مقدمة لسفر عزرا
في الليلة التي أقام فيها بيلشاصر، ملك الكلدانيين، احتفالا للقادة البارزين في إمبراطوريته، أمر بتعيين دانيال حاكما متسلطا ثالثا في المملكة (دانيال 29:5). وكان دانيال في هذا الوقت قد بلغ على الأقل التسعين من عمره.
في نفس تلك الليلة، استولى على المدينة داريوس المادي، وهو النائب الوصي على عرش كورش ملك فارس. ولم يكن هذا أمرا مدهشا لدانيال، الذي كان ينتظر بإيمان نهاية سبي إسرائيل الذي استمر 70 سنة، طبقا لنبوة إرميا (إرميا 11:25-12؛ 10:29). وطبقا لنبوة إشعياء، فإن كورش هو الشخص المعين لإطلاق سراح اليهود (إشعياء 28:44؛ 1:45-4).
وبعد موت بيلشاصر، أمر داريوس بتعيين دانيال ليكون واحدا من الرؤساء الثلاثة على المملكة. وبعد ذلك أمر داريوس بأن يكون دانيال مشرفا على الـ 120 قائد الآخرين في مجال اختصاصه. وبعد وصول كورش إلى المدينة، يبدو أن دانيال قد أراه أن اسمه مكتوب في سفر إشعياء. وبلا شك أن كورش قد اندهش عندما رأى أن دخوله إلى مدينة بابل وانتصاره على بيلشاصر هو أمر قد سبق التنبؤ به من قبل أن يولد بحوالي 200 سنة. فلا عجب أن تنبه قلبه، وأطلق نداء في كل مملكته ، قائلا إن الرب إله السماء أوصاني أن أبني له بيتا في أورشليم (عزرا 1:1-2). وبالإضافة إلى ذلك، فإن الملك كورش أعاد جميع الآنية من الذهب والفضة التي كان نبوخذنصر قد أخذها من الهيكل في أورشليم (7:1-11).
وكان معظم الجيل القديم الذي قاده نبوخذنصر إلى السبي قد ماتوا في ذلك الوقت. وكان الجيل الجديد من اليهود قد تربوا في أرض السبي ولم يكن لديهم الدافع القوي للرجوع إلى وطنهم الذي لم يروه من قبل. ومع ذلك فإن كثيرين قد عادوا إلى أورشليم. ويسجل عزرا أن البعثة الأولى (أصحاح 1-2) قد تضمنت 42360 يهوديا بالإضافة إلى 7337 من العبيد، وكانت تحت قيادة زربابل، حفيد الملك يكنيا [والذي يعرف أيضا باسم يهوياكين] (عزرا 64:2-65؛ 1 أخبار 17:3-19).
وبمجرد وصولهم إلى أورشليم، قاموا ببناء مذبح واحتفلوا بعيد المظال. واستغرق الأمر حوالي سنتين لإكمال أساسات الهيكل، ولكن العمل توقف بعدها بسبب المقاومة (عزرا 3-4).
وبعد حوالي 14 سنة، كنتيجة للمناداة بكلمة الله كما هي مسجلة في سفري حجي وزكريا، بدأ اليهود من جديد يبنون بيت الله وأكملوه في حوالي خمس سنوات، على الرغم من المقاومة الشديدة (أصحاح 5-6). وتغطي الستة أصحاحات الأولى من سفر عزرا العشرين سنة الأولى بعد رجوع زربابل.
وبين الأصحاحين 6 و 7 توجد فترة حوالي 60 سنة. أثناء هذه المدة، وقعت الأحداث المسجلة في سفر أستير، وأيضا مات زربابل وربما حجي وزكريا.
وتسجل الأصحاحات 7-10 الأحداث التي وقعت بعد حملة زربابل بحوالي 80 سنة. في ذلك الوقت قاد عزرا حوالي 1800 رجلا، غير النساء والأطفال (حوالي 5000 شخصا) من بابل عاصمة فارس إلى أورشليم
مقدمة لسفر نحميا
كان نحميا، وهو يهودي، يشغل منصبا مكرّما إذ كان ساقي الملك أرتحشستا، ملك الإمبراطورية الفارسية. وقد كان هذا المركز يدل على الثقة العظيمة، وهو شيء يحسده عليه الجميع لأنه لا يوجد شخص آخر في المملكة له مثل هذه العلاقة الوثيقة بالملك بصفته الساقي الشخصي له.
ولكن نحميا كان واحدا من المسبيين الأمناء الذين كانت قلوبهم في أورشليم (مزمور 4:137-6). فإن مركزه الاجتماعي وملذاته الشخصية وثروته المادية لم تكن لها الأولوية في تفكيره. ولكن اهتمامه الأول كان بأورشليم وبعبادة الله الواحد الحقيقي.
على مدى أكثر من 100 سنة كان يبدو من المستحيل إعادة بناء أسوار أورشليم (2 ملوك 8:25-11). فالبقية اليهودية الذين عادوا إلى هناك لم يكونوا أغنياء، والأعداء الدائمين من الشعوب المحيطة كانوا يدخلون بسهولة ويسرقون المحاصيل وغيرها من الممتلكات.
