التكوين
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
كاتب الأسفار الخمسة هو موسي النبي
1. شهادة العهد القديم:- نسمع كثيراً "كلم الرب موسي" (خر 25: 1) في الأسفار الخمسة وفي باقي العهد القديم نسمع كثيراً " كما هو مكتوب في شريعة موسي رجل الله (عز 2:3) والله هو الذي أمر موسي أن يكتب كل هذا تذكاراً (خر 14:17) فالله أراد أن يذكر ويسجل كل أعماله مع شعبه. راجع (عز 2:3، 18:6 + نح 1:8 + دا 13:9 + مل4:4).
2. شهادة العهد الجديد:- نسب المسيح والرسل الشريعة والناموس لموسي (يو5: 46-47 وراجع أع 21:15 + رو 10: 5).
3. تثار أسئلة كيف كتب موسي وكيف عرف كل هذه المعلومات
أ. الكتاب كله موحي به من الروح القدس الذي ساق أناس الله القديسون لكي يكتبوا ما كتبوه راجع، (2تي16:3 + 2بط 21:1).
ب. أخبار الخلقة وأخبار الآباء تناقلت عبر رجال الله الأتقياء بدون تشويه عبر أجيال نحددها كالآتي، آدم – متوشالح – سام – إبراهيم – إسحق – لاوى – قهات – موسي. والأحداث هنا تم تناقلها شفوياً من جيل إلي جيل.
ج. إذا كان الله قد أظهر لموسي مثال لخيمة الإجتماع علي الجبل ليصنع مثلها راجع (خر 40:25)، فهل لا نتصور أن الله لا يظهر كل الحق لموسي سواء بصورة أو برؤيا ليكتبه شهادة للأجيال وهذا الكلام سيبقي لآخر الأيام، في الوقت الذي يظهر له الله مثالاً لخيمة سينتهي إستخدامها بعد عدة مئات من السنين.
د. موسي تهذب بكل حكمة المصريين (خر 10:2 + أع 21:7) فهو قادر علي الكتابة.
ه. جاءت الأسفار الخمسة تضم كثير من الكلمات المصرية. صفنات فعنيح (تك 45:41) وأسنات (تك 45:41) وبعض اسماء المدن وإستخدم لكلمة كأس الكلمة المصرية طاس. وأورد عادات مصرية معروفة مثل عزل إخوة يوسف عن يوسف والمصريين علي المائدة (تك 32:43 + تك 34:46 + 22:47) والمعلومات الجغرافية الواردة صحيحة فهذا يقطع بأن كاتب هذه الأسفار عاش في مصر ويعرفها.
يدعي في العبرية "بي راشيت" وهي الكلمة الآولى في السفر وهي عبرية وتعني "في البدء" وتسميته التكوين فمترجمة عن السبعينية وتعني الأصل أو بداية الأمور وفي الإنجليزية Genesis ومنها Generate بمعني يلد أو يولد أو ينتج، “Generation” بمعني توليد أو نسل أو ذرية أو جيل أو نشوء. وهكذا جاءت نفس الكلمة في أول آية في أنجيل متي The book of the generation of Jesus وهي اليونانية BiBλOS ΓeυσEWς.
والسفر يحوي فعلاً البدايات لكل شئ فهو يحوي بداية الخليقة وبداية الجنس البشري وبداية الزواج وبداية دخول الخطية والموت وبداية نشأة الأمم والحرف والفنون وإختراع مخترعات. وهو يحوي أيضا سلسلة الأنساب الأولى.
سمات السفر وغايته
1. كتب موسي وسجل تاريخ العالم في شئ من البساطة التي يفهمها الرجل العامي فهو ليس كتاباً علمياً، ولكن حين تعرض للعلم لم يخطئ. وكان أن إبتعد في كتاباته عن الخزعبلات التي إنتشرت في وقته وكانت في وقتها هي النظريات العلمية السائدة. هو نظر في أعمال الله ليظهر نفعها للبشر ويظهر الله كخالق ماهر يخلق كل هذه الطبيعة حتي يتمتع بني ادم بها، ولم ينظر إلي فلسفات أو نظريات علمية في طبيعة الخلقة.
2. كون أن الله خلق العالم فهذا يثبت أن العالم ليس أزلياً ولا أبدياً فله بداية وله نهاية.
3. يبرز هذا السفر أن الإنسان ليس مجرد خليقة وسط ملايين الكائنات لكن كائن فريد يحمل السمة الأرضية في الجسد والسماوية في الروح. وقد وهبه الله الإرادة الحرة دوناً عن باقي المخلوقات فالكواكب لها قوانين تسير عليها والحيوانات تسلك حسب غريزة طبيعيه.
4. يظهر السفر إعتزاز الله بنا فهو ينسب نفسه للبشر ويدعو نفسه " إله إبراهيم وإسحق ويعقوب… فهو يود أن يكون إلهاً خاصا بكل إبن له". بل هو أب للإنسان ولم يخلقه أسيراً ولا في ذل يتحكم فيه كيفما أراد، بل خلقه ليكون إبناً له، خلق لأجله المسكونة، وهيأ له الأمجاد الأبدية ليرفعه إلي حيث يوجد الله أبوه ليعيش الإنسان شريكاً في المجد، متنعماً بالأبوة الفائقة. إذن هو السفر الذي بدأ بشرح علاقة الله بنا. وشرح السفر أهمية الوصية الإلهية وخطورة مخالفتها.
5. فضح عدو الخير وأعلن خططه المهلكة وشهوته من جهة هلاك الإنسان. ووعد الله بالخلاص من هذا العدو، وفي نفس الوقت يظهر الله صداقته للإنسان، فيتمشي صوته عند هبوب ريح النهار علي الجنة ليلتقي بالإنسان الساقط، وفي الحقل يحاج قايين الخاطئ القاتل، "وعند ثورة بابل ينزل ليري ماذا يفعل الإنسان، ويقبل ضيافة إبراهيم مع ملاكيه" ويصارع مع يعقوب ليصلح شيئاً ما في داخله. ولنلاحظ أن السفر يظهر قدرة الله علي الخلقة ويظهر محبة الله للإنسان ولكن إعلان قدرته سهل فالسموات بجندها تحدث بمجد الله والفلك بمداراته يخبر بعمل يديه، أما محبة الله وحتي يظهرها للإنسان كلفته الكثير فقد خبر بها إبنه الوحيد المتجسد علي الصليب. إذاُ هناك صراع بين الله المحب الذي لا يريد أن يهلك أي أحد بل أن يخلص كل واحد وبين الشيطان الذي يتودد للإنسان بملذات العالم، وميدان الصراع هو الإنسان الذي خلقه الله حراً. بل هناك من قال أن الكتاب المقدس كله جاء ليكشف ما ورد في هذا السفر عن حديث الله للحية " أضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه (15:3). فالكتاب المقدس يعلن الصراع المر بين عدو الخير والإنسان.
6. نجد أن الخطية قد أفسدت عيني الإنسان وأفقدته القدرة علي لقاء صديقه الأعظم الله. فكان الله قد خلق الإنسان بعد أن هيأ له خلال ملايين السنين أرضاً وسماء وبحراً هي جنة بالحقيقة، بل كان الله شريكاً للإنسان في عمله ورفيقاً له يكلم الإنسان ويريد مجده. وجاءت الخطية فأقامت حاجزاً كثيفاً بين الله والإنسان فعجز الإنسان عن أن يدخل في حوار مع الله وذلك للآتى:-
أ. لا شركة للنور مع الظلمة وقد إختار الإنسان طريق الظلمة أي الخطية.
ب. مع زيادة حجم الخطية إزداد سمك هذا الحاجز الكثيف، فنجد أن الله بعد سقوط آدم وقايين مباشرة يأتي ليكلمهم. ولكن نجد أن الإنسان بدأ يهرب من لقاء الله، فآدم مثلاً إختبأ من أمامه خائفاً أن يفتضح من نوره، كان آدم مثل من لا يستطيع ان ينظر في نور الشمس حتي لا تحترق عيناه وكمن يفضل أن يتستر بالظلام ليتداري شكله المزري.
ج. حَرصَ الله فى محبته أن يخفي نفسه عن الإنسان وكان هذا رد الله علي موسي حين طلب أن يري مجده (خر33) والسبب " لا يراني الإنسان ويعيش" فالله خاف علي موسي وعلي الإنسان أن يحترق ويموت عند رؤيته وهو نار ونور والخطية أضعفت طبيعة الإنسان مثل المرض حينما يفسد صحة إنسان. فكان إحتجاب الله يظهر محبته من ناحية حتي لا يهلك الإنسان ويظهر أيضا قداسته فلا شركة للنور مع الظلمة وقد إختار الإنسان طريق الظلمة، طريق الإنفصال.
د. لم يسكت الله علي هلاك الإنسان بل كان التجسد ليعيد الوحدة بين الله مع الإنسان ثم الصليب لتموت طبيعة الإنسان العتيقة ويأخذ طبيعة جديدة. وهذا شرحه الله في سفر التكوين حينما شرح الطريقة التي سترت آدم وهي الذبيحة ثم السلوك الحي حتي يتحقق عودة الصداقة بين الله والإنسان.
7. في عرض السفر لحياة الأباء البطاركة رأينا
أ. الله يعمل في أولاده طالما وجد فيهم بصيصاً من الإيمان (إبراهيم/ إسحق...).
ب. أبرز الله بطولاتهم الرائعة الإيمانية الحية.
ج. كشف الله عن ضعفاتهم ولم يضفي عليهم مسحة من العصمة من الخطأ وذلك:- 1-حتي لا نيأس إذا أخطانا، فقد أخطأ الآباء ولم يهلكوا. 2-حتي ندرك أنه ليس صالح ليس ولا واحد والكل محتاج للمسيح الصالح وحده.
د. رأينا في بركة الله لهم، ثمار الطاعة، هذه الطاعة التي كملت بطاعة المسيح.
ه. عناية الله بهم خلال حياتهم وصداقته لهم.
و. إستغل الله حياتهم وإستخدمهم كرموز ليشرح بهم خطته الخلاصية كما حدث في قصة إبراهيم مع إسحق وتقديمه له ذبيحة.
8. كشف السفر عن مفهوم البركة واللعنة، فالله الطيب الحنون الذي أعطانا نعمة الوجود وأسكننا في الجنة وخلقنا علي صورته، هو نفسه الله القدوس العادل الذي لا يترك الخطية بدون عقوبة.
البركة: عندما خلق الله الإنسان باركه بركة مجانية فهو لم يفعل شيئاً يستحق عليه البركة "وباركهم الله وقال أثمروا… (تك 28:1) " وأعطاهم بركة السلطة والسيادة. فأصبح الإنسان مثل الله علي الأرض أو نائباً له وسيداً لكل الخليقة. ثم بارك نوحاً وبنيه بعد الطوفان 9: 2،1 ثم بارك إبراهيم وإسحق ويعقوب (1:12-3) ورأينا البركة درجات 1- تكون مباركاً 2- تصير بركة بل رأينا البشر يباركون آخرين (تك 19:14) وإبراهيم بارك إسحق… إلخ وكان الله يعتمد هذه البركة. ومن أمثال هذا النوع بركة الوالدين لأبنائهم. وهناك بركة مجانية يعطيها الله، كما لآدم، وهناك بركة نتيجة عمل صالح كما بارك الله إبراهيم لتقديمه إبنه ذبيحة. وهناك بركة الإبن البكر هذا إذا حافظ علي بكوريته بلا عيب ولم يكن كعيسو مستبيحا لبكوريته. والبكر كان يعتبر رئيساً للأسرة وسيدها وهو الكاهن للأسرة، يأخذ نصيبين من الميراث. وكان من المفهوم أن البكر سيأتي منه المسيح، وهذه هي البركة الحقيقية للبكر. وكان الآباء يصارعون للحصول علي هذه البركة سواء من الله أو من إنسان، بل كانوا جوعي بركة " لا أطلقك حتي تباركني" بل يشتريها يعقوب من عيسو ويتحايل علي أبيه إسحق ليأخذها. ولا يهتم بأن يخلع فخذه بل المهم أنه قد أخذ بركة فسفر التكوين يعطينا فكرة عن البركة، أنها بركة علي أساس العلاقة التي تربط الإنسان بالله والعلاقة التي تربط الأب بأولاده والكاهن برعيته. فالله يريد أن يبارك كل ما هو لنا بل كل ما نلمسه يتبارك. لكن هذه البركة ممكن أن تفقد نتيجة الخطية ويأتي بدلها اللعنة.
واللعنة: شئ دخيل علي الأرض ودخيل علي الإنسان وهو نتيجة الخطية وتنقسم إلي:
أ. لعنة الحية: الحية أول كائن يلعن في الكتاب المقدس. والله لعنها دون أن يحاكمها وصارت تأكل التراب بعد أن كانت تأكل العشب. وهناك تأمل للقديس أغسطينوس فآدم من تراب وإلي تراب يعود فالحية تأكل الإنسان وإذا أراد الإنسان أن لا تأكله عليه أن لا يخطئ. وفي هذه اللعنة رأينا أول عداوة بين إنسان وحيوان بعد أن كان له سلطة علي كل الحيوانات. ومن يرفض الخطية تفشل الحية في أن تسحق عقبه. لذلك فلعنة الحية تضمنت عقوبة للإنسان وهي سحق عقبه.
ب. لعنة الأرض: حينما أخطأ آدم لم يلعنه الله بل قال ملعونة الأرض بسببك فصار الإنسان يتعب ليخرج الخير من الأرض. وصارت خيرات الأرض قليلة. والبركة معناها أن الأرض تعطي بلا تعب، وأدم كان في الجنة يعمل ولكن عمله كان بلذة ولما لعنت الأرض أخرجت شوكاً وحسكاً ولكن في الأصحاح الأول لا نسمع شيئاً عن الشوك وهذا الشوك حمله عني المسيح. (راجع تك12:4) أمثلة للعنة الأرض (الدودة/ الحر….) ولم يكن ممكناً أن يلعن الله أدم لسببين:-
1) عطية الله بلا ندامة: فالله بارك آدم والله لن يرجع في بركته وهذا ما حدث مع إسحق حينما بارك يعقوب ثم إكتشف الخدعة فقال نعم ويكون مباركاً (33:27).
2) سيأتي منه المسيح: لذلك إستبقي الله البركة مع آدم وعاقبه عقوبة جزئية.
ج. لعنة الإنسان: الله لعن قايين حينما قتل وطاردته اللعنة وهو خائف وليس من يطارد. ثم ظهرت لعنة الإفناء مثل الطوفان وسدوم وعمورة لأن الخطية تفشت حتي أنه قيل "فحزن الرب أنه عمل الإنسان" فالخطية تشعل غضب الله والعكس فإذا وجد إنسان بار يستبقي الله الحياة (نوح/ لوط…) وكذلك لعن كنعان من جده نوح.
9. أظهر سفر التكوين آثار الخطية
أ. الموت: أجرة الخطية موت والموت له أنواع:
1) موت أبدي: الهلاك الأبدي نتيجة الخطية. إنفصال أبدي عن الله.
2) موت جسدي: إنفصال الروح عن الجسد.
3) موت أدبي: فقدان الإنسان لكرامته ولصورة الله ومثاله.
4) موت روحي: إنفصال الروح عن الله.
ب. المرض: وله نوعان تعب الجسد وتعب النفس.
1) المرض الجسدي: بالتعب تأكل… بالوجع تلدين. وقبل الخطية لم يكن هناك مرض.
2) المرض النفسي: قلق وخوف. هذا ما جعل الإنسان يعمل الخطية في الظلام. والخوف ضعف في الشخصية وأما الإنسان الروحاني فلا يخاف. ومن الأمراض النفسية الكذب وتبرير الذات "المرأة التي أعطيتني… الحية هي السبب" ولم يقل أحد أخطات ولأن من آثار الخطية الخوف قيل في سفر الرؤيا أن الخائفون نصيبهم البحيرة المتقدة بالنار. ومن الأمراض النفسية الخجل بسبب الخطية. بل من الأمراض النفسية ما حدث لقايين وهى نوع من الهلوسة أو الشيزوفرنيا. هو صار هارباً من منظر هابيل المقتول.
ج. فسدت طبيعة الإنسان البسيطة فبعد أن كان لا يعرف سوي الخير أصبح يعرف الخير والشر. ولكن صارت له أيضا طبيعة عاصية متمردة ضد الخير. وصارت له شهوة للشر سببت له صراعاً نفسياً أليماً. كانت عينيه مقفلة أما الآن فمفتوحة (نش 12:4).
د. فقدان السلام: فقد الإنسان السلام بينه وبين الله وبينه وبين الإنسان وبينه وبين نفسه. وبينه وبين سائر الحيوانات التي صارت تؤذيه.
ه. اللعنة: وقد تحدثنا عنها. وتمردت الأرض علي الإنسان. لكن المشكلة أن الإنسان حزن لفقدان بركة الأرض ولم يحزن لأن الله حزين. عموماً الخطية أفقدت الإنسان البركة.
و. سمعنا عن العبودية: وصار كنعان عبداً لإخوته (تك 25:9) فالعبودية لعنة من الله كما أن السيادة بركة من الله.
ز. كانت هناك عقوبات عامة: الطوفان/ سدوم وعمورة/ بلبلة الألسنة التي ظهر فيها كراهية الله للكبرياء.
ح. عقوبة نقص العمر: فصار 120 سنة عوضاً عن ما يقرب من الـ1000 سنة لمتوشالح.
ط. عقوبة السبي والهزيمة: كما حدث لأهل سدوم وعمورة مع كدر لعومر.
ي. فقد الإنسان صورة الله.
10. سفر التكوين إستغرقت أحداثه 2369 سنة من آدم إلي يوسف بحسب الأسماء المذكورة وقد يكون هناك أسماء لم تذكر. وبدأ بأن خلق الله السماء والأرض وإنتهي نهاية محزنة بموت يوسف في أرض العبودية في مصر. هكذا شاء الله أن يحيا الإنسان وإختار الإنسان الموت "أنا إختطفت لي قضية الموت" القداس الغريغوري
يعيب البعض علي الكتاب المقدس وخاصة الأصحاح الأول من سفر التكوين أنه غير علمي ولا يتماشي مع أحدث نظريات العلم. ولكن نشكر الله علي ذلك للأسباب الآتية.
1. لو كتب السفر بلغة علمية لظل كتاباً مغلقاً لا يفهمه أحد لآلاف السنين.
2. وحتي اليوم لن يفهم أحد اللغة العلمية سوي قلة من العلماء.
3. لو كتب باللغة العلمية للقرن العشرين سيصبح بالياً في القرن الحادي والعشرين.
وكان ما كتب ليس الغرض منه العلم ولكن:-
1. الله يظهر بخليقته نوره وجلاله وعظمته.
2. أنه ظل يمهد للإنسان لآلاف الملايين من السنين، وحين يخلق الإنسان يجد الأرض والسموات كجنة. فالله يظهر محبته للإنسان كأب وأم يعدان كل شئ لمولودهما الجديد المنتظر.
3. الكتاب مكتوب بلغة بسيطة يفهمها كل الناس ويفرحون بها. ولكنه لا يخطئ علمياً.
آية 1 "في البدء خلق الله السماوات والأرض "
هى كلمة تشير لمعنيان:
1. تشير للوقت الذي بدأ الله فيه خلقة الأشياء، أى حينما بدأت تدور عقارب ساعة الزمان فالله أزلى أبدى، غير زمنى. ولكن الخليقة زمنية تقاس بالزمن فحينما بدأت الخليقة بدأ معها الزمان. وكلمة فى البدء تعنى الحركة الأولى للخلقة وبداية الزمن.
2. نضع أمامنا هذه الآيات " أنا من البدء..." (يو25:8)
"به كان كل شئ…" (يو3:1)
"في البدء كان الكلمة" (يو1:1)
"بكر كل خليقة…" (كو 15:1)
"هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل" (كو 17:1)
"الذى كان من البدء…" (1يو1:1 + 1يو2: 14،13)
"الذى هو البداءة..." (كو 18:1)
لذلك رأى كثير من الآباء أن فى البدء = فى المسيح يسوع ويكون المعنى أن فى المسيح يسوع خلق الله السموات والأرض. أو فى كلمة الله خلق الله…
هذا يثبت أن الله هو الذى خلق العالم. وهذا الكلام موجه لليهود الذين عاشوا وسط الجو الوثني فى مصر وسمعوا عن آلهة كثيرة وبهذا يعلموا أن إلههم الواحد هو خالق السموات والأرض فلا يعبدوا هذه المخلوقات (الملائكة أو الشمس أو النار…) وهي تعنى أن العالم مخلوق وليس أزلى وهذا ثابت علمياً الآن:-
1. قانون إضمحلال الطاقة : فالشمس تزداد فيها البقع المظلمة حسب قانون.
2. العناصر المشعة : تفقد إشعاعيتها مع الوقت ثم تتحول الى رصاص.
3. إستمرار تغير الكون.
فلو كان العالم أزلى لكانت الشمس قد إنتهت والعناصر المشعة كلها تحولت لرصاص ولأخذ العالم شكل ثابت لا يتغير.
وكلمة خلق بالعبرية كما بالعربية برأ ومنها خالق = بارى وخليقة = برية وهي تعنى إيجاد الشئ من العدم. والله خلق من عدم كل شئ فى اليوم الأول ثم بدأ عبر الأيام الستة يستعمل ما خلقه فى أن يصنع كل شئ مما خلقه من العدم والكلمة جاءت هنا بصيغة المفرد.
جاء بصيغة الجمع فكأنه يقول " فى البدء خلق الألهة السموات والأرض وبالعبرية فالمفرد آل أو آلوه والمعنى الواجب التعظيم والخشوع والإحترام والجمع بالعبرية آلوهيم. وهذا يشير للثالوث الأقدس الذى خلق :-
الآب : يريد وهو الذات الذى يلد الإبن وينبثق منه الروح القدس.
الإبن : هو فى البدء الذى يصنع كل شئ ويُكَون كل شئ.
الروح القدس : كان يرف على المياه ليبعث حياة (اية 2).
يشير بولس الرسول أنه أختطف للسماء الثالثة. والسموات الثلاث:-
1. الأولى: سماء العصافير ويوجد بها طبقة الهواء.
2. الثانية: سماء الكواكب. وكلا السماء الأولى والثانية سموات مادية.
3. الثالثة: السماء الروحية التى يستعلن فيها مجد الله وفيها مساكن الملائكة وفيها عرش الله وميراث القديسين حيث يسكنون مع الله.
وكلمة سماء عموماً تشير لكل ما سما وعلا. والسماء الأولى والثانية الماديتان هما اللذان سيزولان مع الأرض لتوجد سماء جديدة وأرض جديدة وبالطبع فلن تزول السماء الثالثة الروحية. ولكن لماذا صمت الكتاب عن خلقة السماوات:-
1. الكلام فى الكتاب موجه للبشر وهم لن يفهموا ما هو خاص بالسموات. وهذا ماعناه المسيح فى كلامه مع نيقوديموس (يو 12:3).
2. بولس نفسه لم يستطع أن يصف ما فى السماء فقال "ما لم تره عين ولم تسمع به أذن" لأن لغة السماء مختلفة تماماً عن لغة البشر على الأرض.
والله خلق السماء قبل أن يخلق الأرض:
1. ذكرت السماء قبل الأرض فى هذه الآية.
2. راجع أى 1:38-7 فالملائكة كواكب الصبح رنموا حين خلقت الأرض.
3. وكلمة السموات هنا تشير لخلقة الملائكة ثم الكواكب في مساراتها.
كلمة أرض هنا تشير أنها كانت في حالة جنينية. والكلمة المستخدمة هنا تشمل أول حرف وأخر حرف في العبرية ( ما يناظر الألف والياء) وهذا ما دعا العلماء لأن يقولوا أن الكلمة هنا تعنى أن الله خلق كل المواد أولاً والتى سوف يستخدمها فى الأيام الستة فى خلقة العالم.
وعبارة "فى البدء خلق السموات والأرض" تحتمل معنيين:
1. هي عبارة موجزة تعلن أن الله خلق السموات والأرض وباقى الإصحاح يشرح التفاصيل.
2. أن هذه العبارة تشير لأن الله خلق المواد الأولية في صورة غير كاملة ثم تأتى باقى آيات الإصحاح لتشرح كيف إستخدم الله هذه المواد الأولية (المشار لها هنا بكلمة الأرض) ليصنع منها أرضنا الجميلة. وهذا الرأى هو الأرجح. وتصبح كلمة الأرض هنا بمعنى المواد الأولية التى سيصنع الله منها الأرض.
أية 2 "وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه"
و كانت الأرض خربة وخالية:
الأرض هنا هو كل ما ينتمى للمادة. وهو ما يسمى الهيولى وهى المادة الأولية اللامتشكلة المفروض أنها سبقت الشكل الحالى للكون وبالإنجليزية CHAOS. وكلمة خربة وخالية بالعبرية توهو وبوهو وبالإنجليزية Without form & void أى مشوشة عديمة الشكل ومقفرة. لا تصلح للحياة فارغة من كل جمال، يكسوها الظلام. والترجمة السبعينية ترجمتها "غير منظورة وغير كاملة".
وعلى وجه الغمر ظلمة:
الغمر فى العبرية تشير لمعنى العمق والتشويش. وكلمة غمر مستخدمة لأن المياه كانت تغمر كل شئ بعمق. والظلمة نشأت من أن حرارة الأرض الشديدة جداً فى بدايتها جعلت المياه تتبخر وتكون ضباب وأبخرة منعت النور عن وجه الأرض.
و روح الله يرف على وجه المياه:
كلمة روح وكلمة ريح هى كلمة واحدة فى العبرية واليونانية ومن عادات اللغة اليهودية أنهم إذا قالوا روح الله فمعناها ريح عظيمة وإذا قالوا رئيس من الله تك 6:23 إذا هو رئيس عظيم، وقول راحيل مصارعات الله قد صارعت أى مصارعات عظيمة، سبات الرب وقع عليهم أى سبات عظيم. وهكذا فهم اليهود الآية أن هناك ريح عظيمة هى نفخة الرب لإعلان بدء الخليقة (مز 6:33 + أي 13:26). وهكذا كان تشبيه المسيح يو 8:3 ونحن المسيحيين نفهم هذه الآية على أن الروح القدس هو الذى كان يرف على المياه ليعطى حياة وليكون عالم جميل. وما يربط كلا المعنيين ما حدث يوم الخمسين يوم حل الروح القدس على الكنيسة فصار صوت كما من هبوب ريح عاصفة (أع 2:2).
وتعبير يرف إستخدم في تث 11:32 + أش 5:31 + مت 37:23 والمعنى المقصود بالكلمة يحتضن. وكأن الروح يشبه طائراً يحتضن بيضاً ليهبه حياة خلال دفئه الذاتى.ولا يزال الروح القدس يحل على مياه المعمودية ليقدسها فيقيم من الإنسان الذى أفسدته الخطية وجعلت منه أرضاً خربة وخاوية، سموات جديدة وأرضاً جديدة.
ويقول العلامة ترتليان لقد أنجبت المياه الأولى حياة، فلا يتعجب أحد إن كانت المياه فى المعمودية أيضاً تقدر أن تهب حياة. والروح القدس هكذا يحتضننا ويريد أن يعمل فينا ليصيرنا نوراً للعالم، يعمل فينا نحن المادة التى بلا جمال ولا قداسة ليخلق فينا ما هو حسن ومقدس. (راجع أيضاً حزقيال 37).
الآيات 3-5: "وقال الله ليكن نور فكان نور ورآى الله النور أنه حسن وفصل الله بين النور والظلمة ودعا الله النور نهارا والظلمة دعاها ليلاً وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً "
هناك رآيين بخصوص الأيام الستة
أولاً: أنها أيام حقيقية كل منها 24 ساعة وأصحاب هذا الرأى يقولون الله قادر على كل شئ.
ثانياً: أنها حقبات زمنية لا نعرف مقدارها فقد تطول لتصبح آلاف الملايين من السنين وهذا هو الأرجح للأسباب الآتية:
1. الأيام ليست أيام شمسية فالشمس لم تكن قد خلقت فى اليوم الأول وحتى اليوم الثالث.
2. اليوم السابع بدأ ولم ينتهى حتى الآن. حقاً إن يوماً عند الرب كألف سنة 2 بط 8:3.
3. فى تك 4:2 "يوم عمل الرب الإله الأرض والسموات" هنا أدمجت الستة أيام فى يوم. فكلمة يوم هنا لا تعنى بالقطع اليوم المعروف الآن بـ 24 ساعة.
4. وحتى الآن ففى القطبين اليوم ليس 24 ساعة.
5. الكتاب المقدس يستخدم كلمة اليوم بمعانى مختلفة بمفهوم أوسع من اليوم الزمنى:-
أ. يقصد به الأزل… أنت إبنى أنا اليوم ولدتك مز 7:2 + عب 5:1.
ب. يقصد الكتاب بقوله عن الله "القديم الأيام" دا 9:7 أنه أزلى.
ج. يقصد به الأبدية... "يوم الرب" أع 20:2.
ولماذا كان يقول كان مساءه وكان صباح؟
(ولاحظ أنه قبل خلقة الشمس لم يكن هناك مساء وصباح بالمعنى المفهوم الآن).
1. تعبير مساء وصباح هو تعبير يهودى عن اليوم الكامل. فاليوم يبدأ من العشية ثم الصباح. وهكذا نفعل نحن الآن فى الكنيسة فيوم الأربعاء مثلاً يبدأ من غروب الثلاثاء وينتهى بنهاية صباح الأربعاء ثم يبدأ يوم الخميس من غروب الأربعاء وهكذا.
2. المساء هو ما قبل خروج العمل للنور والصباح هو ما بعد خروج العمل.
3. في اليوم الأول خلق الله النور فكان بعد خلق النور صباح هذا اليوم وما قبل خلقة النور مساء اليوم الأول.
4. في اليوم السابع إستراح الله، والله إستراح بعد الفداء الذى صنعه المسيح وكان ما قبل مجئ المسيح شمس البر هو مساء اليوم السابع وما بعد المسيح صباح هذا اليوم.
5. كان اليهود يسمون المساء "عرب" من غروب فى العربية والكلمة فى العبرية تعنى مزيج أو خليط والمقصود به إختلاط النور مع العتمة. وكانوا يسمون الصباح "بقر" أى شق أو إنفجر لأن النور هنا شق جلباب الظلام. ولسبق الظلمة على النهار بدأوا اليوم بالمساء.
6. اليوم الثامن هو الأبدية بعد القيامة العامة حيث النور الدائم وحيث تستمر حياتنا للأبد فى هذا النور ولكن حياتنا بدأت في مساء هذا العالم وستكمل فى صباح الأبدية. وهناك يفصل الله بين النور (أبناء النور) والظلمة (أتباع إبليس سلطان الظلمة)
خلقة النور:
هناك نظرية تسمي نظرية السديم.
والسديم هو كتلة غازية هائلة الحجم
ذات كثافة متخلخلة. وغازاتها ذات حركة
دوامية. وهى تحتوى على كل مقومات
الطاقة والمادة. ومادة السديم خفيفة
جداً فى حالة تخلخل كامل ولكنها أى
ذرات هذا السديم تتحرك بإستمرار من
الوضع المتباعد حول نقطة للجاذبية في
مركز السديم وبإستمرار الحركة ينكمش
السديم فتزداد كثافته تدريجياً نحو
المركز وبالتالى يزداد تصادم الذرات
المكونة له بسرعات عظيمة وهذا يؤدى
لرفع حرارة السديم. وبإستمرار إرتفاع
الحرارة يصبح الإشعاع الصادر من
السديم إشعاعاً مرئياً فتبدأ الأنوار
فى الظهور لأول مرة ولكنها أنوار
ضئيلة خافتة، فسفورية. وهذا يفسر ظهور
النور فى اليوم الأول وخلقة الشمس فى
اليوم الرابع، ففى اليوم الأول لم تكن
الشمس قد أخذت صورتها الحالية، بل
أخذت هذه الصورة فى اليوم الرابع. وفى
السموات الآن أعداداً هائلة من هذه
السدم. " قد يكون أول مصدر للنور
الشمس ذاتها فى حالتها السديمية
الأولى أو أى سدم سمائية أخرى.
وهذا السديم كثير الإنفجار والإنكماش. ونتيجة لهذا الإنكماش نشأ فراغات متخلخلة وحركة الغازات الدوامية سببت تمزيقاً أدى إلى تكوين ما يشبه الأذرع الخارجة عن جزئها المركزى وبزيادة التخلخل إنفصلت هذه الأذرع متكاثفة بعيداً عن الجزء الأم.
وكان أن الأجزاء المنفصلة كونت الكواكب المعتمة ولكن بفعل الحركة ظلت هذه الكواكب دائرة فى فلك الجزء المركزي.
وبإستمرار الإقتراب بين الذرات وإستمرار تصادمها أدى هذا لإرتفاع كبير فى درجة الحرارة وأدى لتفاعلات نووية (كما هى حالة الشمس الآن). وهكذا كانت كل الكواكب مثل الشمس لكن مع الأيام بردت الكواكب مثل الأرض قبل الشمس لصغر حجمها بالمقارنة مع الشمس وبعد أيام كثيرة ستبرد الشمس أيضاً وتتحول لكوكب مظلم. وكانت دورة الكواكب (الأرض/المريخ… إلخ) أسرع من الشمس فهى وصلت للسخونة والبرودة أسرع من الشمس لصغر حجمها بالمقارنة مع الشمس.
تفسير أباء الكنيسة لظهور النور قبل خلقة الشمس
علل توما الإكوينى (1225-1274) نور اليوم الأول بأنه نور الشمس التى لم تكن قد إتخذت هيأتها قبل اليوم الرابع للخليقة وفسره ذهبى الفم (344-407) بأنه كان نور الشمس التى كانت فى اليوم الأول عارية من الصورة وتصورت فى اليوم الرابع.
بدء ظهور النور على الأرض
كانت الأرض محاطة بغيوم كثيفة تحجز النور عنها وعندما بدأ ينقشع هذا الضباب بدأ النور يظهر. وكان هناك مناطق بها غيوم كثيفة حجزت النور أما المناطق التى إنقشع عنها الضباب فصارت منيرة. هذا هو أول معنى لفصل النور عن الظلمة. وأيضاً بدأ ظهور النور حينما تكون الغبار حول الأرض الذى تنكسر عليه الأشعة فيظهر النور. هنا نقف أمام قول بولس الرسول "لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر" عب 8:3.
والله فصل بين النور والظلمة:
فإذا أشرق النور لا تصير هناك ظلمة. وبداءة كان هناك مناطق منيرة ومناطق مظلمة ثم عين الله الشمس لهذا بعد ذلك فبشروقها يكون نور وبغروبها يكون ظلام وهذا ناشئ عن دوران الأرض والشمس.
والله كانت أول أعماله خلقة النور لنرى نحن أعماله فنسبحه كما تسبحه ملائكته. والنور هو بكر خلائق الله. والمسيح البكر كان هو نور العالم. والعكس هو الشيطان سلطان الظلمة الذى أعماله تكون ليلاً حيث يسرق وينهب أما الله فأعماله فى النور فكلها حب وعطاء وكلها حسن وجميل.
وقال الله:
المسيح هو كلمة الله وقوته ويده، به صنع كل شئ (مز 9:33) وكلمة قال هنا لا تعنى أن الله تكلم ليسمعه أحد بل هو أراد فنفذ كلمته (الأقنوم الثانى) إرادته. فالمسيح كلمة الله به كان النور فهو النور الحقيقى. راجع كو1: 16،17
ورأي الله النور أنه حسن:
لم يقل هذا عن الظلمة. فالله لم يخلق ظلمة، بل أن الظلمة ناشئة عن غياب النور، هي حرمان من النور، بل بظهور النور إنفضحت الظلمة وعرفت. لكن الظلمة جعلها الله نتيجة لدوران الأرض، والإنسان المتعب من العمل نهاراً يحتاج إلى الليل لينام ويعطى جسده راحة أما فى الأبدية فلا تعب ولا حاجة للظلمة أبداً. وكون أن الله يجد الشئ حسن فهذا ليس راجعاً فقط لشكله وجماله بل لأنه كاملاً ونافعاً ومناسباً. وكان أن الله خلق كل شئ حسن ولكن الإنسان بفساده أفسد إستخدام الخليقة الصالحة. وبعد أن جاء المسيح ليجدد طبيعتنا الساقطة وكأنه يخلقها من جديد لا نعود نرى في العالم شيئاً شريراً.
ودعا الله النور نهاراًً والظلمة دعاها ليلاًً:
هنا الله يعلم الإنسان أن يدعو الأشياء بأسمائها ويميزها حتي لا يسقطوا تحت الويل النبوى " ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً الجاعلين الظلام نوراً والنور ظلاماً أش 20:5" فالله فصل بين النور والظلمة لكى نقبل النور كأبناء للنور ونرفض الظلمة فلا نسقط تحت ليل الجهالة المهلك. وفصل النور عن الظلمة يشير لفصل الملائكة عن الشياطين بعد سقوطهم فصاروا ظلمة، وفصل القديسين فى السماء وهم فى أحضان إبراهيم عن الأشرار في الجحيم مثل الغنى وبينهما هوة عظيمة.
وكان أول أعمال الله هو النور ورأت الملائكة فمجدته أي 7:38. وهكذا فى بداية الخليقة الجديدة حينما قام المسيح من القبر المقدس إنطلق منه نور مازال ينطلق حتي اليوم فى بعض الأوقات لأن الرب أشرق علينا بنوره الألهي. وهكذا فى المعمودية ننعم بالنور الإلهى، نور قيامته عاملاً فينا، كأول عمل إلهى فى حياتنا. ولذلك نسمى المعمودية "سر الإستنارة" فنوهب روح التمييز بين النور والظلمة "أف 8:5"
الآيات 6-8: "وقال الله ليكن جلد فى وسط المياه وليكن فاصلاً بين مياه ومياه. فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التى تحت الجلد والمياه التى فوق الجلد وكان كذلك. ودعا الله الجلد سماء وكان مساء وكان صباح يوماً ثانياً "
الجلد:
الكلمة العبرية هى "رقيع" وتعنى أى شئ مبسوط وممتد (أش 22:40).
وتشير الكلمة لغطاء ممتد أو خيمة مبسوطة. والكلمة اللاتينية Firmamentum والإنجليزية Firmament وتعنى دعامة أو أساس ثابت (ربما من نفس مصدر كلمة Firm أى ثابت ومتين).
والقديس باسيليوس فسر كلمة جلد بأن الهواء هو جسم له صلابة (أى كثافة وشدة) فيستطيع أن يحمل السحاب فوقه. إذن الجلد هو الجو المحيط بالأرض. ونرى هنا أن موسى لم يأخذ بالرأى القديم أن الهواء هو فراغ وعدم فموسى لا يردد ما يسمعه من الناس بل من الروح القدس. والجلد إذن هو سماء الطيور، وليس سماء الكواكب. وطريقة تحقيق ذلك كانت بأن الأرض كانت فى غليان مستمر وبخار فكانت محاطة بغلاف بخارى كثيف. وفى الفترة بين اليوم الأول والثانى أى الحقبة الأولى والثانية أخذت درجة الحرارة تهبط، وبالتالى هدأ البخار وبدأ الجو يصير صحواً. أما تسمية الجلد سماء فذلك من قبيل إطلاق الكلمة على ما هو سام ومرتفع.
كيف تكون الجلد
كان جو الأرض مدفوناً تحت سطحها. وتشمل خاماته الأولية والمواد الطيارة الحبيسة في البلورات أو الداخلة في تركيب الجزيئات الثقيلة في الأيام الأولي لتكوينها… وكل هذه الخامات تحررت من البراكين مع الرماد والحمم وتحررت من الينابيع والنافورات مع مائها وأملاحها وغازاتها… وهكذا تكون جو الأرض بعد أن هدأت الغيوم وخرجت الغازات.
المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد:
هنا قدم المياه التي تحت لأنها الأصل والمنشأ لما فوق وهذا الجلد يفصل ما بين المياه التي من فوق أي السحب، والمياه التي من أسفل أى البحار وقد حمل هذا مفهوماً روحياً. فحينما يستنير الإنسان (بعمل نور المعمودية – اليوم الأول) عليه أن يحمل داخله الجلد الذى يفصل بين مياه ومياه فيتقبل مياه الروح القدس العلوية واهبة الحياة (يو 14:4) ويسمو فوق المياه التي هي أسفل، مياه البحر المالحة التى من يشرب منها يعطش أكثر. وإذ يرتبط المؤمن بالمياه العليا التي هي فوق في السماوات يصير سماوياً، ويطلب الأمور المرتفعة العلوية، فلا يكون له فكر أرضى بل سماوى (كو1:3) ونلاحظ أنه لم يقل هنا أنه حسن. ولعل هذا راجع أن السماء لم تكن قد إكتملت زينتها بالكواكب والنجوم أو لأن عمل اليوم الثاني والثالث كان متصل حيث إجتمعت المياه معاً في اليوم الثالث ولما تم العمل قال إنه حسن فى اليوم الثالث. وهناك رأى يقول أن اليهود كانوا ينظرون إلى الهواء كمسكن للشياطين (أف2:2) بهذا المفهوم لم يقل هنا أنه حسن فالجلد مسكن الشيطان. لذلك فحين علق المسيح على الصليب حاربهم فى عرينهم. ولذلك قال بولس الرسول " سنخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء 1تس 17:4" فإن كانت الشياطين تقطن الهواء، فالرب قد غلبهم في عرينهم وسيحملنا في ذات الموضع كأبناء الميراث عوضاً أن كنا أبناء المعصية. والهواء يشير لخروج النفس من الجسد خلال الموت لتنطلق في الهواء. وبعد أن كانت النفس قبل المسيح تنطلق من الجسد فتجد الشياطين تحاصرها فى الهواء، أصبحت تقابل الرب في الهواء.
الأيات 9-13: "وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضاً ومجتمع المياه دعاه بحاراً ورأى الله ذلك أنه حسن. وقال الله لتنبت الأرض عشباً وبقلاً يبزر بزراً وشجراً ذا ثمر يعمل ثمراً كجنسه بزره فيه على لأارض وكان كذلك. فأخرجت الأرض عشباً وبقلاً يبزر بزراً كجنسه وشجراً يعمل ثمراً بزره فيه كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوماً ثالثاً ".
أية 9: "وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء الى مكان واحد ولتظهر وكان كذلك "
حين بردت الأرض ظهرت القشرة الأرضية وحين بردت أكثر أدى هذا إلي تقلص القشرة الأرضية وتشققها فنشأت المجارى العميقة ومنها المحيطات والبحار والأنهار وكل مجتمع البحار متصل بعضه ببعض، أما البحار المعزولة الآن فجاءت نتيجة عوامل طبيعية مختلفة. ونلاحظ أن ¾ مساحة الأرض عبارة عن مياه لتكون كمية البخر كافية لتكوين سحاب كافى ليروى الأرض ويرطب جوها.
أية 11: "ودعا الله اليابسة أرضاً ومجتمع المياه دعاه بحاراً ورأى الله ذلك أنه حسن "
نجد هنا خلقة النبات ولم يخلق الله النبات إلا بعد أن خلق مستلزمات نموه من أرض وحرارة معقولة وأنوار. وخلقة النباتات لازمة فى هذه الحقبة قبل خلقة الحيوان والإنسان، فجو الأرض الأن مشبع بغازات كربونية والنبات يمتص هذه الغازات ويخرج بدلاً منها أكسوجين فيتنقى جو الأرض. وحين يخلق الله الحيوان يجد النبات غذاء له ويجد أيضاً الجو نقى فيستطيع الحياة.
وموسى قد رتب بالوحى الإلهى ترتيب ظهور الحياة النباتية (عشب فبقل فشجر) والعشب مثل الطحالب والحشائش القصيرة والبقل يشمل نباتات الحبوب (قمح/ ذرة/ فول……) والنباتات حتى تنمو فى اليوم الثالث قبل شمس اليوم الرابع فلهذا إحتمالات:
1. الله قادر أن ينبت النبات دون شمس فهو خالق الكل.
2. ربما أستفادت النباتات من حرارة الأرض الذاتية ومن الأنوار السديمية أو من الشمس ذاتها قبل أن تأخذ صورتها الحالية أو دورتها الحالية بينها وبين الأرض.
3. ان يكون الله إكتفى بالحشائش لتنقية الجو وأعطى للأرض إمكانية الإنبات فى هذا اليوم ثم أنبتت الأرض البقول والأشجار في أيام لاحقة. ونجد في (تك8:2) أن الرب الأله غرس جنة ليسكن فيها آدم فربما تكون فى هذه المرحلة أن النباتات بدأت تأخذ شكلها المعروف. وأما نباتات اليوم الثالث فكانت شئ خاص لتنقية الجو.
الترتيب الذى أعلنه موسى للخليفة وهو أعشاب/ بقل/ شجر/ حيوانات مائية/ طيور/ حيوانات أرضية/ إنسان، يتفق مع الترتيب الذى تضعه علوم الحياة الحديثة.
ولاحظ أن اليوم الثالث هو الذى ظهرت فيه الأرض المثمرة بعد أن كانت مدفونة لمدة يومين تحت الماء. واليوم الثالث هو يوم قيامة المسيح.
والأرض تشير للإنسان (خرج الزارع ليزرع… وبعض البذور وقعت على أرض صالحة فأعطت ثمراً). وكون الأرض غارقة تحت مياه البحر فهذا يشير لغرق الإنسان وموته فى خطايا وشهوات العالم. وتوبة الإنسان تجعله يقوم مع المسيح فيكون له ثمر. فالأرض الصالحة طالما كانت مدفونة فلا فائدة منها (الأرض هنا تشير لحياتنا أو لوزناتنا) (مت 8:13 + 25:25) راجع تك 27:27. إذن فى إنبات الأرض علامة على قيامة الجسد، فكما تخرج الأرض حياة بأمر الرب، هكذا بأمره يرد الحياة لجسدنا المائت.
الآيات 14-19: "وقال الله لتكن انوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين. وتكون أنواراً في جلد السماء لتنير على الأرض وكان كذلك. فعمل الله النورين العظيمين النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل والنجوم. وجعلها الله في جلد السماء لتنير على الأرض. ولتحكم على النهار والليل ولتفصل بين النور والظلمة ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوماً رابعاً"
آية 14: "وقال الله لتكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين "
أنوار
هنا بالعبرية مأوروت وتعنى حوامل نور أو نيرات والمقصود بها الشمس والقمر والنجوم أما كلمة نور في الإصحاح الأول فهى بالعبرية أور ومقصود بها مجرد إشعاع أو ضياء قد يكون سببه أنوار السدم أو أى مصدر كهرومغناطيسى أو كيميائى أو أنه نور الشمس السديم الأم التى ستشكل الشمس فيما بعد.
جلد السماء:
هذا غير جلد الأرض (أية 6) الذى يفصل بين مياه ومياه. فجلد السماء هو الذى يحمل الكواكب.
حتى اليوم الرابع كان نور الشمس أو الشمس ذاتها فى حالة هيولية ولم تأخذ الشمس صورتها بعد. وكان هذا اليوم هو يوم ترتيب العالم الشمسى وفيه توالى الليل والنهار، كما هو معروف إلى يومنا هذا. وأخذ الفلك شكله المعروف. وهل يمكن أن ننسب حفظ الكواكب في مداراتها بهذا الإعجاز للصدفة!! حقا فالسموات تحدث بمجد الله. وهناك تأمل روحى فإن الشمس تشير للمسيح، شمس البر الذى قدمه الآب لنا ليحول ظلمتنا إلى نور. والقمر يشير للكنيسة التى لا تضئ من نفسها بل ينير عليها المسيح فتضئ والكواكب هم القديسون سواء علي الأرض أو فى السماء كل له موضعه في الفلك ويضئ.
تكون لآيات:
فالشمس لها موعدها تشرق فيه كل صباح وهى تشرق وتغرب بحسب قانون معروف وحين يكسر هذا القانون فيكون بطريقة معجزية أو آية وهذا حدث 3 مرات:
1. يوم صلب المسيح حدثت ظلمة علي الأرض ولم يكن وقت كسوف.
2. بصلاة يشوع توقفت الشمس ليكمل حربه ضد عدوه يش 12:10.
3. رجوع الظل على المزولة كعلامة لتأكيد شفاء حزقيا الملك 2 مل 11:20.
وأوقات:
الكلمة فى العبرية تشمل الأعياد والمناسبات التى أمر الله بها أش 13:66 وقد حدد الناس مواسم الزراعة وهجرة الطيور بحسب الوقت الذى يحدده مكان الشمس وفصول السنة ومواسمها (ربيع/ شتاء…) كل هذا راجع للشمس.
وأيام وسنين:
هناك تقويم شمسى وتقويم مبنى على دورة القمر وتقويم مبنى على الكواكب (الشعرى اليمانية) وهم بالترتيب السنة الميلادية ثم السنة العربية ثم السنة القبطية.
آية 16 :"فعمل الله النورين العظيمين النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل والنجوم "
النورين العظيمين:
أى الشمس تنير صباحاً والقمر ينير ليلاً.
الآيات 20-23: "وقال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء. فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بها المياه كأجناسها وكل طائر ذى جناح كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن. وباركها الله قائلاً أثمرى وأكثرى وأملائى المياه في البحار وليكثر الطير على الارض. وكان مساء وكان صباح يوماً خامساً "
آية 20: "وقال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء "
لتفض المياه:
كل سمكة تضع آلاف من البيض فيفيض الماء سمك. وهناك كائنات مجهرية منها ألاف مؤلفة في نقطة ماء واحدة. وكما خرج من الماء أحياء مائية هكذا تلد مياه المعمودية كائنات حية حسب النعمة. وأخذت السمكة رمزاً للمسيحية فكلمة سمكة بالقبطية "إخثيس" خمسة حروف كل حرف منها يبدأ كلمة من الجملة "يسوع المسيح إبن الله مخلصنا" ولأن السمك يعيش فى الماء ولا يموت هكذا فالمسيحى يحيا فى العالم ولا يموت روحياً.
زحافات:
ترجمت في الإنجليزية حيتان ولكن أصل الكلمة العبرى يشير لكل الأسماك الضخمة.
آية 21: " فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بها المياه كأجناسها وكل طائر ذى جناح كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن "
كأجناسها:
كل حيوان وكل طير بل كل نبات يخرج ويلد كجنسه ولا برهان على نشوء جنس جديد من يوم خلق الله هذه الأجناس كلها.
آية 22: "وباركها الله قائلاً أثمرى وأكثرى وأملائى المياه في البحار وليكثر الطير على الارض "
وباركها:
أى أعطاها الله قوة للتوالد والإثمار.
الآيات 24-31: "وقال الله لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها بهائم ودبابات ووحوش أرض كأجناسها وكان كذلك. فعمل الله وحوش الأرض كأجناسها والبهائم كأجناسها وجميع دبابات الأرض كأجناسها ورأى الله ذلك أنه حسن. وقال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التى تدب على الأرض. فخلق الله لإانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكراً وأنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأاكثروا وأاملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب. وقال الله أنى قدأاعطيتكم كل بقل يبزر بزراً على وجه كل الأرض وكل شجر فيه ثمر شجر يبزر بزراً لكم يكون طعاماً. ولكل حيوان الأرض وكل طير السماء وكل دبابة على الأرض فيها نفس حية أعطيت كل عشب أخضر طعاماً وكان كذلك. ورأى الله كل ما عمله فإذاً هو حسن جداً وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً "
في اليوم الخامس كانت خلقة المخلوقات المائية والطيور التى تطير في الهواء: جلد السماء
وفي اليوم السادس خلق الله الحيوانات التى تعيش على الأرض وخلق الإنسان الذى يعيش على الأرض وقد خلقهم الله بعد أن هيأ كل شئ لإمكانية حياتهم.
بهائم:
الحيوانات المستأنسة التى يستخدمها الإنسان.
دبابات:
التى تدب على الأرض (حيات/ سحالى/ ديدان) أو ماله أرجل قصيرة كالفأر.
وحوش:
هى الوحوش المفترسة ويرى بعض القديسين أن هذه الوحوش لم تحمل روح الشراسة إلا بعد سقوط الإنسان. فالديناصورات كانت من آكلات الحشائش. فكما أخرجت الأرض شوكاً وحسكاً هكذا إنعكست طبيعة العصيان على بعض الحيوانات فصارت شرسة ومفترسة. وهذا تفسير لأن الأرض صارت ملعونة بسبب آدم.
أية 26: "وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض "
أخيراً توج الله خليقته الأرضية بخلق الإنسان ولم يخلقه أول المخلوقات لسببين:-
1. حتى لا يظن الإنسان نفسه شريكاً لله فى الخلق فيتضع أى 4:38.
2. الله خلقه بعد أن أعد له كل شئ ليعيش في جنة غرسها الله له. بعد خلق المسكن خلق الساكن. والله لم يخلق الإنسان كخليقة وسط مخلوقات بلا حصر وإنما نلاحظ فرقين أساسيين
1) نعمل الإنسان:
لم يقل الله كالعادة ليكن إنسان فكان إنسان. هذا التعبير المستخدم قد يشير للمشورة الثالوثية لخلقة الإنسان أو يشير لإهتمام الله العجيب بالإنسان الذى قال عنه "لذاتى مع بنى آدم" (أم 31:8) وقد تشير أن الإنسان خلق على شكل ثالوث فهو كائن عاقل حى. "يلذ للثالوث الأقدس أن يعمل معاً بسرور من أجل هذا الكائن المحبوب
عموماً فخلقة الأنسان هى عمل الثالوث الأقدس. الآب يريد والإبن يخلق والروح يعطى حياة. لذلك ففى الخلقة الجديدة بالمعمودية ظهر الثالوث الأقدس (عيد الظهور الإلهى) فالإبن فى الماء والروح القدس على هيئة حمامة والآب يقول "هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت" إعلاناً عن فرحة الآب بعودة البشر إلى حضنه في إبنه الوحيد بتقديس الروح القدس.
2) علي صورتنا كشبهنا:
لاحظ أن الله لم يقل على صورنا فالله ثالوث فى واحد والله وضع صورته فينا علامة ملكه لنا كما يضع الملك صورته على العملات النقدية والإنسان هو أقرب خليقة الله لصورة الله مع الإحتفاظ بالفارق الضخم بين الله والإنسان. ونحن صورة الله ليس بحسب الجسد لكن بحسب الروح، فالجسد مأخوذ من تراب الأرض، أما الروح فهى نسمة حياة نفخها الله في أنف الإنسان (تك2: 7). ولأننا كبشر لسنا مثل الله أضاف بقوله كشبهنا. ولكن لم تقال هذه الكلمة عن المسيح فهو صورة الله وهو بهاء مجده ورسم جوهره (عب 3:1). وهو الذى قال "من رآنى فقد رآى الأب" لذلك لم يقال أن المسيح يشبه الله فهو الله نفسه. ونحن نشبه الله في الآتى:
1. الإنسان له طبيعة ثالوثية مثل الله فالله كائن عاقل حى وهكذا الإنسان مع الفارق فالله أزلى واجب الوجود هو الخالق، والإنسان مخلوق أعطاه الله حياة من محبته (هذا من ناحية الذات). والله بعقله خلق كل شئ والإنسان بعقله بالكاد يفهم شئ مما خلقه الله (هذا من ناحية العقل) والله بروحه يعطى حياة والإنسان بروحه يحيا هو ولكن لا يعطى حياة (هذا من ناحية الروح).
2. الإنسان يشبه الله في صفاته
أ. الحرية والإختيار: الله وضع أمامه شجرة معرفة الخير والشر وشجرة الحياة وخيره بينهما.ومعنى كشبهنا أن حرية الله مطلقة بينما حرية الإنسان محدودة.
ب. القداسة: راجع أف 24:4. وكشبهنا تعنى أن الله قدوس قداسة مطلقة بينما الإنسان يسعى ليكون قديساً.
ج. الحكمة والمنطق: وهذا لم يوجد في أى خليقة آخرى. وكشبهنا تعنى أن حكمة الله لا نهائية بينما الإنسان حكمته محدودة.
د. سلطان: فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء… تك 26:1 لكن سلطان الإنسان كان محدوداً (فليس له سلطان علي الكواكب مثلاً….) فهو ليس إلهاً.وهذا معنى كشبهنا.
ه. المعرفة: آدم أعطى أسماء للحيوانات (تك 19:2) بعد أن أفهمه الله صفاتها.
و. المحبة: محبة الله لا نهائية لكن محبة الإنسان مهما كانت فمحدودة.وهذا معنى كشبهنا.
ز. الخلود: راجع رو 12:5 فالله خلق الإنسان ليحيا للأبد ليس ليموت وأما الموت فدخل كعقوبة مؤقتة.
ولاحظ انه لم يقل على صورتنا ومثالنا، فنحن نعم على صورة الله فى الصفات التي ذكرناها ولكن نحن نشبهه. فصفات الله مطلقة، أما صفاتنا فنسبية فالله حر حرية مطلقة أما الإنسان فله حرية داخل دائرة معينة لا يتعداها كلاعب الكرة الذي إذا أتته الكرة هو حر أن يعطيها لأي لاعب أخر ولكن ليس حراً ان يضرب أي لاعب مثلاً. وفي القداسة، فقداسة الله مطلقة فهو المتسامي والمرتفع عن الأرضيات والخطايا أما الإنسان فهو الساعي نحو القداسة. ومن ناحية السلطان فسلطان الله مطلق أما سلطان الإنسان فمحدود.وهذا معنى كشبهنا.
فالإنسان صار ممثل لله يحمل صورته وهو كشبهه فصار له سلطان علي كل المخلوقات هو يحكم ويسيطر بإسم الله علي كل الخليقة. ولكن بعد الخطية فقد الإنسان هذه الصورة وهذا الشبه ففقد سلطانه علي الحيوانات…. وغيرها ولكن نسمع أن قديسين كان لهم هذا السلطان علي الحيوانات لما عادت لهم هذه الصورة (الأنبا برسوم العريان).
الله خلق الإنسان علي صورته ليقبل خالقه صديقاً له، يتجاوب معه لا علي مستوي المذلة والضعف وإنما علي مستوي الحرية والحب والصداقة. وليكون وارثاً لله مع المسيح وشريكا معه في المجد الأبدي يجري وراءه ليضمه إليه لا ليحطمه وجود الله لا يقوم علي اهدار حياة الإنسان وكرامته، وإنما نزل الله إلينا لكي يرفعنا إليه، صار إنسان ليصير الإنسان إله.
الذين هم علي صورة الله الأن لهم سلطان علي شهواتهم. راجع غل 19:4، ايو 2:3.
أية 27: "فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وانثى خلقهم "
ذكراً وأنثي خلقهم:
حواء لم تكن قد خلقت حتي الأن. ولاحظ أنه لم يقل خلقهما. وهذا بإعتبار ما سيكون فحواء كانت في آدم والأولاد كانوا في آدم. وهكذا الكنيسة في المسيح. فكلمة خلقهم هنا تشير للجنس البشري كله. وتشير لبركة سر الزواج وللوحدة التي خلق الله العالم بها فالكل من واحد (آدم) وكان يجب ان تسود المحبة لكن الخطية دمَرت صورة الوحدة. لهذا أتي المسيح ليعيد صورة الوحدة (يو 21:17). والكنيسة واحد مع المسيح فهي جسده.
آية 28: "وباركهم الله وقال لهم اثمروا واكثروا واملاوا الارض واخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الارض "
باركهم:
هنا هي بركة روحية وبركة جسدية للزواج ليزيد عددهم ويملأوا الأرض لذلك كل من يفكر في أن سقطة آدم هي أنه عاشر زوجته حواء يكون خاطئاً فهل تخرج بركة من خطية. والله قال لهم أثمروا قبل أن يسقطا. إذا علاقة الزوج بزوجته عطية وليس خطية. ولكن قبل السقوط كان الإنجاب يتحقق لا كثمرة للشهوة وإنما كجزء من مجد الزواج الذي أسسه الله. لقد خلق الله آدم وحواء لينجبا حتي لو لم يسقطا في العصيان. ولكن الشهوة أتت كثمرة من ثمار الخطية والعصيان.
آية 29، 30:
" 29 وقال الله اني قد اعطيتكم كل بقل يبزر بزرا على وجه كل الارض وكل شجر فيه ثمر شجر يبزر بزرا لكم يكون طعاما 30و لكل حيوان الارض وكل طير السماء وكل دبابة على الارض فيها نفس حية اعطيت كل عشب اخضر طعاما وكان كذلك "
الإنسان خلق كنباتي لا يأكل اللحوم. والله أعطي له تصريح بأكل اللحوم بعد الطوفان.
أية 31: "وراى الله كل ما عمله فاذا هو حسن جدا وكان مساء وكان صباح يوما سادسا "
حسن جداً:
فكل الخليفة قد تمت، لا بل الإنسان موضع سرور الله قد خلق.
فخلق الله الإنسان علي صورته…. وباركهم… أملاوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا
الإنسان كالعملة المطبوع عليها صورة ملك البلاد، والإنسان مطبوع عليه صورة الله والله محبة، لذلك قال المسيح "أحبوا أعدائكم" فمن إمتلأ قلبه محبة للكل حتي اعدائه يصير عملة قابلة للتداول في السماء (أي يدخل الملكوت فيخلص)، ومن لا يعرف المحبة يصبح خارج الملكوت (عملة براني) ايو 10:3-16 +7:4-10. ونحن نحيا في العالم لنجاهد في الصلاة والصوم…الخ لنمتلئ من الروح القدس، ومن يمتلئ من الروح يمتلئ محبة رو5:5 + غل 22:5. وفي النهاية من يغلب في جهاده ويمتلئ محبة يصبح عملة قابلة للتداول في السماء أي يخلص. وقطعاً فمن يوجد فيه صورة الملك مطبوعة فهو مِلْكْ لله " أنا لحبيبي وحبيبي لي" ونحن خلقنا علي صورة الله لنصير قادرين علي الحب والصداقة مع الله "لذاتي مع بني آدم". لقد صارت الخطية سبباً لفقدان الإتصال مع الله، فأرسل لنا الله أنبياء هم أقرب الناس له وهم قادرين أن يوصلوا للإنسان إرادة الله ومحبة الله وصداقته للإنسان، وهناك أية كانت تعبر عن إشتياق الإنسان لتجسد المسيح، فيصير الأتصال بالله مباشرة سهلاً ولتدخل النفس في علاقة الحب هذه مع المسيح " ليتك كأخ لي الراضع ثدييي أمي (تجسد) فأجدك في الخارج وأقبلك فلا يخزونني (نش 1:8) وفي علاقة الحب هذه لذة للنفس ولذة لله.
ومن هو علي صورة الله يباركه الله: وباركهم. والبركة هنا نوعان:
1. أملأوا الأرض:
كثرة عددية وهذه للحيوان( آيه 22 ) وللإنسان( آيه 28).
2. تسلطوا(آية 26، 28 ).
وهذه للإنسان فقط. فالسلطان هو بركة خاصة للإنسان فقط. ولكن لمن؟ لمن هو علي صورة الله.
لذلك نفهم ضمناً أن من يكون علي صورة الله يكون له سلطان علي شهوته، وعلي الخطية عموماً، وكلما إبتعدنا عن صورة الله نفقد هذه البركة... وأنت تسود عليها تك 7:4.
ولكن كيف نحصل علي صورة الله؟ :
1. بالمعمودية
2. بعمل الروح القدس الذي يجددنا يوما فيوم لنصير علي صورة الله رو 5،14:6 + غل19:4 + كو10:3.
الإصحاح الأول نجد فيه صلة الله بالكون عموماً. أما في الإصحاح الثاني فنجد فيه صلة الله المحب بالإنسان بصفة خاصة. هو إصحاح الروابط الحلوة:
1. نشأة الإنسان وعلاقته بالله.
2. راحة الله هي في راحة الإنسان.
3. علاقة الإنسان بالأرض (الله ينبت زرعاً في جنة لأجل الأنسان).
4. الإنسان يعمل بلذة وفرح في الجنة. والله شريكاً للإنسان في العمل فنجد أن الله هو الذي غرس جنة ليحيا فيها آدم، وآدم يعمل لكي يحفظ هذه الجنة.
5. علاقة الإنسان بالحيوان (آدم له سلطان علي كل شئ) : إعطاء الأسماء.
6. علاقة الزواج (الله يؤسس سر الزيجة) هنا نجد علاقة المحبة التي تربط الإنسان بالإنسان.
7. وراء كل هذا نجد الله المحب الذي خلق كل هذه الخليقة من أجل الإنسان.
8. ولكن نجد هناك وصية لآدم حتي يكون له الحق ان يستمتع بكل هذا، ففي مقابل الحرية هناك وصية.
أية1: "فاكملت السماوات والارض وكل جندها "
أكملت: المعني أن بعد اليوم السادس لم يعد الله يخلق أجناساً جديدة، بل هو يخلق من نفس الأجناس التي سبق فخلقها وهو يحافظ علي خليقته وهذا معني أبي يعمل حتي الآن وأنا أعمل (يو 17:5) فهو يحفظ الخليقة حتي لا تهلك والكواكب في مداراتها.
جندها : الجند في العبراية صبا وجمعها صباؤوت ومعناها جمهور أو جيش عرمرم والله يسمَي لذلك رب الصباؤوت أي رب الجنود. والجنود تطلق علي الملائكة وعلي شعب الله الذي علي الأرض وعلي أفلاك السماء وكواكبها (2 أي 18:18 + أش 12:45 + مز 6:33) فالأولي تشير لجيش الملائكة والثانية تشير لأجرام السماء وقوات الأرض والثالثة تشير لكل المخلوقات. ويكون المقصود من الآية أن الله خلق كل شئ حسب جنسه ونظامه وترتيبه. السموات غير المنظورة بملائكتها والسموات المنظورة بنجومها والأرض وما عليها بكل زينتها. ولكن لماذا التسمية جنود؟! فالكواكب لنظامها البديع هي كجيش منظم وهي كثيرة جداً مثل الجيش لكن كل كوكب يعرف مكانه وهو تحت رياسة تضبطه وتضبط تحركاته. فالله ضابط الكل والكنيسة سميت أنها مرهبة كجيش بألوية (أش 4:6 ).
2
وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل 3 وبارك الله اليوم السابع وقدسه لانه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا "أكمل الله خليقته في اليوم السادس ورأي ذلك أنه حسن جداً والتطابق عجيب ففي اليوم السادس بل في الساعة السادسة أكمل الله فداء البشرية قائلا علي الصليب "قد أكمل" فبالصليب أعيدت خلقتنا من جديد وبالقيامة أخذنا الحياة. ومعني أن الله يستريح في اليوم السابع أي هو يفرح ويسر بالإنسان موضع حبه وحينما سقط الإنسان وفسدت طبيعته جدده الله روحياً وفتح له باب السماء، في خلال اليوم السابع (الذي بدأ بعد خلقة آدم وينتهي بمجئ المسيح الثاني)، ففي خلال اليوم السابع كان الفداء الذي به أنهي الله أعماله كلها للإنسان وإستراح الله لأنه قدم للإنسان طريق السماء. وراحة الإنسان الحقيقية أنه يكتشف أنه ليس تراباً فقط فيكون كل إهتمامه للعالم، بل هو خليقة روحية لا يستريح سوي في الله ومع الله، بل هو يقضي فترة خاطفة علي الأرض ويكمل بعد ذلك حياته الأبدية في السماء في حضن الله. وحتي يطبع الله هذه المفاهيم في الإنسان نري الله يطلب من الإنسان أن لا يعمل يوم السبت بل يخصصه لله وللعبادة. فالإنسان كجسد لابد ان يعمل وهذا هو ما طلبه الله من آدم " لكن الإنسان كروح لن يرتاح وتكون له راحة إلا في الله.
فإستراح:
في العبرية لا تعني الكف عن العمل بل الراحة والإستقرار والرضي لأن الله لا يكل ولا يعيا. وراجع مز 31:104 + صف 17:3 لتري ان الله يفرح ويسر بأعماله. وما يتعب الله خطايانا أش 24:43. والإنسان كان سيظل في راحة لو لم يخطئ. ولكن الخطية والموت الذي إستتبعها كانا شيئاً عابراً وبعده ستعود الراحة. لذلك يعيش الإنسان مدة حياته علي الأرض يعمل ويشقي ويتعب (رمزياً مدة عمر الإنسان 6 أيام) وبعد الستة الأيام يذهب الإنسان للفردوس حتي يرتاح. وصارت راحة الله في إتحادنا بالمسيح القائم، وراحة الإنسان في المسيح القائم، لذلك إستبدلت الكنيسة يوم السبت بيوم الأحد يوم القيامة. وصار هذا اليوم هو راحة للجسد من التعب واهتمامات العالم لترتاح الروح في علاقتها بالله. فراحة الله= راحة الذين يستريحون في الله.
4 هذه مبادئ السماوات والارض حين خلقت يوم عمل الرب الاله الارض والسماوات "
هذه مبادئ:
بالعبرية جاءت الكلمة توليدوت وترجمت بالإنجليزية Generations وبالعربية مبادئ فعمليات الخلق الجديدة تعتبر إنتاجاً للأجناس وتشبه بعمليات الولادة.
الرب الإله:
لأن الإصحاح الأول كان يتكلم عن علاقة الله بالعالم وأنه الخالق الجبار إستخدم لفظ إلوهيم= الإله بمعني صاحب القوة أو الكلي القدرة والقوة. ولكن في هذا الإصحاح الذي يكلمنا عن الله المحب الذي هو كل شئ للإنسان وصنع كل شئ لأجل الإنسان الذي يحبه فنجد هنا الكتاب يحدثنا عن الله بإسم يهوة إلوهيم أي الرب الإله وهذه أول مرة يستخدم الكتاب اللفظ يهوة. وإسم يهوة من الفعل العبري "هوا" أو "هيا" بمعني كان، إذا يهوه معناها الكائن. والله عرَف موسي المعني بقوله " اهية الذي أهية" : أكون الذي أكون والمعني أن الله هو الواجب الوجود بذاته ولا يعتمد علي أحد في وجوده هو أزلي وأبدي، هو الذي كان والكائن الأن وإلي الأبد. ولماذا إستخدم الكتاب هذا الأسم في هذا الأصحاح؟ لأن الله يعلن للإنسان الذي يحبه أنه هوله كل شئ، هو يعلن ذاته للمؤمنين به بالنعمة والمحبة وهو الذي فيه كل إحتياجات البشر.
يهوة: Iam : أنا أكون… أكون كل شئ لأحبائي لذلك نري أسم الرب يأتي هنا في إصحاح حب الله لآدم. لفظ الله تشير لسيادة الله علي كل الخليفة ولكن لفظ يهوة (الرب) تشير لعلاقة الله بخاصته أي الإنسان الذي أحبه وخلق كل شئ لأجله.
"هو حياتنا كلنا خلاصنا كلنا رجاؤنا كلنا وقيامتنا كلنا" (أوشية الإنجيل).
واليهود لم يكونوا يستعملون إسم يهوة لخوفهم من الأسم فإستعملوا بدلا منه لفظ أدوناي أي السيد أو الرب وبالإنجليزية The Lord وباليونانية كيريوس هذا ونلاحظ أن المسيح بعد أن أنهي خدمته الجهارية علي الأرض صلب يوم الجمعة وقضي يوم السبت في القبر.
ويري الأباء أن وصية حفظ السبت والتي تعني في العبرية "الراحة" إنما هي رمز للثبوت في المسيح بكونه راحة الأب، فيه يجد لذته من جهتنا، وراحتنا نحن إذ فيه ندخل إلي حضن الأب. وكأن السيد المسيح نفسه هو سبتنا الحقيقي. هذا هو سر إهتمام الله بحفظ وصية السبت وجعلها خطأ رئيسياً في خطة خلاص شعبه، من يكسرها يكون قد نقض العهد الإلهي وحرم نفسه من عضويته في جسد المسيح أي الكنيسة.
الرب الأله
نلاحظ في الإصحاح الأول قول الكتاب في البدء خلق الله…
وفي الإصحاح الثاني تتكرر كلمة الرب الإله.
فالله بمعني سيد، هو سيد كل الخليفة وموجدها من العدم وهو يسود علي الكل، علي كل ما خلقه.
وفي الإصحاح الثاني، إصحاح صداقة الله بالإنسان، الذي فيه لذته "لذاتي مع بني آدم (أم 31:8)" يقدم الله نفسه بإسم الرب الإله، فهو إله آدم أي خالقه وسيده، ولكنه أيضاً هو ربه. فما معني كلمة رب هذه؟ هي في أصلها يهوة (خر 15:3) ولكن اليهود خوفاً من إسم يهوة، صاروا لا يستعملونه، بل إستخدموا بدلاً منه كلمة الرب، وصاروا يستبدلون كل كلمة يهوة بكلمة الرب في الكتاب المقدس بدافع الخوف من الله ومن إسمه يهوة. (كما لا يذكر غالبية المصريين أسماء زوجاتهم ويقولون "الجماعة").
فما معني كلمة يهوة؟ Iam أنا أكون… فهي من ناحية تعني أن الله هو الكائن بذاته ولم يوجده أحد. كان وكائن وسيكون للأبد. ومن ناحية أخري فهو كل شئ لنا، لذلك يصلح أن يوضع مكان النقاط في أنا أكون… أي شئ، كما نقول في أوشية الإنجيل "أنت حياتنا، خلاصنا، رجاءنا… كلنا" ونلاحظ في الكتاب أن كلمة الله يستخدمها الكتاب غالباً في حديثه عن علاقة الله بالعالم ككل، أما كلمة الرب فتستخدم مع شعب الله وخاصته.
أمثلة: قارن تك 7:16 فوجد (هاجر) ملاك الرب مع تك 17:21 ونادي ملاك الله هاجر من السماء، فهو ملاك الرب حين أمرها أن تعود لإبراهيم، وإبراهيم هو شعب الله، وهو ملاك الله حين أمرها أن لا ترجع. وقارن تك 13:6 وقال الله لنوح "نهاية كل بشر"... هنا الله سيد الخليقة الذي يأمر بهلاكها. مع تك 1:7 وقال الرب لنوح أدخل… هنا نوح هو خاصة الرب والذي يحميه الرب من الهلاك، هو للرب والرب له.
أية5: كل شجر البرية لم يكن بعد في الارض وكل عشب البرية لم ينبت بعد لان الرب الاله لم يكن قد امطر على الارض ولا كان انسان ليعمل الارض
هي تكرار لليوم الثالث وهي لا تعني أن الله بدأ خلق النبات في هذا الوقت لأن الآن كانت الأرض قد إكتملت. وهذه الأية ذكرت هنا لتشير أن الله خلق النبات. لأجل آدم حبيبه ليكون له طعاماً. وهو خلق النبات من أرض كانت خربة وخالية. هذه الأية مراجعة لليوم الثالث تتمشي مع فكرة الأصحاح الثاني أن الله أعد كل شئ للإنسان.
"6 ثم كان ضباب يطلع من الارض ويسقي كل وجه الارض "
هذه الأية تشرح كيفية تكوين المطر فهو عطية الله للإنسان أيضا. والمطر أصله ماء قد تبخر من الأرض فتكون الضباب (السحاب) وتكاثف في طبقات الجو العليا حتي يمطر راجع أي 27:36.
" 7 وجبل الرب الاله ادم ترابا من الارض ونفخ في انفه نسمة حياة فصار ادم نفسا حية "
أدم
جسده من تراب الأرض وكلمة آدم تعني أحمر وأصل الكلمة "أدمية" أي تراب أحمر. ولكنه ليس تراب فقط بل
نفخ الله في أنفه نسمة حياة
هذه هي الروح فآدم من تراب ليعرف حقيقة ضعفه بدون نعمة الله، ومن نسمة الله ليعرف قيمته أمام الله، فيعطي لروحه الغلبة علي جسده وشهواته. وكلمة نفخ أي أودع الله في آدم خاصية الحياة فنسمة الحياة هذه هي الروح أي 8:32.
تأمل: في آية 5 نري أن آدم كان لابد ان يعمل حتي يكون هناك ثمر. ولابد أيضا من بذور وهذه قد خلقها الله منذ اليوم الثالث ولابد من مطر يسقطه الله من السماء. وآدم هو من تراب الأرض فنجد آدم يشترك مع الله في العمل والله يشترك مع آدم في العمل حتي يكون هناك ثمر. وروحياً وبالرجوع لمثل السيد المسيح "الزارع والزرع" مت 2:13-23 يكون المقصود بالأرض في المثل هو الإنسان (آدم من تراب). والبذرة هي كلمة الله (البذور خلقت في اليوم الثالث والمسيح قام في اليوم الثالث) والمطر هو الروح القدس الذي يعطيه الله من السماء للإنسان. ولكن لنلاحظ أهمية عمل الإنسان بجانب نعمة الله وهذا ما تشير له كنيستنا بتعبير الجهاد والنعمة.
" 8 وغرس الرب الاله جنة في عدن شرقا ووضع هناك ادم الذي جبله "
هنا نري محبة الله وأبوته الفائقة ورعايته ومحبته للإنسان فهو يغرس جنة ليعيش فيها الإنسان. وهي شرقاً لأن موسي الآن يكتب في سيناء والجنة كانت عند نهر الفرات.
وكلمة عدن تعني بهجة أو نعيم. هكذا خلق الله آدم ليحيا في فرح. وكل مسيحي الآن ينظر للشرق أي ينتظر المسيح شمس البر في مجيئه الثاني بفرح ويعيش علي هذا الرجاء أن ينتقل من عالم الحزن والشقاء لعالم الفرح الأبدي.
" 9 وانبت الرب الاله من الارض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للاكل وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر "
شهية للنظر وجيدة للأكل:
والمسيح حلقه حلاوة وكله مشتهيات نش 16:5. فهل ننظر له لنشبع أم ننظر للعالم نشبع به.
وشجرة الحيوة في وسط الجنة:
تشير للمسيح الذي كل من يؤمن به تكون له الحياة الأبدية "يو15:3" وراجع أم 18:3 فالحكمة هي شجرة حياة لممسكيها والمسيح هو أقنوم الحكمة (اللوغوس) وراجع رؤ 7:2 +2:22 + يو54:6. ولا نجد في أورشليم السماوية غير شجرة حياة ولا نسمع أنه في السماء توجد شجرة معرفة خير وشر فلا يوجد هناك شر بل حياة أبدية.
شجرة معرفة الخير والشر:
المشكلة ليست في معرفة الخير والشر فالله يريدنا أن نميز بينهما ونختار الخير ونرفض الشر. ولكن المقصود هو أن من يأكل من هذه الشجرة فيعرف الخير والشر بمعني يعرف الخير حين يفقده ويعرف الشر بأن يختبره. فالمعرفة في حد ذاتها هي نعمة وبركة ولكنها إن إتجهت إلي خبرة الشر تصير علة للهلاك. هذه المعرفة هي التي تحمل العصيان في داخلها (عب 14:5) الله كان يريد لآدم ألا يختبر الشر لأنه مازال ضعيفاً.
وشجرة الحياة كانت ضمن شجر الجنة المسموح لأدم أن يأكل منها ولوفعل لعاش للأبد والمقصود بهذا أن آدم كان معروضاً عليه أن يختار بحرية بين أن يتحد بالله فيحيا للأبد أو أن يبدأ في الإحساس بمواهبه وغناه وجماله وقوته بالإنفصال عن الله وليس من خلال وحدته مع الله. والإنفصال عن الله يساوي موتاً. وكانت هذه سقطة إبليس أنه شعر بإمكانياته حينما كان ملاكاً من طبقة الكاروبيم فإنفصل عن الله ومات وهلك. وهنا فالله يشرح لآدم لا تأكل من هذه الشجرة، شجرة الإنفصال عن الله كما فعل ذاك.
" 10 وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة ومن هناك ينقسم فيصير اربعة رؤوس "
كما نجد نهر هنا في الجنة نجد نهر في أورشليم السماوية رؤ1:22. وقد سبق ورأينا في أورشليم السماوية شجرة حياة كما هنا في الجنة. وإذا كانت شجرة الحياة هي المسيح فالنهر إشارة للروح القدس الذي يفيض علي أرضنا فيحول قفرنا إلي حنة تفرح قلب الله (يو38:7) وإنقسام النهر إلي أربعة رؤوس فيشير إلي فيض الروح علي الكنيسة في كل مكان (رقم 4 هو رقم العمومية، أي هو لكل إنسان يريد) (مز 4:46) إذا الأنسان في علاقته بالله يصير بالروح القدس جنة عدن الجديدة. وبذلك فجنة عدن تشير للكنيسة أو للنفس البشرية التي فيها المسيح ويرويها الروح القدس وهي في فرح.
" 11 اسم الواحد فيشون وهو المحيط بجميع ارض الحويلة حيث الذهب وذهب تلك الارض جيد هناك المقل وحجر الجزع 12 واسم النهر الثاني جيحون وهو المحيط بجميع ارض كوش 13 واسم النهر الثالث حداقل وهو الجاري شرقي اشور والنهر الرابع الفرات "
أسماء الأنهار الأربعة أو الفروع الأربعة كل منها يشير لعمل من أعمال الروح القدس مع الإنسان.
فيشون: الجاري أو المنطلق والبعض يترجمه زيادة أو نمو. وهو يحيط بأرض الحويلة وحويلة تعني تعب ووجع. فالروح يفيض ليخلصنا من التعب، فهو المعزي.
جيحون: منقذ أو مخلص وهو محيط بأرض كوش (أسود) أي خلاص من سلطان الظلمة.
حداقل: هو نهر دجلة والكلمة تعني سريع وهو يجري شرق أشور. وأشور شعب مقاوم لله ولشعب الله. والمعني أن الله هو في إستجابته سريع، وعمل نعمته سريع حتي تخضع كل التحديات المقاومة لشعب الله.
الفرات: غزير وماءه عذب. وما أحلي وأعذب إعلان الله في المحبة.
إذا الروح القدس يفيض علي الإنسان بغزارة ويعطي له عذوبة تذوق محبة الله. ويخلصه من أتعابه ووجعه فهو المعزي ويخلصه من سلطان الظلمة فهو الذي يبكت علي الخطية وهو الذي يسندنا في حروبنا مع أعدائنا.
حيث الذهب… هناك المقل وحجر الجزع: مرة أخري نعود لأورشليم السماوية فنجدها من ذهب رؤ18:22 وسوقها ذهب رؤ21:22 وأساساتها أحجار كريمة رؤ19:22 ولنقارن مع الجنة. فالجنة لأنها مازالت في الأرض فكان فيها ذهب وفيها حجر جزع أما في السماء فكلها ذهب وأساساتها أحجار كريمة. فأدم خلق في الجنة كإنسان ترابي لكن نفخة الروح فيه وشركته مع الله جعلت لـه حياة سماوية والذهب يرمز للسماويات أما لو إنتقل للسماء فعلاً فسيصير سماوياً بالكامل. والمقل هو نوع من الصمغ (المر الذي يسيل من أشجاره) ويصلح كدواء وبخور وقد يكون حجر كريم نادر وحجر الجزع هو من الأحجار الكريمة. وأولاد الله في نظره هم أحجار كريمة والمقل هنا يشير لعلاقته بالله وصلاته أو إتصاله الدائم بالله.
ونلاحظ التشابه والمقارنة بين الجنة وأورشليم السماوية (أول وأخر الكتاب المقدس).
وجغرافيا: فقوله النهر غالباً يقصد به إلتقاء نهري دجلة والفرات والأربعة فروع هم دجلة والفرات وفرعين لهما وربما يكونوا قد إندثروا. والحويلة هي القسم الشمالي الشرقي من أرض العرب وكان حويلة من أبناء كوش. وكان الذهب يوجد في الجبال التي علي شرق البحر الأسود. وأرض كوش غالباً هي أرض عيلام التي عرفت إلي زمان طويل بأسم "كاشو" كما أن سهل بابل كان يدعي "عدنو" وهناك فروع كثيرة للنهرين الكبيرين ربما يكون منهما جيحون وفيشون وربما هما فرعان مندثران. وموقع الجنة هو إما جنوب العراق أو في أرمينيا. وعموماً فهذه الأرض أرض خصبة وأرض أنهار.
" 15 واخذ الرب الاله ادم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها "
ليعملها ويحفظها:
هنا نجد آدم شريكاً لله في العمل فجنة عدن غرسها الله وها هو آدم يعملها ويحفظها. فالإنسان خلق ليعمل والله نفسه يعمل. أف 10:2 فالله لم يخلق الإنسان ويعطيه عقلاً وحكمة لينام ويأكل ويشرب فقط. فالله قدس العمل.
"16 واوصى الرب الاله ادم قائلا من جميع شجر الجنة تاكل اكلا 17 واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تاكل منها لانك يوم تاكل منها موتا تموت "
هذه الأيات هي شرط الإستمرار في هذه الحياة والشركة الحلوة مع الله. هنا نجد الوصية والوصية هي:-
1. إعلان حرية إرادة الإنسان فمع الحرية لابد من وصية.
2. شرط الإستمرارية في هذا النوع من الحياة.
ونجد هنا نتيجة عدم طاعة الوصية…موتاً تموت: فالإنسان لم يخلق ليموت بل ليحيا ولكن "أنا أختطفت لي قضية الموت… القداس الغريغوري". وهذه ليست عقوبة بقدر ما هي نتيجة يحذر الله آدم منها. أن الإنفصال عنه = موت. ومن هنا نري ان الوصية ليست حرماناً بل هي الطريق للتمتع بالفرح والقداسة مع الله. أما الموت فهو الثمرة الطبيعية للخطية. ومن محبة الله للإنسان فهو لم يلعن الإنسان بسبب الخطية بل لعن الأرض ولعن الحية.
(كان آدم في الجنة مثل شخص ضعيف في غرفة معتمة أعطي له الطبيب وصية، أنه لو خرج منها ستقابله الميكروبات فيمرض ويموت. وخرج الشخص فأصيب بالأمراض فأعطي الله الوصايا العشر كنصائح مثلما يعطي الطبيب نصائح للمريض حتي يطيل عمره بقدر الإمكان).
