. وفى جهاد النفس تعطش فيرويها المسيح الذى فاض بروح قدسه لكى يروى كل نفس تقبله (يو 4 : 14 +7 : 37). لقد صارت النفس فى حمآية المسيح لا يؤذيها أحد = لا يمسوك.
آية (10): "فسقطت على وجهها وسجدت إلى الأرض وقالت له كيف وجدت نعمة في عينيك حتى تنظر إلى وأنا غريبة."
هكذا على كل نفس تذوقت عطايا الروح القدس أن تنحنى لتسجد علامة شكر للمسيح.
آية (11): "فأجاب بوعز وقال لها أنني قد أخبرت بكل ما فعلت بحماتك بعد موت رجلك حتى تركت أباك وأمك وارض مولدك وسرت إلى شعب لم تعرفيه من قبل."
المسيح يذكر لنا إيماننا به ويشجعنا على ذلك، المسيح يشجع كنيسة الأمم التى تركت إبليس أباها لتلتصق به. سرت إلى شعب لم تعرفيه = هذه الآية فيها إشارة إلى إبراهيم. وأيضاً لكل نفس تركت العالم بخطاياه لتلتصق بالسمائيين الذين كانوا غرباء عنها.
آية (12): "ليكافئ الرب عملك وليكن أجرك كاملا من عند الرب اله إسرائيل الذي جئت لكي تحتمي تحت جناحيه."
أجركِ كاملاً = ما هو الأجر الكامل الذى حصلت عليه راعوث أكثر من أن يكون بوعز عريسها. وهذا نفسه بالنسبة للنفس مع المسيح.
آية (13): "فقالت ليتني أجد نعمة في عينيك يا سيدي لأنك قد عزيتني وطيبت قلب جاريتك وأنا لست كواحدة من جواريك."
ربما كان بوعز هو أول يهودى يكلمها كلمة طيبة. ولاحظ إنسحاق راعوث.
الآيات (14،15): "فقال لها بوعز عند وقت الأكل تقدمي إلى ههنا وكلي من الخبز واغمسي لقمتك في الخل فجلست بجانب الحصادين فناولها فريكا فأكلت وشبعت وفضل عنها. م قامت لتلتقط فامر بوعز غلمانه قائلا دعوها تلتقط بين الحزم ايضا ولا تؤذوها."
الخل = الكلمة تشير إلى نوع من "الصوص اللذيذ". هو شراب من النبيذ المخمر الممزوج بالزيت وهذا لهً خاصية الآنعاش والترطيب. الفريك = يحمص فى المقلاة فيصير طعمه لذيذاً. والمسيح من محبته كعلامة لإتحاده بنا أعطانا أن نأكل جسده (الخبز) ونشرب ودمه(الخل) ونحيا بحياته التى عاشها متألماً عنا (الفريك) الفريك هو حنطة محمصة فى النار. والمسيح هو حبة الحنطة الذى عاش فى الأرض متألماً.
فجلست بجانب الحصادين = الحصادين يشيروا للملائكة الذين سيأتوا مع المسيح الديان يوم الحصاد يحصدون النفوس المقدسة لحساب ملكوته. فالمسيح وهبنا جسده ودمه لننعم بحياته فينا لنصير شركاء للملائكة فى حياتهم السماوية.
آية (16): "وانسلوا أيضا لها من الشمائل ودعوها تلتقط ولا تنتهروها."
انسلوا لها من الشمائل = الشمائل هى الحزم. وأنسلوا لها من الحزم أى تظاهروا بأنكم نسيتم الحزم فى الحقل فتصبح من حق راعوث، هذا كرم المسيح فى عطاياه فهو الذى يعطى بسخاء ولا يُعيّر.
الآيات (17-18): "فالتقطت في الحقل إلى المساء وخبطت ما التقطته فكان نحو ايفة شعير. فحملته ودخلت المدينة فرأت حماتها ما التقطته وأخرجت وأعطتها ما فضل عنها بعد شبعها."
