يشوع
كنيسة السيدة العذراء بالفجالة
المقدمة
1. يشوع كلمة عبرية تعنى "يهوه هو الخلاص" أو "الله مخلص" أو "الله سيخلص" وهكذا أسماه موسى كنبوة عن عمله الآتي كأداة لدخول الشعب للراحة. وكان إسمه قبل ذلك هوشع أي "مخلص أو خلاص" (عد8:13).
2. اسم يشوع هو بعينه اسم يسوع في العبرية (حرف الشين في العبرية ينطق سين في اليونانية).
3. هو من سبط إفرايم، ولد في مصر وخرج مع موسى وتتلمذ على يديه. وأول ما سمعنا عن يشوع سمعنا عنه كرجل حرب حيث عينه موسى كقائد للشعب في أول معركة وهي معركة رفيديم ضد عماليق (خر9:17) وكان عمره أنئذ حوالي 44 عاماً. فقد أتى عماليق ليضرب مؤخرة الجماعة أي الضعفاء والنساء غير القادرين على السير. ولقد غلب يشوع وصار القائد المنتصر.
4. اشتهر يشوع أيضاً بدوره كجاسوس لأرض كنعان ممثلاً عن سبطه وظهر إيمانه في تقريره الذي قدمه عن مهمته.
5. وكان يشوع خادماً لموسى النبي (خر13:24). ثم خلفه كقائد للشعب. وكانت تلمذته وخدمته لموسى سبباً في عظمته فهو عرف الناموس على يديه ورأى مجد الله مراراً مع موسى حين كان موسى يرى مجد الله (خر12:24). وبينما كان الكهنة يقفون أسفل الجبل كان موسى ويشوع يصعدان لاستلام الشريعة.
6. وكان عمل يشوع الرئيسي هو العبور بالشعب نهر الأردن وتوزيع أرض الميعاد على الشعب. وكان للشعب على يدي يشوع راحة في الأرض التي وعدهم الرب بها ولكن كان ذلك بعد سلسلة من الحروب والجهاد.
7. كان عبور يشوع لنهر الأردن وعمره 84 عاماً وعاش يشوع 110سنة (29:24) أي عاش 26 سنة بعد العبور قضاها كقاضي للشعب ولم يذكر له خطأ واحد في حياته.
8. يشوع هو كاتب هذا السفر، فيما عدا العبارات الخمس الأخيرة، التي غالباً ما أضافها فينحاس بن ألعازار بن هرون، أو عزرا الكاتب. ويؤكد هذا التلمود اليهودي وأغلب الدارسين المسيحيين. ويؤكد هذا أيضاً أن الكاتب يتضح أنه شاهد عيان (1:5،6). ويشوع هو تلميذ موسى وكما كتب موسى كل ما حدث له وللشعب هكذا فعل تلميذه فدون كل شئ وألحقه بما كتب موسى. وهذا واضح من حرف العطف "و" في بداية السفر. ودليل آخر أن يشوع هو كاتب السفر أنه وحده الذي يعرف الأحاديث التي وجهها الله له (1:1-9 + 7:3،8 + 1:4-3) ومثل رؤيته للرب "رئيس جند الرب وحديثه إليه والحوار الذي دار بينه وبين الآخرين. والاعتراضات على هذا.
1) قوله في (1:1) "أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى" ولكن يتضح تماماً في قوله هذا صيغة التواضع.
2) السفر يذكر حوادث حدثت بعد موته مثل غلبة كالب على حبرون (يش13:15،14 + يش15:15-19 + قض11:1-15) وغلبة دان على لشم (يش47:19 + قض18) وهذه الفقرات ربما أضافها رئيس الكهنة بعد موت يشوع أو أضافها عزرا بعد تجميعه للعهد القديم.
9. يشمل هذا السفر تاريخ نحو 31 عاماً من موت موسى إلى موت إليعازار بن هرون أي بعد موت يشوع بحوالي 6سنوات.
10. مركز السفر: هناك رأيان في ربط سفر يشوع بأسفار موسى الخمسة.
الرأي الأولى: يوضع السفر مع أسفار موسى الخمسة كمكمل لها وتسمى الأسفار الستة بالسداسيات. وأصحاب هذا الرأي يقولون أن بداءة السفر بحرف العطف "و" يثبت أن السفر هو حلقة متكاملة مع الأسفار الخمسة.
الرأي الثاني: أن سفر يشوع مستقل تماماً عن أسفار موسى الخمسة. وأصحاب هذا الرأي يقولون أن حرف العطف "و" سببه أن يشوع هو كاتب آخر الآيات في سفر التثنية وهو بحرف العطف يلحق سفر يشوع بما كتبه في سفر التثنية.
11. التشابه بين العهد القديم والعهد الجديد في تقسيم الأسفار.
1) أسفار موسى الخمسة * والأناجيل.
أسفار موسى في العهد القديم تناظر الأناجيل في العهد الجديد. فأسفار موسى هي أعمال وتعاليم مُشَّرِع كنيسة العهد القديم والأناجيل هي أعمال وتعاليم مشرع كنيسة العهد الجديد. ولاحظ وجود 12 سبط، 70 شيخاً مع موسى ووجود 12 تلميذ و70 رسولاً مع المسيح.
2) يشوع * أعمال الرسل
سفر يشوع هو تأسيس كنيسة العهد القديم في كنعان بحسب وعود الله للآباء وهكذا سفر الأعمال هو تأسيس الكنيسة بحسب وعود وتأكيدات المسيح الذي أسسها. ففي سفر يشوع كما في الأعمال نجد الكنيسة شعب الله تنمو في علاقتها مع الله وسط عالم وثني يقاومها ولكنها في راحة لوجود الله في وسطها ولنفس السبب فهي كنيسة قوية منتصرة تهزم أعدائها. وتضاف الأسفار التاريخية مثل القضاة وراعوث وصموئيل والملوك لسفر يشوع في أنهم يظهرون تأسيس المملكة رمز لتأسيس الكنيسة مملكة المسيح فهو ملك عليها بصليبه.
3) الأنبياء * سفر الرؤيا
12. سمات السفر
1) هو سفر أمانة الله مع شعبه فها هو يعطيهم النصرة والراحة رغماً عن عدم أمانتهم.
2) تملك الشعب للأرض بعد طرد الكنعانيين أصحاب الرجاسات هو صورة حية لما يحدث حين نطرد بالرب يسوع كل خطية في قلوبنا ليملك المسيح على قلوبنا. ولاحظ أن هدم حصون العدو يشير لأن الخطايا داخلنا لها حصون ولكن أمام الله تنهار هذه الحصون (2كو4:10).
3) هذا السفر يبرز قداسة الله، فهو لا يطيق الخطية ولا يقدر أن يهادنها. ولقد استخدم الله هنا الشعب العبراني في تأديب الكنعانيين بسبب رجاساتهم وليس معنى هذا أن الله ضد كل الشعوب ولا يعرف أحد إلا الشعب اليهودي فحينما أخطأ الشعب اليهودي كان الله يستخدم الشعوب الكنعانية في تأديب شعبه ومن هنا نرى قداسة الله وعد له وخطورة الخطية ووجوب التمسك بشريعة الله.
4) هذا السفر هو سفر الخلاص بالمسيح ودخول إلى الحياة الجديدة بقائد جديد هو يشوع رمزاً ليسوع. وهو سفر الميراث الذي ننعم بعربونه هنا خلال تمتعنا بالحياة الجديدة التي صارت لنا في المسيح يسوع.
5) يظهر في السفر أهمية الطاعة لله، فلا نصرة بدون طاعة ولا ميراث خلال العصيان.
6) يظهر في السفر قبول الأمم ويظهر هذا في قبول راحاب، فالله لا يرفض الأمم إلا بسبب وثنيتهم وشرورهم ولكن إن آمنوا وتابوا يقبلهم (قصة يونان النبي).
7) نرى في السفر معونة الله لخدامه الأمناء.
13. الكنعانيين وتحريمهم
لقد حرم الله أريحا وكل ما فيها صار موضوعاً تحت الحرم. وبالعبرانية "حِرِم" تعنى ملعوناً. والمعنى أن أي شئ من شأنه أن يعرض حياة الجماعة الدينية المقدسة للخطر يجب أن يزال لمنع الضرر ويجب إتلافه إتلافاً تاماً. إذاً الحرم كان له وظيفة دينية ووظيفة وقائية للحفاظ على إسرائيل وقداستها. والتحريم هنا ليس شهوة للدماء والسلب والنهب بل واجباً إلهياً لزم إجراؤه، هو عملية جراحية لا يمكن تحاشيها. ولقد أظهرت الإكتشافات الحديثة حالة المجتمع في كنعان في ذلك الحين ومدى الإنحطاط الخلقي الذي بلغه الإنسان فلقد اشتملت الطقوس الدينية الوثنية على إرتكاب الزنا الجسدي (مع الرجال والنساء) وتقديم الأطفال ذبائح حية للآلهة. هذا الفساد هو موت روحي هم اختاروه لأنفسهم (رو21:1-25) وكان التحريم بأمر من الله هو إظهار حالة الموت التى اختاروها لأنفسهم. هنا الله يكشف عن بشاعة ثمرة الخطية وتدميرها للحياة. والله هنا إختار الشعب اليهودي لعقاب هؤلاء الكنعانيين والوسيلة التي أعلن بها دينونة هذه الشعوب. والله له وسائل أخرى غير الحروب لإهلاك الخطاة مثل الطوفان والنار من السماء في قصة سدوم وعمورة والمجاعات والأوبئة. وهذه الحروب رمز للحروب الروحية ضد الخطية.والله سمح لشعبه أن يحرم ويبيد هؤلاء الخطاة ليكون هذا درساً لشعبه فى ماذا تكون عقوبة الخطية.
يشوع رمز للمسيح:
موسى كممثل للناموس عجز عن أن يدخل بالشعب إلى أرض الموعد، بل وقف ينظر أرض الميعاد من بعيد دون أن يدخلها، حتى يظهر القائد الجديد يشوع كممثل ليسوع ربنا القادر وحده أن يحقق ما عجز عنه الناموس، فيدخل نبا للميراث. ورموز يشوع للمسيح كثيرة منها:
1. اسم يسوع هو نفسه اسم يشوع. ويشوع بن نون هو أول من حمل هذا الاسم وهذه ليست مصادفة فهو الذي عبر الأردن إلى أرض الميعاد رمزاً للمسيح الذي عبر بنا إلى أورشليم العليا لننعم بالأرض الجديدة ونتناول الحنطة الجديدة. ونلاحظ أنه في عودة الشعب من سبي بابل كان هناك رئيس الكهنة يشوع أيضاً الذي بنى الهيكل مع زربابل. فالمسيح هو قائد المسيرة إلى كنعان السماوية وهو رئيس كهنتنا الحقيقي الذي حقق العودة بذبيحة نفسه.
2. يشوع ولد في مصر أرض العبودية والذل والمشقة مثل سائر إخوته، والمسيح ولد في العالم مثلنا ليشابهنا في كل شئ حتى ألامنا ثم يقودنا لأورشليم السماوية.
3. يشوع كان القائد المنتصر في رفيديم ورجل الحرب دائماً الذي هزم الأمم الوثنية والمسيح هزم الشيطان ليفتح لنا باب السماء.
4. موسى طلب من يشوع أن ينتخب رجالاً ويحارب عماليق. وشعب يسوع هم رجاله الروحيين الذين يغلب بهم الآن فيسوع خرج غالباً ولكي يغلب (بهم) (رؤ2:6). وكأن الناموس له فائدتين [1] الكشف عن خطورة العدو والحاجة لمحاربته [2] الحاجة ليسوع كقائد.
5. كان يشوع خادماً لموسى. والمسيح أطاع الناموس فهو واضعه (غل3:4-5 + رو19:5 + مت15:3).
6. يشوع كان القائد الجديد الذي دخل بالشعب أرض الميعاد وهكذا يسوع دخل بنا للسماء.
7. كان لابد أن يموت موسى (يش2:1) ليتسلم يشوع القيادة. فإن كانت النفس قد إرتبطت بالناموس الموسوى كرجلها فلا يمكن لها أن ترتبط بيسوع إلا بعد موت الرجل الأول. لذلك فالكنيسة أبطلت الذبائح والتقدمات الدموية. والعبادة الآن صارت في كل مكان وليس في أورشليم فقط. والأمم دخلوا الإيمان ولم يَعُدْ الشعب اليهودي وحده هو الشعب المختار (رو1:7-4).
8. لم يذكر الكتاب خطأ واحد ليشوع والمسيح كان بلا خطية.
9. كما أعطى يشوع الأرض ميراثاً للشعب ووزعها عليهم فالمسيح أعطانا ميراثنا السماوي (أف11:1).
10. سفر يشوع يبدأ بموت موسى كممثل للناموس حتى يتسلم يشوع القيادة ويدخل بهم إلى أرض الموعد، وهكذا ينتهي السفر بموت يشوع ليعلن أنه لا يمكن التمتع بالميراث ولا الاستقرار والراحة إلا بموت ربنا يسوع عنا فنموت معه ونحيا معه وبه. ونلاحظ أن عبور الأردن يرمز للموت الذي يجب أن يختاره حتى يكون لنا دخول إلى كنعان السماوية ولقد إجتاز يشوع مع الشعب نهر الأردن كما أن المسيح ذاق الموت معنا لندخل معه أورشليم السماوية. (عب9:2).
11. جاء يشوع بعد موسى مستلم الناموس، كرمز لربنا يسوع المسيح الذي جاء بعد الناموس يحقق ما عجز عن أدائه (عب18:7،19). وكما قاد يشوع الشعب قديماً إلى النصرة قادنا المسيح إلى الغلبة على الخطية والموت وكل قوات الظلمة (2كو14:2 + 2كو10:1).
12. إذ تعرض الشعب لغضب الله مزق يشوع ثيابه وسقط على الأرض يشفع فيهم أمام تابوت العهد حتى المساء (7:7-10) وأيضاً إذ سقطت البشرية تحت الغضب أخلى كلمة الله ذاته ونزل إلى الأرض ليشفع فينا بدمه لدى أبيه (1يو2:2 + 1تي5:2).
13. سمى يشوع عبد الرب (1:1) وهكذا المسيح الذي أخلى ذاته أخذاً صورة عبد (في 6:2 + أش1:42).
14. الشعب حارب مع يشوع ثم صارت لهم راحة. ونحن نجاهد الآن في حروبنا الروحية التي يقودنا المسيح فيها ثم ستكون لنا راحة حقيقية في شخص المسيح.
15. أرسل يشوع جاسوسين استقبلتهما راحاب الكنعانية الزانية وآمنت ونجت وهكذا أرسل المسيح تلاميذه للعالم أجمع ليخلص العالم بكرازتهم.
16. الله أيَّد يشوع بمعجزات باهرة. وهكذا كانت معجزات المسيح بسلطان على الطبيعة والموت والأمراض.. الخ.
17. لم يذكر الكتاب أن الشعب ندب يشوع وحزن عليه ومن الطبيعي أن الشعب ندبه وحزن عليه، ولكن الوحي صمت بحكمة عن ذكر الأحزان لموت يشوع لأن موت يشوع رمز لموت المسيح المحيي الذي كان سبب فرحة وسلام للعالم.
رحلة الخروج ورموزها
خمسة أسفار موسى مع سفر يشوع يمثلون رحلة البشرية والخلاص الذي صنعه المسيح حتى يعيد البشرية الساقطة إلى كنعان السماوية بعد أن فقدتها.
أ. سفر التكوين: الله يخلق الإنسان في الجنة، والإنسان يسقط للموت والعبودية.
ب. سفر الخروج: مصر ترمز لعبودية الإنسان لإبليس، وموسى هو المخلص من العبودية.
ج. سفر اللاويين: سفر التقديس بدم المسيح الذبيح.
د. سفر العدد: سفر رحلة الحياة.
ه. سفر يشوع: عبور الأردن رمز للموت استعداداً لدخول أورشليم السماوية. ولنتصور الشعب قبل عبور الأردن، فهو يرى أرض الموعد من بعيد، الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً، ولكن لابد من عبور نهر الأردن الممتلئ إلى شطوطه وعبوره الآن خطير مما يعني الموت لمن يحاول. ونحن الآن نرى بالروح والإيمان السلام الدائم والفرح الدائم في السماء. ولكن علينا أن نجتاز الموت أولاً. وكان التابوت ينبغي أن يمر أولاً وهكذا المسيح إجتاز الموت أمامنا وتذوقه (عب14:2،15) وبعد تقدم التابوت كان لابد أن يعبر الشعب وهذا يعني أنه لابد أن نجتاز الموت جميعنا. وكما أن نهر الأردن توقف عن الجريان إلى البحر الميت هكذا لم يعد للموت سلطان علينا. ولنلاحظ أن الشعب قد اقترب من الأردن وهم لا يعرفون كيف سيعبرونه ولكنهم تقدموا بإيمان بأن هناك حل، وهكذا علينا أن نقترب من الموت بل من كل تجربة وشدة مؤمنين بأننا في المسيح قادرين على اجتيازها وأنها لن تسود علينا.
إلا أننا نلاحظ أن عبور الشعب للأردن كان بداية حياة جديدة لهم في الأرض الجديدة لذلك يفسر عبور الأردن بطريقتين تكمل كل منهما الأخرى.
1. يشير عبور الأردن للموت الحقيقي والقيامة بالجسد الممجد الذي نحيا به في السماء.
2. يشير عبور الأردن للمعمودية فهي موت وقيامة مع المسيح، وهي موت عن شهواتنا (كو3:3 + رو5:6،6) وبالمعمودية نبدأ حياتنا في الكنيسة ونبدأ جهادنا ضد الخطية، وهذا كما بدأ الشعب حياته في الأرض الجديدة مع يشوع في حروب كنعان. وفي التفسير سنستخدم كلا التفسيرين وسنشير لهما بالأرقام I، II.
الكنعانيين وأرض كنعان
كنعان هي أرض الميراث. وكنعان هو إبن حام (تك6:10، 1أي8:1) وسكن نسله في الأرض الواقعة غرب الأردن، والتي دعيت باسمه كنعان. ثم دعيت بأرض إسرائيل (1صم19:13) والأرض المقدسة (زك12:2) وأرض الموعد (عب9:11) وأرض العبرانيين (تك15:40) نسبة إلى عابر جد إبراهيم. وسكنها إبراهيم وإسحق ويعقوب وأولاده. وتركها يعقوب بسبب المجاعة هو وأولاده إلى مصر.
وكان الكنعانيون يقطنون في مدن محصنة منتشرة في السهول وكل مدينة لها ملك خاص أشبه بدويلة مستقلة ويحكم المدينة والقرى التي بجوارها. ولا توجد حكومة مركزية لكنعان كلها. ويقسم الكنعانيون لثلاث فئات.
أ. قبائل مستقرة بلغت درجة من الحضارة مثل الفينيقيين على ساحل البحر الأبيض ومثل موآب وبنى عمون شرق الأردن والأموريين بين البحر والأردن.
ب. قبائل تحسب نصف بدو مثل بني أدوم وأخرى أصغر منها.
ج. قبائل بدو تماماً أي جماعات رحّل مثل بني مديان والإسماعيليين وعماليق الذين كانوا يجولون في الصحراء العربية.
وقبائل كنعان المذكورة:
1. العناقيين: ذرية عناق. والاسم عنق يشير لضخامة الجسم وكانوا مضرباً للأمثال في ضخامة أجسامهم يظن أن جليات كان منهم.
2. الرفائيين: بعضهم سكن في أرض موآب ودعاهم الموآبيين بالإيميين (تث11:2) وبعضهم سكن في أرض بني عمون ودعاهم العمونيين بالزمزميين (تث20:2).
3. الأموريين: يدرجوا مع بقية الشعوب الكنعانية وهم من نسل حام، كان لهم مملكة شرق فلسطين تحت حكم سيحون (عد21:21). ويوحد لهم مملكة غرب فلسطين وسكنوا الجبال. وبسبب أهميتهم وقوتهم العسكرية كان اسم الأموريين يطلق على كل شعب منطقة كنعان (يش7:7 + قض10:6) ولقد استخدمهم سليمان في التسخير (1مل20:9،21).
4. الجبعونيين: جبعون هي المدينة الرئيسية للحويين وينتمون أيضاً للأموريين.
5. الحويون: هناك احتمال أنهم قسم من الحوريين، أو أن الحويون أصلهم من الحوريون (تك2:36،20).
6. الحثيون: كانوا إمبراطورية شرقية عظيمة بجوار مصر ووادي دجلة والفرات كما كشفت نقوش كركميش (تك10:23-18 + 34:26 + 2صم2:11-27).
7. اليبوسيون: كلمة يبوس معناها يدوس بالأقدام. وصارت يبوس بعد ذلك أورشليم (قض10:19 + 1أي4:11) واليبوسيون كانوا قبيلة في كنعان أخضعهم يشوع لكنهم لم يتركوا أورشليم حتى أيام داود.
8. الفرزيون: أحصوا مع الكنعانيين.
9. الجرجاشيون: أحصوا مع الكنعانيين.
سفر يشوع والأثار
إكتشفت الأثار مكان مدينة أريحا ووجدوا أثار حطام الأسوار وبقايا منزل على السور إرتفاعه ستة أقدام قائماً. ولاحظوا أن المدينة كلها محروقة بالنار كما تدل أثار الرماد والأحشاب المحروقة. وأظهرت الأثار أن المدينة لم تنهب قبل حرقها فالقمح والعدس والبصل والبلح وجد في صوامع من الطين، حتى العجين إكتشف في أوانيه لأن يشوع حرم أخذ أي شئ (17:6-18). والدلائل أشارت لأن المدينة تركت كما هي بدون بناء لعدة قرون (26:6 + 1مل34:16).
الإصحاح الأول
آية (1): "وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلاً."
بعد موت موسى: الله أخفى موسى حتى لا يؤلهوه ويعبدوه. وكان لابد لموسى أن يموت حتى يظهر يشوع. فينتهي عهد الناموس لننعم بعهد النعمة. خادم موسى= من تواضعه لم يذكر أنه القائد.
آية (2): "موسى عبدي قد مات فالآن قم اعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل."
هنا نجد أن الله يذكر يشوع بما وعد به من قبل، أن يشوع سيصبح قائداً للشعب (تث23:31) ولاحظ أن يشوع يذكر أنه خادم موسى وهذا تواضع والله يرفعه ليصير قائداً ورئيساً لشعبه وهذا يشبه (في2) أخلى ذاته أخذاً صورة عبد.. رفعه الله وأعطاه إسماً فوق كل إسم. فيشوع رمز للمسيح. قم أعبر الأردن.. وكل هذا الشعب إلى الأرض= الله أعطى لشعبه الأرض ميراثاً. وعليهم أن يعبروا الأردن أولاً وهو الآن فى فيضانه (15:3) وهو عميق سريع الجريان ولكن الله سيوقفه من أجلهم. وهذه هي خطة الله لنرث ما أعده الله لنا في أورشليم السماوية (أرض ميعادنا) لكن علينا أولاً أن نعبر الأردن أي نموت ونخلع جسد بشريتنا بلا خوف من الموت فالمسيح أبطل سلطانه ولم يعد له قوة كما توقف نهر الأردن عن السريان إلى البحر الميت (تفسير رقم I) وعلينا أن نجتاز في المعمودية فنموت مع المسيح ونقوم معه ونحيا في الأرض الآن صالبين أهوائنا مع شهواتنا حتى نخلع جسدنا العتيق (تفسير رقم II) وبكلا التفسيرين نحصل على التبني الكامل وبالتالي ميراث ملكوت السموات. ولاحظ أمر الله ليشوع قم.. أعبر فهو يأمر لأنه أي الله هو القائد الحقيقي لمسيرة الشعب. وبماذا يأمر؟ بالموت أي عبور الأردن كمقدمة للقيامة بالجسد الممجد. الذي نرث به الأرض السماوية. وكل هذا الذي حدث للشعب كان بسبب وجود يشوع مع تابوت العهد في وسطهم رمزاً لأن المسيح هو الذي حطم وكسر شوكة الموت بطاعته وموته وقيامته فهو القيامة والحياة وعلينا أن نثبت فيه فهو الطريق وهو القيامة فنقوم معه.
آية (3): "كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمت موسى."
الله سبق وأكد لموسى أنه سيهبهم الأرض التي سبق فوعد بها الآباء إبراهيم وأسحق ويعقوب والله يظل أميناً في وعوده بالرغم من عدم أمانتنا (رو3:3،4). ولكن الله يعرف الوقت المناسب (ملء الزمان) الذي فيه يحقق وعده. وليس معنى أن الوعد قد تأخر تنفيذه أن الله لن ينفذ وعده، بل هو وحده يعرف الوقت المناسب ولاحظ قوله تدوسه بطون أقدامكم= فالله وعدهم بالأرض (من نعمته) ولكن عليهم الجهاد ليحصلوا عليها. فالله يعطي بلا حدود وجهادنا وإرادتنا هم الذين يصنعون الحدود. وهذا يشير لأهمية الجهاد مع عمل نعمة الله. وهناك رأى لبعض الآباء أن أرض كنعان التي وهبها الله للشعب تشير للمركز الذي كان لإبليس وجنوده قبل السقوط وبسقوطه وسقوطنا بغوايته وطأ قلوبنا تحت قدميه. وعلينا تحت قيادة يشوعنا الحقيقي المسيح يسوع أن نسترد أرضنا ونطأ إبليس وجنوده تحت أقدامنا (لو19:10) فنسترد قلوبنا ونحتل أيضاً المركز الذي كان لإبليس قبلاً. ولكن حتى أتمتع بمكان رئيس الشياطين في السموات علىّ الآن أن أتأهل بالرب يسوع أن أسحق الشيطان تحت قدمي (رو20:16) وهذا هو جهادنا الآن.
آية (4) : "من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع ارض الحثيين وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم."
هذه الحدود المذكورة هنا تحدد أرض الميعاد وهذه الحدود تحققت فعلاً أيام داود وسليمان. والله يحدد لهم الأرض حتى لا يطمعوا في ضم الأراضي حولهم.
من البرية= برية سيناء والعربية الصخرية حدوداً جنوبية. ولبنان= حدوداً شمالية. النهر الكبير= هو الفرات وهو الحد الشرقي. وإلى البحر الكبير= أي البحر المتوسط كحد غربي ولاحظ قوله البحر الكبير، لأن اليهود يقولون لفظ يم على كل تجمع مائي (يم أي بحر) فالبحر الميت يسمى يم وهكذا بحيرة طبرية فبالمقارنة معهما يصير البحر المتوسط هو البحر الكبير. جميع أرض الحثيين= الحثيين هم أقوى شعوب الكنعانيين، والله يعدهم بهذا ليطمئنهم ومكانهم شمال فلسطين (قض26:1) بين الفرات ولبنان (يش4:1) وبعضهم جنوب فلسطين بقرب حبرون "(تك3:23) وكأن معنى القول ستمتلكون حتى أرض الحثيين الأقوياء وإذا حدث هذا فمن المؤكد أنكم ستمتلكون باقي أراضي الكنعانيين.. وروحياً نلاحظ أن أرض الميعاد تبدأ حدودها بالبرية الخربة فخارج المسيح خراب وما يدخله المسيح يعطيه أن يصير جنة مثمرة تفرح قلب الله (لبنان). وهكذا بالمسيح نتحول من برية خربة إلى السموات نفسها. وهذه الجنة يرويها النهر الكبير (رؤ1:22) رمزاً للروح القدس (الذي يبدأ عمله مع الإنسان من لحظة المعمودية) حتى السماء. ويظل أيضاً خارج أرض الميعاد البحر الكبير بمياهه المالحة التي لا تروى وأمواجه المضطربة رمز للعالم.وإذا فهمنا أن البحر يشير للعالم والأمم الذين فيه، تكون هذه الآية نبوة عن دخول الأمم إلى الإيمان لأننا نلاحظ قوله نحو مغرب الشمس يكون تخمكم= أي حدودكم يحددها مكان مغرب الشمس والشمس إذا غربت عن مكان تشرق في مكان آخر من العالم أي إشراقها دائم على كل الأرض. والمسيح شمس برنا حين أشرق، أشرق على كل المسكونة والإيمان به أمتد إلى كل العالم.
الآيات (5،6) : "لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك كما كنت مع موسى أكون معك لا أهملك ولا أتركك. تشدد وتشجع لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم."
هنا نرى أن الله هو العامل الحقيقي في هذا الخلاص، هو الذي يختار يشوع وهو الذي يسنده ويسند الشعب وهو أمين في تحقيق مواعيده. الله دعا يشوع للعمل ولكن ليكون الله نفسه هو العامل به وفيه. ونحن مع الله ندرك أننا مختفين فيه وهو القائد الحقيقي للمعركة فلا نخاف من قوات الظلمة فهي ليست ثائرة علينا بل على القائد الإلهي نفسه. لذلك يقول الله لا أهملك ولا أتركك= فالله يريد أن يكون خدامه مملوئين رجاء وثقة فيه (2كو14:2 + رو37:8) ومن يهمله الله يتركه الله يدافع عن نفسه ومن لا يهمله الله يدافع الله عنه. وليس معنى هذا أننا لن نجد مقاومين بل معنى لا يقف إنسان في وجهك= أي لا يثبت إنسان في وجهك وشروط هذا الوعد حتى يتحقق [1] الإيمان [2] طاعة وصايا الله (يش11:7،12). ونحن لنا مقاومين هم قوات شر روحية وعلينا بإيمان أن لا نخاف منهم (أف12:6) بل تشدد وتشجع= فيشوع خاف من قيادة هذا الشعب المتمرد، وخاف من المدن المحصنة. وكل خادم يخاف من خدمة النفوس الشريرة ويرى صعوبة توبتها لا يدري أن الله هو الذي يقود هذه النفوس للتوبة وليس الخادم نفسه.
الآيات (7،8): "إنما كن متشددا وتشجع جداً لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يميناً ولا شمالاً لكي تفلح حيثما تذهب. لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهاراً وليلاً لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح."
هنا ثلاث أمور هامة لتنجح أي خدمة:
1. الإيمان: تشجع.. لكي تتحفظ= تتحفظ أصلها تنتبه وتراقب وتصون وتحترز وهو يستطيع أن يفعل هذا لو تشجع فكلمة لكي عائدة على تشجع أي آمن بالله وكن شجاعاً.
2. طاعة الوصية: لا تمل عنها يميناً ولا شمالاً لكي تفلح= قارن مع (مز3:1). والتشبيه هنا أن الوصية كطريق مستقيم عليه أن يتنبه أن لا يحيد عنه وإلاّ ضل هدفه.
3. التمسك بشريعة الله واللهج فيها: لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك= كلمة الله هي السلاح الحقيقي للخادم عليه أن يحيا بها.
الآيات (9،10) " اما امرتك تشدد و تشجع لا ترهب و لا ترتعب لان الرب الهك معك حيثما تذهب. فأمر يشوع عرفاء الشعب قائلاً."
عرفاء الشعب= كان هؤلاء العرفاء هم المدبرين الذين يعملون تحت المسخرين المصريين لحساب عد الطوب (خر6:5) وعملوا كرؤساء ألوف ومئات وعشرات كنواب للرئيس وكقادة للجيش لتحقيق العدالة وقيادة الشعب بعد الخروج (تث15:1)
آية (11): "جوزوا في وسط المحلة وأمروا الشعب قائلين هيئوا لأنفسكم زاداً لأنكم بعد ثلاثة أيام تعبرون الأردن هذا لكي تدخلوا فتمتلكوا الأرض التي يعطيكم الرب إلهكم لتمتلكوها."
إصحاح (2) الذي يتكلم عن حادثة الجاسوسين سبق هذه الآيات زمنياً.
هيئوا لأنفسكم زاداً= كلمة زاد تشير لكل أنواع الطعام حتى لحوم الحيوانات، وحتى هذه اللحظة كان الشعب يقتات على المن. وربما بدأ المن يقل استعداداً لدخولهم أرض الميعاد حيث يجدون الحنطة الجديدة. لذلك يطلب منهم إعداد الزاد للمسيرة. والمن كان قد توقف بعد دخولهم أرض الميعاد. ولكن روحياً نفهم أن الزاد هو روحي استعداداً لهذا العمل العظيم وليس الزاد المادي فقط، بل أن بعض الكتاب اليهود فهموها هكذا. ونحن محتاجين للزاد السماوي استعداداً ليوم دخولنا كنعان السماوية. وهذا الزاد السماوي هو إقتناء حياة المسيح المقامة كحياة لنا ويكون هذا بأن نلهج في كلمة الله ليلاً ونهاراً وننفذ وصاياه في إيمان قوي غير خائفين إنتظاراً للقيامة العامة التي تشير لها رقم (3) بعد ثلاثة أيام تعبرون. لاحظ أن الله معنا ويشددنا ولا يطلب سوى أن لا نكف عن جهادنا حتى ندخل أرض الميعاد. وعلينا أن لا نرهب ولا نخاف حتى يأتي في مجيئه الثاني.
الآيات (12-18): "ثم كلم يشوع الرأوبينيين والجاديين ونصف سبط منسى قائلاً. اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرب قائلا الرب إلهكم قد أراحكم وأعطاكم هذه الأرض. نساؤكم وأطفالكم ومواشيكم تلبث في الأرض التي أعطاكم موسى في عبر الأردن وأنتم تعبرون متجهزين أمام اخوتكم كل الأبطال ذوي البأس وتعينونهم. حتى يريح الرب اخوتكم مثلكم ويمتلكوا هم أيضاً الأرض التي يعطيهم الرب إلهكم ثم ترجعون إلى أرض ميراثكم وتمتلكونها التي أعطاكم موسى عبد الرب في عبر الأردن نحو شروق الشمس. فأجابوا يشوع قائلين كل ما أمرتنا به نعمله وحيثما ترسلنا نذهب. حسب كل ما سمعنا لموسى نسمع لك إنما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى. كل إنسان يعصى قولك ولا يسمع كلامك في كل ما تأمره به يقتل إنما كن متشددا وتشجع."
الله كان قادراً أن يخلص التسعة أسباط ونصف دون جهاد السبطين ونصف لكن الله يقدس العمل البشري والوحدة، فألزمهم بالعمل مع أخوتهم ما دامت لهم قوة للعمل، وما داموا قادرين على الجهاد، فالله لا يستخدم المعجزات إلا بالقدر الذي لا يوجد فيه طريق آخر للخلاص سوى المعجزة. فالله لا يحتقر بل يطلب جهاد الإنسان ولكن الإنسان في جهاده عليه أن يعرف أن المعونة هي من الله "ليس الزارع ولا الساقي بل الله الذي ينمي ولكن لابد من وجود الزارع والساقي حتى ينمي الله العمل" وفي آية (13) أراحكم= أعطاكم أرض شرق الأردن ولكن من أراحه الله لا يعيش لنفسه بل للآخرين وفي (17) نجد طاعة السبطين ونصف بل هم يصلون من أجل يشوع = الرب معك وفي (18) نجدهم يضعون قانون بالموت لمن يخالف يشوع.
