العذراء عند الكاثوليك لقداسة البابا شنوده الثالث
محاضرة يوم الثلاثاء المبارك الموافق 23 / 10 / 2007
الكنيسة الأرثوكسية تأخذ موقفا ً متوسطا ً بين نقيضين من البروتستانية و الكاثوليكية، فكيف ذلك؟
الكاثوليك يؤمنون بالكهنوت، لكن يؤمنون فيه بعصمة الباباوات، وعصمة الباباوات أتعبت البروتستانت كثيراً من قراراتهم غير المقبولة، فأصبحوا لا يؤمنون بالكهنوت البشرى إطلاقا ً، فيقول البروتستانت: (لا يوجد سوى كاهن واحد فى السماء وعلى الأرض هو يسوع المسيح) لذلك إن سمعتم فى الكنيسة الإنجيلية فى مصر كلمة (القس فلان) يقصد بها أنه راعى الكنيسة وليس كاهناً لو سألت أى واحد ممن له لقب (قس) هل أنت كاهن؟ يجيب لا. Pastor
الكنيسة الأرثوذكسية تؤمن بالكهنوت فى جميع درجاتها ولكن لا تؤمن بعصمة الباباوات، لا عصمة إلا لله وحده.
الكنيسة الكاثوليكية تركز كثيرا ً على الأعمال، لذلك المطهر عندهم الدخول فيه خاص بالأعمال، الذى أعماله خاطئة يدخل المطهر إلى أن يتطهر من هذه الأعمال، وهكذا أيضا ً الغفرانات بالأعمال، مثلا الذى يصلى (أبانا الذى......) كذا مرة تتم المغفرة له كذا يوم! والذى يزور المعبد الفلانى أو الكنيسة الفلانية تغفر له كذا سنة...... الخ،
أنا كاتب هذه الأشياء بالتفصيل فى كتاب المطهر، يمكن الرجوع إليه.
البروتستانت من الجهة الأخرى يركزون على الإيمان فقط والأعمال ليس لها قيمة.
الأرثوذكسية تقول إيمان وأعمال.
الكاثوليك يؤمنون طبعا بالإنجيل، وبالتقاليد، وقرارات الباباوات، وقرارات المجامع المسكونة (عندهم 20 مجمع مسكونى) نحن نؤمن بثلاثة هم يؤمنون ب 20 مجمع مسكونى.
البروتستانت لا يؤمنون إلا بالإنجيل فقط، لا دخل لنا بالتقاليد ولا بالمجامع ولا قرارات الباباوات.
الكنيسة الأرثوذكسية تؤمن بالإنجيل والتقاليد معا ً.
الكاثوليك يؤمنون بالصلاة على الموتى ويؤمنون بإمكانية إخراجهم من المطهر
البروتستانت يقولون لا صلاة على الموتى أبدا ً، إن مات شخص بروتستانتى ورأيتم الصلاة هناك، لا يقصد بالصلاة أن يطلبوا الرحمة له، كلمة (ارحم يارب فلان) لا توجد عندهم أبدا ً أو كلمة (نيح نفسه) هم يعتقدون أن الصلاة عظة للموجودين بالنسبة للموت وفناء الحياة وأن الحاضرين يتعظون بها، لكن الموتى لا ينتفعون بشىء.
الكنيسة الأرثوذكسية تؤمن بالصلاة على الموتى، لكن لا دخل لنا بالمطهر وإخرجهم منه.
الكاثوليك يؤمنون بالقديسين ويقيمون لهم تماثيل وأعياد، البروتستانت يقولون: (كلنا قديسين) وهناك مساواة لو قلت لهم عن (مار جرجس) يردون: (هل مار جرجس واسطة بيننا وبين ربنا؟) أنا بينى وبين ربنا خط مباشر، وطبعا لا يؤمنون بالشفاعات نتيجة مغالاة الكاثوليك فى موضوع الشفاعات.