خبطت ما إلتطقته = خبطت بعصا لتفرز الحبوب من التبن. إيفة شعير = حوالى 15 كجم، هى ثمر جهادها مع كرم بوعز. لقد جاهدت وتعبت ولكنها فرحت وشبعت وتعزت بكلام ومحبة بوعز. فرأت حماتها ما إلتطقته = النفس التى تشبع تحمل للآخرين ليشبعوا، وكما قالت السامرية لأهلها تعالوا وأنظروا ذهبت راعوث لتشبع حماتها.
آية (19): "فقالت لها حماتها أين التقطت اليوم وأين اشتغلت ليكن الناظر إليك مباركا فأخبرت حماتها بالذي اشتغلت معه وقالت اسم الرجل الذي اشتغلت معه اليوم بوعز."
أين إشتغلت = هى عرفت من الكمية التى أتت بها راعوث أن هناك من أحسن إليها. خصوصاً حين رأت علامات الفرح على وجهها.
الآيات (20،21): "فقالت نعمي لكنتها مبارك هو من الرب لأنه لم يترك المعروف مع الأحياء والموتى ثم قالت لها نعمي الرجل ذو قرابة لنا هو ثاني ولينا. فقالت راعوث الموابية انه قال لي ايضا لازمي فتياتي حتى يكملوا جميع حصادي."
بوعز يبدو انه كان صاحب أفضال سابقة على عائلة نعمى زوجها وولديها وهم الآن أموات وها هو صاحب فضل على الأحياء أى نعمى وراعوث. وبوعز هو الولى الثانى لراعوث ونعمى وكلمة ولى من نفس مصدر فادى. ولقد تطلعت نعمى إلى بوعز ليرد لها أملاك زوجها الموروثه وليكون زوجاً لراعوث.
والمسيح هو الذى تبارك فيه الجميع الموتى والأحياء. فهو الذى أطلق الموتى من الجحيم إلى الفردوس. والأحياء إمتلأوا رجاء فيه. فإحسان المسيح كان مع الجميع ومازال مستمراً. وهو تقدم كولى ثان لنا بعد أن شاخ الناموس وعجز من إشباعنا.
آية (22): "فقالت نعمي لراعوث كنتها انه حسن يا بنتي أن تخرجي مع فتياته حتى لا يقعوا بك في حقل أخر."
وصية نعمى لراعوث تأكيد لوصية بوعز. أن تلازم راعوث فتياته. وهى وصية الناموس والعهد القديم لنا أن نلازم الكنيسة والقديسين. حتى يقعوا بك = إن تركت راعوث حمآية بوعز (وحمآية الكنيسة) يقع بها الفتيان الأشرار (الشياطين).
آية (23): "فلازمت فتيات بوعز في الالتقاط حتى انتهى حصاد الشعير وحصاد الحنطة وسكنت مع حماتها."
حصاد الشعير = حصاد العهد القديم. وحصاد الحنطة هو حصاد العهد الجديد. وبعد نهآية الحصادين نلتقى مع الرب يسوع فى السماء كعريس للكنيسة الجامعة.
الآيات (1-5): "وقالت لها نعمي حماتها يا بنتي إلا التمس لك راحة ليكون لك خير. فالان أليس بوعز ذا قرابة لنا الذي كنت مع فتياته ها هو يذري بيدر الشعير الليلة. فاغتسلي وتدهني والبسي ثيابك وانزلي إلى البيدر ولكن لا تعرفي عند الرجل حتى يفرغ من الأكل والشرب. ومتى اضطجع فاعلمي المكان الذي يضطجع فيه وادخلي واكشفي ناحية رجليه واضطجعي وهو يخبرك بما تعملين. فقالت لها كل ما قلت اصنع."