الإصحاح الثاني
آية (1): "فأرسل يشوع بن نون من شطيم رجلين جاسوسين سراً قائلاً اذهبا انظرا الأرض وأريحا فذهبا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب واضطجعا هناك."
أريحا= تبعد 5ميل عن نهر الأردن، 20 ميل عن أورشليم فى اتجاه شمال الشرق. وكانت خطة يشوع العسكرية أن يبدأ بأريحا فهي قائمة عند مدخل الممرات الجبلية المؤدية للبلاد الكنعانية، فهي المدخل الشرقي لكنعان ومن يحتلها يسهل دخوله لكل المدن الهامة. ويشوع فضل أن يكون دخوله من الشرق وليس من الجنوب فمن ناحية الجنوب توجد تحصينات قوية لسبب خوفهم من مصر فضلاً عن أن إقتراب جيوشه من مصر سيكون سبباً في مناوشات عسكرية مع مصر وهو لا يريد هذا، ومن ناحية أخرى فتحصينات الكنعانيين من ناحية الشرق ضعيفة فهم اعتمدوا على الأردن كعائق مائي يحول دون تقدم جيوش الأعداء. ويشوع أرسل جاسوسين ليعرفا طرق الاقتراب لأريحا ويعرفا استعدادات الدفاع. فالجواسيس والخطط العسكرية لا مانع منها فمع وعود الله لا مانع من التخطيط والتدبير.
امرأة زانية اسمها راحاب= كانت صاحبة خان (فندق) لذلك نزل الجاسوسين عندها وكلمة صاحبة خان وكلمة زانية تقريباً هما نفس الكلمة، فقديماً كانت صاحبة الخان ليست بعيدة عن الشبهات في نظر الناس. ولعل سلمون زوجها كان أحد الجاسوسين (مت5:1) وعموماً فسلمون زوجها هو شخص من سبط يهوذا وهو أبو بوعز زوج راعوث وراحاب هذه بإيمانها صارت رمزاً لدخول الأمم للإيمان بل صارت أماً للمسيح. فالله لا يرفض الأمم بل يرفض رجاساتهم. وهنا نرى الجانب البشري في الخلاص ألا وهو الإيمان الحي العامل الذي جعل راحاب تحمي الجاسوسين وتطلب حمايتهما لها ولأسرتها. وإن كان يشوع يرمز للمسيح فالجاسوسين يرمزان لتلاميذ المسيح وهم إثنين رمز لإرسال المسيح رسله لليهود والأمم. ولاحظ أنه كان هناك عشرات الأماكن في أريحا يمكن أن يذهب لها الجاسوسين لكنهما ذهبا إلى راحاب وهذه ليست مصادفة فلا توجد مصادفات في حياتنا بل هو تدبير إلهي محكم. فلو ذهب الجاسوسين لأي أحد آخر غير راحاب لقتلا ولما آمنت راحاب. إذاً كل أمور حياتنا ليست من تدبير المصادفات بل هي يد الله التي تقود دون أن ندري. وراحاب هذه آمنت بالله فوجدت خلاصاً رغماً عن خطاياها السابقة. وهي سمعت عن عمل الله مع الشعب كما سمع كل أهل المدينة وهي وحدها آمنت، فالإيمان مسئولية شخصية بل طلبت حماية الشعب لها وهذا هو الإيمان العملي الذي خلصها (عب31:11 + يع25:2). ولاحظ خلاص راحاب بإيمانها بينما هلك شعب الله وماتوا في البرية بسبب عدم الإيمان. فراحاب إذاً اغتصبت بإيمانها المواعيد الإلهية وتوبتها، والتوبة كما يقول الآباء تحول الزاني لبتول.
الآيات (2-5): "فقيل لملك أريحا هوذا قد دخل إلى هنا الليلة رجلان من بني إسرائيل لكي يتجسسا الأرض. فأرسل ملك أريحا إلى راحاب يقول اخرجي الرجلين اللذين أتيا إليك ودخلا بيتك لأنهما قد أتيا لكي يتجسسا الأرض كلها. فأخذت المرأة الرجلين وخبأتهما وقالت نعم جاء إلى الرجلان ولم اعلم من أين هما. وكان نحو انغلاق الباب في الظلام انه خرج الرجلان لست اعلم أين ذهب الرجلان اسعوا سريعاً وراءهما حتى تدركوهما."
هاج ملك أريحا على الجاسوسين، وروحياً نفهم أن مع كل إرسالية إلهية أو عمل إلهي يهيج عدو الخير ليبعث إرسالية شيطانية بقصد تحطيم الإيمان (إيمان راحاب) وإرهاب خدام الله (الجاسوسين). نحو إنغلاق الباب= قرب الوقت الذي يغلق فيه باب المدينة.
آية (6): "وإما هي فأطلعتهما على السطح ووارتهما بين عيدان كتان لها منضدة على السطح."
منضدة= كانوا يرصون عيدان الكتان بعضها فوق بعض بنظام خاص. وكانوا يضعونها على السطح تحت ضوء وحرارة الشمس لتيبس ثم يأخذون الألياف لتغزل وتنسج، والعيدان يستخدمونها كوقود. وإذا فهمنا أن الكتان في بياضه يرمز للحياة السماوية النقية يصير لما فعلته راحاب معنى روحي رائع. فالمسيح أرسل رسله إلى الأمم= يشوع أرسل الجاسوسين إلى أريحا (وإلى راحاب). والأمم آمنوا بالمخلص بقلوبهم وأخفوا إيمانهم في قلوبهم= وراحاب أخفت الجاسوسين في منزلها. والإيمان جعل المؤمنين يرتفعون لحياة سماوية نقية = كما صعدت راحاب للسطح والكتان رمز للنقاوة.
آية (7): "فسعى القوم وراءهما في طريق الأردن إلى المخاوض وحالما خرج الذين سعوا وراءهما أغلقوا الباب."
المخاوض= المعابر التي يعبرون فيها نهر الأردن خوضاً بالقدمين وهي الأماكن الضحلة أو بالقوارب والجسور في الأماكن العميقة.
الآيات (8-11): " و اما هما فقبل ان يضطجعا صعدت اليهما الى السطح. و قالت للرجلين علمت ان الرب قد اعطاكم الارض و ان رعبكم قد وقع علينا و ان جميع سكان الارض ذابوا من اجلكم. لاننا قد سمعنا كيف يبس الرب مياه بحر سوف قدامكم عند خروجكم من مصر و ما عملتموه بملكي الاموريين اللذين في عبر الاردن سيحون و عوج اللذين حرمتموهما. سمعنا فذابت قلوبنا و لم تبق بعد روح في انسان بسببكم لان الرب الهكم هو الله في السماء من فوق و على الارض من تحت."
هذا الكلام تحقيق لنبوة موسى (خر14:15-16) بل لاحظ أن راحاب استخدمت نفس كلمات موسى "ذابوا من أجلكم" فأعمال الله بل حتى نشيد موسى وصل لهم. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد.
آية (12-17): " فالان احلفا لي بالرب و اعطياني علامة امانة لاني قد عملت معكما معروفا بان تعملا انتما ايضا مع بيت ابي معروفا. و تستحييا ابي و امي و اخوتي و اخواتي و كل ما لهم و تخلصا انفسنا من الموت. فقال لها الرجلان نفسنا عوضكم للموت ان لم تفشوا امرنا هذا و يكون اذا اعطانا الرب الارض اننا نعمل معك معروفا و امانة. فانزلتهما بحبل من الكوة لان بيتها بحائط السور و هي سكنت بالسور. و قالت لهما اذهبا الى الجبل لئلا يصادفكما السعاة و اختبئا هناك ثلاثة ايام حتى يرجع السعاة ثم اذهبا في طريقكما. فقال لها الرجلان نحن بريئان من يمينك هذا الذي حلفتنا به."
هناك سؤال!! ألم تخن راحاب شعبها؟ بل هي كانت على ثقة أن الله يريد هذا وهي أطاعت الله أكثر من الناس وهي تأكدت من هلاك أريحا بأمر الرب فربطت نفسها مع شعب الله. وها نحن بالإيمان متأكدون من هلاك العالم أو على الأقل أننا نحن سنموت ونترك العالم فهل ربطنا أنفسنا بالله. ومحبة راحاب لأهلها هو نفس ما ردده بولس الرسول (رو1:9،2) فإيمانها لم يكن فيه أنانية ولا إنعزالية.
هذه المرأة الأممية التي شربت التعاليم الوثنية وتعلمت عبادة الأوثان والزنا حينما سمعت ما عمله الله مع شعبه صدقت الواقع والنبوات وتركت كل الجهل الذي عاشت فيه وآمنت بل طلبت وتشفعت عن أهلها. وهي غالباً سمعت عن طريق نزلاء فندقها عن عمل الله مع شعبه ولذلك سمع كل سكان أريحا. لكنها هي وحدها استجابت لعمل الله في قلبها.
الآيات (18-21): " هوذا نحن ناتي الى الارض فاربطي هذا الحبل من خيوط القرمز في الكوة التي انزلتنا منها و اجمعي اليك في البيت اباك و امك و اخوتك و سائر بيت ابيك. فيكون ان كل من يخرج من ابواب بيتك الى خارج فدمه على راسه و نحن نكون بريئين و اما كل من يكون معك في البيت فدمه على راسنا اذا وقعت عليه يد. و ان افشيت امرنا هذا نكون بريئين من حلفك الذي حلفتنا. فقالت هو هكذا حسب كلامكما و صرفتهما فذهبا و ربطت حبل القرمز في الكوة."
الحبل القرمزي= قال بعض المفسرين أن الحبل القرمزي هو نفس الحبل الذي نزل عليه الجاسوسين من الكوة وهو نفسه الذي كان على راحاب أن تربطه على كوتها والبعض قالوا بل هو حبل آخر. والحبل القرمزي يشير لدم المسيح "فبدون سفك دم لا تحدث مغفرة" (عب22:9 + 1بط18:1،19). فإذا فهمنا هذا لابد أن يكون الحبل الذي نجا به الجاسوسين هو نفس الحبل الذي نجا به بيت راحاب وراحاب نفسها، والحبل يرمز لدم المسيح. وهذا هو نفس ما حدث للشعب الذي نجا بدم خروف الفصح ليلة الخروج من مصر حينما وضعوا الدم على أبوابهم. ولاحظ أن من سيكون خارج البيت في الحالتين يهلك والبيت يرمز للكنيسة فلا خلاص خارج الكنيسة.
آية (22): "فانطلقا وجاءا إلى الجبل ولبثا هناك ثلاثة أيام حتى رجع السعاة وفتش السعاة في كل الطريق فلم يجدوهما."
غالباً حدد ملك أريحا 3 أيام للسعاة يفتشون خلالها عن الجاسوسين لذلك طلبت منهم راحاب أن يختبئوا 3 أيام في الجبل. وروحياً الجبل يشير للمسيح (دا 34:2،35) الذي يجب أن يختبئ فيه كل من يريد أن ينجو ويهرب من يد إبليس أي ملك أريحا وجنوده السعاة الذين يسعون لهلاك كل مؤمن. لذلك نصلي رفعت عيني إلى الجبال (مز1:121). ولذلك طلب إبليس من المسيح أن يلقي نفسه من على الجبل فهو يحب أن يسقط كل إنسان ليتحطم. ولاحظ أن رقم (3) يتكرر فعلينا أن نظل محتمين بالجبل ثابتين فيه حتى قيامتنا بالجسد الجديد أو بثباتنا فيه تكون لنا الحياة المقامة مع يسوع القائم من بين الأموات، الحياة المنتصرة.
الآيات (24،23): "ثم رجع الرجلان ونزلا عن الجبل وعبرا وأتيا إلى يشوع بن نون وقصا عليه كل ما أصابهما. وقالا ليشوع أن الرب قد دفع بيدنا الأرض كلها وقد ذاب كل سكان الأرض بسببنا."
إن الرب قد دفع بيدنا= لقد نزلا الجاسوسين عن الجبل لا ليتركوا الحياة المقامة بل ليبشروا بما نالوه من قوة الإيمان وما نالوه من عون إلهي. هم نزلوا لإخوتهم ليفرحوا قلوبهم فيصعد الجميع للجبل ويحصل الجميع على الحياة المقامة.
ما أعظم راحاب التي قبلت الإيمان (الجاسوسين) وتحولت حياتها الزانية لطهارة (الكتان) واحتمت بدم المسيح (القرمز) وتشفعت عن أهلها ليخلصوا مثلها.
الإصحاح الثالث
الآيات (1-4): "فبكر يشوع في الغد وارتحلوا من شطيم وأتوا إلى الأردن هو وكل بني إسرائيل وباتوا هناك قبل أن عبروا. وكان بعد ثلاثة أيام أن العرفاء جازوا في وسط المحلة. وأمروا الشعب قائلين عندما ترون تابوت عهد الرب إلهكم والكهنة اللاويين حاملين إياه فارتحلوا من أماكنكم وسيروا وراءه. ولكن يكون بينكم وبينه مسافة نحو ألفي ذراع بالقياس لا تقربوا منه لكي تعرفوا الطريق الذي تسيرون فيه لأنكم لم تعبروا هذا الطريق من قبل."
عبور نهر الأردن إلى كنعان أرض الميعاد يشير لموتنا بالجسد الذي بعده ندخل إلى كنعان السماوية ويشير لموتنا الآن عن خطايانا بعد أن متنا مع المسيح في المعمودية وقمنا معه. لذلك فعبور الأردن يشير لقيامتنا بالجسد الممجد بعد مجيء المسيح الثاني وعربون هذا هو قيامتنا بالمعمودية مع المسيح الآن في هذا العالم ولذلك نجد تكرار رقم (3). وكان بعد 3 أيام = إذاً العبور كان في اليوم الثالث لأن القيامة كانت في اليوم الثالث ورقم 3 يشير أيضاً للثالوث ويشير للروح القدس الأقنوم الثالث وبهذا يكتمل المعنى فلا عبور في مياه المعمودية دون إيمان بالثالوث الأقدس حيث نتقبل البنوة للآب، بعمل الروح القدس
والعضوية في جسد الإبن الوحيد ويقوم الروح القدس المحيي بتثبيتنا في الابن. فالحياة المقامة مع المسيح رمزها رقم (3) (إيمان بالثالوث الأقدس/ القيامة في اليوم الثالث/ عمل الروح القدس المحيي في الأسرار خصوصاً المعمودية وهو الأقنوم الثالث) فالمعمودية إذاً هي تمتع بعمل الثالوث الأقدس في حياتنا الآن كعربون لما سنحصل عليه بعد موتنا بالجسد وحصولنا على الجسد الممجد والتبني الكامل (رو23:8). لذلك وقف الشعب مع يشوع 3 أيام قبل عبور الأردن، هذا هو سر الأيام الثلاثة. سر القيامة مع المسيح في اليوم الثالث فلا عبور في الأردن وتمتع بإمكانيات المعمودية إلا خلال الدفن مع السيد 3 أيام والقيامة به ومعه. والمسيح مات بالجسد ودفن أما نحن فنموت عن الخطية الآن، فإن فعلنا نشاركه القيامة والحياة حتى إذا إنتهى طريق حياتنا الأرضي بالموت يكون لنا التمتع بالجسد المقام الممجد في كنعان السماوية. وحينما نثبت الآن في المسيح بتوبتنا وموتنا عن خطايانا يكون موتنا بالجسد هو إنتقال كما حدث للشعب ولم يكن لنهر الأردن سلطان أن يقتلهم ونحن لن يكون للموت سلطان علينا "أين شوكتك يا موت" ولكن كيف حصلنا على هذا؟ بينكم وبينه 2000 ذراع بالقياس. رقم 2 يشير للتجسد. فالمسيح بتجسده جعل الاثنين واحداً (أف14:2)وصرنا من لحمه وعظامه أعضاء جسمه (أف30:5). ورقم 1000 يشير للسماويات فنحن في المسيح صارت لنا حياة سماوية (اف6:2). فإمكانية أن تكون لنا حياة سماوية مقامة في المسيح كانت بالتجسد.
من شطيم= في شطيم كان للشعب ذكريات أليمة حيث أخطأوا مع بنات موآب وعبدوا بعل فغور وضربهم الله بالوبأ ومات منهم 24000 وهناك مات موسى. وهذا هو حالنا قبل المسيح وتجسده، وقبل المعمودية الآن والحياة المقامة مع المسيح، فما قبل المسيح خطية وعقوبة، لعنة وموت. ولكن لاحظ قول الكتاب ارتحلوا من شطيم وأتوا إلى الأردن فبالمسيح نترك عالم الخطية والموت (شطيم) ونأتي بالمعمودية (الأردن) للحياة المقامة هنا استعداداً وعربوناً لكنعان السماوية. والكهنة اللاويين حاملين إياه= حمل التابوت كان عمل القهاتيين ولعظم المناسبة حمله الكهنة ولأن المعمودية هي عمل الكهنة وعبور الأردن يشير للمعمودية. نحو ألفي ذراع= [1] مسافة كافية لكي يراه كل واحد فيستطيع أن يتبعه [2] لا جمهرة حوله من الشعب وفي هذا احترام للتابوت ولا تزاحم حوله. [3] كان التابوت غير محاط بالجند والشعب ليحموه فهو الذي يحميهم وليس هم الذين يحمونه. وهذه المسافة 2000ذراع حوالي 1000متر تقريباً. لا تقربوا منه= لأن التزام الشعب أن يبقى على بعد حوالي 2000 ذراع يشير إلى أن مؤمني العهد القديم ككل وإن كانوا ينعمون بالخلاص لكن عن بعد، خلال الرموز والنبوات، خلال الظلال وشبه السمويات لأن التجسد لم يكن قد حدث بعد. ولكن بعد التجسد صار هو الطريق والحياة بل صار هو يحملنا فيه وهو فينا وفي وسط كنيسته يقودنا بلا مسافات. لأنكم لم تعبروا هذا الطريق من قبل= يشوع ينبههم أن لا يحاولوا الاقتراب من التابوت بسبب خوفهم من الطريق الذي لم يسلكوه من قبل أي عبور نهر الأردن. ولكن هذا الكلام له صدى آخر عندنا ومعناه [1] لا تندهشوا وصدقوا أن المسيح قادر أن يقودكم في طريق القداسة في هذا العالم ويعطيكم حياة مقامة [2] لا تخافوا من الموت، الطريق الذي لم تسلكوه من قبل فإن كنتم ثابتين في المسيح فهو الطريق وهو القيامة وهو الحياة. ولاحظ عبور يشوع والتابوت وسطهم رمز لعبور يسوع كمخلص لنا. ويشوع مع التابوت مع الكهنة حاملي التابوت يشيروا للمسيح وسطنا وهو رئيس كهنتنا الذي يشفع فينا والتابوت يشير لكلمة الله في وسطنا "لوحي الشريعة" وغطاء التابوت يشير لعمل المسيح الكفاري الذي لا يطلب دينونتنا إن كنا ثابتين فيه.
آية (5،6): "وقال يشوع للشعب تقدسوا لأن الرب يعمل غداً في وسطكم عجائب. و قال يشوع للكهنة احملوا تابوت العهد و اعبروا امام الشعب فحملوا تابوت العهد و ساروا امام الشعب."
تقدسوا= طالبهم يشوع بالتقديس ليروا عجائب الله في وسطهم، وهذه العجائب ليست ثمن تقديس أنفسهم بل هي عطايا مجانية تقدم لمن يعلن اشتياقه وإيمانه بعمل الله خلال جديته واستعداده لقبول نعم الله وعطاياه. والتقديس بالنسبة لليهود كان بالتوبة والامتناع عن كل ما ينجس والاغتسال بماء وغسل ثيابهم، كل هذا ليجذب إنتباههم وتركيزهم على المعجزة التي ستحدث، ولكل من يريد أن الله يعمل معه أن يتقدس ومن يتقدس يدرك عمل الله ولكن لنفهم أن عمل الله ليس ثمناً لجهادنا.
الآيات (8،7): "فقال الرب ليشوع اليوم ابتدئ أعظمك في أعين جميع إسرائيل لكي يعلموا أني كما كنت مع موسى أكون معك. وأما أنت فأمر الكهنة حاملي تابوت العهد قائلاً عندما تأتون إلى ضفة مياه الأردن تقفون في الأردن."
اليوم ابتدئي أعظمك= يشوع يرمز للمسيح الذي رفعه الله وأعطاه إسماً فوق كل اسم (في9:2-11). ولنلاحظ أن عظمة يشوع إرتبطت بعبور الأردن ولنلاحظ:-
1. عبور الأردن بحسب تفسير I أنه الموت بالجسد. إذاَ عظمة المسيح ظهرت في قيامته من الموت منتصراً على الموت بل أعطى للبشر أيضاً أن يقوموا هم أيضاً.
2. عبور الأردن بحسب تفسير II أنه المعمودية. فالمسيح تعمد في الأردن وعند خروجه من الماء عظمه الآب بشهادته له "هذا هو ابني الحبيب.." "(مت17:3) ولقد تعظم المسيح أيضاً بما أعطاه لنا حيث صرنا نحمل الثالوث المقدس نفسه. وصرنا هيكلاً لله نتقبل روحه القدوس فينا خلال سر الميرون وصار ملكوت الله داخلنا (لو21:17) يسكن الله فينا يملك علينا (راجع رو6).
ما كان ممكناً للشعب أن يعبروا ما لم يتقدم يشوع والكهنة حاملي التابوت ويقفوا في الأردن.
عندما تأتون إلى ضفة مياه الأردن تقفون في الأردن= وهذه صورة رمزية لحقيقة الخلاص فما كان لنا أن ننعم بالحياة الجديدة ولا أن نجتاز الأردن بقوة ما لم يدخل يسوعنا المحيي الأردن بنفسه ويقف فيه لكي يحملنا على كتفه وينطلق بنا إلى ملكوته. لقد دفن يسوع في القبر كما وقف يشوع في الماء مع التابوت. ولم تؤثر المياه ولم تغرق يشوع كما أن الموت لم يستطع أن يحبس المسيح بل قام منتصراً على الموت. هذا هو سر عظمة المسيح. وهو كقائد لنا حينما نسلمه قيادة أنفسنا يعبر بنا من الموت إلى الحياة ومن شطيم إلى الأردن أي من الخطية إلى التقديس والحياة المقامة معه. ولاحظ أنهم وقفوا في الأردن حتى عبر الجميع وهذه هي نفس صورة سفر الرؤيا (11:6) فمن سبقنا إلى الراحة سيستمر في هذه الحالة إلى أن يكمل باقي أعضاء جسد المسيح عملهم على الأرض ويكمل جسد المسيح (كو24:1 + رؤ 11:6).
آية (9،10): " فقال يشوع لبني اسرائيل تقدموا الى هنا و اسمعوا كلام الرب الهكم. ثم قال يشوع بهذا تعلمون أن الله الحي في وسطكم وطرداً يطرد من أمامكم الكنعانيين والحثيين والحويين والفرزيين والجرجاشيين والاموريين واليبوسيين."
بهذا تعلمون= هناك علامة سترونها وهي وقوف الماء وإنشقاق الأردن فإذا رأيتم هذه العلامة العجيبة وسلطان الله على الطبيعة فتأكدوا من أن الله سيكمل باقي وعوده ويطرد من أمامكم باقي الأمم فالله في وسطكم ولاحظ قوله الله الحي= لأن نزول الأردن يشير للموت ووصفه بالحي هو مقارنة مع آلهة الشعوب المذكورة وهي آلهة ميتة لم تستطع حماية شعوبها. وهنا نلحظ:- خطين رئيسيين في ليتورجيا المعمودية
1. إقامة مملكة المسيح بظهوره وسط أولاده، ساكناً فيهم.
2. طرده وتحطيمه مملكة إبليس المرموز إليها بهذه الأمم الوثنية ونهاية إبليس البحيرة المتقدة.
آية (11): "هوذا تابوت عهد سيد كل الأرض عابر أمامكم في الأردن."
تابوت عهد= أو تابوت الشهادة عابر أمامهم. إذاً عليهم الالتزام بالوصايا في الأرض الجديدة.
آية (12): "فالآن انتخبوا اثني عشر رجلاً من أسباط إسرائيل رجلاً واحداً من كل سبط."
الاثنى عشر رجلاً= يكونوا مستعدين لما سيحدد لهم من عمل (في ص 4) أي حمل الأحجار.
الآيات (13-17): "ويكون حينما تستقر بطون أقدام الكهنة حاملي تابوت الرب سيد الأرض كلها في مياه الأردن أن مياه الأردن المياه المنحدرة من فوق تنفلق وتقف نداً واحداً. ولما ارتحل الشعب من خيامهم لكي يعبروا الأردن والكهنة حاملو تابوت العهد أمام الشعب. فعند إتيان حاملي التابوت إلى الأردن وانغماس أرجل الكهنة حاملي التابوت في ضفة المياه والأردن ممتلئ إلى جميع شطوطه كل أيام الحصاد. وقفت المياه المنحدرة من فوق وقامت نداً واحداً بعيداً جداً عن أدام المدينة التي إلى جانب صرتان والمنحدرة إلى بحر العربة بحر الملح انقطعت تماماً وعبر الشعب مقابل أريحا. فوقف الكهنة حاملو تابوت عهد الرب على اليابسة في وسط الأردن راسخين وجميع إسرائيل عابرون على اليابسة حتى انتهى جميع الشعب من عبور الأردن."
وصل الكهنة إلى النهر وغمسوا أرجلهم في مياهه من عند ضفته الشرقية وقد كان هذا في شهر نيسان في موسم حصاد الشعير والكتان وهو موسم فيضان نهر الأردن حيث يرتفع الماء إلى جميع شطوطه آية (15) أي شواطئه بسبب انتهاء فصل الشتاء وإقبال الربيع حيث يذوب الجليد على جبال لبنان وينساب الماء غزيراً في النهر. وكلمة الأردن تعنى الإنحدار أو المنحدر ودعي هكذا لشدة إنحداره من الشمال إلى الجنوب فبينما يكون الارتفاع في بعض منابعه 1700قدم عن سطح البحر (عند موقع حاصبيا) ينخفض مجرى النهر في بحيرة الحولة إلى 9 أقدام فوق سطح البحر وعند بحر الجليل يصير الارتفاع 685 قدماً تحت سطح البحر حتى يصب في البحر الميت الذي ينخفض إلى 1275قدماً تحت سطح البحر. =المياه المنحدرة من فوق. أية (13) وفضلاً عن ذلك فإن المجري يتسع في وقت الفيضان فالنقطة المواجهة لأريحا يتراوح اتساعها ما بين 45-55متراً بينما في وقت الفيضان يصل اتساعها على الضعف ومن ذلك نتصور ضخامة مياه الفيضان وسرعة جريان المياه في النهر وقوة إنحدارها في الظرف الذي عبروا فيه.
الفروق بين عبور البحر الأحمر وعبور الأردن:
1. البحر الأحمر إنشق نصفين ووقفت المياه المالحة على الجانبين كسور لهما أما هنا فالمياه المنحدرة من فوق تنفلق وتقف نداً واحداً بمعني أن المياه المنحدرة من أعلى تبقى حيث المنبع متوقفة في هذا الجانب الأيمن، أما النازلة في البحر الميت المالح فتنحدر فيه ويجف موضعها، فتكون المياه حلوة من جانب واحد.
2. من حيث الرمز فالمعمودية يشير لها عبور البحر الأحمر. وكانت مياه البحر الأحمر مالحة وبعدها جاء الشعب إلى البرية حيث كانوا في بعض الأحيان لهم حياة مقدسة وفي بعض الأحيان يخطئون وهذا إشارة لأننا بعد المعمودية نعيش حياتنا على الأرض نحاول أن نكون قديسين ولكن في بعض الأحيان تكون لنا سقطاتنا وخطايانا. ونهر الأردن مياهه حلوة لتشير إلى عمل الروح القدس. والآن فهمنا أن عبور نهر الأردن يشير للموت، إذاً ما قبل الموت أو ما قبل القيامة العامة نجد الروح القدس ينسكب على كل البشر المؤمنين سواء الأشرار أو الأبرار ومثال هذا نهر الأردن قبل إنشقاقه فهو يغذي كنعان ويذهب جزء منه للبحر الميت. أما بعد القيامة فيتوقف عمل الروح القدس مع الأشرار (ماء الأردن لا يذهب للبحر الميت) ولكنه يعمل فقط مع الأبرار في أورشليم السماوية (رؤ1:22). ولا يعود ينسكب على الأموات الذين أصابهم الموت الثاني بل ينسكب فقط على من حصلوا على القيامة الثانية.
وما حدث لنهر الأردن كان معجزة حقيقية، فهناك من حاول شرح ظاهرة إنشقاق الأردن على أنه ظاهرة طبيعية تحدث في نهر الأردن إذا حدث إنغلاق كما في الرسم فيجف النهر لساعات قليلة ثم يعود لطبيعته حينما يزول الإنسداد ولكن ما يثبت الإعجاز في شق نهر الأردن:
1) الماء يقف كسور = تقف نداً واحداً (أية 13).
2) الإنسداد كان بعيداً جداً عن أدام وصرتان وأدام وصرتان تبعدان عن موقع العبور بحوالي 16 ميل وظل الماء يعلو في هذه المنطقة حيث لاحظ الأهالي علو الماء حتى في أماكن بعيدة جداً عن أدام وصرتان (آية 16) فكيف تعلو المياه وهناك إنغلاق ولماذا تقف كند ضد الطبيعة فلا تجري لأسفل.
3) نجد في آية (17) أن الشعب عبر على اليابسة فالله جفف لهم الأرض حتى لا يعبروا على الأوحال.
4) توقيت حدوث المعجزة بمجرد لمس أرجل الكهنة للماء وتنتهي المعجزة بخروج الكهنة فلربما حدث إنسداد في النهر في مكان بعيد جداً عن أدام وصرتان أي بعيد عن يشوع والشعب ولكن ظل الماء ينساب ويعلو ويقف كند واحد. وهذه معجزة متعددة الجوانب. ونلاحظ أن العبور يشير للحياة الجديدة بعد المعمودية أو القيامة بجسد ممجد بعد ذلك وهذا بجسد بعيد جداً عن الجسد الحالي الترابي (أدام تشير للتراب الأحمر) وكلمة أدام مأخوذ منها اسم آدم، الجسد الترابي الأول.
3. العبور مع موسى كان في مياه مالحة رمز للناموس الذي يدخل بنا إلى المرارة أما العبور مع يشوع رمز المسيح فكان في مياه حلوة رمز لعهد النعمة.
4. العبور مع موسى كان في اضطراب فالعدو من خلف والمياه من الجانبين أما الثاني ففي سلام. فيسوع هو الطريق فيه نستريح ولا نخاف العدو ولا تقدر المياه المالحة أن تقترب منا.
5. في العبور الأول خرجوا للبرية بألامها وإن كان الله لم يتركهم ولكن في العبور الثاني كان الدخول إلى أرض كنعان.
6. في العبور الأول كان الكل صامتاً وفي العبور الثاني حمل الكهنة الأبواق علامة الغلبة والنصرة.
7. تحقق العبور عندما استقرت بطون أقدام الكهنة حاملى تابوت الرب في مياه الأردن إشارة لأن المسيح بالموت داس الموت.
8. توقيت عبور الأردن في الفيضان مع شدة تياراته وعمقه (150-180قدماً) وإتساع النهر المضاعف يشير لقوة الموت الذي إنتصر عليه المسيح.
9. العبور الأول قد يشير لخلع الإنسان العتيق بالمعمودية والثاني يشير إلى التمتع بعطية الإنسان الجديد، الجسد النوراني.
الإصحاح الرابع
نجد هنا سر الكنيسة التي تموت مع المسيح لتقوم معه. فهنا نجد 12 رجلاً يحملون 12 حجراً من بطن الأردن لتقام خارجاً و12 حجراً من الخارج لتوضع في بطن الأردن. والـ12 رجلاً سبق اختيارهم لهذا العمل من قبل (12:3) ورقم 12 يمثل كنيسة المسيح سواء في العهد القديم (12 سبط) أو في العهد الجديد (12 تلميذ) وراجع (رؤ3:21 + 12:21 + خر27:15) [12 عين ماء رمز للكنيسة التي صار لها الروح القدس سر حياتها وتعزيتها وسط برية هذا العالم + خر4:24 (الكنيسة هي أعمدة حية في هيكل الرب السماوي + 1 مل31:18. ورقم 12= 3 (الثالوث) × 4 (كل أنحاء العالم)] لذلك فمعنى رقم 12 هم من يملك عليهم الله في كل العالم أو ملكوت الله في البشرية كلها. ويشوعنا الحقيقي بعد أن كسر شوكة الموت وجفف نهر الأردن (كسر شوكته) فتح ملكوت السموات لكل المؤمنين وأخرجهم من الموت إلى الحياة وهذا رمزه إخراج الأحجار عن قاع نهر الأردن إلى الجلجال. ولكن على المؤمنين أن يحيوا باستمرار حياة الصليب كأنهم أموات عن العالم (ورمز هذا الحجارة التي وضعت في الأردن التي أتوا بها من الخارج). فالحجارة في عمق نهر الأردن تمثل ضرورة الموت والحجارة من الأردن لفوق تمثل ضرورة القيامة. وفي الواقع لا نستطيع الفصل بين الحجارة التي رفعت إلى الجلجال لتبني هناك، والحجارة التي أقيمت في قاع الأردن. فالأولى تشير للكنيسة بكونها جسد المسيح الذي إجتاز الأردن واحتمل الصليب والموت والدفن كل يوم ليقوم أيضاً مع رأسه ويختبر معه كل يوم الحياة الجديدة المقامة، أما الحجارة الأخرى فتشير إلى استمرار الصليب مع المسيح. فالكنيسة قد قامت مع المسيح على أنها يجب أن تتألم وتحزن يسيراً في هذا العالم وينبغي أن تموت ثم بعد هذا تنال القيامة (1بط3:1-7). وما يجعلنا نقبل الآلام ونشترك فيها أننا اختبرنا قوة قيامته. (في10:3،11) فهو اختبر قوة قيامته أولاً (ذكرها أولاً) لذلك اشترك في آلامه (ذكرها ثانية).
ومنطقة عبور الأردن سميت بيت عبرة وعندها كان يوحنا المعمدان يعمد (يو28:1) وسميت بيت عبرة أي بيت العبور بسبب عبور الشعب عندها. وفي هذا المكان عظم يوحنا المسيح (يو27:1). وفي (مت9:3) نجد يوحنا المعمدان يقول لليهود أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم ويقال أن يوحنا كان يشير إلى الحجارة المنصوبة خارج الأردن أو داخل الأردن.
الآيات (1-3): "وكان لما انتهى جميع الشعب من عبور الأردن أن الرب كلم يشوع قائلاً. انتخبوا من الشعب اثني عشر رجلاً رجلاً واحداً من كل سبط. وأمروهم قائلين احملوا من هنا من وسط الأردن من موقف أرجل الكهنة راسخة اثني عشر حجراً وعبروها معكم وضعوها في المبيت الذي تبيتون فيه الليلة."
