عبادة الأصنام فى الكنيسة الأرثوذكسية
الرد على إفتراءات كتاب: عبادة الأصنام فى الكنيسة الأرثوذكسية لمؤلفة د. حنين
قرأت هذا الكتاب المسمى عبادة الاصنام فى الكنيسة الاثوذكسية، لمؤلفة د. حنين الذى لم يأت بجديد ولكن كل ما قام به اختراع اسم للكتاب ولكن موضوعات الكتاب موجوده فى كتب تهاجم المسيحيه فما هو إلا ناقل لهذه الموضوعات.
1- المؤلف يقول: كنت ارثوذكسيا والان ابصر
ليس العمى عمى البصر ولكن العمى هوعمى البصيره
2- المؤلف يقول عن قداسه البابا شنودة البطريرك الحالى دون ان يذكر اسمه اذا فالقضيه ليست قضبه عقيدة بل قضيه شخصيه والمؤلف ينتقد الاحتفالات التى تقام للبابا.
فنحن نحتفل بأعياد الميلاد لاولادنا وابائنا ونحتفل باعياد النصر والثوره وعيد الحب وعيد الام وكثير من الاعياد ولا احد يعترض فلماذا بادكتور هذه الحمله المسعوره على قداسه البابا شنودة الثالث
فهل انت تنتقد الكنيسه وعقائدها أم تنتقد البابا؟
3- هل اكتشف المؤلف الاصنام بعد 40 سنه من عمره ام الاصنام هى التى اكتشفت ذلك؟
والمؤلف يتشفَّى فى الكنيسة، فى صفحات 4 و14:
+ يتشفى المؤلف من نجاح الغزو العربى والعثمانى للبلاد الأرثوذوكسية، ويعتبر أن إضطهاد المسيحيين ومعاناتهم هو دليل على خطأ عقيدتهم!
+ فهل هذا الخادم السابق (والذى خدمته هى إدانة له ولكل من رعوه) لم يقرأ كلام الإنجيل القائل: [جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى فى المسيح يسوع يُضطهدون] 2تى3: 12، وأيضاً: [كما كان حينئذ الذى وُلد حسب الجسد يضطهد الذى حسب الروح، هكذا الآن أيضاً] غل4: 29، أم أنه يتناساه!
+ فهل هذا المؤلف يتناسى أن الرب لم يعطينا وعوداً برَّاقة، بحياة متنعمة على الأرض، بل ولم يعطينا وعداً بمملكة أرضية - مثلما كان فى العهد القديم - حتى نخشى عليها من الزوال، بل قال: [مملكتى ليست من هذا العالم] يو18: 36، ولذلك مكتوب: [ليس لنا هنا مدينة باقية، لكننا نطلب العتيدة] عب13: 14.
+ فكيف يظن هذا المؤلف أن زوال الممالك الأرضية هو دليل غضب الله!
+ هل يتناسى المؤلف إن الرب لم يعدنا بالإنتصارات الحربية على البشر، بل وعدنا بالنصرة الروحية على قوات الشر الروحية، ووعدنا بأكاليل المجد السمائية فى مقابل إحتمال الإضطهادات، إذ قال لنا: [فى العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم] يو16: 33.
+ أم أنه لا يتبع الإنجيل بالفعل، بل فقط بالكلام، لا يتبع الإنجيل الذى يكرز بالمسيح مُضطهداً مصلوباً، بل يتبع أهل العالم الذين يحتقرون الصليب ولا يمجدون إلاَّ الثروة والشهوة والعظمة! هل المؤلف يقيس الأمور بمقاييس الإنجيل حقاً، أم أنه يقيسها بمقاييس أهل العالم، الإنجيليين الكذبة: [إخوة كذبة] 2كو11: 26!
+ ليت المؤلف - الذى يقول أنه ظل خادماً دهراً من الزمان – ليته يقرأ الإنجيل بتدقيق، ليستنير بنوره الحقيقى، فإنه يدعى الفهم ويدعى الغنى، بينما كلامه يدل على فقر روحى وفقر فى فهم مقاصد الرب، حتى أن حاله يقترب من المكتوب عنه: [تقول إنى غنى.. ولست تعلم أنك.. أعمى... أشير عليك... كحل عينيك بكحل لكى تبصر]رؤ 3: 17و18.
المؤلف يطعن فى علامة الصليب:
1 - [كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله] 1كو1: 18.
2 – نحن لا نعبد الصليب، بل نعبد المصلوب، فكلمة الصليب لا تعنى - عندنا نحن المخلصين - مجرد قطعة خشب ذات شكل هندسى معيَّن، كلمة الصليب لا تعنى المادة التى صنع منها، إن كان خشباً أو ذهباً، ولا تعنى الشكل بتكويناته الفنية.
+ بل إنها تعنى شيئاً واحداً، وهو الخلاص الذى صنعه الرب لنا على الصليب، تعنى الإنتصار على العالم وعلى الشيطان، ففى الصليب، وبالمسامير التى سُمِّر بها الرب، إنتصر على الشيطان وكل جنوده: [جرَّد الرياسات والسلاطين، أشهرهم جهاراً، ظافراً بهم فيه (أى فى الصليب)] كو2: 15، وتم إبطال صك الموت، صك فرائض العهد القديم، صك خطايانا: [مسمراً إياه بالصليب] كو2: 14.
3 – فإننا لا نعتبر أن الصليب يحمل قوة ذاتية ناتجة عن تشكيله الهندسى أو ناتجة عن مادته (مثلما يحدث عند بعض المهووسين الذين يعبدون الهرم بحجة أنه يحتوى على طاقة نابعة من شكله الهندسى). + إننا لم نقل بذلك أبداً، ولم يخطر ببالنا أبداً، بل إننا نقدس الصليب كعلامة للخلاص، كقوة الله للخلاص (1كو1: 18).
+ ليت ذلك المؤلف يراعى ضميره فيما يطلقه من إتهامات ظالمة متجنية، وليته يقرأ الإنجيل بتفهم وتدقيق.
+ فليس عدوٌ للصليب، إلاَّ الشيطان - الذى قهره الرب على الصليب - وكذلك أتباعه (فى3: 18).
4 – الحية النحاسية مثال الصليب: الله هو الذى أمر - بنفسه – بأن يصنع موسى النبى، حية نحاسية، ويعلِّقها على خشبة أو راية(مثل راية العلم)، لكى تنقذ كل من ينظر إليها، فيبرأ من لدغ الحية (عد 21: 8).
+ فهل عمل الحية النحاسية، كان نوعاً من عبادة الأوثان! التفكير القاصر هو الذى سيقود لهذا الفكر الخبيث الذى سيجعل الله داعياً لعبادة الأوثان. + وأما التفكير الشامل المتكامل فيفهم أن وصية تحريم عبادة الصور والتماثيل، لم تكن تحرِّم الصورة فى ذاتها، بل تحرِّم الإستخدام الخاطئ لها، تحرِّم إستخدامها لعبادتها، ولا تحرِّم الإستخدامات الأخرى لغير العبادة.
+ فإن فكرة التحريم المطلق للصور ستؤدى لتحريم وجودها وإستخدامها فى كل نواحى الحياة، ولو حتى إستخداماتها الحديثة فى البطاقات الشخصية.
+ التحريم المطلق سيمنع إستخدامها الحديث فى الأفلام الدينية، إن كانت صوراً متحركة (كارتون)، وإن كانت أفلاماً، فهل المعترضون يحرمون تلك الصور أيضاً، أم أنهم يتبعون سياسة المنافقين، الذين يكيلون بمكيالين!
+ وأما التفكير العقلانى المستنير بالروح القدس، والفاهم لكلمة الله، فيعرف أن التحريم ينصب على الإستخدام الخاطئ بهدف العبادة.
+ ولذلك يمكن تحريم كل إستخدام خاطئ للصور، كالصور التى تثير الغرائز بكل أنواعها، بالإثارة النجسة التى تجعل الشيطان يتسلَّط علينا.
+ إذن فإن الله لم يأمر بصنع الحية النحاسية بغرض عبادتها، بل لكى تكون علامة للخلاص الذى سيحدث على خشبة الصليب، وبالتالى فهذا الإستخدام لا يتعارض مع وصية تحريم صنع الصور لعبادتها.
+ وقد ظلت الحية النحاسية موجودة بعد موسى النبى، ولأجيال كثيرة، وكان الشعب يتذكرون بها معجزة الله معهم بإنقاذهم من سم الحية.
+ وظل الأمر كذلك، حتى جاء وقت - أيام حزقيا الملك البار - إنحرف فيه الشعب، وتعاملوا مع الحية النحاسية كما لو كانت تحمل قوة ذاتية منفصلة عن الله، فصاروا يعبدونها كقوة مستقلة عن الله، وبذلك خالفوا وصية الله فى تحريم عبادة الأوثان من خلال الصور وغيرها، ولذلك أمر حزقيا الملك بتحطيم الحية النحاسية، لينقذ الشعب من هذه الجريمة.
+ فهل الخطأ صادر من الله الذى أمر بعمل الحية النحاسية لتكون علامة للخلاص، أم أن الخطأ صادر من الشعب الخاطئ المنحرف!
+ بالطبع، لا يمكن أن يصدر الخطأ من الله القدوس، المملوء حكمة إلهية ومعرفة غير محدودة بكل ما سيحدث فى كل زمان ومكان، بل الخطأ صادر من هذا الشعب فى ذلك الجيل بالذات - جيل حزقيا الملك - بدليل أن الشعب فى الأجيال السابقة، منذ موسى النبى، مروراً بكل القديسين مثل يشوع بن نون وغيره، وحتى صموئيل النبى وإيليا النبى وإليشع النبى،، لم يحطموا الحية النحاسية، إذ لو كانت المشكلة فى الحية النحاسية ذاتها، لما أمر الله بصنعها، ولما سكت عنها هؤلاء القديسون، ولما تركوها بدون تحطيمها.
+ إذن، فالمشكلة لم تكن فى وجود الحية النحاسية، بل كانت فى نظرة الشعب لها، فلما إنحرفت أفكارهم نحوها - حتى أنهم عبدوها - وجب تحطيمها.
+ والحية النحاسية، كانت تستمد قوة الشفاء للناس، ليس من ذاتها هى، بل من الله الذى جعلها علامة للخلاص، فإنها علامة لخشبة الصليب، علامة للخلاص بالمسيح: [وكما رفع موسى الحية فى البرية، هكذا ينبغى أن يُرفع إبن الإنسان، لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية]يو3: 14و 15.
5 – كما أن الله أمرموسى النبى بصنع كاروبين من ذهب فوق تابوت العهد:
+ وبالطبع فإن ذلك لم يكن بغرض عبادة الكاروبين (وهم من الملائكة)، بل كان ذلك بغرض آخر تماماً.
+ فصنع تمثالى الكاروبين لم يكن متعارضاً مع وصية الله بعدم عمل التماثيل والصور لعبادتها، لأنه لم يكن لعبادتها.
6 – وهكذا نحن أيضاً لا ننظر للصليب بإعتباره قوة منفصلة عن الله، وكأنه يحمل قوة ذاتية نابعه من شكله أو خاماته، كلا، بل إننا ننظر إليه بإعتباره علامة لقوة الخلاص الإلهى، علامة قوة الله المتجسد المصلوب عنا لأجل خلاصنا، مثلما كان ينظر الشعب المؤمن التائب أيام موسى النبى، وليس مثلما كان ينظر الشعب المنحرف أيام حزقيا الملك.
+ وهذا الخلط، الذى سقط فيه هذا المؤلف، يدل على تسرّعه فى إصدار الإدانات العشوائية، بدون فحص أمين متعمق، وبدون أى محاولة للإستفسار من الذين هم أكثر منه علماً بهذه الأمور. فكأنه جعل من نفسه: المدعى والمحقق والقاضى الإبتدائى والإستئناف... بدون أن يكلف نفسه أى محاولة لسماع دفاع المدَّعىَ عليهم، فأى ظلم هذا!
7 – وعن إتهاماته لذوكصولوجية الصليب(صفحة 9و 10)
+ فإنه أظهر عدم فهمه، حتى أنه ظن أننا نخاطب الخشبة ذاتها، ونعطى السلام للخشبة ذاتها، وحتى أنه ظن أننا نقول أن الخشبة حية فى ذاتها!
+ فأى تسرُّع هذا الذى سقط فيه هذا المؤلف! وأى عدم فهم وتشويش وإظلام عقلى! وأى ظلم وتجنى! ألم يكن الواجب عليه أن يسأل أولاً، قبل إصدار الأحكام الظالمة هكذا! ألاَّ يتساوى المؤلف فى ذلك، مع الذين يتجنون علينا بأننا نقول بأن الله تزوج وأنجب المسيح، لمجرد سماعهم الغبى لعبارة إبن الله، فيحكمون بدون أن يستمعوا لرد المدعى عليهم، إنه الظالم النابع من الشيطان الظالم.
+ فإننا - كما سبق وقلنا – ننظر إلى الصليب من منظور الإنجيل، بإعتباره أداة وعلامة الخلاص وقوة الله للحياة الأبدية.
+ ومن ذلك المنظور، نتأمل ونقارن بين شجرة أثمرت الموت - بدون ذنبها طبعاً -عندما عصا آدم الله وأكل منها، وبين شجرة أخرى أثمرت الحياة الأبدية – بدون فضل منها طبعاً، بل الفضل للفادى – بطاعة المسيح وقبوله الصليب (أى الخشبة) فداءً لنا. + فهكذا، صارت الأولى رمزاً للعصيان والموت، وصارت الثانية رمزاً للطاعة والفداء والحياة الأبدية.
+ إنها تأملات قديسين مفتوحى الأعين الروحية، ولا يفهم كلام القديسين إلاَّ أمثالهم (والمثل الشعبى يقول: الطيور على أمثالها تقع)، من خلالها يمجدون الله الفادى المتجسد المصلوب عنا، إنهم يمجدون المسيح وليس الخشب، ولذلك فإنك لن تجد كلمة الصليب إلاَّ مقترنة بإسم المسيح. + فليس للصليب قوة ذاتية منفصلة عن الله، بل العامل فى الصليب هو قوة الله المتجسد الفادى لنا: [كلمة الصليب... قوة الله] 1كو1: 18.
8 – الصليب فى فكر الآباء:
+ وهذه النظرة إلى الصليب، ليست جديدة على الكنيسة - حتى يدعى المؤلف بأنها من صنع الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية – بل إنها فكر الكنيسة منذ القرون الأولى، فمن أقوال الآباء نجد التقدير والتكريم العظيم الذى كانت تعيش فيه الكنيسة فى العصور الأولى، مثلما فى أقوال إستيريوس أوربانوس التالية: (ويكفى إظهار مقدار القوة العظيمة التأثير التى لهذه العلامة (أى علامة الصليب)، وكم مقدار الرعب العظيم للشياطين من هذه العلامة. وسيعرف، عندما يستحلف(adjure) بالمسيح، كيف يهربون من الأجساد التى إكتنفوها. لأنه كما كان هو نفسه – حين كان يعيش بين البشر – تهرب الشياطين بكلمته... فالآن أتباعه (أى أتباع المسيح) بإسم سيدهم (أى المسيح) والعلامة التى لصبره (أى الصليب)، تطرد الأرواح النجسة من البشر) أستيريوس أوربانوس. فصل27، الكتاب السابع من الجزء الأول من أقوال الآباء.
9 - وعن طعن المؤلف فى إستخدام البخور أمام الصليب
+ فلنعود إلى ما يقوله الله فى أمر مشابه، فقد أمر الله موسى النبى بعمل كاروبين (أى ملاكين مجنحين) من ذهب، ووضعهما فوق تابوت العهد (خر25: 17و 8).