نجد هنا نعمى تطلب راحة راعوث وتعطيها بعض الإرشادات لتحصل على حق الميراث الذى كان لنعمى ولكن نعمى تركته لراعوث. ونلاحظ أن نعمى طلبت الراحة لراعوث ليس الراحة من العمل بل أن يكون لها رجل يحميها. ونعمى فضلت أن يكون الرجل هو الولى الثانى بوعز وليس الأوّل فهى تعرف شهامة بوعز وفضله. إغتسلى وتدهنى.. علامة أن فترة الحداد قد إنتهت وهى الآن تطلب أن يكون لعا عريس. لا تعرفى عند الرجل حتى يفرغ من الأكل والشرب = أى لاتتكلمى معهُ إلاّ بعد أن يخرج الخدام وليس فى وقت العمل وليس أمام الناس. وهذا كله لهُ معناه الروحى:
فالناموس (نعمى) يطلب الكنيسة أن يكون لها راحة وفرح بالمسيح المخلص. ويكون للكنيسة نسلاً أى ثمار ومؤمنين كثيرين يدخلون الإيمان. فالناموس غايته المسيح (رؤ 10 : 4). إغتسلى = لا دخول إلى العريس بدون معمودية. تدهنى = بالمعمودية نقبل العضوية فى جسد المسيح وبالميرون يسكن الروح القدس فينا ليقدسنا فيهيئنا للعرس الأبدى (2كو1 : 21-22). الروح القدس يرفع النفس من مجد إلى مجد حتى تحمل سمة عريسها وتحمل صورته بل تلبس المسيح (غل 3 : 27) فبعد أن نخلع الآنسان العتيق بشهواته وملذاته نلبس الجديد وهذا معنى إلبسى ثيابك أى تقبل النفس السيد المسيح كثوب ويستر كل ضعفاتها أو يخفى المسيح النفس فتظهر لدى الآب حاملة سمات المسيح فتكون موضع سروره. وإنزلى إلى البيدر = فى البيدر يذرى المحصول لفرز الحبوب من التبن وبذلك يصير البيدر إشارة إلى يوم الدينونة حين نتقابل مع المسيح كديان. إذاً علينا فى تقابلنا مع المسيح المحب أن نخاف دائماً من ذلك اليوم ونضع أمام أعيننا صورة المسيح كديان "تمموا خلاصكم بخوف ورعدة" لا تعرفى عند الرجل حتى يفرغ.. = اللقاء السرى فى المخدع، أى أن تكون علاقة المحبة سراً. فبعد أن تقابلت مع المسيح فى الحقل أى الخدمة، على النفس أن تعود للمخدع فى نهآية اليوم لتتقابل مع المسيح سراً فى المخدع. أدخلى = الدخول للرب يعنى أن نخرج من محبة العالم وإغراءاته لندخل فى دائرة محبة الله. إكشفى ناحية رجليه = أى نتعرف على أسراره الإلهية قدر ما نتحمل كبشر، أما ّ فى الدهر الآتى فنراه وجهاً لوجه وندرك الأمور التى لم نكن نتحملها فى هذا العالم. وقارن مع (خر 33 : 23) " تنظر ورائى وأماّ وجهى فلا يُرى". وإضطجعى = أى قبول الموت والصليب مع المسيح فلن نستفيد من المسيح المصلوب إلاّ خلال قبولنا للصليب.
لقد أرادت نعمى من بوعز أن يفك لها الأرض وأن يتزوج راعوث. وكانت نعمى واثقة من طهارة بوعز وراعوث لذلك أرشدتها لهذه الطريقة. وربما كان بوعز يفكر فى الزواج من راعوث وفك الأرض لكنه خشى أن لا تقبل راعوث الزواج منه لكبر سنه وأنها تفضل الزواج بأحد الشبان.
الآيات (6،7): "نزلت الى البيدر وعملت حسب كل ما امرتها به حماتها. فأكل بوعز وشرب وطاب قلبه ودخل ليضطجع في طرف العرمة فدخلت سرا وكشفت ناحية رجليه واضطجعت."