الكاثوليك يبالغون كثيرا ً فى إكرام السيدة العذراء مريم، البروتستانت لا يؤمنون بشفاعة العذراء مريم أو غيرها، ويقولون أن العذراء مريم هى أختنا، ونحن نقول أنها أمنا، لدرجة أنى قلت مرة لواحد من هؤلاء البرتستانت: (إذا كانت العذراء أختك تكون أنت خال المسيح) وهم لا يفكرون فى نتائج هذا الكلام، لهذا أنا سأكلمك اليوم عن موضوع واحد عن الكاثوليك وهو:
العذراء عند الكاثوليك
قبل أن أتكلم عن أخطاء الكاثوليك فى الأرتفاع بمستوى السيدة العذراء، أحب أن أقول أن كنيستنا الأرثوذكسية تكرم السيدة العذراء كل الإكرام، بل أنها تجعل مركز السيدة العذراء فوق مركز الملائكة ورؤساء الملائكة وفى التسابيح والهيتنينات نذكر شفاعة العذراء قبل الملائكة والقديسين، والعذراء لها مركزها الكبير فى تسابيح الكنائس وألحانها وبخاصة فى شهر كيهك، ونحن نطلب شفاعة العذراء فى كل صلاة من صلواتنا حتى صلوات الأجبية، ونحتفل بأعياد كثيرة للسيدة العذراء، وهناك قديسون كثيرون بيوم نياحتهم أو استشهادهم، أما العذراء فلها عدد من الأعياد.
أيضا ً نعتبر أن العذراء هى أمنا وسيدتنا، وكثير من الكنائس على اسمها، ولكن لا نبالغ فى إكرام العذراء بالطريقة الخاطئة التى وصل إليها الفكر الكاثوليكى
فما هى هذه الأخطاء؟
مسألة الحبل بالعذراء بلا دنس، وأنها لم ترث الخطية الأصلية إطلاقا ً، وأنها معصومة أيضا ً من كل الخطايا الفعلية، وأنها سيدة المطهر تخرج منه ما تشاء، وتخفف عقوبة من تشاء، وأنها اشتركت فى عملية الفداء، وأنها مصدر لكل نعمة تأتى للبشر، وأنها صعدت إلى السماء جسدا ً وروحا ً.
كل هذه النقاط سندرسها بالتفصيل.
موضوع الحبل بلا دنس، عقيدة أعلنها البابا بيوس سنة 1857، أى أنها عقيدة جديدة، ليست من عقائد العصور الأولى ولا الآباء الأول، ولا المجامع الأولى، فيقول أنها حفظت من دنس الخطية الأصلية فلم ترثها بصفة استثنائية
أى أن جميع البشر ورثوا الخطية الأصلية ما عدا السيدة العذراء (فى عقيدة الكاثوليك) بطريقة استثنائية.
وهنا إذا كانت السيدة العذراء قد خلصت من الخطية الأصلية،
فما معنى الخلاص بالدم؟
ما موقف العقيدة الكاثوليكية من قول الكتاب المقدس:
(بدون سفك دم لا تحصل مغفرة)
وماذا عن قول القديس بطرس الرسول نفسه، حينما يقول عن السيد المسيح
(ليس بأحد غيرة الخلاص)
فهى كيف خلصت إذاً؟
وإن كانت قد وُلدت بدون الخطية الأصلية، لماذا قالت لأليصابات:
(تبتهج روحى بالله مخلصى)؟
يخلصها من ماذا؟
مادام لا يوجد خطية فعلية أو خطية أصلية؟
وإن كان ممكنا ً أن الله يخلص العذراء بطريقة غير الفداء وغير الصلب وغير الدم لماذا لم يستخدم هذه الطريقة مع باقى البشر؟
لماذا الاحتياج للتجسد والفداء والصلب والموت؟
فإذا كان استطاع أن يخلص العذراء بطريقة استثنائية كان يمكن أن يخلص البشر بنفس الطريقة.
ثم ما معنى الاستثناء فى موضوعات الخلاص؟
فى (رو 5) يقول الرسول أنه بخطية واحدة دخل الموت إلى جميع العالم وأصبح الجميع تحت حكم الموت، لا يوجد استثناء فى هذا الكلام.
هم يحاولون أن يعتمدوا على بعض الآيات والعبارات فى الكتاب المقدس، وهذه الآيات إن فحصناها لا نجد إطلاقا ً علاقة بالخلاص من الخطية الأصلية، أو من الخلاص عموما ً، مثلا:
(نسل المرأة يسحق رأس الحية) هى عن المسيح وليست عن العذراء، يقولون: (واحد) لكن فى اللاهوتيات كلمة (واحد) لا تأتى بسهولة، كل كلمة لها معناها، (نسل المرأة الذى هو المسيح) يسحق رأس الحية
يقولون أن الملاك قال لها: (السلام لك أيتها الممتلئة نعمة) وما دام ممتلئة نعمة إذا ً لا يوجد فيها خطية، ونحن نقول أن الامتلاء بالنعمة قيل عن ناس كثيرين قيل عن الامتلاء بالروح القدس
(طبعا الانتماء بالروح القدس هو الامتلاء بالنعمة) عن أليصابات لما سمعت سلام مريم امتلأت بالروح القدس، وجنينها أيضا ً امتلأ بالروح القدس وهو فى بطن أمه وارتكض بابتهاج فى بطنها.