+ فهل كان الله يأمر بعمل الأصنام لعبادتها؟ فهكذا سيقودنا الفكر القاصر، وأما الفكر المتكامل فيقول ان الكاروبيم كان مجرد أداة يستخدمها الله - مثلما إستخدم شجرة العليقة قديماً ليظهر فيها فى نار ويتكلم من خلالها إلى موسى النبى – فكذلك أيضاً الكاروبيم، كان مجرد أداة، يتكلم الله من وسطهم إلى موسى النبى أو إلى الكاهن بعده، فإنها مجرد أداة، وليست كياناً منفصلاً عن الله وأهدافه.
+ ثم أن الله أمر موسى بعمل مذبح البخور من ذهب، ويضعه أمام تابوت العهد أو الشهادة، يضعه أمام الغطاء الذى عليه يقف الكاروبيم: [وتصنع مذبحاً لإيقاد البخور... وتجعله قدام الحجاب الذى أمام تابوت الشهادة، قدام الغطاء الذى على الشهادة حيث أجتمع بك، فيوقد عليه هارون بخوراً عطراً كل صباح... بخوراً دائماً أمام الرب]، [وتجعل مذبح الذهب للبخور أمام تابوت الشهادة... فوضع مذبح الذهب فى خيمة الإجتماع قدام الحجاب وبخَّر عليه ببخور عطر كما أمر الرب موسى] خر 30: 1- 8، 40: 5- 27.
+ فهل كان التبخير أمام الكاروبيم - الذى أمر به الله – هو عبادة أصنام! لا يمكن أن يفكر هكذا، إلاَّ أصحاب الفكر القاصر، أما الفكر المتكامل فيفهم أن الله الصالح لا يمكن أن يطلب إلاَّ أموراً صالحة.
+ فإن هذا البخور، بالرغم من أنه يقدم أمام الكاروبيم الذى على تابوت العهد، إلاَّ أنه لا يقدم لهما فى ذاتهما، بل يقدم لله الذى يحل بينهما ويتكلم من وسطهما، وذلك الأمر يتماثل مع أن موسى النبى لم يخلع حذاءه من أجل شجرة العليقة، بل من أجل الله الحال والمتكلم من خلالها.
+ فهكذا نحن أيضاً، لا نقدم البخور للخشب ذاته الذى للصليب، لا للخشب ولا للذهب ولا لأى مادة أخرى، ولا للشكل الهندسى الذى للصليب، بل لله المتجسد المصلوب على الصليب، الذى جعل الصليب علامة لقوته للخلاص لكل من يؤمن.
10 – وعن السجود أمام الصليب:
+ هو سجود لله المتجسد المصلوب، وليس للصليب كخشب أو شكل، بل للعلامة التى لقوة الله، للعلامة وليس للخشب ولا للشكل الهندسى.
+ وذلك الأمر يتماثل مع السجود لله أمام هيكل قدسه:
+ [أسجد لك قدام (باليونانى pros) هيكل قدسك] مز 5: 7.
+ [أرفع يدى إلى هيكل (باليونانى: naon) قدسك] مز28: 2.
+ [أسجد قدام (باليونانى pros) هيكل قدسك] مز138: 2.
+ فهذا السجود قدام الهيكل، أو إلى الهيكل، ليس هو سجوداً للهيكل ذاته، بل لله الذى إتخذ الهيكل، كوسيلة وليس كغاية فى ذاته.
+ فالسجود أمام الهيكل لم يكن ناتجاً عن الشكل المعمارى له، ولا ناتجاً عن المواد المستخدمة فى بنائه، بل كان ناتجاً فقط عن كونه بيت الصلاة لله.
+ وكذلك أيضاً، نحن لا نسجد للخشب ولا للشكل الهندسى للصليب، بل فقط نسجد للمصلوب، لله المتجسد، الذى جعل الصليب علامة لقوة خلاصه لنا: [الصليب.. قوة الله]1كو1: 18.
وكذلك أيضاً علاقتنا بالقديسين ليست عبادة لهم:
+ بل إنها تمجيد وإكرام لله الذى أظهر فيهم مجده وقوته ومعجزاته ونصرته للبشر على قوة الشيطان، فإنهم مثال للنصرة التى يعطيها الله لأولاده.
+ وإن الله نفسه هو الذى يمجدهم، وليس أننا نحن الذين نكرمهم من تلقاء ذواتنا: [والذين بررَّهم، فهولاء مجَّدهم أيضاً] رو8: 30.
+ولكن، تمجيد الله للقديسين، لا يعنى أنه أعطاهم مجده الذاتى النابع من جوهر لاهوته، لا، بل إن مجد وكرامة جوهر اللاهوت لا يعطيها الله لأحد: [مجدى لا أعطيه لآخر] أش42: 8، [وكرامتى لا أعطيها لآخر] أش48: 11، بل إن مجد الخالق شيئ ومجد المخلوق شيئ آخر، فإن كان: [مجد الشمس شيئ ومجد القمر شيئ آخر ومجد النجوم آخر]1كو15: 41، فكم وكم يكون مجد القديسين -– الذى يمنحهم الله – هو شيئ محدود جداً، مختلف كليةً عن مجد اللاهوت الغير محدود.
+ وتمجيد الله لهم (رو8: 30)، هو الذى يدعونا نحن لتمجيدهم بالتمجيد المحدود، بغير تعارض مع المجد الغير محدود الذى لله وحده.
+ ولا يجرؤ أحد على الإعتراض على عطية الله لقديسيه: [إن كان الله معنا فمن علينا.. من سيشتكى على مختارى الله]رو8: 31 – 33.
+ كما أن تمجيد القديسين - فى محدوديته – لا ينفصل عن تمجيد الله، بل ينبع منه، بل ويؤدى إلى المزيد من تمجيد الله.
+ ولذلك فإننا بعدما نصلى – فى اللحن الكنسى – قائلين: " بركتهم المقدسة فلتكون معنا آمين "، فإننا نستطرد فوراً - فى ذات اللحن - قائلين: " المجد لك يارب، يارب لك المجد "، لأننا نعمل كل شيئ لكى يأول لمجد الله، بما فى ذلك تمجيدنا لقديسيه.
الإنجيل قرر مبدأ الشفاعة التوسلية (أى الصلاة عن الآخرين):
1 - الإنجيل قرر مبدأ صلاة البعض عن البعض الآخر، لغفران خطاياهم، ولتخليص النفس وستر الخطايا، وكذلك لتقديم المعونة الروحية للآخرين، وكذلك لشفاء أمراضهم.
+ كما قرر مبدأ أن بركة القديسين تحل على المكان، وببركة القديسين يخلص الله بلدهم كلها.
2 - فعن الشفاعة لطلب الغفران للآخرين، مكتوب: [إن رأى أحد أخاه يخطئ خطية ليس للموت، يطلب، فيعطيه حياة] 1يو5: 16.
+ والكنيسة تستخدم نفس هذا التعبير الإنجيلى: [يطلب]، فنقول للقديسين: " إطلبوا عنا إلى الرب ليغفر خطايانا "، أى أنهم يطلبون من الرب فقط، وأما الذى يغفر فهو الرب فقط، ولم يحدث مطلقاً أن قلنا للقديسين: " إغفروا لنا خطايانا "، فإن الكنيسة الأرثوذوكسية هى الإنجيلية بالحق والفعل والفكر، وليس بمجرد كثرة الكلام.
3 - وعن ذلك مكتوب أيضاً: [أمريض أحد بينكم، فليدعو شيوخ الكنيسة (أى رجال الكنيسة، أى رجال الدين، أى الكهنة) فيصلوا عليه..... وإن كان قد فعل خطية تُغفر له] يع5: 14و 15. + إذن، فصلاة رجال الكنيسة، أى شفاعتهم التوسلية، تغفر خطايا الناس الآخرين.
4 - كما أن هرون – عندما أخطأ فى حق موسى النبى، هو ومريم أختهما، فضربها الله بالبرص – طلب من موسى النبى أن يتشفع لهما: [أسألك يا سيدى، لا تجعل علينا الخطية التى حمقنا بها... فصرخ موسى إلى الرب قائلاً: اللهم إشفها] عد12: 11- 13.
+ كما أن الله طلب من أصدقاء أيوب الصديق، أن يطلبوا منه أن يصلى عنهم، لكى يغفر لهم، ولم يقل لهم أن يعتذروا له فقط ثم يطلبوا من الله مباشرة ليغفر لهم، بل إن الله جعل ذلك الغفران مشروطاً بشفاعة أيوب الصديق: [عبدى أيوب يصلى من أجلكم] أى 42: 8.
5 - كما أن الرب أعطى تلاميذه سلطاناً لمغفرة الخطايا للناس الآخرين، لكل الخطايا بوجه مطلق، وليس فقط للموجهة ضدهم هم ذاتهم، بل بوجه عام، إذ أنه نفخ فى وجوهم – علامة منحهم سلطاناً بالروح القدس – وقال لهم: [إقبلوا الروح القدس، من غفرتم له خطاياه، غُفرت له] يو20: 22و 23.
+ فإن هذا السلطان الروحى، ليس بمعنى أنهم يغفرون بذواتهم، بل بصفتهم: [وكلاء أسرار (مستيريون) الله] 1كو4: 1.
6 - وهذا الإمر الإلهى من رب المجد للرسل بأن يغفروا الخطايا، هو إمتداد وإستمرارية لأمر الله فى العهد القديم، للكهنة، بأن يعترف الخاطئ أمامهم بخطيته: [يقرّ بما قد أخطأ به، ويأتى إلى الرب بذبيحة لإثمه عن خطيته... فيكفِّر عنه الكاهن من خطيته] لا 5: 5و 6. فإن النظام الإلهى مستمر بلا تناقض ولا نقض، فقد قال الرب: [ما جئت لأنقض بل لأكمل]مت5: 7. + فإن ذبيحة السيد المسيح على الصليب، هى الكمال، لذلك قال على الصليب: [قد أكمل] يو19: 20، فذبائح العهد القديم كانت مجرد رمز لذبيحة المسيح الكاملة الغير محدودة، لذلك فإنها الواحدة التى لا تحتاج لتكرارها.
7 - وفى كلتا الحالتين، فالنظام الإلهى واحد، فكما كان كهنة الكهنوت القديم (اللاوى، بالذبائح الدموية) يتشفعون للغفران، كذلك كهنة الكهنوت الجديد (على طقس ملكى صادق، أى بدون شرط النسل اللاوى، وبالخبز والخمر).
8 - وفى جميع الحالات التى سبق وذكرناها – بلا إستثناء – فإننا نعرف تمام المعرفة، أن الله هو الذى يغفر، وأن ذلك لا يتعارض مع شفاعة طلبة القديسين، ولا يتعارض مع سلطان الغفران لوكلاء أسرار الله،لأن كلام الله لا يتناقض، بل يتكامل.
الإنجيل قرر مبدأ طلب المعونة الروحية من القديسين:
1 - مثلما حدث لمكدونية – بتدبير وأمر إلهى – إذ ظهر لبولس الرسول - فى رؤيا - رجل مكدونى يطلب معونته: [وظهرت لبولس رؤيا فى الليل، رجل مكدونى قائم يطلب إليه ويقول: إعبر إلى مكدونية وأعنا] أع16: 9.
+ إذن، فالله هو الذى أمر بأن يطلب الناس معونة القديسين.
+إذن، فطلب معونة القديسين هو مبدأ إنجيلى واضح، ولا ينكره إلاَّ الجهلاء أو المخادعين المضللين.
2 - ومثلما سبق وقلنا، فلا فرق بين القديسين فى الجسد، والقديسين فى الروح فى السماء، بل إنهم فى السماء يكونون أفضل جداً، وقدراتهم الروحية – كما سبق وأوضحنا – لا تنقص أبداً، بل تكون أفضل.
3 - وهذا الأمر الإلهى الإنجيلى، هو نفس ما تسير عليه الكنيسة الأرثوذوكسية، إذ تقول للقديسين: " إعبروا إلينا وأعينونا "
4 - كما أننا نصلى بنفس تعبيرات الكتاب المقدس، طالبين من الله أن يمنحنا معونة من قديسيه:[وبروح منتدبة إعضدنى] مز51: 12.
5 - بل إن المعونة الروحية من الآخرين، موجودة حتى بين الملائكة وبعضهم، مثلما قال رئيس الملائكة جبرائيل، عن رئيس الملائكة ميخائيل: [ميخائيل - واحد من الرؤساء الأولين - جاء لإعانتى] دا10: 13.
6 - كما أن الملائكة يعينوننا نحن الشر، ويقووننا ويشددوننا، مثلما فعل الملاك جبرائيل مع دانيال النبى: [وقال لا تخف أيها الرجل المحبوب، سلام لك، تشدد، تقوَّ. فلما كلمنى تقويت وقلت ليتكلم سيدى لأنك قوّضيتنى] دا10: 29.
7 - وهذه المعونة – التى يمنحها البعض للبعض – هى عطية من الله، فإنه هو الذى يمنح للبعض العطية – بروحه القدوس – لكى يكونوا: [أعواناً]1كو12: 28، كما يمنح البعض – بروحه القدوس - أن يكونوا: مدبرين ومرشدين لللآخرين، وهى المواهب الضرورية جداً لنا، إذ بدونها لا يمكننا معرفة الحق، مثلما قال وزير كنداكة عن عدم قدرته على فهم نبوءات الكتاب المقدس، إن لم يوجد مرشد له: [كيف يمكننى إن لم يرشدنى أحد] أع8: 31
8 - ولكن هذه المعونة من القديسين، لا تتعارض مع حقيقة أن الله هو المعين: [الرب معين لى] عب13: 6، لأن الله هو الذى أمر بأن يطلب الناس معونة القديسين.
+ كما أنه لا يتعارض مع المكتوب: [ملعون الرجل الذى يتكل على الإنسان] أر17: 5.
+ لأن هؤلاء الأعوان، لا يعملون بقوتهم الذاتية أو تقواهم الذاتى (أع3: 12) بل يعملون بقوة الروح القدس الذى أعطاهم موهبة المعونة، فإنهم لا يعملون بإسمهم هم، بل بإسم الله، ولا يعملون لمجدهم هم، بل لمجد الله وحده، فليسوا منفصلين عن الله ولا خارجين عنه، بل يعملون من خلاله وتحت يده، يعملون كوكلاء وليس كأصحاب سلطان ذاتى ولا كأصحاب ديانة خاصة، يعملون كخدام.
9 - ولذلك، فإن طلب المعونة من القديسين، لا يكون بصفتهم الشخصية، بل لأن طلبتهم إلى الله تقتدر فى فعلها (يع5: 16)، بصفتهم خدام ووكلاء أسرار الله، أو بصفتهم إبناء محبوبين جداً من الله، بمقدار محبتهم له وشهادتهم لإسمه القدوس، وإستشهادهم من أجل إسمه القدوس.
+ فهل أستطيع أنا أن أقارن بين نفسى وبين الشهيد العظيم مارجرجس الذى ظل سبعة أعوام يقاسى العذابات الرهيبة ولم تتغير أفكاره من نحو الله، ولم تضعف محبته لله! هل أستطيع أن أقول أننى ثابت فى الإيمان بنفس مستوى هذا الشهيد العظيم! هل أقول أننى سأستمر متمسكاً بمحبتى للمسيح بعد كل هذه العذابات التى إستمرت على مدار كل هذه السنين! هل أستطيع أن أقول ذلك، قبل الإختبار العملى!
+ وإننا، فى الواقع، نجد كثيرين يظهرون شجاعة وبطولة كلامية عظيمة، ولكنهم ينهارون سريعاً تحت ضغط التعذيب الجسدى أو الإرهاب النفسى، وأما الذين يصبرون إلى المنتهى فقليلون.