وطاب قلبه = ليست بمعنى شرب الخمر والسكر بل الشكر لله الذى رفع المجاعة. طرف العرمة =أى عند أطراف أكوام السنابل التى ديست بالنورج فى إنتظار التذرية. لقد نام بجانب محصوله ليمنع السرقة، والوقت أيضاً وقت عمل فلا وقت لديه للرجوع إلى المنزل فى المدينة ثم عودته للحقل مبكراً فى الصباح. كشفت ناحية رجليه = هى فعلت ذلك لتعلن له أنها قريبته وهى تمثل قدميه وقد تعرت وفى حاجة لمن يسترها.
الآيات (8،9): "وكان عند انتصاف الليل ان الرجل اضطرب والتفت واذا بامراة مضطجعة عند رجليه. فقال من أنت فقالت أنا راعوث أمتك فابسط ذيل ثوبك على أمتك لأنك ولي."
ابسط ذيل ثوبك على أمتك = هذا طلب بالزواج. والآن راعوث تنفذ طقس دينى كيهودية تعرف شريعة اليهود. وهذا نفس ما قيل فى (حز 16 : 7-8) كنبوة عن المسيح "فبسطت ذيلى عليك وسترت عورتك". والمسيح دائماً يحاول أن يبسط ذيله علينا ليحمينا تحت جناحيه ولكن هناك من يرفض " يا أورشليم يا أورشليم.... كم مرة أردت.... لكنكم لم تريدوا.... (والنتيجة الطبيعية) … ها بيتكم يترك لكم خراباً (مت 23 : 37 –38). فلنلجأ ليسوعنا وهو يظلل علينا فهو ولينا وفادينا يحمل كل مشاكلنا.
آية (10): "فقال انك مباركة من الرب يا بنتي لأنك قد أحسنت معروفك في الأخير اكثر من الأول إذ لم تسعي وراء الشبان فقراء كانوا أو أغنياء."
أحسنت معروفك = الكلمة فى العبرية تعنى القداسة التى ظهرت فى طاعتها لإله إسرائيل ومحبتها وإخلاصها لنعمى وطاعتها لناموس إله إسرائيل بطلبها الزواج من بوعز الكبير سناً كولى لها لإقامة نسل للميت. فى الأخير أكثر الأول = فهى الآن فضلت ان ترد ميراث نعمى وتقيم نسلاً للميت أى بإسمه عن أن تتزوج بشاب.
آية (11-14): "والان يا بنتي لا تخافي كل ما تقولين افعل لك لان جميع أبواب شعبي تعلم انك امرأة فاضلة. والان صحيح اني ولي ولكن يوجد ولي اقرب مني. بيتي الليلة ويكون في الصباح انه ان قضى لك حق الولي فحسنا ليقض وان لم يشا ان يقضي لك حق الولي فانا اقضي لك حي هو الرب اضطجعي الى الصباح. فاضطجعت عند رجليه الى الصباح ثم قامت قبل ان يقدر الواحد على معرفة صاحبه وقال لا يعلم ان المراة جاءت الى البيدر."
جميع أبواب شعبى = أى شيوخ المدينة وقضاتها لأنهم يجتمعون عند الأبواب. إمرأة فاضلة = كانت أمينة لزوجها وهو حى وظلت أمينة لإسمه بعد موته فلم تطلب شهوتها وزواجها بأحد الشباب بل طلبت إقامة إسم للميت بزواجها من بوعز الكبير سناً لأنه وليها الثانى إن رفض الولى الأول ذلك.
آية (15): "ثم قال هاتي الرداء الذي عليك وامسكيه فامسكته فاكتال ستة من الشعير ووضعها عليها ثم دخل المدينة."
اكتال لها ستة من الشعير = بعد جهادها الشاق حصلت على إيفة وهى تعادل 3 مكاييل ولكن لقاء بعد البيدر أعطاها مجاناً دون جهاد الضعف أى 6 مكاييل. فما نحصل عليه فى المخدع أكثر ما نحصل عليه فى الخدمة. ولكن لن نحصل على بركات المخدع ما لم نجاهد فى الحقل أولاً. فينبغى أن نجاهد لحساب ملكوت الله ثم نلتقى به فى المخدع سراً خلال الصلاة ودراسة كلمة الله. ولنلاحظ أنه لا تمتع بالحياة التأملية ما لم يكن هناك جهاد روحى وعمل روحى.
