نشأة البروتستانية والكاثوليكية فى مصر
محاضرة يوم الثلاثاء المبارك الموافق 16 / 10 / 2007
نشأة البروتستانية والكاثوليكية فى مصر
أحب أن أهنئكم ببداية عام دراسى جديد، وأرجو أن يكون عاما عميقا فى العلم والمعرفة، ولا تضعوا فى عقولكم أن المقرر مجرد صفحات تذاكرونه وانتهى الأمر لما كنا تلاميذ منذ 60 سنة كنا لا نكتفى بالعلوم المقررة بل ندخل المكتبة ونقرأ ونقرأ، فى مكتبة الجامعة، وأشياء كثيرة، لكن نأخذ بعض الصفحات ونعتقد أنها كل العلم؟ هذا الكلام غير مقبول إطلاقا ً. هذه نقطة.
نقطة ثانية: يجب ألا يكون رجل الدين صاحب تخصص معين، لا يكون متخصص فى العقيدة، ولا يعرف فى الكتاب أو الأحوال الشخصية لا يعرف!
أريد أن أكلمكم فى هذه السنة إن أحيانا الرب وعشنا عن الخلافات التى بيننا وبين البروتستانت والكاثوليك، بالنسبة للبروتستانت هناك كتاب (اللاهوت المقارن) جزء أول وهناك أشياء أخرى، وبالنسبة للكاثوليك كتاب (المطهر) وكتاب
(الطبيعة الواحدة) وعن البروتستانت أيضا كتاب (بدعة الخلاص فى لحظة) وكتاب (الكهنوت) لأنهم لا يؤمنون بالكهنوت.
نشأة البروتستانتية فى مصر
الأن أكلمكم عن نشأة الكاثوليك والبروتستانت فى مصر وتأخذون فكرة عن ذلك:
أول وجود للبروتستانية فى مصر كان سنة 1854 عن طريق مراسلين أجانب، كيف تم هذا؟
قبل ذلك بقليل سنة 1848 كان أول وجود للكنيسة الإنجيلية فى الشرق الأوسط العربى فى بيروت سنة 1848 وانضم لها فى ذلك الحين 19 شخصا ً، بعد ذلك سنة 1853 قرر السنودس المشيخى الأمريكى أن يبعث مراسلين إلى مصر قرر هذا القرار سنة 1853 وفى سنة 1854 جاء مراسلون أجانب.
وفى الأول جاء مراسلون أجانب ثم علموا مصريين وأصبحوا شيوخ وقسوس وشمامسة، وكان المراسلون يتكلمون باللغة الإنجليزية ثم بدأ التبشير باللغة العربية إلى أن جاء واحد مهم جدا ً اسمه دكتور (هوج) جاء مصر سنة 1856 ودرس اللغة العربية وكان يبشر باللغة العربية.
أول ما بدأ البروتستانت يبشرون فى مصر بشروا فى درب الجنينة (الموسكى) فى دار الأمريكية، بدأوا بتعليم الإنجيل ونشره، والوعظ، وتوزيعه ولم يكن لهم كنائس، أول كنيسة إنجيلية نشأت فى مصر كانت سنة 1860، أى أنه بعد ثلاث سنوات ممكن يحتفلوا بقرن ونصف (فقط) للبروتستانت فى مصر، والكنيسة القبطية لها أكثر من 20 قرن، الكاثوليك مثلهم تقريبا لكن قبلهم بنصف قرن.
البروتستانت بدأوا أولا خدمتهم فى بيت أو فى مدرسة أو مجرد حجرة ثم اشتروا أراضى وأسسوا كنائس، وكانت مهمتهم الأولى هى الطواف فى القرى، لهذا أنا قلت لكم أنهم بدأوا سنة 1854 لكن أول كنيسة لهم تأسست سنة 1860.
هم أنشاوا أيضا ً مدارس، أولا ً مدرسة للأولاد ثم مدرسة للبنات ثم يأخذون من المدرسة صالة، والصالة تصبح كنيسة، إلى أن تأتى فرصة أن يبنوا كنيسة قائمة بذاتها.
