مقدمات للأسفار التاريخية

أسفار تأسيس المملكة

صموئيل (2،1) - الملوك (2،1) - أخبار الأيام (2،1)

 

أولاً : سفرى صموئيل

1- سفرا صموئيل الأول والثانى فى الأصل العبرى سفر واحد يحمل إسم صموئيل

2- سمى السفر بإسم صموئيل :  1- صموئيل يحتل الدور الرئيسى فى الجزء الأول من السفر.

2- هو أول من مَسَحَ ملوكاً لإسرائيل (شاول وداود)

3- أول من كتب كتابات نبوية وتاريخية بوحى من الروح القدس.

4- كان هو القائد المرسل فى أخطر فترة والتى ينتقل فيها الشعب من عصر القضاة إلى عصر الملوك. خلالها أصلح من حال الشعب.

5- كان صموئيل زعيماً وطنياً وقائداً روحياً لا يبزه إلاّ موسى.

3- هذا السفر هو حلقة الوصل بين القضاة والملوك فلو لم يكن هناك قائد حكيم لكانت هذه الفترة فترة إضطرابات خطيرة ومنازعات على المُلك. بل كان صموئيل هو مدرب الملوك.

4- كما أخرج موسى إسرائيل من أرض مصر وأعطاهم الشريعة بعد أن كان حالهم قد إنحط هكذا جاء صموئيل والأمة فى الحضيض روحياً وسياسياً وأتى معهُ بنهضة روحية عجيبة ورجاء جديد (1صم 7). وكان صموئيل هو الحافز على نشر الشريعة.

5- معنى إسم صموئيل :- راجع (1صم 1 : 20) "ودعت إسمه صموئيل قائلة لإنى من الرب سألته". صموئيل يعنى سمع الله، فأمه سألت الرب والرب إستجاب.

6- قُسّم السفر إلى إثنين (1صم، 2صم) فى الترجمة السبعينية، وذلك لأسباب عملية إذ كانت هناك حاجة إلى إستخدام دَرَجَيْن (لفتين 2 rolls) عوض دَرَجْ واحد والترجمة السبعينية إعتبرت أسفار صموئيل والملوك هم أسفار المملكة. وأمّا القديس جيروم فى ترجمته الكتاب إلى اللاتينية (ترجمة الفولجاتا) فقد إتبع نفس التقسيم لكنه دعا الأسفار 1مل، 2مل، 3مل، 4مل. فكان 1مل هو 1صم.... 4مل هو 2مل.

وإبتداء من القرن الرابع عشر أخذ الكتاب المقدس العبرى بنفس التقسيم. وبذلك نرى أن التسمية 1صم، 2صم أخذت من الأصل العبرى مع التقسيم اليونانى.

7- ينتهى 1صم بموت شاول الملك ويبدأ 2صم بملك داود وجلوسه على كرسى المملكة وسفر 2صم عبارة عن تاريخ حياة داود كملك فداود هو الذى أسس المملكة وليس شاول وهو الذى أعد كل شئ لبناء الهيكل وهو الذى رتب خدمة العبادة ووضع أكثر المزامير والتى إشتملت على نبوات كثيرة عن المسيح، فلا عجب أن نجد داود هو الشخصية المحورية لسفرى صموئيل فهو علاوة على ذلك جد المسيح بالجسد.

8- لكل من يريد فهم مزامير داود فهماً دقيقاً أن يدرس سفرى صموئيل تماماً.

9- نجد فى حياة داود السمو العجيب والسقطات أيضاً وهذا درس لكل من هو قائم ليحذر لئلاّ يسقط (1كو 12:10)

Text Box:

10- الخريطة توضح حدود مملكة شاول ومملكة داود ثم مملكة سليمان ليظهر منها أن المؤسس الحقيقى للمملكة هو داود وهو الذى إستولى على أورشليم وجعلها عاصمة.  

ونلاحظ أنه فى حكم سليمان إمتدت المملكة لتصل إلى نهر الفرات وبهذا تتحقق النبوة ووعد الله لإبراهيم (تك 15 : 18). فالمملكة إمتدت من حدود مصر ( أرض وادى النيل) حتى نهر الفرات.

 

 

 

 


 

11- هذا السفر يبرز قصة أخر قاضيين لإسرائيل وهما عالى الكاهن (قضى لإسرائيل 40 عاماً) وصموئيل النبى، وأول ملكين لإسرائيل شاول وداود. وكانت خطيئة شاول هى عصيان الله وأمّا فضيلة داود الأساسية الطاعة والتسليم لإرادة الله حتى فى التأديب بصمت ولا يفتح فاه فإستحق أن يقال عنه " وجدت داود بن يسى رجلاً حسب قلبى" (أع 13 : 22).

12- كان صموئيل قاضياً ودوره كان القيادة الروحية وليس قيادة الجيوش وإتسمت قيادته بالإصلاح الروحى بسبب فساد الشعب (1صم 7 : 6،15-17)

13- تربى صموئيل النبى فى شيلوه حيث إستقرت خيمة الإجتماع حوالى 300 سنة ولأنها إستقرت هناك أقيم حولها مبانى وكانت مقراً لرئيس الكهنة فسميت هيكل الرب. وكانت شيلوه مقر العبادة حتى إنهزم إسرائيل فى أفيق حين أخذ الفلسطينيون التابوت (1صم 4 : 1،11) ولم يرجع التابوت إلى شيلوه والأرجح أن الفلسطينيين خربوها تماماً (أر 7 : 12).

14- كاتب سفرى صموئيل :-بحسب التقليد اليهودى الذى تسلمته كنيسة العهد الجديد فكاتب السفرين هما صموئيل النبى رئيس مدرسة الآنبياء ومؤسسها إلى ما قبل خبر نياحته وجاد وناثان النبيين لتكملة السفرين ومصدر هذا الإعتقاد (1أى 29 : 29،30) وكانت مدرسة الآنبياء التى أسسها صموئيل النبى مركز إشعاع ثقافى للشعب وقد إحتفظت بسجلات خاصة بمعاملات الله مع شعبه (1صم 10 : 25).

15- تاريخ الكتابة :- كتب السفر بعد إنقسام المملكة وقبل السبى حيث يُذكر فيه مدة حكم داود كاملة (2صم 5:5) ويذكر ملوك يهوذا تمييزاً لهم عن ملوك إسرائيل (1صم 27 : 6).

 

Text Box: 16- فى فترة القضاة كان الله هو الذى يملك، هو الملك على شعبه ويختار الله كملك القاضى والآنبياء لشعبه. وكانت التأديبات تحل بهم حينما يزيغوا عن الله وحينما يتوبون يرسل لهم قاضياً يخلصهم. ووظيفة القاضى لم تكن تتوارث إبناً عن أب، لكن الله الذى يختار وحينما إنحرف القضاة وصاروا عثرة للشعب (مثل إبنى عالى وإبنى صموئيل) شعر الشعب بما وصل إليه الحال من إنحطاط وفكروا

بأسلوب بشرى فى أن الحل يكون بإقامة ملك لهم يدافع عنهم. ولقد وافق الله ومسح لهم ملوكاً فصار الملك مسيح الرب. لذلك صار داود رمزاً للمسيح الذى يملك على شعبه لهذا سمح الله بإقامة مملكة لكى تشير لما هو مزمع أن يصنعه فى ملء الزمان حينما يقيم المسيح ملكاً على شعبه. ولأن الملك مسيح الرب رفض داود أن تمتد يده على شاول فهو مسيح الرب. ولكن لم يكن حكم الملوك مطلقاً وجاء سفر الملوك وأخبار الأيام ليظهر منهم أن الملك إذا
إلتزم بوصايا الله ينجح فى طريقه وإذا خان العهد مع الله يفشل فى طريقه وتنحط مملكته عوضاً عن الإزدهار وينهزم أمام أعدائِه. وكأن الله إستمر يحكم شعبه من خلال هؤلاء الملوك الذين أقامهم. وتنتهى المملكة بالسبى إلى بابل وبهذا ينتهى سفر الملوك بأن شعب الله أخذ للسبى وملكه أخذ للسبى ولكن مع رجاء فسفر الملوك ينتهى برفع رأس ملك يهوذا فى السبى وتكريمه. وسفر أخبار الأيام ينتهى بعودة الشعب من السبى بعمل إلهى مع كورش ملك فارس. والخلاصة فهذا ملخص حياة الآنسان مع الله فحينما رفض الآنسان أن يملك الله عليه وعصاه سقط الآنسان فى العبودية لإبليس وظل هكذا لكن مع رجاء بالعودة من سبى إبليس. حتى جاء المسيح ليقيم مملكته ويردنا من سبى الخطية وسبى إبليس مع رجاء فى عودتنا لأورشليم السماوية حيث يملك الله تماماً.

17- يُظهِر السفر طرائق الله فى معاملته للأشخاص سواء الخيرين أم الأشرار، سواء أفراداً أم شعوب ونرى فيه قضائه وتأديباته وغفرانه ورحمته. والكاتب يرى يد الله وراء كل الأحداث ووراء كل ما يحدث للشعوب وللأشخاص.

18-يُظهر السفر المؤسسات الدينية فى ذلك الوقت وهى الآنبياء ومدارس الآنبياء ثم الكهنوت وطقوسه والعبادة والملوك فى إلتزامهم بالطاعة لله وخدمة الشعب. وهذه المؤسسات يقودها الروح القدس فهو الذى يهب النبوة (1صم 10 : 6). ويمنح الملك أو القائد للشعب قلباً جديداً (1صم 10 : 9). وهكذا.

19- يظهر فى سفرى صموئيل قوة الصلاة فصموئيل جاء ثمرة لصلوات أمه (1صم 1 : 10-26) والشعب نال النصرة بصلوات صموئيل (1صم 7 : 5-10).... راجع (1صم 12 : 23).

20- حوى السفر عبارات كانت شائعة الإستعمال فى ذلك الوقت مثل "حية هى نفسك"، "بنى بليعال"، "رب الجنود"، "هكذا يعمل الرب وهكذا يزيد"، "مبارك أنت من يهوة".

21- إختلاف الأسماء مع سفر أخبار الأيام راجع لسببين:

أ‌)       للشخص يوجد أكثر من إسم (كما يسمى شاول بولس) وربما كان هذا راجعاً لإعطاء الشخص إسم وقت الميلاد وإسماً آخر وقت الختان أو يكون لهُ إسم وقت الميلاد ثم إسماً آخر عندما يتبوأ منصباً هاماً.

ب‌)  نظراً للفارق الزمنى بين كتابة سفر صموئيل وسفر الأيام تتغير الأسماء لتغير اللغة وذلك لتداخل لغات أخرى فيها (بطرس هو بيير وهو بيتر) هددعزر هو هدرعزر. مثال أخر إسم ابن يسى الثالث فى سفر صموئيل هو شمة (1صم 16 : 9) وإسمه شمعى فى (1 أى 2 : 13).

22- التسلسل التاريخى للأحداث :

السنة 1149 ق.م ولادة صموئيل                                                             السنة 1079ق.م تعيين شاول

السنة 1137 ق.م دعوة صموئيل                               السنة 1065 ق.م مسح داود ملكاً

السنة 1127 موت عالى وبدء تسلط الفلسطينيين                السنة 1059 ق.م موت صموئيل

السنة 1107-1079 ق.م قضاء صموئيل                            السنة 1055 ق.م موت شاول وتملك داود

 

ثانياً : سفرى الملوك

1-   1 مل يشمل تاريخ المملكة لمدة 126 سنة إبتداء من مسح سليمان ملكاً عام 1015 ق.م. حتى موت يهوشافاط سنة 889 ق.م. وهو ملك يهوذا. ويشمل خبر إنقسام مملكة إسرائيل إلى مملكتين:

أ‌)       المملكة الجنوبية وهى مملكة يهوذا.

ب‌)  المملكة الشمالية وهى إسرائيل.

2-   2 مل يشمل التاريخ لمدة 300 سنة من يهوشافاط إلى خراب أورشليم وهيكلها حوالى سنة 586 ق.م. ويلاحظ فى هذا التاريخ أن كل ملوك إسرائيل كان حالهم سيئاً وكانوا أشرار عابدى أوثان وبسوء تدبيرهم إزداد إثم الشعب وأدخل الملك آخاب عبادة البعل الوثنى لمملكة إسرائيل الشمالية. ولذلك سرعان ما كانت نهاية مملكة إسرائيل (العشرة أسباط) وذهابها لسبى أشور. وقد ملك على إسرائيل 19 ملكاً تميزت فترة حكمهم بعدم الإستقرار والإضطرابات السياسية والفتن والمؤامرات والآنقلابات فتعددت الأسر الحاكمة. ولم يحكم إسرائيل أسرة واحدة مثل يهوذا التى حكمها وملك عليها داود ونسله فقط. لأن ملوك يهوذا كان يوجد بينهم الأشرار أيضاً لكن كان يوجد بينهم ملوك يخافون الرب لذلك إستمرت مملكة يهوذا فترة أطول ولم تذهب إلى سبى بابل إلاّ بعد أن زاد إنحراف ملوكها وشعبها.

3-  الهدف من كتابته ليس هو فقط السرد التاريخى لحروب الملوك وأعمالهم، بل هو نظرة روحية للحوادث التاريخية فالكاتب يرى يد الله التى تحفظ من يحفظون وصاياه ويرى أن الله يتخلى عمن يبتعدون عنه، ونجد أن الكاتب يهتم بتسجيل المواقف التى لها أبعاد روحية، أى هو يفسر الأحداث التاريخية روحياً، لذلك نجد الكاتب أيضاً لا يهتم بالملوك الذين لهم أهمية تاريخية وإنتصارات عسكرية سجلها التاريخ فأمثال هؤلاء يمر عليهم الكاتب مر الكرام ومثال لذلك يربعام الثانى أحد أشهر ملوك إسرائيل بل ربما أعظمهم نجد سيرته فى سفر الملوك سيرة مختصرة.

4- نجد السبب فى إنقسام المملكة الكبرياء، كبرياء الملك رحبعام، ونفس السبب هو الذى نجده وراء كل إنشقاق وتحزب وإنقسام داخل الكنيسة.

5- تظهر أمانة الكتابة فى ذكر خطايا الملوك الصالحين الأتقياء، وعدم إغفال الأعمال الخيرة للملوك الأشرار التى كانت فى صالح شعوبهم.

6- كاتب السفر :- إشتراك فى الكتابة سليمان الملك وحزقيا الملك فيما يخصهما وناثان وجاد وعدو وأشعياء وأرمياء. ويشير كاتب سفرى الملوك لعدة كتب أخرى كمصادر أخذ منها وهى :

1-    Text Box: وهما خلاف سفر أخبار الأيام بالكتاب المقدس

سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا  

2-    سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل

3-    سفر أمور سليمان

4-    أخبار شمعيا النبى وعدو الرائى.

راجع امل 14 : 29 + 15 : 7 + 1مل 11 : 41 + 1مل 14 : 19 + 2أى 12 : 5

وكاتب الملوك أو الذى قام بتجميع السفر إقتطف من الكتب بوحى من الروح القدس ما كتبه فى الكتاب المقدس. وربما من قام بهذا هو عزرا الذى جمع كل كتب العهد القديم.

7-   توجد صعوبة بلا شك فى ضبط التواريخ للملوك بحسب ما هو مذكور فى الكتاب وذلك راجع للأسباب الأتية :-

     أ) اليهود يحسبون كسور السنة سنة كاملة.

ب‌)        وجود نظام نواب للملك، إذ كان يشرك إبنه فى الحكم فى أثناء حياته أو فى أواخر مدة حكمه أو فى مرضه فتحسب مدة ملك الإبن من توليه الحكم أثناء حياة والده الملك.

جـ) يوجد نظامين لحساب مدة المُلك         (1) يبدأ حساب المدة من السنة التى ملك فيها الملك

                                              (2) يبدأ حساب المدة من أول السنة التى تليها

وقد حدث أنهم مرة يتبعون هذه ومرة يتبعون تلك فإختلفت التواريخ ويكون الفرق سنة.

راجع 2مل 8 : 25 مع 2مل 9 : 29

د) كل كاتب ينسب التواريخ إلى مرجع يختلف عن الكاتب الأخر، فلم يكن هناك نظام تقويم متعارف عليه. فكل كاتب كان يختار ملكاً مشهوراً ويكون يوم تنصيبه هو مرجعه الذى ينسب إليه الأحداث.

هـ) فى بعض الأحيان نسب الكاتب مدة مُلك الملك إلى مصدر آخر غير مُلك الملك نفسه فهناك من ينسب مُلك الملك لقيام مملكة بعينها مثل مملكة بيت عمرى الذى ملك أولاده على إسرائيل ويهوذا. فنسب مدة مُلك نسل عمرى إلى بدء مملكة عمرى. وهناك من نسب مدة الملك لبدء إنفصال المملكتين (2أى 16 : 1، 15 : 19 + 2أى 22 : 2).

8-   عاشت المملكتان (إسرائيل ويهوذا) تارة فى خصومة وصراع بينهما وأخرى فى تحالف وإنتهت هذه المرحلة بتحطيم دولة إسرائيل على يد أشور. ولقد أسس المملكة حقيقة داود، وأتسعت أيام سليمان وكانت تشمل الإثنى عشر سبطاً. وحدث تمرد فى نهاية أيام سليمان بسبب كثرة الضرائب التى فرضها سليمان ولكن الله سمح بنجاح هذا التمرد وإنفصال العشرة أسباط مكونة مملكة إسرائيل الشمالية عن السبطين (مملكة يهوذا الجنوبية) وذلك بسبب :

(I)   خطايا سليمان (تقديم بخور لأوثان إكراماً لزوجاته)

(II)غباوة إبنه رحبعام وكبريائه.

9-   أرسل الله أنبياء كثيرين للمملكتين لتوبيخ الشعب وهدايته. لكن نبواتهم إشتملت على الكثير من النبوات الواضحة عن المسيح.

10-         فى بعض الأحيان تسمى مملكة إسرائيل الشمالية بأفرايم حيث أن إفرايم هو أكبر الأسباط عدداً ومساحة.

11-         فى مملكة داود وسليمان ظِل لمملكة المسيح.

12-         صار تقييم الملوك مرتبطاً بشخصيتين:

       (أ) داود رمزاً للبر          (ب) يربعام رمزاً للشر.

وخطية يربعام الكبرى أنه بنى هيكلين فى بيت إيل ودان (جنوب وشمال مملكة إسرائيل) وأمر شعبه بعدم الذهاب لهيكل أورشليم والذهاب لهذه الهياكل. ومن هنا إبتعد شعب إسرائيل عن الله. ويربعام صنع هذا خوفاً من رجوع شعبه لملوك يهوذا وحنينهم لأسرة داود ولأورشليم وهيكلها.

المدن الشهيرة فى العالم القديم :

1-أورشليم :- تعنى رؤية السلام أو نور السلام. وكانت عاصمة مملكة إسرائيل قبل الآنقسام ثم صارت لمملكة يهوذا بعد الآنقسام. أسسها وإختارها عاصمة له داود النبى والملك.

2- شكيم :- أول عاصمة لمملكة إسرائيل الشمالية بعد الآنقسام.

3- ترصة :- صارت عاصمة لمملكة إسرائيل بعد شكيم لمدة 50 عاماً حتى بنى الملك عُمرى السامرة.

4- السامرة :- بناها عُمرى الملك سنة 880 ق.م. وظلت عاصمة إسرائيل حتى السبى الأشورى سنة 722 ق.م.

5- أور :- عاصمة صومر القديمة على نهر الفرات. وُجِدت قبل عصر إبراهيم أب الأباء بحوالى 1000 عام، وهى مسقط رأسه. سكنها بالترتيب السومريون والعيلاميون والبابليون.

6-شوشن أو سوسا :- عاصمة عيلام القديمة شرق أرض ما بين النهرين. خضعت بعد ذلك لفارس وصارت عاصمة للإمبراطورية الفارسية. (العاصمة الشتوية)

7- اكبتانة :- عاصمة مادى. وبعد إتحاد مادى وفارس صارت اكبتانة العاصمة الصيفية لملوك مادى وفارس.

8-نينوى :- عاصمة إمبراطورية آشور. ذهب لها يونان النبى.

9- بابل :- عاصمة ألإمبراطورية البابلية، سُبى لها شعب يهوذا.

10- دمشق :- عاصمة سوريا (أرام) وهى من أقدم مدن العالم.

11-حبرون :- غرب أورشليم. كانت عاصمة داود حينما ملك على يهوذا أولاً. وبعد أن ملك على كل الأسباط صارت أورشليم عاصمة له.

12- نو :- تعرف بطيبة، هى فى صعيد مصر. كانت عاصمة لمصر.

 

ثالثاً : سفر أخبار الأيام

1-   سفرى أخبار الأيام 1 أى، 2 أى كانا سفراً واحداً وقُسماَ إلى سفرين فى الترجمة اليونانية (السبعينية)

2- مصادر كاتب الأيام هى نفس مصادر كاتب الملوك وهى كتابات الآنبياء الذين عاصروا كل ملك بالإضافة لكتب الملوك وتواريخهم ولكن نجد أن كاتب الأيام أسقط بعض  الأحداث وأضاف  البعض الأخر لفلسفة خاصة يكتب بها. ولكننا نرى أن قسماً كبيراً منهما تكرار لما ورد فى سفرى صموئيل والملوك.

3- لماذا التكرار ولماذا الإختلاف ما بين أسفار صموئيل والملوك من ناحية وسفر الأيام من ناحية أخرى ؟ وما السبب فى وجود أحداث بأحد الأسفار ونجدها غير موجودة بالأخر ؟

I-         من فوائد التكرار الشهادة كليهما لبعض فإنه على فم شاهدين أو أكثر يثبت الكلام وقد حدث هذا فى الآناجيل الأربعة.

II-  هناك خلافات فى الأرقام الواردة وربما فى بعض الأسماء والإختلافات طفيفة جداً وهى إثبات صحة وليس إثبات خطأ لقانونية الأسفار المقدسة. فهذه الإختلافات تشير أن المصدر الذى نقل عنهُ كاتب الملوك غير المصدر الذى نقل منهُ كاتب الأيّام فحين تتفق الروايتان تماماً فيما عدا خلاف على رقم تافه كعدد خيول سليمان يصبح الإتفاق دليل وشهادة لصحة السفرين وأن الكاتب لم يتدخل بفكره البشرى ليصحح أحدهما على الأخر وإلاّ إنعدمت فكرة وجود أكثر من شاهد. والخلافات راجعة لإختلاف الكاتب وطريقة تقديره للأمور أو طريقة حسابه للأعداد.

أمثلة :-

يذكر سفر الملوك (1مل 4 : 26) أن سليمان كان لهُ 40.000 مذود للخيل بينما أن سفر الأيام يقول أنه كان لهُ 4000 فقط (2أى 9 : 25) وتفسير ذلك أن مذاود الخيل كانت فى صفوف كل منها 10 مذاود إذا كان عدد الصفوف 4000 فى كل منها عشرة فيكون العدد الكلى 40000 فأحد الكتاب ينظر إلى عدد الصفوف فيقول أن سليمان كان له 4000 مذود والأخر ينظر للعدد الكلى فيقول كان لسليمان 40 ألف مذود

 

 

 

 

 


 

Text Box:

مثال أخر :- سعة البحر (الآناء الموضوع فى داخل الهيكل للإغتسال) يذكر سفر الملوك أن سعته 2000 بث ويذكر سفر الأيام أن سعته 3000 بث. والموضوع  بسيط جداً. فكاتب الملوك ينظر إلى كمية الماء التى توضع داخل البحر وهى قطعاً أقل من الحجم الإجمالى للبحر الذى ينظر إليه كاتب الأيام. والماء الذى يوضع داخل البحر تكون كميته أقل حتى لا يفيض الماء من البحر  

حينما يغتسل داخله الكهنة.

جـ كاتب الأيام يفترض معرفة سابقة للقارىء بسفر الملوك فهو

يتكلم عن عجلى يربعام دون أن يشرح ما هما، وهذا ما نجده فى سفر الملوك

د- سفر الملوك يركز على تاريخ المملكة من الناحية المدنية والنبوات الخاصة بمستقبلهم أمّا سفر أخبار الأياّم فيركز على العبادة وتاريخ الكهنوت والحياة مع الله وصلوات الملوك وأنساب اللاويين والكهنة وفرقهم فالحياة الدينية الروحية والعلاقة مع الله هى أساس إزدهار المملكة فى نظر الكاتب وبالتالى فإن التنظيمات الدينية هى ضمان سلامة المملكة.

هـ- إهتمام كاتب الأياّم بالعمل الكهنوتى وإهتمام كاتب الملوك بالنواحى السياسية يشرح أن كل سفر منهما ينظر للمسيح بمنظار نبوى يختلف عن الأخر، فإذا فهمنا إن إقامة مملكة يرمز للمسيح الذى سيملك على شعبه يكون سفر الملوك بإهتمامه بالملك يرى المسيح كملك وسفر الأيام بإهتمامه بالكهنوت يرى المسيح ككاهن. سفر الملوك يرى المسيح كملك يملك على شعبه وسفر الأيام يركز على كهنوت المسيح إبن داود الذى بفدائه سيعيد شعبه لميراثه. لذلك إهتم كاتب الأيام بالأسماء فكل الذين سيخلصوا مدونة اسماؤهم فى سفر الحياة (رؤ 3 : 5). وذلك نجد أيضاً أن سفر الأياّم ينتهى بعودة الشعب من السبى رمزاً لخلاص شعب الله النهائى وعودتهم لأورشليم السمائية.

و- إختلاف فلسفة كل سفر منهم أو إختلاف النظرة النبوية لكل منهم يعطى فكرة كيف تتكامل الأسفار فتعطينا فكرة مجسمة عن الموضوع، وهذا ما هو حادث فى الآناجيل الأربعة فإنجيل متى يحدثنا عن المسيح ابن الآنسان الذى تجسد وإنجيل يوحنا يحدثنا عن المسيح إبن الله ليثبت أن إبن الآنسان هذا هو إبن الله فتتكامل الآناجيل. 

ز- فرق آخر يتضح بين فلسفة كاتب الملوك وفلسفة كاتب الأيام. فكاتب الملوك يهتم ويركز على النتائج النهائية لحكم كل ملك فى ضوء أمانته للعهد مع الله ولكن كاتب الأيام يهتم بتسجيل المواقف الإيمانية لكل ملك حتى إن لم تكن لها تأثير على المملكة ككيان عام. لذلك نجد بعض المواقف المذكورة فى سفر الملوك وقد أعرض عنها كاتب الأياّم والعكس صحيح فبعض التفاصيل الدقيقة والصلوات المذكورة فى سفر الأيام يعرض عنها كاتب الملوك ولا يهتم بها فهى لم تغير شيئاً بالنسبة للمملكة ككل.         

أمثلة :

1- توبة منسى وإصلاحاته المذكورة فى سفر الأياّم لم يرد لها أى ذكر فى سفر الملوك فتوبة منسى كانت شخصية ولم يصاحبها توبة عامة للشعب وهذا ما إتضح فى سرعة إرتداد الشعب لوثنيتة بعد موت منسى وتملك آمون إبنه فسفر الملوك إهتم بحال الشعب وسفر الأيام إهتم بالحالة الشخصية للملك منسى وقبول توبته ولكن لأن توبته لم تنعكس على الشعب ولم يكن لها تأثير على الشعب لم يهتم بها كاتب الملوك.

2- بنفس المفهوم يركز كاتب الأيام (2أى 13 : 2-20) على الحرب التى إنتصر فيها أبيا على يربعام الأول وهذه الحرب حذفها كاتب الملوك، فمحصلة الحدث النهائية على المملكة ككل لا شىء. ولكن كاتب الأياّم إهتم بالحدث لموقف أبيا الإيمانى وكيف أن الله كافأه على إيمانه بإنتصارات إعجازية.

3- مثال أخر يخص الملك آسا الملك الصالح (1مل 15 : 9-24) فكاتب الملوك يذكر رشوته لبنهدد  ملك أرام حتى يضرب بنهدد ملك إسرائيل الذى ضايق يهوذا. وكيف أن يهوذا خلصت من حصار إسرائيل بل دمّرت كل تحصيناتها نتيجة تدخل أرام فرشوة بنهدد أتت بنفع سياسى وعسكرى ليهوذا. لكن كاتب الأياّم رأى فى هذا سقطة كبرى لآسا فَيذْكُرْ توبيخ حنانى النبى لآسا (2 أى 16 : 7-9). لإتكاله على ملك أرام. ونجد حنانى يذكر أسا بإنتصاره الإعجازى السابق على جيش ملك كوش حينما إعتمد على الله بالكامل وهذه القصة مذكورة فى (2 أى 14 : 9-15). ولم تذكر هذه القصة فى سفر الملوك.

4-   الأحداث التى يسقطها كاتب الأيام نلخص بعضها لنحاول فهم فلسفته :-

أسقط كاتب الأيام خطايا داود وثورة إبشالوم وخطية أمنون بينما إهتم بنسب اللاويين والكهنة بالتفصيل والنجائهم إلى رحبعام بعد إنقسام المملكة ( 2 أى 11 : 5-23) وإقامة الملك يهوشافاط اللاويين والكهنة للقضاء (19 : 8-11) وإنتصارات يهوشافاط على الموآبيين وبنى عمون بعد أن قام اللاويين ليسبحوا الرب، وقتل زكريا الكاهن، ومقاومة عزريا الكاهن ومعهً ثمانون من كهنة الرب لعزيا الملك حينما دخل هيكل الرب ليوقد على مذبح البخور (26 : 16-21). وفِصْحْ حزقيا وتنظيماته لفرق الكهنة واللاويين.... ألخ من كل هذا نفهم أن ملك الله على شعبه وحياة الشعب مع الله كملك لهم هى محور السفر ورمز لملك الله على شعبه. هو إقامة ملك يملك على شعب الله وصورة للملكوت نجدها فى أورشليم وفى وسطها الهيكل الذى يسكنه الرب ليقيم وسط شعبه. وهذه الصورة للمملكة التى يسكنها شعب الله والله يسكن فى وسطهم هى الصورة التى كان الله يريد أن يظهرها لكل الشعوب فيكون شعب الله نوراً فى العالم وإعلاناً عن مجد الله وتكون حياتهم المملوءة بركة ونعمة دعوة للإيمان لكل العالم ويرى العالم صورة لملك الله.

1-   الكل خاضع لله من الملك لرئيس الكهنة والكهنة لأصغر فرد من الشعب ؟

2-   أساس قبول الله لشعبه هو الذبيحة والمذبح (الهيكل)

3-   مجد الله يحل فى هيكله.

4- تنظيمات الكهنة واللاويين إعلاناً عن أهمية الذبيحة والعبادة وقد كانت المملكة فى أبهى صورها وأعظم عصورها حين توافرت هذه الشروط. فكان الملك حسب مسرة الله والشعب فى حالة خضوع واقفاً أمام الله فى الهيكل يومياً وخشيتهم على جميع الشعوب وهذا رأيناه فى مملكة داود ثم مملكة سليمان لذلك أشار بوضوح لغنى سليمان العجيب وإزدهار المملكة أيامه فكيف لا يبارك الله شعبه وهو راضٍ عنهم ساكناً فى وسطهم. ولأن مملكة داود كانت تشير لملكوت السموات حيث يملك المسيح إبن داود فلم يذكر كاتب الأياّم خطايا داود وضعفاته وسقطاته فهذا الموضوع ليس هو محور إهتمامه، بل هو مهتم بنظرته النبوية على مملكة المسيح.

ط- لأن كاتب الأياّم يرى أن مملكة داود هى رمز لمملكة الله فهو يرى أن كل مُلك غير مُلك داود هو تعدى على ملك الله لذلك لم يهتم بملك شاول وأشار له إشارة عابرة فنهاية حْكْمهُ بداية لحكم داود. ولا يشير لملوك إسرائيل (المملكة الشمالية أو مملكة العشرة أسباط) إلاّ فيما يخص ملوك يهوذا، فعينه على ملوك يهوذا فقط كرمز لمملكة الله. ولذلك هو يرى أن ملوك إسرائيل وشاول الملك ليسا على حسب مشيئة الله. بل هو إستمر فى تسمية مملكة يهوذا بمملكة إسرائيل ففى نظره أن ملكوت الله واحد وأى إنشقاق عنه هو ضد مشيئة الله. ولذلك يسمى يهوذا مملكة إسرائيل (2أى 28: 19، 21 : 2).

ى- إستمراراً لنظرة الكاتب وإهتمامه بملكوت الله ينهى سفره بالعودة من السبى.

4-إمتاز سفر الأيام بكثرة الأسماء وجداول الآنساب فلماذا ؟

I-   فى سلسلة الآنساب من آدم حتى العودة من السبى (إصحاحات 1-9). إستمرار لفلسفة الكاتب فى وحدة الجنس البشرى الذى خلقه الله فى مجد (آدم) ثم سقط وإستعبد (ذهابه للسبى) ثم عاد الشعب من السبى رمزاً  لأن مشيئة الله ستتم، فهو خلق الآنسان للمجد وبالرغم من سقوط الآنسان فسيعيده الله للمجد ثانية.

II-   بعد أن دخل جيش نبوخذ نصر أورشليم وهدمها وأحرق منازلها فقد كل إنسان بيته بما فيه من أصول الآنساب التى كانت مدونة فى أوراقهم داخل بيوتهم ومنها كان كل إنسان يعرف نسبه وسبطه وأرض ميراثه التى قسمها لهم يشوع. وهذه السلسلة من الآنساب ليعرف كل فرد نسبه ونصيبه ليملكه.

جـ- فى ذكر بيان الكهنة واللاويين بالتفصيل بيان الذين لهم حق الخدمة فى الهيكل راجع
(عز 2 : 61-63).

د- لتشجيع الشعب على الغيرة لجنسهم ودينهم وإنفصالهم عن الأمم وتشجيعهم على الأمانة فى الخدمة ليكون لهم أسماء فى سفر الحياة كما أن هؤلاء الأبطال والأمناء كتبت أسماؤهم فى سفر الرب.

هـ- حفظ النسب حتى يأتى المسيح من نسل داود الذى فيه تتم المواعيد. لذلك فجداول الآنساب لا قيمة لها بعد المسيح واليهود الآن لا يعرفون نسبهم.

و- ذكر الأسماء يشير أن الله يعرف أولاده واحداً واحداً ويعرف أعمالهم كذلك.

ز- تعلن هذه السلسلة خطة الله لخلاص البشر وهى هنا معلنة أولاً للشعب العائد من السبى ومعلنة لنا نحن أيضاً. بها عرف شعب الله العائد من السبى أنهم أستمرار لمملكة الله.

ح- يظهر منها تعامل الله مع أشخاص بأسمائهم وهو مازال يتعامل مع كل مناّ ليقوده للخلاص ؟

ط- هى تثبت أن الحياة مع الله ليست مستحيلة وليست بأساطير بل هى حقائق وقعت لأشخاص بأسمائهم وكل من ذُكِرَ إسمه هنا لهُ قصة مع الله جيدة كانت أو سيئة.

5- لأن السفر يهتم بموضوع خطة الله للخلاص وإقامة مملكة لله لذلك فهو لا يتكلم عن خطايا داود الشخصية (مثل خطية أوريا) لكنه نجده يذكر خطية التعداد. هو لا يذكر خطايا داود لأنه يبحث عن النموذج الإلهى بقدر الإمكان ويتحاشى ما كان شاذاً عنهُ. فلماذا ذُكرت هذه الخطية ؟ السبب فى ان التكفير عن هذه الخطية تم فى أرض يشتريها داود وعليها سيقام الهيكل حيث تقدم الذبائح وحيث سيقيم الله فى وسطهم. إذاً هى جزء من خطة الله فى الفداء وفى أن يقيم وسط شعبه، الفداء ظهر فى أنه فى هذا المكان رأى داود الملاك وسيفه فى يده والذبيحة التى قدمت فتوقفت الضربة وحيث قدمت الذبيحة سكن الله وسطهم فهذا هو ما يريده الله وقف الضربات ضد شعبه.

6- يظهر السفر بركات الرب لخائفيه (أى 4 : 10 + 5 : 20). وهزيمتهم وسبيهم نتيجة لخيانتهم راجع (5 : 25،26 + 1:9 + 10 : 13،14).

7- كاتب السفر :- التقليد اليهودى يقول أن كاتب السفر هو عزرا. والمفسرون المحدثون يقولون بل هو لاوى أو كاهن مجهول عاش بين سنة 400-300 ق.م. لأن هناك معلومات موجودة بالسفر لم تكن قد حدثت وقت عزرا، ولكن ما المانع أن يكون عزرا هو الكاتب بإيحاء من الروح القدس وأتى بعده أحد الآنبياء مثل حجى أو زكريا أو ملاخى وأضافوا هذه التعديلات وهم أيضاً حين يكتبون يكتبون بإيحاء الروح القدس.                  

ونلاحظ أن فلسفة عزرا فى سفره هى نفس فلسفة كاتب سفر الأيام، بل أن نهاية سفر الأيام متطابقة مع بداية سفر عزرا، كأن ما بدأه كاتب سفر الأيام يكمله عزرا، وهذا يثبت أن عزرا هو كاتب سفر الأيام.


 

سفر صموئيل الأول

الإصحاح الأول

آية(1) :-

كان رجل من رامتايم صوفيم من جبل افرايم اسمه القانة بن يروحام بن اليهو بن توحو بن صوف هو افرايمي.

يلاحظ أن جد صموئيل إسمه صوف وهو من سبط لاوى ومن عشيرة قهات (1 أى 6: 22-28، 33-38). وغالباً أتى صوف هذا وسكن فى جبل إفرايم ولذلك سمى المكان على إسمه رامتايم صوفيم أى مرتفعتا آل صوف حيث سكن صوف الجد الكبير. إذاً صموئيل هو من سبط لاوى وسمى إفرايمى لأنه سكن فى إفرايم كما سمى المسيح ناصرياً مع أنه من اليهودية (بيت لحم) لأنه سكن فى الناصرة.

 

آية(2) :-

و له امراتان اسم الواحدة حنة و اسم الاخرى فننة و كان لفننة اولاد و اما حنة فلم يكن لها اولاد.
ولهُ إمرأتان =
حيثما وُجِدَ تعدد الزوجات ذهب سلام العائلة (امثلة :- إبراهيم وإسحق ويعقوب.. فإبراهيم ويعقوب عانوا من تعدد الزوجات بينما إسحق كان لهُ سلام فى بيته). فننة = مرجانة أو لؤلؤة، حنة = تعنى حنان أو نعمة.

 

آية(3) :-

و كان هذا الرجل يصعد من مدينته من سنة الى سنة ليسجد و يذبح لرب الجنود في شيلوه
و كان هناك ابنا عالي حفني و فينحاس كاهنا الرب.

كان اليهود ملزمين بالصعود لأورشليم 3 مرّات سنوياً فى أعياد (الفصح والحصاد والمظال) وربما إعتاد ألقانة أن يأخذ كل أفراد أسرته سنوياً إلى شيلوه ليسجد ويذبح للرب أى يقدم ذبائح (ومن لحم ذبيحة السلامة يأكل مقدمها وأقرباؤه وأصدقاؤه والكاهن) فكانوا فى هذه المناسبات يأكلون ويشربون وهذا ما دعا عالى الكاهن أن يظن أن حنة سكرى وهى تبكى وتصلى. وبعض الدارسين رأوا أن اليهود إكتفوا بالصعود لأورشليم مرة واحدة سنوياً (لو 2 : 41) وغالباً كانت فى عيد الحصاد للإحتفال بالعيد العظيم. وكانوا يأكلون ويشربون خمراً. شيلوه = هى مركز العبادة وإختارها يشوع مقراً للخيمة والتابوت، وهناك سكن عالى الكاهن وصموئيل وهى شمال أورشليم بـ 27كم. رب الجنود = أول مرة يذكر هذا اللفظ. والله رب الجنود (جند الملائكة وجند البشر وجند الكواكب (تك 2 : 1 + 1مل 22 : 19 + مز 148 : 2، 44 : 9 + خر 7 : 4).

 

آية(4) :-

و لما كان الوقت و ذبح القانة اعطى فننة امراته و جميع بنيها و بناتها انصبة.

كان لمحبة ألقانة لزوجته حنة أنه يعطيها نصيب إثنين من لحم الذبيحة. ونصيب الإثنين هو نصيب البكر لذلك تحمل القصة معنىً رمزياً فألقانة يشير للمسيح وزوجتيه يشيران لكنيسة العهد القديم (فننة)، وكنيسة العهد الجديد (حنة) كنيسة الأبكار، هذه التى كانت عاقراً فأصبح لها أولاد بعد أن تمتعت بثمار الروح القدس.

 

آية(5-6) :-

و اما حنة فاعطاها نصيب اثنين لانه كان يحب حنة و لكن الرب كان قد اغلق رحمها.و كانت ضرتها تغيظها ايضا غيظا لاجل المراغمة لان الرب اغلق رحمها.

لأجل المراغمة = أى لإثارتها. فكانت فننة تعرف ما يغيظ حنة فتذكرها به وتكرره.

 

آية(7-9) :-

و هكذا صار سنة بعد سنة كلما صعدت الى بيت الرب هكذا كانت تغيظها فبكت و لم تاكل. فقال لها القانة رجلها يا حنة لماذا تبكين و لماذا لا تاكلين و لماذا يكتئب قلبك اما انا خير لك من عشرة بنين. فقامت حنة بعدما اكلوا في شيلوه و بعدما شربوا و عالي الكاهن جالس على الكرسي عند قائمة هيكل الرب.

هكذا يعاتبنا المسيح قائلاً :لماذا تحزن على أمور زمنية أو ضيقات وقتية، أما يكفيك أننى أعطيتك جسدى لتأكله وتحيا به ولأشبعك وأعزيك (خصوصاً أن ذبيحة السلامة تشير للتناول) ولكن التناول وحده لا يرفع المرارة بل نحتاج للصلاة.

 

آية(10) :-

و هي مرة النفس فصلت الى الرب و بكت بكاء.

فصلّت = هكذا ينبغى أن نسلك لنجتاز الألام ليس بالشكوى إنما بالصلاة، بل أن هناك بركة للضيقات فخلالها نعرف الله، فالله يسمح لكنيسته أن تدخل تحت الألام لتشاركه ضيقة الصليب فتثمر سلاماً يفوق كل عقل راجع (رو 8 : 17). ولاحظ أن المرارة كانت راجعة لأن كل إمرأة يهودية كانت تتمنى ان يأتى منها المسيح. لذلك العقم كان دليل عدم رضا الله على المرأة فكان حزنها يتضاعف.

 

آية(11) :-

و نذرت نذرا و قالت يا رب الجنود ان نظرت نظرا إلى مذلة أمتك و ذكرتني و لم تنس أمتك بل اعطيت امتك زرع بشر فاني اعطيه للرب كل ايام حياته و لا يعلو راسه موسى.

إرخاء الشعر علامة النذير مدة النذر، وكان صموئيل نذيراً للرب كل أيام حياته. وكان كل لاوى بالميلاد يكون للرب ولكن نذر حنة أن إبنها يكون للرب من صغره وقد فعلت. إذاً طلبها كان لمجد الرب وياليت طلباتنا تكون هكذا " يارب إعطنا لنمجدك بما أعطيتنا".

 

الآيات (12-18) :-

و كان اذ اكثرت الصلاة امام الرب و عالي يلاحظ فاها. فان حنة كانت تتكلم في قلبها و شفتاها فقط تتحركان و صوتها لم يسمع ان عالي ظنها سكرى. فقال لها عالي حتى متى تسكرين انزعي خمرك عنك. فاجابت حنة و قالت لا يا سيدي اني امراة حزينة الروح و لم اشرب خمرا و لا مسكرا بل اسكب نفسي امام الرب. لا تحسب امتك ابنة بليعال لاني من كثرة كربتي و غيظي قد تكلمت الى الان. فاجاب عالي
و قال اذهبي بسلام و اله اسرائيل يعطيك سؤلك الذي سالته من لدنه. فقالت لتجد جاريتك نعمة في عينيك ثم مضت المراة في طريقها و اكلت و لم يكن وجهها بعد مغيرا.