والمؤمنون امتلأوا من الروح القدس، حتى الشمامسة قيل فى اختيارهم:
(اختاروا أنتم أيها الرجال الأخوة سبعة رجال مملوئين من الروح القدس والحكمة) هل معناها الخلاص؟
الامتلاء بالنعمة يعطى بركة معينة لكن لا يعطى خلاصا ً، والخلاص لا يتم إلا بدم المسيح.
يقولون أنه قيل عنها (مباركة أنت فى النساء)
فهل كلمة مباركة أنت فى النساء تدل على الخلاص؟
وكلمة (مبارك) منحت لكثيرين، فى (تث 28) كلام كثير جدا ً عن البركة:
(تكون مباركا ً فى دخولك وفى خروجك، وفى البيت وفى الحقل....)
إبراهيم قيل له: (وتكون بركة) فى (تك 12) فكل هذه آيات لا تدل على شىء من جهة أن مريم حبل بها بلا دنس.
من جهة عمل الروح القدس فيها، كان عمل الروح القدس فيها هو تطهيرها من الخطية أثناء فترة الحبل المقدس فقط، لكى لا يرث المولود منها الخطية الأصلية، ولذلك لتكملة موضوع الحبل بلا دنس، راهب فرنسيسكانى اسمه
(سكوت) أدخل عقيدة الفداء بالوقاية، أنها نالت الفداء ليس بالدم ولكن بالوقاية من الخطية، ولو أن رأيه لم يؤمن به كل الكاثوليك، الدومينيكان لم يعجبه هذا الكلام.
المهم أن الكاثوليك عندهم عيد اسمه عيد الحبل بمريم، البابا سيكستوس قال إن عيد الحبل بمريم هو أغلى الأعياد بالغفرانات، أين أن الذى يحضر هذا العيد يتم غفران خطايا أكثر من أى عيد آخر، هل حضور العيد يأتى بغفرانات؟ كلام ليس له معنى لاهوتى.
نحن نعرف أنه لا يمكن أن تحدث مغفرة إلا بالتوبة، طبعا ً مغفرة الخطايا الموروثة بالمعمودية، لكن مغفرة الخطايا الفعلية بالتوبة، والسيد المسيح يقول فى (لو 13: 3، 5) (إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون)،
فما معنى أن واحد يحضر عيدا ً معينا ً فيتم غفرانه؟
الغفرانات لا تأتى بزيارة المواضع المقدسة إنما تأتى بالتوبة وتنقية القلب.
كان يقال قديما ً (ما من أحد يقدر على الخطية الأصلية إلا المسيح) ولكن البابا بيوس الخامس قال هذا الكلام خطأ، فالعذراء والمسيح فى مستوى واحد من هذه الجهة، هما الاثنين معصومان، إلى أن جاء البابا بيوس التاسع سنة 1854 وقال أن العذراء منزهة عن الخطية الأصلية باستثناء.
هم أعطوا عصمة للعذراء عن الخطية الأصلية ومن أى خطية فعلية وأعلن ذلك البابا بيوس 12 وقال لأنها ممتلئة نعمة.
ثانى نقطة: سيدة المطهر
فيقولون أن العذراء لها سلطة أنها تخفف آلام من فى المطهر أو تقصر مدة بقائهم فى المطهر وهنا تكون الشفاعة توسلية إنما شفاعة خاصة بمغفرة الخطية وهذا شىء صعب.
يقولون أن العذراء شريكة فى الفداء، طبعا ً الفداء قام به السيد المسيح وحده وهو الذى قام بعملية الفداء كله، لكن هم يقولون أن العذراء اشتركت فيه، وهذا الذى يجعل البروتستانت يتعبون جدا ً، وممكن آية مثل:
(لا يوجد وسيط بين الله والناس) فنحن نقول أن شفاعة القديسين هى شفاعة توسلية، صلاة من أجلنا، لكن فى الفداء لا يوجد سوى وسيط واحد، لكن الكاثوليك قالوا حتى فى الفداء العذراء تدخل كوسيط.
قالوا أنها وسيطة فى الفداء بولادتها للمسيح المخلص مصدر الفداء ونحن نقول: هى صحيح أم المخلص لكنها ليست مخلصة، هى ولدت الذى خلص العالم لكن هى نفسها لم تشترك فى خلاص العالم، وولادتها للمخلص كان تدبير من الله نفسه، هو الذى قال أن الروح القدس يحل عليك...... الخ، لكن ليس لها دخل فى موضوع الخلاص.