الله يكلم يشوع ولكن على يشوع أن يعمل مع الجماعة لذلك يقول له الله انتخبوا وضعوها في المبيت= أي في الجلجال لأنهم باتوا هذه الليلة في الجلجال.
آية (4-7): " فدعا يشوع الاثني عشر رجلا الذين عينهم من بني اسرائيل رجلا واحدا من كل سبط. و قال لهم يشوع اعبروا امام تابوت الرب الهكم الى وسط الاردن و ارفعوا كل رجل حجرا واحدا على كتفه حسب عدد اسباط بني اسرائيل. لكي تكون هذه علامة في وسطكم اذا سال غدا بنوكم قائلين ما لكم و هذه الحجارة. تقولون لهم أن مياه الأردن قد انفلقت أمام تابوت عهد الرب عند عبوره الأردن انفلقت مياه الأردن فتكون هذه الحجارة تذكاراً لبني إسرائيل إلى الدهر."
إقامة هذه الحجارة ليتعلم الناس في الأجيال القادمة ويذكروا عمل الله معهم فيحبونه. وهذه الحجارة ترمز للكنيسة التي كانت ميتة (قاع الأردن) وقامت (نصبت في الجلجال).
الآيات (9،8): " ففعل بنو اسرائيل هكذا كما امر يشوع و حملوا اثني عشر حجرا من وسط الاردن كما قال الرب ليشوع حسب عدد اسباط بني اسرائيل و عبروها معهم الى المبيت و وضعوها هناك. ونصب يشوع اثني عشر حجراً في وسط الأردن تحت موقف أرجل الكهنة حاملي تابوت العهد وهي هناك إلى هذا اليوم."
هذه الحجارة ترمز لموت المسيح عنا كلما رآها الشعب (ربما كانت ظاهرة فوق مستوى الماء بعد أن عاد الماء لسريانه الطبيعي) وكلما ننظر لهذه الحجارة نذكر يسوع الذي مات لأجلنا فنكره الخطية التي سببت له هذا ونكره شهوة الجسد والعين.. الخ أي فصلب أهوائنا مع شهواتنا، هذه الحجارة ترمز للكنيسة التي صلبت نفسها مع المسيح لتحيا (غل20:2).
آية (10): "والكهنة حاملو التابوت وقفوا في وسط الأردن حتى انتهى كل شيء أمر الرب يشوع أن يكلم به الشعب حسب كل ما أمر به موسى يشوع وأسرع الشعب فعبروا."
تظهر أن موسى أعطى تعليمات ليشوع وربما لم تدون في الأسفار الخمسة، أو وهو الأصح أن يشوع هنا يظهر نفسه ملتزماً بكل أمر أعطاه الله لموسى =حسب كل ما أمر به موسى يشوع فهو يقود الشعب ملتزماً بكل وصايا وناموس موسى، فضلاً عن كل ما يأمره به الله. وأسرع الشعب فعبروا= هناك من كان قليل الإيمان فهذا أسرع لأنه خاف أن يرجع الماء إلى أصله وهؤلاء لما رأوا المعجزة إزداد إيمانهم. وهناك من أسرع احتراماً لوصية يشوع وطاعة لله وهناك من أسرع اشتياقاً لأرض الميعاد. وهذا ما يحدث لنا. فمن يسرع للتوبة خوفاً من جهنم ومن الموت يكتشف حب الله ويزداد إيمانه ومن يسرع للتوبة طاعة لله أو اشتياقاً لأورشليم السماوية تزداد نقاوته وتنفتح بصيرته بالأكثر. المهم أن نسرع بلا رخاوة أو تهاون طول أيام غربتنا حتى نعبر تماماً. ولنسرع بالعبور خلال الإيمان العامل فنحيا مجاهدين في تتميم الوصايا الإلهية. (تك22:19 إهرب لحياتك) ولنلاحظ أن المياه عادت بعد أن عبر التابوت فإن لم يكن الله في وسطنا فالموت سيكون نصيبنا. والكهنة لم يخرجوا إلا بعد أن عبر كل الشعب، هذه هي الأبوة الحقة. فهم بدءوا العبور وانتهى بهم العبور وهذا مثال للمسيح الذي هو الأول والآخر (رؤ13:22) هو الذي يفتح الطريق لرعيته وهو الطريق لهم.
الآيات (11-13): " و كان لما انتهى كل الشعب من العبور انه عبر تابوت الرب و الكهنة في حضرة الشعب. وعبر بنو رأوبين وبنو جاد ونصف سبط منسى متجهزين أمام بني إسرائيل كما كلمهم موسى. نحو أربعين ألفا متجردين للجند عبروا أمام الرب للحرب إلى عربات أريحا."
هؤلاء المجاهدين عبروا أمام بني إسرائيل= رمزاً لمن سبقونا ووصلوا لأرض الراحة ينتظرون وصولنا. ولاحظ قوله عبروا أمام الرب= فلا يكفي أن نعمل لحساب الجماعة المقدسة لنموها بل يلزم أن يكون عملنا داخلياً لحساب رب الجماعة وإلا صارت الخدمة مجالاً للافتخار والبر الذاتي وخدمة كرامة للخدام لا كرامة لله ولاحظ أننا يمكن أن نخدع الناس ولكن لا يمكننا أن نخدع الله الذي يعرف أعماق قلوبنا.
آية (14): "في ذلك اليوم عظم الرب يشوع في أعين جميع إسرائيل فهابوه كما هابوا موسى كل أيام حياته."
فهابوه كما هابوا موسى= اليهود هابوا موسى خلال الخوف من الناموس ونحن نهاب المسيح بالحب.
الآيات (15-19): " و كلم الرب يشوع قائلا. مر الكهنة حاملي تابوت الشهادة ان يصعدوا من الاردن. فامر يشوع الكهنة قائلا اصعدوا من الاردن. فكان لما صعد الكهنة حاملو تابوت عهد الرب من وسط الاردن و اجتذبت بطون اقدام الكهنة الى اليابسة ان مياه الاردن رجعت الى مكانها و جرت كما من قبل الى كل شطوطه. وصعد الشعب من الأردن في اليوم العاشر من الشهر الأول وحلوا في الجلجال في تخم أريحا الشرقي."
الشعب خرج في اليوم العاشر= بداية الفصح حين يختار كل واحد شاه يقدمها ذبيحة فصح للعبور (خر3:22). والله أراد أن يكون خروجهم من مصر في الفصح ودخولهم إلى كنعان في الفصح (العاشر من الشهر الأول) أيضاً. فالخروج من العبودية والحرية ودخول السماء كلاهما مرتبط بالفصح أي المسيح المصلوب. ولكي يحتفلوا بالفصح بحسب الشريعة أمرهم الله بدخول كنعان في اليوم العاشر من الشهر الأول بالذات فصعودهم إلى أرض الميراث يتحقق خلال الفصح أي سر الصليب.
ورقم 10 يشير للوصايا التي كسرناها فضاعت منا أرض الميعاد. ولكن بالمسيح صرنا غير كاسرين للناموس وصارت لنا حياة جديدة يعبر عنها الشهر الأول من السنة الجديدة. وكان هذا بواسطة المسيح الذي جاء ليضع نفسه تحت الناموس (غل4:4،5).
حلوا في الجلجال:- جلجال= متدحرج أو دائرة وهذا إعلان عن دحرجة عار العبودية القديم، فمع أنهم إنطلقوا من عبودية فرعون منذ 40عاماً لكن عار العبودية لم ينزع عنهم إلا بوطأة أقدامهم أرض الجلجال (كنعان) ونحن لا ينزع عنا عار الخطية إلا بدخولنا دائرة الأبدية وتمتعنا بعربون الميراث الأبدي في داخلنا. وفي الجلجال إختتن الشعب (معمودية) بعد عبور الأردن (معمودية؟، موت وقيامة مع المسيح) وهناك أقام الحجارة (سر الكنيسة). وكانت الجلجال مركز عمليات يشوع ثم شاول الملك. فالكنيسة بقيادة المسيح في حالة حرب مستمرة ونصرة مستمرة. والجلجال يظهر أيام صموئيل كمكان مقدس (1صم6:7) وفيه نصب شاول ملكاً (1صم8:10، 14:11) وقلبنا بوجود المسيح فيه يصير هيكلاً مقدساً.
الآيات (20-24): " و الاثنا عشر حجرا التي اخذوها من الاردن نصبها يشوع في الجلجال. و كلم بني اسرائيل قائلا اذا سال بنوكم غدا اباءهم قائلين ما هذه الحجارة. تعلمون بنيكم قائلين على اليابسة عبر اسرائيل هذا الاردن. لان الرب الهكم قد يبس مياه الاردن من امامكم حتى عبرتم كما فعل الرب الهكم ببحر سوف الذي يبسه من امامنا حتى عبرنا. لكي تعلم جميع شعوب الارض يد الرب انها قوية لكي تخافوا الرب الهكم كل الايام."
الإصحاح الخامس
آية (1): "وعندما سمع جميع ملوك الاموريين الذين في عبر الأردن غربا وجميع ملوك الكنعانيين الذين على البحر أن الرب قد يبس مياه الأردن من أمام بني إسرائيل حتى عبرنا ذابت قلوبهم ولم تبق فيهم روح بعد من جراء بني إسرائيل."
الأموريين هم أحد شعوب الكنعانيين وذكرهم هنا وحدهم لأنهم أقوى هذه الشعوب الكنعانية. والله أوقع الرعب في قلوبهم وكان هذا مناسباً لأن اليهود كانوا سيختتنوا ولن يكونوا قادرين على الحرب وهم متوجعين.
آية (2): "في ذلك الوقت قال الرب ليشوع اصنع لنفسك سكاكين من صوان وعد فاختن بني إسرائيل ثانية."
نجد هنا أمر الله ليشوع بأن يختن الشعب. ونجد أيضاً طاعة يشوع العجيبة فالختان لكل الرجال سيجعلهم غير قادرين على الحرب، وهذا خطأ بكل المقاييس البشرية والعسكرية أن نجعل الجيش كله عاجزاً. ولكن علينا دائماً أن نطيع الوصية مهما بدت صعوبتها فالله له تدبيرات أخرى لا نراها، ويشوع وقتها لم يكن يعلم أن الله أوقع الرعب في قلوب الأموريين فهم لن يحاربوا. فالله يحارب عنا وتكون غلبتنا بطاعة الوصية. وإذا فهمنا أن عبور الأردن يشير للمعمودية فإلى ماذا يشير الختان هنا؟ ولنلاحظ أيضاً يشير للمعمودية؟ هنا الختان يشير للختان الروحي، فمن دخل كنعان سيتعرض لحروب كثيرة من الكنعانيين فلابد لمن دخل كنعان أن تكون له أسلحته وأول الأسلحة ختان القلب (رو29:2 + أر4:4). والمعمد تكون أول أسلحته الروحية الختان الروحي (راجع رو 1:6-14). ولكن لماذا لم يطلب الله الختان وهم في شرق الأردن في أمان بعيداً عن الكنعانيين!!؟ لأنه لا إمكانية لنصلب شهوات الجسد وأهوائه إلا بعد المعمودية، ولا يمكن أن نقدم أنفسنا ذبائح حية لله سوى بعد المعمودية وهذا هو ما يسمى بختان المسيح (كو11:2) أو ختان القلب. ولأنه ختان المسيح استخدم فيه الصوان (وهو حجر) فالمسيح صخرتنا وهو كلمة الله والكلمة حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين. (1كو4:10).
ولماذا قال إختن ثانية؟ كما نرى في الآيات (4-8) أن الشعب لم يختنوا أولادهم في البرية لأنهم كانوا في تجول دائم لا يعلمون متى يأتي الأمر بالحركة، ولكنه عموماً كان هذا إهمالاً منهم، وكل من يهمل التزامه نحو الله عليه بالتوبة والرجوع إلى الله. والله لم ينبه موسى لذلك في البرية لأنهم كانوا في حالة توهان في البرية كمن بلا عهد مع الله والختان علامة العهد والآن بعد أن دخلوا أرضهم ها هو الله يجدد العهد معهم، وكأن قوله ثانية هو عودتهم كأمة لها عهد مع الله وراجع (عد33:14) فالأبناء حملوا عار أبائهم فالله أقسم في غضبه أن لا يدخل الآباء الأرض وكان التوقف عن الختان علامة لغضب الله عليهم وصار رضا الله عليهم الآن علامة الختان ثانية وهو علامة لعهد جديد لذلك تبع الختان الثاني الفصح. فالتناول يأتي بعد المعمودية (أع41:2،42). وراجع (تك14:17) لنفهم أن من لا يختن يفقد العهد مع الله. ونفهم الآن أن الختان الأول رمز لمن هم تحت الناموس (الشعب اليهودي) والختان الثاني بواسطة الصخرة التي كانت المسيح (1كو4:10) هي الانتقال من عهد الناموس إلى عهد النعمة. وهذا معنى قوله في آية (9) اليوم دحرجت عنكم عار مصر. الختان الأول يكون في الجسد والختان الثاني هو ختان القلب والروح الذي يهبه المسيح لذلك لابد وأن يكون في كنعان أي داخل الكنيسة.
وفي هذا الإصحاح نرى صورة حية للمنهج الروحي للخلاص.
1. في آية (1) نرى الله وقد قيد إبليس بموته على الصليب= رعب الأموريين.
2. في آية (1) نرى الله وقد يبس مياه الأردن ليمر الشعب = بالمعمودية ندخل الكنيسة.
3. في آية (2) الختان الثاني بالصوان= أن نصلب أهوائنا مع شهواتنا مع المسيح فنحيا.
4. في آية (8) الشعب يبرأ = أي صار لهم شفاء وحياة فالشفاء والحياة متلازمان.
5. في آية (10) عملوا الفصح= بعد المعمودية والشفاء نأخذ جسد المسيح ودمه.
6. في آية (11) أكلوا من غلة الأرض = يشير للشبع بالمسيح فالمسيح لنا كل شئ يشبعنا خلال ألام حياتنا.
7. في آية (13) لهؤلاء يظهر رئيس جند الرب= طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله.
وهنا رئيس جند الرب (المسيح) يظهر ليشوع كرئيس جند فأمامه معركة والمسيح يعلن ليشوع أنه هو كل شئ والحرب هي للرب فلسنا نحن الذين نحارب بل المسيح الذي فينا. فلماذا نخاف؟
هذا الإصحاح هو الاستعداد للحرب ولنراجع ماذا أعطانا الله من أسلحة (أف10:6-20) ولنفهم أن النصرة هي خلال الحياة المقدسة في الرب، الحياة التي صلب فيها الإنسان شهواته. ويجاهد بإيمان مستخدماً الأسلحة الروحية فينعم بمواعيد الله المجانية برغم مقاومة الأعداء.
آية (3): "فصنع يشوع سكاكين من صوان وختن بني إسرائيل في تل القلف."
تل القلف= القلف هي الجزء الذي يقطع في الختان.
الآيات (4-8): "و هذا هو سبب ختن يشوع اياهم ان جميع الشعب الخارجين من مصر الذكور جميع رجال الحرب ماتوا في البرية على الطريق بخروجهم من مصر. لان جميع الشعب الذين خرجوا كانوا مختونين و اما جميع الشعب الذين ولدوا في القفر على الطريق بخروجهم من مصر فلم يختنوا. لان بني اسرائيل ساروا اربعين سنة في القفر حتى فني جميع الشعب رجال الحرب الخارجين من مصر الذين لم يسمعوا لقول الرب الذين حلف الرب لهم انه لا يريهم الارض التي حلف الرب لابائهم ان يعطينا اياها الارض التي تفيض لبنا و عسلا. و اما بنوهم فاقامهم مكانهم فاياهم ختن يشوع لانهم كانوا قلفا اذ لم يختنوهم في الطريق. وكان بعدما انتهى جميع الشعب من الاختتان انهم أقاموا في أماكنهم في المحلة حتى برئوا."
حتى برئوا= كلمة برئوا في أصلها العبري "حيوتم" أي صارت لهم حياة أي شفاء فالشفاء والحياة متلازمان. ونحن إذا تعمدنا ثم عشنا في ختان القلب نبرأ (تفسير II) ولكن الشفاء الكامل والحياة الحقيقية ستكون بعد أن نخلع هذا الجسد ونموت ونحصل على الجسد الممجد فيكون لنا البنوة الكاملة والحرية الكاملة ونكون بلا خطية (تفسير I).
آية (9): "وقال الرب ليشوع اليوم قد دحرجت عنكم عار مصر فدعي اسم ذلك المكان الجلجال إلى هذا اليوم."
دحرجت عنكم عار مصر= هم الآن في أرضهم أحرار، الأرض التي وعدهم بها الله بلا ذل ولا عبودية لفرعون، لأنهم حتى وهم في سيناء كانوا كعبيد هاربين من أسيادهم المصريين أما الآن فهم أسياد في أرضهم وقطعاً فالمصريين سخروا منهم في توهانهم وكان هذا سبب عار لهم. والعار الحقيقي الذي دحرجه الله عنهم كونهم يشبهون المصريين الوثنيين الذين بلا عهد مع الله غير مختوني القلب. ولاحظ أن العبودية إرتبطت في ذهن الشعب القديم بمصر. وعار مصر بالنسبة لنا هو الخطية (تي3:3) ثم أعطانا المسيح الختان الثاني بغسل الميلاد الثاني (تي5:3 + تي8:3) ففي (تي5:3) يشير للمعمودية وفي (تي8:3) يشير لأننا يجب أن نحيا مختوني القلب. ولو إعتمدنا ثم سلكنا كمختوني القلب فلا نخشى عار الخطايا السابقة فقد دحرجها الله. (مر5:2) "مغفورة لك خطاياك" وفي (يو14:5) "لا تخطئ أيضاً لئلا يكون لك أشر". فإذا عدنا لخطايانا السابقة نرجع إلى العار القديم وإن سلكنا بالقلب المختون يكون الله قد دحرج عنا عارنا (راجع عب29:10 + 1كو15:6).
آية (10): "فحل بنو إسرائيل في الجلجال وعملوا الفصح في اليوم الرابع عشر من الشهر مساء في عربات أريحا."
متى برئوا من جراحاتهم يقيموا الفصح. وشروط التناول حسب ما نفهم هنا هي:
1. المعمودية= عبور الأردن. (بالمعمودية نلنا العضوية في جسد المسيح).
2. الختان الثاني= القلب المختون + الإنسان القديم وقد صلب مع المسيح.
3. أن نبرأ= خلع عاداتنا الشريرة تماماً.
4. نأكل الفصح= أي نأكل ونشرب جسد ودم المسيح فنثبت فيه وهو فينا.
الآيات (12،11): "وأكلوا من غلة الأرض في الغد بعد الفصح فطيراً وفريكاً في نفس ذلك اليوم. وانقطع المن في الغد عند أكلهم من غلة الأرض ولم يكن بعد لبني إسرائيل من فأكلوا من محصول أرض كنعان في تلك السنة."
توقف المن بعد أن دخلوا الأرض ووجدوا غلتها. والله يود لو سارت كل الأمور طبيعية بلا معجزات لذلك توقف المن بعد دخولهم للأرض، وأكل الشعب من غلة الأرض التي تركها أهل الأرض وهربوا وغالباً إختبأوا داخل المدن المحصنة وقوله فريكاً= يدل على أن القمح كان في بداية نضجه حين يفركونه ويأكلونه نيئاً أو مشوياً. وإنقطاع المن في الأرض يشير لأننا لن نتناول من جسد المسيح ودمه في السماء بالصورة التي تمارسها الكنيسة الآن. فنحن نتناول الآن لمغفرة خطايانا "يعطى لمغفرة الخطايا" وفي السماء لا خطايا. فسنحيا معه على مستوى آخر ويكون أكل المن السماوي المخفي (رؤ17:2) يعني معرفة المسيح دون سر أو لغز، لا ننظره كما في مرآة بل سنراه كما هو وفي معرفته سيكون لنا شبع وحياة أبدية. "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحي ويسوع المسيح الذي أرسلته" هذه صورة للوحدة الكاملة. وهنا على الأرض توجد 3 مراحل للأكل:-
1. الأولى: حين أكل الشعب العجين الذي في ثيابهم. وإذا أشارت الثياب للجسد يكون المعنى أن الإنسان في طفولته الروحية لا يفكر ولا يهتم سوى في شبع جسده ويهتم بكل الأرضيات والماديات والله لا يترك مثل هؤلاء بل يشبعهم "خبزنا كفافنا..".
2. الثانية: الشعب يأكل المن ليظهر لهم أنه هو الذي يعولهم فلا يضطربوا ولا ينشغلوا بالغد.
3. الثالثة: الشعب يأكل من غلة الأرض أي يجد الإنسان في الله نفسه طعامه الأبدي المشبع ومن يفهم أن الله سيشبعنا بمعرفته في الأبدية يصلي "خبزنا الذي للغد أعطنا اليوم" وعموماً عبارة خبزنا كفافنا أعطنا اليوم هي نفسها تترجم الذي للغد أعطنا اليوم فالله يهتم بأن يعطينا كلاهما؟ ولذلك جاءت الجملة في صيغة تحتمل كلا المعنيين.
الآيات (13-15): "وحدث لما كان يشوع عند أريحا انه رفع عينيه ونظر وإذا برجل واقف قبالته وسيفه مسلول بيده فسار يشوع إليه وقال له هل لنا أنت أو لأعدائنا. فقال كلا بل أنا رئيس جند الرب الآن أتيت فسقط يشوع على وجهه إلى الأرض وسجد وقال له بماذا يكلم سيدي عبده. فقال رئيس جند الرب ليشوع اخلع نعلك من رجلك لان المكان الذي أنت واقف عليه هو مقدس ففعل يشوع كذلك."
بقية وتتمة هذه الآيات نجدها في (1:6-5) فهم موضوع واحد. يشوع كقائد للشعب تقدم نحو أريحا وربما كان بمفرده وقد أدرك أنه وحيد بلا موسى وهو يرى حرباً من نوع جديد، مدينة بأسوار عالية وحصون قوية جداً تقدر أن تبقى فترة طويلة تحت الحصار، ولا يمكن ليشوع أن يتجاهلها وينطلق إلى مدينة أخرى وإلا صار العدو خلفه (أي جيش أريحا) ويضربهم من الخلف. وفي حيرته هذه ظهر له المسيح في إحدى ظهوراته قبل التجسد وحين سأله يشوع هل أنت حليف لنا أو لأعدائنا لم يجبه المسيح بقوله أنا حليفكم بل أنا قائدكم= أنا رئيس جند الرب فهو القائد وليس مجرد حليف. وهذا ما أعطى ليشوع شعور بالإطمئنان فهو إذا خرج كقائد ليفحص الموقع ورأي هذه الحصون التي لم يقتحمها من قبل، ظهر له الله ليطمئنه بأنه هو القائد الأعلى. وسؤال يشوع هل أنت لنا أو لأعدائنا= يشير إلى أنه لم يعرفه أولاً بل ظنه أحد قادة أريحا أتى ليتفقد جيش إسرائيل كما يفعل هو الآن ويتفقد جيش وحصون أريحا. ولذلك نجد الرب يعلن له كما أعلن لموسى من قبل أنه واقف في حضرة يهوه كلمة الله نفسه لذلك قال له إخلع نعلك (راجع خر3) وتكرار نفس الكلمة التي قيلت لموسى تعطيه إطمئناناً
1. هو نفس الشخص الذي ظهر لموسى ليشجعه ليخرج شعب إسرائيل من مصر.
2. هو نفسه يساند يشوع ليدخل الشعب لأرض الميعاد.
ورئيس جند الرب هو نفسه يهوه الذي قدس المكان (فطلب خلع النعلين علامة على وجوب الشعور بأن يشوع واقف أمام الله فيقدس فكره) وهو قبل سجود يشوع (آية 14) + (يش2:6) إذاً هو ليس ملاكاً عادياً. لكنه يظهر نفسه كرئيس جند حسب إحتياج يشوع والشعب الآن وهم مقبلين على معارك كثيرة فلا يرتعبون. وكذلك إذا جعنا يقدم نفسه خبز مشبع وإذا ضللنا الطريق يقدم نفسه أنه هو الطريق وإذا شعرنا بالوحدة يقدم نفسه أنه الصديق والعريس وإن خفنا من الموت يقدم نفسه أنه القيامة والحياة فهو في محبته يقدم لنا نفسه ويقدم لنا كل شئ لكي يسد كل عوز فينا.
الإصحاح السادس
خطة الحرب كانت على 3 مراحل [1] الاستيلاء على أريحا وعاي للتحكم في كل الممرات لبلاد كنعان وبهذا يتم شق بلاد الكنعانيين لنصفين [2] ضرب الكتلة الجنوبية [3] ضرب الكتلة الشمالية.
آية (1): "وكانت أريحا مغلقة مقفلة بسبب بني إسرائيل لا أحد يخرج ولا أحد يدخل."
أريحا كانت أول مدينة حصينة تواجه الشعب القادم للتمتع بالميراث، وهي تمثل العالم وقد وضع في الشرير، أو بمعنى أدق تمثل محبة العالم الزمني كعائق يعوق النفس عن إنطلاقها نحو الأبدية للتمتع بالميراث الحقيقي، يثقلها فلا ترتفع بأجنحة الروح القدس من مجد إلى مجد. ولأنها تمثل العالم الشرير، كان مثل السيد المسيح "المسافر من أورشليم نازلاً إلى أريحا هذا يمثل من إرتد من محبة الله (أورشليم) ونزل إلى محبة العالم (أريحا) فضربه اللصوص وجرحوه (الشياطين). ولكن المسيح السامرى الصالح إهتم به ليشفي. وفي أريحا أعاد المسيح البصر للأعمى (مت29:20 + مر46:10 + لو35:18). فمن يحب العالم وشهواته يصاب بالعمى ولكن المسيح أيضاً قادر على شفائه. فالمسيح أتى من أجل من أصابه عمى الجهل لا أحد يخرج= خوفاً من جيش إسرائيل. ولا أحد يدخل= لأن الأبواب مغلقة من الرعب. وهذه الآية (آية 1) أدخلت وسط الآيات (13:5-15، 2:6-5) ليظهر عظم عمل الرب. والمدينة المغلقة تمثل الإنسان المنغلق على ذاته لا ينفتح قلبه بالخدمة والعطاء للآخرين، هي تمثل الإنسان عديم المحبة، أما الإنسان المتسع القلب بالمسيح فيحب كل إنسان ويصلي له.
الآيات (2-5): "فقال الرب ليشوع انظر قد دفعت بيدك أريحا وملكها جبابرة البأس. تدورون دائرة المدينة جميع رجال الحرب حول المدينة مرة واحدة هكذا تفعلون ستة أيام. وسبعة كهنة يحملون أبواق الهتاف السبعة أمام التابوت وفي اليوم السابع تدورون دائرة المدينة سبع مرات والكهنة يضربون بالأبواق. ويكون عند امتداد صوت قرن الهتاف عند استماعكم صوت البوق أن جميع الشعب يهتف هتافاً عظيماً فيسقط سور المدينة في مكانه ويصعد الشعب كل رجل مع وجهه."
هي تتمة إصحاح (5) ونجد هنا ما قاله رئيس جند الرب ليشوع. ولاحظ قوله دفعت= بصيغة الماضي للتأكيد. ولقد استخدم الله طريقة فريدة للغلبة على أريحا لم يستخدمها بعد ذلك. فهي أول موقعة بعد عبور الأردن وأول مدينة محصنة يحاربونها. والله أراد أن يعلن بطريقة ملموسة أن الحرب له والنصرة هي من عنده وسلاحهم المطلوب هو الإيمان (عب30:11) ولنلاحظ أن يشوع لم يخبر الشعب عن فائدة الدوران حول أريحا ولكنهم بالإيمان أطاعوا سبعة أيام وفي اليوم السابع قال لهم يشوع إهتفوا فالله أعطاكم المدينة فهتفوا وهم لا يدرون كيف سيعطيهم الله المدينة. وبعد ذلك في باقي حروبهم استخدموا الحكمة والتدبيرات العسكرية لكنهم كانوا قد فهموا أن النصرة هي من عند الله. أما مع اريحا فالله لم يستخدم التدبيرات العسكرية والحكمة البشرية بل ولا القوة الجسدية، ففي اليوم السابع داروا حول المدينة 7 مرات حتى أنهكوا تماماً ولم يعد عندهم حتى القدرة على المشي. وهتافهم العظيم كان إعلاناً عن إيمانهم بالله واهب النصرة. ونلاحظ دوران الشعب 7 أيام حول أريحا من المؤكد أنه أوقع الرعب والحيرة في قلوب أهل أريحا الواقفين ليراقبوا ماذا يفعل الشعب فكانت فرصة لمن يريد أن يتوب. ونلاحظ أن الكهنة استخدموا الأبواق والشعب هتف. وقارن مع (رؤ15:11) فحين بوق الملاك السابع صارت ممالك الأرض للرب ولمسيحه. إذاً البوق السابع هو علامة على مجيء المسيح الثاني وبداية الحياة الأبدية. والأبواق أيضاً في اليوبيل تكون إعلاناً عن الحرية. وإذا فهمنا أن الدوران في دائرة حول أريحا يمثل الدخول في الأبدية (الأبدية والدائرة لا بداية ولا نهاية لهما) فكأن ما حدث حول أريحا يشير للحياة الدائمة مع الله في الأبدية بعد أن تنهزم أمام الله كل قوات الظلمة ونحن لا دخل لنا في هذا سوى أن نقف ونهتف ونسبح الله على أعماله العجيبة والآن كل ما يرتفع فكره ويحيا في السمويات تنهزم أمامه كل الأرضيات. وكما كان شعب أريحا مسجون طوال ستة أيام وكان سقوطه النهائي في نهاية اليوم السابع هكذا إبليس هو الآن فى فزع مقيد بسلسلة ولكن سقوطه النهائى سيكون بعد انتهاء اليوم السابع عند مجيء المسيح مع صوت هتاف البوق وصراخ التهليل. ونلاحظ أن الكلمة المستخدمة للأبواق هنا هي أبواق اليوبيل فيكون معنى استعمالها بغرض طقس ديني وليس بغرض عسكري فهزيمة أريحا هي عمل كامل لله وليس للشعب يد فيه. وأبواق اليوبيل استخدمت إشارة للحرية الحقيقية بعد دخولهم أرضهم. والأبواق تشير أيضاً لكلمة الله ويشوع أرسل الكهنة ليضربوا الأبواق كما أرسل المسيح التلاميذ لنشر كلمة الكرازة التي أعطت المؤمنين الفرح الداخلي وتهليل القلب وفي (5) كل رجل مع وجهه= أي كل رجل يصعد إلى داخل المدينة في خط مستقيم يضرب ما يجده في وجهه. عند امتداد صوت قرن الهتاف= أي يكون صوت البوق متصلاً حينئذ يصيح الشعب ويهتف والهتاف هنا بمعنى صيحات الفرح، الكل في وحدة واحدة يسبح ويهتف، هي الكنيسة المجاهدة التي تسبح بنفس واحدة وروح واحدة مجاهدة ضد الخطية ومملكة إبليس.
الآيات (6-9): "فدعا يشوع بن نون الكهنة وقال لهم احملوا تابوت العهد وليحمل سبعة كهنة سبعة أبواق هتاف أمام تابوت الرب. وقالوا للشعب اجتازوا ودوروا دائرة المدينة وليجتز المتجرد أمام تابوت الرب. وكان كما قال يشوع للشعب اجتاز السبعة الكهنة حاملين أبواق الهتاف السبعة أمام الرب وضربوا بالأبواق وتابوت عهد الرب سائر وراءهم. وكل متجرد سائر أمام الكهنة الضاربين بالأبواق والساقة سائرة وراء التابوت كانوا يسيرون ويضربون بالأبواق."الساقة= مؤخرة الجيش وسموها هكذا لأن من في المؤخرة كأنهم يقودون من أمامهم.
آية (10): "وأمر يشوع الشعب قائئلا لا تهتفوا ولا تسمعوا صوتكم ولا تخرج من أفواهكم كلمة حتى يوم أقول لكم اهتفوا فتهتفون."
كان سكوتهم حتى لا يسخر منهم أهل أريحا إذ أنهم لا يهاجمون بل يصيحون. ولكنهم كانوا يصلون سراً= لا تسمعوا أصواتكم. ونلاحظ قول بولس الرسول أنه يجب علينا إذا اجتمعنا أن يكون لنا مزامير وتراتيل روحية، أو علينا أن نسبح الله ونلهج في كتابه المقدس ويكون هذا لنا هتافاً عظيماً عندئذ تنهدم أسوار محبة العالم فينا ويملك يسوع داخلنا.
آية (11-17): " فدار تابوت الرب حول المدينة مرة واحدة ثم دخلوا المحلة و باتوا في المحلة. فبكر يشوع في الغد و حمل الكهنة تابوت الرب. و السبعة الكهنة الحاملون ابواق الهتاف السبعة امام تابوت الرب سائرون سيرا و ضاربون بالابواق و المتجردون سائرون امامهم و الساقة سائرة وراء تابوت الرب كانوا يسيرون و يضربون بالابواق. و داروا بالمدينة في اليوم الثاني مرة واحدة ثم رجعوا الى المحلة هكذا فعلوا ستة ايام. و كان في اليوم السابع انهم بكروا عند طلوع الفجر و داروا دائرة المدينة على هذا المنوال سبع مرات في ذلك اليوم فقط داروا دائرة المدينة سبع مرات. و كان في المرة السابعة عندما ضرب الكهنة بالابواق ان يشوع قال للشعب اهتفوا لان الرب قد اعطاكم المدينة. فتكون المدينة و كل ما فيها محرما للرب راحاب الزانية فقط تحيا هي و كل من معها في البيت لانها قد خبات المرسلين اللذين ارسلناهما. فتكون المدينة وكل ما فيها محرما للرب راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت لأنها قد خبأت المرسلين اللذين أرسلناهما."
محرماً للرب= التحريم كان ليعرف الشعب عقوبة الخطية وأن الأرض تقذف سكانها لو أخطأوا فيخافوا ولنعرف أن شعب الله كان شعب بدائي لا يميز بين الخاطئ والخطية فإبادة الخطاة تعني بالنسبة لهم إبادة الخطية، بل إبادة البهائم التي آلهوا بعضها وقدموا البعض الآخر ذبائح لآلهتهم. غير أن التحريم كان يهدف أيضاً ألا ينصرف قلبهم وفكرهم ووقتهم إلى الغنيمة والمكسب المادي، لهذا حرم عليهم نوال شيئاً من أريحا، ولكنه بعد ذلك في المواقع التالية سمح لهم بالغنائم. فالله أعطاهم درساً في عفة النفس ليروا أن كل الماديات لا قيمة لها عند الله ولكن بعد هذا سيعطيهم الله بعد أن يكونوا قد تعلموا أن يقولوا مع بولس الرسول تدربت أن أشبع وأن أجوع (في11:4-12). ونلاحظ أن الله يعلمهم أن ينصرفوا عن الزمنيات في أريحا ثم يعطيهم بعد ذلك الروحيات والزمنيات، (أية 19) كأن إنصرافهم عن أخذ أسلاب أريحا هو كأنهم قدموها بكوراً لله فيفهموا أن الله أولاً، وإذا قدموا البكور يبارك الله بعد ذلك فيما تمتد إليه أيديهم في الحروب التالية وبالنسبة لنا علينا أن نطلب أولاً ملكوت الله وبره وهذه الباقية تزاد لنا. ونلاحظ خلاص راحاب فقط بسبب إيمانها بل هي دخلت في جماعة شعب الرب.