+ لذلك، فلنتواضع، ولا نساوى أنفسنا بمن ثبتوا إلى المنتهى تحت العذابات الرهيبة، فإن الإنجيل يحذر من إحتمالية التخاذل وتبدل الحال: [أبعدما إبتدأتم بالروح، تكملون الآن بالجسد] غل3: 3، لذلك فالتعقل أفضل للإنسان، أى أن: [لا يرتئى فوق ما ينبغى، بل يرتأى إلى التعقل] رو12: 3.
+ بل وحتى فى الأمور الدنيوية، نجد أشخاصاً يستهترون بالقمم العقلية والرياضية، مثل أينشتاين وبيتهوفن وبيليه... إلخ، ويدعون أنهم يستطيعون أن يكونوا مثلهم وأحسن منهم، ولكن عند الإختبار العملى لهم، ينكشف مقدار تفاهتهم وغفلتهم وحماقتهم وكذب أوهامهم.
+ وحتى المثل الشعبى يقول: " الماء يكذِّب الغطاس "، أى أن التجربة الفعلية تفضح المدَّعين بالبطولات الوهمية.
+ وقد سمعت مرة، من أحد الشباب - المنضمين لتلك الجماعات التى تملأهم إنتفاخاً وهوساً – أنه يستطيع أن يكون أفضل من البابا كيرلس الكبير عمود الدين، فقلت له: أهلاً وسهلاً، ليتك تدافع عن الإيمان المستقيم، وتتحفنا بتفسيرات تحليلية عميقة جداً ومستقيمة وبلا عيب ولا إنحراف، مثلما فعل البابا كيرلس الكبير، وبعد ذلك فلتقل ما شئت، وأما قبل ذلك فلا تتباهى بما هو فى الغيب.
+ وأما العلماء الحقيقيون، فلهم صفة مشهورة، هى: " تواضع العلماء "، لأن العالم الحقيقى يبذل جهداً مضنياً للوصول إلى ما وصل إليه من إكتشافات، لذلك فإنه يقدر الجهد الذى بذله غيره.
+ أما المدَّعون، فلا يحتاجون لبذل الجهد، فالتلفيق والغش والخداع لا يحتاج لجهد كبير، لذلك فإنهم يستهترون بأعمال غيرهم.
والإنجيل قرر مبدأ قيام البعض بتخليص الآخرين:
1 - [من ردَّ خاطئاً عن ضلال طريقه، يخلص نفساً من الموت] يع5: 20.
2 -ولكن ذلك لا يتعارض مع أن المسيح هو المخلص الوحيد. إذ أن ذلك القديس المكتوب عنه [يخلص نفساً من الموت]، لن يخلص بقدرته الذاتية، بل بأن يرد ذلك الخاطئ إلى المسيح الذى يخلصه، فيكون عاملاً لخلاصه، بالمسيح وليس بذاته.
3 - وعن تخليص القديسين للآخرين، مكتوب أيضاً: [فقال (الله) بإهلاكهم، لولا موسى مختاره، وقف فى الثغر قدامه] مز106: 23.
4 - وقد أوضحنا سلبقاً أن الله يطلب ذلك بشدة، بل ويوبخ الشعب الذى ليس فيه من يقف – بالصلاة - لخلاص الشعب: [وطلبت من بينهم رجلاً يبنى جداراً (أى جدار صلاة) ويقف فى الثغر أمامى عن الأرض (أى يصلى متشفعاً عن الشعب) لكيلا أخربها، فلم أجد] حز22: 30.
5 - والإنجيل يصف أرواح القديسين المنتقلين (المذكورين فى الإصحاح الحادى عشر من العبرانيين)، بسحابة شهود، يعينوننا ويشجعوننا على مقاومة الحروب الشيطانية المحيطة بنا: [إذ لنا سحابة من الشهود، مقدار هذه، محيطة بنا، لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا، بسهولة] عب12: 1.
6- إذن، ففى العهدين، القديم والجديد، يطلب الله أن يخلص البعض البعض الآخرين. + ولكن ذلك الخلاص الذى يفعله القديسون، لا يكون بقوتهم الذاتية، بل بالشفاعة بالصلاة إلى الله، لكى يخلص هو. + فالقديسون يتشفعون بالصلاة، والله يخلص بذبيحته الكفَّارية.
7- وذلك الأمر هو نفس ما نطلبه من القديسين، أن يخلصونا بالمسيح وليس بذاتهم، بإعانتنا على الرجوع، برغم الحروب الشيطانية ضدنا، فبذلك يردونا عن ضلال الخطية فيخلصون نفوسنا بالمسيح.
+ فمثلما أن الرب سمح بوجود حروب شيطانية ضدنا تعمل على هلاكنا، فإنه سمح أيضاً بوجود معونة من القديسين، تعمل معنا وتعيننا على خلاص نفوسنا. + الرب الذى سمح بوجود الحروب، سمح أيضاً بوجود المعونات لأجل خلاصنا.
+ والإنسان العاقل يصدق كلام الله، فى وجود الحروب، وينتبه لها ويقاومها، وأما الغافل فلا يصدق الله، فيتغافل عن وجود الحروب والفخاخ الشيطانية، فيسقط فيها، ويستغرب جداً من الأحداث التى تحدث معه، ولا يفهم أبداً أنها حروب بسبب حسد إبليس، وأنها أمر واقع موجود، وأن عليه عدم الإنزعاج بسببها، بل مقاومتها بثبات.
+ والإنسان العاقل – أيضاً – يصدق كلام الله، فى وجود معونات من القديسين لنا، ولا يتوانى عن الحصول عليها، بأن يقول لهم ما قاله المكدونى لبولس الرسول: إعبر إلينا وأعنا.
8 - ومن الغريب حقاً، أن البعض يحرمون علينا ذلك، ويحللونه لأنفسهم، فبينما يحللون أن يطلب الإنسان المعونة منهم، بل ويعرضونها عليه قائلين: " هل تريد أن نصلى من أجلك ". بينما، فى ذات الوقت، يحرِّمون طلب المعونة من القديسين! فهل هو حلال لهم، حرام على القديسين!
والإنجيل قرر مبدأ أن يشفع البعض للبعض الآخر، فى طلب الشفاء:
1 - [أمريض أحد بينكم، فليدعو شيوخ الكنيسة (أى رجال الكنيسة، أى وكلاء أسرار الله 1كو4: 1)، فيصلوا عليه ويدهنونه بزيت بإسم الرب، وصلاة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمه] يع5: 14و 15.
2 - وبنفس هذا المبأ، يذكر الإنجيل أن المؤمنين كانوا يلجأون إلى الرسل، مثل بطرس وبولس الرسولين، طلباً للشفاعة لدى الله، للحصول على الشفاء، فيمنحهم الله إياه:
+ فعن لجوء الناس لبولس الرسول، مكتوب: [كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر، إلى المرضى، فتزول عنهم الأمراض، وتخرج الأرواح الشريرة منهم] أع19: 12.
+ وعن لجوئهم لبطرس الرسول، مكتوب: [كانوا يحملون المرضى... حتى إذا جاء بطرس، يخيم ولو ظله على أحد منهم... وكانوا يبرأون] أع5: 15و 16.
3 - فهل شفاء الرسل، يتناقض مع قول الرب: [أنا الرب شافيك] خر15: 26؟
+ لا يمكن أن يوجد تناقض ونسخ فى أقوال الإله الحقيقى، بل تكامل.
+ فالآيتين تتكاملان ولا تتناقضان.
+ وذلك لأن القديسين لا يشفون بقوتهم الذاتية ولا بإسمهم الشخصى، بل بقوة وبإسم الله، وذلك واضح من قول الإنجيل السابق ذكره: [فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت: بإسم الرب]، فشفاء القديسين، هو مجرد شفاعة بالصلاة، وأما الشفاء فمن الله، لذلك فإن الإنجيل يستطرد مباشرة: [والرب يقيمه].
والإنجيل قرر مبدأ أن يكون القديسون بركة للأرض، أى للناس:
+ [وأباركك.. وتكون بركة.. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض] تك12: 2و 3.
+ [ببركة المستقيمين، تعلو المدينة] أم11: 11.
والإنجيل قرر مبدأ أن يصفح عن البلد من أجل القديسين:
1 - [فقال الرب، إن وجدت في سدوم خمسين باراً، فى المدينة، فإنى أصفح عن المكان كله من أجلهم... وإن وجد عشرة.. لا أُهلك من أجل العشرة] تك18: 26- 33.
2 - وبسبب بركة القديسين، أنقذ الله كل ركاب السفينة، من أجل أن فيها بولس الرسول، إذ قال له الملاك: [قد وهبك الله جميع المسافرين معك] أع27: 24.
3 - والله يريد أن يشفع القديسون فى الآخرين، بل إنه يطلب ذلك جداً: [طوفوا فى شوارع أورشليم... هل تجدون إنساناً.. عامل بالعدل طالب الحق، فأصفح عنها] أر5: 1.
4 - إذن فهذه هى رغبة الله الدائمة، التى لم تتغير ولم تتبدل، فهى فى العهد الجديد كما أنها فى العهد القديم.
+ الله يفرح بأن يشفع القديسون فى الأرض، وجود القديسين يفرح الله، وشفاعتهم فى الآخرين تفرح الله.
+ ولذلك فإنه عندما قال الله لموسى النبى أنه سيهلك الشعب ويستبقيه هو فقط ويصنع منه شعباً أفضل، فصرخ موسى النبى لله لكى لا يهلك الشعب، وطلب أن يهلكه هو أيضاً معهم، إن كان سيهلك الشعب. + فقد سر الله بكلام موسى النبى وإستجاب له، فإنه يسر بأن يرى الإنسان يدافع عن إخوته البشر، ويستجيب لشفاعتهم - بالصلاة – فيهم (خر32: 7- 14).
والقديسون المنتقلون، هم أحياء فى السماء، بكل معنى كلمة الحياة:
+ المنتقلون – بوجه مطلق وعام – لا تتلاشى أرواحهم عند الوفاة، بل يظلون أحياء بأرواحهم (روء6: 9، لو16: 22، جا12: 7... إلخ - وللمزيد والشرح المفصل، راجع بحث ضعفى: الإنجيل يجيب -3- عن بدعة فناء الروح)
+ كما أنهم لا ينحطون لمستوى أسوأ من الحياة، بل تكون لهم حياة أفضل: [يكون لهم أفضل] يو10: 10، فلا يفقدون مواهبهم الروحية التى منحها الروح القدس لهم وهم على الأرض، بل يستمرون فيها بمستوى أفضل، مثلما ظل موسى النبى يتنبأ، وظل مملوءاً بالمعرفة الروحية الفائقة، بعد وفاته، إذ ظهر بعد ألاف السنين، على جبل التجلى، وهويتكلم مع رب المجد، عن خروجه، أى صلبه وقيامته وصعوده (لو9: 30و 31)، وهى الأمور التى لم تكن قد حدثت بعد.
+ إذن، فقد كان حياً بالروح، فى كامل الحياة، وكانت مواهبه الروحية مستمرة.
+ فإن كان الأمر كذلك، قبل الفداء العظيم، فما بالك بما وصلت إليه حالة القديسين بعد ذلك الفداء العظيم، وفتح فردوس النعيم للقديسين المفديين (راجع المرجع المذكور أعلاه)، إذ يكونون مع الرب، ويتنعمون بمستوى لا يخطر على قلب بشر.
ولو الخادم الكبير – فى مدة الخدمة دون عمقها – يراجع كل ما أورده من إفتراءات، بأمانة كاملة، فلن يجد شيئاً مما فى الكنيسة يخرج عن مبادئ الكتاب المقدس، الواضحة لمن يبحث عن الوضوح والحق، بأمانة وإخلاص.
+ ليته يدرس الأمور جيداً بأمانة، فإن الجهل يُهلك: [هلك شعبى من عدم المعرفة] هو4: 6.
ثانياً: الإفتراء علينا بأننا نعبد الملائكة والقديسين:
إننا نكرم ونمجد القديسين، لأن الله يكرمهم ويمجدهم.
1 - فإن الله نفسه هو الذى يمجدهم، وليس أننا نكرمهم من تلقاء ذواتنا، مثلما هو مكتوب: [والذين بررَّهم، فهولاء مجَّدهم أيضاً] رو8: 30.
2- ولكن، تمجيد الله للقديسين، لا يعنى أنه تنازل لهم عن مجده الذاتى النابع من جوهر لاهوته، لا، بل إن مجد وكرامة جوهر اللاهوت لا يعطيها الله لأحد، إذ أنه يقول: [مجدى لا أعطيه لآخر] أش42: 8، [وكرامتى لا أعطيها لآخر] أش48: 11.
3 – ولكن، ما دام الله هو الذى يمجدهم: [والذين بررهم فهؤلاء مجدهم] رو8: 30، فيستحيل أن يكون تمجيدهم متعارضاً مع قول الله [مجدى لا أعطيه لآخر] أش42: 8، إذ أن كلام الله كله حق وليس فيه تعارض وتناسخ، بل تكامل.
+ فلا تعارض بين عدم إعطائه مجده لآخر (أش42: 8)، و بين تمجيد الله للقديسين (رو8: 30)، بل إن مجد الخالق شيئ ومجد المخلوق شيئ آخر، فإن كان: [مجد الشمس شيئ ومجد القمر شيئ آخر ومجد النجوم آخر] 1كو15: 41، فكم وكم يكون مجد القديسين - الذى يمنحهم الله - هو شيئ محدود جداً، ومختلف كليةً عن مجد اللاهوت الغير محدود.
+ فإن المجد الذى يعطيه لقديسيه، يختلف عن مجده الذى لا يعطيه لآخر، الذى هو مجد الإلوهية والعبادة، وهو ما يظهر بأكثر وضوح من سياق الكلام: [مجدى لا أعطيه لآخر ولا تسبيحى للمنحوتات (أى تماثيل الأوثان)]، فالمجد الذى لا يعطيه لآخر هومجد الإلوهية وما يتبعه من العبادة. + وأما المجد الذى يعطيه للقديسين (رو8: 30) فإنه يعنى مجرد المستوى العالى من الأفراح المجيدة والنورانية فى ملكوت السموات.
+ وحتى هذه النورانية، ليست نورانية ذاتية منهم، بل إنها إنعكاس لنور الله فيهم، مثلما يعكس القمر نور الشمس، ومثلما تعكس المرآة نور الشمس.
+ فالله هو: [النور الحقيقى] يو1: 9، أى النور الذاتى النابع من ذاته هو، وأما القديسون فإنهم [نور العالم] مت5: 14، بمعنى النور المكتسب من الله، نتيجة علاقتهم به، وليس كنور ذاتى منهم، ولذلك فإنهم قد يفقدوه إن هم إنفصلوا عن الله، مثلما حدث للشياطين، الذين كانوا ملائكة نورانيين، فلما سقطوا تحولوا إلى شياطين إظلامية.
4 – كما أن الله هو الذى يكرم القديسين: [إنى أكرم الذين يكرموننى] 1صم2: 30، وأيضاً: [إن طهَّر أحد نفسه... يكون إناءً للكرامة] 2تى2: 21.
+ ولكن، أيضاً، فإن الكرامة التى يمنحها الله لقديسيه، هى كرامة محدودة، وأما الكرامة اللائقة بالله وحده، فهى نوع آخر، هى كرامة غير محدودة نابعة من لاهوته، هى كرامة العبادة اللائقة به وحده.
+ إذن، فإن تمجيد الله لهم (رو8: 30) وإكرامه لهم، هو الذى يدعونا نحن لتمجيدهم بالتمجيد المحدود، بغير تعارض مع المجد الغير محدود الذى لله وحده.
