مقدمة لسفر الأمثال
يحتوي هذا السفر على 900 مثلا تقريبا ويركز على كل جوانب الحياة - الأخلاقية، والدينية، والاجتماعية، والسياسية.
وهو يضع في الاعتبار الأول العبادة والولاء لله وخدمته: مخافة الرب رأس المعرفة [أي بدايتها وجوهرها]، أما الجاهلون فيحتقرون الحكمة والأدب [الذي بحسب التقوى] (أمثال 7:1). وهذا يجب أن يؤدي إلى ثقة مطلقة في كلمة الله وأيضا سحب الثقة في الحكمة الذاتية أو المشاعر الشخصية (أمثال 5:3-6).
إن اتباع الحكمة يؤدي إلى الطاعة والأمانة والإخلاص والتضحية من أجل الرب في خضوع كامل لمشيئته (أمثال 1:3-18). فالحكمة هي إحدى صفات الله الخالق السرمدي ونحن نحتاج إلى حكمة الله لكي نتمم إرادته.
العبادة الحقيقية هي عبادة داخلية وخارجية. فالعبادة الخارجية - أي الترانيم التي نرنمها والكلمات التي نقولها - يجب أن تكون في توافق مع أفكارنا الداخلية (أمثال 9:14،25؛ 3:17). وأي شيء أقل من ذلك يعتبر نفاق ورياء. وهذا هو الذي يجعل العابد مقبولا أمام الله أو يجعله مكرهة أمامه (أمثال 20:11؛ 8:15). عندما نخطئ، فيجب أن نعترف بذنبنا ونخضع لتأديبه (13:28؛ 11:3).
والتركيز الثاني في هذا السفر يختص بمسئوليتنا من جهة السلوك الشخصي. وهذا يدخل تحت عدة بنود:
1-تجنب المعاشرات الرديئة (10:1-18؛ 20:13).
2-الطمع هو شر عظيم ومكاسبه وقتية فقط وهو يؤدي إلى خداع الآخرين (19:1؛ 4:23-5؛ 20:28).
3-الزنى، والشذوذ الجنسي، وجميع الخطايا الجنسية هي مكرهة (16:2-19؛ أصحاح 5؛ 23:6-35؛ أصحاح 7؛ 18:9؛ 14:22).
4-السعي للعيش في سلام مع الآخرين (29:3؛ 13:17).
5-البطالة والكسل يدمران فرص الإنسان (6:6؛ 4:13؛ 19:15).
6-يجب حفظ اللسان لأنه هو أداة الحياة والموت (3:13؛ 21:18؛ 23:21).
7-الحكيم والجاهل سيطلبان كلاهما صداقتك (أصحاح 9).
8-تجنب كشف أخطاء الآخرين وعيوبهم لأننا نتمنى نفس هذه المعاملة (12:10).
9-التزم بالأمانة في جميع تعاملك مع الآخرين (1:11؛ 14:20،28؛ 6:21).
10-اعلم أن الكبرياء ومدح النفس كلاهما ضد الحكمة ومكروهين من الله (9:12؛ 5:16، 18-19؛ 2:17؛ 4:21).
11-كن عطوفا على الآخرين - أشفق على المتألمين، وشجع اليائسين، وأعط المحتاجين (25:12؛ 24:16؛ 27:3؛ 31:14).
12-الحكيم يعتبر الحياة فرصة لإتمام إرادة الله، أما الجاهل فيعتبر الحياة فرصة للانغماس في المتع الشخصية (7:13؛ 1:23، 20-21، 29-32).
13-الغيرة والغضب يدمران صاحبهما (17:14،30؛ 1:15).
14-اعمل على تكوين صداقات مع الذين يحبون الرب وابذل كل جهد لمساعدتهم على الاقتراب أكثر من الرب (24:18).
15-تحذيرات بخصوص مخاطر وخداع الخمر (1:20؛ 17:21؛ 30:23-31؛ 4:31-5).
والفرق الأساسي بين الحكيم والجاهل يظهر في طريقة استخدامهم للوقت وللخيرات الزمنية - أي الأموال والمواهب والقدرات والممتلكات
مقدمة لسفر الجامعة
الكلمة اليونانية التي ترجمت إلى "الجامعة" تعني "الواعظ"، أو الشخص الذي يخاطب جمعا من الناس. ويشير الكاتب لنفسه بأنه ابن داود، الملك في أورشليم (جامعة 1:1)، ونقرأ: أنا الجامعة كنت ملكا على إسرائيل في أورشليم (جامعة 12:1). وقد ذكر سليمان 27 إنجازا أنجزه في حياته، قائلا: ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما (جامعة 10:2). وخلال هذه الفترة انتهك كلمة الله بإرادته إذ أكثر لنفسه الخيل والأموال والنساء وأقر بأنه لم يمنع قلبه من كل فرح (جامعة 10:2؛ تثنية 16:17-17). وبعد ذلك اعترف قائلا: ثم التفت أنا إلى كل أعمالي التي عملتها يداي وإلى التعب الذي تعبته في عمله فإذا الكل باطل وقبض الريح.. فكرهت الحياة لأنه رديء عندي العمل الذي عمل تحت الشمس لأن الكل باطل وقبض الريح (جامعة 11:2-17). وقد تكرر استخدام العبارة: الكل باطل - فالإنجازات، والملذات، والثروة - كانت مثل البخار عديمة الجدوى (جامعة 1:1-11).