" 18 وقال الرب الاله ليس جيدا ان يكون ادم وحده فاصنع له معينا نظيره 19 وجبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها وكل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها 20 فدعا ادم باسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية واما لنفسه فلم يجد معينا نظيره 21 فاوقع الرب الاله سباتا على ادم فنام فاخذ واحدة من اضلاعه وملا مكانها لحما "
في أية 18: نري الله يتخذ قراراً بأن يصنع لأدم معيناً نظيره، أي أن الله قد إتخذ قراراً بأن يخلق حواء من جنب آدم.
وكان المسار الطبيعي للأيات أن تأتي أية 21 (فأوقع الرب الأله سباتاً علي آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه…الخ) بعد أية 18 مباشرة. فما الذي أدخل الأيات 20،19فيما بينهما.
هنا نري طريقة الله في التعامل مع الإنسان، صديق الله. فالله خلق الإنسان حراً، والله لا يفرض علي الإنسان شئ رغما عن إرادته لذلك نجد الله هنا يأتي بالحيوانات ويشرح لآدم طبيعة كل حيوان وبعد أن يفهم آدم طبيعة الحيوان ويدرسه دراسة كاملة يعطيه أي يعطي للحيوان إسمه [ كما نقول في العربية (دب) لأن هذا الحيوان ضخم وثقيل الوزن، وحينما يسير يدب علي الأرض… وهكذا] وفي أثناء الشرح يكتشف آدم أن الحيوانات كلها ذكر وأنثى فيسأل الله ولماذا هم ذكر وأنثي؟ فتكون إجابة الله
الإنثي يا آدم 1- لتكون معيناً نظيره" 2-ليتكاثروا.
ويسأل آدم ولماذا أنا وحيد دون أنثي؟ ويقول له الله وهل تريد لك أنثي، ويقول آدم بعد أن أقنعه الله نعم أريد… هنا تحول قرار الله في آية 18 إلي طلب من آدم لله. فالله لا يفرض علي شيئاً إلا بعد أن يقنعني، ويصير هذا الشئ طلباً لي، لذلك قال أرميا. أقنعتني يارب فإقتنعت وألححت علي فغلبت أر7:20 بل أن الآية "الروح القدس يبكت علي خطية … يو 8:16 في ترجمات أخري نجدها "الروح القدس يقنع علي خطية… فالروح القدس يقنع الإنسان ويحاوره ويلح عليه أن يترك الخطية لمصلحته.
أية 18: نري هنا أن الله يريد أن يحيا الإنسان حياة إجتماعية، فيها حب متبادل وأسرة متحابة ومجتمع متعاون (فيه الأذن والعين واليد والرجل…) وكلمة معيناً نظيره= يكشف عن مفهوم الحياة الزوجية فهي نظيره فلا يتشامخ أحدهما علي الأخر.
الأيات 20،19: لماذا يسمي آدم الحيوانات بأسمائها:-
هذا يعطيه شعوراً بالسيادة عليهم.
كان يعطي الإسم بعد أن يدرس ويعرف طبيعة الحيوان وما العمل الممكن ان يقوم به أو الخدمة التي يمكن إستخدامه فيها. إذا هي نوع من الدراسة والمعرفة.
كان في هذا تدريب من الله لآدم علي التفكير والنطق.
حين درس الحيوانات وجدهم ذكراً وأنثي ولم يكن بينهم من هو نظيره فإشتاق أن يكون له معيناً نظيره.
ولاحظ فإن الله أعطي أسماء للشمس والقمر والنهار والليل فهو له سلطان علي كل هذه وترك السلطان علي الحيوانات والطيور لآدم. فهو أي الله وضع بعضاً من كرامته علي آدم. وللأسف فقد الإنسان هذه الكرامة بعد سقوطه وهذا ما يسمى الموت الأدبى.
" 21 فاوقع الرب الاله سباتا على ادم فنام فاخذ واحدة من اضلاعه وملا مكانها لحما 22 وبنى الرب الاله الضلع التي اخذها من ادم امراة واحضرها الى ادم 23 فقال ادم هذه الان عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تدعى امراة لانها من امرء اخذت 24 لذلك يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بامراته ويكونان جسدا واحدا "
حواء صنعها الله من ضلع آدم والضلع بجانب القلب وتحت الذراع حتي يحيطها بحبه ويحميها بذراعه وهي ليست من رأسه فتنتفخ عليه ولا من قدمه فيدوسها. ولاحظ طريقة الله، فالله أخذ من آدم ضلعاً فهو حرمه من شئ، أي أحد ضلوعه ولكن ماذا أعطي له بعد ذلك… معيناً نظيره. وهكذا كل ما يحرمنا منه الله يعوضنا عنه بركات مضاعفة. ونجد في هذه القصة تشابهاً مع قصة المسيح مع كنيسته عروسه.
آدم وحواء |
المسيح والكنيسة |
أوقع الرب سباتاً علي آدم فنام. فتح الله جنب آدم ليأخذ ضلعاً. بني الرب الإله الضلع… إمرأة. حواء هي جسد آدم (جسداً واحداً) هذه عظم من عظامي.. لحم من لحمي. يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمراته. |
مات المسيح علي الصليب (موته كان كالنوم). فتح جنب المسيح بالحربة ليخرج دم وماء. الروح القدس يبني الكنيسة بإستحقاقات الدم. الكنيسة هي جسد المسيح (والمسيح هو الرأس) أف30:5 المسيح ترك مجده السماوي وأمته اليهودية ليلتصق بنا. |
فحين مات المسيح علي الصليب وطعن في جنبه فخرج دم وماء فاضت أسرار الكنيسة من جنب المسيح. والمسيح ترك أباه بمعني أنه "إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلي نفسه أخذاً صورة عبد (في 6:2) وتَرْكِه أمه أي تَرْكِه مجمع اليهود الذي ولد منه حسب الجسد ليلتصق بالكنيسة التي جمعها من كل الأمم.
وأحضرها إلي آدم: هذا تأسيس سر الزواج.
" 25 وكانا كلاهما عريانين ادم وامراته وهما لا يخجلان "
كان كلاهما عريانين: الجو كان ليس بارداً ولا حاراً فهي جنة، بل ليس للحر ولا البرد سلطان عليهما. وعوامل الطبيعة ليس لها سلطان عليهما وفي السماء لا حر ولا برد.
وهما لا يخجلان: في ترجمة أخري "لا يعرفان الخجل" فهما عريانين جسدياً لكن مستورين روحياً لهذا لم يجدا ما يخجلهما. لأن ما يخجل الإنسان ليس جسده بل الفساد الذي دب فيه بسبب الخطية "فمن لم يعرف الخطية لن يعرف الخجل" وهذا هو وضع الأطفال الصغار.
مقدمة من كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة
خطية آدم وحواء هي خطية مركبة:-
1. هي خطية عصيان ومخالفة:- فالله أنذرهم وخالفوا فهي ليست خطية بجهل.
2. هي خطية معاشرات رديئة:- حوار مع الحية، وتستمر حواء في الحوار بينما الحية تشكك في كلام الله.
3. هي خطية شك وعدم محبة:- الشك في صدق كلام الله. والشك أيضا في المحبة (يو 14: 21).
4. هي خطية إنقياد:- إنقياد للشر ضد كلام الله فيها حواء إنقادت للحية وآدم لحواء.
5. هي خطية ضعف إيمان:- حواء قبلت كلام الحية أكثر من كلام الله فالحية قالت "لن تموتا".
6. هي خطية إستهانة وعدم خوف الله:- لأنهما قد مدا أياديهما وأكلا.
7. هي خطية شهوة:- فالشجرة كانت شهية للنظر. أصبحت النظرة للشجرة مشبعة بشهوة.
8. هي خطية كبرياء:- أرادا أن يصيرا مثل الله " هي نفس سقطة الشيطان" أش 14:14.
9. هي خطية معرفة مخربة:- هي معرفة الشر وإختباره "الذي يزداد علماً يزداد غماً".
10. هي خطية طلب المعرفة من غير الله:- كان يجب أن يكون الله هو المعلم والمرشد الوحيد.
11. هم حفظوا الوصية عقلاً وليس عملاً.
12. عدم القناعة:- فكان أمامهم كل شجر الجنة ولم يكتفوا به.
وخطايا بعد السقوط هى:
13. إعثار الآخرين:- فحواء أعطت رجلها أيضاً.
14. عدم الإعتراف والشعور بالخطأ:- فكل يبرر موقفه بلا إقرار بالذنب وبلا إدانة للنفس.
15. محاولة تبرير النفس وإلقاء التبعية علي الأخرين.
16. إلقاء التبعية علي الأخرين فيه عدم محبة لهم. فآدم يرجع السبب في خطيته لله ولحواء.
17. عدم اللياقة في الحديث:- المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني"
18. فقدان البساطة: فدخل الخجل لحياتهما وعرفا أنهما عريانين. وصار هناك الحلال والحرام. الخير والشر، ما ينبغي وما لا ينبغي. لقد تشوه فكر الإنسان بمعرفة الشر.
19. صارت هناك شهوة للمعرفة من طريق آخر غير الله بعد أن كان الله هو المعلم الوحيد.
20. تغطية الخطية بأوراق التين:- القلب صار فيه فساد ولكن هي محاولة للتستر من الخارج ولا فائدة للتغطية سوي بدم المسيح.
21. الهروب من الله:- إختباء آدم وحواء من الله (مثل من يهرب من الصلاة حين يخطئ).
22. الجهل بالله وقدرته:- ظنا في جهلهما أنهما حين يختبئان لا يراهما الله.
هذا الإصحاح نجد فيه خبر سقوط الإنسان وموته نتيجة ذلك فبإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم وبالخطية الموت… رو12:5
وسبب السقوط أن عدو الخير حسد الإنسان فأراد أن يهبط به إلي الموت فكان أن إستخدم الحية في خداع الإنسان. وقد يكون إبليس إتخذ له شكل حية فهو يمكنه أن يتخذ شكل ملاك نور 2كو14:11. أو أن إبليس إستخدم الحية. فواضح من نفس الآية 2كو14:11 أن خدام إبليس يغيرون أشكالهم حتي يخدعوا البسطاء. وهذا يحدث في حياتنا حين يأتينا صديق ردئ ليدعونا لإرتكاب خطية معينة. إذن الحية هي إبليس وراجع رؤ 9:12. وإبليس إذن قد يستخدم خليقة الله الصالح كوسيلة لتحطيم الإنسان.
1 وكانت الحية احيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله فقالت للمراة احقا قال الله لا تاكلا من كل شجر الجنة "
كانت الحية أحيل:-
الحية تدور وتلتف وتخادع وهكذا إبليس.. وماذا قالت الحية "أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة"
قولها أحقاً: هي تريد ان تقول ان الله ظالم إذ أمر بهذا وعليكم أن لا تطيعوه وقولها من كل شجر الجنة: هذا كذب، هي دست الكذب وسط أقوال صادقة. فالله تكلم فعلاً مع آدم وحواء وأعطاهما وصية والوصية كانت أن يأكلا من كل شجر الجنة ولكن شجرة واحدة ممنوعة عنهما. ولكن الكذب هنا أنها إدعت أن الله منعهما من الأكل من كل شجر الجنة حتي تثير المرأة ضد الله. وكما قال المسيح عن الشيطان هو كذاب وأبو الكذاب وهدفه من الكذب والخداع هو هلاك البشر فهو كان قتالاً للناس منذ البدء (يو 44:8) ولاحظ طريقة إبليس فهو يدخل كذبة صغيرة في وسط كلام صادق.
جزء صدق + جزء خداع = خداع أكثر
وإذا قبل الإنسان هذا الطعم ودخل في حوار مع إبليس يبدأ إبليس في زيادة الكذب فحواء كان يجب أن تصمت وألا تبادل الحية الحديث "المباحثات الغبية والسخيفة فإجتنبها 2تي 23:2" طالما هي إكتشفت أن هناك جزء من الكلام به كذب، كان عليها أن تكف ولا تسلم نفسها في أيدي من يتأمر عليها. لكنها طرحت دررها أمام الخنازير مت 6:7 فداستها الخنازير والتفتت فمزقتها. إبليس لا يقتحم حياتنا بالعنف ولكن نحن الذين نقبل أضاليله فنسمح له بالتسلل إلي أعماقنا. ونحن الذين نسلم له قيادة إرادتنا فيسيطر علي القلب والفكر والحواس وبذلك نسقط تحت عبوديته المرَة.
" 3 واما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تاكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا "
"فقال الله لا تاكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا"
قولها لا تمساه: هو زيادة في الكلام تظهر الله بمظهر المتشدد (مبالغة في الكلام)
لئلا تموتا: هو تشكيك في قرار الله الذي قال "موتاً تموتا" بالتأكيد. إذن المرأة سايرت الحية في الإستخفاف بكلام الله والإستهانة به: هذه ثمرة معاشرة الأشرار… إذأ في مجلس المستهزئين لا نجلس. إذا بدأت المراة هنا تستجيب للخداع بأن أظهرت الله في موقف المتشدد وشككت في قراراته. لذلك فهي أعطت الفرصة للحية بأن يكون هناك المزيد من التشكيك.
طريقة الشيطان المستمرة مع الإنسان:-
1. تشكيك في محبة الله مدعياً أن الوصية ثقيلة: فإذا وافق الإنسان وتبرم وتذمر.
2. يقدم إقناعات ويسهل طريق الخطية لعقل الشخص 2 كو11: 3.
3. مخاطبة الشهوة وإثارة الحاجة إليها: ثم دفع الإنسان المستسلم للسقوط.
4. ترك الإنسان للموت واليأس.
" 4 فقالت الحية للمراة لن تموتا 5 بل الله عالم انه يوم تاكلان منه تنفتح اعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر "
" لن تموتا…تنفتح اعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر"
الشيطان لا يملك سوي أن يقدم وعوداً كاذبة. " لن تموتا… تنفتح أعينكما… تكونان كالله" لكن الله لا يقدم وعود بل هو الذي خلق كل شئ لأجلي وإبليس لم يعطني شئ سوي الكذب. وحتي المعرفة التي يدعي إبليس أن الإنسان سيحصل عليها هي معرفة وإختبار شريرين لا يجد الإنسان من ورائهما إلا الغم "من إزداد علماً إزداد غماً".
ولاحظ كبرياء الإنسان الذي يريد أن يكون كالله. ورداءة فكر الإنسان أن ينظر للشيطان كمحل ثقة أكثر من الله، مع أن الله أظهر إرادته الحسنة بأعماله. مع أنه كان يليق بالإنسان أن يدرك العدو من كلامه المناقض لأقوال الله. حقا قال أغسطينوس القائد (الله) يقدم وصية للحياة والمهلك (إبليس) يقترح خدعة ليهلكنا.
" 6 فرأت المراة ان الشجرة جيدة للاكل وانها بهجة للعيةن وان الشجرة شهية للنظر. فأخذت من ثمرها واكلت رجلها أيضاَ معها فأكل "
حوربت حواء بالشهوة وراجع ايو2: 15-17 وراجع يع 14:1-16
شهوة الجسد أو البطن: كانت الشجرة جيدة للأكل في نظرها إذ رأت.
شهوة العين: كانت الشجرة بهجة للعيون، شهية للنظر.
تعظم معيشة وطمع: تكونان كالله.
ونفس الخطايا حورب بهما المسيح
شهوة البطن: قل أن تصير هذه الحجارة خبزاً "مت 3:4"
شهوة العين: أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي مت 9:4
تعظم المعيشة: إن كنت إبن الله فإطرح نفسك لأسفل.
وما نجح فيه المسيح فشل فيه آدم وحواء "إذ أن المسيح رد علي الشيطان بأقوال الله دون أن يحرفها، أما حواء فقد حرفت في كلام الله فسقطت"
فأخذت من ثمرها:
الشيطان لا يمكن له ولا سلطان له إلا أن يغوي فقط. لكن ليس له سلطان أن يضع الثمرة في فم المرأة. بل هي فعلت "أنا أختطفت لي قضية الموت"
وأعطت رجلها: فقدت حواء رسالتها الأصلية كمعينة وصارت فخاً لرجلها ومحطمة لحياته.
7 فانفتحت اعينهما وعلما انهما عريانان فخاطا اوراق تين وصنعا لانفسهما مازر "
خاطا أوراق تين:
إنفتحت أعينهما ورأيا أنهما عريانين هذا يعني أن الإنسان بالخطية يدرك أنه دخل إلي حالة من الفساد تظهر خلال أحاسيس الجسد وشهواته التي لا تضبط. بهذا يدخل الإنسان في معرفة جديدة، هي خبرة الشر الذي إمتزج بحياته وأفسد جسده تماماً، هو تعرف علي جسده الذي صار عنيفاً في الشر بلا ضابط. هما صارا عريانين إذ فقدا النعمة التي حفظتهما من خزي عري الجسد. وحاولا أن يستترا فلم يجدا سوي أوراق التين. وخياطة أوراق التين تشير لمجهود الإنسان الذي لا يستر فهو ليس كافياً بدون نعمة المسيح. فهما فقدا رداء الفضيلة والبراءة والمجد والفرح وصارا في عوز للكرامة بل للحكم المنطقي فهما حاولا الإختباء من الله الذي يري كل شئ بعد أن كان آدم مثال للحكمة والسلطان.
أوراق التين أصبحت تشير للبر الذاتي، وكل مجهود لتبرير أخطائي هو ورق تين.
" 8 وسمعا صوت الرب الاله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبا ادم وامراته من وجه الرب الاله في وسط شجر الجنة "
قابل الإنسان حب الله بالعصيان. وقابل الله عصيان الإنسان بالحب حتي يرجع له الإنسان.
صوت الله: الصوت لا يمشي، لكننا نسمع هنا أن صوت الله كان ماشياً. إذا هو كلمة الله، الأبن الوحيد الجنس الذي جاء مبادراً بالحب ليقتنص الإنسان الساقط ويقيمه (عب 16:2)
ماشياً: الكلمة العبرية تفيد أنه يمشي للمسرة، فهذا هو فرح الله أن يخلص الإنسان بإبنه.
عند هبوب ريح النهار: كلمة ريح وكلمة روح بالعبرية هي كلمة واحدة. والمعني أن الروح القدس هو الذي يعطينا معرفة المسيح الكلمة نور العالم: ريح النهار فبنورك يارب نعاين النور ولاحظ أن الله لم ينتظر الإنسان ليأتي إليع معتذراً عن خطاياه، بل تقدم هو له بالحب يجتذبه ليعرف خطاياه ويعترف بها.
" 9 فنادى الرب الاله ادم وقال له اين انت "
أين أنت؟
هذه لا تعني أن الله يسأل عن مكانه بل عن حاله، فهو صار ضائعاً مفقوداً من الشركة مع الله. والله يسأل آدم ليستدرجه للإعتراف لذلك هو لم يسأل الحية فلا رحمة للشيطان لأنه لن يتوب. هنا صوت الله يبحث عن خروفه الضال هذا سؤال الله لكل خاطئ ومعناه "لماذا صرت بعيداً عني" فآدم كان يسعي قبل ذلك للقاء الله والأن يختبئ! لو عرف كل خاطئ أين هو من الله بعد أن ترك حضنه، وأنه بإنصرافه عن الله صار في مزبلة لرجع فوراً. ومع هذا فمن محبة الله أنه يريد أن يدخل في حوار مع الإنسان، ويكشف له أن خطيته جعلته غير مستحقاً أن يكون موضع معرفة الله وأنه بالخطية صار مختفياً عن النور الإلهي " الله صار لا يعرفه معرفة الصداقة والشركة معه"
" 10 فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لاني عريان فاختبات "
يتضح أن آدم فهم سؤال الله أنه ليس سؤال عن المكان بل عن حاله "لماذا هو مختبئ" وواضح أن الخوف والخشية دخلا نتيجة الخطية، فالظلمة لاتطيق معاينة النور (1يو 17:4،18)
وإختباء آدم من وجه الله يساوي هروب يونان من الله وكلاهما جهل فالخطية تعمي نظر العقل. والإنسان إذ طلب المعرفة خلال خبرة الشر إظلمت عيناه فإختبأ من وجه الرب وإبتعد عن معرفة الله النقية (أر 27:2). الإنسان لم يعد يستطيع أن يعاين الرب لا لأن الرب مرعب ومخيف وإنما لأن الإنسان في شره فقد صورة الله الداخلية التي تجتذبه بالحب نحو خالقه محب البشر فصار الله بالنسبة له مرعباً ودياناً للخطاة. فالعيب في الإنسان الذي فقد نقاوة طبيعته. بل إن الله من محبته تواري عن الإنسان فهو لم يعد يحتمل نور الله، وحتي لا يموت الإنسان.
12 فقال ادم المراة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فاكلت 13 فقال الرب الاله للمراة ما هذا الذي فعلت فقالت المراة الحية غرتني فاكلت "
كان قصد الله أن يعترف الإنسان بخطيته ولكن هذا لم يحدث، بل برر الإنسان نفسه وألقي اللوم علي الغير. وربما يكون جواب حواء أفضل من جواب آدم إذ هي تقر بأنها خدعت وعيب أن آدم وهو رأس المرأة يختبئ وراء إمرأة كان المفروض أنها هي تمتثل به وتتعلم منه. ونلاحظ أن الله لم يدخل في حوار مع الحية (إبليس) فهو لا أمل له في الخلاص.
" 14 فقال الرب الاله للحية لانك فعلت هذا ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين وترابا تاكلين كل ايام حياتك 15 واضع عداوة بينك وبين المراة وبين نسلك ونسلها هو يسحق راسك وانت تسحقين عقبه "
لعنة الحية
1. هذه اللعنة موجهة لإبليس في الحقيقة فهو الذي صار مكروها من كل الناس.
2. واللعنة موجهة للحية كأداة أعثر بها الشيطان الآخرين. والله بهذا يشرح لنا أن عقوبة من يعثر الأخرين كبيرة. والله هنا يستخدم الحية كوسيلة شرح كما لعن المسيح التينة.
3. الله يعاقب الحية لأنها كانت الأداة في الخطية، هكذا الجسد لأنه أداة الخطية لابد وان يعاقب مع النفس يوم الدينونة. وهذه الفكرة نجدها أيضاً في عقوبة الثور الذي ينطح إنساناً فيقتله، كان لابد من قتل الثور (خر29،28:21).
4. هناك إحتمال بأن الحية كان لها قبل اللعنة أرجل تمشي عليها وترفع نفسها عن الأرض ولكن المهم أن الآن الحية تسعي علي بطنها وتلحس التراب أو هي تحصل علي طعامها ملوثاً به. هكذا كل إنسان يقبل أن يكون أداة للعدو الشرير يصير كالحية، يسعي علي بطنه محباً للأرضيات، ليس له أقدام ترفعه عن التراب، ولا أجنحة تنطلق به فوق الزمنيات والأرضيات الفانية. يصير محباً أن يملاً بطنه بالتراب. وإذ يملأ نفسه بالتراب يصير هو نفسه تراباً أي ماكلاً للحية. ياليت لنا أجنحة الروح القدس نرتفع بها عن الأرضيات للسماء.
5. والشيطان بعد ان كان جميلاً قبل سقوطه صار كريهاً. وأكل التراب رمز للدناءة.
6. صارت العداوة دائمة بين الشيطان (الحية) وبين الإنسان فالحية دائما تعض الإنسان في قدمه والإنسان يقتل الحية بضرب رأسها. ولاحظ ان الإنسان والحية كانا قد إتفقا في الشر والنتيجة كانت كراهية وقطيعة بينهما فالكراهية والقطيعة مصاحبان للخطية.
البركة داخل اللعنة: "حولت لي العقوبة خلاصاً.. القداس الغريغوري"
نجد داخل الكلمات التي لعن بها الله الحية بركات كثيرة للإنسان.
1. نسل المرأة: هو المسيح إذن هي نبوءة بتجسد المسيح. ولم يقل نسل الرجل فهو ولد من العذراء بدون زرع بشر. لذلك رجع لوقا بنسب المسيح إلي آدم ليظهر أن نسله سحق رأس الحية. وكان كل القدماء من الأباء ينتظرون مسيا حتي السامرية توارثت هذا الرأي (يو4). ووجدوا في مصر صورة للإله "هاو" يسحق رأس حية.
2. تسحق عقبه: هذه تشير لألام المسيح ومعاناته التي لحقت بطبيعته البشرية. فالشيطان أقنع اليهود بإضطهاد المسيح وصلبه وأقنع بطرس بإنكاره. وكل هذا ليعطل الخلاص.
3. يسحق رأسك: راجع رؤ 20:16 + لو17:10-20 المسيح بصليبه سحق إبليس كو15،14:2.
+ إذن نجد في نفس الكلمات لعنة للشيطان وبركات للإنسان. وهذه تشبه نار ناحية الشعب تضئ لهم ليلاً وسحابة تجاه المصريين تضللهم (خر 20:14)
+ ولاحظ أن سحق رأس الشيطان يشير لحيله وأفكاره وخبثة.
+ نجد في هذه الآيات أول وعد بالخلاص.
+ مازالت الحية تسحق عقب كل من يقبل أن ينزل من الحياة السماوية.
" 16 وقال للمراة تكثيرا اكثر اتعاب حبلك بالوجع تلدين اولادا والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك "
تأديب المرأة
1. يلاحظ أن أتعاب المرأة في ولادتها أكثر من أي خليقة أخري.
2. الله وضع الزواج ليكون الرجل رأس المرأة يفيض عليها من حبه وهي تخضع له بالمحبة ولكن يبدو في هذا الكلام أنه نوع من الرياسة والخضوع حتي يقود المرأة للتواضع والتوبة.
3. إلي رجلك يكون إشتياقك: لشعورها بالضعف المستمر وإحتياجها للحماية. ونلاحظ أن إشتياق المرأة للرجل دفعها للتغلب علي المخاوف من الولادة وأتعابها وحتي لا ترفض الزواج. وأيضا كون الرجل يسود عليها أعطي أن يكون للبيت رأس واحد.
البركة داخل العقوبة
1. رأينا سابقا ان العقوبة أثمرت عن وجود رأس واحد للأسرة. وإستمرارية الحياة بالنسل..
2. إلي رجلك يكون إشتياقك: الرجل هنا يشير للمسيح والمرأة تشير للكنيسة وهي تشتاق له.
3. .يسود عليك: بالحب وبصليبه. وهي تشتاق لمجئيه عبر العصور.
4. أتعاب حبلك: غل 19:4. فنر هنا الكنيسة وخدامها يتألمون لكي يولد أي مؤمن، ويفرحون بعد أن يتوب هذا المؤمن، آلامهم هي جهادهم معه وصلواتهم لأجل توبته.
" 17 وقال لادم لانك سمعت لقول امراتك واكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تاكل منها ملعونة الارض بسببك بالتعب تاكل منها كل ايام حياتك 18 وشوكا وحسكا تنبت لك وتاكل عشب الحقل 19 بعرق وجهك تاكل خبزا حتى تعود الى الارض التي اخذت منها لانك تراب والى تراب تعود "
تأديب الرجل
1. لعنة الأرض: تعني أنها لم تعد سخية في عطائها بل صارت قاسية لا تعطي إلا بالتعب.
2. أكل الخبر بعرق الوجه يشير لأن العمل لم يعد لذة بل صار تعباً.
3. الأرض تنبت شوكاً وحسكاً: أي عقوبتها الحريق عب 8:6. والشوك يشير لأن آدم كان يجد في عمله آلاماً توخزه. والأمراض والأحزان هي شوك وحسك.
4. أكل عشب الحقل: كان العشب طعام الحيوانات فصار طعاماً للإنسان. وهذا ما كان مع نبوخذ نصر فرفع عينيه للسماء. فهذه العقوبة تشير لأن الله يريد أن نرفع أعيننا للسماء ونعرف أن هذه الأرض ليست مكاننا ولا فيها راحتنا، بل كلها تعب وأشواك وحسك وهي ملعونة فلا نشتاق أن نحيا فيها للأبد.
5. إلي التراب تعود: هي عقوبة الموت. أما من أشتاق للسماء وعاش في السماويات فيسمع الصوت أنت عشت في السماويات فللسماء تعود، هذا عمل نعمة المسيح.
بركات داخل العقوبة
هذه اللعنة للأرض والألام والأتعاب التي يعاني منها الإنسان صارت تدفعه للإشتياق للخلاص من أتعاب هذا العالم حتي يذهب للراحة. بل الموت نفسه صار طريقاً للخلاص من هذا الجسد ومن شهواته (رو24:7) وصارت السماء شهوة (في23:1) بل العمر القصير صار بركة حتي لا يعتمد الإنسان علي طول عمره فيحيا في الخطية، بل يكون مستعداً دائماً.
ماذا حمل المسيح عنا
قبل المسيح عنا كل آثار الخطية، وحمل كل ما كان يجب علي آدم أن يحتمله (رو 12:5-20)
1. اللعنة: المسيح قبل اللعنة "ملعون كل من علق علي خشبة" وصار لعنة لأجلنا (غل 13:3).
2. التعب: المسيح صار رجل أوجاع ومختبر الحزن (أش 3:53).
3. الشوك: هذا حمله علي رأسه.
4. الموت: وقد تذوقه المسيح لأجلنا عب 9:2.
5. العري: فقد علق المسيح عارياً علي الصليب.
6. تعب الولادة: هو يتعب ليأتي بالمؤمنين " من تعب نفسه يري ويشبع أش 11:53.
7. الخضوع: أطاع المسيح حتي الموت، موت الصليب بل خضع للناموس غل 4:4 + في 8:2
8. العرق: هو عرق دماً في بستان جثسيماني لو 44:22.
9. الحزن: صار رجل أحزان أش 3:53.
" 20 ودعا ادم اسم امراته حواء لانها ام كل حي "
أم كل حي:
كما رأينا فالله حمل أيات العقوبات بركات الخلاص وقد فهم آدم الوعود المتضمنه في هذه الكلمات. وتسمية آدم لإمراته حواء (من كلمة حياة) هي ختم تصديق علي وعود الله. كما غير الله إسم إبرام إلي إبراهيم كختم تصديق علي الوعد. هو سبق له أن سماها إمراة والأن يسميها حواء علي الرجاء في وعد الله بمخلص يأتي له بالحياة. ومن نسلها سيأتي المخلص الذي يسحق رأس الحية. فآدم فهم وإستوعب أقوال الله بأن حواء ستصير أماً للمسيح الحي الذي يعطي حياة للكل. وفي آدم نري أباً لكل البشرية وفي حواء نري أماً لكل البشرية. ولذلك من خلالهما سقطنا معهما تحت ذات التأديب حتي جاء آدم الثاني يهب الحياة للمؤمنين وصارت حواء الثانية هي الكنيسة والدة كل المسيحيين.
" 21 وصنع الرب الاله لادم وامراته اقمصة من جلد والبسهما "
الأقمصة الجلدية جاءت من ذبائح.
وفي الذبائح رأي آدم حيوان برئ يموت ليلبس هو وفهم أهمية الذبيحة أن هناك برئ يموت ليستتر هو. إذا الأقمصة الجلدية فيها يشرح الله طريقة الحياة، كيف تكون حواء أم كل حي وليست أماً لكل ميت. وبالذبيحة يشرح الله كيف يتحول الموت لحياة.
ونري هنا كيف أن الله يهتم بملبسهم. وإذا وجدنا من يفتخر بملابسه نفكر في أنه يفتخر بعريه وخطيته فبدون الخطية ما كان في حاجة لملبس ولا حماية الملابس.
ونلاحظ أن الله وآدم تقاسما الذبيحة فالله حصل علي اللحم كذبيحة محرقة وآدم حصل علي الجلد يلبسه. والمسيح قدم نفسه ذبيحة محرقة للأب وكسانا برداء بره وسترنا وستر خطايانا كذبيحة خطية.
" 22 وقال الرب الاله هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر والان لعله يمد يده وياخذ من شجرة الحياة ايضا وياكل ويحيا الى الابد "
قد صار كواحد منا: هذه قد تعتبر أسلوبا تهكمياً فهل صارت معرفة الإنسان كمعرفة الله وهذا ما كان الإنسان يأمله. فالله لقداسته يعرف الشر ويكرهه. أما الإنسان لضعفه فصار يعرف الشر ويشتهيه وهذا هو ما أورثه آدم للبشرية. وكون الإنسان صار كواحد من الثالوث فهذه تعتبر نبوة عن تجسد المسيح الأقنوم الثاني فهو الذي تجسد وصار كواحد منا.
الإنسان لا يستطيع ان يحيا من ذاته للأبد لذلك وضع الله طريقة يحيا بها وهي شجرة الحياة. والأن بعد أن وقعت علي الإنسان عقوبة الموت كان لابد ان يحرم من شجرة الحياة ولكن داخل كل عقوبة هناك بركة. فكان يجب أن يموت آدم حتي يتخلص من جسد الخطية. وصار الموت علاجاً لأنه يضع حداً للشرور.فالله لا يريد للإنسان أن يحيا بجسد شوهته الخطية.
23 فاخرجه الرب الاله من جنة عدن ليعمل الارض التي اخذ منها "
طرد الإنسان من الجنة
1. الله بذلك يعلن عدم رضائه عن تصرف آدم.
2. هناك مراحم محفوظة للإنسان بعد موته.
3. خارج الجنة سيقارن بين حاله فيها وحاله خارجها فيتوب ويشتاق لله كما حدث مع الإبن الضال.
4. إذا قدم توبه يسمع الصوت "تكون معي في الفردوس"
24 فطرد الانسان واقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة "
الكاروبيم يمنع الإنسان
لأنه صارت حالة عدم سلام بين السمائيين والأرضيين لأن الإنسان في حالة تمرد علي الله. وبنفس المفهوم كان هناك كاروبيم علي حجاب قدس الأقداس وصار الكاروبيم شاهداً علي تنفيذ العقوبة حتي جاء المسيح الراكب علي الكروب وشق حجاب الهيكل وصار الصلح بين الأرضيين والسمائيين. بل صار فرح في السماء برجوع خاطئ واحد وتوبته. بل أن الكاروبيم هذا صار شاهداً علي محبة الله الذي لايريد للإنسان أن يحيا في جسد شوهته الخطية، بل عليه أن يموت أولاً بهذا الجسد ليحصل علي الجسد الممجد بعد ذلك ويحيا للأبد في مجد. فالكاروبيم هو شاهد علي مراحم الله الذي بدمه سوف يستعيد الإنسان مجده وحياته الأبدية فالكاروبيم كانوا فوق تابوت العهد ينظران دم ذبيحة الكفارة علي غطاء تابوت العهد. والدم يعلن غفران الله للشعب حتي لا يهلك الشعب. لذلك دعي الغطاء كرسي الرحمة.
بعد أن سقط آدم وحواء حمل نسلهما ميكروب الخطية. وظهر هذا بقوة في الجريمة الأولي التي شهدت قتل قايين لأخيه هابيل. ورأينا نتائج الخطية حسد وبغضة وقتل …ألخ.
" 1 وعرف ادم حواء امراته فحبلت وولدت قايين وقالت اقتنيت رجلا من عند الرب "
وعرف أدم أمراته:
هذا هو التعبير المهذب الإنجيلي للمعاشرة الزوجية. وكان آدم من المفروض ان يعاشر زوجته قبل السقوط لإنجاب بنين لكن دون شهوة.
إقتنيت رجلاً من عند الرب: يمكن ترجمتها (إقتنيت رجلاً هو الرب) أو (بمعونة الرب) وهذا معناه أن حواء تصورت أن ابنها هو المخلص أو هي تنسب لله الخلق فهو الموجد الخالق. وهكذا علينا ان ننسب كل نجاح لله.
" 2 ثم عادت فولدت اخاه هابيل وكان هابيل راعيا للغنم وكان قايين عاملا في الارض "
هابيل:
معني إسمه غير ثابت أو زائل كالبخار وهذا الإسم قد تكون حواء أطلقته علي إبنها بعد أن قتله قايين أخوه فقالت أنه زال كما يزال البخار. أو تكون أسمته هذا الأسم لأنها تيقنت أن كل إنسان مصيره الزوال حسب قضاء الرب. ونلاحظ أن الأسماء غالباً كانت تطلق علي الإنسان ليس وهو صغيراً فالعدد كان قليل لا يحتاج لأسماء للتمييز (وهذا سوف نلاحظه في أسماء أولاد قايين). أو لأن حواء تصورت أن قايين هو المخلص الذي أرسله الله وكل ما سواه هو هباء "في 8:3" وكان هابيل راعياً للغنم وهكذا كان داود، وكان المسيح هو الراعي الصالح. ونلاحظ هنا ورود اسم هابيل قبل قايين.
وكان هابيل... وكان قايين...: هنا يظهر مفهوم البكورية الروحية والجسدية فقايين هو البكر جسدياً لكنه لشره فقد البكورية فتقدم عليه هابيل (مثل رأوبين وعيسو وغيرهما).
وهكذا كان المسيح هو بكر بين إخوة كثيرين. بكر البشرية جسدياً. وكان قايين رمزاً لآدم الأول، بكر البشرية جسدياً، وقد فقد بكوريته ليظهر هابيل الحقيقي السيد المسيح، آدم الثاني والبكر الحقيقي للبشرية. وقايين يرمز لجماعة اليهود الذين حملوا بكورية معرفة الله لكنهم جحدوا الإيمان بالمخلص وتلطخ مجمعهم بسفك دم البرئ، ليأتي هابيل ممثلاً لكنيسة العهد الجديد تضم أعضاء من الأمم، فتحتل البكورية الروحية وتحسب كنيسة أبكار عب 23:12 خلال إلتصاقها أو اتحادها بالرب البكر. ونلاحظ أن عمل هابيل الرعاية وهذه تشير لمن يدير ويقود طاقات جسده (الغنم) أما عمل قايين الزراعة في الأرض ربما تشير لمن وجه عنايته للزمنيات. لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت أش 13:22 + 1كو 32:15.
" 3 وحدث من بعد ايام ان قايين قدم من اثمار الارض قربانا للرب 4 وقدم هابيل ايضا من ابكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب الى هابيل وقربانه 5 ولكن الى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه "
لماذا قبل الله قربان هابيل دون قايين؟
1. ربما أشارت عبارة وحدث بعد أيام: إلي تراخي قايين في تقدمته أو ممارستها بلا حب. وبالرجوع لسفر اللاويين نفهم أن قرباناً للرب: عطية دقيق.
2. ربما أن قايين حين قدم لم يقدم أفخر ما عنده بل من أثمار الأرض وليس مثل هابيل الذي قدم من أبكار غنمه ومن سمانها. فهو قدم أفضل ما لديه.
3. كانت تقدمة قايين من ثمار الأرض وهذه غير قادرة علي المصالحة بين الله والأنسان أما تقدمة هابيل فكانت ذبيحة دموية تحمل رمزاً للسيد المسيح الذبيحة الحقيقية الذي صالحنا مع الأب. وهنا نسأل كيف عرف هابيل التقدمة التي ترضي الأب؟ بالتقليد والتسليم فآدم عرف فكرة الذبيحة التي سترته وعلم أولاده.
4. قايين قدم من ثمار الأرض والأرض ملعونة. وعموماً فالأرض تشير للجسد (راجع مثل الزارع) وثمار الجسد أو أعمال الجسد.. زني عهارة.. غل 19:5-21. وهنا ثمار جسد قايين أي نتيجة عرقه وتعبه في أرض ملعونة. وتشير لأعمال البر الذاي مثل ورق التين. بينما هابيل قدم ذبيحة ليعلن أنه خاطئ ولا سبيل للصلح مع الله سوي بوساطة ذبيحة (شخص ثالث). وهذا هو إيمان هابيل. بالإيمان قدم هابيل ذبيحة لله أفضل من قايين عب 4:11. الإيمان بالمسيح الذبيحة الحقيقية. وكل أعمال الجسد بدون المسيح لا قيمة لها وتصبح غير مقبولة.
5. أعمال قايين كانت شريرة وأعمال هابيل بارة. عب 4:11 أيو 12:3 فالمسيح قال هابيل الصديق.
6. وكيف عرف قايين ان تقدمة هابيل قد قبلت؟
غالباً بنزول نار من السماء كما حدث في لا 24:10 + 1مل 38:18-40.
وسقط وجهه: أي نكس وجهه وعبسه من الخجل والغيظ. فالخطية تفقد الإنسان سلامه وتحطمه ليعيش في غيظ. وضيق. ويسقط وجهه للتراب عوضا عن أن يرتفع للسماء.
" 6 فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك "
الله لم يترك قايين مغتاظا منهاراً بل تقدم إليه بالحب يحدثه ويحاوره قائلاً.
لماذا إغتظت= أي لا سبب لغيظك سوي شر فعلك. ثم يبدأ يضع له أول قانون للتوبة "إرجعوا إلي إرجع إليكم" في الآية القادمة.
" 7 ان احسنت افلا رفع وان لم تحسن فعند الباب خطية رابضة واليك اشتياقها وانت تسود عليها "
إن احسنت أفلا رفع: إن أحسنت أفلا أرفع وجهك من جديد فلماذا تستسلم للغيط.
إن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك إشتياقها وأنت تسود عليها= إذا لم ترجع عن طريقك الخاطئة (أي الحسد والغيظ. والحقد) فهناك خطية أعظم وهي القتل وهي رابضة عند الباب (ورابضة تستخدم مع الوحوش فكان الخطية هي وحش وهذه تشبه خصكم إبليس … كأسد) ونتيجة ضعف الإنسان صار هناك شهوة وإشتياق للخطية لكن هناك سيادة عليها. فالإنسان هو صاحب السيادة والإرادة فإن قبلها تسود هي عليه. إن تسللت الخطية للإنسان تستعبده وينحني أمامها بروح العبودية وينحدر من سئ إلي أسوأ. كأنه ينحدر علي تل ودائما الخطية الأسوأ تنتظر عند الباب. وهنا كان الحسد عند الباب وحينما دخل لداخل قلب قايين ظهر الغضب والحقد عند الباب، وحينما دخل الغضب والحقد ظهر القتل عند الباب. ولذلك فالله يحذر حتي لا يستسلم فيظهر الأسوأ.
ونلاحظ أن كلمة خطية وكلمة ذبيحة خطية هي كلمة واحدة. ونلاحظ أيضأ ان الضمير "ها" في هذه الأية يمكن ترجمته "ـه" وبذلك تصبح الآية " عند الباب ذبيحة خطية رابضة وإليك إشتياقه وأنت تسود عليه" هذه رحمة الله والمنقذ لكل خاطىء فلا داعي لليأس حتي لو سقط في الخطية فهناك ذبيحة خطية يمكن الأستفادة منها. وقوله عند الباب يذكرنا بقول السيد المسيح "أنا واقف علي الباب أقرع…" ويذكرنا بأن الخاطئ كان يأتي بذبيحة لخطيته عند باب خيمة الإجتماع (لا 4:4). فالمسيح واقف عند باب قلبي يقرع ويدعو للتوبة وما عليَ سوي أن أقبل هذه الدعوة وأذهب للكنيسة (خيمة الإجتماع) معترفاً بالخطية فتنقل خطيتي إلي المسيح الذبيحة الحقيقية. وإذا كان قايين قد قبل أن يقدم توبة كانت قد عادت له بكوريته الروحية ورجعت له السيادة علي أخيه الأصغر ولإشتاق إليه هابيل كأخ أكبر قادر علي أن يمنحه البركة. والله صاغ العبارات بهذا الأسلوب ليمنع حسد قايين ضد هابيل. والله يعلن هنا أن قبوله لذبيحة هابيل لا يعني أن يحرم قايين من بكوريته. (وهذا المبدأ طبقه الإنجيل حين دعا المسيحيين للخضوع لرؤسائهم).
" 8 وكلم قايين هابيل اخاه وحدث اذ كانا في الحقل ان قايين قام على هابيل اخيه وقتله "
وكلم قايين هابيل أخاه:
بعض النسخ تزيد "لنخرج إلي الحقل" إذاً هو كلمه بمحبة زائفة ليخرج معه للحقل كما إعتادوا كل يوم، كما صنع يهوذا مع المسيح، ولكن هذه المرة كان قد أضمر شراً ليقتله. وهذه الزيادة قد تكون إضافة للشرح من أحد النساخ ونلاحظ أن خطية آدم مهما كانت بسيطة فهي قد فتحت الباب لخطايا بشعة (كراهية وقتل) هنا نجد تطبيق عملي للصراع بين الحية والإنسان، بين الروح والجسد. ونجد أن هابيل صار أول شهداء هذا الصراع وقايين أول مضطهد لشعب الله بقيادة الحية.
" 9 فقال الرب لقايين اين هابيل اخوك فقال لا اعلم احارس انا لاخي 10 فقال ماذا فعلت صوت دم اخيك صارخ الي من الارض "
ظن قايين أنه قتل وإستراح ولكن كان سؤال الله له يكشف الجراحات ويفضحها لأجل العلاج. وكان سؤال الله لقايين مثل سؤاله لآدم: أين هابيل أخيك ونجد الله هنا يدفعه للإعتراف والتوبة. وللأسف كان رد قايين لا أعلم، أحارس أنا لأخي رد كله تبجح علي الله وكذب فالخطايا تتصاعد من حسد إلي غضب إلي قتل إلي كذب علي الله إلي بجاحة وإستهتار في الرد علي الله. ونجد الله هنا يؤكد لقايين أنه إله هابيل الذي لا ينساه
صوت دم هابيل صارخ إليَ من الأرض: لقد أخفي قايين جسد أخيه، لكنه لم يقدر ان يكتم صوت النفس الصارخة إلي الله، إذ يشير الدم إلي النفس، بكونه علامة الحياة ومن المعزي أن أول من مات ذهب للسماء لأنه كان قديس وبار والله يحتفظ لنفسه بالأبكار وكان موت هابيل هو إفتتاح للعالم الأخر لمن يموت. ونري هنا أن كل شهيد للحق تبقي صرخاته تدوي فوق حدود المكان والزمان (رؤ 10:6) وهذه الصرخات تطلب الإنتقام. ولكن هابيل كان رمزاً للمسيح فدم المسيح الذي سفكه إخوته اليهود (رمزهم قايين) صار أيضا يصرخ ولكن طالباً الشفاعة والغفران والكفارة لذلك هو أفضل (عب 24:12).
" 11 فالان ملعون انت من الارض التي فتحت فاها لتقبل دم اخيك من يدك 12 متى عملت الارض لا تعود تعطيك قوتها تائها وهاربا تكون في الارض "
ملعون أنت من الأرض…
تفسيرها فيما بعدها متي عملت الأرض لا تعطيك قوتها فالإنسان في حالته المتدنية كخاطئ لا يفهم سوي الماديات. وهنا الله يشرح له غضبه بهذا الأسلوب أي أنه سيخسر مادياً. ورمزياً فالأرض تشير للجسد المأخوذ منها الذي صار بالخطية قفر لا يقدم ثمراً روحيا. بل تبعته النفس ففقدت سلامها الداخلي: تائهاً وهارباً تكون فالنفس التي خضعت للجسد الترابي الأرضي الذي صار قفراً تعيش فيه بلا راحة ولا سلام إنما في حالة تيه وفزع. وقوله تائهاً ربما تشير أنه في سعيه أن يجد أرضاً مثمرة لن يجد ويظل يبحث ولا يجد. وهارباً قد تكون من ضميرك وخوفك.
وقايين أول إنسان يلعن ولعنته كانت من الأرض. فالإنسان كان له سلطاناً علي الأرض والأن بعد لعنته لم يعد له هذا السلطان ولأنه لوث الأرض صارت تضن عليه بثمرها. واللعنة جاءت من الأرض التي سال عليها دم هابيل. وإذا كان دم هابيل يرمز لدم المسيح. إذا من يستفيد من دم المسيح يكون له سبب بركة وخلاص وحياة "رائحة حياة لحياة" ومن يصر علي خطيته يكون له دم المسيح سبب لعنة وموت "رائحة موت لموت" لذلك قال بولس الرسول "فكم عقاباً أشر تظنون أنه يحسب مستحقاً من داس إبن الله…. عب 29:10 ولأن قايين صار ملعوناً صار أولاده يسمون أولاد الناس (تك 2:6) بينما أولاد شيث لهم اسم "أولاد الله"
" 13 فقال قايين للرب ذنبي اعظم من ان يحتمل 14 انك قد طردتني اليوم عن وجه الارض ومن وجهك اختفي واكون تائها وهاربا في الارض فيكون كل من وجدني يقتلني 15 فقال له الرب لذلك كل من قتل قايين فسبعة اضعاف ينتقم منه وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده "
هناك عدة إحتمالات لرد قايين علي الله
1. ربما نجد هنا بداية توبة وشعور بالخطأ وإقرار بالذنب ولذلك حماه الله من الموت ليعطيه فرصة توبة ثانية، وهذا من طول أناة الله.
2. هي حالة يأس بلا داع من رحمة الله. فالله يتحاور معه ليجذبه للتوبة.
3. هي حالة شعور بالندم ليس كراهية في الخطية وإنما خوفاً من العقاب الأرضي.
4. وسواء هذا أو ذاك فالله الرحوم نجده يبدأ مع قايين بالحب لعله يتوب.
ذنبي أعظم من أن يحتمل= أعظم من أن يغفر (حالة يأس بلا داع).
من وجهك اختفي: يختفي من خجله أو لجهله ظن أنه يمكنه الإختفاء من الله كما فعل آدم أبيه.
كل من وجدني يقتلني: ربما ولد آدم أولاد أخرين لم يذكرهم الكتاب وظن قايين أن أيا منهم يقتله إنتقاماً لهابيل. أو هو خاف من أي حيوان أن يقتله فهو خسر سلطانه علي الخليقة أو هو خائف من لا شئ مجرد وهم (هذه الحالة مرض نفسي قد يكون الشيزوفرينيا) وهذا ما يطلق عليه كتابياً "لا سلام قال الرب للأشرار" فهو لأنه خرج من حماية الله عاش فى رعب، فمن ينشق علي الله تقف الخليقة كلها ضده.
كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه= ربما أن قايين قتل دون أن يسمع من الله أن القتل ممنوع لكن الآن فالله يسن تشريعاً بمنع القتل ومن يقتل حتي للإنتقام سينتقم منه الله انتقاماً كاملاً: سبعة أضعاف. فالنفس ملك لله وله الإنتقام. ولاحظ أن القانون المدني لم يكن قد تم وضعه. فليس من حق أحد ان يقتل دون أن يسمح الله بذلك.
جعل الرب لقايين علامة= لكي لا يقتله كل من يجده. هذه علامة حب من الله ليقتاده للتوبة. وهذه العلامة قد تكون علامة في قايين حتي لا يقتله أحد، هي علامة يراها كل أحد فلا يقتله ليحيا تحت اللعنة وغضب الله، ويصير هو نفسه علامة علي غضب الله علي الخطية. وقد تكون علامة (مثل قوس قزح) حين يراها قايين يثق في حماية الله له من أي شر ونحن نحتمي في علامة الصليب كخطاة لنجد فيه سلاماً وأماناً ومصالحة مع الله وحياة.
16 فخرج قايين من لدن الرب وسكن في ارض نود شرقي عدن "
خرج قايين من لدن الرب:
لم يستفيد من كل إعلانات حب الله بل إنفصل عنه ولم يعد يتحادث معه وإنفصل عن آدم ومذبحه ولم يعد يصلي معهم ولم تعد له مخافة الرب ولا حفظ وصاياه وشرائعه وطقوس عبادته. هنا قايين القاتل إتحد بنسل الحية رمز إبليس الذي كان قتالاً للناس منذ البدء يو 44:8. وخروج قايين من لدن الرب هو خروج النفس من حضن ربها مصدر سلامها.
وسكن في أرض نود: نود تعني التيه أو الإضطراب. وهذا نتيجة الإنفصال عن الله وهذا ما حدث مع اليهود (رمزهم قايين) إذ صلبوا المسيح ربهم تاهو أو تشتتوا هنا وهناك.
" 17 وعرف قايين امراته فحبلت وولدت حنوك وكان يبني مدينة فدعا اسم المدينة كاسم ابنه حنوك "
إمراة قايين هي أخته والله سمح بهذا أولاً ليقيم نسلاً. وحنوك هو الثالث من آدم من ناحية قايين وله نفس إسم أخنوخ تقريباً السابع من آدم من جهة شيث. وزاد أولاده وأحفاده جداً فبني مدينة بإسم ابنه وهذا طبيعي أن يبني مدينة لكن روحياً.
1. سجل أن قايين بني مدينة، أما هابيل فكعابر لم يبن شيئاً "فليس لنا هنا مدينة باقية"
2. هو بني هذه المدينة ليحتمي من التيه الذي جلبه لنفسه ويحتمي من قرارات الله وتأديباته فهو مازال خائفاً ان يقتله أحد.
" 18و ولد لحنوك عيراد وعيراد ولد محويائيل ومحويائيل ولد متوشائيل ومتوشائيل ولد لامك19 واتخذ لامك لنفسه امراتين اسم الواحدة عادة واسم الاخرى صلة20 فولدت عادة يابال الذي كان ابا لساكني الخيام ورعاة المواشي21 واسم اخيه يوبال الذي كان ابا لكل ضارب بالعود والمزمار22 وصلة ايضا ولدت توبال قايين الضارب كل الة من نحاس وحديد واخت توبال قايين نعمة 23 وقال لامك لامراتيه عادة وصلة اسمعا قولي يا مراتي لامك واصغيا لكلامي فاني قتلت رجلا لجرحي وفتى لشدخي24 انه ينتقم لقايين سبعة اضعاف واما للامك فسبعة وسبعين "
عيراد: قد تعني مدينة أو جحش
حنوك: تعني تعليم
محويائيل: مضروب من الله
متوشائيل: بطل الله
لامك: قوي
عادة: جمال أو زينة في العبرية تشير لشهوة العين. وتعني ظلام في الأشورية.
صلة: ظل في العبرية وظلال الليل في الأشورية.
نعمة: جمال
يابال: جوال يجول البادية
يوبال: موقع في آلات الطرب
توبال: نحاس توبال قايين: صانع نحاس (قايين هنا بمعني صانع وليس بمعني قنية).
توجد بعض ملاحظات علي هذه الإيات
1. نجد هنا في هذه الأسماء والحرف "الجمال والقوة وصناعة الحديد والنحاس وكل هذا لا يوجد فيه خطية لكن لم نسمع أن أحداً من هذه العائلة كانت له علاقة بالله ولذلك فالجمال بدون أن تكون هناك علاقة مع الله يصبح شهوة ولذة وعبادة للعالم. والقوة بدون الله يصبح فيها إفتخار وإعتداد بالذات وكبرياء. العالم بدون الله يصبح فساد ونهايته العدم واللاشئ.
2. بعض الأسماء نلاحظ فيها إسم الله ولكنه التدين الظاهري (مثل اليهود) فلم نسمع مثلاً أن هذه العائلة كانت لها مذابح أو عبادة أو خرج منها قديسين.
3. الأسماء مرتبطة بصناعات الأشخاص لذلك يغلب الظن أن الأسماء أطلقت بعد أن يكبر الشخص ويحترف صناعة ما.
4. لامك يعني قوي (هو شاعر بقوته والناس يعرفون عنه أنه قوي) كان له زوجتين عادة بمعني جمال أو زينة وهذه تشير لشهوة العين. فهو يظن أنه في قوته قادر ان يكون له كل ما تشتهيه عينيه. والثانية صلة بمعني ظل فهو حين إنشغل بالجمال في العالم وبقوته إنشغل عن الحقيقة (السماويات) بظلها (أي الأرضيات). ولذلك نجد في معني الأسماء بالأشورية تكميلاً للمعني أنه عاش في الظلام وظلال الليل.
5. عيراد تعني (مدينة أو جحش)فمن يظن أنه يبني مدينة يحتمي بها من غضب الله يكون له فكر حيواني مظلم والنتيجة أنه يلد محويائيل أي مضروب من الله.
6. لامك بإتخاذه إمراتين شابه الهراطقة الذين قسموا الكنيسة (لم تكن له حواء واحدة).
7. توبال قايين صانع النحاس صنع سيوفاً وأعطاها لوالده لامك فإفتخر لامك بقوته وبأنه بهذه الأسلحة صار منيعاً لا يستطيع أحد أن يقتله. بل هو ينتقم لمن يلحق به أي إهانة، هو ينتقم للضرر البسيط الذي يلحقه بما هو عظيم.
أغنية أو نشيد لامك 24،23
هذه أول قطعة شعرية في الأدب العبري تسمي "أغنية السيف للامك" ونشتم فيها رائحة الإفتخار والإعتداد بالذات والثقة في قوة الإنسان وعنفه. ومعناها أنه أي لامك قتل رجلاً حين جرحه: قتلت رجلاً لجرحي، وفتي لشدخي: أي قتل فتي لمجرد أنه لطمه أو جرح كرامته فكلمة شدخي تعني كسر الشئ أي أذي لحق بكرامته هي غالباً تشير لإفتخار لامك بقوته وتعاظمه أمامهم. وأنه يفعل هذا في دفاعه عن نفسه لهذا يحسب بريئاً إن قتل إنسان. وإن كان الله ينتقم لقايين سبعة أضعاف ينتقم للامك سبعة وسبعين ورقم 77 هو رقم كامل يشير للإنتقام الشديد. أو أنه إذا كان من يؤذيه ينتقم منه إنتقام شديد. هذه الأغنية تمثل ما وصل إليه الإنسان من صلف وغرور وإعتداد بالذات. هذا الغرور هو إستغلال لطول أناة الله.
وهناك تفسير آخر لهذه الأغنية. أن لامك شاخ جداً وضعف بصره وكان حفيده يقوده. وبينما هو يصطاد ضرب سهمه خطأ بعد أن أشار له حفيده علي صيد فإذا بهذا الصيد لا يكون سوي قايين الذي قتله لامك دون قصد. وإذ صرخ الحفيد معلناً قتل قايين ضرب لامك الفتي فقتله (قتل رجلاً (قايين) وفتي (الحفيد). وحين ذاك أدرك أنه لابد وسينتقم منه. لكن إعلاناً انه برئ من دم قايين فقد قتله دون قصد يقول أن الله سينتقم لقاتله (أي من يقتل لامك) 77 مرة
لكن الأكثر واقعية هو أنه نشيد الكبرياء والغطرسة.
هذه الأيات نري فيها مجموعة خطايا عائلة قايين
1. زواج متعدد
2. تفاخر بالقوة
3. أسلحة وقوة عالمية وجبروت.
4. إنقياد للجمال والشهوة ولذات هذا العالم.
5. البعد الكامل عن الله والإنفصال عنه
" 25 وعرف ادم امراته ايضا فولدت ابنا ودعت اسمه شيثا قائلة لان الله قد وضع لي نسلا اخر عوضا عن هابيل لان قايين كان قد قتله 26 ولشيث ايضا ولد ابن فدعا اسمه انوش حينئذ ابتدئ ان يدعى باسم الرب "
الله لم يترك حواء منكسرة الخاطر لخسارتها قايين وهابيل. بل وهبها شيث= عوض فهو عوض هابيل ويعني أيضا معين فالله عينه راساً لجيل مقدس. وإقامة شيث عوض هابيل تحمل معني إمتداد حياة هابيل أي قيامة المسيح الذي قيل عنه يري نسلاً تطول أيامه (أش 10:53) وهذا رايناه في زيادة أيام حزقيا الملك. وأنجب شيث أبنه أنوش ويعني إنساناً ضعيفاً هشاً ولكن الله يستخدم الأنية الضعيفة لمدحه وتسبيحه: حينئذ إبتدىء أن يدعي بإسم الرب. لذلك دعي أولاد شيث أولاد الله. في مقابل أولاد الناس (أولاد قايين).
الأسم |
عمره عند ولادة الإبن |
عمره عند موته |
سنة ميلاده بالنسبة لتاريخ العالم |
سنة موته بالنسبة لتاريخ العالم |
آدم |
130 |
930 |
1 |
930 |
شيث |
105 |
912 |
130 |
1042 |
أنوش |
90 |
905 |
235 |
1140 |
قينان |
70 |
910 |
325 |
1235 |
مهللئيل |
65 |
895 |
395 |
1290 |
يارد |
162 |
962 |
460 |
1422 |
أخنوخ |
65 |
365 |
622 |
987 |
متوشالح |
187 |
969 |
687 |
1656 |
لامك |
182 |
777 |
784 |
1651 |
نوح |
500 |
950 |
1056 |
2006 |
السنوات فى هذا الجدول محسوبة على أساس الأسماء التى وردت بالكتاب المقدس. وهناك إحتمال أن تكون هناك أسماء أخرى لم يوردها الكتاب.
ملاحظات علي هذه القائمة
1. إدعي البعض ان الحفريات تثبت وجود عظام إنسانية عمرها أكثر من مليون سنة بينما أن ما يتضح من هذا الجدول أن عمر الإنسان علي الأرض لا يزيد علي 6000-7000 سنة والرد علي ذلك يكون بحسبة رياضية نجد أن سكان العالم الحاليين لا يمكن أن يكونوا ثمر أكثر من 6000 سنة علي الأرض. فبإفتراض أن كل عائلة تنجب حوالي 3 أطفال، وخصم نسبة مرتفعة من الموتي بسبب الموت الطبيعي والكوارث الطبيعية والحروب… لو أن تاريخ الإنسان يرجع إلي مليون سنة فإن تعداد البشرية لو بدأ إنسان واحد من مليون سنة لكان لا تكفيه ألافاً مضاعفة من مساحة الأرض لوجودهم. وربما تكون العظام الموجودة لحيوانات ثديية حملت شكل الإنسان ولكن بدون النسمة التي من فم الله.
2. نلاحظ ان النغمة المتكررة هي "ومات" فهو الإصحاح الذي يثبت أن بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم وبالخطية الموت، وهكذا إجتار الموت إلي جميع الناس رو 2:5. وهناك إستثناء هو أخنوخ وذلك "لأنه سار مع الله"
هذا كتاب مواليد ادم يوم خلق الله الانسان على شبه الله عمله
3. أية 1: مواليد آدم: هي كلمة توليدوت علي شبه الله عمله: في الخلود وفي السلطان… الخ. (3- وعاش ادم مئة وثلاثين سنة وولد ولدا على شبهه كصورته ودعا اسمه شيثا) أية 3: علي شبهه كصورته: أي علي شبه آدم وليس علي شبه الله ففاقد الشئ لا يعطيه فبالخطية فقد آدم صورة الله وكل مميزاتها بل كان شيث علي شبه آدم ضعيفاً ساقطاً وارثاً للخطية ومحكوماً عليه بالموت.
4. قد يكون هناك مواليد أخرين لم يذكرهم الكتاب لذلك فهذا الجدول هو تقريبي وليس نهائياً ولكن المقصود هو تتبع نسب المسيح وليس حساب التاريخ.
5. لم يذكر هابيل لأنه إستشهد وصار سماوياً (صوته لم يتوقف "وإن مات يتكلم بعد") عب 4:11. ومن هو سماوي لا يحسب في عداد الأرضيين. وتجاهلت القائمة نسل قايين فهو قد حكم عليه بالموت ومن هو محكوم عليه بالموت لا يحسب من ضمن شعب الله.
6. تكرار الجمل بنفس المعني لكل شخص نلاحظ فيه سرور الله بأن يذكر قائمة أولاده بالتفصيل عكس قايين الذي أدمجت قائمته في أيات قليلة (إصحاح 4).
7. يذكر هنا أعمارهم بالتفصيل فطول العمر هبة من الله.
8. أطول القائمة عمراً هو متوشالح 969 سنة ولكنه مات أيضاً فمهما طال العمر نهايته الموت.
9. معاني الأسماء
أنوش: هش زائل لكن البركة والقوة من الله.
قينان: حين ندرك ضعفنا وأن قوتنا بالله، يقتنينا الله قينان:إقتناء.
مهللئيل: الله بهاء وإستنارة. الله يعطي إستنارة لمن يقتنيه.
يارد: نزول ومن صفات شعب الله التواضع.
أخنوخ: تعليم وتهذيب ومن صفات شعب الله أن يقبل أن يتعلم من الله.
متوشالح: رجل السلاح فعلي شعب الله أن يجاهد حتي الدم.
لامك: القوي. ليس بذاته مثل لامك قايين ولكنه قوياً بالله.
نوح: راحة وتعزية الله.
وهناك رأي بأن متوشالح= مات + يصدَر. بمعني يصدَر الموت فهو مات في نفس سنة الفيضان فأبوه أخنوخ أطلق عليه إسمه كنبوة أن بموته يأتي الموت علي العالم كله.
10. أخنوح:
يقابل اسم حنوك (اخنوخ) من نسل قايين الذي بنيت علي اسمه أول مدينة علي الأرض وهذه غرقت في الطوفان. وكأن الله بأخذه أخنوخ يشير أن من هم له ليس لهم مدينة باقية علي الأرض بل هم لهم السمة السماوية. وأخنوخ السابع من آدم يقابل أيضا لامك السابع من آدم من نسل قايين وهذا تزوج بأمراتين هما الظلمة وظل الليل وإتسم بالعنف. وأيضا لامك من نسل شيث أنجب نوح علامة النياح الروحي والراحة في الرب. يقول بولس الرسول عن أخنوخ أنه أرضى الله (عب 5:11). وهناك تأمل بأن باقي نسل شيث من القديسين يمثلوا الكنيسة حالياً التي يموت أفرادها علي رجاء القيامة. أما أخنوخ فهو يشير لأعضاء الكنيسة التي لا تعاين الموت عند مجئ ربنا يسوع بل ترتفع معه علي السحاب.
+ ما ورد عن أخنوخ يؤكد أن سر سعادة الإنسان ليس بطول بقائه علي الأرض وإنما إنتقاله إلي حضرة الرب ليعيش معه وجهاً لوجه. وقارن بين حنوك قايين الذي أقام مدينة وبين أخنوخ الذي لا يملك شيئاً علي الأرض بل هو في السماء، أما مدينة حنوك فقد غرقت وهلك هو.
وأخنوخ يمثل إسترداد الإنسان لحالته الفردوسية الأولي بإنطلاقه من الأرض التي فسدت إلي مقدس الله. وإنتقال أخنوخ هو نبوة عملية عن الحياة الأبدية.
ولأخنوخ نبوة سجلها التقليد وصدق عليها العهد الجديد (يه 15،14) خاصة بدينونة الأشرار.
وأخنوخ يمثل القلب الذى يتحد مع الله ويصير موضع سروره فلا يمكن للموت الروحي أن يجد له موضعاً فيه.
معني سار مع الله= أنه وضع الله أمامه منفذاً كل وصاياه وشرائعه شاعراً أن عين الله عليه فيخاف أن يصنع الشر، ويبحث عن مجد الله. يسير مع الله في أفراحه وأحزانه. ولانه سار مع الله ولم يشبه العالم في حياته لم يشبه الأخرين في مماتهم. قصة أخنوخ تجذب النفوس للتوبة.
11. نوح:
سماه أبوه هكذا (راحة ونياح وتعزية) لأنه كان يأمل أن يكون المسيا المنتظر. فكانت التسمية نبوة لأن المسيح من نسل نوح. وفي المسيح سنرتاح من كل أتعابنا في الأرض هناك في السماء وأصبح نوح بعد الطوفان علامة راحة العالم بعد التجديد الذي حدث بالطوفان. ومعاني الأسماء:-
سام: إسم وصيت ومجد. كان جد المسيح لذلك ذكر إسمه أولاً ونال البكورية الروحية.
حام: أسود وكان جد الإفارقة.
يافث: منتشر أو متسع وكان جد الأسيويين والأوروبيين.
كان من نتائج الخطية فساد الجنس البشري وظهر هذا في علاقة أبناء الله مع بنات الناس والمقصود أبناء شيث مع بنات قايين، ويفهم من هذا أن الفساد إستشري في الأرض حتي وسط أبناء الله وحتي يعلن الله غضبه علي الفساد وأن عقوبة الخطية هي الموت أرسل الله الطوفان وكان الطوفان رمزاً:-
1. للمعمودية: فكان الله قادراً أن يرسل ملاكاً يقتل الخطاة كما فعل ملاك بجيش أشور وقتل 185.000 في ليلة واحدة أو كما أهلك ملاك أبكار مصر. ولكن الطوفان كان يشير للتجديد بالمعمودية فهناك من ماتوا بالطوفان وهناك من نجا في الفلك فكان هذا رمزاً لأن المعمودية دفن وقيامة مع المسيح (رو 4:6 + ابط 21،20:3).
2. للكنيسة: فمن هو داخل الكنيسة يخلص لذلك وجد في الطقس المعماري كنائس علي هيئة فلك. ولاحظ أنه كما أحاطت التيارات واللجج بالفلك هكذا تحيط التجارب والألام بالكنيسة ولكنها لن تغرق كالفلك تماماً فأبواب الجحيم لن تقوي عليها مت 18:16. ولاحظ أن الفلك إحتوي كل الأجناس رمزاً للكنيسة التي شملت اليهود والأمم من كل العالم.
3. للمسيح:- ولاحظ أن الكنيسة هي جسد المسيح. ومن هم في المسيح يخلصون ويكونون في سلام. ولاحظ أن المسيح قد إحتمل الدينونة والعواصف ولجج مياه الموت لكي ننجو نحن بشرط أن نكون فيه مز 7:42 +2:69 + يو 4:15. ونحن في المسيح في سلام مهما إشتدت العواصف وهذا ما حدث مع يونان رمزاً لموت المسيح أن أحاطت به اللجج (يون3:2-5). والخشب عموماً يرمز للصليب وبهذا يكون خشب الفلك رمزاً لصليب المسيح. والخشب كان خشب جفر وهناك من قال أن كلمة جفر من نفس أصل كلمة تكفير فبصليب المسيح كانت الكفارة والحياة لنا. والحمامة تشير للروح القدس والغراب للخطيئة تذهب ولا ترجع. والفلك كان له باب دخل منه كل من نجا من الطوفان والمسيح هو الباب. والفلك كان له طاقة (كوة) ونحن في المسيح الآن ونحن بالجسد لنا كوي نتطلع منها إلي السماء. هو كان يراقب منها السماء ويصلي ونحن خلال صلاتنا يرينا الروح القدس جزءاً من أمجاد السماء فنفرح به ويزداد إشتياقنا (حز16:40 + نش 9:2 + 1 كو10:2).
ونلاحظ أنه بالطوفان ظهر عدل الله وأن الموت عقوبة الخطية ولكن ظهرت رحمة الله فكان هناك من خلص والآن فالله يعطينا فرصة لإظهار مراحمه.
ونلاحظ أيضاً أن الله كان مهتماً بأكلهم وشربهم فهو أعد كل شئ وهو يذكر كل إحتياجاتنا.
وقد ظهرت علامة قوس قزح كعلامة للحياة وصار الصليب علامة حياة تظهر وسط سحب وظلام هذا العالم. فلا أقوي من الصليب دليل أن الله يريد الحياة للبشر.
ولقد تناقلت الشعوب قصة الطوفان. فنجد قصة الطوفان في معظم الحضارات القديمة ولكنها محرفة وتنسبها الشعوب الوثنية لآلهتها.
وقصة الطوفان تشير إلي أن الله في مراحمه يسمح ببعض الأشياء المؤلمة لكن يخرج منها حياة، يخرج من الجافي حلاوة ومن الطوفان حياة مجددة ومن الصليب حياة لكل البشرية. ومن موتنا الحالي بالجسد خلاصاً من الجسد العتيق إستعداداً للجسد النوراني.
" 1 وحدث لما ابتدا الناس يكثرون على الارض وولد لهم بنات "
يكثرون: هذه ثمار البركة في (تك 28:1) التي كانت لآدم وحواء.
أية 2: "ان ابناء الله راوا بنات الناس انهن حسنات فاتخذوا لانفسهم نساء من كل ما اختاروا "
أبناء الله= في العبرانية أبناء الألهة وجاءت في السبعينية "الملائكة" أو أنجيلوس وهي قطعاً لا تعني الملائكة السماويين فهؤلاء لا يتزوجون (مت 30:22). لكن كلمة الملائكة تعني رسل وملاك أي رسول. فالله خلق آدم وأولاده كرسل يشهدون له في الأرض، خلقهم لأعمال صالحة، وليكونوا سفراء له. وهم قطعاً أولاد شيث هذا الذي لم يلعن بل هو مبارك في شخص أبيه الذي باركه الله.
بنات الناس: هؤلاء هم بنات قايين.
رأوا: عوضا عن أن ينشغل أولاد الله أو رسله وخدامه بخدمته. إذا بهم ينجذبون إلي الإنشغال بالجمال الجسدي. وإختلط الأبرار المباركين بالأشرار الملعونين، وزاغ الكل وفسدوا فصارت الحاجة لتجديد عام (الطوفان).
من كل ما إختاروا: هم نظروا كيف يرضون شهواتهم دون النظر لروحيات النساء. فصاروا تحت نير واحد مع غير المؤمنين (2 كو15،14:6) وفسد مواطني المدينة السماوية.
أية 3: "فقال الرب لا يدين روحي في الانسان الى الابد لزيغانه هو بشر وتكون ايامه مئة وعشرين سنة "
لا يدين: لا يلبث (شواهد STRIVE) بالإنجليزية بمعني يكافح/ يجاهد/ يناضل وقد تعني الكلمة العبرية يسود/ يعمل مع/ يسكن/ يدير.
ويكون المعني أن من يقاوم عمل الروح القدس فيه ويحزنه ويطفئه يصير غير مستحقاً لأن يعمل فيه الروح القدس فينزع منه الروح القدس لذلك نصلي مع داود "روحك القدوس لا تنزعه مني" وهذا تفسير التجديف علي الروح القدس أن يصل الإنسان لهذه الحالة فلا يعود يتوب بعد، طالما ينزع منه الروح القدس. فالله يحرم هؤلاء من الروح القدس لفسادهم وإغاظتهم له بهذه الزيجات وهذا الفساد. وكان الروح القدس يعمل معهم عن طريق وعظ نوح مثلا 1 بط 19:3. ولما عاندوا وقاوموا الروح، لا يستمر الروح في عمله بل يترك الله هذا الإنسان المقاوم (هو 17:4). وهذا ما حدث مع شاول الملك (1صم 14:16). ولاحظ أن من يمتنع الروح عن العمل معه فهو قادم إلي خراب سريع. وقد تعني كلمة روحي نفس الإنسان التي هي نفخة نسمة حياة من الله ويكون معني حكم الله أن يقصر عمر الإنسان فالروح يعمل في الإنسان لفترة معينة يحددها الله.
إلي الأبد: أي تقصر مدة وجود الروح وعمله في الإنسان.
هو بشر: وفي السبعينية "هو جسد" فهو بسلوكه الشهواني الجسداني صار جسد بلا روح هو صار شبيه بالحيوان فلا ينبغي أن يعيش طويلاً.
مائة وعشرين سنة: العدل ينادي للخاطئ "موتاً تموت" والرحمة تقول" أتركها هذه السنة أيضاً" فتكون الـ 120 سنة هي الفرصة التي يتركها الله للخاطئ ليتوب فيها وقد تكون كل مدة عمره الذي صار بحد أقصي 120 سنة. وهناك من قال أنها المدة التي تركها الله للعالم أيام نوح ليقدموا توبة لأن نوح إستمر في بناء الفلك 120 سنة أمامهم وكان يبشر بالطوفان الذي سيهلك العالم بسبب الخطية.
كيف نحسب مدة بناء الفلك:-من الآية 32:5 كان عمر نوح 500 سنة ومن الآية 6:7 كان عمره 600 وقت الطوفان وبهذا تكون مدة بناء الفلك 100 سنة. وقيل أنها 120 سنة على أساس أن أقصى مدة يعطيها الله كعمر للإنسان هى 120 سنة وهى فى نفس الوقت تعتبر فرصة للتوبة. وبهذا يكون مدة بناء الفلك تتراوح من 100 إلى 120 سنة.
" 4 كان في الارض طغاة في تلك الايام وبعد ذلك ايضا اذ دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم اولادا هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم "
طغاة: في أصلها العبري (الساقطين) هم كانوا أولاد الله وصاروا أولاداً للناس وترجمتها السبعينية "المولودين من الأرض". والنتيجة الطبيعية للزواج الشهواني أن الأولاد يكونوا طغاة فالأب لا يختار حسب الروحيات بل حسب شهواته والأولاد يتشبهوا بالطرف الأسوأ ويكونوا محبين للكرامة الزمنية : ذوو إسم: أي لهم سمعة وصيت منذ الأجيال القديمة : منذ الدهر : فخطية الكبرياء قديمة جداً. ومثال لهؤلاء الجبابرة لامك قايين. ويكون في هذه الأية ملخص للخطايا التي كان الطوفان بسببها 1) الشهوة التي أدت إلي انحراف وفساد أولاد الله 2) عبادة القوة والمجد العالمي والبحث عن الصيت العالمي ونسيان العالم الأخر.
" 5 وراى الرب ان شر الانسان قد كثر في الارض وان كل تصور افكار قلبه انما هو شرير كل يوم "
كل يوم: في الأصل العبراني كل اليوم أي دائما بلا توبيخ ضمير. والله لا يطيق هذا الشر.
" 6 فحزن الرب انه عمل الانسان في الارض وتاسف في قلبه "
تعبيرات "حزن الرب" و"تأسف في قلبه": هي تعبيرات موجهة للبشر ليفهم البشر ولكن الله قطعا ليس إنفعالياً فيندم علي صنعه فهو لا يندم ولا يتغير (1صم 29:15 عد 19:23 + يع 17:1+ مل 6:3). ويكون حزن الله وأسفه هو حكم خلاله تقع العقوبة علي الخطية.
" 7 فقال الرب امحو عن وجه الارض الانسان الذي خلقته الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء لاني حزنت اني عملتهم "
هذا ما كان متوقعاً بعد أن حزن الروح القدس بسبب إصرار الناس علي الخطية (أية 3) أمحو عن وجه الأرض: كما يمحو كاتب بضع أسطر مكتوبة وجد بها خطأ يشوه الصفحة.مع بهائم ودبابات: هذه خلقت لأجل الإنسان فهي تموت معه.
لأني حزنت أني عملتهم: قلب الله لا يتغير من نحونا وإنما بتغيرنا نحن وإعتزالنا إياه بقبولنا الفساد الذي هو غريب عن الله وعكس هذه الآية وبنفس المفهوم زك 3:1 إرجعوا إلي … أرجع إليكم 1يو9:1.
" 8 هذه مواليد نوح كان نوح رجلا بارا كاملا في اجياله وسار نوح مع الله "
الله لا يتجاهل إنساناً واحداً يسلك بالبر وسط جيل شرير. وبر نوح كان راجعاً لإيمانه عب 7:11 وظهر هذا في أنه صدق كلام الله وبني الفلك. في أجياله: هذه تكشف أن بر وكمال الإنسان ليسا مطلقين. وإنما نوح كان باراً بالنسبة لما في جيله من فساد.
" 11 وفسدت الارض امام الله وامتلات الارض ظلما 12 وراى الله الارض فاذا هي قد فسدت اذ كان كل بشر قد افسد طريقه على الارض "
فساد الأرض راجع لفساد الإنسان الذي شوه المخلوقات غير العاقلة. وفي هذه الأيات وردت كلمة أرض بالعبرية "أرص" بينما كانت تذكر قبل ذلك "أدمة" وهذا يشير غالباً أن الأرض التي أفسدها الطوفان ليست كل الكرة الأرضية بل الأرض التي عاش فيها الإنسان حتي هذا التاريخ وأفسدها بخطيته. إذا قوله فسدت الأرض: لا تعني فساد مادة الأرض.
" 13 فقال الله لنوح نهاية كل بشر قد اتت امامي لان الارض امتلات ظلما منهم فها انا مهلكهم مع الارض "
فقال الله لنوح: هذه العبارة تكشف صداقة الله ومحبته للإنسان البار فهو يكشف له حكمته وأسراره "مز 14:25 + تك 17:18". ومعني الأية لم أكن أود أن أهلك البشر لكنهم هم صنعوا بأنفسهم هلاكاً يجلب نهايتهم، "أنا أختطفت لي قضية الموت".
" 14 اصنع لنفسك فلكا من خشب جفر تجعل الفلك مساكن وتطليه من داخل ومن خارج بالقار "
إصنع لنفسك فلكا: الفلك رمز الصليب الذي حمل المسيح معلقاً لأجلنا. فحمل فيه الكنيسة التي هي جسده المقدس. كان لابد من هلاك العالم القديم (الإنسان العتيق) في مياه المعمودية ليقوم العالم الجديد والإنسان الجديد الذي علي صورة خالقه، يحمل جدة الحياة أو الحياة المقامة في المسيح يسوع. وكانت الكلمة العبرية المستخدمة للفلك هي تابوت أو صندوق، إذا هو سفينة كالتابوت مصنوعة للطفو وليس للسير في الماء.
من خشب جفر: ربما هو خشب السرو أو الكافور وكلاهما لا يسوس.
تطليه من داخل وخارج بالقار: القار يكثر في بلاد أشور (العراق) حيث بني الفلك وطلاء الفلك بالقار يشير لحمايته من الوسط الخارجي (حماية الكنيسة من تيارات وهجوم العالم). ولاحظ أن الله كان يمكنه بسهولة أن يخبئ نوح وعائلته بعيداً عن مكان الطوفان ولكن الله تركه يعمل ويجاهد في البناء والطلاء بالقار، فهذا هو الجهاد ولكن الله أغلق عليه بعد ذلك بنعمته (تك 16:7 وأغلق الرب عليه). ولنلاحظ أن الفلك وسط هذه المياه كان يشبه غواصة ويستحيل بتكنولوجيا هذه الأيام أن تحتمل سفينة نوح كل هذا الماء إلا لو كان الله قد أغلق عليه بيده ليكمل نقص جهاد الإنسان بنعمته.
" 15 وهكذا تصنعه ثلاث مئة ذراع يكون طول الفلك وخمسين ذراعا عرضه وثلاثين ذراعا ارتفاعه "
أبعاد الفلك 300× 50× 30 ذراع (طول × عرض × علو)
300 = 3× 100 هذا هو قطيع المسيح (100) المؤمن الثالوث (3) وقام من موت الخطية مع المسيح فرقم 3
يشير للقيامة فالمسيح قام في اليوم الثالث.
50: حل عليهم الروح القدس يوم الخمسين. وفي اليوبيل (كل 50 سنة) يحرر العبيد.
30: هي السن التي وقف فيها يوسف أمام فرعون وبدأت خدمة المسيح. هي سن النضج وكان فيها الكهنة يبدأون خدمتهم الكهنوتية.
إذا الأبعاد تشير للكنيسة قطيع المسيح المؤمن بالثالوث والتي قامت مع المسيح فى اليوم الثالث ( الآن من موت الخطية) والتى يحل الروح القدس فيها وهي كنيسة لها خدمة كهنوتية وشعبها يقدم ذبائح التسبيح والشكر. وقد تحررت من عبودية إبليس وأيضاً هى كنيسة شعبها ناضج.
" 16 وتصنع كوا للفلك وتكمله الى حد ذراع من فوق وتضع باب الفلك في جانبه مساكن سفلية ومتوسطة وعلوية تجعله "
كواً في الفلك: هذه التي نعاين من خلالها السماويات علي قدر ما تسمح به إمكانياتنا الجسدية. باب الفلك في جانبه: الباب يشير للمسيح "أنا هو الباب" وكون الباب في الفلك والفلك يشير للمسيح فهو إذا يشير للجرح الذي كان في جنب المسيح بالحربة. فمنه فاضت الأسرار التي بها ينضم المؤمن به إلي عضويته. ومن خلاله يدخل القادمون إليه. من جرح جنب المسيح خرج دم وماء (1يو8:5).
الكوة لغوياً هي خرق في الحائط يدخل منه الضوء والهواء.
مساكن سفلية ومتوسطة وعلوية تجعله: فالمؤمن حين يدخل لجسد المسيح كمبتدئ يكون في مساكن سفلية ويتدرج في الصعود حتي يصل لأعلي درجة. إذا هي تشير لثلاث درجات النمو الروحي وهكذا كانت المنارة في الخيمة لها 3 درجات (كاسات وعجز وأزهار) وهيكل حزقيال كان ثلاث طوابق. كل هذا يشير لنفس المفهوم. وكان نوح غالباً يقيم بالطابق الأعلي ونوح كلمة تعني نياح وتعزية. فكلما صعدنا لأعلي نقترب من الراحة والتعزية. (مت 28:11).
" 18 ولكن اقيم عهدي معك فتدخل الفلك انت وبنوك وامراتك ونساء بنيك معك "
لاحظ القديس بطرس أن عدد الذين خلصوا بالفلك كانوا ثمانية أشخاص. ورقم 8 يشير للحياة فيما بعد الزمن فأيام زمن هذا العالم 7 يأتي بعدها الدهر الأتي. إذاً عمل الطوفان كان تجديد العالم بمعني إقامة كنيسة لها طبيعة سماوية خلال تمتعها بالحياة المقامة في المسيح يسوع (الذي قام يوم الأحد في بداية الأسبوع الجديد) (راجع 1بط 20:3) ولاحظ أن القديس بطرس يركز علي هذا المفهوم (2بط 5:2) فنوح أيضاً كان ثامناً وقوله ثامناً أي دخل بعد أن دخلت عائلته فكان ثامناً لكن بتفسير معني الأرقام فنوح هنا يرمز للمسيح يسوع (يسوع= 888) وفي يسوع نحصل علي الخلاص والحياة الأبدية بعد القيامة العامة. وكما كرز نوح للذين كانوا في السجن (ابط 20،19:3) جاء المسيح وكرز في العالم. وقول بطرس "السجن" هذا يشير إلي أن العالم الخاطئ حكم عليه بالموت وكأنهم مساجين في سجن فينتظرون تنفيذ حكم الموت (الإعدام) ولكن نوح كان يكزر لهم فالله أعطاهم فرصة 120 سنة ومن يندم ويتوب يفلت من حكم الإعدام وهكذا صنع المسيح. فكان نوح يكرز بروح المسيح. وهو شابه المسيح الذي بشر حتي ينقذ الناس من طوفان غضب الله. وشابه المسيح في أنه بدأ حياة جديدة.