كون أن عالى يظنها سكرى فهذا يدل على مدى إنحطاط الحالة الروحية فى أياّم أبناء عالى الكاهن فكان شيئاً عادياً أن يُرى السكارى فى بيت الرب. ولكن إتهام عالى للمرأة يعتبر سقطة لعالى الكاهن العظيم وتسرع فى الحكم فالسكارى يصنعون ضجة عكس ما فعلته حنة التى كانت تصلى وهى صامتة بإيمان عميق ولكن صلاتها كانت أمام الرب صراخاً كما حدث مع موسى (خر 14 : 15) ومع إسمعيل وهاجر (تك 21 : 16،17) ولاحظ أن موسى لم يتكلم وأن إسمعيل لم يتكلم لكن حيرتهما وصلاتهما الداخلية كانت صراخاً أمام الله. ومع هذا فإن كلام عالى لحنة بعد ذلك كان نبوة "إله إسرائيل يعطيك سؤالك" فهذه نبوة رئيس كهنة كما حدث مع قيافا (يو 11 : 50، 51). إبنة بليعال = إسم عبرى معناه عديم النفع أو شرير، ينعت به كل شرير لا يخاف الله (2كو 6 : 15). ويبدو للأسف أنه نتيجة إنحراف أبناء عالى الكاهن كان من الطبيعى أن يوجد بنات بليعال أى نسوة شريرات فى الهيكل فى هذه المناسبات. ولكن لاحظ إجابة حنة الوديعة وأنها لم تُعيّر رئيس الكهنة بإبنيه الأشرار ولا بأنه لم يستطع التمييز بين السكارى والمصلين الحقيقيين. وكان ردها الوديع هذا سبب بركة لها ودعوة رئيس الكهنة لها وإستجاب الرب طلبتها. ولاحظ أيضاً إيمان المرأة إذ مضت.. ولم يكن وجهها مغيراً بعد. لقد إستراح قلبها بعد الصلاة لأنها تلاقت مع إلهها وشعرت فى أعماقها بقوة الله القادرة أن تحل المشاكل.

 

آية(23) :-

فقال لها القانة رجلها اعملي ما يحسن في عينيك امكثي حتى تفطميه انما الرب يقيم كلامه فمكثت المراة و ارضعت ابنها حتى فطمته.

الرب يقيم كلامهُ = لقد فهم ألقانة أن الله إستجاب لصلوات زوجته كما حدث مع أمهات إسحق ويعقوب وشمشون وكانوا عظماء وهو فهم أن إبنه سيكون عظيماً فهو يقول لإمرأته لأن الرب إستجاب لكِ وأعطاكِ الولد ليتمم الرب إحسانه ويجعله عظيماً.

 

آية(24) :-

ثم حين فطمته اصعدته معها بثلاثة ثيران و ايفة دقيق و زق خمر و اتت به الى الرب في شيلوه و الصبي صغير.

سن الفطام فى هذا الوقت كان بين 3-5 سنوات. ثلاث ثيران = قدم منها ثور محرقة لأن صموئيل قُدًّم كمحرقة للرب أى مكرساً للرب كل أيام حياته والثوران الأخران أحدهما ذبيحة خطية والآخر ذبيحة سلامة. وكان يقدم مع المحرقات دقيق وخمر. أصعدته = لم يذكر الكتاب أن أبوه هو الذى أصعده بل أمه لتكريمها لأنها أوفت بنذرها فأن تقدم أم إبنها لله وإبنها الذى إنتظرته طويلاً فهذا شىء صعب بل يشبه تقدمة إبراهيم إبنه.

 

آية(26) :-

و قالت اسالك يا سيدي حية هي نفسك يا سيدي انا المراة التي وقفت لديك هنا تصلي الى الرب.

حبة هى نفسك = هذه تشبه أطال الله عُمرك.

 

آية(28) :-

و انا ايضا قد اعرته للرب جميع ايام حياته هو عارية للرب و سجد هناك للرب.

أنا سألته من الرب والرب أعطاه لى وها أنا أرد لهُ ما أعطاه لى " من يدك أعطيناك"
(1 أى 29 : 14،16). وكلمة عارية تترجم سؤل (2 مل 6 : 5). فيكون المعنى أنا أعطيت الرب ما سألته منه. ولنلاحظ أن كل ما نعطيه للرب سبق وأخذناه منهُ. ولاحظ أن ما نعطيه للرب يباركه فقد أقام الله من صموئيل نبياً عظيماً (1صم 3 : 20 + مز 99 : 6 + أر 15 : 1). الله كان يريد صموئيل خادماً لهُ. ومن يعلم إن كان الله قد فتح رحم أمه لكانت أبقته بجانبها.   


 

الإصحاح الثانى

آية(1) :-

فصلت حنة و قالت فرح قلبي بالرب ارتفع قرني بالرب اتسع فمي على اعدائي لاني قد ابتهجت بخلاصك.

كثيرون يلجأون إلى الله وقت الضيق وينسونه إذا رفعت الضيقة (مثال معجزة المسيح فى شفاء العشرة البرّص) والمسيح فرِح بالأبرص الذى عاد شاكراً. وهنا نجد حنة تسبح الله على عمله وإستجابته. وكما قال القديسون كل عطية بلا شكر هى بلا زيادة. وما الزيادة التى حصلت عليها حنة.... لقد حملت تسبحتها روح النبوة فرأت عمل المسيح الخلاصى فسبحت لأجل الخلاص فجاءت تسبحتها مقاربة لتسبحة العذراء مريم (لو 1 : 46-55). فرح قلبى بالرب = لم تقل فرح قلبى بإبنى صموئيل، أو فرح قلبى بعطية الله فالله قادر أن يعطيها 100 صموئيل. وهى فرحت بالرب وليس بعطية الرب وعلينا أن نفرح بمجد الله وليس بمجد أنفسنا. ولنلاحظ أن كل مجرى لهُ نبع وهى الآن تشكر نبع الخيرات نفسه وصانع الخيرات الذى تمتعت به إرتفع قرنى بالرب = فرحها الداخلى بالرب وهب نفسها قوة، وهى أحست أن الله قوتها و القرن علامة القوة اتسع فمى على أعدائى = لحظ أنها فى صلاتها كانت مرة النفس لم يسمع أحد شكواها ولكن فى شكرها سمعها الجميع، كانت فى عقرها غير قادرة على الكلام وصامتة ولكنها الآن سبحت وصمت أعداؤها لأنى قد إبتهجت بخلاصك = لقد إتسع فمها لتكرز بالخلاص الذى شعرت به. فهى لم تفتح فمها لتغيظ ضرتها بل لتبشر بخلاص الله. وفى آية10 تقول أن "الرب يرفع قرن مسيحه" وهذا هو سر إحساسها أن قرنها قد إرتفع. لقد بدأت تسبحتها لتسبح الرب أن خلصها من ضيقتها ونصرها على عدوتها ولكنها بروح النبوة نظرت للمستقبل القريب، لإنتصارات الشعب على الفلسطينيين بقيادة صموئيل وداود ثم للمستقبل البعيد لإنتصار المسيح على الشياطين الأعداء الحقيقيين الذين يفتحون أفواههم للشماتة ضد شعب الرب (مز 3 : 2) ولقد فهم اليهود تسبحة حنة هذه أنها على المسيح.

 

آية(2) :-

ليس قدوس مثل الرب لانه ليس غيرك و ليس صخرة مثل الهنا.

الله وحده هو القدوس والمسيح جاء ليضمنا إليه فنحمل الحياة القدسية فينا ونكون قديسين (لا 11 : 44).

 

آية(3) :-

لا تكثروا الكلام العالي المستعلي و لتبرح وقاحة من افواهكم لان الرب اله عليم و به توزن الاعمال.

دعوة لنا حتى لا نتفاخر بالمال والمعرفة والنسب والألقاب كما تفاخرت فننة بأولادها ولنعلم أن موازين الله ومقاييسه تختلف عّما لدى البشر فالله قادر أن يجعل العاقر أماً لأولاد كثيرين وأن يذل ذات الأولاد وهو قادر أن يرفع المسكين من المزبلة ويجعل الغنى يتضع.

 

آية(4) :-

قسي الجبابرة انحطمت و الضعفاء تمنطقوا بالباس.

قسى الجبابرة إنحطمت = هذا تطبيق على آية3 فمن يفتخر بقوته فليعلم أن الله قادر أن يضعفه والضعفاء تمنطقوا بالبأس = لأن الله قوتهم. (داود وجليات كمثال).

 

آية(5-8) :-

الشباعى اجروا انفسهم بالخبز و الجياع كفوا حتى ان العاقر ولدت سبعة و كثيرة البنين ذبلت. الرب يميت و يحيي يهبط الى الهاوية و يصعد. الرب يفقر و يغني يضع و يرفع.يقيم المسكين من التراب يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء و يملكهم كرسي المجد لان للرب اعمدة الارض و قد وضع عليها المسكونة.

مثال أخر حتى لا يفتخر الآنسان بما لديه بل بالرب فالشباعى أجروا أنفسهم بالخبز = هم عرضوا أن يؤجروا أنفسهم لجوعهم على أن يحصلوا فقط على الخبز والجياع كفوا = أى شبعوا وإكتفوا، لقد تغيرت الأحوال. فهل يفهم كل إنسان هذا الدرس فيشكر عوض الآنتفاخ. حتى إن العاقر ولدت سبعة = لقد ولدت حنة صموئيل ثم سبحت هذه التسبحة وبعد ذلك ولدت 3 بنين وبنتين. وهى فى قولها سبعة لا تقصد العدد بل الكمال الذى يشير لهُ رقم 7. ومرة أخرى فحنة تشير لكنيسة العهد الجديد الكاملة أمّا فننة فتشير لليهود الذين كانوا مثمرين فذبلوا بسبب رفضهم للمسيح. لقد ذبلت فننة لأنها عاشت فى حقد وكراهية، عاشت وكانت كل سعادتها أن تغيظ حنة، كان فرحها فى إغاظة الآخرين. فلماّ إنتهى هذا السبب انتهى فرحها وذبلت بالرغم ممّا لديها من بنين آية7. يهبط إلى الهاوية = أى يُنِزْل إلى القبر. آية8 : يقيم المسكين من التراب = هذا حدث مع دانيال وداود ويوسف.

 

آية(8) :-

يقيم المسكين من التراب يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء و يملكهم كرسي المجد لان للرب اعمدة الارض و قد وضع عليها المسكونة.

لأن الرب أعمدة الأرض وقد وضع عليها المسكونة = حديث مجازى يكشف عن رعاية الله لنا فمن من أجلنا أسس الأرض هو يملك عليها وأقامنا عليها، وهو كضابط الكل لا يفلت من رعايته شىء يمس حياتنا. وعليماً فهناك قوى تثبت الأرض (قوة الطرد المركزى / ضغط الهواء / وزن الأرض / تأثير باقى الكواكب) هذه تشبه بأعمدة وظيفتها تثبيت الأرض كما نقول فى القداس الإغريغورى "ثبت لى الأرض لأمشى عليها. ومجازياً قد تعنى الملوك والرؤساء الذين يضطلعون بأمور الأرض. وقيل فى (رؤ 3 : 12) سأجَعَلهُ عموداً فى هيكل إلهى " وهذا المعنى مجازى ولكن أيوب قبل ذلك بزمان طويل قال " يعلق الأرض على لا شئ " (أى 26 : 7).

 

آية(9) :-

ارجل اتقيائه يحرس و الاشرار في الظلام يصمتون لانه ليس بالقوة يغلب انسان.

أرجل أتقيائه يحرس = مز 91 : 11، 121 : 3) يصمتون = لأنهم فى الهاوية. لأنه ليس بالقوة يغلب إنسان = ليس بالقوة الجسدية ولا الإستعدادات العسكرية أمثلة (داود وجليات / جدعون) ولا بالمال ولا بالذكاء. وقد هزم المسيح إبليس بإتضاعه وتجسده وصلبه فملك علينا.

 

آية(10) :-

مخاصمو الرب ينكسرون من السماء يرعد عليهم الرب يدين اقاصي الارض و يعطي عزا لملكه و يرفع قرن مسيحه.

مخاصمو الرب ينكسرون = أى الذين يسلكون بحسب إرادتهم ضد إرادته هؤلاء يرعد عليهم من السماء = بغضبه. وباقى الآية نبوة صريحة عن المسيح. الرب يدين أقاصى الأرض = أى يمتد ملكه لأقصى الأرض بالكرازة ويعطى عزاً لملكه ويرفع قرن مسيحه = القول يرفع بعنى أنه أولاً يتضع ثم بعد ذلك يرتفع وبعد ذلك يعطى عزاً. فهو تجسد وإتضع ثم صُلِب ثم قام ثم صَعِدَ ثم جلس عن يمين الآب وهو المسيح الملك الديان. وغالباً فحنة لم تفهم كل هذه المعانى ولكنها تنطق بروح النبوة. ونلاحظ أن فى هذه الآية يذكر لفظ مسيح لأول مرة وقد يكون داود الذى سيمسحه صموئيل وقد يكون هو إبن داود يسوع المسيح.

 

الآيات (11-17) :-

و ذهب القانة الى الرامة الى بيته و كان الصبي يخدم الرب امام عالي الكاهن. و كان بنو عالي بني بليعال لم يعرفوا الرب. و لا حق الكهنة من الشعب كلما ذبح رجل ذبيحة يجيء غلام الكاهن عند طبخ اللحم و منشال ذو ثلاثة اسنان بيده. فيضرب في المرحضة او المرجل او المقلى او القدر كل ما يصعد به المنشل ياخذه الكاهن لنفسه هكذا كانوا يفعلون بجميع اسرائيل الاتين الى هناك في شيلوه. كذلك قبل ما يحرقون الشحم ياتي غلام الكاهن و يقول للرجل الذابح اعط لحما ليشوى للكاهن فانه لا ياخذ منك لحما مطبوخا بل نيئا. فيقول له الرجل ليحرقوا اولا الشحم ثم خذ ما تشتهيه نفسك فيقول له لا بل الان تعطي و الا فاخذ غصبا. فكانت خطية الغلمان عظيمة جدا امام الرب لان الناس استهانوا تقدمة الرب.

هذا الإصحاح يظهر فيه قصتين لعائلتين والقصتين هم لعائلة صموئيل وعائلة عالى. والقصتين متداخلتين ليظهر قبح أعمال إبنا عالى وإشراق صموئيل إبن ألقانة إبن الصلاة والإيمان الذى تربى فى خوف الله فكان سبب بركة لنفسه وعائلته وشعبه ولنا. أمّا إبنا عالى فقد إستغلا مركز أبيهما لصالحهما الذاتى وصارا كذئاب يصنعان الشر ويعثران الشعب معهما، وقد تهاون والدهما فى تأديبهما، وحين أراد توبيخهما تكلم فى رخاوة وكان واجبه أن يعزلهما عن وظيفتيهما فجلبا على نفسيهما وعلى والدهما وعائلتهما وشعبهما العار لم يعرفوا الرب = هم يعرفون الرب معرفة نظرية خلال التعليم ولكنهما فى حياتهما العملية لم يظهرا خشيتهما من الرب. وقد إستهانا بالطقس لأن الكاهن من حقه أن يأكل الصدر والساق اليمنى بعد ان يحرق الشحم للرب (لا 3 : 3-5). ولكن أولاد عالى أحبوا اللحم المشوى لذلك طلبوا اللحم بشحمه ليصلح للشواء فأخذوا نصيب الرب الذى كان يوقد على المذبح ولم يهتموا بما أمر الرب به (كان نظام وطقس تقديم الذبيحة :- الشحم نصيب الرب يحرق على المذبح والصدر والساق نصيب الكاهن وباقى الذبيحة لمقدمها وأسرته).

 

الآيات (18-21) :-

و كان صموئيل يخدم امام الرب و هو صبي متمنطق بافود من كتان* 19 و عملت له امه جبة صغيرة و اصعدتها له من سنة الى سنة عند صعودها مع رجلها لذبح الذبيحة السنوية* 20 و بارك عالي القانة و امراته و قال يجعل لك الرب نسلا من هذه المراة بدل العارية التي اعارت للرب و ذهبا الى مكانهما* 21 و لما افتقد الرب حنة حبلت و ولدت ثلاثة بنين و بنتين و كبر الصبي صموئيل عند الرب.

بدأ صموئيل خدمته صغيراً وهو صبى وبدأها فى جو كهنوتى فاسد للغاية، لا يمكن إصلاحه أو مقاومته، ولكن الله الذى يخلص بالقليل كما بالكثير إستخدم هذا الطفل للإصلاح وكانت أمه تحضر له جبة صغيرة كل سنة حين تصعد لشيلوه والجبة كانت لباساً داخلياً من الصوف منسوجاً بدون خياطة يتدلى عند الرجلين. وكانت بزيارتها وهديتها تحيطه بحنانها ومحبتها، لقد رأى صموئيل فى أمه محبة الله فأحب الله. وربما كانت أمه تزوره خلال السنة عدة مرات فالمسافة ليست بعيدة وهى التى علمته الصلاة والإيمان والمحبة فحياتها إنعكست عليه فكان رجل إيمان ورجل صلاة. وربما كان تأثيرها القوى عليه من مجرد زيارتها السنوية له. وهذا اللقاء السنوى هو الذى حفظه من الآنحراف والعثرة بسبب أبنى عالى الكاهن. وكبر صموئيل عند الرب وما أجمل أن يكبر الولد عند الرب ويعتنى به الرب. ولاحظ أنها أعطت الرب ولد فأعطاها خمسة.

 

الآية(22) :-

و شاخ عالي جدا و سمع بكل ما عمله بنوه بجميع اسرائيل و بانهم كانوا يضاجعون النساء المجتمعات في باب خيمة الاجتماع.

زيادة فى الفساد نجد إبنا عالى يفسدان النساء المجتمعات = أى اللواتى يخدمن فى خيمة الإجتماع بزناهم معهن فأفسدا نساء شعب الله وأهانا الله نفسه بزناهم فى بيته.

 

الآيات (23-25) :-

فقال لهم لماذا تعملون مثل هذه الامور لاني اسمع باموركم الخبيثة من جميع هذا الشعب* 24 لا يا بني لانه ليس حسنا الخبر الذي اسمع تجعلون شعب الرب يتعدون* 25 اذا اخطا انسان الى انسان يدينه الله فان اخطا انسان الى الرب فمن يصلي من اجله و لم يسمعوا لصوت ابيهم لان الرب شاء ان يميتهم.

توبيخ عالى لبنيه برخاوة فى غير حزم فما فعله أولاده يستوجب قتلهم بحسب الشريعة وعالى لم يفعل سوى التوبيخ بل حتى لم يعزلهم من وظيفتهم. وفى قول عالى تنبيه لكل من يخطىء فى حق الله. فالله يدين من يخطىء إلى إنسان فكم بالأولى من يخطىء إلى الله نفسه وفى الأمور المقدسة. ولنلاحظ أن الله لم يرفضهم إلاّ بعد أن رفضوه ورفضوا إنذاراته فمن يصلى من أجله = أى من يقدر أن يصلى لأجل هذه الحالة، هو يستصعب هذا الأمر.

 

آية(26) :-

و اما الصبي صموئيل فتزايد نموا و صلاحا لدى الرب و الناس ايضا.

هذه للمقابلة مع إبنى عالى الأشرار.

 

آية(27) :-

و جاء رجل الله الى عالي و قال له هكذا يقول الرب هل تجليت لبيت ابيك و هم في مصر في بيت فرعون.

وسط الفساد وُجد رجل لله أى نبى وأرسله الله إلى عالى لينذره قبل أن يوقع القصاص والله ينذر كثيراً قبل أن يضرب. فالله هنا إستخدم هذا النبى ثم إستخدم الطفل صموئيل. هل تجليت = هو سؤال إيجابى أى الرب تجلى لبيت أبيه وإنتخبه وهذا يشرفهم فهم عائلة قد إختارها الرب لخدمته منذ أيام هرون أبيهم.

 

آية(29) :-

 فلماذا تدوسون ذبيحتي و تقدمتي التي امرت بها في المسكن و تكرم بنيك علي لكي تسمنوا انفسكم باوائل كل تقدمات اسرائيل شعبي.

وتكرم بنيك = خلال ضعف شخصيته لم يكرم الله بردع إبنيه وتأديبهما، بل إحتقره بتكريمه لإبنيه أو أنه جاملهما فلم يؤدبهما أو يعزلهما أو يقتلهما حسب الشريعة.

 

آية(30) :-

لذلك يقول الرب اله اسرائيل اني قلت ان بيتك و بيت ابيك يسيرون امامي الى الابد و الان يقول الرب حاشا لي فاني اكرم الذين يكرمونني و الذين يحتقرونني يصغرون.

إلى الأبد = أى أجعل بيتك راسخاً دائماً إذا سلكوا بحسب وصايا الله ولكن مع خطايا أولاد عالى كان لابد للوعد أن يسقط. كيف نكرم الرب ؟ 1) طاعة وصاياه                   2) أن نؤمن به وأننا أولاد لهُ فنحبه    
3) بإيماننا وأعمالنا.

 

آية(31) :-

هوذا تاتي ايام اقطع فيها ذراعك و ذراع بيت ابيك حتى لا يكون شيخ في بيتك.

أقطع ذراعك = الذراع هو القوة، وقوة البيت شبانه، والمعنى أن يموت نسله شباباً.

 

آية(32) :-

و ترى ضيق المسكن في كل ما يحسن به الى اسرائيل و لا يكون شيخ في بيتك كل الايام.

الله أعطى إسرائيل أشياء جيدة كثيرة ولكن الآن سيترك الفلسطينيين عليهم لينهبوا كل هذا ضيق المسكن = فقد أخذ الفلسطينيين تابوت عهد الرب. وستكون فترة ضيق على إسرائيل.

 

آية(33) :-

و رجل لك لا اقطعه من امام مذبحي يكون لاكلال عينيك و تذويب نفسك و جميع ذرية بيتك يموتون شبانا.

رجل لك لا أقطعه = يشتهى نسله الموت ولا يجدونه. فالموت فى بعض الأحيان يكون للراحة، والله هنا سيترك الفاشلين الذين يحزنون قلبك بفقرهم ومعاناتهم. فموت شخص مؤلم ولكن الأكثر إيلاماً أن يحيا فى حياة مزرية.

 

آية(34) :-

و هذه لك علامة تاتي على ابنيك حفني و فينحاس في يوم واحد يموتان كلاهما.

حين مات إبنيه كان هذا لهُ علامة أن باقى نبوة هذا النبى ستكمل تماماً.

 

آية(35) :-

و اقيم لنفسي كاهنا امينا يعمل حسب ما بقلبي و نفسي و ابني له بيتا امينا فيسير امام مسيحي كل الايام.

الرب كعادته لا ينهى كلامه بالأخبار المحزنة بل يفتح باباً للرجاء وهو مجىء الكاهن الحقيقى الذى قد يكون صموئيل أو صادوق الذى أقيم أيام سليمان وليس من نسل عالى. ومن صادوق إستمر الكهنوت حتى أيام المسيح، لكن النبوة تشير للكاهن الحقيقى أى المسيح فالصفات التى قيلت عنهُ لا تنطبق سوى على المسيح. والنبوة تنطبق جزئياً على صموئيل الذى سار أمام شاول وداود = فيسير أمام مسيحى كل الأيام = وتنطبق كلياً على المسيح الذى يسير أمام مسيحيى (مسحائى) فى ترجمات أخرى والمسيح يسير أمام كنيسته كرأس لكنيسته ويشفع فيهم وهو مسحاء بالروح القدس أمّا كيف فهم اليهود هذه الآية فالملوك والكهنة مسحاء فهم يمسحون بالدهن المقدس. وأبنى لهُ بيتاً البيت هو كنيسة المسيح أى جسد المسيح الذى بدأ الروح القدس ببنائه حين بدأ عمل التجسد فى بطن العذراء ثم فى يوم الخمسين أسس الكنيسة.

 

آية(36) :-

و يكون ان كل من يبقى في بيتك ياتي ليسجد له لاجل قطعة فضة و رغيف خبز و يقول ضمني الى احدى وظائف الكهنوت لاكل كسرة خبز.

هذه إشارة لسقوط بيت عالى تماماً أو نبوة أنه بمجىء المسيح يسقط الكهنوت اليهودى قطعة فضة = أى أصغر عملة. لأكل كسرة خبز = هذا الكلام لو صاحبه توبة حقيقية لشابه توبة الإبن الضال ولكن أن لا يصاحبه توبة ورجوع للمسيح فيكون حال مزرية لما يصل إليه غير المؤمن.


 

الإصحاح الثالث

آية(1) :-

و كان الصبي صموئيل يخدم الرب امام عالي و كانت كلمة الرب عزيزة في تلك الايام لم تكن رؤيا كثيرا.

لم تكن رؤيا كثيرة = (مز 74 : 1،9). هو تعبير عن الحال.

 

آية(3) :-

و قبل ان ينطفئ سراج الله و صموئيل مضطجع في هيكل الرب الذي فيه تابوت الله.

وقبل أن ينطفئ سراج الله = يبدو أن الله دعا صموئيل قبيل الفجر وسط الظلام الخارجى والسراج هو نور المنارة التى يشعلونها ليلاً وتطفأ صباحاً. ولاحظ كم الظلام الموجود.

1- الدعوة ليلاً                                  2- لا توجد رؤيا فكلمة الله عزيزة    3- عينا رئيس الكهنة لا تبصر (أية2)

وهذا تصوير رائع للمجاعة الروحية التى يعيشها الشعب فإن كان رئيس الكهنة لا يبصر (روحياً) فإن قاد الأعمى شعباً إلى أين سيذهب بهم.

 

آية(4) :-

ان الرب دعا صموئيل فقال هانذا.

أن الرب دعا صموئيل = من مراحم الله أنه قبل الظلمة النهائية يضىء سراج جديد هو صموئيل ودائماً الله يفعل هذا يرسل أثناسيوس كسراج أمام ظلمة أريوس فهو يعتنى ويسهر على كنيسته.

 

آية(5) :-

و ركض الى عالي و قال هانذا لانك دعوتني فقال لم ادع ارجع اضطجع فذهب و اضطجع.

وركض إلى عالى = كان صموئيل مضطجعاً فى أحد الأبنية الملحقة بالخيمة وعالى مضطجعاً فى مبنى اخر وقيل عن المكان كله أنه هيكل الرب (الخيمة + المبانى الملحقة ).

ملحوظة :- قيل أن عالى مضطجع فى مكانه = أية2 وقيل أن صموئيل مضطجع فى هيكل الرب أية3 وكلاهما كانا فى هيكل الرب. لكن فى نظر الله فصموئيل فى هيكل الرب فهو أمام الله " أنا نائمة وقلبى مستيقظ" (نش 5 : 20). أمّا عالى فهو نائم بجسده فى هذا المكان فقط. المقصود هنا التعبير لا عن المكان فكلاهما فى هيكل الرب إنما المقصود التعبير عن حالة كل منهما، أين يوجد قلب كل أحد منهما ؟ لقد أصاب قلب عالى الكاهن الشيخوخة الروحية والعجز الروحى فأصبح قلبه لا يعاين الله.

 

آية(7) :-

و لم يعرف صموئيل الرب بعد و لا اعلن له كلام الرب بعد.

ولم يعرف صموئيل الرب = شتان بين هذه وبين أن إبنى عالى لم يعرفا الرب. فصموئيل لم يعرف الرب بالرؤى والإعلانات أى أن الله لم يتكلم معهُ مباشرة من قبل والآن بداية معرفة جديدة تضاف لبساطته وطهارته وإيمانه. صموئيل هنا بدأ يعرف الرب بطريقة جديدة. والرب دعا صموئيل وكلمه وكان فى الثانية عشرة من عمره (يوسيفوس) ولاحظ أن الله لم يستعمل صوتاً مخيفاً بل صوتاً مألوفاً لصموئيل حتى لا يرهب ويخاف بل هو ظنه صوت عالى. ونادى الرب صموئيل وكان فى الهيكل كثيرون لكن لم تكن هناك أذان حساسة لصوت الله سوى أذنى صموئيل. وكان صموئيل يستجيب لعالى لأنه يعرف أنه شيخ يحتاج المساعدة لذلك يقول الكتاب وركض آية5. وطاعة الأب الذى يُرى (اى عالى) هى علامة على طاعة الآب الذى لا يُرى. وكان صموئيل يذهب مع كل نداء بلا تذمر مع أنه فى وقت النوم.

 

آية(8) :-

و عاد الرب فدعا صموئيل ثالثة فقام و ذهب الى عالي و قال هانذا لانك دعوتني ففهم عالي ان الرب يدعو الصبي.

لقد نادى الرب صموئيل بإسمه شخصياً لكنه لم يستطع أن يتعرف على الصوت دون إرشاد عالى الكاهن. وهذا هو دور الكهنوت.

 

آية(10) :-

فجاء الرب و وقف و دعا كالمرات الاول صموئيل صموئيل فقال صموئيل تكلم لان عبدك سامع.

فجاء الرب ووقف ودعا = هذا يعنى أن الصوت ظل يقترب إلى أن ثبت. هو تنازل إلهى ومحبة إلهية فائقة نحو الآنسان. بل تكرار الإسم صموئيل صموئيل = يعنى أن الله أحب إسمه وأحبه. ولقد كان كلام الله لهُ بعد ذلك ملخصاً مختصراً قدر ما يحتمل الصبى أن يسمع.

 

الآيات (11-14) :-

فقال الرب لصموئيل هوذا انا فاعل امرا في اسرائيل كل من سمع به تطن اذناه* 12 في ذلك اليوم اقيم على عالي كل ما تكلمت به على بيته ابتدئ و اكمل* 13 و قد اخبرته باني اقضي على بيته الى الابد من اجل الشر الذي يعلم ان بنيه قد اوجبوا به اللعنة على انفسهم و لم يردعهم* 14 و لذلك اقسمت لبيت عالي انه لا يكفر عن شر بيت عالي بذبيحة او بتقدمة الى الابد.

الله يكرر نفس المعانى التى قالها النبى قبل ذلك. ولم يذكر له تفاصيل العقوبة إذ لا حاجة لتكرارها بل هو يذكر عالى وبنيه لعلهم يتوبون. لا يكفر عن شر بيت عالى بذبيحة إلى الأبد هذه تكملة لنبوة النبى
(2 : 35-36). فالمسيح الكاهن الذى يأتى سيبطل الذبائح بذبيحة دِمِه.

 

آية(15) :-

واضطجع صموئيل الى الصباح و فتح ابواب بيت الرب و خاف صموئيل ان يخبر عالي بالرؤيا.

خاف صموئيل أن يخبر عالى بالرؤيا خشية جرح مشاعره وهو شيخ وأب محبوب لديه وفتح أبواب بيت الرب = صنع هذا فى الصباح لأنها خدمته أن يفتح السجف، خدمته التى تعود عليها. والآن بعد عَلِمَ أن الرب يكلمه شخصياً لم ينتفخ ولم يرى أن عملهُ صار صغيراً عليه.

 

آية(18) :-

فاخبره صموئيل بجميع الكلام و لم يخف عنه فقال هو الرب ما يحسن في عينيه يعمل.

إجابة عالى تدل على تقواه بالرغم من ضعف شخصيته. وخطأهُ أنه لم يعمل شيئاً إيجابياً.

 

الآيات (19-21) :-

وكبر صموئيل و كان الرب معه و لم يدع شيئا من جميع كلامه يسقط الى الارض.
وعرف جميع اسرائيل من دان الى بئر سبع انه قد اؤتمن صموئيل نبيا للرب.
وعاد الرب يتراءى في شيلوه لان الرب استعلن لصموئيل في شيلوه بكلمة الرب.

وكان الرب معهُ = هذا هو سر قوته. وقوة كل أولاد الله (1كو 15 : 10). أولاد الله لا يعوزهم شىء فهو نفسه معهم. والله أعطاه نعمة فى عينى شعبه = لم يدع كلمة من جميع كلامه يسقط من دان إلى بئر سبع = أى كل أرجاء البلاد فدان أقصى الشمال وبئر سبع أقصى الجنوب وعاد الرب يتراءى = لأنه كان أميناً بعد أن تراءى لهُ الرب أول مرة تراءى لهُ بعد ذلك.


 

الإصحاح الرابع

آية(1) :-

و كان كلام صموئيل الى جميع اسرائيل و خرج اسرائيل للقاء الفلسطينيين للحرب و نزلوا عند حجر المعونة و اما الفلسطينيون فنزلوا في افيق.

وكان كلام صموئيل إلى جميع إسرائيل = أى عُرِف صموئيل أنه نبى عنده كلمة الله. وهذه الآيةهى ربط بين الإصحاح السابق وهذا الإصحاح فهى تصلح كخاتمة للإصحاح السابق وتصلح أيضاً كبدآية لهذا الإصحاح. فإذا كان الشعب قد عَرِف أن صموئيل هو نبى الله فلماذا لم يَستشيره قبل أن يخرجوا للحرب. ولا يفهم من الآيةأن صموئيل هو الذى أمر الشعب بالحرب بل العكس كما قلنا. ولأنهم خرجوا للحرب دون أن يتقدسوا أو يسَتشيروا الرب إنهزموا والهزيمة دائماً سببها تخلى الله والله يتخلى فى حالة الإصرار على الخطية بدون توبة. ولكن الله لا يترك شعبه للنهاية بل يرسل لهم دائماً من يخلصهم بعد أن يؤدبهم فالأب السماوى لا يدلل أولاده (مثل عالى) بل يحبهم محبة حقيقية. حجر المعونة = أخذت هذا الإسم بعد الحوادث المذكورة هنا بحوالى 20 عاماً (1صم 7 : 12). إذ وضع صموئيل حجراً تذكارياً بين المصفاة والسن فى جنوب شرق أفيق.

 

آية(3) :-

فجاء الشعب الى المحلة و قال شيوخ اسرائيل لماذا كسرنا اليوم الرب امام الفلسطينيين لناخذ لانفسنا من شيلوه تابوت عهد الرب فيدخل في وسطنا و يخلصنا من يد اعدائنا.

لماذا كسرنا اليوم الرب = هم إعترفوا بأن إنكسارهم كان من الرب ولكن جهلوا أن الخطية هى السبب "هلك شعبى من عدم المعرفة " كان يجب أن يفهموا أن فسادهم وإنحرافهم عن الله هو السبب لنأخذ.. تابوت عهد الرب = وهل تابوت العهد سيغطى الفساد ؟ كان الحل فى التوبة والقداسة والإيمان. فهناك من يلبس صلبان ذهبية مرصعة بالماس ولكن بدون إيمان فصلبانه لن تنفعه شيئاً وهناك من يرسم علامة الصليب بإيمان فتذهب قوة السم (مارجرجس) وهكذا نقل سمعان الخراز جبل المقطم. والتابوت هو رمز لحلول الله وسطهم، لكنهم بفكرهم الوثنى ظنوا أن وجود التابوت تعويذة تحميهم مثل أوثان باقى الأمم مع ان الله أخبرهم أنه لا يسكن داخل التابوت بل بين الكاروبين (حيث تظهر الشكينة أى مجد الله) والله سيسكن وسطهم لو هم فى حالة قداسة. (هذا الحال شرحه مزمور 78 : 56-64). هم إتكلوا على شكليات العبادة دون تغيير القلب
(أر 7 : 8) + (حز 10 : 18، 11 : 22) فالله أقام الخيمة والتابوت لأجلهم فإن هم رفضوه سيرفض الخيمة والتابوت.

 

آية(4) :-

فارسل الشعب الى شيلوه و حملوا من هناك تابوت عهد رب الجنود الجالس على الكروبيم و كان هناك ابنا عالي حفني و فينحاس مع تابوت عهد الله.

جاء حفنى وفينحاس = الذين أفسدا الشعب وكانا فاسدين ليحملوا التابوت فهل يرضى الله ؟

 

آية(5) :-

و كان عند دخول تابوت عهد الرب الى المحلة ان جميع اسرائيل هتفوا هتافا عظيما حتى ارتجت الارض.

هتفوا.. حتى أرتجت الأرض = هنا يسبحون الله بشفاههم لكن القلب مبتعد بعيداً. لقد هتفت الحناجر أمّا القلوب فظلت ساكنة بعيدة عن فكر التوبة.

 

آية(9) :-

تشددوا و كونوا رجالا ايها الفلسطينيون لئلا تستعبدوا للعبرانيين كما استعبدوا هم لكم فكونوا رجالا و حاربوا.

تشددوا وكونوا رجالاً = وإن خاف الفلسطينيين لمعرفتهم السابقة باعمال الله مع شعبه لكنهم عوضاً عن التراجع إزدادوا حماساً وتشجعوا ولو كان الله راضياً عن شعبه لأزعج الفلسطينيين كما حدث من قبل. ولكن هذا لم يحدث وصارت الغلبة للفلسطينيين لكن إلى حين.

 

آية(13) :-

و لما جاء فاذا عالي جالس على كرسي بجانب الطريق يراقب لان قلبه كان مضطربا لاجل تابوت الله و لما جاء الرجل ليخبر في المدينة صرخت المدينة كلها.

واضح أن عالى لم يكن موافقاً على أخذ تابوت العهد فكان قلبه مضطرباً لأجله. لكنه كان قد خضع لإرادة الشعب.

 

آية(15) :-

و كان عالي ابن ثمان و تسعين سنة و قامت عيناه و لم يقدر ان يبصر.

قامت عيناه = أى إظلمت وكلت وفقد البصر تماماً ولاحظ أن نهاية حياته كانت ظلاماً دامساً له ولشعبه إسرائيل.

 

آية(17) :-

فاجاب المخبر و قال هرب اسرائيل امام الفلسطينيين و كانت ايضا كسرة عظيمة في الشعب و مات ايضا ابناك حفني و فينحاس و اخذ تابوت الله.

كل خبر أصعب من الخبر الذى قبله.  1) هرب الشعب وإنكسر     2) مات الكثيرين     3) مات إبناه       4) أخذ تابوت العهد.

 

آية(18) :-

و كان لما ذكر تابوت الله انه سقط عن الكرسي الى الوراء الى جانب الباب فانكسرت رقبته و مات لانه كان رجلا شيخا و ثقيلا و قد قضى لاسرائيل اربعين سنة.

كان الخبر الذى أرعب وأحزن عالى إلى الموت خبر أخذ تابوت العهد.

 

آية(21) :-

فدعت الصبي ايخابود قائلة قد زال المجد من اسرائيل لان تابوت الله قد اخذ و لاجل حميها
و رجلها.

إيخابود = زال المجد أو أين هذا المجد. هى ظنت أن المجد فى وجود التابوت فى إسرائيل ولكن هى أخطأت الفهم فالمجد هو بوجود الله فى وسط شعبه أى وسط القديسين، لقد اخذ التابوت لأن المجد زال عن إسرائيل فهم ليسوا قديسين بل أشرار فالله لايقيم الآن وسطهم. لقد كانت نكبة المرأة فى أخذ التابوت أشد وقعاً على نفسها من موت حميها ورجلها فاخذ التابوت علامة على ترك الله لشعبه. وميلاد إبنها لا يعزيها فأى مستقبل تنتظره إسرائيل التى زال عنها المجد وفارقها الله.... لقد كانت هذه المرأة أبر من زوجها وحميها. لقد كان أخذ التابوت فيه تأديب للطرفين لإسرائيل وللفلسطينيين.


 

الإصحاح الخامس

الآيات (1-5) :-

فاخذ الفلسطينيون تابوت الله و اتوا به من حجر المعونة الى اشدود* 2 و اخذ الفلسطينيون تابوت الله و ادخلوه الى بيت داجون و اقاموه بقرب داجون* 3 و بكر الاشدوديون في الغد و اذا بداجون ساقط على وجهه الى الارض امام تابوت الرب فاخذوا داجون و اقاموه في مكانه* 4 و بكروا صباحا في الغد و اذا بداجون ساقط على وجهه على الارض امام تابوت الرب و راس داجون و يداه مقطوعة على العتبة بقي بدن السمكة فقط* 5 لذلك لا يدوس كهنة داجون و جميع الداخلين الى بيت داجون على عتبة داجون في اشدود الى هذا اليوم.

كانت عادة الشعوب الوثنية أنهم ينسبون إنتصاراتهم لألهتهم ويقدمون غنائم الحرب لألهتهم عرفاناً بجميلها إذ أعطتهم النصرة على أعدائهم. وهذا ما عملوه مع أسلحة شاول (1صم 31 : 10) وكذلك فعل داود إذ أعطى السيف الذى أخذه من جليات لهيكل الرب (1صم 21 : 8-9). وداجون إله فلسطينى له رأس إنسان ويد إنسان أمّا بدنه فعلى شكل سمكة ويعتبر إله الخصوبة لأن البحر يفيض بسمك كثير. والله تعامل معهم بهذا الأسلوب لأنهم يعرفون أن تابوت العهد يمثل الحضرة الإلهية فالله تحدث معهم بلغة المرض وحلول الكوارث فسقط إلههم وهم ضربوا بالبواسير وبضربة الفيران، هنا الله يدافع عن كرامة إسمه حتى لا يظن هؤلاء الوثنيين أن ألههم أقوى من الله. وعلينا ان نلاحظ أن دخول الله للقلب لابد أن يصاحبه إنهيار كل الأوثان أى كل ما نعبده من شهوات ومحبة المال. وكان يجب أن أهل أشدود أن يفهموا أنه لا شركة بين الله وبين ألههم وهكذا نحن "فلا شركة للنور مع الظلمة". الآن رأى أهل أشدود أن إلههم عاجز عن القيادة والتدبير وعاجز بلا يدين وهم كانوا يتصورون أن الإله السمكة له قوة وعقل وقوة تدبير وقوة خصوبة، أين كل هذا الآن ؟. لقد وجدوا رأس داجون ويديه مقطوعة على العتبة أى موضع الدوس. هكذا كل فكر أو قوة مقاومة لله قد تتشامخ إلى حين لكن مصيرها الدوس وفى (آية5) نجد الفلسطينيين لا يدوسون على العتبة إكراماً لإلههم الذى سقطت أعضاؤه على العتبة. وقد نفهم أن الفلسطينيين يعملون ذلك لكن كيف نفهم أن اليهود شعب الله المقدس يصنع هذا (صف9:1) كيف يقلدون العادات الوثنية؟

 

 آية(6) :-

فثقلت يد الرب على الاشدوديين و اخربهم و ضربهم بالبواسير في اشدود و تخومها.

ضربة البواسير: هى ضربة مؤلمة وقد تكون قاتلة لما يصاحبها من مرض الطاعون وهى ضربة مخجلة وتسبب خجلاً شديداً وسط هؤلاء الناس بسبب مكان الضربة (مز66:78) ولاحظ كيف كان التابوت سبب بركة للمؤمنين إن عاشوا فى حياة قدسية بالرب وكيف يصير سبب لعنة لغير المؤمنين (2كو2: 15،16). وكلمة البواسير المستخدمة هنا تعنى طاعوناً يصيب الغدد اللمفاوية والفخذ لذلك هم فى (آية11) خافوا من الموت. وجاء فى الترجمة السبعينية أن البلاد ضربت أيضاً بالفيران التى أكلت محصولاتهم وهذا يتمشى مع تقدمتهم بواسير + فيران ومن المعروف علمياً إرتباط الفيران بمرض الطاعون.

 

آية(7) :-

و لما راى اهل اشدود الامر كذلك قالوا لا يمكث تابوت اله اسرائيل عندنا لان يده قد قست علينا و على داجون الهنا.

هذا يشبه ما فعله أهل كورة الجدريين حين أهلك المسيح خنازيرهم فطلبوا منه أن يغادر كورتهم. ولكن السبب أن الضربة بسبب وجود داجون بالداخل محتلأ قلوبهم داخلياً.

 

آية(9) :-

و كان بعدما نقلوه ان يد الرب كانت على المدينة باضطراب عظيم جدا و ضرب اهل المدينة من الصغير الى الكبير و نفرت لهم البواسير.

ضربة مدينة جت ليدركوا أن ما حدث فى أشدود لم يكن مصادفة بل هو ضربة إلهية. منذ البداية كانوا يعلمون أن يهوة إله قوى خلص شعبه من مصر بعجائب لكنهم تشددوا لمقاومته، أمّا الآن فقد أيقنوا أنهم لا يستطيعوا مقاومته ولكن لماذا لم يهلكهم الله ويميتهم؟ بسبب أنهم جهلة، هم يصنعون ما يصنعونه عن جهل وعدم معرفة.


