ما هو التجديد ؟ وبم يمتاز في اصطلاح علم اللاهوت عن الرجوع إلي الله
ما
هو الرجوع إلي
الله وبم
يمتاز في
اصطلاح
اللاهوتيين
عن التجديد ؟
ما
هي أقوال
الكتاب
المقدس في
التجديد ؟ وما
هي حقيقته
بحسب مقتضاها
؟
ما
هي الأقوال
المختلفة
بعلة التجديد
الفعالة ؟ وما
هو القول
الصحيح ؟
ما
هي الأقوال
المختلفة في
الواسطة التي
يتم بها
التجديد ؟
ما
هو السر
العظيم في
تعليم الكتاب
من جهة
التجديد
والرجوع إلي
الله ؟وما
القول الأصح
فيه ؟
ما
هو التجديد ؟
وبم يمتاز في
اصطلاح علم
اللاهوت عن
الرجوع إلي
الله ؟
التجديد
يعرف مما يعبر
عنه بألفاظ
الكتاب
المقدس. ومن
أشهرها
الولادة
الجديدة (يو 3 : 3 و
7 ويع 1 : 18)
والخليقة
الجديدة (2كو 5 : 17
وغل 6 : 15 وأف 2 : 1 و 4 : 24)
والقيامة إلي
حياة جديدة (يو
5 : 21 وأف 2 : 5)
والولادة من
الروح (يو 3 : 8)
والحياة من
الموت (رو 6 : 13).
واصطلح
اللاهوتيون
غالباً علي
كلمة التجديد
أو الولادة
الثانية بهذا
المعنى وهو
تغيير الله
النفس أو
نقلها من
الموت الروحي
إلي الحياة
الروحية حتي
يصير ميلها
الطبيعي للشر
ميلاً
للقداسة. فهو
تغيير خصال
النفس أو
أخلاقها
تغييراً لا
يقدر عليه إلا
روح الله.
ويمتاز
التجديد عن
الرجوع إلي
الله بكونه
عمل الله وأما
الرجوع إلي
الله فهو عمل
الإنسان
الناتج عن
تجديده. ففي
التجديد الله
يرجع النفس
إليه وفي
الرجوع
المذكور
النفس تعود
إلي الله
بمعونة الروح
القدس وهو
نتيجة
الترجيع
الإلهي
وتابعه. ولا
يخفى أن
التجديد
والرجوع
وجهان لأمر
واحد الأول
يختص بالله
والآخر
بالإنسان. ففي
الأول النفس
مفعول بها وفي
الثاني فاعلة
لأنه إذا غير
الله الأخلاق
الطبيعية
الساقطة
المتسلطة علي
الإنسان كانت
النفس بذلك
مفعولاً بها
وإذا قصد
الإنسان
بمعونة الله
مقاصد جديدة
وسعي في
الرجوع إلي
حياة الطاعة
لله وقبول
الحق واتباعه
كان هو بنفسه
عاملاً. وبهذا
يمتاز
التجديد عن
الرجوع غير
أنه لابد من
اقترانهما
مطلقاً لأن
المتجدد يرجع
في الحال ولا
يرجع إلا
المتجدد.
ويعبر
أحياناً عن كل
ما سبق من أمر
التجديد
والرجوع معاً
بلفظة ترجيع
إشارة إلي كون
الإنسان قد
رجعه الله
ورجع هو إلي
حياة التقوى
انقياداً
لترجيع الله
له.
ما
هو الرجوع إلي
الله وبم
يمتاز في
اصطلاح
اللاهوتيين
عن التجديد ؟
الرجوع
عمل الإنسان
بمعونة نعمة
الله في قيامه
بإتمام
مطالبه تعالي
من كل خاطئ وهي
أن يرجع إليه
بالتوبة
والإيمان.
فالإنسان
الساقط ينال
من الله
الحياة
الجديدة
والتبرير
والتبني
والتقديس
كمواهب
النعمة
المجانية علي
أنه لابد من
اقترانها
بسعيه في
الرجوع إلي
الصلاح
بالتوبة
والإيمان وقد
اصطلح الكتاب
المقدس علي
لفظة رجوع
للتعبير عن
عمل الإنسان
هذا. وقد اتضح
منه أن ذلك
العمل وإن كان
عمل الإنسان
من وجه هو
نتيجة عمل
الله من وجه
آخر ولا
يستطيع
الإنسان أن
يتممه أبداً
إلا بأن يقترن
بالتجديد
ويرافقه فعل
النعمة
المجانية من
قبل الله. ومن
آيات الكتاب
المقدس في
الرجوع قوله
حي أنا يقول
الرب قبل الله.
ومن آيات
الكتاب
المقدس في
الرجوع قوله
حي أنا يقول
السيد الرب
أني لا أسر
بموت الشرير
بل أن يرجع
الشرير عن
طريقه ويحيا.
ارجعوا
ارجعوا عن
طرقكم
الرديئة
فلماذا
تموتون يا بيت
إسرائيل (حز 33 : 11)
وقوله فتوبوا
وارجعوا
لتمحي
خطاياكم (أع 3 : 19)
وقوله وكانت
يد الرب معهم
فآمن عدد كثير
ورجعوا إلي
الرب (أع 11 : 21)
وقوله لأنكم
كنتم كخراف
ضالة لكنكم
رجعتم الآن
إلي راعي
نفوسكم
وأسقفها (1بط 2 : 25).