· ولنلاحظ أن نفس الماء الذي أهلك الأشرار هو نفسه الذي رفع الفلك. فكل الألام التي يسمح بها الله للبشرية تكون لنا سبب أو رائحة حياة لحياة وللخطاة رائحة موت لموت.
· كيف نظر البشر الخطاة لنوح؟ قطعاً هزءوا به حين دخل الفلك وقالوا هو حكم علي نفسه بالموت وكيف نظر نوح للخطاة؟ أنهم في سبيلهم للموت قطعاً بسبب خطاياهم.
· إذا الفلك تطبيق عملي للأية "صُلِب العالم لي وأنا صُلبت للعالم"
· الفلك الذي هو كالسجن أو كالتابوت يصير جنة لأن الله فيه (الثلاث فتية ومعهم شبيه بإبن الآلهة).
" 1 وقال الرب لنوح ادخل انت وجميع بيتك الى الفلك لاني اياك رايت بارا لدي في هذا الجيل "
وقال الرب: الرب هو يهوة ولاحظ أن العمل هنا عمل حب ورعاية فيستخدم الروح القدس لفظ الرب. وحينما يتكلم عن الطوفان المهلك يستخدم لفظ الله (13،12:6).
أدخل: هذه تساوي تعالوا إلي يا جميع المتعبين… وتساوي من يعطش فليأت إليَ….
وجميع بيتك: هذه تساوي "الموعد هو لك ولبيتك" المهم أن الجميع يكونوا في المسيح، العالم مصلوب لهم وهم مصلوبين للعالم. أما لو أحب أحدهم العالم بعد ذلك لهلك.
باراً: ما أجمل أن يشهد الله لأولاده. والله لا يشهد فقط بل يدبر كل شئ لأولاده فالله إهتم بتحديد نوع الخشب وأبعاد الفلك وطلاؤه بالقار وتموينه بالطعام….. ويري البعض أن نوح بقي 120 سنة في إنذار الأشرار، وهو يبني الفلك أمام أعينهم ليؤكد لهم صدق إنذارات الله ويعتمد القائلون بهذا علي الآية (3:6) راجع تفسير أية 6 أيضاً. ولكن من المؤكد أن نوح كان موضع سخرية الناس وهو يبني فلكاً ليهرب به من طوفان ظنوه وهماً.
" 2 من جميع البهائم الطاهرة تاخذ معك سبعة سبعة ذكرا وانثى ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكرا وانثى "
البهائم الطاهرة: لاحظ أن شريعة موسي لم تكن قد حددت في هذا الوقت البهائم الطاهرة وغير الطاهرة. لذلك فهذه الأية تثبت أن التقليد الذي تعمل به كنيستنا صحيح. فقد تسلم آدم هذه الشريعة شفاهة من الله وسلمها لأولاده ووصلت لنوح. ونلاحظ أن البهائم الطاهرة آخذ منها سبعة لأنه سيأكل منها ويقدم منها ذبائح.
" 3 ومن طيور السماء ايضا سبعة سبعة ذكرا وانثى لاستبقاء نسل على وجه كل الارض"
كل الأرض: رأي بعض الدارسين أن الفلك بحجمه هذا لا يمكن أن يحمل كل حيوانات العالم وطيوره. ويقولون أن الطوفان كان محلياً فهو أفني كل الجنس البشري ما عدا نوح وعائلته وكل حيوانات المنطقة التي كان بها بشر. أما القارات البعيدة فإستمرت فيها الحياة الحيوانية ولم تتأثر. ويؤكدون هذا بأنه قيل عن يوسف أن كل الأرض جاءت لتشتري منه قمحاً تك 57:41) وكان المقصود البلاد التي حول مصر. وفي لو 1:2 يقول إكتتبت كل المسكونة والمقصود كل الدول الخاضعة للحكم الروماني.وهذا رأى صحيح.
" 4 لاني بعد سبعة ايام ايضا امطر على الارض اربعين يوما واربعين ليلة وامحو عن وجه الارض كل قائم عملته "
سبعة أيام: هي المدة التي إستغرقها نوح في إدخال الحيوانات إلي الفلك.
أربعين يوماً: هي ذات المدة التي صامها المسيح وموسي وإيليا. وقد تشير هذه المدة لأنها مدة إنسحاق وتذلل أمام الله حتي يعطي خيراته. وهكذا كانت فترة الإنذار لنينوي وفترة الـ 120 سنة هي 3×40 سنة. هي فترة إنذار بالتوبة حتي لا يهلكهم الطوفان وبينما إستغل شعب نينوي فرصة الأربعين يوماً وتابوا فشل الناس أيام نوح وهلكوا فهى فترة أو فرصة يعطيها الله يعقبها إما خيرات أو عقوبات. لذلك هي تشير لفترة حياتنا علي الأرض وعلينا أن نختفي في الفلك حتي ننجو.
" 6 ولما كان نوح ابن ست مئة سنة صار طوفان الماء على الارض "
قارن مع أية 32:5 فقد قيل أن عمر نوح كان 500 سنة وهنا نسمع أن عمره كان 600 سنة وقت أن دخل الفلك. لذلك تقدر مدة بناء الفلك ما بين 100 –120 سنة.
" 9 دخل اثنان اثنان الى نوح الى الفلك ذكرا وانثى كما امر الله نوحا "
نوح يتحرك نحو الفلك ويستغرق 7 أيام إشارة للكنيسة التي تفتح أبواب الرجاء لكل إنسان كل أيام الأسبوع. ولاحظ أن نوح وأولاده لم يكن لكل واحد سوي زوجة واحدة.
" 10 وحدث بعد السبعة الايام ان مياه الطوفان صارت على الارض "
يفسرون الطوفان علمياً بهبوط قشرة الأرض لأسفل وبذلك تكون أسفل من مستوي البحار. ثم بحركة عكسية تصعد الأرض فتنحسر المياه وتتراجع إلي البحار. وقال بعضهم أن الأرض تفتحت وخرجت منها المياه الجوفية. وقد أمكن إثبات حدوث الطوفان جيولوجياً فقد وجد طبقات طمي ومن تحتها ومن فوقها طبقات أحجار بل حددوا ميعاد هذا الطوفان بسنة 3200-3400 ق.م. وهي نفس الفترة المحددة حسب التقويم العبري.
"11 في سنة ست مئة من حياة نوح في الشهر الثاني في اليوم السابع عشر من الشهر في ذلك اليوم انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء "
إنفجرت كل ينابيع الغمر العظيم: إذا الطوفان لم يكن نتيجة المطر فقط، بل صارت الأرض وكأنها مجموعة من العيون والينابيع تفجر ماء بلا حساب.
" 16 والداخلات دخلت ذكرا وانثى من كل ذي جسد كما امره الله واغلق الرب عليه "
وأغلق الرب عليه: من ناحية ليحميهم من الطوفان. ومن ناحية أخري فهي تشبه مثل العذاري فالمستعدات دخلن ثم أغلق الباب. فالآن أغلق الله الباب وحتي لو أراد أحد الأشرار أن يدخل سيمنعه الله الذي أغلق فهو يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح. وبعد أن ينتهي زمان غربتنا يغلق الباب. (رؤ 7:3) والله فتح لنا باب الفردوس بمفتاح صليبه لكي ندخل معه وفيه بشركة أمجاده وهو يغلق علينا معه أبدياً فلا يتسرب العدو الشرير إلينا. وهذه العبارة هي نموذج لإيمان كنيستنا في موضوع الجهاد والنعمة. فهل كانت التكنولوجيا المتوفرة أيام نوح تسمح ببناء فلك يقاوم المياه من فوق ومن تحت كأنه غواصة. لقد ترك الله نوحاً يجاهد في البناء علي قدر إستطاعته وهذا هو الجهاد (هذا يساوي خمس أرغفة وسمكتين). ثم إغلق الرب عليه بنعمته (وهذا يساوي إطعام الألاف).
" 1 ثم ذكر الله نوحا وكل الوحوش وكل البهائم التي معه في الفلك واجاز الله ريحا على الارض فهدات المياه "
ثم ذكر الله: أي فاض الله بمراحمه علي نوح. لذلك تصلي الكنيسة أذكر يارب كذا…
أجاز ريحاً علي الأرض: كما أجاز ريحاً لشق البحر خر 21:14 أيام موسي. ولأن كلمة ريح وكلمة روح في العبرية كلمة واحدة. فكأن الله وسط مياه المعمودية يهب بروحه القدوس لتقديس أجسادنا (أرضنا) فنتهيأ كأعضاء لجسد المسيح ونصير هيكلاً لروحه القدوس.
" 3 ورجعت المياه عن الارض رجوعا متواليا وبعد مئة وخمسين يوما نقصت المياه "
ورجعت المياه: هذه قد تؤكد نظرية أن الأرض هبطت فطمت عليها مياه البحر ثم عادت الأرض وصعدت كطبيعتها فرجعت المياه.
" 4 واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال اراراط "
إستفر الفلك علي جبال أراراط: لاحظ أن بداية الحياة الجديدة كانت علي جبل أي حياة سماوية مرتفعة وهذا ما تعطيه المعمودية. وكلمة أراراط تعني مكان مرتفع. وهذا الجبل يوجد في أرمينيا.
" 5 وكانت المياه تنقص نقصا متواليا الى الشهر العاشر وفي العاشر في اول الشهر ظهرت رؤوس الجبال "
تكرر رقم 10 في هذه الآية مرتين مقترناً بظهور رؤوس الجبال. ورقم 10 يشير للوصايا التي نفذناها لظهرت في حياتنا رؤوس جبال الفضائل بل يظهر فينا المسيح نفسه.
" 6 وحدث من بعد اربعين يوما ان نوحا فتح طاقة الفلك التي كان قد عملها 7 وارسل الغراب فخرج مترددا حتى نشفت المياه عن الارض 8 ثم ارسل الحمامة من عنده ليرى هل قلت المياه عن وجه الارض 9 فلم تجد الحمامة مقرا لرجلها فرجعت اليه الى الفلك لان مياها كانت على وجه كل الارض فمد يده واخذها وادخلها عنده الى الفلك 10 فلبث ايضا سبعة ايام اخر وعاد فارسل الحمامة من الفلك 11 فاتت اليه الحمامة عند المساء واذا ورقة زيتون خضراء في فمها فعلم نوح ان المياه قد قلت عن الارض 12 فلبث ايضا سبعة ايام اخر وارسل الحمامة فلم تعد ترجع اليه ايضا "
الفلك يشير إلي الكنيسة ويوجد فيها القديسين (الحمامة) والخطاة (الغراب) والغراب يشير إلي الخطية فهو ينطلق إلي حيث الجيف النتنة ثم يعود مرة أخري إلي الفلك يقف خارجه: فخرج متردداً: أي ذاهباً وراجعاً. هو لا يدخل إلي الفلك. ولا يمد نوح يده ليدخله كما فعل مع الحمامة. أما الحمامة التي تعلن السلام (غصن الزيتون) فقد عادت وأدخلها نوح. والحمامة لا تأكل الجيف النتنة بل تأكل النباتات لذلك عادت فلا مكان لها وسط الجيف بل تعود لتعلن السلام. وفي المعمودية يُطرد الشيطان (رمزه الغراب) ويحل الروح القدس يعلن السلام ولاحظ أن الحمامة عادت بغصن زيتون والزيتون نحصل منه علي الزيت وهذا يشير لزيت الميرون الذي به يحل الروح القدس. والحمامة عادت بثمر فالروح له ثمار (غل 22:5). وقد تشير الحمامة للنفس المؤمنة التي تطلب المسيح فيسميها النشيد "حمامتي" ( نش 14:2 ) وهذه النفس لا تجد لها مستقراً وسط الجيف كالغراب ولكنها تعود لنوح الذى يرمز للمسيح، فهي لا تسترح سوي في يديه. ولاحظ أنها حين ترجع يمد يده ليدخلها. والحمامة خرجت من الفلك ثلاث مرات:-
المرة الأولي: لم تحد لرجلها مقراً. وهذه تشير للنفس الملتهبة بالروح القدس لا يمكنها أن تعيش وسط الجيف. وتنجذب في غربتها نحو الفلك فتجد يد مسيحها ممتدة لتحملها لحضنه.
المرة الثانية: عادت لتعلن السلام وظهور الحياة الجديدة. ولذلك فغصن الزيتون يشير إلي السلام الذي حدث بين الله والناس. وذلك لأن شجرة الزيتون دائمة الخضرة تمثل الإنسان المملوء سلاماً دائما بالرغم من عواصف العالم. والزيت يطفو علي سطح الماء الذي يمثل تيارات تجارب هذا العالم فالمؤمن يطفو فوق ضيقات وإغراءات العالم.
المرة الثالثة: خرجت ولم تعد إشارة لإنطلاق الموكب كله إلي الأرض الجديدة. هذه الحالة تشير لإنطلاق النفس إلي الأبدية بعد حياة كلها سلام وثمار.
" 13 وكان في السنة الواحدة والست مئة في الشهر الاول في اول الشهر ان المياه نشفت عن الارض فكشف نوح الغطاء عن الفلك ونظر فاذا وجه الارض قد نشف "
هنا نري نوح يبدأ حياته الجديدة في قرنه السابع بعد أن أنهي ستة قرون (600سنة) والكنيسة مدة تغربها عن الراحة الحقيقية 6 أيام عمل يعقبها اليوم السابع حين ينزع الرب كل غطاء لنلتقي معه وجهاً لوجه : فكشف نوح الغطاء.راجع 1كو 12:13.
" 20 وبنى نوح مذبحا للرب واخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة واصعد محرقات على المذبح "
كما بدأت حياة آدم علي الأرض بذبيحة هكذا تبدأ الحياة الجديدة لنوح بذبيحة. وكان أول ما صنعه نوح بعد خروجه إلي الأرض التي غسلها الطوفان هو أنه أقام مذبحاً. وكان الكنيسة لا تقدر أن تقدم ذبيحة السيد المسيح (الإفخارستيا) إلا بعد التمتع بالمعمودية. لهذا السبب أيضاً نجد الكتاب المقدس للمرة الأولي يعلن عن إقامة مذبح للرب.
" 21 فتنسم الرب رائحة الرضا وقال الرب في قلبه لا اعود العن الارض ايضا من اجل الانسان لان تصور قلب الانسان شرير منذ حداثته ولا اعود ايضا اميت كل حي كما فعلت "
تنسم الرب رائحة الرضا: فالله كان يري في هذه الذبائح رمزاً لإبنه المحرقة الحقيقية التي بها بدأت حياتنا الجديدة مع الله. إذا ما عمله نوح كان رمزاً لعمل المسيح الذبيحي لكنيسته وصار مذبح نوح رمزاً للصليب الذي صار سبباً لنزع اللعنة عن الأرض. ولذلك نسمع هنا أن الله لا يعود يلعن الأرض بطوفان ثانية: لا أعود أيضا أميت كل حي كما فعلت لكن هذا لا يمنع أن الله يضرب ضربات محدودة لأجل التأديب ولكن الله لن يعود لضربة عامة تشمل الأرض كلها. قال الرب في قلبه: تعبير مجازي يعني نية الله وعزمه أن يفعل شئ.
" 22 مدة كل ايام الارض زرع وحصاد وبرد وحر وصيف وشتاء ونهار وليل لا تزال "
أي مادامت الأرض قائمة فجميع نواميس الطبيعة وظواهرها تظل قائمة بعملها لخدمة الإنسان والله سيبقي علي العالم رغم إنحرافاته مت 45:5 ويؤدب محاولاً جذب كل نفس للإستفادة من دمه الذي سال. لكن من يرفض سيهلك.
جدول لقصة نوح والطوفان. وقد إستغرقت حوالي سنة كاملة
1. صدور الأمر بدخول الفلك (1:7).
2. بعد سبعة أيام بدأ الطوفان (10:7) بتاريخ 17/2/600 (من عمر نوح).
3. مدة سقوط الأمطار وإنفجار ينابيع الغمر 40 يوماً (12:7).
4. تعاظم المياه علي الأرض 150 يوماً شاملة الـ 40 يوماً مدة نزول المطر. (24:7).
5. نقصان المياه حتي ظهور رؤوس الجبال (5:8) بتاريخ 1/10/600.
6. إرسال الغراب بعد 40 يوماً (8،7:6).
7. إرسال الحمامة للمرة الأولي بعد 7 أيام.
8. إرسال الحمامة للمرة الثانية.
9. إرسال الحمامة للمرة الثالثة.
10. كشف الغطاء بتاريخ 1/1/601.
11. جفاف الأرض وخروج نوح بتاريخ 27/2/601.
وبعد أن خرج نوح وقدم ذبيحة وتنسم الله رائحة الرضا بارك نوح وبنيه وقدم لهم ناموساً ليخضعوا له وعهداً يربطهم به وعلامة تسندهم في أيام غربتهم.
" 1 وبارك الله نوحا وبنيه وقال لهم اثمروا واكثروا واملاوا الارض "
وبارك الله نوحاً وبنيه: بإعتبارهم رؤوساً جديدة للخليقة. فنوح صار رأس جديد للخليقة مثالا للمسيح رأس الخليقة الجديدة. وأولاد نوح تفرعت منهم كل شعوب العالم. وكلمات البركة تشبه هذه التي قيلت لآدم وحواء.
" 2 ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الارض وكل طيور السماء مع كل ما يدب على الارض وكل اسماك البحر قد دفعت الى ايديكم 3 كل دابة حية تكون لكم طعاما كالعشب الاخضر دفعت اليكم الجميع 4 غير ان لحما بحياته دمه لا تاكلوه 5 واطلب انا دمكم لانفسكم فقط من يد كل حيوان اطلبه ومن يد الانسان اطلب نفس الانسان من يد الانسان اخيه 6 سافك دم الانسان بالانسان يسفك دمه لان الله على صورته عمل الانسان 7 فاثمروا انتم واكثروا وتوالدوا في الارض وتكاثروا فيها "
ناموس نوح
هذا الناموس يناظر الوصية التي أعطاها الله لآدم وحواء.
1. ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات…. فالله يعطي سلطاناً للإنسان علي المخلوقات، بل يعطيها ان تخافه وهذا رأيناه مع عديد من القديسين (دانيال… الأنبا برسوم العريان).
2. كل دابة حية تكون لكم طعاماً= كان طعام الإنسان قبلا من العشب الأخضر. والآن يسمح له الله بأكل لحوم الحيوانات والطيور والأسماك. لماذا؟
سقوط الإنسان حول طبعه لطبع وحشي فوجدنا قايين يقتل أخوه هابيل ووحشية الإنسان إنعكست علي الحيوان فصارت بعض الحيوانات متوحشة وصارت بعض الطيور متوحشة وهكذا الأسماك. وحرصا من الله أن لا يتحول الإنسان لوحش يأكل أخيه سمح الله بأكل لحوم الحيوانات. إلا أننا أيضا وجدنا بعض القبائل تأكل لحم الإنسان.
قد تكون الأرض ضعفت نتيجة اللعنة وأصبحت تعطي نباتات أضعف.
قد تكون العلة في ضعف جسد الإنسان الذي أصبح يحتاج لطعام أقوي.
ليهيئ الطريق لقبول الشريعة الموسوية التي بها يلتزم الكاهن أن يأكل من بعض الذبائح.[1] وهذا رمز للتمتع بتناول جسد ربنا يسوع ودمه " لأن جسدي ماكل حق… يو 55،54:6" "فالذبيحة تعلن مصالحة الله مع الإنسان وهي عطية للإنسان بها تشبع نفسه ويرتوي قلبه علي مستوي روحي فائق للطبيعة. (أما الوثنيين فيظنون أن الذبيحة هي لتهدئة غضب الهتهم.) أكل الكاهن لجزء من لحم ذبيحة الخطية إشارة للمسيح الذى حمل خطايانا فى جسده.فالخاطىء يأتى بذبيحة الخطية ويمسك بقرونها معترفاً بخطاياه وكأنه نقل خطاياه إليها ثم تذبح وتقدم للمذبح ( الصليب ) وجزء منها يأكله الكاهن. والكاهن هنا هو رمز للمسيح الذى حمل خطايانا بصليبه.
3. لحماً بحياته دمه لا تأكلوه: الله سمح بأكل اللحوم ولكنه يحذر من أكلها بدمائها. فالدم يساوي الحياة والحياة هي لله، أما اللحم فيعطي للإنسان. وإحتفظ الله بسر الدم الذي الذي لا يشربه الإنسان حتي كشف السر المخفي في دم المسيح الذي أعطي كفارة لنا ونشربه لنحيا به. أما شرب دم الحيوانات فيعطي للإنسان وحشية يرفضها الله. الله لا يريد أن تدخل فينا حياة غريبة بل أن تكون لنا حياة المسيح.
4. وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط: الله هو الذي ينتقم من قاتل الإنسان. لذلك منع القتل وكذلك الإنتحار فالله وحده هو الذي يحدد حياة الإنسان. وقد يتم هذا بالشريعة كما يأتي.
5. من يد كل حيوان أطلبه: إذا قتل حيوانا إنساناً يقتل الحيوان (خر 28:21 وما بعده).
6. سافك دم الانسان بالانسان يسفك دمه: هذا أول قانون مدني. والله يَسُنه فمن قتل يقتل. وهذا القتل للقاتل بسماح من الله.
7. فأثمروا أنتم.. رغبة الله حياة وتعمير للأرض وبركة للإنسان.
" 8 وكلم الله نوحا وبنيه معه قائلا 9 وها انا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم 10 ومع كل ذوات الانفس الحية التي معكم الطيور والبهائم وكل وحوش الارض التي معكم من جميع الخارجين من الفلك حتى كل حيوان الارض 11 اقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد ايضا بمياه الطوفان ولا يكون ايضا طوفان ليخرب الارض 12 وقال الله هذه علامة الميثاق الذي انا واضعه بيني وبينكم وبين كل ذوات الانفس الحية التي معكم الى اجيال الدهر 13 وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الارض 14 فيكون متى انشر سحابا على الارض وتظهر القوس في السحاب 15 اني اذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد فلا تكون ايضا المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد 16 فمتى كانت القوس في السحاب ابصرها لاذكر ميثاقا ابديا بين الله وبين كل نفس حية في كل جسد على الارض 17 وقال الله لنوح هذه علامة الميثاق الذي انا اقمته بيني وبين كل ذي جسد على الارض "
تجديد العهد والميثاق
قوس قزح هو ظاهرة طبيعية تحدث من إنكسار أشعة الشمس علي قطرات المطر بعد المطر. وهو غالباً كان يظهر قبل الطوفان ولكن الله إستخدمه كعلامة حب ولنلاحظ.
كما أن قوس قزح لابد وأن يظهر بعد كل مطر طالما الشمس والمطر موجودان هكذا فإن وعد الله بعدم حدوث طوفان عام مرة اخري لن يكسر.
ظهر قوس قزح حول العرش الإلهي (رؤ3:4+1:10) وهذه علامة أن الله يريد لنا الحياة ويريد أن يعلن من المساء أنه عند وعده ولم ينسى أنه يعد لنا حياة أبدية.ولاحظ أول آية في الكتاب المقدس "في البدء خلق… إعطاء حياة" ونهاية الكتاب في سفر الرؤيا "أمين تعال أيها الرب يسوع … هي رجاء في هذه الحياة الموعودة.
الله لا يكرر الطوفان. والطوفان رمز المعمودية لذلك المعمودية لا تتكرر.
هذا القوس يذكرنا بالأتي:
الخطية عقوبتها الموت. (إعلانا عن عدل الله وقداسته).
غني مراحم الله الذي يطيل أناته علينا. ويريد لنا الحياة.
المثال الصالح لنوع الذي كان بركة للعالم.
إذن من يتشبه بنوح يستفيد من مراحم الله وينجو من غضبه وعدله الذي يستوجب الموت للخاطئ.
القوس هو ختم العهد (الميثاق بين الله ونوح).
الشمس تسقط نورها علي قطرات المطر فتظهر هذه الألوان المتعددة. والمسيح شمس البر يرسل نوره علي قطرات الماء[2] (الروح القدس الذي يعلن مجد المسيح يو 14،13:16) والألوان متعددة لتعلن عن إحسانات الله وعطاياه المتعددة. وتعلن مجد المسيح ووساطته فهو علامة حب قدمها الله حين أقام ميثاقاً مع نوح بعد الطوفان، ويبقي الله كمحب للبشرية يقدم لنا كل حب خلال ميثاقه معنا. والله في حبه يعتز بالميثاق فيقول "ميثاقي… قوسي".
القوس علامة ميثاق بين السماء والأرض ولاحظ أنه يمتد من السماء حتي الأرض.
" 18 وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث وحام هو ابو كنعان 19 هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح ومن هؤلاء تشعبت كل الارض 20 وابتدا نوح يكون فلاحا وغرس كرما 21 وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه 22 فابصر حام ابو كنعان عورة ابيه واخبر اخويه خارجا 23 فاخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على اكتافهما ومشيا الى الوراء وسترا عورة ابيهما ووجهاهما الى الوراء فلم يبصرا عورة ابيهما 24 فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير "
نوح وعريه
أية 18: وحام هو أبو كنعان: يذكر هنا كنعان فهو سبب أساسي للأحداث التالية. وليعرف موسي والشعب لماذا يعاقب الله الكنعانيين ولماذا يأخذ اليهود أرضهم، هذا بسبب خطية كنعان ولعنة "ابيه نوح له". فيحذر الشعب أن لا يتشبهوا بخطايا الكنعانيين لئلا يشابهوهم في المصير. ولسبب آخر هو أن حام نفسه كان أبا لكنعان وكأب كان مؤكداً انه يعرف كيف يجب ان يحترمه إبنه كنعان وعليه هو أن يحترم أباه نوحاً وهذا ما لم يحدث.
أية 20: وإبتدأ نوح يكون فلاحاً: قوله إبتدأ لأنه كان له مدة 120 سنة يعمل نجاراً. ويفسر كثيرين الفرق بين نوح كفلاح وقايين كعامل في الأرض بقولهم أن العامل في الأرض يشير لمن يضع كل طاقاته في الزمنيات. والفلاح يشير للمسيح الذي جاء يغرس كرمه من جديد. والأرض في هذه الحالة تشير للكنيسة أو الجسد الذي يرتوي بمياه الروح القدس.
أية 21: غالبا سكر نوح بعد ان شرب من الخمر دون أن يعرف أن هذا الخمر يكون نتيجته العري والإستهزاء ولفقدان الإنسان لكرامته. عموما نحن نصلي لله قائلين إغفر لنا خطايانا التي صنعناها بمعرفة وبغير معرفة. ومرة أخري نري تفسيراً لأن نوح كان كاملاً في إجياله أي كمال نسبي. فها هو له سقطات أيضا. وها نحن نجد الخمر وقد عرت هذا القديس الذي لم تطوله مياه الطوفان وظل مستتراً أكثر من 600 عام. فالخطية هي بالحقيقة الخمر المسكر الذي يعري النفس ويفضحها، أما السيد المسيح فهو اللباس البهي الذي يستر النفس من فضيحتها الأبدية. ولاحظ أن سبب خطية نوح مثل آدم.. البطن التي تتخم وعندئذ تثور الأعضاء. ورأي القديس جيروم أن في هذه القصة رمز لعمل المسيح فهو شرب كأس الألم علي الصليب ومن أجلنا تعري علي الصليب فسخر به الأشرار(حام وكنعان) بينما آمن به الأمم (سام ويافث)ولنذكر قول المسيح "إن أمكن ان تعبر عني هذا الكأس مت 39:26. وجاء حام وضحك كما ضحك اليهود وإستهزأوا بالمسيح. والأمم غطوا ألامه بإيمانهم.
أية 22: من يكشف عورة الأخرين أي يذيع خطاياهم ويفضحهم يلعن.
أية 23: من يستر عورة الأخرين يستره الله (مثال أبومقار) هما صنعا هذا بالناموس الطبيعي.
أية 24: إبنه الصغير= كلمة إبن في العبرانية تستخدم أيضاً للحفيد. وقوله إبنه الصغير فهذا غالباً يشير لكنعان. ويصبح التفسير أن حاما رأي أباه نوح في هذا الوضع وسخر منه وإشترك معه كنعان أو أن كنعان دخل مع حام أبيه وإشتركا كلاهما في السخرية.
" 25 فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لاخوته 26 وقال مبارك الرب اله سام وليكن كنعان عبدا لهم 27 ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام وليكن كنعان عبدا لهم "
بنوة نوح
كنعان: عبد العبيد= معلون. وعبد العبيد تعني أحقر العبيد. وإستعباد أخويه له تم أولاً بإستعباد اليهود نسل سام للكنعانيين ثم إستعباد اليونان والرومان نسل يافث لهم. ونوح لم يلعن حام لأن الله سبق وباركه فلا يلعن من باركه الله (عد 20،19،18:23)، لكن كانت لعنة كنعان سبب غصة وألم لأبيه حام. ونبوة نوح تحققت في أن شعب الكنعانيين كان في حالة من النجاسة والإنحراف للرجسات الوثنية لم يكن مثلها. وقيل عنهم لم يكن مثلهم في مزجهم سفك الدماء (ضحايا بشرية) بالفجور إكراماً لألهتهم. وقيل أماتت ديانة الكنعانيين أحسن العواطف البشرية (تقديم أبنائهم ذبائح) وإشتهروا بخرافاتهم وفسقهم ولم يَسُد بينهم شئ من الفضائل. فهم نزلوا إلي أدني صور العبيد. وصاروا ملعونين بوثنيتهم.
سام: مبارك الرب إله سام: هو بارك الرب من أجل سام ونسل سام فمنه خرج المسيح ومنه خرج إبراهيم وأسحق ويعقوب وداود أباء المسيح بالجسد. إذن نبوة نوح تحققت بولادة المسيح. وإسم سام = سامٍ أو عالٍ فأي اسم أسمي من المسيح الذي فاح عبيره في كل مكان. وتعني النبوة أيضا ليكن نسل سام مباركاً فيبارك الرب إلهه ومن نسل سام جاء شعب الله. الذي كان سيؤتمن علي عبادة الله ومعرفته وشريعته وناموسه وهيكله. ولذلك لاحظ أن نوح إستخدم لقب الرب أي يهوه حين تكلم عن سام.
يافث:- يعني توسع أو ملء. ونبوة نوح عنه أن الله يفتح له فتتسع مساكنه وهذا حدث مع يافث الذي ملا أوروبا ومعظم آسيا ثم الأمريكتين واستراليا.
فيسكن في مساكن سام: لقد إتسعت مساكن سام أي كنيسة المسيح لتقبل الأمم إليها أي يافث وفي الكنيسة إتحد نسل يافث وسام. وقد تعني النبوة إحتلال الأوروبين لبلاد سام لفترة ما.
نمرود قد يكون حفيد لكوش أو إبنا له وذكر وحده لأهميته.
يفهم من الأية أيضا أن فليثتم وكفتوريم من نسل فتروسيم وكسلوحيم فقط وغالبا هم نسل كسلوحيم فقط.
يسمي هذا الإصحاح قائمة الأمم القديمة وفيه يظهر أن الله الذي أهلك العالم، ها هو يعيد بناؤه ثانية فهو يقلع ليغرس ويهدم ليبني ويميت ليحيي (راجع أر10:1). وقد قسمت الشعوب بأسماء أولاد نوح وبأسماء أولادهم. ونجد القائمة بدأت بيافث سواء لأنه الأكبر أو الأبعد عن شعب إسرائيل فهو الأبعد تأثيراً عن حياتهم ثم يأتي نسل حام الذي يشكل أولاده أكبر أعداء للشعب ثم يأتي نسل سام الذي تناسل منه إسرائيل ويبدأه هنا بإختصار ويسهب في الشرح بعد ذلك. ولقد جدد الله الخليقة بالطوفان ولكن سريعاً مازاغت للشر بعد ذلك ولكن لم يستعمل الهلاك والإفناء التام ثانية بل إستعمل التأديبات المحلية (حريق سدوم وعمورة/ أوبئة…) (حروب/ مجاعات…) ليدفع الناس إلي التوبة. وهذا ما يحدث بعد المعمودية فنحن نحصل علي الإنسان الجديد لكن نعود ونخطئ ولكن نستعيد صورة الإنسان الجديد بالتوبة وقد يستعمل الله التأديبات حتي يتوب الإنسان (راجع عب 6:12).
ويقول العلماء أن هذا السجل لا نظير له علي الإطلاق لبيان أصل الأمم ومنشأها وقد أيدته الإكتشافات الأثرية. ولكن هذا السفر لا يهدف إلي عرض نشأة الأمم إنما:-
أراد أن يقدم لنا تمهيد لنشأة الشعب الذي يخرج منه المسيح المخلص لكل الشعوب.
فيه يظهر أن الله هو صانع وخالق لكل الشعوب وكل الأمم أنه المسئول عن خلاصها أيضا.
" 2 بنو يافث جومر وماجوج وماداي وياوان وتوبال وماشك وتيراس 3 وبنو جومر اشكناز وريفاث وتوجرمة 4 وبنو ياوان اليشة وترشيش وكتيم ودودانيم 5 من هؤلاء تفرقت جزائر الامم باراضيهم كل انسان كلسانه حسب قبائلهم باممهم "
بنو يافث
جومر: سكن نسل جومر في الشمال. وجاء منهم إلي أسيا من مناطق ما وراء القوقاز وإستوطنوا كبادوكية وتناسل منهم سكان أوروبا الشمالية وسكان بريطانيا والدانمارك ويقال روسيا. (بعض جماعات نزحت للدانمارك وروسيا).
ماجوج: كلمة عبرية تعني أرض جوج. وإقترن الأسمان معاً وصارا رمزاً لمقاومة الإيمان المسيحي (رؤ 7:20-9). ومنهم التتار والسكيثيين. ومكانهم بين بحر قزوين والبحر الأسود.
ماداي: من نسله تكونت إمبراطورية مادي التي إتحدت بعد ذلك مع فارس. وعرفت بلادهم بإسم مادي أو ميدياوسكنوا جنوب وجنوب غربي بحر قزوين وهي الأن جزء من إيران.
ياوان: هو أب اليونانيين. وكلمة ياوان في الكتاب المقدس يقصد بها اليونان (زك 13:9)
توبال: سكنوا جنوب شرق البحر الأسود.
ماشك: سكنوا بقرب ينابيع دجلة والفرات ثم انتقلوا إلي جوار البحر الأسود بحر قزوين.
تيراس: جاء من نسله الشعب الترسيني وسكنوا في جزر وسواحل بحر إيجة.ثم أقتصر الوحي علي نسل إثنين من أولاد يافث هما جومر وياوان لأنهما أكثرهما شعوباً وأهمية.
أشكناز: سكنوا شرق البحر الأسود في أرمينية. والبحر الأسود كان يدعي بحر أشكناز.
ريفاث: هناك رأيان عن مكانهما 1) شرق الأردن 2) أقصي شمال العالم القديم.
توجرمة: سكنوا في أرمينيا جنوب غرب أسيا.
إليشة: سكنوا اليونان وقبرص.
ترشيش: سكنوا إيطاليا وأسبانيا. وكانت بداية ترشيش في كيليكية حيث طرسوس حيث ولد بولس.
كتيم: الساحل الغربي لفلسطين وبعض الجزائر بالبحر المتوسط مثل قبرص كان إسمها كتيم بل إن هذا الإسم إمتد لليونان وإيطاليا. ولقد عبر اليهود عن الشعوب الأتية من البحر المتوسط بأنهم من كتيم.و أشير لهذا هنا بإسم جزائر الأمم (آية 5)
دودانيم: يرجح أنهم سكان رودس ومن نسلهم من نزح لليونان.
" 6 وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان 7 وبنو كوش سبا وحويلة وسبتة ورعمة وسبتكا وبنو رعمة شبا وددان 8 وكوش ولد نمرود الذي ابتدا يكون جبارا في الارض 9 الذي كان جبار صيد امام الرب لذلك يقال كنمرود جبار صيد امام الرب 10 وكان ابتداء مملكته بابل وارك واكد وكلنة في ارض شنعار 11 من تلك الارض خرج اشور وبنى نينوى ورحوبوت عير وكالح 12 ورسن بين نينوى وكالح هي المدينة الكبيرة 13 ومصرايم ولد لوديم وعناميم ولهابيم ونفتوحيم 14 وفتروسيم وكسلوحيم الذين خرج منهم فلشتيم وكفتوريم 15 وكنعان ولد صيدون بكره وحثا 16 واليبوسي والاموري والجرجاشي 17 والحوي والعرقي والسيني 18 والاروادي والصماري والحماتي وبعد ذلك تفرقت قبائل الكنعاني 19 وكانت تخوم الكنعاني من صيدون حينما تجيء نحو جرار الى غزة وحينما تجيء نحو سدوم وعمورة وادمة وصبوييم الى لاشع 20 هؤلاء بنو حام حسب قبائلهم كالسنتهم باراضيهم واممهم "
بنو حام
كلمة حام تعني حام أو ساخن أو أسود ودعي إله الشمس حامو بسبب حرارة الشمس وبهذا المفهوم تكون أسود بمعني لفحته الشمس أو أحمته وسكنوا أفريقيا وبعض أجزاء من آسيا.
كوش: تعني أسود بالعبرية وله خمسة أولاد سبا وحويلة وسبتة ورعمة وسبتكا.
سبا: منهم من سكن جنوب جزيرة العرب ومنهم من عبر إلي إفريقيا عبر بوغاز باب المندب وأقاموا علي سواحل البحر المتوسط وتكون من هؤلاء شعب إثيوبيا (الحبشة).
حويلة: سكنوا شمال بلاد العرب بجوار خليج العجم ووصلوا إلى اليمن.
سبتة: سكنوا في حضرموت في بلاد العرب وسكن بعض منهم في الحبشة.
رعمة: وولداه شبا وددان. سكنا جنوب خليج العجم ثم رحلا للجنوب الغربي من بلاد العرب.
سبتكا: سكنوا جنوب بلاد العرب ومنهم من رحل لإفريقيا.
شبا: إبن رعمة إنتقل للحبشة.
ددان: أستقر في بلاد العرب.
وبذلك نجد أن أبناء كوش أما سكنوا في بلاد العرب أو أنتقلوا إلي الحبشة ولذلك نجد في الكتاب المقدس مكانين بإسم كوش أولهما عند عيلام في منطقة جنوب دجلة والفرات (تك 13:2) وثانيهما هو الحبشة وهذا هو الأكثر شهرة. وكوش إفريقيا يقصد بها الحبشة والنوبة جنوب مصر.
وقد قدم نسل حام بوجه عام شعوباً وأمما مقاومة لعمل الله ولشعبه في العهد القديم لذا جاء العهد القديم يعلن العقوبة الإلهية علي هذه الشعوب بكونها تحمل رموزاً للشر فكوش كانت تشير إلي ظلمة الجهالة ولسواد الخطية أر 23:13.
ومصر كانت تشير إلي محبة العالم التي تستعبد النفس (فالشعب إشتهي أكل مصر ونس العبودية).
كنعان كانت تشير إلي العمل الشيطانى وتشير للعنة زك 21:14.
نمرود
معني إسمه جبار متمرد قوي وشديد. هو نموذج كيف تحدي نسل حام الله في مقابل كيف كان نسل سام منه إبراهيم وإسحق ويعقوب.
كان قوياً ومشهوراً بأنه صياد جبار. وقد وجدت له تماثيل في اطلال نينوي وهو يحمل أسداً تحت ذراعه الأيسر. وهو الذي أسس الأسرة الحاكمة في بابل وشنعار وأكاد. وربما كان هو نفسه جلجاميش الأكادي أو البابلي.
وقوله جبار صيد أمام الرب: الإضافة " أمام الرب" تعني أنه كان عظيماً. وقد تعني وهذا واضح من أسمه أنه حينما ظهرت قوته أخذ موقف التحدي من الله. وينسب لنمرود بداية العبادة الوثنية. وصارت بابل في الكتاب المقدس رمزاً لمعاندة الله وللكبرياء والزنا الروحي بل أطلق عليها "أم الزواني" وصارت أسماً لمملكة الدجال وجماعة الأشرار. وعجيب هو الإنسان إذا ما شعر بقوته فهو يتحدي الله عوضاً عن أن يشكره علي عطاياه (راجع رؤ 8:14 + 19:16 + 1:17-5).
وكانت مملكة نمرود في أرض شنعار التي تعني "نهرين" ربما لوقوعها بين نهري دجلة والفرات. وهي المناطق السهلة في بلاد بابل. وقد حوت هذه المملكة أربع مدن رئيسية في ذلك الوقت:-
بابل: قد تعني باب الله "باب إيل" ولكنها صارت لها معني أخر هو بلبلة الألسنة وموسي حين كتب إستخدم الأسماء المعروفة وقته.
أرك: كانت شرق الفرات.
أكد: تأسس منها بعد ذلك مملكة الأكاديين وكانت مملكة ذات شأن وكانت غرب دجلة.
كلنة: شرق الفرات.
نمرود قد يكون إبنا سادساً لكوش وذكر وحده لأهميته أو هو من أحفاد كوش. وقد إشتهر جبروته حتي صار مضربا للأمثال: لذلك يقال كنمرود وجبار صيد (هذا مثل تناوله الناس) من تلك الأرض خرج أشور وبني نينوي: أشورهو من أبناء سام ولا مجال لذكره الأن وسط أبناء حام. لذلك تفهم الأية بمعني أخر يؤيده أن كلمة خرج فى العبرية مثل العربية قد تصلح أن نترجمها "خرج من" أو " خرج إلي وقد استخدمت الترجمة العربية "خرج من" والأرجح هي الترجمة الأخري ويصير المعني وخرج إلي أرض أشور : ويكون المقصود هو أن نمرود لم يكتف بأرضه وخرج كجبار يفتح مدناً اخري في أرض أشور. وبني نينوي علي الضفة الشرقية لدجلة التي أصبحت عاصمة أشور فيما بعد. وبني أيضاً رحوبوت عير ومعناها المدينة الرحبة وقد تكون ضاحية لنينوي أو مدينة أخري تجاورها. وبني كالح جنوب نينوي بعشرين ميلاً. ورسن بنيت بين نينوي وكالح كمكملة لهما، يكون قوله هي المدينة الكبيرة. كقولنا القاهرة العظمي حين نضم حلوان والجيزة عليها (يون 2:1 المدنية العظيمة)
مصرايم: مصرايم في العبرية مثني، لذا ظن البعض أنها دعيت هكذا بسبب وجود الوجه البحري والوجه القبلي أو لأن نهر النيل يقسمها إلي ضفة شرقية وغربية. أو هي دعيت مصر نسبة لمصرايم حيث سكن فيها هو وأولاده وإمتدوا للبلاد المجاورة. وإسم مصر القديم كيمي أو خيمي أي أرض حام وسميت كذلك لسواد تربتها أو نسبة لحام.
لوديم: جاء منه شعب لود أو اللوديون وهم غير شعب لود من نسل سام وسكنوا نحو ليبيا.
عناميم: سكنوا غرب النيل في جنوب مصر غالباً.
لهابيم: غالباً هم اللوبيون (قبيلة لوبيم) نشأوا في مصر ونزحوا إلي ليبيا.
نفتوحيم: من سكان مصر الوسطي قرب منف مركز الإله بتاح.
فتروسيم: سكنوا في فتروس بصعيد مصر "كلمة فتروس تعني أرض الجنوب (عاصمتها طيبة)
كسلوحيم: معناها محصن. سكن نسله في كسيونس في منطقة جبلية علي الحدود بين مصر وفلسطين.
فلشتيم: خرج من نسل كسلوحيم ولقربهم من فلسطين هاجروا إليها. وفلشتيم هي أصل كلمة فلسطين وتعني متغرب أو مهاجر.
كفتوريم: خرج غالباً من كسلوحيم أيضاً وسكنوا في كفتور وكانت توجد في دلتا مصر مدينة تسمي كابت هور يغلب أنها كفتور هذه. وغالبا هاجر هؤلاء إلي جزيرة كريت وسميت بإسمهم ثم هاجر منهم بعد ذلك إلي فلسطين. وبذلك إجتمع في فلسطين المهاجرين من نسل كسلوحيم (فلشتيم وكفتوريم) مكونين الشعب الفلسطيني.
كنعان: الإبن الأصغر لحام. وظهر من نسله القبائل الكنعانية. وسكن كنعان علي الساحل المنخفض لفلسطين وفي بعض الأحيان يطلق اسم كنعان علي كل الشعوب في منطقة فلسطين.
صيدون: سكن في صيدون (صيدا).
حث: جاء منه الحيثيين (تك 20:23) ومنهم أوريا الحثي. وإتسعوا وشملوا أراضي شمال فلسطين بل إمتدوا حتي الفرات.
اليبوسي: لأسم القديم لأورشليم قبل أن يستولي داود عليها.
الأموري: سكنوا الجبال غرب البحر الميت جنوب أورشليم.
الجرجاشي: شرق بحر الجليل.
الحوي: شمال شرق فلسطين ولبنان.
العرقي: في لبنان.
السيني: لبنان
الأروادي: هم قوم رُحَل.
الصماري: سكنوا في فينيقيا.
الحماتي: سكنوا حماة بسوريا.
أية 19: يهتم بتحديد أرض الكنعانيين وذلك لأن أسرائيل سيرث هذه الأرض وهي الحدود التي حددها لهم موسي بعد ذلك عند إقترابهم من أرض كنعان. ولقد تجمعت كل القبائل الكنعانية في هذا المكان حتي يسهل علي شعب الله ضربهم وإمتلاك أرضهم. وكان هذا بحكمة الله وذلك لتأديبهم علي شرورهم التي إشتهروا بها.
" 21 وسام ابو كل بني عابر اخو يافث الكبير ولد له ايضا بنون "
سام أبو كل بني عابر: عابر هو ابن حفيد سام. وعابر من عبر وهو جد العبرانيين.
وسام ينسب هنا لأهم أحفاده وهو عابر فمنه جاء إبراهيم وإسحق ويعقوب ومن نسله جاء المسيح بالجسد. فالبركة تسلسلت من نوح لسام لعابر كما تسلسلت اللعنة من كنعان لأسرته. ومن نسل عابر أيضاً العرب والأراميين. وغالباً كان عابر هو الرجل الصالح البار في عصره ونقل بره لأولاده. ويقول البعض أنه لصلاحه عند بلبلة الألسنة إستمرت العبرانية لغته ولغة اسرته بينما تبلبلت السنة الباقين
أخو يافث: ذكره أن سام هو أخو يافث إشارة لأخوة الأمم مع اليهود في كنيسة المسيح.
" 22 بنو سام عيلام واشور وارفكشاد ولود وارام 23 وبنو ارام عوص وحول وجاثر وماش 24 وارفكشاد ولد شالح وشالح ولد عابر 25 ولعابر ولد ابنان اسم الواحد فالج لان في ايامه قسمت الارض واسم اخيه يقطان 26 ويقطان ولد الموداد وشالف وحضرموت ويارح 27 وهدورام واوزال ودقلة 28 وعوبال وابيمايل وشبا 29 واوفير وحويلة ويوباب جميع هؤلاء بنو يقطان 30 وكان مسكنهم من ميشا حينما تجيء نحو سفار جبل المشرق "
بنو سام
سكن أولاده الخمسة في الأرض الممتدة من عيلام غرب أسيا حتي شرق البحر المتوسط. ومن نسله جاء اليهود والأراميون والأشوريون والعرب وتسمي لغات هؤلاء اللغات السامية.
عيلام: من نسله العيلاميون والفرس وبلادهم تمتد وراء دجلة شرق مملكة بابل وجنوب أشور وميديا وشمال الخليج الفارسي وهي الأن جزء من إيران.
أشور: أب الأشوريين. بلاده تقع عل الجزء الأعلي من نهر دجلة.
أرفكشاد: جد القبائل العربية اليقطانية. وقد يكون جد الكلدانيين (كهنة وحكماء بابل) وهؤلاء موطنهم المنطقة الجنوبية فيما بين النهرين (المصة)
لود: جد اللوديين (غير اللوديين من نسل مصرايم) سكنوا في منطقة ليديا جنوب أسيا الصغري.
أرام: هناك عدة دويلات بإسم أرام منها أرام بين النهرين وأرام دمشق… وأرام هي سوريا القديمة. واللغة الأرامية هي السورية القديمة.
وذكر هنا أولاد أرام وأرفكشاد فقط غالباً لأهميتهما.
عوص: هي أرض أيوب (أي 1:1) وهي جنوب صحراء سوريا بين سوريا وأدوم.
حول: وادي الأردن.
جاثر: مقاربة لحول.
ماش: غالباً بسوريا بها جبل ماسوس.
فالج: إهتم موسي بنسل أرفكشاد الذي انجب شالح وشالح ولد عابر وعابر ولد فالج الذي من نسله جاء إبراهيم أبو شعب الله. وسمي هكذا لأن في أيامه قسمت الأرض ومعني كلمة فالج تعني
1. مجري ماء وربما أشارت لإقتسام فالج ويقطان ينابيع المياه وأراضي الرعي فقد سكن فالج عند الفرات ويقطان ذهب لبلاد العرب.
2. كلمة فالج قد تعنى إنقسام وقد يشير لإقتسام فالج ويقطان الأرض بينهما. أو يشير لتفرق العالم نتيجة بلبلة الألسنة. هذا كان تفسير القديس أغسطينوس أن كلمة فالج تشير لتعدد اللغات ففي أيامه بدأ ظهور أكثر من لغة علي الأرض بعد أن كان الكل يتحدث بما دعي فيما بعد بالعبرية. (هذا التفسير بحسب التقليد اليهودي).
يقطان: يسميه العرب قحطان وله 13 ابن سكنوا جميعاً في الجزيرة العربية ومن أولاده شبا: سكن في جنوب غرب الجزيرة العربية وكان منهم ملكة سبأ وسميت ملكة التيمن أي ملكة الجنوب اليمن حالياً. وكانت عاصمة اليمن تسمي سبأ.
أوفير: قد تكون جنوب الجزيرة العربية وهاجر منها بعضهم لإفريقية وأرضهم مشهورة بالذهب.
حويلة: جنوب بلاد العرب وهو غير حويلة بن كوش الذي كان في الشمال.
الإصحاح العاشر يأتي تاريخياً بعد الإصحاح الحادي عشر. ولكن الأسلوب الذي إتبعه الوحي أنه بدأ في العاشر شرح كيف أن نوح وأبناؤه إنتشروا في الأرض كلها ويأتي هنا ليشرح السبب وهو بلبلة الألسنة.
ونجد في هذا الإصحاح موضوعين مختلفين.
الموضوع الأول |
الموضوع الثاني |
سعي الأنسان للهروب من الله. تمثل هذا في بابل التي تبني برجاً. يمكن تسمية هؤلاء أبناء الناس. هؤلاء كل إهتمامهم بالأرض وكل إشتياقهم لها ليكون لهم إسماً فيها. هؤلاء لم يقيموا بيتاً أو مذبحاً للرب بل أقاموا مدناً لأنفسهم محصنة. |
دعوة الله للإنسان. تمثل هذا في أبرام الذي دعاه الله ليترك أرضه. يمكن تسمية أبرام ونسله أبناء الله. هؤلاء إشتياقهم للسماء وهم في إرتحال مستمر إلي كنعان السماوية (تك 9:12) فهم في غربة مستمرة. أبرام لم تفارقه الخيمة (غربة) ولا المذبح فلم تكن له هنا مدينة باقية عب 10:11. |
لهذه الأسباب صارت بابل من أول سفر التكوين حتي سفر الرؤيا رمزاً للمادية والعصيان علي الله وهذا ما حاول الله هنا أن يحطمه. نري في شعب بابل أنه عوضاً أن يتكا علي صدر الله إتكا علي ذاته، وأراد أن يقيم لنفسه برجاً من صنع يديه، وهذا نتيجة لقسوة قلب الخطاة فهم يصابوا بما يسمي العمي الروحي فبدلاً من أن يهرب إلي الله في وقت الشدة نراه يهرب من الله.
" 1 وكانت الارض كلها لسانا واحدا ولغة واحدة "
لغة واحدة: يظن البعض أن هذه اللغة كانت العبرانية ويدللون علي ذلك ان الأسماء الأولي مثل آدم وحواء وعدن عبرية. وأن بعد بلبلة الألسنة ظلت هذه اللغة هي لغة عابر وكان هذا مكافأة له علي قداسته (نادي بهذا القديس أغسطينوس) وإستمرت العبرية لغة اليهود حتي السبي ثم تحولت للأرامية لإختلاطهم بالبابليين. ويري البعض الأخر أنها كانت الكلدانية (السريانية) ويعللون ذلك بأن اللغات الشرقية كلها مشتقة من مصدر واحد وأن العبرية ليست إلا فرعاً من فروع هذه اللغة. عموماً يصعب تحديد هذه اللغة الواحدة قبل البلبلة.
ولكننا نري يوم الخمسين حين حل الروح القدس أنهم تكلموا بلغات مختلفة وفهموا بعضهم فمثلاً سمع المصريين أو الفرس بعض الرسل يتكلمون بلغتهم وفهموهم. ونستنتج أن الروح القدس روح المحبة قادر أن يضع فينا لغة مشتركة بها نتقاهم معاً هي لغة الحب الذي لا يعرف الإنقسام. لغة الشكر والتسبيح لله. هذه هي اللغة التي سنتكلم بها في السماء، فهي لغة كل السمائيين. ونفهم أن بلبلة الألسنة حدثت لتفضح البلبلة الداخلية.
" 2 وحدث في ارتحالهم شرقا انهم وجدوا بقعة في ارض شنعار وسكنوا هناك "
وحدث في ارتحالهم: غالباً للبحث عن مراعي للماشية. أو للإمتداد لباقي الأماكن لتعميرها. شرقاً: بعد الطوفان إستقر الفلك علي جبل أراراط وقوله شرقاً فهذا يشير إما انهم بعد الطوفان كانوا قد أتجهوا ناحية الغرب أولاً ثم أتجهوا شرقاً نحو أرض شنعار: وأرض شنعار هي سهل دجلة والفرات. أو أن جزء منهم إتجه شرقاً وهم الذين حاولوا بناء البرج. لأن جبل أراراط شمال أرض شنعار. أو لأن أرض شنعار عموماً تسمي الشرق (عد 7:23) فهي شرق أرض الميعاد.
" 3 وقال بعضهم لبعض هلم نصنع لبنا ونشويه شيا فكان لهم اللبن مكان الحجر وكان لهم الحمر مكان الطين "
قال بعضهم لبعض: هنا نري الأشرار يدعمون بعضهم بعض فهل نفعل هذا كأولاد الله. ونجد هنا بداية التمدن. فلأن سهل شنعار يفتقد وجود الحجر إستعملوا اللبن المحروق بالنار بعد تجفيفه في الشمس، كما يحدث حالياً في مصر لتصنيع الطوب الأحمر. والحُمر: نوع من القار المعدني متي جمد يدعي بالزفت. وهو يكثر في منطقة الفرات. مكان الطين: استخدم الطين لعمل المونة بين قطع الحجر. والأن يستخدم الحمر بدلاً منه. ولنلاحظ أن هؤلاء الذين بنوا لهم مدينة لتكون باقية في الأرض إستخدموا الطين والزفت. أما من عاش في خيمة مثل أبرام متغرباً فلنسمع ما أعده الله لمن هم مثله (أش 12،11:54+ رؤ 19:21).
" 4 وقالوا هلم نبن لانفسنا مدينة وبرجا راسه بالسماء ونصنع لانفسنا اسما لئلا نتبدد على وجه كل الارض "
ما هو هدف بناء البرج والمدينة؟
1. قال البعض: ليهربوا من الطوفان إذا حاول الله إهلاكهم بسبب خطاياهم. ولكن إذا كان هذا صحيحاً لبنوا البرج فوق الجبل. عموماً هو إحتمال قائم.
2. برجاً رأسه بالسماء: هذا القول يحمل نغمة تحدي الله فيصل للسماء أي يصل لله. ولكن الوصول للسماء يكون بالقداسة وليس بالأبراج العالية. وقال البعض أقاموه لعبادة نجوم السماء وأرادوه عالياً ليصلوا لأعلي مكان ليرضوا الهتهم ويتقربوا لها (بداية العبادة الوثنية).
3. لنصنع لأنفسنا إسماً: كانوا يريدون أن يكون هذا البناء الرائع شاهداً لعظمتهم مخلداً لهم ليتحدث عنهم الجميع بمهابة وتعطيهم سيادة للعالم. وهناك من قال أنهم كتبوا أسماؤهم علي حجارة البرج. فهو علامة علي المجد الزمني العالمي، هم قوم مختالين بأنفسهم.
4. لئلا نتبدد علي وجه كل الأرض: لقد أمرهم الله بالإنتشار ليملاؤا كل الأرض ولكنهم حاولوا أن يتمركزوا في بايل مؤسسين مملكة عظيمة غالباً بقيادة نمرود مخالفين رأي الله. وقيل عن الكنعانيين أن لهم مدن عظيمة محصنة إلي السماء (تث 28:1). ولم يكن الشر في أنهم أرادوا أن يقيموا مدينة ولا في بناء برج شاهق لكن في قلوبهم التي كانت في وضع تحدي لله ورفض لمشورته فهم لم يثقوا في حمايته ووعوده مع أن الله يكون سوراً من نار يحمي اولاده. (زك 5:2) وهم في بعدهم عن الله أرادوا أن يثبتوا ذواتهم فيقيموا لأنفسهم إسماً. وإذا كان الكنعانيين بنوا مدن عظيمة محصنة إلي السماء فلنا أن نتصور أن هؤلاء البابليين لم يكتفوا ببناء برج واحد بل أرادوا بناء أبراج عالية كثيرة. ولو عادوا الله بالحب لوجدوا فيه مدينتهم السماوية وحصنهم الحقيقي ولنالوا إسماً في السماء وليس علي الأرض فقط.
" 5 فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو ادم يبنونهما "
فنزل الرب: الله موجود في كل مكان وقوله نزل لا يُفهم حرفياً لكن معناها:-
1. نزل تشير لمدي تدني فكرهم فنزول الله معناها أن يتواضع ليري عملهم المتدني.
2. هو نزول أن الله يهتم بتفاصيل حياة البشر حتي عصيانهم.
3. بعد ذلك نزل الرب وتجسد ليخلص ويرفع مستوي البشر الهابط.
4. قوله ينزل أي أنه سوف يفعل شيئاً غير عادي علي الأرض لتصير حضرته ملموسة.
لينظر: بنفس المفهوم لا يعني أن يتعلم شيئاً جديداً فهو لا يجهل شيئاً. إنما يقال ينظر ويعرف بالمعني الذي به يجعل الأخرين ينظرون ويعرفون. فالله يحدثنا بلغتنا بقدر ما نفهم ونحتمل.
بنو آدم: هم بنو آدم وليس أبناء الله. فهم هنا شابهوا آدم أبيهم في عصيانه. وهم علي شكل أبيهم سيموتون فلماذا يبحثون عن إسماً علي الأرض ولماذا يتحدون الله وهم ضعفاء.
6 وقال الرب هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم وهذا ابتداؤهم بالعمل والان لا يمتنع عليهم كل ما ينوون ان يعملوه 7 هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض 8 فبددهم الرب من هناك على وجه كل الارض فكفوا عن بنيان المدينة "
كان الله يمكنه بسهولة أن يعاقبهم بالموت لكن ليست هذه هي طريقة الله فالله لا يعاقب الأن في هذه الحياة بل هو يؤدب ويوقف إمتداد الشر حتي لا يؤثر علي خطة الله للبشر. ونجد الله هنا يؤدبهم بأن بلبل السنتهم وبددهم في الأرض ولنلاحظ:-
1. هم خافوا أن يتبددوا فبنوا برجاً يجمعهم كنقطة تجمع ومركز لمملكة قوية لكن الله بددهم.
2. ضربات الله تظهر عدله ومراحمه ممتزجين معاً.
أ. لقد بلبل الله ألسنتهم حتي لا يتفقوا علي صنع الشر. وبوقوف الأشرار ضد بعضهم وعدم إتحادهم نفهم كيف تعين الأرض المرأة (رؤ 16:12).
ب. بلبلة الألسنة أدت لإنتشارهم في الأرض كلها وتعميرها.
" 9 لذلك دعي اسمها بابل لان الرب هناك بلبل لسان كل الارض ومن هناك بددهم الرب على وجه كل الارض "
لذلك دعي إسمها بابل: إسم بابل يعني باب إيل أي باب الله. والله هنا يستخدم اسم بابل لبلبلة الألسنة. فهناك معان متعددة لبعض الأسماء ومنها بابل هذا. وهناك بيت شعر للمتنبي صنع فيه هذا فمدينة تدمر أعجمية معناها النخل وجاء المتنبي فوضعها في بيت شعر بمعني الدمار. وهكذا صنعت زوجة نابال مع داود فهي غيرت مفهوم اسم زوجها نابال فكلمة نابال تعني عود للطرب أو أحمق. وهذا يدل علي عدم رضاء الله علي أهل بابل ولا يريد أن ينسب أسمها له.
" 10 هذه مواليد سام لما كان سام ابن مئة سنة ولد ارفكشاد بعد الطوفان بسنتين. 11 وعاش سام بعدما ولد ارفكشاد خمس مئة سنة وولد بنين وبنات 12 وعاش ارفكشاد خمسا وثلاثين سنة وولد شالح 13 وعاش ارفكشاد بعدما ولد شالح اربع مئة وثلاث سنين وولد بنين وبنات 14 وعاش شالح ثلاثين سنة وولد عابر 15 وعاش شالح بعدما ولد عابر اربع مئة وثلاث سنين وولد بنين وبنات 16 وعاش عابر اربعا وثلاثين سنة وولد فالج 17 وعاش عابر بعدما ولد فالج اربع مئة وثلاثين سنة وولد بنين وبنات 18 وعاش فالج ثلاثين سنة وولد رعو 19 وعاش فالج بعدما ولد رعو مئتين وتسع سنين وولد بنين وبنات 20 وعاش رعو اثنتين وثلاثين سنة وولد سروج 21 وعاش رعو بعدما ولد سروج مئتين وسبع سنين وولد بنين وبنات 22 وعاش سروج ثلاثين سنة وولد ناحور 23 وعاش سروج بعدما ولد ناحور مئتي سنة وولد بنين وبنات 24 وعاش ناحور تسعا وعشرين سنة وولد تارح 25 وعاش ناحور بعدما ولد تارح مئة وتسع عشرة سنة وولد بنين وبنات 26 وعاش تارح سبعين سنة وولد ابرام وناحور وهاران "
هذه القائمة تشير أنه كما جاء من نسل حام من يقيم بابل رمز للمدينة الأرضية هكذا جاء من نسل سام من يقيم مدينة الله. وهنا يبدأ من سام ليصل لإبراهيم ونلاحظ :
1. لا نسمع في هذه القائمة نغمة "ومات" كما في الأصحاح الخامس فهذا النسل سيأتي منه المسيح. وهذه القائمة مدعوة من الله لوعد بالحياة.
2. كان منهم من عبد الأوثان. (يش 3،2:24+ أع 2،1:7) فالله دعا إبراهيم ليترك أرضه وعشيرته ولا يتشبه بأباه في عبادة الأوثان. لكن الوحي لم يذكر لهم هنا عبادتهم للأوثان.
3. أعمار هذه القائمة صغيرة بالنسبة لقائمة إصحاح "5" لكن ماذا يهم لو أن الأعمار هنا قليلة لكن هناك وعد بالحياة في السماء.
4. لقد كان كل أب يسلم أبنه وعداً ورجاء بالميراث.
" 27
وهذه مواليد تارح ولد تارح ابرام
وناحور وهاران وولد هاران لوطا 28
ومات هاران قبل تارح ابيه في ارض
ميلاده في اور الكلدانيين 29 واتخذ
ابرام وناحور لانفسهما امراتين اسم
امراة ابرام ساراي واسم امراة ناحور
ملكة بنت هاران ابي ملكة وابي يسكة 30
وكانت ساراي عاقرا ليس لها ولد 31
واخذ تارح ابرام ابنه ولوطا بن هاران
ابن ابنه وساراي كنته امراة ابرام
ابنه فخرجوا معا من اور الكلدانيين
ليذهبوا الى ارض كنعان فاتوا الى
حاران واقاموا هناك 32 وكانت ايام
تارح مئتين وخمس سنين ومات تارح في
حاران
"
هاران ولد إبناً هو لوط وإبنتين هما
ملكة ويسكة. وتزوج ناحور أخو هاران
ملكة بنته (بنت هاران) أي تزوج بنت
أخيه. وهؤلاء ظلوا في أور وقد تزوج
إسحق ويعقوب من هذه العائلة. ولاحظ
فقد خرج تارح مع إبرام وساراي ولوط من
أور ثم توقف في حاران ومات. وكثيرون
خرجوا من أور (الخطية) لكنهم بقوا في
حاران ولم يصلوا لكنعان
حياة إبراهيم
· يسمي الأباء الأولون مثل إبراهيم وأسحق ويعقوب ونوح وأيوب… الأباء البطاركة فكان كل منهم رأس لعائلته وكاهناً لها ويقدم الذبائح لله وكان هذا قبل تأسيس الكنهوت اللاوي.
· بدأ عصر البطاركة (الأباء) كطريق تمهيدي لدخول الله مع البشرية في عهود متتالية تختم بالعهد الذي يقيمه الله مع الأنسان في المسيح يسوع خلال الدم الذكي علي الصليب.
· بدأ العمل بدعوة إبراهيم كأب الأباء، خلاله أخذت البشرية كلها – أهل الختان وأهل الغرلة – الوعد بالبركة. فبإيمانه تبرر وهو بعد في الغرلة (رو4) وأخذ الختان كختم لهذا الإيمان، فحمل إبراهيم أبوة جسدية لأهل الختان وأبوة روحية لمن يسلك بإيمانه
رحلة حياة إبراهيم
1. عاش إبراهيم مع أبيه تارح وأخوته في أور الكلدانيين حيث تزوج سارة.
2. تلقي الدعوة الأولي للخروج وهو في أور وهذا ما أعلنه أسطفانوس أع 2:7.
3. خرج من أور ومعه أبيه تارح وزوجته وابن اخيه لوط وسكنوا في حاران 15 سنة.
4. بعد موت أبيه تارح جاءته الدعوة الثانية للذهاب إلي كنعان. فالله يكرر دعواته لعبيده. بمحبة ولطف وكرم بل وبإلحاح "ألححت علي فغلبت" (أر 7:20) وخرج إبراهيم من حاران وعمره "75" سنة.
5. يبدو أنه اتخذ طريقه إلي كنعان عبر دمشق حيث أخذ عبده كبير بيته اليعازر الدمشقي.
6. أقام أولا في شكيم (6:12) ثم ذهب إلي بيت إيل (8:12) ثم جنوباً.
7. إذ حدث جوع إرتحل إلي مصر وقال عن سارة أنها اخته خوفا من فرعون.
8. عاد إلي أرض الجنوب في فلسطين 1:13 ثم ذهب إلي بيت إيل 3:13.
9. إفترق عن لوط فذهب إبراهيم إلي بلوطات ممرا في حبرون وذهب لوط إلي سدوم. وأقام إبراهيم في بلوطات ممرا بين 15-25 سنة ودخل في عهود مع ملوك الأموريين. وغلب كدرلعومر وحلفائه لينقذ لوط. وفي عودته باركه ملكي صادق.
10. إنتقل من بلوطات ممرا إلي أرض الجنوب وهناك أخذ أبيمالك ملك جرار زوجته سارة.
11. إمتحن الله إبراهيم وسأله أن يذبح إبنه أسحق علي جبل المريا.
12. إرتحل إبراهيم بعد ذلك إلي بئر سبع.
13. موت سارة ودفنها في مغارة المكفيلة.
14. بعد موتها أوصي إبراهيم عبده أن يذهب لعائلته ليأخذ زوجة لإبنه إسحق.
15. تزوج قطورة وأنجب منها 6 أولاد.
16. مات إبراهيم وسنة 175 سنة ودفن في مغارة المكفيلة.
ملاحظات سريعة علي حياة إبراهيم
1. دعوة الله لإبراهيم إن يخرج من أور ثم من حاران هي دعوة الله لكل نفس أن تعتزل أماكن الشر. فأهل أور من نسل حام كانوا يعبدون الأوثان. وكان دعوة الله لإبراهيم أن يترك أهله وعشيرته لأرض لا يعرفها ليحيا حياة الغربة في خيمة.
2. هو تغرب من أهله وعن عشيرته لكنه لم يتغرب عن الله فأينما حَل أقام مذبحاً. لذلك ظهر في حياة إبراهيم دائما الخيمة والمذبح= غربة عن العالم وشركة مع الله.
3. ظهر الإيمان واضحاً في حياته فصار أباً لجميع المؤمنين وأمنت جميع الأديان بقداسته ففيه إلتقي الجميع. فحينما دعاه الله خرج وراء الله وهو لا يعلم إلي إين. وحينما طلب منه الله تقديم أبنه قدمه دون مناقشة.
4. دعوة الله لإعتزال الشر موجودة دائماً في الكتاب المقدس راجع (2كو 17:6 + رؤ 4:18 + تك 17:19). والأنسان لكى تدخله محبة المسيح لابد أن يترك شيئاً لأجله فالمرأة السامرية تركت جرتها والتلاميذ تركوا شباكهم بل تركوا المهنة كلها ومتي ترك مكان الجباية وإبراهيم ترك بيته وعشيرته وبلده.
5. إتبع الله مع إبراهيم منهجاً عجيباً فهو يجرده من كل شئ حتي تزداد صلته بالله وتزداد محبته، بدأ بأباه تارح ثم بأرض حاران ومن قبل ذلك أخرجه من أور نفسها ثم جرده من هاجر وإسمعيل (رمز المحبة الجسدية) كما كان تارح رمزاً للمعطلات فهو عطل إبراهيم في حاران 15 سنة بعيداً عن كنعان. وجرده من المدينة الأمنة أور فهي مركز للعبادة الوثنية. ثم جرده من سارة وطلب منه تقديم إسحق. وهنا إرتفع إبراهيم في محبته للمستوي الذي قال عنه المسيح "من أحب أبا أو أما… أكثر مني فلا يستحقني" والمعني أن لا تكون العواطف البشرية الطبيعية عائقاً عن حب الله.
6. إيمان إبراهيم وحياته مثالاً عجيباً في الكتاب المقدس. فهو إيمان عملي بإن الله يعوله عب 9،8:11. وعاش كغريب ينتظر المدينة السماوية ساكناً هنا في خيام. بل آمن بأن الله قادر ان يقيم إسحق من الموت بعد أن يقدمه ذبيحة لأن الله وعده بنسل من اسحق فهو رجل إيمان ورجل طاعة لله وله روح العبادة يقيم مذبحاً في كل مكان، متغرباً عن العالم بشروره. بل هو مثال للإتضاع (يسجد لبني حث طالباً منهم شراء مغارة المكفيلة) وللشجاعة فهو يحارب خمس ملوك لينقذ لوط. ومثال للتسامح فهو أنقذ لوط بالرغم مما فعله به لوط. ومثالا لعفة النفس فلم يقبل أي أجر عن حربه وأنقاذ أهل سدوم ومثال للكرم فهو يضيف الغرباء وهو لا يعرفهم. هو صديق لله يشفع عن أهل سدوم وحتي أن الله لا يخفي عنه شيئاً.
7. بسبب كل هذه الفضائل في حياة إبراهيم كثرت وعود الله له وبركاته لإبراهيم ونسله وتركزت الوعود في
أ. يكون بركة وبه تتبارك الأمم: يأتي منه المسيح.
ب. وعود بالنسل الكثير: رمز لنمو الكنيسة (يهود وأمم).
ج. وعود بالأرض وميراثها: رمز الأرض الجديدة والملكوت.
ووعود الله لإبراهيم
1. تك 2:12-3 كانت في حاران وعمره 75 سنة.
2. تك 7:12 بعد أن ترك حاران حينما أمره الله.
3. تك 14:13-17 بعد أن تركه لوط فوعده الله بميراث الأرض كلها.
4. تك 4:15-18 بعد معركة كدر لعومر.
5. تك 4:17 غير الله إسمه لإبراهيم.
6. تك 17:22، 18 بعد تقديم إسحق محرقة.
علي إننا نلاحظ أن وعود الله لا تتحقق فورياً، فوعد الله الأول لإبراهيم كان وعمره 75 سنة ولم يتحقق أن يكون لإبراهيم نسل من سارة إلا وسنه 100 سنة. فالله لا يتعجل الأمور كالبشر المصابين بحمي السرعة ولكن هناك ميعاد لتحقيق وعود الله وهو الميعاد المناسب والذي يسمي "ملء الزمان".
7. ومع كل صفات إبراهيم الرائعة كان له سقطات فظيعة مثل
أ. النزول إلي مصر دون إستشارة الله حين حدثت المجاعة. فالله الذي عال إيليا كان يستطيع أن يعوله لكنه تعجل وبحث عن الحلول البشرية ونتعجب فهو لم يقيم مذبحاً لله في أرض مصر.
ب. كذبه وإدعائه أن سارة أخته (هي من أبيه وليست من أمه) لكن إخفاء جزء من الحقائق للخداع هو كذب وكانت النتيجة أن فرعون أخذها.
ج. قبوله هدايا فرعون مقابل زوجته. فهو إحتمي وراء زوجته بل كسب مادياً من ذلك.
د. تكرار نفس الخطأ مع إبيمالك ملك جرار. وفي قصة إبيمالك نري إبراهيم يعترف بأنها خطة إتفق عليها مع سارة حتي لا يقتله أحد بسبب جمالها. ونري إبراهيم هنا يحكم علي أهل جرار ظلماً بأن ليس فيهم خوف الله والسؤال "لماذا أتيت إذا".
ه. لما أبطا الله في تنفيذ وعده بالنسل تعجل إبراهيم وتزوج هاجر فكان هذا سبب مشاكل أسرية ومرارة نفس للجميع وبعد أن كانت سارة تقول له يا سيدي بدأت تتشاجر معه وتقول له أنه ظلمها وتحولت السعادة العائلية لمشاجرات.
والسؤال لماذا يكشف الله ضعفات رجاله في الكتاب المقدس؟
1. من المعزي حينما نقرأ الكتاب المقدس عن رجال الله القديسين نجدهم شخصيات بشرية مثلنا لهم ضعفاتهم ونقائصهم وسقطاتهم فلا نظن أنهم من عجينة أخري غيرنا أو من طبيعة مختلفة عنا (فنوح سكر وتعري وإبراهيم أخطأ) إذا
أ. لا نيأس إن أخطانا بل يكون لنا رجاء أن نقوم ونتوب وأن الله سيقبلنا.
ب. يكون لنا رجاء في حياة مقدسة مثلهم وتكون لنا أشواق روحية للقداسة.
2. حينما نجد أن الجميع زاغوا وفسدوا…رو 12:3 نعرف أن الجنس البشري كله ساقط ويحتاج لمعونة من الله فنشعر بإحتياجنا جميعاً لدم المسيح ونعمته.
3. الله لم يختار أشخاص معصومين لخدمته بل أشخاص عاديين لهم إيجابياتهم ولهم سلبياتهم ولكنه يقنعهم بأن يتخلوا عن سلبياتهم ليسيروا في طريق الكمال. وهكذا كل منا بالرغم من سلبياتنا فالله وضع لكل منا عمل وخدمة وعلينا أن نعمل بأمانة حتي نتممه ولا نسمع لمشورات عدو الخير بأن نترك خدمتنا لأننا غير مستحقين بل نتجاوب مع عمل الروح القدس الذي يتوبنا فتكون خدمتنا ناجحة.
4. الله يتدخل لحماية أولاده وحياتهم حتي دون أن يسالوه وحتي لو كانت مشاكلهم بسبب أخطائهم الشخصية، هكذا أنقذ الله سارة في المرتين من يد فرعون ومن يد أبيمالك. بل نري الله يسعي لصداقة مع البشر ويكشف لهم أسراره "هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله. وإبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية تك 17:18 هذه تساوي في الأمثال العامية " إن كبر إبنك خاويه". وعجيب هو الله في تواضعه ومحبته.
5. يتضح من قصة سارة وهاجر. خطأ تعدد الزوجات وخطأ الحلول البشرية. والحلول البشرية قد تأتي بحلول سريعة لكن مشاكلها كثيرة. فما فشلت فيه سارة بأن تنجب ولداً لمدة 83 سنة عملته هاجر في سنة. ولكن حجم المشاكل كان رهيباً.
الخيمة والمذبح: هما علامتين ملازمتين لإبراهيم أينما ذهب. والخيمة تعني شعوره بالغربة في هذا العالم، لأنه يبتغي وطناً أفضل أي سماوي عب 16:11 والمذبح إشارة للعلاقة مع الله، وعبادة الله. ولنلاحظ أن خيمة بدون مذبح، لا تزيد عن كونها "مرضا" نفسياً وعزلة عن المجتمع فالشعور بالغربة والإنعزال عن المجتمع دون أن يكون هناك حياة وصلاة وعشرة لذيذة معزية مع الله، ستكون هذه العزلة، شيئاً غريباً مؤلماً للنفس. المؤمن الحقيقي يعتزل العالم بشره وخطاياه لأنه اكتشف لذة المخدع. ولذلك وجدنا حياة إبراهيم سلسلة من الرؤي والتعزيات الألهية بسبب عبادته (المذبح) التي كانت بجانب إحساسه بالغربة (الخيمة).
أبوكم إبراهيم راي يومي وفرح: يو 56:8 لقد رأي إبراهيم الله بعد أن قدم إسحق (تك 14:22). وغالباً في هذه الرؤيا فهم إبراهيم معني تقديم إبنه اسحق ذبيحة، وفهم معني الخلاص الذي سيتم بالمسيح…. ففرح وتهلل.
الوعد بأن اليهود لهم الأرض من النيل للفرات
هذا الوعد جاء في تك 18:15 ولنا عليه عدة تعليقات لأن اليهود كعادتهم يخدعون البسطاء وغير الدارسين.
1. الوعد لم يقل من النيل… بل من نهر مصر (وهذا المقصود به فرع النيل الذي كان يصل إلي شرق العريش، وهذا الفرع إندثر الآن).
2. نهر الفرات المقصود هو الفرع الذي يمر في سوريا وليس العراق.
3. هذه المملكة تحققت فعلاً في أيام سليمان امل 21:4 فهذه النبوة قد تمت فعلاً.
4. في الأيات تك 20،19:15 لم يذكر اسم المصريين ولا السوريين ضمن الشعوب التي سيخضعها اليهود لهم. بل ذكر الشعوب الكنعانية فقط (ولم يذكر أيضا الفلسطينيين).
5. هذه الأية تك 18:15 لهما تطبيق روحي جميل يتمشي مع أش 23:19-25 وهو أنه في الأيام الأخيرة سيكون هناك إيمان قوي لمسيحيي مصر وسوريا بالإضافة لليهود في إسرائيل الذين سيؤمنون بالمسيح في نهاية الأيام.
بعد الطوفان تعاملت البشرية مع الله كخصم وليس كصديق محب، وبحث الله عن إنسان يستحق أن يتمتع بالدعوة ليكون أباً لشعب الله الذي يأتي منه المسيح. ووجد أبرام فدعاه ليعتزل شعبه لينطلق بالبشرية في علاقتها مع الله ببداية جديدة. وأبرام تعني أب مكرم أو أب سام وحينما غير الله إسمه جعله إبراهيم وهذه تعني أباً لجمهور كثير فهو أب الأباء وأب جميع المؤمنين. وهو أب الشعب الذي سيأتمنه الله علي الخلاص المزمع أن يحدث.
وأور بلد إبراهيم كانت عاصمة الكلدانيين وكانت مركزاً لعبادة الأوثان. وعاش فيها إبراهيم مع أبيه تارح (في جنوب بابل). كانت علي ساحل الخليج الفارسي في أيام إبراهيم ثم ردم الطمي جزءاً من الخليج فصارت الأن للداخل. وحينما كانت علي الخليج كانت مركزاً تجارياً ساحلياً وهناك إنتشر الغني مع الرجاسات وإشتهرت بالهها "نانار" إله القمر الذي إشتهرت عبادته بالرجاسات المرة. وهكذا كانت حاران أيضا مركزاً لعبادة إله القمر. ولذلك نجد أن إبراهيم لم يحصل علي أية إعلانات أثناء فترة تواجده في أماكن الشر.
ولم يوجد وسط المنطقة كلها، بل في العالم في ذلك الحين من يعبد الله بالحق سوي أبرام الذي بقي شاهداً لله وإجتذب إليه زوجته ساراي ولوط إين أخيه.
وإذا رأي الله أمانة إبرام دعاه للخروج من أور فخرج ومعه تارح أبيه ولوط وساراي ولكن تارح عطله فترة طويلة في حاران. وبعد موت تارح كرر الله الدعوة لإبرام ونجد سفر التكوين يحكي لنا عن هذه الدعوة في حاران بينما كشف أسطفانوس عن دعوة الله لإبراهيم في أور (أع 2:7). وإستجابة أبرام لله تعبر عن إيمانه العجيب بأن الله قادر أن يخرج حياة من الموت. هذا هو الإيمان الظاهر في حياته. وهذا هو الإيمان الذي يحتاجه كل خاطئ.
1. خروجه وهو في سن كبير (75) سنة من مدينة معروفة إلي برية ومكان مجهول، لم يسأل كيف يعوله الله في البرية وهو في هذه السن الكبيرة. والبرية القاحلة تعني الموت لكن الله قادر أن يحييه في غربته وفي هذه البرية.
2. إيمانه بأن الله قادر أن يحيي مستودع سارة الميت.
3. إيمانه بأن الله قادر أن يقيم أسحق ويكون له نسل منه حتي لو قدمه محرقة عب 19:11.
4. وكانت عائلة إبراهيم عائلة مؤمنة بلا شك ولكن تسلل إليها بعض العادات الوثنية من الجيران الوثنيين فنحن نجد لابان بعد ذلك له ألهته (تماثيله الوثنية التي يعتقد في بركتها) فهو يعبد الله لكن لا مانع من وجود هذه التماثيل. وكان الله بدعوته لإبراهيم يحافظ علي نسله من تسلل هذه العبادات إليهم. وقد أثر إبراهيم علي من حوله وإجتذبهم لعبادة الله ومنهم من إرتقي خطوة كتارح الذي خرج معه لكنه لم يكمل الطريق. ومنهم من إرتقي لخطوة أكبر من تارح كلوط الذي خرج من حاران مع إبراهيم لكنه سقط بعد ذلك في محبة العالم وإختار النصيب العالمي. هؤلاء كانت قوتهم الدافعة للخروج هي إيمان إبراهيم وليس إيمانهم الشخصي. هؤلاء كل منهم سقط في مكان فتارح سقط ومات في حاران أما لوط الذي كانت محبة العالم في قبله فسقط في سدوم (أين نحن؟).
وفي أش 2،1:51 "إنظروا إلي الصخر الذي منه قطعتم إنظروا إلي إبراهيم أبيكم
وإلي نقرة الجب التي منها حفرتم وإلي سارة التي ولدتكم."
الصخر هنا هو إيمان إبراهيم الذي آمن بأن مستودع سارة الميت (نقرة الجب) يعطي حياة.
" 1 وقال الرب لابرام اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الارض التي اريك "
ليس من السهل أن يحتفظ الإنسان بالله والأرض في وقت واحد. وهذه الدعوة الألهية موجهة لكل نفس بشرية حتي تنطلق من محبة العالم والذات (الأنا) من محبة العادات والخطايا القديمة. هي دعوة للغربة عن العالم ولتطبيق الأية "أنا صلبت للعالم والعالم صلب لي". بهذا تلتقي النفس بالله وتعيش معه في أحضانه "أميلي أذنك وانسى شعبك وبيت أبيك مز 45" من أرضك: الدائرة الواسعة التي تعيش فيها أي كل أرض الكلدانيين ومن عشيرتك: الدائرة الأصغر: أي القبيلة التي تنتمي إليها ومن بيت أبيك: هي أصغر دائرة. فيمن يعتزل يعتزل كل شئ. إلي الأرض التي أريك: لقد أعطي الله لإبرام وعداً بأرض أفضل لكنه لم يحددها ولم يكن إبرام قد رآها. لكنه صدق الله بالإيمان. فهل نصدق أننا لو تركنا خطايانا نرث السماء التي هي أفضل. الإيمان لا يخدع لكن حواسنا تخدعنا. وبالإيمان يفتح الله عيوننا علي الأمور غير المنظورة ونتمتع بمعرفة الله فنزداد إقتناعاً بترك العالم فتزداد بصيرتنا وهكذا ننتقل من إيمان لأيمان أعظم.
" 2 فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك وتكون بركة 3 وابارك مباركيك ولاعنك العنه وتتبارك فيك جميع قبائل الارض "
مع كل دعوة أو وصية هناك وعد يقدمه الله (2كو 18،17:6 + رؤ 2،3) من يغلب أعطيه…. كذا وكذا. فالله إذا حرم إنسان من شئ يعوضه أضعاف. فالله حرم إبرام من أهله وعشيرته وها هو يعده بأن أجعلك أمة عظيمة. وهو ترك أور العظيمة يومها والله يقدم له وعداً وأباركك وأعظم أسمك : وأين عظمة أور اليوم التي تركها ابراهيم من العظمة التي صارت لإبراهيم في كل العالم وفي كل العصور. وهو ترك غني أور والله يعده تكون بركة: هو يبارك من حوله ويبارك المكان الذي يوجد فيه. هو ترك أور فأعطاه الله كنعان كلها وحرم من عائلته فصار أبا للمؤمنين. فقد حماية أور بأسوارها المنيعة فصار له الله سوراً من نار: أبارك مباركك ولاعنك العنه. ونأتي لأعظم بركة نالها إبراهيم وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض : هذا هو وعد الخلاص وبأن المسيح يأتي من نسله لذلك قال وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض: هذا هو وعد الخلاص وبأن المسيح يأتي من نسله لذلك قال فيك ولم يقل بك. فالإنسان الذي يتخلي عن شئ من أجل الله لا يعيش محروماً بل هو يأخذ الكثير فالله لا يقبل أن يكون مديناً لإنسان بل هو يعطي بسخاء ولا يعير. وهذه البركة الأخيرة تشير إلي أن من يتخلي عن شئ يعطيه الله أن يأخذ ولحساب الجماعة فهو أخذ أن يأتي المسيح من نسله. وكل من قدم توبة حقيقية ينعم بتجلي المسيح فيه فيكون بركة لكثيرين. هذا هو معني "أنتم ملح الأرض… أنتم نور العالم" والوعد لإبراهيم أجعلك أمة عظيمة تحقق في الأمة الإسرائيلية وأنها ترث كنعان والوعد بالبركة لكل العالم صار فيه إبراهيم أباً لكل المؤمنين الذين يتشبهوا به ويؤمنون.