آية (18-23): "و اما انتم فاحترزوا من الحرام لئلا تحرموا و تاخذوا من الحرام و تجعلوا محلة اسرائيل محرمة و تكدروها. و كل الفضة و الذهب و انية النحاس و الحديد تكون قدسا للرب و تدخل في خزانة الرب. فهتف الشعب و ضربوا بالابواق و كان حين سمع الشعب صوت البوق ان الشعب هتف هتافا عظيما فسقط السور في مكانه و صعد الشعب الى المدينة كل رجل مع وجهه و اخذوا المدينة. و حرموا كل ما في المدينة من رجل و امراة من طفل و شيخ حتى البقر و الغنم و الحمير بحد السيف. و قال يشوع للرجلين اللذين تجسسا الارض ادخلا بيت المراة الزانية و اخرجا من هناك المراة و كل ما لها كما حلفتما لها. فدخل الغلامان الجاسوسان واخرجا راحاب وأباها وأمها واخوتها وكل ما لها واخرجا كل عشائرها وتركاهم خارج محلة إسرائيل."
إبقاء راحاب وعائلتها خارج المحلة بسبب وثنيتهم ونجاستهم ويظلوا خارج المحلة حتى يتطهروا ويؤمنوا. والله ذكر إيمان وعمل راحاب فهو لا ينسى كأس ماء بارد يقدم بإسمه. وقبول راحاب في شعب الله رمز لقبول الأمم والعشارين والزواني في ملكوت الله (مت31:21).
آية (24-27): "و احرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها انما الفضة و الذهب و انية النحاس و الحديد جعلوها في خزانة بيت الرب. و استحيا يشوع راحاب الزانية و بيت ابيها و كل ما لها و سكنت في وسط اسرائيل الى هذا اليوم لانها خبات المرسلين اللذين ارسلهما يشوع لكي يتجسسا اريحا. وحلف يشوع في ذلك الوقت قائلا ملعون قدام الرب الرجل الذي يقوم ويبني هذه المدينة أريحا ببكره يؤسسها وبصغيره ينصب أبوابها. و كان الرب مع يشوع و كان خبره في جميع الارض. "
لأن أريحا كانت رمزاً للشر الذي يلزم هدمه تماماً وإبادته، لعن يشوع من يبنيها ولكنه لم يلعن ولم يحرم من يحيا فيها بعد بنائها، لذلك بنيت المدينة وعاش فيها كثيرين بعد ذلك. أما يشوع فكان يريد أن لا تبنى أريحا لتظل شاهدة على دينونة الخطية. ولقد كانت لعنة يشوع على من يبني أريحا كأنها نبوة وقد تحققت حرفياً عندما قام حيئيل البيتئيلي ببنائها (1مل34:16). ولنلاحظ أنه لو كان حيئيل قد توقف عن البناء بعد موت أول ولد لأنقذ بقية أبنائه ولكنه لم يطيع فمات الكل. لقد هلكت أريحا الشريرة ونجت راحاب الزانية لأنها آمنت.
الإصحاح السابع
آية (1): "وخان بنو إسرائيل خيانة في الحرام فأخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا من الحرام فحمي غضب الرب على بني إسرائيل."
انتصر الشعب على أريحا المدينة الضخمة المحصنة، ثم استداروا على عاي وهي غرب أريحا، وكانت عاي الهدف التالي الطبيعي بعدها وهي بقرب بيت إيل. وأريحا وعاي وسط الأرض وبذلك يفصلوا الشمال عن الجنوب في كنعان فيسهل عليهم ضرب الشمال منفرداً والجنوب منفرداًً. وحينما سقطت عاي في أيديهم إمتلكوا جبال عيبال وجرزيم فنفذوا وصية البركات واللعنات التي أمر بها موسى (تث11:27-26). وكانت عاى صغيرة جداً بالنسبة لأريحا فاستخف بها الشعب الذي هزم أريحا ولكنهم فوجئوا بهزيمتهم والسبب خطية "عخان بن كرمي" ومعنى كلمة عخان متعب أو مزعج وسمى فيما بعد عخار (1أي7:6) بمعنى مكدر.
والخطية كانت خطية فرد واحد لكن الهزيمة كانت للشعب. فالشعب جسد واحد فإذا أخطأ عضو في هذا الجسد جاءت العقوبة على الجميع. وعاي تمثل الخطايا الصغيرة التي يستهين بها الإنسان القوي (الذي هزم خطايا كبيرة مثل أريحا) فتسقطه ويتحطم بسببها لأن هناك حراماً تسلل إلى قلبه. ولنلاحظ كبرياء الشعب أنهم ظنوا أنه بقوتهم وتقواهم هزموا أريحا وليس بمعونة الله لذلك سقطوا أمام عاي الصغيرة لأن في وسطهم حرام (خطية عاخان + كبريائهم) فلم يعد الله في وسطهم. ولنفهم أن الغلبة هي من الله والفشل هو بسبب شرنا (1كو27:9 + نش15:2) وربما يقدم لنا الشيطان خطايا صغيرة على أنها تافهة كنظرة شريرة أو شهوة تكون سبباً لسقوطنا. وعلى الكنيسة أن تعزل من يصر على خطاياه حتى لا يصبح سبباً في عقاب الجميع (1تي20:5 + 1كو13:5 + 1كو5:5).
آية (2): "وأرسل يشوع رجالا من أريحا إلى عاي التي عند بيت أون شرقي بيت إبل وكلمهم قائلاً اصعدوا تجسسوا الأرض فصعد الرجال وتجسسوا عاي."
بيت أون= تعني بيت البطل أو الباطل بسبب أوثانها. وهي نفسها بيت إيل لكنها صارت بسبب أوثانها كريهة وتغير اسمها بسبب ذلك (هو15:4) ولاحظ في هذه الآية أننا لم نسمع صوت الرب يعلن شيئاً ليشوع، ولا استشار يشوع الرب قبل إصعاد رجال للتجسس أو تحديد عدد رجال الحرب. ولو فعل يشوع لأخبره الرب بأن هناك حراماً في وسطه، والرب صمت ليعطي درساً للشعب على كبريائهم.
آية (3): "ثم رجعوا إلى يشوع وقالوا له لا يصعد كل الشعب بل يصعد نحو ألفي رجل آنية ثلاثة آلاف رجل ويضربوا عاي لا تكلف كل الشعب إلى هناك لأنها قليلون."
نلاحظ هنا نغمة الكبرياء والاستهانة، وحقاً كان سكان عاي قليلون، لكن شعب الله بعد أن تخلى عنهم الله وفارقهم صاروا كلا شئ، والجواسيس أخطأوا فهم تطلعوا بمنظار بشري وتجاهلوا فقدانهم سر نصرتهم الخفي ألا وهي الحياة المقدسة في الرب.
لا تكلف= هم تصوروا أن الله سيهدم لهم سور عاي ويدخلوا دون جهاد مثل المرة الأولى فبدأوا يبحثون عن راحة الشعب والله أراد أن يعطيهم درساً في أهمية الجهاد حتى الدم مقاومين ضد الخطية وأن يكونوا يقظين أمام كل خطية مهما بدت صغيرة. لذلك في كل خطية مهما بدت بسيطة علينا أن نلجأ لله للمعونة (حسد للآخرين/ كذب أبيض/ حلفان....) ولكن من المهم أيضاً الجهاد لذلك طلب الرب منهم بعد ذلك أن يصعد جميع رجال الحرب (1:8) فلا معنى للتراخي والكسل. ونلاحظ أن من دخل الحرب من جيش إسرائيل 30.000 فقط ولكن كل رجال الحرب كانوا مستعدين متنبهين وهكذا يجب أن نكون في جهادنا الروحي. بل يجب أن نأخذ درساً آخر ففي أفراح الغلبة يجب دائماً أن تكون مقترنة بأن نتمم خلاصنا بخوف ورعدة، ونلاحظ أن إنكسارهم أمام عاي سيعطيهم الخوف والرعدة، بل سيفهموا أن الانتصار ليس بقوتهم بل بوجود الله في وسطهم وذلك لن يكون سوى بقداستهم.
الآيات (4،5): " فصعد من الشعب الى هناك نحو ثلاثة الاف رجل و هربوا امام اهل عاي. فضرب منهم أهل عاي نحو ستة وثلاثين رجلا ولحقوهم من أمام الباب إلى شباريم وضربوهم في المنحدر فذاب قلب الشعب وصار مثل الماء."
هذا فعل الخطية فهي تحطم الشعب كله وتفقده شجاعته وقوته وتُصيّر قلبه كالماء.
آية (6): "فمزق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء هو وشيوخ إسرائيل ووضعوا ترابا على رؤوسهم."
يشوع كرمز للمسيح يقف كشفيع عن الشعب أمام الله ومزق ثيابه= أخلى ذاته.
آية (7-9): " وقال يشوع اه يا سيد الرب لماذا عبرت هذا الشعب الاردن تعبيرا لكي تدفعنا الى يد الاموريين ليبيدونا ليتنا ارتضينا و سكنا في عبر الاردن. اسالك يا سيد ماذا اقول بعدما حول اسرائيل قفاه امام اعدائه. فيسمع الكنعانيون وجميع سكان الأرض ويحيطون بنا ويقرضون اسمنا من الأرض وماذا تصنع لأسمك العظيم."
يقرضون اسم شعبك= حينما يدرك الوثنيون أن الله تخلى عن شعبه يأتون ليضربوا الشعب ويبيدوه فيبيدوا اسم إسرائيل.
الآيات (10-13): "فقال الرب ليشوع قم لماذا أنا ساقط على وجهك. قد اخطأ إسرائيل بل تعدوا عهدي الذي أمرتهم به بل اخذوا من الحرام بل سرقوا بل أنكروا بل وضعوا في أمتعتهم. فلم يتمكن بنو إسرائيل للثبوت أمام أعدائهم يديرون قفاهم أمام أعدائهم لأنها محرومون ولا أعود أكون معكم أمروهم لم تبيدوا الحرام من وسطكم. قم قدس الشعب وقل تقدسوا للغد لأنه هكذا قال الرب اله إسرائيل في وسطك حرام يا إسرائيل فلا تتمكن للثبوت أمام أعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم."
نلاحظ تكرار كلمة قم فيشوع كرمز للمسيح، الله يقول له قم بعد أن مزق ثيابه كما أقام الله المسيح بعد أن مات ودفن. ثم يقول له قم قدس الشعب. فالمسيح بقيامته يقيمنا معه بلا خطية ويرسل لنا روحه القدوس ليقدسنا.
الآيات (14،15): "فتتقدمون في الغد بأسباطكم ويكون أمروهم السبط الذي يأخذه الرب يتقدم بعشائره والعشيرة التي يأخذها الرب تتقدم ببيوتها والبيت الذي يأخذه الرب يتقدم برجاله. و يكون الماخوذ بالحرام يحرق بالنار هو و كل ما له لانه تعدى عهد الرب و لانه عمل قباحة في اسرائيل."
غالباً ما استخدموا القرعة لتحديد السبط ثم العشيرة.. وكانت هذه طريقة يهودية معروفة، أو كان ذلك بواسطة الأوريم والتميم. ونلاحظ أنه ما كان يمكن للشعب أن يتمتع بالحياة المقدسة إن لم تنزع منهم الخميرة الفاسدة التي تفسد العجين كله (1كو6:5).
الآيات (16-18): "فبكر يشوع في الغد وقدم إسرائيل بأسباطه فاخذ سبط يهوذا. ثم قدم قبيلة يهوذا فأخذت عشيرة الزارحيين ثم قدم عشيرة الزارحيين برجالهم فأخذ زبدي. فقدم بيته برجاله فأخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا."
لاحظ طول المدة فالله لم يحدد اسم عاخان أولاً ليعطيه فرصة للندم والتوبة.
آية (19): "فقال يشوع لعخان يا ابني أعط الآن مجداً للرب إله إسرائيل واعترف له واخبرني الآن ماذا عملت لا تخف عني."
يشوع بمحبة أبوية يدعوه للاعتراف أمام الله وأمامه بصورة علنية وهذا هو مفهوم سر الاعتراف في الكنيسة. ولم يكتف يشوع بأن يقول له "اعترف أمام الله فقط".
آية (20): "فأجاب عخان يشوع وقال حقاً أني قد أخطأت إلى الرب إله إسرائيل وصنعت كذا وكذا."
وكان اعتراف عاخان فيه أنه يعطي مجداً لله. فهو يعترف بخطيته ويبرر الله فيما فعله. وقد يكون الله قد قبل توبة عاخان لكنه نفذ فيه العقوبة الأرضية فيهلك الجسد حتى تخلص الروح في يوم الرب. وكان سبب أن الله أوقع العقوبة عليه بالرغم من اعترافه:-
1. كان هذا التصرف هو الأول من نوعه بعد دخولهم كنعان فأراد الله أن يعطيهم درساً يبرز فيه بشاعة الخطية مؤكداً ضرورة بترها. وهذا نفس ما حدث مع ابني هرون ومع حنانيا وسفيرة. فمع كل بداية حتى لا يحدث تهاون يعلن الله رغبته في قداسة الجماعة.
2. عاخان تمتع بالبركات الإلهية ورأي إنشقاق الأردن وإنهدام أسوار أريحا.
3. تعجله للمكسب المادي بينما لو انتظر لكان الله أغناه كثيراً عوضاً عن الغنى الحرام؟
4. مع طول مدة القرعة لم يعترف، أي لم يبادر بالاعتراف من نفسه قبل أن تظهره القرعة.
آية (21): "رأيت في الغنيمة رداء شنعاريا نفيسا ومئتي شاقل فضة ولسان ذهب وزنه خمسون شاقلاً فأشتهيتها وأخذتها وها هي مطمورة في الأرض في وسط خيمتي والفضة تحتها."
لاحظ تسلسل خطوات الخطية [1] رأيت.. [2] فإشتهيتها.. [3] وأخذتها. فالعثرة تبدأ بالرؤية غير المقدسة فالشهوة فالعمل ثم محاولة إخفاء الجريمة.. [1] وها هي مطمورة وهذا هو ما حدث مع حواء رؤية فشهوة فتنفيذ واختباء من أمام الله.. وكان الذي أخذه عاخان أشياء تعتبر ثمينة ولكن ما الذي استفاده عاخان؟ لقد ظن أن هذه الأشياء هي فرصة ثمينة ولكن لننظر ما الذي خسره.. [1] خسر ما سرقه من الله [2] خسر ميراثه في أرض يهوذا [3] خسر حياته وكل مقتنياته بل ربما أبديته. ونفس السؤال يوجه لكل من يعتبر الخطية فرصة ثمينة لا تعوض. وكانت المسروقات.
1. رداءً شنعارياً نفيساً= وهو من أحسن الملابس في هذا الوقت. وهو يشير لشهوة الجسد والتنعم بأمور الأمم وملذاتهم وشهواتهم (شنعار هي بابل).
2. 200 شاقل فضة= تشير لمحبة المال. والفضة تشير لكلمة الله وكونه طمرها فهذا يشير لأنه لم يستفد من كلمة الله التي كانت من الممكن أن ترفعه للفكر السماوي.
3. لسان ذهبي= يشير للسان الذي لا يسبح الله بل يتذمر عليه متكبراً في فلسفة عالمية براقة وفي كلمات صعبة (دا 8:7 + 11:7 + 25:7 + 20:7).
4. خمسين شاقلاً= الخمسين رقم يتكلم عن الحرية (اليوبيل) ويتكلم عن حلول الروح القدس يوم الخمسين وهو أي عاخان طمرها في التراب، فهذا يمثل من أخذ الحرية وأخذ مواهب الروح القدس واستخدمها فرصة للجسد وتصرف في إباحية واستهتار.
الآيات (22-24): " فارسل يشوع رسلا فركضوا الى الخيمة و اذا هي مطمورة في خيمته و الفضة تحتها. فاخذوها من وسط الخيمة و اتوا بها الى يشوع و الى جميع بني اسرائيل و بسطوها امام الرب. فأخذ يشوع عخان بن زارح والفضة والرداء ولسان الذهب وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له وجميع إسرائيل معه وصعدوا بهم إلى وادي عخور."
وادي عخور= نسبة لعاخان أو عاخار ومعناه وادي الكدر والإزعاج، راجع (أش10:65) حيث يتحول غضب الله إلى رضي الله.
لاحظ أن يشوع أخذ عاخان وبنيه وبناته ولم يقل زوجته، فهي إما ماتت أو هي كانت غير موافقة لزوجها فيما فعله. وفي (أية15) كان أمر الله بحرق المأخوذ بالحرام هو وكل ما له أي كل ما اقتناه وليس أولاده. فالله يعاقب الشخص المخطئ ولا يعاقب أولاده الأبرياء (تث16:24). وغالباً قوله وبنيه وبناته لا يفهم رجمهم إلا لو كانوا قد اشتركوا مع أبيهم، ولكن سياق الكلام لا يدل على هذا ففي (آية 25) يقول فرجمه ولم يقل رجموهم. ويكون قوله وأحرقوهم بالنار في (آية 25) عائدة على كل مقتنيات عاخان ويكون معنى أخذ بنيه وبناته معه كشهود لما يحدث عن محاكمة وعقاب.
الآيات (25،26): "فقال يشوع كيف كدرتنا يكدرك الرب في هذا اليوم فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة واحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة. و اقاموا فوقه رجمة حجارة عظيمة الى هذا اليوم فرجع الرب عن حمو غضبه و لذلك دعي اسم ذلك المكان وادي عخور الى هذا اليوم."
يكدرك الرب= هذه ليست بمعنى التمني والدعاء ولكنها حكم على عاخان، هي جملة خبرية فيها يخبر يشوع عاخان بما قرره الله ضده كحكم عادل.
الإصحاح الثامن
آية (1): "فقال الرب ليشوع لا تخف ولا ترتعب خذ معك جميع رجال الحرب وقم اصعد إلى عاي انظر قد دفعت بيدك ملك عاي وشعبه ومدينته وأرضه."
لاحظ أن الشعب كله = جميع رجال الحرب. في وضع استعداد ولا مكان للتراخي والراحة التي اقترحها الجواسيس. ولنلاحظ الشعب كله بروح واحد مستعد وأُخِذَ البعض ليراقب والبعض ليحارب (لذلك سنجد رقمين 30.000، 5000) ولكن لأن الكل كان في وضع استعداد فلقد شارك الكل في الغنيمة. ما أجمل الكنيسة التي تصلي بروح واحدة لأجل مشكلة معينة فلسوف يشترك الكل في فرحة الغنيمة والانتصار.
آية (2): "فتفعل بعاي وملكها كما فعلت باريحا وملكها غير أمروهم غنيمتها وبهائمها تنهبونها لنفوسكم اجعل كمينا للمدينة من ورائها."
الله بدأ هنا يعطيهم ثمار جهادهم = غنيمتها وبهائمها تنهبونها لنفوسكم بعد أن قدموا البكور (غنيمة أريحا) لله. ونجد الله يرشد يشوع لخطة عسكرية يضرب بها عاي= إجعل كميناً للمدينة= في أريحا اسقط الله الأسوار أمامهم وهنا لابد من الجهاد فالله بحكمته يدرب أولاده خطوة خطوة ليتعلموا الجهاد ضد حيل إبليس كما تعلم الأم أولادها السير فهي أولاً تحملهم على كتفها (هزيمة أريحا) ثم تتركهم يسيرون فيقعون على الأرض أولاً (سقوطهم أمام عاي) ثم يسيرون بسهولة (انتصارهم ثانية).
الآيات (3-29): "فقام يشوع وجميع رجال الحرب للصعود إلى عاي وانتخب يشوع ثلاثين ألف رجل جبابرة البأس وأرسلهم ليلاً. وأوصاهم قائلاً انظروا انتم تكمنون للمدينة من وراء المدينة لا تبتعدوا من المدينة كثيراً وكونوا كلكم مستعدين. وأما أن وجميع الشعب الذي معي فنقترب إلى المدينة ويكون حينما يخرجون للقائنا كما في الأول أننا نهرب قدامهم. فيخرجون وراءنا حتى نجذبهم عن المدينة لأنها يقولون انهم هاربون أمامنا كما في الأول فنهرب قدامهم. وانتم تقومون من المكمن وتملكون المدينة ويدفعها الرب إلهكم بيدكم. ويكون عند أخذكم المدينة أنكم تضرمون المدينة بالنار كقول الرب تفعلون انظروا قد أوصيتكم. فأرسلهم يشوع فساروا إلى المكمن ولبثوا بين بيت إبل وعاي غربي عاي وبات يشوع تلك الليلة في وسط الشعب. فبكر يشوع في الغد وعد الشعب وصعد هو وشيوخ إسرائيل قدام الشعب إلى عاي. وجميع رجال الحرب الذين معه صعدوا وتقدموا وأتوا إلى مقابل المدينة ونزلوا شمالي عاي والوادي بينهم وبين عاي. فاخذ نحو خمسة آلاف رجل وجعلهم كميناً بين بيت إبل وعاي غربي المدينة. وأقاموا الشعب أي كل الجيش الذي شمالي المدينة وكمينه غربي المدينة وسار يشوع تلك الليلة إلى وسط الوادي. وكان لما رأى ملك عاي ذلك انهم أسرعوا وبكروا وخرج رجال المدينة للقاء إسرائيل للحرب هو وجميع شعبه في الميعاد إلى قدام السهل وهو لا يعلم أمروهم عليه كميناً وراء المدينة. فأعطى يشوع وجميع إسرائيل انكساراً أمامهم وهربوا في طريق البرية. فالقي الصوت على جميع الشعب الذين في المدينة للسعي وراءهم فسعوا وراء يشوع وانجذبوا عن المدينة. ولم يبق في عاي آنية في بيت إبل رجل لم يخرج وراء إسرائيل فتركوا المدينة مفتوحة وسعوا وراء إسرائيل. فقال الرب ليشوع مد المزراق الذي بيدك نحو عاي لأني بيدك ادفعها فمد يشوع المزراق الذي بيده نحو المدينة. فقام الكمين بسرعة من مكانه وركضوا عندما مد يده ودخلوا المدينة وأخذوها وأسرعوا واحرقوا المدينة بالنار. فالتفت رجال عاي إلى ورائهم ونظروا وإذا دخان المدينة قد صعد إلى السماء فلم يكن لهم مكان للهرب هنا آنية هناك والشعب الهارب إلى البرية انقلب على الطارد. ولما رأى يشوع وجميع إسرائيل أمروهم الكمين قد اخذ المدينة وأمروهم دخان المدينة قد صعد انثنوا وضربوا رجال عاي. وهؤلاء خرجوا من المدينة للقائهم فكانوا في وسط إسرائيل هؤلاء من هنا وأولئك من هناك وضربوهم حتى لم يبق منهم شارد ولا منفلت. وأما ملك عاي فامسكوه حياً وتقدموا به إلى يشوع. وكان لما انتهى إسرائيل من قتل جميع سكان عاي في الحقل في البرية حيث لحقوهم وسقطوا جميعا بحد السيف حتى فنوا أمروهم جميع إسرائيل رجع إلى عاي وضربوها بحد السيف. فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجال ونساء اثني عشر ألفاً جميع أهل عاي. ويشوع لم يرد يده التي مدها بالمزراق حتى حرم جميع سكان عاي. لكن البهائم وغنيمة تلك المدينة نهبها إسرائيل لأنفسهم حسب قول الرب الذي أمر به يشوع. واحرق يشوع عاي وجعلها تلا أبدياً خراباً إلى هذا اليوم. وملك عاي علقه على الخشبة إلى وقت المساء وعند غروب الشمس أمر يشوع فانزلوا جثته عن الخشبة وطرحوها عند مدخل باب المدينة وأقاموا عليها رجمة حجارة عظيمة إلى هذا اليوم."
خطة الحرب
تتلخص الخطة في تكوين 3 مجموعات
1. مجموعة مع يشوع
2. كمين 30000 خلف عاي
3. كمين 5000 بين بيت إيل وعاي
مهمة المجموعة الأولى بقيادة يشوع أن تهجم فيخرج عليها جيش عاي فتستدير وتهرب فيظن جيش عاي أنهم سيهربون مثل المرة الأولى فيلاحقونهم ومهمة المجموعة الثانية أنه حين تفرغ عاي من جيشها يعطي يشوع علامة لهذه المجموعة فتقتحم عاي وتشعل بها النيران وتكون النيران علامة ليشوع ورجاله فيستديروا لضرب جيش عاي الذي أنهار نفسياً حينما شاهد حريق عاي.
وتكون مهمة المجموعة الثالثة حماية الجيش من أي هجون محتمل من أهل بيت إيل لمعونة عاي.
التفسير الروحي لما حدث: عاي بشرورها تمثل إبليس. والمجموعة التي تهاجم مع يشوع ثم تنسحب وتعود وتضرب تمثل شعب اليهود. والمجموعتين (30.000 + 5000) يمثلون الأمم المجموعة الأولى ويشوع بينهم تمثل اليهود. فالمسيح جاء من بينهم. والمجموعتين الثانيتين يمثلان الأمم، وهؤلاء لم يكن المسيح وسطهم "هم آمنوا به دون أن يروه بل لم يكن لهم النبوات التي كانت عند اليهود ولا الناموس". ويشوع كرمز للمسيح في هروبه أمام أهل عاي يمثل المسيح الذي استسلم للصليب وبعد ذلك استدار وهجم على إبليس وجنوده هو والذين معه (30.000 + 5.000 + كل رجال الحرب). ولاحظ معنى الأرقام 30.000 = 3×10×1000 = المؤمنين بالثالوث وهم بالمسيح قادرين على تتميم الوصايا (10) فيصيروا سماويين (1000). وهم صاروا بنعمة المسيح (رقم 5 رقم النعمة) سماويين (1000). ولاحظ أن الخطة متكاملة فما كان لفريق أن يغلب دون مساعدة الفريق الآخر. فالكنيسة متكاملة يهوداً وأمم. ولاحظ أن يشوع هو المدبر "ويسوع خرج غالباً ولكي يغلب" (رؤ2:6) وهي رأس جيشه كما أن المسيح رأس الكنيسة، فضرب عاي لم يكن بحيلة بشرية إنما بخطة إلهية استخدم الله فيها خدامه وشعبه، وإن كان هو كرأس للكنيسة قد دبر ووهب النصرة.
وفي آية (8) المقصود إشعال حريق في جزء منها كعلامة فالله أعطاهم غنيمة المدينة.
وفي آية (10) وعد الشعب= أي جهزهم بأعدادهم. ومعنى كلمة عد الأصلي إفتقد الرجال في إماكنهم ليتأكد من استعدادهم. وفي (13) سار يشوع إلى وسط الوادي= ربما لكي يختار أنسب مكان يرى منه الكمين المختفي وراء التلال خلف عاي ويراه من هذا المكان جيشه حتى يعطيهم العلامة بالهجوم حين يرى هو الحريق الذي يشعله الكمين.
وفي (14) في الميعاد= ربما الميعاد الذي حدده يشوع للحرب أو الميعاد الذي خرج فيه ملك عاي.
وفي (17) هذا خطأ من ملك عاي أن يترك بلده بلا حماية. والله قادر أن يصيب أعداء شعبه بالعمى وفي حقدهم على شعب الله يدمرون أنفسهم بأخطائهم. وهذا ما حدث مع فرعون فدمر جيشه في البحر. وفي (18) المزراق= الرمح وغالباً وضع عليه راية وكان يشوع في وضع عالٍ ليراه الكل. فمد يشوع المزراق الذي بيده.... وفي (26) لم يرد يده التي مدها بالمزراق حتى حرم جميع سكان عاي. وقارن مع (18) فقال الرب ليشوع مد يدك بالمزراق
1. أمر الرب يشوع بمد يده يرمز لعمل التجسد الإلهي حيث تشير اليد إلى أقنوم الابن أما بسطها فيعني إعلانها. وكأن الابن أعلن ذاته خلال التجسد، مصوباً صليبه كمزراق يهدم به إبليس وحصونه ويحرق مملكته بنار روحه القدوس.
2. يشوع لم يرد يده بالمزراق حتى انتهت الحرب وهذا إعلان أن الله لم يرجع عن مساعدتهم ومد يد العون لهم. وهذا ما حدث مع موسى من قبل.
3. الحربة هي سلاح مخيف للعدو وهكذا الصليب.
4. إذا بدأنا حربنا ضد العدو فلا يجب أن نرتد مرة أخرى بعد أن أشهرنا ضده السلاح ولذلك لم يعيد يسوع يده بالمزراق "من وضع يده على المحراث لا ينظر إلى خلف" بل يجب أن تظل عيوننا إلى الصليب المرفوع فنحارب ونغلب.
5. عدم إرتداد يشوع بيده وبالمزراق يشير لأن المسيح سيظل يحارب عن طريقنا (رؤ6:2)
وفي آية (29) صلب ملك عاي. ملك عاي رمز للشيطان في هذه القصة. ومعنى صلبه أن المسيح بصليبه المنظور صلب الشيطان بطريقة غير منظورة (كو14:2،15) وحطم قوته وعلينا أن نصلب أنفسنا مع المسيح (غل14:6) فصليب المسيح علامة حبه لي وقبولي الصلب معه علامه حبي له. وإذا قبلت هذا يكون الشيطان وخداعاته لا سلطان لها علىّ كأن إبليس بالنسبة لي مصلوباً مسمراً. وموضع إبليس (عاي) يصير محروقاً وخراباً.
الآيات (30-35): "حينئذ بنى يشوع مذبحا للرب إله إسرائيل في جبل عيبال. كما أمر موسى عبد الرب بني إسرائيل كما هو مكتوب في سفر توراة موسى مذبح حجارة صحيحة لم يرفع أحد عليها حديداً واصعدوا عليه محرقات للرب وذبحوا ذبائح سلامة. وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى التي كتبها أمام بني إسرائيل. وجميع إسرائيل وشيوخهم والعرفاء وقضاتهم وقفوا جانب التابوت من هنا ومن هناك مقابل الكهنة اللاويين حاملي تابوت عهد الرب الغريب كما الوطني نصفهم إلى جهة جبل جرزيم ونصفهم إلى جهة جبل عيبال كما أمر موسى عبد الرب أولاً لبركة شعب إسرائيل. وبعد ذلك قرا جميع كلام التوراة البركة واللعنة حسب كل ما كتب في سفر التوراة. لم تكن كلمة من كل ما أمر به موسى لم يقراها يشوع قدام كل جماعة إسرائيل والنساء والأطفال والغريب السائر في وسطهم."
كان المتوقع هنا أن نسمع عن باقي الفتوحات لتستمر قصة وتاريخ الشعب في الأرض لكننا نجد القصة تتوقف لنسمع عن إقامة مذبح علامة شكر لله الذي أعطاهم النجاح والغلبة. فالتاريخ والحروب بدون الله لا شئ ولا معنى لتاريخ شعب بدون الله فالغلبة والنصرة هي من عند الله. ونجد هنا يشوع يتمم أوامر موسى (تث1:27-8) ولنلاحظ في هذا المذبح:-
1. لقد حدد الله مقدماً موضع إقامته بـ "جبل عيبال" وزمان إقامته "بعد عبور الأردن وقبل الإنتهاء من الحروب والشعور بالراحة فيها" (يش22:11) والله اختار جبل عيبال لكي يرتفع الشعب عليه بعد الاستيلاء على أريحا وعاي وقبل الدخول في بقية حروبهم حتى يكون لهم علاقة بالله قبل أن ينشغلوا بخيرات كنعان، وحتى يشكروا الله على ما أعطاهم ويطلبون العون لباقي المعارك. فإقامة مذبح هنا وفي هذا الوقت في منتهى الأهمية. ولنلاحظ أن إقامة هيكل سليمان بعد استقرار المملكة يرمز لدخولنا للسماء، أما مذبح عيبال فيشير لدخولنا إلى عربون السماء أثناء جهادنا على الأرض ننعم بالوجود الدائم في حضرة الرب خلال الإيمان لا العيان خلال ذبيحته المقدسة.
2. يقام هذا المذبح من حجارة صحيحة والحجارة تشير للمؤمنين (1بط5:2) وهي حجارة حية لأنها التقت بمسيحها فصارت فيه صحيحة بعد أن حطمها عدو الخير. ولم يرفع أحد حديداً عليها أي تظل بسيطة كما هي لا يغير العالم منها شئ بأفكاره أو مبادئه، وعدو الخير لا يستطيع أن يأتي بشر عليها لأنها محفوظة في يدي مخلصها (يو28:10 + 1يو18:5). والكنيسة هي بيت الله والمسيح حجر الزاوية والرسل والتلاميذ حجارة أساس بسبب قوتهم (أف20:2 + 1كو11:3).
3. وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى (آية 22). وهكذا يلتحم المذبح بالشريعة أو العبادة بالوصية، فلا قبول لحياتنا كذبيحة حب لله بالعبادة وحدها دون طاعة الوصية الإلهية، ولا طاعة للوصية ما لم يعمل الله فينا خلال الذبيحة والعبادة. وإذا فهمنا أن الحجارة تشير للمؤمنين فمعنى أن يشوع كتب الشريعة والوصايا عليها فهذا يشير إلى أن يسوعنا المسيح كتب وصاياه في قلوبنا. المذبح الخفي لله. ولاحظ تأثير كلمات المسيح على قلوب تلميذي عمواس وكيف ألهبهما (لو27:24،32).
4. في آية (35) يشوع قرأ كلمات الله لجماعة إسرائيل (الرجال) والنساء والأطفال والغريب= فكلام المسيح صالح للجميع ولكل المستويات ليرفع الجميع، الرجال روحياً، ولينضج الأطفال روحياً، والنساء المدللين غير القادرين على الجهاد يصيرهن مجاهدين، والغرباء أي الموعوظين غير المؤمنين يصبرهم مؤمنين.
الإصحاح التاسع
الآيات (2،1): "ولما سمع جميع الملوك الذين في عبر الأردن في الجبل وفي السهل وفي كل ساحل البحر الكبير إلى جهة لبنان الحثيون والاموريون والكنعانيون والفرزيون والحويون واليبوسيون. اجتمعوا معا لمحاربة يشوع وإسرائيل بصوت واحد."