+ إذن، فعلاقتنا بالقديسين، ليست عبادة، بل تمجيد محدود. والفارق كبير بين التكريم أوالتمجيد المحدود، وبين العبادة.
5- ولا يجرؤ أحد على الإعتراض على عطية الله لقديسيه: [إن كان الله معنا فمن علينا.. من سيشتكى على مختارى الله] رو8: 31 – 33.
6- كما أن تمجيد القديسين - فى محدوديته - لا ينفصل عن تمجيد الله، بل ينبع منه، لأننا نمجدهم من خلال علاقتهم بالمسيح، وليس خارجاً عنها، إننا نمجد الذين مجدهم المسيح، فقط.
7 - كما أن تمجيدنا المحدود للقديسين، يؤدى إلى تمجيد وإكرام الله، الذى أظهر فيهم مجده وقوته ومعجزاته ونصرته للبشر على قوة الشيطان، فإنهم مثال للنصرة التى يعطيها الله لأولاده.
+ ولذلك فإننا بعدما نصلى – فى اللحن الكنسى – قائلين: " بركتهم المقدسة فلتكون معنا آمين "، فإننا نستطرد فوراً - فى ذات اللحن - قائلين: " المجد لك يارب، يارب لك المجد "، لأننا نعمل كل شيئ لكى يأول لمجد الله، بما فى ذلك تمجيدنا لقديسيه.
+ فإن تمجيدنا لجهادهم وإحتمالهم ونصرتهم، يؤدى إلى المزيد من تمجيد الله فيهم (غل1: 24) إذ أنه هو الذى فداهم وخلصهم من سلطان إبليس وأعطاهم النصر على ترغيب وترهيب العالم، حتى إنتهت حياتهم بأعظم نهاية.
8 - كما أن نهايتهم العظيمة برغم العذابات الرهيبة والإضطهادات والمغريات، تعطينا الرجاء فى أن الله سيعيننا كما أعانهم، فننتصر كما إنتصروا. فهذا المثال الحى على الإنتصار، برغم الألام، هو الذى يدفعنا للتمسك بالإيمان الصحيح الذى ساروا عليه: [إنظروا إلى نهاية سيرتهم، فتمثلوا بإيمانهم] عب13: 7.
+ ولكن، لأن تمجيدنا لسيرتهم سيؤدى لتمسكنا بإيمانهم الصحيح، فلذلك يحاول الشيطان صرف أنظارنا عن سيرتهم، ليمنعنا من التمثل بإيمانهم، فإن هدف الشيطان هو مقاومة الإيمان الصحيح، ليفتح الباب للهرطقات والإنقسامات، التى يؤدى لخراب وإنهيار الكنيسة وتفتتها وتصارعها الداخلى، مثلما نرى الآن.
9 - إذن، فتمجيد القديسين وتكريمهم، هو حقيقة واقعية إنجيلية، ولا يحق لأحد الإعتراض عليها، ولكنها تختلف عن مجد وكرامة الإلوهية الخاص بالله وحده.
بل إن الرب يأمر بالسجود لقديسيه:
1 - إذ أنه وعد ملاك كنيسة فلادلفيا - أى أسقفها - بأنه سيجعل مقاوميه يسجدون له: [هأنذا أصيرهم يأتون ويسجدون أمام رجليك، ويعرفون أنى أحببتك] روء3: 9، أى أنه سجود كامل إلى الأرض.
2 - وذلك السجود، يشبه سجود الأقارب، الذى وعد الله به يوسف، فى الرؤيا أو الحلم: (تك37: 7- 10، 42: 6، 43: 26و 28)، وهو الذى كان أيضاً سجوداً كاملاً إلى الأرض: [وسجدوا له إلى الأرض]، [ووقعوا أمامه على الأرض]تك43: 26، 44: 14، وأيضاً [وسجدوا له بوجوههم إلى الأرض]تك42: 6.
3- وما دام الله هو الذى يأمر بالسجود لقديسيه، فيستحيل أن يكون ذلك السجود متعارضاً مع أمر الله التالى: [للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد]مت4: 10، إذ يستحيل التناقض والتعارض والنسخ فى أقوال الإله الحقيقى القدوس.
+ لذلك ينبغى الإنتباه جيداً إلى أنه – هنا أيضاً – قد حدد المنع فى حالة سجود العبادة، بينما الآيات الأخرى التى يأمر فيها بالسجود لقديسيه، فقد حدد الهدف منها، بأنه سجود الإحترام والطاعة والخضوع.
4 - وسجود الإحترام، مذكور أيضاً فى مواضع كثيرة فى الكتاب المقدس، فى التعاملات الإجتماعية العادية بين البشر، لإظهار الإحترام والترحيب، مثل سجود لوط – بوجهه إلى الأرض – للضيفين، وهما كان ملاكين وهو لا يعرف، وهذان الملاكان لم يعترضا على سجود لوط لهما، لأنهما يعرفان أنه مجرد سجود إجتماعى للترحيب البالغ (تك19: 1).
+ وكذلك مثل سجود إبراهيم لبنى حث، لكى يستعطفهم ويعجِّلهم فى إعطائه مقبرة لدفن زوجته المتوفاة (تك23: 7).
+ وأيضاً مثل سجود داود بوجهه إلى الأرض، لصديقه يوناثان، للتعبير عن محبته الشديدة له وألمه البالغ لفراقه (1صم20: 41).
5- ولكن إذا تخطى السجود حدود المجاملة الإجتماعية، أو لإظهار الطاعة والخضوع، وتحولت إلى حالة من حالات العبادة والمخافة والمهابة التى تليق بالله وحده، فإنها تصبح مرفوضة تماماً، مثلما رفض بطرس الرسول لسجود كرنيليوس له، ومثلما رفض الملاك سجود يوحنا الرسول له فى الرؤيا (أع10: 25و 26، رؤ19: 10).
كما أن الله هو الذى يمنح لقديسيه أوصافاً عظيمة:
1- الأوصاف العظيمة للقديسين، فى الكنيسة، ليست بدعة، بل إنها متوافقة جداً مع الكتاب المقدس، فإن الله هو الذى أعطى أرميا وصف: " السور والحصن ": [أجعلك لهذا الشعب سور نحاس حصيناً]أر15: 20، وأيضاً: [قد جعلتك اليوم مدينة حصينة.. وأسوار نحاس، على كل الأرض]أر1: 18.
2- كما أن الله هو الذى يريد أن يقوم القديسون بالصلاة إليه من أجل الناس الآخرين، وهو يقبل صلاتهم ويستجيب لها، مثل صلاة موسى النى وهارون الكاهن، عندما وقف هارون بالمجمرة والبخور، فإستجاب الله وأوقف الوباء: [ووقف بين الموتى والأحياء، فإمتنع الوبأ]عد 16: 48، فكأن الصلاة كانت سوراً حاجزاً للخلاص من الموت بالوبأ.
3- وليس فقط أن الله يرحب ويقبل بالصلاة من أجل الآخرين، بل إنه يأمر بذلك: [يا ذاكرى الرب لا تسكتوا ولا تدعوه يسكت، حتى يثبت ويجعل أورشليم تسبيحة فى الأرض]أش62: 6، ولذلك يقول المزمور: [إن نسيتك يا أورشليم، تنسى يمينى]مز137: 5.
+ إن الله يريد أن يكون القديسون جداراً من الصلاة للشعب، إنه يريد ذلك جداً جداً، إلى درجة أنه يوبخ الشعب الذى لا يجد فيه إنساناً يقف للصلاة من أجل خلاص الشعب، فيكون مثل الجدار المانع للهلاك (مثلما كان هارون الكاهن). فقد وبخ الشعب قائلاً: [وطلبت من بينهم رجلاً يبنى جداراً ويقف فى الثغر أمامى، عن الأرض، لكيلا أخربها، فلم أجد] حز22: 30.
+ إذن، فإن الله يسر بأن يقف الناس - مثل موسى وهارون – ويصنعوا بصلاتهم سوراً يحمى الأرض من الهلاك، بل إنه يريد ذلك ويطلبه، بل إنه يوبخ الذين لا يفعلونه.
4- وطلب الله، بأن يصلى البعض من أجل الآخرين، ليس مقصوراً على العهد القديم، بل إن تلك هى رغبة الله وإرادته بوجه مطلق، ففى العهد الجديد يطلب الله نفس الأمر، مثلما فى:
+ [فأطلب، قبل كل شيئ، أن تقام طلبات وصلوات... لأجل جميع الناس] 1تى2: 1.
+ [مصلين بكل صلاة وطلبة.. لأجل جميع القديسين]أف 6: 18.
+ [صلوا بعضكم لأجل بعض]يع5: 16.
+ [أمريض أحد بينكم، فليدعُ شيوخ الكنيسة، فيصلوا عليه] يع5: 14.
5- وبنفس الأوصاف المذكورة فى الكتاب المقدس، نقول عن القديسين أنهم سور خلاص لنا، أى أنهم سور من الصلوات التى تدعِّمنا فى جهادنا من أجل الخلاص (مثلما فعل هارون الكاهن، فخلص الشعب من موت الوباء).
+ وكذلك أيضاً، نصفهم بأوصاف الكتاب المقدس، فنقول أنهم حصن منيع غير منهدم، فإن صلواتهم لا تنهزم أبداً، بل تنال قبول الرب بكل تأكيد، بل إنهم قادرون بالرب على هدم حصون العدو: [أسلحة محاربتنا.. قادرة بالله على هدم حصون، هادمين ظنوناً وكل علو يرتفع ضد معرفة الله]2كو10: 5و 5.
+ إذ تتميز صلوات القديسين بفاعلية عظيمة، مثلما يقول الإنجيل: [طلبة البار تقتدر كثيراً فى فعلها]
6- وهذه الأوصاف التى يصف الله بها القديسين، لا تتعارض مع قول الله أنه هو المخلص الوحيد: [لا مخلص غيرى]هو13: 4. فأن الله هو المخلص بذاته، أما القديسون فيخلصوننا بصلاتهم إلى الله – التى يحبها ويريدها ويأمر بها ويقبلها - وليس بقدرتهم الذاتية.
+ بل إن الإنجيل هو الذى يأمر بأن يخلص الناس بعضهم بعضاً، مثلما هو مكتوب:
[خلصوا البعض، بالخوف، مختطفين من النار] يه23.
[من رد خاطئاً عن ضلال طريقه، يخلص نفساً من الموت] يع5: 20.
[صرت للكل كل شيئ، لأخلص على كل حال قوماً] 1كو9: 22.
[لأنه كيف تعلمين أيتها المرأة، هل تخلصين الرجل، أو كيف تعلم |أيها الرجل هل تخلص المرأة] 1كو7: 16.
7 - كما أنهم ليسوا سور خلاص بقدرتهم الذاتية، بل بصلاتهم إلى الله، مثل هارون.
+ فالقديسون مجرد مصلين من أجلنا، ولكن صلاتهم تقتدر كثيراً فى فعلها، مثلما يقول الكتاب المقدس.
وبنفس المقياس، فإننا لا نطلب من القديسين أن يغفروا لنا خطايانا:
+ لم يحدث أبداً أن قالت الكنيسة الأرثوذكسية بذلك، ومن يدعى بذلك، يثبت أنه لم ينتبه لما نقوله، ولم يفهمه أبداً.
+ بل إننا نطلب فقط صلاتهم عنا إلى ربنا يسوع المسيح، لكى يغفر هو خطايانا، أى أننا نطلب صلاتهم فقط، وأما الغفران فلا يقدر عليه إلاَّ ربنا ومخلصنا وحده.
+ شفاعة القديسين لا تعنى: " غفران القديسين "، بل تعنى: " صلاة القديسين "، ومن لم يعرف ذلك، يدل على أنه عاش طول عمره غريباً عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
(ملحوظة عن الشفاعة: الله هو الذى أمر بأن يصلى المؤمنون من أجل بعضهم: [صلوا بعضكم لأجل بعض] يع26: 5 0 ولكن أقوى صلاة هى صلاة القديسين: [طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها] يع 16: 5•• وصلاة القديسين من أجل الآخرين، تسمى شفاعة توسلية، لأنها تقوم - فقط - على التوسل، بدالة محبتهم لله، وليس على أساس الحقوق المفروضة، ولا على أساس سداد الإستحقاقات 0 فإن القد يسين لا يعطونا من ذواتهم شيئاً، لا شفاءً ولا غفراناً (أع 12: 3)، بل يتوسلون الى الله ليعطينا هو0 • ومعجزات الله بواسطتهم تنسب إليهم بالتبعية فقط، مثلما يقال: " سفر: أعمال الرسل" 0 • والكلمة اليونانية والقبطية، لهذه الشفاعة التوسلية، هى: " إبرسفيا"، وهى مترجمة في الترجمة البيروتية المتداولة بكلمة: " سفارة " (لو32: 14)، أو: " يسعى كسفير"، لأنها تعتمد على القبول الشخصى، وليس على سداد الإستحقاقات ولا على المطالبة بالحقوق0 •• وأمّا الشفاعة المبنية على المطالبة بالحقوق (مثلما في دفاع المحامى عن المتهم، لأنه برئ)، أو المبنية على سداد الديون المستحقة، فإنها لا تسمى شفاعة توسلية، بل شفاعة إالزامية أو حقوقية أو إستحقاقية0 • وهى، في حالة فداء الرب للبشرية، تسمى: " الشفاعة الكفارية "، لأنها مبنية على إستحقاقات الذبيحة الكفّارية، بدم المسيح 0 ولذلك، فان الإنجيل - في لغته الأصلية - يستخدم كلمة مختلفة، للتعبير عن الشفاعة الكفارية، وهى: " اندينكانو" (رو8: 26،27،34 وعب 25: 7000الخ)، كما يستخدم لها - أيضا - كلمة: " باراكليتيس"، مع التحديد بأنها بواسطة ذبيحة المسيح الكفارية(ايو 1: 2و2)، إذ أن الروح القدس يأخذ من إستحقاقاتها الغير محدودة، ويعطى للمؤمنين، من خلال الأسرار الإلهية الكنسية00والخلاصة،هى أن الشفاعة التوسلية هى مجرد صلاة مقتدرة، وأمّا الكفارية، فإنها تسديد للثمن) - منقولة من كتاب ضعفنا: معجزات إنطلاق الروح.
ثالثاً: بخصوص أجساد القديسين:
1 - فى العهد القديم، كانت الشريعة هى أن الذى يمس ميتاً، يتنجس:
+ [مَنْ يمس ميتاً... يكون نجساً سبعة أيام] عد19: 11،
+ [لا يدنوا من إنسان ميت، فيتنجسوا] حز44: 25.
2 - وبالرغم من ذلك، فقد كانت عظام القديس إليشع النبى، بركة وليس نجاسة، حتى أن الميت الذى لمسها عاد إلى الحياة (2مل13: 21).
+ وهذه المعجزة لم تحدث مصادفة، ولامن تلقاء ذاتها، بل بتدبير إلهى عظيم الحكمة، لإظهار حقيقة تقدير الرب لأجساد القديسين، بالرغم من أوامره لليهود بعدم لمسها.
+ فإن ناموس موسى كان يحتوى على أثقال، كانت نيراً على أعناق اليهود، لأنهم شعب غليظ الرقبة ومتمرد، ويحتاج للتأديبات الدائمة لكيلا يفجروا ويتمردوا.+ ولكن هذه التأديبات وهذا النير، قد زالت فى العهد الجديد، عهد المصالحة (غل3: 24، أع15: 10 و 28)
+ ومن يريد أن يبقى تحت نير تأديبات العهد القديم، يسقط من نعمة المسيح (غل3: 3 و 5: 4).