لقد التفت سليمان إلى حياته فوجدها أسوأ مثال يحتذي به. وقد اعترف بأنه سلك بحسب الحكمة، ولكن بالانفصال عن الله؛ وبحسب العلم ولكن ليس بحسب كلمة الله. وهذا يعتبر انتهاكا مباشرا لمسئوليات الملك أمام الله (تثنية 17:17-20).
كانت موارد سليمان غير محدودة، إذ كانت له ثروة واسعة وسلطة عظيمة. ولكن بانتهاء ملكه الذي استمر 40 سنة، كانت الحكومة قد فسدت وكان الشعب على وشك الثورة إذ أرهقته الضرائب الباهظة.
وبعد أن عاش حياته هباء، اعترف سليمان بأنه من الغباء أن يظن الإنسان أنه يستطيع أن يحقق السعادة والشبع بمجهوداته الشخصية وقدراته ومهاراته وطموحاته - ولكن سعادة الإنسان الحقيقية تكمن في خضوعه لكلمة الله، وقد وصف نفسه بأنه ملك شيخ جاهل (جامعة 13:4).
وقد أدرك سليمان أن الخطاة أغبياء. ولكن لاحظ أن حتى المتدينين يدخلون إلى بيت الرب بغير وقار، ويتلون صلوات طويلة لا تنبع من القلب، وينذرون نذورا سرعان ما ينسونها (جامعة 1:5-7).
فاستنتج سليمان أنه مهما كثرت مواهب الإنسان وقدراته وإمكانياته والفرص المتاحة له وممتلكاته فإنها لا تعطيه الشبع الحقيقي لأن الإنسان دائما يريد المزيد (جامعة 10:5-20؛ 1:6-9). لأن جميع الأِشياء هي ملك لله ولا يمكن أن تجلب السعادة الحقيقية إلا إذا استخدمت لمجده وتكريمه - فليس للحياة سوى غرض واحد، وهو الاستعداد للأبدية - وسيأتي يوم فيه يصحح الرب جميع الأوضاع الخاطئة (جامعة 12:8-13؛ 14:12).
عندما قال سليمان: افرح أيها الشاب في حداثتك، وليسرك قلبك في أيام شبابك، واسلك في طرق قلبك وبمرأى عينيك (جامعة 9:11)، فهو إنما كان يصف بالضبط ما فعله هو. وإذا اكتفينا بهذا الجزء من القول فإننا نظن أنه يشجع الشباب أن يضربوا بالحذر عرض الحائط وأن يجعلوا الهوى والمتعة غايتهم. ولكنه أضاف قائلا: واعلم أنه على هذه الأمور كلها يأتي بك الله إلى الدينونة (جامعة 9:11؛ أيضا 6:8؛ 13:4).
إن الرسالة الأساسية لهذا السفر هي الدعوة لاكتشاف حكمة الإنسان الحقيقية التي تكمن في مخافة الرب. فاذكر خالقك في أيام شبابك [أنك لست ملك نفسك بل ملكه هو الآن] .. لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة على كل خفي إن كان خيرا أو شرا (جامعة 1:12،14).
مقدمة لسفر نشيد الأنشاد
كاتب سفر نشيد الأنشاد هو سليمان (نشيد 1:1). وهو عبارة عن قصة حب جميلة تعبر عن رابطة الزواج الطاهرة المقدسة التي رسمها الخالق - ليكن الزواج مكرما عند كل واحد والمضجع غير نجس، وأما العاهرون والزناة فسيدينهم الله (عبرانيين 4:13).
ينظر معلمو اليهود إلى هذا السفر على أنه صورة للعلاقة بين الله وبين إسرائيل. ويعتقد العديد من القادة المسيحيين أنه يعبر عن المحبة الكائنة بين المسيح وكنيسته. فهو يعبر عن الأشواق التي في النفس المسيحية للوجود في محضر العريس السماوي، والاتحاد الثمين بين العروس والعريس - ملك الملوك ورب الأرباب. فهو يصور حقا الحب الروحي - أو العلاقة الروحية المقدسة بين الله وبين الذين يحبونه.
ويحكي سفر نشيد الأنشاد قصة حلم جميل حلمت به زوجة شابة عندما تأخر عريسها. فإن الحب الثمين بين الزوج وزوجته يعلي من شأن صفاتهما كليهما.
والقصة بأكملها تأخذ شكل الحلم. فإن الظروف مبهمة ولا تشبه ما يحدث في الحياة العادية. فالشوق والحيرة والبحث تمثل صور الأحلام. لقد كانت الزوجة نائمة في فراشها، ولكن أفكارها كانت ممتلئة من الزوج الغائب. طلبت من تحبه نفسي، طلبته فما وجدته (نشيد 1:3).
توجد صعوبات عديدة في التفسير الروحي لبعض هذه الأقوال، ولكن في الواقع توجد أيضا صعوبات في تفسير علاقة الكنيسة بالمسيح عريسها. فأحيانا يكون لدينا إحساس عميق بحضوره ولكن هذا الإحساس قد يزول بلا سبب. ومع ذلك فإن محبتنا له تتزايد إذ نستمر ننتظره مترقبين تلك اللحظة التي فيها ستقع عيوننا عليه: فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجها لوجه، الآن أعرف بعض المعرفة ولكن حينئذ سأعرف كما عرفت (1 كورنثوس 12:13). إن أهمية هذا النشيد تتضح بطريقتين. أولا، أن الخالق الذي يتحكم في قلوب الملوك قاد جامعي الكتاب المقدس أن يضموا إليه هذا النشيد؛ وثانيا أن الرب نفسه قال إن كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم (2 تيموثاوس 16:3).