 

الإصحاح السادس

آية(1) :-

و كان تابوت الله في بلاد الفلسطينيين سبعة اشهر.

لقد طالت مدة إقامة التابوت فى أرض الفلسطينيين ليعرفوا أن ما حدث لم يكن مصادفة. ويعرفوا أن الضربات علامة غضب إلهى عليهم لوثنيتهم. وحتى يشتاق الشعب لعودة التابوت وسطهم.

 

آية(2) :-

فدعا الفلسطينيون الكهنة و العرافين قائلين ماذا نعمل بتابوت الرب اخبرونا بماذا نرسله الى مكانه.

المؤمنون يقتربون من الله وغير المؤمنون يبتعدون عنهُ.

 

آية(3) :-

فقالوا اذا ارسلتم تابوت اله اسرائيل فلا ترسلوه فارغا بل ردوا له قربان اثم حينئذ تشفون و يعلم عندكم لماذا لا ترتفع يده عنكم.

رأى كهنة الفلسطينيين أن ما حلّ بهم هو ثمرة تأديب وثمرة لإثمهم فى حق الله. وكان الإقتراح بإرسال قربان كتعويض أدبى ومادى لما أصاب شعب الله. وهو طلبوا أن تشترك كل مدينة من المدن الخمس العظمى فى فلسطين فى هذا القربان ليكون الإعتراف جماعياً والقربان من كل الشعب.

 

آية(4) :-

فقالوا و ما هو قربان الاثم الذي نرده له فقالوا حسب عدد اقطاب الفلسطينيين خمسة بواسير من ذهب و خمسة فيران من ذهب لان الضربة واحدة عليكم جميعا و على اقطابكم.

كانت العادة لدى الوثنيين تقديم تمثال الجزء المصاب بمرض للآلهة عند البرء من المرض ونلاحظ الطلب هنا أن يصنعوا تماثيل بواسير وفيران. إذاً الضربة كانت فى مرضهم بالبواسير وإطلاق الفيران على محاصيلهم حسب ما جاء بالنسخة السبعينية.

 

آية(5) :-

و اصنعوا تماثيل بواسيركم و تماثيل فيرانكم التي تفسد الارض و اعطوا اله اسرائيل مجدا لعله يخفف يده عنكم و عن الهتكم و عن ارضكم.

لقد فهم الفلسطينيين أن هديتهم ليست رشوة لله لأنهم قالوا إعطوا إله اسرائيل مجداً إنما هى قربان إثم. أمّا بالنسبة لناموس موسى فأى ذبيحة إثم لابد أن تكون دموية وبالنسبة لنا فدم المسيح هو الذى يطهر من كل إثم. ليس بالذهب ولكن بالدم. ولكن كما خرج الشعب من مصر ومعهم هدايا هكذا خرج التابوت من فلسطين ومعهُ هدايا.

 

آية(6) :-

و لماذا تغلظون قلوبكم كما اغلظ المصريون و فرعون قلوبهم اليس على ما فعل بهم اطلقوهم فذهبوا.

وفهم أيضاً الفلسطينيين أن الله لا يمكن مقاومته إذاً لقد إنتشر درس فرعون فى كل مكان. وعلى كل إنسان أن يعتبر ممّا يحدث من مصائب ضد الخطاة فيقدم توبة.

 

الآيات (7-12) :-

فالان خذوا و اعملوا عجلة واحدة جديدة و بقرتين مرضعتين لم يعلهما نير و اربطوا البقرتين الى العجلة و ارجعوا ولديهما عنهما الى البيت. و خذوا تابوت الرب و اجعلوه على العجلة و ضعوا امتعة الذهب التي تردونها له قربان اثم في صندوق بجانبه
و اطلقوه فيذهب. و انظروا فان صعد في طريق تخمه الى بيتشمس فانه هو الذي فعل بنا هذا الشر العظيم و الا فنعلم ان يده لم تضربنا كان ذلك علينا عرضا. ففعل الرجال كذلك و اخذوا بقرتين مرضعتين و ربطوهما الى العجلة و حبسوا ولديهما في البيت.
و وضعوا تابوت الرب على العجلة مع الصندوق و فيران الذهب وتماثيل بواسيرهم.فاستقامت البقرتان في الطريق الى طريق بيتشمس و كانتا تسيران في سكة واحدة و تجاران و لم تميلا يمينا و لا شمالا واقطاب الفلسطينيين يسيرون وراءهما الى تخم بيتشمس.

ما أروعه منظر يشهد لحب الله لشعبه. فمهما طالت إقامة التابوت فى أرض غريبة، لكن الله يشتاق أن يسكن وسط شعبة ويحل فيهم. لقد ساق البقرتين رغم ميلهما الطبيعى لصغيريهما وكانتا تجأران: هو صوت خوار البقرة لأجل أولادها المحبوسين ولاحظ أيضاً أنهما غير مدربتان فلم يعلهما نير فالبقر غير المدرب لا يسير فى طريق معتدل لكنهما إستقامتا ولم يميلا يميناً ولا يساراً: عكس الطبيعة، فمن الطبيعى أن تدخل البقرتان للحقول لتأكلا. فكل الظروف كانت ضد أن تتجه البقرتان إلى بيت شمس فأى قوة كانت تدفعهما غير قوة الله. البقرتان لم يستطيعا الآنحراف لأنهما يعرفان قانيهما (أش3:1) بينما فينحاس وحفنى لم يعرفاه. عجيب أنه رغم خطية شعب الله نجد الله مشتاقاً للرجوع لشعبه. العجلة الجديدة والبقرتان اللتان لم يعلهما نير تكشف عن إدراك الوثنيين أيضاً أن الله لا يقبل التعريج بين الفرقتين فهو يريد أن ما يستخدم لحمل التابوت لا يكون قد إستخدم لشئ آخر. وهكذا الله يريد أن القلب يكون لهُ وحدهُ (2كو14:6). والعجلة الجديدة تشير للكنيسة الجديدة التى أسسها المسيح والبقرتان رمز لليهود والأمم. لم يعلهما نير: أى لم يخضعا للخطية
طريق تخمه. آية(9) :- تخم التابوت أى أرض إسرائيل. وكانت الطريقة التى سارت بها البقرتان علامة للكهنة الفلسطينيين أن ما حلّ بهم كان من قبل الرب. وبيتشمس: هى مدينة للكهنة (يش16:21) على تخم يهوذا.

 

الآيات (13-18) :-

وكان اهل بيتشمس يحصدون حصاد الحنطة في الوادي فرفعوا اعينهم و راوا التابوت و فرحوا برؤيته. فاتت العجلة الى حقل يهوشع البيتشمسي ووقفت هناك

و هناك حجر كبير فشققوا خشب العجلة واصعدوا البقرتين محرقة للرب. فانزل اللاويون تابوت الرب و الصندوق الذي معه الذي فيه امتعة الذهب و وضعوهما على الحجر الكبير و اصعد اهل بيتشمس محرقات و ذبحوا ذبائح في ذلك اليوم للرب.فراى اقطاب الفلسطينيين الخمسة و رجعوا الى عقرون في ذلك اليوم. وهذه هي بواسير الذهب التي ردها الفلسطينيون قربان اثم للرب واحد لاشدود وواحد لغزة و واحد لاشقلون و واحد لجت و واحد لعقرون. و فيران الذهب بعدد جميع مدن الفلسطينيين للخمسة الاقطاب من المدينة المحصنة الى قرية الصحراء و شاهد هو الحجر الكبير الذي وضعوا عليه تابوت الرب هو الى هذا اليوم في حقل يهوشع البيتشمسي.

 تكسير العربة وإستخدام خشبها كوقود لتقديم ذبيحة لأن العربة لا يجب أن تستخدم فى أى شئ ثانية. وفى آية(14) وقفت البقرتان عند حقل يهوشع البيتشمسى: إسمه هو نفس أسم يسوع أو يشوع. وكما قاد يشوع الشعب لدخول أرض الميعاد. قاد أسم يهوشع البقرتان. والعجلة تشير للكنيسة فدخولها حقل يشوع أو يهوشع هو إعلان عن أن متعة الكنيسة وفرحها هو بيسوعها سر قوتها. وشاهد هو الحجر الكبير: الذى وُضِعَ عليه تابوت العهد، هو شاهد لعمل الله مع شعبه تتطلع إليه الأجيال لتذكر محبة الله ورعايته.

 

الآيات (19-21) :-

و ضرب اهل بيتشمس لانهم نظروا الى تابوت الرب و ضرب من الشعب خمسين الف رجل و سبعين رجلا فناح الشعب لان الرب ضرب الشعب ضربة عظيمة. و قال اهل بيتشمس من يقدر ان يقف امام الرب الاله القدوس هذا و الى من يصعد عنا. و ارسلوا رسلا الى سكان قرية يعاريم قائلين قد رد الفلسطينيون تابوت الرب فانزلوا و اصعدوه اليكم.

كان المفروض أن الشعب يسقطون على وجوههم عند معاينتهم للتابوت ويقدموا توبة للرب ويستدعوا الكهنة لحمله والأحتفال به لكنهم تجاهلوا الشريعة. لقد كرمه الفلسطينيون بالرغم من جهلهم أكثر من اليهود. ولقد كانت ضربة اليهود لإستهتارهم أكبر بكثير من ضربة الفلسطينيين فمن يعرف أكثر يدان أكثر. ضرب خمسين ألف رجل وسبعين رجلاً. ولقد أثار هذا العدد الكبير بعض التساؤلات كيف يوجد فى بلد صغير مثل بيتشمس كل هذا العدد؟

1- جاء النص فى العبرية أنه ضرب 70، 50،000 وفسرتها الفولجاتا أنهم 70 من الرؤساء، 50،000 من الشعب. وترجمها البعض 70 رجلاً خمسين ألف رجل أى هناك تمييز بين الـ 70 والـ 50،000. وفهم البعض النص أن الرب ضرب 70 من بين الـ 50،000 الموجودين.

2-  ربما اجتمع كثيرين من كل بنى إسرائيل وفرحوا بعودة التابوت فرح غير مقدس وكل فرح غير مقدس عاقبته أنه يتحول إلى حزن ونوح فضرب الله 70 من أهل بيتشمس و50،000 من باقى إسرائيل.
عدم احترام تابوت العهد وضربة الشعب بسبب ذلك ينبهنا أننا كثيراً ما نتهاون عندما نسمع صوت الله أو داخل الكنيسة أو أثناء تناولنا الأسرار الإلهية.

من يقدر أن يقف: أى من يقدر أن يواجه ضربات الله ويتحداه ويقف فى وجهه. وإلى من يصعد عنا: أى لمن نُرْسلْ التابوت حتى نتخلص من الضربات. وللأسف هو نفس موقف الفلسطينيين وكان يجب أن يقولوا كيف نتصالح مع الله. وفى (21) أصعد التابوت إلى يعاريم ولم يرجع ثانية إلى شيلوه لأنها كانت قد دُمّرَتْ بواسطة الفلسطينيين (أر12:7). وصموئيل أقام خيمة فى نوب وضع فيها الأوانى والمذابح والتابوت لم يدخل إليها، فصموئيل إهتم بجوهر العبادة وليس بشكلياتها. وبقى التابوت فى يعاريم حتى نقله داود إلى بيدركيدون وبيت عوبيد آدوم الجتى. (1أى5: 5-13 + 2أى4:1).


 

الأصحاح السابع   

الآيات (1- 2) :-

فجاء اهل قرية يعاريم و اصعدوا تابوت الرب و ادخلوه الى بيت ابيناداب في الاكمة
و قدسوا العازار ابنه لاجل حراسة تابوت الرب.

لقد أدرك أهل يعاريم أن التابوت يمثل حضرة الله فصعدوا بفرح وأتوا به فى إحترام إلى بيت أبيناداب ليبقى هناك قرابة 100 عام حتى نقله داود النبى (2صم6: 1-4). بينما كان سبب ضربات لأهل بيت شمس هو رائحة حياة لحياة ورائحة موت لموت. وكان أبيناداب لاوياً لكن ليس كاهناً وإنه لتوبيخ شديد أن من يحرس التابوت لا يكون كاهناً فقد أهان الكهنة الله بتصرفاتهم (أولاد عالى). وكانت الخيمة فى نوب بينما التابوت فى يعاريم وهذا بالتأكيد كان سبباً فى تعطيل العبادة أو جعل العبادة غير كاملة لكنه إعلان عن مدى الآنحطاط الروحى للشعب. ولم يهتم صموئيل بوضع التابوت فى الخيمة فهدفه أن يدعو الشعب للتوبة وإبعادهم عن مظهريات وشكليات العبادة. وناح كل بيت إسرائيل: هى توبة جماعية نتيجة عمل وخدمة صموئيل الذى ظل 20 عاماً يدعو للتوبة ورفض كل عبادة غريبة وقارن بين قرية يعاريم وكيف إستقبلوا التابوت بفرح ووقار ووضعوه فى بيت أبيناداب وبين بيتشمس حيث لم يعطه أحد الكهنة بيته بل تركوه على صخرة.

 

الآيات (3،4) :-

و كلم صموئيل كل بيت اسرائيل قائلا ان كنتم بكل قلوبكم راجعين الى الرب فانزعوا الالهة الغريبة و العشتاروث من وسطكم و اعدوا قلوبكم للرب و اعبدوه وحده فينقذكم من يد الفلسطينيين.

بعد خدمة صموئيل 20 سنة وسط إسرائيل بدأ فى العمل الجماعى. لقد بدأ صموئيل بعد هزيمة الشعب أمام الفلسطينيين وبعد عودة التابوت يؤسس مدرسة الآنبياء. وتزوج فى هذه الفترة وأنجب إثنين وخلال الخدمة الهادئة إنفتحت القلوب بالحب لله فتجمع الشعب بروح الوحدة والمحبة. وبعد 20 سنة وجد صموئيل الفرصة سانحة للمناداة بالتوبة الجماعية وشرح لهم سر فشلهم السابق أنه فى البعد عن الله وعبادة الألهة الغريبة. أو التعريج بين الفرقتين. العشتاروت: جمع عشتار وهى قرينة البعل وكان الفلسطينيون يعبدونها خلال تماثيل عليها صور للقمر أو كوكب الزهرة. هى آلهة للخصوبة وعبادتها إحتوت على الكثير من روح الخلاعة والرجاسات. وقد تكرست كاهنات لممارسة الدعارة فى هياكل العشتاروت. أمّا البعل فالكلمة تعنى السيد أو الرب بمعنى مالك أو سيد لإمرأة أو لعبد. وعُبِدَ البعل تحت أشكال كثيرة وبتماثيل من الخشب أو الحجر أو المعدن عليها صورة الشمس بكونها أعظم ما فى الطبيعة وأنها مصدر الحياة. وللأسف فقد سقط اليهود فى هذه العبادات للبعل والعشتاروت بل وصنعوا تماثيلهم فى الهيكل وتكرست نسائهم لهذه الدعارة وقدموا أولادهم ذبائح حية لهذه الألهة.

 

الآيات (5-6) :-

فقال صموئيل اجمعوا كل اسرائيل الى المصفاة فاصلي لاجلكم الى الرب. فاجتمعوا الى المصفاة و استقوا ماء و سكبوه امام الرب و صاموا في ذلك اليوم و قالوا هناك قد اخطانا الى الرب و قضى صموئيل لبني اسرائيل في المصفاة.

يبرز هنا دور صموئيل كقاضٍ وكممثل للحكم الإلهى مثل (موسى ويشوع) ومصلح دينى. وهو يظهر للشعب قوة الصلاة ليشرح دور الله فى حماية شعبه فأصلى لأجلكم إلى الرب فهو راعٍ روحى يعرف أنه لا يقدر أن يقود الشعب بدون الصلاة فالله هو القائد الحقيقى. والشعب فى تذلله أمام الرب إستقوا ماء وسكبوه أمام الرب: كأنهم يقولون فى توبتهم نحن قد إنسكبنا أمامك يا رب بلا أمل فى أن يجمعنا أحد ثانية فإرحمنا وإجمعنا. إذاً معنى سكب الماء هو علامة إعتراف بالضعف إذ صاروا كالماء المنسكب لا يمكن جمعه إلا بيد إلهية. وبعض الترجمات ترجمت الآية"وسكبوا قلوبهم بالتوبة أمامه كالماء" وتفهم أيضاً أنهم القوا خطاياهم عنهم كما يتخلص الآناء من الماء المنسكب فهم قبلاً "شربوا الأثم كالماء" إذاً هى توبة رائعة إشتملت على التوبة والأعتراف والتذلل والآنسكاب أمام الله والصوم.

 

الآيات (7-8) :-

و سمع الفلسطينيون ان بني اسرائيل قد اجتمعوا في المصفاة فصعد اقطاب الفلسطينيين الى اسرائيل فلما سمع بنو اسرائيل خافوا من الفلسطينيين. و قال بنو اسرائيل لصموئيل لا تكف عن الصراخ من اجلنا الى الرب الهنا فيخلصنا من يد الفلسطينيين.

عدو الخير يثور ويثير رجاله مع كل توبة. فأهاج الفلسطينيين على الشعب، هو رفض الظلمة للنور. ولكن لنلاحظ أنه مع رجوع الشعب إلى الله بالتوبة تكون الحرب ليست ضد الشعب إنما ضد الله. والشعب خاف أن يتكرر ما حدث معهم فى أفيق ولكن الآن هم فى حالة توبة فطلبوا من صموئيل أن يصلى لأجلهم (فى المرة السابقة لم يطلبوا صلاته ولا حتى مشورته). هم الآن باتوا مقتنعين بقوة شفاعة صموئيل.

 

آية(9) :-  

فاخذ صموئيل حملا رضيعا و اصعده محرقة بتمامه للرب و صرخ صموئيل الى الرب من اجل اسرائيل فاستجاب له الرب.

صلاة صموئيل بلا ذبيحة تصبح بلا فائدة والذبيحة إشارة لحمل الله الذى قَدّمَ نفسه عنا ليشفع فينا. والمسيح قدّم نفسه ذبيحة وهو يشفع فينا وليس معنى هذا أن نكف عن الصلاة. والمحرقة علامة على تكريس الشعب الكامل لله وتسليم نفوس الشعب ليد الله تماماً.

 

آية(10) :-

و بينما كان صموئيل يصعد المحرقة تقدم الفلسطينيون لمحاربة اسرائيل فارعد الرب بصوت عظيم في ذلك اليوم على الفلسطينيين و ازعجهم فانكسروا امام اسرائيل.

فأرعد الرب: "الرب يحارب عنكم وأنتم تصمتون" لقد إستجاب الله لصلاة صموئيل ولذبيحته خلال الطبيعة وأعطى الغلبة لشعبه. لقد أهاج عدو الخير إبليس أعداء شعب الله ضدهم لغيظه من توبتهم ولكن كل حروبه تؤول إلى تزكيتنا وتكليلنا ما دمنا فى يده. (1بط1: 6،7).

ملحوظة :-

صموئيل لاوى وليس كاهن والله أرشده لتقديم ذبيحة فهو نبى أولاً لهُ وضع خاص. والكهنة قد لوثوا أنفسهم. وكانت ذبيحته وصلواته أقوى من كهنة خطاة يحملون تابوت العهد. ونلاحظ أيضاً أن الهزيمة كانت بالرعد (عمل نعمة الله) وحرب الشعب (جهادهم).

 

آية(12) :-

فاخذ صموئيل حجرا و نصبه بين المصفاة و السن و دعا اسمه حجر المعونة و قال الى هنا اعاننا الرب.

لقد تحققت النصرة فى ذات الموقع الذى حدثت فيه الهزيمة قبلاً وأخذ التابوت لذلك أخذ صموئيل حجراً ونصبه ودعاه حجر المعونة ليكون شاهداً على عمل الله مع شعبه التائب فيذكر إسرائيل سبب الهزيمة الأولى (الخطية) وسبب الآنتصار الآن (التوبة).

 

الآيات (13-14) :-

فذل الفلسطينيون و لم يعودوا بعد للدخول في تخم اسرائيل و كانت يد الرب على الفلسطينيين كل ايام صموئيل. و المدن التي اخذها الفلسطينيون من اسرائيل رجعت الى اسرائيل من عقرون الى جت
و استخلص اسرائيل تخومها من يد الفلسطينيين و كان صلح بين اسرائيل و الاموريين.

بركات التوبة وبركات أو الثمار التى نخرج بها من معارك إبليس ضدنا حينما يثير علينا حروباً نخرج منها ببركات أكثر. فلقد إستفاد الشعب من حرب فلسطين ضدهم فى الآتى:

1-   لم يعودوا بعد للدخول فى تخم إسرائيل: حتى أيام شاول.

2-   ذُلّ الفلسطينيين وكانت كسرتهم بداية لهزائم متلاحقة.

3-   إسترد الشعب المدن التى أخذها الفلسطينيون سابقاً.

4-   حين رأى الأموريين ما حدث تصالحوا مع اليهود لخوفهم منهم فعاش الشعب فى سلام.

 

الآيات (15-17) :-

و قضى صموئيل لاسرائيل كل ايام حياته. و كان يذهب من سنة الى سنة و يدور في بيت ايل و الجلجال و المصفاة و يقضي لاسرائيل في جميع هذه المواضع. و كان رجوعه الى الرامة لان بيته هناك و هناك قضى لاسرائيل و بنى هناك مذبحا للرب.

كان صموئيل راعٍ نشيط يدور فى أماكن كثيرة بيت إيل والجلجال والمصفاة ولم يُعِد صموئيل مجد شيلوه ولا أعاد التابوت للخيمة فماذا كانت فائدة التابوت فى الحرب السابقة وهم فى خطاياهم، لذلك إهتم بالإصلاح الداخلى للشعب وعدم التركيز على مكان معين حتى لا يدنسوا المكان بفكر وثنى. فسر القوة هو فى التوبة وليس فى المكان.


 

الأصحاح الثامن

+ بإنتهاء الإصحاح السابق ينتهى عصر القضاة وهذا الإصحاح هو إعداد لفترة الملكية.

+ طلب الشعب من صموئيل إقامة ملك لهم كسائر الأمم وقد حمل هذا الطلب رفض لُملك الله ولصموئيل ولكن اللع أعطاهم سؤل قلبهم وأقام لهم شاول حسن المظهر وكان هذا حسب شهوة قلبهم " الرب يعطيك حسب قلبك" ومَلَك شاول إلى حين حتى أتى داود الملك الذى بحسب قلب الله. والله وافق لهم على طلبهم ليكْمُلْ الرمز فى القصة.

الله يخلق الآنسان آدم ويملك عليه الله

آدم يرفض الله ويحب العالم ويختار إبليس حسن المنظر

الله يرسل المسيح ليؤسس مملكته

فترة القضاة = فترة الحكم الإلهى

الشعب يختار شاول حسن المنظر وهم أرادوا أن يتشبهوا بمن حولهم ويكون لهم ملك يحميهم ويتقدمهم

داود يؤسس المملكة

+ ولقد وافق الله على أن يكون هناك ملك ولكن بشروطه هو فالملك فى الأمم كان يحكم بسلطة مطلقة وربما ينظرون لهُ كإله فى بعض البلاد. ولكن ملك إسرائيل خاضع لله وللشريعة، يمسحه الكاهن وليس لهُ حق العمل الكهنوتى. والله يعاقبه لو أخطأ، فالله عاقب داود (فى موضوع أوريا والتعداد) وعاقب أخاب (فى موضوع نابوت) وهكذا.

+ بين هذا الإصحاح وما سبقه ليس أقل من 20 سنة وكان صموئيل قد شاخ ويُقدر عمر صموئيل حينما سألهُ الشعب أن يُمَّلكْ عليهم ملكاً بحوالى 70 سنة.

+ والله كان يخطط لإقامة ملك على الشعب بحسب قلبه وسبق يعقوب وتنبأ أنه سيكون من سبط يهوذا
(تك 49 : 10) ولقد سبق الله وأعطاهم الشرائع الخاصة بهذا الملك (تث 17 : 14-20). ولكن الله يرسل وَعْدَهُ فى ملء الزمان، وكان خطأ الشعب أنهم تعجلوا الأحداث. وخطأهم الثانى أنهم لم يطلبوا ملكاً حسب مشيئة الله بل ملكاً مثل الأمم (1صم 8 : 5) هم نظروا للقوة ومنظر الملك فأعطاهم الله حسب قلبهم ملكاً منظره حسن فكان لهم سبب شقاء عظيم. هم أرادوا ملكاً يقودهم فى الحرب ونسوا أنهم غلبوا بصلوات صموئيل، ونسوا انه فى عصر القضاة كان يمكنهم إختيار القائد. بحسب إرادتهم فمنصب القاضى ليس بالوراثة إنما الملك يُوَّرث.

 

الآيات (1-5) :-

و كان لما شاخ صموئيل انه جعل بنيه قضاة لاسرائيل. و كان اسم ابنه البكر يوئيل

و اسم ثانيه ابيا كانا قاضيين في بئر سبع. و لم يسلك ابناه في طريقه بل مالا وراء المكسب و اخذا رشوة و عوجا القضاء. فاجتمع كل شيوخ اسرائيل و جاءوا الى صموئيل الى الرامة. و قالوا له هوذا انت قد شخت و ابناك لم يسيرا في طريقك فالان اجعل لنا ملكا يقضي لنا كسائر الشعوب.

غالباً كان أبناء صموئيل ممتازين فرشحهم الشعب للقضاء وعينهم صموئيل قضاة فى الجنوب (فى بئر سبع) وهم لم يأخذوا المنصب بالوراثة فلا وراثة فى القضاء. ولكن المنصب كان سبب غواية لهم فقبلوا الرشوة وعّوجوا القضاء. ولكن لماذا لم يوبخ الله صموئيل كما فعل مع عالى ؟

1-   أخطاء أبناء صموئيل أقل كثيراً فهم لم يستهينوا بالطقوس والهيكل ولم يزنوا.

2-   هم كانوا مستقيمين لكن المركز أغواهم على تعويج القضاء.

3- يفهم ضمناً أن صموئيل عزلهم ووضعهم أمام القضاء وأمام الشعب (1صم 12 : 2) وإسم إبنه البكر يوئيل = يهوة هو الله والثانى أبيا = الرب هو أبى. ولكننا نجد فى (أى 6 : 28) وإبنا صموئيل البكر وَشنى ثم أبيَا فما تفسير هذا الإختلاف.

أ‌-     قد يكون ليوئيل إسماً أخر هو وشنى.

ب‌-كلمة وشنى تعنى والثانى لذا يرى الدارسون أن كلمة يوئيل حذفت سهواً فى النساخة وأن كلمة وشنى قصد بها والإبن الثانى، وليست إسماً للبكر. ويكون المعنى أن أولاد صموئيل هما البكر
(ولم يذكر إسمه) والثانى ثم أبيا.

 

آية(6) :-

فساء الامر في عيني صموئيل اذ قالوا اعطنا ملكا يقضي لنا و صلى صموئيل الى الرب.

لقد حسب صموئيل النبى ذلك الطلب رفضاً لهُ شخصياً ورفضاً لعمله القضائى.

 

آية(7) :-

فقال الرب لصموئيل اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك لانهم لم يرفضوك انت بل اياي رفضوا حتى لا املك عليهم.

أمّا الرب فحسب طلبهم رفضا شخصياً لهُ هو كملك على شعبه. وهذه درس لكل خادم أن لا يحسب الإهانة موجهة لهُ شخصياً بل لله فهو خادم لله، على أن يحسب كل مديح وكرامة موجهة لله وليس لشخصه هو. إسمع لصوت الشعب = فالله يقدس الحرية الآنسانية ويستجيب للطلبات الجماعية "الرب يعطيك حسب قلبك" وإن كان يشرح لهم سوء العاقبة وينذرهم لكنه يستجيب. ولو صبر الشعب عدة سنوات ما كانوا قد تعرضوا لمشاكل شاول فالله كان يُعّد لهم ملكاً حسب قلبه فى ملء الزمان.

 

الآيات (8-22) :-

حسب كل اعمالهم التي عملوا من يوم اصعدتهم من مصر الى هذا اليوم و تركوني
وعبدوا الهة اخرى هكذا هم عاملون بك ايضا. فالان اسمع لصوتهم و لكن اشهدن عليهم و اخبرهم بقضاء الملك الذي يملك عليهم. فكلم صموئيل الشعب الذين طلبوا منه ملكا بجميع كلام الرب. و قال هذا يكون قضاء الملك الذي يملك عليكم ياخذ بنيكم
ويجعلهم لنفسه لمراكبه و فرسانه فيركضون امام مراكبه. و يجعل لنفسه رؤساء الوف و رؤساء خماسين فيحرثون حراثته و يحصدون حصاده و يعملون عدة حربه و ادوات مراكبه. و ياخذ بناتكم عطارات و طباخات و خبازات. و ياخذ حقولكم و كرومكم
وزيتونكم اجودها و يعطيها لعبيده. و يعشر زروعكم و كرومكم و يعطي لخصيانه
وعبيده. و ياخذ عبيدكم و جواريكم و شبانكم الحسان و حميركم و يستعملهم لشغله.
و يعشر غنمكم و انتم تكونون له عبيدا. فتصرخون في ذلك اليوم من وجه ملككم الذي اخترتموه لانفسكم فلا يستجيب لكم الرب في ذلك اليوم. فابى الشعب ان يسمعوا لصوت صموئيل و قالوا لا بل يكون علينا ملك. فنكون نحن ايضا مثل سائر الشعوب و يقضي لنا ملكنا و يخرج امامنا و يحارب حروبنا. فسمع صموئيل كل كلام الشعب و تكلم به في اذني الرب. فقال الرب لصموئيل اسمع لصوتهم و ملك عليهم ملكا فقال صموئيل لرجال اسرائيل اذهبوا كل واحد الى مدينته.

الله يستجيب ولكن يحذر من سوء عاقبة إختيارهم. ولاحظ إستعباد الملوك لبنات وأبناء شعبهم ولنرى الفارق العظيم بين ملوك الأرض وملكنا يسوع المسيح السماوى الذى يعطى بسخاء ولا يُعيّر. بل حين مَلَكَ مَلَكَ علينا بصليب محبته وبذله وكون أن الله إستجاب طلبتهم فليس معنى هذا رضاه عن ذلك فهو "يعطيك حسب قلبك، فإن كان سؤل قلبك سماوياً تنعم بالبركات السماوية وإن كان سؤل قلبك لغير صالحك يسمح الله بتحقيقه لأجل التأديب (مز 37 : 4 + مز 106 : 15 + مز 20 : 4 + هو 13 : 11). وكما قلنا فقد سمح الله بأن يكون لهم ملك ولكن الله هو الملك الحقيقى والملك الذى سيقام يكون مجرد نائب عن الله فلذلك لم يحاول أحد ملوك يهوذا تغيير الناموس.


 

الأصحاح التاسع

آية(1-2) :-

و كان رجل من بنيامين اسمه قيس بن ابيئيل بن صرور بن بكورة بن افيح ابن رجل بنياميني جبار باس. و كان له ابن اسمه شاول شاب و حسن و لم يكن رجل في بني اسرائيل احسن منه من كتفه فما فوق كان اطول من كل الشعب.

الله يعطينا درس أن لا نهتم بالمظهر بل بالقلب. لقد أعطاهم الله سؤل قلبهم رجلّ حسن المظهر لكن قلبه لم يكن مستقيماً فلم يحتمل الغنى والكرامة وإنتفخ قلبه فهو إهتم بالكرامات الزمنية لذا إنتهت حياته برفض الله. كانت نهاية حياة أول ملك يختاره الشعب أن قتلهُ الأعداء. على أن الكتاب المقدس يظهر بعدل فضائل شاول الأخرى. كان رجلّ من بنيامين. وبنيامين سبط صغير (قض 20) لكنه سبط مقتدر لهُ كرامته.

 

الآيات (3-5) :-

فضلت اتن قيس ابي شاول فقال قيس لشاول ابنه خذ معك واحدا من الغلمان و قم اذهب فتش على الاتن. فعبر في جبل افرايم ثم عبر في ارض شليشة فلم يجدها ثم عبرا في ارض شعليم فلم توجد ثم عبرا في ارض بنيامين فلم يجداها. و لما دخلا ارض صوف قال شاول لغلامه الذي معه تعال نرجع لئلا يترك ابي الاتن و يهتم بنا.

أحداث تبدو تافهة لكن الوحى يكشف لنا كيف أن الله ضابط الكل، يُحوَّل الأحداث جميعها مهما بدت تافهة لتحقيق خطة إلهية من جهتنا، ولا شىء يتم مصادفة. فالأتن التى ضلت تسببت فى إختيار ملك إسرائيل " الله الذى يهتم بالعصافير وليس عصفور يسقط على الأرض إلاّ بإذنه " هو يعتنى بنا. ولكن تدبير الله لا يتعارض مع حرية الآنسان فالله دبّر المقابلة ولكن شاول أتى من نفسه ولم يرغمه الله على ذلك. وهنا نرى جانب إيجابى فى شاول أى بحثه الجاد عن الأتن الضائعة فهو يهتم بتنفيذ أمر والده مهما كلفه هذا ثم تفكيره فى العودة لوالده حتى لا ينشغل عليه فهو إهتمام بمشاعر أبيه.

 

الآيات (6-10) :-

فقال له هوذا رجل الله في هذه المدينة و الرجل مكرم كل ما يقوله يصير لنذهب الان الى هناك لعله يخبرنا عن طريقنا التي نسلك فيها. فقال شاول للغلام هوذا نذهب فماذا نقدم للرجل لان الخبز قد نفد من اوعيتنا و ليس من هدية نقدمها لرجل الله ماذا معنا. فعاد الغلام و اجاب شاول و قال هوذا يوجد بيدي ربع شاقل فضة فاعطيه لرجل الله فيخبرنا عن طريقنا. سابقا في اسرائيل هكذا كان يقول الرجل عند ذهابه ليسال الله هلم نذهب الى الرائي لان النبي اليوم كان يدعى سابقا الرائي. فقال شاول لغلامه كلامك حسن هلم نذهب فذهبا الى المدينة التي فيها رجل الله.

إعتاد اليهود أن يدعوا النبى رجل الله فهو يعمل على التقدم بالشعب إلى الله خلال الصلاة والوصية الإلهية والإرشاد والنبوة. ويُدعى أيضاً الرائى لأنه ينظر إلى بعض أمور المستقبل كما ببصيرة روحية مفتوحة. وفى آية(9) يفسر كاتب السفر تسمية النبى فى تلك المرحلة ففى زمانه سموا النبى الرائى. ولكن إسم النبى كان معروفاً منذ القديم فى قصة إبراهيم وأبيمالك. وكلمة نبى تعنى رجلّ له علاقة بالله وشفاعته مقبولة عند الله. وشاول كان يجهل صموئيل وهذا ليس بغريب فالشباب تستهويه الحروب والآنتصارات وصموئيل لم يكن قائد عسكرى وشاول غالباً عاش فى حياته فى قريته لا يهتم بالسياسة ولا بالأمور الدينية. ولأن شاول تربى أن لا يدخل بيت الله بيد فارغة ولا يلتقى برجل الله بيد فارغة بل كانت العادة أن يذهب لهُ بهدية من طعامه أو محصولاته أو أمواله. ولم يجدوا سوى ربع شاقل مع الغلام: وهو مبلغ زهيد للغاية ولكنهم لم يخجلوا من تقديمه فالعبرة لا فى الكمية بل فى طبيعة العطاء نفسها.

 

الآيات (11 15) :-

و فيما هما صاعدان في مطلع المدينة صادفا فتيات خارجات لاستقاء الماء فقالا لهن اهنا الرائي. فاجبنهما و قلن نعم هوذا هو امامكما اسرعا الان لانه جاء اليوم الى المدينة لانه اليوم ذبيحة للشعب على المرتفعة. عند دخولكما المدينة للوقت تجدانه قبل صعوده الى المرتفعة لياكل لان الشعب لا ياكل حتى ياتي لانه يبارك الذبيحة بعد ذلك ياكل المدعوون فالان اصعدا لانكما في مثل اليوم تجدانه. فصعدا الى المدينة و فيما هما اتيان في وسط المدينة اذا بصموئيل خارج للقائهما ليصعد الى المرتفعة. و الرب كشف اذن صموئيل قبل مجيء شاول بيوم قائلا.

فى (12) اليوم ذبيحة للشعب.. وفى (15) الرب كشف أذن صموئيل. من هذا نفهم أن النبى صموئيل صنع هذه الوليمة لشاول بعد أن أخبره الله بسره. ولأن الرامة مبنية على أكمتين (رامتايم). ولاحظ أن صموئيل يأخذ شاول معهُ إلى فوق ليأكل من الذبيحة وصموئيل هو الرائى فهذا لهُ تأمل روحى أننا لننعم بالذبيحة يجب أن نصعد إلى فوق تاركين الأرضيات ويكون معنا صموئيل الرائى أى تنفتح أعيننا على السماويات والأكمتين يشيران للعهدين العهد القديم والعهد الجديد. فكلام الله فى كتابه المقدس يفتح أعيننا على السماويات. أمّا الفتيات فيشيران لرجال العهدين الذين يرشداننا خلال نبوات الكتاب إلى المسيح.

 

آية(16) :-

غدا في مثل الان ارسل اليك رجلا من ارض بنيامين فامسحه رئيسا لشعبي اسرائيل فيخلص شعبي من يد الفلسطينيين لاني نظرت الى شعبي لان صراخهم قد جاء الي.

يبدو أن بينها وبين الآية13:7 تناقض ولكن المعنى أن الفلسطينيين إندحروا فى معركة لكن العداوة مازالت مستمرة والحرب معهم إستمرت كل أيام شاول. هم فى أفيق عند حجر المعونة إنكسروا لوقت محدد بصلاة صموئيل ثم ضربهم شاول وبداود تم سقوطهم.

 

آية(18) :-

فتقدم شاول الى صموئيل في وسط الباب و قال اطلب اليك اخبرني اين بيت الرائي.

أين بيت الرائى: جميل أن لا يميز شاول صموئيل فهو يبدو كفرد عادى من الشعب ولم يحيط نفسه ببطانة ولم يلبس ملابس ثمينة.

 

الآيات (19-20) :-

فاجاب صموئيل شاول و قال انا الرائي اصعدا امامي الى المرتفعة فتاكلا معي اليوم ثم اطلقك صباحا و اخبرك بكل ما في قلبك. و اما الاتن الضالة لك منذ ثلاثة ايام فلا تضع قلبك عليها لانها قد وجدت و لمن كل شهي اسرائيل اليس لك و لكل بيت ابيك.

 إستضاف صموئيل النبى شاول وكشف له كل شئ. وطلب منهُ أن لا ينشغل بالأتن الضالة فهذا أمر تافه أمام ما سينالهُ من عطايا فهو كملك سيكون لهُ كل شهى إسرائيل. وحتى هذا الأمر التافه يطمئنه عليه بأن الأتن قد وُجِدَت. هذه تساوى "إطلبوا أولاً ملكوت الله..وهذه كلها تزاد لكم". فعلينا أن نترك الأرتباك بالأتن الضالة فيردها الرب ويهبنا ما هو أعظم أى ملكوته السماوى.

 

آية(22) :-

فاخذ صموئيل شاول و غلامه و ادخلهما الى المنسك و اعطاهما مكانا في راس المدعوين و هم نحو ثلاثين رجلا.

المنسك: هى غرفة بالمرتفعة عند المذبح وهى المعدة للولائم الخاصة بالذبائح وتترجم الكلمة مخدع (عز29:8 وكذلك فى سفر حزقيال) وهنا تكون كمخازن للذخائر المقدسة كالقمح والزيت والخمر وغيرها من عشور الشعب.

 

آية(23) :-

و قال صموئيل للطباخ هات النصيب الذي اعطيتك اياه الذي قلت لك عنه ضعه عندك.

تظهر أن صموئيل كان على علم بأن شاول سيأتى وأن هذه الوليمة أعدت خصيصاً لهُ.

 

آية(24) :-

فرفع الطباخ الساق مع ما عليها و جعلها امام شاول فقال هوذا ما ابقي ضعه امامك و كل لانه الى هذا الميعاد محفوظ لك من حين قلت دعوت الشعب فاكل شاول مع صموئيل في ذلك اليوم.

تظهر نفس الشئ وأن الطباخ حفظ جزء فخم لشاول حسب وصية صموئيل. ولاحظ أن الساق هى نصيب صموئيل وكتكريم لشاول ترك لهُ نصيبه.

 

آية(25) :-

و لما نزلوا من المرتفعة إلى المدينة تكلم مع شاول على السطح.

تمتع شاول بحديث سرى مع صموئيل على السطح وغالباً شرح لهُ إختياره كملك وعلّمه أن الشعب كان فى راحة حين كانوا فى قداسة فليحكم ويملك فى مخافة الرب فيكون لهُ ولشعبه بركة. والتأمّل الروحى. بعد الأكل من الذبيحة ياليتنا نرتفع عن الأرضيات ونكون على السطح فننعم بحديث حلو مع مسيحنا يكشف لنا فيه أنه أقامنا ملوكناً روحيين.

 

ملحوظة:

لاحظ تدرج الإعلان لشاول عن خبر ملكه الآيات 19، 20، 22، 25 فالله يعلن إرادته للناس بالتدريج لكى يستعدوا لها ولكى يعدهم هو لها.


 

الإصحاح العاشر

آية(1) :-

فاخذ صموئيل قنينة الدهن و صب على راسه و قبله و قال اليس لان الرب قد مسحك على ميراثه رئيسا.

الله إذا دعا إنسان لعمل ما يعطيه المواهب اللازمة لهُ. وهنا يعطى الله لشاول مواهب الروح القدس. والمسح من قنينة الدهن كان للملوك والكهنة والأنبياء فيحسبون مسحاء الرب بكونهم رمزاً للسيد المسيح الذى فيه وحده إجتمعت الوظائف الثلاث. وعلى من يُمسَح أن يستخدم هذه المواهب التى أُعطيت لهُ لمجد إسم الله وليس لحساب نفسه. وقبّله: برضا فى إتضاع معلماً إيانا روح الخضوع للرؤساء (1بط 13:2). والخضوع للرؤساء وإحترامهم مهما كنا غير موافقين عليهم. فصموئيل لم يكن راضياً عن فكرة وجود ملك غير الله، ولكن الآن شاول صار ملك فعليه إحترامه. الرب مسحك على ميراثه: ما نالهُ شاول ليس عن إستحقاق بل عطية إلهية مجانية صار بها شاول وكيلاً على شعب الله أو ميراث الله لكن الشعب لله وليس لشاول وميراث لله وليس لشاول.

 

الآيات (2-8) :-

في ذهابك اليوم من عندي تصادف رجلين عند قبر راحيل في تخم بنيامين في صلصح فيقولان لك قد وجدت الاتن التي ذهبت تفتش عليها و هوذا ابوك قد ترك امر الاتن و اهتم بكما قائلا ماذا اصنع لابني. و تعدو من هناك ذاهبا حتى تاتي الى بلوطة تابور فيصادفك هناك ثلاثة رجال صاعدون الى الله الى بيت ايل واحد حامل ثلاثة جداء و واحد حامل ثلاثة ارغفة خبز و واحد حامل زق خمر. فيسلمون عليك
و يعطونك رغيفي خبز فتاخذ من يدهم. ذلك تاتي الى جبعة الله حيث انصاب الفلسطينيين و يكون عند مجيئك الى هناك الى المدينة انك تصادف زمرة من الانبياء نازلين من المرتفعة و امامهم رباب و دفو ناي و عود و هم يتنباون. فيحل عليك روح الرب فتتنبا معهم و تتحول الى رجل اخر. و اذا اتت هذه الايات عليك فافعل ما وجدته يدك لان الله معك. و تنزل قدامي الى الجلجال و هوذا انا انزل اليك لاصعد محرقات و اذبح ذبائح سلامة سبعة ايام تلبث حتى اتي اليك و اعلمك ماذا تفعل.

بعد مسح شاول أنبأهُ صموئيل بما سيحدث لهُ. وفائدة هذه العلامات 1- أن شاول سيعلم إذا تحققت العلامات أن الأمر من الله. 2- هذه العلامات حملت دستور الحياة الناجحة لملوك إسرائيل. 3- بما أن الأمر من الله فالله يلتزم بأن يعوله ويدبر أمور مملكته إذا إلتزم بالناموس.