3 - وأما فى العهد الجديد، عهد المصالحة، عهد البنوَّة بالتبنى، فقد صرنا خليقة جديدة بالولادة الثانية (1بط1: 23،2كو5: 17)، إنها ولادة جديدة تشمل الإنسان كله، فتقدِّس الإنسان بالكلية: الروح والجسد معاً (1كو7: 34)، فصار الجسد هيكلاً لله: [جسدكم هوهيكل للروح القدس]1كو6: 19، بشرط أن يظل خاضعاً للروح، فيسلك بحسب الروح: [إسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد] غل5: 6، [إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد، فستحيون] رو8: 13. + فالجسد ليس شراً - فى خلقته الأولى، والتى تجددت فى الولادة الثانية بالمعمودية - بل الشر هو الخطية، فإذا إنقاد الجسد للروح، صار بلا شر، بل وصار بركة.
4 - إذن، فلم يعد الرب يضع علينا هذه الأثقال التى كانت فى ناموس العهد القديم، وبالتالى لم يعد الجسد – حياً أو ميتاً، سليماً أو مريضاً، ولو بالبرص - يُعتبر دنساً أو نجسا، إلاَّ إذا إنحرف إلى الخطية، فالخطية وحدها هى النجاسة، وليس جسد المتوفى، وفى ذلك تحقيق لذلك لمثال - الذى صنعه الله فى العهد القديم - عندما جعل جسد القديس إليشع مصدراً للبركة وللمعجزة، وليس للنجاسة.
+ ففى المعجزة التى نبعت من جسد إليشع النبى، دليل قوى، على أن الأمر الثابت فى ذهن الله نحو الجسد، هو أنه ليس نجاسة، بل إنه يصير بركة فى حالة أجساد القديسين. + فإن تلك هى القاعدة الأصلية منذ الخلقة الأولى، وأما نير العهد القديم فهو الإستثناء الناتج عن سقوط آدم، والناتج أيضاً عن تمرد الشعب القديم، فقد كان ذلك كمرحلة نحو الكمال المسيحى فى الخليقة الجديدة.
5 - ولذلك، فلم يعد، فى عهد المصالحة، هذا النير: " لا تمس "، الذى كان فى تأديبات ناموس العهد القديم، مثلما يقول الإنجيل: [إن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم، فلماذا – كأنكم عائشين فى العالم – تُفرض عليكم فرائض: لاتمس ولا تذق ولاتجس] كو2: 20و 21.
6 - فإن كان الله، فى العهد القديم - الذى كانت شريعته تعتبر أن من يلمس الميت، يتنجس لمدة سبعة أيام - إن كان الله فى هذا العهد القديم، قد أكرم جسد إليشع النبى فى قبره، بإقامة الميت الذى لمسه (2مل13: 21)، فكم وكم تكون كرامة أبناء نعمة العهد الجديد!
7 - فالذى يعترض على لمسنا لأجساد القديسين، ويعتبرها نجاسة، بل ويدعى بأنه ينبغى طرحها خارج الكنيسة لأنها نجاسة! فإن هذا الشخص يفضح جهله بنعمة العهد الجديد، ويثبت - بذاته - على ذاته، أنه يفكر يهودياً، وبالتالى يحكم – بذاته – على ذاته، بأنه سقط من نعمة المسيح (غل5: 4).
+ نقول ذلك، ليس للإساءة إليه، بل لتوضيح الخطأ الفادح الذى سقط فيه، لعله ينتبه ويستفيق ويتوب، ويدرس جيداً قبل أن يطرح الإفتراءات جزافاً.
8 - وهذا الفكر المسيحى النقى، هو الذى عاشت فيه الكنيسة من العصور الأولى – بدون تبديل – فكانت تكرم أجساد القديسين والشهداء، ولم تكن تنظر إليها بنظرة: " نير العهد القديم "، فلم تعتبرها أداة لتنجيس من يمسها، لمدة سبعة أيام، لا، بل بالعكس، كانت تتبارك منها:
+ فيذكر المؤرخ القديم يوسابيوس القيصرى - الذى عاش فى أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس - أن المسيحيين فى الأجيال الأولى، وفى جيله هو، كانوا يحتفلون بأعياد إستشهاد الشهداء، وكانوا يعتبرون أجساد الشهداء كالجواهر الكريمة، فيذكر تكريم الكنيسة لعظام القديس الشهيد الأسقف بوليكاربوس (وهو تلميذ تلميذ القديس يوحنا الرسول)، أثناء سرده للرسالة التى أرسلتها كنيسة أزمير، تصف فيها أحداث الإستشهاد المجيدة - بالحرق حياً - لأسقفها القديس، وقد جاء فى هذه الرسالة: (فجمعنا عظامه، التى هى أثمن من الجواهر وأغلى من الذهب، ووضعناها فى مكان لائق... نرجو من الرب أن يسمح لنا بالإجتماع معاً، لنحتفل بذكرى إستشهاده فى غبطة وسرور، إحياءً لذكرى منْ سبقوا وجاهدوا، وقدوةً لمن يتمثل بهم) تاريخ الكنيسة ك4ف15: فقرات43و 44.
+ ومما تم تسجيله قديماً، من مظاهر تكريم أجساد القديسين، يظهر أن المسيحيين كانوا يقبِّلون أجساد الشهداء، وينشدون لهم المدائح، وأن أقاليمهم كانت تحيى ذكرى إستشهادهم. كما كان المسيحيون الأوائل يهتمون بأجساد الشهداء ويدفنونها بإكرام ويعتنون بمقابر الشهداء ويعتبرونها أماكن مقدسة (تاريخ الكنيسة – يوسابيوس – ك7ف22فقرة 9، ك8ف6، ك8ف13فقرة 7..... وأيضاً الملحوظة 14 بالهامش السفلى ك5ف1فقرة 57... إلخ).
+ كما كانوا يجتمعون فى مقابر الشهداء للصلاة (ك9ف2 فقرة 1، ملحوظة 2 بالهامش السفلى).
رابعاً: الإفتراء علينا بأننا نعبد الصور:
1 - من الغريب أن يطالبوننا بعدم إستخدام الصور – بحجة كاذبة هى أن العهد القديم منعها بوجه مطلق - بينما هم أنفسهم يستخدمون الصور. + يستخدمونها فى الأفلام المتحركة (الكارتون).+ وفى الأفلام التمثيلية، لا يتوقف الأمر عند حد الصور، بل يمثلون شخصيات السيد المسيح والرسل وشخصيات العهد القديم، وهوالأمرالذى يفوق الصور الساكنة، إذ يتم فيها عرض الشخصيات بالصورة التى يريدها لها المخرج، كما يضع فيها المثيرات بكل أنواعها لجذب المشاهدين، مما يجعلها تظهر أحياناً فى صورة ممسوخة شعوزية غاضبة هائجة، ويكون تأثيرها فى غاية السوء والخطورة.
+ فإن كانوا يحرِّمون علينا الصور الساكنة الهادئة - بحجة التحريم المطلق للصور - فلماذا ينتجون ويستخدمون الصور المتحركة والتمثيليات! أليس هذا من النفاق والكيل بمكيالين!
2 - وحجة التحريم المطلق للصور فى العهد القديم، هى حجة كاذبة – كما سبق وأوضحنا – لأن الله منع الصور المستخدمة لعبادة الأوثان، ولكنه فى نفس الوقت أمر بصنع الصور الغير مستخدمة لعبادة للأوثان، مثل:
+ صورة الكاروبيم التى أمر الله بتطريزها على حجاب الهيكل (خر 26: 31).
+ كما أنه أمر بصنع تمثالى الكاروبين، ووضعهما داخل الهيكل (خر25: 18)
+ كما أنه أمر بصنع الحية النحاسية ووضعها على الراية (أى عامود خشبى طويل مثل راية العلم) لكى يُشفى من ينظر إليها(ع 21: 8)، كما سبق وأوضحنا، كرمز للخلاص من سم إبليس، بالفداء على الصليب (يو3: 14).
3 - فقد كان المنع للصور، يقتصر على الإستخدام الخاطئ - مثلما أوضحنا سابقاً – وبالتالى فالصور يمكن أن تكون حلالاً أو حراماً، بناءً على إسلوب إستخدامنا.+ وحماقة التحريم المطلق للصور ستقودنا إلى أن صور البطاقات الشخصية هى حرام، لمجرد أنها صور. وهو مالا يمكن لعاقل أن يقبل به!
4 - والصور، وسيلة إيضاح هامة جداً جداً، لأن تأثيرها عظيم.
+ إذ يكفى أن تلقى نظرة واحدة على صورة ما، حتى تتشبع نفسك بتأثيرات قوية ودائمة.
+ وهذه التأثيرات تتوقف على الصورة، فالصورة المقدسة تملأ النفس قداسة، بينما الصورة النجسة تملأالنفس نجاسة، دليلاً على قوة تأثير الصور.
+ فلماذا نحرم أنفسنا من شيئ مفيد لم يحرمنا منه الله، بل إستخدمه هو فى بيت قدسه! لماذا نحرم أنفسنا من النظر إلى وجوه القديسين التى تشع بالقداسة والوداعة والسلام والتواضع والطيبة، ونترك أنفسنا للبديل العالمى الفاسد الذى يفرض نفسه فرضا، بالصورالتى تملأ النفس نجاسة أوعنفاً أوهيجاناً أو قساوة وتجبراً أو إجراماً ودموية!
+ لماذا نحرم أنفسنا ونحرم أطفالنا من هذه الفائدة العظيمة، ونترك المجال للغزو العالمى الشرير! أليست هذه حماقة، ناشئة عن الجهل بالكتاب المقدس. + فالقائلين بذلك، حتى إن كانوا يحفظون الإنجيل، فإنهم لا يفهمونه فهماً حقيقياً، مثلهم مثل الصدوقيين، الحافظين بلا فهم صحيح، وبالتالى بلا معرفة صحيحة، ولذلك وبَّخهم الرب قائلاً: [تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله] مت 22: 29.
5 - بل وفوق ذلك كله، فإن العهد الجديد يختلف عن العهد القديم، حتى فى موضوع الصور، ففى العهد القديم لم يكن الله يظهر بصورة، بل بصوت فقط بدون صورة (تث4: 12)، وأما فى العهد الجديد، فقد تجسد الله الكلمة، ومن خلال هذا الناسوت الذى إتحد به اللاهوت – بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير وبغير إزدواجية ولا إنفصامية وتقسيم – قد أمكننا أن نرى مجده: [والكلمة صار جسداً، وحلَّ بيننا، ورأينا مجده] يو1: 14.
+ وبذلك صارت لنا الفرصة للتعامل المباشر مع الله – من خلال الناسوت المتحد به – حتى أنه مكتوب: [الذى كان من البدء، الذى سمعناه، الذى رأيناه بعيوننا، الذى شاهدناه ولمسته أيدينا] 1يو1: 1.
+ وهكذا أصبح ممكنا أن نصوِّر ذلك الناسوت – المتحد به اللاهوت - والقابل للرؤية: [الذى شاهدناه].
+ فإن التجسد الإلهى هو واقع جديد، نشأت عنه هذه الأمور العظيمة التى ليس لها مثيل أبداً. + ولأنها أمور جديدة، فلذلك يجب أن يتبعها نظام جديد. + وهو ما عبَّرعنه الرب بضرورة وضع الخمر الجديدة فى زقاق جديدة (مت9: 17).
+ فإن كان الله فى العهد القديم قد أمر بعمل صورة منقوشة – للكاروبيم - على ستار الهيكل (خر26: 31)، لفائدة الشعب، فكم وكم ستزيد الفائدة بعمل صورة لرب المجد ذاته فى تجسده، فلماذا يمنعوننا!
+ وإن كان الله سمح - بل وأمر بذلك - فى عهد النير، فلماذا يأتى إنسان ويمنعه، فى عهد حرية أولاد الله (رو8: 21)!
6 - ومعجزة صورة السيد المسيح المطبوعة على كفنه المقدس، خير دليل على إرادة الرب فى إستخدام الصور المقدسة لفائدتنا (مثلما كان قد أمر فى العهد القديم بصنع صورة الكاروبيم، مع الفارق العظيم الذى لله المتجسد).
+ فالرب نفسه، هو الذى أسس مبدأ إستخدام الصور المقدسة، من خلال طبع صورته على الكفن، لأن ذلك لم يكن ممكنا حدوثه إلاَّ بإرادته ورغبته، كما لا يمكن أن يحدث بلا هدف.
+ فقد إكتشف العلماء - بعد إختبارات متعمقة بأجهزة حديثة – أن الصورة المطبوعة على الكفن، لم تحدث بأى طريقة من طرق الطباعة أو النسج أو أى طريقة ممكنة، بل حدث بما يشبه التأثير الناشيئ عن الإشعاع الذرى (صفحات280، 283 The TURIN Shroud – Ian Wilson. -).
+ كما إكتشف الباحثون أن ملامح الوجه لهذه الصورة، تتطابق مع الصور الأثرية القديمة للسيد المسيح (صفحات 106، 112 - The Evidence of the Shroud jj Ian Wilson.).
+ كما أن المسيحيين الأوائل قد رسموا صوراً للسيد المسيح وللقديسين (تاريخ الكنيسة – يوسابيوس - ك7 ف18 فقرة 4)
7 - ولكننا لا نعتبر الصور معبودات، كمثلما كان يظن الوثنيون أن آلهتهم تتجسد فى التماثيل وتتخذها مقاراً لها، وأن التماثيل هبطت من السماء، مثلما يذكر الإنجيل عما قاله أهل أفسس: [مدينة أفسس متعبدة لأرطاميس الإلآهة العظيمة والتمثال الذى هبط من زفس (أى السماء)] أع19: 35.
8 - كما كان يوجد عند الوثنيين نوع آخر من الصور (images) كانت تقول به الفلسف الوثنية، وهو أن الموجودات المادية لها صور أزلية، هى كائنات لا مادية، وكانت تعتبر ذلك من مداخل تعدد الآلهة. + وذلك موضوع آخر، بعيد تماماً عن موضوع الصور - بمفهومها العادى - التى نحن بصدد دراستها، ولكننا نشير لها لأن البعض يخلط بينهما، عند قراءة أقوال المسيحيين الأوائل، المدافعين عن المسيحية ضد الأفكار الوثنية، ومنها هذه الصور(images) التى كان بعض الفلاسفة الوثنيين يعتبرونها كائنات أزلية أبدية.
9 - إذن، فوضع الصور فى الكنيسة، يتطابق مع أمر الله فى العهد القديم بوضع صورة الكاروبيم على حجاب الهيكل، بل إن صورة الرب والقديسين أعظم بما لا يقاس، وأكثر فائدة بما لا يقاس.
10 - وتتميز الكنيسة القبطية بالإستقامة والإعتدال فى كل مسالكها، بما فى ذلك عدم إستخدامها للتماثيل، لمنع التطرف، ولأن هدفها الروحى يتحقق بالأكثر فى الصور المبسطة، التى تقترب من التجريد للملامح، مع إهمال الصفات البدنية التشريحية الفجة، كالتى كانت فى النظام الوثنى العابد للجسد، لأن هدف الكنيسة الأرثوذوكسية هو إبراز الشخصية الروحانية، فالفن عندها مجرد خادم للفكرة والهدف الروحانى. + وهو إسلوب يبدو للجهلاء كأنه أقل مستوى من الإسلوب التشريحى، ولكنه فى الحقيقة، أعلى مستوى - بالمنظور الروحى - وأكثر فائدة وأقل ضرراً، كما أنه أكثر ضماناً لمنع التطرف إلى الإسلوب الوثنى الجسدانى. + الإسلوب القبطى هو الأكثر ملاءمة للفكر المسيحى الصحيح المستقيم. + وتسير الكنائس الشرقية على هذا الإسلوب التجريدى للصور، وليس الطبيعى التشريحى الوثنى. + فإنه يعتبر – روحياً - خطوة للخلف. + ونرجو أن تتمسك كنيستنا بميراث القديسين الروحى الذى ورثته، ولا تنبهر بالإسلوب الغربى الجسدانى، الذى يركز على إبراز الجمال الجسدى والتشريحى، وهو الإسلوب المتخلف روحياً.