هم بدأوا بأعداد قليلة / أول مرة أمن بهم حوالى (4) أشخاص ثم (8) ثم (20) ثم (35) وزاد العدد.
أول قس أمريكى عمل فى مصر هو دكتور (واطسون) وهو رجل مشهور، لكن قبله كان هناك مراسلون أجانب من سنة 54 إلى 58 القس توماس، والقس بارنت
والقس لانسنج، وفى الفيوم فذهب القس هارفى سنة 66.
أول المصريين الذين كانوا يعملون معهم للأسف الشديد راهب اسمه أبونا إبراهيم البلينى (نسبة إلى البلينا) سنة 1867 وكان يوزع الكتب الدينية بالمجان.
المهم أنهم لما بدأو يعملون فى مصر كانت الكلية الإكليريكية لم تتأسس بعد، كان حبيب جرجس قد تخرج فى الكلية الإكليريكية سنة 1893، فالكلية الإكليريكية بدأت سنة 1889 وهم كانوا قد انتشروا فى أماكن متعددة كثيرة فى القاهرة وفى الإسكندرية وفى وجه بحرى وفى الدلتا وفى وجه قبلى، فهم انتهزوا الفرصة، وكانت الكنيسة للأسف فى حالة ضعف لم يكن هناك فى الكنيسة وعاظ ولا معلمون وحتى لما تأسست الإكليريكية عندنا بحثوا عن معلم ليدرس بها الدين لم يجدوا، فطلبوا من أبينا القمص فيلوثاوس إبراهيم كاهن الكنيسة المرقسية والأستاذ حبيب جرجس أن يدرَس، فدرس أول سنة لكن صحته لم تساعده، فحبيب جرجس بدأ يدرس الدين وهو طالب فى السنة النهائية فى الإكليريكية، يدرَس لزملائه الإكليركيين، لأنه لم يكن هناك مدرسون، ولما حبيب جرجس بدأ فى التعليم تأسست بذلك الإكليريكية ومدارس الأحد الذى اسسها، وصار حبيب جرجس مدرسا ً فى الكلية الإكليريكية ثم صار مديرا ً للكلية الإكليريكية سنة 1918.
نتكلم الأن عن دكتور (يوحنا هوج) وهو شخصية مهمة جدا ً وهو الذى أسس البروتستانية فى مصر، وهو أولا ولد فى اسكتلندا سنة 1833 ودرس اللغة العربية وكان يبشر باللغة العربية ووصل مصر فى 6 ديسمبر سنة 1856 وفى يوم 15 / 12 / 1856 افتتح مدرسة، وتلاميذ هذه المدرسة كانوا قلة بسيطة لكن المهم أنها مدرسة، وهذه المدرسة كانت فى بيته، وهم بدأوا من لا شىء، بدأوا فى البيوت أو فى صالة أو فى مدرسة وبعدد قليل لكن فى صمود أصبح لهم كنائس عديدة وقسوس.
تم رسامته قس (بروتستانتى) سنة 1860 وليس كاهن، ففى البوتستانتية يفرقون بين كلمة قس وبين كلمة كاهن، قس تعنى راعى، وهم لا يؤمنون بالكهنوت إطلاقا ً يقولون: (لا يوجد كاهن إلا واحد فى السماء وعلى الأرض هو يسوع المسيح) ولا يؤمنون بالكهنوت البشرى، وأنا لما أصدرت كتاب عن الكهنوت فصموئيل حبيب رئيس البروتستانت أنه ضدهم، وأنا لم أقل فيه ولا حرف ضدهم لكن كنت أشرح موضوع الكهنوت وتأسيسة. فهم لا يؤمنون بالكهنوت.
المهم (يوحنا هوج) عمل فى أماكن كثيرة ومنها أنه أسس كنيسة بالعطارين بالإسكندرية للبروتستانت، لكن أهم خدمته فى أسيوط، وصل أسيوط فى سنة 1865 وفتح فى بيته مدرستين للأولاد وللبنات.