يقولون أنها قدمت ابنها على الصليب، وبذلت امومتها فى هذا؟
من الذى قدم ابنه على الصليب هل الآب كما ورد فى (يو 3: 16)
(هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد)
أم الابن نفسه هو الذى قدم نفسه للصليب كما ورد فى (يو 10)
(لى نفس لا يأخذها أحد منى أنا أعطيها من ذاتى ولى سلطان أن آخذها بذاتى)
المسيح قدم نفسه، العذراء لها فى التجسد ولكن ليس فى الفداء هى لما قالت
(ليكن لى كقولك) كان عن التجسد لكن من جهة الفداء لم يكن لها دخل فيه، ولا نقول أنها اشتركت فى الفداء، وبذلت أمومتها، نحن نقول فى الصلاة:
(أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص، أما أحشائى فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك يا ابنى وإلهى) كل هذا لا يدل على شىء.
ومن الأشياء الصعبة التى يقولونها أنهم يقولون أن العذراء مصدر كل نعمة تأتى إلى البشر، يقولون أنه منذ انتقال مريم إلى السماء ما من نعمة تأتى إلى البشر إلا بشفاعتها.
هل لا يوجد نعمة تأتى من ربنا من رحمته وحنانه بدون شفاعة أحد؟
هم يقولون أنه كله بها، هل لا يوجد شفاعة قديسين آخرين؟
هل شفاعة العذراء غطت على جميع القديسين الآخرين؟
يقولون أنها أعطيت أن توزع نعمة المسيح الخلاصية على البشر.
نقول النعمة العادية معقولة، لكن النعمة الخلاصية؟
النعمة الخلاصية ننالها عن طريق المعمودية وعن طريق الكهنوت، لكن هم يقولون لا يمكن أن توجد نعمة خلاصية إلا عن طريق مريم! ماذا عن عمل الروح القدس الذى قال عنه السيد المسيح فى (يو 16)
(يأخذ مما لى ويخبركم)؟
يقولون أنه بعد أن دخلت إلى المجد السماوي تشارك فى توزيع نعم الفداء بشفاعتها الوالدية!
فقال البابا لاون 13 (نعمة المسيح الخلاصية بتدبير من الله لا تعطى لأحد بدون شفاعة مريم الكاملة بحيث لا توزع نعمة البشر على الناس إلا بتدخل منها)
كلام غير مقبول لا عقليا ً ولا لاهوتيا ً ولا منطقيا ً ولا هو مستند على أية آية من الكتاب المقدس، نقول لهم اثبتوا هذا من الكتاب فلا يستطيعون.
يقولون أنه كما أنه لا يستطيع أحد أن يتقرب إلى الآب إلا عن طريق الابن كذلك لا يستطيع أحد أن يتقرب إلى الابن إلا عن طريق أمه!
والبابا بنتدكتوس ال 15 يقول أن كل النعم التى شاء صانع كل خير أن يوزعها على أبناء آدم المساكين إنما يوزعها بتدبير من العناية الإلهية بيد العذراء القديسة
والبابا بيوس 11 يقول: (هو الله أراد أن ننال كل شىء عن طريق مريم) كل هذه الأمور ضد مبدأ الشفاعة وضد الحقائق اللاهوتية، ولا يثبتها شىء من الكناب المقدس، وكان لها رد فعل عنيف عند البروتستانت، فأنكروا كل ما يختص عن العذراء وأنكروا دوام بتولية العذراء، وتزوجت وأنجبت، وقالوا عنها أنها أختنا وقالوا أصعب من ذلك، فشبهوها بقشرة البيضة، التى خرج منها الكتكوت ثم أصبح لا قيمة لها!!
هكذا العذراء بعد أن خرج منها المسيح!!!
لأن الكلام الذى قاله الكاثوليك كان له رد عند البروتستانت.
حتى من جهة صعودها نحن فى الكنيسة الأرثوذكسية، نعيد بعيد نياحة أو وفاة العذراء فى يوم 21 طوبة، وبعيد صعودها يوم 16 مسرى، يوجد زمن بين الاثنين، لكن البابا بيوس 12 عند الكاثوليك قال سنة 1946 أن العذراء انتقلت بالنفس والجسد إلى السماء أنا قلت لكم هذا الكلام ومن له أذنان للسمع فليسمع.