آية(2) :- أول علامة أن يصادف رجلين عند قبر راحيل. فيعرف أولاً أن نهاية كل ملك هى القبر فأول علامة مكانها قبر، فيتعلم ألاّ ينتفخ. فى تخم بنيامين: راحيل ماتت وهى تلد إبنها بنيامين وأرادت تسميته إبن حزنى فأسماه أباه بنيامين أى إبن اليمين. ويتعلم شاول من هذا أنه بعد أن كان إبن حزن وشقاء هذه الأمة سيصير إبن يمين ويرفع من شأنها قد وُجِدَت الأتن: موضوع الأتن موضوع تافه وها هو قد إنتهى فيتعلم عدم الأهتمام بالأمور التافهة ليتفرغ لأمور مملكته أى يترك أموره الشخصية ويطلب حل أمور الأمة أبوك إهتمّ بكما: فيتعلم أن يهتم بالآخرين وليس بنفسه وأمورهُ الشخصية يدبرها الله. بهذه العلامات يدرك يد الله الخفية العاملة حتى فى الأمور البسيطة.

أيات (3-4) :- الرجال معهم جداء (لتقديمها للكهنة كذبيحة خطية) وخبز (للتقدمة) وخمر (يصاحب التقدمة أيضاً). وهم ظنوه فقيراً جائعاً فأعطوه الخبز وكانت هذه أول هدية لهُ كملك ممسوح ولها معانى 1-لم يقدموا لهُ من الجداء فهو ليس كاهناً وعليه أن لا يتدخل فى أمور الكهنوت. 2- وهم لم يقدموا لهُ خمر. والخمر علامة الفرح والترف العالمى. 3- بل قدموا لهُ خبزاً فقط أى الشئ الضرورى للحياة لهُ وللغلام معهُ. فيفهم أنه كملك عليه أن لا ينشغل بترف ومسرات العالم أو يتداخل فى الكهنوت بل يطلب أن يعيش ويطلب ما هو لازم فقط بلا ترف مهتماً بالفقراء الذين لا يجدون سوى الخبز. وأن يتعلم من هؤلاء الرجال أن يصعد ليصلى ويقدم ذبيحة فيكون لهُ الفرح الحقيقى الروحى (خمر) والشبع الحقيقى الروحى (الخبز) وغفران الخطية (جداء).

أيات (5-6) :-يذهب إلى جبعة الله وهناك أسس صموئيل مدرسة للأنبياء كانوا مصدر للتعليم ومكاناً للقداسة والتسبيح وهناك وفى وسطهم يحل عليه روح الرب فيتنبأ معهم: أى يشاركهم فرحهم وعبادتهم ويقبل مشورتهم. وهم يتنبأون: أى يسبحون ويعبدون الرب وليس من الضرورى فهم الكلمة أن يتنبأوا بالمستقبل. وتتحول إلى رجل آخر: حين يهب الله إنساناً روحه القدس واهب العطايا تتجدد طبيعته وشاول تحوّل من فلاح وراعى غنم إلى ملك يهتم بشعبه. وهكذا نحن فى المعمودية والميرون. حيث أنصاب الفلسطينيين بعد أن يتحول شاول إلى رجل آخر هل يقبل هذا الإحتلال الأجنبى، هل يقبل أن تكون فى جبعة الله حامية ومعسكراً للفلسطينيين، هذا هو واجبه أن يطرد هذا العدو. ونحن بعد المعمودية وبعد أن تقدسنا هل نقبل وجود الخطية الساكنة فينا؟ لا بل علينا أن نحارب ضدها.

آية(7) :-ما وجدته يدك: بعد أن عرفت أن الله معك بالعلامات التى أعطيتها لك وأن الله سيعطيك قوة ونصرة فإفعل كل ما تقدر عليه من العمل. وهذا ما فعله شاول بعد ذلك فى موضوع ناحاش العمونى حينما صعد إلى يابيش جلعاد.

 

آية(9) :-

و كان عندما ادار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل ان الله اعطاه قلبا اخر و اتت جميع هذه الايات في ذلك اليوم.

أعطاه قلباً آخر: وإن كان قد فسد هذا القلب فيما بعد إذ إعتمد على الحكمة البشرية لا على العمل الإلهى وتكبّر وإنفتح وتعدّى على الكهنوت.

 

آية(10-11) :-

و لما جاءوا الى هناك الى جبعة اذا بزمرة من الانبياء لقيته فحل عليه روح الله فتنبا في وسطهم. و لما راه جميع الذين عرفوه منذ امس و ما قبله انه يتنبا مع الانبياء قال الشعب الواحد لصاحبه ماذا صار لابن قيس اشاول ايضا بين الانبياء.

أشاول أيضاً بين الأنبياء: نبى ليس بالضرورة معناه رجل يتنبأ عن المستقبل بل رجل يصلى ويتضرع ويسبح (تك7:20). وهذا ما يعنيه هنا فشاول الذى لم يكن يهتم بمعرفة رجل الله صار رجلاً مصلياً. الله غيّره إلى رجل مصلى ليعطيه الله حكمة بصلاته. [وراجع 1مل29:18 لترى أن كلمة تنبأ تشير هناك للصلاة والتضرع للبعل]. وأهل جبعة الذين يعرفون شاول أنه غير متدين منذ ولادته وبالرغم من سكنه بجانب مدرسة الأنبياء فهو لم يختلط بهم أبداً والآن أدهش جيرانه بأنه يتنبأ مع الأنبياء. فقال الشعب هذا المثل "أشاول أيضاً بين الأنبياء" ويشير لعمل الله الفائق فى حياة المؤمنين وقدرته على تغييرهم ومثل أيضاً لكل من يُتْقِنْ عَمَلْ ليس من وظيفته ولا منصبه. ونفس المثل قيل أيضاً فى حادثة أخرى مع شاول (راجع 1صم24:19) بنفس المفهوم.

 

آية(12) :-

فاجاب رجل من هناك و قال و من هو ابوهم و لذلك ذهب مثلا اشاول ايضا بين الانبياء.

ومن هو أبوهم: لم يفسر الكتاب المقصود بهذا القول وهناك 3 إحتمالات

‌أ-     الأب قد تشير لله فهو الذى يعطى المواهب لمن يريد (ومنها التنبؤ) وهو أبو الجميع (عا 14:3، 15).

‌ب-الأب قد تشير لصموئيل فهو كأب فى مدرسة الأنبياء لهؤلاء الأنبياء الذين إنضم لهم شاول الآن.

‌ج- وتضيف السبعينية "ومن هو أبوهم اليس هو قيس" ويصير المعنى كيف أن شاول بن قيس وكلاهما غير متدينين كيف يفعل ما يفعل الآن. وربما كان هذا المعنى هو الذى يتفق والمثل.

 

الآيات (13-19) :-

و لما انتهى من التنبي جاء الى المرتفعة. فقال عم شاول له و لغلامه الى اين ذهبتما فقال لكي نفتش على الاتن و لما راينا انها لم توجد جئنا الى صموئيل. فقال عم شاول اخبرني ماذا قال لكما صموئيل. فقال شاول لعمه اخبرنا بان الاتن قد وجدت
و لكنه لم يخبره بامر المملكة الذي تكلم به صموئيل. و استدعى صموئيل الشعب الى الرب الى المصفاة. و قال لبني اسرائيل هكذا يقول الرب اله اسرائيل اني اصعدت اسرائيل من مصر و انقذتكم من يد المصريين و من يد جميع الممالك التي ضايقتكم. و انتم قد رفضتم اليوم الهكم الذي هو مخلصكم من جميع الذين يسيئون اليكم
و يضايقونكم و قلتم له بل تجعل علينا ملكا فالان امثلوا امام الرب حسب اسباطكم
و الوفكم.

جاء إلى المرتفعة حيث يسكن أبوه ولم يخبر عمه بالأمر لأنه فَهِمَ أن هذا سر لا ينبغى إعلانه قبل إختيار الشعب له وتجليسه ملكاً أمام الجميع.

 

آية(20) :-

فقدم صموئيل جميع اسباط اسرائيل فاخذ سبط بنيامين.

صموئيل أمام الجميع إستخدم نظام القرعة ليظهر أن الله إختار شاول فلو كان صموئيل أخبر الشعب مباشرة أن الله إختار شاول كملك لما صدّقهُ أحد ولحدث صراع دموى بين الأسباط وبين العشائر بل بين الأفراد. فالكل يريد أن يصير هو الملك.

 

آية(22) :-

فسالوا ايضا من الرب هل ياتي الرجل ايضا الى هنا فقال الرب هوذا قد اختبا بين الامتعة.

لا نعرف لماذا إختبأ شاول؟ هل من إتضاعه؟ هل من شعوره بعدم الإستحقاق؟ أم هرباً من المسئولية؟ أم خاف أن يرفضه الشعب كملك فيشعر بالحرج. عموماً فهذا الإختباء ليس إتضاعاً صحيحاً فالإتضاع الحقيقى هو شعور بالضعف ولكن "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" وشاول قد تأكد من كلام صموئيل والعلامات التى أعطاها لهُ ثم بالقرعة أن الله إختار فلماذا الهرب!

 

آية(24) :-

فقال صموئيل لجميع الشعب ارايتم الذي اختاره الرب انه ليس مثله في جميع الشعب فهتف كل الشعب و قالوا ليحي الملك.

الشعب فرِح بعطية الله دون أن يشكروا الله نفسه ويسبحوه. هم فرحوا بالمظاهر وحين ننشغل بعطايا الله عن الله نفسه تتحول الفضائل التى أعطاها لنا الله إلى رذائل. ليحيى الملك: وهكذا ينبغى أن نصلى للملوك والرؤساء وهكذا تفعل الكنيسة.     

 

آية(27) :-

و اما بنو بليعال فقالوا كيف يخلصنا هذا فاحتقروه و لم يقدموا له هدية فكان كاصم.

بنو بليعال: إحتقروه إذ حسبوه عاجزاً عن أن يخلصهم ربما لأن سبطه أصغر الأسباط ولأن عشيرته هى الدنيا. المهم أن شاول كان كأصم: إحتمل تعييراتهم وصمت ليحقن الدماء ويمنع قيام ثورة داخلية وكان صمته غلبة داخلية. وأظهر الله بعد ذلك نصرته الخارجية على ناحاش العمونى بعد شهر من الزمان.


 

الإصحاح الحادى عشر

الآيات (1-4) :-

و صعد ناحاش العموني و نزل على يابيش جلعاد فقال جميع اهل يابيش لناحاش اقطع لنا عهدا فنستعبد لك. فقال لهم ناحاش العموني بهذا اقطع لكم بتقوير كل عين يمنى لكم
و جعل ذلك عارا على جميع اسرائيل. فقال له شيوخ يابيش اتركنا سبعة ايام فنرسل رسلا الى جميع تخوم اسرائيل فان لم يوجد من يخلصنا نخرج اليك. فجاء الرسل الى جبعة شاول و تكلموا بهذا الكلام في اذان الشعب فرفع كل الشعب اصواتهم و بكوا.

يابيش جلعاد: مدينة على جبل جلعاد فى شرق الأردن. وعمون كانوا على حدود رأوبين ومنسى الشرقية. ناحاش: أى حنش أو حية وربما الأسم بسبب تأليههم للحية وفى (2صم 2:10) ذُكِرَ أن ناحاش ملك بنى عمون صنع معروفاً مع داود ولعله إبن ناحاش هذا ويمكن أن يسمى الأب وإبنه بنفس الإسم. ولا مانع أن يكون هو نفسه وقد عاش طويلاً ليعاصر شاول وداود. وجاء فى الترجمة السبعينية أن هذه الحادثة حدثت بعد شهر من إختيار شاول ملكاً. وربما طلب الشعب أن يملك عليهم ملك بسبب شعورهم بأن ناحاش يُدبّرْ حرباً ضدهم ويؤكد هذا الإحتمال (1صم12:12). ولقد ظهر من طلب ناحاش للشعب وهو تقوير كل عين يمنى: مدى الإنحطاط والحالة المزرية للشعب وضعفهم وإستهانة أعدائهم بهم. وقدّم ثيودوريت ويوسيفوس تفسيراً لهذا الطلب أن خلع العين اليمنى يعطل الإنسان من أن يكون محارباً. فالمحارب يمسك بالسيف بيده اليمنى والدرع باليسرى والدرع يغطى العين اليسرى ويعطل مجال الرؤيا وبخلع العين اليمنى يكف الإنسان عن أن يكون محارباً فيستسلم تماماً لعدوّه. والمعنى الرمزى للقصة أن إبليس الحية القديمة ورمزه هنا ناحاش هدفه إستعباد الإنسان تماماً ورمز الإنسان هنا هو شعب الله وذلك بخلع العين اليمنى (رمز البصيرة الروحية التى بها نتطلع للسماويات) وترك العين اليسرى (رمز النظرة العالمية التى نشتهى بها ملذات العالم) لذلك تصوّر الأيقونات القبطية المسيح والقديسيين بعينين واسعتين فالمسيح ينظر لشعبه ويعرف عنهم كل شئ والقديسيين لهم بصيرة روحية أمّا يهوذا فيرسمونه بجنبه كى تظهر عين واحدة لأنه متطلع إلى الفضة لا إلى خلاصه الأبدى. ولاحظ قولَهُ نزل على يابيش جلعاد. فإبليس لا سلطان لهُ لإستعبادنا ما لم نكن قد نزلنا لمستوى محبة العالم. فهو أولاً يعمى بصيرتنا الروحية بمحاولة أن ننشغل بالزمنيات "أعطيك كل هذه إن خررت وسجدت لى" فلو وافق الإنسان لمحبته للزمنيات ينحط للمستوى الأرضى فينزل عليه إبليس ويستعبده تماماً. أتركنا سبعة أيام: كانت هذه عادة للمحاصرين أن يطلبوا مهلة. وقد وافق ناحاش فى إستهانة بكل إسرائيل فهو واثق أنه لا يوجد فى كل الأسباط من يقدر أن يخلصهم. ولاحظ أن أهل يابيش جلعاد سبق ووافقوا أن يستعبدوا لناحاش (آية1) ولكنه طلب تقوير العين اليمنى أى هو طلب العبودية الكاملة.

 

الآيات (5-9) :-

و اذا بشاول ات وراء البقر من الحقل فقال شاول ما بال الشعب يبكون فقصوا عليه كلام اهل يابيش. فحل روح الله على شاول عندما سمع هذا الكلام و حمي غضبه جدا. فاخذ فدان بقر و قطعه و ارسل الى كل تخوم اسرائيل بيد الرسل قائلا من لا يخرج وراء شاول و وراء صموئيل فهكذا يفعل ببقره فوقع رعب الرب على الشعب فخرجوا كرجل واحد. و عدهم في بازق فكان بنو اسرائيل ثلاث مئة الف و رجال يهوذا ثلاثين الفا. و قالوا للرسل الذين جاءوا هكذا تقولون لاهل يابيش جلعاد غدا عندما تحمى الشمس يكون لكم خلاص فاتى الرسل و اخبروا اهل يابيش ففرحوا.

 حتى هذه اللحظة لم يمارس شاول أى عمل ملوكى خشية حدوث إنقسام وسط الشعب خصوصاً بسبب رفض بعض الناس لهُ (بنى بليعال) أو لشعوره بعدم معرفة واجبه بالضبط وماذا يجب عليه أن يفعله. هو كان منتظراً دعوة من الرب تحدد لهُ العمل المطلوب. وهناك فارق بين ما صنعه جدعون الذى بوّق فى الأبواق ليدعو الشعب للقتال وهذا بحسب الناموس، وما فعله شاول إذ بإنفعال بشرى مزق بقرة وأرسل قطعها إلى كل الأسباط مهدداً إياهم بضرب ماشية من لا يخرج للحرب وتمزيق البقر هكذا لم يخبر به الناموس لكن يُحسب لشاول أنه لم يتوانى ويؤجل العمل بل كان شجاعاً.

فروح الله الذى حل عليه أعطاه شجاعة وهو لم يتوانى وفى آية(7) وراء شاول وصموئيل صموئيل معلوم أنه رجل الله فقول شاول هذا يثبت أن ملكه من قبل الرب وربما ذهب معهُ صموئيل للحرب. وذكرهُ صموئيل يُحسَبْ أيضاً فهذا معناه أنه يعرف أن الحرب هى لله.

 

آية(10) :-

و قال اهل يابيش غدا نخرج اليكم فتفعلون بنا حسب كل ما يحسن في اعينكم.

غداً نخرج إليكم = رد أهل يابيش جلعاد فيه حكمة فهم بهذا جعلوا ناحاش يفهم أنهم سوف يسلمون غداً وأنهم فقدوا الأمل فى وجود نجدة. فلم يستعد ناحاش للحرب.

آية(11) :-

بناء على رد أهل يابيش نام ناحاش وجيشه مطمئنين فباغتهم شاول وبهذه النصرة نرى أن الله يحوِّل الشر إلى خير فإن قساوة طلب ناحاش هى التى حركت شاول ليحاربه فغلب. وعلينا أن نثق أن الله يحوِّل الضيقات إلى خير ولكن لسنا نعلم متى يأتى الخير ونلاحظ أن شاول كان طاقة جبارة وملك بلا عمل وبلا منفعة والتجربة الشديدة أظهرت إمكانياته وطاقاته. فلا نخاف من التجارب فهى تخرج المواهب المدفونة فينا وتظهرها.

 

آية(13) :-

فقال شاول لا يقتل احد في هذا اليوم لانه في هذا اليوم صنع الرب خلاصا في اسرائيل.

موقف آخر يُحسب لشاول وهو رفضه الإنتقام ممن سبق وأهانوه "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء"
(رو 12 : 19) إذاً لقد نفذ شاول وصية بولس خصوصاً واليوم يوم فرح ولم يُرِدْ أن يُحوّله ليوم إنتقام وحزن.

 

آية(14) :-

و قال صموئيل للشعب هلموا نذهب الى الجلجال و نجدد هناك المملكة.

بسبب الإنتصار إستحق شاول المنتصر أن يجدد ملكه وكان التجديد دينياً فهم قدّموا ذبائح وصلوات وعم الفرح الجميع.


 

الإصحاح الثانى عشر

الآيات (1-5) :-

و قال صموئيل لكل اسرائيل هانذا قد سمعت لصوتكم في كل ما قلتم لي و ملكت عليكم ملكا. و الان هوذا الملك يمشي امامكم و اما انا فقد شخت و شبت و هوذا ابنائي معكم و انا قد سرت امامكم منذ صباي الى هذا اليوم. هانذا فاشهدوا علي قدام الرب و قدام مسيحه ثور من اخذت و حمار من اخذت و من ظلمت و من سحقت و من يد من اخذت فدية لاغضي عيني عنه فارد لكم.فقالوا لم تظلمنا و لا سحقتنا و لا اخذت من يد احد شيئا. فقال لهم شاهد الرب عليكم و شاهد مسيحه اليوم هذا انكم لم تجدوا بيدي شيئا فقالوا شاهد.

هوذا أبنائى معكم = هنا صموئيل يقدم حديثاً وداعياً وصريحاً. يشهد الشعب فيه أمام الله وأمام الملك على أمانته من نحوهم وعدم إستغلاله لهم ولكن لماذا يقول هوذا أبنائى معكم ؟ هذه تشير لواحدة من إثنين :

(أ‌)   أنه عزلهم من مناصبهم كقضاة والأن هم صاروا من الشعب وبلا مناصب قضائية وكونه يقول هذا وهو يتكلم عن نزاهته فهو يشهدهم أنه حَرَم أولاده من مناصبهم بسبب قبولهم للرشاوى.

(ب‌)  إن لم يكن قد حرمهم من قبل فيكون معنى الكلام أن أبنائى الآن بينكم، ولكم ملك أتكلم أمامُه وهم مثلكم خاضعين لسلطان الملك فليحاكمهم فهم مثلكم بلا أى إمتيازات.وذلك خاصة أنه قال هذا بعد قوله هوذا الملك يمشى أمامكم = أى هو لهُ سلطان عليكم بل لهُ سلطان علىَّ أنا شخصياً إن كنت أخطأت فيحكم علىَّ وإن أخطأ أولادى فليحكم عليهما. فهو أعطى أو هو إعترف بسلطة الملك عليه ليدينه هو شخصياً لو كان قد أخطأ. ولكن لماذا هذا الحديث الأن؟

(أ‌)         هو يتخلى الأن عن دوره السياسى والقيادى لشاول ليتفرغ هو للعمل الدينى والقيادة الروحية.

(ب‌)  هو يعطى درس للملك الجديد فى نزاهة الخدمة. وهو درس لكل خادم أن لا يشتهى أجراً زمنياً فى مقابل خدماته لهم ويصلى لشعبه ويعلمهم ويحتمل ضعفاتهم. فهو لا يدافع عن نفسه فلم يتهمه أحد بشئ إنما قصد تثقيف الملك الجديد ليكون أميناً فى خدمته.

جـ) هو مزمع فى الآيات القادمة أن يوجه إنذاراً للشعب والإنذار لا يقبل إلاّ من إنسان نزيه.

وقولهُ قدّام الرب = فهو يُشهد الرب الذى يفحص الأعماق ويعرف الأفكار الداخلية وقدّام مسيحه = أى ليحكم علىّ الملك إن كنت أخطأت. ثور من.. وحمار من = الحمير والثيران هم أثمن ما لدى الفلاح.

 

الآيات (6-11) :-

و قال صموئيل للشعب الرب الذي اقام موسى و هرون و اصعد اباءكم من ارض مصر.فالان امثلوا فاحاكمكم امام الرب بجميع حقوق الرب التي صنعها معكم و مع ابائكم. لما جاء يعقوب الى مصر و صرخ اباؤكم الى الرب ارسل الرب موسى
و هرون فاخرجا اباءكم من مصر و اسكناهم في هذا المكان. فلما نسوا الرب الههم باعهم ليد سيسرا رئيس جيش حاصور و ليد الفلسطينيين و ليد ملك مواب فحاربوهم. فصرخوا الى الرب و قالوا اخطانا لاننا تركنا الرب و عبدنا البعليم و العشتاروث فالان انقذنا من يد اعدائنا فنعبدك. فارسل الرب يربعل و بدان و يفتاح و صموئيل و انقذكم من يد اعدائكم الذين حولكم فسكنتم امنين.

صموئيل يذكرهم بمعاملات الله السابقة معهم فهو كان يُرسل لهم دائماً من ينقذهم من أعدائهم فأرسل موسى لينقذهم من مصر.. وهكذا وكان متى صلوا وطلبوا الله يرسل لهم منقذاً وما كان الله ليسلمهم لأحد يضربهم إن لم يخطأوا وكان ذلك لتأديبهم. وخير معين لنا دائماً أن نذكر معاملات الله القديمة معنا وفى (9) باعهم = من يبيع شيئاً لا يعود يهتم به أو يسأل عنهُ ولكن كانت مراحمهُ تتحرك داخلهُ ويعود ويرحمهم. وفى (11) بدان = هو إسم قاضٍ غير مذكور فى سفر القضاة وقد يكون إسم معروف وقتها أو هو إسم شهرة لقاضٍ من سفر القضاة كانوا يستعملونه فى وقت صموئيل وقيل أنه شمشون الذى من سبط دان ويكون بدان أى إبن دان أو الذى من سبط دان.

 

الآيات (12-16) :-

و لما رايتم ناحاش ملك بني عمون اتيا عليكم قلتم لي لا بل يملك علينا ملك و الرب الهكم ملككم. فالان هوذا الملك الذي اخترتموه الذي طلبتموه و هوذا قد جعل الرب عليكم ملكا. ان اتقيتم الرب و عبدتموه و سمعتم صوته و لم تعصوا قول الرب
و كنتم انتم و الملك ايضا الذي يملك عليكم وراء الرب الهكم. و ان لم تسمعوا صوت الرب بل عصيتم قول الرب تكن يد الرب عليكم كما على ابائكم. فالان امثلوا ايضا
و انظروا هذا الامر العظيم الذي يفعله الرب امام اعينكم.

إذا كان الله لم يُقَّصِر معكم ودائماً كان ينقذكم فلماذا طلبتم ملكاً حينما خفتم من ناحاش، لماذا تجاهلتم أن الرب ملك عليكم. وكثيراً ما يكرر صموئيل حديثه عن خطأهم فى طلب ملك لكونه خطأ فى حق الله نفسه. ولم يكن صموئيل يقصد عزل الملك بل توضيح أن الله سمح وأقام لهم ملكاً بشروط إن التزموا بها سيبارك الله ملكهم ويباركهم وأن لا يتكئوا على الملك كذراع بشرى بل على الله فالله هو ضابط الكل ولكنه فى محبته ترك لهم حرية الاختيار.

 

الآيات (17-18) :-

اما هو حصاد الحنطة اليوم فاني ادعو الرب فيعطي رعودا و مطرا فتعلمون و ترون انه عظيم شركم الذي عملتموه في عيني الرب بطلبكم لانفسكم ملكا. فدعا صموئيل الرب فاعطى رعودا و مطرا في ذلك اليوم و خاف جميع الشعب الرب وصموئيل جدا.

نزول مطر وقت حصاد الحنطة مع رعود أى مطر ثقيل يعتبره معجزة لكنها لتظهر إن الله الملك الذى تركوه لهُ سلطان على الطبيعة، فهل ملكهم شاول الذى إختاروه يملك هذا السلطان، أراد صموئيل أن يثبت لهم أنهم أستبدلوا الله الملك القوى بملك إنسان لا سلطان لهُ على الطبيعة فكيف يحميهم، وأراد أن يفهموا أنهم هم وملكهم عليهم أن يخافوا الله وأنبيائه فصموئيل بدعائه إستجاب الرب ونزل المطر.

 

الآيات (19-25) :-

و قال جميع الشعب لصموئيل صل عن عبيدك الى الرب الهك حتى لا نموت لاننا قد اضفنا الى جميع خطايانا شرا بطلبنا لانفسنا ملكا. فقال صموئيل للشعب لا تخافوا انكم قد فعلتم كل هذا الشر و لكن لا تحيدوا عن الرب بل اعبدوا الرب بكل قلوبكم.
و لا تحيدوا لان ذلك وراء الاباطيل التي لا تفيد و لا تنقذ لانها باطلة.لانه لا يترك الرب شعبه من اجل اسمه العظيم لانه قد شاء الرب ان يجعلكم له شعبا. و اما انا فحاشا لي ان اخطئ الى الرب فاكف عن الصلاة من اجلكم بل اعلمكم الطريق الصالح المستقيم. انما اتقوا الرب و اعبدوه بالامانة من كل قلوبكم بل انظروا فعله الذي عظمه معكم. و ان فعلتم شرا فانكم تهلكون انتم و ملككم جميعا.

 هنا يفتح لهم باب الرجاء مع إعطاء تحذير للجميع بأن يتبعوا الرب. والله قادر أن يحول كل الأمور للخير كما حوّل عمل إخوة يوسف الأشرار ضده لبركة، وللجميع. فهو قادر أن يكون ملكهم بركة لهم لو إتقوا الله. وفى (23) آيةذهبية لكل خادم فصموئيل إعتبر أنه يخطئ إلى الرب لو كفّ عن الصلاة لأجلهم. فعمل كل خادم هو التعليم والصلاة لأجل رعيته.


 

الأصحاح الثالث عشر

الآيات (1،2) :-

كان شاول ابن سنة في ملكه و ملك سنتين على اسرائيل. و اختار شاول لنفسه ثلاثة الاف من اسرائيل فكان الفان مع شاول في مخماس و في جبل بيت ايل و الف كان مع يوناثان في جبعة بنيامين و اما بقية الشعب فارسلهم كل واحد الى خيمته.

كن شاول إبن سنة حين ملك، وملك سنتين على إسرائيل: هكذا جاء النص العبرى. والإحتمال الكبير إن هذه الآيةتنتمى للإصحاح السابق بمعنى أن شاول أنهى حربه مع بنى عمون وتُوّج ملكاً للمرة الثالنية (14:11) بعد سنة من مسحه بقنينة الدهن لأوّل مرة (1:10) ثم كلام صموئيل فى الإصحاح السابق وشاول لهُ سنتين فى الحكم. وإختار شاول لنفسه 3000 من إسرائيل فكان 2000 مع شاول و1000 مع يوناثان: هذه الآيةبينها وبين الآية(1) السابقة ليس أقل من 20 سنة إنتشر فيها الفساد وضعف جيش شاول وإنصرف كل واحد إلى خيمته. وفيها كَبُر يوناثان فشاول كان شاباً وقت إختياره ملكاً (2:9) والآن نجد إبنه يوناثان يقود 1000 جندى ونجد هناك فارقاً كبيراً بين شاول المنتصر وجيشه القوى أمام ناحاش وإسرائيل المنكسرة تماماً التى لا تجد سلاح لجنودها (22:13) وهذا راجع بالتأكيد لإنتشار الخطية وفساد الشعب وكبرياء شاول.

 

الآيات (3-7) :-

و ضرب يوناثان نصب الفلسطينيين الذي في جبع فسمع الفلسطينيون و ضرب شاول بالبوق في جميع الارض قائلا ليسمع العبرانيون. فسمع جميع اسرائيل قولا قد ضرب شاول نصب الفلسطينيين و ايضا قد انتن اسرائيل لدى الفلسطينيين فاجتمع الشعب وراء شاول الى الجلجال. و تجمع الفلسطينيون لمحاربة اسرائيل ثلاثون الف مركبة و ستة الاف فارس و شعب كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة و صعدوا و نزلوا في مخماس شرقي بيت اون. و لما راى رجال اسرائيل انهم في ضنك لان الشعب تضايق اختبا الشعب في المغاير و الغياض و الصخور و الصروح و الابار.و بعض العبرانيين عبروا الاردن الى ارض جاد و جلعاد و كان شاول بعد في الجلجال و كل الشعب ارتعد وراءه.

نصب الفلسطينيين: سمعنا عن هذا فى (5:10) فلماذا توجد هذه الحامية حتى الآن ولماذا ترك شاول هذا الجيب أو هذه البؤرة الصديدية فى جسد إسرائيل (هذه تمثل خطية محبوبة لدى الإنسان يتركها ولا يحاربها فتكون سبب مشاكل فى المستقبل) وشاول لإهتمامه بإغراءات مركزه نسى الحرب هذه العشرين سنة ولم يهتم بتطهير جبعة. وكان إبنه يوناثان الشاب أكثر حرارة منه فضرب هو هذه البؤرة أو هذه الحامية العسكرية وفى آية(4) ضرب شاول: الفعل ليوناثان وقد نسبه الناس لأبيه الملك أنتن إسرائيل: أى بعمله هذا جعل الأعداء يكرهوننا جداً. والفلسطينيون حسبوا هذا مهانة لهم فصعدوا بأعداد ضخمة إلى مخماس. ولاحظ أن شاول كان فى مخماس والآن تركها هو وجنوده لينضموا إلى يوناثان والآن صار الفلسطينيين فى مخماس وشاول ويوناثان ورجالهم فى الجلجال. وطبعاً صعود شاول إلى الجلجال سهّل مهمة الفلسطينيين فى إحتلال مخماس. وربما قصد الفلسطينيين أن يضربوا شاول أولاً فى مخماس ثم يستديروا ليضربوا يوناثان فى الجلجال لكن شاول ترك مخماس وذهب للجلجال ربما ليساند يوناثان أو ليهرب من الفلسطينيين حينما رأى ضخامة أعدادهم. ولاحظ الحال الرديئة لجيش شاول وهربهم حتى أن عدد رجاله إنخفض من 2000 إلى 600 آية(15) والخوف والرعدة سببهم ضعف إيمانهم أو فقدان إيمانهم وذلك راجع للفساد الذى إنتشر.

 

الآيات (8-12) :-

فمكث سبعة ايام حسب ميعاد صموئيل و لم يات صموئيل الى الجلجال و الشعب تفرق عنه. فقال شاول قدموا الي المحرقة و ذبائح السلامة فاصعد المحرقة. و كان لما انتهى من اصعاد المحرقة اذا صموئيل مقبل فخرج شاول للقائه ليباركه. فقال صموئيل ماذا فعلت فقال شاول لاني رايت ان الشعب قد تفرق عني و انت لم تات في ايام الميعاد و الفلسطينيون متجمعون في مخماس. فقلت الان ينزل الفلسطينيون الي الى الجلجال و لم اتضرع الى وجه الرب فتجلدت و اصعدت المحرقة.

يمكن تلخيص خطايا شاول من هذه الآيات فيما يلى

1-   عزم أن يقابل الفلسطينيين دون أن يستشير صموئيل أو يأخذ بركة منُه وقارن مع (7:11).

2- إغتصب الكهنوت وقدّم الذبيحة ولا كهنوت له. وهو لم يبعث برسول ليسأل عن صموئيل بل إنتهز الفرصة وقدّم الذبيحة. ولنلاحظ أن الله لا يطلب الذبيحة بل الطاعة (مز51: 16،17).

3-    بل إنطلق هو ليُسلّم على صموئيل ويبارك هو صموئيل.

4-    وبخ صموئيل على تأخيره وحمله نتيجة أى خطأ ليظهر أنهُ هو غيور على شعب الله وصموئيل هو المخطئ.

5-    هو لم يقم بواجبه كملك ويهيئ جيشه بأسلحة مناسبة (آية22) ثم يغتصب عمل الكهنوت.

6-  حين أنبه صموئيل لم يبد أى ندم أو إستعداد للتوبة بل كلمات عذره كانت عجيبة أنا كنت محتاج أن أتضرع إلى الرب: إذاً تقديم الذبيحة هى بالنسبة لهُ مجرد شكليات فبالنسبة لهُ كان يمكنه أن يصلى فقط. لكنه ظن المحرقة أشبه بحجاب يؤدى للنصر. بل قال البعض أن مذبح عظيم كالجلجال كان لابد من وجود كاهن لهُ لكن شاول لم يستدعِ هذا الكاهن مفضلاً أن يقوم هو بعمل الكهنوت. وقد غفر الله لداود خطايا أصعب من هذا لكن لشاول لم يغفر لسببين 1- واضح أن وراء كل هذه خطية كبرياء فظيعة. 2- داود كان دائماً مستعد للتوبة والبكاء بتواضع شديد. فتجلدت: أى داس على ما بقى لهُ من ضمير يؤنبه على الخطأ. وفى آية(8) حسب ميعاد صموئيل وهذه مما تزيد خطاياه فصموئيل كان قد وَعَدَهُ أن يأتى ليصلى عَنْهُ ويقدم الذبيحة عَنْهُ.

 

الآيات (13،14) :-

فقال صموئيل لشاول قد انحمقت لم تحفظ وصية الرب الهك التي امرك بها لانه الان كان الرب قد ثبت مملكتك على اسرائيل الى الابد. و اما الان فمملكتك لا تقوم قد انتخب الرب لنفسه رجلا حسب قلبه و امره الرب ان يتراس على شعبه لانك لم تحفظ ما امرك به الرب.

كما سقط إبليس بسبب كبريائه سقطت مملكة شاول وأعطيت لداود رجلاً حسب قلبه. وقولِهِ قد ثبت مملكتك إلى الأبد: الله كان يعلم أنه سيخطئ وينزع مملكته عنهُ ويعطيها لداود وقد سبق يعقوب وتنبأ أن الملك ليهوذا. ولكن هذه تشبه أن آدم كان الله خلقه ليحيا إلى الأبد لكن بخطيته مات فأرسل الله المسيح الرجل الذى حسب قلبه، إبن داود  ليملك إلى الأبد. فالله سمح بإقامة شاول ليكتمل الرمز ونفهم خطة الله. بل شاول أيضاً كان يمثل إسرائيل التى ستفقد الملك يسوع المسيح روحياً وليس جسدياً.

 

الآيات (16-18) :-

و كان شاول و يوناثان ابنه و الشعب الموجود معهما مقيمين في جبع بنيامين
والفلسطينيون نزلوا في مخماس. فخرج المخربون من محلة الفلسطينيين في ثلاث فرق الفرقة الواحدة توجهت في طريق عفرة الى ارض شوعال.والفرقة الاخرى توجهت في طريق بيت حورون و الفرقة الاخرى توجهت في طريق التخم المشرف على وادي صبوعيم نحو البرية.

إنحصر شاول ويوناثان فى جبع بنيامين وحاصرهم الفلسطينيون إذ دخلوا إلى ممرات عجلون وبيت حورون بل إمتدوا حتى مخماس وصار يفصلهم عن شاول وادٍ ضيق عميق وبهذا عزلوا شاول تماماً. وفى (17) خرج المخربون: أى الناهبون وغايتهم إذلال إسرائيل ولعلهم قصدوا تهييج شاول ليخرج من أماكنه المحصنة وفى طريقهم أخذوا غنائم وخربوا الأرض. ولكن الله الرحيم لم يعطهم حكمة فلو نزلوا فى البداية إلى الجلجال لضربوا شاول والـ 600 رجل الذين معهُ ويوناثان وبهذا يستولون على إسرائيل. ولكن الله يعمى أعداء الكنيسة عن طريق الضرر لشعبه. الله يؤدب فقط لكن لا يميت ويقطع كل علاقة مع شعبه لذلك سمح الله للمخربون أن ينهبوا فالشعب كله فى حالة خطية.

 

الآيات (19-22) :-

و لم يوجد صانع في كل ارض اسرائيل لان الفلسطينيين قالوا لئلا يعمل العبرانيون سيفا او رمحا. بل كان ينزل كل اسرائيل الى الفلسطينيين لكي يحدد كل واحد سكته و منجله و فاسه و معوله. عندما كلت حدود السكك و المناجل و المثلثات الاسنان و الفؤوس و لترويس المناسيس. و كان في يوم الحرب انه لم يوجد سيف و لا رمح بيد جميع الشعب الذي مع شاول و مع يوناثان على انه وجد مع شاول و يوناثان ابنه.

لقد أذل الفلسطينيون إسرائيل إذ لم يسمحوا بوجود صانع بينهم حتى لا يعملوا سيفاً ولا رمحاً. هى صورة مؤلمة لعمل الخطية فى حياة الإنسان حينما يفقد إبليس الخاطئ أسلحته ويحطم كل طاقاته وإمكانياته ويحدره إلى الذل والمهانة. بنهاية هذا الإصحاح نجد إسرائيل فى حالة منحطة تماماً وفى منتهى الضعف. بدايات شاول كانت غير نهاياته. وهذه الحالة المزرية إستمرت حتى جاء داود وأصلح الحال.

 

آية(23) :-

و خرج حفظة الفلسطينيين الى معبر مخماس.

حفظه الفلسطينيين: غالباً هى حامية فلسطينية كانت وظيفتها مراقبة جيش شاول.


 

الإصحاح الرابع عشر

 

Text Box:

  

 

 

 

 

 

 

 

 


 

الآيات (1-10) :-

و في ذات يوم قال يوناثان بن شاول للغلام حامل سلاحه تعال نعبر الى حفظة الفلسطينيين الذين في ذلك العبر و لم يخبر اباه. و كان شاول مقيما في طرف جبعة تحت الرمانة التي في مغرون و الشعب الذي معه نحو ست مئة رجل.و اخيا بن اخيطوب اخي ايخابود بن فينحاس بن عالي كاهن الرب في شيلوه كان لابسا افودا
و لم يعلم الشعب ان يوناثان قد ذهب. و بين المعابر التي التمس يوناثان ان يعبرها الى حفظة الفلسطينيين سن صخرة من هذه الجهة و سن صخرة من تلك الجهة و اسم الواحدة بوصيص و اسم الاخرى سنه. و السن الواحد عمود الى الشمال مقابل مخماس و الاخر الى الجنوب مقابل جبع. فقال يوناثان للغلام حامل سلاحه تعال نعبر الى صف هؤلاء الغلف لعل الله يعمل معنا لانه ليس للرب مانع عن ان يخلص بالكثير او بالقليل. فقال له حامل سلاحه اعمل كل ما بقلبك تقدم هانذا معك حسب قلبك. فقال يوناثان هوذا نحن نعبر الى القوم و نظهر انفسنا لهم.فان قالوا لنا هكذا دوموا حتى نصل اليكم نقف في مكاننا و لا نصعد اليهم. و لكن ان قالوا هكذا اصعدوا الينا نصعد لان الرب قد دفعهم ليدنا و هذه هي العلامة لنا.

يوناثان المملوء إيماناً لم يحتمل فقدان شعبه لكرامته فقام ليحارب واضعاً أمامه أن الرب ليس لديه مانع أن يخلص بالقليل كما بالكثير. وربما إستغل يوناثان أن جيوش المخربين الثلاثة خرجت وبقى فى مخماس عدد قليل فهاجمهم. بينما كان أبوه تحت الرمانة يستظل. وهو تحرك دون أن يخبر أباه حتى لا يمنعه. فترك أباه وجيشه فى إرتباكهم وآمن هو بالله أنه يحقق النصرة بالقليل أو بالكثير. وكان الغلام حامل سلاحه يشاركه ذات الإيمان. يبرز هنا أهمية أن يكون لنا صديق مؤمن والأجمل أن يكون لنا صديق سماوى من الشهداء والقديسيين. سؤال:- هل لو فكّر يوناثان بالعقل فقط دون إيمان أكان يفعل ما فعلهُ؟ الإجابة قطعاً لا. إذاً فلنبدأ حتى وإن كنّا نزحف على أيدينا وأرجلنا وبالقطع الله سيعين ويكمل وتكون النتائج فوق تصورنا. فقط نبدأ دون إرتياب ومن يتكل على الله يعمل عجائب بيده. وفى آية(3) ذُكِرَ الخبر كتمهيد لما سيأتى فى آية(18) وأخيا هو أخيمالك. وكان أخيطوب وإيخابود هم أولاد فينحاس إبن عالى الكاهن. لابساً أفوداً: أى يقوم بواجب رئيس الكهنة وفى (9،10) وضعوا علامة ليعرفوا من الرب هل يكملوا عملهم أم لا. والله الذى يملك على القلوب والألسنة قادر أن يجعل هؤلاء الوثنيين أن يجيبوا بما يريده ويضعه فى أفواههم فهو ضابط الكل. وبالفعل إذ رآهما الفلسطينيون سخروا منهما قائلين إصعدوا.

 

الآيات (11،12) :-

فاظهرا انفسهما لصف الفلسطينيين فقال الفلسطينيون هوذا العبرانيون خارجون من الثقوب التي اختباوا فيها. فاجاب رجال الصف يوناثان و حامل سلاحه و قالوا اصعدا الينا فنعلمكما شيئا فقال يوناثان لحامل سلاحه اصعد ورائي لان الرب قد دفعهم ليد اسرائيل.

لنعلمكما شيئاً: أى نؤدبكما ونقتلكما. هم يتكلمون فى مزاح وإستخفاف لكن يوناثان حسبها علامة من السماء وتأكد من هزيمة العدو بسبب كبريائهم.

 

آية(13) :-

فصعد يوناثان على يديه و رجليه و حامل سلاحه وراءه فسقطوا امام يوناثان و كان حامل سلاحه يقتل وراءه.

فصعد يوناثان على يديه ورجليه: أى حبواً فلم يكن ممكناً أن ينزل الصخرة أو يصعد عليها واقفاً بسبب إنحدارها الشديد. وتحمل هذا الوضع المتعب والمخزى مع سخرية الأعداء فى إيمان. فسقطوا أمام يوناثان: أمام هذا الإيمان كان يجب أن يسقطوا فالله أوقع الرعب فى قلوبهم. وربما صوّر الله لهم أو أسمعهم صوت جيش عظيم يتبعهم فخافوا وحاولوا الهروب فسقطوا. وربما حدث زلزال فعلاً حطمهم وأرعبهم (آية15).

 

آية(14) :-

و كانت الضربة الاولى التي ضربها يوناثان و حامل سلاحه نحو عشرين رجلا في نحو نصف تلم فدان ارض.

نصف تلم فدان: هى بقعة يحرثها ثوران فى يومٍ واحد. وربما كان أيضاً سقوطهم من على الصخرة لإنحدارها الشديد فهم فى هربهم مرعوبين سقطوا من عليها فماتوا.

 

آية(15) :-

و كان ارتعاد في المحلة في الحقل و في جميع الشعب الصف و المخربون ارتعدوا هم ايضا
و رجفت الارض فكان ارتعاد عظيم.

المحلة: مكان الجيش الفلسطينى فى مخماس (المعسكر)، إرتعاد: حينما سمعوا عن خبر سقوط إخوتهم وقع الرعب فى قلوبهم وكان هذا أيضاً عمل الله. الصف: الجيش الذى فى المحلة.