" 4 فذهب ابرام كما قال له الرب وذهب معه لوط وكان ابرام ابن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران 5 فاخذ ابرام ساراي امراته ولوطا ابن اخيه وكل مقتنياتهما التي اقتنيا والنفوس التي امتلكا في حاران وخرجوا ليذهبوا الى ارض كنعان فاتوا الى ارض كنعان "
ليتنا لا نكون مثل تارح نخرج من أور ولا نكمل الطريق إلي كنعان السماوية، وياليتنا لا يكون لنا تارح يعطلنا عن المسير.
" 6 واجتاز ابرام في الارض الى مكان شكيم الى بلوطة مورة وكان الكنعانيون حينئذ في الارض "
بلوطة مورة: تعني بلوطة المعلم وربما أخذت اسمها من معلم ديني أي مدرس كان يجلس تحتها. ويقال أنها تعني بلوطة العراف. وشكيم هي نابلس علي بعد 65 كيلومتر من أورشليم وهي أول بلد بلغها إبراهيم في أرض كنعان.
وكان الكنعانيون هناك: تاريخياً تشير هذه الجملة إلي أنه في هذا الوقت كان الكنعانيون قد تسيدوا علي الأرض كلها. أو إلي أن موسي بروح الإيمان قبل أن يدخل الشعب لكنعان وبناء علي وعد الله أن هذه الأرض هي لنسل إبراهيم واسحق ويعقوب يقول هذا كأنه يري الأرض في يد شعب الله وكأنه بهذه العبارة يريد أن يقول الله وَعَدَ إبراهيم بالأرض لكن مازالت الأرض في يد الكنعانين علي رجاء حصول شعب الله عليها. وروحياً يشير هذا للمقاومة التي يجدها أولاد الله في الكنيسة التي تشير إليها كنعان فليس معني التوبة والرجوع للكنيسة أن مقاومة إبليس ستنتهي وتكون الجملة= وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض تعني وكان إبليس حينئذ يحارب أولاد الله. فالكنيسة التي تحيا في السماويات مازالت علي الأرض لذلك يحاربها إبليس (أف 12:6). وليس معني وصول إبراهيم لكنعان هلاك الكنعانيين فوراً بل هناك بعض الحروب لكن كان الله يظهر له ويعزيه (أية 7) ونحن يعطينا الله نصرة وغلبة علي الشيطان ويعطينا سلاماً وفرحاً وصبراً علي هذه الحروب.
" 7 وظهر الرب لابرام وقال لنسلك اعطي هذه الارض فبنى هناك مذبحا للرب الذي ظهر له "
هذه أول مرة يذكر فيها أن الله ظهر لبشر وهي أحد ظهورات المسيح قبل التجسد. وفي هذا المكان أقام أبرام مذبحاً للرب فتقدس الموضع بتقديمه ذبيحة شكر لله من أجل وصوله سالماً.
" 8 ثم نقل من هناك الى الجبل شرقي بيت ايل ونصب خيمته وله بيت ايل من المغرب وعاي من الشرق فبنى هناك مذبحا للرب ودعا باسم الرب "
لاحظ أنه يكرر بناء مذبح للرب حينما إنتقل إبرام لمكان جديد فالمذبح لم يكن يفارقه.
" 9 ثم ارتحل ابرام ارتحالا متواليا نحو الجنوب "
إرتحالاً متوالياً: نحن في غربتنا في هذا العالم علينا أن نكون في إرتحال متوالي ناحية كنعان السماوية لا تعوقنا أتعاب العالم ولا مغريات العالم.
" 10 وحدث جوع في الارض فانحدر ابرام الى مصر ليتغرب هناك لان الجوع في الارض كان شديدا "
هذه أول مجاعة تذكر في الكتاب المقدس ومن المؤكد أن سببها هو شر سكان الأرض وكانت المجاعات تتكرر في أرض كنعان وكان العلاج هو النزول إلي مصر حيث نهر النيل. وهكذا صنع إبراهيم دون إن يستشير الرب الذي كان قادراً أن يعوله كما فعل مع إيليا. وهذا الخطأ يمثل خطأ من تاب لكنه سرعان ما يعتمد علي الذراع البشري فيطلب المعونة الإنسانية وليس المعونة الإلهية. ولم يكن في مصر مذبح بناه إبرام فهو يبحث عن شبع البطن ومشكلتنا أننا نبحث عن الراحة الخارجية وليس عن السلام الداخلي الذي يتحقق باللقاء مع الرب عند المذبح مذبح الصلاة والشكر. [ بالرغم من خطأ إبراهيم إلا أن أرض مصر تباركت بزيارته كما تباركت بعد ذلك بحفيده يعقوب ثم بأعظم الكل السيد المسيح. إلا أن هناك فرقاً بين نزول إبراهيم ونزول يعقوب. فيعقوب نزل إلي مصر بمشورة الله] لأن الجوع في الأرض كان شديداً: الجوع يؤثر في الأرض لكن أولاد الله السماويين لهم معاملة خاصة فالكتاب لم يقل أن إبراهيم جاع. أو إشتد عليه الجوع كما قال عن المصريين (تك 20:47) وقد يجوع الجسد لكن هناك سلاماً في النفس (مز 25:37) الله لا يتخلي عن أولاده ويعطيهم حياة سماوية وشبعاً أبدياً.
" 11 وحدث لما قرب ان يدخل مصر انه قال لساراي امراته اني قد علمت انك امراة حسنة المنظر 12 فيكون اذا راك المصريون انهم يقولون هذه امراته فيقتلونني ويستبقونك 13 قولي انك اختي ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من اجلك "
هذه هي سقطة أبرام الكبري. فإخفاء جزء من الحقيقة (أنها زوجته) يعتبر كذباً حتي لو كانت شقيقته من أبيه وليس من أمه. فهذا يعتبر خداع وكذب وضعف إيمان. والخداع هو نوع من الغواية يسقط فيه الإنسان ليحل مشكلة بطريقة سهلة فيجلب علي نفسه مشاكل عديدة. وبدء السقوط كان ضعف الإيمان الذي جعله ينزل إلي مصر. وهذا إمتد لضعف إيمان أن الله قادر علي حمايته وحماية زوجته. فالخطية تأتي ورائها بخطايا أخري. والنتيجة أنه حرم من زوجته.
" 14 فحدث لما دخل ابرام الى مصر ان المصريين راوا المراة انها حسنة جدا 15 وراها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون فاخذت المراة الى بيت فرعون 16 فصنع الى ابرام خيرا بسببها وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد واماء واتن وجمال 17 فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي امراة ابرام 18 فدعا فرعون ابرام وقال ما هذا الذي صنعت بي لماذا لم تخبرني انها امراتك 19 لماذا قلت هي اختي حتى اخذتها لي لتكون زوجتي والان هوذا امراتك خذها واذهب 20 فاوصى عليه فرعون رجالا فشيعوه وامراته وكل ما كان له "
العجيب أن ما كان إبرام عاجراً عن أعلانه بأن ساراي زوجته أعلنه الله لفرعون ليردها إليه دون أن يمسها، بل ونال غني وكرامة. فالله في محبته لا يحاسب الإنسان حسب ضعفاته. ويفهم من الكلام أن الله ضرب فرعون بضربات لا نعرفها، المهم أنها أي الضربات أستطاعت أن تقنع فرعون بأن الله غاضب إذ هو حاول أن ينال من ساراي. وربما أفهمت ساراي فرعون أنها زوجة إبرام وطلبت منه أن لا يمسها. وربما حاول فرعون فضربه الله. المهم أن الله في محبته لم يقبل أن يعيش إبرام معذب الضمير كل حياته في حالة أن فرعون مس ساراي زوجته. لذلك حفظها الرب من يدي فرعون بل ورد لأبرام غني وكرامة (مز 10:103،11) فالله يخرج من الجافي حلاوة. لقد كان إبرام احد خائفي الرب ومحبيه لذا تمتع بالمراحم التي تعلو علي الأرض (مز 15:105) وتوبيخ فرعون لأبرام يشبه توبيخ البحارة ليونان النبي وهو شئ يدعو للأسف
وهنا تشابه بين ما حدث لإبراهيم ونسله بعد ذلك.
1. كلاهما (إبراهيم ونسل يعقوب) ذهبوا لمصر بسبب المجاعة.
2. في الحالتين كانت هناك ضربات لفرعون وبيته.
3. كلاهما عادا محملين بالعطايا. (الله سمح بهذا ليدركوا محبته ورحمته).
وفي الأيات 20،19: نجد أن فرعون ورجاله أخرجوا أبرام. وهنا لم يظهر له الرب. وكان الرب يحدثه باللغة التي تناسبه في ذلك الحين. فحينما كان إيمان إبراهيم بسيطاً كلمه الرب. ولكن إذ لجأ لفرعون ليطعمه ترك الله فرعون يكلمه. هذه هي معاملات الله معنا. فعند ما صار بلعام جاهلاً ترك حماره يكلمه. وإذ كان المجوس مهتمين بالنجوم حدثهم بنجم عن ميلاد المسيح
" 1 فصعد ابرام من مصر هو وامراته وكل ما كان له ولوط معه الى الجنوب "
إلي الجنوب: أي جنوب أرض فلسطين. وصعود إبراهيم من أرض مصر يشير لقيام كل خاطئ من سقطته وعدم إستسلامه (مي 8:7). ودائما نعود محملين بالبركات.
" 2 وكان ابرام غنيا جدا في المواشي والفضة والذهب 3 وسار في رحلاته من الجنوب الى بيت ايل الى المكان الذي كانت خيمته فيه في البداءة بين بيت ايل وعاي 4 الى مكان المذبح الذي عمله هناك اولا ودعا هناك ابرام باسم الرب 5 ولوط السائر مع ابرام كان له ايضا غنم وبقر وخيام "
إلي بيت أيل: الله أعاده إلي المكان الذي كان فيه في البداية والله لا يستريح إلا بهذا وعودته لبيت أيل
1. تعيد له الذكريات الأولي الحلوة مع الله وهذا مفيد جداً.
2. ربما عودته لبيت أيل كانت لتقديم الشكر لله علي عودته هو وسارة سالمين.
3. هو عاد إلي مذبحه القديم.
غنياً جداً: هو خرج من التجربة منتفعاً وغنياً جداً وهكذا أولاد الله لا يتوقفوا في نموهم المستمر والدخول إلي الغني الروحي حتي لو تعرضوا لضعفات أو سقطات. وكون إبراهيم كان غنياً جداً هذا يعطي رجاء للأغنياء. فالأغنياء لا تكون السماء مغلقة أمامهم إذا لم يتكلوا علي أموالهم وإذا لم تكون أموالهم قد سببت لهم كبرياء. أو أن حب أموالهم دخل إلي قلوبهم وأربك فكرهم. الفارق بين إبرام ولوط هنا أن أبرام كان له ذهباً وفضة= والذهب يشير للسماويات أو الحياة السماوية والفضة تشير إلي كلمة الله. فكأن إبرام كان يحيا حياة سماوية متمتعاً بكلمة الله أو الوصية كسر غني داخلي. فغناه الحقيقي كان داخله وليس خارجه. أما لوط فيمثل الإنسان المتدين الذي له معرفة نظرية بالله ويصاحب من هم في الكنيسة ولكن قلبه مع العالم( غنم وبقر وخيام). وما يكشف كلاهما (قلب إبراهيم وقلب لوط) هو التجارب (النار هي التي تمتحن القش أو الذهب). وهذا ما سنراه بعد ذلك.
" 6 ولم تحتملهما الارض ان يسكنا معا اذ كانت املاكهما كثيرة فلم يقدرا ان يسكنا معا 7 فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الارض 8 فقال ابرام للوط لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لاننا نحن اخوان 9 اليست كل الارض امامك اعتزل عني ان ذهبت شمالا فانا يمينا وان يمينا فانا شمالا 10 فرفع لوط عينيه وراى كل دائرة الاردن ان جميعها سقي قبلما اخرب الرب سدوم وعمورة كجنة الرب كارض مصر حينما تجيء الى صوغر 11 فاختار لوط لنفسه كل دائرة الاردن وارتحل لوط شرقا فاعتزل الواحد عن الاخر 12 ابرام سكن في ارض كنعان ولوط سكن في مدن الدائرة ونقل خيامه الى سدوم 13 وكان اهل سدوم اشرارا وخطاة لدى الرب جدا "
كانت التجربة التي كشفت قلبيهما هي المشاجرة بين الرعاة فماذا اختار الأثنين:-
لوط أختار ما يرفع ذاته ويلذذه ولم يهتم بأن يكون جيرانه من الأشرار: فكان أهل سدوم أشراراً وخطاة لدي الرب جداً. أما إبراهيم الذي تجرد من كل شئ فقد ترك لوط يختار لنفسه معتمداً علي الله الذي يختار له، فكان نصيبه سلام قلبي داخلي بل هو إمتلك في نسله كل الأرض. (مت 40:5). لوط سار مع إبراهيم في رحلة الخروج من أور لكن بقلب مغلق حمل في داخله محبة العالم لكن في خارجه كان يبدو رفيقاً لرجل الأيمان. ودعوة إبرام للوط أن يعتزلا كانت من أجل السلام بينهما فيبدو أن لوط لم ينهر رجاله بل ناصرهم وأيدهم وعند الإختيار كان المفروض أن لوط يترك لإبرام الأكبر والأقوي إيماناً أن يختار لكن إذ بأدب وتواضع وإنكار ذات طلب منه إبرام أن يختار. لم يرد ان يخسر الفرصة فإختار أحسن الأرض. فهذه التجربة كشفت عن قلب إبرام المتغرب عن العالم وقلب لوط المادي. ولقد احترقت كل سدوم وعمورة وذهبت إمراة لوط وفسدت ابنتيه. هذا هو مصير محبة العالم ولكن لا يمكن لنا أن ننكر أنه كانت هناك جوانب طيبة في لوط ( 2بط 6:2-8) ولقد أثبتت الأثار فعلاً خصوبة أرض سدوم أيام إبراهيم وعجيب أن يكون سكانها بهذا الشر فحين يتنعم الأنسان جداً ينجذب للشر جداً، لذلك تكثر كنيستنا من أصوامها.
وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض= بنفس المفهوم السابق. والسؤال هل كان يليق هذا الخلاف بين الأخوة أمام هؤلاء. والسؤال موجه لكل منا. هل يصح أن نتخاصم مع أخوتنا ويشمت فينا الشياطين. لأننا نحن أخوان: إبرام عينه كانت علي الله أما لوط فإنغلق علي أنانيته. حينما تجيء إلي صوغر: جاءت في بعض الترجمات صوعن وهي في مصر علي ضفاف النيل فإن كانت هكذا يكون المعني أن الأرض جيدة كأرض مصر. وإذا كانت صوغر فهي بلدة تبعد عن سدوم عدة كيلومترات ذهب لوط لها قبل الحريق ويكون المعني أنه امتلك في الأرض ما بين سدوم وصوغر.
" 14 وقال الرب لابرام بعد اعتزال لوط عنه ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي انت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا 15 لان جميع الارض التي انت ترى لك اعطيها ولنسلك الى الابد 16 واجعل نسلك كتراب الارض حتى اذا استطاع احد ان يعد تراب الارض فنسلك ايضا يعد 17 قم امش في الارض طولها وعرضها لاني لك اعطيها "
نجد هنا بركة الله لإبرام الذي تنازل عن حقه في الإختيار فأعطاه الله الأرض كلها هو ترك قسم فأخذ الكل. ومن اختار لنفسه وسط الأشرار خسر كل شئ. التجارب تزيد المؤمنين قوة وبركة وتكشف أعمال المرائين وتفضحها. وقد يكون النظر للإتجاهات الأربعة إشارة للصليب الذي به سيملك المسيح الخارج من نسل إبرام علي كل الشعوب وقوله قم إمش: يشير للقيامة المسيح، ولشعبه الذي يعمل ولا يتراخ بل يمشي دائماً في اتجاه السماء.
أجعل نسلك كتراب الأرض: قال له الله هذا في النهار أما وهو يكلمه في المساء فيقول كنجوم السماء (5:15).
" 18 فنقل ابرام خيامه واتى واقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون بنى هناك مذبحا للرب"
بلوطات ممرا: ممرا كان رجلا أموريا كان إبرام ضيفاً عنده ثم إتحد معه بعد ذلك.
بني مذبحاً للرب: كأنه يقول للرب أنت نصيبي وإن تركني أقربائي "معك لا أريد شيئاً علي الأرض" فهو في الله يمتلك كل شئ. وعند بلوطات ممرا تقابل مع الله وإستضافه مع الملاكين. وعاش في شركة مع الله. حياته كانت رحيل مستمر نحو شركة أعمق مع الله. وأما لوط فكان رحيله إلي سدوم حيث الهلاك وخسارة كل شئ.
كان أهل سدوم أشراراً ونهايتهم كانت الحريق ولكن الله لا يضرب مباشرة دون إنذار لذلك نجد في هذا الإصحاح إنذارين موجهين لأهل سدوم وعمورة.
1. خضوعهم لكدر لعومر 12 سنة كانوا يدفعون فيها الجزية له.
2. لم يفهموا أن هذا الألم راجع للخطية فيتوبوا بل فكروا بطريقة بشرية وعصوا علي كدر لعومر فحاربهم وسبا منهم سبياً ومن ضمن السبايا كان لوط.
3. وتدخل إبرام ناسياً أعمال لوط وأنقذه وأعاد كل شئ لسدوم وعمورة ولم يقبل أن يأخذ في مقابل ذلك أي شئ. ولكن هؤلاء الأشرار أيضاً لم يتوبوا
" 1 وحدث في ايام امرافل ملك شنعار واريوك ملك الاسار وكدرلعومر ملك عيلام وتدعال ملك جوييم 2 ان هؤلاء صنعوا حربا مع بارع ملك سدوم وبرشاع ملك عمورة وشناب ملك ادمة وشمئيبر ملك صبوييم وملك بالع التي هي صوغر 3 جميع هؤلاء اجتمعوا متعاهدين الى عمق السديم الذي هو بحر الملح 4 اثنتي عشرة سنة استعبدوا لكدرلعومر والسنة الثالثة عشرة عصوا عليه 5 وفي السنة الرابعة عشرة اتى كدرلعومر والملوك الذين معه وضربوا الرفائيين في عشتاروث قرنايم والزوزيين في هام والايميين في شوى قريتايم 6 والحوريين في جبلهم سعير الى بطمة فاران التي عند البرية 7 ثم رجعوا وجاءوا الى عين مشفاط التي هي قادش وضربوا كل بلاد العمالقة وايضا الاموريين الساكنين في حصون تامار "
سكن لوط منطقة سدوم الخاضعة في ذلك الحين لكدر لعومر ملك عيلام (فارس) وكانت تدفع له الجزية وهذا الملك عرف ببطشه وسطوته إذ إكتسح كل ممالك الجنوب. وأخضع لسلطانه كل بلاد وادي الأردن (كان هذا جزءاً من نبوة نوح بخضوع كنعان لسام).
وشنعار: هي مابين النهرين الفرات ودجلة والاسار علي الفرات. وملوك ما بين النهرين كانوا قد أخضعوا ملوك سدوم وعمورة وأدمة وصبوييم وصوغر للجزية لمدة 12 سنة ولم يذكر اسم ملك صوغر أما 1) لصغر شأنه أو 2) لبشاعة خطيته.
وإذ شعرت البلاد بالمذلة قام الخمسة ملوك (سدوم وعمورة…. الخ) بالثورة ضد ملوك ما بين النهرين حتي لا يدفعوا الجزية. فقام كدر لعومر بحملة تأديب ثانية ضد المتمردين وتحالف معه 3 ملوك وقد إكتسح هؤلاء الملوك الأربعة المنطقة. وكان خط سير الغزاة الرفائيين في عشتاروت ترنايم… الأموريين الساكنين في حصون تامار (5-7) هم ضربوا كل هؤلاء قبل أن يأتوا علي سدوم وعمورة. وكانت هذه خطة عسكرية محكمة فهم ضربوا الشعوب الصغيرة التي كانت ستؤيد وتدعم ملوك سدوم وعمورة. فهم بهذا أفقدوهم من يعينهم وتركوهم وحدهم للمرحلة الأخيرة من الحرب.
عمق السديم: لها تفسيرات عديدة (1) قالوا أنها سلسلة الصخور الطباشيرية الممتدة جنوب سهل أريحا وتسمي السد وجمعها بالعبرانية السديم فيكون المقصود هو كل دائرة الأردن. (2) رأي البعض أن بحر الملح إبتلع سدوم بعد حرقها فسمي المكان عمق السديم (عمق سدوم) (3) رأي البعض أنه يعني نمور السديم: وادي الحفر والأخاديد وهو سهل منخفض في منطقة بحر لوط (البحر الميت) تكثر به أبار الحمر.
والحمر بين ملوك بابل الأربعة ضد ملوك كنعان الخمسة لها تأمل روحي فرقم (5) هو رقم الحواس ورقم (4) هو رقم العالم. فالعالم بكل قوة إغرائه وخطاياه يهجم علي حواسنا الخمسة الخاضعة لإغراءات العالم. وكيف نغلب= إبراهيم + 318 من رجاله وإبراهيم يمثل الإيمان ورقم 318 قد يمثل رجال مجمع نيقية أي الثبات علي الإيمان المسلم مرة من الأباء وقد يشير كما سنري للصليب علامة يسوع المسيح.
أية 4: استعبدوا لكدر لعومر: أي دفعوا له الجزية مدة 12 سنة
" 8 فخرج ملك سدوم وملك عمورة وملك ادمة وملك صبوييم وملك بالع التي هي صوغر ونظموا حربا معهم في عمق السديم 9 مع كدرلعومر ملك عيلام وتدعال ملك جوييم وامرافل ملك شنعار واريوك ملك الاسار اربعة ملوك مع خمسة 10 وعمق السديم كان فيه ابار حمر كثيرة فهرب ملكا سدوم وعمورة وسقطا هناك والباقون هربوا الى الجبل 11 فاخذوا جميع املاك سدوم وعمورة وجميع اطعمتهم ومضوا 12 واخذوا لوطا ابن اخي ابرام واملاكه ومضوا اذ كان ساكنا في سدوم "
أبار حمر : الحمر هو القار المعدني وهو كالزفت أو القطران وهو موجود للأن بهذه المنطقة. وسقطا هناك: ملوك سدوم وعمورة كانوا يعتمدون علي أبار الحمر هذه كحماية طبيعية لهم تحميهم من هجوم الأعداء لكنهم سقطوا فيها. فهم سقطوا فيما تصوروا أنه يحميهم وهذا حال كل خاطئ. وريما يكون المعني أن الملوك سقطوا في أبار الحمر وأنقذوهم أو أن رجال جيشهم سقطوا هناك وهلكوا. أو أن المعركة دارت في هذه الأماكن غير المناسبة وكانت سبباً لهزيمتهم. وفي آية (12) تركيز علي أن لوط الذي إختار لنفسه خسر كل شئ في هذه الحرب بل خسر نفسه إذ هو نفسه ذهب أسيراً. لقد خسر كل ما تشاجر عليه. وفي هذه الآيات نجد أن ملوك ما بين النهرين بعد أن ضرباً الشعوب الصغيرة المؤيدة لكل من ملوك سدوم إستداروا علي ملوك سدوم وعمورة لضربهم.
" 13 فاتى من نجا واخبر ابرام العبراني وكان ساكنا عند بلوطات ممرا الاموري اخي اشكول واخي عانر وكانوا اصحاب عهد مع ابرام "
إذ نجا إنسان كان يعرف علاقة لوط بإبرام أتي وأخبر إبرام، العبراني : قد تعني أنه إبن عابر أو لأنه عبر الفرات وأتي إلي كنعان. ولكن ذكر الوحي هنا أنه عبراني مقصود أن يذكرنا بأن إبرام المتغرب في خيام هو الذي أنقذ لوط الساكن المستوطن في سدوم. وواضح أن إبرام هنا كان في عهد مع ممرا وأشكول وعانر الإخوة الأموريين وهؤلاء ساعدوه.
" 14 فلما سمع ابرام ان اخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم الى دان "
هي شجاعة وشهامة من إبرام أن يحارب لينقذ لوط. وأنها لحكمة إلهية تعطينا أن نعرف متي نتسامح ومتي نحارب لندافع. فإبرام ترك حقوقه في نزاعه مع لوط لكنه حارب هنا لأن قلبه الناري لم يحتمل أن يكون هو في راحة وغيره متألم. ونلاحظ أن لوط الذي طلب ما لنفسه خسر كل شئ. وهو قد تعرض لحروب الأعداء لأنه خرج بإرادته من حماية الله فهو رفض أن يسير مع إبرام وأختار الأماكن الشريرة ليحيا فيها. إذن فعليه أن يتعرض لحروب العالم وتقلباته. ويري القديس إكليمنضس السكندري أن رقم 318 باليونانية يكتب هكذا TIH ويري أن حرف T هو شبيه بعلامة الصليب وحرف أو من IOC أي إبن وحرف H هو من Hcorc أي يسوع ويكون المعني انها رمز لعلامة يسوع المسيح إبن الله أي الصليب (هي علامة الذين خلصوا) وقطعاً فإن رجال إبراهيم وحلفائه عددهم كان قليلاً لكن الله هو الذي يحارب ويعطي حكمة لإبراهيم كما حدث مع جدعون بعد ذلك بل لم نسمع عن أي خسارة في رجال إبراهيم.
" 15 وانقسم عليهم ليلا هو وعبيده فكسرهم وتبعهم الى حوبة التي عن شمال دمشق "
إنقسم عليهم: أي قسم نفسه لعدة جيوش ليهجم عليهم من عدة نواح وهذا ما عمله جدعون أيضاً. (وكان رجال جدعون أيضا 300 رجل).
" 16 واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطا اخاه ايضا واملاكه والنساء ايضا والشعب "
أبرام الذي عاش كمتغرب هو الذي أنقذ لوط. وهكذا أولاد الله الذين يعيشون بروح الغربة قادرين أن يسندوا النفوس الضعيفة التي إنغمست في العالم.
تعليق: القديس بطرس في (2بط 6:2-8) يقول أن لوط كان يعذب نفسه بسبب الشر لذلك كان عليه أن يترك هذا المكان مضحياً بالثروات المادية لينقذ حياته. فهو ذهب لهذا المكان سعياً وراء المادة فقط ولذلك لم يستطع أن يبشر أو يشهد للحق وحينما فعل أخيراً كان كمازح في عيون أهل سدوم (ص 19). لذلك قال له الملاك "إهرب لحياتك" وكان عليه أن يفعل هذا من قبل لكنه لم يفعل.
" 17 فخرج ملك سدوم لاستقباله بعد رجوعه من كسرة كدرلعومر والملوك الذين معه الى عمق شوى الذي هو عمق الملك "
عمق شوي: وادي السهل وعمق الملك: يقولون أن ملوك يهوذا كانوا يدربون جيوشهم في هذا المكان وبذلك تكون إضافة حديثة تضع الأسم الحديث للمكان وهناك من يقول أن الأسم راجع لحادثة إجتماع الملوك مع إبرام ليشكروه علي إنقاذهم.
" 18 وملكي صادق ملك شاليم اخرج خبزا وخمرا وكان كاهنا لله العلي 19 وباركه وقال مبارك ابرام من الله العلي مالك السماوات والارض 20 ومبارك الله العلي الذي اسلم اعداءك في يدك فاعطاه عشرا من كل شيء "
ملكي صادق
قصة لقاء إبراهيم مع ملكي صادق تمثل لغزاً عند اليهود لا يعرفون له تفسيراً (عب 11:5) وقالوا أنه عسر التفسير. إذ كيف يقدم إبراهيم أب الأباء الذي في صلبه كهنوت لاوي العشور لرجل غريب ولماذا ظهر هذا الرجل في الكتاب فجأة وإختفي فجاة ولا يعرف أحد أباه أو أمه أو نسبه ولماذا لم يقدم ذبيحة دموية كما كانت عادة ذلك الزمان. وقد قال اليهود كمحاولة للتفسير أن ملكي صادق هو سام إبن نوح؟!! لكن ما الذي غير اسمه وماذا أتي به إلي كنعان!! هناك أسئلة كثيرة لا يجد لها اليهود حلاً. وقد كشف السر بولس الرسول في رسالة العبرانيين وقال إن ملكي صادق هو رمز السيد المسيح. ونجد هنا لفظ كاهن ولفظ الله العلي لأول مرة في الكتاب فالمسيح هو العلي الذي سيقدم نفسه ذبيحة ككاهن.
1. ملكي صادق تعني ملك البر رو 24:3 هذا من جهة الأسم.
2. لك ساليم تعني ملك السلام يو 33:16 من جهة العمل (وساليم غالبا هي أورشليم).
3. ن ملكاً وكاهناً في نفس الوقت وهذا لا يتحقق عند اليهود فالملوك من سبط والكهنة من سبط آخر.
4. قدم خبزاً وخمراً وهكذا قدم المسيح جسده ودمه على هذه الصورة فى الإفخارستيا.
5. لم نعرف شيئاً عن أبيه وأمه وهو لا بداية لملكه ولا نهاية مذكورة، إشارة إلي السيد المسيح الذي بلا أب جسدي وبلا أم من جهة اللاهوت، بلا بداية أيام، أبدي.
6. جاء السيد المسيح كاهناً علي رتبة ملكي صادق. وكأن الكهنوت اللاوي قد إنتهي ليقوم كهنوت جديد يقدم خبزاً وخمراً.
7. إبراهيم الذي من صلبه الكهنوت اللاوي يجمع العشور، هو نفسه يقدم العشور لملكي صادق فمن يكون هذا الذي يقبل العشور من إبراهيم سوي الله نفسه أو من يرمز إليه.
" 21 وقال ملك سدوم لابرام اعطني النفوس واما الاملاك فخذها لنفسك "
كان من حق إبرام أن يحصل علي الأملاك فهو الذي حرر الجميع، كمكافأة علي تعبه.
" 22 فقال ابرام لملك سدوم رفعت يدي الى الرب الاله العلي مالك السماء والارض "
لاحظ ان إبرام يكرر وراء ملكي صادق ما تعلمه منه "الله العلي مالك السماء والأرض" وعلينا ان نتشبه نحن أيضاً بالقديسين. ورفع اليد تعني القسم.
" 23 لا اخذن لا خيطا ولا شراك نعل ولا من كل ما هو لك فلا تقول انا اغنيت ابرام "
لاخيطاً: هذا خاص بالنساء فالخيط هو الذي يربطون به شعرهم ولا شراك نعل: هذا للرجال والمقصود أنه لا يريد أي مكافأة أرضية (لا من الرجال ولا من النساء الذين أنقذهم) ترك المكافأة الأرضية طالباً المكافأة السماوية. بل هو في تركه المكافأة فاق مطالب الناموس التي أعطيت فيما بعد وكانت تعطيه الحق في المكأفاة.
" 24 ليس لي غير الذي اكله الغلمان واما نصيب الرجال الذين ذهبوا معي عانر واشكول وممرا فهم ياخذون نصيبهم "
هو ترك حقه لكن طلب حق الرجال الذين حاربوا معه. فهو لا يلزم الأخرين بنفس مستواه الروحي. بل بحكمته هذه إشتري صداقتهم. هذه صورة حية للنضوج الروحي والفكري.
“ 1 بعد هذه الامور صار كلام الرب الى ابرام في الرؤيا قائلا لا تخف يا ابرام انا ترس لك اجرك كثير جدا “
لا تخف : هو مهدد بحرب الأن مع كدرلعومر ورجاله وهو ساكن وسط أناس غرباء.
أجرك كثير جداً: هو ترك المكافأة الأرضية. والله هنا يكافأه بما لا يستطيع البشر أن يعطوه فيكون نسله كنجوم السماء ومن نسله يتبارك الأمم. ولاحظ قوله بعد هذه الأمور: كأن ما تمتع به إبرام من كلام الرب ووعوده له جاء نتيجة لأنه عرَض نفسه للخطر من أجل أنقاذ لوط. وبالنسبة لنا فكلما جاهدنا في علاقتنا مع الله كلما إقترب الله منا.
“ 2 فقال ابرام ايها السيد الرب ماذا تعطيني وانا ماض عقيما ومالك بيتي هو اليعازر الدمشقي “
حينما شعر إبرام بإقتراب الله إليه تحدث إبرام في جرأة ودالة مع الله وقال ماذا تعطيني وأنا ماض عقيماً: ماض في طريق الأرض كلها أي سأموت دون وريث يحمل اسمي. ومالك بيتي أثبتت الأثار أن العبد كان يرث سيده إن لم يكن له أبناء. اليعازر الدمشقي: فربما صار له عبداً وهو في طريقه من حاران إلي كنعان مروراً بدمشق.
“ 3 وقال ابرام ايضا انك لم تعطني نسلا وهوذا ابن بيتي وارث لي “
إبن بيتي : هذه تعني مالك بيتي أو عبدي ومن تواضعه ومحبته يسميه أبن أي بمنزلة أبن.
“ 4 فاذا كلام الرب اليه قائلا لا يرثك هذا بل الذي يخرج من احشائك هو يرثك 5 ثم اخرجه الى خارج وقال انظر الى السماء وعد النجوم ان استطعت ان تعدها وقال له هكذا يكون نسلك “
حياة إبراهيم سلسلة غير منقطعة من اللقاءات مع الله والتمتع بالوعود بسبب إيمانه الحي العملي وطاعته للرب في كل شئ. وعد النجوم: إذا هذه الرؤيا كانت ليلاً وحين قال له نسلك كتراب الأرض (16:13) كان هذا في نور النهار وهو يري التراب.
“6 فامن بالرب فحسبه له برا “
فآمن بالرب فحسبه له براً : بحسب الطبيعة كان يبدو مستحيلاً تنفيذ هذا الوعد. وهنا نسمع لأول مرة كلمة "آمن" (عب20:4 + رو3:4 + غل 6:3 + يع 23:2 + رؤ 24،23:4) وصرنا نحن أولاد لإبراهيم بالإيمان. هو فتح لنا طريق البر خلال الإيمان.
” 7 وقال له انا الرب الذي اخرجك من اور الكلدانيين ليعطيك هذه الارض لترثها “
الله لم يخرجه من أور ليتركه في الصحراء بل أعد له كنعان ليرثها.
“ 8 فقال ايها السيد الرب بماذا اعلم اني ارثها “
بماذا أعلم أني أرثها: هو سؤال يحمل الشك فالله أعلن إيمانه من قبل (أية 6) وهو لم يقل كيف أعرف؟ كما لو كان لم يؤمن بعد أنه يرث. وإنما قال " بماذا أعلم" كأنه يطلب علامة ليعرف الطريق الذي به يتحقق ما قد آمن أن يناله. وهذا ما صنعته العذراء مريم فهي سألت عن الوسيلة التي بها تلد وهي لا تعرف رجلاً لذلك أجابها الملاك "الروح القدس يحل عليك" ولأن سؤال إبراهيم كان عن ميراث كنعان وكنعان تشير إلي كنعان السماوية جاءت إجابة الله تحمل جوانب ذبيحة المسيح وعهده الجديد الذي به يكون لأولاد إبراهيم بالإيمان الدخول لكنعان السماوية. وسؤال إبرام لله هنا يظهر الدالة بينه وبين الله. وقد جاءت العلامة تكشف لنا سر الكنيسة الخارجة من صلب إبرام فالله وعده بنسل كنجوم السماء والأن يكشف له عن هذا النسل الذي يصير كنيسة مقدسة للرب تضم أهل الختان (اليهود) والأمم.
“9 فقال له خذ لي عجلة ثلثية وعنزة ثلثية وكبشا ثلثيا ويمامة وحمامة* 10 فاخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد مقابل صاحبه واما الطير فلم يشقه “
الحيوانات المشقوقة هي طريقة الميثاق والدخول في عهد عند القبائل القديمة فيقوم المتعاهدان بشق حيوان ويسيران وسطه كعلامة عهد وميثاق وبمعني ليشقني الله هكذا لو خالفت العهد. وهنا شق إبرام الحيوانات إلي نصفين ووضع كل شق منهم تجاه الأخر أما الطيور فلم يشقها بل وضع كل طائر تجاه الأخر (الحمامة واليمامة) [ لاحظ أن العهد بين الله والإنسان (العهد الجديد) كان بذبيحة المسيح] فهذه الرؤيا كشفت (1) سر المسيح المصلوب (2) سر الكنيسة الخارجة من صلب إبرام. وهذه الحيوانات لها تفسيرات متعددة:-
1. مؤمنين يسلك بعضهم روحياً والبعض جسدياً وسن الحيوانات 3 سنوات إشارة لإيمان المؤمنين بسر الثالوث الأقدس ولقيامتهم. والجسديون يشير لهم الحيوانات والروحيون يشير لهم الطيور. وشق الحيوانات يشير لأن الجسديون دائما منقسمون أما الروحيون فلا ينقسموا فهم لهم قلب واحد وروح ومحبة واحدة. واليمام يمثل الطهارة والحمام يمثل البساطة. الجسديون المنقسمون علي أنفسهم مثقلون بقيود الرذيلة الثقيلة، أما الروحيون فمرتفعون إلي الأعالي بأجنحة الفضيلة المتنوعة كما بجناحين.
2. البهائم والطيور المستخدمة هي من الطيور والحيوانات الطاهرة كما جاءت بعد ذلك في الشرائع اللاوية وهي المسموح بتقديم ذبائح منها وإذا فهمنا أن الذبائح كلها تشير للمسيح يمكن فهم أن تعدد الذبائح يشير لتعدد أوجه ذبيحة المسيح فالعجلة تشير أنه أتي كعبد صابر بل أعطانا جسده طعاماً (الإبن الضال ذبح له العجل المسمن) والعنزة تشير للخاطئ (الجداء علي اليسار مت 33:25) والمسيح صار خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه. والكبش كان يستخدم في ذبيحة التكريس (ذبيحة الملء) والمسيح أطاع حتي الموت بكل خضوع أما الطيور (اليمامة والحمامة) فيشيروا لأنه سماوي جاء من فوق ليفدي البشر. واليمامة.تشير للمحبة والحزن ولم يكن ما يفوق محبة المسيح ولا أحزانه (نفس حزينة حتي الموت) وهي تشير للطهارة أيضاً والحمامة تشير للبساطة والطهارة والوداعة.
3. العجلة تشير إلي الشعب الذي سيخضع للناموس، والمعزة تشير إلي أنه شعب خاطئ والكبش يشير إلي انهم سيملكون فالكبش يقود القطيع. ولأنهم في عمر ثلاث سنين فهم يشيرون لثلاث حقب زمنية متمايزة
أ. من آدم إلي نوح.
ب. من نوح إلي إبراهيم.
ج. من إبراهيم إلي داود (المملكة).
والأراء الثلاث يشيرون إلي الرد علي سؤال إبرام " كيف يرث" والرد بالمسيح المصلوب والكنيسة المتألمة كطريق للمجد.
“ 11 فنزلت الجوارح على الجثث وكان ابرام يزجرها “
الطيور الجارحة تمثل أرواح الهواء النجسة التي تطلب ما لنفسها خلال إنشقاقات الجسديين. وإبرام يشير للنفس الروحية اليقظة التي لا تستطيع أن تمنع الطيور الجارحة من أن تحوم حوله، لكنه يقدر أن يمنعها من أن تستقر عنده أو تخطف شيئاً من عندياته. وهذا ما أكده أباء الكنيسة أن المؤمن الحي لا يقدر ان يمنع حرب الخطايا من مهاجمته لكنها إذ تجد إنساناً يقظاً لا تقدر أن تدخل إليه أو تتسلل إلي فكره أو قلبه. وإبرام هنا طلب علامة فطلب منه الله شق الذبائح وإنتظر إبرام علامة فلم تظهر بل هاجمت الجوارح الذبائح (الذبائح تشير للمؤمن كذبيحة روحية حية) فصار أبرام يبعدها النهار كله وهذا يشير أنه يجب علينا أن نسهر علي ذبائحنا الروحية وننتظر إعلانات الله وعلينا أن ننتظرها بصبر وهي بالتأكيد ستأتي. ولكن علينا أن ننتظر في يقظة تحقيق وعود الله. وقد تشير هذه الجوارح للشعوب المناوئة لإسرائيل مثل بابل وأشور وغيرها. ولنلاحظ أنه لابد من حروب عدو الخير ضد شعب الله ولا أحد يكلل إن لم يجاهد قانونياً (أف 12:6).
“12 ولما صارت الشمس الى المغيب وقع على ابرام سبات واذا رعبة مظلمة عظيمة واقعة عليه “
أوقع الله علي إبرام سباتاً مثل الذي أوقعه علي آدم، فالله أغلق أبواب الجسد ليعطي الروح فرصة لتتأمل الأِشياء الروحية. وإذا رعبة مظلمة عظيمة واقعة عليه : وهذه تشير إلي:-
1. لقد رأي ثمر الخطية في حياة الإنسان، كيف تستعبده وتفسده. وسمع عن أن نسله سيكون مستعبداً 400 سنة. هي صورة مؤلمة للنفس التي تسقط تحت الخطية فتصير في عبودية فرعون الطاغي ومذلته. وتشير للضيق العظيم في نهاية الأزمنة بسبب الخطية مت 21:24.
2. ما حدث مع إبرام هنا يشير إلي عمل السيد المسيح الخلاصي فقبيل غروب الشمس، في ملء الزمان، وقع علي الرب سبات، إذ أسلم الروح علي الصليب، معلناً مرارة الخطية التي أحدرتنا إلي الجحيم ونزلت بنا إلي العبودية زماناً.
3. الرعب ناشئ عن إحتجاب وجه الرب بسبب الخطية وهذا ما ستختبره ذرية أبرام إلي حين.
" 13 فقال لابرام اعلم يقينا ان نسلك سيكون غريبا في ارض ليست لهم ويستعبدون لهم فيذلونهم اربع مئة سنة "
فيذلونهم 400 سنة
يذكر سفر الخروج في (4:12) أن إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر كانت 430 سنة وغالباً فإن مصر تشير للغربة والعبودية. وبالمفهوم الرمزي تصبح مدة ألـ 430 سنة هي منذ دعوة الله لإبرام بالخروج من أور حتي خروج الشعب من أرض مصر. وتكون مدة 400 سنة هي من بدء إضطهاد إسمعيل لأسحق حتي خروج الشعب من أرض مصر لذلك قال هنا فيذلونهم مع تحديد المدة بـ 400 سنة. أما بقاء الشعب في مصر فكانت مدته حوالي 210 سنة وتحسب المدد كالتالي:-
1. المدة من دعوة الله لإبرام وهو في ما بين النهرين في أور إلي خروجه من حاران كانت 5-15 سنة ولنقل أنها 5 سنين.
2. المدة من ترك حاران ودخوله كنعان إلي ولادة اسحق 25 سنة لأنه ترك حاران وعمره 75 سنة وولد إسحق وعمره 100 سنة (24:12 + 25:21).
3. من ولادة اسحق إلي ولادة يعقوب 60 سنة (26:25).
4. من ولادة يعقوب حتي دخوله إلي أرض مصر مع بنيه 130 سنة (1:47) وبذلك تكون مدة التغرب في كنعان : 5+ 25+60+130=220 سنة
وتصبح مدة الإقامة في مصر : 430 –220 : 210
وحينما قال أن مدة تغربهم في مصر 400 سنة فهي إطلاق الجزء علي الكل بإعتبار أن فترة إقامتهم في مصر كانت الجزء الأعظم أهمية في تاريخ تغربهم أو نقل أن فترة وجودهم في مصر هي التي تمثل عبوديتهم. وفترة وجود إبراهيم واسحق ويعقوب في كنعان هي فترة تغرب ولم يكن قد أتي بعد فترة الميراث، وكانوا في هذه الفترة رحل في خيام (عب 9:11). وبهذا المفهوم قالت الترجمة السبعينية ان فترة إقامتهم في مصر وكنعان كانت 430 سنة. فالسبعينية أضافت كنعان علي مصر كحاشية توضيحية. وهكذا فهمها بولس الرسول راجع غل 17:3 "وإنما أقول هذا أن الناموس الذي صار بعد 430 سنة لا ينسخ عهداً قد سبق فتمكن من الله نحو المسيح حتي يبطل الموعد" فهو إعتبر أن الـ 430 سنة بدأت بوعد الله لإبرام حتي خروج الشعب من مصر وحصولهم علي الناموس. ولنلاحظ قول الله نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم : (كنعان ومصر) ويستعبدون لهم هذه تمت في مصر. والله لم يكشف إسم مصر لسببين:
1. في أن الغربة شاملة مصر وكنعان في أيام إبراهيم وإسحق ويعقوب
2. حتي لا يرفض يعقوب ونسله النزول إلي مصر.
" 14 ثم الامة التي يستعبدون لها انا ادينها وبعد ذلك يخرجون باملاك جزيلة "
هناك خطة سمح بها الله للخلاص فنحن إستعبدنا ووقعنا تحت الالام والضيق نتيجة للخطية. وغربة الشعب (400 سنة) إشارة لغربتنا في هذا العالم. وهكذا كنا قبل المسيح في عبودية. وكما إضطهد إسمعيل إسحق وإضطهد المصريين شعب الله بل كانوا يقتلون أولادهم (هذا إشارة لأعمال إبليس الذي كان قتالاً للناس منذ البدء) هكذا الكنيسة لابد وأن تقع في ضيق يصل إلي ذروته في نهاية العالم مروراً بعصور إستشهاد. والله سمح بل رتب أنه من خلال الآلام نتطهر ونتنقي ونستعد للأمجاد. ومن يتألم معه يتمجد معه (رو 17:8) + (لو 26:24).
الأمة التي يستعبدون لها أنا أدينها: هذا ما حدث خلال الضربات العشر ضد فرعون ورجاله ثم بشق البحر وغرق جنوده. وهذا رمز لدينونة إبليس في بحيرة النار (رؤ 20:19).
بعد ذلك يخرجون بأملاك جزيلة : الشعب خرج من مصر محملاً بعطايا كثيرة. والرب يسوع الراقد علي الصليب إذ ينزل إلي الجحيم يحملنا علي كتفيه ويخرج بنا كما بأملاك جزيلة. حاملاً غناه، وواهباً إيانا غني الروح، حتي متي جاء غروب العالم وإنقضاء الدهر يعلن خلاص أجسادنا ويعلن يومه العظيم كما بنار.
" 15 واما انت فتمضي الى ابائك بسلام وتدفن بشيبة صالحة "
هذه تشير إلي خلود النفس حيث تجتمع نفس إبرام مع نفوس أبائه. لأن جسد إبراهيم دفن في كنعان في مغارة المكفيلة بينما دفن أبائه في أراض ما بين النهرين.
" 16 وفي الجيل الرابع يرجعون الى ههنا لان ذنب الاموريين ليس الى الان كاملا "
في الجيل الرابع : ربما المقصود 4×100
: 400 سنة فيكون الجيل 100 سنة. ولكن
هذه الأية تحدد غالباً الأجيال التي
عاشت في مصر وكانت ثلاثة أجيال وقد
خرج من مصر الجيل الرابع فقد دخل لاوي
(الجيل الأول) وخرج موسي (الجيل
الرابع(
خر 16:6-20
لأن ذنب الأموريين ليس إلي الآن كاملاً : الأموريين هم أشهر شعوب الكنعانيين ومن أشرهم. والله يتركهم هذه المدة دون عقاب أ) لعل طول أناته تقتادهم إلي التوبة ب) حتي تكون خطاياهم شاهدة عليهم. وكون أن الله يسمح بأن اليهود يضربوهم فهذا بسبب ذنوبهم وكان ذلك حينما إمتلأ كأسهم. ولاحظ أن سدوم وعمورة كانوا أكثر شراً فلم يمهلهم الله، وكان كأسهم قد إمتلأ أسرع وصاروا ناضجين للخراب وذنبهم كاملاً فأحرقهم الله. والله يستخدم شعب ليؤدب شعباً اخر وقد إستخدم الله مثلاً الشعوب المجاورة لإسرائيل لتأديب إسرائيل.
" 17 ثم غابت الشمس فصارت العتمة واذا تنور دخان ومصباح نار يجوز بين تلك القطع "
تنور دخان ومصباح نار يجوز بين القطع: تنور الدخان يشير للغموض الذي كان يكتنف أحداث الخلاص في العهد القديم ويشير للدخان المتصاعد من ذبيحة المحرقة فالمسيح المخلص قدم نفسه ذبيحة محرقة عنا ويشير لألام الشعب في عبوديتهم في مصر ولألام الكنيسة فكما تألم المسيح ستتألم كنيسته. ومصباح النار يعلن حضور الله ولقيادته لشعبه فهو كان لهم كعمود نار يقودهم في برية هذا العالم (كما قاد إسرائيل في برية سيناء) والآن يقودنا بكلمته المقدسة وبروحه القدوس الذي حل علي تلاميذه كألسنة نار. وهو ظهر لموسي في العليقة كنار" والله لنا في حمايته كسور من نار ومجداً في وسطنا (زك 5:2+ زك 6:12) إذن فهذا المصباح يشير للخلاص الإلهي وسط الضيقات وكما تتألم الكنيسة معه هكذا تتمجد معه. ونشرق كمصباح منير بعد نهاية هذا العالم وسط ظلمة ودخان الدينونة (أش 1:62) وقد جرت العادة في المعاهدات التي من هذا النوع أن يجوز الطرفان وسط الذبائح ولكن نجد أن إبرام لم يُدْع للإجتياز بين القطع فلا تعهد من قبله بل المصباح وحده يجوز بين القطع إعلاناً أن الله هو الذي يتعهد أن يتم عمله كاملاً بواسطة صليب إبنه. وأبنه الذي قدم ذبيحة (الحيوانات المشقوقة) وهو السماوي (اليمامة والحمامة) وهو نور العالم (مصباح نار) وكانت ألامه رهيبة كذبيحة محرقة (الدخان). وما كان علي إبرام ومن صار من أولاده المؤمنين سوي أن يزجر الطيور الجارحة وأن يجاهد في رفض الأفكار الشريرة. ولنلاحظ أن الروح القدس النارى الذي حصلنا عليه يعطينا معونة وإستنارة.
" 18 في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقا قائلا لنسلك اعطي هذه الارض من نهر مصر الى النهر الكبير نهر الفرات "
من نهر مصر إلي النهر الكبير نهر الفرات: تم هذا فعلاً أيام سليمان الذي امتدت مملكته من حدود مصر إلي الأراضي الواقعة عند الفرات ولكن حينما حنث في وعده وتزوج أجنبيات وبخر لأوثانهن شق الله مملكته. وعن نهر مصر يقال أنه كان هناك فرع للنيل يمر قرب السويس وحتي شرق العريش وكان يقصد بسهل العريش وادي النيل. ونري في هذه الأية صورة للإيمان القوي في نهاية الأيام في هذه المنطقة إيمان شعب المسيح في مصر وفي أشور بل وفي وسط إسرائيل نفسها حينما يؤمن الشعب اليهودي بالمسيح مخلصاً (أش 23:19-25)
" 19 القينيين والقنزيين والقدمونيين "
الميثاق بين الله وإبرام كان يحمل جانبين متكاملين
1. تمتع أولاد إبراهيم بالأرض: تمتع شعب المسيح بميراث السماء.
2. طرد الأمم الوثنية من الأرض: دينونة إبليس وطرده لشروره.
وقد تم تحديد الشعوب بعشر شعوب
1. رقم 10 يشير للوصايا وهذه الشعوب أدمنت كسر الوصايا العشر.
2. قال بعض الأباء أنها تشير للخطايا العظيمة [ النهم والزنا ومحبة المال والغضب والغم والفتور الروحي وحب الظهور والكبرياء وعبادة الأوثان والتجديف]. وهذه هي خطايا الشعوب التي طردها الله أمامهم.
3. حينما يحدد الله الشعوب التي يطردونها عند دخولهم للأرض فالله يحدد لهم الأرض التي يأخذونها فلا يحاربون شعوباً اخري.
4. الأرض التي حددها الله محصورة بين نهرين خصيبين هما النيل والفرات بمعني أن عطايا الله كلها خيرات والنهر يشير للخير ولعطايا الروح القدس لذلك نجد في أورشليم السماوية نهراً رؤ 1:22 وكان في الجنة نهرا (تك 10:2).
في الإصحاح السابق سمعنا "فأمن بالرب فحسبه له براً" تك 6:15 ونسمع في عب 15:6 "وهكذا إذ تأني نال الموعد" ولكن نجد في هذا الأًصحاح عكس التأني فنري التسرع والحلول البشرية فكان نتيجة للقلق وعدم الإيمان أن ساراي سلكت بتفكير بشري بحت خارج دائرة الإيمان. فالقلق يعطل الإيمان. وكان للزوجة أن تهب جاريتها لزوجها لتعطيه نسلاً. ويحسب النسل لها لأن جاريتها ونسلها ملك للسيدة. وهكذا تعجلت ساراي الأمور وكان لها جارية مصرية هي هاجر وغالباً كانت ضمن هدايا فرعون لإبرام. وكان الحل البشري خطأ فهو عبارة عن تعدد زوجات نتج عنه مرارة وخسارة فهاجر أثبتت أنها غير وفية لسيدتها وأهانت سيدتها حين حبلت من إبرام. ولاحظ أن الشيطان قد يستخدم أقرب الناس لنا لغوايتنا فساراي استخدمت لغواية إبرام وحواء إستخدمت لغواية آدم.
"1 واما ساراي امراة ابرام فلم تلد له وكانت لها جارية مصرية اسمها هاجر "
هاجر : تعني هجر أو هرب وغالباً فإن إبرام هو الذي أعطي لها الأسم والإسم يعني أيضا غريبة فهي كانت غريبة علي حياة إبراهيم وإيمانه. هي تمثل الفكر الغريب الذي يدخل للإنسان فيسبب مضايقات ومرارة.
" 2 فقالت ساراي لابرام هوذا الرب قد امسكني عن الولادة ادخل على جاريتي لعلي ارزق منها بنين فسمع ابرام لقول ساراي "
يري القديس ذهبي الفم أن ساراي ظنت أن عدم الإنجاب يرجع إلي رجلها لذلك سلمته لتمتحن الأمر، وإذ رأت جاريتها حبلت إغتمت. عموماً ما فعلته ساراي يمثل إتكال الإنسان علي ذاته يخطط لنفسه دون الرجوع إلي الله وطلب مشورته.
" 4 فدخل على هاجر فحبلت ولما رات انها حبلت صغرت مولاتها في عينيها "
إحتقار هاجر لساراي ربما تمثل في رفضها لخدمتها أو ظنها أنها هي السيدة المحبوبة من إبرام ومن الله الذي أعطاها ذلك. وربما سخرت من ساراي حينما رأت أن ساراي لها أمل في أن تنجب هي الأخري. ولنلاحظ أن الأشرار حينما تأتي لهم ميزات يتكبرون ويحتقرون الأخرين. والله إستخدم الخطأ البشري ليشرح شيئاً هاماً أن ساراي هنا أصبحت تمثل كنيسة الأمم (العهد الجديد) التي كانت قبلاً عاقراً لا تنجب أولاداً لله وهاجر تشير إلي اليهود الذين أنجبوا عبيداً برفضهم البنوة لله في المسيح يسوع. وفي ملء الزمان أنجبت ساراي أسحق إذ أتت بأبناء كثيرين لله. ولدت ساراي إبنها ليس حسب الطبيعة إذ كانت عاقراً وإنما حسب وعد الله فجاء إبنا مباركاً. أما هاجر فأنجبته حسب الطبيعة فجاء عبداً (غل 21:4-31) وكانت ساراى العاقر تمثل الأمم الذين عجزوا عن تقديم أولاد لله. لهذا سمح الله أن تظل ساراي عاقراً لتصبح رمزاً للبشرية الميتة والله يقيم منها حياة من موت.
" 5 فقالت ساراي لابرام ظلمي عليك انا دفعت جاريتي الى حضنك فلما رات انها حبلت صغرت في عينيها يقضي الرب بيني وبينك "
ظلمي عليك … يقضي الرب بيني وبينك : هذه نتائج الحلول البشرية فبعد أن كانت سارة تقول لإبراهيم يا سيدي، ها هي تتهمه بالظلم. وفقدت العائلة سلامها.
" 6 فقال ابرام لساراي هوذا جاريتك في يدك افعلي بها ما يحسن في عينيك فاذلتها ساراي فهربت من وجهها "
ربما تكون ساراي قد أثقلت بالعمل علي هاجر أو هي أدبتها بقسوة فهربت. ويبدو أن إبرام عاملها كزوجة وكان يحميها وحين تضايقت ساراي تركها لسيدتها فأذلتها. ويعلق القديس أغسطينوس علي موقف إبراهيم أنه بزواجه من هاجر وتسليمها لساراي حسب طلبها فهذا يثبت أنه فعل هذا ليس عن شهوة بل تنفيذا لمشورة زوجته حتي يحصل علي نسل.
" 7 فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية على العين التي في طريق شور "
لعلها كانت متجهة إلي مصر موطنها الأصلي، فنزلت إلي برية فاران حيث لاقاها ملاك الرب عند عين ماء (ربما عيون موسي) وطريق شور هو طريق قوافل في البرية.
" 8 وقال يا هاجر جارية ساراي من اين اتيت والى اين تذهبين فقالت انا هاربة من وجه مولاتي ساراي 9 فقال لها ملاك الرب ارجعي الى مولاتك واخضعي تحت يديها 10 وقال لها ملاك الرب تكثيرا اكثر نسلك فلا يعد من الكثرة "
يظهر فيها خطة الله مع كل خاطئ
كبرياء هاجر: هاجر كانت خطيتها الكبرياء فأهانت سيدتها.
سماح الله لها وإتيانه بها للبرية: يسمح الله بتجربة (برية) يمر بها الخاطئ حتي يشعر بمرارة الخطية.
ملاك الرب يقابلها في البرية: من مراحم الرب أن لا يترك الخاطئ وحده بل يظهر له ويرحمه.
الملاك يقول لها يا جارية ساراي: قال لها الملاك يا جارية ساراي حتي تترك كبريائها.
الملاك يقول لها من أين أتيت وإلي أين: لماذا تركت بيت القداسة والأن أنت في الصحراء؟
الملاك يقول لها إرجعي إلي مولاتك: أمر بالرجوع لبيت القداسة كما عاد الإبن الضال.
الملاك يقابلها عند عين ماء: أول لقاء لنا مع المسيح يكون عند جرن المعمودية.
هاجر تنجب إبناً وهي في بيت إبرام: في بيت الله بعد معوديتنا وتوبتنا يكون لنا ثمر
المسيح نزل لنا في بريتنا القاحلة لكي يلتقي بنا عند مياه المعمودية ويردنا من الإتجاه إلي مصر أي محبة العالم إلي كنعان السماوية. لقد طردنا من كنعان أي الفردوس بسبب خطايانا، وبسببها صرنا في مرارة وعزلة، في برية هذا العالم، لكن الله لم يتركنا بل ردنا بتجديد المعمودية. حقا لقد كان لهاجر بنين ولكن حتي يكمل الرمز فإن سارة فاقتها في عدد أبنائها رمزاً لأن كنيسة الأمم كان لها أبناء أكثر جداً فقد دخل للكنيسة كل الأمم من كل العالم. وكانوا احراراً
" 10 وقال لها ملاك الرب تكثيرا اكثر نسلك فلا يعد من الكثرة "
وقال لها ملاك الرب تكثيراً أكثر نسلك: هذه الجملة تظهر أن ملاك الرب هذا هو المسيح.
" 11 وقال لها ملاك الرب ها انت حبلى فتلدين ابنا وتدعين اسمه اسماعيل لان الرب قد سمع لمذلتك "
إسمعيل: الله سمع. إعلاناً أن الله سمع لصوت مذلتها وأنقذها.
" 12 وانه يكون انسانا وحشيا يده على كل واحد ويد كل واحد عليه وامام جميع اخوته يسكن "
إنساناً وحشياً: أصل الكلمة "إنسانا كالفرا" والفرا هو حمار الوحش وهو معروف بقوته وميله للحرية والإنطلاق في الصحراء ومن الصعب تذليله وإخضاعه وحمار الوحش عند العرب يعتبر من الحيوانات الراقية (أي 5:39-8) وهذا الوصف هو أحسن وصف للعرب البدو. فصار رمزاً لحياتهم الطلقة وإسمعيل هو أبو العرب. يده علي كل واحد : يميل البدو لغزو من حولهم وتقوم الحروب بين قبائلهم ويعتبرون الأسلاب الناتجة عن الغزو من الربح الحلال ويد كل أحد عليه : لاحظ أن الجزاء من نفس جنس الخطية. أمام جميع إخوته يسكن : أي أن الشعوب العربية المتناسلة من إسمعيل يكون لها كيانها المستقل كشعوب مستقلة أمام باقي الشعوب المتناسلة من إبراهيم أي غير خاضعة لأحد منهم.
" 13 فدعت اسم الرب الذي تكلم معها انت ايل رئي لانها قالت اههنا ايضا رايت بعد رؤية "
أنت إيل رئي: أي إله الرؤيا : إله يري والمعني ان الله الذي رأي مشقتها ظهر لها وها هي تراه. إذا هو يري وأيضا ممكن رؤيته فها أنا أراه. والعبارة في العبرية تعني " هل مازلت أحيا ومازلت أري بعد أن رأيت الله" رأيت بعد رؤيا: رأيت ظهر أوقفا الذي رآني.
" 14 لذلك دعيت البئر بئر لحي رئي ها هي بين قادش وبارد "
بئر لحي رئي: بئر الحي الذي يري وتعني استمرار الحياة بعد رؤية الرب. وهذا يتماشي مع كلام منوح "نموت موتاً لأننا قد رأينا الله قض 22:13 ثم كلام زوجة منوح.
" 15 فولدت هاجر لابرام ابنا ودعا ابرام اسم ابنه الذي ولدته هاجر اسماعيل "
ودعا إبرام اسم ابنه إسمعيل: ربما يكون إبرام قد أسماه إسمعيل بعد أن سمع قصة لقاء الله مع هاجر أو يكون إبرام قد تصور خطأ أن هذا هو الإبن الموعود به وأن الله استمع له وأعطاه هذا الأبن الذي سيكون من نسله البركة. وهذا يحدث كثيراً معنا أن نظن أن صوت إرادتنا الشخصية هو صوت الله فنخدع إذ نكون منحصرين داخل أنفسنا.
" 16 كان ابرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر اسماعيل لابرام "
وكان إبرام إبن 86 سنة : وحين ولد إسحق كان عمره 100 سنة
ملحوظات
1. هاجر فهمت أن الملاك الذي ظهر لها هو الرب (يهوة) هكذا قالت وهكذا أيدها موسي (13)
2. سارة تشير للكنيسة (النعمة) وهاجر للناموس وعودتها لبيت إبرام يعني أن الناموس يجب أن يحل في بيت الله ويكون الأولاد أولاد الناموس (إسمعيل) إلي أن يأتي ملء الزمان ويولد إسحق (المسيح).
في بدء خلق الإنسان وقبل السقوط كانت العهود بين الله والإنسان مقامة علي أساس الحب دون أي علامة ظاهرة للعهد فكان الإنسان كصورة الله متجاوباً مع خالقه بالحب. وبعد السقوط إحتاج الإنسان لعلامات يشعر بها الإنسان بوجود الله ومحبته فجوهر العهد هو وجود الله لأن جوهر الخلاص هو رجوعنا للإتحاد بالله. فعند تجديد العالم بالطوفان أعطي الله علامة قوس قزح علامة العهد مع نوح. والأن نري أن الله يدخل في عهد مع إبرام يعطي علامة الختان كعلامة ثابتة في جسم كل ذكر. وعلامة الختان هي علامة بالدم فهو ظل لميثاق أعظم يقدمه المسيح في جسده للمصالحة علي مستوي أبدي. فالدم هو شكل العهد الجديد. والختان يعتبر قطع جزء من جسم الإنسان ليموت هذا الجزء إعلاناً عن قطع الحياة القديمة ليقوم الشخص في حياة جديدة كإبن لله. وكما كان قوس قزح موجوداً قبل الطوفان وإتخذه الله علامة لإرادته الحياة للإنسان هكذا كان الختان معروفاً وسط بعض الشعوب وإتخذه الله علامة عهد بينه وبين شعبه.
" 1 ولما كان ابرام ابن تسع وتسعين سنة ظهر الرب لابرام وقال له انا الله القدير سر امامي وكن كاملا "
الله القدير : في أصلها "الذي فيه كل الكفاية الذي يسكب كل النعم عليك بغني وإستمرار.
كن كاملاً : هذا القول راجع لضعف الإيمان الذي ظهر في زواجه بهاجر.
سر أمامي : السير مع الله كانت الفضيلة التي نسبت لأخنوخ ثم لنوح.
" 2 فاجعل عهدي بيني وبينك واكثرك كثيرا جدا "
أجعل عهدي بيني وبينك : قصة الله مع الإنسان هي قصة عهود مستمرة ومتجددة خلالها يعلن الله حبه للإنسان ويتوق أن يقبل الإنسان هذا الحب ويبادله بالحب والطاعة.
" 4 اما انا فهوذا عهدي معك وتكون ابا لجمهور من الامم 5 فلا يدعى اسمك بعد ابرام بل يكون اسمك ابراهيم لاني اجعلك ابا لجمهور من الامم "
تغيير الأسم من إبرام لإبراهيم التي تعني أباً لجمهور تشير إلي تجديد البشرية.
العهد القديم |
العهد الجديد |
الختان |
للمعمودية |
الوعد هنا بالنسل (الوعد مرتبط بالنسل) |
المعمودية ولادة جديدة |
تغيير الأسماء |
تجديد البشرية بالمعمودية |
فيه دم يسيل |
كل شئ يتطهر بالدم عب 22:9 + خر 8:24 |
للرجال فقط فالرجل رأس للمرأة والمرأة مقدسة فى الرجل |
لأن دم المسيح سال عن كنيسته عروسه |
كان الختان في اليوم الثامن |
ورقم 8 يشير للحياة الأبدية |
ولقد إعتادت الكنيسة أن تغير الأسماء عند الرسامات بنفس المفهوم حتي يشعر الكاهن أو الراهب أنه الأن يحيا حياة جديدة. وكون إبراهيم صار أباً لجمهور تعني أنه صار أباً للجميع (يهوداً وأمماً). ما أجمل أن الإنسان حين يتحد بالله يخرج من ذاته ليهتم بالأخرين.
" 7 واقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في اجيالهم عهدا ابديا لاكون الها لك ولنسلك من بعدك "
عهداً أبدياً: لأولاده بالجسد يكون بالختان ولأولاده بالإيمان يكون بالمعمودية.
" 8 واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا ابديا واكون الههم "
ملكاً أبدياً: الإنسان المختون بالقلب يرث السماء (كنعان السماوية) ميراثاً أبدياً. وختان القلب يشير لقطع الخطايا التي يحبها القلب هنا نجد سكيناً سماوياً يقطع غلف الخطية النجسة. وختان الأذن أي أن يغلقها الإنسان أمام الوشاية الخاطئة والكذب والغضب والأغاني الخليعة وختان اليدين أي الإمتناع عن السرقة والقتل وختان الرجلين بمعني ان لا يسرعا للشر وختان العينين أي الإمتناع عن النظرة الشهوانية والنظرة التي تحسد الأخرين….ألخ.
" 10 هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر "
لم يطلب الله ختان الإناث فهو ضار أما ختان الذكور فهو صحي.
" 11 فتختنون في لحم غرلتكم فيكون علامة عهد بيني وبينكم "
الغرلة: هي الجزء الذي يقطع وهو جزء لا أهمية له وهكذا كل خطية لا أهمية لها.
" 12 ابن ثمانية ايام يختن منكم كل ذكر في اجيالكم وليد البيت والمبتاع بفضة من كل ابن غريب ليس من نسلك "
إبن ثمانية أيام: رقم 7 يشير لحياتنا الزمنية (7 أيام الأسبوع) والثامن يعني الدخول إلي ما وراء حياتنا الزمنية. فالختان هو عبور للحياة الأبدية بخلع محبة الزمنيات المبتاع بفضة : أي العبيد. وختان العبيد كان رمزاً لإيمان الأمم.
" 14 واما الذكر الاغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها انه قد نكث عهدي "
تقطع تلك النفس: تفرز ولا تعتبر من المؤمنين ولا يكون له أي حق من حقوق الشعب ولا يدافعون عنه. (قطعاً هذا بالنسبة للكبار فالصغار يختنون وهم في سن ثمانية أيام(
" 15 وقال الله لابراهيم ساراي امراتك لا تدعو اسمها ساراي بل اسمها سارة "
ساراي: أميرتي. والآن إذ حملت أمومة للمؤمنين دعيت سارة= أميرة إذن هي لم تعد بعد خاصة بإبراهيم بل بكل المؤمنين. وسارة ترمز للعذراء مريم في أمومتها وفي أنها ولدت إبنا ضد الطبيعة فسارة ولدت ومستودعها ميت والعذراء ولدت بدون زرع بشر.
" 17 فسقط ابراهيم على وجهه وضحك وقال في قلبه هل يولد لابن مئة سنة وهل تلد سارة وهي بنت تسعين سنة "
وضحك: كلا إبراهيم وسارة ضحكا عندما سمعا بأنه سيكون لهما ولد وهما شيخين ولأن الله شهد لإبراهيم بإيمانه (6:15) فنفهم أن ضحكه هنا علامة فرح وليس علامة شك (مز 2،1:126) علامة إستغراب من عطايا الله أن يكون له إبن في هذه الظروف فضحكه لا يعني عدم إيمانه بل شدة دهشته لعمل الله معه وعلامة إيمانه أنه سقط علي وجهه أي سجد ليقدم الشكر لله
)رو 18:4-20 + مت 9:3 + أش 1:51(
" 18 وقال ابراهيم لله ليت اسماعيل يعيش امامك "
ليت إسمعيل يعيش أمامك: هذا القول يحتمل عدة معان
1. أنا يارب مكتف بإسمعيل الذي أعطيتني ولا أطلب المزيد. فلتحفظه ليحيا في طاعتك.
2. إذا كنت ستعطيني أبنا اخر فهذا لا تحرمه من بركاتك.
" 19 فقال الله بل سارة امراتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه اسحق واقيم عهدي معه عهدا ابديا لنسله من بعده "
الذي يرث هو إبن الموعد الذي أعطاه الله حياة من موت. وإسحق تعني ضحك فكلا إبراهيم وسارة ضحكا حينما سمعا.
" 20 واما اسماعيل فقد سمعت لك فيه ها انا اباركه واثمره واكثره كثيرا جدا اثني عشر رئيسا يلد واجعله امة كبيرة
إسمعيل له بركات زمنية ولكن الوعد والميراث لإسحق المولود ليس حسب الجسد بل حسب الروح خلال التجديد بواسطة نعمة الله في المعمودية.
ولاحظ التشابه بين اليهود نسل يعقوب والعرب نسل إسمعيل
12 سبطاً إثني عشر رئيساً (هذا تحقق في تك 12:25-16)
لهم علامة الختان لهم علامة الختان (تعلمه كلاهما من إبراهيم(
" 22 فلما فرغ من الكلام معه صعد الله عن ابراهيم "
صعد الله : كان الله يكلمه بصورة منظورة. وهذا الصعود دليل له أن من كان يكلمه ليس إنساناً عادياً. هكذا صعد المسيح أمام تلاميذه.
" 23 فاخذ ابراهيم اسماعيل ابنه وجميع ولدان بيته وجميع المبتاعين بفضته كل ذكر من اهل بيت ابراهيم وختن لحم غرلتهم في ذلك اليوم عينه كما كلمه الله "
فأخذ إبراهيم : لاحظ التنفيذ الفوري من إبراهيم وقارن مع تأجيل موسي ختان إبنه وغضب الله لذلك.
" 26 في ذلك اليوم عينه ختن ابراهيم واسماعيل ابنه "
في ذلك اليوم عينه ختن إبراهيم: لم يخجل إبراهيم وعمره 99 سنة أن يختتن فهو الشيخ الكبير الوقور يختتن فهذا قد يصير سخرية من الناس. لكن إبراهيم لم يهتم فليس أمامه كصديق لله سوي أن يطيع في محبة ودون مناقشة. وهكذا علي كل تائب أن يطيع الله دون مناقشة ويقطع من قلبه كل محبة للخطية. ولاحظ ان الختان هو علامة داخلية لا يراها الناس من خارج وهكذا التوبة.
" 1 وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار 2 فرفع عينيه ونظر واذا ثلاثة رجال واقفون لديه فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد الى الارض "
الصداقة الفريدة بين الله وابراهيم تظهر هنا في زيارة الله لإبراهيم ومعه ملاكين وهي احد ظهورات المسيح في العهد القديم. هي زيارة كشفت الكثير من حب الله ومعاملاته.
وسجد إلي الأرض: هو سجود إكراماً للضيف وليس سجود لله فإبراهيم لم يكن يعرف أولاً أنه الله بدليل (عب 2:13) هذا النوع من السجود هو الذي تقدمه الكنيسة لأبائها البطاركة والأساقفة. بل أن إبراهيم سجد بعد ذلك لبني حث (تك 12:23) فأي اعتراض علي ما تقوم به الكنيسة. ومشهد إستقبال إبراهيم للمسيح يشرح لكل نفس تتمثل بإبراهيم وتدخل مع الله في صداقة حب تجلس عند باب خيمتها (الغربة عن العالم). هذه النفس تستقبل رب السماء وملائكته. "إن أحبني أحد يحفظ كلامى ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً " يو 23:14" "وهانذا واقف علي الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه رؤ 20:3" ودخول المسيح (الشخص الأول والبارز من الثلاثة إلي خيمة إبراهيم يرمز لتجسده (أي أخذ خيمة بشرية(
بلوطات ممرا: ممرا أي الرؤية أو البصيرة "طوبي لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" وبولس يعطي درس من هذه الحادثة أنه بإضافة الغرباء إستضاف إبراهيم ملائكة وهو لا يعلم ركض لإستقبالهم: هنا إبراهيم يتوجه للثلاثة ولم يميز حتي الآن تميز أحدهم عن الباقين.
" 3 وقال يا سيد ان كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك "
يا سيد : حين اقترب منهم ميَز الشخص المميَز أي المسيح فوجه كلامه إليه.
" 4 ليؤخذ قليل ماء واغسلوا ارجلكم واتكئوا تحت الشجرة 5 فاخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون لانكم قد مررتم على عبدكم فقالوا هكذا تفعل كما تكلمت "
ظنهم إبراهيم مسافرين فسألهم أن يغسل أقدامهم وأن يأكلوا. وغسل الأقدام هي عادة شرقية (لم يكن هناك أحذية بل صنادل مفتوحة فكانت سخونة الرمال تؤذي الجسد) لأن السير في الحر مؤلم وغسل الأرجل يبرد الجسم كله وينعشه علاوة علي تنظيف الأرجل من الغبار. فتسندون قلوبكم: هذا بالطعام ليتقووا جسدياً بعد طول سفر.
" 6 فاسرع ابراهيم الى الخيمة الى سارة وقال اسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميذا اعجني واصنعي خبز ملة 7 ثم ركض ابراهيم الى البقر واخذ عجلا رخصا وجيدا واعطاه للغلام فاسرع ليعمله 8 ثم اخذ زبدا ولبنا والعجل الذي عمله ووضعها قدامهم واذ كان هو واقفا لديهم تحت الشجرة اكلوا "
كان إبراهيم كريما جداً هو قال كسرة خبر فماذا كانت كسرة الخبز التي قدمها لهم 3 كيلات دقيق سميذاً (أفخر دقيق) مصنوع خبز ملة (كان يخبز علي حجارة محماة) وهو من الخبز النفيس +عجل رخص وجيد + زبداً ولبناً. ووقف هو يخدم الضيوف وهم يأكلوا وإذ كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة أكلوا : فإبراهيم كان لديه غلمان لكنه من كرمه كان هو بنفسه الذي يخدم الضيوف الغرباء ولاحظ تكرار كلمات (ركض/ أسرع/ أسرعي). وما هي تقدمة إبراهيم أ) دقيق يشير للمسيح في نقاوته (ابيض) وعاش مسحوقاً بالأحزان ب) 3 كيلات رقم 3 يشير للثالوث ففي المسيح حل كل ملء اللاهوت "فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً كو 9:2" ولذلك كان رقم 3 يشير أيضا للقيامة فالمسيح ما كان ممكنا ان يسود عليه الموت طالما حل فيه كل ملء اللاهوت جسدياً. ج) عجل جيد مذبوح هذا يشير للمسيح المذبوح الذي قدم جسده لنا لنأكله "العجل المسمن لو 23:15" والكنيسة تجتمع دائما حول المائدة المقدسة فالله لا يمكث معنا إن لم يكن المسيح في وسطنا. لنقف مع إبراهيم تحت شجرة الصليب نخدم الأخرين في إتضاع وبفرح فنحن نخدم الرب فيهم.
" 9 وقالوا له اين سارة امراتك فقال ها هي في الخيمة "
إين سارة إمراتك : الله لم يقبل أن يكون مديوناً. فإبراهيم أكرمه وها هو يرد الجميل لإبراهيم بأن يبارك زوجته. ولم يكن من عادة الشرقيين أن يسألوا عن الزوجة بإسمها ولكن الرب هنا أراد أن يعلن أنه ليس إنساناً عادياً. فيكف عرف اسم سارة؟
" 10 فقال اني ارجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امراتك ابن وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهو وراءه "
زمان الحياة : في تك 21:17 سبق الرب وحدد أن سارة تلد في السنة الأتية أي بعد سنة وهنا يسمي هذا الزمن زمان الحياة فهو زمن إعطاء حياة لمستودع سارة الميت.
وهو وراءه: الضمير يعود علي باب الخيمة ولذلك يترجم النص "وسمعت سارة في باب الخيمة الذي كان وراءه" ومن كان وراءه سوي المتكلم طبعاً وهي ظنته أولاً إنسان عادي يجامل زوجها.
" 11 وكان ابراهيم وسارة شيخين متقدمين في الايام وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء "
هذه الأية تثبت أن ولادة أسحق تساوي أقامة حياة من الموت.
" 12 فضحكت سارة في باطنها قائلة ابعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ "
ضحكت سارة : ربما ضحكت من الفرح أو الإندهاش. لذلك سمي الإبن إسحق الذي يعني ضحكاً حتي يذكر إبراهيم وسارة عمل الله معهما كلما نادياه بإسمه فيمجدوا الله. وسيدي قد شاخ : هذه الكلمة لفتت نظر الرسول بطرس (ا بط 6:3(
" 15 فانكرت سارة قائلة لم اضحك لانها خافت فقال لا بل ضحكت "
إنكار سارة يعني أنها بدأت تدرك أن المتكلم شخص إلهي لأنه عرف ما في قلبها فخافت.
" 16 ثم قام الرجال من هناك وتطلعوا نحو سدوم وكان ابراهيم ماشيا معهم ليشيعهم "
لم يكتفي إبراهيم بالوليمة بل سار معهم ليرشدهم للطريق ويودعهم.
" 17 فقال الرب هل اخفي عن ابراهيم ما انا فاعله "
هل أخفي عن إبراهيم : هذا سؤال لتأكيد أن الله لا يريد أن يخفي عن إبراهيم شيئاً هو سؤال للتأكيد مثل " هل يخرج الشوك عنباً" (إن كبر إبنك خاويه(
" 18 وابراهيم يكون امة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع امم الارض "
وإبراهيم يكون أمة كبيرة : من اليهود والمسيحين اولاده بالإيمان
" 19 لاني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده ان يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا لكي ياتي الرب لابراهيم بما تكلم به "
لكي يوصي بنيه : علي الأب أن يعلم بنيه. وواضح أن وعد الله مشروط بحفظهم وصاياه.
" 20 وقال الرب ان صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جدا "
صراخ في سدوم: من بشاعة خطاياهم صارت الخطايا تصرخ طالبة القصاص أو أن الأرض التي تلوثت صارت تصرخ من فساد أهلها كما حدث في حالة دم هابيل الصارخ إلي الله.
" 21 انزل وارى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الاتي الي والا فاعلم
أنزل وأري: هذا ليشير لعدل الله الكامل فهو لا يعاقب إلا بعد الفحص التام. وهو الذي نزل فيما بعد ليصلب ويرفع عنا خطايانا إذ أخذ شكل العبد.
" 22 وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم واما ابراهيم فكان لم يزل قائما امام الرب "
كان إبراهيم لم يزل قائما أمام الرب: كان الرب قد أخبره بما نوي عمله وكان هذا ليدفع إبراهيم للصلاة والشفاعة كما فعل مع موسي بعد ذلك.
وسدوم وعمورة مدينتان بجوار البحر الميت أقام لوط في إحداهما. وسدوم تعني إحراق وعمورة تعني فيض أو طوفان. فالخطية تسبب الأحتراق والغرق. وربما نتيجة الحريق غرقتا.
" 23 فتقدم ابراهيم وقال افتهلك البار مع الاثيم "
حينما سمع إبراهيم بمصير سدوم وعمورة لم يتحدث مع الله عن ابنه المقبل ولا وعود الله بل إهتم وصلي وتشفع عن سدوم وعمورة. هي صورة حية للحب الناضج الذي فيه ينشغل الإنسان بخلاص إخوته. هكذا نفوس القديسين لا تهتم بما لنفسها بل بما للأخرين.
" 24 عسى ان يكون خمسون بارا في المدينة افتهلك المكان ولا تصفح عنه من اجل الخمسين بارا الذين فيه 25 حاشا لك ان تفعل مثل هذا الامر ان تميت البار مع الاثيم فيكون البار كالاثيم حاشا لك اديان كل الارض لا يصنع عدلا 26 فقال الرب ان وجدت في سدوم خمسين بارا في المدينة فاني اصفح عن المكان كله من اجلهم 27 فاجاب ابراهيم وقال اني قد شرعت اكلم المولى وانا تراب ورماد 28 ربما نقص الخمسون بارا خمسة اتهلك كل المدينة بالخمسة فقال لا اهلك ان وجدت هناك خمسة واربعين 29 فعاد يكلمه ايضا وقال عسى ان يوجد هناك اربعون فقال لا افعل من اجل الاربعين 30 فقال لا يسخط المولى فاتكلم عسى ان يوجد هناك ثلاثون فقال لا افعل ان وجدت هناك ثلاثين 31 فقال اني قد شرعت اكلم المولى عسى ان يوجد هناك عشرون فقال لا اهلك من اجل العشرين 32 فقال لا يسخط المولى فاتكلم هذه المرة فقط عسى ان يوجد هناك عشرة فقال لا اهلك من اجل العشرة 33 وذهب الرب عندما فرغ من الكلام مع ابراهيم ورجع ابراهيم الى مكانه "
نلاحظ في هذه الأيات
1. اتضاع إبراهيم أمام الله " أنا تراب ورماد" هكذا يجب ان نقف أمام الله.
2. شفاعته عن الآخرين وصلاته عنهم. ولم ينشغل بنفسه ومشكلته هو الشخصية.
3. لو وجد في سدوم 10 أبرار لنجت وهذا يشير لبركة وجود قديسين في مكان ما.
4. صلاة إبراهيم توقفت عند 10 أبرار ولم يكمل فلعله إقتنع بأن هذا الشعب يستحق مادام لا يوجد ولا حتي عشرة أبرار. وغالباً ما كان يدفعه للصلاة والشفاعة هو الروح القدس الذي يعلمنا كيف نصلي وهو الذي يضع كلاماً في أفواهنا هو 2:14 وهو الذي أقنع إبراهيم ان يكف فهم لا يستحقون. إنما قبل الله صلاة وشفاعة إبراهيم وأنقذ لوطاً وزوجته وإبنتيه بل كان من أجل خاطر إبراهيم أن الملاكين سمحا للوط أن يخرج معه أصهاره، إلا أن أصهاره لم يستفيدوا من هذه الفرصة.
5. ذهب الرب عندما فرغ من الكلام مع إبراهيم : فالله حاضر طالما كان إبراهيم يصلي ويتشفع. لذلك يقول بولس الرسول صلوا بلا إنقطاع 1تس 17:5
الله له طرق يجذب بها النفس للسماء وكل طريقة تتناسب مع حالة الشخص. ففي الإصحاح السابق نجد الله في شركة حلوة مع إبراهيم يجذبه للسماويات وفي هذا الإصحاح نجد صورة عكسية، إنذار بالدينونة والخراب والحريق ليجذب لوط خارج دائرة الشر.
وكانت خطية سدوم وعمورة هي الشذوذ الجنسي وتسمي في العربية اللواط نسبة إلي لوط ولكن في الإنجليزية تسمي السدومية Sodomy نسبة لسدوم وعمورة وهذه أوقع.
" 1 فجاء الملاكان الى سدوم مساء وكان لوط جالسا في باب سدوم فلما راهما لوط قام لاستقبالهما وسجد بوجهه الى الارض "
باب المدينة : كان العظماء والوجهاء والقضاة هم الذين يجلسون في باب المدينة فهذا يدل علي عظم المركز وغني لوط الذي وصل لهما. ونجد هنا لوط الذي تربي في بيت إبراهيم يصنع ما صنعه إبراهيم في ضيافة الغرباء.