آية (16): "فجاءت إلى حماتها فقالت من أنت يا بنتي فأخبرتها بكل ما فعل لها الرجل."
من أنت يا إبنتى = أى هل أنت راعوث الموآبية الأرملة أم صرت راعوث خطيبة بوعز. هل أنت راعوث. الفقيرة أم عروسة بوعز الغنى.
الآيات (17-18): "وقالت هذه الستة من الشعير أعطاني لأنه قال لا تجيئي فارغة إلى حماتك. فقالت اجلسي يا بنتي حتى تعلمي كيف يقع الأمر لان الرجل لا يهدا حتى يتمم الأمر اليوم."
هذه الستة من الشعير أعطانى.... الرجل لا يهدأ حتى يتمم الأْمر اليهود يفهمون رقم 6 على أنه إكتمال أيام التعب (خلقة العالم فى 6 أيام) وبعد ستة الأيام هناك الراحة. ونعمى فهمت من أن بوعز أعطى لراعوث 6 مكاييل أنه يطلب لها الراحة وسيعمل على هذا بل أنه لن يستريح حتى يريح راعوث. هكذا نفهم أن الله إستراح فى اليوم السابع بالصليب الذى كان فيه راحة لنا.
مشكلة أرض أليمالك:
ربما باع أليمالك أرضه قبل أن يذهب إلى موآب وكانت الأرض تعود لصاحبها أو ورثة صاحبها فى سنة اليوبيل. وإن لن تكن سنة اليوبيل قد أتت كان على صاحبها أن يدفع ما تبقى من ثمنها ليستردها. وفى حالة أليمالك فقد مات هو ومات أولاده فمن يرث الأرض ؟ هنا تذهب الأرض لإخوته وإن لم اكن لهُ أخوة تذهب لأقرب نسيب، ولكن الأرض ليست من حق نعمى ولا راعوث كميراث، فقط من حقهن أن يعشن منها ولكن فى حالة موتهن تذهب الأرض إلى أقرب نسيب. ولكن نعمى وراعوث لا يملكن ما يدفعنه لمالك الأرض الحالى ليستردوا الأرض ويعيشوا منها. فكان لابد لأقرب ولى أن يدفع هو ما يجب دفعه للمالك الحالى، ولكن الولى الأول رفض ذلك، هو قبل أن يدفع ليحرر الأرض لأنه يعلم أنه فى حالة موت نعمى وراعوث تصبح الأرض ملكاً لهُ هو أو لورثته. ولكن حين عُرض عليه أن يتزوج راعوث لم يقبل ربما لفقرها أو لأنها عملت أجيرة.... ألخ. ولكن الأهم من هذا كله أنه رفض لأنه يعلم أنه بزواجه من راعوث يقيم نسلاً للميت أى محلون وبذلك تكون الأرض لإبن راعوث ولراعوث وليس لهُ هو فالمولود الأول يُنسب فى هذه الحالة (حالة زواج أرملة المتوفى من أقرب ولى) للزوج الميت وليس للولى. وهذه الشريعة وُضَعتْ حتى لا تذهب الأرض إلى أجنبى وحتى لا تنقرض أى أسرة.
آية (1): "فصعد بوعز إلى الباب وجلس هناك وإذا بالولي الذي تكلم عنه بوعز عابر فقال مل واجلس هنا أنت يا فلان الفلاني فمال وجلس."
كان بوعز لا يستطيع أن يفك الأرض ويتزوج راعوث ما لم يرفض الولى الأول ذلك. يا فلان الفلانى = من المؤكد أن بوعز ناداه بإسمه لكن الوحى رفض ذكر إسمه لأنه غير مستحق لذكر إسمه إذ كان يريد أن يقتنى حقل أليمالك ويدفع الرهن أو الثمن لضمه إلى ميراثه. فهو مهتم بإمتلاك الأرض (التراب) وأماّ النفوس عنده فبلا قيمة. فهو بمقياس مادى وجدها صفقة خاسرة.