ثم ذهب إلى إنجلترا ليجمع تبرعات لكى يؤسس مدرسة لاهوتية وأسسها فيما بعد وتطورت إلى أن أصبحت كلية الأمريكان فى أسيوط.
وافتتح درس للكتاب سنة 68 وكان عدد الحاضرين (25) شخص، وأخذ دكتوراه من جامعة (وست منستر) فى اللاهوت سنة 69.
استطاع البوتستانت أن يضموا فى أسيوط (2) من أهم الأغنياء هناك وهم عائلتى الخياط وعائلة ويصا وكانوا يمتلكون أراضى كثيرة، فقبل التأميم كانت عائلة ويصا تملك أكثر من 3000 فدان.
فهم أسسوا كنيسة فى غرب أسيوط، وأسسوا كنيسة أخرى فى أسيوط وجاءها أمر عالى (من الباب العالى من تركيا)، فى أرض الخواجة ويصا، وبعد تأسيس الكنيسة ذهب (هوك) إلى الحواتكة سنة 71 وتأسس فيها كنيسة فيما بعد صدر بها قرار من الباب العالى أيضا، ثم بدأت تتأسس كنائس كثيرة فى الصعيد، أسسوا كنيسة فى المطيعة، فى باقور، فى النخيلة وفى أبوتيج فى الزرابى، وفى أماكن كثيرة وبدأوا ينتشروا فى أسيوط بواسطة دكتور (هوك) الذى كان يبشر باللغة العربية.
ثم بعد ذلك عينوا الخواجة / إبراهيم يوسف راعيا ً من 79 إلى 89، ثم القس معوض حنا، والقس / باقى صدفة من سنة 76.
وفى الصعيد أيضا ذهب الدكتور (واطسون) سنة 66 مع الشيخ فام اسطفانوس قطعا قبطى صميم، ثم أبونا البلينى، واسسوا كنيسة فى قوص بُنيت سنة 78 وفى الأقصر.
فى القاهرة، كما قلت لكم أن أول كنيسة كانت فى درب الجنينة سنة 54، ثم كنيسة فى الأزبكية سنة 1876، وكنائس فى عابدين والقللى وفى الفجالة وفى شبرا والملك الصالح ومصر الجديدة ومنشية الصدر.
وفى الفيوم ذهب إليها دكتور (هارفى) سنة 1866 وافتتح مدرسة للبنين ومدرسة للبنات، وفى ذلك الحين كانت مصر كلها مقصرة فى مسألة المدارس وبنائها، لدرجة قيل أن أول مدرسة ثانوية تم بناؤها كان سنة 1825، فالبروتستانت انتهزوا الفرصة وأسسوا المدارس، كل واحد يؤسس مدرسة للبنين ومدرسة للبنات وصالة للصلاة، ثم بعد قليل يبنى كنيسة وخصوصا أن البروتستانت بناء الكنيسة سهل من عندنا، الكنيسة عندنا بها مذبح وحامل أيقونات وفيها شمامسة وفيها خوارس، لكن فى البروتستانية لا قداسات ولا مذابح مجرد صالة وصلاة وترتيل، وتثبت ككنيسة.
اشترى الدكتور (هارفى) أرض فى سنورس وبنى فيها مسكن شخصى له وعمل حجرات منه مدرسة للبنين ومدرسة للبنات وتأسست كنيسة.
أشهر شخص من الأقباط فى الفيوم اسمه القس شنودة حنا، راعى لكنيسة سنورس سنة 76، كان شخص قبطى ويعرف لغة قبطية ويفهم فى القراءات القبطية وفى القداسات ويتناول ومواظب لكن انضم لمدرسة الدكتور (هوج) فأغراه وعمله بروتستانتى، وشنودة حنا وُلد سنة 55 وانضم سنة 68 وكان عمره 13 ستة، شاب صغير، ثم كبر وعملوه قس وخدم فى الكنائس المجاورة وخدم فى فيديمين، وفى كنائس ويصا، وفى كتب البروتستانت يقال انه عمد 1000 طفل.