" 2 وقال يا سيدي ميلا الى بيت عبدكما وبيتا واغسلا ارجلكما ثم تبكران وتذهبان في طريقكما فقالا لا بل في الساحة نبيت "
لابل في الساحة نبيت : كان الغريب يبيت في الساحة إذا لم يجد مكاناً اخر (قض 20،15:19) وكان هذا احتجاجاً منهما علي لوط وبيته. إذ فضلا ان يبيتا في ساحة المدينة. نجد في 2بط 8:2 أن القديس بطرس يطلق علي لوط لقب البار فهو بار نسبياً بالنسبة لشعب سدوم وعمورة ولكن بره هذا يتصاغر جداً بالنسبة لبر إبراهيم. وكان خطأ لوط الواضح انه اختار ان يسكن في هذا المكان الشرير وبعد أن اكتشف شره لم يتركه.
وهنا مقارنة بين إبراهيم ولوط
إبراهيم |
لوط |
1.يستضيف الرب وملاكين في شركة حب وصداقة. 2.كان لقاء إبراهيم معهم في النهار (فهو يحيا في النور). 3.إستضاف إبراهيم الرب وملاكين. 4.قبلوا دعوة إبراهيم فوراً. "قالوا هكذا نفعل كما تكلمت". 5.وليمة إبراهيم تضمنت سر الثالوث والقيامة سر المسيح والمصلوب والمقام فهو عينه مفتوحة. 6.إنتهي لقاء إبراهيم معهم بالبركة له ولسارة. 7.إبراهيم يقف كشفيع عن الأخرين. 8.إبراهيم أختار له الله الأرض. 9.إبراهيم كان قلبه علي الخيمة والمذبح. 10.ظل حراً في محبة الله. 11.هو أنقذ لوط بشفاعته بل ورث كل الأرض |
1.بالكاد يخلصه الملاكين من الدمار من مدينة أختارها هو. 2.لقاط لوط معهم كان في المساء. 3.لوط لم يذهب له سوي الملاكين. 4.رفضوا الدخول أولاً ثم دخلوا بعد إلحاح من لوط بعد ان كانا يفضلان أن يبيتا في الساحة. 5.وليمة لوط عادية. 6.إنتهي اللقاء معهم بالكاد بنجاته من الدمار 7.لوط يتوسل لأن يسكن في صوغر وليس في الجبل. 8.لوط إختار لنفسه وترك الصحبة الطيبة. 9.لوط بحث عن العشب والمراعي (المادة). 10.فقد شجاعته الأدبية وحريته الشخصية. 11.أضاع كل شئ أختاره |
ولاحظ أن إلحاح لوط أن يبيت الرجلان عنده كان ليحميهما من شر أهل سدوم الذي يعرفه.
" 4 وقبلما اضطجعا احاط بالبيت رجال المدينة رجال سدوم من الحدث الى الشيخ كل الشعب من اقصاها "
لاحظ فساد الشعب كله من الحدث إلي الشيخ. الكل صار في نجاسة.
" 5 فنادوا لوطا وقالوا له اين الرجلان اللذان دخلا اليك الليلة اخرجهما الينا لنعرفهم "
لنعرفهما: هي لغة الكتاب المهذبة للمعاشرة الجنسية.
" 8 هوذا لي ابنتان لم تعرفا رجلا اخرجهما اليكم فافعلوا بهما كما يحسن في عيونكم واما هذان الرجلان فلا تفعلوا بهما شيئا لانهما قد دخلا تحت ظل سقفي "
لوط يحاول ان يصلح الموقف ولكن بطريقة فاسدة، أو قال هذا ليخجلهم.
" 9 فقالوا ابعد الى هناك ثم قالوا جاء هذا الانسان ليتغرب وهو يحكم حكما الان نفعل بك شرا اكثر منهما فالحوا على الرجل لوط جدا وتقدموا ليكسروا الباب "
وهو يحكم حكماً : لم يحتمل هؤلاء الأشرار أن لوط يمنعهم من الأعتداء الجنسي علي الرجلين فقالوا هل يتحكم فينا هذا الغريب. بل هددوه بأن يفعلوا فيه شراً أكثر منهما. وربما هم إستاءوا من قوله في (7) لا تفعلوا شراً فقالوا هل يحكم هذا الغريب بأن أعمالنا شريرة.
" 10 فمد الرجلان ايديهما وادخلا لوطا اليهما الى البيت واغلقا الباب "
حاول لوط أن يحمي ضيفيه فطلب أن يخرج بنتيه لكن قاما الغريبان بحمايته مع أهل بيته.
" 11 واما الرجال الذين على باب البيت فضرباهم بالعمى من الصغير الى الكبير فعجزوا عن ان يجدوا الباب "
ضرباهم بالعمي : الكلمة المستخدمة للعمي تشير لنور شديد يلمع فيفقد الإنسان رؤيته أو يحدث نوع من عدم توافق النظر مع العقل فيضل الإنسان طريقه (وهذا هو حال الخاطئ لهم عيون لكنهم لا يبصرون أع 26:28) فهم ظنوا أنهم يرون باب البيت لكنهم سعوا وراء شئ أخر. (راجع 2 مل 18:6) حيث إستخدمت نفس الكلمة. أو قد تعني أنهم أحيطوا بظلام يتخبطوا فيه. ولاحظ تسلسل ضربات الله للخطاة للتحذير قبل الضربة العظيمة.
1. وقوعهم تحت الجزية وخضوعهم لكدرلعومر 12 سنة.
2. الحرب والأسر للنفوس والممتلكات.
3. ضربة العمي.
4. كرازة لوط لكنهم اعتبروه يمزح ولم يهرب أحد.
" 12 وقال الرجلان للوط من لك ايضا ههنا اصهارك وبنيك وبناتك وكل من لك في المدينة اخرج من المكان "
من لك ههنا: نظراً لشفاعة إبراهيم فالملاكان كان مستعدان لإنقاذ أقرباء لوط.
" 14 فخرج لوط وكلم اصهاره الاخذين بناته وقال قوموا اخرجوا من هذا المكان لان الرب مهلك المدينة فكان كمازح في اعين اصهاره "
أصهاره الأخذين بناته: سبق وقال أن بناته لم يعرفوا رجلاً فيكون هؤلاء الأصهار أما في حالة خطوبة للبنات أو كان لوط بنات اخرين متزوجين وهلكوا مع هلاك سدوم وعمورة.
كان كمازح: فالوعظ لا يصلح إذا كان سلوك الشخص لا يؤيده. وبالنسبة لأهل سدوم نقول إن من اعتاد علي المزاح فحين يأتي وقت الجد نجده مازحاً. فهم كانوا يمكن أن يخلصوا لكن في كل جيل يري الأشرار في إنذارات الله هزلاً ومزاحاً فيستخفون بها.
" 15 ولما طلع الفجر كان الملاكان يعجلان لوطا قائلين قم خذ امراتك وابنتيك الموجودتين لئلا تهلك باثم المدينة "
قم: هي دعوة من السماء أن نقوم مع المسيح القائم من الأموات في الفجر.
" 16 ولما توانى امسك الرجلان بيده وبيد امراته وبيد ابنتيه لشفقة الرب عليه واخرجاه ووضعاه خارج المدينة "
عجيب أن يجذب الملاكان لوط وعائلته لخارج المدينة. فهم متمسكون بالدنيويات للنفس الأخير. فكان لوط متمسكاً بالمكان وبثروته لا يريد أن يتركها.
" 17 وكان لما اخرجاهم الى خارج انه قال اهرب لحياتك لا تنظر الى ورائك ولا تقف في كل الدائرة اهرب الى الجبل لئلا تهلك 18 فقال لهما لوط لا يا سيد 19 هوذا عبدك قد وجد نعمة في عينيك وعظمت لطفك الذي صنعت الي باستبقاء نفسي وانا لا اقدر ان اهرب الى الجبل لعل الشر يدركني فاموت 20 هوذا المدينة هذه قريبة للهرب اليها وهي صغيرة اهرب الى هناك اليست هي صغيرة فتحيا نفسي 21 فقال له اني قد رفعت وجهك في هذا الامر ايضا ان لا اقلب المدينة التي تكلمت عنها 22 اسرع اهرب الى هناك لاني لا استطيع ان افعل شيئا حتى تجيء الى هناك لذلك دعي اسم المدينة صوغر "
طلب الملاكان من لوط أن يهرب إلي الجبل فإختار ان يذهب إلي مدينة صوغر!! وعجيب أن يختار الله لإنسان المكان الأمن فيختار الإنسان لنفسه فهل رأي لوط أن اختياره أفضل والأعجب أنه بعد أن رفض الصعود للجبل عاد وصعد للجبل (أية 30). فهل كان لوط متعباً لا يستطيع صعود الجبل وهل يتعب من يجذبه ملاكان. هل خاف لوط أن لا يستطيع الوصول للجبل قبل أن يأتي الدمار؟ هذا مردود عليه فالملاك أفهمه أنه لا يستطيع أن يفعل شئ إن لم يهرب لوط وينجو (22) أو هل هو طمع أن تكون صوغر ملكاً له فيقول "اليست هي صغيرة فتحيا نفسي" : أي هي صغيرة فلاخذها ميراثاً لأحيا عوضاً عن كل ما خسرته في سدوم. وصوغر كانت أصغر مدن الدائرة. وهذا حال كثيرين يدعوهم الله لصعود الجبل المقدس فيكتفوا صوغرأي نصيب مادي أرضي. مهما كان كبيراً فهو تافه بالنسبة للسماويات.
" 24 فامطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء 25 وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الارض "
الله في رحمته لم يمطر علي سدوم وعمورة قبل أن يدخل لوط إلي صوغر فهو حريص علي لوط كانسان بار "قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ"
فأمطر الرب… من عند الرب: هذه تشبه "قال الرب لربي" والمعني أن الابن أمطر من عند الأب وغالباً كان خراب سدوم وعمورة عن طريق بركان قذف حمماً فطبيعة المنطقة كبريتية وباطن الأرض به غازات مكتومة مضغوطة قابلة للإشتعال وقد إنطلقت بفعل أحد الزلازل ثم إشتعلت ونزلت علي الأرض بشكل أمطار ملتهبة. وربما كانت هناك صواعق من السماء تشعل أبار الحمر الموجودة بكثرة. المهم أن غضب الله احرق المدن بطريقة ما بسبب شرها.
وهكذا كل من يجري وراء شهوته ستحرقه نار غريبة (يه 7) وما حدث في سدوم وعمورة هو نموذج للنار الأبدية قلب مدن الدائرة : غالباً تشير لغرقهم في البحر الميت، بحر الملح.
" 26 ونظرت امراته من ورائه فصارت عمود ملح "
الله حولها بقدرته لعمود ملح. أو أنها اختنقت من الكبريت والدخان ثم غطي الملح جسدها فصار لها قبراً. أو إنهالت عليها الحمم السائلة وجمدت عليها فصارت عمود ملح. لكن لماذا؟ هي نظرت لسدوم مشتهية خطاياها. ولذلك قال السيد المسيح "اذكروا إمراة لوط لو 37:17" فهي إشتهت أشياء عالمية وخطاياها بينما هي صاعدة للجبل فعلينا أن لا ننظر للوراء ونمتد إلي ما هو قدام. والملح في الكتاب المقدس يشير لعدم الفساد فيقال العهد عهد ملح أي أبدي وإمراة لوط أصبحت شاهدة علي نتائج الخطية شهادة أبدية.
" 27 وبكر ابراهيم في الغد الى المكان الذي وقف فيه امام الرب 28 وتطلع نحو سدوم وعمورة ونحو كل ارض الدائرة ونظر واذا دخان الارض يصعد كدخان الاتون "
إبراهيم كان قد عرف قرار الله بالنسبة لسدوم وهو ذهب لينظر حزيناً علي مصيرهما وهو نظر ولم يتحول لعمود ملح فهناك فرق في النظرة وهو لا يشتهي الخطية بل يرثي علي الخطاة.
" 29 وحدث لما اخرب الله مدن الدائرة ان الله ذكر ابراهيم وارسل لوطا من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط "
هذه الاية تثبت قوة شفاعة إبراهيم ولاحظ أن إبراهيم لم يتشفع في لوط وعائلته فقط بل للجميع ولكن الله أنقذ كل فتيلة مدخنة. ولنلاحظ المدعوين للخروج.
1. أصهار لوط: هؤلاء إستهانوا وكان لوط كمازح في أعينهم وهؤلاء هلكوا إذ رفضوا.
2. إمراة لوط: تمثل المتواجدين في الكنيسة تواجداً جسدياً لكن قلبهم مشتعل بمحبة العالم. هلكت.
3. إبنتي لوط: خرجتا لكن قلبهما لم يكن نقياً، خرجتا خوفاً من الموت وليس رغبة في عدم الشركة مع الأشرار. كانتا لهما صورة التقوي وداخلهم مملوءاً شراً.
4. لوط: متردد يمسكه الملاكان ليجذباه، متباطئ، يجادل في كلام الله ويرفض صعود الجبل ويذهب إلي صوغر (مثال لمن يرفض التقديس الكامل) حقاً قصبة مرضوضة لا يقصف.
" 30 وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لانه خاف ان يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو وابنتاه 31 وقالت البكر للصغيرة ابونا قد شاخ وليس في الارض رجل ليدخل علينا كعادة كل الارض 32 هلم نسقي ابانا خمرا ونضطجع معه فنحيي من ابينا نسلا 33 فسقتا اباهما خمرا في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع ابيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها 34 وحدث في الغد ان البكر قالت للصغيرة اني قد اضطجعت البارحة مع ابي نسقيه خمرا الليلة ايضا فادخلي اضطجعي معه فنحيي من ابينا نسلا 35 فسقتا اباهما خمرا في تلك الليلة ايضا وقامت الصغيرة واضطجعت معه ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها 36 فحبلت ابنتا لوط من ابيهما 37 فولدت البكر ابنا ودعت اسمه مواب وهو ابو الموابيين الى اليوم 38 والصغيرة ايضا ولدت ابنا ودعت اسمه بن عمي وهو ابو بني عمون الى اليوم "
نجد لوط هنا وقد صعد للجبل وهذا ما قد رفضه أولاً. ولو ذهب أولاً لكان قد ذهب في إيمان ومحبة وطاعة لله كإبن أما الآن فهو يذهب خائفاً كعبد. وهذا الفصل الذي به يختم الكتاب قصة لوط مؤلم فهو أوضح أن إبنتا لوط شربتا الكثير من شر سدوم وعمورة والبعض قدم عذراً لهما أنهن تصورن خراب العالم كله بعد الحريق فأردن أن يحتفظن بالنسل أو هن أردن أن يحتفظن بالنسل المقدس ظنا منهما إن إبراهيم قد مات (فيأتي من نسلهن المسيح) ولكنه حل بشري خاطئ مرفوض. وما فعلوه كان خطية بشعة وكان إبنيهما رأسين لشعبين شريرين موأب (إبن الأب أي منسوب لأبي الأم) وبني عمون (إبن شعبي أي الذي من جنسي). وموأب صار أمة كبيرة ثم إندمج مع بني عمون في الشعوب العربية
" 1 وانتقل ابراهيم من هناك الى ارض الجنوب وسكن بين قادش وشور وتغرب في جرار 2 وقال ابراهيم عن سارة امراته هي اختي فارسل ابيمالك ملك جرار واخذ سارة "
لا نعرف لماذا ذهب إبراهيم إلي جرار، وهناك من يقول أنه تأثر مما حدث في سدوم وعمورة إذ راهما تحترقان. أو هو طلب مرعي أخر إذ كثرت مواشيه، أو لعل مجاعة جديدة حدثت فغادر بلوطات ممرا إلي جرار. وهنا نجد لحظة ضعف إيمان لأبو الإيمان، فيها تغيرت نظرة إبراهيم فبدلاً من أن ينظر للسماء بإيمان نظر لأهل جرار فرأهم أشرار فخاف منهم وكرر الخدعة الأولي التي فعلها مع فرعون بعد حوالي 20 سنة. لكن هناك سؤال كيف ينظر ملك جرار إلي سارة وهي الأن تقترب من التسعين من عمرها!! هل كانت مازالت محتفظة بجمالها؟ الأجابة أن الله الذي أعطاها نسلاً ضد الطبيعة وقد غير طبيعتها بل هي كانت ترضع إسحق هو نفسه أعطاها حيوية تتحمل الولادة والرضاعة وتربية الطفل فهو الذي جدَد مثل النسر شبابها وبنفس المفهوم نفهم كيف أن إبراهيم وقد إندهش أن يكون لإبن مائة عام قدرة أن ينجب قد إستمر ينجب بعد أن تزوج قطورة وعمره 140 عاماً وأنجب منها 6 أولاد فعطايا الله دائمة لا يرجع فيها.
إبيمالك: غالبا لا تعني إسماً بل لقباً مثلما كان فرعون في مصر هو ملك مصر. وإبيمالك تعني أبي ملك. وهو كان وثنياً لكن كان له صفات لطيفة وجميلة. ولاحظ حديثه مع الله ومع إبراهيم ومع سارة. ونتعجب كيف حكم إبراهيم أن هذا الموضع ليس فيه خوف الله (آية 11). ومدينة جرار علي الجانب الجنوبي من حدود فلسطين تبعد 9 كيلومتر من غزة وسكنها الفلسطينيون.
" 6 فقال له الله في الحلم انا ايضا علمت انك بسلامة قلبك فعلت هذا وانا ايضا امسكتك عن ان تخطئ الي لذلك لم ادعك تمسها "
وأنا أمسكتك: لعل الله أصابه بمرض حتي لا يمس سارة. ولعل إبيمالك تذمر وقتها بسبب المرض الذي لحقه. لكن كان هذا المرض لخيره لأنه لو كان صحيحاً ومسها لكان الله قتله.
" 7 فالان رد امراة الرجل فانه نبي فيصلي لاجلك فتحيا وان كنت لست تردها فاعلم انك موتا تموت انت وكل من لك "
فإنه نبي : نبي باليوانية بروفيتيس : برو (قبل) + فيتيس (يتكلم) والمعني أنه يتكلم بأشياء قبل أن تحدث أي أشياء مستقبلية. وفي العبرية الكلمة نبي مثل العربية ولكنها تعني الذي يصلي ويتوسل ويتشفع. ولأن من بين من يصلي ويتوسل لله يوجد من إرتقي لعلاقة المودة والمحبة لله والصداقة لله التي معها يقول الله "هل أخفي عن عبدي هذا ما أنا فاعله". فيكشف لهم الله أفكاره عن الحاضر والمستقبل. ولذلك أصبحت كلمة نبي تعني من يتكلم ويعظ ويعلم عن الله وتعني أيضا من يكشف المستقبل. وكان المعني الذي قصده بولس الرسول في 1كو 3:14 يعني من يتكلم عن أفكار الله ويعلنها ويعلمها وهكذا كان المعني لموسي وهرون، فهرون كان له اللسان الذي به يعلن أفكار الله التي تأتي لموسي. وهذه الأية إثبات مهم لموضوع الشفاعة. وهنا نجد الله يكرم إبراهيم جداً في عيون الفلسطينين.
فهل الله كان غير قادر ان يبارك إبيمالك بدون صلاة إبراهيم. قطعاً لا لكن الله أراد ان يكرم ابراهيم الذي أكرمه 1صم 30:2
" 8 فبكر ابيمالك في الغد ودعا جميع عبيده وتكلم بكل هذا الكلام في مسامعهم فخاف الرجال جدا "
كان رجال إبيمالك وثنيين لكن كانت قلوبهم مستعدة لقبول كلمة الله.
" 9 ثم دعا ابيمالك ابراهيم وقال له ماذا فعلت بنا وبماذا اخطات اليك حتى جلبت علي وعلى مملكتي خطية عظيمة اعمالا لا تعمل عملت بي "
الله يسمح لأبيمالك أن يعاتب إبراهيم ويلومه. ماذا فعلت بي : أي ماذا قصدت بي، فإني لم أسئ إليك حتي خدعتني وجلبت علي غضباً إلهياً. لو قلت الصدق ما حدث هذا.
" 10 وقال ابيمالك لابراهيم ماذا رايت حتى عملت هذا الشيء "
ماذا رأيت حتي عملت هذا الشي: ماذا رأيت فينا من شر حتي تفعل بنا هذا.
" 11 فقال ابراهيم اني قلت ليس في هذا الموضع خوف الله البتة فيقتلونني لاجل امراتي 12 وبالحقيقة ايضا هي اختي ابنة ابي غير انها ليست ابنة امي فصارت لي زوجة 13 وحدث لما اتاهني الله من بيت ابي اني قلت لها هذا معروفك الذي تصنعين الي في كل مكان ناتي اليه قولي عني هو اخي "
العجيب أن رد إبراهيم لم يتضمن إعترافاً بالخطأ بل تضمن إتهاماً لأهل جرار بالشر دون مبرر فسقط في خطية الإدانة والتسرع في الحكم علي الأخرين. مع أنه ثبت أنهم صالحين. وأوضح كلام إبراهيم أن ما فعله كان إتفاقاً قديما بينه وبين سارة ونفذوه من قبل مع فرعون.
حدث لما أتاهني الله : أي حينما أخرجني الله من أور ثم من حاران وكنت لا أعلم إلي إين أذهب.
" 14 فاخذ ابيمالك غنما وبقرا وعبيدا واماء واعطاها لابراهيم ورد اليه سارة امراته 15 وقال ابيمالك هوذا ارضي قدامك اسكن في ما حسن في عينيك 16 وقال لسارة اني قد اعطيت اخاك الفا من الفضة ها هو لك غطاء عين من جهة كل ما عندك وعند كل واحد فانصفت "
كان أكرام ابيمالك لإبراهيم عظيماً لا في الهدايا وحسب وإنما في إعلان محبته وتقديره له، لقد رد إلاساءة إليه بالحب العملي.
أني قد أعطيت اخاك : هو عتاب مملوء حباً لأنها قالت لأبيمالك هو اخي فهو يعاتبها بقوله أخاك. وقد تكون الألف فضة ثمن المواشي أو هي فوق المواشي.
غطاء عين لك : يعني هذا أن الهدية معناها أن ابيمالك لم يمس سارة فقبول إبراهيم للهدية يعني هذا وهو إثبات لعفة سارة. هو تكريم ورد شرف وتقديراً لها ولزوجها أمام الناس. وهناك من يقول أن المقصود بغطاء العين هو إبراهيم نفسه فيكون حامياً لها وساتراً إياها عن كل عين تتطلع أو تفكر في أخذها.
" 17 فصلى ابراهيم الى الله فشفى الله ابيمالك وامراته وجواريه فولدن 18 لان الرب كان قد اغلق كل رحم لبيت ابيمالك بسبب سارة امراة ابراهيم "
يبدو أن إبراهيم صلي لأجل إبيمالك وسراريه بعد مدة فيها علموا بعقمهم. والمفروض أن يكون الزواج غطاء عين فلا ينظر أي من الطرفين ليشتهي (أي 1:31).
" 1 وافتقد الرب سارة كما قال وفعل الرب لسارة كما تكلم 2 فحبلت سارة وولدت لابراهيم ابنا في شيخوخته في الوقت الذي تكلم الله عنه "
هذا الأبن هو ثمرة إفتقاد الرب لسارة ووعوده لها ولرجلها. هو إبن موعد وعلينا أن نجاهد ولا نطلب الثمر بل في إيمان نجاهد العمر كله والله سيعطينا في الوقت المناسب وما خاب من إنتظر الله أبداً.
" 3 ودعا ابراهيم اسم ابنه المولود له الذي ولدته له سارة اسحق "
الله هو الذي أسماه قبل ذلك وإبراهيم ينفذ أمر الله.
" 6 وقالت سارة قد صنع الي الله ضحكا كل من يسمع يضحك لي "
الكل سيفرح لي ويستغربون عطية الله لعجوز رحمها كان ميتاً كالصخر. وهكذا السمائيين يفرحون بكل خاطئ كميت يتوب فيحيا.
" 7 وقالت من قال لابراهيم سارة ترضع بنين حتى ولدت ابنا في شيخوخته "
من قال لإبراهيم : أي هذا لم يخطر علي بال أحد فيقوله لإبراهيم.
" 8 فكبر الولد وفطم وصنع ابراهيم وليمة عظيمة يوم فطام اسحق "
كان الفطام عند اليهود في سن 3 سنين (وفي هذا السن ذهب صموئيل إلي الهيكل) ولم يذكر الكتاب أن إبراهيم صنع وليمة عظيمة يوم ولادة أسحق. فالفرح الحقيقي للمؤمن يكون بالنضوج في طريق الإيمان والتوبة وبكل نمو روحي لإنساننا الداخلي.
" 9 ورات سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لابراهيم يمزح "
يمزح : يسخر ويتهكم ويري المفسرون أن هذه الحادثة هي بداية الـ 400 سنة التي يضطهد فيها نسل إبراهيم وبدايتها إضطهاد إبن المصرية لإسحق وفي نهايتها إضطهد المصريون الشعب نسل إسحق. لذلك قال الكتاب إبن المصرية ولم يقل إسمعيل. وربما كانت الوليمة العظيمة التي أقامها إبراهيم هي التي أغاظت هاجر وإسمعيل بوصول وريث جديد لإبراهيم. وبولس هو الذي كشف أن هذا المزاح كان إضطهاداً. وهكذا كان إضطهاد اليهود للمسيحية في بدايتها فاليهود يرمز لهم إسمعيل والكنيسة يرمز لها إسحق. والميراث الذي تنتظره الكنيسة هو ميراث روحي فلا يرثه إنسان جسدي بل إنسان روحي. والإنسان الروحي ولد بوعد وبحسب إيمان فورث من أبيه الإيمان وهو إبن الحرة سارة فورث منها الحرية وهكذا الكنيسة المولودة من المعمودية من فوق (يمثله اسحق).
أما الإنسان الجسداني فهو إبن الجسد والشهوة وضعف الإيمان فورث من أبيه ضعف الإيمان ومن أمه العبودية فكان إنساناً وحشياً حيواني الغرائز يحيا حسب الجسد (يمثله إسمعيل).
.” 10 فقالت لابراهيم اطرد هذه الجارية وابنها لان ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني اسحق “
كان كلام سارة هذا بروح النبوة لذلك فقد وافق الله عليه. فكان لكنيسة العهد القديم أن تتواري حتي تظهر كنيسة العهد الجديد ولذلك سمح الله بطرده. كنيسة العهد القديم هم اليهود الذين تمسكوا بحرف الناموس وشكلياته فعاشوا علي مستوي الجسد لا الروح. أما كنيسة العهد الجديد فجاءت ثمرة النعمة الإلهية لها حق الميراث.
“11 فقبح الكلام جدا في عيني ابراهيم لسبب ابنه “
فقبح الكلام: كم تألم إبراهيم وهو يطرد إبنه إسمعيل لكن هذا كان نتيجة ثمار الحلول البشرية التي كانت ضد خطة الله. وهكذا أيضاً كل خطية تمكنت فينا أو أحببناها حين يأتي الوقت الذي نريد أن نتركها نكون كمن يقدم ذبيحة نقطع فيها هذا الشئ المحبوب.
“ 12 فقال الله لابراهيم لا يق بح في عينيك من اجل الغلام ومن اجل جاريتك في كل ما تقول لك سارة اسمع لقولها لانه باسحق يدعى لك نسل “
الله قبل طرد الجارية والغلام ليكون هذا رمزاً لإختفاء كنيسة العهد القديم أمام كنيسة المسيح.
“ 13 وابن الجارية ايضا ساجعله امة لانه نسلك “
لكن الله لن ينس إسمعيل من أجل إبراهيم ومن أجل أنه خليقته وهو المسئول عنه.
“14 فبكر ابراهيم صباحا واخذ خبزا وقربة ماء واعطاهما لهاجر واضعا اياهما على كتفها والولد وصرفها فمضت وتاهت في برية بئر سبع “
هناك من يتهم إبراهيم بالقسوة في طرد هاجر وإسمعيل ولكن هو نفسه الذي قدم إسحق للذبح ففي الحالتين فعل هذا لأنها أوامر الله. والله الذي عال إسمعيل في البرية هو الذي فدي إسحق. ولكن الله سمح بهذا ليقدم الرمز. وكانت العادة أن يتزود الشخص المسافر بماء في قربة يكفيه للوصول لأقرب بئر وقطعاً أرشدهما إبراهيم للطريق إلي أقرب بئر لكنهم ضلوا الطريق. وكان الولد حينئذ سنة 16-17 سنة.
“15 ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت احدى الاشجار “
في سن الشباب وبسبب النشاط وزيادة العرق يحتاج الشاب لكمية من الماء أكثر من كبار السن لذلك خارت قوي إسمعيل قبل أمه وظهر تعبه قبلها.
وبينما كان الطفل إسحق يرتوي من ينابيع حب أبويه بلا توقف، شرب إبن هاجر من القربة المصنوعة من جلد حيوانات ميتة، فلم تستطع ان تروه إلا قليلاً ليبقي في حالة ظمأ وإعياء ويقترب جداً من الموت. أنها صورة تكشف عن الفارق بين روح الحياة الإنجيلية والفكر الجسداني النابع عن حرفية الناموس. وهكذا كل من ترك بيت الله (هنا يرمز له بيت إبراهيم). لكن الله يعطي ماء وينفذ هاجر وإبنها فهو أب الجميع لكن مثل اليهود الآن لهم خيرات زمنية ولكن ليس مثل حضن الأب.
“ 16 ومضت وجلست مقابله بعيدا نحو رمية قوس لانها قالت لا انظر موت الولد فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت “
المسافة بين الأم والولد قيست بحسب ما إشتهر به الولد أنه رامي قوس (20) أي صياد.
“ 17 فسمع الله صوت الغلام ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو “
فسمع الله صوت الغلام : بينما أن هاجر هي التي رفعت صوتها وبكت (16) ولكن الله يعرف إحتياجنا دون أن نتكلم أو نصرخ. ونادي ملاك الله : سبق في 7:16 أن قيل ملاك الرب أي يهوة. فهي الأن خارج دائرة شعب الرب وهذا بسماح من الله. وشعب الرب الأن هو بيت إبراهيم. والله يعلن نفسه لها أنه الله إله العالم كله. لكن إسم يهوة هو لشعبه فقط
“19 وفتح الله عينيها فابصرت بئر ماء فذهبت وملات القربة ماء وسقت الغلام “
البئر كانت بجانبهم لكنهم لم يروها إلا حين أرشدهم الله وبدونها كانوا معرضين للهلاك. وهكذا اليهود الأن لو صرخوا لله سيفتح عيونهم ويرشدهم للإيمان بالمسيح.
“22 وحدث في ذلك الزمان ان ابيمالك وفيكول رئيس جيشه كلما ابراهيم قائلين الله معك في كل ما انت صانع 23 فالان احلف لي بالله ههنا انك لا تغدر بي ولا بنسلي وذريتي كالمعروف الذي صنعت اليك تصنع الي والى الارض التي تغربت فيها 24 فقال ابراهيم انا احلف 25 وعاتب ابراهيم ابيمالك لسبب بئر الماء التي اغتصبها عبيد ابيمالك 26 فقال ابيمالك لم اعلم من فعل هذا الامر انت لم تخبرني ولا انا سمعت سوى اليوم 27 فاخذ ابراهيم غنما وبقرا واعطى ابيمالك فقطعا كلاهما ميثاقا “
أكرم إبيمالك ملك جرار إبراهيم جداً وسمح له بالبقاء في ارضه، لكنه إذ رآه يعظم جداً، أدرك أن الله هو سر عظمته ونجاحه فخاف منه، لذلك جاء ومعه رئيس جيشه فيكول ليقيما معه ميثاقاً حتي لا يغدر إبراهيم به أو بنسله وذريته. وغالباً كان سبب الزيارة أن إبراهيم قد فترت مودته بطريقة شعر بها إبيمالك فأتي للبحث عن السبب. وكان غضب إبراهيم راجعاً بسبب بئر الماء التي إغتصبها عبيد إبيمالك والأبار في هذه المناطق هي وسيلة الحياة. ولاحظ أن الله يظهر نجاحاً وتوفيقاً لعبيده وسط العالم به يظهر أنه معهم ويؤيدهم.
“28 واقام ابراهيم سبع نعاج من الغنم وحدها 29 فقال ابيمالك لابراهيم ما هي هذه السبع النعاج التي اقمتها وحدها 30 فقال انك سبع نعاج تاخذ من يدي لكي تكون لي شهادة باني حفرت هذه البئر 31 لذلك دعا ذلك الموضع بئر سبع لانهما هناك حلفا كلاهما “
كلمة 7 بالعبرية Shevah وأصلها Savah أي يشبع ويمتلئ فالله في اليوم السادس اتم خلقة العالم وفي اليوم السابع إستراح فكل شئ كان قد تم خلقه حسنا وكاملاً ولا يمكن أن يضاف شئ لما خلقه الله. ومن نفس الأصل إشتقت كلمة يقسم أو يحلف فهم كانوا يستخدمون للحلف 7 نعاج أو 7 خراف فالبئر أسميت بئر سبع أي بئر القسم أو الحلف لأنهم تعاهدوا بحلف بشأنها وإستخدم في الحلف 7 نعاج. ومعني الـ 7 نعاج كمال القسم أو تمام الروابط بينهم (تك 28:21-31) لذلك نجد نفس الكلمة تستخدم كرقم 7 وتستخدم كقسم أو حلف. وفي (29) إتضح أن إبيمالك لم يفهم هذه العادة العبرانية.
“33 وغرس ابراهيم اثلا في بئر سبع ودعا هناك باسم الرب الاله السرمدي “
وغرس إبراهيم أثلاً في بئر سبع : ليؤكد ملكيته للبئر غرس هذه الأشجار والأثل يماثل السرو وهو يكبر ويرتفع في البلاد الحارة للتظليل ولإقامة الخيام تحتها.
وروحياً فالبئر تشير للكنيسة التي تفيض بالروح القدس الذي يهبه المسيح وإصرار إبراهيم أن يحصل علي البئر يجب أن يكون إصرار للمؤمن أن يمتلئ بالروح القدس. ولانها بئر سبع فتشير للأسرار السبع التي يعمل فيها الروح القدس. وغرس الأشجار حولها يشير لغرس المؤمنين الذين يلتفون حول مياه الروح القدس. ودعا هناك باسم الرب : هذا المكان صار مقدساً بصلوات أبينا إبراهيم.
السرمدي : الله الموجود دائما أبدا الأزلي الأبدي والأصل العبري يشير إلي أنه غير مرئي.
لو لم توجد في حياة إبراهيم وأسحق سوي هذه الحادثة التي فيها يقدم إبراهيم أبنه ذبيحة، وإبنه إسحق لا يعترض ولا يقاوم، لكان كلاهما أعظم قديسين عبر العصور. وهذه القصة تشير لعظمة إيمان إبراهيم الذي يري أن الله هو كل كفايته حتي لو حرم من كل مصادر التعزية فإبنه إسمعيل مطرود وإبنه اسحق سيقدمه ذبيحة بيديه وبقدر ما قست التجربة جداً تمجد إبراهيم وإسحق إبنه، فصار يمثلان صورة حية لعمل الله الخلاصي خلال ذبيحة الصليب وإعلان قيامة المسيح.
والكنيسة تصلي في يوم خميس العهد قسمة ذبح إسحق وهي تذكر تقديم المسيح نفسه كذبيحة.
“1 وحدث بعد هذه الامور ان الله امتحن ابراهيم فقال له يا ابراهيم فقال هانذا “
وحدث بعد هذه الأمور : كأن الله لم يسمح بالتجربة الرهيبة إلا بعد أن أعطي له الوعد من جهة اسحق وقد تحقق الوعد وبعد أن اعطي له مهابة ورهبة أمام الملوك. فالله قوي إيمانه قبل أن يمتحنه فالله لا يجرب إنسان فوق ما يستطيع 1كو 13:10. ومن المؤكد أن الله رافقه وشدده خلالها "يجعل مع التجربة المنفذ" ويكون هذا بطريقة خفية
الله إمتحن إبراهيم : والكلمة العبرية لإمتحن تعني يختبر أو يثبت. والمعني أن الله وضع له هذه التجربة ليظهر عظمته أمام الأجيال، عظمة إيمانه الذي لا يهتز. وأراد الله في نفس الوقت أن يظهر لإبراهيم طريقة الخلاص، فرجل مثل إبراهيم حصل علي كل ما يتمناه، الأبناء والأرض والمهابة من المؤكد أنه كان يفكر في طريقة الخلاص بعد الموت وهنا طلب منه الله هذا الطلب وكان إبراهيم في هذه القصة الرمزية رمزاً للآب الذي سيقدم أبنه ولقد اختبر إبراهيم بنفسه مرارة الألم إعلاناً عن مشاعر الآب الذي قدم إبنه فداء عن بني آدم الذين أحبهم. وخلال التجربة تمتع إبراهيم برؤية واضحة لطريقة الخلاص وفهم مسبقاً كيف أن المسيح سيقوم من الأموات مانحاً الحياة لإبراهيم ولأولاده ففرح إبراهيم "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يري يومي فرأي وفرح يو 56:8" فهو بالإيمان والمرارة أنطلق بابنه نحو المذبح ورجع من التجربة فرحاً باسحق القائم من الأموات رمزاً للمسيح. لقد شرح الله طريقة الخلاص ولكن استخدم الله إبراهيم وأسحق الجبابرة الذين يصلحون لهذه المهمة. ولنلاحظ أنه كلما زادت التجربة زاد حجم العطية ولكن الله يعرف من يتحمل ويمتحنه. إذاً معني أن الله يمتحن إبراهيم لا تعني أن الله ينتظر ماذا سيكون موقف إبراهيم من التجربة فهو بالقطع يعرف، ليس هذا فقط، بل الله أظهر نتيجة الامتحان مسبقاً في 6:15 "فأمن إبراهيم بالرب فحسبه له براً". إنما الإمتحان هنا هو لمزيد من الإعلانات ولإظهار بر إبراهيم للعالم. ولقد شرح بولس الرسول ماذا كان إيمان إبراهيم في هذه الحالة عب 17:11-19. إذ قد صدَق وآمن بوعد الله أنه بإسحق سيدعي له نسل فأمن أنه ولو قدمه ذبيحة فسيقيمه الله ثانية فلا نحزن إذا إمتحننا الله بتجربة صعبة فالله لا يمتحن سوي الأقوياء ليعطيهم مزيداً من الإعلانات.
وهذا ما قد حدث فلقد مر إبراهيم بتجربة صعبة والنتيجة أنه رأى الله، لقد تحول الإيمان إلى عيان ( أية 14).
“2 فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه اسحق واذهب الى ارض المريا واصعده هناك محرقة على احد الجبال الذي اقول لك “
الله لا يطيق الذبائح البشرية وقد حرم الناموس والشريعة ذلك تماماً. وكان الوثنيون يقدمون أبكارهم ذبائح لألهتهم فهم كانوا كيائسين يودون إسترضاء الهتهم المتعطشة للدماء. أما الله هنا المحب للبشر فهو أراد أن يعلن أنه لا يريد موت إنسان بل هو الذي سيبذل نفسه عن البشر ليعطيهم حياة.
إينك وحيدك الذي تحبه : هذه الكلمات مصممة لتنطبق علي المسيح الإبن الوحيد الجنس المحبوب. أف 6:1 أرض المريا : يري البعض أنه المكان الذي بني فيه الهيكل حيث كانت تقدم الذبائح ويري البعض أنه الموقع الذي صلب فيه المسيح (2 أي 1:3) المهم أن المكانين متجاورين. وكلمة مريا تعني (الرب راء أو معد) حيث أعد الرب كبش المحرقة. وقد قال إبراهيم الرب يري له الخروف للمحرقة (أية 8). فغالباً المكان سمي بحسب الحادثة. وغالباً فجبل المريا يعني كل جبال أورشليم وهي تبعد عن بئر سبع حيث كان إبراهيم يسكن 42 ميلاً (3 أيام سفر).
“3 فبكر ابراهيم صباحا وشد على حماره واخذ اثنين من غلمانه معه واسحق ابنه وشقق حطبا لمحرقة وقام وذهب الى الموضع الذي قال له الله “
فبكر : دون تراخ وقبل أن تستيقظ سارة وتعرف فتمنعه. وبغير جدال أوشك في مواعيد الله. كان إبراهيم عجيباً في طاعته وإسحق عجيباً في إستسلامه. وهذا يعني الحب. وشقق حطباً: ليذهب للمكان مستعداً فلا يوجد ما يعوقه عن تحقيق أمر الرب وحتي لا يضعف حين يصل إلي المكان. والحطب هو الخشب الذي يشير لخشبة صليب المسيح. الله كان يكشف سر الصليب بطرق متنوعة غير أن الكثيرين عيونهم قد إنطمست. ولنري مميزات إيمان إبراهيم.
1. الله سيقيم من الأموات
2. بلا تردد ولا أسئلة كيف ولماذا.
3. بسرعة وباكراً ولا يستشير لحماً ولا دماً
4. إيمان عملي ينفذ وليس كلاماً فقط.
لذلك هو إختبر الله ورآه ورأي يومه ورجع من هذه التجربة فرحاً. لا تجربة بلا فرح
“4 وفي اليوم الثالث رفع ابراهيم عينيه وابصر الموضع من بعيد “
وفي اليوم الثالث : اليوم الثالث يشير للقيامة وكان إسحق ظل مع المسيح في القبر هذه الثلاثة أيام وفي اليوم الثالث رجع حياً. ولقد تكررت قصة الأيام الثلاثة في الكتاب المقدس لتشرح نفس الفكرة وهناك بعض الأمثلة.
1. طلب من بني إسرائيل أن يقدموا ذبيحة علي مسيرة 3 أيام فالذبيحة لا تقبل خارج دائرة القيامة.
2. بعد مسيرة 3 أيام وجدوا ماء
3. مسيرة التابوت 3 أيام
راجع خر 3:5 + 22:15 + عد 33:10 + خر 11:19 + يش 14:1 + 2 مل 5:20 والكتاب لم يخبرنا لماذا سكن إبراهيم في جرار بجانب إبيمالك ولعلنا الأن علمنا السبب!! ليكون إبراهيم وإسحق علي مسافة 3 أيام من جبل المريا في أورشليم ويكمل الرمز. كم كانت التجربة مؤلمة ومرة علي نفس إبراهيم وإسحق ولكن وسط التجربة وبين ضغطات الألم وعند كثرة الهموم إمتلات نفس إبراهيم تعزية وإنفتحت بصيرته الداخلية فعاين سر المصلوب القائم من بين الأموات فتهلل إذ رأي يوم الرب (يو 56:8). وبالنسبة لنا فمن المؤكد أنه لو صبرنا علي أي تجربة ستكون النتيجة خيراً وبقدر ما زاد ألم التجربة زادت إعلانات الله وتعزيته وزاد المجد المنتظر رؤ 18،17:8 + يع 2:1. ولاحظ أن الله لم يجرب لوط بمثل هذه التجربة فلوط الذي وضع نفسه في هذا المكان السيئ هو غير مستعد للإعلانات الإلهية.
“5 فقال ابراهيم لغلاميه اجلسا انتما ههنا مع الحمار واما انا والغلام فنذهب الى هناك ونسجد ثم نرجع اليكما “
لقد منع إبراهيم غلاميه أن يصحباه لأنهما كانا من المؤكد أنهما سيعوقانه ويمنعانه من ذبح إبنه. فهل نترك تحت التل ما يعوقنا عن العبادة من أفكار وأهتمامات. أما الخادمان اللذان تركهما إبراهيم تحت التل مع الحمار فيشيران للشعب اليهودي الذي لم يستطيع ان يصعد ويبلغ إلي موضع الذبيحة إذ لم يريدوا أن يؤمنوا. وهم رأوا المسيح والصليب ولم يدركوا سره ولا قوة القيامة ولم يفرحوا كما فرح إبراهيم. من إرتبط بالفكر الترابي لا يدرك السماويات وأما أنا والغلام فنذهب… ثم نرجع : هذا يوضح إيمان إبراهيم برجوع إبنه حياً.
“6 فاخذ ابراهيم حطب المحرقة ووضعه على اسحق ابنه واخذ بيده النار والسكين فذهبا كلاهما معا “
إسحق كان شاباً ويقدر البعض عمره بـ 25 سنة لذلك وضع إبراهيم عليه الحطب رمزاً لحمل المسيح لخشبة صليبه. (وتكون الرئاسة علي كتفيه إش 6،5:9)
فذهبا كلاهما معاً : قدم إبراهيم إبنه الوحيد خلال الحب الفائق وقدم إسحق نفس في طاعة كاملة فحسبت الذبيحة لحساب الإثنين معاً. وهكذا فذبيحة المسيح هي ذبيحة الأب الذي قدم إبنه فدية عنا وهي ذبيحة الإبن الذي أطاع حتي الموت موت الصليب (يو 16:3 + رو 32:8 + في 8:2) فقوله ذهبا كلاهما معاً يشير إلي انطلاق الأب والإبن إلي الصليب ليقدما ذبيحة الصليب.
“7 وكلم اسحق ابراهيم اباه وقال يا ابي فقال هانذا يا ابني فقال هوذا النار والحطب ولكن اين الخروف للمحرقة “
لقد كان سؤال إسحق لإبراهيم إبيه ربما أقسي موقف في التجربة. ولكن هذا السؤال سؤال تعليمى لنا جميعاً. فهوذا النار = الروح القدس الذى يساعد والله الذى يقبل... وهوذا الحطب : الوصايا التي نصلب عليها شهواتنا وأهوائنا. ولكن إين الخروف للمحرقة : فهل نقبل أن نكون ذبائح حية (رو 1:12) ونقدم ذواتنا محرقة.
“8 فقال ابراهيم الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني فذهبا كلاهما معا “
الله يري له الخروف : جاءت في الإنجليزية في النسخ القديمة Old KJ(God will provide himself a lamb for a burnt offering.
وأضيفت كلمة For قبل Himself في النسخ الجديدة New KJ والمعني أن الله سيدبر نفسه الخروف للمحرقة. قال إبراهيم هذا الرد بروح النبوة الذي به رأي خطة الله للخلاص وأنها ليست من صنع إنسان لكنها بتدبير إلهي هو وحده يراه.
“9 فلما اتيا الى الموضع الذي قال له الله بنى هناك ابراهيم المذبح ورتب الحطب وربط اسحق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب “
هذه صورة المسيح المربوط والمثبت علي الصليب ولكن بمسامير.
“ 11 فناداه ملاك الرب من السماء وقال ابراهيم ابراهيم فقال هانذا “
ملاك الرب : يهوه صانع الخلاص.
“12 فقال لا تمد يدك الى الغلام ولا تفعل به شيئا لاني الان علمت انك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني “
لا تمد يدك إلي الغلام : هذا تدبير الخلاص وهو نفس ما قاله المسيح لمن أتو للقبض عليه "فدعوا هؤلاء يذهبون يو 8:18" فيسوع حين قال أنا هو يعني أنا يهوة. لأني الأن علمت : هل كان الله لا يعلم قبل ذلك؟ بالقطع كان يعلم فهو لا يخفي عليه شئ. لكن الأن صار إيمان إبراهيم العجيب مكشوفاً أمام العالم كله وأمام نفسه. ونلاحظ أن بولس حين ناقش الآية "فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً" ركز علي إيمان إبراهيم وحين ناقشها يعقوب فقد ركز علي أعمال إبراهيم (رؤ 1:4-5 + يع 20:2-23) وليس هناك أي خلاف فبولس كان يكشف الجانب الخفي في قلب إبراهيم ويعقوب كان يتكلم عن الأعمال التي تظهر أمام العالم. فتبرر إبراهيم بإيمانه أمام الله وتبرر بأعماله أمام الناس. فأعمال إبراهيم أظهرت أن إيمانه المخفي إيمان حي وليس إيمان ميت. وهذا الإيمان الذي لم يكن يراه سوي الله ظهر الأن أمام الناس بل حتي أمام إبراهيم نفسه.
“13 فرفع ابراهيم عينيه ونظر واذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه فذهب ابراهيم واخذ الكبش واصعده محرقة عوضا عن ابنه “
ممسكاً في الغابة بقرنيه : قرون الكبش هي علامة قوته وهنا هو موثق من قرنيه إشارة للمسيح الذي أخلي ذاته بإرادته وسلطانه (يو 18،17:10). المسيح أوثق قوته أو تنازل عنها حتي يصلب. والغابة شجرة. والمعني أن المسيح كان موثقاً علي الصليب. وسر ذبيحة المسيح نراها في إسحق والكبش معاً. الكبش يمثل المسيح في موته فعلاً وإسحق يمثل المسيح في حمله للصليب ثم في قيامته. ولنلاحظ أيضاً ان الكبش فدي إسحق (إبن الحرة) والمسيح فدي كنيسته الحرة التي حررها.
“14 فدعا ابراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يراه حتى انه يقال اليوم في جبل الرب يرى “
يهوة يرأه : أي الله يُري. فمن ثمار التجربة المؤلمة أن إبراهيم إختبر الرب ورآه. هكذا تراءي الله لإبراهيم في موضع الذبيحة إذ فيه تمت المصالحة بين الله والإنسان. فصار لنا حق رؤيته كأبناء. وهو يري حلاً لكل مشاكلنا ولذلك نتكل عليه وصار هذا مثلاً " في جبل الرب يُري : أي أن الله في علوه وسموه في سماه المشار لها بالجبل، هو يري تعب البشر وأمورهم الصعبة وينقذهم وكان هذا نبوة عن التجسد (أش 5:53).
مقارنة بين إسحق والمسيح
إسحق |
المسيح |
ولادة إعجازية من مستودع سارة الميت إبن محبوب وحيد لوالديه. حمل الخشب وسار ثلاثة أيام. طاعة إسحق العجيبة. أخذ إبراهيم معه غلامين وحمار لأورشليم (المريا) عاد إسحق حياً |
ولادة إعجازية من العذراء بدون زرع بشر. الإبن الوحيد الجنس المحبوب من الآب المحب. حمل الصليب ودفن ثلاثة أيام. طاعة المسيح حتي الموت موت الصليب دخل المسيح أورشليم علي حمار أتي به التلاميذ قام المسيح من الأموات |
“15 ونادى ملاك الرب ابراهيم ثانية من السماء 16 وقال بذاتي اقسمت يقول الرب اني من اجل انك فعلت هذا الامر ولم تمسك ابنك وحيدك 17 اباركك مباركة واكثر نسلك تكثيرا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر ويرث نسلك باب اعدائه 18 ويتبارك في نسلك جميع امم الارض من اجل انك سمعت لقولي “
هنا يتمتع إبراهيم بتجديد الوعد بطريقة فاقت المرات السابقة فهو لم يمسك إبنه عن الله فإستحق أن يكشف له الله عن الأتي:-
1. كان الكلام مثبتاً بقسم : بذاتي أقسمت للتدليل علي أهميته وتأكيداً لحدوثه.
2. هو وعد بالبركة : أباركك مباركة.
3. كثرة النسل. وقد سمعنا من قبل أن نسل إبراهيم سيكون كنجوم السماء ومرة أخري سمعنا أنهم كتراب الأرض وكان هذا راجعاً لأن الرؤيا الأولي كانت مساءً فقال نجوم السماء والرؤيا الثانية كانت صباحاً فقال كتراب الأرض. وهنا جمع الإثنين وربما أشار هذا أن نسل إبراهيم سيكون من اليهود (نجوم السماء) الذين كانوا في ليل العالم قبل أن يشرق المسيح شمس البر. وسيكون أباً للكنيسة المسيحية (رمل البحر) الذين هم الأن في نور المسيح.
4. النصرة والغلبة علي الشياطين والأعداء : يرث نسلك باب أعدائه.
5. الوعد بتجسد المسيح ويكون من نسله : يتبارك في نسلك فالمسيح هو بركة العالم العظمي
6. لأن هذه الرؤيا كانت تخص شعب العهد الجديد كان الصوت من السماء : نادي ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء. وقبل ذلك كان الصوت من الأرض فهو لم يقل من السماء من قبل.
7. لهذه الأسباب رجع إبراهيم فرحاً.
“19 ثم رجع ابراهيم الى غلاميه فقاموا وذهبوا معا الى بئر سبع وسكن ابراهيم في بئر سبع “
وسكن إبراهيم في بئر سبع : بئر سبع أصبحت تشير للمعمودية. والختان يشير للمعمودية ولقد إختتن إبراهيم من قبل فما معني أن يسكن عند بئر سبع. المعني ان المعمودية هي موت وقيامة مع المسيح وهذا تم في المعمودية ولكن علي الإنسان أن يعيش ميتاً عن خطايا العالم ليتمتع بالحياة المقامة مع المسيح (جدة الحياة أو الحياة الجديدة). وهكذا إبراهيم بعد أن أخذ كل هذه الإعلانات عاش كميت عن العالم متمتعاً بالحياة الجديدة وفرحاً مع الله متذكراً عمل البنوة الألهية. ومياه البئر تشير للروح القدس الذي ينعم به الأبناء فيكون لهم ثمار "محبة وفرح وسلام…" هكذا ينبغي أن يحيا المؤمن.
ولعل إنطلاق الغلامين إلي بئر سبع مع إبراهيم وإسحق في نهاية المطاف يشير إلي عودة اليهود إلي الإيمان بالمسيح الذي لم يستطيعوا قبلاً معاينة سر ذبيحته. فينطلقوا في آخر العصور إلي مياه المعمودية ويقبلوا من كانوا قد جحدوه.
“20 وحدث بعد هذه الامور ان ابراهيم اخبر وقيل له هوذا ملكة قد ولدت هي ايضا بنين لناحور اخيك 21 عوصا بكره وبوزا اخاه وقموئيل ابا ارام 22 وكاسد وحزوا وفلداش ويدلاف وبتوئيل 23 وولد بتوئيل رفقة هؤلاء الثمانية ولدتهم ملكة لناحور اخي ابراهيم 24 واما سريته واسمها رؤومة فولدت هي ايضا طابح وجاحم وتاحش ومعكة “
جاءت أخبار عائلة إبراهيم لإبراهيم ربما عن طريق القوافل التجارية. وربما أن هذا النبأ هو ما شجع إبراهيم أن يطلب زوجة لإبنه من عائلته. وهذا النبأ يكشف قرابة رفقة لزوجها إسحق. فرفقة قريبة إسحق بالجسد. وهكذا الكنيسة صارت عروس للمسيح وصار هناك قرابة جسدية بين المسيح والكنيسة فهو البكر بين إخوة كثيرين. وقيل عن أقرباء المسيح "أمة وإخوته فهو صارت له قرابات جسدية مع البشر".
بعد أن أخذ إبراهيم وعد الحياة والبركة في الإصحاح السابق نجد هنا أخبار الموت. وهذا يشير إلي أنه ولو أن المسيح مات عنا وقام ليحمل عنا عقوبتنا إلا أنه يجب أن نموت كعبور للحياة الأخري. وخبر أقارب رفقة ما بين الأصحاحين يشير إلي إستمرار الحياة عن طريق الأبناء بعد موت الأباء حتي يأتي يوم القيامة الذي يقوم فيه الجميع وهذا معبر عنه بقول الوحي وقام إبراهيم من أمام ميته (أية 3)، بعد أن ناح وبكي ولم تكن قامة إبراهيم الروحية العالية جداً مانعاً أمام ظهور العواطف والمشاعر الإنسانية فالمسيح نفسه بكي أمام قبر لعازر لكن قوله وقام تشير لإيمانه بالقيامة. ولكن نحن هنا في هذه الأرض في فترة بكاء وعالم حزن يخفف منهم الإيمان بالقيامة.
“ 1 وكانت حياة سارة مئة وسبعا وعشرين سنة سني حياة سارة “
سارة هي المرأة الوحيدة التي يذكر الكتاب المقدس عمرها فهى أم العبراينين.
“2 وماتت سارة في قرية اربع التي هي حبرون في ارض كنعان فاتى ابراهيم ليندب سارة ويبكي عليها “
كان إبراهيم يتنقل غالباً وله عدة مراكز بسبب أملاكه الوفيرة بين حبرون وبئر سبع فأتي إبراهيم ليندب سارة : معناها أنه كان متغرباً في عمله وسمع فأتي ليندبها.
“ 3 وقام ابراهيم من امام ميته وكلم بني حث قائلا “
كلمة حث معناها خوف ورعب. وهذا هو حال الأرض قبل فداء المسيح.
“4 انا غريب ونزيل عندكم اعطوني ملك قبر معكم لادفن ميتي من امامي “
أنا غريب ونزيل : بالرغم من كل أملاكه وهيبته أمام بني حث حتي عاملوه كرئيس بينهم (آية 6) إلا أنه في إتضاع عاش كغريب شاعراً أنه لا ينتمي لهذا العالم بل لمن هو في السماء. وقطعاً فإن شركته مع الله هذه هي التي أعطته الكرامة أمام هؤلاء القوم أعطوني ملك قبر : لم يفكر إبراهيم في دفن سارة زوجته بجوار أسلافه، فإن كان بالإيمان قد خرج مع سارة من أور. فهو قد بقي سالكاً بهذا الإيمان حتي النفس الأخير. وهو الذي لم يمتلك شيئاً في أرض كنعان إمتلك مقبرة (أع 5:7) بينما إمتلك نمرود وقايين مدناً. هذا يعبر عن روح الغربة. إلا أننا نلاحظ.
1. إصرار إبراهيم علي شراء الأرض وهذه الأرض بالذات هو تأكيد لإيمانه بإن الله سيعطيها له.
2. الأرض التي وهبها الله له مجاناً لا يأخذها سوي بعد دفع الثمن. وهذا إشارة لأن الله أعطانا هبات مجانية وميراثاً للسماء من نعمته ولكن علينا أن نجاهد حتي نرث (الثمن).
3. الأرض إشتراها بفضة. والأرض تشير لميراث السماء الفضة تشير للفداء الذي به نلنا الميراث.
4. الله وعده بالأرض لكنه لم يمتلك منها سوى مقبرة. وحل هذا قاله بولس الرسول، أنها أرض غربة وكان ينتظر المدينة التى لها الأساسات التى صانعها وبارئها الله عب 10:11 أى ميراث السماء.
" 6 اسمعنا يا سيدي انت رئيس من الله بيننا في افضل قبورنا ادفن ميتك لا يمنع احد منا قبره عنك حتى لا تدفن ميتك "
رئيس من الله : أي رئيس عظيم. ولاحظ محبة بني حث وتكريمهم لإبراهيم.
" 7 فقام ابراهيم وسجد لشعب الارض لبني حث "
سجود إبراهيم هنا سجود وإكرام وليس سجود عبادة : وهكذا نسجد للبابا والأساقفة.
" 8 وكلمهم قائلا ان كان في نفوسكم ان ادفن ميتي من امامي فاسمعوني والتمسوا لي من عفرون بن صوحر 9 ان يعطيني مغارة المكفيلة التي له التي في طرف حقله بثمن كامل يعطيني اياها في وسطكم ملك قبر "
هنا نجد إصرار إبراهيم علي الدفع ولم يستغل محبة بني حث. وواضح أن إبراهيم كان يعلم إسم صاحب الأرض التي يريد شراؤها لكنه لم يكن قد رآه من قبل.
" 10 وكان عفرون جالسا بين بني حث فاجاب عفرون الحثي ابراهيم في مسامع بني حث لدى جميع الداخلين باب مدينته قائلا "
كان الوجهاء والعظماء يجلسون في باب المدينة حيث تحل المشاكل.
" 12 فسجد ابراهيم امام شعب الارض "
السجود هنا هو سجود شكر لهم علي مودتهم.
" 13 وكلم عفرون في مسامع شعب الارض قائلا بل ان كنت انت اياه فليتك تسمعني اعطيك ثمن الحقل خذ مني فادفن ميتي هناك "
هنا إكتشف إبراهيم أن عفرون جالساً في وسطهم فقال له إن كنت أنت إياه : أي إن كنت أنت عفرون صاحب المغارة والحقل. وقد تعني الجملة إن أردت هذا فعلاً أن تعطيني المغارة وأنت قادر فعلاً أن تعطيني مجاناً فأنا واثق من كرمك ولكن إسمح أن أدفع الثمن. والأسلوب الذي إتبع هنا هو أسلوب شرقي مهذب للشراء والبيع فيسأل الشاري "بكم" ويرد البائع "مجانا" أو "لأجلك مجانا" ويرد الشاري "أنت قدها وزيادة ولكن أريد أن أدفع" وإيمانياً فإبراهيم لا يريد أن يأخذ الأرض مجاناً من يد عفرون فهو ينتظر أن يأخذها من يد الله في الوقت الذي يحدده الله. هو ينتظر بصبر تحقيق وعد الله ولا يظهر كمن يتقبل من الناس شيئاً وعده الله أن يهبه إياه.
" 15 يا سيدي اسمعني ارض باربع مئة شاقل فضة ما هي بيني وبينك فادفن ميتك 16 فسمع ابراهيم لعفرون ووزن ابراهيم لعفرون الفضة التي ذكرها في مسامع بني حث اربع مئة شاقل فضة جائزة عند التجار "
400 فضة كانت كثيرة علي الأرض لكن عند إبراهيم لم تكن شيئاً فهي عربون ميراثه. وهو لم يقتن من الأرض إلا ما يدفن فيه جسده. ولقد دفن في هذه المغارة إبراهيم وسارة وإسحق ورفقة ويعقوب وليئة والأن مقام فوقها مسجد الخليل وساحته. ولقد إشتري يعقوب مدفناً اخر في شكيم (يش 32:24) دفن فيه يوسف وأخرين راجع أع 16:7 وغالباً دفن فيه بعض أباء الأسباط. ويقال ان عظام يوسف تم نقلها بعد ذلك إلي مغارة المكفيلة. فضة جائزة عند التجار : هذه تشبه التمغة الأن. أي الذهب والفضة يتم تمغهما ليظهر أنهما ليسا مغشوشان
هناك خط عام يتضح في قصة حياة إبراهيم يشرح قصة الخلاص
1. إختيار إبراهيم ليكون أباً للشعب الذي سيأتي منه المسيح وإعداده بدعوته للخروج وهذا يشمل الإصحاحات (12-17).
2. الوعد بالنسل من سارة (إصحاح 18) وإعلان عقوبة سدوم وعمورة إعلاناً لهلاك الشر ودينونة عدو الخير.
3. تنفيذ الدينونة في الأشرار فعلاً (إصحاح 19).
4. ولادة اسحق رمز المسيح (إصحاح 21).
5. تقديم إسحق ذبيحة ورجوعه حياً إعلان عن حمل الصليب (إصحاح 22).
6. موت سارة (إصحاح 23) وسارة تمثل الكنيسة اليهودية التي كان يجب أن تموت وينتهي دورها قبل ان يخطب المسيح لنفسه كنيسته.
7. هذا الإصحاح (24) يعلن خطبة المسيح وإقترانه بكنيسته. وإرسال كبير بيت إبراهيم لإحضار رفقة زوجة لإسحق من مدينة ناحور بحاران فيشير إلي عمل الروح القدس الذي إجتذب الأمم من أرضهم الشريرة (عبادتهم للأوثان) ليقيمها لإسحق الحقيقي ربنا يسوع المسيح عروساً يتعزي بها عوضاً عن أمه سارة = عوضاً عن الأمة اليهودية التي رفضته وصلبته. ولنلاحظ أنه إذا كان الوحي قد أفرد إصحاحاً كاملاً بهذا الطول ليحكي لنا قصة إختيار زوجة لإسحق ولم يحكي لنا كيف إختار إبراهيم زوجته مثلاً. فهذا يشير لإهتمام الروح القدس ليس بتاريخ زواج إسحق نفسه إنما بكونه رمزاً لما حدث بين المسيح وكنيسته. ونلاحظ أن إبراهيم كان الأفضل له سياسياً ان يزوج إبنه من ابنة احد رؤساء القبائل من حوله فيضمن الإستقرار وسطهم لكنه أصر علي تزويجه من عائلته التي كانت تعبد الله، لكن للأسف كان قد تسلل إليها نوع من الوثنية كالتفاؤل بالتماثيل (الترافيم) التي كانوا يعتقدون أن لها شفاعة أو وساطة لدي الله لكنهم أي عائلة إبراهيم لم يكونوا ببشاعة أهل كنعان الذين كانوا في طريق الخراب بل كانوا أفضل كثيراً جداً. ولو فهمنا أن كبير بيت إبراهيم يرمز للروح القدس فنفهم لماذا لم يذكر إسمه هنا وقد سبق أن ذكره إبراهيم من قبل في 2:15 وهو لعازر الدمشقي. لكن لماذا لم يذكر هنا؟ لنفهم ذلك نرجع إلي يو 13:16-15 فالروح القدس الآن لا يتكلم عن نفسه بل هو يشهد للمسيح ليمجده. وهكذا يجب أن يكون كل خدام المسيح " لا يتكلمون عن أنفسهم بل يكون همهم هو الشهادة للمسيح."
" 2 وقال ابراهيم لعبده كبير بيته المستولي على كل ما كان له ضع يدك تحت فخذي "
نلاحظ هنا ان هناك مشاورات بين إبراهيم وكبير بيته وهناك قسم وتشديد علي أن يتزوج إسحق رفقة، كل هذا ورفقة لا تعلم شيئاً. وهذا يشير لاهتمام الله بخلاصنا وأن هناك مشاورات داخل الثالوث بخصوص الإنسان دون أن يعلم الإنسان بل دون أن يسأل الإنسان فالله يعطينا ويحبنا ويدبر لنا حتي دون أن نسأل. هذه إرادة الأب أن نكون عروساً لإبنه. والروح القدس هو الذي صنع هذا بدءاً بتجسد المسيح حتي الأسرار السبعة ضع يدك تحت فخذي : هو أسلوب القسم وهذا يعني أنه يضع يده تحت علامة العهد مع الله وهي الختان كمن يشهد الكتاب المقدس علي كلامه كعلامة العهد الجديد. والمعني كما أن عهد الله لا يتغير في طبيعته وأن الله لا يتغير ولا يغير في وعوده هكذا يكون من يحلف بهذا الأسلوب ملتزماً بوعوده وإلا خسر بركات الله. وهذه الطريقة للقسم تشير أيضاً أنه قسم بالمتجسد من نسله فكلمة فخذ تترجم صلب بمعني مصدر النسل (تك 26:46) وكأن إبراهيم بروح النبوة وبالإعلانات التي أعلنت له فهم أن المسيح سيأتي من نسله.
" 3 فاستحلفك بالرب اله السماء واله الارض ان لا تاخذ زوجة لابني من بنات الكنعانيين الذين انا ساكن بينهم "
لم يهتم إبراهيم أن يزوج إبنه بمن لها مركز سياسي أو أن تكون جميلة. بل إذ خرج هو من أور لينعزل عن عبادة الأوثان لم يرد أن يزوج ابنه لن تجذبه للخطية.
" 5 فقال له العبد ربما لا تشاء المراة ان تتبعني الى هذه الارض هل ارجع بابنك الى الارض التي خرجت منها "
نلاحظ هنا إهتمام كبير البيت بتفاصيل الإتفاق الذي يحلف عليه وذلك لاهتمامه بالحلف. هل أرجع بإبنك إلي الأرض التي خرجت منها = أي أور أو حاران.
" 6 فقال له ابراهيم احترز من ان ترجع بابني الى هناك "
رفض إبراهيم عرض عبده لأنه خاف أن يعود إسحق لأور فيفضل البقاء فيها. ولقد كان من عادة العظماء أن يرسلوا رسلاً ليخطبوا لأبنائهم.
" 7 الرب اله السماء الذي اخذني من بيت ابي ومن ارض ميلادي والذي كلمني والذي اقسم لي قائلا لنسلك اعطي هذه الارض هو يرسل ملاكه امامك فتاخذ زوجة لابني من هناك "
يرسل ملاكه أمامك : هو يطمئن عبده أن هذه المهمة ستكون بتدبير من الله ومساعدته.
" 10 ثم اخذ العبد عشرة جمال من جمال مولاه ومضى وجميع خيرات مولاه في يده فقام وذهب الى ارام النهرين الى مدينة ناحور "
مدينة ناحور : غالباً حين هاجر إبراهيم إلي كنعان بعد موت تارح أبيه جاء ناحور إلي هذا المكان حتي يرث أملاكهما (أملاك تارح أبيه فتارح هو أبو أبراهيم وناحور) وجميع خيرات مولاه، العبد يشير للروح القدس الذي يعطينا بسخاء ولا يعير، ثمار ومواهب… وهو أتي ليحملنا كعروس لعريسنا السماوي يسوع لنوجد معه إلي الأبد وهو يحملنا خلال معونته لنا في تنفيذ الوصايا (الوصايا العشر = عشرة جمال). الروح القدس الذي يهبنا هنا السلام والفرح وشبع النفس يقدم هذا كعربون للتمتع بالخيرات الأبدية. هنا تنعم بنصيب من المهر لا بالمهر كله فالمهر كله " لم تراه عين ولم تسمع به أذن ولا حظر علي قلب بشر" 1كو 9:2 وما سنأخذه الخلود وتسابيح الملائكة والخلاص من الموت والتحرر من الخطية وميراث الملكوت العظيم والبر والتقديس والخلاص من الشرور الحاضرة وما نحصل عليه الآن ليس سوي العربون الذي يسحب قلوبنا للسماء فنشتاق إلي أن نحصل علي أكثر.
" 11 واناخ الجمال خارج المدينة عند بئر الماء وقت المساء وقت خروج المستقيات "
عند بئر الماء : تشير لمياة المعمودية التي فيها نولد من الماء والروح ومرة أخري تقابل إسحق مع رفقة عند بئر الماء (أية 62) فالمسيح لا يجد الكنيسة ولا الكنيسة تجد المسيح إلا بسر المعمودية. وقت السماء : مساء هذا العالم وفي انتظار مجئ المسيح شمس البر.
" 12 وقال ايها الرب اله سيدي ابراهيم يسر لي اليوم واصنع لطفا الى سيدي ابراهيم "
لقد تعلم العبد من سيده إبراهيم وها هو يبدأ مهمته بالصلاة ليعينه الله. وبعد الإختيار (أية 48) نجده يقدم الشكر لله علي نجاح طريقه. (أية 26) أي مع كل نجاح يقدم صلاة شكر لله.
" 14 فليكن ان الفتاة التي اقول لها اميلي جرتك لاشرب فتقول اشرب وانا اسقي جمالك ايضا هي التي عينتها لعبدك اسحق وبها اعلم انك صنعت لطفا الى سيدي "
هذا الإنسان الروحي وضع علامة لطيفة بها يظهر وداعة البنت وإستعدادها للخدمة ولم يضع علامة أن تكون جميلة أو غنية، بل وديعة ولها روح الخدمة.
" 15 واذ كان لم يفرغ بعد من الكلام اذا رفقة التي ولدت لبتوئيل ابن ملكة امراة ناحور اخي ابراهيم خارجة وجرتها على كتفها 16 وكانت الفتاة حسنة المنظر جدا وعذراء لم يعرفها رجل فنزلت الى العين وملات جرتها وطلعت 17 فركض العبد للقائها وقال اسقيني قليل ماء من جرتك 18 فقالت اشرب يا سيدي واسرعت وانزلت جرتها على يدها وسقته 19 ولما فرغت من سقيه قالت استقي لجمالك ايضا حتى تفرغ من الشرب 20 فاسرعت وافرغت جرتها في المسقاة وركضت ايضا الى البئر لتستقي فاستقت لكل جماله 21 والرجل يتفرس فيها صامتا ليعلم اانجح الرب طريقه ام لا "
لقد طلب علامة روحية فأعطاه الله ما طلبه بل كانت البنت جميلة ومن عائلة إبراهيم. حقا فالله يسهل الأمور وهو الذي يرشد ويقود ويعطي أكثر مما نظن أو نفتكر. المسقاة : هو المكان الذي يوضع فيه ماء للماشية. لذلك كان عليها التردد بين البئر والمسقاة عدة مرات حتي تسقي كل الجمال واليعازر يتأمل كيف أن الله في محبته إستجاب لصلاته.
" 22 وحدث عندما فرغت الجمال من الشرب ان الرجل اخذ خزامة ذهب وزنها نصف شاقل وسوارين على يديها وزنهما عشرة شواقل ذهب "
نصف شاقل : هذا هو المهر الذي دفعه اسحق ليخطب رفقة. وماذا قدم لنا المسيح؟ لقد قدم دمه كفارة ليخطبنا. ولقد كان اليهودي يدفع ½ شاقل فضة كفارة سنأتي للحديث عنها في سفر الخروج. المهم أن ½ الشاقل هذا يرمز للكفارة بدم المسيح. وهو ذهب فالمسيح سماوي. والخزامة توضع في الأنف رمزاً لتقديس الحواس. وسوارين علي يديها وزنهما 10 شواقل : رقم 10 يشير للوصايا وكون السوارين علي اليدين رمزاً لتقديس الأعمال طبقاً للوصايا العشر. هذا واجب العروس ان تتسم بالطابع السماوي (الذهب) فتتقدس حواسها وأعمالها لتستحق ان تكون عروساً للمسيح. والحواس المدربة هذا من عمل الروح القدس. وإعطاء هدايا لرفقة نجد له صورة جميلة في رسالة أفسس 8:4 إذ صعد إلي العلاء سبي سبياً وأعطي الناس عطايا.
" 31 فقال ادخل يا مبارك الرب لماذا تقف خارجا وانا قد هيات البيت ومكانا للجمال "
نجد فيها أن لابان له نفس الطريقة المهذبة التي لرفقة أخته.
" 34 فقال انا عبد ابراهيم "
العبد هنا يشهد لعظمة مولاه وهذا ما يعمله الروح القدس أنه يشهد للمسيح وعن مجده وعظمته ومحبته ليجذبنا إليه وكيف أن الأب أعطي كل شئ للأبن يو 13:16-15.
" 36 وولدت سارة امراة سيدي ابنا لسيدي بعدما شاخت فقد اعطاه كل ما له "
إبراهيم أعطي كل غناه لإسحق إبنه وكل ما للأب أعطاه للأبن يو 13:16-15.
" 33 ووضع قدامه لياكل فقال لا اكل حتى اتكلم كلامي فقال تكلم "
إذ يدخل البيت لا يريد ان تلهيه المجاملات عن عمله ورسالته فهو له هدف واضح لذلك قال السيد المسيح موصياً تلاميذه لا تسلموا علي أحد في الطريق ولا تنتقلوا من بيت إلي بيت لو 7،4:10.
" 50 فاجاب لابان وبتوئيل وقالا من عند الرب خرج الامر لا نقدر ان نكلمك بشر او خير "
الرب الذي دبر الأمر كله هو أقنع لابان ثم رفقة بالقبول. لقد أدرك الكل أن الأمر صدر من عند الرب.
" 55 فقال اخوها وامها لتمكث الفتاة عندنا اياما او عشرة بعد ذلك تمضي "
أياماً أو عشرة : كانوا يقسمون الشهر لثلاث أقسام كل منها عشرة أيام فيكون المقصود أن تقضي معنا الأيام المتبقية من العشرة الأولي أو أن تقضي العشرة الأيام التالية كاملة.
" 58 فدعوا رفقة وقالوا لها هل تذهبين مع هذا الرجل فقالت اذهب "
نجد هنا حرية الإختيار فالزواج ليس غصباً عن البنت. ونحن كعروس للمسيح لسنا مجبرين أن نسير وراءه. لكن رفقة حين سمعت عن مجد اسحق قالت أذهب وياليتنا نفعل مثلها.
" 61 فقامت رفقة وفتياتها وركبن على الجمال وتبعن الرجل فاخذ العبد رفقة ومضى "
غالباً طوال الرحلة كان العبد يحكي لرفقة عن اسحق ليلهب أشواقها إليه (هذا عمل الروح القدس) وكما إنطلقت رفقة تاركة بيت أبيها هكذا صنعت الكنيسة تاركة عالمها الوثني وسارت وراء المسيح.
" 62 وكان اسحق قد اتى من ورود بئر لحي رئي اذ كان ساكنا في ارض الجنوب 63 وخرج اسحق ليتامل في الحقل عند اقبال المساء فرفع عينيه ونظر واذا جمال مقبلة "
كانت عادة عند اليهود أن يخرجوا للتأمل والصلاة عند الغروب. وكما خرج اسحق عند المساء. هكذا خرج المسيح عند المساء إلي صليبه ليموت عليه. واسحق قابل رفقة عن بئر الماء والمسيح أعطانا مياه المعمودية لنموت معه فيها ونقوم وبهذا نصبح عروساً له، فرفقة رمز للكنيسة. ولأن رفقة رمز الكنيسة لم يذكر الكتاب حادثة موت رفقة فالكنيسة لن تموت. وما ذكر في تك 31:49 يكون إشارة للموت بالجسد. فنحن لم نعرف متي وأين وكيف ماتت رفقة.
" 64 ورفعت رفقة عينيها فرات اسحق فنزلت عن الجمل "
لا يمكن أن نتقابل مع المسيح إن لم نتضع وننزل فهو قد إتضع. ولا نقابله سوي بالإتضاع.
" 65 وقالت للعبد من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا فقال العبد هو سيدي فاخذت البرقع وتغطت "
سؤال رفقة عن إسحق. هو سؤالنا عن المسيح والروح القدس هو الذي يخبرنا عنه وكانت العادة الشرقية أن العروس تضع برقعاً أمام عريسها حتي تتزوج منه علامة للخضوع له.
" 1 وعاد ابراهيم فاخذ زوجة اسمها قطورة "
يقول كثير من المفسرين أن إبراهيم تزوج قطورة في حياة سارة لأنهم إستصعبوا أن يكون إبراهيم قادراً علي الإنجاب وعمره فوق 140 سنة. وهو نفسه قال "هل يولد لإبن مئة سنة تك 17:17. وأكد بولس هذا في رو 19:4 وقال أن جسده كان مماتاً. ولكن مع حب إبراهيم لسارة نجد أنه من المستحيل أن يكون إبراهيم قد تزوج بقطورة في حياتها. ولكن يمكن أن نفهم ان عطية الله لإبراهيم وسارة كانت مستمرة فإحتفظت سارة بشبابها وكانت جميلة في التسعين من عمرها وإبراهيم ظل قادراً علي الإنجاب فالله أعطاهما كلاهما حيوية وجدد مثل النسر شبابهما. ورمزياً كان يجب أن تموت سارة أولاً وهي التي تمثل الكنيسة اليهودية ثم يتزوج إبراهيم ونكتشف أنه قادر علي النسل فإبراهيم هو أب الكنيسة والكنيسة أم ولود لا تشيخ أبداً.
وهناك رأي بأن أولاد إبراهيم من قطورة يشيروا للأمم الذين دخلوا للإيمان بعد موت الكنيسة اليهودية. وهناك من رأي أن أولاد قطورة يمثلوا الهراطقة في الكنيسة أو كل من ليس له إيمان سليم وأعتقد أن هذا هو الرأي الأرجح لأن أولاد قطورة قد صرفهم إبراهيم عن اسحق الذي أخذ كل ما لإبراهيم وأعطاهم عطايا فقط.
" 3 وولد يقشان شبا وددان وكان بنو ددان اشوريم ولطوشيم ولاميم "
شبا وددان : هما أولاد يقشان ونجد أن نفس الأسماء في تك 7:10 علي إنهما أبناء رعمة بن كوش وغالباً فيكون شبا وددان هما أسماء مناطق سكنها أولاً أولاد كوش ثم إستولي عليها أبناء يقشان إبن إبراهيم. وما يؤيد هذا أن اسماء أشوريم ولطوشيم هي بالجمع مما يدل أن الأسماء هي أسماء قبائل أو أماكن وليس أفراد.
" 5 واعطى ابراهيم اسحق كل ما كان له "
اسحق حصل علي كل شئ إعلاناً أن شعب المسيح لهم كل الميراث الروحي.
" 6 واما بنو السراري اللواتي كانت لابراهيم فاعطاهم ابراهيم عطايا وصرفهم عن اسحق ابنه شرقا الى ارض المشرق وهو بعد حي "
أبناء السراري المقصود بهم أبناء هاجر وقطورة.
" 8 واسلم ابراهيم روحه ومات بشيبة صالحة شيخا وشبعان اياما وانضم الى قومه "
شبعان أيام : عاش أياماً كثيرة وفي راحة مع الله رغم غربته. وإنضم إلي قومه : المقصود بها روحه. فالجسد في المكفيلة بعيد جداً عن أجساد عائلته في أور وحاران. والله إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب إله أحياء وليس هو إله اموات لو 37:20.
" 9 ودفنه اسحق واسماعيل ابناه في مغارة المكفيلة في حقل عفرون بن صوحر الحثي الذي امام ممرا "
كان إسمعيل يسكن في فاران قريباً من لحي رئي حيث يسكن إسحق.
" 11 وكان بعد موت ابراهيم ان الله بارك اسحق ابنه وسكن اسحق عند بئر لحي رئي "
الله بارك إسحق : إذن البركة التي حصل عليها إبراهيم لم تمت بموته بل إستمرت لإسحق. وسكن إسحق عند بئر لحي رئي : بئر لحي رئي يعني بئر الرؤيا وما أجملها بركة أن نستمر في حالة الرؤيا فننعم بإشعاعات رؤيا ربنا في عقولنا. فنلهج في كلام الله دائما والله يعطينا إستنارة وفهم.
" 12 وهذه مواليد اسماعيل بن ابراهيم الذي ولدته هاجر المصرية جارية سارة لابراهيم 13 وهذه اسماء بني اسماعيل باسمائهم حسب مواليدهم نبايوت بكر اسماعيل وقيدار وادبئيل ومبسام 14 ومشماع ودومة ومسا 15 وحدار وتيما ويطور ونافيش وقدمة 16 هؤلاء هم بنو اسماعيل وهذه اسماؤهم بديارهم وحصونهم اثنا عشر رئيسا حسب قبائلهم 17 وهذه سنو حياة اسماعيل مئة وسبع وثلاثون سنة واسلم روحه ومات وانضم الى قومه 18 وسكنوا من حويلة الى شور التي امام مصر حينما تجيء نحو اشور امام جميع اخوته نزل "
هنا نري وعد الله لإبراهيم ببركة أولاده قد تم تنفيذها فالله بارك أسحق وإسمعيل وإسمعيل صار له 12 رئيساً تنفيذاً لوعد الله في تك 20:17. والكتاب يذكر نسل إسمعيل اولاً:-
1. لينتهي منه ثم يتفرغ لنسل إسحق ويعقوب اللذان منهم المسيح بالجسد.
2. الله لا ينسي أولاده الذين خلقهم فهو مهتم بالجميع إلا أن التركيز في الكتاب المقدس علي المسيح.
3. نري هنا إسمعيل ونسله رؤساء وأمراء فالإنسان العالمي الجسداني يحصل علي إمتيازاته سريعاً.
4. يبدأ إسمعيل ثم يأتي لإسحق لأن الجسداني أولاً ثم الروحاني 1 كو 46:15.
بنايوت: هو مؤسس مملكة الأنباط عاصمتهم كانت سالع وسميت بترا بعد ذلك.
قيدار: معناها قادر أو جلد أسود لأن خيامهم كانت سوداء نش 5:1 وهم من أشهر قبائل العرب.
حصونهم: كانوا محصنين في كهوف جبلية يصعب الوصول إليها. حسب مواليدهم: بترتيب اعمارهم.
من حويلة إلي شور: سكنوا في المسافة بين مصر وأشور. حينما تجئ إلي أشور : أي في الطريق المعروف إلي أشور. أمام جميع أخوته : أي شرق أرض فلسطين وأنه عاش مزدهراً وقوياً ومنفصلاً عن إخوته نسل إسحق (تك 12:16).
" 20 وكان اسحق ابن اربعين سنة لما اتخذ لنفسه زوجة رفقة بنت بتوئيل الارامي اخت لابان الارامي من فدان ارام "
الأرامي : لأنه سكن في فدان أرام عند حاران.
" 21 وصلى اسحق الى الرب لاجل امراته لانها كانت عاقرا فاستجاب له الرب فحبلت رفقة امراته "
كثير من القديسات كانوا عواقر مثل سارة ورفقة وراحيل وحنة أم صموئيل وزوجة منوح أم شمشون وإليصابات وأم القديس مكاريوس الكبير وأم مارمينا…الخ) وتظهر هنا قوة الصلاة.
" 22 وتزاحم الولدان في بطنها فقالت ان كان هكذا فلماذا انا فمضت لتسال الرب "
إن كان هكذا فلماذا أنا : كان تزاحمهما عنيفاً وفي بعض الترجمات تصارعا وهذا كان سبباً لألام شديدة لرفقة ومعني قولها "إذا كنت حبلت بصلاة إسحق وإستجابة الله فلماذا أنا متالمة هكذا أو ما الداعي لهذا الحمل إن كان سيؤدي لموتي وموت الأولاد.
فمضت لتسأل الرب : لقد كان إبراهيم موجوداً ومذبحه كان هناك وإبراهيم واسحق علماها الصلاة عند المذبح
" 23 فقال لها الرب في بطنك امتان ومن احشائك يفترق شعبان شعب يقوى على شعب وكبير يستعبد لصغير "
هنا إجابة الرب علي صلاة رفقة. وهذه نبوة عن أن كل منهما يصير شعباً وأمة. وكبير يستعبد لصغير : نبوة بأن يعقوب أو إسرائيل يسود علي عيسو.