 

آية(16) :-

فنظر المراقبون لشاول في جبعة بنيامين و اذا بالجمهور قد ذاب و ذهبوا متبددين.

المراقبون: المقصود بهم جواسيس شاول الذين يستطلعون حال جيش العدو.

 

الآيات (17-20) :-

فقال شاول للشعب الذي معه عدوا الان و انظروا من ذهب من عندنا فعدوا و هوذا يوناثان و حامل سلاحه ليسا موجودين. فقال شاول لاخيا قدم تابوت الله لان تابوت الله كان في ذلك اليوم مع بني اسرائيل.و فيما كان شاول يتكلم بعد مع الكاهن تزايد الضجيج الذي في محلة الفلسطينيين و كثر فقال شاول للكاهن كف يدك. و صاح شاول و جميع الشعب الذي معه و جاءوا الى الحرب و اذا بسيف كل واحد على صاحبه اضطراب عظيم جدا.

تعجب شاول ممّا سمعه عن الرعب الذى وقع للفلسطينيين. ثم عَرِف أن يوناثان غائب ثم طلب أن يسأل الكاهن ثم تراجع وقرر أن يتصرف بنفسه دون سؤال الله. هذا يكشف عن طبيعة شاول وأنه متسرع قليل الصبر يعتمد على ذراعه، يمكن أن يسأل الرب لكنه لا ينتظر أن يسمع الإجابة. وفى تسرعه أسقط إبنه فى التعدى.

 

آية(21) :-

و العبرانيون الذين كانوا مع الفلسطينيين منذ امس و ما قبله الذين صعدوا معهم الى المحلة من حواليهم صاروا هم ايضا مع اسرائيل الذين مع شاول و يوناثان.

غالباً هم اليهود الذين كانوا مأسورين ومستعبدين للفلسطينيين إنضموا لشاول.

 

آية(22) :-

و سمع جميع رجال اسرائيل الذين اختباوا في جبل افرايم ان الفلسطينيين هربوا فشدوا هم ايضا وراءهم في الحرب.

أخيراً إنضم المذعورين الفارين إلى شاول بعد أن كانوا قد هربوا وتشتتوا.

 

آية(23) :-

فخلص الرب اسرائيل في ذلك اليوم و عبرت الحرب الى بيت اون.

بيت آون: هى بين مخماس وبيت إيل.

 

آية(24) :-

و ضنك رجال اسرائيل في ذلك اليوم لان شاول حلف الشعب قائلا ملعون الرجل الذي ياكل خبزا الى المساء حتى انتقم من اعدائي فلم يذق جميع الشعب خبزا.

شاول تصوّر أن الجيش لو أكلوا يضيع الوقت فلا يستطيع أن يلحق بالأعداء وهو أخطأ فى قراره وتسرّع فيه. وتتلخص أخطاء شاول هنا فى الآتى

1- لم ينتظر أن يسمع كلام الله من الكاهن فكان غير موسى الذى كان يصلى ويشوع يحارب. إذن شاول كان يعتمد على ذاته وليس على الله.

2- أخطأ فى منعه جيشه أن يأكل إذ حَسِب النصرة هى ثمرة عمله وليس نتيجة الإيمان وهذا عكس يوناثان. بل هو بقراره جعل يوناثان يتعدى دون أن يعلم.

3- لم يُعْطِ إعتباراً لحاجات رجاله فكيف يحاربون وهم جائعون. بل جعلهم يخطأون ويأكلون على الدم (خلافاً للناموس) من شدة جوعهم (آية32) فلم يكن هناك وقت أن تنزف الذبيحة دمها فأكل الدم ممنوع بحكم الناموس.

4-    يقول أنتقم من أعدائى: هو حسبهم أعداءه هو وليس أعداء الله وأعداء شعبه وهذا كبرياء.

 

الآيات (25-31) :-

و جاء كل الشعب الى الوعر و كان عسل على وجه الحقل. و لما دخل الشعب الوعر اذا بالعسل يقطر و لم يمد احد يده الى فيه لان الشعب خاف من القسم. و اما يوناثان فلم يسمع عندما استحلف ابوه الشعب فمد طرف النشابة التي بيده و غمسه في قطر العسل و رد يده الى فيه فاستنارت عيناه. فاجاب واحد من الشعب و قال قد حلف ابوك الشعب حلفا قائلا ملعون الرجل الذي ياكل خبزا اليوم فاعيا الشعب. فقال يوناثان قد كدر ابي الارض انظروا كيف استنارت عيناي لاني ذقت قليلا من هذا العسل. فكم بالحري لو اكل اليوم الشعب من غنيمة اعدائهم التي وجدوا اما كانت الان ضربة اعظم على الفلسطينيين. فضربوا في ذلك اليوم الفلسطينيين من مخماس الى ايلون و اعيا الشعب جدا

الله أعّد لجيش شعبه عسلاً فى البرية وبتصرف شاول الأحمق أرهق جيشه فالقرارات السريعة النابعة من قلب غير مستقيم تفقد الإنسان الكثير ويحرم نفسه من عطايا الله والفرص التى يقدمها له الرب.

 

آية(33) :-

فاخبروا شاول قائلين هوذا الشعب يخطئ الى الرب باكله على الدم فقال قد غدرتم دحرجوا الي الان حجرا كبيرا.

الحجر الكبير: ليذبحوا عليه الحيوانات فتكون الذبائح مرتفعة عن الأرض فيخرج الدم قبلما يأكلون منه. وبالفعل أطاع الشعب.

 

الآيات (36-46) :- 

و قال شاول لننزل وراء الفلسطينيين ليلا و ننهبهم الى ضوء الصباح و لا نبق منهم احدا فقالوا افعل كل ما يحسن في عينيك و قال الكاهن لنتقدم هنا الى الله. فسال شاول الله اانحدر وراء الفلسطينيين اتدفعهم ليد اسرائيل فلم يجبه في ذلك اليوم. فقال شاول تقدموا الى هنا يا جميع وجوه الشعب و اعلموا و انظروا بماذا كانت هذه الخطية اليوم. لانه حي هو الرب مخلص اسرائيل و لو كانت في يوناثان ابني فانه يموت موتا و لم يكن من يجيبه من كل الشعب. فقال لجميع اسرائيل انتم تكونون في جانب و انا و يوناثان ابني في جانب فقال الشعب لشاول اصنع ما يحسن في عينيك. و قال شاول للرب اله اسرائيل هب صدقا فاخذ يوناثان و شاول اما الشعب فخرجوا.فقال شاول القوا بيني و بين يوناثان ابني فاخذ يوناثان. فقال شاول ليوناثان اخبرني ماذا فعلت فاخبره يوناثان و قال ذقت ذوقا بطرف النشابة التي بيدي قليل عسل فهانذا اموت. فقال شاول هكذا يفعل الله و هكذا يزيد انك موتا تموت يا يوناثان. فقال الشعب لشاول ايموت يوناثان الذي صنع هذا الخلاص العظيم في اسرائيل حاشا حي هو الرب لا تسقط شعرة من راسه الى الارض لانه مع الله عمل هذا اليوم فافتدى الشعب يوناثان فلم يمت. فصعد شاول من وراء الفلسطينيين
و ذهب الفلسطينيون الى مكانهم.

فى (36) الكاهن حينما وجده متسرعاً قال لهُ إهدأ ولنسأل الرب وفعل شاول حسناً إذ إستمع. لأن الله لم يجب فى هذا اليوم. ونجد شاول يتسرع مرة ثانية فهو يقسم بقتل الذى أخطأ ووقعت القرعة على يوناثان البطل الذى بإيمانه خلّص الشعب. ولكن الشعب لم يقبل موت يوناثان. ولكن لماذا لم يرد الله؟ هل بسبب خطية يوناثان؟!

1- الله لا يقبل التعدى حتى لو كان من يوناثان البطل المؤمن ولكنه لم يكن يعرف لكن هو خطأ على أى الأحوال ولكن لا يُلام عليه يوناثان بل شاول.

2-  الله أراد أن يُظهر لشاول أخطاؤه المتعددة وحرمهُ أن يكمل إنتصاره النهائى على الفلسطينيين فى ذلك اليوم عقاباً لهُ على كل أخطائه.

3-    كيف يقبل الله أن يعطى نصرة لجيش كسر الناموس وأكل الدم وتنجسوا.

4-    من مراحم الله منعهم من إستكمال الحرب وهم خائرى القوى بعد هذا اليوم المرهق وربما ضربوا بعضهم فى الظلام.

 

الآيات (47-52) :-

واخذ شاول الملك على اسرائيل و حارب جميع اعدائه حواليه مواب و بني عمون و ادوم و ملوك صوبة والفلسطينيين و حيثما توجه غلب. وفعل بباس و ضرب عماليق و انقذ اسرائيل من يد ناهبيه. وكان بنو شاول يوناثان و يشوي و ملكيشوع و اسما ابنتيه اسم البكر ميرب و اسم الصغيرة ميكال. و اسم امراة شاول اخينوعم بنت اخيمعص و اسم رئيس جيشه ابينير بن نير عم شاول. و قيس ابو شاول و نير ابو ابنير ابنا ابيئيل. و كانت حرب شديدة على الفلسطينيين كل ايام شاول و اذا راى شاول رجلا جبارا او ذا باس ضمه الى نفسه.

كما يذكر الكتاب خطايا شاول يذكر بأمانة فضائله فواضح هنا غيرته وشجاعته هو لم يتوقف عن الجهاد وضم كل جبار إلى جيشه. وصار ملكاً مهوباً وأنقذ شعبه من أعدائه. وأخذ شاول الملك على إسرائيل: أى إستقر ملكهُ بعد هذا الإنتصار وكأنه بالغلبة على الأعداء أعطى له شعبه الولاء. وغالباً كان لشاول زوجة أخرى ربما تزوجها فيما بعد إسمها رصفة (2صم8:21). أو ربما هى سرية وليست زوجة.


 

الإصحاح الخامس عشر

مضت سنوات طويلة بين الإصحاح السابق وهذا الإصحاح فشاول الآن ملك قوى لهُ جيش قوى.

الآيات (1-4) :-

و قال صموئيل لشاول اياي ارسل الرب لمسحك ملكا على شعبه اسرائيل و الان فاسمع صوت كلام الرب.هكذا يقول رب الجنود اني قد افتقدت ما عمل عماليق باسرائيل حين وقف له في الطريق عند صعوده من مصر. فالان اذهب و اضرب عماليق و حرموا كل ما له و لا تعف عنهم بل اقتل رجلا و امراة طفلا و رضيعا بقرا و غنما جملا و حمارا. فاستحضر شاول الشعب و عده في طلايم مئتي الف راجل و عشرة الاف رجل من يهوذا.

بعد أن كان جيشه 600 رجل صار الآن 210،000 ولكن قلة جيش يهوذا يشير ربما لعدم رضا يهوذا أو بداية إنقسام. ولكن شاول تمتع لفترة بنصرات متوالية (47:14) ونجد الله يقدم فرصة أخيرة لشاول الذى كثرت أخطائه. طلب الله تحريم كل ما لعماليق والله كان سيعطيه النصرة. إياى أرسل الرب لمسحك: صموئيل يذكره بهذا حتى يستمع للأمر الذى سيقولهُ لهُ بعد ذلك. وكان تحريم عماليق تنفيذاً لما قالهُ الرب قبل ذلك (خر17: 8-16). وذلك لا ينسى وعوده إنما يحققها فى الوقت المناسب. والآن الوقت المناسب لماذا؟

1-جيش شاول الآن جيش مستعد. 2- ذنب عماليق صار كاملاً وفسدوا تماماً وكان عماليق جماعة لصوص متوحشين يرتكبون الجرائم والرجاسات.

 

الآيات (5-7) :-

ثم جاء شاول الى مدينة عماليق و كمن في الوادي.و قال شاول للقينيين اذهبوا حيدوا انزلوا من وسط العمالقة لئلا اهلككم معهم و انتم قد فعلتم معروفا مع جميع بني اسرائيل عند صعودهم من مصر فحاد القيني من وسط عماليق. و ضرب شاول عماليق من حويلة حتى مجيئك الى شور التي مقابل مصر.

طلب شاول من القينيين-وهم شعب مسالم محب من المديانيين أن يبتعدوا عن العمالقة لأن القينيين صنعوا معروفاً مع إسرائيل (خر18، عد10: 29-32، قص16:1) والله لا ينسى كأس ماء بارد. ومن القينيين يثرون حمو موسى وياعيل التى قتلت سيسرا (قض17:4) والركابيون (1أى55:2 + أر35: 6-10) ومعنى كلمة قينيين أى حدادين لذلك قد يكونوا جماعة من الحدادين الرُحّلْ. وبعد رحيلهم ضرب شاول عماليق.

 

الآيات (8،9) :-

و امسك اجاج ملك عماليق حيا و حرم جميع الشعب بحد السيف.و عفا شاول و الشعب عن اجاج و عن خيار الغنم و البقر و الثنيان و الخراف و عن كل الجيد و لم يرضوا ان يحرموها و كل الاملاك المحتقرة و المهزولة حرموها.

لم يسمع شاول لصوت الرب وأبقى على 1- أجاج ليشبع غرور نفسه لأنه عفا عن ملك سقط فى يده مع أنه ملك متوحش (آية33). 2- خيار الغنم أبقى عليها كمكاسب مادية وهذه تشبه من تكون لهُ علاقة مع الله لمكاسب مادية. ولذلك يفكر البعض أنه أبقى على أجاج للحصول على فدية كبيرة. وهناك من يتساءل وما ذنب الحيوانات حتى نقتلها؟ ونرد بتساؤل وما ذنب المسيح القدوس فى أن يصلب؟ ولكن الله يريد أن يُظهر بشاعة الخطية وأنها سبب موت بل سبب خراب العالم وستكون السبب فى صلب المسيح مستقبلاً.

 

آية(10-11) :-

و كان كلام الرب الى صموئيل قائلا. ندمت على اني قد جعلت شاول ملكا لانه رجع من ورائي و لم يقم كلامي فاغتاظ صموئيل و صرخ الى الرب الليل كله.

ندمت: حزنت بسبب تصرفات شاول. لقد رفض الرب شاول لأن شاول رفضه وما أنقى قلب صموئيل وأشد محبته الذى يبقى الليل كله مصلياً لأجل شاول. ومع محبة صموئيل الكبيرة لم يمنعه هذا من الحزم فنراه فى حزم يوبخ شاول بشدة.

 

آية(12) :-

فبكر صموئيل للقاء شاول صباحا فاخبر صموئيل و قيل له قد جاء شاول الى الكرمل و هوذا قد نصب لنفسه نصبا و دار و عبر و نزل الى الجلجال.

ذهب شاول إلى الكرمل ونصب تذكاراً لإنتصاره على عماليق.

 

آية(13) :-

و لما جاء صموئيل الى شاول قال له شاول مبارك انت للرب قد اقمت كلام الرب.

هنا شاول يغطى على عصيانه بكلمات معسولة لم ينخدع بها صموئيل فقد كشف له الله كل شئ.

 

آية(14-15) :-

فقال صموئيل و ما هو صوت الغنم هذا في اذني و صوت البقر الذي انا سامع. فقال شاول من العمالقة قد اتوا بها لان الشعب قد عفا عن خيار الغنم و البقر لاجل الذبح للرب الهك و اما الباقي فقد حرمناه.

هناك قاعدة أن التائب الحقيقى لا يبرر خطأهُ بأى عذر ولكن غير التائب دائماً يريد أن يبرر نفسه ودائماً يدين الآخرين وهنا نجده ينسب الخطأ للشعب إذ يقول لأن الشعب قد عفا وينسب لنفسه التصرف الصحيح.. وأمّا الباقى فقد حرمناه. وهو يجد عذراً آخر لإستبقاء الغنم وهو لأجل الذبح للرب إلهك: ولكن هل وصايا الله ناقصة ويكملها هو؟! علينا أن ننفذ الوصية حتى إن لم نفهمها. ويكرر نفس النغمة فى الآيات (20،21) وبإستفاضة دليل عدم الندم والإصرار على ذلك. ولاحظ قولهُ لصموئيل الرب إلهك ولم يقل الرب إلهنا وكأنه يقول إن ما أتينا به ليس لأنفسنا بل لإلهك أنت ! فإن كناّ أكرمنا إلهك فقد أكرمناك فلماذا غضبك.

 

آية(16-17) :-

فقال صموئيل لشاول كف فاخبرك بما تكلم به الرب الي هذه الليلة فقال له تكلم. فقال صموئيل اليس اذ كنت صغيرا في عينيك صرت راس اسباط اسرائيل و مسحك الرب ملكا على اسرائيل.

كنت صغيراً فى عينيك: أى أن شاول كان يرى نفسه صغيراً فى عينى نفسه ولمّا كان متواضعاً إختارهُ الله فلمّا تكبّر رفضه الله.

 

آية(18-22) :-

و ارسلك الرب في طريق و قال اذهب و حرم الخطاة عماليق و حاربهم حتى يفنوا.فلماذا لم تسمع لصوت الرب بل ثرت على الغنيمة و عملت الشر في عيني الرب.فقال شاول لصموئيل اني قد سمعت لصوت الرب و ذهبت في الطريق التي ارسلني فيها الرب و اتيت باجاج ملك عماليق و حرمت عماليق. فاخذ الشعب من الغنيمة غنما و بقرا اوائل الحرام لاجل الذبح للرب الهك في الجلجال.فقال صموئيل هل مسرة الرب بالمحرقات و الذبائح كما باستماع صوت الرب هوذا الاستماع افضل من الذبيحة
و الاصغاء افضل من شحم الكباش.

قارن مع (مز6:40، 16:51، 17) إذ أنه من السهل أن نأتى بثور كذبيحة عن أن نذبح أى فكر عاصى متكبر لذلك فالله يُسّر بالطاعة التى هى مجد الملائكة (مز20:103).

 

آية(23) :-

لان التمرد كخطية العرافة و العناد كالوثن و الترافيم لانك رفضت كلام الرب رفضك من الملك.

العرافة: إستشارة أرواح الموتى والجان والسحرة وتحديد المستقبل بفحص أمعاء الحيوانات. الترافيم: الألهة المنزلية وهم يتصورون وجودها فى البيت بركة لهُ.

 

الآيات (24-31) :-

فقال شاول لصموئيل اخطات لاني تعديت قول الرب و كلامك لاني خفت من الشعب
و سمعت لصوتهم. و الان فاغفر خطيتي و ارجع معي فاسجد للرب. فقال صموئيل لشاول لا ارجع معك لانك رفضت كلام الرب فرفضك الرب من ان تكون ملكا على اسرائيل. و دار صموئيل ليمضي فامسك بذيل جبته فانمزق. فقال له صموئيل يمزق الرب مملكة اسرائيل عنك اليوم و يعطيها لصاحبك الذي هو خير منك. و ايضا نصيح اسرائيل لا يكذب و لا يندم لانه ليس انسانا ليندم.30 فقال قد اخطات و الان فاكرمني امام شيوخ شعبي و امام اسرائيل و ارجع معي فاسجد للرب الهك. فرجع صموئيل وراء شاول و سجد شاول للرب.

يتضح من آية(30) أن توبة شاول غير صادقة فكل ما يهتم به مظهره أمام الشعب وأنه يستميل صموئيل النبى كى يرجع معه ويكرمه أمام شيوخ الشعب. لأن الشعب يُكرم صموئيل ويهابه فلو ظهر أن صموئيل غاضب منه فهو خاف أن ينفض عنهُ الشعب. والتائب الحقيقى لا يهتم برأى الناس فيه (1كو3:4). لكن للأسف أنه من الواضح أن شاول خائف من الناس وليس من الله. وقطعاً مثل هذه التوبة لا يقبلها الله لذلك فى (26) نجد صموئيل لا يقبل الرجوع معهُ. ثم كان أن مزّق شاول جبة صموئيل. ورأى صموئيل فى هذا علامة على أن الله يُمزّق المملكة منهُ (28) كأن شاول يلبس مملكته كجبة وسيمزقها الله عنه. ولاحظ أن الجبة التى تمزقت كان صموئيل هو الذى يرتديها وليس شاول، فالمملكة هى مملكة الله وليست مملكة شاول. وصموئيل هنا كنبى الله هو ممثل الله ويعطيها لصاحبك: أى داود فهو سيتزوج إبنته. ولاحظ أن الرمز إكتمل فداود مزّق جبة شاول كما مزّق شاول جبة صموئيل. وفى (31) نجد صموئيل قد رجع معهُ فهو يُكرِم الملك مسيح الرب (رو1:13 + ابط7:2) ولكن رفضه السابق إعلاناً لشاول عن رفض الله لهُ. ما أبعد صورة شاول الآن عن شاول الذى إختبأ يوم القرعة.

 

الآيات (32-35) :-

و قال صموئيل قدموا الي اجاج ملك عماليق فذهب اليه اجاج فرحا و قال اجاج حقا قد زالت مرارة الموت. فقال صموئيل كما اثكل سيفك النساء كذلك تثكل امك بين النساء فقطع صموئيل اجاج امام الرب في الجلجال. و ذهب صموئيل الى الرامة
و اما شاول فصعد الى بيته في جبعة شاول. و لم يعد صموئيل لرؤية شاول الى يوم موته لان صموئيل ناح على شاول و الرب ندم لانه ملك شاول على اسرائيل.

إذ عُرِف صموئيل بلطفه ورقته ظن أجاج أنه سيطلقه حراً ولكن كان يجب قتله تنفيذاً لحكم الرب وإعلاناً عن نزع الخطية والفساد. قطع صموئيل أجاج: أى أمر بقتله حسب وصية الرب: أمام الرب. ولم يعد صموئيل برؤية شاول: أى لم يعد الرب يكلم شاول بواسطة صموئيل.


 

الإصحاح السادس عشر

آية(1) :-

فقال الرب لصموئيل حتى متى تنوح على شاول و انا قد رفضته عن ان يملك على اسرائيل املا قرنك دهنا و تعال ارسلك الى يسى البيتلحمي لاني قد رايت لي في بنيه ملكا.

بلا شك فأن صموئيل صلّى كثيراً لأجل شاول أما شاول فلم ينتفع بهذه الصلوات لأنه لم يُرِدْ أن يتوب. ولكن بأمر إلهى يتوقف صموئيل عن النوح ويملأ الله قلبه بالتعزية فها هو الله سيحول الشر إلى خير ويختار داود بدلاً من شاول المرفوض. وحين تسود الظلمة العالم فى أعين الناس يعطى الله رجاء فى نور جديد، وفى الهزيع الأخير من الليل يتجلى الله وسط تلاميذه واهباً لهم ما لم يكن فى حسبانهم. لأنى قد رأيت لى فى بنيه ملكاً: رأى الله ما لم يراه الناس. وهكذا يرى الله أشخاصاً يختارهم بنفسه للعمل لحساب ملكوته ربما لا يرى الناس فيهم هذا. كان مايكل أنجلو حين يرى قطعة رخام يقول ما أجملها فهو يعرف أنه قادر أن يحولها وأن يبدع منها عملاً فنياً رائعاً. والله إختار داود وحتى أبيه لم يكن يرى فيه ما يستحق. ومسحه ليحل عليه روح الرب فيعده ويهيأهُ. إملأ قَرْنَكَ دُهناً: القرن كان يستخدم كوعاء للشرب وقارن مع شاول الذى مسحه من قنينة الدهن ولم يستعمل معهُ لفظ إملأ. فداود رمز للمسيح الذى حلّ عليه ملء الروح. والقرن يشير للقوة. الله رأى فى داود الأمين رعايته للغنم الشخص الصالح لرعاية شعبه "كنت أميناً فى القليل أقيمك على الكثير" وهكذا يهيئ الله لنا أعمالاً صغيرة إن كنّا أمناء فيها يعطينا أعمالاً أكبر. وداود مُسح وعمره 20 سنة.

 

آية(2) :-

فقال صموئيل كيف اذهب ان سمع شاول يقتلني فقال الرب خذ بيدك عجلة من البقر و قل قد جئت لاذبح للرب.

شاول يقتلنى: هذا يُظهر ما وصل إليه شاول من قسوة وظلم ومقاومة للرب. وقول صموئيل هذا ليس خوفاً أو إقتناعاً بل لطلب المشورة أى كيف يتصرف حتى يقاومهُ شاول.

 

آية(3) :-

و ادع يسى الى الذبيحة و انا اعلمك ماذا تصنع و امسح لي الذي اقول لك عنه.

لا داعى لأن يعلم شاول فالله لن يُمَلّك داود قبل أن يموت شاول. وكل شئ يجب أن يبقى سراً حتى لا يقتل شاول كلاً من صموئيل وداود. ونحن غير ملزمين بإعلان كل أمور حياتنا لكل إنسان.

 

آية(4) :-

ففعل صموئيل كما تكلم الرب و جاء الى بيت لحم فارتعد شيوخ المدينة عند استقباله و قالوا اسلام مجيئك.

إرتعاد شيوخ المدينة كان خوفاً من أن يكون صموئيل قد أتى بخبر مفزع لخطأ منهم.

 

آية(5) :-

فقال سلام قد جئت لاذبح للرب تقدسوا و تعالوا معي الى الذبيحة و قدس يسى و بنيه و دعاهم الى الذبيحة.

تظهر أن صموئيل نزل ضيفاً عند بيت يسى بالذات.

 

آية(6-7) :-

و كان لما جاءوا انه راى الياب فقال ان امام الرب مسيحه. فقال الرب لصموئيل لا تنظر الى منظره و طول قامته لاني قد رفضته لانه ليس كما ينظر الانسان لان الانسان ينظر الى العينين و اما الرب فانه ينظر الى القلب.

بعد الذبيحة جاء صموئيل للوليمة فى بيت يسى فعادة تقام الولائم بعد تقديم الذبيحة. والذبيحة قدمت فى بيت لحم علانية بينما مُسِحَ داود سراً وسط إخوته فلماذا؟

‌أ-       بهذا لا يكذب صموئيل عندما يُسأل عن سبب مجيئه إلى بيت لحم، إنما يخفى جزءاً من الحقيقة.

‌ب-  حتى لا يبطش شاول الملك بصموئيل النبى وبداود أيضاً.

‌ج-   الوقت لم يكن قد حان لإعلان مُلك داود فهو لم يستلم العرش إلاّ بعد وفاة شاول إنما أعطيت المسحة كنعمة إلهية تعده وتسنده للعمل حتى يتولى الملك. وهذا يشبه حالنا الآن تماماً. فنحن نلنا المسحة المقدسة ولكن لم يأتى بعد الوقت لأن يستعلن المجد العتيد فينا (رو18:8) فهذا لن نأخذه إلاّ بعد آلام هذا الزمان الحاضر بل ونهاية هذا العالم (موت شاول) أمّا هذا الزمان فالمجد الذى فيه (قوة وغنى وجبروت) يشبه مجد شاول بعد نزع الروح منهُ.

‌د-  الذبيحة تشير للصليب وهذا تم علانية. بينما الملك وإن كان قد بدأ بالصليب إلاّ أنه لم يكمل إلاّ بعد القيامة والصعود وهذان الأمران لم يعرفهما ويشاهدهما إلاّ الخاصة. وكل من يقبل أن يتألم مع المسيح كل يوم علانية سيتمجد معهُ سراً.

 

الآيات (8-13) :-

فدعا يسى ابيناداب و عبره امام صموئيل فقال و هذا ايضا لم يختره الرب.  عبر يسى شمة فقال و هذا ايضا لم يختره الرب. وعبر يسى بنيه السبعة امام صموئيل فقال صموئيل ليسى الرب لم يختر هؤلاء. وقال صموئيل ليسى هل كملوا الغلمان فقال بقي بعد الصغير و هوذا يرعى الغنم فقال صموئيل ليسى ارسل و ات به لاننا لا نجلس حتى ياتي الى ههنا. فارسل و اتى به و كان اشقر مع حلاوة العينين و حسن المنظر فقال الرب قم امسحه لان هذا هو. فاخذ صموئيل قرن الدهن و مسحه في وسط اخوته و حل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدا ثم قام صموئيل و ذهب الى الرامة.

ربما لم يفهم داود عند مسحه إلاّ أنها بركة من صموئيل وربما لم يفهم إخوته أنه سيملك عليهم والله إختاره لنقاوته الداخلية وليس من أجل منظره. لقد سبق وأعطاهم ملكاً حسب قلبهم والآن يختار ملكاً حسب قلبه هو. ولكن كان الله سيعده لمسئوليته كيف؟

‌أ-       هو راعى تعلّم أن يحب كل خروف فسيحب شعبه ويفتديهم من الدب والأسد لينقذهم.

‌ب-   خلال رعاية الغنم تعلّم الموسيقى والعزف على القيثارة فإستخدم الله هذه الوزنة للدخول إلى الملك شاول.

‌ج-  غالباً بعد حلول الروح عليه مع محبته للموسيقى رتّل المزامير وتعلّم التسبيح فيسبح بمزامير روحية يُسبح فيها على خليقته وعلى الطبيعة التى يراها أمامه (وغالباً كان شاول يهدأ بهذه المزامير).

‌د-      كراعٍ تعلم الضرب بالمقلاع الذى هزم به جليات.

وكان داود هو الثامن بين إخوته والثامن يرمز للحياة الأبدية (رقم 7 يشير للزمن أى سبعة أيام الأسبوع ورقم 8 لما بعد هذا الزمن أى الحياة الأبدية) لذلك فهو يرمز للمسيح الملك السماوى والذى صار الأخير إذا أفنى ذاته لأجلنا ليضمنا ويرفعنا للسماويات فيه وكلمة داود غالباً مشتقة من DOD وتعنى حباً أو محبوباً. وبدون الحب لن ننعم بالحياة الأبدية ( رقم اسم يسوع باليونانية = 888).

 

آية(14) :-

و ذهب روح الرب من عند شاول و بغته روح ردي من قبل الرب.

بينما حلّ روح الرب على داود ليعده كملك (تك2:1) ليخلق من الأرض الخاوية عالماً جميلاً. فارق روح الرب شاول لأنه رافض قبول روح الله. وبغته روح ردئ من قبل الرب: المكان لا يمكن أن يستمر مكنوساً ومزنياً فلابد أن يمتلئ فإما أم يمتلئ من روح الرب أو إذا فارق روح الرب الإنسان يملأه أرواح شريرة. فالقلب لا يبقى خالياً. الروح الردئ ليس مصدره الرب بل هو بسماح من الرب. الروح أخذ سلطان على شاول بسماح من الله. شاول برفضه روح الله لكبريائه ولأنه قاوم روح الرب كثيراً هيأ نفسه كمسكن مستعد لقبول هذا الروح الردئ، الله تركه لذاته (رو1: 24-28).

 

الآيات (15-23) :-

فقال عبيد شاول له هوذا روح ردي من قبل الله يبغتك. فليامر سيدنا عبيده قدامه ان يفتشوا على رجل يحسن الضرب بالعود و يكون اذا كان عليك الروح الردي من قبل الله انه يضرب بيده فتطيب. فقال شاول لعبيده انظروا لي رجلا يحسن الضرب واتوا به الي. فاجاب واحد من الغلمان و قال هوذا قد رايت ابنا ليسى البيتلحمي يحسن الضرب و هو جبار باس و رجل حرب و فصيح و رجل جميل و الرب معه. فارسل شاول رسلا الى يسى يقول ارسل الي داود ابنك الذي مع الغنم. فاخذ يسى حمارا حاملا خبزا و زق خمر و جدي معزى و ارسلها بيد داود ابنه الى شاول. فجاء داود الى شاول و وقف امامه فاحبه جدا و كان له حامل سلاح. فارسل شاول الى يسى يقول ليقف داود امامي لانه وجد نعمة في عيني. و كان عندما جاء الروح من قبل الله على شاول ان داود اخذ العود و ضرب بيده فكان يرتاح شاول و يطيب ويذهب عنه الروح الردي.

سر قوة داود الرب معهُ (19). الله بتدبيره يصل الآن داود إلى القصر ويالتواضع داود فهو ذهب يعزف لشاول وهو يعرف أنه مسيح الرب. ويالقوة مزامير داود التى تطرد الشياطين وتهدئ النفوس. وكنوع من إكرام الملك يأخذون لهُ هدايا. فنجد يسى يرسل إبنه للملك ومعهُ هدايا. وكان لهُ حامل سلاح: ربما حدث هذا بعد مدة وتكون هذه الآيةمقدمة لقصة طويلة مثل "وخلق الله السماوات والأرض" ثم بدأ الشرح التفصيلى. وربما فى أثناء ما كان داود يعزف لشاول كان داود يحمل سلاح الرجل المريض المصروع بالمرض الردئ. وقد يكون شاول عينه كحامل سلاح فترة قصيرة لكنه لم يستمر أو يستلم الوظيفة وعاد لبيته حتى جاءت قصة جلياط. هذه عدة إحتمالات لتفسير أن شاول لم يعرف داود حين قتل جليات. ولنلاحظ أنهم كانوا يأتون بداود إلى شاول وهو مصروع لا يدرى شيئاً ممّا حولهُ فمن المنطقى أن لا يتعرف على داود. فداود أحد خدامه ليس إلاّ. وهناك من يقول أن شاول إدّعى ذلك لأنه حسد داود.


 

الأصحاح السابع عشر

إشتاق الشعب لملك طويل القامة وها هو واقف فى خزى ورعدة أمام الفلسطينيين.

الآيات (1-6) :-

و جمع الفلسطينيون جيوشهم للحرب فاجتمعوا في سوكوه التي ليهوذا و نزلوا بين سوكوه و عزيقة في افس دميم. و اجتمع شاول و رجال اسرائيل و نزلوا في وادي البطم و اصطفوا للحرب للقاء الفلسطينيين. و كان الفلسطينيون وقوفا على جبل من هنا و اسرائيل وقوفا على جبل من هناك و الوادي بينهم. فخرج رجل مبارز من جيوش الفلسطينيين اسمه جليات من جت طوله ست اذرع و شبر. و على راسه خوذة من نحاس و كان لابسا درعا حرشفيا و وزن الدرع خمسة الاف شاقل نحاس. و جرموقا نحاس على رجليه و مزراق نحاس بين كتفيه.

وقف الفريقان على جبال (هى أشبه بتلال) بينها وادٍ فيه مزروعات وأشجار السنط. طول جليات      9 قدم: 6 أذرع وشبر حوالى 290سم. ويرتدى درعاً حُرشفياً: أى قميصاً عليه قطعاً نحاسية كحراشيف السمك وزنه 33 رطلاً وجرموقاً (درعين لحماية الساقين) من النحاس وكان معهُ مزراق نحاس أى رمح قصير بين كتفيه. وكان ذلك مصدر رعب شديد لشاول ورجاله. وكان كلا الجيشان خائف من النزول للوادى وإلاّ لكان فى مكان أدنى وبالتالى يمكن للجيش الآخر فى المكان المرتفع على الجبل ضربه بسهولة ولذلك كان الحل الذى إقترحه جليات وعيّر به صفوف شعب الله. وربما كان فى الوادى مجرى ماء ممّا يزيد من صعوبة الموقف. والآيات (12-15) هى مقدمة للأحداث بعد ذلك.

 

الآيات (16-22) :-

و كان الفلسطيني يتقدم و يقف صباحا و مساء اربعين يوما. فقال يسى لداود ابنه خذ لاخوتك ايفة من هذا الفريك و هذه العشر الخبزات و اركض الى المحلة الى اخوتك. و هذه العشر القطعات من الجبن قدمها لرئيس الالف و افتقد سلامة اخوتك و خذ منهم عربونا. و كان شاول و هم و جميع رجال اسرائيل في وادي البطم يحاربون الفلسطينيين. فبكر داود صباحا و ترك الغنم مع حارس و حمل و ذهب كما امره يسى و اتى الى المتراس و الجيش خارج الى الاصطفاف و هتفوا للحرب. واصطف اسرائيل و الفلسطينيون صفا مقابل صف. فترك داود الامتعة التي معه بيد حافظ الامتعة وركض الى الصف واتى و سال عن سلامة اخوته.

يسى يرسل داود لينظر إخوته وهذا رمزاً لمحبة الآب الذى أرسل إبنه المحبوب يسوع المسيح ليسأل عن أولاده ويفديهم وينقذهم من إبليس الذى يُعيرهم. فإن كان يسى قد أرسل إبنه ليسأل عن باقى أولاده فهل لا يفعل الآب السماوى. إيفة من الفريك: الإيفة وزن كامل والفريك صورة من صور الحنطة. والمسيح قدّم نفسه لنا بجسد بشرى كامل. ورقم 10 فى الخبزات والجبن تشير للوصايا التى كسرناها وكانت السبب فى أن يأتى المسيح لنكمل به. خذ منهم عربوناً: لم تكن الكتابة منتشرة ليرسلوا خطابات فيسى يريد أى دليل مادى على سلامتهم.

 

الآيات (25-30) :-

فقال رجال اسرائيل ارايتم هذا الرجل الصاعد ليعير اسرائيل هو صاعد فيكون ان الرجل الذي يقتله يغنيه الملك غنى جزيلا و يعطيه بنته و يجعل بيت ابيه حرا في اسرائيل. فكلم داود الرجال الواقفين معه قائلا ماذا يفعل للرجل الذي يقتل ذلك الفلسطيني و يزيل العار عن اسرائيل لانه من هو هذا الفلسطيني الاغلف حتى يعير صفوف الله الحي. فكلمه الشعب بمثل هذا الكلام قائلين كذا يفعل للرجل الذي يقتله. و سمع اخوه الاكبر الياب كلامه مع الرجال فحمي غضب الياب على داود و قال لماذا نزلت و على من تركت تلك الغنيمات القليلة في البرية انا علمت كبرياءك و شر قلبك لانك انما نزلت لكي ترى الحرب. فقال داود ماذا عملت الان اما هو كلام. و تحول من عنده نحو اخر و تكلم بمثل هذا الكلام فرد له الشعب جوابا كالجواب الاول.

لنلاحظ صفات داود لنعرف سبب قُوته 1- فى آية20 فبكر داود: طاعة داود لوالده وإسراعه بالتنفيذ فى الصباح دون تأخير. 2- عندما ثار عليه أخوه اليآب آية28 أجابه بهدوء وحكمة وصرف غضبه. بل سكوته أمام أخوه وإنتصاره على ذاته فهو أكبر من إنتصاره على جليات. 3- غيرته على أسم الله الحى: حتى يُعيّر صفوف الله الحى فهو إعتبر أن كل إنتصار هو لحساب الرب وكل هزيمة تهين الرب. هو تطلع للمعركة بكونها صراع بين الله نفسه وعدو الخير الشيطان. هذا عكس شاول الذى قال أنتقم من الفلسطينيين أعدائى  فحسبها معركة شخصية وداود سأل عن ماذا يفعل للرجل الذى يقتل الفلسطينى على سبيل حب الإستطلاع فلا توجد أجرة تساوى حياة الإنسان والوقوف أمام هذا الجبار معناه الموت المحقق. لا يوجد دافع يدفع إنسان لهذه المعركة غير المتكافئة إلاّ إيمانه وغيرته على إسم الله وهذا الإنسان لا يطلب أجراً. إلا أنه كان هناك أجر فمن يغلب يتزوج إبنة الملك والمسيح لتكون الكنيسة له عروساً. 4- داود يبذل نفسه عن الشعب، عن الكنيسة، والكنيسة هى بنت الملك أى إبنة الله.

وفى آية(28) أما هو كلام: هو لم يريد أن يدخل فى جدال فهو رجل عمل وليس جدال وإنه وقت للعمل وكان توبيخ الأخ لداود مثل توبيخ وإهانة الشعب اليهودى للمسيح مع أنه جاء لخلاص الشعب بل جنس البشر كله فأهانوه وإتهموه بإتهامات كثيرة.

 

الآيات (31-37) :-

و سمع الكلام الذي تكلم به داود و اخبروا به امام شاول فاستحضره. فقال داود لشاول لا يسقط قلب احد بسببه عبدك يذهب و يحارب هذا الفلسطيني. فقال شاول لداود لا تستطيع ان تذهب الى هذا الفلسطيني لتحاربه لانك غلام و هو رجل حرب منذ صباه. فقال داود لشاول كان عبدك يرعى لابيه غنما فجاء اسد مع دب و اخذ شاة من القطيع. فخرجت وراءه و قتلته و انقذتها من فيه و لما قام علي امسكته من ذقنه و ضربته فقتلته.قتل عبدك الاسد و الدب جميعا و هذا الفلسطيني الاغلف يكون كواحد منهما لانه قد عير صفوف الله الحي. و قال داود الرب الذي انقذني من يد الاسد و من يد الدب هو ينقذني من يد هذا الفلسطيني فقال شاول لداود اذهب و ليكن الرب معك.

نرى هنا تطور خبرات الإيمان فهو بدأ بقتل دب ثم قتل أسد فإزدادت ثقته بالله والآن منطق الإيمان لدى داود يقول "يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" فإذا كان الله أعاننى على الأسد والدب فلماذا لا يعيننى ضد جليات. والله دائماً يدخلنا مدرسة الإيمان هذه. وداود الراعى الأمين لم يترك الأسد والدب يفترسا أىٍ من غنيماته فدافع عنها.

 

الآيات (38-39) :-

و البس شاول داود ثيابه و جعل خوذة من نحاس على راسه و البسه درعا. فتقلد داود بسيفه فوق ثيابه و عزم ان يمشي لانه لم يكن قد جرب فقال داود لشاول لا اقدر ان امشي بهذه لاني لم اجربها و نزعها داود عنه.

هذا الراعى البسيط لم يتعود على هذه الأسلحة بل سلاحه القوى هو الإيمان.

 

آية(40) :- 

و اخذ عصاه بيده و انتخب له خمسة حجارة ملس من الوادي و جعلها في كنف الرعاة الذي له اي في الجراب و مقلاعه بيده و تقدم نحو الفلسطيني.

كان من اليهود من هم لهم مهارة فى المقلاع فلا يخطئ الشعرة (قض16:20).

 

الآيات (41-51) :-

و ذهب الفلسطيني ذاهبا و اقترب الى داود و الرجل حامل الترس امامه. و لما نظر الفلسطيني و راى داود استحقره لانه كان غلاما و اشقر جميل المنظر. فقال الفلسطيني لداود العلي انا كلب حتى انك تاتي الي
بعصي و لعن الفلسطيني داود بالهته. و قال الفلسطيني لداود تعال الي فاعطي لحمك لطيور السماء
و وحوش البرية. فقال داود للفلسطيني انت تاتي الي بسيف و برمح و بترس و انا اتي اليك باسم رب الجنود اله صفوف اسرائيل الذين عيرتهم. هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فاقتلك و اقطع راسك و اعطي جثث جيش الفلسطينيين هذا اليوم لطيور السماء و حيوانات الارض فتعلم كل الارض انه يوجد اله لاسرائيل. و تعلم هذه الجماعة كلها انه ليس بسيف و لا برمح يخلص الرب لان الحرب للرب و هو يدفعكم ليدنا.48 و كان لما قام الفلسطيني و ذهب و تقدم للقاء داود ان داود اسرع و ركض نحو الصف للقاء الفلسطيني. و مد داود يده الى الكنف و اخذ منه حجرا و رماه بالمقلاع و ضرب الفلسطيني في جبهته فارتز الحجر في جبهته و سقط على وجهه الى الارض. فتمكن داود من الفلسطيني بالمقلاع و الحجر
و ضرب الفلسطيني و قتله و لم يكن سيف بيد داود. فركض داود و وقف على الفلسطيني و اخذ سيفه
و اخترطه من غمده و قتله و قطع به راسه فلما راى الفلسطينيون ان جبارهم قد مات هربوا.

القوة الدافعة التى حرّكت داود هى الغيرة فقد أهان هذا الوثنى إسم الله الحى.