خامساً: الإفتراء على صورة السيدة العذراء وصورة مارجرجس، بأنهما منقولان من صور فرعونية:
1 - يفترى المؤلف بأن صورة السيدة العذراء منقولة من تمثال فرعونى لإيزيس وهى ترضع طفلها حورس.
+ وهو إفتراء ناتج عن عقل سطحى سريع التأثر بالمتشابهات، بدون البحث فى أعماق المواضيع.
2 - فهل صورة أى: " أم " - فى العالم كله - يمكن تخيلها إلاَّ وهى حاملة طفلها! حتى يظن المؤلف أنها تحتاج لإقتباسها وتقليدها! أليست هى الفكرة الطبيعية، البديهية، التى يجمع عليها كل البشر فى كل زمان ومكان!
3 - وهل الكنيسة تنظر إلى السيدة العذراء بأى صفة أخرى، غير أنها: [أم ربى] لو1: 43، كما قال الروح القدس على فم أليصابات! هل للسيدة العذراء صفة أخرى، غير أنها: " أم ربى "، أى: " والدة الإله "، " أم المسيح "!
+ فهل يمكن لهذه الأم، أن نتخيلها فى أى حال آخر، إلاَّ وهى أم تحمل طفلها!
4 - ومنذ الأجيال الأولى، تنظر الكنيسة للسيدة العذراء، بهذه الصفة فقط: " الأم العذراء ": الأم - العذراء للمسيح، وحواء الجديدة، الأم - العذراء للبشرية الجديدة، كبديل عن حواء الأم للخليقة القديمة (أقوال الآباء وكتاباتهم – القمص تادرس يعقوب -ج1 ص74 -81).
+ فلم تعرف الكنيسة، للسيدة العذراء، أى صفة أخرى غير صفة الأم، الأم المعجزة، الأم العذراء.
+فإذا أراد أى إنسان - بدون أن تكون له أى خلفية سابقة عن أى صور سابقة – أن يعمل صورة للسيدة العذراء، أم المسيح، فهل يمكن أن يعبر عن هذه الأمومة الغالية، إلاَّ من خلال صورتها حاملة الطفل يسوع.
+ أليس هذا هو التفكير المنطقى، الذى يفكر به أصحاب الضمير المستقيم الأرثوذوكسى، وليس الضمير المعوَّج الهرطوقى.
وبخصوص صورة مارجرجس، القائد الرومانى، والفارس، الذى يطعن الوحش التنين.
1 - فإن هذه الصورة تتطابق مع صفاته فعلاً، فهو فارس لأنه قائد حربى فعلاً، فهل فى ذلك الأمر شيئ غريب! ففى أيامهم، لم يكن القائد الحربى يركب طائرة ولا دبابة ولا سيارة مدرعة، بل كان يركب حصاناً فقط.
2 - وأما بخصوص الوحش التنين، بإعتباره رمزاً للشر والشيطان، فإنه يتوافق مع أوصاف الكتاب المقدس للشيطان، كما أنه يتوافق مع الموروث البشرى فى كل العصور. + وذلك ناتج عن طبيعة هذا الوحش: الشديدة الشراسة.
+ فإن التنين (dragon) هو وحش حقيقى، كان منتشر الوجود فى العصور القديمة، وما زالت توجد منه سلالات قليلة بأعداد قليلة حتى الآن، فى الجزر المعزولة النائية، وقد شاهدت بنفسى، برامجاً ثقافية فى القنوات الفضائية، عُرضت فيها سلالتين من التنانين الحيَّة الآن، فى إحداهما – فى جزيرة نائية – كان التنين له عُرف كبير أحمر – مثل الديك – ولكنه يمتد بطول رقبته كلها، مثلما للتنين فى صورة مارجرجس، بل إن عُرف التنين الطبيعى أكبر، وعندما كانت تتصارع هذه التنانين، كان يصير عُرفها قانياً بلون الدم وبشكل مخيف جداً، فإنه من وسائل الإرهاب عندها. + وفى السلالة الأخرى - وهى تعيش فى جزيرة نائية من جزر أندونيسيا – لم يكن له هذا العُرف، ولكنه كان ضخماً جداً ورهيباً، أكبر مما فى صورة مارجرجس، وقد ذكر التعليق العلمى بالبرنامج، أنها من سلالة الديناصور. ويمكن الوصول لهذا النوع الثانى، بالبحث فى google تحت كلمة: dragon، فيمكن مشاهدة صور لهذا التنين، تظهر شراسته وكيف أنه يبتلع حجماً ضخماً من اللحم، دفعة واحدة.
+ إذن، فالتنين وحش حقيقى وليس من صنع خيال فنان ما، حتى يحتاج الأمر لإقتباسه. وهو كان منتشراً فى العصور القديمة، وكانت - بالتالى – شراسته معروفة للجميع، ولذلك كان من العادى أن يرسمه الفنانون، كمثال للشراسة أو الشر، بدون أن يُعتبرأحدهم ناقلاً أو مقتبساً عن الآخر (بل قد رأيت فى جريدة - قد تكون الأهرام - صورة أو نحتاً بارزاً، تمثل فارساً يتصارع مع تنين، من العصور القديمة، قبل عصر مارجرجس، فى المنطقة التى أصبحت بريطانيا الآن، ولكننى لا أتذكر التفاصيل ولا تاريخ المقال، فأرجو ممن يعرف، أن ينفعنا جميعاً بمعرفته، والرب يعوضه).
3 - كما أن التشبيه بشراسة التنين، هى حقيقة كتابية أيضاً، مثلما هو مكتوب عن نبوخذنصر: [إبتلعتنى كتنين] أر51: 34، مما يدل على أن صفة الشراسة فى التنين، وإبتلاعه للفريسة دفعة واحدة، كانت معروفة قديماً، حتى أنه يُضرب بها المثل.
+ كما أن إتخاذ التنين كمثال للشر الشديد، وللشيطان، هو أيضاً حقيقة واقعية بالكتاب المقدس، وليست من إختراع خيال أحد الفنانين – حتى يُقال أن أحدهم إقتبس عن الآخر – فعن ذلك مكتوب: [ذراع الرب.. القاطعة رهب، الطاعنة التنين] أش51: 9، علماً بأن رهب هى مصر (قاموس الكتاب المقدس صفحة413).
+ إذن، فطعن التنين، كان – فى العصور القديمة – شيئاً معروفاً، حتى أنه يُضرب به المثل.
4 - ولو كنا من خفيفى العقل أو الملفقين – مثلما فعل ذلك المؤلف – لخطفنا كلمتى: "رهب (مصر)"، و "طعن التنين "، وإفترينا على الكتاب المقدس بأنه منقول أو مقتبس من الصورة الفرعونية!
+ ولكننا لن نفعل ذلك أبداً، لأننا نعرف أنه توجد مشاعر مشتركة بين البشر جميعاً فى كل العصور، وتوجد تشبيهات مشتركة لهذه المشاعر المشتركة، فى كل عصر من العصور.
+ فمشاعر البشر جميعاً – مثلاً – تجاه النور أو شروق الشمس بعد الظلام، هى مشاعر الإبتهاج، بينما مشاعرهم تجاه الظلمة أو غروب الشمس، هى مشاعر الإنقباض.
+ كما أن مشاعر البشر جميعاً، تجاه الروائح الزكية، هى الإنشراح، بينما مشاعرهم تجاه الروائح الكريهة، هى التقزز والنفور.
+ كما أن الشر جميعاً يأنسون للكائنات الوديعة كالحمل والحمامة، بينما يفزعون من الكائنات المفترسة، كالذئب والتنين والحية.
+ ولأن المشاعر البشرية متشابهة، لذلك فإن التعبيرات والأوصاف تصير أيضاً متشابهة، بدون أن يكون ذلك ناتجاً عن الإقتباس (إلاَّ إذا وجدت دلائل منطقية أكيدة موثوق فى صحتها، تثبت حدوث الإقتباس، لأن البديهية هى عدم حدوثه)
5 - وإستخدام الفارس للرمح – وليس السيف – فى طعن التنين، هو البديهية أيضاً، بسبب إرتفاع مستوى الفارس عن الأرض، فالفارس يستخدم السيف فى ضرب من هم فى متناول اليد، بينما هو – نفسه - يستخدم الرمح، لضرب البعيدين عن متناول يده. ذلك هو الأمر الطبيعى للفارس، لكل فارس ولأى فارس، فالسيف والرمح من عتاده.
6 - إذن، فمن التلفيق والتجنى، أن نقول أن صورة مارجرجس منقولة عن صورة قديمة. لأن الأمر طبيعىٌ تماماً، وليس فيه ما يبرر الإدعاء بالنقل والإقتباس.+ ومن التلفيق، الإدعاء بأن الإقتباس هو حتمية واجبة الحدوث، ولا يمكن إلاَّ حدوثها!
سادساً: التمويه والخداع فى نقل أراء المراجع التى يستخدمونها: عن الصور:
1 - وبنفس منطق الضمير الواسع، فإنهم يقتطعون نصف الكلام الوارد فى المراجع التى يذكرونها، ويخفون النصف الآخر، ليخدعوا القارئ.
2 - ومن ذلك، أنهم يقتطعون جزءاً من القصة الخاصة بتحطيم أحد الأساقفة القدماء للأيقونات، ويخفون بقية الموضوع - المذكور فى نفس مرجعهم، وفى نفس الموضع مباشرة – والخاص بتوبيخ البابا غريغوريوس الكبير لذلك الأسقف، ورسالته إليه – المذكورة فى نفس المرجع ونفس الموضع - والتى قال له فيها: (ماكان واجباً عليكم قط تحطيم هذه الإيقونات، لأن التصوير مفيد... فتقديس الصورة إلى درجة عبادتها شيئ، ولكن شيئ آخر أن يتعلم الإنسان من الصورة ما يجب تقديسه وعبادته... فإذا وجدت إنساناً يرسم صورة، فلا تمنعه بأى حال، ولكن إذا إبتدأ هو يعبد الإيقونة، فإمنعه) (مرجع المؤلف: حياة الصلاة صفحة 697)
3 - بل إن المؤلف يتغافل عن أن ذات المرجع، يورد – بعد ذلك مباشرة - قولاً آخر لنفس البابا غريغوريوس الكبير، يؤيد فيه الصور، إذ جاء به: (عندما ننظر إلى الصورة، نستحضر إلى الذهن، من ينبغى أن نعبده (أى المسيح) مولوداً أو متألماً أو جالساً على عرشه، فالأيقونة مثل الكتابة، بها نستحضر إلى ذهننا - بسهولة - إبن الله) حياة الصلاة صفحة698.
4 - وهكذا، يظهر بوضوح روح الضلال الذى يعمل فى هذا المؤلف، ويقوده للتلفيق والتحريف، ويقوده للإفتراء، ويقوده للهرطقة.
+ فمن الصفات المشتركة بين جميع الهراطقة، صفة الضمير المتحجر، الذى لا يشعر بخطئه، الضمير الواسع الذى يستبيح كل شيئ تحت مقولة: الغاية تبرير الوسيلة، وهى من المقولات الشيطانية.
+ فإن كانوا يستحلون الغش فى تفسير كلمة الله (2كو2: 17)، فليس كثيراً عليهم الغش فى كل شيئ، فإنه منهج الهراطقة فى كل العصور، لأن الذى يحرِّكهم هو روح الضلال (2بط3: 17).
سابعاً: التمويه والخداع فى نقل أراء المراجع التى يستخدمونها: عن الموروث المصرى القديم:
1 - بنفس إسلوب التضليل وروح الضلال، بإقتطاع جزئ من كلام المرجع – الذى يتباهون به – مع إخفاء الجزء الآخر المكمل له، ينقل المؤلف الجزء الخاص بالموروث الفرعونى وتأثيره فى الوجدان القبطى، ويخفى الجزء المكمل له، من كلام ذات المرجع، والخاص بأن الإنسان القبطى إستخدم هذا الموروث الفنى المصرى القديم، موظفاً إياه: (فى نور الحقيقة المسيحية)، بحسب النص الوارد فى نفس المرجع، وليس بالفكر الوثنى الفرعونى مثلما إدعى المؤلف.
+ فإن الإنسان المصرى إستخدم كل إمكانياته لخدمة المسيح، وإستخدم كل موروثه الحضارى لخدمة المسيح، إستخدم فن الكتابة وفن صناعة ورق الكتابة، وفن الرسم، والموسيقى... إلخ، لخدمة: (الحقيقة المسيحية)، فما هو العيب فى ذلك!
2 - بل وإن المرجع ذاته يقدم أمثلة لهذا الإستخدام للفن المصرى القديم فى خدمة الحقيقة المسيحية وفى نور المسيحية (صفحة 699)، ولكن كتاب التضليل لا يشير لذلك لا من قريب ولا من بعيد، ليضلل القارئ.
+ فإن المؤلف لا يبحث عن الحقيقة ولا يخدم الحق والحقيقة، بل يبحث عن الغش، ليخدم الضلال والتضليل.
3 - كما أننا نضيف، أن هذا الإستخدام للموروث الحضارى فى خدمة الحقيقة وفى نور المسيحية، يتساوى مع كل الإستخدامات الحضارية - التى نعيشها الأن - لخدمة الحقيقة المسيحية، من كتابة وطباعة، وراديو وتلفزيون ومواقع الإنترنت.... إلخ، فكلها أمور ممتازة، بغض النظر عن ظروف نشأتها. فمن الحماقة أن نقول أننا لن نستخدم الكتابة لأن الذى إخترعها كان وثنياً، كما أنه من الحماقة أن نرفض إستخدام أى وسيلة حضارية، بحجة أن مخترعها كان ملحداً أو كانت له صفات لا تعجبنا! إنها كلها حماقات. + فالحصول على الشهادات العلمية لا يعالج الحماقة، بل قد يكون الإنسان حاصلاً على أعلى الشهادات الدنيوية، ويكون أحمقاً فى تصرفاته الشخصية.
4 – ومن الغش والتلفيق أيضاً، إدعاء هذا المؤلف (فى صفحة 31 من كتابه)، بأن إيقاد الشموع أمام الصور, تسلل إلى الكنيسة القبطية، من مصر القديمة!
+ فنقول له: لقد تفوقت على الدكتور زغ. الدجَّال، يا دكتور!
+ فلو كنت بذلت أقل بحث – كما يليق بلقب الدكتور – لعرفت أنه يستحيل أن يستخدم الفراعنة الشموع أمام الصور، هل تعلم لماذا يا دكتور؟ لأن الشمع لم يكن موجوداً أيام الفراعنة! بل إنه إختراع حديث، لم يظهر إلاً فى القرون الوسطى!
+ فأين ضميرك يا دكتور! وأين مصداقيتك يا دكتور!
سابعاً: التمويه والخداع فى نقل أراء المراجع التى يستخدمونها: الإدعاء بأن سقوط الممالك، كان بسبب الصور:
ثامناً: الإدعاء بأن سقوط الممالك، كان بسبب صورالقديسين:
1 - يدعون بأن وجود صور القديسين فى الكنيسة الأرثوذوكسية، هو السبب فى سقوط البلاد التى سقطت فى يد العرب والعثمانيين، ويلفقون أحداث التاريخ على هواهم، مثل إدعائهم بأن الإمبراطورية البيزنطية صمدت ضد الغزو العربى عندما كانت لا تستخدم صور القديسين، ثم سقطت فى يدهم عندما إستخدمت صور القديسين (صفحات 35 و36 من كتابهم محل البحث).