والصراع بين يعقوب وعيسو منذ أن كانا في البطن والذي إستمر بعد ذلك خلالهما وخلال نسلهما يراه بعض الأباء انه صورة للصراع المستمر بين الشر والخير في داخل احشاء الكنيسة. أو صراع نسل المرأة ونسل الحية. وهذا الصراع مستمر مادام الإنسان مازال في الجسد. لذلك قال المسيح "ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً" (مت 34:10) ويلقي ناراً (لو 49:12). ولكن النار هي الحرب المقدسة مع إبليس ونتيجتها سلاماً داخلياً يفوق كل عقل وهذا أفضل من سلام مزيف مع إبليس، أو مع العالم. وعيسو يرمز لمن يحب إمتلاك الأرضيات ويسعي وراء كل ما هو للعالم أما يعقوب فيرمز لمن يسعي وراء الروحيات. وفي هذه النبوة نري يعقوب الروحاني يسود علي عيسو الجسداني والسبب أن يعقوب يتمتع بل يسعي للحصول علي البركات الروحية، كل إشتياقاته روحية فحصل علي بكورية الروح وتمتع بالبركة وخرج من صلبه الأنبياء واخيراً المسيح بالجسد. وهذه العبارة تشير للكنيسة التي هي بحكم التاريخ، الأصغر إذ تعرفت علي الله في آخر الأزمنة لكنها صارت الأقوي روحياً وإغتصبت باكورة الروح. وكيف يخدم الكبير (اليهود) الصغير (الكنيسة)؟ هم حفظوا للكنيسة الناموس والنبوات وكل الكتب.
" 25 فخرج الاول احمر كله كفروة شعر فدعوا اسمه عيسو 26 وبعد ذلك خرج اخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب وكان اسحق ابن ستين سنة لما ولدتهما "
عيسو : أي كثير الشعر أو خشن. ويعقوب : يتعقب لأنه ممسكاً بعقب أخيه. وقد بقي كل عمره يتعقبه ليختلس منه البكورية والبركة. ويبدو أن يعقوب إما كان فعلاً ممسكاً بعقب أخيه أو ولد وراءه مباشرة (بينما يكون هناك فاصل زمني في ولادة التوائم حوالي ساعة) فبدا كما لو كان ماسكاً بعقبه. أحمر : بالعبرية أدموني وبعد أكله العدس تثبت الإسم عليه وثبتت عليه شهوانيته إذ باع بكوريته بأكلة عدس أحمر فسمي أدوم.
هذان الطفلان يحملان رمزاً للإنسان الجسدي (فالشعر لأنه ينبت طبيعياً من الجسد مثلما كان عيسو فهو إشارة للشهوات التي تنبعث من الجسد ) فكثرة الشعر إشارة للإرتباط بالجسد وأن الجسداني يحب الجسديات ويعيش لأجلها. وأدوم كان صياداً محباً للدماء وهذا أيضاً مما يثبت فكرة إسم أدوم. ويؤكد هذه الفكرة فكر عيسو الوحشي "أقتل اخي". وهذا كله ناشئ عن مشاعر الغضب الخارجة من داخل الإنسان (مثلما ينبت الشعر من داخل) فهي مشاعر كراهية وغضب وشهوة إنتقام نابعة من الداخل. بل دموية عيسو أشارت لعدو الخير الذي كان قتالاً للناس منذ البدء يو 44:8. أما يعقوب فيرمز للإنسان الروحي الذي يتعقب الكل لأجل إقتناء الأبديات. هو مصارع ومجاهد من أجل الروحيات.
كان عيسو رجل البرية محباً للصيد ممسكاً بالسيف بيده لا يقدر المعانى الروحية. وإسحق أحب عيسو بسبب ما يقدمه له من صيد. أما يعقوب فكان إنساناً كاملاً بمعنى وديعاً محباً. فأحبته أمه رفقة وكان راعياً للغنم فإتسم بالهدوء. يسكن الخيام= عاش بروح الغربة رجاءه فى الله مثل أبائه. وبالقطع كان عيسو يسكن الخيام مثل الجميع لكن الكتاب حين يذكر أن يعقوب كان يسكن الخيام يود أن يشير لروح الغربة عنده.
" 28 فاحب اسحق عيسو لان في فمه صيدا واما رفقة فكانت تحب يعقوب "
لأن في فمه صيداً : أي من صيد عيسو يأكل فم إسحق.
" 29 وطبخ يعقوب طبيخا فاتى عيسو من الحقل وهو قد اعيا 30 فقال عيسو ليعقوب اطعمني من هذا الاحمر لاني قد اعييت لذلك دعي اسمه ادوم 31 فقال يعقوب بعني اليوم بكوريتك 32 فقال عيسو ها انا ماض الى الموت فلماذا لي بكورية 33 فقال يعقوب احلف لي اليوم فحلف له فباع بكوريته ليعقوب 34 فاعطى يعقوب عيسو خبزا وطبيخ عدس فاكل وشرب وقام ومضى فاحتقر عيسو البكورية "
نجد هنا قصة أكلة العدس وهي أشهر أسوأ أكلة بعد أكلة آدم وحواء. يظهر عيسو هنا كإنسان جسدي إذ بإستهتار يبيع بكوريته لأخيه نظير طبق عدس. وكانت بركات البكر:-
1. ينوب عن أبيه في غيابه ويأخذ الرياسة بعد موت أبيه.
2. يقوم بخدمة الكهنوت وتقديم ذبائح عن العائلة في غياب أبيه وبعد موته.
3. يأخذ نصيباً مضاعفاً من الميراث أي ضعف إخوته تث 17:21 (وهذا البند هو سبب حزن عيسو بعد ذلك).
4. كان يعتبر مكرساً لله حتي جاءت شريعة اللاويين خر 29:22 + عد 12:3.
5. كان مفهوماً أن من البكر يأتي المسيح (هذا إن كان يستحق) وكثيرون من الأبكار فقدوا هذه البركة بسبب خطيتهم (قايين / عيسو/ رأوبين...).
وقد سمح الله أن تكتب قصة بيع البكورية لنفهم لماذا إختار الله يعقوب وترك عيسو. وراجع رو 29:8 "لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم" فالله كان يعرف محبة يعقوب فإختاره. ونري في هذه القصة أن يعقوب آمن وعرف وفهم بركات البكورية فسعي وراءها ولكن إختار الوسائل البشرية الخاطئة. كانت إشتياقاته روحية مقدسة لكن وسائله بشرية خاطئة. أما عيسو فمثل الإنسان المستهتر الذي يفرط في النعم الروحية والأمجاد الأبدية. لذلك يقول فأكل وشرب وقام ومضي = أي كل ما إهتم به أن يأكل ويشرب "نأكل ونشرب لأننا غداً نموت" فعل كل هذا بإستهتار للبكورية ومعانيها. فالخطأ ليس في طبق العدس بل في الشهوة المفرطة والإستهتار وهذا لا يمنع أن يعقوب قد أخطأ إذ إستغل جوع أخوة عيسو ليشتري البكورية. بالنسبة لنا كم من مرة تركنا مواعيد الله لأجل لذة وقتية سرعان ما تزول. فإن كنا ننعم نحن بالبكورية بإتحادنا مع الله في إبنه البكر، ليتنا لا نستهين بها من أجل أي لذة جسدية. فالإنسان الروحاني واثق في زوال الحياة الحاضرة فيسعي وراء الحياة الأبدية بإيمان 2 بط 10:3-14 أما الإنسان الجسداني فيهتم فقط بالحاضر مستهيناً بأمور الله، وأكلة عدس عنده أهم من الأبدية. فقال عيسو أنا ماض للموت = يتضح من هنا إما جهله أو إستهتاره أو عدم إيمانه. فإن كان من المعروف أن المسيح سيأتي من البكر فكيف يموت وليس له ولد.
عيسو بإستهتاره أن يأتي منه المسيح مثل الشعب اليهودي الذي احتقر المسيح وصلبه.
حدث جوع في الأرض مثلما حدث أيام إبراهيم. لكن إسحق يسأل الرب وكطلب الرب لا ينزل إلي مصر بل يتغرب في جرار. لقد تربي إسحق في بيئة إيمانية وله إيمان قوي فلماذا يمتحنه الرب بهذه المجاعة؟ هنا نري أن الله يسمح بالتجارب ليتثبت الإيمان وينمو حين يحتمل الإنسان التجربة فها نحن نري زراعة إسحق 100 ضعف. فإيمانه قطعاً زاد وتثبت حينما رأي يد الله في الشدة. ورأى من حوله بركة الله له.
" 1 وكان في الارض جوع غير الجوع الاول الذي كان في ايام ابراهيم فذهب اسحق الى ابيمالك ملك الفلسطينيين الى جرار "
وكان في الأرض جوع : الجوع وقع علي الأرض وليس علي إسحق. فالله يعول أولاده.
" 2 وظهر له الرب وقال لا تنزل الى مصر اسكن في الارض التي اقول لك 3 تغرب في هذه الارض فاكون معك واباركك لاني لك ولنسلك اعطي جميع هذه البلاد وافي بالقسم الذي اقسمت لابراهيم ابيك 4 واكثر نسلك كنجوم السماء واعطي نسلك جميع هذه البلاد وتتبارك في نسلك جميع امم الارض "
إذ ذهب إبراهيم إلي مصر دون إستشارة الله كاد أن يفقد زوجته. ومن المؤكد أن إسحق وقع تحت نفس الغواية إلا أنه سال الله وأطاعه فكان له وعود بالبركة ثم بركات كثيرة. فلا مانع من التجارب لكن هناك بركة مع الطاعة والصبر. وإذ سمع إسحق لصوت الله ولم ينزل سمع تجديد العهد معه وظهر له الرب : إن كنا نسمع صوت الله ننعم بتجليه فينا.
" 5 من اجل ان ابراهيم سمع لقولي وحفظ ما يحفظ لي اوامري وفرائضي وشرائعي 6 فاقام اسحق في جرار "
الله يبارك إسحق من أجل إبراهيم الذي مات وهذا دليل علي الشفاعة. لاحظ أن الله يبارك لإسحق من أجل أبيه الذى مات بالجسد لكنه حى عند الله، فلماذا لا نتشفع بالعذراء والقديسين والملائكة.
" 7 وساله اهل المكان عن امراته فقال هي اختي لانه خاف ان يقول امراتي لعل اهل المكان يقتلونني من اجل رفقة لانها كانت حسنة المنظر "
حقا لا يوجد إنسان كامل فها هو إسحق يكرر نفس خطأ أبيه إبراهيم. والكتاب المقدس لا يمتنع أن يذكر أخطاء القديسين حتي لا نيأس فهم بشر مثلنا "وكان إيليا إنسان تحت الألام مثلنا يع 17:5. فها هو إسحق يخاف من أهل جرار فيكذب.
" 8 وحدث اذ طالت له الايام هناك ان ابيمالك ملك الفلسطينيين اشرف من الكوة ونظر واذا اسحق يلاعب رفقة امراته "
أبيمالك غالباً ليس هو نفس الملك الذي عاصر إبراهيم. فإبيمالك لقب ملوك جرار وليس إسماً.
" 9 فدعا ابيمالك اسحق وقال انما هي امراتك فكيف قلت هي اختي فقال له اسحق لاني قلت لعلي اموت بسببها 10 فقال ابيمالك ما هذا الذي صنعت بنا لولا قليل لاضطجع احد الشعب مع امراتك فجلبت علينا ذنبا 11 فاوصى ابيمالك جميع الشعب قائلا الذي يمس هذا الرجل او امراته موتا يموت "
كما أن الكتاب المقدس يظهر أخطاء القديسين نراه يظهر حسنات الوثنيين. وهنا نجد أبيمالك شخصاً أمينا يخاف الرب فعلينا أن لا نحتقر إنسان بسبب دينه فالله هو الذي يري خفايا القلوب. ومن أقوال إبيمالك نعرف أن مخاوف إسحق من أهل جرار لم يكن لها مبرر.
" 12 وزرع اسحق في تلك الارض فاصاب في تلك السنة مئة ضعف وباركه الرب "
وزرع إسحق… مئة ضعف : البدو عادة لا يهتمون بالزراعة أما إسحق فأهتم بزراعة الأرض. وبالرغم من خطأ إسحق إلا أن الله لم يمنع بركته عنه بل أصاب 100 ضعف. وهذا الرقم 100 راجع إلي
1. بركة الرب.
2. عدم اهتمام البدو بالزراعة.
3. هو وقت مجاعة فالأرض لا تعطي ثمراً لكن هي بركة الرب "كما كان في أيام موسي ظلمة علي كل مصر ونور علي الشعب".
" 14 فكان له مواش من الغنم ومواش من البقر وعبيد كثيرون فحسده الفلسطينيون "
هذه البركة في الزراعة مع كثرة المواشي سبب حسد الفلسطينيين لإسحق. وهنا نري في هذا الصراع والحسد صراع العالم مع أولاد الله. والله أعطي إسحق 100 ضعف ليلمس وجوده معه فلا ييأس في هذا الصراع. وكثيراً ما يعطينا الله خيرات مادية نشعر بسببها بوجوده معنا في حياتنا ويكون هذا تثبيتاً لنا في صراعاتنا الروحية وأنه قادر أن يهبنا نصرة علي عدو الخير كما باركنا مادياً. وهذا يعطي إطمئنان لأولاد الله فلا يخافوا في أثناء صراعهم " لا تخف لأني معك".
" 15 وجميع الابار التي حفرها عبيد ابيه في ايام ابراهيم ابيه طمها الفلسطينيون وملاوها ترابا "
بدأت الحرب بأن ردم الفلسطينين أبار إسحق. فالحرب هنا لأجل المياه. وإذا فهمنا أن المياه تشير إلي الروح القدس نفهم أن عدو الخير يحاول أن يحرمنا من هذه النعمة حتي لا نثمر.
" 18 فعاد اسحق ونبش ابار الماء التي حفروها في ايام ابراهيم ابيه وطمها الفلسطينيون بعد موت ابيه ودعاها باسماء كالاسماء التي دعاها بها ابوه 19 وحفر عبيد اسحق في الوادي فوجدوا هناك بئر ماء حي 20 فخاصم رعاة جرار رعاة اسحق قائلين لنا الماء فدعا اسم البئر عسق لانهم نازعوه 21 ثم حفروا بئرا اخرى وتخاصموا عليها ايضا فدعا اسمها سطنة 22 ثم نقل من هناك وحفر بئرا اخرى ولم يتخاصموا عليها فدعا اسمها رحوبوت وقال انه الان قد ارحب لنا الرب واثمرنا في الارض "
إسحق فضَل أن يترك مكان النزاع بعد أن طردوه ولكنه بدأ في نبش أبار الماء أي الجهاد حتي يحصل علي المياه وهذه تساوي "إضرم موهبة الله التي فيك 2 تي 6:1" لكن هل يترك عدو الخير الأمور تمضي بسلام؟ بالقطع لا !! فخاصم رعاة جرار رعاة إسحق وتكرر هذا. لقد إحتمل إسحق بوداعة كل الإضطهاد وكان يترك مكان الشر رمزاً لإضطهاد المسيح كل أيام حياته علي الأرض. وردم الأبار في البرية هي أحسن وسيلة لطرد شخص من مكانه فلا حياة بدون ماء. وللعلم فإن هذه الأبار كانت من حق إسحق بمقتضي المعاهدة بين أبيه إبراهيم وإبيمالك. إلا أن النزاع المستمر بين العالم الذي لا يحتمل أن يري نعمة الله في أبنائه يغتاظون محاولين هدم ما عمله الله. ونلاحظ أن الله يتركهم حيناً لإدانتهم كبشر لكنه يفتح باباً اخر للنجاح والقوة لأولاده. وهكذا إذ تخاصموا علي بئر وأخذوها أعطي الله لإسحق بئراً اخري. البئر الأولي أسماها عسق = أي خصام والبئر الثانية سطنة = أي نزاع والبئر الثالثة أسماها رحوبوت = أي الأماكن الرحبة المتسعة. لأن إسحق شعر أن الله أعطاه بركات بإتساع وبغير نزاع. وهذه هي البئر الثالثة ورقم (3) يشير للقيامة وكأن الروح القدس يعطي ثماره بإتساع ورحبة علي أساس القيامة. والإيمان بسر الثالوث. ولنلاحظ أن الحرب مع عدو الخير ستستمر إلي أن نذهب للراحة الأبدية (الرحبة) دون نزاع علي رجاء القيامة.
" 23 ثم صعد من هناك الى بئر سبع 24 فظهر له الرب في تلك الليلة وقال انا اله ابراهيم ابيك لا تخف لاني معك واباركك واكثر نسلك من اجل ابراهيم عبدي 25 فبنى هناك مذبحا ودعا باسم الرب ونصب هناك خيمته وحفر هناك عبيد اسحق بئرا "
بعد أن حصل إسحق علي الماء نجد هنا سلسلة من الأحداث لها معاني روحية.
1. صعد من هناك: ترك مكان الشر (يمثل توبة المؤمن).
2. إلي بئر سبع: بئر الماء يشير للمعمودية ويشير لعمل الروح القدس في المعمد.
3. ظهر له الرب: فالمعمودية ثم التوبة في حياة المسيحي تعطي إستنارة "طوبي لأنقياء القلب لأنهم..."
4. إني معك وأباركك: الله معنا فكيف نخاف. وهو يباركنا فلا نضطرب. ويسندنا في هذه الحرب.
5. فبني هناك مذبحاً: عبادة مستمرة وصلوات بل تقديم الإنسان نفسه ذبيحة حية.
6. نصب خيمته : الاحساس بالغربة والاشتياق والحنين للسماويات
7. حفر بئراً: إضرام موهبة الله بالجهاد المستمر في حياتنا حتي الدم ضد الخطية.
" 26 وذهب اليه من جرار ابيمالك واحزات من اصحابه وفيكول رئيس جيشه 27 فقال لهم اسحق ما بالكم اتيتم الي وانتم قد ابغضتموني وصرفتموني من عندكم 28 فقالوا اننا قد راينا ان الرب كان معك فقلنا ليكن بيننا حلف بيننا وبينك ونقطع معك عهد 29 ان لا تصنع بنا شرا كما لم نمسك وكما لم نصنع بك الا خيرا وصرفناك بسلام انت الان مبارك الرب 30 فصنع لهم ضيافة فاكلوا وشربوا 31 ثم بكروا في الغد وحلفوا بعضهم لبعض وصرفهم اسحق فمضوا من عنده بسلام 32 وحدث في ذلك اليوم ان عبيد اسحق جاءوا واخبروه عن البئر التي حفروا وقالوا له قد وجدنا ماء 33 فدعاها شبعة لذلك اسم المدينة بئر سبع الى هذا اليوم "
في هذه الأيات تحقيق لوعد الله "إن أرضت الرب طرق إنسان جعل حتي أعداؤه يسالمونه أم 7:16" فأهل المنطقة حينما رأوا نجاح إسحق حسدوه وخافوا منه وطردوه. لكن إذ رأوا فيه عمل الله دعوه مبارك الرب وطلبوا أن يقطعوا معه عهداً فالله يعطي نعمة لأولاده في أعين الجميع. ونلاحظ أن اسحق قابل مبادرتهم بالحب والتسامح. ونلاحظ أن إبيمالك هنا يستعمل إسم يهوة (28) أو الرب وهذا يعني أنه تعلمه من إسحق ولم يستعمل إبيمالك أسماء الهته 1)إكراماً لإسحق 2) شعوراً بقوة يهوة التي تجلت في بركاته لعبده إسحق. فدعاها شبعة : سبق إبراهيم وأسماهها بئر سبع وهنا إسحق كانه يؤكد هذا بتسميتها شبعة. وشبعة تعني إمتلاء. وصادف هذا يوم الحلف والمعاهدة مع إبيمالك فتأكد الإسم. وما صنعه إسحق في الإسم أنه أضاف حرفاً ليصبح المعني وفرة ورضا وإمتلاء هذا معني شبعه أما الإسم بئر سبع: يعني قسم أو حلف أو مملوءة. هذا تأكيد لتسمية إبراهيم.
" 34 ولما كان عيسو ابن اربعين سنة اتخذ زوجة يهوديت ابنة بيري الحثي وبسمة ابنة ايلون الحثي 35 فكانتا مرارة نفس لاسحق ورفقة "
لم يكن عيسو حكيماً في تصرفه إذ إلتحم بوثنيتين أفسدتا علاقته بوالديه وحرمتاه ونسله من السلام. فهو أولاً باع البكورية ثم تزوج وثنيات حسب شهوته وضد فكر الله فإختفي من خطة الخلاص التي هي محور الكتاب المقدس. فهو لوث نسله بهؤلاء الوثنيات.
" 1 وحدث لما شاخ اسحق وكلت عيناه عن النظر انه دعا عيسو ابنه الاكبر وقال له يا ابني فقال له هانذا 2 فقال انني قد شخت ولست اعرف يوم وفاتي 3 فالان خذ عدتك جعبتك وقوسك واخرج الى البرية وتصيد لي صيدا 4 واصنع لي اطعمة كما احب واتني بها لاكل حتى تباركك نفسي قبل ان اموت "
وحدث لما شاخ إسحق: يقدر كثيرين أن عمره وقتئذ كان 117 سنة لكنه عاش حتي عمر 180 سنة (28:35). ونجده هنا يريد أن يعطي البكورية لبكره عيسو بالرغم من:
1. النبوة لرفقة بأنها ليعقوب (23:25).
2. إستهتار عيسو وبيعه للبكورية ثم زواجه بوثنيات وهو غالباً كان مدفوعاً بالعواطف البشرية فعيسو هو البكر وهو صياد وإسحق يحب أن يأكل من صيده.
وسكان البرية يحبون أن يأكلوا من الصيد وليس من قطعانهم لتوفير قطعانهم ولأن الوعول والغزلان البرية طعمها أفضل. وخطأ أسحق في أختيار عيسو للبركة كان لأنه ضد النبوة وبسبب تصرفات عيسو الخاطئة، فكيف يعطي البكورية لهذا المستهتر. لكن أسحق بسبب أكلة صيد كان سيخالف النبوة كما باع عيسو البكورية بأكلة عدس. وطلب إسحق إصنع لي أطعمة.. لأكل.. حتي تباركك نفسي = هذه تعني ان إسحق سيفرح بأن ابنه يصطاد له ويطعمه إعلاناً عن محبته كإبن لأبيه. أو هي طقوس كانت سائدة (طقوس أكل وشرب) مع حفل إعطاء البركة التي يشعر فيها إسحق أنه يقوم بعمل ديني إلهي بأن يمنح البركة لإبنه. وكما بارك إسحق يعقوب هكذا بارك يعقوب أولاده.
" 5 وكانت رفقة سامعة اذ تكلم اسحق مع عيسو ابنه فذهب عيسو الى البرية كي يصطاد صيدا لياتي به 6 واما رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة اني قد سمعت اباك يكلم عيسو اخاك قائلا 7 ائتني بصيد واصنع لي اطعمة لاكل واباركك امام الرب قبل وفاتي 8 فالان يا ابني اسمع لقولي في ما انا امرك به 9 اذهب الى الغنم وخذ لي من هناك جديين جيدين من المعزى فاصنعهما اطعمة لابيك كما يحب 10 فتحضرها الى ابيك لياكل حتى يباركك قبل وفاته "
رفقة كانت تذكر وعد الله وكان الأفضل أن تذكر إسحق به ولكنها فضَلت أن تلجأ للطرق البشرية والحيل البشرية فلم تثق أن الله قادر ان يحقق وعده دون اللجوء لهذه الحيل ولأنها خافت من عيسو المتوحش. فيعقوب أعطي البركة لأفرايم عكس إرادة يوسف وأعطي بركة ليهوذا لم يعطها لرأوبين. عموماً كان الله قادر أن يتدخل في اللحظة الأخيرة ولكن رفقة أخطأت في حيلتها واسحق أخطأ في نيته أن يبارك عيسو ويعقوب أخطأ في أن قبل الحيلة والكل دفع الثمن، فرفقة حرمت من إبنها المحبوب ويعقوب تمررت حياته كلها. وعيسو بكي بدموع وبلا فائدة. وإسحق إرتعد بشدة حينما أدرك خطأه وكذلك حرم من إبنه يعقوب. إلا أن الأباء رأوا في القصة رموزاً:-
1. دعوة إسحق لعيسو ليباركه بعد أن شاخ إسحق: دعوة الله لليهود ليؤمنوا بالمسيح في أواخر الدهر.
2. دعوة رفقة ليعقوب الأصغر ليحصل علي البركة: هو عمل الروح القدس مع الكنيسة (الأمم).
3. رفقة ألبست يعقوب ثياب عيسو: كنيسة العهد الجديد إقتنت لقب شعب الله بدلاً من اليهود.
4. يعقوب يضع علي يديه وجمسه جلود المعزي: المسيح يحمل خطايانا فالماعز تشير للخطية.
" 11 فقال يعقوب لرفقة امه هوذا عيسو اخي رجل اشعر وانا رجل املس 12 ربما يجسني ابي فاكون في عينيه كمتهاون واجلب على نفسي لعنة لا بركة "
يعقوب هنا لا يرفض لأنه يكره المكر ويرفضه بل لأنه خاف أن يفتضح أمره فتتحول البركة إلي لعنة من أبيه له، ويتعرض لغضب عيسو.
" 13 فقالت له امه لعنتك علي يا ابني اسمع لقولي فقط واذهب خذ لي 14 فذهب واخذ واحضر لامه فصنعت امه اطعمة كما كان ابوه يحب 15 واخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الاكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت والبست يعقوب ابنها الاصغر 16 والبست يديه وملاسة عنقه جلود جديي المعزى 17 واعطت الاطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها "
نعود مرة أخري للأباء الذين رأوا في الذبيحة التي قدمها يعقوب لأبيه وهو لابساً ثياب عيسو (غالباً هي ثيابه الكهنوتية التي كان يستخدمها وهو يقوم بعمله الكهنوتي) رأي الأباء هنا يعقوب يقوم بدور المسيح الذي قام كرئيس كهنة بتقديم نفسه ذبيحة أمام الأب. يعقوب هنا يمثل المسيح الذي لبس جسدناً وزِيَنا وملابسنا وحمل خطايانا. ورأي الأٌباء أيضا أن إنطلاق يعقوب لخاله لابان هو إنطلاق الإيمان إلي الأمم بعد أن قاومه اليهود (يمثلهم عيسو)
" 18 فدخل الى ابيه وقال يا ابي فقال هانذا من انت يا ابني 19 فقال يعقوب لابيه انا عيسو بكرك قد فعلت كما كلمتني قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك 20 فقال اسحق لابنه ما هذا الذي اسرعت لتجد يا ابني فقال ان الرب الهك قد يسر لي 21 فقال اسحق ليعقوب تقدم لاجسك يا ابني اانت هو ابني عيسو ام لا 22 فتقدم يعقوب الى اسحق ابيه فجسه وقال الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو 23 ولم يعرفه لان يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو اخيه فباركه 24 وقال هل انت هو ابني عيسو فقال انا هو 25 فقال قدم لي لاكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي فقدم له فاكل واحضر له خمرا فشرب "
كيف جرؤ يعقوب أن يقول كل هذه الأكاذيب "أنا عيسو بكرك" "أن الرب إلهك قد يسر لي" "أنا هو" هي جرأة دفع ثمنها في حياته غالياً. وكان إسحق حقا نظره ضعيف وقد شاخ لكنه شك في يعقوب بسبب قوله "أن الرب إلهك قد يسر لي" فهذا ليس أسلوب عيسو في الكلام بل أسلوب يعقوب. وقد يكون صوت التوائم متشابهاً إلا أن هناك فرق قد يكون إسحق قد أدركه وقد يكون سبب الشك سرعة إعداد الطعام.
الصوت صوت يعقوب لكن اليدين يدا عيسو: هي صورة المسيح الذي لبس جسدنا. فصوته هو صوت الأبن وحيد الجنس لكن يديه هما أيدينا إذ حمل طبيعتنا فيه.
" 27 فتقدم وقبله فشم رائحة ثيابه وباركه وقال انظر رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب "
رائحة إبني كرائحة حقل باركه الرب: عيسو كانت ثيابه لها رائحة طيبة. فهناك عادة للشرقيين أن يضعوا ثيابهم في صناديق ومعها أزهار ورياحين. وحقول فلسطين عطرة بسبب كثرة الزهور العطرة التي تزرع فيها والأشجار التي بها. والله حين يبارك شخص يجب أن تكون له رائحة حسنة "أنتم رائحة المسيح الزكية 2 كو 15:2" فحتي يباركنا الله يجب ان نلبس ملابس أخونا البكر المسيح "البسوا المسيح" رؤ 14:13 أي تكون لنا نفس صفاته حلوة الرائحة (حب، وداعة،...).
" 28 فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الارض وكثرة حنطة وخمر 29 ليستعبد لك شعوب وتسجد لك قبائل كن سيدا لاخوتك وليسجد لك بنو امك ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين "
فليعطك الله: لم يقل الرب (يهوة) لأن الله يعطي للجميع وليس شعبه فقط. من ندي السماء : أي كثرة المطر. ومن دسم الأرض : جودة اراضيه وكثرة حنطة وخمر أي كثرة الثمار. أي يحول الله أراضيه القفر إلي جنة خصيبة. ويعطيه حنطة أي شبع وخمر أي فرح ويستعبد لك شعوب : سيادة علي من حوله. وهذا حدث في أيام داود وإستمر فترة طويلة. وليسجد لك بنو أمك : أي نسل عيسو. وقد فرض داود ملكه عليهم وإستمر هذا حتي أيام يهورام إبن يهوشافاط ثم تحرروا في أيامه حتي عهد المكابيين حين أخضعهم يوحنا هركانوس لليهود نهائياً وتهودوا. ولم يخضع إسرائيل لأدوم أبداً. ولكن هذه البركات لم تعني فقط البركات الزمنية التي حصل عليها اليهود في أرض فلسطين، فيعقوب ونسله هاجروا لمصر بسبب المجاعة وإستعبدوا هناك. وعاشوا فترات طويلة في حروب وسبي وخضوع لأمم مثل بابل والفرس واليونان. ولكن هذه البركات تشير للبركات الروحية التي تحققت بمجئ المسيح حيث تمتع يعقوب الروحي الكنيسة بالبركات وصارت الكنيسة هي الحقل ذو الرائحة الطيبة. وحل عليها الروح القدس (ندي السماء) وتغذت الكنيسة علي الجسد والدم (الحنطة والخمر) وصار المسيح رأس الكنيسة : كن سيداً لإخوتك، ليستعبد لك شعوب. فالمسيح صار إلهاً وملكاً علي الجميع وتعبد له رؤساء وملوك الأرض.
وبالنسبة للنفس حينما تمتلئ من ندي السماء (الروح القدس) حينما تقدس نفسها تصبح مثمرة وتتحول لأرض خصبة. تشبع من الحنطة (العريس السماوي النازل من السماء) وتفرح بالخمر أي فيض الفرح الروحي الداخلي. مثل هذه النفس يكون لها سلطان وسيادة.
" 33 فارتعد اسحق ارتعادا عظيما جدا وقال فمن هو الذي اصطاد صيدا واتى به الي فاكلت من الكل قبل ان تجيء وباركته نعم ويكون مباركا "
إرتعد إرتعاداً عظيماً: لأنه علم أن نيته أن يبارك عيسو كانت ضد إرادة الله وأن ما حدث كان بسماح من الله لذلك لم يلوم رفقة ولا يعقوب لذلك قال نعم ويكون مباركاً فهذه هي إرادة الرب. لذلك قال بولس أن عيسو طلب التوبة بدموع ولم يجدها عب 17:12.
" 34 فعندما سمع عيسو كلام ابيه صرخ صرخة عظيمة ومرة جدا وقال لابيه باركني انا ايضا يا ابي 35 فقال قد جاء اخوك بمكر واخذ بركتك 36 فقال الا ان اسمه دعي يعقوب فقد تعقبني الان مرتين اخذ بكوريتي وهوذا الان قد اخذ بركتي ثم قال اما ابقيت لي بركة 37 فاجاب اسحق وقال لعيسو اني قد جعلته سيدا لك ودفعت اليه جميع اخوته عبيدا وعضدته بحنطة وخمر فماذا اصنع اليك يا ابني "
عيسو حرم من البركة لأجل أستهتاره عب 16:12. وصراخه وحزنه كانا بسبب الخسارة المادية (نصيب البكر في الميراث) وليس بأي إحساس روحي. بدليل قوله "أما بقيت لي بركة" فكيف يأتي المسيح من نسلهما معاً
" 39 فاجاب اسحق ابوه وقال له هوذا بلا دسم الارض يكون مسكنك وبلا ندى السماء من فوق "
بلا دسم الأرض يكون مسكنك: أي في الصحراء فهو لا يميل للحرث والزرع. وبلا ندي السماء من فوق: فالروح القدس لا يحل سوي علي من هم من نسل يعقوب أي الكنيسة. وكل من يبتعد عن الله لا يرتوي من الروح القدس ولا يكون مثمراً بل كمن في برية. وبسيفك تعيش.
" 40 وبسيفك تعيش ولاخيك تستعبد ولكن يكون حينما تجمح انك تكسر نيره عن عنقك "
يعيش بسيفه فهو صياد. ولكن يكون حينما تجمح أنك تكسر نيره عن عنقك: إجمالاً خضع أدوم لإسرائيل ولكنهم تحرروا منهم أيام الملك يورام وأيام أحاز فكسروا النير فترة.
" 41 فحقد عيسو على يعقوب من اجل البركة التي باركه بها ابوه وقال عيسو في قلبه قربت ايام مناحة ابي فاقتل يعقوب اخي 42 فاخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الاكبر فارسلت ودعت يعقوب ابنها الاصغر وقالت له هوذا عيسو اخوك متسل من جهتك بانه يقتلك 43 فالان يا ابني اسمع لقولي وقم اهرب الى اخي لابان الى حاران 44 واقم عنده اياما قليلة حتى يرتد سخط اخيك 45 حتى يرتد غضب اخيك عنك وينسى ما صنعت به ثم ارسل فاخذك من هناك لماذا اعدم اثنيكما في يوم واحد 46 وقالت رفقة لاسحق مللت حياتي من اجل بنات حث ان كان يعقوب ياخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الارض فلماذا لي حياة "
نوي عيسو أن يقتل يعقوب بعد موت أبيه فدبرت رفقة خطة لهروب يعقوب فهي لم تستطع ان تواجه اسحق بما نوي عيسو ان يفعله وإلا لامها اسحق علي فعلتها فدبرت ان تشتكي من زوجات عيسو حتي يرسل إسحق ابنه إلي لابان ليتزوج من عائلته. وكان تدبيرها ان يقيم يعقوب لدي خاله أياماً قليلة: لكن إقامته طالت عشرات السنين فيها حرمت أمه منه وهناك تمررت حياة يعقوب من خداع لابان خاله كما خادع هو أبوه.
ظهرت عناية الله بأولاده بصورة واضحة ومتكررة وبخاصة في حياة يعقوب. فالله لا يترك أولاده ويتخلي عنهم أن بدرت منهم أخطاء بل يؤدبهم بضيقات يسمح بها حتي ينزع منهم شرورهم. ويعقوب بالرغم من ضعفاته ومكره كان مشتاقاً للبركة، عينه علي السماء وعلي الله. وكل من كان مثله لا يتركه الله بل يجذبه ويعتني به بالرغم من خطاياه (تك 15:48) ويستمر الله سامحاً له ببعض الألام حتي يتكمل. فهو كان معتمداً علي مكره وذكائه. ونجد الله قد سمح له بالألام حتي يتخلي عن هذا ويلقي كل رجاؤه وإعتماده علي الله.
رحلة يعقوب إلي خاله لابان وزواجه من محبوبته راحيل تمثل تجسد المسيح وقدومه إلينا إلي أرض غربتنا ليتخذنا له عروساً. أما إسحق في زواجه من رفقة فيمثل المسيح في سمائه الذي أرسل لنا ليصعدنا إليه في سمائه. علي أننا نجد راحيل وقد أخذها يعقوب إلي كنعان ولكنها ماتت في الطريق علي رجاء القيامة وهذا ما يحدث معنا الآن فنحن نموت إنتظاراً للقيامة. أما رفقة التي تمثل الكنيسة في السماء وستكون حية للأبد، لا يذكر موتها أي موت رفقة.
" 1 فدعا اسحق يعقوب وباركه واوصاه وقال له لا تاخذ زوجة من بنات كنعان "
لقد بارك إسحق يعقوب من قبل بخدعة والآن يباركه بعد أن علم أن الأمر من قبل الرب.
" 4 ويعطيك بركة ابراهيم لك ولنسلك معك لترث ارض غربتك التي اعطاها الله لابراهيم "
لترث أرض غربتك: فيها إيمان إسحق بأن يرث نسله أرض الموعد وهذا الإيمان أيضاً كان لرفقة حين قالت ليعقوب أن يبقي في فدان أرام أياماً قليلة (45،44:27).
" 5 فصرف اسحق يعقوب فذهب الى فدان ارام الى لابان بن بتوئيل الارامي اخي رفقة ام يعقوب وعيسو "
رفقة أم يعقوب وعيسو: هنا حسب يعقوب البكر وذكر اسمه أولاً. جمهوراً من الشعوب (اية 4) تعني هنا جماعة مختارة لمقاصد دينية وترجمت باليونانية كنيسة وأصبحت إسماً لشعب إسرائيل "جماعة إسرائيل" لا 17:16.
" 6 فلما راى عيسو ان اسحق بارك يعقوب وارسله الى فدان ارام لياخذ لنفسه من هناك زوجة اذ باركه واوصاه قائلا لا تاخذ زوجة من بنات كنعان 7 وان يعقوب سمع لابيه وامه وذهب الى فدان ارام 8 راى عيسو ان بنات كنعان شريرات في عيني اسحق ابيه 9 فذهب عيسو الى اسماعيل واخذ محلة بنت اسماعيل بن ابراهيم اخت نبايوت زوجة له على نسائه "
عيسو يحاول إسترضاء أبيه وأمه بهذا الزواج.
" 10 فخرج يعقوب من بئر سبع وذهب نحو حاران 11 وصادف مكانا وبات هناك لان الشمس كانت قد غابت واخذ من حجارة المكان ووضعه تحت راسه فاضطجع في ذلك المكان 12 وراى حلما واذا سلم منصوبة على الارض وراسها يمس السماء وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها 13 وهوذا الرب واقف عليها فقال انا الرب اله ابراهيم ابيك واله اسحق الارض التي انت مضطجع عليها اعطيها لك ولنسلك 14 ويكون نسلك كتراب الارض وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبا ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الارض 15 وها انا معك واحفظك حيثما تذهب واردك الى هذه الارض لاني لا اتركك حتى افعل ما كلمتك به "
هذه الرؤيا كانت ليعقوب المدلل من أمه الهارب من وجه عيسو محروماً من بيته وعاطفة أبويه، سائراً في برية وحده، واضعاً رأسه علي حجر لينام وسط مخاوفه، كانت هذه الرؤيا تشجيعاً له وإعلانا من الله أنه لن يتركه وحده بل هو في حمايته وملائكته تحيطه والسماء ليست مغلقة أمامه بالرغم من خطأه. لم ينعم يعقوب برؤيا مثل هذه في بيته."
معني الرؤيا: هذه الرؤيا تشير لتجسد المسيح فهو الذي بتجسده صالح السمائيين والأرضيين وهذا معني الملائكة الصاعدة والنازلة فالمسيح فتح السماء (يو 51:1). ويشير السلم للعذراء فالمسيح تجسد من بطنها وللصليب الذي به تم الفداء. ويعقوب يشير للسيد المسيح الذي أرسله أبوه إسحق (الأب) ليأخذ له عروساً (الكنيسة) تاركاً بنات المنطقة (اليهود) أع 46:13. وقد ظهرت هذه الرؤيا ليعقوب قبل أن يأخذ راحيل زوجة. فالصليب كان أولاً ثم قدم المسيح دمه مهراً لعروسه. فوعود الله ليعقوب في هذه الرؤيا كانت تناسب حاضر يعقوب ومستقبله (الكنيسة). والحجر تحت رأس يعقوب يشير للمسيح كحجر تبني عليه الكنيسة بعد أن صار رأساً للزاوية. أي بعد تجسده. والرب واقف عليها: بكونه السماوي فهو السماوي قد تجسد ليؤسس الكنيسة عليه وإذا كان الصليب يشير له السلم والسلم يستخدم للصعود والنزول. فالقديسين حينما يحملون صليبهم يرتفعون للسماويات والأشرار بجحدهم للمسيح المصلوب ينزلون للهاوية. والملائكة الصاعدة والنازلة تشير لإهتمام السماويين بنا وأن مشورات الله في السماء تنفذ هنا علي الأرض والمسيح علي رأس السلم فهو فوق الكل وضابط الكل يسندنا ويرفعنا اليه.
" 16 فاستيقظ يعقوب من نومه وقال حقا ان الرب في هذا المكان وانا لم اعلم "
الرب في هذا المكان: ربما ظن يعقوب ان الله لا يمكن أن يقابله سوي عند مذبح العائلة.
" 17 وخاف وقال ما ارهب هذا المكان ما هذا الا بيت الله وهذا باب السماء "
هل نحس بهذه الرهبة ونحن في الكنيسة أو في الهيكل أو ونحن نصلي فبيت الله هو الكنيسة.
" 18 وبكر يعقوب في الصباح واخذ الحجر الذي وضعه تحت راسه واقامه عمودا وصب زيتا على راسه 19 ودعا اسم ذلك المكان بيت ايل ولكن اسم المدينة اولا كان لوز 20 ونذر يعقوب نذرا قائلا ان كان الله معي وحفظني في هذا الطريق الذي انا سائر فيه واعطاني خبزا لاكل وثيابا لالبس 21 ورجعت بسلام الى بيت ابي يكون الرب لي الها 22 وهذا الحجر الذي اقمته عمودا يكون بيت الله وكل ما تعطيني فاني اعشره لك "
نجد هنا إثبات أهمية التقليد في الكنيسة. فمن أين عرف يعقوب ان يصب زيتاً علي الحجر لتكريس المكان ليصبح بيتاً لله ومن أين عرف فكرة العشور. إلا أن الله سلم هذا للأباء ابتداء من آدم حتي إبراهيم وإسحق ويعقوب ثم جاءنا ناموس موسي ليؤيد الناموس الشفهي (التقليد) المسلم للأباء شفاهة. وإقامة عمود في هذا المكان ليكون شاهداً علي هذه الرؤيا. لوز وبيت إيل : يش 2،1:16. لوز كانت قريبة من بيت إيل والمعني أن يعقوب كان خلال هذه الرؤيا يبيت في مكان قرب لوز. ثم أطلق علي المكان بيت إيل ثم بعد هذا صارت بيت إيل ولوز مكاناً واحداً بعد أن إتسعت الرقعة وصار اسم المكان كله بيت إيل.
" 1 ثم رفع يعقوب رجليه وذهب الى ارض بني المشرق "
رفع يعقوب رجليه: تعني الإسراع في الطريق بعد أن بعثت فيه الرؤيا نشاطاً وطمأنينة.
" 2 ونظر واذا في الحقل بئر وهناك ثلاثة قطعان غنم رابضة عندها لانهم كانوا من تلك البئر يسقون القطعان والحجر على فم البئر كان كبيرا "
يبدو أن البئر كانت من حق لابان فكان الرعاة ينتظرون حتي تأتي راحيل ليسقوا قطعانهم. أو هم يجتمعون ولا يرفعون الحجر إلا بعد أن يجتمع الجميع حتي لا تتلوث البئر بالتراب.
وفي هذا الإصحاح نجد يعقوب رمزاً للسيد المسيح وراحيل رمزاً للكنيسة:-
1. هو ذهب لها ليقتنيها زوجة والمسيح أتي لكنيسته ليقتنيها عروساً له.
2. هو جاء إلي الحقل أي إلي العالم ليقابلها هناك.
3. البئر تشير للمعمودية وهذه كان عليها حجراً أزاحه يعقوب. والمعمودية هي بنوة لله وبتجسد المسيح إنفتحت المعمودية لنصير أولاداً لله. والمعمودية هي بعمل الروح القدس والبئر تشير لكل أعمال الروح القدس هذا الذي أنسكب علي الكنيسة بعمل المسيح (الأسرار).
4. القطعان الرابضة في إنتظار مجئ يعقوب وراحيل هم كل من سبق وجاء قبل التجسد وربما ثلاثة ليرمزوا إلي 1) الأباء السابقين للناموس الموسوي (هابيل… يوسف) وهؤلاء يمثلون الناموس الطبيعي 2) رجال الناموس الموسوي برموزه 3) الأنبياء. كل هؤلاء كانوا ينتظرون علي رجاء مجئ المسيح. والله تكلم مع الأباء بطرق متنوعة عب 2،1:1فكلمهم بالرؤي وبالناموس والنبوات وحين جاء ملء الزمان جاء المسيح وأرسل الروح القدس. ودحرجة الحجر ربما تشير للملاك الذي دحرج الحجر ليعلن قيامة المسيح.
5. أخبر يعقوب راحيل أنه اخو أبيها: هو إعلان المسيح عن قرابته لنا بتجسده وفدائه والمصالحة التي صنعها بين أبيه السماوي وبيننا وقال لأبان "انت عظمي ولحمي" أف 30:5.
6. رفع الحجر يشير أيضا لرفع حجر الظلال والرموز ويعلن كمال الحق ويشير أيضاً لأن المسيح بموته داس الموت وأعطانا القيامة والحياة.
7. يعقوب قَبَل راحيل إعلاناً عن حبه وهذا ماعمله المسيح فأعلن حبه بصليبه.
8. حين أعلن ذاته لها أدخلته بيت أبيها وسكن عندهم علامة الشركة معه كل أيام غربتنا حتي يدخل بنا إلي سمواته. ووجود يعقوب كضيف في بيت خاله لفترة تشير لأن المسيح كان كضيف سماوي في الأرض حتي يقتني عروسه.
9. ليئة: تعني معياة ربما بسبب مرض عينيها وراحيل تعني شاة. وليئة هنا تشير لشعب اليهود ذو النظر الكليل فهم لم يروه كمخلص ورفضوه أما المسيح فقبلهم فترة من الزمان حتي يحصل علي كنيسته (هي الشاة وهو الراعي) هي ذات العيون القوية الجميلة التي عرفته وأحبته وإختارته لأنه هو أحبها اولاً. عموماً كان المسيح هو حجر الزاوية الذي ربط بين الشعبين (أف 8:2). هذا ويلاحظ أن المسيح جاء من سبط يهوذا ابن ليئة فهو من نسل اليهود (رمزهم ليئة) بالجسد.
10. من محبة يعقوب لراحيل قيل "كانت في عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها". وقيل عن المسيح " لا يوجد حب أعظم من هذا أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه" وقيل عن القديسين "لم يحبوا حياتهم حتي الموت رؤ 11:12 وقال بولس الرسول "من يفصلني عن محبة المسيح أشدة أم ضيق …إذا هي محبة متبادلة.
" 14 فقال له لابان انما انت عظمي ولحمي فاقام عنده شهرا من الزمان "
أقام يعقوب عند لابان شهراً. فكانت العادة أن يستضيف الإنسان ضيفه بحد أقصي شهر. بعد ذلك يصير كواحد من العائلة ويشاركهم حياتهم بما فيها من عمل وينال أجرة عن عمله (أية 15).
" 23 وكان في المساء انه اخذ ليئة ابنته واتى بها اليه فدخل عليها "
لم يكن الخداع صعباً فالعروس تزف ليلاً وهي مرتدية برقع أحمر. وكما خدع يعقوب أبوه إسحق هكذا فعل به لابان خاله. ثم خدعه أولاده في موضوع يوسف. فكان في حياته معذباً.
" 27 اكمل اسبوع هذه فنعطيك تلك ايضا بالخدمة التي تخدمني ايضا سبع سنين اخر "
كانت العادة أن يحتفل العريس بعروسه لمدة أسبوع (مثل شهر العسل عندنا).
" 30 فدخل على راحيل ايضا واحب ايضا راحيل اكثر من ليئة وعاد فخدم عنده سبع سنين اخر 31 وراى الرب ان ليئة مكروهة ففتح رحمها واما راحيل فكانت عاقرا "
كلمة مكروهة في أصلها أنها محبوبة بدرجة أقل ويتضح هذا من الآيتين والله الذي سمح لها بأن تكون عينها هكذا عوضها بكثرة البنين. وليئة بأبنائها الكثيرين تشير لليهود الذين كانوا مخصبين أما راحيل العاقر فتشير للأمم الذين كانوا في حالة عقم ثم أثمروا.
" 32 فحبلت ليئة وولدت ابنا ودعت اسمه راوبين لانها قالت ان الرب قد نظر الى مذلتي انه الان يحبني رجلي 33 وحبلت ايضا وولدت ابنا وقالت ان الرب قد سمع اني مكروهة فاعطاني هذا ايضا فدعت اسمه شمعون 34 وحبلت ايضا وولدت ابنا وقالت الان هذه المرة يقترن بي رجلي لاني ولدت له ثلاثة بنين لذلك دعي اسمه لاوي 35 وحبلت ايضا وولدت ابنا وقالت هذه المرة احمد الرب لذلك دعت اسمه يهوذا ثم توقفت عن الولادة "
ليئة حينما شعرت أنها مكروهة لجأت إلي الله وإتضح هذا في تسمية أولادها فنسبتهم كلهم لله فهي أسمت البكر رأوبين: إبن الرؤيا أي الله رأي مذلتي فوهبني أبنا حتي يحبني زوجي وأسمت الثاني شمعون: الله سمعني إذ كنت مكروهة فشمعون تعني مستمع وأسمت الثالث لاوي أي مقترن بي وتعني الأن يقترن بي زوجي والرابع يهوذا: يعترف أو يحمد فهي تشكر الله علي عطيته. وليئة التي تمثل اليهود أنجبت البكر فهم بالنسبة لله الأخ الأكبر فهم أسبق من المسيحيين في معرفة الله ولكن سحبت منهم البكورية وأصبحت لهم البكورية الجسدية فقط بحكم الزمن أما البكورية الروحية فصارت للشعب المسيحي. ومن ليئة جاء لاوي أى الكهنوت، كهنوت العهد القديم وجاء من ليئة يهوذا أبو المسيح بالجسد. ويقول الكتاب ثم توقفت عن الولادة فهذا هو كل دور شعب اليهود أن يأتي منهم المسيح وبعد ذلك لا يوجد لهم أي دور في خطة الخلاص سوي أن يؤمنوا بالمسيح. وقد تشير إلي انهم برفضهم السيد المسيح توقفوا عن الإنجاب الروحي. علي أننا نجد ان ليئة بعد ذلك عادت وأنجبت بساكر وزبولون وقد يكون هذا إشارة لقبول اليهود الإيمان المسيحي في أواخر الأيام.
إسحق ويعقوب
إن كان يعقوب يشير للمسيح الذى نزل للأرض ليأخذ عروستين ( اليهود والأمم) وكان موت راحيل فى الطريق يشير لموتنا الآن بالجسد فى طريقنا للسماء فإسحق يشير المسيح الموجود الآن فى السماء وعروسته الواحدة ( رفقة) تذهب له، يأتى بها له الروح القدس. وهى واحدة وحيدة، فهكذا هى عروس المسيح. وهذه ستكون حية فى السماء للأبد فى حياة أبدية، لذلك لا يذكر خبر موتها.
كان يعقوب يعيش حياة هادئة في بيت أبيه إلي أن سقط في خطية الخداع والإحتيال فتمررت حياته ونجد هنا صورة للصراعات في حياة يعقوب. فهو هرب من الصراع مع أخيه عيسو ولكن نجد خاله لابان يخدعه ويعطيه ليئة عوضاً عن راحيل فيضطر للزواج من كلتيهما وينشأ عن الزواج المتعدد صراعات بينهما ولم يعد بيت يعقوب البيت الهادئ. بل صار هناك صراع مع خاله لابان بسبب أجرته.
" 1 فلما رات راحيل انها لم تلد ليعقوب غارت راحيل من اختها وقالت ليعقوب هب لي بنين والا فانا اموت "
وإلا فأنا أموت: أي بدون اولاد أحسب كميتة أو أنني أموت من الحسرة. هذه حالة يأس من المؤكد أنها أحزنت قلب يعقوب رجل الصلاة. فهي تشكو وتتمرد ولكنها لا تصلي.
" 2 فحمي غضب يعقوب على راحيل وقال العلي مكان الله الذي منع عنك ثمرة البطن "
العلي مكان الله: أي لماذا تشتكي لي إذهبي إلي الله وتعلمي أن تصلي وتشتكي له.
" 3 فقالت هوذا جاريتي بلهة ادخل عليها فتلد على ركبتي وارزق انا ايضا منها بنين 4 فاعطته بلهة جاريتها زوجة فدخل عليها يعقوب 5 فحبلت بلهة وولدت ليعقوب ابنا 6 فقالت راحيل قد قضى لي الله وسمع ايضا لصوتي واعطاني ابنا لذلك دعت اسمه دانا 7 وحبلت ايضا بلهة جارية راحيل وولدت ابنا ثانيا ليعقوب 8 فقالت راحيل مصارعات الله قد صارعت اختي وغلبت فدعت اسمه نفتالي 9 ولما رات ليئة انها توقفت عن الولادة اخذت زلفة جاريتها واعطتها ليعقوب زوجة 10 فولدت زلفة جارية ليئة ليعقوب ابنا 11 فقالت ليئة بسعد فدعت اسمه جادا 12 وولدت زلفة جارية ليئة ابنا ثانيا ليعقوب 13 فقالت ليئة بغبطتي لانه تغبطني بنات فدعت اسمه اشير "
دخلت الصراعات بين الأختين إلي مجال أخر في التنافس فكل منهن أعطت يعقوب جاريتها ليلد منها. فمن بلهة جارية راحيل جاء ليعقوب دان بمعني يدين أو يقضي وراحيل تعني بهدا الأسم أن الله قضي لها وأنصفها فأعطاها إبنا لأن أبن الجارية كان يحسب لسيدتها فالجارية وكل ما تملك ملك لسيدتها. والأبن الثاني نفتالي: متسع أي اعطاها الله أن تتسع وتغلب حينما زاد الأبناء. ثم أنجبت زلفة جارية ليئة جاد: أي توفيق وهي تعني أنها في صراع مع أختها قد وفقها الله وأسعدها بسعد فأنجبت أشير: سعيد أو مغبوط فليئة قد صارت مغبوطة. مصارعات الله: أي مصارعات عظيمة.
" 14 ومضى راوبين في ايام حصاد الحنطة فوجد لفاحا في الحقل وجاء به الى ليئة امه فقالت راحيل لليئة اعطيني من لفاح ابنك 15 فقالت لها اقليل انك اخذت رجلي فتاخذين لفاح ابني ايضا فقالت راحيل اذا يضطجع معك الليلة عوضا عن لفاح ابنك 16 فلما اتى يعقوب من الحقل في المساء خرجت ليئة لملاقاته وقالت الي تجيء لاني قد استاجرتك بلفاح ابني فاضطجع معها تلك الليلة 17 وسمع الله لليئة فحبلت وولدت ليعقوب ابنا خامسا 18 فقالت ليئة قد اعطاني الله اجرتي لاني اعطيت جاريتي لرجلي فدعت اسمه يساكر 19 وحبلت ايضا ليئة وولدت ابنا سادسا ليعقوب 20 فقالت ليئة قد وهبني الله هبة حسنة الان يساكنني رجلي لاني ولدت له ستة بنين فدعت اسمه زبولون 21 ثم ولدت ابنة ودعت اسمها دينة "
رأوبين أبن ليئة وجد في الحقل نبات إسمه اللفاح ويسمونه تفاح الجنة وكانوا يعتقدون أنه يجلب محبة الزوج لزوجته. وأعطي رأوبين اللفاح لأمه ليئة. ويبدو أن يعقوب كان قد هجر ليئة ليعيش مع راحيل (رمز لأن الله ترك شعب اليهود بسبب محبته للكنيسة). وطلبت راحيل من ليئة أن تعطيها اللفاح. وهذا خطأ آخر لراحيل أنها تؤمن بهذه الخرافات فهل نوع من النبات يجلب محبة الزوج أو يعطيها أولاد هي محاولات بشرية فاشلة عوضاً عن أن تصلي وتلجأ إلي الله. علي أن ليئة إنتهزت هي الأخري هذه الفرصة وسمحت لها بأن تاخذ اللفاح علي أن تترك لها يعقوب يعاشرها فأخذت اللفاح وذهب يعقوب إلي ليئة فأنجبت يساكر: أي جزاء وهي تعني ان الله قد أعطاها اجرتها. وأنجبت لئية بعد ذلك زبولون: مسكن وتعني الأن يساكنني رجلي لأنها ولدت له ستة بنين. ثم ولدت له دينة. والإشارة لدينة هنا بسبب قصتها التي ستأتي بعد ذلك.
" 22 وذكر الله راحيل وسمع لها الله وفتح رحمها 23 فحبلت وولدت ابنا فقالت قد نزع الله عاري 24 ودعت اسمه يوسف قائلة يزيدني الرب ابنا اخر "
لقد سمح الله بعقم راحيل حتي يفتح قلب يعقوب فيحب ليئة. وسبب أخر هو أن تصبح راحيل رمزاً للكنيسة أو للأمم الذين كانوا في حالة عقم وأصبحو مثمرين. وأنجبت راحيل أخيراً وأسمت أبنها يوسف: يزيد فهي تشتاق لأولاد أكثر وحتي تنمو الكنيسة وتزداد وتظل مثمرة علي الدوام. مع ملاحظة أن إبن راحيل الثاني والذي ماتت بعد أن ولدته مباشرة كان اسمه بنيامين والمعني أن بعد نهاية هذا الزمن (الموت) تجلس الكنيسة عن يمين الله في السماء. والأم راحيل في الولادة ثم موتها تعبير عن الألام التي تجتازها الكنيسة في العالم وتنتهي بآخِر عدو وهو الموت ولكن النتيجة أن تصبح بنت اليمين فبنيامين يعني إبن اليمين. مع أن راحيل كانت تود تسميته ابن أوني أي ابن حزني لكن أباه يعقوب أسماه بنيامين.
" 25 وحدث لما ولدت راحيل يوسف ان يعقوب قال للابان اصرفني لاذهب الى مكاني والى ارضي 26 اعطني نسائي واولادي الذين خدمتك بهم فاذهب لانك انت تعلم خدمتي التي خدمتك 27 فقال له لابان ليتني اجد نعمة في عينيك قد تفاءلت فباركني الرب بسببك 28 وقال عين لي اجرتك فاعطيك 29 فقال له انت تعلم ماذا خدمتك وماذا صارت مواشيك معي 30 لان ما كان لك قبلي قليل فقد اتسع الى كثير وباركك الرب في اثري والان متى اعمل انا ايضا لبيتي 31 فقال ماذا اعطيك فقال يعقوب لا تعطيني شيئا ان صنعت لي هذا الامر اعود ارعى غنمك واحفظها 32 اجتاز بين غنمك كلها اليوم واعزل انت منها كل شاة رقطاء وبلقاء وكل شاة سوداء بين الخرفان وبلقاء ورقطاء بين المعزى فيكون مثل ذلك اجرتي 33 ويشهد في بري يوم غد اذا جئت من اجل اجرتي قدامك كل ما ليس ارقط او ابلق بين المعزى واسود بين الخرفان فهو مسروق عندي 34 فقال لابان هوذا ليكن بحسب كلامك "
نجد هنا يعقوب يود أن يعود إلي أرض
الميعاد. وفي أية (27) نري كيف أن
يعقوب صار بركة لبيت لابان وان لابان
أحس بهذا فكان يود لو بقي يعقوب معه
حتي تستمر البركة. ثم نجد أن يعقوب
ولابان يتفقان علي طريقة يأخذ بها
يعقوب اجرته.
البلقاء:
السواد والبياض موزعان علي
السواء. الرقطاء: سوداء
يشوبها نقط بيضاء.
وهذه الصفات للغنم (سواء من الخرفان
أو الماعز) قليلة ونادرة والأغلب هو
الأبيض والأسود.
تم الأتفاق علي أن يقسم القطيع إلي
قسمين:
الأول:
ما هو أبيض وأسود فقط غالبا الغنم تكون بيضاء والماعز سوداء
الثاني:
ما هو (بلقاء ورقطاء) والمنقط هو النادر
والقسم الأول يستمر مع يعقوب يرعاه
والقسم الثاني يأخذه لابان معه ويبتعد
مسيرة 3 أيام عن يعقوب، لمدة معينة من
الزمن.
قبل لابان عرض يعقوب لأنه افترض أن القطيع الأبيض والأسود سيكون نتاجه غالباً أبيض وأسود وأن البلقاء والرقطاء فيه أي نصيب يعقوب المتفق عليه سيكون هو القليل. ولابان قبل العرض نتيجة جشعه وطمعه ظانا بهذا أنه سيخرج بنصيب الأسد. ولكن الله خيب ظن لابان وكان النصيب الأكبر ليعقوب فجاءت الغالبية بلقاء ورقطاء ونفهم من (10:31) أن الله هو الذي أوحي ليعقوب بهذه الفكرة أي أن تكون أجرته هي البلقاء والرقطاء. فالله كان ناوياً أن يعوضه عن أمانته وخدمته لخاله بأمانه كل هذا العمر والله كان يعرف جشع خاله وأنه سيخدعه مراراً فأرشده الله لهذه الخطة.
ولكن نجد يعقوب مرة اخري يسقط في الحلول البشرية والخداع والمكر. فنجده يقشر أعواد بعض النباتات حتي تبدو منقطة ويضعها أمام الغنم التي ستلد حينما يجد الغنم قوية. وهو إعتمد علي فكرة الوحم عند الإناث اللواتي يلدن. فحينما تتوحم الشاة التي ستلد وأمامها ألوان منقطة تكون الشاة المولودة منقطة. وهذه الفكرة موجودة حتي الأن ولكنها لم تثبت علمياً. فنجد أن كثرة الغنم المنقطة القوية التي صارت ليعقوب كانت نتيجة بركة الرب وليس لخداعات يعقوب. هي عدم إيمان وثقة في وعود الله الذي قال له أنه يبارك. وهذا حدث مرتين في حياة يعقوب. فالله وعد رفقة بأن كبير يستعبد لصغير. والله وعده بأنه سيبارك وفي المرة الأولي خدع أبوه إسحق ليضمن البركة والمرة الثانية خدع خاله لابان ليضمن بركة لنصيبه. وكان الله سيعطيه البركة في المرتين دون خداع! وما نتيجة الخداع؟ انه خدع مرتين الأولي في موضوع ليئة والثانية في موضوع يوسف!! " كما فعلت يفعل بك (عو 15)".
" 30 لان ما كان لك قبلي قليل فقد اتسع الى كثير وباركك الرب في اثري والان متى اعمل انا ايضا لبيتي "
لقد زاد قطيع لابان من قطيع صغير تقوده راحيل إلي قطعان يفصل بينهما مسيرة 3 أيام أي حوالي 65 كيلو متر. وهذه المسافة دليل ضخامة قطعان لابان.
" 32 اجتاز بين غنمك كلها اليوم واعزل انت منها كل شاة رقطاء وبلقاء وكل شاة سوداء بين الخرفان وبلقاء ورقطاء بين المعزى فيكون مثل ذلك اجرتي "
أجتاز بين غنمك … وأعزل أنت: أي الأثنين يمران سوياً لكن لابان هو الذي يعزل ويختار ويشرف علي عملية الفصل ليضمن حقه. فيكون مثل ذلك أجرتي: أي بعد عزل كل ما هو بلقاء ورقطاء يبقي ما هو أبيض وما هو أسود. وناتج هذا القطيع الأبيض والأسود كل ما يوجد فيه من بلق ورقط مثل الذي عزله لابان يكون من نصيب يعقوب.
" 33 ويشهد في بري يوم غد اذا جئت من اجل اجرتي قدامك كل ما ليس ارقط او ابلق بين المعزى واسود بين الخرفان فهو مسروق عندي "
يشهد في بري: صيغة قسم والمعني ان بره وشرفه يشهدان له أو عليه أن حاول أن يغير أجرته التي عينها لنفسه. فهو مسروق عندي: كل ما ليس له هذه الصفات يكون مختلساً منك.
" 34 فقال لابان هوذا ليكن بحسب كلامك "
هوذا ليكن بحسب كلامك: لابان وافق ظانا أنه الفائز في هذه الصفقة فالمنقط نادر.
" 37 فاخذ يعقوب لنفسه قضبانا خضرا من لبنى ولوز ودلب وقشر فيها خطوطا بيضا كاشطا عن البياض الذي على القضبان "
اللبني: نبات له لبن كالعسل يسمي الميعة. والدلب: نبات يوجد في السهول وعلي شواطيء الأنهار. ويعقوب وضع هذه الأعواد بعد أن قشرها في المساقي أمام الغنم حين كانت تأتي لتشرب. والله وعده بالبركة حين أرشده لإختيار المنقطة ولكنه لم يرشده لهذه الخدعة.
" 41 وحدث كلما توحمت الغنم القوية ان يعقوب وضع القضبان امام عيون الغنم في الاجران لتتوحم بين القضبان "
نلاحظ أن يعقوب كان يصنع هذا مع الغنم القوية ليكون نصيبه قوياً ولا يصنع هذا مع الضعيفة فتكون البيضاء نصيب لابان هي الضعيفة.
" 43 فاتسع الرجل كثيرا جدا وكان له غنم كثير وجوار وعبيد وجمال وحمير "
إتسع الرجل كثيراً جداً: ليس بسبب الخدعة ولكن لأن الله يريد ان يباركه.
الأعواد المقشرة
رجوع يعقوب إلي كنعان مع عائلته يمثل المسيح حاملاً الكنيسة داخلاً بها أورشليم (كنعان) السماوية ولكن خلال هذه الرحلة وبينما الكنيسة تجاهد علي الأرض فإن الشيطان ورمزه هنا لابان، لا يتركها بل يسعي وراءها محاولاً إعادتها ليمنعها من دخول كنعان.
" 1 فسمع كلام بني لابان قائلين اخذ يعقوب كل ما كان لابينا ومما لابينا صنع كل هذا المجد "
بلغ يعقوب كلام بني لابان وحسدهم إياه لنجاحه: فسمع كلام بني لابان.
" 3 وقال الرب ليعقوب ارجع الى ارض ابائك والى عشيرتك فاكون معك "
بلا شك كان حنين يعقوب أن يعود لأرض أبائه ونجد الله هنا يشجعه. بل أن الله سمح بأن يصل إلي مسامعه حسد أبناء لابان وكراهيتهم ليشعر بالغربة وينطلق. كم من ألام يسمح بها الله لنا لنشعر بغربتنا في الأرض ويكون حنيننا إلي السماء.
" 4 فارسل يعقوب ودعا راحيل وليئة الى الحقل الى غنمه "
دعوة يعقوب ليتشاور في الأمر مع ليئة وراحيل وذهابهن للحقل غالباً لأنه كان مشغولاً بجز الغنم.
" 7 واما ابوكما فغدر بي وغير اجرتي عشر مرات لكن الله لم يسمح له ان يصنع بي شرا "
غير أجرتي عشر مرات: لم يذكر الكتاب كيف حدث هذا. وهنا من فسر هذا بأن لابان كان يأتي ويأخذ من الغنم البلقاء والرقطاء من يعقوب. بينما هذه من المفروض أن تكون من نصيبه.
" 8 ان قال هكذا الرقط تكون اجرتك ولدت كل الغنم رقطا وان قال هكذا المخططة تكون اجرتك ولدت كل الغنم مخططة "
المعني ان الله أعطاني أن يزيد الغنم الذي إخترت لونه.
" 9 فقد سلب الله مواشي ابيكما واعطاني "
سلب الله مواشي أبيكما: عاقب الله أبيكما علي ظلمه لي وأعطاني.
" 10 وحدث في وقت توحم الغنم اني رفعت عيني ونظرت في حلم واذا الفحول الصاعدة على الغنم مخططة ورقطاء ومنمرة 11 وقال لي ملاك الله في الحلم يا يعقوب فقلت هانذا 12 فقال ارفع عينيك وانظر جميع الفحول الصاعدة على الغنم مخططة ورقطاء ومنمرة لاني قد رايت كل ما يصنع بك لابان 13 انا اله بيت ايل حيث مسحت عمودا حيث نذرت لي نذرا الان قم اخرج من هذه الارض وارجع الى ارض ميلادك "
الله هو الذي أرشده لهذه الخطة ليحصل علي أجرته ويعود لأرض أبائه وتسمي الذكور : الفحول.
" 14 فاجابت راحيل وليئة وقالتا له النا ايضا نصيب وميراث في بيت ابينا 15 الم نحسب منه اجنبيتين لانه باعنا وقد اكل ايضا ثمننا 16 ان كل الغنى الذي سلبه الله من ابينا هو لنا ولاولادنا فالان كل ما قال لك الله افعل "
تعاطف زوجتيه معه راجع إلي
1. لأنهما شعرتا بأن الله يبارك في يعقوب وكل ماله.
2. شعرا أن أباهن ظلمهن وظلم رجليهن. وقولهن ألنا نصيب: كلام يفيد النفي أى أنه ليس لهن نصيب فأباهن قد ظلمهين. وقولهن أجنبيتين باعنا= كأننا لسنا بنتيه فهو لم يعطنا شيئاً من المهر ولا أي هدايا. بل أخذ كل شئ لنفسه فكأنه باعنا وأخذ الثمن خدمة يعقوب له.
" 19 واما لابان فكان قد مضى ليجز غنمه فسرقت راحيل اصنام ابيها "
هذه غلطة أخري لراحيل فهي سرقت أصنام أبيها= الأصنام المذكورة هنا تسمي الترافيم وهي تماثيل صغيرة في شكل أشخاص كان الوثنيين يضعونها في بيوتهم ويتفاءلوا بها ويعتقدون أنها تجلب الخير ويستشيرونها. وقد سرقتها راحيل ربما بنفس المعاني فهي تتفاءل بها وتسهل لهم رحلتهم وتمنع والدها من أن يستشير هذه الأصنام فلا يدركهم وعجيب أن راحيل التي عاشرت يعقوب رجل الله ورجل الصلاة كل هذا العمر يكون لها مثل هذه المعتقدات الوثنية. هي تمثل المسيحي الذي مازال يحمل خطاياه في قلبه. وبسبب هذه الأصنام ثار لابان وكان ناوياً علي الإنتقام ممن سرقها. وهكذا يفعل الشيطان مع كل من يحتضن خطايا في قلبه فهو يطلب كل ما هو مختبئ فينا لذلك يقول الكتاب " من يكتم خطاياه لا ينجح".
" 20 وخدع يعقوب قلب لابان الارامي اذ لم يخبره بانه هارب "
وخدع يعقوب قلب لابان: أي لم يظهر له أنه سوف يهرب منه.
" 21 فهرب هو وكل ما كان له وقام وعبر النهر وجعل وجهه نحو جبل جلعاد "
وعبر النهر: النهر هو نهر الفرات. والمسيح عبر بنا مياه المعمودية كأول خطوة نحو أورشليم السماوية ولسان حالنا يقول مع راحيل وليئة أن أبينا القديم عدو الخير عاملنا كغرباء وسلبنا حياتنا وحريتنا وأمجادنا ونحن الأن منطلقين مع عريسنا المسيح (يعقوب الحقيقي) في طريق كنعان السماوية.
جبل جلعاد: هو كورة صخرية وكان جبلها حاجزاً بين الأراميين والكنعانيين وأسماه يعقوب جلعيد.
" 22 فاخبر لابان في اليوم الثالث بان يعقوب قد هرب "
لابان هنا في سعيه وراء الموكب المنطلق إلي كنعان يمثل عدو الخير. وهكذا صنع فرعون حينما إنطلق وراء الشعب بقيادة موسي (أي نسل يعقوب). فأخبر لابان في اليوم الثالث: فعدو الخير لم يتعرف علي سر عمل المسيح الخلاصي إلا بقيامة المسيح في اليوم الثالث فوهبنا الحياة.
" 23 فاخذ اخوته معه وسعى وراءه مسيرة سبعة ايام فادركه في جبل جلعاد "
هو سعي وراء يعقوب مع جيش من اخوته وهكذا إبليس وكل جنوده وراءنا في محاولة لمنعنا. وقد لحقه في جبل جلعاد أي علي مسافة كبيرة جداً وهذا كان راجعاً غالبا لخطة ذكية من يعقوب فالمسافة كانت حوالي 400 كم من مكان لابان حتي جبل جلعاد. فغالباً حينما نوي يعقوب ان يهرب خطط لهذا علي مدة طويلة وليس في سبعة ايام فقط. فهو حرك كل مواشيه أولا وحينما تحرك هو كانت مواشيه ذات الحركة البطيئة قد صارت قرب جبل جلعاد. وبعد أيام من رحيل مواشيه تحرك هو وعائلته. وكون مسيرة لابان كانت 7 أيام فهذا إشارة لأن عدو الخير يظل يلاحقنا طوال أيام العمر (7 أيام العمر)= كل العمر.
" 24 واتى الله الى لابان الارامي في حلم الليل وقال له احترز من ان تكلم يعقوب بخير او شر "
هذه هي عناية الله بأولاده فهو حذر لابان من أن يؤذي يعقوب. فلماذا نخاف إن كان الله يحمينا هكذا. بخير أو بشر: بخير أي تحاول بكلامك المعسول أن تعيده لأرام. وبشر أي لا تؤذيه. فالله يحمينا من خداعات إبليس ومن أذيته.
" 25 فلحق لابان يعقوب ويعقوب قد ضرب خيمته في الجبل فضرب لابان مع اخوته في جبل جلعاد "
يعقوب ضرب خيمته في الجيل: هذا تعبير رائع عن الكنيسة التي تحيا في السماويات فالجبل يشير للسماويات ولأن الكنيسة راسخة. ولابان أيضاً أتي إلي الجبل. وأحسن شرح لهذا في أف 12:6 "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء… مع اجناد الشر الروحية في السماويات" فالشيطان لا يحتمل ان الكنيسة تحيا في السماويات فيحاربها هناك ليجذبها للأرضيات.
" 27 لماذا هربت خفية وخدعتني ولم تخبرني حتى اشيعك بالفرح والاغاني بالدف والعود "
بالدف والعود: هنا لابان يخادع. إلا أن هذا القول يعبر عن إنهيار القيم الروحية في العائلة فرفقة ودعوها بالصلاة والبركات. والأن هو كان يود أن يودعهم بإحتفالات عالمية، دف وعود. علي أن لابان كان يود أن يمنعهم تماماً من الرحيل.
" 30 والان انت ذهبت لانك قد اشتقت الى بيت ابيك ولكن لماذا سرقت الهتي "
لماذا سرقت ألهتي: هذا دليل الغباوة الروحية فهل تسرق الألهة. ولا تدافع عن نفسها.
" 32 الذي تجد الهتك معه لا يعيش قدام اخوتنا انظر ماذا معي وخذه لنفسك ولم يكن يعقوب يعلم ان راحيل سرقتها "
لا يعيش: يعقوب كان يقصد أن لابان يقتل من معه الأصنام. ولكن قيل أنه تنبأ عن موت راحيل في الطريق.
" 34 وكانت راحيل قد اخذت الاصنام ووضعتها في حداجة الجمل وجلست عليها فجس لابان كل الخباء ولم يجد "
حداجة الجمل: ما يوضع فوق الجمل للركوب عليه وهو إذا وضع علي الأرض يصلح للجلوس عليه.
" 39 فريسة لم احضر اليك انا كنت اخسرها من يدي كنت تطلبها مسروقة النهار او مسروقة الليل "
فريسة لم أحضر إليك: كان الراعي مسئول عن كل ما يسرق من القطيع فيرد لصاحب القطيع عوضه ولكنه لا يسأل عما تفترسه الوحوش علي أن يحضر جزء من الفريسة لصاحب القطيع إلا إن حتي هذا لم يصنعه يعقوب بل كان يعوض لابان عن الغنم المفترسة من عنده. وهنا نري أن من إيجابيات يعقوب أمانته كما أن من سلبياته المكر والخداع. وهنا تأمل للخدام. إن كانت الغنم هكذا ثمينة عند صاحب القطيع فكم بالأولي النفوس أمام المسيح صاحب القطيع. مسروقة النهار أو مسروقة الليل= كان لابان يطلب التعويض عن كل ما يسرق ويعقوب يرد له.
" 42 لولا ان اله ابي اله ابراهيم وهيبة اسحق كان معي لكنت الان قد صرفتني فارغا مشقتي وتعب يدي قد نظر الله فوبخك البارحة "
هيبة اسحق: لم يذكر اسم أبيه مباشرة إحتراماً له وتعظيماً له.
" 46 وقال يعقوب لاخوته التقطوا حجارة فاخذوا حجارة وعملوا رجمة واكلوا هناك على الرجمة "
أكلوا علي الرجمة: هي ذبيحة عهد وقارن مع أية 54 (فكانوا يذبحون ويأكلون ليتعاهدوا) ويكون العمود والرجمة (كومة الحجارة) التي نصبوها وأكلوا عليها، هي شهادة بينهما حتي لا يعبرها أحدهم إلي الطرف الأخر ليؤذيه.
" 47 ودعاها لابان يجر سهدوثا واما يعقوب فدعاها جلعيد "
يجرسهدوثا كلمة ارامية وجلعيد كلمة عبرية وكلاهما يعنيان رجمة الشهادة.
" 48 وقال لابان هذه الرجمة هي شاهدة بيني وبينك اليوم لذلك دعي اسمها جلعيد 49 والمصفاة لانه قال ليراقب الرب بيني وبينك حينما نتوارى بعضنا عن بعض "
يجب أعادة ترتيبهم ليكونوا 48وقال لابان هذه الرجمة هي شاهدة بينى وبينك اليوم 49 لذلك دعي أسمها جلعيد والمصفاة لأنه قال… الخ والمصفاة: تعني برج المراقبة. أي ان يعقوب أطلق علي الرجمة إسمين جلعيد والمصفاة.
" 52 شاهدة هذه الرجمة وشاهد العمود اني لا اتجاوز هذه الرجمة اليك وانك لا تتجاوز هذه الرجمة وهذا العمود الي للشر "
للشر: أي يمكن تجاوزها لكن للخير والمودة والصداقة.
" 53 اله ابراهيم والهة ناحور الهة ابيهما يقضون بيننا وحلف يعقوب بهيبة ابيه اسحق "
إله إبراهيم وألهة ناحور: هنا يظهر وثنية لابان بل وناحور.
الآن يعقوب إنطلق في إتجاه كنعان وهو تخلص من مضايقات لابان لكنه الأن بدأ يشعر بالخوف بل بالرعب من عيسو وإنتقامه المتوقع ويعقوب خاف من إنتقام عيسو منه ومن زوجاته وأولاده.
“ 1 واما يعقوب فمضى في طريقه ولاقاه ملائكة الله 2 وقال يعقوب اذ راهم هذا جيش الله فدعا اسم ذلك المكان محنايم “
لاقاه ملائكة الله: لقد كان الملائكة حوله دائما لكنه لم يكن يراهم. وهم الأن يشعرونه بوجودهم تشجيعاً له لإزالة مخاوفه من عيسو. وهناك معني أخر رائع. فها هو موكب الكنيسة المنطلق في إتجاه كنعان السماوية والملائكة ترافق الموكب كما حملت الملائكة لعازر المسكين وهو منطلق للسماء. ويبدو أن عدد الملائكة كان كبيراً جداً فأسماهم يعقوب جيش الله. ودعا الموضع محنايم أي معسكرين أو محلتين. لأن يعقوب وعائلته كانا يمثلان جيشاً والملائكة جيشاً آخر. وما أروع هذه الصورة عن الكنيسة المجاهدة والكنيسة المنتصرة فى السماء، والمسيح هو حجر الزاوية الذي وحد الأرضيين مع السمائيين. وهذا له تطبيق رائع في الطقس القبطي في صلاة الساعة الثانية عشر يوم الجمعة العظيمة حينما يردد الشمامسة في الهيكل لحن ثوك تي تي جوم (ممثلين للسمائيين) ويرد عليهم الشعب من الكنيسة بنفس اللحن (ممثلين الكنيسة علي الأرض).
“ 3 وارسل يعقوب رسلا قدامه الى عيسو اخيه الى ارض سعير بلاد ادوم 4 وامرهم قائلا هكذا تقولون لسيدي عيسو هكذا قال عبدك يعقوب تغربت عند لابان ولبثت الى الان 5 وقد صار لي بقر وحمير وغنم وعبيد واماء وارسلت لاخبر سيدي لكي اجد نعمة في عينيك 6 فرجع الرسل الى يعقوب قائلين اتينا الى اخيك الى عيسو وهو ايضا قادم للقائك واربع مئة رجل معه 7 فخاف يعقوب جدا وضاق به الامر فقسم القوم الذين معه والغنم والبقر والجمال الى جيشين 8 وقال ان جاء عيسو الى الجيش الواحد وضربه يكون الجيش الباقي ناجيا “
مازال يعقوب في ضعفه البشري خائفاً بعد أن أراه الله أنه حماه من لابان وبعد أن رأي جيش الملائكة. وهنا نجده يرسل لأخيه كانه يستاذنه في أن يعود وليعرف مشاعره تجاهه. وإستخدم لغة الإتضاع… سيدي عيسو… عبدك يعقوب. وحينما سمع أن عيسو آتيا ومعه 400 رجل خاف جداً. وكون عيسو يأتي ومعه 400 رجل فهذا إعلانا عن غناه وقوته. وبدأ يعقوب يفكر في تقسيم عائلته إلي جيشين لينجو جزء منهم لو ضرب عيسو الجيش الأخر.
“ 9 وقال يعقوب يا اله ابي ابراهيم واله ابي اسحق الرب الذي قال لي ارجع الى ارضك والى عشيرتك فاحسن اليك 10 صغير انا عن جميع الطافك وجميع الامانة التي صنعت الى عبدك فاني بعصاي عبرت هذا الاردن والان قد صرت جيشين 11 نجني من يد اخي من يد عيسو لاني خائف منه ان ياتي ويضربني الام مع البنين 12 وانت قد قلت اني احسن اليك واجعل نسلك كرمل البحر الذي لا يعد للكثرة “
نجد هنا صلاة يعقوب وهي أول صلاة يذكرها الكتاب بكلماتها وتفاصيلها.
يا إله أبي أبراهيم: الله بالنسبه له ليس إلهاً محتجباً عن البشر. بل هناك علاقة شخصية بين الله وبين عائلته، جده وأبيه. هو أب له ولعائلته.
الرب الذي قال: هو يذكر الله بمواعيده والله يفرح بأولاده الذين يصرون علي تحقيق المواعيد الإلهية لذلك تقول الكنيسة في صلواتها "أذكر يارب كذا وكذا…"
صغير انا: هو شعور بالضعف والإنسحاق أمام الله.
بعصاي عبرت: أي كنت لا أملك شيئاً.
الأن قد صرت جيشين: إذا هذه بركة من الله. فهو يشكر الله علي بركاته ونعمه ويذكرها له وهناك تأمل أن يعقوب الذي خرج بعصاه يمثل المسيح الذي حمل صليبه. ويعقوب رجع بعائلته والمسيح إقتني كنيسته.
“ 13 وبات هناك تلك الليلة واخذ مما اتى بيده هدية لعيسو اخيه 14 مئتي عنز وعشرين تيسا مئتي نعجة وعشرين كبشا 15 ثلاثين ناقة مرضعة واولادها اربعين بقرة وعشرة ثيران عشرين اتانا وعشرة حمير 16 ودفعها الى يد عبيده قطيعا قطيعا على حدة وقال لعبيده اجتازوا قدامي واجعلوا فسحة بين قطيع وقطيع 17 وامر الاول قائلا اذا صادفك عيسو اخي وسالك قائلا لمن انت والى اين تذهب ولمن هذا الذي قدامك 18 تقول لعبدك يعقوب هو هدية مرسلة لسيدي عيسو وها هو ايضا وراءنا 19 وامر ايضا الثاني والثالث وجميع السائرين وراء القطعان قائلا بمثل هذا الكلام تكلمون عيسو حينما تجدونه 20 وتقولون هوذا عبدك يعقوب ايضا وراءنا لانه قال استعطف وجهه بالهدية السائرة امامي وبعد ذلك انظر وجهه عسى ان يرفع وجهي 21 فاجتازت الهدية قدامه واما هو فبات تلك الليلة في المحلة “
هنا يعقوب يرسل هدايا ضخمة إلي عيسو يطفئ بها لهيب غضبه. وهو يرسلها إليه مجزئة. كل هدية تليها هدية حتي يأسر قلب أخيه. وأمر خدامه حاملي الهدايا بأن يكون كلامهم في منتهي التواضع: سيدي عيسو… عبدك يعقوب.
“22 ثم قام في تلك الليلة واخذ امراتيه وجاريتيه واولاده الاحد عشر وعبر مخاضة يبوق “
مخاضة يبوق: يبوق هو أحد روافد الأردن. ومخاضة تعني جزء ضحل يعبر بالأقدام.
“ 24 فبقي يعقوب وحده وصارعه انسان حتى طلوع الفجر 25 ولما راى انه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه 26 وقال اطلقني لانه قد طلع الفجر فقال لا اطلقك ان لم تباركني 27 فقال له ما اسمك فقال يعقوب 28 فقال لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل اسرائيل لانك جاهدت مع الله والناس وقدرت 29 وسال يعقوب وقال اخبرني باسمك فقال لماذا تسال عن اسمي وباركه هناك “
الله حاول تثبيت يعقوب وتشجيعه برؤيا للابان ثم برؤيا جيش الملائكة ولكن يعقوب ظل في رعب. ونجد هنا أن الله يتعامل معه بأسلوب جديد ليشجعه ويعطيه ثقة بنفسه. وفي هذه الليلة التي بدأت بالصلاة المذكورة، من المؤكد أن يعقوب بعد أن أرسل هديته إستمر يجاهد في صلاته. وظهر له إنسان وصارعه حتي طلوع الفجر. والله أعطي له هذه القوة للصراع والجهاد فهو لم يكن يملك هذه القوة. وهناك رأيين في هذا الإنسان أولهما أنه أحد ظهورات المسيح قبل التجسد وثاينهما أنه ملاك علي شكل إنسان لكنه يمثل الحضرة الألهية. وكان هدف الله أن يعطيه ثقة بذاته حينما يغلب فلا يخاف من مقابلة عيسو. ولكن هذا الصراع يشير للجهاد في الصلاة وثمرة الجهاد والتمسك بمواعيد الله لذلك بدأ الصراع جسدياً وإنتهي صراعاً روحياً وإلي هذا يشير هوشع النبي هو 4،3:12 بكي وإسترحمه فهو لم يكن صراعاً جسدياً ولكنه بكاء وطلب رحمة من الله. هو تمسك بالله ولم يرخه "نش 4:3" ولما رأي أنه لا يقدر عليه. بمعني أن الملاك حين رأي يعقوب في جهاده لم يستسلم بل ظل يصارع طوال الليل. الأمر الذي بدا فيه الملاك كمن هو مغلوب ويعقوب كغالب. ولكن هل يغلب الله؟ نرجع لسفر النشيد فنسمع "حولي عنى عينيك فإنهما قد غلبتاني نش 5:6" فالله يغلب بالدموع والتوبة ويعقوب هنا بكي وإسترحمه. وحتي لا يأتي إنتصار يعقوب بنتيجة عكسية فيدخل في الكبرياء ضرب الملاك حق فخذه فإنخلع. كما سمح الله لبولس بشوكة في الجسد لكي لا يرتفع من فرط الإستعلانات. وحق الفخذ هو مفصل الفخذ وكلمة ضرب في العبرية تأتي بمعني لمسة خفيفة "لمس حق فخذه" وهذا لو أدي لخلع المفصل يكون من لمس يعقوب ليس إنساناً عادياً.