الآيات (2-5): "ثم اخذ عشرة رجال من شيوخ المدينة وقال لهم اجلسوا هنا فجلسوا. ثم قال للولي ان نعمي التي رجعت من بلاد مواب تبيع قطعة الحقل التي لاخينا اليمالك. فقلت اني اخبرك قائلا اشتر قدام الجالسين وقدام شيوخ شعبي فان كنت تفك ففك وان كنت لا تفك فاخبرني لاعلم لانه ليس غيرك يفك وانا بعدك فقال اني افك. فقال بوعز يوم تشتري الحقل من يد نعمي تشتري ايضا من يد راعوث الموابية امراة الميت لتقيم اسم الميت على ميراثه."
عشرة رجال = مجلس شيوخ يبت فى المشاكل ويتكون من 10 أشخاص ليكتمل النصاب القانونى. وهو رقم يشير للوصايا والناموس الذى يحكم بعجز الولى الأول عن فك النفس البشرية من سلطان عدو الخير وإقتنائها عروساً ليقيم نسلاً للميت قادر أن يرث. فالناموس عجز عن أن يخلص البشر.
آية (6): "فقال الولي لا اقدر أن أفك لنفسي لئلا افسد ميراثي ففك أنت لنفسك فكاكي لاني لا اقدر أن أفك."
يفك = يخلص. فالناموس (الولى الأول) لا يخلص. لا أقدر.. لئلاّ أفسد ميراثى = هو لا يريد أن يأخذ الأرض ويفكها وتصبح لهُ ثم تعود الأرض لراعوث وإبنها حين تلِدْ.
آية (7): "وهذه هي العادة سابقا في إسرائيل في أمر الفكاك والمبادلة لأجل إثبات كل أمر يخلع الرجل نعله ويعطيه لصاحبه فهذه هي العادة في إسرائيل."
خلع النعل = أى لم يَعُدْ لهُ الحق أن يطأ الأرض بقدميه، فلم تعد الأرض ميراثاً لهُ، بل قد إنتقلت ملكيتها إلى الولى الثانى. وربما كان أن الإبن الضال قد أعطى لهُ حذاء أن هذا علامة لعودة الميراث لهُ.
الآيات (8-10): " فقال الولي لبوعز اشتر لنفسك وخلع نعله. فقال بوعز للشيوخ ولجميع الشعب انتم شهود اليوم اني قد اشتريت كل ما لاليمالك وكل ما لكليون ومحلون من يد نعمي. وكذا راعوث الموابية امرأة محلون قد اشتريتها لي امرأة لأقيم اسم الميت على ميراثه ولا ينقرض اسم الميت من بين اخوته ومن باب مكانه انتم شهود اليوم."
قد إشتريتها = والمسيح قد إشترى كنيسته بدمه. ولاينقرض إسم الميت = المسيح حين إشترانا وهبنا حياته لنصير أحياء وليس أموات. والذى يموت بالجسد الآن لا ينقرض إسمه فإله إبراهيم وإسحق ويعقوب ليس إله أموات بل هو إله أحياء، ومن يموت الآن يذهب إلى حضن إبراهيم وإسحق ويعقوب أى لا يموت بل يكون حياً.
الآيات (11،12): "فقال جميع الشعب الذين في الباب والشيوخ نحن شهود فليجعل الرب المرأة الداخلة إلى بيتك كراحيل وكليئة اللتين بنتا بيت إسرائيل فاصنع ببأس في افراتة وكن ذا اسم في بيت لحم. وليكن بيتك كبيت فارص الذي ولدته ثامار ليهوذا من النسل الذي يعطيك الرب من هذه الفتاة."
بارك الجميع الروح الباذل بمحبة فى بوعز وطلبوا أن يباركهُ الله ليجعل الرب كراحيل المرأة وليئة = أى مثمرة كما بارك الله فى نسل راحيل وليئة وجعل منهما كل إسرائيل. والكلام يعنى ضمناً قبول راعوث كأنها من الشعب وأنها لم تعُدْ فى نظرهم كأممية. وكام كان نسل ليئة وراحيل يمثل شعب العهد القديم، شعب الله فى العهد القديم، صارت راعوث تمثل كنيسة الأمم شعب الله فى العهد الجديد عروس المسيح بوعز الحقيقى.