عبور نهر الأردن لم يكن خاتمة الجهاد بل بدايته، فلقد هاجت الشعوب الكنعانية واجتمعوا معاً لمحاربة يشوع وإسرائيل. ونحن بعد المعمودية وبعد أن نتمتع بإمكانيات الله التي صارت لنا لا لنفخر ونتباحث فيها إنما لنستخدمها في جهادنا الروحي لأننا مع كل نصرة روحية نتوقع حرباً أشد. وعجيب هو إتفاق هذه الأمم وفي هذا التوقيت الآن.
1. فلماذا لم يهاجموا إسرائيل بعد عبورهم الأردن مباشرة وقبل أن ينظموا صفوفهم أو وهم محاصرين أريحا وخطط إسرائيل للاستيلاء على كنعان لم تكن خافية على أحد.
2. ولماذا لم يهاجموا إسرائيل من قبل، ويهاجموها الآن بعد أن أكتشفوا قوة إله إسرائيل في معركة أريحا وتخطيط يشوع في معركة عاى لقد كان الأحكم أن يعقدوا مع إسرائيل معاهدة سلام لا أن يحاربوها. ولكن الله يعمي عيون أعداء شعبه فيتخبطون في قراراتهم.
الآيات (3-13): "وأما سكان جبعون لما سمعوا بما عمله يشوع باريحا وعاي. فهم عملوا بغدر ومضوا وداروا وأخذوا جوالق بالية لحميرهم وزقاق خمر بالية مشققة ومربوطة. ونعالاً بالية ومرقعة في أرجلهم وثياباً رثة عليهم وكل خبز زادهم يابس قد صار فتاتاً. وساروا إلى يشوع إلى المحلة في الجلجال وقالوا له ولرجال إسرائيل من أرض بعيدة جئنا والآن اقطعوا لنا عهداً. فقال رجال إسرائيل للحويين لعلك ساكن في وسطي فكيف اقطع لك عهداً. فقالوا ليشوع عبيدك نحن فقال لهم يشوع من أنتم ومن أين جئتم. فقالوا له من أرض بعيدة جداً جاء عبيدك على اسم الرب إلهك لأننا سمعنا خبره وكل ما عمل بمصر. وكل ما عمل بملكي الأموريين اللذين في عبر الأردن سيحون ملك حشبون وعوج ملك باشان الذي في عشتاروث. فكلمنا شيوخنا وجميع سكان أرضنا قائلين خذوا بأيديكم زاداً للطريق واذهبوا للقائهم وقولوا لهم عبيدكم نحن والآن اقطعوا لنا عهداً. هذا خبزنا سخنا تزودناه من بيوتنا يوم خروجنا لكي نسير إليكم وها هو الآن يابس قد صار فتاتاً. وهذه زقاق الخمر التي ملأناها جديدة هوذا قد تشققت وهذه ثيابنا ونعالنا قد بليت من طول الطريق جداً."
حيلة بني جبعون= جبعون تقع شمال أورشليم على بعد 6 ميل وصارت تابعة لبنيامين بعد ذلك. ولقد أدرك بنو جبعون ما أدركته راحاب الزانية وأراد الكل الخلاص إذ رأوا يد الله القوية تعمل لحساب شعبه. أما بنو جبعون فلم يبلغوا ما بلغته راحاب وأن كانوا قد أرتفعوا عن بقية الأمم حولهم. لقد ارتفعت راحاب بروح الإيمان والحب أما بنو جبعون فقد خلصوا من الموت بالخوف والمكر. وفي (4) عملوا بغدر= صحة ترجمة الكلمة عملوا بخداع. جوالق= أشولة للزاد ومربوطة= أى تشققت فى الطريق فلم يستطيعوا إصلاحها فربطوها. وفي خداعهم ذكروا في (9،10) أعمال الرب القديمة مع شعبه ولم يذكروا الأعمال الجديدة مثل شق الأردن وما بعده حتى لا يظهر أنهم سمعوا فيفهم يشوع أنهم قريبين. وهم لم يذكروا اسم بلدهم كأن يشوع لن يعرفها لبعدها. ولكنهم مجدوا اسم الله واظهروا أنهم يؤمنون به حتى ينالوا عطف يشوع بل عرضوا أن يكونوا عبيداً لإسرائيل وهذا يعني ضمناً أنهم قبلوا أن يصيروا عبيداً لله ورفضوا أوثانهم ولنتأمل فيما عملوا.. ألا يحق لنا أن نعمل مثلهم مع إلهنا ونترك كل خطية ونملكه على قلوبنا فنضمن حياتنا. لا ننكر أن بني جبعون لهم موقف إيجابي لكنهم يمثلون من يأتي إلى الله خوفاً من ضياع البركات الزمنية وخسارة أمور العالم البالية. ومن يلتصق بأمور العالم هو مازال يحيا في إنسانه العتيق لذلك يحيا كعبد. لذلك يمثل بنى جبعون أدنى درجات الإيمان وأقل المتمتعين بالمجد (1كو39:15-41). أما راحاب فتمثل الإنسان الذي خلع إنسانه القديم وألقى بشهوات جسده تحت قدميه طلباً للمجد الأبدي ولنلاحظ أن بني جبعون لو أعلنوا إيمانهم وتوبتهم عن وثنيتهم وشرورهم لكان من المؤكد أن الله سيأمر يشوع بقبولهم ولصاروا في درجة أعلى (يو2:14). ولكنهم بهذا الفكر والخوف والمكر إختاروا لأنفسهم أن يحيوا كعبيد وكان هذا قرار يشوع (آية 23) بل كان هذا طلبهم (آية 11). وقارن مع راحاب التي حصلت على العضوية وصارت أماً في إسرائيل بل أماً للمسيح بل رمزاً للكنيسة.
الآيات (14-22): "فأخذ الرجال من زادهم ومن فم الرب لم يسألوا. فعمل يشوع لهم صلحاً وقطع لهم عهداً لاستحيائهم وحلف لهم رؤساء الجماعة. وفي نهاية ثلاثة أو بعدما قطعوا لهم عهداً سمعوا أنهم قريبون إليهم وأنهم ساكنون في وسطهم. فارتحل بنو اسرائيل و جاءوا الى مدنهم في اليوم الثالث و مدنهم هي جبعون و الكفيرة و بئيروت و قرية يعاريم. و لم يضربهم بنو اسرائيل لان رؤساء الجماعة حلفوا لهم بالرب اله اسرائيل فتذمر كل الجماعة على الرؤساء. فقال جميع الرؤساء لكل الجماعة اننا قد حلفنا لهم بالرب اله اسرائيل و الان لا نتمكن من مسهم. هذا نصنعه لهم و نستحييهم فلا يكون علينا سخط من اجل الحلف الذي حلفنا لهم. و قال لهم الرؤساء يحيون و يكونون محتطبي حطب و مستقي ماء لكل الجماعة كما كلمهم الرؤساء. فدعاهم يشوع و كلمهم قائلا لماذا خدعتمونا قائلين نحن بعيدون عنكم جدا و انتم ساكنون في وسطنا."
فأخذ الرجال من زادهم= هذه الآية تفهم بمعنيين [1] صدق الشعب روايتهم بسبب حال زادهم [2] أكل الشعب من خبزهم علامة العهد. ومن فم الرب لم يسألوا= للمرة الثانية يسقط يشوع ورجاله في ذات الخطأ وهو التصرف دون مشورة الله. هم شكوا في أمر بني جبعون لكنهم اكتفوا باستخدام الحكمة البشرية دون الإلتجاء لله فانخدعوا. ولنلاحظ أن الشعب بالإيمان والطاعة غلب أريحا المحصنة، أما هنا فانخدعوا في معركة الخداع حيث يتظاهر العدو بأنه صديق يطلب الدخول في عهد (2كو3:11 + 1يو1:4). ولكن من المؤكد أن يشوع صدق خبرهم [1] في طيبة قلبه [2] الله لم يكشف له علاقة دخول الأمم للإيمان [3] لا يمنع الله دخول ضعاف الإيمان لشعبه وبمعاملاته معهم ينمو إيمانهم ويزداد.
وفي نهاية ثلاثة أيام= بعد أن وصل الوفد الجبعوني إلى بلاده وأشاع أخبار المعاهدة مع إسرائيل.
الآيات (23-27): "فالآن ملعونون أنتم فلا ينقطع منكم العبيد ومحتطبو الحطب ومستقو الماء لبيت الهي. فاجابوا يشوع و قالوا اخبر عبيدك اخبارا بما امر به الرب الهك موسى عبده ان يعطيكم كل الارض و يبيد جميع سكان الارض من امامكم فخفنا جدا على انفسنا من قبلكم ففعلنا هذا الامر. و الان فهوذا نحن بيدك فافعل بنا ما هو صالح و حق في عينيك ان تعمل. ففعل بهم هكذا و انقذهم من يد بني اسرائيل فلم يقتلوهم. و جعلهم يشوع في ذلك اليوم محتطبي حطب و مستقي ماء للجماعة و لمذبح الرب الى هذا اليوم في المكان الذي يختاره."
ملعونون= هو يؤكد نبوة نوح على كنعان. لا ينقطع منكم العبيد= سموا بعد ذلك النثينيم وهؤلاء صاروا عبيد. ولكنهم حصلوا على كرامة خدمة البيت= مستقوا الماء لبيت إلهي.
الإصحاح العاشر
ربما مر بعض الوقت بعد أن ضرب يشوع أريحا بأمر من الله وضرب عاي بخطة عسكرية واستسلم له الجبعونيون. والآن نجد خمسة ملوك يحاربون جبعون بسبب تسليمهم أنفسهم لإسرائيل وإله إسرائيل. وطلبت جبعون الحماية من يشوع ولهم كل الحق فهم الآن بحسب ما حكم يشوع عبيداً للشعب ويجب على السادة أن يحموا ويدافعوا عن عبيدهم. والأهم فهم صاروا الآن عبيداً لله. فهم قبلوا أن يخدموا بيت الله ومذبحه المقدس وهم أسموا أنفسهم عبيداً ليشوع. إذاً فالهجوم عليهم يعتبره الله هجوم على الله نفسه. والآن هم يستنجدون بيشوع فكأنهم يحتمون بإله إسرائيل. وكان يشوع قد توقف بعد حرب عاي عن الحرب حتى حدث هذا التجمع لملوك كنعان وكان تجمعهم هذا لحرب جبعون إشارة إلى يشوع ليبدأ الحرب من جديد بل هذا سهل له الحرب فهو ضربهم كلهم في ضربة واحدة.
ونلاحظ أنها حرب 5 ملوك ضد شعب الله وبالمعنى الرمزي فرقم (5) يشير للحواس التي يأتي منها هجوم عدو الخير ولكن في الوقت نفسه يشير لنعمة الله القادرة على مساندة ابن الله المؤمن ولو استعان بهذه النعمة يغلب كما غلب يشوع.
آية (1): "فلما سمع أدوني صادق ملك أورشليم أمروهم يشوع قد أخذ عاي وحرمها كما فعل بأريحا وملكها فعل بعاي وملكها وأمروهم سكان جبعون قد صالحوا إسرائيل وكانوا في وسطهم."
أدوني صادق ملك أورشليم= هنا نجد أول ذكر لأورشليم في الكتاب المقدس. ولاحظ أن ملكي صادق كان ملك ساليم فيبدو أن صادق وهي تعني البر هو لقب لملوك أورشليم وأدوني صادق تعني رب البر أما أورشليم فلها عدة تفسيرات.
أورشليم=
يرو (أساس)
أور (نور)
رأاه (رأى)
شليم (السلام) = أساس السلام
شليم (السلام) = نور السلام
شليم (السلام) = سوف يرى السلام
الآيات (2-8): " خاف جدا لان جبعون مدينة عظيمة كاحدى المدن الملكية و هي اعظم من عاي و كل رجالها جبابرة. فارسل ادوني صادق ملك اورشليم الى هوهام ملك حبرون و فرام ملك يرموت و يافيع ملك لخيش و دبير ملك عجلون يقول. أصعدوا إلىّ وأعينوني فنضرب جبعون لأنكم صالحت يشوع وبني إسرائيل. فاجتمع ملوك الاموريين الخمسة ملك اورشليم و ملك حبرون و ملك يرموت و ملك لخيش و ملك عجلون و صعدوا هم و كل جيوشهم و نزلوا على جبعون و حاربوها. فارسل اهل جبعون الى يشوع الى المحلة في الجلجال يقولون لا ترخ يديك عن عبيدك اصعد الينا عاجلا و خلصنا و اعنا لانه قد اجتمع علينا جميع ملوك الاموريين الساكنين في الجبل. فصعد يشوع من الجلجال هو و جميع رجال الحرب معه و كل جبابرة الباس. فقال الرب ليشوع لا تخفهم لاني بيدك قد اسلمتهم لا يقف رجل منهم بوجهك."
هؤلاء الملوك طلبوا أن يحاربوا جبعون لأنها صالحت يشوع وبنى إسرائيل. وأي نفس تصطلح مع المسيح وترجع لكنيسته تتعرض لحروب إبليس. وهم خمسة إشارة للحواس الثائرة فإبليس يستخدم حواسنا ولكن لا يهزم إبليس في هذه الحرب سوى يشوعنا الحقيقي أي المسيح فهو الذي يقدس حواسنا إذا استغثنا به.
آية (9): "فأتى إليهم يشوع بغتة صعد الليل كله من الجلجال."
صعد يشوع ليلاً حتى لا يضيع الوقت وتضرب جبعون.
الآيات (10-14): "فأزعجهم الرب أمام إسرائيل وضربهم ضربة عظيمة في جبعون وطردهم في طريق عقبة بيت حورون وضربهم إلى عزيقة وإلى مقيدة. وبينما هم هاربون من أمام إسرائيل وهم في منحدر بيت حورون رماهم الرب بحجارة عظيمة من السماء إلى عزيقة فماتوا والذين ماتوا بحجارة البرد هم أكثر من الذين قتلهم بنو إسرائيل بالسيف. حينئذ كلم يشوع الرب يوم أسلم الرب الأموريين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل يا شمس دومي على جبعون ويا قمر على وادي أيلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى أنتقم الشعب من أعدائه أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل. ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده سمع فيه الرب صوت إنسان لأن الرب حارب عن إسرائيل."
الله يساعد يشوع ضد ملوك كنعان بثلاث طرق عجيبة إعجازية:-
1. إزعجهم= بطريقة عجيبة فخافوا وهربوا من أمام يشوع.
2. رماهم الله بحجارة عظيمة من السماء= بعد أن هربوا سقطت الحجارة عليهم.
3. وقوف الشمس والقمر= ليعطي الله الفرصة ليشوع ليضربهم ضربة نهائية.
ولنلاحظ:
أ. الكنعانيين عبدوا السماء والنجوم وها ضربتم تأتي من السماء (حجارة البرد) بينما من عبد إله السماء (يشوع) جعل الشمس والقمر يقفان بحسب طلبه. فالله يسخر الطبيعة لخدمة أولاده، فالشمس والقمر يقفان والسماء تسقط حجارة.
ب. حدث موضوع حجارة البرد قبل ذلك مع موسى ضد فرعون (خر18:9-26) وسوف يحدث ثانية (خر22:38 + رؤ21:16). وهي معجزة أن يصيب البرد أعداء شعب الله ولا يصيب الشعب. والبرد هو كرات عظيمة من الثلج تهبط بسرعة من السماء فتقتل بأوزانها الرهيبة، وهناك من فسرها بأنها تنشأ عن مرور نيزك في الغلاف الجوي ويتفتت إلى أحجار ضخمة تسقط بسرعات عظيمة وقد حدث هذا في أماكن متعددة من العالم. لكن كونه يسقط على أعداء شعب الله ولا يسقط على شعب الله فهذه هي المعجزة وهذه يد الله.
ج. لنلاحظ أن الله وعد يشوع بالنصر (آية 8) لكن هذا الوعد لم يجعل يشوع ينام ويتراخي بل سار الليل كله (آية 9) حتى لا يضيع الوقت فليس معنى وعد الله أن نتراخى. ولنلاحظ أن هناك معجزة أخرى فإن يشوع سار مع جيشه الليل كله ثم حاربوا كل اليوم بل طلب أن يزداد اليوم طولاً، وقد طال اليوم حوالي يوم آخر وكل هذا بلا راحة فمن أين أتت هذه الطاقة ليشوع وللشعب، هذه هي نعمة الله التي تنسكب على كل من يجاهد ولا يتراخى.
د. هذه المعجزة لفتت أنظار العالم لهذا الشعب الذي يسانده الله ليصير هذا الشعب نوراً للعالم، وليفهم من يعبد الشمس والقمر من هو الله إله هذا الشعب وخالق هذه الكواكب. إذاً هذه المعجزة كما كانت مساندة من الله لشعبه كانت لدعوة الوثنيين للإيمان.
ه. تطلع يشوع للسماء فرأى الشمس ورأى القمر في وقت واحد، رأى الشمس في كبد السماء فوقه تماماً ورأى القمر على الجانب الآخر وهو تصور أنه فوق وادي إيلون أي وادي الإيائل (وهي مدينة غرب أورشليم بحوالي 14ميل) والقمر يمكن أحياناً رؤيته بالنهار ولكنه يتحرك من الشرق للغرب. وكان طلب يشوع أن يتوقف كلاهما عن الحركة ويبقي الوضع كما هو حتى تنتهي الحرب وتكمل الضربة.
و. الله عمل الشمس لتكون لآيات (تك14:1). أي لمعجزات وهذه إحدى المعجزات وهناك معجزات أخرى [1] رجوع الظل أيام حزقيا الملك [2] كسوف الشمس يوم صلب رب المجد.
ز. يقول هيرودوت أن كهنة المصريين أطلعوه على وثائق تتحدث عن يوم أطول من المعتاد. وتفيد الكتابات الصينية أنه كان هناك يوم مماثل لهذا في عهد إمبراطورهم "يو" وهو معاصر ليشوع. وفي المكسيك وثائق تثبت أن يوماً طويلاً حدث في إحدى السنين.
ح. سفر ياشر= هو كتاب عبراني به أناشيد مديح لأبطال إسرائيل. وغالباً هو كتاب سجله رجل علماني أحب الشعر والأدب، فيه سجل بعض الأحداث الهامة الدينية والزمنية، وبه قصيدة عن هذا اليوم العجيب الذي توقفت فيه الشمس.
ط. الشعب حارب وغلب أعدائه لأن الشمس لم تغيب. والآن شمس برنا المسيح قد أشرق وهو لن يغيب فلنا إمكانية أن نغلب أعدائنا دائماً، فالمسيح نور كنيسته. وهو يقول "ها أنا معكم كل الأيام" (مت20:28) بينما نحارب ضد أعدائنا (اف12:6)
الآيات (15،16): " ثم رجع يشوع و جميع اسرائيل معه الى المحلة في الجلجال. فهرب أولئك الخمسة الملوك وأختباوا في مغارة في مقيدة."
إذا فهمنا أن الملوك الخمسة يشيروا للحواس الخمسة التي بها يشعل الشيطان شهواتنا. فنفهم أن من يستجيب لحرب الحواس يكون مصيره الدفن في مغارة.
الآيات (17،18): " فاخبر يشوع و قيل له قد وجد الملوك الخمسة مختبئين في مغارة في مقيدة. فقال يشوع دحرجوا حجارة عظيمة على فم المغارة وأقيموا عليها رجالاً لأجل حفظهم."
نجد يشوع قد حبسهم في المغارة. فإن كان دنس الحواس يحبسنا في الأرضيات ويخنق نفوسنا كما في مغارة. فإنه يليق بنا ونحن تحت قيادة يشوعنا أن نعتبر أن أهوائنا وشهواتنا مصلوبة ومحبوسة في مغارة وندحرج عليها حجر كبير.
الآيات (19-21): "وأما أنتم فلا تقفوا بل أسعوا وراء أعدائكم واضربوا مؤخرهم لا تدعوهم يدخلون مدنهم لأن الرب إلهكم قد أسلمهم بيدكم. و لما انتهى يشوع و بنو اسرائيل من ضربهم ضربة عظيمة جدا حتى فنوا و الشرد الذين شردوا منهم دخلوا المدن المحصنة. رجع جميع الشعب الى المحلة الى يشوع في مقيدة بسلام لم يسن احد لسانه على بني اسرائيل."
لا نكتفي بحبس الشهوات وإلا تحول هذا إلى كبت في داخلنا. ولكن لنهتم بالدور الإيجابي فلا نكف عن الجهاد = لا تقفوا بل اسعوا وراء أعدائكم. هذا يشير لدور المؤمن في جهاده في صلواته وعلاقته بالله، عينه مرفوعه للسماء في صلاته وفي انتظاره لمجيء الرب الثاني وأذنه مفتوحة لسماع صوت الروح القدس، مجاهداً أن يتلامس مع المسيح فيحصل على قوة وبهذا تتقدس حواسه ولا يعود هناك مجال لأن يقال "هناك كبت" بل حينما تتقدس الحواس لا يعود هناك خوف من حرب الحواس.
الآيات (22،23): "فقال يشوع أفتحوا فم المغارة وأخرجوا إلى هؤلاء الخمسة الملوك من المغارة. ففعلوا كذلك و اخرجوا اليه اولئك الملوك الخمسة من المغارة ملك اورشليم و ملك حبرون و ملك يرموت و ملك لخيش و ملك عجلون."
أفتحوا فم المغارة= بعد أن صلبنا أهوائنا وشهواتنا (وضع الملوك في المغارة) وبعد أن جاهدنا وراء أعدائنا وجاهدنا في صلواتنا (حرب ضد الأعداء) لا ينتهي العمل إلا بعد أن يقتل يشوعنا الملوك الذين يحاربوننا. وقتها نجد حواسنا وقد ملك عليها المسيح تماماً.
الآيات (24-26): "وكان لما اخرجوا أولئك الملوك إلى يشوع أمروهم يشوع دعا كل رجال إسرائيل وقال لقواد رجال الحرب الذين ساروا معه تقدموا وضعوا أرجلكم على أعناق هؤلاء الملوك فتقدموا ووضعوا أرجلهم على أعناقهم. فقال لهم يشوع لا تخافوا و لا ترتعبوا تشددوا و تشجعوا لانه هكذا يفعل الرب بجميع اعدائكم الذين تحاربونهم. و ضربهم يشوع بعد ذلك و قتلهم و علقهم على خمس خشب و بقوا معلقين على الخشب حتى المساء. "
وضع الأرجل على أعناق الملوك يعني:
1. رمز لأن الله فوق آلهة هؤلاء الملوك وأوثانهم.
2. من يقاوم الله يسحقه الله.
3. من يحاول أن يؤذي أولاد الله يسحقه الله.
4. تشجيع للشعب في معاركه القادمة، وتحذير للشعب بأن هذه هى نهاية الأشرار فلا يخطئوا مثلهم.
5. رمز لما قال وحققه المسيح بعد ذلك "أعطانا سلطاناً أن ندوس على الحيات والعقارب" (لو19:10) أي قدم لنا إمكانية النصرة على سلاطين الشر لنحارب بلا خوف.
آية (27): "وكان عند غروب الشمس أمروهم يشوع أمر فأنزلوهم عن الخشب وطرحوهم في المغارة التي أختباوا فيها ووضعوا حجارة كبيرة على فم المغارة حتى إلى هذا اليوم عينه."
كانت المغارة التي اختبأوا فيها هي قبرهم النهائي. دخلوها بإرادتهم وها هم يسقطون كجثث فيها بغير إرادتهم. فالخطية تحمل ثمرتها فيها. فالهلاك الأبدي هو إمتداد طبيعي لما يمارسه الإنسان على الأرض. فمن اختار بإرادته المغارة الأرضية (قبر الشهوات) ينزل إلى الإعماق (الهاوية والهلاك) بغير إرادته.
آية (28-43): "وأخذ يشوع مقيدة في ذلك اليوم وضربها بحد السيف وحرم ملكها هو وكل نفس بها لم يبق شارداً وفعل بملك مقيدة كما فعل بملك أريحا. ثم اجتاز يشوع من مقيدة وكل إسرائيل معه إلى لبنة وحارب لبنة. فدفعها الرب هي أيضا بيد إسرائيل مع ملكها فضربها بحد السيف وكل نفس بها لم يبق بها شاردا وفعل بملكها كما فعل بملك أريحا. ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لبنة إلى لخيش ونزل عليها وحاربها. فدفع الرب لخيش بيد إسرائيل فأخذها في اليوم الثاني وضربها بحد السيف وكل نفس بها حسب كل ما فعل بلبنة. حينئذ صعد هورام ملك جازر لإعانة لخيش وضربه يشوع مع شعبه حتى لم يبق له شارداً. ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لخيش إلى عجلون فنزلوا عليها وحاربوها. وأخذوها في ذلك اليوم وضربوها بحد السيف وحرم كل نفس بها في ذلك اليوم حسب كل ما فعل بلخيش. ثم صعد يشوع وجميع إسرائيل معه من عجلون إلى حبرون وحاربوها. وأخذوها وضربوها بحد السيف مع ملكها وكل مدنها وكل نفس بها لم يبق شارداً حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس بها. ثم رجع يشوع وكل إسرائيل معه إلى دبير وحاربها. وأخذها مع ملكها وكل مدنها وضربوها بحد السيف وحرموا كل نفس بها لم يبق شارداً كما فعل بحبرون كذلك فعل بدبير وملكها وكما فعل بلبنة وملكها. فضرب يشوع كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها لم يبق شارداً بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله إسرائيل. فضربهم يشوع من قادش برنيع إلى غزة وجميع أرض جوشن إلى جبعون. وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك وأرضهم دفعة واحدة لأن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل. ثم رجع يشوع وجميع إسرائيل معه إلى المحلة إلى الجلجال.
ليس معنى الانتصار في معركة أن الحرب انتهت، بل الحرب مستمرة والانتصار مستمر ودائماً هناك غنائم لشعب الله. فيسوع يقودنا دائماً لمعارك نكسب فيها الكثير. ورموز الأسماء.
مقيدة= اسم كنعاني= موضع الرعاة، امتلكها أولاً ملوك ورعاة أشرار (ذئاب) دنسوا الحواس والآن يملكها يشوع فيقدسها. لبنة= بياض كانت سابقاً بياض البرص فصارت بياض النور.
ملحوظة: في آية (37): يقول أنهم قتلوا ملك حبرون. وفي آية (23) قبل ذلك قال أنهم قتلوه. وهناك رأيين [1] بعد قتل الملك الأول أقاموا ملكاً آخر وهذا قتل أيضاً [2] أن ما ذكر في آية 37 راجع لما ذكر في آية 23 والرأي الأول أرجح.
الإصحاح الحادي عشر
الآن نجد حرباً من نوع آخر فلا توقف للشمس ولا حجارة برد بل حرب عادية ولكن النصر لشعب الله بمعونة الرب. وهكذا حدث في بداية الكنيسة معجزات جبارة ولكن كل شئ هدأ وبدأ الروح القدس يعمل في الكنيسة بدون معجزات ولكن سيف الروح كان له عمل خفي في إنتشار الكرازة في كل مكان بجهاد كل كارز وكل خادم للكلمة. ولنلاحظ أن حروب عدو الخير لا تهدأ ضد الكنيسة ولكنها دائماً تنتهي بانتصارات للكنيسة وزيادة أرضها ومكاسبها. وهنا إذ سمع يابين ملك حاصور بانتصارات يشوع تحالف مع باقي الملوك بخيل ومركبات كثيرة جداً لمحاربة يشوع ورجاله.
الآيات (1-3): " فلما سمع يابين ملك حاصور ارسل الى يوباب ملك مادون و الى ملك شمرون و الى ملك اكشاف. وإلى الملوك الذين إلى الشمال في الجبل وفي العربة جنوبي كنروت وفي السهل وفي مرتفعات دور غرباً. لكنعانيين في الشرق و الغرب و الاموريين و الحثيين و الفرزيين و اليبوسيين في الجبل و الحويين تحت حرمون في ارض المصفاة."
الملوك الذين في الجبل= الجبل يشير في حالة إمتلاك الشيطان له للكبرياء أما لو ملك المسيح عليه لصار يرمز للسماويات. وهنا حيث أن هؤلاء الملوك الأشرار يملكون هذا الجبل فهو يرمز للكبرياء. وقارن مع جبل التجلي حيث تجلى المسيح عليه لتلاميذه.
وفي العربة جنوبي كنروت= العربة أي السهل، كنروت= كالمصابيح. ولاحظ فالذي يملك هنا ملوك أشرار وهم رمز لإبليس الذي يغير شكله إلى شكل ملاك ليخدعنا. وفي مرتفعات دور= دور قد تعني هداية ولكنها للأسف هداية للشر. فكل من خرجوا ضد شعب الله هم شعوب شريرة.
آية (4): "فخرجوا هم وكل جيوشهم معهم شعباً غفيراً كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة بخيل ومركبات كثيرة جداً."
لاحظ الأعداء كثيرون ويهاجمون بقوة وعنف (1بط8:5،9).
آية (5): "فأجتمع جميع هؤلاء الملوك بميعاد وجاءوا ونزلوا معا على مياه ميروم لكي يحاربوا إسرائيل."
ميروم= هي أول بركة على نهر الأردن بين الجبل (ينبوع الأردن) وبحيرة جنيسارات. وتسمى بركة ميروم بحيرة الحولة وهي على بعد 11ميل شمال طبرية ومساحتها 6ميل × 3ميل.
آية (6): "فقال الرب ليشوع لا تخفهم لأني غداً في مثل هذا الوقت ادفعهم جميعاً قتلى أمام إسرائيل فتعرقب خيلهم وتحرق مركباتهم بالنار."
مع كل نصرة لشعب الله تهيج قوات الظلمة، ومع كل هياج لقوات الظلمة يؤكد الرب من جديد أنه يهب نصرة جديدة على مستوى أعظم. وسفر يشوع الذي هو سلسلة من الحروب المتوالية، هو أيضاً سلسلة من الانتصارات المتوالية رمز لما يحدث من نصرات متوالية في حياة أولاد الله فينطلقوا من مجد إلى مجد حتى يبلغوا إلى قياس قامة ملء المسيح (أف13:4). لأني غداً= إن كنا ننال نصرات متوالية وننعم بسلطان روحي على الظلمة ويتزايد نموناً الروحي، لكننا نبقي في حرب لا تنتهي حتى يـأتي اليوم الذي يلقي فيه إبليس في البحيرة المتقدة بنار (مت41:25) لذلك يقول هنا "لأني غداً" رمز لهذا اليوم الذي ننتهي فيه من إبليس فتهدأ بل تنتهي الحرب.
الآيات (7،8): "فجاء يشوع وجميع رجال الحرب معه عليهم عند مياه ميروم بغتة وسقطوا عليهم. فدفعهم الرب بيد إسرائيل فضربوهم وطردوهم إلى صيدون العظيمة وإلى مسرفوت مايم وإلى بقعة مصفاة شرقا فضربوهم حتى لم يبق لهم شارد."
الملوك المعادين تحت قيادة يابين. وشعب الرب تحت قيادة يشوع وهكذا حروبنا الروحية هي لحساب قائدنا يسوع المسيح ونغلب تحت قيادته. وهي حرب الكنيسة كلها تحت قيادة المسيح ضد قوات الشر. فالكنيسة في صلواتها تصلي لكل واحد. فجاء يشوع بغتة وسقطوا عليهم= الله يريدنا أن نقوم بحرب هجومية لا أن ننتظر حتى نهاجم من العدو فندافع. لا ننتظر حتى تهاجمنا الخطية فنبدأ الجهاد. طردوهم إلى صيدون العظيمة= صيدون تعني صيد "هيأوا شبكة لخطواتي" (مز6:57) فكأن العدو أعد شبكة ليصطاد فيها أولاد الله فتعثر هو هذه الشبكة. وهذا ما حدث له في الصليب، فإذ أعد الصليب للمسيح سمر هو فيه "قصة هامان ومردخاي".
آية (9): "ففعل يشوع بهم كما قال له الرب عرقب خيلهم وأحرق مركباتهم بالنار."
عرقب خيلهم= الخيل رمز للقوة (في ذلك العصر) والله يريد أن شعبه يعرف أنه هو قوتهم "لا يسر الرب بالفرس.. " وعرقبة الخيل تعني قطع وتر رجل الفرس حتى لا يستعملها الشعب فيما بعد. وعرقبة الخيل يعطي إحساس للشعب أن لا قوة لهذه الخيول من نفسها فهم قادرون على إضعاف قوتها فلا يعظمون الخيل لقوتها كما فعل هؤلاء الوثنيون. وبنفس المفهوم أحرق مركباتهم= فلا تكون غوآية لاستعمالها ويظل اعتمادهم على الله لا الخيل ولا المركبات. (مز8:20).
الآيات (10-16): "ثم رجع يشوع في ذلك الوقت وأخذ حاصور وضرب ملكها بالسيف لأن حاصور كانت قبلاً رأس جميع تلك الممالك. و ضربوا كل نفس بها بحد السيف حرموهم و لم تبق نسمة و احرق حاصور بالنار. فاخذ يشوع كل مدن اولئك الملوك و جميع ملوكها و ضربهم بحد السيف حرمهم كما امر موسى عبد الرب. غير ان المدن القائمة على تلالها لم يحرقها اسرائيل ما عدا حاصور وحدها احرقها يشوع. و كل غنيمة تلك المدن و البهائم نهبها بنو اسرائيل لانفسهم و اما الرجال فضربوهم جميعا بحد السيف حتى ابادوهم لم يبقوا نسمة. كما امر الرب موسى عبده هكذا امر موسى يشوع و هكذا فعل يشوع لم يهمل شيئا من كل ما امر به الرب موسى. فاخذ يشوع كل تلك الارض الجبل و كل الجنوب و كل ارض جوشن و السهل و العربة و جبل اسرائيل و سهله."
حاصور= تعني القصر حيث مركز مملكة يابين. وهذا يشير أننا بعد حروبنا نملك يسوع على قلوبنا (القصر) حيث كان إبليس يملك ويسيطر. لقد كنا تحت ملك الشهوات الردية وأعضائنا آلات إثم والآن يملك المسيح علينا وأعضائنا آلات بر.
نلاحظ في آية (11) أنهم أحرقوا حاصور بالنار وهذا يشير لعمل الروح القدس الناري الذي يحرق كل الأشواك الخانقة للنفس لتقوم مملكة يسوع عوضاً عن مملكة إبليس.
الآيات (17-20): "من الجبل الأقرع الصاعد إلى سعير إلى بعل جاد في بقعة لبنان تحت جبل حرمون وأخذ جميع ملوكها وضربهم وقتلهم. فعمل يشوع حربا مع اولئك الملوك اياما كثيرة. لم تكن مدينة صالحت بني اسرائيل الا الحويين سكان جبعون بل اخذوا الجميع بالحرب. لانه كان من قبل الرب ان يشدد قلوبهم حتى يلاقوا اسرائيل للمحاربة فيحرموا فلا تكون عليهم رافة بل يبادوا كما امر الرب موسى."