أطلقني: هذه تبين ما صار ليعقوب من صداقة مع الله فالملاك لا يريد أن يفارقه دون أن يسأله ذلك وجهاد يعقوب لحصوله علي البركة = ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه مت 12:11. ولنلاحظ أن مشكلة يعقوب كانت خداعاته ومكره وذلك بسبب إحساسه بالضعف وها نحن نراه مرعوباً من لقاء عيسو والله حاول أن يظهر له أنه يسانده مرارا عديدة.
1. نبوة لرفقة حتي قبل ميلاده
2. رؤيا السلم في الطريق.
3. توفيقه في لقاء راحيل وعائلته.
4. البركة في بيت لابان.
5. رؤيا لابان وفيها إعلان لحماية الله له.
6. رؤيا جيش الملائكة.
ولكن النفسية الخائفة غير المصدقة ترتعب عند أول ذكر لمشكلة مثل عيسو وتنسي كل إعلانات وإحسانات الله!! فكيف يتعامل الله مع هذه الشخصية؟
يصارعه ملاك ليشعر بضعفه، فهو كان يتغلب علي ضعفه بالحيل والمكر والخداع. والأن ما الحل مع من يصارعه وجها لوجه؟ لا مكان للحيل والخداع والمكر. بل هناك حل واحد ان يبكي ويسترحم ويصلي ويجاهد ويغلب ويحصل علي البركة وهنا يعرف كيف يتخلي عن ذاته واضعاً كل ثقته في الله. لذلك ما لم تحله الرؤي والإعلانات حلته هذه الرؤيا أو هذا الجهاد فالله يلمس نقاط الضعف فينا فنشعر بضعفنا وإحتياجنا إليه وأن فيه كفايتنا. والأن هو كان خائفاً من لقاء عيسو لأن فكره وحيله لم تسعفه فعيسو أت ومعه 400 رجل ولكن بعد هذا اللقاء عرف أن الحل ليس في الحيل والمكر بل في جهاده مع الله وأن الله هو الذي يحفظه. ثم نجد بعد هذه الحادثة أن الملاك يسأل يعقوب عن إسمه لا لجهله بإسمه ولكن ليعلن له أن اسمه القديم يعقوب قد تغير إلي اسم جديد يناسب البركة التي حصل عليها بجهاده
أسرائيل: أمير الله أو قوي مع الله أو هو مجاهد قوي في صف الله. هو قوي بجهاده فهو جاهد مع الله ومع الناس
سار: امير أيل:الله فيكون إسرائيل= أمير الله
ومن هذا الأسم سارة : أميرة
ولها تفسير أخر
أس را إيل
إيس را إيل
رجل رأى الله
وهذا التفسير يتفق مع تسمية يعقوب للمكان فنوئيل.
وفي (29) يعقوب يسأل الملاك عن اسمه فلا يجيبه. وهذا يتمشي مع قول الملاك لمنوح أبو شمشون لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب. والمسيح هو من دعي عجيباً إلهاً مشيراً أش 6:9 وهو هنا يرفض الأجابة عن اسمه فميعاد التجسد واعلان هذه الحقيقة لم يأتي أوانه.
“30 فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلا لاني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي “
فنيئيل: وجه الله. واسمي المكان هكذا لأنه رأي الله وجهاً لوجه ولم يمت. ولم يسمي باسم يحمل معني انه غلب الله بل هو سعيد بأنه رأي الله ولم يمت : ونجيت نفسي.
“31 واشرقت له الشمس اذ عبر فنوئيل وهو يخمع على فخذه ”
واشرقت له الشمس : المسيح هو شمس البر مل 2:4. وما أجمل هذا القول فالأن عرف يعقوب معرفة جديدة عن الله فأشرق له نور المسيح بعد أن تخلي عن ذاته ووضع ثقته في الرب. وليس مهماً بعد ذلك أن يخمع علي فخذه : شوكة الجسد مع المعرفة الحقيقية لله تصبح لا شئ.
“32 لذلك لا ياكل بنو اسرائيل عرق النسا الذي على حق الفخذ الى هذا اليوم لانه ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النسا “
عرق النسا : هو ممتد من الورك إلي الكعب ويمر بجانب حق الفخذ وإجلالاً لهذه الواقعة فاليهود يستخرجونه من ذبائحهم ولا يأكلونه.
في الإصحاح السابق جاهد مع الله بصلاته وفي هذا الإصحاح يجاهد مع الإنسان (عيسو) بمحبته وتواضعه، باللطف والهدايا، بإنكار الذات. الأن الهديا والمحبة والتواضع ليست عن خوف بعد البركة التي نالها، بل عن حب. فالخوف تم علاجه في الصراع مع الملاك. ولقد إنتزع الله منه الإعتداد بالذات والمكر وإنتزع أيضا منه الخوف. ونجد هنا عيسو مع يعقوب إنساناً محباً عطوفاً يبكي حينما رأي أخوه بعد هذا الفراق! فأين الوحشية السابقة؟ حقا إن أرضت الرب طرق إنسان جعل أعداؤه يسالمونه. وحقا فإن قلوب الملوك والناس في يد الله.
“1 ورفع يعقوب عينيه ونظر واذا عيسو مقبل ومعه اربع مئة رجل فقسم الاولاد على ليئة وعلى راحيل وعلى الجاريتين 2 ووضع الجاريتين واولادهما اولا وليئة واولادها وراءهم وراحيل ويوسف اخيرا 3 واما هو فاجتاز قدامهم وسجد الى الارض سبع مرات حتى اقترب الى اخيه 4 فركض عيسو للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبله وبكيا “
لاحظ أنه يضع راحيل المحبوبة وإبنها يوسف في المؤخرة حرصاً عليهم وهو إجتاز أمام الجميع. وسجد في إتضاع. هنا يمثل المسيح الذي يتقدم الموكب محامياً عن عبيده وجسده أي كنيسته. وكون عائلته وراؤه فهذا يعطيهم فرصة للهروب إعلاناً عن حمايته لهم وبذله نفسه عنهم. والكتاب المقدس يعلن فضائل عيسو ومحبته وبكاؤه فكما أن الكتاب المقدس لا يخفي عيوب القديسين فهو لا يخفي فضائل الإنسان العالمي. ولكن لنعلم أن كل عطية صالحة هي من فوق من عند الله. فالله هو الذي جعل عيسو هكذا لأجل يعقوب.
“8 فقال ماذا منك كل هذا الجيش الذي صادفته فقال لاجد نعمة في عيني سيدي “
ماذا منك كل هذا الجيش: يقصد الهدايا التي سبقته. ثم حاول عيسو أن يرفض الهدية فله الكثير.
“10 فقال يعقوب لا ان وجدت نعمة في عينيك تاخذ هديتي من يدي لاني رايت وجهك كما يرى وجه الله فرضيت علي “
لأني رأيت وجهك كما يري وجه الله : أي رأيت فيك صورة الله الذي يقابلنا بالحب والعفو فأنت لأنك عفوت عني صرت هكذا. أو رأيت في وجهك محبة وإحسان وعفو هي نتيجة عمل الله معك.
“12 ثم قال لنرحل ونذهب واذهب انا قدامك 13 فقال له سيدي عالم ان الاولاد رخصة والغنم والبقر التي عندي مرضعة فان استكدوها يوما واحدا ماتت كل الغنم 14 ليجتز سيدي قدام عبده وانا استاق على مهلي في اثر الاملاك التي قدامي وفي اثر الاولاد حتى اجيء الى سيدي الى سعير 15 فقال عيسو اترك عندك من القوم الذين معي فقال لماذا دعني اجد نعمة في عيني سيدي 16 فرجع عيسو ذلك اليوم في طريقه الى سعير ”
نجد هنا يعقوب يرفض أن يسير في الطريق مع عيسو أو أن يبقي عيسو من رجاله معه فهو لا يضمن تصرفاته. وهو لا يحتاج لحماية أحد طالما هو في حماية الله.
“ 17 واما يعقوب فارتحل الى سكوت وبنى لنفسه بيتا وصنع لمواشيه مظلات لذلك دعا اسم المكان سكوت 18 ثم اتى يعقوب سالما الى مدينة شكيم التي في ارض كنعان حين جاء من فدان ارام ونزل امام المدينة 19 وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور ابي شكيم بمئة قسيطة 20 واقام هناك مذبحا ودعاه ايل اله اسرائيل “
سكوت: مظال. ثم أتي إلي شكيم وإشتري هناك حقلاً دفع فيه ثمنا غالياً مئة قسيطة. والقسيطة عملة مرتفعة القيمة وعرفنا هذا لأن أصحاب أيوب أعطوه كل واحد هدية قسيطة واحدة (أي 11:42) ويترجمها البعض خروف وقد يكون السبب أن هذه العملة قد رسم عليها خروف. وكان أول ما فعله يعقوب أنه أقام هناك مذبحاً. وهذه الأرض التي إشتراها يعقوب من شكيم هي التي دفن فيها يوسف. وهي ثاني أرض مشتراه بعد المكفيلة. وهذه الأرض بقيت ملكاً ليعقوب حتي بعد إقامته في مصر. ولكن إقامة يعقوب في شكيم وعدم عودته فوراً لبيت أيل أو إلي بئر سبع حيث اسحق سبباً له مشكلة دينة. هو خالف أمر الله له في أن يعود لأرض أبائه (3:31) لذلك حدثت المشكلة بل المشاكل.
مشكلة دنية جاءت نتيجة للسكني في مكان الشر، وعدم تنفيذ أمر الله، والسكن في مكان لم يأمر به الله.
“1 وخرجت دينة ابنة ليئة التي ولدتها ليعقوب لتنظر بنات الارض “
وخرجت دينة… لتنظر بنات الأرض : غالباً هي خرجت لحضور أحد الإحتفالات كما قال يوسيفوس. وخرجت لتري حليهن وملابسهن. هي تمثل أولاد الله حينما يريدون أن يتمثلوا بأولاد العالم، يعيشوا مثل أهل العالم وينجذبوا لشرور العالم. وماذا كانت النتيجة
1. ضياع البنت.
2. سفك دماء.
3. خوف عائلة يعقوب من الإنتقام.
وهذه هي طريقة الشيطان فهو يدعونا أولاً للخروج من بيت أبينا (الكنيسة) وبعد ذلك يلفت نظرنا لجمال العالم فننخدع. ولاحظ أنه لا يدعونا أولاً للخطية بل للخروج ثم تأتي الخطية بعد ذلك وغالباً فمحاولته تتضمن الإقناع بأننا محرومين من لذات العالم.
“2 فراها شكيم ابن حمور الحوي رئيس الارض واخذها واضطجع معها واذلها 3 وتعلقت نفسه بدينة ابنة يعقوب واحب الفتاة ولاطف الفتاة “
وأحب الفتاة : هذا لا يسمي حباً بل هو شهوة فمن يحب فتاة لا يغتصبها ويحجزها في بيته. ولكن منذ القدم إعتاد الناس أن يسموا الشهوة حباً. ولكن الحب له معني أخر وهو البذل.
“5 وسمع يعقوب انه نجس دينة ابنته واما بنوه فكانوا مع مواشيه في الحقل فسكت يعقوب حتى جاءوا “
سكوت يعقوب حين سمع كان ليعطي لإخوتها الحق في التصرف. وهذه كانت عادة متبعة مع تعدد الزوجات. فإخوة دينة من أمهما لئية هم لهم حق التصرف.
“8 وتكلم حمور معهم قائلا شكيم ابني قد تعلقت نفسه بابنتكم اعطوه اياها زوجة 9 وصاهرونا تعطوننا بناتكم وتاخذون لكم بناتنا 10 وتسكنون معنا وتكون الارض قدامكم اسكنوا واتجروا فيها وتملكوا بها 11 ثم قال شكيم لابيها ولاخوتها دعوني اجد نعمة في اعينكم فالذي تقولون لي اعطي 12 كثروا علي جدا مهرا وعطية فاعطي كما تقولون لي واعطوني الفتاة زوجة “
ظن حمور أنه يعوض يعقوب عن شرفه بأن يقدم عرضاً بزواج ابنه ودينه. ثم تقدم بعرض سخي، أن يدخلوا في مصاهرات عائلية ويصيروا أسرة واحدة ويسكنوا معاً ويتاجروا ويتملكوا، هو عرض كريم ولكن ماذا يقدم نظير الشرف. وهنا نجد أسلوب من أساليب إبليس فبعد أن يدعو الإنسان للخروج ثم يغويه بالخطية نجده يتقدم خطوة أبعد ويطلب المصاهرة وأن تحيا النفس معه وتسكن معه ولكن "أي شركة للنور مع الظلمة"
“13 فاجاب بنو يعقوب شكيم وحمور اباه بمكر وتكلموا لانه كان قد نجس دينة اختهم 14 فقالوا لهما لا نستطيع ان نفعل هذا الامر ان نعطي اختنا لرجل اغلف لانه عار لنا 15 غير اننا بهذا نواتيكم ان صرتم مثلنا بختنكم كل ذكر 16 نعطيكم بناتنا وناخذ لنا بناتكم ونسكن معكم ونصير شعبا واحدا 17 وان لم تسمعوا لنا ان تختتنوا ناخذ ابنتنا ونمضي 18 فحسن كلامهم في عيني حمور وفي عيني شكيم بن حمور 19 ولم يتاخر الغلام ان يفعل الامر لانه كان مسرورا بابنة يعقوب وكان اكرم جميع بيت ابيه 20 فاتى حمور وشكيم ابنه الى باب مدينتهما وكلما اهل مدينتهما قائلين 21 هؤلاء القوم مسالمون لنا فليسكنوا في الارض ويتجروا فيها وهوذا الارض واسعة الطرفين امامهم ناخذ لنا بناتهم زوجات ونعطيهم بناتنا 22 غير انه بهذا فقط يواتينا القوم على السكن معنا لنصير شعبا واحدا بختننا كل ذكر كما هم مختونون 23 الا تكون مواشيهم ومقتناهم وكل بهائمهم لنا نواتيهم فقط فيسكنون معنا 24 فسمع لحمور وشكيم ابنه جميع الخارجين من باب المدينة واختتن كل ذكر كل الخارجين من باب المدينة 25 فحدث في اليوم الثالث اذ كانوا متوجعين ان ابني يعقوب شمعون ولاوي اخوي دينة اخذا كل واحد سيفه واتيا على المدينة بامن وقتلا كل ذكر 26 وقتلا حمور وشكيم ابنه بحد السيف واخذا دينة من بيت شكيم وخرجا 27 ثم اتى بنو يعقوب على القتلى ونهبوا المدينة لانهم نجسوا اختهم 28 غنمهم وبقرهم وحميرهم وكل ما في المدينة وما في الحقل اخذوه 29 وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل اطفالهم ونساءهم وكل ما في البيوت “
نجد هنا حيلة شمعون ولاوي للإنتقام لشرف دينة وشرف العائلة وخطأهم كان
1. خداع. فأهل شكيم وحمور إعتبروهم أصدقاء. ووافقوا علي الختان لأجلهم.
2. إستغلال الدين. فهم أقنعوا شكيم وحمور بأن هذا أي الختان هو ضرورة دينية للزواج.
3. هم نظروا لخطأ شكيم ولم ينظروا لخطية أختهم فهي التي ذهبت إليهم وربما ما حدث كان برضاها.
4. هم لم يقتلوا المخطئ بل قتلوا الجميع وكانوا أبرياء وهذه وحشية وبربرية
5. لم يراعوا كرم ومودة أهل شكيم وعرضهم الذي عرضوه.
حقا لقد أخطأ شكيم إذ ظن المسألة صفقة تجارية. ولكن أبناء يعقوب تصرفوا بطريقة خاطئة.
“30 فقال يعقوب لشمعون ولاوي كدرتماني بتكريهكما اياي عند سكان الارض الكنعانيين والفرزيين وانا نفر قليل فيجتمعون علي ويضربونني فابيد انا وبيتي “
هي جريمة وحشية أزعجت نفس يعقوب وكدرته وجعلته خائفاً من الإنتقام. هو الأن يتألم بسبب مكر إبنيه. لقد صارت حياته كلها سلسلة من الألام.
“1 ثم قال الله ليعقوب قم اصعد الى بيت ايل واقم هناك واصنع هناك مذبحا لله الذي ظهر لك حين هربت من وجه عيسو اخيك 2 فقال يعقوب لبيته ولكل من كان معه اعزلوا الالهة الغريبة التي بينكم وتطهروا وابدلوا ثيابكم 3 ولنقم ونصعد الى بيت ايل فاصنع هناك مذبحا لله الذي استجاب لي في يوم ضيقتي وكان معي في الطريق الذي ذهبت فيه 4 فاعطوا يعقوب كل الالهة الغريبة التي في ايديهم والاقراط التي في اذانهم فطمرها يعقوب تحت البطمة التي عند شكيم “
الله هنا يجدد الدعوة ليعقوب حتي يصعد إلي بيت إيل ليقيم هناك ويصنع مذبحاً لله. وإذ شعر بأن هناك ستتم مقابلة الله إهتم بدفن وعزل كل الألهة الغريبة (الترافيم) هذه التي سرقتها راحيل وما كان مع عبيده قبل أن يدخلوا في العهد الألهي. وكل ما نهبه أولاده من شكيم [ ولنلاحظ أن عبيد يعقوب كانوا من أرام حيث تنتشر الوثنية ولنلاحظ أن أولاد يعقوب قد سبوا نساء وأطفال عائلة شكيم وكلهم وثنيون]. فلا يمكن أن نقابل الله إلا علي أساس القداسة وعزل كل ما هو غريب عن الله ودفنه. ودفن هذه الأشياء يشير لدفن كل عمل شيطاني وكل فكر شرير تحت خشبة الصليب كتطبيق لقول بولس الرسول "صلب العالم لي وأنا صلبت للعالم" وأبدلوا ثيابكم : إشارة إلي تطهير الجسد ونقاوته والأقراط: هذه لم تكن تستخدم في الزينة فقط بل لأغراض دينية خرافية كجلب الخير وإبعاد الحسد ولهذا السبب فالعجل الذهبي الذي صنعه هارون للشعب كان من أقراطهم.
“5 ثم رحلوا وكان خوف الله على المدن التي حولهم فلم يسعوا وراء بني يعقوب “
كان خوف الله: أوقع الله رعباً علي من حول يعقوب حتي لا يمسوه فلم يجسر أحد أن يذهب وراءه أو يقتفي أثره. هم شعروا بأن رهبة الله ظاهرة في حياة هذا الإنسان.
“ 8 وماتت دبورة مرضعة رفقة ودفنت تحت بيت ايل تحت البلوطة فدعا اسمها الون باكوت “
عجيب أن يهتم الكتاب بموت دبورة مرضعة رفقة ولا يذكر الكتاب موت رفقة نفسها وكل ما يذكره الكتاب أن رفقة مدفونة في مغارة المكفيلة (تك 31:49) والسبب ببساطة أن رفقة ترمز للكنيسة التي لا تموت روحياً ولكنها تموت جسدياً علي رجاء القيامة. وكل أجساد القديسين مدفونة علي رجاء القيامة.
وكان للمرضعات منزلة كبيرة وإحترام يقترب من منزلة الأم. وقد أحضرها يعقوب من بيت أبيه إسحق في حبرون، وربما أن يعقوب كان يزور والده اسحق. وفي إحدي الزيارات إستأذنه أن تقيم معه دبورة ليأخذ بركتها وغالباً كانت أمه رفقة قد ماتت خلال هذه الفترة. ويقدر المفسرين عمر دبورة في هذا الوقت بحوالي 180 سنة.
تحت بيت إيل: أي في مكان منخفض في بيت إيل أو بجوارها. الون باكوت: بلوطة البكاء وبيت إيل تعني بيت الله. هناك أقام داود الذي يمثل الكنيسة المجاهدة وهناك دفنت دبورة التي تمثل الراقدين. والكنيسة الأن تصلي في كل صلاة عشية أوشية الراقدين فالكل أحياء وراقدين هم كنيسة واحدة وبيتاً واحداً للرب.
“9 وظهر الله ليعقوب ايضا حين جاء من فدان ارام وباركه 10 وقال له الله اسمك يعقوب لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل يكون اسمك اسرائيل فدعا اسمه اسرائيل 11 وقال له الله انا الله القدير اثمر واكثر امة وجماعة امم تكون منك وملوك سيخرجون من صلبك 12 والارض التي اعطيت ابراهيم واسحق لك اعطيها ولنسلك من بعدك اعطي الارض 13 ثم صعد الله عنه في المكان الذي فيه تكلم معه 14 فنصب يعقوب عمودا في المكان الذي فيه تكلم معه عمودا من حجر وسكب عليه سكيبا وصب عليه زيتا 15 ودعا يعقوب اسم المكان الذي فيه تكلم الله معه بيت ايل “
إذ طمر يعقوب الآلهة الغريبة وصعد لبيت أيل كما أراد الله له أولاً، وهذه تناظر التوبة،(فبالتوبة نعود ونري الله ونسمع صوته) إستحق أن الله يظهر له ويجدد له الوعد بالبركة. وقدم يعقوب عموداً حجرياً وسكيباً من الخمر والزيت. وسكب الزيت هو للتدشين أو التكريس أي أن هذا المكان صار مخصصاً لله وسكب الخمر هو إعتراف الشخص لله علي إحساناته وعلامة تضحية. والله يتنازل الذي لا تسعه السماء والأرض ويقبل أن يسكن في مكان يعطيه له الإنسان كعلامة علي حلوله وسط شعبه. وهناك للعمود الحجري رمز أخر فهو إشارة للمسيح حجر الزاوية الذي أعلن سكيب الخمر أي تقدمة الفرح وزيت المسحة الذي هو حلول الروح القدس علي الكنيسة
" 16 ثم رحلوا من بيت ايل ولما كان مسافة من الارض بعد حتى ياتوا الى افراتة ولدت راحيل وتعسرت ولادتها 17 وحدث حين تعسرت ولادتها ان القابلة قالت لها لا تخافي لان هذا ايضا ابن لك 18 وكان عند خروج نفسها لانها ماتت انها دعت اسمه بن اوني واما ابوه فدعاه بنيامين 19 فماتت راحيل ودفنت في طريق افراتة التي هي بيت لحم 20 فنصب يعقوب عمودا على قبرها وهو عمود قبر راحيل الى اليوم "
أفراته: هي بيت لحم أي بيت الخبز حيث ولد المسيح. هنا نجد قصة موت راحيل المحبوبة. وعجيب أيضاً ان يذكر مناحة دبورة ولا يذكر أي مناحة أو بكاء علي راحيل المحبوبة. فموت راحيل التي تشير لكنيسة المسيح يشير لإنتقال الكنيسة من هذا العالم إلي العالم الأخر وهذا فرح. ولنلاحظ أن راحيل كانت قد قالت "إعطني نسلاً وإلا أموت" وها هي قد ماتت بسبب النسل وبسبب ولادتها. وكثيراً ما يحجز الله عنا ما نظنه خيراً ويراه الله غير ذلك. وموت راحيل بعد ولادة بنيامين يشير لأن الكنيسة تظل تتمخض بأولادها متوجعة حتي متي كمل المختارون ترحل الكنيسة كلها لتستريح أبدياً. وما يؤلم الكنيسة هنا حتي تدعوه إبن أوني، يفرح به الرب فيدعوه بنيامين، إنها تتألم إلي حين وتحزن ولكن حزننا يتحول إلي فرح حين ننطلق جميعاً مع الرب علي السحاب ونكون عن يمينه. وراحيل كانت تريد تسمية أبنها ابن أوني أي إبن حزني بسبب شدة ما قاسته من الألام والأحزان، أما أبوه فأسماه بنيامين أي أبن اليمين وهي تسمية كلها رجاء في الله بالرغم من أحزانه، عربون القوة للشعب القديم (الألام ستكون سبباً في وجودنا عن يمين الله يو 20:16-22).
" 21 ثم رحل اسرائيل ونصب خيمته وراء مجدل عدر 22 وحدث اذ كان اسرائيل ساكنا في تلك الارض ان راوبين ذهب واضطجع مع بلهة سرية ابيه وسمع اسرائيل وكان بنو يعقوب اثني عشر "
مجدل عدر : أي برج عدر أو برج القطيع وهو موضع يقع في سهل الرعاة شرقي بيت لحم. وهنا حدثت خطية رأوبين البشعة التي فقد بسببها البكورية والذي ظل يعقوب يذكرها له بمرارة حتي فراش الموت (تك 14:49). وقوله وسمع إسرائيل يعني أنه لم يتكلم لكنه كتم في قلبه مرارة لا يمحوها الزمن ولا الكلام. ورأوبين ظن أنه فعل في الخفاء لكن ليس مكتوماً إلا ويعلن.
ملحوظة أخيرة علي حياة يعقوب
لماذا إختار الله يعقوب وترك عيسو، بالرغم من كل ضعفات يعقوب وسقطات أبنائه، الله إحتمل ضعف يعقوب وكان يكمله ويؤدبه ويعقوب خاضع بين يديه ومستسلم للتأديب أما عيسو الوحشي في طبعه فهذا لا يخضع لعمل الله في حياته فهناك خطيتين لا يحتملهما الله:
1. الكبرياء.
2. الوحشية والقسوة وحب الإنتقام "أقوم وأقتل أخي".
هذه الخطايا تمنع عمل الله في الإنسان فلا يتكمل ولا يتأدب بتأديب الله ويكون مصيره الرفض.
لماذا إهتم الكتاب بذكر قوائم نسل عيسو؟
1. جاءت القوائم مختصرة حتي يمكن للمؤمن أن يتفهم الأحداث الواردة بعد ذلك عبر العصور بمعرفته لأصل كل شعب أو أمة. وليظهر أن الكتاب المقدس ليس أساطير ولا قصص مؤلفة لكن أشخاصه قد ظهروا في التاريخ فعلاً. ويظهر من إهتمام الكتاب بنسل شخص مرفوض مثل عيسو، أن البشرية كانت كلها جسد واحد وقد مزقته الخطية فصار الجسد الواحد شقين الأول القديسين الذين اختاروا الله والثاني الأشرار الذين إختاروا العالم.
2. الكتاب يذكر نسل عيسو ليظهر أن الله بارك فيه وأنه أثمر وتحققت وعود الله لإبراهيم وإسحق. فهذه البركات لعيسو كانت بسبب أبويه القديسين. وكانت وعود الله لهما أن منهما يخرج ملوك ورؤساء ويكون نسلهم كنجوم السماء وتراب الأرض. وفيه تحقيق لقول الله لرفقة "في بطنك أمتان" فها نحن نري أن عيسو قد أصبح أمة كبيرة.
3. يتم هنا التركيز علي عيسو لأنه سيتركه تماماً بعد ذلك ويتفرغ الكتاب لنسل يعقوب.
4. يظهر هنا أن نسل عيسو قد إمتلك الأرض وأما يعقوب وأولاده فقد ظلوا مشردين بل مستعبدين في مصر مئات السنين متغربين في الأرض لكن علي رجاء ميراث أرض الميعاد وهذا رمز لأن الكنيسة تحيا في العالم متغربة علي رجاء ميراث الحياة الأبدية. أما الغرباء عن الله يمتلكوا في هذه الأرض سريعاً ويصيروا ملوكاً. ولا عجب فإبليس رئيس هذا العالم.
5. مما سبق نري أننا كمؤمنين نفضل أن نحيا كغرباء علي رجاء ميراث أورشليم السماوية عن أن نرث ونملك في جبل سعير أي العالم.
6. يأتي الحديث عن عيسو قبل أن يحدثنا الكتاب عن يوسف كرمز للمسيح. فكما قال بولس الرسول "لكن ليس الروحاني أولاً بل الحيواني وبعد ذلك الروحاني 1كو 44:15-50"..
7. أدوم في صراعه منذ البطن مع يعقوب يشير للصراع القديم بين نسل الحية ونسل المرأة، بين إبليس وبين أولاد الله. ونجد أن أدوم كثيراً ما حاول أن يعترض مسيرة أولاد الله وهذا ما يصنعه إبليس الذي هو قتال للناس منذ البدء. فهو يحاول دائما أن يعترض مسيرة معاملات الله مع أولاده.
8. وقد سبق أن ذكرت أسماء نساء عيسو في (تك 34:26، 35+28: 9). ونجد هنا إختلاف في الأسماء بين ما سبق وما ورد هنا والسبب هو حمل الأشخاص لأكثر من اسم وهذه كانت عادة سائدة بين الرجال والنساء. فعيسو هو أدوم. وساراي هي سارة وأبرام هو إبراهيم. وبولس هو شاول وبطرس هو صفا وهو سمعان… الخ وربما أن عيسو هو الذي أطلق علي زوجاته الأسماء الجديدة.
" 2 اخذ عيسو نساءه من بنات كنعان عدا بنت ايلون الحثي واهوليبامة بنت عنى بنت صبعون الحوي "
عدا بنت إيلون الحثي هي بسمة (34:26). وأهوليبامة بنت عني هي يهوديت ووالدها عني هو بيري. لأن بيري تعني صاحب بئر فهو الذي وجد الينابيع الحارة في البرية (أية 24) والينابيع الحارة سميت هنا الحمائم. ونجد هنا مرة أنه يذكر الحويين ومرة الحثيين. وهذا بسبب المصاهرات بينهم فعني الحوي هو بيري الحثي لأن أبوه حوي وأمه حثية. والحويين والحثيين من القبائل المتناسلة من كنعان (17،15:10).
" 3 وبسمة بنت اسماعيل اخت نبايوت "
بسمة بنت إسمعيل هي محلة أخت نبايوت (9:28)
ملحوظات
1. نسل عيسو نجد منهم الكثير ملوك وامراء هم ملكوا قبل أن يقوم ملك من بني أسرائيل : قبلما ملك ملك لبني إسرائيل : فما ليس من الله يفرخ ويزدهر سريعاً أما ما هو من الله فينمو بالتدريج وببطء وفي نهاية الأمر يزهر ويثمر ويدوم ثمره للأبد. وموسي كتب هذه الأية بالإيمان فهو يؤمن بوعد الله لإسرائيل "وملوك سيخرجون من صلبك 11:35" هو كتبها قبل عصر الملوك بمئات السنين. وأما النقاد الذين لا يفهموا معني الإيمان فقالوا إن هذه العبارة أضيفت بعد عصر الملوك.
2. إذ إغتني كلا من عيسو ويعقوب ولم تعد الأرض تحتملهما معاً. سكن يعقوب في أرض كنعان ميراث أبائه حيث وعده الله. أما عيسو فإرتحل إلي بلاد سعير التي كانت تمتد من البحر الميت إلي خليج العقبة وهي تضم سلسة من الجبال بها مناطق وعرة وبها أيضاً مناطق زراعية.
3. سعير إسم لعيسو بكونه مملوء شعراً.ويقول البعض بل هو إسم للمنطقة الموجود بها أشجار كثيرة فتشبه الأرض الجسد المشعر.
4. رؤساء القبائل أسماهم الكتاب أمراء. وجاءت الكلمة العبرية بمعني رؤساء ألوف فهم شيوخ قبائل.
إبتداء من هنا نجد قصة يوسف كرمز للمسيح لكن يعترضها قصة يهوذا فهو الذي جاء منه المسيح بالجسد. ولم يعرض الكتاب بالتفصيل لقصة حياة يهوذا لكنه يتحدث بالتفصيل عن قصة حياة يوسف لأنه حمل رموزاً واضحة لحياة وعمل المسيح. وتعتبر حياة يوسف حلقة الوصل بين عصر الأباء البطاركة ونشأة اليهود كشعب وأمة تحت العبودية تصرخ طالبة الخلاص. وفتح يوسف الطريق لأبيه إسرائيل وعائلته أن يعيشوا في مصر ليكونوا جسداً منفصلاً عن وثنية كنعان وعن كبرياء مصر.
يوسف كرمز للمسيح
1. يوسف كان الأبن المحبوب لأبيه ثم صار عبداً في مصر. والمسيح هو الإبن المحبوب الذي جاء إلي العالم كعبد (مصر رمز العالم). فهو أخذ شكل العبد وهو الإبن المحبوب. أف 6:1 + هذا هو إبني الحبيب الذي به سررت.
2. أول ما نري يوسف في 2:37 أنه كان يرعي مع إخوته رمزاً للمسيح الراعي الصالح.
3. وفي 3:37 كان يعمل ويرعي مع أبناء بلهة وزلفة الجاريتين. فهو الإبن المحبوب يخدم أولاد العبيد. والمسيح الإبن المحبوب الذي أتي ليَخدِم لا ليُخدَم. ويخدم من؟ أولاد عبيده.
4. يوسف هو إبن شيخوخة يعقوب. والمسيح هو إبن قديم الأيام دا 13:7.
5. أحلام يوسف كانت تشير لأن يوسف ليس إنساناً عادياً ولكن إخوته رفضوا ملكه ورفض إخوة يوسف لأحلامه هو ما حدث عندما رفض اليهود أن يسجدوا للمسيح ويعبدوه كملك هذا الذي تجثو له كل ركبة في 8:2-11. وفرعون طلب السجود ليوسف.
6. يوسف حسده إخوته 11:37. والمسيح حسده الكهنة وبيلاطس عرف هذا مر 10:15.
7. وأما أبوه يعقوب فحفظ الأمر وهكذا كانت العذراء (لو 19:2) ويعقوب تعجب من أحلام يوسف ربما فهم أنه سيكون عظيما لكنه كتم الأمر حتي لا يثير حسد إخوته بالأكثر.
8. يعقوب يرسل يوسف لإخوته (13:37) والمسيح يرسله الأب للعالم يو 36:5-38.
9. يوسف ذهب لإخوته في محبة. ولم يجدهم في شكيم حيث أرسله والده فذهب يفتش ويسأل عنهم وذهب وراءهم إلي دوثان (يقال أن معناها ثورة). وكان يمكن أن يعود إلي والده قائلاً لم أجدهم. لكنها هي محبته. أما إخوته نتيجة حسدهم خططوا لقتله. والمسيح جاء إلي خاصته وخاصته لم تقبله. (مت 38:21). هو وجد إخوته في حالة ثورة ضده (دوثان).
10. هو ذهب لإخوته يحمل لهم خبزاً. فأرسلوه لمصر كعبد وسجن ليخرج ويدخل القصر ويعود ليعطي إخوته خبزاً يشبعهم ويعطيهم حياة. هو وهب حياة لكل إنسان من الحنطة أي الخبز والمسيح جاء ليعطينا نفسه خبزاً. وهو الأن في قصره السماوي يشبع كل إنسان.
11. مشاوراتهم لقتل يوسف هي مثال لمشاورات اليهود لقتل المسيح.
12. كما أنقذ يوسف العالم من المجاعة أنقذ المسيح العالم من مجاعة للحق ومن الموت الروحي.
13. رفضه إخوته ولم يستطيعوا أن يكلموه بسلام أما هو فكلمهم بسلام وجاء يخدمهم ورفضوه. فإخوته رفضوه وقبله الأمم (مصر) وهكذا المسيح رفضه اليهود وقبله كل العالم.
14. أعطاه أبوه قميصاً ملوناً. والمسيح كانت له الكنيسة ثوباً ملوناً، وثوباً لأنها إلتصقت بالمسيح كالثوب وملونا فهي متعددة المواهب.
15. هم كرهوه لأنه في أحلامه أعلن مجده. والمسيح كان دائما يعلن نسبته لله مما أثار اليهود فكرهوه يو 59،58:8. ويوسف لم يكره إخوته بالرغم من كراهيتهم له وهكذا المسيح.
16. إخوة يوسف أخلعوه ثيابه. وهكذا فعل اليهود بالمسيح.
17. الأمم إلبسوا يوسف الثياب الملوكية بعد أن سجنوه والعالم خضع للمسيح بعد أن رفضه زمناً.
18. الأمم إشتروا يوسف بالفضة. والأمم اشتروا المسيح بإيمانهم به.
19. لم نسمع أن يوسف قاومهم والمسيح لم يقاوم بل كان كشاة سيقت للذبح وكان طائعاً.
20. بيع يوسف بعشرين من الفضة. والمسيح بيع بثلاثين من الفضة.
21. الذي أشار ببيع يوسف هو يهوذا أخوه. ويهوذا هو الذي سلم المسيح.
22. إخوة يوسف بعد أن طرحوه في البئر جلسوا ليأكلوا والمسيح بعد أن صلبوه أكلوا الفصح.
23. نزول يوسف للبئر وخروجه حياً يشير لموت المسيح وقيامته.
24. يوسف كان حسن الصورة والمنظر (6:3) والمسيح كان أبرع جمالاً من بني البشر.
25. يوسف حوكم ظلماً في مصر وهكذا المسيح حوكم ظلماً في العالم (مصر رمز لأرض العبودية).
26. يوسف جرِب من أمراة فوطيفار وغلب والمسيح جربه إبليس وغلب.
27. المرأة أتهمت يوسف ظلماً وزوراً والمسيح طالما إتهموه زوراً (أنه مجنون وببعلزبول يخرج الشياطين وأنه أكول وشريب خمر. بل للأن هناك أتهامات موجهة للمسيح.
28. كان مع يوسف في السجن إثنين خباز وساقي. والمسيح صلب بين لصين. وكما نجا الساقي وهلك الخباز هكذا خلص اللص اليمين وهلك اللص اليسار. وهكذا كل العالم فجزء من العالم سيخلص والجزء الأخر سيهلك يو 29:5.
29. دخل يوسف السجن لا لذنب إرتكبه. وهكذا المسيح صار إنساناً وصلب عن ذنوبنا لا ذنبه هو.
30. يوسف وقف أمام فرعون وسنه 30 سنة والمسيح بدأ خدمته وسنة 30 سنة. وكانت خدمة يوسف أن يشبع العالم وهكذا كان عمل المسيح.
31. خلع يوسف ثياب السجن ولبس اللبس الملوكي. ليعلن أن زمن الألام إنتهي ويأتي زمن المجد. فطريق المجد ليوسف مر عبر الألام (من إخوته ومن المصريين وفي السجن…) والمسيح جلس عن يمين الأب بعد أن مر بطريق الألام والصليب.
32. حلق الشعر ليوسف يشير لأن المسيح خلع صورة الجسد الأول ليأخذ الجسد النوراني.
33. فرعون ألبس يوسف ثوب كتان أبيض (رمز بر المسيح) وخاتم (رمز السلطان والبنوة) وطوق ذهبي (رمز المجد).
34. مشورة يوسف لفرعون هي الحكمة والتدبير والمسيح هو أقنوم الحكمة. وإذا سلمنا له حياتنا يدبرها حسنا فلا نجوع. وكانت سمة يوسف عموماً الحكمة.
35. سماه فرعون صفنات فعنيح ولها ترجمات عديدة سنذكرها بعد ذلك وتعني طعام الحياة أو مخلص العالم أو معلن الأسرار وهذه كلها أسماء المسيح مشبع العالم ومخلصه.
36. زواج يوسف بأسنات هو رمز المسيح الذي إتخذ كنيسة الأمم عروساً له. وكان ثمرة الزواج منسي (أنساني الله كل تعبي) وأفرايم (جعلني الله مثمراً). والمسيح يفرح وينسى كل ألامه حين يجد الكنيسة مثمرة. بل السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب.
37. كان حلم فرعون 7 بقرات سمينة تأكلها سبع بقرات قبيحة. والبقرات السمينة تشير للكنيسة الخارجة من المعمودية (فالبقرات خرجت من الماء). والبقرات القبيحة تشير للهراطقة وكل محاولات عدو الخير لإبتلاع الكنيسة خصوصاً محاولة الوحش في نهاية الأيام ان يبتلع الكنيسة ويعتدي عليها.
38. المجاعة كانت تدبير من الله ليعود إخوة يوسف ويتقابلوا مع يوسف. كما دبر الله مجاعة للإبن الضال ليعود لحضن ابيه. وحوتاً يبتلع يونان. هي خطة الله ليجذب كل نفس للتوبة حتي تتقابل مع المسيح يوسفها الحقيقي.
39. لقاء يوسف مع إخوته تم علي 3 مراحل تشير لمعاملات الله مع الخاطئ التائب:-
أ إخوة يوسف لم يعرفوه في اللقاء الأول واليهود لم يعرفوا المسيح. وهكذا كل خاطئ في بداية توبته تكون معرفته بالمسيح ضعيفة جداً بل يكاد لا يعرفه. وقد يعامل المسيح الخاطئ بجفاء كما عامل المسيح المرأة الكنعانية، وكما عامل يوسف إخوته. (نش 2:5-7).
ب. في اللقاء الثاني أيضا لم يعرفوه لكنه بكي وحده. هو قلب المسيح الذي يشتاق لكل واحد منا.
ج. في اللقاء الثالث أعلن ذاته لهم وبكي وأخرج الجميع فالمسيح لا يعلن نفسه سوي لأحبائه كما في القيامة.
د. لاحظ أن يوسف أمر بحبسهم 3 أيام ثم أعطاهم القمح. وهكذا حتي نشبع من المسيح علينا أن نموت معه (صلب الأهواء والشهوات) والثلاث أيام إشارة للقيامة في اليوم الثالث فنحن نتقابل مع المسيح علي أساس القيامة (أي بحياته المقامة التي يعطينا إياها).
40. إرتاع إخوة يوسف عند رؤيته والمسيح سيرتاع منه الخطأة عند ظهوره. هم إرتاعوا أما هو فيقول تعالو إلي وكما غفر يوسف لإخوته غفر المسيح علي الصليب "يا أبتاه إغفر لهم".
41. يوسف لم يستح من إخوته وهكذا المسيح لا يستحي بنا بل يدعونا إخوته. عب 11:2. وكما قدم يوسف إخوته لفرعون غير خجلاً من وضاعتهم هكذا سيقدمنا المسيح للآب كإخوة له قائلاً ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله عب 11:2-13.
42. دعوة يوسف ليعقوب وإخوته ليعيشوا في مكان مجده (هو مصر الآن) هي دعوة المسيح لنا لنعاين مجده "من يغلب يجلس معي في العرش رؤ 21:3. وإرسال العربات الملكية ليعقوب لتشهد لمجده. هو إرسال الروح القدس لنا ليعلن مجد المسيح "فهو يأخذ مما للمسيح ويخبرنا يو 14:16.
43. يقول يعقوب لأولاده ما بالكم واقفين تنظروا لبعضكم إذهبوا لئلا نموت. هي دعوة الكنيسة لأولادها توبوا وإرجعوا للمسيح فيرجع إليكم فتكون لكم حياة ولا تموتوا.
44. يقول فرعون "لا تحزن عيونكم علي أثاثكم لأن خيرات مصر كلها لكم" والعربات هي العربون وبولس الرسول يحسب كل شئ نفاية ليعرف المسيح في 8،7:3.
45. رجوع إخوة يوسف إلي يوسف يشير لرجوع اليهود للمسيح وإيمانهم به في أخر الأيام.
46. قيل عن يعقوب "فعاشت روح يعقوب حين سمع عن يوسف" فنحن لا نعيش إلا به ونموت لو إبتعدنا عنه. فهو الحياة "من أمن بي يحيا" وهو خبر الحياة.
47. قيل عن يوسف أنه سيد الأرض كلها والمسيح هو ملك الملوك وسيد الخليقة كلها.
48. سجود يعقوب لعصا يوسف هو سجود الكنيسة كلها للصليب الذي كان به الخلاص.
49. قيل عن يوسف أنه حسن الصورة وحسن المنظر وهو في بيت فوطيفار أي في بيت العبودية ونحن لم نعرف جمال محبة المسيح إلا بعد أن تجسد ورأيناها بوضوح وهو علي الصليب.
50. لعل أروع ما قاله يوسف "أنتم قصدتم بي شراً. أما الله فقصد به خيراً. لكى يفعل كما اليوم، ليحيي شعباً كثيراً" إليس هذا هو ما حدث مع المسيح. لقد قصد اليهود أذيته وأن يلحقوا به شراً حوله الله لخير البشرية كلها وحياة العالم مزمور 1:2-4.
العهد القديم كله هو ظل للعهد الجديد. كله إشارات لعمل المسيح. هو وسائل لإيضاح خطة الخلاص. وهناك نبوات واضحة صريحة عن المسيح مثل "ها العذراء تحبل وتلد إبناً أش 7" وهناك شخصيات ترمز للمسيح مثل إسحق ويوسف. وشخصيات ترمز للكنيسة مثل راحيل ورفقة. وهناك أحداث تشير لخطة الخلاص مثل مرور الشعب في البحر رمزاً للمعمودية وهكذا أيضا الطوفان. بل أن خيمة الإجتماع كلها هي رمز للمسيح كما سنري لذلك قال الأباء أن العهد الجديد مختبئ في العهد القديم والعهد القديم مشروح في العهد الجديد. وإنجيل متي مثلاً حاول أن يشرح كيف أنه في المسيح كان تحقيق نبوات العهد القديم. وهذا ما يعنيه السيد المسيح بأنه ما جاء لينقض العهد القديم بل ليكمله. ويكمله أي يحقق في نفسه كل ما حاول العهد القديم أن يشرحه، هو أعلن كل معاني القصص التي وردت في العهد القديم فكلها كانت تشير لشخصه المبارك. هو حل رموز وألغاز العهد القديم. فإن شهادة يسوع هي روح النبوة "رؤ 10:19"
حياة يوسف
يوسف هو إبن راحيل المحبوبة، لذلك أحبه أبوه وصنع له قميصاً ملوناً كان سبب ألامه. إذ كرهه إخوته لأنهم شعروا بمحبة أبيهم الزائدة ليوسف. وهم كانوا قادرين علي جذب محبة أبيهم بحكمة وخضوع لأبيهم. ولكنهم آثروا طريق الشر فرأوبين إعتدي علي فراش أبيه وشمعون ولاوي كانوا متوحشين وأولاد بلهة وزلفة كانوا اشرار وأتي يوسف بنميمتهم أي نقل لأبيه أخبار شرورهم. قطعاً نقل أخبار مثل هذه ليس صحيحاً لكن يبدون أن يعقوب كان له حزناً في قلبه بسبب أولاده وأحب يوسف الذي رآه كاملاً فضلاً عن أنه ابن راحيل. وهنا نجد ربما خطأ ليعقوب أنه احب يوسف أكثر من إخوته وهذه المعاملة المميزة تسبب غيرة وحسد بين الإخوة. ونلاحظ أن يوسف في محبته، إذ أحب أخوته بالرغم من كراهيتهم له قد نفذ وصية المسيح قبل أن يأتي المسيح بـ 2000 سنة وفي طهارته ورفضه للزني نفذ وصايا موسي قبل أن يأتي موسي أو تكتب الوصايا (هذا بالتقليد فكل شي مسلم شفاهة للأباء وموسي قام بكتابته) كانت وصايا الله مكتوبة علي قلب يوسف قبل أن تكتب علي ألواح حجرية.
كانت هناك أسباب اخري لكراهية إخوة يوسف له وهي أحلامه التي رواها لهم فأثارت كل أحقادهم الدفينة وهذا يعطينا فكرة أن لا نتحدث عن نجاحنا الجسدي أو نجاحنا الروحي أمام الأخرين حتي لا نثير أحقادهم ونكون سبب عثرة لهم.
أما إخوة يوسف فنري في مؤامراتهم منتهي الوحشية والعجيب أن يجلسوا ويأكلوا بعد أن ألقوا بأخيهم في البئر بل ربما أكلوا من الطعام الذي أحضره لهم.
وربما سمح الله ليوسف بهذه الألام لأنه كان شخصاً مدللاً أراد الله أن يصقله ليعده لعمل عظيم. ولذلك فقول يوسف "لستم أنتم أرسلتموني إلي مصر بل الله الذي أرسلني" يعطينا فكرة أن حياتنا هي في يد الله وكل شئ بسماح منه وأن كل الأمور تعمل معاً للخير للذين يحبون الله" ولقد سمح الله بأن يجتاز يوسف تجربة شديدة لكنه كان معه في كل خطوة كما حدث مع الثلاث فتية في أتون النار. فالله رافقه في بيت فوطيفار وفي السجن فتحول إلي بركة للجميع. وأعطاه القلب المفتوح والعين المفتوحة ففسر الأحلام. بل أنقذ العالم من مجاعة فصار بركة للعالم. وأعطاه الله نعمة في عين كل أحد (فوطيفار/ رئيس السجن/ فرعون).
ولكن لم يسكت الشيطان بل حرك زوجة فوطيفار ولم يجد يوسف عذراً للخطية بأنه شاب وفي إحتياج لهذا أو أن زوجة فوطيفار قادرة علي أذيته… الخ بل شعر بأنه أمام الله ولا يجب أن يخطئ. لقد كان هذا الشاب البتول أكثر طهارة من داود المحصن بزوجاته. فهو فضل أن يلقي في السجن، فضل العار وربما الموت عن أن يخطي إلي الله. في حياة يوسف نري كيف أن نعمة الله تعمل وسط التجارب، وكيف أن الله فسر علي يديه الأحلام ليعد له الطريق إلي القصر. وكانت هذه الأحلام (الخباز والساقي ثم أحلام فرعون) من الله، علي أن هناك أحلام من الشيطان وأحلام من العقل الباطن. ولنتأمل في يوسف حين سأل الساقي أن يذكره أمام فرعون. ماذا كانت أقصي أماله: إما أن يطلقه فرعون حراً ويعود لأبيه ولإخوته الأشرار أو يعمل مساعداً للساقي. ولكن هل كان يعلم ما في فكر الله من خير نحوه بل نحو كل العالم. وجميل أن نري في حياة يوسف أن اسم الله دائما علي لسانه. هو لا يخطئ أمام الله. وهو لا يفسر الأحلام بل الله… إذاً هو يعطي المجد لله لذلك رفعه الله، وعلينا أن لا نطلب مجد أنفسنا بل نترك هذا لله، نحن نمجده وهو الذي يشهد لنا. فهو أراد أن يختفي هو ليظهر الله لكن الله أظهره ومجده حتي الأن.
ونقطة أخري تتضح في حياة يوسف المتدين. فهو يظهر أن الدين ليس صوم وصلاة فقط بل عمل وتدبير والله يشترك في العمل فيكون ناجحاً "وكان الله مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً" وكان جفاؤه مع إخوته ظاهرياً فهو إنسان عاطفي حساس يبكي مراراً. ولكن سبب الجفاء الظاهري أن يشعر إخوته بخطإهم. أيضا هو نفذ "إحسنوا إلي المسيئين إليكم" قبل المسيح. ونري في يوسف بره بأبيه وكيف إستقبله إستقبالاً لائق وفي موته كيف شيعه ونفذ وصيته بدفنه في مغارة المكفيلة أي تحمل كل مشاق السفر إكراماً لأبيه.
ووصية يوسف لإخوته أن لا تتغاضبوا في الطريق هى وصية المسيح لكنيسته وشعبه أن لا تتغاضبوا وتتخاصموا بل كونوا جسداً واحداً وروحاً واحداً… (أف 4:4).
ويوسف حصل علي نصيب البكر لأمانته، إذ حصل علي نصيب إثنين في الميراث في شخصي إبنيه إفرايم ومنسي لذلك نجد دائما اسماء الأسباط الـ12 لا تشتمل علي اسم يوسف، بل رفع اسم يوسف ليوضع مكانه أسماء أفرايم ومنسي وبهذا يكون يوسف قد حصل علي نصيب البكر أي نصيبن من الميراث وفي هذا إشارة إلي البكورية الروحية التي فقدها رأوبين لخطيته. والبكورية الروحية حصلت عليها الكنيسة بسبب خطية شعب اليهود وصلبهم للمسيح ورفضهم له.
" 1 وسكن يعقوب في ارض غربة ابيه في ارض كنعان "
سكن يعقوب في أرض كنعان أرض غربة أبيه= حتي يتسلمها أبنائه وأحفاده كأرض موعد يعيشون فيها لا كغرباء في خيام وإنما كمواطنين يبنون المدن والمنازل.
" 3 واما اسرائيل فاحب يوسف اكثر من سائر بنيه لانه ابن شيخوخته فصنع له قميصا ملونا "
كانت شعوب المنطقة في ذلك الوقت تعتبر الثياب الملونة شيئاً فاخراً يلبسه المكرمون.
" 10 وقصه على ابيه وعلى اخوته فانتهره ابوه وقال له ما هذا الحلم الذي حلمت هل ناتي انا وامك واخوتك لنسجد لك الى الارض "
هل نأتي أنا وأمك: غالباً يقصد بلهة جارية راحيل فهي التي إهتمت به بعد موت أمه لكن المعني أن الأسرة كلها تسجد له.
" 11 فحسده اخوته واما ابوه فحفظ الامر "
حسده إخوته: بسبب الأحلام وبسبب محبة أبيه له وربما ما زاد الأمر نقل نميمتهم لأبيه.
" 13 فقال اسرائيل ليوسف اليس اخوتك يرعون عند شكيم تعال فارسلك اليهم فقال له هانذا "
اليس اخوتك يرعون عند شكيم: خوف يعقوب علي أبنائه راجع لخوفه من انتقام أهل شكيم.
" 20 فالان هلم نقتله ونطرحه في احدى الابار ونقول وحش رديء اكله فنرى ماذا تكون احلامه "
أحد الأبار: هي حفر تحفر لجمع المياه (مياه الأمطار) وإدخارها لوقت الحاجة وكانت تجف وقت الصيف. وكان من يطرح فيها يندر أن ينجو فهي عميقة وواسعة من أسفل ضيقة من أعلي.
" 25 ثم جلسوا لياكلوا طعاما فرفعوا عيونهم ونظروا واذا قافلة اسماعيليين مقبلة من جلعاد وجمالهم حاملة كثيراء وبلسانا ولاذنا ذاهبين لينزلوا بها الى مصر 26 فقال يهوذا لاخوته ما الفائدة ان نقتل اخانا ونخفي دمه 27 تعالوا فنبيعه للاسماعيليين ولا تكن ايدينا عليه لانه اخونا ولحمنا فسمع له اخوته 28 واجتاز رجال مديانيون تجار فسحبوا يوسف واصعدوه من البئر وباعوا يوسف للاسماعيليين بعشرين من الفضة فاتوا بيوسف الى مصر "
القافلة قافلة إسماعيليين ومدياينين فهم بينهم تجارة وزواج مشترك.
كثيراء: نوع من أنواع الصمغ يستخدم في الطب وفي التغرية (لصق الأشياء).
بلسان: دهن طيب الرائحة يسيل من شجرة البلسان متي جرح ساقها يستخدم في الطب والتحنيط .
لاذن: نوع من الصمغ يستخدم في الطب
" 32 وارسلوا القميص الملون واحضروه الى ابيهم وقالوا وجدنا هذا حقق اقميص ابنك هو ام لا "
أحضروه إلي أبيهم: لقد خدع يعقوب أبيه بملابس عيسو وها هو يخدع بملابس يوسف.
" 36 واما المديانيون فباعوه في مصر لفوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط "
في (1:39) يذكر أن فوطيفار رجل مصري وهذا غريب. والتفسير أن فرعون في هذا الوقت كان من الهكسوس ورجاله كلهم من الرعاة (الملوك الرعاة) فتركيز الكتاب المقدس هنا أن خصي فرعون كان مصرياً يصبح شي مفهوم لأنه مصري وسط رجال القصر الذي هم كلهم من الهكسوس الرعاة. ولذلك طلب يوسف من إخوته أن يذكروا لفرعون أنهم رعاة (34:46) فهو بالتأكيد سيتعاطف معهم فهم رعاة مثله. ونفهم كذلك كيف إرتقي يوسف لهذا المنصب الكبير وهو غريب فالملك نفسه غريب. ولأن الهكسوس الغرباء كانوا رعاة كان المصريين يكرهون الرعاة ويعتبرونهم شيئاً كريهاً (34:46). ونلاحظ أيضا أن الملك كان له مواش كثيرة. والخصي هو من نزعت خصيتاه ليخدم مع نساء فرعون. ثم إصبحت اسم وظيفة كبيرة حتي لو لم يحدث له هذا بدليل أننا نجد فوطيفار أن له زوجة. (خصي مترجمة رئيس).
هذا الإصحاح تاريخياً مكانه يسبق هذا المكان فلماذا أتي في هذا المكان وهذا التوقيت؟
يوسف كان يرمز للمسيح في رسالته ولكن يهوذا هو أبو المسيح بالجسد والكتاب المقدس يعرض نسل يهوذا لنتتبع أنساب السيد المسيح. وجاء هذا الإصحاح مملوء خطايا وتعدي لأن المسيح جاء ليحمل في جسده الذي أخذه من يهوذا كل تعدي وكل خطايا أبائه وكل ضعف وراثي فهو جاء من نسل يهوذا مع زوجة أبنه (هو زني معها). هو جاء من نسل الخطاة ليفديهم.
" 1 وحدث في ذلك الزمان ان يهوذا نزل من عند اخوته ومال الى رجل عدلامي اسمه حيرة 2 ونظر يهوذا هناك ابنة رجل كنعاني اسمه شوع فاخذها ودخل عليها 3 فحبلت وولدت ابنا ودعا اسمه عيرا "
ربما كان حيرة الرجل العدلامي صديقاً ليهوذا. رجل كنعاني= كنعاني تعني انه أما هو كنعانياً أو تعني تاجر. وزواج يهوذا من أبنة رجل كنعاني أتي علي العائلة بمصائب كثيرة فالكنعانيون منحرفون جداً لذلك كان أولاد يهوذا من الكنعانية منحرفون أيضاً. وعدلام التي ينسب إليها حيرة هي إحدي مدن كنعان الكبري. وهناك تأمل فيهوذا هو الذي نسب له شعب اليهود (يهود من يهوذا) فيهوذا كان أكبر الأسباط ومنهم ملوك يهوذا. وتركيز الكتاب أن شيلة ابنه ولد في كزيب يشير أن اليهود مصرين علي جحدهم الإيمان بالمسيح مصدقين في ذلك أكاذيبهم التي يقولونها علي المسيح.
" 6 واخذ يهوذا زوجة لعير بكره اسمها ثامار 7 وكان عير بكر يهوذا شريرا في عيني الرب فاماته الرب 8 فقال يهوذا لاونان ادخل على امراة اخيك وتزوج بها واقم نسلا لاخيك 9 فعلم اونان ان النسل لا يكون له فكان اذ دخل على امراة اخيه انه افسد على الارض لكيلا يعطي نسلا لاخيه 10 فقبح في عيني الرب ما فعله فاماته ايضا 11 فقال يهوذا لثامار كنته اقعدي ارملة في بيت ابيك حتى يكبر شيلة ابني لانه قال لعله يموت هو ايضا كاخويه فمضت ثامار وقعدت في بيت ابيها "
ثمار الزواج الخاطئ إبنين شريرين يميتهم الرب. وكانت العادة التي شرعها موسي في ما بعد أن الأخ يتزوج إمراة أخيه إذا مات أخوه دون أن يترك نسلاً وحتي لا يمحي اسم أخوه كان النسل (غالباً الطفل الأول فقط) ينسب للأخ المتوفي. ولكن أونان ثاني أولاد يهوذا رفض أن يكون لأخيه نسل فلم يرد الإنجاب من ثامار زوجة أخيه المتوفي عيرا حتي لا يشاركه الإبن في الميراث وساء هذا جداً في عيني الرب فأماته أيضاً. ورفض يهوذا ان يزوج ابنه المتبقي شيلة لثامار متحججاً بصغر سنه لكنه كان متصوراً انها السبب في موت إبنيه، هي نظرة تشاؤم مرفوضة. وكان الحل هو نزع الخطايا من الأسرة وليس في أن ندعي أن شخصاً هو سبب مصائبنا (كما يقول العامة فلان نحس).
" 12 ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امراة يهوذا ثم تعزى يهوذا فصعد الى جزاز غنمه الى تمنة هو وحيرة صاحبه العدلامي 13 فاخبرت ثامار وقيل لها هوذا حموك صاعد الى تمنة ليجز غنمه 14 فخلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت وجلست في مدخل عينايم التي على طريق تمنة لانها رات ان شيلة قد كبر وهي لم تعط له زوجة 15 فنظرها يهوذا وحسبها زانية لانها كانت قد غطت وجهها 16 فمال اليها على الطريق وقال هاتي ادخل عليك لانه لم يعلم انها كنته فقالت ماذا تعطيني لكي تدخل علي 17 فقال اني ارسل جدي معزى من الغنم فقالت هل تعطيني رهنا حتى ترسله 18 فقال ما الرهن الذي اعطيك فقالت خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك فاعطاها ودخل عليها فحبلت منه 19 ثم قامت ومضت وخلعت عنها برقعها ولبست ثياب ترملها "
كبر شيلة ولم يف يهوذا بوعده ويزوجه لثامار. وثامار إشتهت أن يكون لها نسلاً فهي عاشت وسط عائلة يعقوب وسمعت عن أن المسيح سيأتي من نسلهم. فقبلت أن تعرض حياتها للخطر. وقامت بدور زانية لتحصل علي نسل. وتغطت ببرقع: ليس فقط حتي لا يعرفها يهوذا. ولكن كانت الزواني لا يضعن برقعاً. وأما ناذرات أنفسهن للزني (وهذه كانت عادة كنعانية في الهياكل الوثنية) كن يضعن برقعاً. وكان هؤلاء يذهبن للهياكل الوثنية وينذرن أنفسهن لمدة سنة ويحصلن علي أجرهن من الزنا جدياُ يتبرعن به للهيكل. وكانوا يسمين الزانية : قدشة أي قديسة. ولاحظ أن يهوذا تموت زوجته وأولاده ثم يذهب ليزني ويسمي هذا تعزية وأما ثامار الوثنية فقبلت أن تكون كزانية حتي يأتي منها نسل قد يكون المسيح. حقاً نحن لا نبرر الخطأ الذي إرتكبته لكن كان مما يؤكد شهوتها لأن يكون لها نسل مقدس أنها عاشت بعد ذلك مع يهوذا دون أن تعرفه. فكان كل ما تريده هو النسل وليس الشهوة الخاطئة في حد ذاتها. لذلك قال عنها يهوذا "هي أبرمني" أية 26 وبهذا العمل الإيماني تأهلت ثامار أن تكون جدة للسيد المسيح، دمها يجري في عروقه، وقد سجل متي أسمها في أنساب السيد المسيح (مت 23:1) بينما لم يسجل اسم سارة ورفقة. وصارت تشير لكنيسة الأمم التي كانت كأرملة مهجورة فصارت كنيسة مقدسة للرب.
أية 18:خاتمك : كان الخاتم يعلق بحبل في الصدر لختم الأوراق الهامة. وكان لكل واحد صورة علي خاتمه، قد تكون صورة حيوان وربما كانت الصورة التي وضعها يهوذا علي خاتمه صورة أسد. وربما كان يساكر له خاتمه صورة حمار لذلك قال يعقوب أبيهم في نبوته يهوذا جرو أسد – يساكر حمار جسيم" 14،9:49".
" 20 فارسل يهوذا جدي المعزى بيد صاحبه العدلامي لياخذ الرهن من يد المراة فلم يجدها 21 فسال اهل مكانها قائلا اين الزانية التي كانت في عينايم على الطريق فقالوا لم تكن ههنا زانية 22 فرجع الى يهوذا وقال لم اجدها واهل المكان ايضا قالوا لم تكن ههنا زانية 23 فقال يهوذا لتاخذ لنفسها لئلا نصير اهانة اني قد ارسلت هذا الجدي وانت لم تجدها 24 ولما كان نحو ثلاثة اشهر اخبر يهوذا وقيل له قد زنت ثامار كنتك وها هي حبلى ايضا من الزنا فقال يهوذا اخرجوها فتحرق 25 اما هي فلما اخرجت ارسلت الى حميها قائلة من الرجل الذي هذه له انا حبلى وقالت حقق لمن الخاتم والعصابة والعصا هذه 26 فتحققها يهوذا وقال هي ابر مني لاني لم اعطها لشيلة ابني فلم يعد يعرفها ايضا "
في (21) أين الزانية : الأصل أين القدشة. وقول يهوذا لتأخذ لنفسها أي تأخذ الخاتم والعصاة كأجر لها وحتي لا يتهم بعدم دفع الأجر لها يشهد صديقه العدلامي.
أية 24 أخرجوها لتحرق : هنا يهوذا ككبير العائلة ورب البيت يأمر بعقابها علي خطيتها وإستغل المفهوم العام أنها زوجة لشيلا أبنه وقد زنت فعقابها الحرق. وهو هنا يحكم ويدين وهو لا يحكم علي نفسه. فهو الزاني وهو الذي رفض أن يزوجها لإبنه. وعلامات الحمل ظهرت بعد ثلاثة شهور : هنا ثامار ترمز للكنيسة التي إلتصقت بالمسيح بعد أن كانت أممية وظهر لها ثمار الروح القدس (الأقنوم الثالث) بإيمانها بالثالوث وتمتعها بالقيامة في المسيح الذي قام في اليوم الثالث. لذلك يقال خلعت ثياب ترملها : فالنفس التي تتلاقي مع المسيح (هنا يهوذا يرمز للمسيح) لا تعود تحيا في حزن.
وكونها تغطت ببرقع فهذا يرمز لأننا مازلنا في الجسد (البرقع) لا نعاين أمجاده. ولكن قد حصلنا علي خاتمه (علامة البنوة كما حصل عليه الإبن الضال وعلي صليبه (عصاه).
" 27 وفي وقت ولادتها اذا في بطنها توامان 28 وكان في ولادتها ان احدهما اخرج يدا فاخذت القابلة وربطت على يده قرمزا قائلة هذا خرج اولا 29 ولكن حين رد يده اذا اخوه قد خرج فقالت لماذا اقتحمت عليك اقتحام فدعي اسمه فارص 30 وبعد ذلك خرج اخوه الذي على يده القرمز فدعي اسمه زارح "
أخرج زارع يده فربطت القابلة يده بخيط قرمزي أحمر، لكنه أدخل يده ليخرج فارص وبعده زارح. ويري بعض الأباء في زارح مثلاً للشعب اليهودي الذي كان يجب أن يكون البكر. وقد مد يده وإستلم شريعة الذبائح الدموية( الخيط القرمزي الأحمر) لكنه رفض الإيمان بالمسيح المرموز إليه بالذبائح فرد يده مرة أخري وفقد البكورية التي أخذها فارص ممثل الأمم الذين صارت لهم باكورية الروح.
هذا الإصحاح يشير لطهارة يوسف رمز المسيح الذي كان بلا خطية ولم تستطع إمراة سيده أن تدنسه بالرغم من ظروفه الصعبة في مقابل يهوذا الذي دنس نفسه مع الكنعانية ثم في زنا.
" 2 وكان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا وكان في بيت سيده المصري "
ظهرت بركة الرب مع يوسف في ألمه وهو كعبد محروم من حنان أبيه فصار بركة.
" 4 فوجد يوسف نعمة في عينيه وخدمه فوكله على بيته ودفع الى يده كل ما كان له "
فوكله: في اليونانية جعله أسقفاً أي ناظراً. ولاحظ أمانته فلم يتكاسل ويقول أنا إبن يعقوب المحبوب، أو أنا إبن إبراهيم. والمسيح صار عبداً ليخدم ويعمل.
" 6 فترك كل ما كان له في يد يوسف ولم يكن معه يعرف شيئا الا الخبز الذي ياكل وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر "
إلا الخبز : أي ترك البيت كله ليوسف ولم يهتم إلا بما يأكله فقط. حسن الصورة والمنظر لقد كشفت الضيقة عن جماله وسلام قلبه الداخلي، كل هذا (البركة والجمال) لم يظهرا في بيت أبيه. وهذا ما حدث مع يعقوب أبيه فهو لم يتمتع برؤيا السلم إلا وهو محروم من أبويه.
" 7 وحدث بعد هذه الامور ان امراة سيده رفعت عينيها الى يوسف وقالت اضطجع معي 8 فابى وقال لامراة سيده هوذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت وكل ما له قد دفعه الى يدي 9 ليس هو في هذا البيت اعظم مني ولم يمسك عني شيئا غيرك لانك امراته فكيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله 10 وكان اذ كلمت يوسف يوما فيوما انه لم يسمع لها ان يضطجع بجانبها ليكون معها 11 ثم حدث نحو هذا الوقت انه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن انسان من اهل البيت هناك في البيت 12 فامسكته بثوبه قائلة اضطجع معي فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج الى خارج 13 وكان لما رات انه ترك ثوبه في يدها وهرب الى خارج 14 انها نادت اهل بيتها وكلمتهم قائلة انظروا قد جاء الينا برجل عبراني ليداعبنا دخل الي ليضطجع معي فصرخت بصوت عظيم 15 وكان لما سمع اني رفعت صوتي وصرخت انه ترك ثوبه بجانبي وهرب وخرج الى خارج "
عدو الخير لم يكتف بأن يهيج إخوته ضده، بل أثار زوجة فوطيفار ضده فهجمات عدو الخير متنوعة. ولكن الله من بعيد ينظر ويحول كل الأمور للخير لمن يحبون الله ويوسف أحب الله ولم يسقط فتحولت كل الأمور للخير. وكان يوسف له أعذار قوية ليسقط في الخطية.
1. هو شاب في سن صغيرة وغير متزوج وفاقد لحنان أبويه.
2. هو مظلوم في عبوديته شاعراً بخيانة من حوله حتي إخوته (أي ظروف نفسية سيئة).
3. زوجة سيده هي التي تطلبه وهي قادرة أن تلحق به الأذي وقد حدث.
4. إلحاحها المستمر فهي لم تطلب الخطية مرة واحدة بل مرات : كلمت يوسف يوماً فيوماً.
5. كانا وحدهما في المنزل.
6. ترك الثوب فيه خطورة عليه ويعرض حياته للخطر.
7. كانت شريعة موسي " لا تزن" لم تأتي بعد. لكن كانت وصايا الله مكتوبة في قلبه فهو يحب الله وكان حب زوجة فوطيفار له لا يسمي حباً بل هو شهوة وهذا النوع من السهل أن ينقلب إلي عداوة وقد حدث ووضعته في السجن أما يوسف فقد أحبها حباً حقيقياً فهو الذي أحب إخوته بالرغم مما فعلوه. ودليل هذا :-
أ. انه لم يفضحها
ب. ولم ينتقم منها بعد أن صار في مجده
ج. لم يجرح مشاعرها بكلمة بل كان يذكرها بمركزها ومركز زوجها ويسدي لها النصح وفي تواضع يذكرها بأنها سيدته (وهذا الحب الشهواني ظهر في قصة أولاد داود 2 صم 15:13) حقا صار يوسف مثالاً للطهارة. لقد خاطر بكل شئ ثمناً لطهارته وعلاقته بالله.
" 20 فاخذ يوسف سيده ووضعه في بيت السجن المكان الذي كان اسرى الملك محبوسين فيه وكان هناك في بيت السجن "
من مزمور 18:105 نعرف ان يوسف عذب أولاً في السجن ويبدو أنهم عرفوا براءته فيما بعد لكنهم لم يطلقوه:
1. منعاً للفضيحة.
2. ربما خاف فوطيفار أن تخونه زوجته معه ثانية.
لكن صار له مكانة مميزة في السجن. ولاحظ أن هذا السجن كان يوضع فيه أسري الملك وهذه تدبيرات الله:
1. فهو يباع لفوطيفار.
2. يسجن في سجن الملك ليتقابل مع الساقي. لأن الله كان واضعاً في خطته أن يتمجد يوسف وينقذ العالم من المجاعة.
والله كان مع يوسف في بيت فوطيفار وفي السجن. كما كان مع الفتية الثلاث في أتون النار وإذ كان الله معنا فحتي النار تتحول إلي سماء والسجن يتحول إلي سماء وبيت العبودية يتحول إلي سماء. ونلاحظ أن الفريسي حرم من اللقاء مع الله وهو داخل الهيكل فالله ينظر للقلب. ويوسف كان متضعاً والله يسكن عند المتضعين (أش 15:57) فتتحول قلوبهم أينما كانوا إلي سماء. ويتحول السجن إلي طريق للمجد. وما كنا نظنه شراً إذا هو بعينه الذي يكون لنا الخير.
لقد سمح الله ليوسف بالسجن. فالله تكمل خطته ببعض الألام
" 2 فسخط فرعون على خصييه رئيس السقاة ورئيس الخبازين "
خصييه : أي أن مركزهما سام جداً
" 4 فاقام رئيس الشرط يوسف عندهما فخدمهما وكانا اياما في الحبس 5 وحلما كلاهما حلما في ليلة واحدة كل واحد حلمه كل واحد بحسب تعبير حلمه ساقي ملك مصر وخبازه المحبوسان في بيت السجن 6 فدخل يوسف اليهما في الصباح ونظرهما واذا هما مغتمان 7 فسال خصيي فرعون اللذين معه في حبس بيت سيده قائلا لماذا وجهاكما مكمدان اليوم 8 فقالا له حلمنا حلما وليس من يعبره فقال لهما يوسف اليست لله التعابير قصا علي "
فخدمهما… فسأل لماذ وجهاكما مكمدان : لم يجدا من يخدمهما بأمانة ورقة مثل يوسف. وهي خدمة أن يسألهما عما يحزنهما ويعزيهما بقدر إمكانه. ولاحظ قول يوسف أليس لله التعابير : فهو في كل كلامه يعطي المجد لله.
" 9 فقص رئيس السقاة حلمه على يوسف وقال له كنت في حلمي واذا كرمة امامي 10 وفي الكرمة ثلاثة قضبان وهي اذ افرخت طلع زهرها وانضجت عناقيدها عنبا 11 وكانت كاس فرعون في يدي فاخذت العنب وعصرته في كاس فرعون واعطيت الكاس في يد فرعون 12 فقال له يوسف هذا تعبيره الثلاثة القضبان هي ثلاثة ايام 13 في ثلاثة ايام ايضا يرفع فرعون راسك ويردك الى مقامك فتعطي كاس فرعون في يده كالعادة الاولى حين كنت ساقيه 14 وانما اذا ذكرتني عندك حينما يصير لك خير تصنع الي احسانا وتذكرني لفرعون وتخرجني من هذا البيت 15 لاني قد سرقت من ارض العبرانيين وهنا ايضا لم افعل شيئا حتى وضعوني في السجن 16 فلما راى رئيس الخبازين انه عبر جيدا قال ليوسف كنت انا ايضا في حلمي واذا ثلاثة سلال حوارى على راسي 17 وفي السل الاعلى من جميع طعام فرعون من صنعة الخباز والطيور تاكله من السل عن راسي 18 فاجاب يوسف وقال هذا تعبيره الثلاثة السلال هي ثلاثة ايام 19 في ثلاثة ايام ايضا يرفع فرعون راسك عنك ويعلقك على خشبة وتاكل الطيور لحمك عنك "
الخصيان يشيران إلي جنس البشرية الساقط وهو ينقسم قسمين. الأول يجتاز الغضب بالإيمان فيعبر إلي الملكوت والأخر في جحوده يفقد حياته أبدياً. وهنا يوسف حين يخبر كليهما بمصيره فهو يمثل المسيح الذي يخبرنا عن مصير كل قسم منا:
(يو 29:5 ) وقد قسم المسيح البشرية هكذا لقسمين في مثل العذاري الحكيمات والجاهلات. ولاحظ أن رقم 3 أي الثلاث أيام التي حلم بها كلاهما تشير لفترة الموت وبعدها القيامة التي تكون في اليوم الثالث ويذكر أن يوسف ضعف حين طلب من الساقي (أية 14) أن يذكره أمام فرعون. ولذلك ركز الوحي علي أن الساقي قد نسيه (22:40). ولنلاحظ أن اللص اليمين طلب من المسيح ان يذكره فلم ينساه المسيح بل قال "اليوم تكون معي في الفردوس" وأما من طلب من البشر أن يذكروه فنسوه. وأعتقد أن هذا الدرس لنا نحن حتي لا نطلب أن يذكرنا البشر. بل نصلي لمن لا ينسي. والله جعل الساقي ينسى يوسف لأنه لو ذكره في هذه الفترة ربما كان فرعون قد افرج عنه وكان يوسف قد ذهب لأبيه وتعطلت قصة الخلاص ولما أنقذ أحداً من المجاعة. فنقول أن الله جعل الساقي ينسي حتي تكمل خطة الله. ولكن من الصعب أن نلوم يوسف علي طلبه للساقي وهو في هذه الظروف القاسية. وهو درس لنا لنضع ثقتنا في الله.
ثلاث سلال حوَاري : حوَاري هي نفس الكلمة التي ترجمت سابقاً سميذ (6:18) أي دقيق فاخر. يعلق جسدك : هي عقوبة مخيفة عند المصريين فهو لن يحنط جسده وبالتالي حسب عقيدة قدماء المصريين فلن تكون له قيامة. ولاحظ أن يوسف لم يجرح زوجة فوطيفار ولم يفضحها أمام الساقي والخباز.
في ملء الزمان أي في الوقت الذي رآه الله مناسباً رفع الله يوسف ووضعه في القصر.
“6 ثم هوذا سبع سنابل رقيقة وملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها “
الريح الشرقية : هي ريح ساخنة ضارة بالمزروعات وكلها غبار (رياح الخماسين). والريح الشرقية تشير لعمل المسيح الدجال (ضد المسيح) الذي سيفسد كثيرين. بل أن البقرات القبيحة والسنابل الرقيقة تشير للهراطقة في أيام ضد المسيح وهم يبتلعون أولاد الله (البقرات السمينة).
“14 فارسل فرعون ودعا يوسف فاسرعوا به من السجن فحلق وابدل ثيابه ودخل على فرعون “
حلق : كان في مصر من يطلق لحيته إما من هو في حزن أو الأسري والأدنياء. وكانت صور الأسري ترسم في هذه الأيام ولهم لحي.
“33 فالان لينظر فرعون رجلا بصيرا وحكيما ويجعله على ارض مصر 34 يفعل فرعون فيوكل نظارا على الارض وياخذ خمس غلة ارض مصر في سبع سني الشبع 35 فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة ويخزنون قمحا تحت يد فرعون طعاما في المدن ويحفظونه 36 فيكون الطعام ذخيرة للارض لسبع سني الجوع التي تكون في ارض مصر فلا تنقرض الارض بالجوع “
الله يعطينا فترات في حياتنا يمكننا أن نشبع فيها وهي أيام السلام فلنحاول جاهدين أن نشبع حتي إن أتت أيام الألام والتجارب يعيننا ما خزناه روحياً في فترات الشبع.
“40 انت تكون على بيتي وعلى فمك يقبل جميع شعبي الا ان الكرسي اكون فيه اعظم منك “
وعلي فمك يقبل جميع شعبي : كان من أعظم الوظائف وظيفة الفم الأعظم لأنه هو الذي يصدر الأوامر. فيكون المعني فليقبل الجميع أوامرك بمحبة وخضوع فالتقبيل علامة الحب والأحترام.
“42 وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف والبسه ثياب بوص ووضع طوق ذهب في عنقه “
خاتمه : الذي يختم به الأوامر. ثياب بوص : أي كتان أبيض وهذه ثياب الكهنة والملوك طوق ذهب: هذا من علامات الملك في مصر.
“45 ودعا فرعون اسم يوسف صفنات فعنيح واعطاه اسنات بنت فوطي فارع كاهن اون زوجة فخرج يوسف على ارض مصر “
صفنات فعنيح : بالقبطية صاف إنتي أبونخ. صاف تعني حبوب أو طعام، أونخ تعني حياة فيكون المعني الذي قصده فرعون باللغة المصرية طعام الحياة. ويري البعض أن الإسم بالعبرية يعني مخلص العالم أو معلن الأسرار. أسنات : محبوبة نات. ونات هي الهة الحكمة عند المصريين وهي تقابل منيرفا عند الرومان.
“ 50 وولد ليوسف ابنان قبل ان تاتي سنة الجوع ولدتهما له اسنات بنت فوطي فارع كاهن اون “
كون أن يوسف يلد أولاده قبل سني الجوع فهذا يشير لأن الكنيسة ستكمل قبل مجئ ضد المسيح. وحين تكتمل الكنيسة ستكون معدة للأمجاد ولإنتهاء الألام (رؤ 9:6-11).
“51 ودعا يوسف اسم البكر منسى قائلا لان الله انساني كل تعبي وكل بيت ابي 52 ودعا اسم الثاني افرايم قائلا لان الله جعلني مثمرا في ارض مذلتي “
الله أنساه في مجده الألام التي سببها له إخوته وبعده عن بيت أبيه. وسجنه…الخ وجعله الله مثمراً في أرض مصر وجعله في مجد "وفي السماء يمسح الله كل دمعة من عيوننا. وهكذا كل نفس تلتصق بالمسيح ينسيها الله همومها ويعطيها ثمر متكاثر. وتنسي الماضي الشرير وتمتد إلي ما هو قدام وتمارس الخير وخدمة الله.
“54 وابتدات سبع سني الجوع تاتي كما قال يوسف فكان جوع في جميع البلدان واما جميع ارض مصر فكان فيها خبز “
إن سلمنا حياتنا في يدي إلهنا وقت الشبع فإنه لن يتركنا جائعين وقت الشدة.
“1 فلما راى يعقوب انه يوجد قمح في مصر قال يعقوب لبنيه لماذا تنظرون بعضكم الى بعض “
فلما رأي يعقوب : لماذا لم يقل "إسرائيل" مع أن الله أسماه اسرائيل من قبل؟ لأن يعقوب هنا يمثل اليهود وليس شعب الله. هنا يعقوب هو أبو العشرة الذين سلموا يوسف وباعوه. رمزاً لليهود الذين صلبوا المسيح. والمجاعة التي حدثت ترمز للمجاعة الروحية التي ستحدث في نهاية الأيام "ثمنية القمح بدينار". ونزول الإخوة إلي مصر يشير لإيمان اليهود وإلي أنهم سوف يلجأون لكنيسة الأمم لتشبعهم بمعرفتها بالمسيح الحقيقي. وهكذا كل من باع المسيح بسبب خطية يفقد ما له ويحتاج مثل ما حدث مع الإبن الضال. لماذا تنظرون بعضكم إلي بعض؟ أنظرا ليوسف أي المسيح.
“2 وقال اني قد سمعت انه يوجد قمح في مصر انزلوا الى هناك واشتروا لنا من هناك لنحيا ولا نموت “
إنزلوا إلي هناك : فمتي نتقابل مع المسيح علينا أن نتواضع. واليهود إتسموا بالكبرياء.
“3 فنزل عشرة من اخوة يوسف ليشتروا قمحا من مصر “
فنزل عشرة : أيضاً حتي نتقابل مع المسيح علينا أن نلتزم بالوصايا العشرة. لقد سمح الله بالمجاعة لينزل هؤلاء المتكبرين إلي مصر ويتقابلوا مع يوسف (هذه خطة الله مع كل نفس حتي تتوب، أن يسمح ببعض التجارب فتشعر النفس بخطاياها وتتوب). ربما كان إخوة يوسف قد نسوا ما فعلوه بأخيهم وكان لو أن الله تركهم هكذا لهلكوا إذ لم يتوبوا عن هذه الخطية.
“6 وكان يوسف هو المسلط على الارض وهو البائع لكل شعب الارض فاتى اخوة يوسف وسجدوا له بوجوههم الى الارض “
لماذا ذهب الأخوة إلي يوسف ولم يذهبوا للموظفين؟ كان المصريين يتوجسون خيفة من كل من يأتي من الشرق خصوصاً الساميين لذلك أقاموا القلاع علي حدودهم. ولما وجد الموظفين أنهم عشرة رجال ظنوا أن كل منهم أي ممثلاً عن قبيلة ليتجسسوا الأرض كمقدمة لغزو الأرض، ولاحظ أن عبيدهم كانوا معهم فيصيروا عدد كبير.
“7 ولما نظر يوسف اخوته عرفهم فتنكر لهم وتكلم معهم بجفاء وقال لهم من اين جئتم فقالوا من ارض كنعان لنشتري طعاما 8 وعرف يوسف اخوته واما هم فلم يعرفوه “
كلمهم يوسف بحفاء
1. لأنه تذكر قسوتهم.
2. ليعرف أخبار أبيه وأخوه بنيامين فهو خاف أن يكونوا قد قتلوه هو أيضاً. فدبر الخطة التي سوف نراها ليأتي بأبيه وبنيامين.
“9 فتذكر يوسف الاحلام التي حلم عنهم وقال لهم جواسيس انتم لتروا عورة الارض جئتم “
لتروا عورة الأرض جئتم: أي تتعرفوا النقاط الضعيفة الحراسة حتي تهاجموها.
“11 نحن جميعنا بنو رجل واحد نحن امناء ليس عبيدك جواسيس “
بنو رجل واحد: هذا القول يدفع عنهم تهمة الجاسوسية. فهل يعقل أن رجل واحد يرسل كل أبنائه كجواسيس فيعرضهم للهلاك. وهل رجل واحد بأولاده سيهاجم مصر بجيوشها.