آية(43) :-

وهناك سؤال أين كان يوناثان بطل الإيمان فى هذا كله؟ والإجابة هذه المعركة هى رمز لمعركة الصليب وهى محفوظة للمسيح، ولا يقدر عليها سوى المسيح ومهما كان إيمان يوناثان فلا يستطيع أن يقوم بهذه المعركة. والشيطان رمزه هنا الدب والأسد وجليات وتعييرات جليات هى تعييرات الشيطان. والمسيح لسان حاله يقول غيرة بيتك أكلتنى وتعييرات معيريك وقعت علىّ. ومهما كانت قوة جليات أو الأسد أو الدب فمحبة المسيح وغيرته على مجد إسمه ومحبته لشعبه جعلته يدخل المعركة لينتزع الفريسة من يد الشيطان. ولاحظ قول جليات إنك تأتى إلىّ بعصى (43) والعصا رمز الصليب فكلاهما خشبة. وجاء المسيح وربط الشيطان ككلب بسلاسل وحررنا ولم يصبح للشيطان سلطان سوى على من يريد أن يرتبط به بإرادته. فلا تخاف منه إن كنت إلتصقت بالمسيح. إنه لن يؤذيك قسراً. والحجر الذى ضُرِب به جليات يرمز لربنا يسوع لأنه هو الحجر الحى الذى رفضه البناؤون فصار رأساً للزاوية (مز22:117) وهو الحجر الذى قُطّعَ بدون يد بشر (دا34:2). وقتل داود جليات بسيف جليات يشير إلى أن المسيح عند مجيئه يهزم الشيطان بذات سيفه. إن الشيطان بمكره وظلمه الذى أجراه ضد المسيح حتى الصليب كان هو السلاح الذى ضُرِبَ به الشيطان. وفى آية(48) وكان لمّا قام الفلسطينى: فهو من ثقل سلاحه كان يجلس ولا يقوم سوى ليحارب. كان يظن نفسه محصناً ورجل حرب قوى وجبار ولكنه كان يعتمد على قدرته البشرية ومعداته الثقيلة ولكن كل هذا لم يصمد أمام إيمان جبار لداود. فكل قوة بشرية مهما أحكم تدبيرها تجد فيها ثغرة تؤدى إلى فشلها، لذلك أغلق الرب بيده حتى لا يغرق الفلك (تك16:7). وعلينا أن لا نخاف من الأشرار فالله يعطى سلاح بسيط ضد كل شرير والله يهزمهم بأبسط الأمور. ومدة الأربعين يوماً هى مدة إنتظارنا على الأرض التى بعدها يتم إنتصار المسيح لحسابنا. وطوال مدة وجود الكنيسة فى العالم(الـ 40 يوماً) يقف أمامها جبابرة ولكن الله يترك الشرير يتمادى فى كبريائه فترة رمزية 40 يوماً بعدها يضربه. وكل متشامخ وقف أمام الكنيسة إنكسر ومحاه الله من الوجود وظلت الكنيسة باقية. ولاحظ سر قوة داود أنه عَرِف    أن المعركة ليست شخصية بينه وبين جليات، بين المؤمن وأعداؤه ولكن هى بين الله. وإن الأسلحة ليست بشرية بل

أنا أتى إليك بإسم رب الجنود ………… وأنت تأتى إلىّ بسيف

 

آية(52-53) :-

فقام رجال اسرائيل و يهوذا و هتفوا و لحقوا الفلسطينيين حتى مجيئك الى الوادي و حتى ابواب عقرون فسقطت قتلى الفلسطينيين في طريق شعرايم الى جت و الى عقرون. ثم رجع بنو اسرائيل من الاحتماء وراء الفلسطينيين و نهبوا محلتهم.

بعد إنتصار داود قام الشعب وحارب وهزم أعداؤه وسبّح وهتفوا فلنفعل هكذا.

 

آية(54) :-

و اخذ داود راس الفلسطيني و اتى به الى اورشليم و وضع ادواته في خيمته.

وضع أدواته فى خيمته: نحن كُنّا أدوات فى يد الشيطان والآن صرنا هيكلاً للمسيح وهو يسكن فينا. ونحن فى كنيسته (رو6: 13،19).

 

آية(55) :-

و لما راى شاول داود خارجا للقاء الفلسطيني قال لابنير رئيس الجيش ابن من هذا الغلام يا ابنير فقال ابنير و حياتك ايها الملك لست اعلم.

ليس غريباً أن لا يعرف أبنير داود فداود مجرد غلام صغير عازف موسيقى أمّا أبنير رئيس جيش ومن المؤكد أن أبنير لم يعطِ أى إعتبار لداود.

ملحوظة :- يظن بعض الدارسين أن معركة جلياط كانت بعد مسح داود بحوالى 8 سنين.
لأن داود هو جد المسيح بالجسد وهو رمز للمسيح كان هناك فى حياة داود رموزاً كثيرة ترمز للمسيح وفى نهاية كل مجموعة من الإصحاحات سنضع ملخصاً لهذه الرموز الكثيرة والجدول الأتى يشمل الرموز التى وردت فى الإصحاحين 16،17.

داود

المسيح

1- كان راعياً للغنم

هو الراعى الصالح

2- كان أميناً فى رعايته يضرب الأسد والدب

يضرب الشيطان لينقذ الكنيسة من فمه

3- مسحه صموئيل من قرن مملوء دهن

حلّ عليه ملء الروح فإمتلأ قوة (لو1:4)

4- من بيت لحم (1صم4:16)

والمسيح من بيت لحم (بيت الخبز) فهو خبز الحياة

5- الشيوخ إرتعدوا من زيارة صموئيل

هيرودس إرتعب والملائكة فرحوا

6- مسح داود كان سراً والذبيحة علناً

الصليب علناً والقيامة والصعود للخاصة فقط

7- كان حسن المنظر

المسيح أبرع جمالاً من البشر

8- مأخوذ من وسط إخوته وملك عليهم

شابهنا فى كل شئ وملك علينا

9- كان الأصغر حتى أن أبوه اهملهُ (11:16)

أخلى ذاته آخذاً صورة عبد

10- هو الثامن

يسوع رقم إسمه 888 فهو يملك فى الأبدية

11- معنى إسمه المحبوب

يسوع هو المحبوب من الآب (أف6:1)

12- سمى مسيح الرب

يسوع هو المسيح

13- جاء يسأل عن إخوته فى ضيقتهم إذ أرسله أبوه

الأب أرسل الإبن لينقذ كنيسته ويخلصها

14- إخوته إحتقروه وجليات عيّره

اليهود أهانوا المسيح. وملوك الأرض قاموا عليه مز2

15- داود إتكل على الرب

قيل عن المسيح قد إتكل على الله

16- معركة جليات وإنتصار داود

معركة الصليب وإنتصار المسيح على إبليس

17-بعد المعركة صارت الحرب سهلة للشعب

نحن بإسم المسيح نغلب بسهولة

18- بعد المعركة هتفوا

ونحن بإسم المسيح نسبح ونرتل لمن غلب

19-تزوج إبنة الملك

صارت الكنيسة لهُ عروساً وهى بنت الملك

20- داود أتى إلى جليات بعصا (خشبة)

والمسيح أتى على إبليس بصليبه (خشبة)

21- جليات هُزِم بحجر

المسيح الحجر الذى قطع بدون يدين

22- بداية داود الحقيقية كملك على القلوب بعد هزيمة جليات فقد أحبه الشعب

المسيح ملك على قلوبنا حينما حررنا من إبليس


 

الإصحاح الثامن عشر

آية(1) :-

و كان لما فرغ من الكلام مع شاول ان نفس يوناثان تعلقت بنفس داود و احبه يوناثان كنفسه.

صداقة يوناثان لداود صداقة عجيبة ليس مل يماثلها فى التاريخ. فكان يوناثان شجاعاً ورجل حرب ورجل إيمان ومحبوب عند الشعب وكان ولى العهد. ومع ذلك أحب داود ولم يشعر بأى غيرة نحوهُ بعد أن أحب الشعب داود. وقد حذره أبوه الملك من داود وأنه سيكون السبب فى ضياع كرسى المملكة عنهُ لكنه لم يهتم سوى بهذه الصداقة النقية وهذه الصداقة كانت عجيبة لأنها مؤسسة على محبة كليهما للرب وتشابه كل منهما فى صفة الإيمان القوى فأحدهم هاجم الفلسطينيين وحدهُ والآخر قتل جليات. وهنا توافرت كل شروط الصداقة الصحيحة 1- هدف واحد (هو مجد الله) وغيرة نحو شعبه 2- صفات مشتركة (هى الإيمان) 3- كل منهما على إستعداد أن يضحى بكل شئ (حتى المملكة) فى سبيل الآخر.

 

آية(2-5) :-

فاخذه شاول في ذلك اليوم و لم يدعه يرجع الى بيت ابيه. و قطع يوناثان و داود عهدا لانه احبه كنفسه. و خلع يوناثان الجبة التي عليه و اعطاها لداود مع ثيابه و سيفه و قوسه و منطقته. و كان داود يخرج الى حيثما ارسله شاول كان يفلح فجعله شاول على رجال الحرب و حسن في اعين جميع الشعب و في اعين عبيد شاول ايضا.

يوناثان رفض أن يستمر داود فى ملابس الرعاة فأعطاه ما لهُ. جبته: هى لباس الشرفاء. هو أحبه كنفسه أى صاروا روح واحدة فى جسدين.

 

الآيات (6-9) :-

و كان عند مجيئهم حين رجع داود من قتل الفلسطيني ان النساء خرجت من جميع مدن اسرائيل بالغناء و الرقص للقاء شاول الملك بدفوف و بفرح و بمثلثات. فاجابت النساء اللاعبات و قلن ضرب شاول الوفه و داود ربواته. فاحتمى شاول جدا و ساء هذا الكلام في عينيه و قال اعطين داود ربوات و اما انا فاعطينني الالوف و بعد فقط تبقى له المملكة. فكان شاول يعاين داود من ذلك اليوم فصاعدا.

مثلثات: مثل التريانتو فى الكنيسة. ولاحظ بداية حسد شاول لداود وبداية كراهيته حين بدأت الغيرة. ربوات: عشرات الألوف. وهذه سمة الإنسان المتكبر فهو لا يستطيع أن يسمع أى مديح لإنسان آخر سواه وهو يحب أن يكون المديح لهُ وحده هو فقط.

 

آية(10) :-

و كان في الغد ان الروح الردي من قبل الله اقتحم شاول و جن في وسط البيت و كان داود يضرب بيده كما في يوم فيوم و كان الرمح بيد شاول.

هذه الكبرياء اللعينة كلما زادت سقط فى يد الشيطان بالأكثر يعذبه فيجن.

 

آية(11) :-

فاشرع شاول الرمح و قال اضرب داود حتى الى الحائط فتحول داود من امامه مرتين.

أراد قتل داود فصار مثلاً سيئاً للغضب والحسد. وحينما ظهر حسده خارجاً ظهر أنه يطلب مجد لنفسه مجد لله ولا منفعة شعبه. فداود كان يفلح فى كل شئ وسبب خير للمملكة فلماذا يقتله؟ حسده أفقده سلامه الداخلى وأسلمه لشيطان أعنف وهو القتل فحاول قتل داود بل حاول قتل إبنه يوناثان لأنه دافع عن داود (22:20) كما قتل الكهنة (1صم22). والحسد يجعلنا نخسر حياتنا الزمنية حين نخسر سلامنا وحياتنا الأتية ويجعلنا ضعفاء محتقرين من الجميع ولاحظ أن الروح الردئ حين إقتحم شاول أفقدهُ سلامهُ ثم عقلهُ. بينما داود المملوء من الروح القدس مملوء سلاماً بل هو يضرب على عوده ويرتل مزاميره فيهدأ شاول. وداود لم يكن لهُ سلاح ولا سلطان لكن شاول كان خائفاً منهُ وشعر أنه يصغر أمامهُ هكذا فالحسد يضر الحاسد وليس المحسود فالمحسود إذا كان فى يد الله لا يستطيع مخلوق أن يمسه.

 

آية(12-15) :-

و كان شاول يخاف داود لان الرب كان معه و قد فارق شاول.فابعده شاول عنه و جعله له رئيس الف فكان يخرج و يدخل امام الشعب. و كان داود مفلحا في جميع طرقه
و الرب معه. فلما راى شاول انه مفلح جدا فزع منه.

أبعدّه: حينما عاد إلى عقلهُ خاف أن يقتل داود إذ كان الشعب يحبه وقد أفلح فى طرقه رئيس ألف: ربما شاول فكّر أنه حين يذهب للحرب يموت فى الحرب. ولكنه نجح بالأكثر.

 

آية(16) :-

و كان جميع اسرائيل و يهوذا يحبون داود لانه كان يخرج و يدخل امامهم.

أحبوه لأنه كان يدخل ويخرج أمامهم: فالشعب يشتاق أن يرى قائده وسطه وليس قابعاً فى قصره كبرج عاجى لا يختلط بالشعب. الشعب يحب القائد المتواضع الذى يشاركهم ألامهم وأتعابهم ويخاطر بحياته من أجلهم. وهكذا أحب المسيح كل الناس وأحب الناس المسيح لأنه تجسد من أجلهم وعاش فى وسطهم وإشترك معهم فى ألامهم (عب17:2).

 

الآيات (17-18) :-

و قال شاول لداود هوذا ابنتي الكبيرة ميرب اعطيك اياها امراة انما كن لي ذا باس
و حارب حروب الرب فان شاول قال لا تكن يدي عليه بل لتكن عليه يد الفلسطينيين.فقال داود لشاول من انا و ما هي حياتي و عشيرة ابي في اسرائيل حتى اكون صهر الملك.

مكيدة جديدة من شاول فهو يغرى داود بأن يزوجه إبنته ميرب على أن يذهب ويحارب لعلّ الأعداء يقتلونه. ولاحظ خبث شاول فهو يسمى الحروب حروب الرب حتى يذهب داود للحرب فهو يعرف غيرته للرب والآن صار هناك هدف آخر وهو زواجه من ميرب. ولكن رد داود كان فى إتضاع ليطفئ نيران حسد شاول. ولاحظ أنه حسب وعد شاول السابق كان لداود أن يتزوج ميرب دون أن يذهب للحرب فهو الذى قتل جليات. لقد إتضع داود أمام شاول مع أنه كان يمكنه أن يفتخر بقتله جليات لكنه لم يفعل.

 

آية(19) :-

و كان في وقت اعطاء ميرب ابنة شاول لداود انها اعطيت لعدريئيل المحولي امراة.

وذهب داود للحرب لكن نكث شاول فى وعده وزوّج ميرب لآخر ليغيظ داود. ونجد أن شاول نكث بوعده مع داود وحرمه من ميرب لكن الله أعطى داود الكثير:-

أ- حب يوناثان                                                                                                    ب- نجاحه فى كل شئ            جـ- أغانى النساء لهُ وأعطينه كرامة

ء- كان هو الذى يشفى شاول    هـ- شاول حرمه من ميرب فأحبته ميكال (الإبنة الصغرى)

والعالم يتصور حين يحرم أولاد الله من شئ أنه قادر أن يذلهم لكن الله يُعوّض أضعاف.

 

الآيات (20-29) :-

وميكال ابنة شاول احبت داود فاخبروا شاول فحسن الامر في عينيه. وقال شاول اعطيه اياها فتكون له شركا و تكون يد الفلسطينيين عليه وقال شاول لداود ثانية تصاهرني اليوم. وامر شاول عبيده تكلموا مع داود سرا قائلين هوذا قد سر بك الملك وجميع عبيده قد احبوك فالان صاهر الملك. فتكلم عبيد شاول في اذني داود بهذا الكلام فقال داود هل هو مستخف في اعينكم مصاهرة الملك وانا رجل مسكين
وحقير. فاخبر شاول عبيده قائلين بمثل هذا الكلام تكلم داود. فقال شاول هكذا تقولون لداود ليست مسرة الملك بالمهر بل بمئة غلفة من الفلسطينيين للانتقام من اعداء الملك و كان شاول يتفكر ان يوقع داود بيد الفلسطينيين. فاخبر عبيده داود بهذا الكلام فحسن الكلام في عيني داود ان يصاهر الملك ولم تكمل الايام. حتى قام داود و ذهب هو ورجاله و قتل من الفلسطينيين مئتي رجل واتى داود بغلفهم فاكملوها للملك لمصاهرة الملك فاعطاه شاول ميكال ابنته امراة. فراى شاول وعلم ان الرب مع داود وميكال ابنة شاول كانت تحبه. وعاد شاول يخاف داود بعد
وصار شاول عدوا لداود كل الايام. وخرج اقطاب الفلسطينيين و من حين خروجهم كان داود يفلح اكثر من جميع عبيد شاول فتوقر اسمه جدا.

مرة أخرى يمكر شاول بداود ويطلب 100 غلفة من الفلسطينيين أى طلب قتل 100 منهم حتى يعرض داود للخطر لكنه قتل 200 وتزوج ميكال. (الله أعطى داود الضعف).

 

آية(30) :-

و خرج اقطاب الفلسطينيين و من حين خروجهم كان داود يفلح اكثر من جميع عبيد شاول فتوقر اسمه جدا.

خرج أقطاب الفلسطينيين:- غالباً هذه الحرب كانت للإنتقام ممّا فعله داود ولا نعرف عن هذه الحرب شئ إلاّ أن داود أفلح فيها أيضاً.


 

الإصحاح التاسع عشر

الآيات (1-7) :-

و كلم شاول يوناثان ابنه و جميع عبيده ان يقتلوا داود. و اما يوناثان بن شاول فسر بداود جدا فاخبر يوناثان داود قائلا شاول ابي ملتمس قتلك و الان فاحتفظ على نفسك الى الصباح و اقم في خفية و اختبئ. و انا اخرج و اقف بجانب ابي في الحقل الذي انت فيه و اكلم ابي عنك و ارى ماذا يصير و اخبرك. و تكلم يوناثان عن داود حسنا مع شاول ابيه و قال له لا يخطئ الملك الى عبده داود لانه لم يخطئ اليك و لان اعماله حسنة لك جدا. فانه وضع نفسه بيده و قتل الفلسطيني فصنع الرب خلاصا عظيما لجميع اسرائيل انت رايت و فرحت فلماذا تخطئ الى دم بريء بقتل داود بلا سبب. فسمع شاول لصوت يوناثان و حلف شاول حي هو الرب لا يقتل. فدعا يوناثان داود و اخبره يوناثان بجميع هذا الكلام ثم جاء يوناثان بداود الى شاول فكان امامه كامس و ما قبله.

لقد أحب الجميع داود فيما عدا شاول بسبب حسده. ونجد هنا الله يحرك يوناثان ليقنع أبيه بعدم قتل داود. فدائماً كان الله يرسل منقذاً. وهنا يوناثان ينبه على داود أن يختبئ حتى الصباح فإحتفظ على نفسك حتى الصباح: فهو يعرف أن هناك أمراً بقتله. وهو طلب المهلة حتى الصباح ليقوم بمحاولة مع أبيه ليعفو عن داود ويصالحه عليه. هى صداقة عجيبة بين بطلين كليهما يعرف إن لديه فرصة ليملك يوناثان. وُلِدَ ليملك، وداود دُعِىَ ليملك. ومع ذلك كانت نظرة كل منهما للآخر نظرة إعجاب وتقدير. وكان محور كلام يوناثان أن المملكة تحتاج لرجل ناجح مثل داود فلماذا أقتله. ويوناثان كان يمكنه أن يطلب من داود أن يهرب تماماً من وجه أبيه لكنه حسب ذلك خسارة على المملكة وأيضاً لأنه أحبه. ونجحت مساعى يوناثان هذه المرة ولكن إلى حين فشاول كان رجلاً متقلباً.

 

الآيات (8-10) :-

وعادت الحرب تحدث فخرج داود و حارب الفلسطينيين و ضربهم ضربة عظيمة فهربوا من امامه. وكان الروح الردي من قبل الرب على شاول و هو جالس في بيته و رمحه بيده و كان داود يضرب باليد. فالتمس شاول ان يطعن داود بالرمح حتى الى الحائط ففر من امام شاول فضرب الرمح الى الحائط فهرب داود و نجا تلك الليلة.

حينما عادت الحرب وإنتصر داود ثانية رجع الحسد والغيرة لشاول وأراد قتله برمح وهنا أنشد المزمور (59).

 

الآيات (11-17) :-

فارسل شاول رسلا الى بيت داود ليراقبوه و يقتلوه في الصباح فاخبرت داود ميكال امراته قائلة ان كنت لا تنجو بنفسك هذه الليلة فانك تقتل غدا. فانزلت ميكال داود من الكوة فذهب هاربا و نجا. فاخذت ميكال الترافيم و وضعته في الفراش و وضعت لبدة المعزى تحت راسه و غطته بثوب. و ارسل شاول رسلا لاخذ داود فقالت هو مريض. ثم ارسل شاول الرسل ليروا داود قائلا اصعدوا به الي على الفراش لكي اقتله* 16 فجاء الرسل و اذا في الفراش الترافيم و لبدة المعزى تحت راسه. فقال شاول لميكال لماذا خدعتني فاطلقت عدوي حتى نجا فقالت ميكال لشاول هو قال لي اطلقيني لماذا اقتلك.

محاولة جديدة لقتل داود ويستخدم الله هذه المرة ميكال زوجة داود لتنقذه فالله لهُ وسائل متعددة ينقذ بها أولاده ويعلن بها رعايته لهم. الترافيم: تمثال منزلى فى حجم الإنسان فوضعته فى فراش داود تحت الغطاء وأوهمت الجند أنه نائم. فهى كانت تحب زوجها. وأنزلت داود من الكوة: وربما كان بيتهم بجانب السور أو فى حائط السور وهرب داود لخارج المدينة. ليبدأ حلقة جديدة من خبراته ليحيا كهارب متألم ليس له موضع يستقر فيه ليشعر وهو ملك بألام المطرودين (هكذا عاش المسيح). ملحوظة: كانت الترافيم تماثيل يستعملونها للتفاؤل وربما أرادت ميكال إستعمالها لتلد وقطعاً فلم يعرف داود شيئاً عنها. أطلقينى لماذا أقتلك: ميكال دافعت عن نفسها بالكذب بأن داود هددها بالقتل إن لم يهرب.

 

الآيات (18-24) :-

فهرب داود و نجا و جاء الى صموئيل في الرامة و اخبره بكل ما عمل به شاول و ذهب هو و صموئيل و اقاما في نايوت. فاخبر شاول و قيل له هوذا داود في نايوت في الرامة. فارسل شاول رسلا لاخذ داود و لما راوا جماعة الانبياء يتنباون و صموئيل واقفا رئيسا عليهم كان روح الله على رسل شاول فتنباوا هم ايضا. و اخبروا شاول فارسل رسلا اخرين فتنباوا هم ايضا ثم عاد شاول فارسل رسلا ثالثة فتنباوا هم ايضا. فذهب هو ايضا الى الرامة و جاء الى البئر العظيمة التي عند سيخو و سال و قال اين صموئيل و داود فقيل ها هما في نايوت في الرامة. فذهب الى هناك الى نايوت في الرامة فكان عليه ايضا روح الله فكان يذهب و يتنبا حتى جاء الى نايوت في الرامة. فخلع هو ايضا ثيابه و تنبا هو ايضا امام صموئيل
و انطرح عريانا ذلك النهار كله و كل الليل لذلك يقولون اشاول ايضا بين الانبياء..0

هروب داود إلى صموئيل هو هروب إلى الله ليسمع صوت الله ونصيحة صموئيل لهُ. وهو ذهب لصموئيل فى نايوت: مسكن مدرسة الأنبياء. هناك سكن صموئيل مع داود ليحميه بسلطانه الروحى. ولعّل شاول يهاب هذا المكان المقدس لكن هذا لم يحدث بل أرسل شاول إرسالية إلى هناك للقبض على داود. وعندما وصلت الإرسالية إلى هناك نسيت هدفها إذ تأثرت بالجو الروحى التعبدى وحلّ روح الرب عليهم فصاروا يتنبأون أى إشتركوا مع الأنبياء فى العبادة والتسبيح وهكذا كان صموئيل يحمى شاول. وهكذا بالسلطان الروحى لم يستطع الرجال أن يلقوا القبض على المسيح أول مرّة (يو6:18) ثم سمح لهم أن يقبضوا عليه وراجع أيضاً (يو7: 45،46). وتكرر هذا الأمر مرتين بعد ذلك وشاول لا يرجع إلى نفسه ولا يتعظ، بل قرر أن يذهب بنفسه. وإذا أراد الله أن يتمجد حلّ عليه هو أيضاً روح الله وكانت هذه فرصة جديدة للتوبة فهو تأثر بشدة بالمسبحين والموسيقى والصلاة فخلع رداءه وجبته الملكية وعدته الحربية وبقى بلباسه الأبيض الداخلى منطرحاً النهار والليل يسبح ويرنم. ودهش كل من رأه. لقد حاول الله مع شاول كل المحاولات (يوناثان-ميكال رسله الذين تنبأوا بل هو تنبأ) لكنه رفض كل شئ. ولنرى كيف خلّص الله داود: ليس بسيف ولا برمح بل بروحه. هم أتوا ليقتنصوا داود فإقتنصهم الروح القدس بل تنبأوا. وهناك من قال أنهم تنبأوا بملك داود. فصاروا كبلعام الذى طلبوه ليلعن إسرائيل فبارك إسرائيل.


 

الإصحاح العشرون

رأينا الإصحاح السابق كراهية غير طبيعية ونجد فى هذا الإصحاح حب فوق الطبيعة.

آية(1) :-

فهرب داود من نايوت في الرامة و جاء و قال قدام يوناثان ماذا عملت و ما هو اثمي و ما هي خطيتي امام ابيك حتى يطلب نفسي.

بعد أحداث الإصحاح السابق ومحاولات شاول المتعددة لقتل داود والثلاث إرساليات لقتله أدرك أن شاول مصمم على قتله فجاء ليوناثان ليتشاور معهُ فهو الصديق الذى يثق فيه. بل راجع آية(20: 14،15) تجد يوناثان قد أدرك أن الله أعطى الملك لداود وهو قبل إرادة الله بفرح بل ظهرت صداقته لداود وحمايته لهُ أكثر. وسؤال داود ليوناثان هل يهرب من البلد كلها؟ هكذا حين أغلق حسد شاول كل الأبواب أمام داود يفتح الرب قلب إبن شاول ليحمى داود. وسؤال داود وما هو إثمى؟ كرره فى (مز7: 1-5) وهذا يعادل (يو30:14) ولكن هذا ليس بعجيب فالإنسان حين يسلك بالكمال لابد وأن يثور ضده عدو الخير.

 

آية(2-4) :-

فقال له حاشا لا تموت هوذا ابي لا يعمل امرا كبيرا و لا امرا صغيرا الا و يخبرني به
و لماذا يخفي عني ابي هذا الامر ليس كذا. فحلف ايضا داود و قال ان اباك قد علم اني قد وجدت نعمة في عينيك فقال لا يعلم يوناثان هذا لئلا يغتم و لكن حي هو الرب و حية هي نفسك انه كخطوة بيني و بين الموت. فقال يوناثان لداود مهما تقل نفسك افعله لك.

كخطوة بينى وبين الموت: الموت صار قريباً منى جداً بسبب حقد شاول.

 

آية(5) :-

فقال داود ليوناثان هوذا الشهر غدا حينما اجلس مع الملك للاكل و لكن ارسلني فاختبئ في الحقل الى مساء اليوم الثالث.

لاحظ أن داود يتكلم مع يوناثان بمنتهى الإحترام كولى للعهد فهو لا يستغل الصداقة فى أن يتهاون فى حقوق صديقه. ونجده يقول لهُ أرسلنى: أى إسمح أن أذهب ففى غياب شاول هو يأتمر بأمر يوناثان ثم نجده قبل أن يفارقه (آية41) يسجد لهُ 3 مرّات علامة إحترام هوذا الشهر غداً: كانوا يقدمون الذبائح أول كل شهر فهو عيد ثم يقيمون الولائم (الشهر القمرى).

 

آية(6) :-

و اذا افتقدني ابوك فقل قد طلب داود مني طلبة ان يركض الى بيت لحم مدينته لان هناك ذبيحة سنوية لكل العشيرة.

ذبيحة سنوية = هى وقت فرح وإجتماع أسرى يركض إلى بيت لحم = أى يسرع بتقديم الذبيحة ويرجع سريعاً ليكون فى خدمة الملك. وبيت لحم هى مدينة داود.

 

آية(7) :-

فان قال هكذا حسنا كان سلام لعبدك و لكن ان اغتاظ غيظا فاعلم انه قد اعد الشر عنده.

ولكن إن إغتاظ غيظاً = إن غضب شاول لغياب داود فذلك معناه أنه يضمر الشر فى نفسه فهو قطعاً لن يكون غضبه لأنه حُرِمَ من رؤية وجهه لكن غضبه سيكون لأن حُرِم من فرصة قتله.

 

آية(8-11) :-

فتعمل معروفا مع عبدك لانك بعهد الرب ادخلت عبدك معك و ان كان في اثم فاقتلني انت
و لماذا تاتي بي الى ابيك. فقال يوناثان حاشا لك لانه لو علمت ان الشر قد اعد عند ابي لياتي عليك افما كنت اخبرك به. فقال داود ليوناثان من يخبرني ان جاوبك ابوك شيئا قاسيا. فقال يوناثان لداود تعال نخرج الى الحقل فخرجا كلاهما الى الحقل.

أدخلت عبدك = أى دخلت معى فى عهد وهذا تواضع منك يا يوناثان فأنت إبن الملك.

 

آية(12-13) :-

و قال يوناثان لداود يا رب اله اسرائيل متى اختبرت ابي مثل الان غدا او بعد غد فان كان خير لداود و لم ارسل حينئذ فاخبره. فهكذا يفعل الرب ليوناثان و هكذا يزيد و ان استحسن ابي الشر نحوك فاني اخبرك و اطلقك فتذهب بسلام و ليكن الرب معك كما كان مع ابي.

يا رب إلهُ إسرائيل = فى الترجمة السبعينية "الرب إله إسرائيل هو شاهد" أو هو يعلم. وهذه العادة كانت فى تلك الأيام أن يكون القسم فى صيغة صلاة أحياناً. والقسم كان ليؤكد إن كان أبوه سينطق بالخير على داود سيبعث إليه رسولاً يطمئنه ليعود إلى البلاط.

 

آية(14) :-

و لا و انا حي بعد تصنع معي احسان الرب حتى لا اموت.

كان من عادة الملوك حين يستلمون الحكم أن يقتلوا الملك السابق وكل نسله حتى يطمئن الملك الجديد أنه لا توجد فرصة للثورة ضده من شخص من النسل الملوكى. وقد نفذ داود هذا.

 

آية(15) :-

بل لا تقطع معروفك عن بيتي الى الابد و لا حين يقطع الرب اعداء داود جميعا عن وجه الارض.

معنى الأيتين (14،15) أن يوناثان عِلَمَ تماماً أن الله إختار داود الملك ليملك بدلاً من شاول وهنا يطلب الأمان لنفسه فى حياته والأمان لأولاده إن مات هو أى يوناثان.

 

آية(16-18) :-

فعاهد يوناثان بيت داود و قال ليطلب الرب من يد اعداء داود. ثم عاد يوناثان و استحلف داود بمحبته له لانه احبه محبة نفسه. و قال له يوناثان غدا الشهر فتفتقد لان موضعك يكون خاليا.

بيت داود = أى داود ونسله. ومن يد اعداء داود = معنى الحلف أنه إذا خالف عهدهُ يطلب الرب من يدهُ، أى يجازيه على ما إقترفته يداه من حق عائلة يوناثان. ولكن يوناثان من محبته لم يطق أن يطلب مجازاة داود الذى يحبه حتى لو أخطأ ولو كان على سبيل الغرض فقال يطلب الرب من يد أعداء داود. ونفس الأسلوب المهذب إستخدمه دانيال (دا 4 : 19).

 

آية(19-21) :-              

و في اليوم الثالث تنزل سريعا و تاتي الى الموضع الذي اختبات فيه يوم العمل و تجلس بجانب حجر الافتراق. و انا ارمي ثلاثة سهام الى جانبه كاني ارمي غرضا. و حينئذ ارسل الغلام قائلا اذهب التقط السهام فان قلت للغلام هوذا السهام دونك فجائيا خذها فتعال لان لك سلاما لا يوجد شيء حي هو الرب.

يوم العمل = يشير إلى (19 : 2). حجر الإفتراق = تسمى هكذا بعد هذه الحادثة.

 

آية(22-24) :-

و لكن ان قلت هكذا للغلام هوذا السهام دونك فصاعدا فاذهب لان الرب قد اطلقك. واما الكلام الذي تكلمنا به انا و انت فهوذا الرب بيني و بينك الى الابد. فاختبا داود في الحقل و كان الشهر فجلس الملك على الطعام لياكل.

فإن الرب قد أطلقك = الرب سمح بهذا أن نفترق، هذا بسماح منه وليس بإرادتنا لأن شاول لو بقى داود سيقتله.

 

آية(25) :-

فجلس الملك في موضعه حسب كل مرة على مجلس عند الحائط و قام يوناثان و جلس ابنير الى جانب شاول و خلا موضع داود.

عند الحائط = فى أشرف مكان قبالة المدخل.

 

آية(26) :-

و لم يقل شاول شيئا في ذلك اليوم لانه قال لعله عارض غير طاهر هو انه ليس طاهرا.

غير طاهر غير الطاهر لا يأكل من اللحم المقدس إلاّ بعد أن يغتسل مساءً.

 

آية(27-29) :-

و كان في الغد الثاني من الشهر ان موضع داود خلا فقال شاول ليوناثان ابنه لماذا لم يات ابن يسى الى الطعام لا امس و لا اليوم. فاجاب يوناثان شاول ان داود طلب مني ان يذهب الى بيت لحم. و قال اطلقني لان عندنا ذبيحة عشيرة في المدينة و قد اوصاني اخي بذلك و الان ان وجدت نعمة في عينيك فدعني افلت و ارى اخوتي لذلك لم يات الى مائدة الملك.

يتضح من آية(25،27) أن داود كان لهُ مكان مميز وكان لغيابه أن تغيرت أماكن أبنير ويوناثان. وشعر شاول بغيابه. إبن يسى = يقول هذا كإحتقار.

 

آية(30-32)

فحمي غضب شاول على يوناثان و قال له يا ابن المتعوجة المتمردة اما علمت انك قد اخترت ابن يسى لخزيك و خزي عورة امك. لانه ما دام ابن يسى حيا على الارض لا تثبت انت و لا مملكتك و الان ارسل و ات به الي لانه ابن الموت هو. فاجاب يوناثان شاول اباه و قال له لماذا يقتل ماذا عمل.

إبن المتعوجة = هو ينعته بأن أمه فاسدة ليهينه. أى هو فاسد مثل أمه فشاول فهم أن داود ويوناثان متفقين لحزنك = يعنى أن حمايتك لداود ستؤدى إلى أنه يأخذ الملك منك.

 

آية(33) :-

فصابى شاول الرمح نحوه ليطعنه فعلم يوناثان ان اباه قد عزم على قتل داود.

وصل جنون شاول هنا لمداه فحاول قتل إبنه. وهذه طريقة كل المضْطهِدين عبر العصور فهم حين لا يستطيعون الجواب يلجأوا للقوة الجسدية. فصاب = فصوّب.

 

آية(34) :-

فقام يوناثان عن المائدة بحمو غضب و لم ياكل خبزا في اليوم الثاني من الشهر لانه اغتم على داود لان اباه قد اخزاه.

ربما إمتناع يوناثان من الأكل من الذبيحة فطقسياً يمنع المغموم من الأكل من الذبيحة.

 

آية(36) :-

و قال لغلامه اركض التقط السهام التي انا راميها و بينما الغلام راكض رمى السهم حتى جاوزه.

العلامة بإستخدام السهام لئلاّ يكون شاول أو جواسيسه قد تابع يوناثان. ولكن يبدو أن يوناثان إطمئن أنه لا أحد يتابعه فذهب ليرى صديقه ويودعه.


 

الإصحاح الحادى والعشرون

الآيات (1-6) :-

فجاء داود إلى نوب إلى اخيمالك الكاهن فاضطرب اخيمالك عند لقاء داود و قال له لماذا أنت وحدك و ليس معك أحد. فقال داود لاخيمالك الكاهن أن الملك امرني بشيء و قال لي لا يعلم أحد شيئا من الأمر الذي أرسلتك فيه و أمرتك به و أما الغلمان فقد عينت لهم الموضع الفلاني و الفلاني. و الان فماذا يوجد تحت يدك أعط خمس خبزات في يدي أو الموجود. فأجاب الكاهن داود و قال لا يوجد خبز محلل تحت يدي و لكن يوجد خبز مقدس إذا كان الغلمان قد حفظوا أنفسهم لا سيما من النساء. فأجاب داود الكاهن و قال له أن النساء قد منعت عنا منذ أمس و ما قبله عند خروجي و أمتعة الغلمان مقدسة و هو على نوع محلل و اليوم أيضا يتقدس بالآنية. فأعطاه الكاهن المقدس لأنه لم يكن هناك خبز
إلا خبز الوجوه المرفوع من أمام الرب لكي يوضع خبز سخن في يوم أخذه.

مدينة نوب حُسِبَتْ مدينة كهنة فهى صارت مقر الخيمة بعد خراب شيلوه. وقابل داود أخيمالك الكاهن = ربما هو أخياّ بن أخيطوب (1صم 14 :3) أو أخوه وخلفه فى الكهنوت وكان رجلاً صالحاً وهو إبن حفيد عالى الكاهن. والسيد المسيح ذكر هذه الحادثة فى (مر 2 : 26) وقال إنها حدثت فى أياّم أبياثار رئيس الكهنة، وأبياثار هو إبن أخيمالك (1صم 23 : 6). وقد مارس الرياسة الكهنوتية مع أبيه. وهو صار رئيساً للكهنة بعد أبيه. وكان أبياثار رئيس كهنة طوال مدة ملك داود. لعلّ داود قابل أبياثار ونسبت المقابلة فى صموئيل لأخيمالك لأنه الأب ورئيس الكهنة أو نسبت القصة لأبياثار * لإرتباطه مع داود كل مدة ملِكِه. والسيد المسيح لم يقل أن أبياثار هو الذى أعطى الخبز بل قال فى أيام أبياثار مما يدعم هذا الرأى.
لماذا أنت وحدك = لقد رأى أخيمالك داود وحده. وداود زوج إبنة الملك وقائد مشهور. وأخيمالك سمع أن شاول يريد قتله. فهذا المنظر جعل أخيمالك يرتبك ويخاف إن هو إستضاف داود أن ينتقم منه شاول. وهو فهم هذا لأن المفروض أن داود بحكم مركزه يتحرك مع موكب من الجنود والأشراف. فحين يتحرك وحدهُ أو وهو معهُ عدد قليل من الجند فهو إذاً هارب ومطارد. وفى آية(2) :- نجد داود يكذب كذبة واضحة سببت كثيراً من المشاكل بعد ذلك. بل نجد داود وقد سقط سقطات عديدة فى هذا الإصحاح. 1- هو هرب بينما هو رأى يد الله تحميه عدة مرات. 2- هو لهُ وعد أن يملك فكيف يُقتل.  3- الكذب. 4- لجوءهُ بعد ذلك للفلسطينيين أعداء شعبه. 5- تظاهرهُ بالجنون. وسبب كل هذا أنه خرج وهرب دون أن يستشير الله أو يصلى أو يسأل صموئيل. هو مرّ بتجربة نمر بها كثيراً ونحن فى ضيقاتنا ألا وهى الشعور بالوحدة وتخلى الله عناّ  وأن لا أحد يساندنا وهو شعور مر. داود كان حسب قلب الله.

لكنه كان يخطىء فكيف يقال أنه حسب قلب الله ؟ لأنه كان دائماً مستعداً للتوبة وإن خضع لتأديب من الله يخضع فى تسليم شاعراً أنه يستحق هذا التأديب دون أن يتذمّر على الله ولو مرة واحدة.

وفى (3) :- هو هرب فجأة بدون أى إستعداد وبلا طعام أو سلاح (آية8). فنجده هنا يطلب خبز.

وفى (4) :- الخبز المقدس هو خبز الوجوه الذى كان يوضع على مائدة خبز الوجوه يوم السبت ساخناً ثم يرفع السبت التالى ليوضع خبز ساخن جديد. والخبز المرفوع لا يحل أكلهُ سوى للكهنة. ومع ذلك قبل أخيمالك أن يقدمه لداود ورجاله إن كانوا طاهرين (حتى من العلاقات الزوجية) وذلك لأنهم جاعوا ولم يكن يوجد خبز آخر. وقد إستخدم السيد المسيح هذه الحادثة ليوضح لليهود كيف أنه يحل للتلاميذ أن يقطفوا السنابل ويفركوها بأيديهم ليأكلوا منها يوم السبت (مر 2 : 25).

وفى (5) :-أمتعه الغلمان مقدسة = أى لم يدخلها شىء نجس أو تلامست مع نجاسة. وهو على نحوٍ محلل = هذا رأى داود أنه ولو أن الخبز لا يأكله سوى الكهنة وعائلاتهم الطاهرين طقسياً إلاّ أنه فى حالة الضرورة وهو رجاله جائعون لا يستطيعون الوقوف وأيضاً طاهرين فلا مانع أن يأكلوا فإن الرحمة تتفوق على الذبيحة فالله يطلب رحمة لا ذبيحة. وقد وافق السيد المسيح داود على ما قالهُ واليوم أيضاً يتقدس بالأنية = يضيف داود شيئاً آخر أن الخبز الجديد سيوضع اليوم فلن تبقى الأنية فارغة. بل الخبز الجديد سيتقدس بوضعه فى الأنية المقدسة. وفى (6) :- الكاهن يوافق داود.

 

آية(7-8) :-

و كان هناك رجل من عبيد شاول في ذلك اليوم محصورا امام الرب اسمه دواغ الادومي رئيس رعاة شاول.و قال داود لاخيمالك افما يوجد هنا تحت يدك رمح او سيف لاني لم اخذ بيدي سيفي و لا سلاحي لان امر الملك كان معجلا.

دواغ الأدومى = أحد عبيد شاول، رجل دخيل ورئيس رعاة شاول. كان محصوراً أمام الرب أماّ لوفاء نذر أو للتطهير. وقد أدرك داود أن وجوده خطر لذلك أسرع بالهرب. وقد قام فعلاً دواغ بإبلاغ شاول بما حدث فقتل شاول جميع الكهنة مع نسائهم وأولادهم وماشيتهم.

آية(9) :-

لقد أعطى داود السيف لله فوضع فى هيكله.... ولنعلم أن كل ما نعطيه لله يعود لنا بالخير لأنفسنا.

 

الآيات (10-15) :-

و قام داود و هرب في ذلك اليوم من أمام شاول و جاء إلى اخيش ملك جت. فقال عبيد اخيش له أليس هذا داود ملك الأرض أليس لهذا كن يغنين في الرقص قائلات ضرب شاول الوفه و داود ربواته. فوضع داود هذا الكلام في قلبه و خاف جدا من اخيش ملك جت. فغير عقله في اعينهم و تظاهر بالجنون بين أيديهم و اخذ يخربش على مصاريع الباب و يسيل ريقه على لحيته. فقال اخيش لعبيده هوذا ترون الرجل مجنونا فلماذا تاتون به إلى. العلي محتاج إلى مجانين حتى أتيتم بهذا ليتجنن علي أهذا يدخل بيتي.

هرب داود لمدينة جت مدينة جليات الذى قتله وربما ظن أنهم نسوا شكله. لكنهم تذكروه خصوصاً حينما وجدوا سيف بطلهم فى يده. وحسبوا جاسوساً خبيثاً وإضطر للتظاهر بالجنون لينقذ حياته. إنها لحظات ضعف عاشها رجل الإيمان الجبار. فلأنه لم يستشر الرب وشك فى أن الرب سيحميه صار يتخبط. وهو مَثّل علامات الجنون وهى الخربشة بأصابعه وجعل ريقه يسيل على لحيته.


 

الإصحاح الثانى والعشرون

الآيات (1-5) :-

فذهب داود من هناك و نجا إلى مغارة عدلام فلما سمع اخوته و جميع بيت أبيه نزلوا إليه إلى هناك. و اجتمع إليه كل رجل متضايق و كل من كان عليه دين و كل رجل مر النفس فكان عليهم رئيسا و كان معه نحو أربع مئة رجل. و ذهب داود من هناك إلى مصفاة مواب و قال لملك مواب ليخرج أبى و أمي إليكم حتى اعلم ماذا يصنع لي الله. فودعهما عند ملك مواب فأقاما عنده كل أيام إقامة داود في الحصن. فقال جاد النبي لداود لا تقم في الحصن اذهب و ادخل ارض يهوذا فذهب داود و جاء الى وعر حارث.