تحديد الأرض جنوباً. الجبل الأقرع= أي بلا شجر جنوب البحر الميت عند بئر سبع. بعل جاد شمالاً= وهي قيصرية فيلبس (في العهد الجديد) بانياس الآن.
ونلاحظ أن يشوع قتل الملوك كلهم رمزاً لأن المسيح يطهرنا من كل خطايانا، فلا تعود تملك علينا (رو 14:6).
الآيات (21،22): "وجاء يشوع في ذلك الوقت وقرض العناقيين من الجبل من حبرون ومن دبير ومن عناب ومن جميع جبل يهوذا ومن كل جبل إسرائيل حرمهم يشوع مع مدنهم. فلم يتبق عناقيون في ارض بني اسرائيل لكن بقوا في غزة و جت و اشدود."
قرض العناقيين= ذكرهم بصفة خاصة لأنهم هم الذين أرهبوا الجواسيس أيام موسى.
آية (23): "وجاء يشوع في ذلك الوقت وقرض العناقيين من الجبل من حبرون ومن دبير ومن عناب ومن جميع جبل يهوذا ومن كل جبل إسرائيل حرمهم يشوع مع مدنهم."
استراحت الأرض من الحرب= أي انتهت من الحروب الكبيرة وتبقت حروب صغيرة محلية تركت للأسباط كل في أرضه يطهرها من فلول الهاربين. وهذه الآية لم تذكر في أيام موسى فلا راحة سوى في المسيح. والآن ليكون لنا راحة يوجد طريق واحد أي في المسيح "نموت معه ونقوم أي نحمل في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع (2كو10:4).
الإصحاح الثاني عشر
نجد هنا تسجيل حدود الأرض شرق الأردن وغرب الأردن. وهذا كمقدمة لتقسيم الأرض وتقسيم الممالك على شعب إسرائيل. وتقسيم الأرض يأتي بعد سلسلة متوالية من الحروب ثم الراحة. وفي حياتنا الآن جهاد وحروب روحية يعقبها فترة من الراحة بعد الموت ثم يأتي بعد ذلك ميراث السماء (كنعان السماوية).
ولقد حصل السبطين والنصف على أرض جلعاد رمزاً لكنيسة العهد القديم التى لم تتمتع بأردن المسيح. أما التسعة أسباط ونصف فيرمزون لكنيسة العهد الجديد. ولقد أراد الوحي الإلهي أن يضم الحديث عن الميراث شرق وغرب الأردن معاً ليعلن وحدة الكنيسة. وإن كان أعضاؤها الأولون (2.5سبط واليهود) قد تمتعوا بالميراث خلال موسى (الناموس) الذي قادهم إلى الرجاء في مجيء يشوع الحقيقي. فلقد تمتعت الكنيسة كنيسة العهد الجديد (9.5 سبط) بالميراث في المسيح.
الآيات (1-9): " و هؤلاء هم ملوك الارض الذين ضربهم بنو اسرائيل و امتلكوا ارضهم في عبر الاردن نحو شروق الشمس من وادي ارنون الى جبل حرمون و كل العربة نحو الشروق. سيحون ملك الاموريين الساكن في حشبون المتسلط من عروعير التي على حافة وادي ارنون و وسط الوادي و نصف جلعاد الى وادي يبوق تخوم بني عمون. والعربة إلى بحر كنروت نحو الشروق وإلى بحر العربة بحر الملح نحو الشروق طريق بيت يشيموت ومن التيمن تحت سفوح الفسجة. و تخوم عوج ملك باشان من بقية الرفائيين الساكن في عشتاروث و في اذرعي. و المتسلط على جبل حرمون و سلخة و على كل باشان الى تخم الجشوريين و المعكيين و نصف جلعاد تخوم سيحون ملك حشبون. موسى عبد الرب و بنو اسرائيل ضربوها و اعطاها موسى عبد الرب ميراثا للراوبينيين و الجاديين و لنصف سبط منسى. و هؤلاء هم ملوك الارض الذين ضربهم يشوع و بنو اسرائيل في عبر الاردن غربا من بعل جاد في بقعة لبنان الى الجبل الاقرع الصاعد الى سعير و اعطاها يشوع لاسباط اسرائيل ميراثا حسب فرقهم. في الجبل و السهل و العربة و السفوح و البرية و الجنوب الحثيون و الاموريون و الكنعانيون و الفرزيون و الحويون و اليبوسيون. ملك اريحا واحد ملك عاي التي بجانب بيت ايل واحد."
بحر كنروت= أو بحر الجليل أو بحيرة طبرية. بحر العربة= بحر لوط فالبحر غمر سدوم وعمورة.
الآيات (10-24): "ملك أورشليم واحد ملك حبرون واحد. ملك يرموت واحد ملك لخيش واحد. ملك عجلون واحد ملك جازر واحد. ملك دبير واحد ملك جادر واحد. ملك حرمة واحد ملك عراد واحد. ملك لبنة واحد ملك عدلام واحد. ملك مقيدة واحد ملك بيت ايل واحد. ملك تفوح واحد ملك حافر واحد. ملك افيق واحد ملك لشارون واحد. ملك مادون واحد ملك حاصور واحد. ملك شمرون مراون واحد ملك اكشاف واحد. ملك تعنك واحد ملك مجدو واحد. ملك قادش واحد ملك يقنعام في كرمل واحد. ملك دور في مرتفعات دور واحد ملك جوييم في الجلجال واحد. ملك ترصة واحد جميع الملوك واحد و ثلاثون."
ملك أورشليم واحد= يشوع أكتفى بقتله ولكن أورشليم سقطت في يد يهوذا في عهد القضاة بعد ذلك (قض8:1) ثم استردها اليبوسيين إلى أن أخذها داود بعد ذلك ولكن يشوع نفسه لم يسقط المدينة.
ذكرت أسماء المدن وملوكها القدامي الذين غلبهم يشوع ليسلمها للأسباط وكأن الوحي يؤكد أن الله الآب عنده منازل كثيرة. ولقد طرد الرب الملوك رمز لطرد الشياطين لكي نرث للأبد. وكل مدينة لها معناها الرمزي الذي يشير لميراثنا الأبدي. وكل ملك يشير لخطية معينة أو شيطان معين يلزمنا أن نسحقه حتى لا يرث فينا بل نسترد الميراث الذي لنا في المسيح. ونلاحظ هنا ذكر الشعوب الآتية الحثيون والأموريون والكنعانيون والفرزيون والحويون واليبوسيون (آية 8) ويقول التقليد اليهودي أنه بالمقارنة مع (تك20:15) ينقص هذه الشعوب الجرجاشيين الذين إذ رأوا قوة الشعب أدركوا أنه لا أمل في الصراع معهم فانسحبوا ليعيشوا في إفريقيا.
تقسيم الممالك على الأسباط.
1. يهوذا: حبرون/ يرموت/ لخيش/ عجلون/ دبير/ عراد/ لبنة/ عدلام/ جزء من أورشليم وجادر.
2. بنيامين: أريحا/ عاي/ جزء من أورشليم/ مقيدة/ بيت إيل/ الجلجال.
3. شمعون: حرمة/ جزء من جادر.
4. إفرايم: جازر/ ترصة.
5. نصف سبط منسى: تفوحة/ حافر/ تعنك/ مجدو.
6. أشير: أفيق/ أكشاف.
7. زبولون: لشارون/ شمرون مرأون/ يقنعام.
8. نفتالي: مادون/ حاصور/ قادش.
9. يساكر: دور.
الإصحاح الثالث عشر
آية (1): "وشاخ يشوع تقدم في الأيام فقال له الرب أنا قد شخت تقدمت في الأيام وقد بقيت أرض كثيرة جداً للامتلاك."
وشاخ يشوع= غالباً كان يشوع في سن 100سنة حين بدأت حرب كنعان. وقد استمرت الحروب 7سنين نحسبها هكذا: كان عمر كالب حين أرسله موسى للتجسس 40سنة ولما قسم يشوع الأرض كان عمره 85سنة (يش7:14،10) فيكون بين الحادثتين 45 سنة منها 38 سنة توهان في البرية فتكون مدة الحروب 7سنين وقد مات يشوع في سن 110سنة (29:24) فيكون التقسيم قد استغرق مدة سنتين. ومع أن الأرض كانت لم تقع كلها في يد الشعب لكن الله طلب التقسيم الآن كأن النصر النهائي بات أمراً مؤكداً. ويمكن أن نفهم الإشارة إلى شيخوخة يشوع.
بأن الله لا يريد أن لا يريد أن يتحمل يشوع فوق طاقته وعليه أن يستريح ولا يدخل في حروب أخرى فهناك شعبه الذي خدمه كل هذا العمر وعليه أن يكمل ويذهب يشوع لستريح بعد أن أتم رسالته ولكن كان عليه أن يقسم الأرض بحكمته وبشخصيته التي يحترمها الجميع حتى لا تثور الصراعات بعده، والله حدد ليشوع الحدود المسموح بها للشعب أن يمتلكها:-
1. حتى يجاهد الشعب ويمتلكها ولا يتكاسلوا.
2. حتى لا يخاف الشعب من أصحاب الأرض فيقيموا معهم معاهدات وينجذبوا لآلهتهم فالمعاهدات كان تشتمل على تقديم الاحترام والتقدمات لآلهة الشعوب المتعاهدة معاً، ولماذا يخافوا منهم والله أعطاهم أرضهم.
كما يمكن أن نفهم أن الإشارة لشيخوخة يشوع ويشوع يشير للمسيح بأنها إشارة لكمال الحكمة "فالله يسمى قديم الأيام" (دا 9:7) ولاحظ شعر رأسه كالصوف النقي وراجع (رؤ14:1) فتكون أوصاف دانيال هي للمسيح وبهذا نفهم الإشارة إلى أن يشوع يقسم الأرض بعد أن شاخ وكذلك أن هناك أرض على الأسباط أن يجاهدوا ليمتلكوها أن في هذا إشارة إلى المسيح الذي وهو حكمة الله وقوة الله (1كو24:1) بعد أن جلس عن يمين الآب هو يعطينا ميراثنا السماوي (يقسم الأرض) ولكن علينا أن نكمل جهادنا (الأسباط يستكملوا الاستيلاء على الأرض). فنحن في حالة حرب مستمرة في هذا العالم ولن تنتهي وعلينا أن نجاهد لنخلص نفوسنا. والمسيح يعمل فينا لنغلب أو ليغلب هو بنا. وكم كانت فرحة يشوع وهو يرى شعبه يفرح ويقتسم الأرض التي أتى بها لهم بعمل يديه فكأن التقسيم هو مكافأة ليشوع ولكن مرة أخرى نجد أن هذا هو ما قيل عن المسيح (أش11:53) "من تعب نفسه يرى ويشبع". ولاحظ أن في (23:11) يقول "استراحت الأرض من الحرب" ويقول هنا بقيت أرض كثيرة جداً للإمتلاك. وهذا ما حدث بالمسيح الذي أعطانا راحة وسلاماً "سلامي أترك لكم" وهذا السلام كان بين الإنسان والله وبين الإنسان والإنسان وبين الإنسان ونفسه. وكان هذا بكفارته التي غفرت خطايانا. وأما الأرض الكثيرة جداً للإمتلاك فهذا يشير للملحدون الذين لم يملك الرب على حياتهم حتى الآن.
الآيات (2-5): " هذه هي الارض الباقية كل دائرة الفلسطينيين و كل الجشوريين. من الشيحور الذي هو أمام مصر إلى تخم عقرون شمالاً تحسب للكنعانيين أقطاب الفلسطينيين الخمسة الغزي والاشدودي والاشقلوني والجتي والعقروني والعويين. من التيمن كل ارض الكنعانيين و مغارة التي للصيدونيين الى افيق الى تخم الاموريين. و ارض الجبليين و كل لبنان نحو شروق الشمس من بعل جاد تحت جبل حرمون الى مدخل حماة."
الشيحور= كلمة شيحور معناها مكدر أو أسود وهو إشارة لنهر النيل بسبب وجود الطمي فيه والمقصود هنا بالشيحور وادي العريش الذي يفصل كنعان عن مصر لأنه كان هناك مجرى ماء موسمي مجاور للبحر المتوسط.
آية (6): "جميع سكان الجبل من لبنان إلى مسرفوت مايم جميع الصيدونيين أن اطردهم من أمام بني إسرائيل إنما اقسمها بالقرعة لإسرائيل ملكا كما أمرتك."
بالقرعة= استخدمت القرعة في الكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد. ولم تكن تمارس كحظ يصيب الإنسان كيفما كان، وإنما تمارس بعد صلوات مرفوعة لله لكي تتوقف الإرادة البشرية وتنتظر الإرادة الإلهية. ولكن بعد حلول الروح القدس لم نسمع عن قرعة كما حدث مع اختيار الشمامسة. ولعل الله قد سمح بالقرعة حتى لا تتدخل العوامل الشخصية في التوزيع، ولكي لا يشعر أحد الأسباط أن ما ناله هو بفضل إنسان إنما هو هبة من الله نفسه، عطية مجانية فلا يمكن لأحد صغيراً كان أم كبيراً أن يذل سبطاً بأنه قد وهبه شيئاً من عندياته.
الآيات (7،8): "والآن اقسم هذه الأرض ملكا للتسعة الأسباط ونصف سبط منسى. معهم اخذ الراوبينيون والجاديون ملكهم الذي أعطاهم موسى في عبر الأردن نحو الشروق كما أعطاهم موسى عبد الرب."
مع أن موسى قسم للسبطين ونصف (رمز العهد القديم) أرضهم شرق الأردن نجد هنا إشارة ثانية لتقسيمها. فرجال العهد القديم لا يرثون إلا بالمسيح (عب39:11-40).
الآيات (9-24): "من عروعير التي على حافة وادي ارنون و المدينة التي في وسط الوادي و كل سهل ميدبا الى ديبون. و جميع مدن سيحون ملك الاموريين الذي ملك في حشبون الى تخم بني عمون. و جلعاد و تخوم الجشوريين و المعكيين و كل جبل حرمون و كل باشان الى سلخة. كل مملكة عوج في باشان الذي ملك في عشتاروث و في اذرعي هو بقي من بقية الرفائيين و ضربهم موسى و طردهم. و لم يطرد بنو اسرائيل الجشوريين و المعكيين فسكن الجشوري و المعكي في وسط اسرائيل الى هذا اليوم. لكن لسبط لاوي لم يعط نصيبا و قائد الرب اله اسرائيل هي نصيبه كما كلمه. و اعطى موسى سبط بني راوبين حسب عشائرهم. فكان تخمهم من عروعير التي على حافة وادي ارنون و المدينة التي في وسط الوادي و كل السهل عند ميدبا. حشبون و جميع مدنها التي في السهل و ديبون و باموت بعل و بيت بعل معون. و يهصة و قديموت و ميفعة. و قريتايم و سبمة و صارث الشحر في جبل الوادي. و بيت فغور و سفوح الفسجة و بيت يشيموت. و كل مدن السهل و كل مملكة سيحون ملك الاموريين الذي ملك في حشبون الذي ضربه موسى مع رؤساء مديان اوي و راقم و صور و حور و رابع امراء سيحون ساكني الارض. و بلعام بن بعور العراف قتله بنو اسرائيل بالسيف مع قتلاهم. و كان تخم بني راوبين الاردن و تخومه هذا نصيب بني راوبين حسب عشائرهم المدن و ضياعها. و اعطى موسى لسبط جاد بني جاد حسب عشائرهم."
آية (25): "فكان تخمهم يعزير وكل مدن جلعاد ونصف أرض بني عمون إلى عروعير التي هي أمام ربة."
نصف أرض بني عمون= الله لم يأذن للشعب أن يأخذ من أرض بني عمون (تث19:2) ولكن معنى الآية "القسم الذي أخذه الأموريون من العمونيون ثم أخذه اليهود من الأموريين. (راجع قض 12:11-24).
الآيات (26-33): "و من حشبون الى رامة المصفاة و بطونيم و من محنايم الى تخم دبير. و في الوادي بيت هارام و بيت نمرة و سكوت و صافون بقية مملكة سيحون ملك حشبون الاردن و تخومه الى طرف بحر كنروت في عبر الاردن نحو الشروق. هذا نصيب بني جاد حسب عشائرهم المدن و ضياعها. و اعطى موسى لنصف سبط منسى و كان لنصف سبط بني منسى حسب عشائرهم. و كان تخمهم من محنايم كل باشان كل مملكة عوج ملك باشان و كل حووث يائير التي في باشان ستين مدينة. و نصف جلعاد و عشتاروث و اذرعي مدن مملكة عوج في باشان لبني ماكير بن منسى لنصف بني ماكير حسب عشائرهم. فهذه هي التي قسمها موسى في عربات مواب في عبر اردن اريحا نحو الشروق. و اما سبط لاوي فلم يعطه موسى نصيبا الرب اله اسرائيل هو نصيبهم كما كلمهم."
الإصحاح الرابع عشر
آية (1): "فهذه هي التي امتلكها بنو إسرائيل في أرض كنعان التي ملكهم إياه العازار الكاهن ويشوع بن نون ورؤساء أباء أسباط بني إسرائيل."
العازار الكاهن ويشوع= كان العازار يعرف إرادة الرب بالأوريم والتميم ويكلم يشوع ويشوع يكلم الشعب. ولكن هذه الآية تحمل معنى أن المسيح يعطينا ميراثنا بعمله الكهنوتي والقيادي.
الآيات (2،3): "نصيبهم بالقرعة كما أمر الرب عن يد موسى للتسعة الأسباط ونصف السبط. لأن موسى أعطى نصيب السبطين ونصف السبط في عبر الأردن وأما اللاويون فلم يعطهم نصيباً في وسطهم."
I. السبطين والنصف:- يمثلون رجال العهد القديم ولكنهم لا يتسلمون الميراث إلا على يد يشوع. وإذا بحثنا في العهد الجديد نجد من لا يزال يعيش في فكر العهد القديم أي مازال يطلب في مقابل عبادته بركات زمنية، هؤلاء أطفال روحيين لم ينضجوا بعد.
II. التسعة أسباط ونصف:- يمثلون رجال العهد الجديد ملكوا مع المسيح وعبروا الأردن (موت عن العالم وقيامة مع المسيح). هؤلاء نصيبهم أرض تفيض لبناً وعسلاً إشارة لأن هؤلاء لا يبحثون عن بركات زمنية بل بركات روحية، ويبحثون لا عن مراع زمنية بل عن ميراث أبدي حيث الطعام الجديد،هؤلاء انطلقوا من الحرف إلى الروح.
III. اللاويين:- هؤلاء لا ينالون نصيباً في وسطهم،ولا يكون لهم نصيب في الأرض لأن الرب نصيبهم. هؤلاء هم الكاملين الذين يطلبون الرب ولسان حالهم يقول مع المرتل "معك لا أريد شيئا في الأرض" "مز25:73".
الآيات (4،5): "لان بني يوسف كانوا سبطين منسي وافرايم ولم يعطوا اللاويين قسما في الأرض إلا مدنا للسكن ومسارحها لمواشيهم ومقتناهم. كما امر الرب موسى هكذا فعل بنو اسرائيل و قسموا الارض."
مسارح:- حيث تسرح المواشي.
آيه (6): "تقدم بنو يهوذا إلى يشوع في الجلجال وقال له كالب بن يفنة القنزي أنا تعلم الكلام الذي كلم به الرب موسى رجل الله من جهتي ومن جهتك في قادش برنيع."
الكلام الذي كلم به الرب موسى.. من جهتي ومن جهتك=راجع تث35:1-38،عدد22:13+عد24:14،30 +يش 9:14. فكالب قبل أن يبدأ يشوع التقسيم طالب بامتياز خاص سبق الرب ووعَدهُ به نظير أمانته (عد 13،14) وجميل أن نطالب الله بإيمان بما وعدنا به واثقين في أمانته ومحبته وأبوته.نلاحظ أن كالب قد نال الوعد من الله خلال موسى ممثل الناموس ولكن الوعد لم يتحقق إلا بيشوع (فيشوع رمز للمسيح الذي يعطينا الميراث).ولاحظ قوله "أنت تعلم الكلام الذي كلم به الرب..= فليس من يقدر أن يدرك الكلمة التي نطق بها الرب لموسى إلا يشوع وحده، فلا يدرك الناموس أحد إلا المسيح كلمة الله، ولذلك نري في تعاليم المسيح الفهم الحقيقي للناموس.وقولهُ من جهتي ومن جهتك فهذا يعني ميراثنا سيكون مع المسيح "نحن وارثون مع المسيح رو17:8" فما نناله إنما هو ميراث المسيح نفسه، وأمجاده التي ننعم بها فيه(أي خلال عضويتنا في جسده). ليس لنا في أنفسنا استحقاق لها بل من خلاله (أف 3:1،6،11).
الآيات (7-9): "كنت ابن اربعين سنة حين ارسلني موسى عبد الرب من قادش برنيع لاتجسس الارض فرجعت اليه بكلام عما في قلبي. و اما اخوتي الذين صعدوا معي فاذابوا قلب الشعب و اما انا فاتبعت تماما الرب الهي. فحلف موسى في ذلك اليوم قائلا أمروهم الأرض التي وطئتها رجلك لك تكون نصيبا ولأولادك إلى الأبد لأنك اتبعت الرب الهي تماما."
التى وطئتها رجلك = المعنى أن كالب حين ذهب ليتجسس الأرض وطئت رجلاه أرض حبرون لذلك طلبها حسب وعد موسى لهُ.
الآيات (10-12): "و الان فها قد استحياني الرب كما تكلم هذه الخمس و الاربعين سنة من حين كلم الرب موسى بهذا الكلام حين سار اسرائيل في القفر و الان فها انا اليوم ابن خمس و ثمانين سنة. فلم أزل اليوم متشددا كما في يوم أرسلني موسى كما كانت قوتي حينئذ هكذا قوتي الآن للحرب وللخروج وللدخول، فالان اعطني هذا الجبل الذي تكلم عنه الرب في ذلك اليوم لأنك أنا سمعت في ذلك اليوم أمروهم العناقيين هناك والمدن عظيمة محصنة لعل الرب معي فاطردهم كما تكلم الرب."
الإنسان المؤمن لا يشيخ "فالله يجدد كالنسر شبابه" + 2كو16:4. فنحن نجد كالب شديداً حتى وهو فى سن الـ85 مستعداً أن يخرج ويحارب مثلما كان وهو شاب. وسر قوته "تبعت الرب تماماً آية 8" أى قبل وصيته وتممها فعطية الرب لا تعطى للمتراخين فى تنفيذ الوصية الإلهية وهو حين حاول أن يتبع وصية الله لم يتركهُ الله بل جعله متشدداً للحرب للخروج والدخول = فهو نجح بمعونة الله حين خرج يتجسس الأرض وهو لهُ ثقه فى الرب أن ينجحه ليدخل لأرض ميراثه. والله يعطينا دائماً أن نتشدد لنخرج من الإنسان القديم ومحبة الزمنيات وتدخل للإنسان الجديد وإلى الحياة السماوية والتمتع بالقيامة. ولاحظ طلب كالب "إعطنى هذا الجبل= فالقديس لا يطلب شيئاً منخفضاً أو دنيئاً بل يطلب ما هو مرتفع وسماوى. هذا الجبل الذى أقتناه كالب إنما هو الجبل المقدس الذى يُعلن فى أخر الأيام فيأتى (أش 2:2-4 + مز63:24) أى السيد المسيح نفسه، هذا هو ميراثنا الحقيقى.
الآيات (13-15): "فباركه يشوع وأعطى حبرون لكالب بن يفنة ملكا. لذلك صارت حبرون لكالب بن يفنة القنزي ملكا الى هذا اليوم لانه اتبع تماما الرب اله اسرائيل. و اسم حبرون قبلا قرية اربع الرجل الاعظم في العناقيين و استراحت الارض من الحرب."
حبرون أعطيت لكالب حسب طلبه ثم ثبتت القرعة هذا إذ جاءت حبرون ليهوذا وبعد ذلك فى محبة كاملة ترك كالب حبرون للكهنة وصارت مدينة ملجأ وملك داود فيها لمدة 7 سنوات ونصف على يهوذا. ومعنى كلمة حبرون قران أو زواج وهكذا فالنفس الأمينة مثل كالب تقترن بعريسها يسوع.
الإصحاح الخامس عشر
نصيب يهوذا :- إن كان غرب الأردن يمثل كنيسة العهد الجديد، فإن يهوذا يحتل مركز الصدارة، بكونه السبط الذى منه جاء إبن الله متجسداً، فجاءت القرعة أولاً لهُ. وكان نصيب كالب بن يفنة فى وسط أرض يهوذا. ونلاحظ أنه فى تقسيم الأرض شرق الأردن بدأت القرعة برأوبين لأنه البكر جسدياً، أما هنا فإذ يشير التوزيع إلى ميراث العهد الجديد فلا إلتزام ببكورية الجسد بل بباكورة الروح، لهذا وقعت القرعة أولاً على السبط الملوكى سبط يهوذا الذى يخرج منه المسيح حسب الجسد. فهو الأسد الخارج من سبط يهوذا رؤ5:5.
وأسماء المدن الأتى ذكرها هنا معظمها لم يعد لهُ وجود أو صار له إسم مختلف ولا نستطيع تحديد شىء على وجه الدقة وكل ما يقال هو إحتمالات، وهذا ليس فقط فى إسرائيل ولكن فى كل إمبراطوريات العالم القديم يصعب تحديد أماكن مدن كثيرة. ولكن ما يهمنا هنا أن يشوع إهتم بتحديد نصيب كل سبط تحديداً دقيقاً حتى لا يحدث صراع بينهم بعد موته. ونجد فى التوزيع أن سبط يهوذا تمتع بأكبر مساحة وأوسع تحديد فهو سبط مميز سيخرج منه بعد ذلك ملوك يهوذا وسيبنى فيه الهيكل وتكون العبادة فيه وهو الذى سيحافظ على هذذه العبادة وهو الذى سيأتى منه المسيح بالجسد.
آيه (1): "وكانت القرعة لسبط بني يهوذا حسب عشائرهم إلى تخم أدوم برية صين نحو الجنوب أقصى التيمن."
برية صين = كانت عازلاً بين يهوذا وأدوم = تخم أدوم. وأدوم تعنى ترابى أو دموى وأدوم هو عيسو أو سعير. وهناك عداوة بين أدوم (رمز إبليس) ويعقوب (رمز شعب الله) وهما مازالا فى البطن. رمز لعداوة الشيطان لنا دائماً. فهو يحاول أن يجذبنا لمحبة العالم (التراب) وحربه ضدنا دموية (كان قتالاً للناس منذ البدء) فمن يسقط فى تجاربه يهلك. ولاحظ وجوده على حدود شعب الرب فهو واقف على الباب مشتاق ان يسلبنا طبيعتنا السماوية ليهلكنا ولا يستريح إلا لو سفك دمنا روحياً. ونلاحظ وجود برية بين شعب الله وأدوم رمزاً لبرية التجارب. ولا يمكن أن نعبر إلى أرض يهوذا لنرث إلا بالمرور فى برية التجارب كما حدث مع المسيح. ولكننا فى المسيح نغلب.
الآيات (3،2): "وكان تخمهم الجنوبي أقصى بحر الملح من اللسان المتوجه نحو الجنوب، وخرج إلى جنوب عقبة عقربيم وعبر إلى صين وصعد من جنوب قادش برنيع وعبر إلى حصرون وصعد إلى أدار إلى القرقع."
لاحظ حدود يهوذا (رمز لمن هم شعب الرب ويملك عليهم المسيح) البحر المالح = إشارة لقلاقل هذه الحياة ودوراناتها. وعقبة عقربيم= مكان العقارب. وعدو الخير مشار لهُ بالحيات والعقارب التى وهبنا الله سلطاناً أن ندوسها. (لو19:10).
الآيات (4-6): "و عبر الى عصمون و خرج الى وادي مصر و كانت مخارج التخم عند البحر هذا يكون تخمكم الجنوبي. و تخم الشرق بحر الملح الى طرف الاردن و تخم جانب الشمال من لسان البحر اقصى الاردن. وصعد التخم إلى بيت حجلة وعبر من شمال بيت العربة وصعد التخم إلى حجر بوهن بن رأوبين."
حجر بوهن = هو حجر وضعه بوهن أحد رجال نسل رأوبين على حافة أرضه ليكون حداً فاصلاً للأرض وكانت أرض يهوذا مجاورة لهذا الحجر (هو نُصُبْ) يش 17:18.
الآيات (7-9): "وصعد التخم إلى دبير من وادي عخور وتوجه نحو الشمال إلى الجلجال التي مقابل عقبة ادميم التي من جنوبي الوادي وعبر التخم إلى مياه عين شمس وكانت مخارجه إلى عين روجل، وامتد التخم من راس الجبل إلى منبع مياه نفتوح وخرج إلى مدن جبل عفرون وامتد التخم إلى بعلة هي قرية يعاريم."
وادى إبن هنوم = لا نعرف من هو هنوم أو إبن هنوم. ولكن هذا الوادى وضع فيه تمثال مولك الذى كان الشعب يعبر فيه أولاده بالنار إلى أن أتى يوشيا وأزاله وصار هذا الوادى مكاناً للنفايات ولذلك خرج إسم جهنم من هنا (جى هنوم) وهى جهنم النار أو نار جهنم لأنهم كانوا يحرقون النفايات هناك.
والأن لنلاحظ ما حول أرض ميراث شعب الله "جى هنوم / مكان العقارب / برية التجارب / صين / البحر المالح / أدوم المُعَادِى دائماً لشعب الله" ولكن ماذا فى الداخل.
أورشليم مدينة الملك العظيم. وعين شمس = المسيح هو شمس البر ملا2:4. ومن جنبه خرج دم وماء. فعين شمس هى المياه التى تنبع خلال المسيح أى الروح القدس. وأورشليم كانت على حدود بنيامين ويهوذا ولكن السبطين اتحدا فيما بعد فى مملكة يهوذا. وأورشليم هى ظل أورشليم السمائية (1مل13:11 + 2مل4:21 + أر16:3). وراجع غل 26:4 + عب22:12 + رؤ1:14 فأورشليم العليا غاية عبادتنا.
الآيات (10-12): " و امتد التخم من بعلة غربا الى جبل سعير و عبر الى جانب جبل يعاريم من الشمال هي كسالون و نزل الى بيت شمس و عبر الى تمنة. و خرج التخم الى جانب عقرون نحو الشمال و امتد التخم الى شكرون و عبر جبل البعلة و خرج الى يبنئيل و كان مخارج التخم عند البحر. والتخم الغربي البحر الكبير وتخومه هذا تخم بني يهوذا مستديرا حسب عشائرهم."
مستديراً = الدائرة تشير للأبدية فهى بلا بداية ولا نهاية. فشعب الرب ميراثه الأبدى.
آية (13): "وأعطى كالب بن يفنة قسما في وسط بني يهوذا حسب قول الرب ليشوع قرية أربع أبي عناق هي حبرون."
قرية أربع = كان هذا اسمها قديماً وبعد أن أخذها كالب صار اسمها حبرون وغالباً هو أسم أحد أبناء أو أحفاد كالب. ورمزياً فأربع قد تعنى أربع ملوك أو أى أربع أشياء رآها أصحاب المكان هامة لكن رقم "4" يشير للعالم او الجسد المأخوذ من الأرض.
الآيات (14-16): "وطرد كالب من هناك بني عناق الثلاثة شيشاي واخيمان وتلماي أولاد عناق. و صعد من هناك الى سكان دبير و كان اسم دبير قبلا قرية سفر. و قال كالب من يضرب قرية سفر و ياخذها اعطيه عكسة ابنتي امراة."
ونجد كالب (يعنى القلب) قد طرد بنى عناق الثلاثة من هناك وأسماها حبرون. والمعنى أننا حتى نقترن بعريسنا يسوع علينا ان نطرد محبة العالم من قلبنا.
آية (17): "فأخذها عثنيئيل بن قناز أخو كالب فأعطاه عكسة ابنته امرأة."
عثنيئيل بن قناز = هو صار قاضياً لإسرائيل فيما بعد. وهناك 3 إحتمالات :-
1. قد يكون اخو كالب الصغير فعلا.
2. قد تكون مجازاً، أى من نفس القبيلة (كما قيل عن أقرباء المسيح انهم أخوته) وكما قيل عن لوط اخو إبراهيم.
3. وقد يكون ابن عم كالب. وقناز اخو كالب والآية تحتمل هذا التفسير.
الآيات (19،18): "وكان عند دخولها أنت غرته بطلب حقل من أبيها فنزلت عن الحمار فقال لها كالب ما لك، فقالت اعطني بركة لأنك أعطيتني ارض الجنوب فاعطني ينابيع ماء فأعطاها الينابيع العليا والينابيع السفلي."
هى طلبت ينابيع ماء فأعطاها أكثر مما طلبت، أعطاها ينابيع عليا = هى غالباً من الجبال حيث تتجمع مياه الأمطار. والينابيع السفلى = الأبار فى الأراضى المستوية ونلاحظ قول عكسة "أعطينى بركة.. أعطينى ينابيع ماء". وعكسة التى تربت فى بيت كالب رجل الإيمان تشير لما يجب على كل مؤمن أن يطلبه من الله أبوه أى الإمتلاء بالروح القدس، هذه هى البركة الحقيقية التى نطلبها. وتكون الينابيع العليا إشارة لعمل الروح القدس مع النفس فى السماء وتكون الينابيع السفلى إشارة لثمار الروح القدس فى النفس هنا على الأرض. ولكن كيف نحصل على هذه الثمار ؟ يكون ذلك بالنزول عن أهتمامات الجسد = فنزلت عن الحمار.
الآيات (20-31): "هذا نصيب سبط بني يهوذا حسب عشائرهم. و كانت المدن القصوى التي لسبط بني يهوذا الى تخم ادوم جنوبا قبصئيل و عيدر و ياجور. و قينة و ديمونة و عدعدة. و قادش و حاصور و يثنان. و زيف و طالم و بعلوت. و حاصور و حدتة و قريوت و حصرون هي حاصور. و امام و شماع و مولادة. و حصر جدة و حشمون و بيت فالط. و حصر شوعال و بئر سبع و بزيوتية. و بعلة و عييم و عاصم. و التولد و كسيل و حرمة. و صقلغ و مدمنة و سنسنة."
الآيات (32-35): "ولباوت وشلحيم وعين ورمون كل المدن تسع وعشرون مع ضياعها. في السهل اشتاول و صرعة و اشنة. و زانوح و عين جنيم و تفوح و عينام. و يرموت و عدلام و سوكوه و عزيقة."
29 مدينة = ولكن عدد المدن المذكور 38. وربما كان هناك 29 مدينة من المذكورين والباقى قرى تابعة كما نقول مثلاً القاهرة والجيزة وحلوان وفى العد نقول مدينة واحدة هى القاهرة. وهناك حل اخر ان يهوذا حصل على 29 مدينة وأعطى 9 لشمعون فنصيب شمعون دخل وسط نصيب يهوذا.