“15 بهذا تمتحنون وحياة فرعون لا تخرجون من هنا الا بمجيء اخيكم الصغير الى هنا “
يظهر تخطيط يوسف في أنه يريدهم أن يأتوا له ببنيامين.
“16 ارسلوا منكم واحدا ليجيء باخيكم وانتم تحبسون فيمتحن كلامكم هل عندكم صدق والا فوحيوة فرعون انكم لجواسيس “
سؤال يوسف عن بنيامين الإبن الأصغر إعلان أن المسيح يبحث عن أصغر نفس.
“24 فتحول عنهم وبكى ثم رجع اليهم وكلمهم واخذ منهم شمعون وقيده امام عيونهم “
بكي يوسف عند أول إعتراف بخطيتهم. أي تحركت مشاعره نحوهم بعد توبتهم.
لماذا قيد شمعون؟
1. ربما كان أعنفهم في إضطهاده ليوسف
2. وربما كان هو أقلهم شعوراً وتوبة وإحساساً بالندم وإستخفافاً بالموقف أمام يوسف الآن.
3. لتحريك مشاعر الأخرين بالتوبة والندم حتي يروا أخيهم مقيداً ومحبوساً. هي ضيقات كثيرة تحاصرهم حتي يذكروا ما صنعوه بأخيهم يوسف. وهذه الضيقات رمز للضيقات التي ستحدث لليهود في أخر الزمان لصلبهم المسيح. وقوله في 22:- هوذا دمه يطلب : هو بداية التوبة أو بداية الإيمان. وهكذا علينا أن ندين أنفسنا في كل ما يقع علينا من ألام.
“25 ثم امر يوسف ان تملا اوعيتهم قمحا وترد فضة كل واحد الى عدله وان يعطوا زادا للطريق ففعل لهم هكذا “
رد فضة كل واحد إشارة إلي أن عطايا المسيح مجانية. عدله : جواله (كيس كبير).
“27 فلما فتح احدهم عدله ليعطي عليقا لحماره في المنزل راى فضته واذا هي في فم عدله “
في المنزل : المقصود نزل أو فندق في الطريق. وكان عبارة عن غرفة تكون بجانب الأبار طول الطريق. وليس المقصود هنا منزل أبيه.
“ 36 فقال لهم يعقوب اعدمتموني الاولاد يوسف مفقود وشمعون مفقود وبنيامين تاخذونه صار كل هذا علي “
صار كل هذا علي : هل كان يعقوب يقول مثل هذا القول لو كان يعقوب يعلم خطة الله وأن ما حدث كان لإنقاذ حياته وحياة اولاده وحياة شعب بأكمله "كل الأمور تعمل معاً للخير".
“ 3 فكلمه يهوذا قائلا ان الرجل قد اشهد علينا قائلا لا ترون وجهي بدون ان يكون اخوكم معكم “
لا ترون وجهي بدون أن يكون أخوكم معكم = أخوكم أي بنيامين ومعني أسمه ابن اليمين فيوسف يمثل المسيح مرفوضاً ومعزولاً عن إخوته وبنيامين يمثل المسيح في مجده عن يمين الأب ونحن لا يمكننا أن نتلاقي مع المسيح إلا بمعرفتنا بكلاهما أي حين يلتقي يوسف مع بنيامين.
“9 انا اضمنه من يدي تطلبه ان لم اجئ به اليك واوقفه قدامك اصر مذنبا اليك كل الايام “
عرض يهوذا هنا عرض يمثل الفداء وهو عرض معقول أصر مذنباً إليك. أما عرض رأوبين فهو عرض وحشي غير مقبول فهل كان يعقوب سيقتل ولديه (37:42). هنا يهوذا أبو المسيح بالجسد يشير لعمل المسيح الفدائي.
“10 لاننا لو لم نتوان لكنا قد رجعنا الان مرتين “
لكنا رجعنا الأن مرتين : رفض يعقوب أن يرسل بنيامين كان السبب أنهم لم يذهبوا إلي مصر فإرتفع ثمن القمح مع المدة. وإذا كان يعقوب قد وافق علي إرسال بنيامين لكانوا قد ذهبوا في خلال هذه الفترة إلي مصر وإشتروا قمح بالثمن المنخفض مرتين.
“11 فقال لهم اسرائيل ابوهم ان كان هكذا فافعلوا هذا خذوا من افخر جنى الارض في اوعيتكم وانزلوا للرجل هدية قليلا من البلسان وقليلا من العسل وكثيراء ولاذنا وفستقا ولوزا “
كثيراء: نوع من الصمغ كان يستخدم في الطب وصنع المواد اللاصقة. وربما دعيت كثيراء لأنها عندما توضع في الماء يزداد حجمها. ولاذنا : نوع من اللبان (لادن) أفخر جني الأرض : في أصلها العبري أفخر غناء الأرض أي الثمار التي نسبح الله علي أنه أعطاها لنا. فالأرض حين تثمر تكون كأنها تغني وحين تبور تصبح كأنها تنوح (هو 3:4). وإذا كانت الأرض تشير للإنسان فحين يمتلئ من الروح القدس يكون له ثمار فيسبح (يغني). ولنتأمل ماذا كان يوجد في كنعان فستق ولوز ولادن…الخ هي أشياء ثمينة لكنها لا تغني عن الخبز ومهما كان في العالم من لذات فهو بدون المسيح الخبز الحقيقى هو عالم جائع مائت ويميت.
“14 والله القدير يعطيكم رحمة امام الرجل حتى يطلق لكم اخاكم الاخر وبنيامين وانا اذا عدمت الاولاد عدمتهم “
وأنا إذا عدمت الأولاد عدمتهم : أي يكون هذا أمر مقضي به أمام الرب فليكون حسب إرادته.
“15 فاخذ الرجال هذه الهدية واخذوا ضعف الفضة في اياديهم وبنيامين وقاموا ونزلوا الى مصر ووقفوا امام يوسف 16 فلما راى يوسف بنيامين معهم قال للذي على بيته ادخل الرجال الى البيت واذبح ذبيحة وهيئ لان الرجال ياكلون معي عند الظهر 17 ففعل الرجل كما قال يوسف وادخل الرجل الرجال الى بيت يوسف 18 فخاف الرجال اذ ادخلوا الى بيت يوسف وقالوا لسبب الفضة التي رجعت اولا في عدالنا نحن قد ادخلنا ليهجم علينا ويقع بنا وياخذنا عبيدا وحميرنا 19 فتقدموا الى الرجل الذي على بيت يوسف وكلموه في باب البيت 20 وقالوا استمع يا سيدي اننا قد نزلنا اولا لنشتري طعاما 21 وكان لما اتينا الى المنزل اننا فتحنا عدالنا واذا فضة كل واحد في فم عدله فضتنا بوزنها فقد رددناها في ايادينا 22 وانزلنا فضة اخرى في ايادينا لنشتري طعاما لا نعلم من وضع فضتنا في عدالنا “
كل محاولات يوسف مع إخوته (شدة / جفاء/ حبس / مأدبة طعام كما هنا /حجز أخيهم/ طلب بنيامين/ وضع الفضة ثم الطاس في عدالهم، كان لتحريك ضمائرهم للتوبة. وحين طلب يوسف إعداد مأدبة لهم كان يتكلم المصرية (آية 16) فلم يفهم إخوته لذلك حين ذهبوا لبيت يوسف خافوا وظنوا أنهم يعاقبونهم علي الفضة المسروقة فحاولوا تبرير موقفهم.
“23 فقال سلام لكم لا تخافوا الهكم واله ابيكم اعطاكم كنزا في عدالكم فضتكم وصلت الي ثم اخرج اليهم شمعون “
يبدو أن يوسف لقن الرجل هذا الكلام ليطمئن إخوته.
“29 فرفع عينيه ونظر بنيامين اخاه ابن امه وقال اهذا اخوكم الصغير الذي قلتم لي عنه ثم قال الله ينعم عليك يا ابني “
كان يوسف قد ترك بنيامين وعمره 8 سنوات وها هو الأن عمره حوالي 30 سنة.
“32 فقدموا له وحده ولهم وحدهم وللمصريين الاكلين عنده وحدهم لان المصريين لا يقدرون ان ياكلوا طعاما مع العبرانيين لانه رجس عند المصريين “
كان المصريين يعتبرون أن الأكل مع الغرباء رجس.
1. فالغرباء يأكلون من لحوم ذبائح تعتبر مقدسة عند المصريين .
2. هم يحتقرون الرعاة لأن منهم الهكسوس.
3. هم لا يحبون الغرباء عموماً حتي أنهم كانوا يمتنعون عن أن يستعملوا سكيناً إستعملها يوناني من قبل لعله ذبح بها أحد حيواناتهم المقدسة لذلك كان ليوسف مائدة لمستواه الرفيع وكان لكل من اليهود والمصريين مائدة، كل علي حدة. ولكن من ناحية أخري فإجتماع الجميع مع يوسف ليأكلوا فيه رمز للمسيح الذي جمع اليهود والأمم حول مائدة واحدة.
وعدم معرفة الأخوة ليوسف تشير لأن اليهود قد أغلقت عيونهم عن أن يعرفوا المسيح بسبب قساوة قلوبهم. "لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد 1كو 8:2. وكان الإخوة لم يعرفوا يوسف فهو زاد في العمر حوالي 22 سنة بالإضافة لهيبته ومجده وملابسه ولغته المصرية.
" 34 ورفع حصصا من قدامه اليهم فكانت حصة بنيامين اكثر من حصص جميعهم خمسة اضعاف وشربوا ورووا معه "
خمسة أضعاف : رقم 5 هو رقم النعمة. فالمسيح يشبعنا من نعمته مجاناً.
ملحوظة:
دخول الأخوة بيت يوسف : دخولنا للكنيسة. والماء لغسل الأرجل = معمودية ثم توبة مستمرة والجلوس علي
مائدة يوسف : سر الإفخارستيا (اية 24).
" 2 وطاسي طاس الفضة تضع في فم عدل الصغير وثمن قمحه ففعل بحسب كلام يوسف الذي تكلم به "
طاس الفضة : هو كأس يستخدم في الشرب وكان بعض الأمم يتفاءلون بهذا الكأس فكانوا يلقون عملة أو خاتم فيه ويتأملون عند الفقاقيع التي تظهر وإتجاهاتها وعلي حسب هذا يحددون المستقبل (وهذه العادة مازالت موجودة في مصر مع من يدعي معرفة المستقبل من فنجان القهوة) وكان البعض يستخدم الكأس لإستجلاب النوم خلال التأمل المستمر والعميق في الفقاقيع التي تظهر فيه، حيث يعطي ذلك للإنسان شيئاً من النوم. وهذه العادات الوثنية هي التي يعنيها القول هنا في آية 5: يتفاءل به. ومن المؤكد فإن يوسف الطاهر النقي، خائف الله لا يمكن أن يعني هذا حرفياً. بل كما قلنا هي خطة لإرجاعهم ثانية.
" 6 فادركهم وقال لهم هذا الكلام 7 فقالوا له لماذا يتكلم سيدي مثل هذا الكلام حاشا لعبيدك ان يفعلوا مثل هذا الامر 8 هوذا الفضة التي وجدنا في افواه عدالنا رددناها اليك من ارض كنعان فكيف نسرق من بيت سيدك فضة او ذهبا 9 الذي يوجد معه من عبيدك يموت ونحن ايضا نكون عبيدا لسيدي 10 فقال نعم الان بحسب كلامكم هكذا يكون الذي يوجد معه يكون لي عبدا واما انتم فتكونون ابرياء 11 فاستعجلوا وانزلوا كل واحد عدله الى الارض وفتحوا كل واحد عدله 12 ففتش مبتدئا من الكبير حتى انتهى الى الصغير فوجد الطاس في عدل بنيامين 13 فمزقوا ثيابهم وحمل كل واحد على حماره ورجعوا الى المدينة "
لقد نجحت الخطة وهاهم يعودوا إليه.
" 16 فقال يهوذا ماذا نقول لسيدي ماذا نتكلم وبماذا نتبرر الله قد وجد اثم عبيدك ها نحن عبيد لسيدي نحن والذي وجد الطاس في يده جميعا "
الله وجد إثم عبيدك : هنا يظهر نجاح خطة يوسف فهاهم شعروا بخطيتهم وإعترفوا علناً. لقد تغير قلبهم ومزقوا ثيابهم ورجعوا في مرارة.
" 20 فقلنا لسيدي لنا اب شيخ وابن شيخوخة صغير مات اخوه وبقي هو وحده لامه وابوه يحبه 21 فقلت لعبيدك انزلوا به الي فاجعل نظري عليه 22 فقلنا لسيدي لا يقدر الغلام ان يترك اباه وان ترك اباه يموت 23 فقلت لعبيدك ان لم ينزل اخوكم الصغير معكم لا تعودوا تنظرون وجهي 24 فكان لما صعدنا الى عبدك ابي اننا اخبرناه بكلام سيدي 25 ثم قال ابونا ارجعوا اشتروا لنا قليلا من الطعام 26 فقلنا لا نقدر ان ننزل وانما اذا كان اخونا الصغير معنا ننزل لاننا لا نقدر ان ننظر وجه الرجل واخونا الصغير ليس معنا 27 فقال لنا عبدك ابي انتم تعلمون ان امراتي ولدت لي اثنين 28 فخرج الواحد من عندي وقلت انما هو قد افترس افتراسا ولم انظره الى الان "
مات أخوه… إفترس إفتراساً : يبدو أنه من تكرارهم لهذه الكذبة صدقوها. لكن لماذا إختار يوسف عدل بنيامين ليضع فيه الطاس؟ يوسف أراد أن يختبرهم هل تابوا حقاً وهل هم يحبون بنيامين. لأنه لو كانوا كما كانوا في وحشيتهم السابقة ووجدوا أن يوسف يريد أن يلقي القبض علي بنيامين وحده كسارق لكانوا قد تركوه للرجال وهربوا هم لكنهم لم يفعلوا، بل عادوا علامة صدق توبتهم فإستحقوا أن يعلن لهم يوسف نفسه.
وإذا كانت الكأس قد أعادت الأخوة إلي يوسف فكأس الألام التي شربها الرب أعادتنا إليه.
" 33 فالان ليمكث عبدك عوضا عن الغلام عبدا لسيدي ويصعد الغلام مع اخوته "
هنا يهوذا كجسد للمسيح يرمز له في فدائه فهو يضع نفسه عن أخوه المتهم بالسرقة.
" 1 فلم يستطع يوسف ان يضبط نفسه لدى جميع الواقفين عنده فصرخ اخرجوا كل انسان عني فلم يقف احد عنده حين عرف يوسف اخوته بنفسه 2 فاطلق صوته بالبكاء فسمع المصريون وسمع بيت فرعون 3 وقال يوسف لاخوته انا يوسف احي ابي بعد فلم يستطع اخوته ان يجيبوه لانهم ارتاعوا منه "
لقد أخرج يوسف المصريين من عنده حتي لا يعرفوا مؤامرة الأخوة ضده فيسقطوا في نظر المصريين. وهذا يشير لله الذي يستر علينا ويغطي ضعفاتنا. وقول يوسف أنا يوسف = هو قول المسيح أنا هو لا تخافوا. وبكاء يوسف هي عواطف الأب عند رجوع إبنه الضال (لو 20:15). قد يكتمها أحياناً ولكن من المؤكد أنه سيعلنها يوماً للتائب.
وإعلان يوسف نفسه لإخوته دون المصريين يشير لأن المسيح سيعلن نفسه في القيامة لشعبه ولأحبائه فقط، فبينما أن كثيرين شهدوا الصلب فلم يراه في قيامته سوي التلاميذ وأحبائه. فسمع المصريون : هم كانوا كالحراس علي قبر المسيح فهم أحسوا بالزلزلة وشاهدوا بهاء شديداً لكنهم لم يفهموا سر القيامة. وهذا ما حدث مع شاول الطرسوسى فهو وحده سمع صوت المسيح ورآه.
" 5 والان لا تتاسفوا ولا تغتاظوا لانكم بعتموني الى هنا لانه لاستبقاء حياة ارسلني الله قدامكم "
نلاحظ هنا رقة مشاعر يوسف فهو لا يعاتب ولا يلوم. هم إرتاعوا منه وخافوا من إنتقامه وهو في مجده هذا. لكن كل ما قاله لهم تقدموا إليَ. فالخطية تبعدنا عن المسيح لكننا دائما صوته يدعونا أن نقترب. ولاحظ شعور يوسف بأن الله ضابط الكل وهو في حضرته دائما فهو يشهد لله أمام فرعون ويخاف الله أمام زوجة فوطيفار والأن يشعر أن كل الأمور هي بسماح من الله = أرسلني الله. فالله في نظر يوسف هو ضابط الكل. يدبر كل الأمور معاً للخير.
" 8 فالان ليس انتم ارسلتموني الى هنا بل الله وهو قد جعلني ابا لفرعون وسيدا لكل بيته ومتسلطا على كل ارض مصر "
أباً لفرعون : كان رئيس الوزراء أو الوزير الأول عند المصريين وملوك فارس والعرب والرومان والفينيقيين يسمي أب للملك فالملك يترك له تدبير كل الأمور كما يسلم الإبن كل شئ لأبيه وهكذا صار المسيح أبا لكل ملوك الأرض.
" 9 اسرعوا واصعدوا الى ابي وقولوا له هكذا يقول ابنك يوسف قد جعلني الله سيدا لكل مصر انزل الي لا تقف "
أسرعوا أصعدوا : المجاعة القادمة لا تترك وقتا للتهاون. ونحن هل نتوب سريعاً.
" 10 فتسكن في ارض جاسان وتكون قريبا مني انت وبنوك وبنو بنيك وغنمك وبقرك وكل ما لك "
أرض جاسان : شمال شرق الدلتا، ومكانها الأن محافظة الشرقية وتسمي أرض رعمسيس (تك 11:47) وهي من أجود الأراضي للرعي.
" 13 وتخبرون ابي بكل مجدي في مصر وبكل ما رايتم وتستعجلون وتنزلون بابي الى هنا "
هو يستعجل مجئ أبيه وإخوته لمصر ليتمتعوا بمجده والمسيح هكذا أيضاً يو 22:17.
" 17 فقال فرعون ليوسف قل لاخوتك افعلوا هذا حملوا دوابكم وانطلقوا اذهبوا الى ارض كنعان 18 وخذوا اباكم وبيوتكم وتعالوا الي فاعطيكم خيرات ارض مصر وتاكلوا دسم الارض 19 فانت قد امرت افعلوا هذا خذوا لكم من ارض مصر عجلات لاولادكم ونسائكم واحملوا اباكم وتعالوا 20 ولا تحزن عيونكم على اثاثكم لان خيرات جميع ارض مصر لكم "
كان الكل يحب يوسف. ولذلك كان فرعون كريماً جداً معه ومع عائلته. ودسم الأرض هو أسرار ملكوت الله وفيض غني السماء الذي صار لنا من قبل الله خلال المسيح (ورمزه يوسف) لا تحزن عيونكم علي أثاثكم : بالإيمان علينا ان نتخلي عن كل شئ فما أعده الله لنا من أمجاد سماوية لا يقاس بما نتركه هنا من تراب في الأرض مهما كان ذهباً أو فضة فالكل زائل.
" 21 ففعل بنو اسرائيل هكذا واعطاهم يوسف عجلات بحسب امر فرعون واعطاهم زادا للطريق "
عجلات : هي أعمال الروح القدس في حياة الكنيسة، التي هي عجلات الهية قادرة أن ترفعنا إلي حضن الأب.
" 22 واعطى كل واحد منهم حلل ثياب واما بنيامين فاعطاه ثلاث مئة من الفضة وخمس حلل ثياب "
حلل ثياب : الإتحاد بالمسيح فيصير لنا كثوب يسترنا أبدياً. 300 من الفضة = رقم 300 في اليونانية T كعلامة الصليب والفضة ترمز للكفارة. وهذا ما أعطاه لنا المسيح كفارة علي الصليب خمس حلل ثياب = بنعمته كسانا برداء بره. وعلينا أن نشترك في صليبه وألامه وهذا معني أنه يعطي لأخيه 300 فضة. وإذا فعلنا وصلبنا الأهواء مع الشهوات نلبس ثوب بره.
" 23 وارسل لابيه هكذا عشرة حمير حاملة من خيرات مصر وعشر اتن حاملة حنطة وخبزا وطعاما لابيه لاجل الطريق "
كل ما أرسله هو طعام للطريق حتي يصل الركب إلي أرض المجد. وهذا ما فعله المسيح إذ أن كل ما أعطاه لنا هو عربون وزاد للطريق حتي نصل إلي الأمجاد السماوية.
" 24 ثم صرف اخوته فانطلقوا وقال لهم لا تتغاضبوا في الطريق "
هو خشي أن يلقي كل واحد منهم اللوم علي الأخر في موضوع يوسف وبيعه للإسماعيليين والأن ليس وقت عتاب لكن عليهم بالإسراع والعودة مع أبيهم وبيوتهم حتي لا تدركهم المجاعة.
“25 فصعدوا من مصر وجاءوا الى ارض كنعان الى يعقوب ابيهم 26 واخبروه قائلين يوسف حي بعد وهو متسلط على كل ارض مصر فجمد قلبه لانه لم يصدقهم 27 ثم كلموه بكل كلام يوسف الذي كلمهم به وابصر العجلات التي ارسلها يوسف لتحمله فعاشت روح يعقوب ابيهم 28 فقال اسرائيل كفى يوسف ابني حي بعد اذهب واراه قبل ان اموت “
كان الموقف أكبر من أن يحتمله قلب الشيخ يعقوب حتي خيل إليه أن قلبه قد توقف عن النبض. لم ينشغل يعقوب بالمركبات ولا مجد يوسف بل بأن يوسف أبنه حي. هو يطبق قول المرتل "من لي في المساء، ومعك لا أريد شيئاً في الأرض" مز 25:73. ونلاحظ عودة إسم إسرائيل إلي يعقوب (أية 28) حين أدرك أن ابنه يوسف حي، حين عاشت روحه، هي حياة وقيامة مع المسيح
إذا أسم يعقوب يشير للكنيسة قبل المسيح
وإسم إسرائيل يشير للكنيسة بعد قيامة المسيح
هو يشير للكنيسة المقامة في المسيح
ولكن لماذا لم يتصل يوسف بيعقوب كل هذه المدة فيدفع يعقوب فديته ويحرره من العبودية لفوطيفار، "ربما خاف من إخوته حتي لا يجدوا وسيلة أخري لقتله. ولماذا لم يتصل به بعد أن تملك؟ هو تدبير الله حتي يأتي ملء الزمان أي يكمل عمل الله في كل النواحي.
“1 فارتحل اسرائيل وكل ما كان له واتى الى بئر سبع وذبح ذبائح لاله ابيه اسحق 2 فكلم الله اسرائيل في رؤى الليل وقال يعقوب يعقوب فقال هانذا 3 فقال انا الله اله ابيك لا تخف من النزول الى مصر لاني اجعلك امة عظيمة هناك 4 انا انزل معك الى مصر وانا اصعدك ايضا ويضع يوسف يده على عينيك “
بقدر إشتياق يعقوب إن يري أبنه يوسف إلا أنه لم ينزل إلي مصر إلا بعد أن استشار الله فهو يعلم أن الله إختار لهم كنعان أرضاً لهم وهو يعلم أيضاً أن الله قد رفض نزول إسحق إلي مصر في مجاعة مماثلة ولم يكن الله سعيداً بنزول إبراهيم إلي مصر أيضاً بسبب مجاعة. وقد ذهب يعقوب إلي بئر سبع المكان المقدس الذي ظهر الله فيها لإبراهيم ثم لإسحق.
خصوصاً أن بئر سبع في الطريق إلي مصر. ولقد نزل يعقوب إلي مصر وسنه 130 سنة بعد حوالي 215 سنة من الوعد لإبراهيم 1:12-4 في السنة 2298 للعالم وقبل المسيح بـ 1706 سنة. ولقد نزل بعد أن طمأنه الله من جهة نزوله إلي مصر. وكانت هذه الرؤيا هي الرؤيا الأخيرة ليعقوب ولم يظهر الله لأحد فيما بعد إلا لموسي في العليقة. فهو ظهر ليعقوب لأخر مرة عند النزول إلي مصر وظهر لموسي بعد ذلك عند الخروج من مصر. وإذا كانت مصر تمثل أرض العبودية وفرعون يمثل الشيطان فقول الله لا تخف… أنا أنزل معك : قوله لنا لا تخافوا من الصراع مع الشيطان فأنا معكم. أنا نزلت إليكم لأصارع معكم فبدوني لا تقدروا أن تفعلوا شيئاً. وأنا أصعد معك أيضاً : هذه إذا صورة لنزول الله إلي هذا العالم ونموه في الأمة العظيمة أي في الكنيسة التي تضم الأمم وصعوده إلي الأب. ولماذا ناداه الله يعقوب يعقوب ولم يناديه إسرائيل؟ يعقوب هنا يمثل أدم الأول الذي نزل إلي العالم كما نزل يعقوب إلي مصر. وآدم نزل إلي العالم في معركة مع إبليس. ولكن نزل الله معه ليسحق الله رأس الحية تحت قدميه واهباً إياه الغلبة والنصرة، ليصعد معه رافعاً إياه من الجحيم إلي فردوسه السماوي. وقول المسيح للص اليمين "اليوم تكون معي في الفردوس" هذا القول موجه لنا جميعاً نحن الذين نزل المسيح ليصعدنا معه.
لأني أجعلك أمة عظيمة هناك = وحقاً لقد بارك الله الشعب في مصر فصاروا ما بين 2-3 مليون نسمة وكان لهم خشية عند المصريين. لقد صاروا أمة عظيمة ثم صعد بهم من مصر. ويضع يوسف يديه علي عينيك = هي عادة سائدة أن يغمض أعز الأقرباء عيني المتوفي. ولقد نال يعقوب هذه المواعيد عند بئر سبع (البئر تشير للمعمودية)
“8 وهذه اسماء بني اسرائيل الذين جاءوا الى مصر يعقوب وبنوه بكر يعقوب راوبين 9 وبنو راوبين حنوك وفلو وحصرون وكرمي 10 وبنو شمعون يموئيل ويامين واوهد وياكين وصوحر وشاول ابن الكنعانية 11 وبنو لاوي جرشون وقهات ومراري 12 وبنو يهوذا عير واونان وشيلة وفارص وزارح واما عير واونان فماتا في ارض كنعان وكان ابنا فارص حصرون وحامول 13 وبنو يساكر تولاع وفوة ويوب وشمرون 14 وبنو زبولون سارد وايلون وياحلئيل 15 هؤلاء بنو ليئة الذين ولدتهم ليعقوب في فدان ارام مع دينة ابنته جميع نفوس بنيه وبناته ثلاث وثلاثون 16 وبنو جاد صفيون وحجي وشوني واصبون وعيري وارودي وارئيلي 17 وبنو اشير يمنة ويشوة ويشوي وبريعة وسارح هي اختهم وابنا بريعة حابر وملكيئيل 18 هؤلاء بنو زلفة التي اعطاها لابان لليئة ابنته فولدت هؤلاء ليعقوب ست عشرة نفسا 19 ابنا راحيل امراة يعقوب يوسف وبنيامين 20 وولد ليوسف في ارض مصر منسى وافرايم اللذان ولدتهما له اسنات بنت فوطي فارع كاهن او 21 وبنو بنيامين بالع وباكر واشبيل وجيرا ونعمان وايحي وروش ومفيم وحفيم وارد 22 هؤلاء بنو راحيل الذين ولدوا ليعقوب جميع النفوس اربع عشرة 23 وابن دان حوشيم 24 وبنو نفتالي ياحصئيل وجوني ويصر وشليم 25 هؤلاء بنو بلهة التي اعطاها لابان لراحيل ابنته فولدت هؤلاء ليعقوب جميع الانفس سبع 26 جميع النفوس ليعقوب التي اتت الى مصر الخارجة من صلبه ما عدا نساء بني يعقوب جميع النفوس ست وستون نفسا 27 وابنا يوسف اللذان ولدا له في مصر نفسان جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت الى مصر سبعون “
أعداد بني إسرائيل حسب النسخة العبرية التي بين أيدينا
رأوبين وأولاده =5 شمعون واولاده=7 لاوي وأولاده=4
يهوذا وأبنه شيلة + فارص وأبنيه حصرون وحامول + زارح = 6
يساكر وأولاده = 5 زبولون واولاده=4 يعقوب ودينة = 2
المجموعة الأولي أي يعقوب مع اولاد ليئة = 33 نفس
بنو زلفة جاد وأولاده وأشير وأولاده = 16 نفس وهذه هي المجموعة الثانية
أولاد راحيل يوسف وأولاده =3 وبنيامين وأولاده =11 المجموعة الثالثة =14 نفس
أولاد بلهة دان وابنه =2 نفتالي وأولاده = 5 المجموعة الرابعة = 7 أنفس
فيكون جميع الأنفس 33+16+14+7= 70 نفس
ويكون عدد الأنفس بدون يعقوب ويوسف وإبنيه = 66 نفس لأن يوسف وأبنيه كانوا في مصر ولم ينزلوا إليها مع يعقوب. ولذلك يقال جميع الأنفس ليعقوب التي أتت إلي مصر ست وستون نفساً (أية 26)
وقد وردت هذه القوائم، قوائم الأسباط في1 أي 4-8 + عد 26 مع بعض الإختلافات وهذه الأختلافات راجعة للأسباب الأتية
يوجد للشخص الواحد عدة أسماء، أو قد ينطق الاسم الواحد بعدة طرق.
في بعض الأحيان يطلق علي الأحفاد بنون. وربما أضيفت اسماء بعض الأحفاد الذين ولدوا في مصر خلال فترة حياة يعقوب في مصر وهي 17 سنة. ومثال لهذا أولاد فارص فهؤلاء غالباً ولدوا في مصر.
ربما أسقطت بعض الأسماء لموتهم أو شرورهم أو لأنهم لم يتركوا أولاداً
+ وقد ذكر القديس الشهيد اسطفانوس أن عدد عشيرة يعقوب 75 نفس!!
(راجع أع 14:7) وهناك تفسيرين لهذا:
1. ورد في السبعينية أن هناك 5 أحفاد ليوسف واضيفت أسمائهم في الأية 20 في هذا الإصحاح مع اولاد يوسف. وهم ماكير من منسي وجلعاد بن ماكير وسوتلام وتام إبناء إفرايم وأدوم ابن سوتلام. وإسطفانوس حين كان يتكلم كانت عينه علي النسخة السبعينية فأضاف الخمسة أحفاد إلي الـ 70 نفساً ليصبحوا 75 نفس.
2. هناك طوائف لا تعترف بالنسخة السبعينية وهؤلاء لهم تصور آخر لحل المشكلة فهم يضيفوا علي الـ 66 نفس عدد زوجات الأخوة وهم 9 (لأن زوجة يهوذا ذكر أنها ماتت في ص 38. وغالباً فشمعون زوجته ماتت لأنه أنجب شاول من كنعانية فيصبح العدد 66+9 : 75. لكن هذا الحل واضح فيه أنه غير منطقي ويكون الحل الأول هو المعقول خصوصاً وأن كنيستنا تعتمد النسخة السبعينية، بل أن كتاب العهد الجديد الإنجيليين والرسل إعتمدوها وكانت إقتباساتهم من النسخة السبعينية.
" 28 فارسل يهوذا امامه الى يوسف ليري الطريق امامه الى جاسان ثم جاءوا الى ارض جاسان 29 فشد يوسف مركبته وصعد لاستقبال اسرائيل ابيه الى جاسان ولما ظهر له وقع على عنقه وبكى على عنقه زمانا 30 فقال اسرائيل ليوسف اموت الان بعدما رايت وجهك انك حي بعد "
أرسل يعقوب إبنه يهوذا إلي يوسف لكي يدلهم علي الطريق إلي جاسان، ويدبر لهم أمر نزولهم فيها. فإن كان يعقوب يمثل الكنيسة ويهوذا هو جد المسيح بالجسد. فيكون المعني أن المسيح هو الذي يقود الكنيسة في أرض غربتها. بل هو الطريق لها.
أموت الأن بعد ما رأيت وجهك : لأن رؤياك هي كل ما كنت أتمني من السعادة في هذا العالم ولم يبقي لي في الحياة أي فرح آخر أكثر من هذا. وكل نفس تتقابل مع المسيح تقول مع بولس "لي إشتهاء أن أنطلق" وتقول مع سمعان الشيخ "الأن يا سيدي إطلق عبدك بسلام"
" 31 ثم قال يوسف لاخوته ولبيت ابيه اصعد واخبر فرعون واقول له اخوتي وبيت ابي الذين في ارض كنعان جاءوا الي 32 والرجال رعاة غنم فانهم كانوا اهل مواش وقد جاءوا بغنمهم وبقرهم وكل ما لهم 33 فيكون اذا دعاكم فرعون وقال ما صناعتكم 34 ان تقولوا عبيدك اهل مواش منذ صبانا الى الان نحن واباؤنا جميعا لكي تسكنوا في ارض جاسان لان كل راعي غنم رجس للمصريين "
لماذا أختيرت جاسان لسكن بني أسرائيل؟
1. ليكونوا في شمال شرق مصر، أقرب ما يمكن لأرض كنعان. كأن الله أرشد يوسف لهذا ليكون الشعب طوال مدة غربتهم التي طالت لأكثر من 200 سنة لهم القلب المهيأ للرحيل إلي كنعان فالله أعطاهم كنعان ميراثاً.
2. كانوا في جاسان منعزلين عن المصريين. فلا يتعرضون لإزدرائهم ومضايقاتهم. فشعب مصر شعب وثني يقدس الأغنام، وبعض الحيوانات التي يذبحها الشعب. بالإضافة لكراهية المصريين للهكسوس والغرباء، لذلك كانوا يعتبرون رعاية الغنم رجس.
3. هذه الأرض صالحة لهم فهي أرض مراع وهم رعاة.
4. بإعتزالهم في جاسان لن يتأثروا بالعبادات الوثنية بقدر المستطاع.
5. كثافة المصريين في أرض جاسان قليلة فهي أرض مراعٍ.
6. بهذه الطريقة لن يذوبوا ويختلطوا بالعائلات المصرية فيختلط النسل المقدس مع الشعب الوثني ويتزاوجوا معهم.
7. حتي يمارسوا شعائرهم الدينية (بما فيها الذبائح) بحرية ودون مضايقات.
لم يخجل يوسف من أبيه وأخوته، بل إنطلق بمركبته ليلتقي بهم وأسرع لفرعون يخبره بمجيئهم.
" 2 واخذ من جملة اخوته خمسة رجال واوقفهم امام فرعون "
أخذ… خمسة رجال: كممثلين عن إخوته. وربما رقم "5" يمثل شيئاً عند المصريين.
" 4 وقالوا لفرعون جئنا لنتغرب في الارض اذ ليس لغنم عبيدك مرعى لان الجوع شديد في ارض كنعان فالان ليسكن عبيدك في ارض جاسان "
جئنا لنتغرب: فشعور الغربة لا يفارقهم لإيمانهم بوعد الله أن كنعان هي أرضهم.
" 7 ثم ادخل يوسف يعقوب اباه واوقفه امام فرعون وبارك يعقوب فرعون "
وبارك يعقوب فرعون : لقد شعر فرعون بمهابة هذا الرجل فطلب بركته مرتين (راجع أية 10) هنا نري تطبيق لما قاله بولس الرسول كمجهولين ونحن معروفون… كفقراء ونحن نغني كثيرين 2 كو 10،9:6.
" 8 فقال فرعون ليعقوب كم هي ايام سني حياتك 9 فقال يعقوب لفرعون ايام سني غربتي مئة وثلاثون سنة قليلة وردية كانت ايام سني حياتي ولم تبلغ الى ايام سني حياة ابائي في ايام غربتهم "
كم هي أيام سني حياتك…. أيام سني غربتي. لاحظ شعور يعقوب بالغربة ولاحظ تقدير العمر بالأيام فهو قليل مهما كان كثيراً. "بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل" وأيام يعقوب بحسب تقديره كانت ردية : كانت بلا راحة بل سلسلة من المتاعب فهو تألم من عيسو العنيف وهرب إلي خاله لابان وخدمه خدمة شاقة مضنية (40:21) وقد خدعه خاله 10 مرات وعاش في رعب من إنتقام عيسو. ثم عاني من خلع فخذه ثم كدره إبناه شمعون ولاوي وأبنته دينة. وماتت راحيل زوجته المحبوبة وخانه رأوبين مع زوجته وخدع في قصة يوسف ثم أرادوا أخذ بنيامين إلي مصر وحجز شمعون عند يوسف. لقد تألم يعقوب كثيراً ولكنه بارك فرعون مرتين وكأن الألام لم تزده إلا بركة.
" 11 فاسكن يوسف اباه واخوته واعطاهم ملكا في ارض مصر في افضل الارض في ارض رعمسيس كما امر فرعون 12 وعال يوسف اباه واخوته وكل بيت ابيه بطعام على حسب الاولاد "
أرض رعمسيس : هي جزء من أرض جاسان (غالبا صان الحجر حالياً) وبني فيها العبرانيون لفرعون مدينة رعمسيس (خر 11:1). وأعطاهم ملكا في أرض مصر : إشارة للمسيح الذي أعطي كنيسته أن تملك روحياً، أي يستطيع الأنسان إن يضبط شهواته. وسكن الشعب في مصر إشارة أيضا لإنتشار الإيمان وسط الأمم خصوصاً أنه كان بموافقة الملك.
" 13 ولم يكن خبز في كل الارض لان الجوع كان شديدا جدا فخورت ارض مصر وارض كنعان من اجل الجوع 14 فجمع يوسف كل الفضة الموجودة في ارض مصر وفي ارض كنعان بالقمح الذي اشتروا وجاء يوسف بالفضة الى بيت فرعون 15 فلما فرغت الفضة من ارض مصر ومن ارض كنعان اتى جميع المصريين الى يوسف قائلين اعطنا خبزا فلماذا نموت قدامك لان ليس فضة ايضا 16 فقال يوسف هاتوا مواشيكم فاعطيكم بمواشيكم ان لم يكن فضة ايضا 17 فجاءوا بمواشيهم الى يوسف فاعطاهم يوسف خبزا بالخيل وبمواشي الغنم والبقر وبالحمير فقاتهم بالخبز تلك السنة بدل جميع مواشيهم 18 ولما تمت تلك السنة اتوا اليه في السنة الثانية وقالوا له لا نخفي عن سيدي انه اذ قد فرغت الفضة ومواشي البهائم عند سيدي لم يبق قدام سيدي الا اجسادنا وارضنا 19 لماذا نموت امام عينيك نحن وارضنا جميعا اشترنا وارضنا بالخبز فنصير نحن وارضنا عبيدا لفرعون واعط بذارا لنحيا ولا نموت ولا تصير ارضنا قفرا 20 فاشترى يوسف كل ارض مصر لفرعون اذ باع المصريون كل واحد حقله لان الجوع اشتد عليهم فصارت الارض لفرعون 21 واما الشعب فنقلهم الى المدن من اقصى حد مصر الى اقصاه 22 الا ان ارض الكهنة لم يشترها اذ كانت للكهنة فريضة من قبل فرعون فاكلوا فريضتهم التي اعطاهم فرعون لذلك لم يبيعوا ارضهم 23 فقال يوسف للشعب اني قد اشتريتكم اليوم وارضكم لفرعون هوذا لكم بذار فتزرعون الارض 24 ويكون عند الغلة انكم تعطون خمسا لفرعون والاربعة الاجزاء تكون لكم بذارا للحقل وطعاما لكم ولمن في بيوتكم وطعاما لاولادكم 25 فقالوا احييتنا ليتنا نجد نعمة في عيني سيدي فنكون عبيدا لفرعون 26 فجعلها يوسف فرضا على ارض مصر الى هذا اليوم لفرعون الخمس الا ان ارض الكهنة وحدهم لم تصر لفرعون "
هذه الأحداث غالباً حدثت في السنتين الأخيرتين للمجاعة حيث إشتد الجوع فنقلهم يوسف إلي المدن (21) حيث مخازن الحبوب. وهنا نجد أن المصريين قدموا لفرعون أولا فضتهم ثم مواشيهم فأجسادهم وأرضهم. أي إستعبدوا له بالكامل وهناك عدة تأملات فيما حدث في هذه الأيات
1. هنا يوسف يشير للسيد المسيح الذي أنقذنا من الجوع وإشترانا ومالنا لله الآب "لأنك ذبحت وإشتريتنا لله رؤ 9:5". ولاحظ أن المصريين كانوا يعطون أنفسهم بفرح ليوسف ولفرعون ليحيوا فهو أنقذ حياتهم، وهكذا ينبغي أن نصنع فنسلم أنفسنا لله بفرح.
2. الـ 5/1 لفرعون. ورقم 5 هو رقم النعمة 5= 4+1 (الخليقة + الله) فالله من نعمته أعطي الأرض للإنسان. فالكل له وهو يعطي بسخاء من نعمته ولا يطلب سوي العشور.
3. أرض الكهنة لم يشترها. إذ كانت للكهنة فريضة من قبل فرعون : والله يقول لكهنته أنا نصيبك لا 20:18.
4. من ناحية أخري نري أن المصريين إستعبدوا أنفسهم بأنفسهم لفرعون. فإذا نظرنا لفرعون علي أنه رمز للشيطان فنجد هنا مثالاً لمن يستعبد نفسه للشيطان وهذا يبيع بالتدريج:
أ. الفضة: فقدان كلام الله والإنفصال عنه فالفضة تشير لكلام الله.
ب. المواشي: بيع الحواس للشيطان.
ج. الأجساد: هذا يمثل الإستعباد الكامل له.
ولو لاحظنا أن فرعون قد إستعبد شعب إسرائيل بعد ذلك، لكن كان هذا دون رغبتهم. لذلك من سقط دون رغبته يرسل الله له مخلصاً يحرره هو موسي.
" 29 ولما قربت ايام اسرائيل ان يموت دعا ابنه يوسف وقال له ان كنت قد وجدت نعمة في عينيك فضع يدك تحت فخذي واصنع معي معروفا وامانة لا تدفني في مصر "
لا تدفنني في مصر… بل أضطجع مع أبائي (30) : لقد عاش يعقوب في مصر لكن قلبه كان في كنعان مع الله الذي وعده بكنعان. وهذا يعني إهتمامه بقيامة جسده وثقته في مواعيد الله. وعلينا وإن عشنا في غربة العالم أن تكون إشتياقاتنا هناك في السماء حيث أبونا السماوي.
" 31 فقال احلف لي فحلف له فسجد اسرائيل على راس السرير "
علي رأس السرير : السرير أو الفراش بالعبرية Mittah والعصا Mattah وفي العبرية تكتب من ثلاث حروف م ت هـ أو M T H مع تغيير النقط فوق الحروف. ووضع النقط فوق الحروف شئ جديد لم يكن مستعملاً من قديم. لذلك فكلمة سريره تقرأ عصاه. وهكذا فعلت السبعينية وقرأت الآية علي رأس عصاه. وعصا يوسف تمثل صولجانه وسيادته[3] ورئاسته. ولو فهمنا أن يعقوب رمز للكنيسة ويوسف يرمز للمسيح وعصا يوسف للصليب فهذا الموقف يشير لسجود الكنيسة للصليب الذي به الخلاص. هذا السجود هو إعتراف بمراحم الله. وما فعله يعقوب بسجوده هو إعتراف يعقوب بإحسانات الله له ولإبنه يوسف. ويعقوب يشكر يوسف لأنه سيعيد جسده لكنعان. ونحن نسجد للمسيح الذي بصليبه أعادنا أو سيعيدنا إلي كنعان السماوية. (عب 21:11).
" 1 وحدث بعد هذه الامور انه قيل ليوسف هوذا ابوك مريض فاخذ معه ابنيه منسى وافرايم 2 فاخبر يعقوب وقيل له هوذا ابنك يوسف قادم اليك فتشدد اسرائيل وجلس على السرير "
يوسف يريد بركة أبيه لإبنيه كما بارك إسحق أبنه يعقوب. فيكون لهما رجاء في الخلاص.
" 3 وقال يعقوب ليوسف الله القادر على كل شيء ظهر لي في لوز في ارض كنعان وباركني "
إشارة يعقوب لظهور الله له في لوز معناه أن كل بركة له راجعة إلي الله الذي باركه وهكذا فكل بركة تقدمها الكنيسة لأولادها إنما هي من قبل الله واهب البركة.
" 5 والان ابناك المولودان لك في ارض مصر قبلما اتيت اليك الى مصر هما لي افرايم ومنسى كراوبين وشمعون يكونان لي "
هنا يعقوب يعطي يوسف نصيب البكر أي ضعف إخوته فيصير إفرايم ومنسي كلاهما مثل باقي الأسباط وهو بهذا حرم رأوبين من هذه البركة بسبب خطيته.
" 6 واما اولادك الذين تلد بعدهما فيكونون لك على اسم اخويهم يسمون في نصيبهم "
فيكونون لك : أي اولاد أخرين غير إفرايم ومنسي لا يحسبون من الأسباط.
" 7 وانا حين جئت من فدان ماتت عندي راحيل في ارض كنعان في الطريق اذ بقيت مسافة من الارض حتى اتي الى افراتة فدفنتها هناك في طريق افراتة التي هي بيت لحم "
حتي النفس الأخير لا ينسى زوجته المحبوبة راحيل. وهو يبارك أحفادها. وكأنه يريد أن يركز الأولاد أنظارهم علي كنعان حيث أمهم مدفونة فلا تنسيهم مصر كنعان أرضهم. وحزن يعقوب علي راحيل هو حزن المسيح علي كنيسته التي مازال أعضائها يعانون الموت ولكن المسيح لا ينسى نفساً واحدة منهم. ولاحظ أن راحيل دفنت في بيت لحم حيث ولد المسيح الذي يعطي حياة لكل من مات علي الرجاء.
" 12 ثم اخرجهما يوسف من بين ركبتيه وسجد امام وجهه الى الارض "
وسجد : أي أن يوسف سجد أمام ابيه. والأغلب أن يوسف وأبنيه سجدوا أمامه.
" 14 فمد اسرائيل يمينه ووضعها على راس افرايم وهو الصغير ويساره على راس منسى وضع يديه بفطنه فان منسى كان البكر "
بفطنة: جاءت في السبعينية متقاطعتين أي علي شكل صليب. لقد أراد يوسف وربما يعقوب أيضاً أن يبارك منسي البكر. ولكن الله أرشد يعقوب أن الذي سيأخذ البركة الأكبر هو الأصغر (وهذا ما حدث مع هابيل واسحق ويعقوب، فليس الأكبر جسدياً هو الذي يستحق دائما) والتاريخ يشير أن يعقوب قد صنع هذا بفطنة ففي أول أحصاء عمل في أيام موسي كان سبط إفراييم 40500 بينما سبط منسي 22200. وعاش سبط منسي منقسماً نصفه شرقي الأردن والأخر غربه مما عرضه للإختلاط بالشعوب الوثنية. أما سبط أفرايم فكان قوياً دائماً حتي أن المملكة الشمالية (أسرائيل) دعيت إفرايم ومن هذا السبط خرج يشوع بن نون ودبورة النبية وجدعون ويفتاح وصموئيل النبي ومنهم يربعام أول ملوك إسرائيل بعد الإنفصال عن يهوذا. ووضع يعقوب يديه علي شكل صليب يشير لأن البركة الحقيقية كانت بالصليب. وإختيار إفرايم الأصغر للبركة إشارة للكنيسة الأصغر جسدياً من شعب اليهود (الإبن البكر خر 22:4) ولكنها استحقت البركة. وهكذا فآدم الأخير أي المسيح صار أولاً وصار آدم الأول أخيراً.
ولقد ركز بولس الرسول في عب 21:11 علي أن يعقوب كان قد فقد البصر الجسدي ولكن الإيمان أعطاه بصراً روحياً فبارك الأصغر ضد الرغبات الطبيعية وسجد لعصا يوسف (الصليب).
" 15 وبارك يوسف وقال الله الذي سار امامه ابواي ابراهيم واسحق الله الذي رعاني منذ وجودي الى هذا اليوم "
وبارك يوسف : مع أنه وضع يديه علي أفرايم ومنسي إلا أن البركة حسبت ليوسف.
" 16 الملاك الذي خلصني من كل شر يبارك الغلامين وليدع عليهما اسمي واسم ابوي ابراهيم واسحق وليكثرا كثيرا في الارض "
لم يطلب لهما مجداً كمجد يوسف ولكن بركة الله التي أعطاها لإبراهيم ولإسحق. وأن يخلصهم الملاك الذي خلصه من كل شر. ولاحظ ان الملاك لا يمنع الشر بل هو يخلص منه. يدعي عليهما اسمي : صار أفرايم ومنسي سبطين مستقلين كباقي الأسباط
" 20 وباركهما في ذلك اليوم قائلا بك يبارك اسرائيل قائلا يجعلك الله كافرايم وكمنسى فقدم افرايم على منسى "
أي إذا صلي إنسان من أجل احد يطلب من الله أن يباركه كما بارك إفرايم ومنسي ولقد ظل اليهود يستعملون هذه البركة دائماً.
" 22 وانا قد وهبت لك سهما واحدا فوق اخوتك اخذته من يد الاموريين بسيفي وقوسي "
كلمة سهم في أصلها العبراني "شكيم" وشكيم تعني المرتفع عن الأرض أوكتف ولقد أشتري يعقوب أرضاً في شكيم بمئة قسيطة. ثم أخذ أولاد يعقوب أرض شكيم بالسيف والقوس، حقا هم حاربوا بخدعة ولكنهم أخذو الأرض. وربما الأشارة هنا للسيف والقوس هي إشارة لهذه المعركة بين أبنائه وأبناء شكيم، لكن الأصح أنها نبوة عن إستيلاء شعب أسرائيل بقيادة يشوع بن نون علي كل الأرض. ومعني قول يعقوب هنا أنه حين تأخذون الأرض يكون ليوسف هذه الأرض. فهذه الأرض كانت عربون إقتناء الأرض كلها. ولقد كانت شكيم إحدي مدن إفرايم بعد ذلك (يش 7:20) وهناك دفن يوسف. ولهذه الأرض يشير الأنجيلي في يو 6،5:4 فكان مفهوماً أن يعقوب وهب هذه الأرض ليوسف ولنلاحظ أن:-
يهوذا: جاء منه الملوك
لاوي: جاء منه الكهنة.
يوسف: كان له نصيب البكر، هو أخذ عربون الميراث المميز ونجد أن (تث 17:21) ينص علي أن البكر له نصيبن. وراجع إثباتاً لهذا (ا أي 1:5) لذلك قال يعقوب ليوسف (تك 26:49) بركات أبيك فاقت بركات أبوي.
" 1 ودعا يعقوب بنيه وقال اجتمعوا لانبئكم بما يصيبكم في اخر الايام "
أخر الأيام: هو تعبير كتابي يشير للمستقبل بوجه عام. وقد يشير لنهاية الأيام أو لنهاية العالم وقد يشير لأيام كنيسة المسيح وبهذا يعني نهاية أيام اليهود كشعب لله.
" 2 اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب واصغوا الى اسرائيل ابيكم "
يعقوب يجمع أولاده لينبئهم بما يحدث لهم. ولقد رأي بروح النبوة المسيح الخارج من سبط يهوذا ورأي الكنيسة الخارجة من الشعب القديم.
" 3 راوبين انت بكري قوتي واول قدرتي فضل الرفعة وفضل العز 4 فائرا كالماء لا تتفضل لانك صعدت على مضجع ابيك حينئذ دنسته على فراشي صعد "
رأوبين:
أنت بكري قوتي: كان البنون يعدون قوة الأباء ولأنه البكر فهو أول قدرته وقوته.
وأول قدرتي: هو نتيجة قوة الإنسان. ولكن ما هي نتيجة قوة الإنسان الساقط سوي الشهوة التي أفقدت أبوينا آدم وحواء بساطتهما وها هي تفقد رأوبين بكوريته.
فضل الرفعة: أي أفضلها لأنه أولها فهو البكر.
فائراً كالماء: أصل الكلمة "فعل قباحة" وفعل فجور بإنغماس في اللذات والشهوات والماء يفور ولكنه يهبط سريعاً للدلالة علي شدة هياج إنفعالاته.
لا تتفضل: هذا جزاء كل من يسير وراء شهواته، هو يفقد كرامته.
كان يعقوب يعتز ببكره ويدعوه قوته وأول قدرته، نال أفضل رفعة وعز. ولكنه سار وراء شهوته. ولم ينس له أبوه ما فعله مع بلهة حتي وهو علي سرير موته. ولهذا فقد بكوريته لينالها إبنا يوسف. والبكورية الروحية أخذها يهوذا.
هنا رأوبين يمثل سقوط آدم وحواء، آدم الذي كان بكراً للخليقة وسقط وخسر بركته. ويمثل الشعب اليهودي قبل المسيح الذي حسب بكراً في معرفة الله، لكنه بالجحود فقد بكوريته وقوته الروحية ورفعته وعزه وحسبوا دنسين بصلبهم المسيح وإضطهادهم لكنيسته. بل في الأيام الأخيرة عن طريق ضد المسيح الذي يسيرون وراءه سيهاجمون الكنيسة مضجع الله أبيهم (فالكنيسة عروسة الله) بقصد إفسادها.
" 5 شمعون ولاوي اخوان الات ظلم سيوفهما 6 في مجلسهما لا تدخل نفسي بمجمعهما لا تتحد كرامتي لانهما في غضبهما قتلا انسانا وفي رضاهما عرقبا ثورا 7 ملعون غضبهما فانه شديد وسخطهما فانه قاس اقسمهما في يعقوب وافرقهما في اسرائيل "
شمعون ولاوي:
هنا نري وجه آخر لسقوط البشرية قبل المسيح. فرأوبين يمثل الفساد والشهوة. بينما شمعون ولاوي يمثلان القسوة والظلم. وإذا مثل رأوبين آدم فهما يمثلهما قايين سافك الدم.
أخوان: أي متشابهان في قسوتهما وتخطيطهما الماكر للقتل.
في مجلسهما لا تدخل نفسي= لا أشترك في مؤامرتهما الردئية. بمجمعهما لا تتحد كرامتي= أي أن اتفاقهما علي الشر لا يتفق مع كرامتي. لذلك فأفعالنا الشريرة لا تتفق مع كرامة أبينا السماوي. وفي رضاهما عرقبا ثوراً: قمة الشر في الأنسان أن يفعل الشر وهو راضي أي يفرح بشره وهو يخطط لشره، يخطط بهدوء وسرور. وهذا ما فعله شعب اليهود في المسيح. وهكذا كان شاول الطرسوسي مع إسطفانوس "وكان شاول راضياً بقتله" أع 1:8. وكلمة ثور تستخدم للرجال العظماء عند العبرانيين فكلمة ثور قريبة جداً من كلمة أمير (مزمور 12:22) ملعون غضبهما فإنه شديد= شمعون ولاوي أخوان أي متشابهان في السمات، أخذ كل منهما سيفه وأتي كلاهما إلي شكيم حيث قتلا كل ذكر ولم يراعيا العدل فيما يصنعون فسببا تعباً لأبيهما. ولاوي جاء منه الكهنة وشمعون جاء منهم الكتبة وهؤلاء وأولئك هم الذين دبروا بمكر قتل المسيح. وكان الكتبة والكهنة أخوان في هذا. قتلا إنساناً فالمسيح هو إبن الإنسان وعرقباه كثور: فهو أتي ليقدم نفسه كذبيحة (كثور). ولقد كان غضبهما شديداً علي المسيح كما كان غضبهما شديد علي شكيم وغالباً أيضاً علي يوسف فهم كانوا أكثر قسوة عليه من باقي الإخوة لذلك إحتجز يوسف شمعون.
أقسمهما في يعقوب: لاوي تم توزيعه في كل إسرائيل. وشمعون لم يعين له نصيباً مستقلاً بل كانوا في داخل نصيب يهوذا (يش 1:19) بل في أسوا أماكن في نصيب يهوذا. ولم يذكر شمعون في بركة موسي. ثم تشتتوا في أماكن أخري كونوا فيها قبائل شمعونية (ا أي 39:4…) أما لاوي فلأن أولاده وقفوا وقفة مقدسة نجد أن الله قد أستخدم تفريقهم وسط إسرائيل للبركة وكان الرب نصيبهم. وهم كلاويين وكهنة تفرقوا ليعلموا الشعب الشريعة.
" 8 يهوذا اياك يحمد اخوتك يدك على قفا اعدائك يسجد لك بنو ابيك 9 يهوذا جرو اسد من فريسة صعدت يا ابني جثا وربض كاسد وكلبوة من ينهضه 10 لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى ياتي شيلون وله يكون خضوع شعوب 11 رابطا بالكرمة جحشه وبالجفنة ابن اتانه غسل بالخمر لباسه وبدم العنب ثوبه 12 مسود العينين من الخمر ومبيض الاسنان من اللبن "
يهوذا:
رأينا فيما سبق الفساد والشهوة والظلم والقسوة ونري هنا مجئ المسيح. فيهوذا هو أبو المسيح بالجسد. لقد نال يهوذا نصيب الأسد في البركة إذ رأي يعقوب السيد المسيح الملك والكاهن يأتي من نسله.
يهوذا إياك يحمد إخوتك: يهوذا يعني يحمد. ومن هو يهوذا هذا الذي يحمده إخوته ويرفعونه ويسبحونه إلا السيد المسيح نفسه الخارج من سبط يهوذا. يدك علي قفا أعدائك: لقد تم هذا مع داود النبي في حروبه وإنتصاراته. وبالنسبة للمسيح فهو وضع بصليبه يده علي قفا إبليس عدوه فحطمه وحرر البشرية من سلطانه. ويسجد لك بنو أبيك: داود كملك حرر الأرض سجد له الجميع. والمسيح تجثو له كل ركبة في 10:2. ويسجدون هنا تكون بمعني يعبدون. وقوله بنو أبيك أي كل أسباط أي اولاد يعقوب يسجدون للسبط الملوكي الذي خرج منه داود. وبالنسبة للمسيح فقد قال عن الآب "أبي وأبيكم" فقد صرنا فيه أبناء للآب.
يهوذا جرو أسد… كأسد وكلبوة: كان يهوذا قد إختار لخاتمه شعاراً هو صورة أسد. والتطور هنا يبدأ بجرو أسد ثم أسد ثم لبؤة. ويقال أن جرو الأسد يشير لكالب الذي نما وصار أسداً في أيام داود. ومن نسل داود خرج ملوك شرسين شبهوا هنا باللبؤة التي هي أكثر شراسة من الأسد. وإذا نظرنا لهذا النبوة علي أنها عن المسيح نقول أن جرو أسد تشير لولادة المسيح كإبن. والأسد يشير للملك ولقد ملك المسيح علي الصليب لذلك يقول جثا وربض كأسد: لقد رأي يعقوب في يهوذا المسيح الخارج من نسله ودعاه بالأسد الذي خرج من حرب الصليب غالباً أعدائه الروحيين. لقد جثا أي سُمِر في ضعف أو في ما يشبه الضعف ونام علي الصليب ولكنه كان كأسد يربض متحفزاً للمعركة فهو سلم نفسه بإرادته ليقاتل في ضراوة (يو 18:10). وكلبوة: هنا إشارة للكنيسة عروس الأسد التي يجب أن تصلب معه وتحمل الصليب فتصير تلميذة له، يصلب لها العالم وتصلب هي للعالم. من ينهضه: بمعني أنه ليس هناك إنساناً يقيمه بل يقوم هو من نفسه يو 19:2 من فريسة صعدت: هو كأن أسداً في حربه ولكن ماذا كانت صورته أمام الناس سوي فريسة مستسلمة، كشاة سيقت للذبح، صعد إلي صليبه في إستسلام لصالبيه.
لا يزول قضيب من يهوذا: القضيب هو صولجان الملك. والملوك تناسلوا من داود. ومشترع من بين رجليه: مشترع أي مشرع للقوانين. ومن بين رجليه أي من نسله. حتي يأتي شيلون: شيلون من نفس مصدر سلوام أي مرسل من الله يو 7:9+ لو 18:4 + يو 36:5-38. وفي أش 5:8 كلمة شيلوه من نفس المصدر وقد ترجمتها السبعينية سلوام. (وقد فتحت عيني الأعمي في سلوام وقارن مع مسود العينين من الخمر). ومعني هذه الأية أن المسيح سيأتي بعد أن يزول الملك عن يهوذا ولا يعود ليهوذا الحق في أن يشرع ويحكم ويقضي. وهذا تم في أثناء الحكم الروماني حين قال اليهود "ليس لنا ملك سوي قيصر. والأكتتاب الذي قام به وأمر به أغسطس قيصر شمل اليهودية فهي إذا كانت خاضعة لحكمه (لو 2،1:2). وكون اليهود لم يعد لهم سلطاناً ليحكموا يتضح من الأية يو 31:18. فاليهود إذا كانوا خاضعين تحت الحكم الروماني، لا سلطان لهم علي القضاء أو التنفيذ وكان ملكهم أو واليهم هيرودس أدومياً. وتكون هذه النبوة أية: 10 تشير:
1. الملك سيكون في يهوذا (القضيب والتشريع).
2. شيلون أي المسيح المرسل سيأتي من نسل يهوذا. وقد إتفق علي أن شيلون هو المسيح وأتفق علي هذا اليهود والمسيحيين. وإتفق أن الكلمة تشير أيضاً للراحة والسلام. وأن فترة المسيح ستكون فترة سلام وهذا ما حدث فإن فترة وجود المسيح علي الأرض كانت فترة بلا حروب في الدولة الرومانية وأغلقت الهياكل الوثنية التي تفتح فقط في أيام الحروب، وفتحت هياكل السلام وتفتح في أوقات السلام.
3. يستمر يهوذا في الحكم حتي يأتي المسيح. والمسيح سيأتي بعد أن ينتقل القضيب لشعب اخر. رابطاً بالكرمة جحشه، وبالجفنة إبن أتانه= الكرمة والجفنة مترادفان، ومعناهما شجرة العنب. وقد جاءت الجفنة في الإنجليزية الكرمة المختارة. والمعني المباشر للآية أنها تعبير عن الرخاء والثروة التي سيتمتع بها السبط فمن كثرة الأشجار والخصب لن يجد الرجل مكاناً بربط فيه جحشه سوي الكرمة. والكرمة شجرة ضعيفة، فيكون معني أن يربط الرجل جحشه أنها ستكون قوية حتي تحتمل. ولكن الكرمة هي بالمفهوم الرمزي إشارة لشعب إسرائيل ثم صارت تشير للكنيسة (مز 8:80 + هو 1:10 + أش 1:5-7 + أر 21:2 + مت 33:21 + يو 1:15) إذاً الكرمة هي شعب الله في العهد القديم والعهد الجديد. ولاحظ أن المسيح يوم دخوله إلي أورشليم طلب جحشاً (هذا إستعمله وركبه الناس من قبل) وإبن أتان (هذا لم يركبه أحد من قبل) وقد ركب إبن الأتان. ورأي الأباء أن الجحش يشير لليهود وإبن الأتان يشير للأمم وقد ربط المسيح كلاهما بكرمته فهو الكرمة وكلنا الأغصان. وهو الذي جعل الإثنين واحداً ولاحظ أنه ربط إبن الأتان رمز الكنيسة بالجفنة أي الكرمة المختارة.
غسل بالخمر لباسه وبدم العنب ثوبه: من وفرة الخيرات يصير الخمر كالماء فيغسلون به الثياب ولكن الثوب يشير للكنيسة (كما أشار ثوب يوسف الملون للكنيسة متعددة المواهب) وكون الثوب يغسل بالخمر بل ويقول دم العنب فهذه نبوة واضحة بأن الكنيسة تطهرت بدم المسيح رؤ 14:7 + ا يو 7:1. والخمر هو إشارة لكأس دم الرب الذي يعطي لغفران الخطايا.
مسود العينين من الخمر ومبيض الأسنان من اللبن: مسود العينين مترجمة لامع العينان أي عيناه جميلتان ولا معتان. والخمر إشارة للوفرة والخير الكثير وكذلك اللبن والمعني أن الخيرات الكثيرة (كروم ولبن) أعطته عينين قويتين وحدة بصر وأسنان قوية وروحياً فالمسيح أعطانا فرحاً روحياً كثمرة من ثمار روحه القدوس (غل 22:5 + يو 22:16) والروح القدس الذي يعطي فرحاً للقلب يعطي أيضاً إستنارة ووضوح رؤيا. ويعطي تعليم يو 26:14 + عب 11،10:8. بل الأقوياء يحصلوا علي الطعام القوي ويحولونه إلي لبن يعطونه للصغار 1كو 2:3 + ا بط 2:2. فالروح القدس يعطي الطعام القوي للبالغين وهؤلاء يعطون غذاء الضعفاء 2 تي 2:2. وراجع أش 1:55. والروح القدس يستخدم كلمة الله كغذاء يشبع به النفوس. وهو يعطي بسخاء.
" 13 زبولون عند ساحل البحر يسكن وهو عند ساحل السفن وجانبه عند صيدون "
زبولون:
زبولون تعني مسكن. فبعد أن رأينا العالم قبل المسيح في فساد وقسوة ورأينا المسيح أتيا من يهوذا بالجسد. نري الآن سكن الجميع في الكنيسة يهوداً وأمماً. فسبط زبولون سكن بجانب البحر وهم جاوروا الفينيقيين تجار البحر وجاءوا منهم بتجارتهم وباعوا لهم. فيكون زبولون تجاراً. وهذا يشير للكرازة خصوصاً أن البحر يشير للأمم والنهر يشير لليهود. ويكون سكن زبولون (اليهود). بجانب البحر (الأمم) إشارة للكنيسة الواحدة من كلاهما. وصيدون هي صيدا علي البحر المتوسط. (لقد عرف العالم المسيحية من الشعب اليهودي الذي آمن).
" 14 يساكر حمار جسيم رابض بين الحظائر 15 فراى المحل انه حسن والارض انها نزهة فاحنى كتفه للحمل وصار للجزية عبد "
يساكر:
يساكر حمار جسيم: غالباً فإن يساكر إختار الحمار شعاراً لخاتمه. وحمار جسيم أي ضخم وقوي وبالإنجليزية Strong donkey. فقد إشتغل هذا السبط بالفلاحة وكان دأبهم الصبر. وكانت أرضهم خصبة فإكتفوا بالزراعة ولم ينشغلوا بالسياسة. وكانوا معرضين لدفع الضرائب. وتشبيه يساكر بحمار يشير لعمله الشاق فهو حمل حملين 1) عمله الشاق في الزراعة 2) الجزية. وماذا كانت مكافأتهم؟ أرضهم الخصبة وزراعتهم الناجحة. وحظائرهم كثيرة أي أغنامهم كثيرة : رابض بين الحظائر… والأرض نزهة. ونزهة أي مبهجة بخصبها ودسمها. وهم لم يهتموا بالضرائب لأن أرضهم خصبة.
وما أجمل هذا التشبيه عن الكنيسة والذي أتي في مكانه. فبعد أن سمعنا عن مجئ المسيح من سبط يهوذا وسكن اليهود والأمم معاً نسمع أن أرضهم دسمة إشارة للكنيسة التي هي جسد المسيح وتتغذي علي جسده ودمه. وأن الكنيسة مخصبة ورعاياها يزيدون جداً (حظائر كثيرة للرعاية). لقد أدرك خدام الله أن الأرض نزهة ففي السماء مالم تره عين ولم تسمع به أذن وعلي الأرض رأوا عمل المسيح في كنيسته فإهتموا بكرازتهم وعملهم في حقل المسيح دون أن يهتموا بأي ألام تفرض عليهم. وهذا ما قاله بولس الرسول "إذ كنت حراً من الجميع استعبدت نفسي للجميع لأربح الأكثرين 1كو 19:9 + 2 كو 15:12.
" 16 دان يدين شعبه كاحد اسباط اسرائيل 17 يكون دان حية على الطريق افعوانا على السبيل يلسع عقبي الفرس فيسقط راكبه الى الوراء 18 لخلاصك انتظرت يا رب "
دان:
رأينا فيما سبق الكنيسة المثمرة وخدامها. ورأينا خدامها كيف يتألمون فمن أين تأتي هذه الألام؟ لابد من أنها تأتي بحيل إبليس الحية القديمة. لذلك كان دان حية علي الطريق. هو دائما يثير المشاكل في طريق الله وخدامه. وهذه الحرب بين إبليس والكنيسة تصل لذروتها في نهاية الأيام حين يطلق إبليس من سجنه ويعمل بقوته مع ضد المسيح. وكان سبط دان هم أول من أدخل العبادة الوثنية في إسرائيل بوضعهم تمثال ميخا في مدنية دان. وبسبب هذا حذف إسم دان من المختومين في الرؤيا (رؤ 7). وهذا قد يكون بسبب وثنية سبط دان إلا أن كثير من الأباء رأوا أن نبوة يعقوب هذه مع حذف إسم دان من رؤيا 7 راجع إلي أن ضد المسيح سيأتي من سبط دان. وبسبب الألام الكثيرة التي سيوقعها ضد المسيح بالكنيسة صرخ يعقوب لخلاصك إنتظرت يارب فالمسيح سيأتي مباشرة عقب هذه الأحداث، فلا خلاص حقيقي لكل إرتداد سوي بالمسيح. وهذه الآية هي إيمان بعمل المسيح المخلص. وقد عرفت ذرية دان بالمكر والدهاء قض 18،17.
دان يدين شعبه كأحد أسباط إسرائيل: أي مع كونه إبن جارية إلا أنه يكون سبطاً مستقلاً أو لأن ضد المسيح سيخرج منه فسيكون هذا سبب دينونة لإسرائيل كله الذي يسير وراءه.
" 19 جاد يزحمه جيش ولكنه يزحم مؤخره "
جاد:
كان نصيب سبط جاد شرق الإردن كطلبه. وهذا جعلهم معرضين للقتال من الأعداء من حولهم بصفة مستمرة (أمثال أرام والعموينين والأموريين) إلا أنهم كانوا يحاربون أعدائهم دائماً ولا يسكتون وكانوا محاربين أقوياء (1 أي 8:12-14) لهم وجوه الأسود. إذاً جاد كان في حرب مستمرة: يزحمه جيش. ولكنه سرعان ما يضرب مؤخرة جيوش أعدائه ويسترد غنائمه: ولكنه يزحم مؤخره في الإنجليزية هو سيتغلب وينتصر أخيراً إذا فجاد يمثل الكنيسة التي هي في حرب مستمرة ولكنها ستنتصر أخيراً فهي مرهبة كجيش بألوية.
" 20 اشير خبزه سمين وهو يعطي لذات ملوك "
أشير:
خبزه سمين وهو يعطي لذات ملوك: تنبأ يعقوب عن أشير بكثرة الخيرات. وقال عنه موسي في نبوته أنه يغمس في الزيت قدمه تث 24:33. وفعلاً تحققت النبوتان فقد تمتع سبط أشير بأرض خصبة غنية بأشجار الزيتون التي يستخرج منها الزيت. وكانت غلات أرضه وفيرة فقيل أن خبزه سمين. ويصدر من خيراته للملوك ولباقي الأسباط. هذا يشير لشبع أولاد الله ولفيض النعمة في حياة المجاهدين الروحيين.
" 21 نفتالي ايلة مسيبة يعطي اقوالا حسنة "
نفتالي:
أيلة: أنثي الأيل. وهي مسيبة: أي كانت ممسوكة ثم جاء من حررها وسيبها حرة وهنا نفتالي يشبه في محبته للحرية بأيلة منطلقة في برية مفتوحة تتحرك في خفة وسرعة أينما أرادت. ولكن حرية هذا السبط لم تكن فرصة للإنحلال والشر، بل إلتزم بعلاقات طيبة مع بقية الأسباط فكانت كلماته : أقوالا حسنة. وهذه صورة رائعة للكنيسة التي حررها المسيح "إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحراراً. والذي حرره المسيح يسبح ويشهد للمسيح أي يعطي أقوالاً حسنة.
الأيات 22-26
" 22 يوسف غصن شجرة مثمرة غصن شجرة مثمرة على عين اغصان قد ارتفعت فوق حائط 23 فمررته ورمته واضطهدته ارباب السهام 24 ولكن ثبتت بمتانة قوسه وتشددت سواعد يديه من يدي عزيز يعقوب من هناك من الراعي صخر اسرائيل 25 من اله ابيك الذي يعينك ومن القادر على كل شيء الذي يباركك تاتي بركات السماء من فوق وبركات الغمر الرابض تحت بركات الثديين والرحم 26 بركات ابيك فاقت على بركات ابوي الى منية الاكام الدهرية تكون على راس يوسف وعلى قمة نذير اخوته "
يوسف:
نال يوسف مدحا أكثر من إخوته فقد كان أميناً مع الله ومحباً للجميع أيا كان موقعه. ولقد كان مثمراً : غصن شجرة مثمرة. وهذه أعلي درجات النمو أن يكون الإنسان الروحي مثمراً مهما أصابته سهام العدو (إخوته ثم زوجة فوطيفار ثم فوطيفار نفسه) فمررته ورمته وإضطهدته أرباب السهام. ويعقوب كرر مرتين أن يوسف كان غصن شجرة مثمرة. فهو رغماً عن الإضطهادات التي واجهته ثبت ونما وزاد ونال من ثماره الجميع، فهى ثمار محبته لله وللجميع. وهنا يوسف يشير للمسيح الذي إضطهدوه ولكن تمتع بخلاصه الجميع حتي من إضطهدوه. ثم قال يعقوب أغصان قد إرتفعت فوق حائط= كان غصن وصار أغصان، إذا هو نمو وزيادة وهكذا الكنيسة جسد المسيح. فالمسيح هو الغصن (أش 1:11 + أر 5:23 + زك 8:3) ولماذا كرر قوله غصن مرتين؟ فرقم 2 يشير للتجسد الذي جعل به الإثنين واحداً وصار المسيح الكرمة ونحن الأغصان. فالأغصان إشارة للكنيسة جسد المسيح يو 5:15 وهذه الكنيسة مسنودة علي حائط، هو المسيح الصخرة الحقيقية. فالكروم تحتاج لحائط قوي يسندها فهي ضعيفة في ذاتها إن لم يسندها أحد. وهذه هي بركات المسيح لكنيسته المضطهدة وهذا الغصن علي عين= عين الماء هو إشارة للروح القدس الذي يروي الكنيسة فتثمر. وبالرغم من الإضطهاد ليوسف (أو للمسيح أو للكنيسة) ثبتت بمتانة قوسه وتشددت سواعد يديه بمساعدة من الله من يدي عزيز يعقوب. فالله هو عزيز يعقوب أي ألهه المحبوب لديه، الراعي والصخر المعين له. ويعقوب يطلب لإبنه المحبوب كل البركات. بركات السماء من فوق: أي مطر وندي. وبركات الغمر الرابض تحت= أي الأنهار والينابيع. وبركات الثديين والرحم: أي كثرة النسل وصحة وبركة للأطفال من لبن الثديين. بركات أبيك لك فاقت علي بركات أبوي. أي أكثر من البركات التي أعطاها أبوي يعقوب ليعقوب. هذه البركات رمز للبركات الروحية التي يعطيها الله لكنيسته وهي تزيد بكثير عن البركات المادية التي حصل عليها شعب الله في العهد القديم. إلي منية الأكام الدهرية= الأكام هي التلال العالية. والدهرية أي إلي مدي الدهر. والمعني فلتحل هذه البركات عليك وأمنيتي أن تستمر لك طالما كانت الأكام باقية وطالما هي باقية إلي الأبد. إذا فالبركات لك تكون إلي الأبد. وهذه هي بركات المسيح التي صارت للكنيسة وتستمر حتي تزول السماء والأرض. وعلي قمة نذير إخوته: إخوة يوسف أبعدوه عنهم لكنه كان قد أفرز وتكرس وتخصص لله فالنذير يعتزل إخوته وكل الناس. ومن تكرس لله يستحق كل هذه البركات له. وقمة نذير إخوته في الإنجليزية علي تاج رأس نذير إخوته.
" 27 بنيامين ذئب يفترس في الصباح ياكل غنيمة وعند المساء يقسم نهبا "
بنيامين:
إذا فهمنا أن كل ما مر من نبوات لأولاد يعقوب يشير للكنيسة المجاهدة جسد المسيح والألام التي تقع عليها والجهاد المفروض عليها، فنجد أن نهاية الأمر أن تجلس الكنيسة بعد طول جهاد عن يمين الأب فبنيامين تعني إبن اليمين. وبركة موسي لبنيامين تشير لنفس الشئ في تث 12:33 حبيب الرب يسكن لديه آمناً. فبعد طول جهاد نسكن عند الرب في أورشليم السماوية مسكن الله مع الناس رؤ 3:21.
بنيامين ذئب مفترس: إشارة لشجاعة السبط في الحروب قض 16:20. وتشير لشجاعة الكنيسة المجاهدة التي هي مرهبة كجيش بألوية. وقيل هي نبوة عن شاول الطرسوس الذي خرج كذئب في الصباح ليفترس المسيحيين المؤمنين ويقتلهم كمضطهد للكنيسة وبعد إيمانه أمن علي يده الكثيرين فقسم نهباً: أي المؤمنين الذي آمنوا بكرازته.
" 28 جميع هؤلاء هم اسباط اسرائيل الاثنا عشر وهذا ما كلمهم به ابوهم وباركهم كل واحد بحسب بركته باركهم 29 واوصاهم وقال لهم انا انضم الى قومي ادفنوني عند ابائي في المغارة التي في حقل عفرون الحثي 30 في المغارة التي في حقل المكفيلة التي امام ممرا في ارض كنعان التي اشتراها ابراهيم مع الحقل من عفرون الحثي ملك قبر 31 هناك دفنوا ابراهيم وسارة امراته هناك دفنوا اسحق ورفقة امراته وهناك دفنت ليئة 32 شراء الحقل والمغارة التي فيه كان من بني حث 33 ولما فرغ يعقوب من توصية بنيه ضم رجليه الى السرير واسلم الروح وانضم الى قومه "
عند يعقوب نجد الموت أهم من الحياة. فالحياة جعلته حبيس مصر أرض العبودية. أما الموت فمركبة تحمله إلي كنعان، ويضمه إلي أبائه وإله أبائه. فهو حين يوصي أولاده بدفنه في أرض أبائه، ينظر إلي ما وراء الحياة، إلي خارج مصر. هو يوفد جسده الميت ليمتلك الميراث علي الرجاء. لذلك يوصي أولاده ويوصي يوسف بأن ينقلوا جسده إلي كنعان (30:47 + 29:49).فتبقي أيضاً قلوب أولاده متعلقة بكنعان.
لماذا أصر يعقوب على أن يدفن في كنعان؟
1. ليدرك أولاده قيامة الأجساد فها هو ينضم لأبائه إعلاناً أنه يأتي يوم يتقابل فيه الجميع.
2. لذلك عاشوا كغرباء حارمين أجسادهم من الترف فهم ينتظرون جسداً ممجداً في يوم الرب.
3. أراد يعقوب أن يؤكد لأولاده أنه وإن عاش في مصر لكن قلبه متعلق بهناك حيث وعد الرب.
4. طلبه أن يدفن مع أبائه إعلاناً عن وحدة إيمانهم.
" 3 وكمل له اربعون يوما لانه هكذا تكمل ايام المحنطين وبكى عليه المصريون سبعين يوما "
كان لابد من تحنيط جسد يعقوب ليتمكنوا من نقله إلي كنعان فلا يفسد في الطريق وهذا إعلان عن أن أجسادنا تظل محفوظة بطريقة ما حتي نقوم بأجساد نورانية. وعن عملية التحنيط قال هيرودوتس أنها تستمر 40 يوماً خلالها تفتح البطن وتزال الأحشاء وتوضع مواد كيماوية وروائح. ثم بعد ذلك توضع الجثة في الملح 30 يوماً. وبعد ذلك تلف بكتان مصمغ. وطوال السبعين يوماً تكون مناحة للعائلة يخرجون للشوارع وقد سودوا وجوههم.
" 4 وبعدما مضت ايام بكائه كلم يوسف بيت فرعون قائلا ان كنت قد وجدت نعمة في عيونكم فتكلموا في مسامع فرعون قائلين "
كلم يوسف بيت فرعون: إذ لم يكن ممكناً أن يكلم فرعون وهو حزين وبلحيته التي يطلقها لأجل حزنه علي ميته (راجع اس 2:4).
" 7 فصعد يوسف ليدفن اباه وصعد معه جميع عبيد فرعون شيوخ بيته وجميع شيوخ ارض مصر 8 وكل بيت يوسف واخوته وبيت ابيه غير انهم تركوا اولادهم وغنمهم وبقرهم في ارض جاسان 9 وصعد معه مركبات وفرسان فكان الجيش كثيرا جدا "
هو موكب صعود لا نزول. إذ حمل رمزاً لإرتفاع الكنيسة نحو أورشليم العليا، كنعان الحقيقية، لتوجد مع عريسها إلي الأبد. وضم الموكب يوسف فهو قائد الموكب الحقيقي (2كو 14:2) والمسيح هو قائد موكبنا. والموكب إنطلق من أرض مصر (أرض العبودية) رمز العالم الذي نتركه لننطلق للسماء. وهذا الموكب ضم عدداً غفيراً. فالذين يذهبون للسماء كثيرين.
" 10 فاتوا الى بيدر اطاد الذي في عبر الاردن وناحوا هناك نوحا عظيما وشديدا جدا وصنع لابيه مناحة سبعة ايام "
بيدر أطاد: أطاد هو نوع من الشوك والشوك يشير للألام التي وجدها يعقوب في حياته، بل وألام كل البشر. فالشوك كان نتيجة للخطية. وناحوا نوحاً عظيماً: فالنوح هنا إشارة لنوح الجنس البشري علي أثار الخطية وأصعبها الموت لذلك بكي المسيح علي قبر لعازر.
" 11 فلما راى اهل البلاد الكنعانيون المناحة في بيدر اطاد قالوا هذه مناحة ثقيلة للمصريين لذلك دعي اسمه ابل مصرايم الذي في عبر الاردن "
أبل مصرايم: أي مناحة مصر. وعلينا أن نبكي خطايانا في هذا العالم.
" 13 حمله بنوه الى ارض كنعان ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة التي اشتراها ابراهيم مع الحقل ملك قبر من عفرون الحثي امام ممرا "
لم نسمع أنهم عملوا مناحة في كنعان فهي رمز للسماء حيث يمسح الله كل دمعة من عيوننا رؤ 4:21.
“14 ثم رجع يوسف الى مصر هو واخوته وجميع الذين صعدوا معه لدفن ابيه بعدما دفن اباه 15 ولما راى اخوة يوسف ان اباهم قد مات قالوا لعل يوسف يضطهدنا ويرد علينا جميع الشر الذي صنعنا به 16 فاوصوا الى يوسف قائلين ابوك اوصى قبل موته قائلا 17 هكذا تقولون ليوسف اه اصفح عن ذنب اخوتك وخطيتهم فانهم صنعوا بك شرا فالان اصفح عن ذنب عبيد اله ابيك فبكى يوسف حين كلموه 18 واتى اخوته ايضا ووقعوا امامه وقالوا ها نحن عبيدك 19 فقال لهم يوسف لا تخافوا لانه هل انا مكان الله 20 انتم قصدتم لي شرا اما الله فقصد به خيرا لكي يفعل كما اليوم ليحيي شعبا كثيرا 21 فالان لا تخافوا انا اعولكم واولادكم فعزاهم وطيب قلوبهم “
عظيم هو يوسف في محبته وغفرانه. نحن لم نجد في حياة يوسف رؤي ولا ملائكة… لكننا نجده مثالا حياً للمحبة وطاعة الله. وخوف إخوته ناشئ عن خطاياهم فالمحبة تطرح الخوف إلي خارج. ولم يحتمل قلب يوسف المحب تذلل إخوته فبكي وقال هل أنا مكان الله: أي لأنتقم. ولعل رجوع إخوة يوسف له أخيراً إشارة لرجوع اليهود للمسيح في آخر الأيام.
أنتم قصدتم لي شراً أما الله فقصد به خيراً: الله هو ضابط الكل الذي يخرج من الجافي حلاوة. أنا أعولكم. وفي 24:- الله سيفتقدكم. والمعني أن الله يعولهم بإستخدام يوسف كأداة
“24 وقال يوسف لاخوته انا اموت ولكن الله سيفتقدكم ويصعدكم من هذه الارض الى الارض التي حلف لابراهيم واسحق ويعقوب “
الله سيفتقدكم ويصعدكم: قالها غالباً بالإيمان والثقة في مواعيد الله عب 22:11.
“26 ثم مات يوسف وهو ابن مئة وعشر سنين فحنطوه ووضع في تابوت في مصر “
بداء سفر التكوين بخلقة الحياة وإنتهي بالموت والدفن وهذه هي نتيجة الخطية. والأن صار الشعب في عبودية في أرض مصر مشتاقين للخلاص وهذا ما سنراه في سفر الخروج.
ملحوظة1: لم نسمع عن خيمة ولا مذبح مع يوسف فهو يمثل حياة المجد وليس حياة الغربة حياة المجد بعد الألام.
ملحوظة 2: هنا نسمع عن التحنيط ومعناه فى مفهوم المصريين أن هناك حياة أخرى بعد الموت. وكون الكتاب المقدس ينهى سفر التكوين بالإشارة إلى التحنيط فهو بهذا يشير ضمنياً إلى أن هناك قيامة بعد الموت.
[1] بعد الخطية نزل الإنسان لمستوي الحيوان وأكل العشب 18:3. وبركة نوح أشارت إلي إعطاء حياة بدلاً من الموت.
[2] هذا تفسير قامة ملء المسيح (أف) فاللون الابيض هو المسيح الكامل وألوان الطيف هي مواهب كل فرد في الكنيسة
[3] والصليب (عصاه) كان السرير الذي مات (نام) المسيح عليه، وبه ملك المسيح علينا