كانت حوالي 14 سنة قد مرت منذ أن قاد عزرا حملته إلى أورشليم، عندما تلقى نحميا بلاغا عن الفقر الروحي والمادي السائد هناك. يقول نحميا: فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت ونحت أياما وصمت وصليت أمام إله السماء (نحميا 4:1). وقد نتج عن صلوات نحميا أن ملك فارس سمح له بالرحيل وعيّنه حاكما على اليهودية وأعطاه تصريحا بإعادة بناء الأسوار (نحميا 5:2-7؛ 14:5).
وقد واجه نحميا مقاومة شديدة من الأعداء المحيطين. بل إن بعض الأشخاص المرموقين في أورشليم رفضوا أن يتعاونوا معه (نحميا 19:2؛ 5:3؛ 1:4-12). ولكن بالصلاة المستمرة والإيمان بالله، قاد نحميا الشعب لإكمال الأسوار في زمن قياسي هو 52 يوما (نحميا 15:6).
وبعد أن كمل بناء الأسوار، اجتمع الشعب أمام عزرا ليقرأ لهم من سفر الشريعة. فأتى عزرا الكاتب بالشريعة ... وقرأ فيها ... من الصباح إلى نصف النهار (نحميا 1:8-14). وفي اليوم التالي جاء القادة إلى عزرا من أجل مزيد من الفهم. وقد نتج عن ذلك أنهم احتفلوا بعيد المظال. وكان يقرأ في سفر شريعة الله يوما فيوما من اليوم الأول إلى اليوم الأخير. وعملوا عيدا سبعة أيام (نحميا 18:8). وأدى ذلك إلى مزيد من الصلاة والاعتراف والصوم والتعاهد مع الله (أصحاح 8-11).
بعد ذلك رجع نحميا على الأرجح إلى البلاط الملكي في فارس وظل هناك ما يقرب من 12 سنة. وأثناء غياب نحميا عن أورشليم (نحميا 6:13)، زحفت الشرور إليها ولاقت قبولا. ولكن عندما عاد نحميا أمكنه تحويل الأمة مرة أخرى عن هذه الشرور وأعاد تأسيس العبادة الحقيقية (نحميا 7:13-31).
لم يكن عمل نحميا سهلا وإنما كان مليئا بالمخاطر (نحميا 12:4-14،17-23؛ 2:6-4،1-13). ولكن نحميا وعزرا اجتهدا كلاهما في توضيح كلمة الله للشعب وفي متابعتها بالتطبيق (نحميا 8:8،13،18؛ 1:13-30). وقام عزرا ونحميا بتدشين أسوار أورشليم (نحميا 27:12-43)، واستمر نحميا حاكما على أورشليم. إن تقوى وإخلاص هذين الرجلين يجب أن يكونا حافزين لكل الذين يهمهم أن شعب الله ينفصل عن الخطية ويعيش من أجل إكرام وتمجيد الرب.
مقدمة لسفر أستير
سفر أستير هو آخر الأسفار التاريخية الـ 17 في العهد القديم. وهو يتضمن ما يقرب من 12 سنة من تاريخ اليهود الذين ظلوا في بلاد فارس بعد انقضاء مدة السبي التي امتدت 70 سنة. ومعظم هؤلاء اليهود كانوا قد ولدوا في السبي وبالتالي لم يكن لهم ولاء لأورشليم. وعلى الأرجح أنهم لم يدركوا الأهمية النبوية للجنس اليهودي.
يرجح أن أحداث سفر أستير وقعت بعد حوالي 40 سنة من إعادة بناء الهيكل وقبل إعادة بناء أسوار أورشليم بما يقرب من 30 سنة. ومن المرجح جدا أن تكون أستير هي التي مهدت الطريق لنحميا ليصبح ساقي الملك وأتاحت له الفرصة ليعيد بناء أسوار أورشليم ويتمم عمله في أورشليم.
وعلى الرغم من أن اسم الله لا يرد في هذا السفر وكذلك أيضا كلمة "صلاة"، إلا أن الهدف من هذا السفر هو بيان سلطة الله غير المنظور وقدرته المطلقة على التحكم في حكام هذا العالم وتنفيذ مقاصده. إن الله لديه دائما الشخص الصحيح في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح - وحتى إذا فشل كل البشر في عمل إرادته، فإنه يقدر أن يتكلم من خلال حمار كما حدث مع بلعام (عدد 28:22-31)، أو إذا لزم الأمر فإنه يقدر أن يجعل الحجارة تصرخ (لوقا 40:19) كما قال يسوع لناقديه، وإذا احتاج إلى عون فإن لديه تحت أمره أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة (متى 53:26). ولكن الله اختار أن يتمم إرادته من خلال خدامه المختارين - أولئك الذين يعترفون باعتمادهم الكامل عليه.
إن أحداث هذا السفر لم تحدث بالصدفة، لأننا نجد أن الصوم - والذي يتضمن أيضا الصلاة - يمثل جزءا هاما في إتمام خطة الله من خلال عبديه مردخاي وأستير (أستير 3:4-4،16-17).
إن الصلاة القوية مثل تلك التي رفعها مردخاي، الذي صرخ صرخة عظيمة مرة (أستير 1:4-3)، كانت دائما مصحوبة بالصوم كوسيلة للاقتراب أكثر من الرب والابتعاد أكثر عن شهوات العالم (قارن متى 21:17؛ مرقس 29:9).
تبين لنا أسفار عزرا ونحميا وأستير أنه لا توجد أوضاع مستعصية وأن الله يستطيع أن يسيطر على عمل العدو ويحقق إرادته بكل تفاصيلها من خلال شبعه.