2 - وذلك تدليس وتلفيق مفضوح، لأن الإمبراطورية البيزنطية لم تتوقف عن إستخدام صور القديسين طوال صمودها أمام الغزو العربى، الذى إستمر لثمانية قرون، وأما السبب الحقيقى للسقوط، فقد كان الإنقسامات الداخلية.
3 - فالمؤلف، يغش القارئ، إذ يخفى عليه أخبار الإنتصارات العظيمة التى حققتها هذه الإمبراطورية، تحت ظل الصور والأيقونات، مثل إنتصار هرقل الكاسح على الفرس، إذ كان يحمل معه إيقونة عظيمة على رأس الجيش. وهو إنتصار هائل ليس له مثيل فى تاريخ الصراع الرومانى الفارسى، كما كانت له نتائج عظيمة جداً، كان من بينها أنه إستعاد خشبة الصليب التى كان الفرس قد إستولوا عليها. (المرجع: الإمبراطورية البيزنطية – أومان – تعريب د. مصطفى طه بدر – صفحة 105).
+ فلماذا تنتقى - يا دكتور - من التاريخ ما تريد، وتخفى ما تريد، لتقدم معلومات ناقصة مضللة! فهل أنت أيضاً من حملة الدكتوراه فى التلفيق!
4 - كما يخفى المؤلف حقائق تاريخية أخرى كثيرة، مثل أن صور القديسين لم تنقطع من بلاد أخرى كثيرة، ومع ذلك لم تسقط فى يد العرب والعثمانيين:
+ مثل مملكة الحبشة الأرثوذوكسية.
+ وكذلك مثل روسيا.
+ بل ومثل روما ذاتها.
+ وهذا التعتيم على هذه الحقائق، والتغافل عنها، يؤكد سياسة الغش والتضليل التى ينتهجونها منهجاً دائماً لهم.
5 - كما أن صور القديسين لم تنقطع من الدول الأوربية التى حاربت الإحتلال العربى فى أسبانيا، وحررتها منهم، كما لم تنقطع من أسبانيا ذاتها بعد تحريرها.
+ بل ولم تنقطع منها عندما تحولت لدولة غازية، وحتى عندما أصبحت دولة إستعمارية!
+ فهل نسير على نفس مقاييس الهراطقة، فنمجد الأستعمار والمستعمرين، ماداموا هم المنتصرين!
+ وهل نعتبر أن صور القديسين هى السبب فى إنتصاراتهم الحربية!
+ إنه فكر غريب! يدل على النظرة الدنيوية الجسدانية، التى تقيس الصح والخطأ بمقياس الجبروت والغزو والتسلُّط، وليس بمقياس الحق.
6 - كما أن دولة اليونان، إستطاعت أن تطرد الإحتلال العثمانى – بعد إستعمار إستمر عدة قرون – برغم أنها لم تتوقف عن أن تستخدم صور القديسين.
+ فهل كانت صور القديسين عائقاً، منعهم من تحرير بلادهم!
+ أم أن المؤلف يخفى هذه الحقائق، ليحقق هدفه بالطعن فى الكنيسة، ولو بالكذب والغش والتلفيق!
7- بل إن ألمانيا البروتستانتية، التى أحرقت صور القديسين – منذ ثورة مارتن لوثر فى القرن السادس عشر – كانت هى السبب فى أفظع الحروب، بين الإخوة فى أوربا، حتى صارت أوربا بحيرة من الدماء.
+ إذ كانت البداية، بالمنشورات والخطب الثورية لمارتن لوثر، التى دعا فيها الشعب الألمانى لأن يتولى زمام أموره بنفسه، وطنياً ودينياً، مما يعنى الدعوة للإنفصال عن الإمبراطورية.
+ إذ كانت أوربا كلها – حتى ذلك الوقت - موحدة فى الإمبراطورية الرومانية.
+ فأشعل كلامه نيران الثورة الشعبية (التى يسمونها بثورة الفلاحين، بمعنى شعب الأرض البسيط وليس الجيش، فقد كانت تضم كل الفئات الشعبية: عمالاً وفلاحين وحرفيين وغيرهم).
+ ثم شجعهم مارتن لوثر، إذ وجه كلامه للحكام، مدافعاً عن الثوار، قائلاً: (إنهم ألآت فى يد الله، لإذلالكم، فلا تتوهموا أنكم ستهربون من العقاب، وحتى لو أهلكتموهم، فإن الله سيقيم من الحجارة غيرهم، لمعاقبتكم على كبريائكم).
+ فإستقدم الحكام قوات حربية من البلاد الأخرى، فإنقلب الحال ضد الثوار.
+ فطالب مارتن لوثر الثوار بالتراجع، ولكنهم كانوا قد بلغوا حداً بعيداً من الثورة، فلم يسمعوا له، فخرج زمام المبادرة من يده وتولى آخرون قيادة الثورة.
+ فإنقلب عليهم مارتن لوثر، وحرَّض الحكام على قتلهم بدون شفقة، وأحلَّ دمائهم، إذ قال بالنص: (إنهم يستحقون موت الجسد والنفس)، وأيضاً قال للحكام: (إقتلوا هؤلاء الفلاحين، ككلاب مسعورة)، (إن لم تقتل الكلب المسعور، هلكت أنت)، (إذا بقى واحد من هؤلاء على قيد الحياة، فلا حياة كريمة لكم)، وأيضاً: (فلتظل سيوفكم ساخنة بالدماء، بدون شفقة)... كما حرَّض الجنود على القتال – كأنه فى سبيل الله! – قائلاً لهم: (كل من قتل دفاعاً عن الولاة، كان شهيداً)
(نقلاً عن المرجعين البروتستانتيين: + تاريخ الإصلاح فى القرن السادس عشر – صفحات 464 – 466، + المصلح مارتن لوثر، حياته وتعاليمه، للقس حنا الخضرى – صفحات 133- 136).
8 - ثم إستمرت الحروب بين الإخوة – الذين كانوا قبلاً إمبراطورية واحدة، فنجحت فى طرد العرب من أسبانيا – فإنقسمت الإمبراطورية لدول منفصلة متعادية متحاربة على الدوام، فقد كانت الحروب الأوربية – الأوربية، ويلاً رهيباً إجتاح أوربا كلها وغطاها بلون الدم.
+ مما سهَّل للعثمانيين الإستيلاء على دول أوربية كثيرة، كبلغاريا والمجر وغيرها (تاريخ الإصلاح ص 378 و432). وسلَّطوا عليهم نيران الإضطهادات الرهيبة، حتى كان ما كان.
+ والغريب أن البروتستانت كانوا يشمتون فى سقوط إخوتهم الأوربيين المسيحيين، فى يد الغزاة العثمانيين المسلمين!
9 - بل وحتى الحربين العالميتين، الأولى والثانية، والتى راح ضحيتها عشرات الملايين من القتلى والجرحى والمشردين، كانت بسبب ألمانيا.
+ فكأن الرغبة الدموية، لم تنقطع، ولم تشبع، منذ أطلقها مارتن لوثر فى ألمانيا فى القرن السادس عشر، حتى أوصلتها إلى الحرب العالمية الثانية.
+ فهل حرق صور القديسين، كان دليلاً على صحة ضمائرهم، أم مرضها، وهل كان سلوكهم هو سلوك المسيح، أم سلوك إبليس سفاك الدماء: [ذاك كان قتَّالاً للناس من البدء] يو8: 44، فهل حرق الصور كان خطوة فى الإتجاه إلى القداسة، أم إلى سفك الدماء!
10 - فإن النظرة الجسدانية لهذا المؤلف، أعمته عن معرفة الفارق بين ظروف العهد القديم الذى حكمته الدولة الدينية، وبين العهد الجديد الذى فيه قال المسيح: [مملكتى ليست من هذا العالم] يو18: 36.
+ مما أدى به للخلط بين إنتصارات الدولة الدينية للعهد القديم، وبين إنتصارات وهزائم الدول - والتى هى دول غير دينية - فى العهد الجديد.
+ وهو ربط تلفيقى، إذ ليس فى المسيحية دولة دينية أرضية، وإلاَّ لكان المسيح قد قال أن مملكته من هذا العالم، وهو مالم يقله، بل قال عكسه، فهل نتبع المسيح، أم نتبع الهراطقة!
11 - وليس فقط أن المسيحية ليست دولة دينية، بل إن المسيحية – أيضاً - نشأت وإنتشرت وإزدهرت، وهى تحت ظل الإضطهاد المستمر.
+ فالمسيحية لم تقم على أكتاف الإنتصارات الحربية، بل قامت على قوة المسيح وحده.
تاسعاً الإفتراء علينا بأننا نقدم الأصوام للقديسين وليس لله:
1 - لم يفهم المؤلف أن تسميات الأصوام لا تكون بمعنى الشخص الموجه له الصوم، بل بمعنى تحديد المناسبة الخاصة به.
2- فعندما نقول: " صوم الأرباء والجمعة "، فإن ذلك لا يعنى أن صومنا موَّجه إلى يوم الأربعاء ولا إلى يوم الجمعة ذاتهما - بحسب مفهومية هذا المهاجم لنا - بل للرب، لنشاركه هذه اللحظات التى حدثت فى هذين اليومين.
2 - وعندما نقول: " صوم الميلاد "، فإن ذلك لا يعنى أن صومنا موجَّه إلى شخص أو شيئ إسمه ميلاد – بحسب مفهومية المؤلف - بل إن التسمية تعنى التحديد للمناسبة، التى هى هنا: " عيد الميلاد المجيد ".
3 - وكذلك عندما نقول: " صوم يونان "، أو صوم أهل نينوى، فإن ذلك لا يعنى أننا نوجه الصوم إلى يونان أو نينوى – بحسب مفهومية المؤلف – بل نعنى إحياء ذكرى وجود يونان فى بطن الحوت، ثم خروجه منه حياً، والذى جعله الرب إشارة إلى قيامته وخروجه من القبر حياً، فإننا نصومه كتمجيد لقيامة المسيح.
4 - فعندما نقول: " صوم الميلاد "، فإننا نعنى الصوم الذى يكون بمناسبة عيد الميلاد المجيد، لأنه ينتهى بيوم عيد الميلاد.
+ وبنفس النظام، نقول: " صوم العذراء "، لأنه ينتهى بعيد العذراء.
+ كما نقول صوم الرسل، لأنه ينتهى بعيد الرسل... إلخ، فهكذا دائماً فى كل أعيادنا وأصوامنا.
5 - فإننا نستقبل كل الأعياد، بأفضل إستعداد: الإستعداد الروحانى، الذى يكون بالصلاة والصوم، تمسكاً بما قاله الرب عن قوتهما الروحية، إذ قال: [هذا الجنس لا يمكن أن يخرج إلاَّ بالصلاة والصوم] مر9: 19. + فإننا نؤمن بالرب حقاً، ولذلك نصدق كلامه، ونهتم جداً بتنفيذه بإستمرار.
6 - وإفتراء هذا الخادم الكبير السابق، يلقى بشكوك قوية حول معلوماته عن كل ما فى الكنيسة، فإنه يتكلم كالغرباء تماماً، مما يضع علامات إستفهام حول الوسط الكنسى الذى تربى وتعلم فيه، وكذلك حول طريقة إختيار الخدام، التى سمحت بدخوله للخدمة، وكيف لم يلاحظ أحد كيف أنه غريب عن فكر الكنيسة، وكيف أنه نال الثقة لكى يقوم بمسؤلية التعليم فى الإجتماعات الكبيرة!
+ إن هذا الخادم الكبير السابق، هو جرس إنذار، لكى تراجع الكنيسة أساليبها فى إختيار الخدَّام، فلا يكفى المستوى العلمى الدنيوى، بل يجب – أولاً – التأكد من المستوى الروحى الأرثوذكسى، بالحياة الأرثوذكسية والتفكير والتصرف الأرثوذكسى، لمنع الإختراق من الإخوة الكذبة، لأنه أخطر جداً من الحرب من الخارج.
+ وبسبب هذه الخطورة، مكتوب: [لا تضع يداً على أحد بالعجلة، ولا تشترك فى خطايا الآخرين] 1تى5: 22، أى أن الإدانة ستلحق بمن إهملوا فى التدقيق.
+ وهو ما لا يقتصر على إختيار الآباء فقط، بل يشمل كل من يعمل بالكنيسة، ولو بأبسط الأعمال، لأنه سيكون قدوة صالحة، أو سيئة، لكل من يتعامل معه.
عاشراً: الإفتراء على معجزات الله بواسطة قديسيه، بأنها من الشيطان:
1 - الفارق بين معجزات الله – مباشرة أو بواسطة قديسيه – وبين أعمال الشيطان، يمكن ملاحظته من أن معجزات الله تقود إلى التوبة والثبات فى الإيمان. + وذلك يشمل كل من يتلامس مع معجزات الله: + من بواسطته يعملها الله، + ومن تعمل له، + ومن يشاهدها. + فالتوبة تتحرك فى الجميع، ما عدا الذين أسلموا أنفسهم للشيطان، فإنهم يجدفون على عمل الله.
+ أما أعمال الشيطان، فإنها تنفخ الذين تتم بهم وفيهم، فيمتلأ ذلك الإنسان بالغرور والعظمة وقساوة القلب، فيتحجر ضميره ويمتلئ تصلفاً، فلا يعود يقبل مراجعة من أحد على أفكاره وتصرفاته، ظاناً أنه أفضل الناس.
2 - كما أنهم يتحججون فى الإعتراض على قيام القديسين – بقوة الله – بعمل المعجزات، بأن القديسين قد ماتوا وإنتهى أمرهم.
+ وتلك الحجة الباطلة، تكشف عن جهلهم بالكتاب المقدس، الذى يؤكد إستمرارية الروح بعد مفارقتها للجسد بالوفاة، فى كامل الحيوية.
+ ففى مثال لعازر والغنى، يركز الرب بشدة على توضيح أن الأرواح تعيش فى كامل الوعى.
+ كما أن ظهور موسى النبى وإيليا النبى، مع الرب فى جبل التجلى، كان ظهوراً فى كامل الوعى والإحساس. بل لقد كان موسى النبى يتنأ بخروج الرب، أى صلبه وموته وقيامته وصعوده، وهى الأحداث التى لم تكن قد حدثت بعد، دليلاً على أن موهبة التنبوء لم تفارق النبى بعد وفاته، إذ أنه إستمر يتنبأ وهو فى الروح، إذن، فمواهب الروح القدس لا تسقط بعد الوفاة.
+ وفوق ذلك، فإن الرب جعل لنا - بالفداء المجيد - حياة أفضل: [أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل] يو10: 10.
3 - أما رفض إبراهيم لطلب الغنى – فى مثل لعازر والغنى – بإرسال لعازر لإخوته، فقد كان رفضه قائماً على أنهم لن يؤمنوا حتى لو قام واحد من الأموات.
+ فقد كان الرب، فى هذا المثل، يشير إلى أن علماء ورؤساء اليهود - الدارسين جيداً للأسفار الإلهية، ومع ذلك رفضوا الإيمان بالمسيح الذى تنطبق عليه النبوءات – لن يقبلوا الإيمان حتى بعدما يقيم لعازر من الأموات.
+ وقد تحقق كلام الرب فعلاً عندما أقام لعازر أخو مريم ومرثا، إذ لم يؤمن رؤساء اليهود.
+ فقد إختار الرب إسم لعازر – فى مثل لعازر والغنى – ليشير به إلى لعازر الذى سيقيمه فعلاً، والذى لن يؤمن رؤساء اليهود برغم قيامته من الأموات، بل لقد تآمروا على قتله.