آية (36): "وشعرايم وعديتايم والجديرة وجديروتايم أربع عشرة مدينة مع ضياعها."
14 مدينة = وعدد المدن المذكورة 15 وهناك حل بسيط بالإضافة إلى ما سبق.. الجديرة وجديروتايم. كلمة جديروتايم تعنى وحظائر غنمها. فكأن الآية تفهم هكذا "والجديرة وحظائر غنمها" ويكون عدد المدن 14 بذلك.
الآيات (37-62): "صنان و حداشة و مجدل جاد. و دلعان و المصفاة و يقتيئيل. و لخيش و بصقة و عجلون. و كبون و لحمام و كتليش. و جديروت بيت داجون و نعمة و مقيدة ست عشرة مدينة مع ضياعها. لبنة و عاتر و عاشان. و يفتاح و اشنة و نصيب. و قعيلة و اكزيب و مريشة تسع مدن مع ضياعها. عقرون و قراها و ضياعها. من عقرون غربا كل ما بقرب اشدود و ضياعها. اشدود و قراها و ضياعها و غزة و قراها و ضياعها الى وادي مصر و البحر الكبير و تخومه. و في الجبل شامير و يتير و سوكوه. و دنة و قرية سنة هي دبير. و عناب و اشتموه و عانيم. و جوشن و حولون و جيلوه احدى عشرة مدينة مع ضياعها. اراب و دومة و اشعان. و ينوم و بيت تفوح و افيقة. و حمطة و قرية اربع هي حبرون و صيعور تسع مدن مع ضياعها. معون و كرمل و زيف و يوطة. و يزرعيل و يقدعام و زانوح. و القاين و جبعة و تمنة عشر مدن مع ضياعها. حلحول و بيت صور و جدور. و معارة و بيت عنوت و التقون ست مدن مع ضياعها. قرية بعل هي قرية يعاريم و الربة مدينتان مع ضياعهما. في البرية بيت العربة و مدين و سكاكة. و النبشان و مدينة الملح و عين جدي ست مدن مع ضياعها."
آية 63 :- وأما اليبوسيون الساكنون في أورشليم فلم يقدر بنو يهوذا على طردهم فسكن اليبوسيون مع بني يهوذا في أورشليم إلى هذا اليوم.
مع بدايات الشعب فى الأرض نلاحظ إهمالهم فى طرد الوثنيين ربما للأسباب الآتية :-
1. تكاسل عن الحرب.
2. حباً فى الجزية.
3. تكاسل فى العمل فإستخدموهم كعبيد.
4. ضعف إيمان أى خافوا من محاربة هذه الشعوب.
ولكن هذه الشعوب كانت سبباً فى سقوط إسرائيل فى عبادة الأوثان مما جلب عليهم غضب الله. ونلاحظ أن كلمة يبوس = يداس بالأقدام فوجود هذه الشعوب وسط شعب الله ادخل خطايا كثيرة فيهم وجعلتهم عابدى وثن وداستهم الشياطين ويبوس عاصمتهم تحولت إلى أورشليم بعد ذلك. وهكذا قلب الإنسان بعد أن داسته الشياطين حرره المسيح وسكن فيه. ولكن للأسف فى نهاية الأيام ومع زيادة الشر تعود أورشليم وتصير مدوسة من جديد (رؤ 11 : 2) بسبب الخطايا ثانية. إلى هذا اليوم = تشير هذه الجملة للأبد فالأشرار (الزوان) ينمون ويعيشون مع الأبرار (الحنطة) حتى أخر يوم حين يتم عزلهم وفرزهم (مت 13 : 29).
الإصحاح السادس عشر
نصيب أفرايم :- كان نصيبه فى وسط إسرائيل فى أجود الأراضى وأغناها خصوبة وأروعها جمالاً. وكان هذا تحقيقاً لنبوات يعقوب وموسى (تك 49 : 25،26 + تث 33 : 13).
الآيات (1،2): "وخرجت القرعة لبني يوسف من أردن أريحا إلى ماء أريحا نحو الشروق إلى البرية الصاعدة من أريحا في جبل بيت إبل. و خرجت من بيت ايل الى لوز و عبرت الى تخم الاركيين الى عطاروت. "
وخرجت القرعة لبنى يوسف = أتى يهوذا أولاً فالملوك منه وسيأتى منه المسيح ثم يأتى أفرايم ومنسى بنى يوسف لأن يوسف أخذ البكورية الجسدية وكان له نصيب أثنين. وكلمة إفرايم تعنى الثمر المتكاثر فإن جاء سبط المسيح أولاً يأتى بعده الثمر المتكاثر أى المؤمنين (يو12 : 24). فسبط يهوذا يشير لمن اتحد بالمسيح وصار من لحمه ومن عظامه. ويأتى سفر أفرايم ليشير لمن يؤمن بالمسيح فيزداد الثمر. ويلاحظ فى تقسيم أرض الموعد ان أفرايم ونصف منسى أخذا منتصف كنعان (السامرة) لأن شكيم كان قد عينها يعقوب ليوسف (تك 48 : 21،22 + يش 24 : 32). فيها دفنت عظام يوسف وقد صارت من نصيب منسى بينما صارت شيلوه من نصيب أفرايم ولكلا البلدين ذكريات روحية خاصة عند اليهود. فشيلوه إختارها يشوع مقراً للتابوت والخيمة وفيها قسم يشوع الأرض ووزعها على الأسباط 18 : 1، 8-10. وقد بقيت الخيمة حوالى 300 سنة فى شيلوه. والله أحب شيلوه طالما عاشت فى قداسة ولكن حين أخطات هجرها فخربت (أر 7 : 12، 14 + 26 : 6،9) وغالباً تم هذا وقت هزيمة الشعب بيد الفلسطنيين أيام عالى الكاهن. وكل نفس تختار الشر لها طريقاً يتركها الله فتخرب.
آية (3): "ونزلت غربا إلى تخم اليفلطيين إلى تخم بيت حورون السفلي وإلى جازر وكانت مخارجها عند البحر."
وكانت مخارجها = نهايات حدودها أو بدايات حدودها.
الآيات (4-9): "فملك ابنا يوسف منسى و افرايم. و كان تخم بني افرايم حسب عشائرهم و كانت تخم نصيبهم شرقا عطاروت ادار الى بيت حورون العليا. و خرج التخم نحو البحر الى المكمتة شمالا و دار التخم شرقا الى تانة شيلوه و عبرها شرقي ينوحة. و نزل من ينوحة الى عطاروت و نعرات و وصل الى اريحا و خرج الى الاردن. و جاز التخم من تفوح غربا الى وادي قانة و كانت مخارجه عند البحر هذا هو نصيب سبط بني افرايم حسب عشائرهم. مع المدن المفرزة لبني افرايم في وسط نصيب بني منسى جميع المدن و ضياعها. فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر فسكن الكنعانيون في وسط افرايم إلى هذا اليوم وكانوا عبيدا تحت الجزية."
كما أهمل يهوذا طرد اليبوسيين أهمل إفرايم طرد الكنعانيين فكان ذلك سبباً لسقوطهم. ولاحظ أن عطية الله لأفرايم أرض عظيمة ولكن دائماً هناك مقاومة وإن تراخينا فى حروبنا نخسر عطية الله.
إفرايم يمثل الشبع بثمار الروح والدخول للحياة السماوية (جانب إيجابى). أما منسى فيمثل نسيان هموم العالم وملذاته (جانب سلبى). وكلاهما متكاملان كعمل واحد. ويتقدم إفرايم على منسى لأن الجانب الإيجابى يتقدم السلبى.
الإصحاح السابع عشر
نصيب منسى :- منسى كان له إبن واحد هو ماكير. وأولاد ماكير وُلدوا على ركبتى يوسف فإحتضنهم (تك 50 : 23). وماكير إبنه إسمه جلعاد وكان رجل حرب وشجاع وأولاده يائير ونوبح (تث 3 : 14 + عد 32 : 41). وكانت جلعاد شرق الأردن نصيباً لنصف سبط منسى (تث 3 : 13 + عد 32 : 39،40). وسميت جلعاد على إسم إبن ماكير.
آية (1): "وكانت القرعة لسبط منسى لأنه هو بكر يوسف لماكير بكر منسى أبي جلعاد لأنه كان رجل حرب وكانت جلعاد وباشان له."
لأنه بكر يوسف = منسى هو البكر والأصغر منه أخوه إفرايم ولأن منسى هو البكر خرجت قرعتين أحدهما شرق النهر والأخرى غرب الأردن ولكن إفرايم كان أعظم حسب نبوة يعقوب التى تحققت (تك 48 : 14).
أبى جلعاد = أى صاحب بلاد جلعاد فأولاده أخذوا نصيبهم شرق الأردن.
لأنه كان رجل حرب = جلعاد كان شجاع ورجل حرب. ولكن هذا القول راجع ايضاً على أولاده.
آية (2): "وكانت لبني منسى الباقين حسب عشائرهم لبني ابيعزر ولبني حالق ولبني اسريئيل ولبني شكم ولبني حافر ولبني شميداع هؤلاء هم بنو منسى بن يوسف الذكور حسب عشائرهم."
ضمت منسى شكيم. وهذه قد أعطيت للاويين وأختيرت كمدينة ملجأ (يش 20 : 7) وفى شكيم قرأ يشوع سفر الشريعة وقدم خطابه الوداعى (يش 24 : 1). وللأسف أبغضها الله بعد ذلك إذ أقاموا فيه مذابح للأوثان (قض 8 : 33،9 : 4). وفى شكيم إنقسمت إسرائيل بعد ذلك إلى مملكتين على يد يربعام بن نباط.
الآيات(3-6): "وأما صلفحاد بن حافر بن جلعاد بن ماكير بن منسى فلم يكن له بنون بل بنات وهذه أسماء بناته محلة ونوعة وحجلة وملكة وترصة. فتقدمن امام العازار الكاهن و امام يشوع بن نون و امام الرؤساء و قلن الرب امر موسى ان يعطينا نصيبا بين اخوتنا فاعطاهن حسب قول الرب نصيبا بين اخوة ابيهن. فاصاب منسى عشر حصص ما عدا ارض جلعاد و باشان التي في عبر الاردن. لان بنات منسى اخذن نصيبا بين بنيه و كانت ارض جلعاد لبني منسى الباقين."
رأينا فى سفر العدد كيف إستطاعت بنات صلفحاد أن يتمتعن بميراث إبيهن ورأينا غيرتهن فى الحصول على حقهم وهم فى البرية، وهم طلبوا حقهن فى الميراث وهن بعد فى البرية وهذا على يدل على إيمانهن وثقتهن فى مواعيد الله وهاهن يحصلن عليه وهكذا كل من له غيرة على ميراثه السماوى وهو هنا على الأرض يحصل عليه فى السماء بالتأكيد.
آية (7): "وكان تخم منسى من أشير إلى المكمتة التي مقابل شكيم وامتد التخم نحو اليمين إلى سكان عين تفوح."
نرى ان مدن بعض الأسباط متداخلة مع باقى الأسباط وربما سمح الله بهذا لتنمو علاقات الحب والتفاههم بين الأسباط.
الآيات (8-13): " كان لمنسى ارض تفوح و اما تفوح الى تخم منسى هي لبني افرايم. و نزل التخم الى وادي قانة جنوبي الوادي هذه مدن افرايم بين مدن منسى و تخم منسى شمالي الوادي و كانت مخارجه عند البحر. من الجنوب لافرايم و من الشمال لمنسى و كان البحر تخمه و وصل الى اشير شمالا و الى يساكر نحو الشروق. و كان لمنسى في يساكر و في اشير بيت شان و قراها و يبلعام و قراها و سكان دور و قراها و سكان عين دور و قراها و سكان تعنك و قراها و سكان مجدو و قراها المرتفعات الثلاث. ولم يقدر بنو منسى أمروهم يملكوا هذه المدن فعزم الكنعانيون على السكن في تلك الأرض، وكان لما تشدد بنو إسرائيل انهم جعلوا الكنعانيين تحت الجزية ولم يطردوهم طردا.
إمتثل منسى بأفرايم ويهوذا وتركوا الكنعانيين وجعلوهم تحت الجزية.
الآيات (14-18): "وكلم بنو يوسف يشوع قائلين لماذا أعطيتني قرعة واحدة وحصة واحدة نصيبا. و أن شعب عظيم لأنه إلى الآن قد باركني الرب، فقال لهم يشوع أمروهم كنت شعبا عظيما فاصعد إلى الوعر واقطع لنفسك هناك في ارض الفرزيين والرفائيين إذا ضاق عليك جبل افرايم، فقال بنو يوسف لا يكفينا الجبل ولجميع الكنعانيين الساكنين في ارض الوادي مركبات حديد للذين في بيت شان وقراها وللذين في وادي يزرعيل، فكلم يشوع بيت يوسف افرايم ومنسى قائلا أنا شعب عظيم ولك قوة عظيمة لا تكون لك قرعة واحدة، بل يكون لك الجبل لأنه وعر فتقطعه وتكون لك مخارجه فتطرد الكنعانيين لان لهم مركبات حديد لأنها أشداء."
منسى وإفرايم معاً شعروا بقوتهم وطالبوا بنصيب أكبر. ويشوع فرح بمشاعرهم هذه ولكنه طلب منهم الجهاد. وكان خطة يشوع التى رسمها لهم :
1. أن يزيلوا الغابات ليزرعوها ويستفيدوا من الأرض.
2. قبل أن يزيلوا الغابات عليهم أن يضربوا الشعوب الكنعانية التى تملك مركبات حديدية فلوا أزالوا الغابات وأصبحت الأرض سهل منبسط لأعطوا فرصة للكنعانيين ان يستخدموا مركباتهم الحديدية ضدهم، فالمركبات الحديدية لا يمكن أستخدامها فى الغابات.
3. الخطوة الثالثة بعد أن تنفتح الأرض وتصير سهلاً يضربوا الشعوب التى فى الشمال. وهذه الآيات تشير لمفاهيم روحية.
فإبن الله الذى شعر بمركزه الجديد يطلب نصيباً اكير. والله يفرح بهذا لكنه لا يعطى مجاناً بل يطلب الجهاد والمقاومة حتى الدم (عب 12 : 4). ونلاحظ تلاحم إفرايم مع منسى فى طلبهم وكانوا فى هذا أخوة متحابين وهذا مما يفرح الله (مز 133: 1،2) ولاحظ طلب يشوع قطع أشجار الوعر (= إزالة كل ما هو غير مثمر فى حياتى) لزرع ما هو مثمر.
الإصحاح الثامن عشر
نصيب بنيامين :-
للأسف بقدر ما كانت الأسباط الثلاثة " يهوذا وإفرايم ومنسى" تتسابق على التمتع بالميراث ونوال اكبر نصيب ممكن، إذا بباقى الأسباط متراخية. وهذا مما يحزن قلب الله يشوعنا الحقيقى الذى أعدّ كل شىء لنا ولم يتركنا فى عوز إلى شئ، حارب عنّا وغلب، مات وقام ليقيمنا معه وفتح أبواب الفردوس للطبيعة البشرية التى تغربت عن السماء زمناً (2كو 5 : 2 + عب 11 : 16). وأعطانا روحه القدوس ولم يعد لنا عذر بعد أن صار الملكوت قريباً إلينا مع هذا فنحن متراخون عن الدخول إلى ميراثه الذى وهبنا أياه.
آية (1): "واجتمع كل جماعة بني إسرائيل في شيلوه ونصبوا هناك خيمة الاجتماع وأخضعت الأرض قدامهم."
شيلوه = بعد ان أقامت الخيمة فى الجلجال 6 سنوات أختاروا شيلوه لأنها وسط كل الأسباط فيتمكن الجميع من العبادة. ومعنى كلمة شيلوه موضع الراحة وهى رمز للمسيح شيلوه (تك 49 : 10) الذى فيه الراحة الحقيقية. وأستمرت الخيمة فى شيلوه 300 سنة حتى أخذ الفلسطينيون التابوت أيام عالى. وشيلوه صارت تمثل الحضرة الإلهية وسط الشعب لوجود الخيمة والتابوت فيها. وخضوع الأرض رمز لخضوع جسدنا الذى صار مقدساً وصارت حياتنا بكليتها لله يرثها كملك ونرث نحن أمجاده فى شيلوه الحقيقية. وكنيسة العهد الجديد حل روح الله القدوس فيها وفى كل نفس وجعلها هيكلاً لهُا وصار كل جسد خيمة إجتماع.
آية (2): "وبقي من بني إسرائيل ممن لم يقسموا نصيبهم سبعة أسباط."
لم يقسموا = ربما بسبب التراخى أو الخلاف على الميراث أو ظنن أن الله سيعطيهم كل شىء دون أن يعملوا.
الآيات (3-10): "فقال يشوع لبني إسرائيل حتى متى انتم متراخون عن الدخول لامتلاك الأرض التي أعطاكم إياه الرب اله آبائكم، هاتوا ثلاثة رجال من كل سبط فأرسلهم فيقوموا ويسيروا في الأرض ويكتبوها بحسب أنصبتهم ثم يأتوا إلى، وليقسموها إلى سبعة أقسام فيقيم يهوذا على تخمه من الجنوب ويقيم بيت يوسف على تخمهم من الشمال، وانتم تكتبون الأرض سبعة أقسام ثم بالأبواق إلى هنا فالقي لكم قرعة ههنا أمام الرب إلهنا، لأنه ليس للاويين قسم في وسطكم لان كهنوت الرب هو نصيبهم وجاد ورأوبين ونصف سبط منسى قد اخذوا نصيبهم في عبر الأردن نحو الشروق الذي أعطاهم أيام موسى عبد الرب، فقام الرجال وذهبوا وأوصى يشوع الذاهبين لكتابة الأرض قائلا اذهبوا وسيروا في الأرض واكتبوها ثم ارجعوا إلى فالقي لكم هنا قرعة أمام الرب في شيلوه، فسار الرجال وعبروا في الأرض وكتبوها حسب المدن سبعة أقسام في سفر ثم جاءوا إلى يشوع إلى المحلة في شيلوه، فألقى لهم يشوع قرعة في شيلوه أمام الرب وهناك قسم يشوع الأرض لبني إسرائيل حسب فرقهم."
أمر يشوع 21 رجلاً، 3 رجال من كل سبط من الأسباط التى لم تملك أن يذهبوا ويقدموا تقرير بكل المدن التى لم توزع بعد أن حصل يهوذا وإفرايم ومنسى كلّ على نصيبه. ويقدموا تقريراً عن حالة هذه المدن وبعد ذلك يقوم يشوع بتقسيم الأراضى والمدن بالعدل حتى لا يظلم أحد الأسباط. وهناك أراضى واسعة ولكن خيراتها أقل ولذلك كانت التقارير التى سيقدمها الرجال الـ 21 يجب أن تشمل الحالة تماماً فلا يأخذ سبط مساحة واسعة وخيراتها قليلة فيظلم. لذلك كان لابد لهؤلاء الرجال ان يكونوا خبراء فى الأراضى ورسومات الأرض ومدى جودة الأرض. وفى (4) يسيروا فى الأرض = روحياً علينا بعد القيامة من مياه المعمودية أن نسير فى الأرض مثل هؤلاء الرجال نتذوق عربون السموات ونحن بعد على الأرض ويكتبوها = أى يحاولوا قدر أستطاعتهم أن يتعرفوا على الأسرار الغير المدركة. ونحن لن نكتشف كل هذا من أنفسنا بل بعمل الروح القدس فينا (1كو2 : 9-12).
آية (11): "وطلعت قرعة سبط بني بنيامين حسب عشائرهم وخرج تخم قرعتهم بين بني يهوذا وبني يوسف."
جاء نصيب بنيامين بجانب يوسف أخيه (من أمه راحيل) وبجانب يهوذا الذى سانده قديماً (فى مصر) وجاء نصيبه بقرب خيمة الإجتماع (تث 33 : 12). وإلتحام بنيامين بيهوذا ليس أمراً غريباً. فإن بنيامين يعنى إبن اليمين، فيشير إلى السيد المسيح الجالس عن يمين أبيه والخارج من سبط يهوذا.
الآيات (11-21): " و طلعت قرعة سبط بني بنيامين حسب عشائرهم و خرج تخم قرعتهم بين بني يهوذا و بني يوسف. و كان تخمهم من جهة الشمال من الاردن و صعد التخم الى جانب اريحا من الشمال و صعد في الجبل غربا و كانت مخارجه عند برية بيت اون. و عبر التخم من هناك الى لوز الى جانب لوز الجنوبي هي بيت ايل و نزل التخم الى عطاروت ادار على الجبل الذي الى جنوب بيت حورون السفلى. و امتد التخم و دار الى جهة الغرب جنوبا من الجبل الذي مقابل بيت حورون جنوبا و كانت مخارجه عند قرية بعل هي قرية يعاريم مدينة لبني يهوذا هذه هي جهة الغرب. و جهة الجنوب هي اقصى قرية يعاريم و خرج التخم غربا و خرج الى منبع مياه نفتوح. و نزل التخم الى طرف الجبل الذي مقابل وادي ابن هنوم الذي في وادي الرفائيين شمالا و نزل الى وادي هنوم الى جانب اليبوسيين من الجنوب و نزل الى عين روجل. و امتد من الشمال و خرج الى عين شمس و خرج الى جليلوت التي مقابل عقبة ادميم و نزل الى حجر بوهن بن راوبين. و عبر الى الكتف مقابل العربة شمالا و نزل الى العربة. و عبر التخم الى جانب بيت حجلة شمالا و كانت مخارج التخم عند لسان بحر الملح شمالا الى طرف الاردن جنوبا هذا هو تخم الجنوب. و الاردن يتخمه من جهة الشرق فهذا هو نصيب بني بنيامين مع تخومه مستديرا حسب عشائرهم. وكانت مدن سبط بني بنيامين حسب عشائرهم أريحا وبيت حجلة ووادي قصيص."
أريحا :- لعنة يشوع كانت على من سيبنى أسوار أريحا ويقيمها كمدينة حصينة ولكن بنيامين عاشوا فيها واستغلوها كأرض زراعية وما تم بنائه فيها كان مجرد مساكن بسيطة للعاملين.
الآيات (22-28): "و بيت العربة و صمارايم و بيت ايل. و العويم و الفارة و عفرة. و كفر العموني و العفني و جبع ست عشرة مدينة مع ضياعها. جبعون و الرامة و بئيروت. و المصفاة و الكفيرة و الموصة. و راقم و يرفئيل و ترالة. و صيلع و الف و اليبوسي هي اورشليم و جبعة و قرية اربع عشرة مدينة مع ضياعها هذا هو نصيب بني بنيامين حسب عشائرهم."
الإصحاح التاسع عشر
أنصبة باقى الأسباط : -
شمعون :- اتضح أن أرض يهوذا كانت كبيرة جداً فدخل معهم شمعون وليتحقق بهذا نبوة يعقوب "أقسمهما فى يعقوب وأفرقهما فى إسرائيل (تك 49 : 7) " فاتبلع شمعون فى يهوذا. ودان أيضاً اخذ نصيبه من يهوذا ومن إفرايم. وسبت شمعون هذا لم يخرج منه ولا قاض ولا شخص مهم فى إسرائيل. ومن ناحية أخرى فالتأمل الروحى لشمعون كوارث فى أرض الميعاد فهو يشير لمن يستمع ويطيع وصية الله فيرث.
شمعون = مستمع.
زبولون :- معنى أسمه مسكن. فمن ينفتح قلبه ليسكن فيه الله يرث ملكوت السموات.
يساكر :- معنى اسمه جزاء. فمن يطلب جزاء سماوياً يرث ملكوت السموات.
أشير :- معنى اسمه سعيد. فمن يرث ملكوت السموات ومن اختار الله يكون سعيداً وجاء نصيب أشير فى أرض طيبة بجانب البحر فكان يصدر خيراته (تك 49 : 20).
الآيات(1-33): "و خرجت القرعة الثانية لشمعون لسبط بني شمعون حسب عشائرهم و كان نصيبهم داخل نصيب بني يهوذا. فكان لهم في نصيبهم بير سبع و شبع و مولادة. و حصر شوعال و بالة و عاصم. و التولد و بتول و حرمة. و صقلغ و بيت المركبوت و حصر سوسة. و بيت لباوت و شاروحين ثلاث عشرة مدينة مع ضياعها. عين و رمون و عاتر و عاشان اربع مدن مع ضياعها. و جميع الضياع التي حوالي هذه المدن الى بعلة بير رامة الجنوب هذا هو نصيب سبط بني شمعون حسب عشائرهم. و من قسم بني يهوذا كان نصيب بني شمعون لان قسم بني يهوذا كان كثيرا عليهم فملك بنو شمعون داخل نصيبهم. و طلعت القرعة الثالثة لبني زبولون حسب عشائرهم و كان تخم نصيبهم الى ساريد. و صعد تخمهم نحو الغرب و مرعلة و وصل الى دباشة و وصل الى الوادي الذي مقابل يقنعام. و دار من ساريد شرقا نحو شروق الشمس على تخم كسلوت تابور و خرج الى الدبرة و صعد الى يافيع. و من هناك عبر شرقا نحو الشروق الى جت حافر الى عت قاصين و خرج الى رمون و امتد الى نيعة. و دار بها التخم شمالا الى حناتون و كانت مخارجه عند وادي يفتحئيل. و قطة و نهلال و شمرون و يدالة و بيت لحم اثنتا عشرة مدينة مع ضياعها. هذا هو نصيب بني زبولون حسب عشائرهم هذه المدن مع ضياعها. و خرجت القرعة الرابعة ليساكر لبني يساكر حسب عشائرهم. و كان تخمهم الى يزرعيل و الكسلوت و شونم. و حفارايم و شيئون و اناحرة. و ربيت و قشيون و ابص. و رمة و عين جنيم و عين حدة و بيت فصيص. و وصل التخم الى تابور و شحصيمة و بيت شمس و كانت مخارج تخمهم عند الاردن ست عشرة مدينة مع ضياعها. هذا هو نصيب بني يساكر حسب عشائرهم المدن مع ضياعها. و خرجت القرعة الخامسة لسبط بني اشير حسب عشائرهم. و كان تخمهم حلقة و حلي و باطن و اكشاف. و الملك و عمعاد و مشال و وصل الى كرمل غربا و الى شيحور لبنة. و رجع نحو مشرق الشمس الى بيت داجون و وصل الى زبولون و الى وادي يفتحئيل شمالي بيت العامق و نعيئيل و خرج الى كابول عن اليسار. و عبرون و رحوب و حمون و قانة الى صيدون العظيمة. و رجع التخم الى الرامة و الى المدينة المحصنة صور ثم رجع التخم الى حوصة و كانت مخارجه عند البحر في كورة اكزيب. و عمة و افيق و رحوب اثنتان و عشرون مدينة مع ضياعها. هذا هو نصيب سبط بني اشير حسب عشائرهم هذه المدن مع ضياعها. لبني نفتالي خرجت القرعة السادسة لبني نفتالي حسب عشائرهم. و كان تخمهم من حالف من البلوطة عند صعننيم و ادامي الناقب و يبنئيل الى لقوم و كانت مخارجه عند الاردن."
آية (34): "ورجع التخم غربا إلى ازنوت تابور وخرج من هناك إلى حقوق ووصل إلى زبولون جنوبا ووصل إلى أشير غربا وإلى يهوذا الأردن نحو شروق الشمس."
وإلى يهوذا الأردن نحو شروق الشمس = دخل فى حدود يهوذا وأملاكه أراضى من جهة شرق الأردن ولم تدرج فى حدوده من قبل. لأن الـ 60 مدينة المسماة حؤوث يائير التى كانت واقعة شرق الأردن مقابل نفتالى كانت معدودة من مدن يهوذا لأن يائير مالكها كان من ذرية يهوذا (1 أى 2 : 4-22).
الآيات (35-48): "و مدن محصنة الصديم و صير و حمة و رقة و كنارة. و ادامة و الرامة و حاصور. و قادش و اذرعي و عين حاصور. و يراون و مجدل ايل و حوريم و بيت عناة و بيت شمس تسع عشرة مدينة مع ضياعها. هذا هو نصيب سبط بني نفتالي حسب عشائرهم المدن مع ضياعها. لسبط بني دان حسب عشائرهم خرجت القرعة السابعة. و كان تخم نصيبهم صرعة و اشتاول و عير شمس. و شعلبين و ايلون و يتلة. و ايلون و تمنة و عقرون. و التقيه و جبثون و بعلة. و يهود و بني برق و جت رمون. و مياه اليرقون و الرقون مع التخوم التي مقابل يافا. و خرج تخم بني دان منهم و صعد بنو دان و حاربوا لشم و اخذوها و ضربوها بحد السيف و ملكوها و سكنوها و دعو لشم دان كاسم دان ابيهم. هذا هو نصيب سبط بني دان حسب عشائرهم هذه المدن مع ضياعها."
الآيات (49-51) :- ولما انتهوا من قسمة الأرض حسب تخومها أعطى بنو إسرائيل يشوع بن نون نصيبا في وسطهم، حسب قول الرب أعطوه المدينة التي طلب تمنة سارح في جبل افرايم فبنى المدينة وسكن بها، هذه هي الأنصبة التي قسمها العازار الكاهن ويشوع بن نون ورؤساء أباء أسباط بني إسرائيل بالقرعة في شيلوه أمام الرب لدى باب خيمة الاجتماع وانتهوا من قسمة الأرض
نصيب يشوع :- عرف الشعب إحسان يشوع عليهم وبحب وتقدير أعطوه نصيباً وسطهم وغالباً كان نصيبه بحسب ما أمر موسى أى الأرض التى وطئتها قدماه عندما تجسس الأرض كما حدث مع كالب. ولقد ترك يشوع نفسه ليكون أخر الكل، لكن من يفعل ذلك يصير أول الكل (مت 19 : 30). وهو لم يفعل ذلك تهاوناً منه بالميراث بل حباً لشعبه فهو كان يفرح حين يرى شعبه يرث، بل هو اعتبر أن ما يناله شعبه فقد ناله هو شخصياً فهو أعتبر الشعب الفرح بميراثه نصيباً لهُ. وهكذا المسيح يحسب أن كل ما نملكه يملكه هو بكونه رأسنا الذى يتمجد فى جسده المكرم. ويا ليتنا نفعل كما فعل الشعب حين ملكه يشوع وسطهم فنملكه قلوبنا المتواضعة التى تطيع وصيته (أش 57 : 15 + يو 14 : 23).
ملحوظة على آية 47 :-
جاء نصيب دان كقطعة صغيرة فى المساحة الضيقة الكائنة بين مرتفعات يهوذا الشمالية الغربية والبحر. وكانت صغيرة عليهم بل ضايقهم الأموريون فيها (قض 1 : 34). وبسبب هذا هاجر قسم كبير منهم إلى أقصى الشمال واستعمروا لشم (لايش) وأسموها دان (راجع تفاصيل القصة فى قض 18) وغالباً لم يكتب يشوع هذه القصة بل أضيفت فيما بعد، أضفها عزرا أو أحد رؤساء الكهنة.
الإصحاح العشرون
الآيات (1-9): "و كلم الرب يشوع قائلا. كلم بني اسرائيل قائلا اجعلوا لانفسكم مدن الملجا كما كلمتكم على يد موسى. لكي يهرب اليها القاتل ضارب نفس سهوا بغير علم فتكون لكم ملجا من ولي الدم. فيهرب الى واحدة من هذه المدن و يقف في مدخل باب المدينة و يتكلم بدعواه في اذان شيوخ تلك المدينة فيضمونه اليهم الى المدينة و يعطونه مكانا فيسكن معهم. و اذا تبعه ولي الدم فلا يسلموا القاتل بيده لانه بغير علم ضرب قريبه و هو غير مبغض له من قبل. و يسكن في تلك المدينة حتى يقف امام الجماعة للقضاء الى ان يموت الكاهن العظيم الذي يكون في تلك الايام حينئذ يرجع القاتل و ياتي الى مدينته و بيته الى المدينة التي هرب منها. فقدسوا قادش في الجليل في جبل نفتالي و شكيم في جبل افرايم و قرية اربع هي حبرون في جبل يهوذا. و في عبر اردن اريحا نحو الشروق جعلوا باصر في البرية في السهل من سبط راوبين و راموت في جلعاد من سبط جاد و جولان في باشان من سبط منسى. هذه هي مدن الملجا لكل بني اسرائيل و للغريب النازل في وسطهم لكي يهرب اليها كل ضارب نفس سهوا فلا يموت بيد ولي الدم حتى يقف امام الجماعة."
شرح مدن الملجأ يوجد فى سفر العدد. ومدن الملجأ تشير للمسيح ملجأنا الحقيقى لذلك فمعانى أسماء مدن الملجأ لها معانى رائعة.
1. قادش = المقدس وتشير لقداسة المسيح وبره.
2. شكيم = الكتف وقد حمل المسيح صليبه على كتفه فالكتف تشير للقوة وعمل المسيح كان عملاً قوياً (أش 9 : 6 ).
3. حبرون = زواج أو أرتباط وهذه تشير للكنيسة عروس المسيح.
4. باصر = حصن واسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع (أم 18 : 10).
5. راموت = مرتفع فالمسيح رفعه الله بيمنه (أع 5 : 31)، وهو من السماء وذهب للسماء.
6. جولان = فرح فالرب فرح بأولاده وهم فرحون بإلههم. وقد تعنى تجول وهذا تشير لمسيرة المؤمنين مع فاديهم نحو السماء.
ونلاحظ ان المدن تتوسط البلاد ليسهل الوصول إليها
1. قادش شمالاً فى نفتالى غرب الأردن.
2. شكيم وسط فى أفرايم غرب الأردن.
3. حبرون جنوباً فى يهوذا غرب الأردن.
4. باصر شمالاً مقابل أريحا شرق الأردن.
5. راموت وسط شرق الأردن.
6. جلعاد جنوب شرق الأردن.
الإصحاح الحادى والعشرون
الآيات (1-3): "ثم تقدم رؤساء أباء اللاويين إلى العازار الكاهن وإلى يشوع بن نون وإلى رؤساء أباء أسباط بني إسرائيل، وكلموهم في شيلوه في ارض كنعان قائلين قد أمر الرب على يد موسى أمروهم نعطى مدنا للسكن مع مسارحها لبهائمنا، فأعطى بنو إسرائيل اللاويين من نصيبهم حسب قول الرب هذه المدن مع مسارحها."
حُرِم اللاويون من أن يكون لهم نصيباً وسط أخوتهم.. فالله هو نصيبهم. وليس معنى هذا أن يتركهم الله مشردين. فها نحن نجد أنهم حصلوا على 48 مدينة بين جميع الأسباط. فالله لا يحرم أولاده الذى هو نصيبهم من شىء فكانت مدن اللاويين أكثر من أى سبط. ويبدوا أنه فى البداية حيث كان عدد اللاويين صغيراً سكن معهم شعب كل سبط فى مدنهم وهذا يظهر من أن..