شعر داود بخطإه إذ لجأ لأعدائه فعاد ليهوذا وأختبأ فى مغارة عدلام. لقد سمح الله بثورة أهل جت عليه حتى يشعر بخطإه ويعود. وإذ عاد إجتمع حولهُ أهلهُ، وكل المتضايقين وجدوا فيه رجاء، هؤلاء المتضايقين من حكم شاول الذين كانوا فى نظره خطيرين صاروا فيما بعد جبابرة يعملون لحساب المملكة الجديدة. وهناك رتل داود مزمور "57" وفى هذا نجد رمزاً لعمل المسيح

داود

 

المسيح

23- شاول المرفوض يسيطر على الشعب

24-مُلك داود كان مخفياً بالرغم من مسحه

25- التف حول داود المتضايقين والمديونين
(400 شخص) حولهم إلى جيش جبار

26- كان رجاء من هم حول داود أن يملك 

 

-         الشيطان يملك على قلوب الكثيرين.

-   مملكة المسيح مخفية فى القلوب لا يدركها سوى المؤمن.

-   إلتف حول المسيح الخطاة ليرفع عنهم
خطيتهم وحولهم كجيش مرهب بألوية.هؤلاء هم (قطيع المسيح)

-         نحن ننتظر مجئ الرب ليملك إلى الأبد.

وذهاب داود لموآب ربما لسببين: (1) جدة داود موآبية (راعوث)، (2) بسبب الحرب بين شاول وموآب (47:14) فضَّل ملك موآب أن يأوى المتمردين على شاول.

ولاحظ أن عدد رجال داود 400=4×100، 100 هم قطيع المسيح فى كل العالم (4).

آية(5) :-جاد النبى سمعنا عنه هنا وفى حادثة التعداد (2صم 11:24-15) وساعد فى ترتيب الخدمة الموسيقية (2أى25:29) وأحد المؤرخين وغالباً هو تلميذ لصموئيل النبى تركهُ معه للإرشاد، وها هو يرشده بأن يبقى فى يهوذا. وهناك واجه المتاعب والألام لكنه خلّص شعبه من عدة ضيقات فخلص أهل قعيلة (1صم23: 1،2) ودافع عن مدن يهوذا (1صم27: 8-11) فذاعت شهرته ونال ثقة يهوذا. وتظهر كفاءة داود فى أنه حوّل هؤلاء الضعفاء إلى جيش باسل وهكذا يفعل المسيح إذ يحوّل كنيسته الضعيفة كجيش مرهب بألوية.

 

الآيات (6-23) :-

و سمع شاول انه قد اشتهر داود و الرجال الذين معه و كان شاول مقيما في جبعة تحت الاثلة في الرامة و رمحه بيده و جميع عبيده وقوفا لديه. فقال شاول لعبيده الواقفين لديه اسمعوا يا بنيامينيون هل يعطيكم جميعكم ابن يسى حقولا و كروما و هل يجعلكم جميعكم رؤساء الوف و رؤساء مئات. حتى فتنتم كلكم علي و ليس من يخبرني بعهد ابني مع ابن يسى و ليس منكم من يحزن علي او يخبرني بان ابني قد اقام عبدي علي كمينا كهذا اليوم. فاجاب دواغ الادومي الذي كان موكلا على عبيد شاول و قال قد رايت ابن يسى اتيا الى نوب الى اخيمالك بن اخيطوب. فسال له من الرب و اعطاه زادا و سيف جليات الفلسطيني اعطاه اياه. فارسل الملك و استدعى اخيمالك بن اخيطوب الكاهن و جميع بيت ابيه الكهنة الذين في نوب فجاءوا كلهم الى الملك. فقال شاول اسمع يا ابن اخيطوب فقال هانذا يا سيدي. فقال له شاول لماذا فتنتم علي انت و ابن يسى باعطائك اياه خبزا و سيفا و سالت له من الله ليقوم علي كامنا كهذا اليوم. فاجاب اخيمالك الملك و قال و من من جميع عبيدك مثل داود امين و صهر الملك و صاحب سرك و مكرم في بيتك. فهل اليوم ابتدات اسال له من الله حاشا لي لا ينسب الملك شيئا لعبده و لا لجميع بيت ابي لان عبدك لم يعلم شيئا من كل هذا صغيرا او كبيرا. فقال الملك موتا تموت يا اخيمالك انت و كل بيت ابيك. و قال الملك للسعاة الواقفين لديه دوروا و اقتلوا كهنة الرب لان يدهم ايضا مع داود و لانهم علموا انه هارب و لم يخبروني فلم يرض عبيد الملك ان يمدوا ايديهم ليقعوا بكهنة الرب. فقال الملك لدواغ در انت و قع بالكهنة فدار دواغ الادومي و وقع هو بالكهنة و قتل في ذلك اليوم خمسة و ثمانين رجلا لابسي افود كتان.و ضرب نوب مدينة الكهنة بحد السيف الرجال و النساء و الاطفال و الرضعان و الثيران و الحمير و الغنم بحد السيف. فنجا ولد واحد لاخيمالك بن اخيطوب اسمه ابياثار و هرب الى داود. و اخبر ابياثار داود بان شاول قد قتل كهنة الرب. فقال داود لابياثار علمت في ذلك اليوم الذي فيه كان دواغ الادومي هناك انه يخبر شاول انا سببت لجميع انفس بيت ابيك. اقم معي لا تخف لان الذي يطلب نفسي يطلب نفسك و لكنك عندي محفوظ.

إذ رجع داود ورجاله إلى اليهودية وإنتشرت أخباره أحبه الكثيرون فأثار هذا غيرة شاول من جديد. وها هو يجمع رجاله ويقول لهم إسمعوا يا بنيامينيون= إذا هو إختار رجاله المقربون ذوو المناصب العالية من بنيامين وهذا الخطأ فى القيادة لم يسقط فيه موسى إذ عيّن خليفته يشوع من سبط آخر ولم يعين أحد أولاده. وهذا خطأ يكون سببه عدم الثقة وخوفه أن يغتصب أحداً الملك ولكن هذا أثار إنقسامات كثيرة. ونلاحظ أن شاول لا يذكر إسم داود من حقده ويقول إبن يسى كنوع من الإحتقار. ونجد هنا فى (7) أن شاول يخيف رجاله من داود وأنه سيحرمهم من كل المميزات التى أعطاها هو لهم إن ملك داود. بل فى (8) هو شك حتى فى رجاله وفى إبنه فحين يفقد الإنسان سلامُه يظن أن كل من حولهُ أعداء لهُ. ونجد دواغ الأدومى ربما ليبرر نفسه أو طمعاً فى إرضائه وطمعاً فى أن يعطيه شاول حقولاً أكثر يخبره بحادثة داود مع أخيمالك. ولكن فى (10) نجد أن القصة التى ذكرها دواغ ناقصة مشوهة فهو لم يخبر شاول بكذبة داود بل جعل شاول يظن أنها مؤامرة بين أخيمالك وداود وبهذا يكون أخيمالك خائناً لشاول. ونلاحظ أن أخيمالك قد تكلم مع الملك بكل إحترام إلاّ أن الملك تكلم معه بوقاحة "إسمع يا إبن أخيطوب (12) وفى (14) دفاع من أخيمالك فيه توبيخ لشاول فهو يقول لهُ إن داود زوج إبنتك ورجلك المخلص... الخ والمعنى هل أخطأت أن تعاملت مع شخص يحبك وتحبه هكذا. وفى (15) فهل اليوم إبتدأتُ أسأل لهُ من الله: أنا أعرف داود أنه رجلك ومحل ثقتك ولطالما صليت لهُ وسألت من الله لأجلِهِ فى حروبه وفى غيرها من الأمور وليست هذه أول مرة أتعامل فيها معه. أمّا إن كان خلافات جدت بينكما فأنا لا أعرفها: عبدك لم يعلم شيئاً من كل هذا صغيراً أو كبيراً وكعادة شاول فقراراته متسرعة ولا يستشير أحد وأصدر حكماً بالموت على أخيمالك وكل الكهنة وعائلاتهم ولم يجرؤ على التنفيذ إلاّ هذا الخائن دواغ الأدومى. وهذا عمل بشع لوث تاريخ شاول. ولكن على أى الأحوال لقد تحققت النبوءة فى بيت عالى الكاهن (31:2) والله سمح بهذا بالتأكيد لشرورهم. وسمح بحرمان الشعب من كهنته فهم لا يستحقون وجود كهنة لشرهم ولأنهم هم الذين طلبوا ملك على حسب قلبهم ورفضوا مشورة الله. ويبدو أن أبياثار كان بعيداً عن مكان المذبحة فلم يقتلوه وهرب إلى داود (ربما لم يذهب لشاول ليستمر فى حراسة الخيمة). ولقد حماه داود وهذه هى حماية المسيح لكل نفس تلجأ إليه. وفى (22) نرى فضيلة داود الهامة إعترافه سريعاً بالخطأ فهو لا يلقى باللوم على الآخرين. فهو يلق باللوم على شاول أو دواغ الأدومى لكنه لم يفعل. ولكنه قال أنا سببت لجميع أنفس أبيك.


 

الإصحاح الثالث والعشرون

الآيات (1-14) :-

فاخبروا داود قائلين هوذا الفلسطينيون يحاربون قعيلة و ينهبون البيادر. فسال داود من الرب قائلا ااذهب و اضرب هؤلاء الفلسطينيين فقال الرب لداود اذهب و اضرب الفلسطينيين و خلص قعيلة. فقال رجال داود له ها نحن ههنا في يهوذا خائفون فكم بالحري اذا ذهبنا الى قعيلة ضد صفوف الفلسطينيين.فعاد ايضا داود و سال من الرب فاجابه الرب و قال قم انزل الى قعيلة فاني ادفع الفلسطينيين ليدك. فذهب داود و رجاله الى قعيلة و حارب الفلسطينيين و ساق مواشيهم و ضربهم ضربة عظيمة و خلص داود سكان قعيلة. و كان لما هرب ابياثار بن اخيمالك الى داود الى قعيلة نزل و بيده افود. فاخبر شاول بان داود قد جاء الى قعيلة فقال شاول قد نبذه الله الى يدي لانه قد اغلق عليه بالدخول الى مدينة لها ابواب و عوارض. و دعا شاول جميع الشعب للحرب للنزول الى قعيلة لمحاصرة داود و رجاله.فلما عرف داود ان شاول منشئ عليه الشر قال لابياثار الكاهن قدم الافود. ثم قال داود يا رب اله اسرائيل ان عبدك قد سمع بان شاول يحاول ان ياتي الى قعيلة لكي يخرب المدينة بسببي. فهل يسلمني اهل قعيلة ليده هل ينزل شاول كما سمع عبدك يا رب اله اسرائيل اخبر عبدك فقال الرب ينزل. فقال داود هل يسلمني اهل قعيلة مع رجالي ليد شاول فقال الرب يسلمون. فقام داود و رجاله نحو ست مئة رجل
و خرجوا من قعيلة و ذهبوا حيثما ذهبوا فاخبر شاول بان داود قد افلت من قعيلة فعدل عن الخروج. و اقام داود في البرية في الحصون و مكث في الجبل في برية زيف و كان شاول يطلبه كل الايام و لكن لم يدفعه الله ليده.

فى (1) ينهبون البيادر: كانوا يأتون لينهبوا المخازن (مخازن الغلال) بعد جمع الحبوب فسأل داود من الرب: داود معهُ الآن جاد النبى وأبياثار الكاهن وتعلّم أن لا يتخذ قراراً دون أن يسأل الرب. ولاحظ لماذا يهاجم الفسطينيين إسرائيل 1- الله ترك شاول 2- داود القائد العظيم تركهُ وهرب وصار وحيداً 3- ضاعت كل طاقات شاول فى الحقد ضد داود وأصبح هدفُه قتل داود وليس الإنتصار على أعداء الشعب. عجيب أن يرى الإنسان أن أصدقاؤه أعداء ولا يرى العدو الحقيقى الذى يحطم حياته. ولاحظ أن الشعب فقد الأمل فى شاول، فحين هاجمهم الفلسطينيين لجأوا إلى داود ولم يلجأوا إلى شاول. فشاول أصبح لا هدف لهُ سوى مطاردة داود فالأشرار دائماً لا يطيقون الأبرار ويهاجمونهم. وداود ذو القلب الملتهب غيرة نحو شعبه حينما سمع بهذا الإعتداء ضدهم سأل الرب فوراً هل يحارب. الآن أدرك داود لماذا طلب منهُ الرب أن يرجع ليهوذا فهو الآن يستخدمه ليدافع عن شعبه وآية(6) :- تشير أن أبياثار كان يقوم بعملهُ الكهنوتى ويسأل الرب. وفى (7) :- عجيب أن شاول الشرير يقول أن الله عمل معهُ فليس للشرير أن يتصور أن الله يسانده فى شره. وعجيب أن الملك يتخلى عن قائد ناجح كهذا كان يجب أن يكرمه لإنتصاره وقارن بين آية(8) وآية(9) تجد أن شاول يدعو الشعب ليقتل داود وداود يسأل الله ويلتجأ لهُ ليحميه. ولكن لماذا طلب الله من داود أن يهرب فهل الله غير قادر أن يحميه؟ السبب أنه كانت ستحدث حرب ويُقتل كثيرين من الشعب والله يريد حقن الدماء بالإضافة لأن يرى أن هذا الوقت ليس هو الوقت المناسب ليموت شاول فى معركة ويموت بيد داود. الله لا يريد لداود أن يقتل مسيح الرب ولا يريد لداود أن يحارب ضد ملك إسرائيل وفى (13) ذهبوا حيثما ذهبوا: أى هائمين على وجوههم. وكثيراً ما نكون تائهين فى مشاكل وكأننا بلا مرشد ولكن لنثق أن عين الرب علينا.

 

الآيات (15-29) :-

فراى داود ان شاول قد خرج يطلب نفسه و كان داود في برية زيف في الغاب. فقام يوناثان بن شاول و ذهب الى داود الى الغاب و شدد يده بالله. و قال له لا تخف لان يد شاول ابي لا تجدك و انت تملك على اسرائيل و انا اكون لك ثانيا و شاول ابي ايضا يعلم ذلك. فقطعا كلاهما عهدا امام الرب و اقام داود في الغاب و اما يوناثان فمضى الى بيته. فصعد الزيفيون الى شاول الى جبعة قائلين اليس داود مختبئا عندنا في حصون في الغاب في تل حخيلة التي الى يمين القفر.20 فالان حسب كل شهوة نفسك ايها الملك في النزول انزل و علينا ان نسلمه ليد الملك. فقال شاول مباركون انتم من الرب لانكم قد اشفقتم علي. فاذهبوا اكدوا ايضا و اعلموا و انظروا مكانه حيث تكون رجله و من راه هناك لانه قيل لي انه مكرا يمكر. فانظروا و اعلموا جميع المختبات التي يختبئ فيها ثم ارجعوا الي على تاكيد فاسير معكم و يكون اذا وجد في الارض اني افتش عليه بجميع الوف يهوذا. فقاموا و ذهبوا الى زيف قدام شاول و كان داود و رجاله في برية معون في السهل عن يمين القفر. و ذهب شاول و رجاله للتفتيش فاخبروا داود فنزل الى الصخر و اقام في برية معون فلما سمع شاول تبع داود الى برية معون. فذهب شاول عن جانب الجبل من هنا و داود
و رجاله عن جانب الجبل من هناك و كان داود يفر في الذهاب من امام شاول و كان شاول و رجاله يحاوطون داود و رجاله لكي ياخذوهم. فجاء رسول الى شاول يقول اسرع و اذهب لان الفلسطينيين قد اقتحموا الارض. فرجع شاول عن اتباع داود و ذهب للقاء الفلسطينيين لذلك دعي ذلك الموضع صخرة الزلقات. و صعد داود من هناك و اقام في حصون عين جدي.

كان عجيباً أن أهل قعيلة الذين أنقذهم داود أن يكونوا مستعدين أن يسلموه لشاول ولكن نجد لهم عذراً فى أن شاول سيحاصرهم فى مدينتهم ولكن الأعجب أن نرى أهل زيف يسعون هم من أنفسهم ليسلموا داود لشاول. وربما كان ذلك طمعاً فى مراكز يعطيها لهم شاول أو خوفاً بلا مبرر أن يهاجم شاول قراهم بحثاً عن داود. المهم أن شاول لم يسألهم أن يسلموا داود، ولكن هى مبادرة منهم مثل يهوذا الذى ذهب لرؤساء الكهنة يسأل كم تدفعون لى وأنا أسلمه إليكم. وداود إلتجأ إلى زيف فيها حصون طبيعية. وكان يمكن لأهل زيف أن يطلبوا من داود أن يفارقهم إن كانوا خائفين بدلاً من أن يغدروا به. وداود رتل المزمور (54) حين فعل الزيفيون ذلك. وفى (21) عجيب أن يباركهم شاول على هذا ويطلب لهم بركة الرب. فإسم الرب قريب من لسانه بعيد جداً عن قلبه. وعجيب أن يتصور شاول أنه هو المظلوم وأن داود هو الظالم. وفى (22) طلب شاول من الزيفيون بخبراتهم فى المنطقة أن يقتفوا أثار أقدام داود حتى يجدونه: حيث تكون رجلهُ. وفى (23) بجميع ألوف يهوذ: أى يفتش بتدقيق فى أرض يهوذا كلها. وأخيراً عَرِف شاول مكان داود وكان مختبأ فى جبل بينما شاول على جبل مقابل وبينهما صخور وعرة لا يمكن عبورها ولكن شاول بدأ يحيط بداود ويحاصره حتى لا يفلت. ولكن الله أوجد منفذاً لداود إذ جاءت رسالة لشاول أن الفلسطينيين إقتحموا الأرض (آية27) ويقول المفسرون أن الأرض هنا هى أملاك شاول الشخصية وإلاّ لما ترك داود ونزل ليحارب الفلسطينيين صخرة الزلقات: إذ فيه زلق شاول أى تعثر فلم يمسك داود. وفى آية(29) نجد أن داود ذهب من هناك وأقام فى حصون عين جدى وهى حصون طبيعية كالصخور والمغاير على البحر الميت، هذه كانت محاولات شاول ضد داود لكن يتخللها الآيات (16-18) حيث نجد صورة متناقضة للكراهية وهى صورة محبة يوناثان العجيبة. حيث يتلاقى داود ويوناثان للمرة الأخيرة. ولم يكن يوناثان قادراً على أن يقدم لداود شيئاً سوى محبته وهذه أثمن من كل شئ. ولقد مات يوناثان قبل أن يتسلم داود الملك فالله برحمته نقل يوناثان للسماء فهو يعرف ضعف الطبيعة البشرية فكان هناك إحتمال بعد موت شاول، ويوناثان يعرف أنه الوريث أنه يبدأ فى الصراع على العرش ويفقد هذه النقاوة ولكن الله من محبته نقله للسماء وهو فى نقاوته. وما كان أصعب على داود أن يأخذ العرش من هذا الصديق الوفى. والله لم يسمح بهذا المأزق.


 

الإصحاح الرابع والعشرون

الآيات (1-22) :-

و لما رجع شاول من وراء الفلسطينيين اخبروه قائلين هوذا داود في برية عين جدي. فاخذ شاول ثلاثة الاف رجل منتخبين من جميع اسرائيل و ذهب يطلب داود و رجاله على صخور الوعول. و جاء الى صير الغنم التي في الطريق و كان هناك كهف فدخل شاول لكي يغطي رجليه و داود و رجاله كانوا جلوسا فى مغابن الكهف. فقال رجال داود له هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب هانذا ادفع عدوك ليدك فتفعل به ما يحسن في عينيك فقام داود و قطع طرف جبة شاول سرا. و كان بعد ذلك ان قلب داود ضربه على قطعه طرف جبة شاول. فقال لرجاله حاشا لي من قبل الرب ان اعمل هذا الامر بسيدي بمسيح الرب فامد يدي اليه لانه مسيح الرب هو. فوبخ داود رجاله بالكلام و لم يدعهم يقومون على شاول و اما شاول فقام من الكهف و ذهب في طريقه. ثم قام داود بعد ذلك و خرج من الكهف و نادى وراء شاول قائلا يا سيدي الملك و لما التفت شاول الى ورائه خر داود على وجهه الى الارض و سجد.و قال داود لشاول لماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب اذيتك.هوذا قد رات عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدي في الكهف و قيل لي ان اقتلك و لكنني اشفقت عليك و قلت لا امد يدي الى سيدي لانه مسيح الرب هو. فانظر يا ابي انظر ايضا طرف جبتك بيدي فمن قطعي طرف جبتك و عدم قتلي اياك اعلم و انظر انه ليس في يدي شر و لا جرم و لم اخطئ اليك و انت تصيد نفسي لتاخذها. يقضي الرب بيني و بينك و ينتقم لي الرب منك و لكن يدي لا تكون عليك. كما يقول مثل القدماء من الاشرار يخرج شر و لكن يدي لا تكون عليك. وراء من خرج ملك اسرائيل وراء من انت مطارد وراء كلب ميت وراء برغوث واحد. فيكون الرب الديان و يقضي بيني و بينك و يرى و يحاكم محاكمتي و ينقذني من يدك.فلما فرغ داود من التكلم بهذا الكلام الى شاول قال شاول اهذا صوتك يا ابني داود و رفع شاول صوته و بكى. ثم قال لداود انت ابر مني لانك جازيتني خيرا و انا جازيتك شرا. و قد اظهرت اليوم انك عملت بي خيرا لان الرب قد دفعني بيدك و لم تقتلني.فاذا وجد رجل عدوه فهل يطلقه في طريق خير فالرب يجازيك خيرا عما فعلته لي اليوم هذا. و الان فاني علمت انك تكون ملكا و تثبت بيدك مملكة اسرائيل. فاحلف لي الان بالرب انك لا تقطع نسلي من بعدي و لا تبيد اسمي من بيت ابي. فحلف داود لشاول ثم ذهب شاول الى بيته و اما داود و رجاله فصعدوا الى الحصن.

عاد شاول من مطاردته للفلسطينيين وعاد ليطارد داود المختبئ فى عين جدى والإسم يعنى صخور الوعول وهى صخور وعرة لا يقدر أحد أن يصل إليها سوى الوعول البرية والماعز الجبلى لذلك سميت هكذا. وتحمل شاول كل هذه المشاق لحقده على داود. وجاء إلى صير الغنم: وهى حظيرة غنم أو معزى يقيمها الرعاة عند باب كهف لإيواء الغنم فى المطر والبرد. ودخل شاول كهفاً كبيراً ليغطى رجليه: تعبير مهذب للقول يتبرز وكان داود ورجاله فى ذات الكهف. ورجال داود دفعوه لقتل شاول لكنه رفض. وحين دخل شاول كان لا يستطيع الإبصار لظلمة الكهف ولكن داود ورجاله فى الداخل وقد إعتادوا الظلام رأوه وعرفوه. وشاول كان قد خلع جبته وإكتفى داود بقطع جزء من جبة شاول [كما قطع شاول جبة صموئيل رمزاً لقطع المملكة عن شاول] وعظمة داود تجلت فى موقفين 1- رفض أن يمد يده إلى مسيح الرب بالرغم من أن شاول يسعى لقتله مرات عديدة 2- إكتفى بقطع جزء من جبة شاول وحتى فى هذه فإن قلب داود ضربه على ما فعله. وهذا يعنى أن قلبه لامهُ بشدة أنه قطع جزء من جبة شاول (حساسية روحية فائقة) وتعبير قلبه ضربه أن ضربات قلبه تزايدت بشدة. ثم لاحظ سجود داود للملك فى إتضاع وكلامهُ المملوء إتضاع لملك مرفوض لأنه مسيح الرب. [كثيرين يرفضون السجود للقديسين والأساقفة والبطريرك فماذا يقولون أمام هذا الموقف] والسجود هنا قطعاً توقير وإحترام لمسحاء الرب وليس عبادة قطعاً. ولقد إرتفع داود فى عيني الله والناس بإتضاعه وفى (12) يقضى الرب بينى وبينك: هى أحسن ما يقولهُ المظلوم. وفى (14) كلب ميت: علامة للإحتقار. برغوث: علامة الضعف. ولكن مع كل هذا الإتضاع فقد أظهر داود شجاعته  فهو خرج وراء الملك دون أن يهاب رمحه وسيفه أو جنوده. بل أظهر لهُ أنهُ هو الذى عفا عنهُ. لقد مارس داود المحبة الإنجيلية كما ينبغى. وأمام هذا الإتضاع إنسحق الشيطان الذى فى شاول فتصاغر شاول فى عينى نفسه ودعا داود إبنه وبكى وشعر شاول بشره فقال أنت أبر منى بل أدرك أن الملك سيكون لداود وطلب الأمان لأولاده من داود. فالسلاح الرهيب الذى يهزم الشيطان هو الإتضاع كما حدث على الصليب.


 

الإصحاح الخامس والعشرون

آية(1) :-

و مات صموئيل فاجتمع جميع اسرائيل و ندبوه و دفنوه في بيته في الرامة و قام داود و نزل الى برية فاران.

دُعِىَ صموئيل وهو فى الثانية عشرة وخدم بأمانة وجاهد حتى سن التسعين. وإشترك داود فى هذه الجنازة ثم قام ونزل إلى برية فاران وهى جنوب اليهودية وهى إلى غرب أدوم وشمال سيناء. وهناك بدأ داود فى حماية الرعاة من هجمات العمالقة والفلسطينيين وأيضاً من هجوم الحيوانات المتوحشة فكان وجوده مع رجاله باعثاً للإطمئنان.

 

آية(2-3) :-

و كان رجل في معون و املاكه في الكرمل و كان الرجل عظيما جدا و له ثلاثة الاف من الغنم و الف من المعز و كان يجز غنمه في الكرمل. و اسم الرجل نابال و اسم امراته ابيجايل و كانت المراة جيدة الفهم و جميلة الصورة و اما الرجل فكان قاسيا و رديء الاعمال و هو كالبي.

نابال: معنى الإسم جاهل (آية25). وياليتنا نعترف بجهلنا أمام إبن داود كنز الحكمة لينزع الجهل من داخلنا. وهو رجل غنى جداً ولهُ مواشى كثيرة سَهِرَ عليها داود ورجاله كما فعلوا لكثيرين آخرين. ولكن يبدو أن الرجل كان عظيماً فى أمواله فقط.

 

آية(4-8) :-

فسمع داود في البرية أن نابال يجز غنمه. فأرسل داود عشرة غلمان و قال داود للغلمان اصعدوا إلى الكرمل و ادخلوا إلى نابال و أسالوا باسمي عن سلامته. و قولوا هكذا حييت و أنت سالم و بيتك سالم و كل ما لك سالم. و الان قد سمعت أن عندك جزازين حين كان رعاتك معنا لم نؤذهم و لم يفقد لهم شيء كل الأيام التي كانوا فيها في الكرمل. أسال غلمانك فيخبروك فليجد الغلمان نعمة في عينيك لأننا قد جئنا في يوم طيب فأعط ما وجدته يدك لعبيدك و لابنك داود.

يجز غنمه: جز الغنم وقت فرح وأكل وشرب وعطاء بسخاء فجز الغنم يعطى الصوف وهو مصدر ثروة

 

آية(9) :-

فجاء الغلمان و كلموا نابال حسب كل هذا الكلام باسم داود و كفوا.

وكفوا: حتى لا يزيدوا كلمة تكون خطأ فتنسب لداود.

 

الآيات (10-12) :-

فاجاب نابال عبيد داود و قال من هو داود و من هو ابن يسى قد كثر اليوم العبيد الذين يقحصون كل واحد من امام سيده. ااخذ خبزي و مائي و ذبيحي الذي ذبحت لجازي و اعطيه لقوم لا اعلم من اين هم. فتحول غلمان داود الى طريقهم و رجعوا
و جاءوا و اخبروه حسب كل هذا الكلام.

داود لم يُرِد أن يأخذ شيئاً دون موافقة صاحب الشئ. ولكن كان رد نابال غليظ. وتجاهل داود وإحتقره وإعتبره هو ومن معهُ مطاريد: لا أعلم من أين هم يقحصون كل واحد أمام سيده: يهربون ويفلتون. إذاً هو إعتبر داود عبد هارب من شاول إذاً هو مجرم، قال هذا دون فحص عن سبب الهروب أو لأنه أراد أن لا يدفع شيئاً ولا يُرسلْ شيئاً لداود ورجاله فإستغل موضوع هروب داود. ولكن طمعهُ واضح.

 

آية(13) :-

فقال داود لرجاله ليتقلد كل واحد منكم سيفه فتقلد كل واحد سيفه و تقلد داود ايضا سيفه و صعد وراء داود نحو اربع مئة رجل و مكث مئتان مع الامتعة.

داود الذى إتسم بضبط النفس والتواضع، هو الآن فى لحظة ضعف كاد أن يقترف جريمة تلوث تاريخه وتصير عثرة أمام شعبه. ولكن من محبة الله نجده يتدخل لينقذ الإنسان من نفسه.

 

الآيات (18-31) :-

فبادرت ابيجايل و اخذت مئتي رغيف خبز و زقي خمر و خمسة خرفان مهياة و خمس كيلات من الفريك و مئتي عنقود من الزبيب و مئتي قرص من التين و وضعتها على الحمير. و قالت لغلمانها اعبروا قدامي هانذا جائية وراءكم و لم تخبر رجلها نابال.
و فيما هي راكبة على الحمار و نازلة في سترة الجبل اذا بداود و رجاله منحدرون لاستقبالها فصادفتهم. و قال داود انما باطلا حفظت كل ما لهذا في البرية فلم يفقد من كل ما له شيء فكافاني شرا بدل خير. هكذا يصنع الله لاعداء داود و هكذا يزيد ان ابقيت من كل ما له الى ضوء الصباح بائلا بحائط. و لما رات ابيجايل داود اسرعت
و نزلت عن الحمار و سقطت امام داود على وجهها و سجدت الى الارض. و سقطت على رجليه و قالت علي انا يا سيدي هذا الذنب و دع امتك تتكلم في اذنيك و اسمع كلام امتك. لا يضعن سيدي قلبه على الرجل اللئيم هذا على نابال لان كاسمه هكذا هو نابال اسمه و الحماقة عنده و انا امتك لم ار غلمان سيدي الذين ارسلتهم. و الان يا سيدي حي هو الرب و حية هي نفسك ان الرب قد منعك عن اتيان الدماء و انتقام يدك لنفسك و الان فليكن كنابال اعداؤك و الذين يطلبون الشر لسيدي. و الان هذه البركة التي اتت بها جاريتك الى سيدي فلتعط للغلمان السائرين وراء سيدي.و اصفح عن ذنب امتك لان الرب يصنع لسيدي بيتا امينا لان سيدي يحارب حروب الرب و لم يوجد فيك شر كل ايامك. و قد قام رجل ليطاردك و يطلب نفسك و لكن نفس سيدي لتكن محزومة في حزمة الحياة مع الرب الهك و اما نفس اعدائك فليرم بها كما من وسط كفة المقلاع. و يكون عندما يصنع الرب لسيدي حسب كل ما تكلم به من الخير من اجلك و يقيمك رئيسا على اسرائيل. انه لا تكون لك هذه مصدمة و معثرة قلب لسيدي انك قد سفكت دما عفوا او ان سيدي قد انتقم لنفسه و اذا احسن الرب الى سيدي فاذكر امتك.

Text Box:

حماقة نابال كادت تؤدى لهلاكه. أما حكمة أبيجايل فقد هدأت قلب داود كى لا ينتقم لنفسه. وكان إسم أبيجايل يعنى (أب = أب أو مصدر + جايل = الفرحة) وكأنها بحكمتها صارت مصدر فرح. وغلمان نابال عرفوا أن سيدتهم هى الحكيمة أمّا سيدهم أحمق لذلك أتوا لأبيجايل ولم يذهبوا  

لنابال. وأبيجايل لم تحتد على كلام الغلمان فهو ليس وقت عتاب بل

وقت عمل وآية(20) تظهر أن أبيجايل أتت من الكرمل نازلة على

الجبل لتقابل داود منحدرون من تل آخر. سترة الجبل: كانت أبيجايل نازلة الجبل وعند منعطف على الجبل كانت تستدير حولهُ وبعد المنعطف فوجئت بداود ورجاله أمامها فصادفتهم: أى إلتقوا مصادفة دون تخطيط بشرى ولكنه التخطيط الإلهى الذى يحمى داود من ضعفاته. وقدمت أبيجايل لداود جواباً ليناً يصرف الغضب. سيدى يحارب حروب الرب: أى يا سيدى أنت مشغول بحروب مقدسة للرب فلا تنتبه للأشياء الصغيرة بل إترك الإنتقام للرب. ولم يوجد فيك شر كل أيامك: فلا تلوث أسمك وتاريخك بعمل كهذا ولا تجعل شاول الرجل الذى يطاردك ويطلب نفسك، يتصيد عليك خطأ بدون داعٍ. ولاحظ إيمانها وحكمتها فهى دعت شاول رجلاً ولم تدعه ملكاً. بينما فى كلامها ترى داود فى طريقه للعرش آية (30). ولكن نفس سيدى لتكن محزومة فى حزمة الحياة: الله حفظ سيدى حتى الآن من كل محاولات قتله. إذاً سيدى داود ثمين جداً
عند الله، والله حفظه كما لو فى حزمة أو صرة. والصرة كانت تستخدم لحفظ الأموال والجواهر والأشياء الثمينة. ودعوتها أن يحفظه الله حياً. وأمّا أنفس أعدائك فليرم بها: أى الله الذى حفظك هو يلقى أعداؤك فإن كان الله يلقيهم فلماذا تنتقم أنت لنفسك. فليكن كنا بال أعداؤك: أى ليكن أعداؤك ضعفاء وجهلة لا يستطيعون عمل شئ أو هذا نبوة بموته. ولاحظ إتضاعها أنها ألقت بالذنب على نفسها: علىّ أنا يا سيدى هذا الذنب: هى لم تذنب ولكنها قد إعتبرت نفسها شريكة فيما عمله زوجها لأنه زوجته. لقد أرسل الله هذه المرأة الحكيمة ليمنع داود عن خطية فالله يرى ألام داود وكم تحمل وإتضاعه فهو يحميه الآن حتى لا يخطئ وكم من مرات يتدخل الله فى حياتنا ليمنعنا من أن نخطئ. حقاً مجيئها كان بتدبير إلهى. الله نظر إلى إتضاع داود ولم يُرِد لهُ السقوط.

 

الآيات (32-35) :-

فقال داود لابيجايل مبارك الرب اله اسرائيل الذي ارسلك هذا اليوم لاستقبالي.
و مبارك عقلك و مباركة انت لانك منعتني اليوم من اتيان الدماء و انتقام يدي لنفسي. و لكن حي هو الرب اله اسرائيل الذي منعني عن اذيتك انك لو لم تبادري
و تاتي لاستقبالي لما ابقي لنابال الى ضوء الصباح بائل بحائط. فاخذ داود من يدها ما اتت به اليه و قال لها اصعدي بسلام الى بيتك انظري قد سمعت لصوتك و رفعت وجهك.

داود المتضع يقبل عظة أبيجايل ويعتبرها رسالة إلهية يشكر الله عليها أنه منعهُ عن إتيان دماء والقتل. ومن تواضع داود يقبل مشورة الأخرين مادامت سليمة. هنا برزت حكمة كلا من داود وأبيجايل. ولقد فضل داود أن يكسر كلمته فى الإنتقام من نابال عن أن يحفظ وعداً مرتبطاً بالقسوة والإنتقام.

 

آية(36) :-

فجاءت ابيجايل الى نابال و اذا وليمة عنده في بيته كوليمة ملك و كان نابال قد طاب قلبه و كان سكران جدا فلم تخبره بشيء صغير او كبير الى ضوء الصباح.

نجد هنا نابال الذى بخل على داود يسرف فى وليمة كوليمة ملك: يسرف لأجل الترف.

 

آية(37-38) :-

و في الصباح عند خروج الخمر من نابال اخبرته امراته بهذا الكلام فمات قلبه داخله
و صار كحجر. و بعد نحو عشرة ايام ضرب الرب نابال فمات.

مات قلبه: من الرعب.

 

آية(39-43) :-

فلما سمع داود ان نابال قد مات قال مبارك الرب الذي انتقم نقمة تعييري من يد نابال و امسك عبده عن الشر و رد الرب شر نابال على راسه و ارسل داود و تكلم مع ابيجايل ليتخذها له امراة. فجاء عبيد داود الى ابيجايل الى الكرمل و كلموها قائلين ان داود قد ارسلنا اليك لكي نتخذك له امرأة. فقامت و سجدت على وجهها الى الارض و قالت هوذا امتك جارية لغسل ارجل عبيد سيدي. ثم بادرت و قامت ابيجايل و ركبت الحمار مع خمس فتيات لها ذاهبات وراءها و سارت وراء رسل داود و صارت له امرأة. ثم اخذ داود اخينوعم من يزرعيل فكانتا له كلتاهما امراتين.

إذ عرف داود بموت نابال عَلِمَ أن الله إنتقم لهُ. زواج داود بأبيجايل: لقد قبلت أبيجايل الزواج بداود وهو فى فترة ضيقه ولم تهتم بفقره فهى تؤمن بأنه سيكون الملك فهذا وعد الله. وهذا درس لنا الآن فى حياتنا، فلنقبل المسيح لنا عريساً بالرغم من ضيقات العالم ونؤمن بالمجد العتيد أن يستعلن فينا كما آمنت أبيجايل أنها ستصبح ملكة. فمن يتألم مع المسيح يتمجد معهُ. ورمزياً فإقتران الكنيسة بعريسها هو فرحة للآب السماوى. ولكن تعدد الزوجات شئ غير مقبول فداود بعد أبيجايل عاد وأخذ أخينوعم زوجة. وكان الشئ المتوقع أن تكون هناك مشاكل نتيجة ذلك.

 

آية(44) :-

فاعطى شاول ميكال ابنته امراة داود لفلطي بن لايش الذي من جليم.

نتيجة لزواج داود أُخِذَتْ إمرأته لتكون لزوج آخر.


 

الإصحاح السادس والعشرون

آية(1) :-

ثم جاء الزيفيون الى شاول الى جبعة قائلين اليس داود مختفيا في تل حخيلة الذي مقابل القفر.

للمرة الثانية يغدر الزيفيون بداود. إذ كان مختفياً عندهم. ومرة ثانية يغدر شاول بداود.

 

الآيات (2-25) :-

فقام شاول و نزل الى برية زيف و معه ثلاثة الاف رجل منتخبي اسرائيل لكي يفتش على داود في برية زيف. و نزل شاول في تل حخيلة الذي مقابل القفر على الطريق و كان داود مقيما في البرية فلما راى ان شاول قد جاء وراءه الى البرية. ارسل داود جواسيس وعلم باليقين ان شاول قد جاء. فقام داود وجاء الى المكان الذي نزل فيه شاول ونظر داود المكان الذي اضطجع فيه شاول و ابنير بن نير رئيس جيشه
وكان شاول مضطجعا عند المتراس و الشعب نزول حواليه. فاجاب داود و كلم اخيمالك الحثي وابيشاي ابن صروية اخا يواب قائلا من ينزل معي الى شاول الى المحلة فقال ابيشاي انا انزل معك. فجاء داود
وابيشاي الى الشعب ليلا و اذا بشاول مضطجع نائم عند المتراس و رمحه مركوز في الارض عند راسه
وابنير والشعب مضطجعون حواليه. فقال ابيشاي لداود قد حبس الله اليوم عدوك في يدك فدعني الان اضربه بالرمح الى الارض دفعة واحدة و لا اثني عليه. فقال داود لابيشاي لا تهلكه فمن الذي يمد يده الى مسيح الرب و يتبرا. وقال داود حي هو الرب ان الرب سوف يضربه او ياتي يومه فيموت او ينزل الى الحرب و يهلك. حاشا لي من قبل الرب ان امد يدي الى مسيح الرب و الان فخذ الرمح الذي عند راسه
وكوز الماء و هلم. فاخذ داود الرمح و كوز الماء من عند راس شاول و ذهبا و لم ير و لا علم و لا انتبه احد لانهم جميعا كانوا نياما لان سبات الرب وقع عليهم. وعبر داود الى العبر و وقف على راس الجبل عن بعد و المسافة بينهم كبيرة. و نادى داود الشعب و ابنير بن نير قائلا اما تجيب يا ابنير فاجاب ابنير و قال من انت الذي ينادي الملك. فقال داود لابنير اما انت رجل و من مثلك في اسرائيل فلماذا لم تحرس سيدك الملك لانه قد جاء واحد من الشعب لكي يهلك الملك سيدك. ليس حسنا هذا الامر الذي عملت حي هو الرب انكم ابناء الموت انتم لانكم لم تحافظوا على سيدكم على مسيح الرب فانظر الان اين هو رمح الملك و كوز الماء الذي كان عند راسه. و عرف شاول صوت داود فقال اهذا هو صوتك يا ابني داود فقال داود انه صوتي يا سيدي الملك. ثم قال لماذا سيدي يسعى وراء عبده لاني ماذا عملت و اي شر بيدي. و الان فليسمع سيدي الملك كلام عبده فان كان الرب قد اهاجك ضدي فليشتم تقدمة و ان كان بنو الناس فليكونوا ملعونين امام الرب لانهم قد طردوني اليوم من الانضمام الى نصيب الرب قائلين اذهب اعبد الهة اخرى.
و الان لا يسقط دمي الى الارض امام وجه الرب لان ملك اسرائيل قد خرج ليفتش على برغوث واحد كما يتبع الحجل في الجبال. فقال شاول قد اخطات ارجع يا ابني داود لاني لا اسيء اليك بعد من اجل ان نفسي كانت كريمة في عينيك اليوم هوذا قد حمقت و ضللت كثيرا جدا. فاجاب داود و قال هوذا رمح الملك فليعبر واحد من الغلمان و ياخذه. و الرب يرد على كل واحد بره و امانته لانه قد دفعك الرب اليوم ليدي و لم اشا ان امد يدي الى مسيح الرب. و هوذا كما كانت نفسك عظيمة اليوم في عيني كذلك لتعظم نفسي في عيني الرب فينقذني من كل ضيق. فقال شاول لداود مبارك انت يا ابني داود فانك تفعل و تقدر ثم ذهب داود في طريقه و رجع شاول الى مكانه.