+ فقد كان رفض طلب الغنى، رفضاً للتحجج بأن عدم التوبة له مايبرره، لأن الله يدبر الأمور بإحكام، ولا يقصِّر فى أى أمر، وسيستد كل فم فى المحاكمة أمامه.
4 - والدليل على أن الرفض فى المثل، لم يكن رفضاً لمبدأ عمل المعجزة و إقامة الموتى من أجل الإيمان، الدليل هو أن الرب أقام لعازر فعلاً، وأن قيامته كانت ًسبباً فى إيمان الكثيرين، من البسطاء وليس من رؤساء اليهود: [فكثيرون من اليهود الذين جاءوا إلى مريم ونظروا ما فعل يسوع] يو11: 45، وأيضاً: [كثيرين من اليهود كانوا بسببه يؤمنون بيسوع] يو12: 11، وأما رؤساء الكهنة والفريسيين - الذين كان من الواجب عليهم الإيمان بدون الحاجة للمعجزة، لمعرفتهم بالنبوءات - فلم يؤمنوا، بل تشاوروا لقتل يسوع ولعازر معاً (يو11: 50، 12: 10).
5 - كما ذكر الإنجيل معجزات إقامة موتى عديدة،، بإسم الرب وبواسطة تلاميذه،، مثل إقامة بطرس الرسول لطابيثا (أع9: 40)، وإقامة بولس الرسول للشاب أفتيخوس (أع20: 12)، وقد أدت لإيمان الكثيرين وتعزيتهم وتثبيتهم.
+ إذن، فليس معنى مثل لعازر، أن الرب يرفض عمل المعجزات بإقامة الموتى، ولا يرفض تأثيرها الإيجابى فى زيادة الإيمان، بل كان يقصد أن العارفين بالكتاب المقدس، ومع ذلك لا يتجاوبون معه، ولا يستجيبون لما يقوله، فإنهم معاندون، وبالتالى فلا شيئ يوثر فى قلوبهم المتحجرة، ولا حتى إقامة الموتى.
+ ووما يزيد من تأكيد أن الرب كان يقصد أن علماء اليهود والفريسيين، بالذات، هم الذين لن يؤمنوا، هو أنه قال لهم، بنفس هذا المعنى الذى فى مثل لعازر: [لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونى، لأنه هو كتب عنى] يو5: 46، 47، إذن، فعلماء الناموس، كانوا هم المقصودين، وليس الناس البسطاء الغير عارفين بالأسفار الإلهية.
6 - كما أن رفض إرسال لعازر – فى المثل – لا يعنى رفضاً مطلقاً للعلاقة بين السمائيين والأرضيين.
+ بدليل ظهور موسى وإيليا للتلاميذ، وهم يتحادثان مع المسيح، مما ثبت إيمانهم.
+ وبدليل أن الله يرسل بعضاً آخر من أهل السماء لتبشير الأرضيين، وهم الملائكة الذين يوجد بالكتاب المقدس أمثلة كثيرة على إرسال الله لهم إلى البشر، للمعونة أو للنجدة أو للتبشير أو لتوصيل رسالة، كمثل تبشير كرنيليوس وإنقاذ بطرس من السجن وطمأنة بولس بالنجاة من السفينة فى العاصفة..... إلخ. كما أن أرواح المنتقلين فى العهد الجديد تكون فى الفردوس مثل الملائكة.
والإنجيل يساوى – إلى حد بعيد – مابين الملائكة و البشر، لأن للبشر أيضاً أرواحاً شبيهة بالملائكة:
+ فيسمى الرب أساقفة الكنائس ملائكة (روء 2 و3).
+ كما يسمى يوحنا المعمدان ملاكاً: [هذا هو المكتوب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكى] مت11: 10.
+ ولذلك قال الرب عن الأطفال: [إن ملائكتهم فى السموات كل حين ينظرون وجه أبى الذى فى السموات] مت18: 10، فالعلاقة وثيقة جداً ما بين أرواح البشر والملائكة، لأن كليهما أرواح.
+ ولذلك قال الرب أن الملائكة حملت روح لعازر إلى السماء (لو16: 22)، فكلاهما أرواح.
+ كما أن أهل السماء أحياء، مثلما قال الرب: [ليس هو إله أموات بل إله أحياء، لأن الجميع عنده أحياء] لو20: 38.
+ بل إنه - فى القيامة - ستقوم الأجساد فى حالة روحية أيضاً (1كو15: 42- 50)، فيصبح الإنسان كله روحاً خالصة، مثله مثل الملائكة تماماً (لو20: 36).
+ والآن، فإن أرواح القديسين المنتصرين، تكون مع الرب فى الفردوس (لو23: 43+ يو12: 26، 14: 3)،فى السماء مثل الملائكة بلا فرق.
+ إذن، فلا فارق فى الفردوس - بين أرواح القديسين، وبين الملائكة - فإنهم فى الحياة الأفضل: [ليكون لهم حياة.. أفضل] يو10: 10.
+ ولذلك قال بولس الرسول: [لى إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل جداً] فى1: 23.
+ ولذلك، فمثلما كانت تظهر الملائكة للسيد المسيح، تخدمه وتقويه، فكذلك أيضاً ظهر موسى وإيليا للسيد المسيح، يكلمانه، بلا أى فارق بين الملائكة وأرواح البشر القديسين.
ويعترض المؤلف - أيضاً - على المعجزات التى يصنعها الملائكة - كالملاك ميخائيل - فى كنيستنا الأرثوذكسية.
+ فيبدو أنه يعترض على كل ما بالكنيسة الأرثوذكسية، لمجرد مقاومة الأرثوذكسية، بأى وسيلة، ولو بالتضليل.
+ فلو كان أميناً مع نفسه، لدرس الكتاب المقدس، إذ أنه مملوء بالكثير من المعجزات التى صنعها الملائكة بقوة الله - مثلها مثل تلك التى يعملها الملاك ميخائيل بقوة الله فى كنيستنا - مثل:
+ إنقاذ لوط وعائلته من حرق سادوم (تك19: 1- 16)
+ و نجدته لإسحاق وإحضاره كبشاً عوضه (تك22: 11 - 13)
+ ومثل وقوفه فى طريق بلعام لمنعه عن الطريق الردئ. ومثل دعوته لجدعون لتخليص الشعب. ومثل تبشيره لإمرأة منوح بشمشون، ولما صلى منوح لله، أرسل له الملاك مرة ثانية وأوضح له مايريده. ومثل إنقاذ الملاك لدانيال من فم أفواه الإسود (عد22: 22، قض6: 11، قض13: 3- 20، دا6: 22).
+ كما أن الكتاب المقدس يعلن عن أن الملاك يشفع بالصلاة عن البشر، وأن الرب يستجيب لشفاعته التوسلية (أو الصلواتية -أى التى بالصلاة) (زك1: 12و13).
+ والأمر مستمر، كما كان فى العهد القديم، كذلك هو أيضاً فى العهد الجديد: فالملاك يبشر زكريا بيوحنا، ولما لم يصدقه، ضربه بالخرس لحين ميلاد يوحنا. كما يبشر السيدة العذراء، ويجيب بكل لطف عن إستفساراتها المنطقية. ويعلن ليوسف عن معجزة الحبل المقدس، ويرشده للهرب لمصر، ثم للرجوع. ثم جمهور الملائكة يبشر الرعاة (لو1: 13 – 37 و 2: 13، مت1: 18- 2: 20)
+ والملاك يضرب هيرودس الملك، فيأكله الدود ويموت (أع12: 23)
+ والملاك يرشد فيلبس بالذهاب لتبشير وزير كنداكة (أع8: 26)
+ والملاك يفتح أبواب السجن وينقذ الرسل، ثم ينقذ بطرس من السجن (أع5: 19، أع12: 7)
+ والملاك يبشر بولس الرسول بنجاته وكل ركاب السفينة (أع27: 23)............ إلخ
+ وهكذا، فمعجزات الملائكة بقوة الله لم تنقطع أبداً، فلماذا يريد المؤلف أن يقطعها! هل لمجرد أنها تحدث فى الكنيسة الأرثوذكسية!
وبالطبع توجد آيات شيطانية:
1 - فإنه مكتوب: [سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب] مت24: 24، وأيضاً: [بعمل الشيطان، بكل قوة، وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم فى الهالكين، لأنهم لم يقبلوا محبة الحق، حتى يخلصوا... لكى يُدان جميع الذين لم يصدقوا الحق، بل سُرُّوا بالإثم] 2تس2: 9- 12، وأيضاً: [وأُعطىَ فماً يتكلم بعظائم.. يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم.. يصنع آيات عظيمة، حتى أنه يجعل ناراً تنزل من السماء على الأرض قدام الناس] روء13: 5- 13.
2 - ولكن هذه الآيات الشيطانية لا ينخدع بها – كما يقول الإنجيل – إلاَّ الذين: [لم يقبلوا محبة الحق].
+ وأما الذين يحبون الحق، الصادقين، ذوى الضمير المستقيم المدقق، فإن ضمائرهم الحسَّاسة تشعر بما فى تلك الآيات من التلاعب والمظهرية والبهرجة، وهى الأشياء التى لا يفعلها أبناء الحق والإستقامة، أبناء الله الحقيقيون. + بل يفعلها فقط الضالون المضلون.
3 - فبالمقارنة بين أساليب أبناء الله المستقيمى الضمائر المتواضعين المنكرين لذواتهم، وبين أبناء إبليس المملوئين بالمخادعة والحيلة والتلاعب والمنظرة والإستعراضية والمظهر المصطنع (إن كان بالتألق أو بالدروشة)، الذى يخفى تحته الضمير الواسع المطاط.... فبهذه المقارنة، ينكشف خداع الشيطان وخداع أتباعه. فالفارق الأساسى، هو: الضمير، إن كان مستقيماً تماماً، أم متلاعباً مطاطياً.
4 - ومن أوضح الأمثلة على ذلك، ما يفعله البعض، من إستعراضات مسرحية، مصحوبة بالمؤثرات الصوتية والضوئية (وهم أنفسهم يسمونها: Show!)، ويدعون أنهم يخرجون الشياطين!، فيقوم صاحب الإستعراض بلمس بعض الأشخاص - خصوصاً من الفتيات والسيدات، لأنهن آنية ضعيفة سريعة التأثر - فتسقط الضحية بطريقة تمثيلية مسرحية، وتروح فى غيبوبة، ثم يقوم ذلك المدَّعى ببعض الإستعراضات، فتستفيق الضحية، فيمتلئ المسرح بالتصفيق، فيتحرك ذلك المدعى بطريقة إستعراضية ويحيى الجماهير المعجبة، بنفس النظام الذى يحدث فى إستعراضات السحرة، أو فى المسرح والسيرك!
5 - والآيات الشيطانية تسلب العقول، إذ لها تأثير نفسانى شديد، مثلها مثل المسرحيات والتمثيليات والخطب الحماسية.
+ وهو ما يفعله السحرة، مثل سيمون الساحر الذى كان يسلب العقول: [9 وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ سَاحِرٌ اسْمُهُ سِيمُونُ، يُمَارِسُ السِّحْرَ فَيُذْهِلُ أَهْلَ السَّامِرَةِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ رَجُلٌ عَظِيمٌ. 10فَأَصْغَى إِلَيْهِ الْجَمِيعُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، قَائِلِينَ: «هَذَا هُوَ قُدْرَةُ اللهِ الْعُظْمَى!» 11وَإِنَّمَا أَصْغَوْا إِلَيْهِ لأَنَّهُمْ كَانُوا قَدِ انْخَدَعُوا مُدَّةً طَوِيلَةً بِحِيَلِهِ السِّحْرِيَّةِ!] أع 8: 9 – 11.
+ فالتأثير النفسانى هو عماد العمل الشيطانى، وهو القائم على الخداعات والحيل، والنفخ والشحن النفسى، لملئ النفس إنفعالاً، فتفقد منطقية التفكير، وتنطلى عليها الحيل والأكاذيب. + الإغراء بالإشباع النفسانى والجسدانى، هما عماد الإغراء الشيطانى: [أعطيك هذه كلها، إن خررت وسجدت لى]
+ ولكن هذا التأثير النفسانى، هو خداع نفسى وإيهام، لذلك فإنه يتلاشى بمجرد زوال المؤثر، مثله مثل الفقاعات الجوفاء.
6 - وأذكر أن أحدهم تكلم معى بإنبهار عن واعظ مشهور فى أمريكا، وأنه عندما كان يذهب إلى المنطقة التى بها بيوت البغاء (وهى مرخصة هناك!) كانت البلد كلها تتجمع لمشاهدة العرض (The Show) الذى يقدمه، حتى أن بيوت البغاء تغلق. + فقلت له: إذن، لم تعد تلك البيوت الفاسدة توجد فى أمريكا!. + فقال: لا، إنها تفتح بعد إنتهاء فترة العرض!
+ كما شاهدت بنفسى، برنامجاً تلفزيونياً - فى الثمانينات من القرن الماضى - عن الساحر الأمريكى دافيد، وكان قد قال أنه سيقوم بنقل تمثال الحرية من مكانه. + وقد تم الإستعداد لهذا العرض، إذ أنشأوا مدرجات للجلوس حول التمثال، وكأنه إستاد. + وقد إختفى التمثال فعلاً. + وللتأكيد على ذلك، جعل طائرة هليكوبتر تسير فى الجو فى نفس المنطقة التى كان بها التمثال. + وكان ذلك وسط جمهور غفير. + وقد سأل المذيع الأجنبى الجالسين عن رأيهم فيما شاهدوه، وكان من بينهم أحد القسوس البروتستانت ذوى الياقات، فلما سأله عن رأيه، أجابه بإنبهار وإعجاب شديدين. + فتأسفت جداً - آنذاك - على أنهم ينخدعون ببساطة هكذا، ولا يعرفون الفرق بين عمل الشيطان وبين المعجزات الحقيقية التى لله.
7 - فأما عمل الله، فإنه يعمل على تنوير العيون الروحية، ويعمل على إيقاظ العقل والتفكير المنطقى، لكى يمتلئ الإنسان إستنارة وفهم روحى.
+ والتأثير النفسى - فى عمل الله - لا يتعدى حدود سد الحاجة الطبيعية الضرورية - مثله مثل سد الحاجات الجسدية الضرورية – ولا يكون بالإغراق فيها، إذ لا يكون بالإغراء والجذب النفسانى والجسدانى.
+ معجزات الله لا تلجأ للخداع والشحن النفسى، ويكون لها تأثير روحانى عميق، يؤدى لتوبة حقيقية وتواضع وإنسحاق قلبى.
+ والكثيرون جداً، جاءوا إلى المسيح عن طريق معجزاته بواسطة قديسيه وشهدائه، ويتم كل ذلك فى هدوء بدون بهرجة إعلامية.
8 - وإن أعظم الخطايا، هى التجديف على معجزات الله، والتجنى عليها بأنها معجزات شياطين، مثلما قال الرب لرؤساء اليهود المجدفين على معجزاته: [كل خطية وتجديف يُغفر للناس، وأما التجديف على الروح القدس فلن يُغفر... كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار... بكلامك تتبرر وبكلامك تُدان] مت12: 32– 37.
+ فإنها حالة من الضلال الإختيارى. + حالة من التصميم على رفض الحق، حباً فى الكذب. + حالة من التمسك الشديد بالكذب والخداع والغش، إلى درجة عبادته.
+ وعن أمثال أولئك، مكتوب أيضاً: [ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً، الجاعلين الظلام نوراً، والنور ظلاماً، الجاعلين المر حلواً والحلو مراً] أش5: 20.