فى الإسكندرية ذهب إليها القس (لانسنج) والقس (بارنت) وبعض المراسلين وافتتحوا مدرسة للبنات سنة 56 وأخرى للبنين وقاموا بتوزيع الكتاب المقدس وأسسوا كنيسة فى العطارين.
بعد ذلك بنوا عمارة ضمت مدرستين وأول راعى لها هو القس ميخائيل أبادير وبعد ذلك القس صموئيل وهبة، وكنيسة فى كرموز (محرم بك) ثم كنيسة فى سيدى بشر.
وفى الدلتا أيضا بدأ مرسلون أجانب، وأقدم ناس فى الدلتا كانوا فى المنصورة سنة 1866 أيضا ً افتتحوا مدرستين للبنين والبنات وأسسوا كنيسة فيما بعد وخدم بها شخص اسمه القس مرقس حنا وعملوا كنيسة فى رأس البر.
الكنائس الأخرى كانت فى القرن العشرين، فى ميت غمر بدأت خدمتهم فى المدرسة الإنجيلية وأسسوا كنيسة سنة 1924 ثم فى السنبلاوين سنة 1929 وفى دكرنس.
فى الزقازيق بدأت الخدمة فى مركز لبيع الكتب المقدسة وانتظمت الكنيسة فى مدرسة الأمريكان فى سنة 1905، واشترت الأرض وبنيت سنة 1935، ثم رسموا لها القس يوحنا مقار، ثم القس منيس عبد النور وهو مشهور جدا ً فى قصر الدوبارة وخدم هناك من سنة 1965 إلى 1977.
وفى منيا القمح جعلوا خدمتهم فى المدرسة الإنجيلية فى أبو حماد وفى القليوبية وفى بنها، وانتشروا فيما بعد، فهى بدأت بمرسلين أجانب وانتشرت فى مصر وبدأت فى البيوت والمدارس وبدأ لهم كنائس وأصبحت كنيسة منتشرة.
س: لماذا بدأ البروتستانت فى وجه قبلى؟
ج: هم لم يبدأوا فى وجه قبلى هم بدأوا بالقاهرة، فى درب الجنينة والموسكى وفى وجه قبلى هم ذهبوا إلى الفيوم، والفيوم هى أقرب مكان للقاهرة وأسيوط انتهزوا فرصة وجود عائلات كبيرة مثل عائلة ويصا وعائلة خياط ساعدوهم على بناء الكنائس، وبمركزهم الكبير استطاعوا أن يستصدروا قرارات لبناء الكنائس من الباب العالى.
الوحيد الذى وقف فى موضوع التعليم هو البابا كيرلس الرابع وقد اهتم بالمدارس واسس مدرسة الأقباط الكبرى سنة 1853 ولكنه لم يستمر طويلا ً فهو جلس على الكرسى 8 سنوات وتنيح وفى هذا الوقت لم يكن هناك تعليم فى مصر، نلاحظ أن منطقة الموسكى كانت مجال عمل للبروتستانت وكانت مجال عمل للكاثوليك أيضا ً، نشأت فيها أغلب الكنائس الكاثوليكية، كنيسة الأرمن الكاثوليك سنة 1835 أى قبل البروتستانت وكنيسة الأقباط سنة 1838 وكنيسة الروم الكاثوليك ثم الأزبكية ومدرسة الفرير سنة 1854 والجيزويه.
نشأة الكاثوليكية فى مصر
فكرة المدارس أيضا ً استغلها الكاثوليك وأسسوا مدرستين فى القاهرة فى الظاهر وفى مصر الجديدة ومدرسة الفرير غرب الجنينة فى الموسكى ومدرسة القديس يوسف، لكن بالنسبة للكاثوليك بدأوا فى الأول بخدمة القنصليات الأجنبية والجاليات الكاثوليكية، وكانوا عددهم نادر جدا ً، كان أول شخص من الأقباط هو روفائيل الطوخى وعمل كتاب عن تاريخ الكنيسة القبطية وصار مطران.