ظن بعض الدارسين أن قصة هذا الإصحاح مكررة مع إصحاح (24) ولكن الفروق:

إصحاح (24)

إصحاح (26)

1- الأحداث عند مغادرة عين جدى

الأحداث عند تل حخيلة

2- داود قطع جبة شاول

داود يأخذ رمحه وكوزه

3- هنا داود يخرج وراء شاول ويكلمه

هنا داود يكلم أبنير والشعب ثم الملك من على جبل آخر

4- فى هذه المرة كانت الحادثة نهاراً

هذه الحاثة كانت ليلاً

5- بعد هذه الحادثة هرب داود مسرعاً

بعد هذه الحادثة التجأ للفلسطينيين

وربما القصة متشابهة مع الأخرى لكن الشر دائماً متشابه وأعمال الله دائماً فى عنايته متشابهة. وفى آية(4) داود لم يصدق أن شاول خرج وراءهُ ثانية بعد أن سبق ووعده وأرسل جواسيس لكى يتأكد أن هذا حدث فعلاً. وفى آية(5) المتراس: حاجز من الحجارة أو التراب أو الخشب يختفى وراءه الجنود عند الحرب للحماية ولكن الكلمة الأصلية يمكن ترجمتها دائرة من العربات فهو أقام العربات كمتاريس ونام وسطها. ومن عناية الله غلب النعاس الجميع، هم إتكلوا على قوتهم البشرية لكنهم غلبوا حتى من طبيعتهم فلم يقدروا أن يسهروا فواضح أن يد الله فى الأمر. أبيشاى: هو إبن صروية أخت داود من الأم وليست من الأب. إذ يبدو أن إمرأة يسى كانت قبل زواجها منه إمرأة لناحاش ملك عمون (2صم25:17) وقد ولدت له صروية وأبيجايل ثم أخذها يسى فولدت له داود إخوته. وناحاش قد يكون ملك عمون أو إسمه هكذا وفى (8) قد حبس الله اليوم عدوك فى يدك: لقد أدرك أبيشاى أن هذا النوم ليس طبيعياً بل هو من الله ليعطى فرصة لداود. وأبيشاى فهم أن الفرصة هى أن يقتل داود شاول لكن داودفهمها أنها فرصة أخرى ليهزم شيطان الكراهية بمحبته وتواضعه. وحقاً فالرب يعطى لأحبائه نوماً وسلاماً أمّا أعداء الله فلهم نوم الغفلة. وفى آية(13) داود يقف بعيداً إذ هو لا يأتمن شاول ولا رجاله. وكلّم أبنير ليوبخه لكن فى أدب وكأنه يقول لهُ أما يكفيك نوما؟! وفى (14) من أنت الذى ينادى الملك: أى كيف تتجاسر وتوقظ الملك. وفى آية(15) أما أنت رجل: هذه فيها تأنيب لأبنير ومعناه أنت رجل جبّار بأس فكيف تتهاون فى حراسة سيدك. وفى آية(19) إن كان الرب قد أهاجك ضدى فليشتم تقدمة: أى لو كنت قد أخطأت ورأى الله أن يعاقبنى بأن يسلمنى ليدك فأنا أقبل أن أقدم نفسى ذبيحة. أو أن كان الله يوافق أن يسلمنى ليدك حتى تفرح أنت فأنا أوافق أن أكون الذبيحة التى يرضاها الله حتى يشتم فى طاعتى رائحة سرور. وإن كان بنو الناس.... طردونى اليوم من الإنضمام إذهب أعبد الهة أخرى: هنا يكشف عن مرارة نفسه بسبب حرمانه من الأشتراك فى الصلاة والتسبيح مع شعبه فهو هارب نتيجة مؤامرة من الناس. أو أنه نتيجة ما يحدث فهو مضطر أن يترك إسرائيل ويهرب ثانية إلى أىٍ من الشعوب الوثنية. وكأن هؤلاء الناس يطلبون منه أن يترك إلهه ووطنه ويذهب لوطن آخر ليعبد آلهة غريبة. وفى (20) لا يسقط دمى إلى الأرض: فهو يؤمن بعدالة الله وأن دَمَهُ لو سفكَ ظلماً لصرخ مثل دم هابيل وسينتقم الله من القاتل. الحجل: الحجل يُطارده العرب بأن يطاردوه حتى لا يستقر على الأرض فيتعب من الطيران ويحط على الأرض منهكاً فيصطادونه بهراوة. أى أن شاول أتعب داود بمطاردته [والحجل طائر لا قيمة كبيرة لهُ وهذا من تواضع داود كقوله برغوث]. إرجع يا إبنى داود: هنا شاول يرده لمركزه لكن داود لم يَعُدْ يثق فيه. لقد تصاغر شاول فى عينى نفسه إذ رأى عفو داود المتكرر عنهُ. الرب يرد على كل واحد بره: هنا داود لا يريد أجراً من شاول عن محبته وتسامحه وعفوه بل ترك الحكم والمكافأة للرب.


 

الإصحاح السابع والعشرون

الآيات (1-4) :-

و قال داود في قلبه اني ساهلك يوما بيد شاول فلا شيء خير لي من ان افلت الى ارض الفلسطينيين فيياس شاول مني فلا يفتش علي بعد في جميع تخوم اسرائيل فانجو من يده. فقام داود و عبر هو و الست مئة الرجل الذين معه الى اخيش بن معوك ملك جت. و اقام داود عند اخيش في جت هو و رجاله كل واحد و بيته داود و امراتاه اخينوعم اليزرعيلية و ابيجايل امراة نابال الكرملية. فاخبر شاول ان داود قد هرب الى جت فلم يعد ايضا يفتش عليه.

مرة أخرى نجد داود فى حالة ضعف فهو يلتجئ إلى أخيش دون إستشارة الرب. وداود من المؤكد من أبطال الإيمان ولكن لكل إنسان أخطاؤه. داود تَعِبَ من كثرة تردد شاول وتغير أراؤه كل يوم ووجد فى هذا تهديد لحياته وحياة زوجاته. ولكن داود نسى أنه فى حمآيةالله والله لا يغير كلامه ولا تسقط كلمة من كلامه والله كان يريد أن يبقى داود فى يهوذا. طبعاً هو إلتجئ لأرض الفلسطينيين لأن شاول لن يجرؤ على دخولها وراءَهُ. وكان هروبه لأخيش هذه المرة مختلف فهو أتى مع زوجاته وأسرته ورجاله فيصعب الحركة عليه هكذا كجاسوس بينما فى المرة السابقة ذهب وَحدَهُ لأخيش فشك فى أمره. وقد حسبه أخيش قوة ينتفع بها كحليف لهُ خاصة أن عداوة شاول لهُ عُرِفت فى المنطقة كلها فظنوا أن داود سيحارب معهم ضد شاول. وكان الله يريد من داود أن يبقى فى يهوذا ليشارك الشعب ألمهم التى يعانون منها من شاول. وربما يكون أخيش هذا هو إبن أخيش السابق.

 

الآيات (5-7) :-

فقال داود لاخيش ان كنت قد وجدت نعمة في عينيك فليعطوني مكانا في احدى قرى الحقل فاسكن هناك و لماذا يسكن عبدك في مدينة المملكة معك. فاعطاه اخيش في ذلك اليوم صقلغ لذلك صارت صقلغ لملوك يهوذا الى هذا اليوم. و كان عدد الايام التي سكن فيها داود في بلاد الفلسطينيين سنة و اربعة اشهر.

داود لم يستحسن أن يسكن جت مع أخيش لأن رجاله وعائلتهم عددهم كبير وهذا سيسبب ضيق لأهل جت بالإضافة لأن وجوده فى جت سيجعله فى وضع محرج لأن العبادة هناك الإلهية وثنية وهو يرفض هذا قطعاً. لكن ماذا يصنع فى المناسبات والإحتفالات وهو يعيش وسط هؤلاء القوم. ووجوده المستمر سيجعل منه عبداً لأخيش ينفذ أوامره فقط. فماذا يكون موقفه لو قرّر أخيش أن يحارب شاول. فداود يريد إظهار أنه يعادى شاول فقط لكنه قطعاً لا يريد أن يحاربه. وإستجاب لهُ الملك وأعطاه صقلغ: أولاً هذه المدينة أعطيت لشمعون وفى أيام شاول كانت فى يد الفلسطينيين وفيما بعد صارت ليهوذا.

 

الآية (8) :-

و صعد داود و رجاله و غزوا الجشوريين و الجرزيين و العمالقة لان هؤلاء من قديم سكان الارض من عند شور الى ارض مصر.

إقامة داود بعيداً عن جت أعطته حرية الحركة. لذا بدأ يمارس بعض حملات الغزو ضد الشعوب الوثنيين الذين عرفوا بالحياة العنيفة واللصوصية والفساد والرجاسات وفى (8) لأن هؤلاء من قديم: ربما كان الجشوريين والجرزيين فروعاً من العمالقة وقوله هؤلاء من قديم يشير إلى أن داود كان ينفذ أمر الرب فى إبادة وإهلاك أعداء الشعب وأنهم هم ممن حرمهم الرب من قديم. وكانت مدة إقامة داود فى صقلغ أحسن إستعداد لإدارة مملكته بعد موت شاول وتحريم وإبادة العمالقة والجشوريين والجرزيين. هنا كان لهُ فائدتان
1- تنفيذ أمر الله فى الإنتقام من هذه الشعوب 2- أن لا يخبر أحد منهم أخيش بما فعل داود فيبدأ يحترز منهُ ويأخذ موقفاً معادياً منهُ وربما حَسَدَهُ لنجاحه كما حَسَدَهُ شاول. ولأن الله لم يحرم ماشية هؤلاء إستبقى منها داود لنفسه وكان طبيعياً أن يُعطى منها هدايا لأخيش مقابل سكناه.

 

الآيات (9-12) :-

و ضرب داود الارض و لم يستبق رجلا و لا امراة و اخذ غنما و بقرا و حميرا
و جمالا و ثيابا و رجع و جاء الى اخيش. فقال اخيش اذا لم تغزوا اليوم فقال داود بلى على جنوبي يهوذا و جنوبي اليرحمئيليين و جنوبي القينيين. فلم يستبق داود رجلا و لا امراة حتى ياتي الى جت اذ قال لئلا يخبروا عنا قائلين هكذا فعل داود
و هكذا عادته كل ايام اقامته في بلاد الفلسطينيين. فصدق اخيش داود قائلا قد صار مكروها لدى شعبه اسرائيل فيكون لي عبدا الى الابد.

واضح النتائج السيئة لإلتجاء داود لأخيش 1- تقديم جزية لأخيش 2- إضطر داود للكذب وحينما سألهُ أخيش إذاً لم تغزو اليوم: بمعنى هل غزوتم اليوم ومن غزوتم وجاءت الجملة فى السبعينية "ضد من قمتم بالغزو اليوم" كذب داود وقال أنه غزا جنوب يهوذا واليرحمئيليين من نسل يهوذا وكان هذا ليُظهر لأخيش أنه فى حالة حرب ضد شاول وشعبه فينعم بالسلام فى جت. والقينيين حسبوا من سبط يهوذا (1أى55:2).

ملحوظة: نلاحظ من سؤال اخيش لداود أن غزو القبائل والشعوب المجاورة لنهبها كان هو السائد والطبيعى فى تلك الأيام لذلك كان على داود أن يخضع الشعوب المجاورة حينما تسلم المُلك حتى يأمن شعبه من هذه الغزوات؟


 

الإصحاح الثامن والعشرون

الآيات (1-6) :-

و كان في تلك الايام ان الفلسطينيين جمعوا جيوشهم لكي يحاربوا اسرائيل فقال اخيش لداود اعلم يقينا انك ستخرج معي في الجيش انت و رجالك.فقال داود لاخيش لذلك انت ستعلم ما يفعل عبدك فقال اخيش لداود لذلك اجعلك حارسا لراسي كل الايام. و مات صموئيل و ندبه كل اسرائيل و دفنوه في الرامة في مدينته و كان شاول قد نفى اصحاب الجان و التوابع من الارض. فاجتمع الفلسطينيون و جاءوا و نزلوا في شونم و جمع شاول جميع اسرائيل و نزل في جلبوع. و لما راى شاول جيش الفلسطينيين خاف
و اضطرب قلبه جدا. فسال شاول من الرب فلم يجبه الرب لا بالاحلام و لا بالاوريم و لا بالانبياء.

وكان فى تلك الأيام = أيام وجود داود فى صقلغ. ونجد هنا أخيش متيقناً جداً من ولاء داود لهُ فى الحرب ضد شاول. وفى (2) نجد إجابة داود عائمة يشوبها اللبس تحتمل معنيين على الأقل. فداود لم يعط وعداً صريحاُ وإنما قال أنت ستعلم ما يفعل عبدك فأخيش إعتبر موضوع إشتراك داود معهُ ضد شاول أمراً أكيداً بل هو كرامة لهُ أن يحارب مع الفلسطينيين ضد عدوه. ولذلك عين أخيش داود حارساً خاصاً أو قائد حرسه الخاص وفى (3) يكرر حادثة موت صموئيل مقدمة للأحداث التالية. وكان شاول قد نفى كل من يعمل بالسحر والشعوذة من البلاد وغالباً كان هذا بإرشاد صموئيل. أصحاب الجان = أصل الكلمة الذين يتكلمون من بطونهم ويتظاهرون بجان حال فيهم وهو الذى يخبرهم بالأمور الخفية والمستقبل والتوابع = أى توابع الجان يتبعونه حيثما يذهب كعبيد لسيدهم وهو يكشف لهم أمور لا يدركها أو ينظرها البشر ويقدم لهم إمكانيات فوق طاقات البشر قبل إستدعاء أرواح الموتى. ولقد حرم الكتاب المقدس السحر والشعوذة بكل أنواعها لأنها تعنى التجاء الإنسان إلى الشر وإلى الشيطان كمرشد له وسند يعينه عوض الإلتجاء إلى الله والإتكال عليه.

وفى (4) شونم مدينة فى أرض يساكر. وجلبوع مقابل شونم وفى (5) سر خوف شاول الحقيقى هو تخلى الله (عكس داود النبى الذى يقول مز 1:27) وفى (6) كيف يجيب الرب رجل قتل كل الكهنة ورئيس الكهنة وطرد الرجل الذى كان يحارب ببسالة وهو داود. ويبدو أن شاول أقام كاهناً بطريقة ما ليسأل لهُ الله ولكن كان الكاهن الشرعى المتبقى أبياثار وهذا كان محتمياً بداود. لا بالأحلام (راجع عد 6:12) فالله قد يكلم الأنبياء بالأحلام ولكن بسبب شر شاول إنصرف عنهُ الأنبياء وكل إنسان صالح والله رفضه وأصبح فى أسوأ حال. ولنلاحظ بعد ذلك أى إنحدار وصل لهُ شاول عوضاً عن أن يقدم توبة ويصلى نجده يلجأ لأسوأ أسلوب يمكن اللجوء إليه. ولنلاحظ كيف قضى شاول الليلة الأخيرة من عمره.

 

أيه (7) :-

فقال شاول لعبيده فتشوا لي على امراة صاحبة جان فاذهب اليها و اسالها فقال له عبيده هوذا امراة صاحبة جان في عين دور.

لجأ شاول لسؤال إمرأة صاحبة جان فأهان الله إذ أقام هذه المرأة الكاذبة مكان الله. هكذا إنحرف شاول من ضعف إلى أخر حتى إرتكب هذا الشر العظيم.

 

الآيات (8-20) :-

فتنكر شاول و لبس ثيابا اخرى و ذهب هو و رجلان معه و جاءوا الى المراة ليلا و قال اعرفي لي بالجان و اصعدي لي من اقول لك. فقالت له المراة هوذا انت تعلم ما فعل شاول كيف قطع اصحاب الجان و التوابع من الارض فلماذا تضع شركا لنفسي لتميتها. فحلف لها شاول بالرب قائلا حي هو الرب انه لا يلحقك اثم في هذا الامر. فقالت المراة من اصعد لك فقال اصعدي لي صموئيل. فلما رات المراة صموئيل صرخت بصوت عظيم و كلمت المراة شاول قائلة لماذا خدعتني و انت شاول. فقال لها الملك لا تخافي فماذا رايت فقالت المراة لشاول رايت الهة يصعدون من الارض. فقال لها ما هي صورته فقالت رجل شيخ صاعد و هو مغطي بجبة فعلم شاول انه صموئيل فخر على وجهه الى الارض و سجد. فقال صموئيل لشاول لماذا اقلقتني باصعادك اياي فقال شاول قد ضاق بي الامر جدا الفلسطينيون يحاربونني و الرب فارقني و لم يعد يجيبني لا بالانبياء و لا بالاحلام فدعوتك لكي تعلمني ماذا اصنع. فقال صموئيل و لماذا تسالني و الرب قد فارقك و صار عدوك. و قد فعل الرب لنفسه كما تكلم عن يدي و قد شق الرب المملكة من يدك و اعطاها لقريبك داود. لانك لم تسمع لصوت الرب و لم تفعل حمو غضبه في عماليق لذلك قد فعل الرب بك هذا الامر اليوم. و يدفع الرب اسرائيل ايضا معك ليد الفلسطينيين و غدا انت و بنوك تكونون معي و يدفع الرب جيش اسرائيل ايضا ليد الفلسطينيين. فاسرع شاول و سقط على طوله الى الارض و خاف جدا من كلام صموئيل و ايضا لم تكن فيه قوة لانه لم ياكل طعاما النهار كله و الليل.

هناك رأيان فى هذه القصة أى ظهور صموئيل بعد موته لشاول :-

أولاً: أن الذى ظهر هو روح صموئيل فعلاً. وقطعاً لم يأتى بأوامر صاحبة الجان بل بسماح من الله ليعطى درساً أخيراً لشاول لعله يتوب وليوبخه على ما صنعه إذ لجأ للجان عوضاً عن اللجوء لله بالتوبة. وأصحاب هذا الرأى يدللون على ذلك بالأتى :

1- يشوع بن سيراخ يشهد بذلك فيقول "ومن بعد رُقادِه تنبأ وأخبر الملك بوفاته ورفع من الأرض صوته بالنبوءة  لمحو إثم الشعب (23:46).

2-   صراخ المرأة بصوت عظيم يدل على أنها رأت شيئاً لم تتعوده فهى تعودت على شياطينها.

3-   معرفة المرأة لشاول وهو متنكر. ثم قولها آلهة على صموئيل فما رأتهُ كان عجيب عليها.

4-   قول صموئيل لشاول لماذا أقلقتنى بإصعادك إياى = توبيخ لشاول على فعلته الأثمة.

5-   كل ما قاله صموئيل كنبوة قد حدث (الآيات 16-19). وواضح أنه إنذار أخير لشاول لعلّه يتوب.

ثانياً : أن الذى ظهر شيطان وإدّعى أنه صموئيل وأصحاب هذا الرأى يدللون على ذلك :-

1- هو خداع شيطانى فالشيطان "يغير شكله إلى ملاك نور" (2كو 11 : 14+2تس 4:2) حيث نفهم أنه سيظهر نفسه على أنه الله نفسه + (مت 24:24) لنعلم خداعاته.

2- نبوات الروح الذى ظهر لا يحتاج لذكاء فهو يعرف قوة جيش الفلسطينيين وضعف جيش شاول وأنها معركة خاسرة وأن الفلسطينيين لن يهدأوا إلاّ لو تخلصوا من شاول.

3-   كلمات الروح لشاول ليست فيها دعوة للتوبة والتصالح مع الله بل هو وضع شاول فى حالة يأس خطيرة بلا أى رجاء.

4-   رُعب المرأة هو تمثيلية متقنة منها ومعرفتها لإسم شاول قد دلها عليه شياطينها.

وفى آية(10) فحلف لها شاول بالرب = مازال لهُ مظهر الدين وهو فاقد لجوهره. وكيف يحلف لها بالله ليحميها ضد الناموس الذى يطلب رجم الساحرات (لا 27:20). وفى (9) نجد المرأة خائفة على حياتها أى من أن يقتلها شاول ولكنها خائفة على خلاص نفسها. ثم نجد شاول يقول لها لا يلحقك إثم فى هذا الأمر = فهل شاول يضع ناموساً جديداً أو يحميها من غضب الله.

وهذا الذى إدّعى أنه سيحمى المرأة صاحبة الجان سرعان ما إنهار وسقط على وجهه مرعوباً فهو أولاً إرتعب من الفلسطينيين ثم إنهار أمام عبيده الذين يعلمون أنه سبق ونفى كل أصحاب الجان وها وهو يرجع ويعلن إحتياجه لهم ممّا إضطر للتنكر حتى يكتشف أحد شخصيته.

 

آية(21) :-

ثم جاءت المراة الى شاول و رات انه مرتاع جدا فقالت له هوذا قد سمعت جاريتك لصوتك فوضعت نفسي في كفي و سمعت لكلامك الذي كلمتني به.

وضعت نفسى فى كفى = أى جازفت بحياتى لأجلك وأنا أعلم أن هذا الأمر ممنوع.

 

آية(22-24) :-

و الان اسمع انت ايضا لصوت جاريتك فاضع قدامك كسرة خبز و كل فتكون فيك قوة اذ تسير في الطريق. فابى و قال لا اكل فالح عليه عبداه و المراة ايضا فسمع لصوتهم و قام عن الارض و جلس على السرير. و كان للمراة عجل مسمن في البيت فاسرعت و ذبحته و اخذت دقيقا و عجنته و خبزت فطيرا.

هنا المرأة تشفق على شاول بسبب إنهياره وقدمت لهُ أفخر أطعمتها.

 

آية(25) :-

ثم قدمته امام شاول و امام عبديه فاكلوا و قاموا و ذهبوا في تلك الليلة.

هى نهاية محزنة مخزية لملك كانت بداياته مشجعة جداً. هذا يمثل من يمنحه الله مواهب كثيرة فيدخله الغرور والكبرياء. والإنسان الفاسد داخلياً يجمع لنفسه مرارة من يوم إلى يوم حتى اللحظة الأخيرة من حياته. وأمّا الإنسان الروحى فيخزن فى أعماقه أمجاداً متلاحقة تملأ أعماقه فرحاً حتى نهاية حياته على الأرض.


 

الإصحاح التاسع والعشرون

الآيات (1-11) :-

و جمع الفلسطينيون جميع جيوشهم الى افيق و كان الاسرائيليون نازلين على العين التي في يزرعيل. و عبر اقطاب الفلسطينيين مئات و الوفا و عبر داود و رجاله في الساقة مع اخيش. فقال رؤساء الفلسطينيين ما هؤلاء العبرانيون فقال اخيش لرؤساء الفلسطينيين اليس هذا داود عبد شاول ملك اسرائيل الذي كان معي هذه الايام او هذه السنين و لم اجد فيه شيئا من يوم نزوله الى هذا اليوم. و سخط عليه رؤساء الفلسطينيين و قال له رؤساء الفلسطينيين ارجع الرجل فيرجع الى موضعه الذي عينت له و لا ينزل معنا الى الحرب و لا يكون لنا عدوا في الحرب فبماذا يرضي هذا سيده اليس برؤوس اولئك الرجال. اليس هذا هو داود الذي غنين له بالرقص قائلات ضرب شاول الوفه و داود ربواته.فدعا اخيش داود و قال له حي هو الرب انك انت مستقيم و خروجك و دخولك معي في الجيش صالح في عيني لاني لم اجد فيك شرا من يوم جئت الي الى اليوم و اما في اعين الاقطاب فلست بصالح.فالان ارجع و اذهب بسلام و لا تفعل سوءا في اعين اقطاب الفلسطينيين. فقال داود لاخيش فماذا عملت و ماذا وجدت في عبدك من يوم صرت امامك الى اليوم حتى لا اتي و احارب اعداء سيدي الملك. فاجاب اخيش و قال لداود علمت انك صالح في عيني كملاك الله الا ان رؤساء الفلسطينيين قالوا لا يصعد معنا الى الحرب. و الان فبكر صباحا مع عبيد سيدك الذين جاءوا معك و اذا بكرتم صباحا و اضاء لكم فاذهبوا. فبكر داود هو و رجاله لكي يذهبوا صباحا و يرجعوا الى ارض الفلسطينيين و اما الفلسطينيون فصعدوا الى يزرعيل.

وصلت المشكلة التى وضع داود نفسه فيها إلى ذروتها. فقد وضع نفسه فى مأزق رهيب فهو الأن مطالب بأن يحارب شعبه تحت قيادة ملك وثنى إستضافه وهو فى ضيقته والآن يطالبه برد الجميل. والمأزق إن لم يحارب داود فى صف الفلسطينيين فهو خائن لمن إستضافه وإن حارب معهم ضد شعبه لصار مكروهاً فى إسرائيل ويرفضونهُ كملك. والله وحده الذى يستطيع حل هذه المشكلة التى وضع نفسه فيها وقد فعل، فداود قلبه مستقيم مع الله. الله أدّبه على تركه يهوذا لكن الله لا يسمح بأن تزيد التجربة على إحتمال أولاده (1كو13:10). والحل تمثل فى رفض أقطاب الفلسطينيين لداود وإعتبروه غير أميناً فى علاقته معهم وأنه لو دخل الحرب فمن المؤكد أنه سينقلب على الفلسطينيين ويقف فى صف شعبه.

وفى آية(2) :-فى الساقة = أى فى مؤخرة الجيش لذلك لم يلاحظ قادة الجيش الفلسطينى وجود داود منذ البداية.

وفى آية(4) :-أليس برؤوس أولئك الرجال = هو يرضى سيده أى إلهه أو ملكه بأن يستدير ويقتل الفلسطينيين فى الحرب فهو الأن يناصرنا ظاهرياً ولكن فى الحرب سيسلمنا ليدهم. وكان أخيش يحب داود لكنه هو واحد وسط خمسة أقطاب فنزل على رأى الأغلبية وطلب من داود الرجوع. ولاحظ تأثير داود على أخيش فترة وجودهُ عندهُ ففى الآية(6) نجد أخيش يحلف بالرب حىّ هو الرب وفى آية(9) يشبه داود بملاك الله فمن أين أتى أخيش بهذه الكلمات إلاّ من داود. ولاحظ أن كلمة الرب التى إستخدمها أخيش فى الأصل يهوة. فمن أين أتى أخيش بهذه الإصطلاحات إلاّ من داود فواضح أن تأثير داود رجل الإيمان على من حولهُ تأثير عظيم جبار. أو لو كان أخيش يجامل داود بهذه الألفاظ الدينية الإسرائيلية فهذا لأنه أحبه وإحترم إلهه وإعتبره كإله يمكن أن يحلف بإسمه وهذه عموماً أول خطوة فى طريق الإيمان. وراجع آية(6) لترى كم كان أخيش محباً لداود وما أعظم شهادة غير المؤمنين للمؤمنين. وآية(8) داود يرد المجاملة ومن المؤكد كان قلبه يطير من الفرح إذ تخلص من المأزق وعَلِمَ أنه لن يحارب شعبه.


 

الإصحاح الثلاثون

الآيات (1-6) :-

و لما جاء داود و رجاله الى صقلغ في اليوم الثالث كان العمالقة قد غزوا الجنوب
و صقلغ و ضربوا صقلغ و احرقوها بالنار. و سبوا النساء اللواتي فيها لم يقتلوا احدا لا صغيرا و لا كبيرا بل ساقوهم و مضوا في طريقهم. فدخل داود و رجاله المدينة و اذا هي محرقة بالنار و نساؤهم و بنوهم و بناتهم قد سبوا. فرفع داود و الشعب الذين معه اصواتهم و بكوا حتى لم تبق لهم قوة للبكاء. و سبيت امراتا داود اخينوعم اليزرعيلية
و ابيجايل امراة نابال الكرملي. فتضايق داود جدا لان الشعب قالوا برجمه لان انفس جميع الشعب كانت مرة كل واحد على بنيه و بناته و اما داود فتشدد بالرب الهه.

الله ينقذ أولاده ولكنه يؤدبهم. فداود أخطأ بوجوده فى صقلغ وسط الفلسطينيين ممّا كان سيؤدى أن يقاتل شعبه وربما فعل ما كان قد إمتنع عنهُ مرّات أن يقتل هو شاول مسيح الرب وربما رفضه شعبه كملك بسبب هذا وكان بذلك يعطل خطة الله لإقامة مملكة حسب قلبه فالله تدخل لينقذ داود وليتمجد إسم الرب لكن كان لابد لهُ من درس ليؤدبه. فبقائه فى مغاير يهوذا كان أفضل لهُ من هذه الورطة.

ولقد إستغل عماليق خروج داود ورجالهُ من صقلغ للإشتراك فى الحرب ضد الفلسطينيين وضربوا صقلغ وأحرقوها وسبوا النساء والأولاد وهنا نرى كم كانت شفقة شاول على ملك عماليق بلا معنى. ونرى الأن داود فى ضيقة لم  يقابلها من قبل والأمور زاد تعقيدها بشكل عجيب :-

1-   هو مطرود ومرفوض من وطنه وشاول الملك.

2-   هو مرفوض من الفلسطينيين.

3-   شعبه ورجاله الذين أكلوا من خبزه رفعوا عليه العقب. فرجاله أرادوا رجمهُ فقد سبيت نسائهم.

4-   نساؤه هو شخصياً مسبيين.

5-   خيامهم محروقة بالنار.

وهذا الموقف بالتأكيد يحتاج لإيمان قوى كإيمان داود = فتشدد داود بالرب إلهه.

 

آية(7) :-

ثم قال داود لابياثار الكاهن ابن اخيمالك قدم الي الافود فقدم ابياثار الافود الى داود.

أخطأ داود حين نزل مع أخيش دون إستشارة الرب ولكن الأن نجده تعلَّم الدرس وها هو يستدعى الكاهن لسؤال الله بالأوريم = الأفود. وهذه هى فائدة التجارب. ولاحظ أنه حين رجع داود للرب فحتى جنودهُ الذين فكروا فى رجمه عادوا للخضوع لهُ وحاربوا معهُ.

 

آية(8) :-

فسال داود من الرب قائلا اذا لحقت هؤلاء الغزاة فهل ادركهم فقال له الحقهم فانك تدرك و تنقذ.

فإنك تدرك وتنقذ = إذاً هى ضربة محدودة للتأديب فقط ولاحظ أنهم لم يفقدوا قشة وعادوا جميعاً سالمين رجالاً ونساء وأطفال وبكل ممتلكاتهم بل كانت غنيمتهم كبيرة جداً حتى أن داود وزع على شعب يهوذا
(راجع أيات 19،20). إذاً لماذا نخاف من التجارب والضيقات فهى :

(1)  للتأديب ونزع  الخطايا  حتى نؤهل لميراث السماوات وحتى لا يضيع منّا هذا الميراث إن بقى حالناً على ما هو عليه دون تأديب.

(2)    لن نخسر شئ بل بعد كل تجربة نعود محملين بالغنائم (فضائل وبركات).

(3)  إذا صبرنا على التجربة يفيض الله علينا بركات مادية (غنائم / رجوع الجنود لداود وهذا يعادل مصالحتنا مع أهل العالم) وبركات روحية أى مصالحة مع الله ومع السمائيين الذين سيفرحون بتوبتنا.

 

آية(9) :-

فذهب داود هو و الست مئة الرجل الذين معه و جاءوا الى وادي البسور و المتخلفون وقفوا.

وادى البسور = البسور هو جدول صغير ينحدر من جبال أدومية إلى البحر المتوسط عند غزة ويعتقد البعض أنه هو المقصود بنهر مصر أى الذى على حدود مصر (تك18:15).

والمتخلفون وقفوا = كان رجال داود 600 لكن 200 منهم لم يحتملوا وتخلفوا عن المعركة ولم يعبروا نهر البسور بسبب إعيائهم. وذهب داود ومعهُ 400 فقط ليقابل عماليق.

 

آية(11) :-

فصادفوا رجلا مصريا في الحقل فاخذوه الى داود و اعطوه خبزا فاكل و سقوه ماء.

فصادفوا رجلاً مصرياً = صادف داود ورجاله رجلاً مصرياً فى حالة إعياء تام بين الحياة والموت لم يأكل ولم يشرب منذ 3 أيّام. ويبدوأنه كان عبد لرجل عماليقى سبق وأسره وإستعبده وحينما مرض ألقاه بلا شفقة فى البرية إلى أن كاد يموت. وأعطاه داود المملوء شفقة طعاماً وماء فرجعت روحهُ إليه. وأخبرهم أنه كان مع سيده هاجم العمالقة. جنوب الكريتيين = قبيلة من الفلسطينيين أرضهم فى الجنوب
(حز 16:25+صف5:2) ربما كان أصلهم من كريت. وحين هاجم العماليق يهوذا

 

 

 

الآيات (12-14) :-

و اعطوه قرصا من التين و عنقودين من الزبيب فاكل و رجعت روحه اليه لانه لم ياكل خبزا و لا شرب ماء في ثلاثة ايام و ثلاث ليال. فقال له داود لمن انت و من اين انت فقال انا غلام مصري عبد لرجل عماليقي و قد تركني سيدي لاني مرضت منذ ثلاثة ايام. فاننا قد غزونا على جنوبي الكريتيين و على ما ليهوذا و على جنوبي كالب و احرقنا صقلغ بالنار.

ولاحظ أن داود لكرمه ومحبته إهتم بهذا الإنسان الملقى فى البرية وتعطّل عن اللحاق بالغزاة لأنه لم يكن ممكناً لهُ أن يترك إنسان مشرف على الموت وهو قادر أن يقدم لهُ يد المساعدة. ولم يكن يعلم داود أن هذا الإنسان هو الذى سيساعده ويكون مرشداً لهُ (الأنبا بيشوى).

 

آية(15) :-

فقال له داود هل تنزل بي الى هؤلاء الغزاة فقال احلف لي بالله انك لا تقتلني و لا تسلمني ليد سيدي فانزل بك الى هؤلاء الغزاة.

طلب داود من المصرى أن يقوده لمكان الغزاة فوافق على أن لا يقتله إذ كانوا قديماً يستعملون الدليل فى الحروب ثم يقتلونه لئلاّ يخونهم.

 

آية(16) :-

فنزل به و اذا بهم منتشرون على وجه كل الارض ياكلون و يشربون و يرقصون بسبب جميع الغنيمة العظيمة التي اخذوا من ارض الفلسطينيين و من ارض يهوذا.

كانوا فى حالة لهو وعدم إكتراث إذ يعلمون أن الفلسطينيين واليهود كلاهما فى حرب فلن يلحق بهم أحد بسرعة. ولنلاحظ فقد يكون اللهو والرقص فى ليلة هلاك الإنسان أى قد تكون ليلة اللهو هذه أخر ليلة فى عُمُرُ الإنسان (حدث هذا هنا ومع بيلشاصر دانيال 5) وهكذا كانت أخر ليلة لشاول وقد قضاها فى عين دور مع صاحبة جان.

 

الآيات (17-20) :-

فضربهم داود من العتمة الى مساء غدهم و لم ينج منهم رجل الا اربع مئة غلام الذين ركبوا جمالا و هربوا. و استخلص داود كل ما اخذه عماليق و انقذ داود امراتيه. و لم يفقد لهم شيء لا صغير و لا كبير و لا بنون و لا بنات و لا غنيمة و لا شيء من جميع ما اخذوا لهم بل رد داود الجميع. و اخذ داود الغنم و البقر ساقوها امام تلك الماشية و قالوا هذه غنيمة داود.

الله يؤدب ولكنه يحفظ الجميع فقلوب كل إنسان فى يد الله. بل هو الذى دبّر وجود الرجل المصرى الذى كان دليلاً لداود وهكذا يسمح الله بضربات محدودة ليؤدب (قصة أيوب). وفى (17) يبدوأن داود ورجالهُ وصلوا المنطقة فى المساء فكمنوا لهم حتى نام العمالقة وعند السَحَرْ هجم برجاله عليهم ودام القتال كل النهار.

 

آية(21) :-

و جاء داود الى مئتي الرجل الذين اعيوا عن الذهاب وراء داود فارجعوهم في وادي البسور فخرجوا للقاء داود و لقاء الشعب الذين معه فتقدم داود الى القوم و سال عن سلامتهم.

داود ذو القلب الرقيق نجده هنا يسأل عن المتخلفين من الإعياء ولا يوجه لهم كلمة لوم.

 

الآيات (22-25) :-

فاجاب كل رجل شرير و لئيم من الرجال الذين ساروا مع داود و قالوا لاجل انهم لم يذهبوا معنا لا نعطيهم من الغنيمة التي استخلصناها بل لكل رجل امراته و بنيه فليقتادوهم و ينطلقوا. فقال داود لا تفعلوا هكذا يا اخوتي لان الرب قد اعطانا و حفظنا و دفع ليدنا الغزاة الذين جاءوا علينا. و من يسمع لكم في هذا الامر لانه كنصيب النازل الى الحرب نصيب الذي يقيم عند الامتعة فانهم يقتسمون بالسوية. و كان من ذلك اليوم فصاعدا انه جعلها فريضة و قضاء لاسرائيل الى هذا اليوم.

طلب بعض الأشرار أن لا يشترك الـ 200 فى الغنيمة فرفض داود وإستغل داود نصاً فى الشريعة ليثبت رأيه (عد25:31-27). وإعتبر أن هؤلاء الـ 200 بقوا لأنهم مكلفين بوظيفة حفظ الأمتعة. وقطعاً فهم لا ينطبق عليهم نص الشريعة تماماً ولكنهم أيضاً لم يقصروا إهمالاًأو جبناً بل عن إعياء. ولذلك قيل فى (25) أنها صارت فريضة جعلها داود فى إسرائيل. وحكمة داود فى هذا جنبت رجاله شر الإنقسام والقتال بين بعضهم البعض. وفى (23) هو إعتبر أن الإنتصار هبة من الله فلم ينسب الإنتصار لنفسه أو لرجاله.

وفى رموز هذه المعركة للمسيح :

داود

 

المسيح

27- الـ 400 الذين حاربوا مع داود وعبروا النهر

الـ 200 الذين أصابهم الإعياء.

المعركة ضد عماليق + داود يوزع غنائم

28- داود يحرر إمرأتيه

 

كنيسة العهد الجديد التى عبرت مياه المعمودية

شعب العهد القديم المثقل بأعباء الناموس

هى معركة الصليب + المسيح يوزع بركات

المسيح حرّر شعب العهد القديم والعهد الجديد

 

 

الآيات (26-31) :-

و لما جاء داود الى صقلغ ارسل من الغنيمة الى شيوخ يهوذا الى اصحابه قائلا هذه لكم بركة من غنيمة اعداء الرب. الى الذين في بيت ايل و الذين في راموت الجنوب و الذين في يتير. و الى الذين في عروعير و الذين في سفموث و الذين في اشتموع. و الى الذين في راخال و الذين في مدن اليرحمئيليين و الذين في مدن القينيين. و الى الذين في حرمة و الذين في كور عاشان و الذين في عتاك. و الى الذين في حبرون و الى جميع الاماكن التي تردد فيها داود و رجاله.

إتسم داود بإتساع القلب والكرم فنحن نجد أن العمالقة فرحوا بالغنيمة ولكن داود إقتسمها مع الذين أعيوا فى الطريق ومع شعب يهوذا. وهذه هى المحبة الأخوية. هو إعتبر أن الله هو الذى أعطى النصرة وبالتالى هو ليس لهُ حق فيها وحده فطالما الله هو الذى بارك فليقتسم البركة مع باقى الإخوة. وواضح أن الغنيمة كانت كبيرة جداً. وهو إعتبر أن هذه بركة من الله وأن هديته لرجال يهوذا هى بركة من الرب. هذه هى تصرفات الملوك فهم لا يهتمون بأنفسهم بل بشعوبهم، هو حارب لا لحساب نفسه بل حارب حروب الرب لحساب شعبه لذلك حين جاء الوقت ليملكوه ملكوه عليهم بفرح. وهذا حالنا مع المسيح ولاحظ أن أول هدية كانت لبيت إيل = وهى غير بيت إيل المشهورة وهذه فى بنيامين. أما بيت إيل المذكورة هنا فهى فى يهوذا (يش16:12) وذلك لأن بيت إيل تعنى بيت الله وأول ما نذكره يجب أن يكون بيت الله. ونلاحظ أنه لا هدايا للزيفيين فهم خونة لا يستحقون.


 

الإصحاح الحادى والثلاثون

الآيات (1-2) :-

و حارب الفلسطينيون اسرائيل فهرب رجال اسرائيل من امام الفلسطينيين و سقطوا قتلى في جبل جلبوع. فشد الفلسطينيون وراء شاول و بنيه و ضرب الفلسطينيون يوناثان و ابيناداب و ملكيشوع ابناء شاول.

تحدث الوحى عن إنتصار ثم عاد إلى الحرب القائمة بين إسرائيل وشاول الملك ضد الفلسطينيين. وها نحن نرى شاول يرى بعينيه موت أولادهُ أمامُه. شاول حاول مراراً قتل داود وفشل وداود رفض أن يمس شاول وترك الأمر كله لله. وطارد شاول داود حتى هرب وظن شاول أنه إستراح وصار الملك لهُ ولأولاده ولم يُدرك أنه بهذا حفظ داود ليستلم الملك بعد موت شاول وبنيه. بل إن نفس يوم هزيمة شاول وموته كان يوم إنتصار لداود فمن يتكل على الله لا يخزيه الله أبداً ومن يتخلى عن الله يتخلى الله عنه فلابد أن ينهزم. ليتنا لا نتعجل على الدينونة فسيسقط الشيطان يوماً ما هو وكل جنوده وتكون النصرة للمؤمنين مهما طالت ألامهم وإضطهاد الشيطان لهم. فها هو شاول يموت لا بيد داود ولكن بيد أعدائه هو.

 

الآيات (3-5) :-

و اشتدت الحرب على شاول فاصابه الرماة رجال القسي فانجرح جدا من الرماة. فقال شاول لحامل سلاحه استل سيفك و اطعني به لئلا ياتي هؤلاء الغلف و يطعنوني
و يقبحوني فلم يشا حامل سلاحه لانه خاف جدا فاخذ شاول السيف و سقط عليه. و لما راى حامل سلاحه انه قد مات شاول سقط هو ايضا على سيفه و مات معه.

ركز الفلسطينيون ضرباتهم على شاول لأنه إذا سقط شاول يسقط الجيش كله وحينما جُرِح خاف أن يفعل به الفلسطينيون ما فعلوه بشمشون ويقلعون عينيه ويمثلوا به. لذا طلب من حامل سلاحه الذى هو بحسب التقليد اليهودى دواغ الأدومى أن يقتله. فأخذ شاول السيف: يُقال أن السيف هو سيف دُواغ الأدومى الذى قتل به الكهنة. فبالسيف الذى قُتِلَ به الكهنة بأمر شاول نفسه انتحر به شاول أيضاً. ولنلاحظ أن الإنتحار غريب على شعب الرب لكنه عادة عند الوثنيين. وفى (5) نجد دُواغ الأدومى ينتحر هو أيضاً بنفس السيف.

 

الآيات (6-7) :-

فمات شاول و بنوه الثلاثة و حامل سلاحه و جميع رجاله في ذلك اليوم معا. و لما راى رجال اسرائيل الذين في عبر الوادي و الذين في عبر الاردن ان رجال اسرائيل قد هربوا و ان شاول و بنيه قد ماتوا تركوا المدن و هربوا فاتى الفلسطينيون و سكنوا بها.

مات أبناء شاول معهُ وهم أبرياء وقد يموت البرئ مع الشرير لكن نفسه ستخلص وهذا مثال كيف تجنى خطية واحد على أبنائه فأبناء يوناثان ماتوا بسبب خطية أبيهم شاول ولكن نفوسهم محفوظة لخلاص أبدى فخطية الأب لا يمكن أن تؤثر على خلاص نفس الإبن. وهل يهلك يوناثان المحب بطل الإيمان. ومات جميع رجالهُ: أى حرسهُ الخاص. أمّا إبنه إيشبوشث العاجز عن العمل ورئيس جيشه أبنير فلم يموتا. وموت يوناثان خلّص داود من مأزق فإن كان إيشبوشت عديم الفائدة وَجَدَ من يملكه فكم بالأولى يوناثان. ولو تنازل يوناثان لداود لكان يوناثان هو الذى ملّك داود وليس الرب.

 

الآيات (8-12) :-

و في الغد لما جاء الفلسطينيون ليعروا القتلى وجدوا شاول و بنيه الثلاثة ساقطين في جبل جلبوع. فقطعوا راسه و نزعوا سلاحه و ارسلوا الى ارض الفلسطينيين في كل جهة لاجل التبشير في بيت اصنامهم و في الشعب. و وضعوا سلاحه في بيت عشتاروث و سمروا جسده على سور بيت شان. و لما سمع سكان يابيش جلعاد بما فعل الفلسطينيون بشاول. قام كل ذي باس و ساروا الليل كله و اخذوا جسد شاول و اجساد بنيه عن سور بيت شان و جاءوا بها الى يابيش و احرقوها هناك.

ليعروا القتلى: ليسلبوا الثياب الثمينة وكل ما لهُ قيمة والأسلحة. وضعوا سلاح شاول فى بيت عشتاروت: هم بهذا ينسبون الإنتصار لإلههم. ولقد ظن الفلسطينيون أنهم بقتلهم شاول أنهم أنتصروا إنتصاراً نهائياً على إسرائيل لكن سرعان ما أتى داود ليخضعهم فلا يوجد من ينتصر على الله. ونجد أهل يابيش جلعاد يردون الجميل لشاول الذى سبق وخلصهم من ناحاش. وصاموا سبعة أيام: علامة الحزن والنوح الشديد. وحرق الأجساد شذوذ على قاعدة دفن الأجساد سليمة وربما خافوا أن يأتى الفلسطينيين ثانية لأخذ الأجساد. ولاحظ أن السفر بدأ بميلاد صموئيل الذى جاء كهبة إلهية وثمرة للصلاة والدموع وتقوى أمه وينتهى بإنتحار شاول الذى كان بحسب مشورة الشعب وبحسب قلبهم. وعلى كل إنسان إمّا أن يختار الله فيحيا فى كرامة أو يختار العالم فتكون نهايته مخزية

 

الصفحة الرئيسية