فإصنع ببأس فى أفراتة وكن ذا إسم فى بيت لحم = معنى إسم بوعز عز وقوة وأفراته هى بيت لحم (إسم ثان لها) وأفراتة تعنى مثمر وبيت لم تعنى بيت الخبز. وكأن طلبتهم هنا تعنى أنه كما يكون إسمك تكون أنت قوياً عزيزاً مثمراً فى مدينتك بيت لحم. وهكذا كان المسيح نسله.
كبيت فارص = كان نسل فارص أكثر من غيره ومنه أتى اليمالك وكل أهل بيت لحم ولكن نلاحظ أن فارص إقتحم أخاه زارح وسلب منهُ البكورية (تك 28 : 29-30) وهكذا إقتحم بوعز الولى الأول وسلب منه البركة وهكذا إقتحمت كنيسة العهد الجديد كنيسة العهد القديم آخذةً كل بركاتها وأكثر كثيراً.
الآيات (13،14): "فاخذ بوعز راعوث امرأة ودخل عليها فأعطاها الرب حبلا فولدت ابنا. فقالت النساء لنعمي مبارك الرب الذي لم يعدمك وليا اليوم لكي يدعى اسمه في اسرائيل."
فأعطاها الرب = فى الكتاب المقدس ينسب الطفل للأب، أماّ هنا فينسب لأمه راعوث لأنه شرعياً منسوب لرجلها الميت. هو منسوب لها لأنها إستحقت بمحبتها وإيمانها وجهادها أن يُنسب لها.
آية (15): "ويكون لك لإرجاع نفس وإعالة شيبتك لان كنتك التي أحبتك قد ولدته وهي خير لك من سبعة بنين."
لإرجاع نفس = إذ صار لأبيه الميت إسماً فصار كأنه حى. وهى خيّر لكِ من سبعة بنين = علاقة الحب أقوى من العلاقات الطبيعية، فلو كان لنعمى 7 بنين لتزوجوا وتركوها أماّ راعوث فلم تتركها.
آية (16): "فأخذت نعمي الولد ووضعته في حضنها وصارت له مربية."
نعمى التى تشير للناموس تفرح وتُسَّر إذ يكمل عملها برؤيتها لهذا الثمر الفائق.
آية (17): "وسمته الجارات اسما قائلات قد ولد ابن لنعمي ودعون اسمه عوبيد هو أبو يسى أبى داود."
عوبيد = تعنى عبد وربما أسموه هكذا لأنه سيخدم نعمى جدته. وهو يشير للمسيح الذى صار عبداً لأجلنا (فى 2 : 7) يوهب للنفس المؤمنة أن تحمله فى أحشائها كما حملت راعوث عوبيد. فيصير للنفس حياة بعد أن كانت ميتة = يكون لك لإرجاع نفس. ويكون لإحالة شيبتها = فالمسيح ينزع عن النفس شيبتها ويأسها ويردها لشبابها الروحى. هو أبى يسى أبى داود = فصموئيل النبى كاتب هذا السفر يكتب هذا بعد أن مسح داود ملكاً ليظهر نسب داود. ويختتم السفر بإعلان مجىء داود كثمر من ثمار جدته راعوث ثم ليأتى من هذا النسل إبن داود الذى سيشبع البشرية فكأن السفر إبتدأ بمجاعة وينتهى بالشبع الحقيقى حيث ينعم العالم كله بإبن داود مشتهى الأمم.
الآيات (18-22): "و هذه مواليد فارص فارص ولد حصرون. وحصرون ولد رام ورام ولد عميناداب. وعميناداب ولد نحشون ونحشون ولد سلمون. وسلمون ولد بوعز وبوعز ولد عوبيد. وعوبيد ولد يسى ويسى ولد داود