1. داود ملك فى حبرون وهى مدينة لللاويين وأقام فيها.
2. البنيامينيون أقاموا فى جبعة وأعتدوا على سرية اللاوى (قض 19).
ومع الزمن أمتلك اللاويون وحدهم مدنهم.
ويعقوب تنبأ على شمعون ولاوى بأن يتشتتوا وسط الأسباط وهذا ما حدث لكليهما فنجد أن شمعون كان نصيبه وسط يهوذا بل أبتلع فى يهوذا ونجد ان سبط لاوى قد تشتت فى وسط الأسباط. ولكن شمعون لأنهم أستمروا فى خطيتهم ضاعوا وسط يهوذا أما لاوى فيقدم لنا مثالاً عمّا تفعله التوبة، فقد كان سبط لاوى هو السبط الذى كانت لهُ غيرة على وصايا الله فاختارهم الله رجالاً لخدمته ووزعهم على الأسباط حسب نبوة يعقوب لكن كمصابيح وسُرُج أستنارت بالنور الإلهى فتضئ على كل الأسباط بنور التعليم والإرشاد كدارسين لشريعة الله. ونلاحظ ان الكهنة واللاويين فى أشخاص رؤساء أبائهم تقدموا ليطالبوا بحقهم فى السكن وسط الشعب كله، حسب وعد الله ونحن علينا ان نطلب الميراث من الله ودالتنا الوحيدة هى وعده والله يستجيب لمن يطلب. والكهنة أنتشروا وسط الشعب فالكاهن لا يعيش منعزلاً بل عضواً حياً فى الجماعة وخادماً لهم يعمل لحسابهم فى الرب لينعم الكل بالميراث الأبدى. ولاحظ التبادل بين الأسباط واللاويين فالأسباط أعطوا الأرض (أمور مادية) للاويين والكهنة، والكهنة واللاويين أعطوهم خدمة الأمور السماوية. وحصل الكهنة على نصيبهم فى سبط يهوذا لأن أورشليم ستكون مقر الهيكل وكان هذا بحسب علم الله السابق (8 مدن فى يهوذا، 4 فى بنيامين، 1 فى شمعون).
الآيات (4-45): "فخرجت القرعة لعشائر القهاتيين فكان لبني هرون الكاهن من اللاويين بالقرعة ثلاث عشرة مدينة من سبط يهوذا و من سبط شمعون و من سبط بنيامين. و لبني قهات الباقين عشر مدن بالقرعة من عشائر سبط افرايم و من سبط دان و من نصف سبط منسى. و لبني جرشون ثلاث عشرة مدينة بالقرعة من عشائر سبط يساكر و من سبط اشير و من سبط نفتالي و من نصف سبط منسى في باشان. و لبني مراري حسب عشائرهم اثنتا عشرة مدينة من سبط راوبين و من سبط جاد و من سبط زبولون. فاعطى بنو اسرائيل اللاويين هذه المدن و مسارحها بالقرعة كما امر الرب على يد موسى. و اعطوا من سبط بني يهوذا و من سبط بني شمعون هذه المدن المسماة باسمائها. فكانت لبني هرون من عشائر القهاتيين من بني لاوي لان القرعة الاولى كانت لهم. و اعطوهم قرية اربع ابي عناق هي حبرون في جبل يهوذا مع مسرحها حواليها. و اما حقل المدينة و ضياعها فاعطوها لكالب بن يفنة ملكا له. و اعطوا لبني هرون الكاهن مدينة ملجا القاتل حبرون مع مسارحها و لبنة و مسارحها. و يتير و مسرحها و اشتموع و مسرحها. و حولون و مسرحها و دبير و مسرحها. و عين و مسرحها و يطة و مسرحها و بيت شمس و مسرحها تسع مدن من هذين السبطين. و من سبط بنيامين جبعون و مسرحها و جبع و مسرحها. عناثوث و مسرحها و علمون و مسرحها اربع مدن. جميع مدن بني هرون الكهنة ثلاث عشرة مدينة مع مسارحها. و اما عشائر بني قهات اللاويين الباقين من بني قهات فكانت مدن قرعتهم من سبط افرايم. و اعطوهم شكيم و مسرحها في جبل افرايم مدينة ملجا القاتل و جازر و مسرحها. و قبصايم و مسرحها و بيت حورون و مسرحها اربع مدن. و من سبط دان التقى و مسرحها و جبثون و مسرحها. و ايلون و مسرحها و جت رمون و مسرحها اربع مدن. و من نصف سبط منسى تعنك و مسرحها و جت رمون و مسرحها مدينتين اثنتين. كل المدن عشر مع مسارحها لعشائر بني قهات الباقين. و لبني جرشون من عشائر اللاويين مدينة ملجا القاتل من نصف سبط منسى جولان في باشان و مسرحها و بعشترة و مسرحها مدينتان ثنتان. و من سبط يساكر قشيون و مسرحها و دبرة و مسرحها. و يرموت و مسرحها و عين جنيم و مسرحها اربع مدن. و من سبط اشير مشال و مسرحها و عبدون و مسرحها. و حلقة و مسرحها و رحوب و مسرحها اربع مدن. و من سبط نفتالي مدينة ملجا القاتل قادش في الجليل و مسرحها و حموت دور و مسرحها و قرتان و مسرحها ثلاث مدن. جميع مدن الجرشونيين حسب عشائرهم ثلاث عشرة مدينة مع مسارحها. و لعشائر بني مراري اللاويين الباقين من سبط زبولون يقنعام و مسرحها و قرتة و مسرحها. و دمنة و مسرحها و نحلال و مسرحها اربع مدن. و من سبط راوبين باصر و مسرحها و يهصة و مسرحها. و قديموت و مسرحها و ميفعة و مسرحها اربع مدن. و من سبط جاد مدينة ملجا القاتل راموت في جلعاد و مسرحها و محنايم و مسرحها. حشبون و مسرحها و يعزير و مسرحها كل المدن اربع. فجميع المدن التي لبني مراري حسب عشائرهم الباقين من عشائر اللاويين و كانت قرعتهم اثنتا عشرة مدينة. جميع مدن اللاويين في وسط ملك بني اسرائيل ثمان و اربعون مدينة مع مسارحها. كانت هذه المدن مدينة مدينة مع مسارحها حواليها هكذا لكل هذه المدن. فاعطى الرب اسرائيل جميع الارض التي اقسم ان يعطيها لابائهم فامتلكوها و سكنوا بها. فاراحهم الرب حواليهم حسب كل ما اقسم لابائهم و لم يقف قدامهم رجل من جميع اعدائهم بل دفع الرب جميع اعدائهم بايديهم. لم تسقط كلمة من جميع الكلام الصالح الذي كلم به الرب بيت اسرائيل بل الكل صار."
الإصحاح الثانى والعشرون
آيه (1): "حينئذ دعا يشوع الراوبينيين والجاديين ونصف سبط منسى."
وهذا حدث غالباً بعد إنتهاء الحرب وليس بعد التقسيم وهذا سيحدث لكل منّا بعد أن تنتهى معاركنا وجهادنا على الأرض ضد قوات الشر يرسلنا الله للراحة.
الآيات (2،3): "وقال لهم أنكم قد حفظتم كل ما أمركم به موسى عبد الرب وسمعتم صوتي في كل ما أمرتكم به، ولم تتركوا اخوتكم هذه الأيام الكثيرة إلى هذا اليوم وحفظتم ما يحفظ وصية الرب إلهكم."
حفظتم ما يحفظ = أى ما يجب حفظه وهو وصية الرب. وإذا كان السبطين والنصف يمثلون كنيسة العهد القديم فهم سيرثون مع كنيسة العهد الجديد، كل من حفظ الوصايا الإلهية وجاهد سواء فى عهد الناموس أو عهد النعمة. وهنا يشوع يدعوهم ليهبهم الميراث.
آيه (4): "والآن قد أراح الرب إلهكم اخوتكم كما قال لهم فانصرفوا الآن واذهبوا إلى خيامكم في ارض ملككم التي أعطاكم موسى عبد الرب في عبر الأردن."
خيامكم = من كثرة سكنهم فى خيام أسموا بيوتهم خيام. وروحياً فنحن فى جسدنا هذا كمن يسكن الخيام لأن الخيمة تدل على زوال كل شئ وعلى الغربة (2كو 5 : 1).
الآيات (5-7): "و انما احرصوا جدا ان تعملوا الوصية و الشريعة التي امركم بها موسى عبد الرب ان تحبوا الرب الهكم و تسيروا في كل طرقه و تحفظوا وصاياه و تلصقوا به و تعبدوه بكل قلبكم و بكل نفسكم. ثم باركهم يشوع و صرفهم فذهبوا الى خيامهم. و لنصف سبط منسى اعطى موسى في باشان و اما نصفه الاخر فاعطاهم يشوع مع اخوتهم في عبر الاردن غربا و عندما صرفهم يشوع ايضا الى خيامهم باركهم."
آيه (8) :- وكلمهم قائلا بمال كثير ارجعوا إلى خيامكم وبمواش كثيرة جدا بفضة وذهب ونحاس وحديد وملابس كثيرة جدا اقسموا غنيمة أعدائكم مع اخوتكم.
يشوع لم يردهم فارغين والله لا يردنا فارغين. ورجال العهد القديم لهم عطايا كثيرة فضلاً عن الميراث الأبدى وهكذا نحن لنا عطايا روحية ومادية فضلاً عن الميراث الأبدى.
الآيات (9-29): "فرجع بنو راوبين و بنو جاد و نصف سبط منسى و ذهبوا من عند بني اسرائيل من شيلوه التي في ارض كنعان لكي يسيروا الى ارض جلعاد ارض ملكهم التي تملكوا بها حسب قول الرب على يد موسى. وجاءوا إلى دائرة الأردن التي في ارض كنعان وبنى بنو رأوبين وبنو جاد ونصف سبط منسى هناك مذبحا على الأردن مذبحا عظيم المنظر، فسمع بنو إسرائيل قولا هوذا قد بنى بنو رأوبين وبنو جاد ونصف سبط منسى مذبحا في وجه ارض كنعان في دائرة الأردن مقابل بني إسرائيل، ولما سمع بنو إسرائيل اجتمعت كل جماعة بني إسرائيل في شيلوه لكي يصعدوا إليهم للحرب، فأرسل بنو إسرائيل إلى بني رأوبين وبني جاد ونصف سبط منسى إلى ارض جلعاد فينحاس بن العازار الكاهن، وعشرة رؤساء معه رئيسا واحدا من كل بيت أب من جميع أسباط إسرائيل كل واحد رئيس بيت آبائهم في ألوف إسرائيل، فجاءوا إلى بني رأوبين وبني جاد ونصف سبط منسى إلى ارض جلعاد وكلموهم قائلين، هكذا قالت كل جماعة الرب ما هذه الخيانة التي خنتم بها اله إسرائيل بالرجوع اليوم عن الرب ببنيانكم لأنفسكم مذبحا لتتمردوا اليوم على الرب، أقليل لنا إثم فغور الذي لم نتطهر منه إلى هذا اليوم وكان الوبا في جماعة الرب، حتى ترجعوا انتم اليوم عن الرب فيكون أنكم اليوم تتمردون على الرب وهو غدا يسخط على كل جماعة إسرائيل، ولكن إذا كانت نجسة ارض ملككم فاعبروا إلى ارض ملك الرب التي يسكن فيها مسكن الرب وتملكوا بيننا وعلى الرب لا تتمردوا وعلينا لا تتمردوا ببنائكم لأنفسكم مذبحا غير مذبح الرب إلهنا، أما خان عخان بن زارح خيانة في الحرام فكان السخط على كل جماعة إسرائيل وهو رجل لم يهلك وحده بإثمه، فأجاب بنو رأوبين وبنو جاد ونصف سبط منسى وقالوا لرؤساء ألوف إسرائيل، اله الآلهة الرب اله الآلهة الرب هو يعلم وإسرائيل سيعلم أمروهم كان بتمرد وأمروهم كان بخيانة على الرب لا تخلصنا هذا اليوم، بنياننا لأنفسنا مذبحا للرجوع عن الرب آنية لإصعاد محرقة عليه آنية تقدمة آنية لعمل ذبائح سلامة عليه فالرب هو يطالب، وأمروهم كنا لم نفعل ذلك خوفا وعن سبب قائلين غدا يكلم بنوكم بنينا قائلين ما لكم وللرب اله إسرائيل، قد جعل الرب تخما بيننا وبينكم يا بني رأوبين وبني جاد الأردن ليس لكم قسم في الرب فيرد بنوكم بنينا حتى لا يخافوا الرب، فقلنا نصنع نحن لأنفسنا نبني مذبحا لا للمحرقة ولا للذبيحة، بل ليكون هو شاهدا بيننا وبينكم وبين أجيالنا بعدنا لكي نخدم خدمة الرب أمامه بمحرقاتنا وذبائحنا وذبائح سلامتنا ولا يقول بنوكم غدا لبنينا ليس لكم قسم في الرب، وقلنا يكون متى قالوا كذا لنا ولأجيالنا غدا أننا نقول انظروا شبه مذبح الرب الذي عمل آباؤنا لا للمحرقة ولا للذبيحة بل هو شاهد بيننا وبينكم، حاشا لنا منه أمروهم نتمرد على الرب ونرجع اليوم عن الرب لبناء مذبح للمحرقة آنية التقدم آنية الذبيحة عدا مذبح الرب إلهنا الذي هو قدام مسكنه."
مذبح بلا ذبيحة :- كان رأى السبطين والنصف أن هذا المذبح ليس لتقديم ذبيحة بل هو شاهد أنهم جزء من جماعة الرب ولهم نصيباً فى مذبح الرب وحتى لا ينسى أبناؤهم صلتهم بالأسباط عبر النهر. فحينما يسأل الأولاد ما هذا المذبح الذى لا يقدم عليه ذبائح يرد الأباء أن أبائنا أباء السبطين والنصف هم من شعب إسرائيل وهم مفصولين عن هذا الشعب فقط بواسطة نهر الأردن لكنهم شعب واحد. ويكون هذا المذبح إعلاناً عن وحدتهم واشتراكهم فى مذبح الله الواحد فى كنعان. ونلاحظ اسلوب حديث أباء السبطين والنصف عن الله بكل توقير إثباتا لإخوتهم أنهم لا يؤمنون ولا يعبدون ولا يحبون سوى الله يهوه إله الألهه. ويرى البعض فى هذا التصرف نبوة عن عودة اليهود إلى الإيمان المسيحى فى الأيام الأخيرة بعد ملء كنيسة الأمم، أى عودة رجال السبطين ونصف إلى أراضيهم. وبناء المذبح يشير للإيمان الواحد بين كنيسة المسيح والبقية اليهودية المؤمنة. ويكون هذا المذبح بلا ذبيحة إشارة لإنتهاء دور الذبيحة الحيوانية. وفى 16:- تتمردوا = أى يقدموا ذبائح لألهه غريبة على مذبحهم هذا أو على الأقل يقدموا ذبائح على مذبح آخر غير مذبح خيمة الإجتماع مخالفين وصية المذبح الواحد وفى 17،18،20 المقصود أن خطية فرد تجلب غضب الرب على الجماعة كلها فيأتى عليهم كلهم الشر. وتكون مخالفتهم بإقامة هذا المذبح سبباً لشر عظيم على كل إسرائيل وفى (19) نجسة أرض أى إذا كنتم تتصورون إن أرضكم نجسة لأنكم بلا هيكل فى وسطكم فتعالوا اسكنوا فى وسطنا غرب الأردن. وفى (23) بنياننا = أى أن كان بنياننا هذا.
الآيات (30-34): "فسمع فينحاس الكاهن و رؤساء الجماعة و رؤوس الوف اسرائيل الذين معه الكلام الذي تكلم به بنو راوبين و بنو جاد و بنو منسى فحسن في اعينهم. فقال فينحاس بن العازار الكاهن لبني راوبين و بني جاد و بني منسى اليوم علمنا ان الرب بيننا لانكم لم تخونوا الرب بهذه الخيانة فالان قد انقذتم بني اسرائيل من يد الرب. ثم رجع فينحاس بن العازار الكاهن و الرؤساء من عند بني راوبين و بني جاد من ارض جلعاد الى ارض كنعان الى بني اسرائيل و ردوا عليهم خبرا. فحسن الامر في اعين بني اسرائيل و بارك بنو اسرائيل الله و لم يفتكروا بالصعود اليهم للحرب و تخريب الارض التي كان بنو راوبين و بنو جاد ساكنين بها. وسمى بنو رأوبين وبنو جاد المذبح عيدا لأنه شاهد بيننا أمروهم الرب هو الله."
عيداً = الكلمة تعنى شهادة.
الإصحاح الثالث والعشرون
نجد هنا خطاب يشوع الوداعى الأول. وفى ص 24 نجد خطابه الوداعى الثانى. ونجد يشوع هنا فى نهاية حياته يدعو الشيوخ ليسلمهم وصاياه الوداعية التى جاءت مطابقة لإيمانه وعبادته وسلوكه العملى، وإذا كانت تعاليم المعلم مطابقة لحياته تكون لها قوة وفاعلية. وملخص نصائح يشوع.
1. حفظ وصايا الرب (آية 6).
2. محبة الله (آية 11).
3. عدم الإختلاط بالوثنيين أو مصاهرتهم حتى لا يسقطوا فى فخ الوثنية (آيات 12،13).
4. تذكر عمل الله معهم ومع أبائهم مما يدل على أمانة الله معهم وأنه نفذ كل وعوده لهم وممّا يساعدنا على حفظ وصايا الله وعلى محبته أن نذكر إحساناته المستمرة لنا.
آيه (1،2): "وكان غب أو كثيرة بعدما أراح الرب إسرائيل من أعدائهم حواليهم أمروهم يشوع شاخ تقدم في الأيام. فدعا يشوع جميع اسرائيل و شيوخه و رؤساءه و قضاته و عرفاءه و قال لهم انا قد شخت تقدمت في الايام."
غبّ أيام = بعد أيامٍ
آيه (3) :- وانتم قد رأيتم كل ما عمل الرب إلهكم بجميع أولئك الشعوب من أجلكم لان الرب إلهكم هو المحارب عنكم
كل ما عَمِلَ الرب إلهكم = لاحظ أنه لم يقل ما عملته من أجلكم. فما أجمل أن ينسى الراعى نفسه حتى فى اللحظات الأخيرة وينسى تعبه وجهاده وأسهاره ويركز أنظار شعبه إلى الله صانع جميع العجائب معه والذى أحبهم وقدّم لهم الميراث ليلهب قلوبهم بمحبة الله. فمحبتهم لله هى التى تضمن لهم ميراثهم.
الآيات (4-8): "انظروا قد قسمت لكم بالقرعة هؤلاء الشعوب الباقين ملكا حسب اسباطكم من الاردن و جميع الشعوب التي قرضتها و البحر العظيم نحو غروب الشمس. و الرب الهكم هو ينفيهم من امامكم و يطردهم من قدامكم فتملكون ارضهم كما كلمكم الرب الهكم. فتشددوا جدا لتحفظوا وتعملوا كل المكتوب في سفر شريعة موسى حتى لا تحيدوا عنها يمينا آنية شمالا. حتى لا تدخلوا الى هؤلاء الشعوب اولئك الباقين معكم و لا تذكروا اسم الهتهم و لا تحلفوا بها و لا تعبدوها و لا تسجدوا لها. و لكن الصقوا بالرب الهكم كما فعلتم الى هذا اليوم."
لاحظ أنه يكرر ما قاله لهُ الله (1 : 7) فكلمات الله ظلت ترن فى أذنيه. لقد ظل يرددها ويلهج فيها ويحفظها فى فكره ككنز وها هو يقدمها لشعبه كأثمن كنز عرفه وإختبره. إن جوهر التقليد أن نسلم للجيل القادم كلمة الله بلا إنحراف كما تسلمناها وعشناها.
الآيات (9-11): "قد طرد الرب من أمامكم شعوبا عظيمة وقوية وأما انتم فلم يقف أحد قدامكم إلى هذا اليوم، رجل واحد منكم يطرد ألفا لان الرب إلهكم هو المحارب عنكم كما كلمكم، فاحتفظوا جدا لأنفسكم أمروهم تحبوا الرب إلهكم."
يبعث فيهم الرجاء خلال الخبرة التى عاشوها وكيف أحسن الله إليهم. وحينما نذكر حسنات الله علينا نشكره ونسبحه ويزداد رجاؤنا أن يسوع هو هو أمس واليوم وإلى الأبد فتزداد محبتنا لله. وعلينا أيضاَ أن نذكر ضعفاتنا وخطايانا فنطلب مراحم الله ولا ننتفخ بكبرياء. لذلك الكنسية فى بدء كل صلاة تصلى صلاة الشكر والمزمور "50". لا يقف أحد قدامكم = كان هذا وعد الله ليشوع (1 : 5) ولكن يشوع فهمه أنه لكل واحد ولكل الشعب عبر كل الأجيال. فهو وعد إلهى يجدد رجاؤنا فى الرب (يو 19 : 11) رجل واحد يطرد ألف = قارن مع أن الله أعطانا أن ندوس الحيات والعقارب وهى أجناد الشر الروحية فى السماويات. فنفهم أن هذا وعد من الله بأن نهزم الشيطان.
الآيات (12-16): "ولكن إذا رجعتم ولصقتم ببقية هؤلاء الشعوب أولئك الباقين معكم وصاهرتموهم ودخلتم إليهم وهم إليكم، فاعلموا يقينا أمروهم الرب إلهكم لا يعود يطرد أولئك الشعوب من أمامكم فيكونوا لكم فخا وشركا وسوطا على جوانبكم وشوكا في أعينكم حتى تبيدوا عن تلك الأرض الصالحة التي أعطاكم إياه الرب إلهكم، وها أن اليوم ذاهب في طريق الأرض كلها وتعلمون بكل قلوبكم وكل أنفسكم انه لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم الكل صار لكم لم تسقط منه كلمة واحدة، ويكون كما انه أتى عليكم كل الكلام الصالح الذي تكلم به الرب إلهكم عنكم كذلك يجلب عليكم الرب كل الكلام الرديء حتى يبيدكم عن هذه الأرض الصالحة التي أعطاكم الرب إلهكم، حينما تتعدون عهد الرب إلهكم الذي أمركم به وتسيرون وتعبدون آلهة أخرى وتسجدون لها يحمى غضب الرب عليكم فتبيدون سريعا عن الأرض الصالحة التي أعطاكم."
بعد أن تحدث عن الجوانب الإيجابية وكشف لهم عن محبة الله لهم المعلنة خلال أعماله معهم. وكلمهم عن حفظ الوصايا كسند لهم وسر رجائهم. بدأ يحذرهم أن ينتكسوا روحياً ويلتصقوا بالخطية فتتحول نصرتهم إلى هزائم بشعة إن رجعتم وإلتصقتم بالشعوب وصاهرتموهم... يكونون لكم فخاً وشركاً... وسوطاً وشوكاً. هذه الآية تضع مبدأ روحى هام فإن الخطية عقوبتها فى نفسها أو الخطية هى عقوبة نفسها. فمن أحبوهم وصاهروهم صاروا سبباً لآلامهم. وإذ نقبل الخطية وندخل معها فى علاقات أشبه بالزواج يسلمنا الله نفسه لها لإذلالنا فتكون شهوة قلوبنا هى بعينها سر تحطيمنا وتكون لنا فخاً وشركاً نسقط فيه. قد نظن أننا بالخطية ننال لذة وفرصة لا تعوض وإذ بها تكون كالسياط تنزل علينا ونجد أنفسنا وإذ نحن فى فخ (مثل مصيدة الفئران وبها الطعم لتجذب الفريسة فيجد الفأر نفسه حبيساً) ولكى يعطيهم يشوع عظة قال أنا ماضٍ فى طريق الأرض كلها = وهذه توجه لكل من يظن أنه من حقه أن يستمتع بالخطية فعليه أن يذكر أن الموت كلص يأتى فجأة. وليس هناك من سيبقى على الأرض للأبد فماذا انتفع لو ربحت العالم وخسرت نفسى. وهناك ملحوظة أخرى أن يشوع يحذرهم والخطايا الأن غير متسلطة عليهم = الكنعانيين فى حالة ضعف وتحت الجزية وهكذا إبليس الأن فى حالة إنكسار بعد الصليب مربوط بسلسلة ولا سلطان لهُ علينا وقد ننخدع بالخطايا التى تتسلل إلينا فى ضعف أو نذهب لها فى تساهل. ولكن إن ذهبنا نحن بأنفسنا نجدها قوية وندخل فى أسرها. لذلك يحذر يشوع لا ترجعوا وتلتصقوا بها.
الإصحاح الرابع والعشرون
الخطاب الوداعى الثانى أو الوصايا
الآيات (1،2): "وجمع يشوع جميع اسباط اسرائيل الى شكيم و دعا شيوخ اسرائيل و رؤساءهم و قضاتهم و عرفاءهم فمثلوا امام الرب. وقال يشوع لجميع الشعب هكذا قال الرب اله إسرائيل آباؤكم سكنوا في عبر النهر منذ الدهر تارح أبو إبراهيم وأبو ناحور وعبدوا آلهة أخرى."
تثبت أن ما قاله يشوع كان من عند الرب. وهنا يشوع يبرز دور إبراهيم الذى نال المواعيد رغماً عن أن شعبه كان وثنياً وأبوه كان يعبد ألهة أخرى. وهذا ليؤكد لهم أن إنتسابهم لأباء قديسين أو أشرار لن يفيدهم أو يضرهم. إنما الذى يفيدهم هو طاعتهم للرب وما يضرهم هو عصيانهم. وليس حجة نتذرع بها شر أبائنا.
الآيات (3-8): "فأخذت إبراهيم أباكم من عبر النهر وسرت به في كل ارض كنعان وأكثرت نسله وأعطيته اسحق. واعطيت اسحق يعقوب و عيسو و اعطيت عيسو جبل سعير ليملكه و اما يعقوب و بنوه فنزلوا الى مصر. و ارسلت موسى و هرون و ضربت مصر حسب ما فعلت في وسطها ثم اخرجتكم. فاخرجت اباءكم من مصر و دخلتم البحر و تبع المصريون اباءكم بمركبات و فرسان الى بحر سوف. فصرخوا الى الرب فجعل ظلاما بينكم و بين المصريين و جلب عليهم البحر فغطاهم و رات اعينكم ما فعلت في مصر و اقمتم في القفر اياما كثيرة. ثم اتيت بكم الى ارض الاموريين الساكنين في عبر الاردن فحاربوكم و دفعتهم بيدكم فملكتم ارضهم و اهلكتهم من امامكم."
تشير لإحسانات الله ووعوده لأبائهم وهكذا فى الآيات التالية.
الآيات (9،10): "وقام بالاق بن صفور ملك موآب وحارب إسرائيل وأرسل ودعا بلعام بن بعور لكي يلعنكم. و لم اشا ان اسمع لبلعام فبارككم بركة و انقذتكم من يده."
وقام بالاق... وحارب إسرائيل = بالاق لم يحارب إسرائيل بجيوش عسكرية بل :-
1. زنا بنات موآب مع الشعب.
2. عودة بالاق لبلعام ليلعن الشعب.
آية (11) :- ثم عبرتم الأردن وأتيتم إلى أريحا فحاربكم أصحاب أريحا الاموريون والفرزيون والكنعانيون والحثيون والجرجاشيون والحويون واليبوسيون فدفعتهم بيدكم.
لم يسجل الكتاب كيف حاربت إريحا الشعب وربما هم بدءوا الحرب ضد الشعب وربما الحرب حدثت بعد سقوط الأسوار. وعموماً يشوع يسجل هنا أن حرباً حدثت.
الآيات (12-14): "وأرسلت قدامكم الزنابير وطردتهم من أمامكم أي ملكي الاموريين لا بسيفك ولا بقوسك. و اعطيتكم ارضا لم تتعبوا عليها و مدنا لم تبنوها و تسكنون بها و من كروم و زيتون لم تغرسوها تاكلون. فالان اخشوا الرب و اعبدوه بكمال و امانة و انزعوا الالهة الذين عبدهم اباؤكم في عبر النهر و في مصر و اعبدوا الرب."
الزنابير = ربما تكون الزنابير حقيقية طاردت السكان وأرعبتهم. ولعلها هى روح الرعب الذى أرسله الله كما قالت رحاب. ولعلها جيش المصريين (والزنابير رمز للمصريين) الذين هاجموا المنطقة قبل دخول العبرانيين إليها بفترة فحطموا قوة ملوكها وهيأوا الطريق بذلك للشعب. فالأحداث كلها تسير بخطة إلهيه غير منظورة. مرة ثانية نجد يشوع فى الآيات السابقة يتحدث عن أمانة الله نحو شعبه وأنه إختار هذا الشعب ليكون شعباً خاصاً لهُ بدعوته لإبراهيم وبركاته المستمرة نحو هذا الشعب وإنقاذه إياهم من أيادى أعدائهم. وكل هذا ليحبوا الرب ويكون الرب هو إختيارهم الحر. يحبون الرب لإنه هو أحبهم أولاً. فالله لا يلزم احداً بمحبته فالله يقدس الحرية الإنسانية، فالله يطلب الإنسان كإبن حر يلتصق بأبيه بفرح وسرور. ويشوع يقدم نفسه مثلاً.
آية (15) :- "وأمروهم ساء في أعينكم أمروهم تعبدوا الرب فاختاروا لأنفسكم اليوم من تعبدون أمروهم كان الآلهة الذين عبدهم آباؤكم الذين في عبر النهر وأمروهم كان آلهة الاموريين الذين انتم ساكنون في أرضهم وأما أن وبيتي فنعبد الرب."
وأما أن وبيتي فنعبد الرب = يشوع يقدم نفسه مثلاً فالعبادة تنبع من حرية كاملة.
الآيات (16-25): "فاجاب الشعب و قالوا حاشا لنا ان نترك الرب لنعبد الهة اخرى. لان الرب الهنا هو الذي اصعدنا و اباءنا من ارض مصر من بيت العبودية و الذي عمل امام اعيننا تلك الايات العظيمة و حفظنا في كل الطريق التي سرنا فيها و في جميع الشعوب الذين عبرنا في وسطهم. و طرد الرب من امامنا جميع الشعوب و الاموريين الساكنين الارض فنحن ايضا نعبد الرب لانه هو الهنا. فقال يشوع للشعب لا تقدرون أمروهم تعبدوا الرب لأنه اله قدوس واله غيور هو لا يغفر ذنوبكم وخطاياكم. واذا تركتم الرب و عبدتم الهة غريبة يرجع فيسيء اليكم و يفنيكم بعد ان احسن اليكم. فقال الشعب ليشوع لا بل الرب نعبد. فقال يشوع للشعب انتم شهود على انفسكم انكم قد اخترتم لانفسكم الرب لتعبدوه فقالوا نحن شهود. فالان انزعوا الالهة الغريبة التي في وسطكم و اميلوا قلوبكم الى الرب اله اسرائيل. فقال الشعب ليشوع الرب الهنا نعبد و لصوته نسمع. و قطع يشوع عهدا للشعب في ذلك اليوم و جعل لهم فريضة و حكما في شكيم."
يشوع يحذرهم أن عبادة الرب تستلزم أن يكون القلب كاملاً مع الله فهو إله غيور. وإن عبدوه بحياة غير مقدسة إنما يجلبون التأديب على أنفسهم. ونلاحظ أن الله يجذبنا لنتقدم إليه بكامل حريتنا ولكنه لا يلزم الذين يريدونه.
الآيات (26-28): "وكتب يشوع هذا الكلام في سفر شريعة الله واخذ حجرا كبيرا ونصبه هناك تحت البلوطة التي عند مقدس الرب. ثم قال يشوع لجميع الشعب ان هذا الحجر يكون شاهدا علينا لانه قد سمع كل كلام الرب الذي كلمنا به فيكون شاهدا عليكم لئلا تجحدوا الهكم. ثم صرف يشوع الشعب كل واحد الى ملكه."
الحجر شهادة = أقام يشوع حجراً كشاهد على أقواله (ويعقوب فعل نفس الشيء تك 31 : 47). كأن هذه الحجارة أو هذا الحجر شاهد على موافقتهم، فإن سكتوا تتكلم الحجارة وهناك من بإهمالهم وحبهم للخطية ورفضهم لله تصير قلوبهم أقسى من الحجارة وكأنهم حين يصمتون تنطق هذه الحجارة. هذه الحجارة أقامها يشوع وكان فى ظنه أنها لوخز ضميرهم إذا إرتدوا عن الله.
الآيات (29-31) :- وكان بعد هذا الكلام انه مات يشوع بن نون عبد الرب ابن مئة وعشر سنين، فدفنوه في تخم ملكه في تمنة سارح التي في جبل افرايم شمالي جبل جاعش، وعبد إسرائيل الرب كل أو يشوع وكل أو الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع والذين عرفوا كل عمل الرب الذي عمله لإسرائيل.
كاتب الآيات المتبقية من سفر يشوع هو غالباً كاتب سفر القضاة فكاتب سفر القضاة إفتتح سفره بقوله وكان بعد موت يشوع. وهذا السفر قد بدأ بموت موسى حيث بدون موته لم يكن ممكناً العبور والتمتع بالميراث ويختتم هذا السفر بموت يشوع إذ بدون موت يسوع المسيح وقيامته لن يتحقق الخلاص ولذلك لم يذكر ان الشعب ندب يشوع، فيشوع يرمز للمسيح االذى بموته صار خلاص وفرح البشرية كلها.
الآيات (32-33) :- وعظام يوسف التي اصعدها بنو إسرائيل من مصر دفنوها في شكيم في قطعة الحقل التي اشتراها يعقوب من بني حمور أبي شكيم بمئة قسيطة فصارت لبني يوسف ملكا، ومات العازار بن هرون فدفنوه في جبعة فينحاس ابنه التي أعطيت له في جبل افرايم.
غالباً دُفِنَ يوسف منذ زمن ولكن ذكره هنا مع موت يشوع ومع موت العازار لهُ معنى. فموت يشوع (القائد) رمز المسيح والعازار (الكاهن) رمز المسيح يشير أن عظام يوسف لم تسترح سوى بهذا. فيوسف آمن بوعود الله لأبائه وأدرك أنه لا راحة لعظامه فى أرض الغربة ولذلك سأل إخواته أن يصعدوا عظامه إلى أرض الميراث. وهذا يشير للكنيسة المتغربة هنا التى لن تستريح تماماً إلا حين تصعد أجسادنا فى اليوم العظيم لتقيم حيث يشوع الحقيقى الجديد يسوعنا المسيح قائم. لكن فى طبيعة جديدة تليق بالأبدية وموت العاذر رئيس الكهنة يشير أن ما تحقق لنا كان بشفاعة دم المسيح الكفارية ومعنا العازار = الله يعين فالمسيح اعاننا على الميراث بدمه، يشفع فينا لدى أبيه، مقدماً إيانا أعضاء جسده المقدس