ويتم رجوع
الخاطئ
أحياناً بكل
سرعة وبعزم
شديد وثابت في
الحال ويشغل
أحياناً مدة
لا تزال النفس
فيها مترددة
ومتقلبة إلي
أن يثبت عزمها
ولا تتزعزع
بعد بل تقصد
الرجوع وتتمم
ذلك بلا توقف.
ويشتمل رجوع
الخاطئ علي
أمرين
جوهريين وهما
العدول عن
الخطية
والإقبال إلي
الله فنسمي
الأول
بالتوبة
والثاني
بالإيمان. قال
بولس كذلك
أنتم أيضاً
احسبوا
أنفسكم
أمواتاً عن
الخطية ولكن
أحياء لله
بالمسيح يسوع
ربنا (رو 6 : 11)
وقال لأنكم قد
متم وحياتكم
مستترة مع
المسيح في
الله (كو 3 : 3).
وعلي هذا لا
يتم الرجوع
دفعة ويكمل بل
يظهر علي
الدوام
متوالياً في
حياة كل مسيحي
لأن حياته
قائمة دائماً
بالرجوع إلي
الرب بالتوبة
والإيمان غير
أن رجوعه
أولاً بعزم
جديد وتغير
مقاصده
تغيراً كلياً
هو الرجوع
الأصلي الذي
يتبعه دائماً
كل ما يوافقه
من حياة
التقوى ويراد
بلفظة رجوع في
اصطلاح علم
اللاهوت هذا
الرجوع دون
غيره. نعم قد
يرتد الإنسان
أحياناً
ويبتعد عن
الله وتغلبه
التجارب
المحيطة به
وبعد ذلك يرجع
إلي الله
ثانية بتوبة
جديدة ويعبر
أحياناً عن
ذلك برجوع ثان
إلي الرب غير
أن الأولي
تسميته بترك
الخطية أو
الانفصال عن
العوائد
الرديئة أو
التوبة عن
الفتور أو
العود من
الارتداد
وإفراز لفظة
الرجوع لأجل
التعبير عن ما
جري في بداءة
حياته
المسيحية
عندما شرع أن
يسلك في طريق
التقوى.
ما
هي أقوال
الكتاب
المقدس في
التجديد ؟ وما
هي حقيقته
بحسب مقتضاها
؟
1
–
إن التجديد ضروري
لخلاص الخاطئ
(يو 3 : 7 وغل 6 : 15 وعب 12 : 14
وأف 2 : 2 ورو 3 : 11 ويو 6
: 44 و 65). والإنسان
يفتقر إلي هذا
التغيير لأنه
خاطئ ولذلك لا
يحب القداسة
ولا يرغب فيها
ولا يستطيع
مادام في تلك
الحال أن يقبل
بقلب صادق
كفارة المسيح
ولا أن يستفيد
منها ويعيش
عيشة طاهرة
حسب مطلوب
الإنجيل.
2
–
إن التجديد تغيير
تنشأ منه حياة
جديدة (يو 3 : 3 و 5 : 21
ورو 6 : 13 وأف 2 : 1 و 5 : 14).
وأما الخاطئ
في حال
الطبيعة فميت
بالخطية حسب
قول الكتاب
وكما أن الميت
بالجسد لا يري
ولا يحس وليس
له قوة العمل
ولا يؤثر فيه
ما يؤثر في
الحي كذلك
موتي الخطية
أي الذين هم في
حال الموت
الروحي
عاجزون عن
إدراك الأمور
الروحية أي ما
يختص بالله
وبالخلاص
وبالواجبات
الروحية ولا
يسرون بها
ولذلك
يحتاجون إلي
حياة روحية
جديدة تقوم
بنظر جديد إلي
الله والمسيح
والإنجيل
والقداسة
وإلي كل ما
أعلن الله
لزومه
لخلاصنا.
3
–
إن التجديد تعبير
القلب أي
الأخلاق
الباطنة حتي
تتغير خلال
الإنسان
الأصلية
المتسلطة فيه
وينال قلباً
جديداً (مت 12 : 33 –
35 و 15 : 19 وأع 16 : 14 ورو 6 : 17
و10 : 10 ومز 51 : 10 وحز 11 : 19).
والقلب في
اصطلاح
الكتاب هو ما
يفتكر ويشعر
ويريد ويعمل
فهو النفس أو
الذات ويلزم
عن ذلك أن
القلب الجديد
ذات جديدة
وعلي ذلك يكون
التجديد هو
ولادة
الإنسان
ولادة جديدة
واتخاذ النفس
حياة جديدة
وطبيعة جديدة
وصيرورتها
خليقة جديدة
ولذلك يكون
التغير ليس في
جوهر النفس أي
بنيتها ولا في
مجرد أعمالها
بل في الخلال
أي الأخلاق
الداخلية
والأميال
التي تتألف
منها سجية
الإنسان
الأدبية
وتصدر عنها
مقاصده
وأعماله. فكما
جعل الله سجية
آدم مقدسة عند
خلقه إياه
هكذا يخلق في
من يختاره إلي
الخلاص سجية
جديدة مقدسة
حتي تتغير
أمياله من جهة
إلي جهة أخرى.
4
–
إن التجديد تغيير
النفس
بالكلية (أف 2 : 5
و 10 و4 : 23 و 24 و 1كو : 13
ورو 8 : 2 و 2كو 5 : 17).
وحسب التعليم
الإنجيلي أن
النفس
بجملتها
تتجدد لا
القوي
العقلية دون
القوى الحسية
ولا القوى
الحسية دون
القوى
العقلية ولا
الإرادة
وحدها بل كل
قوى النفس.
ومما يبرهن
ذلك كون النفس
جوهراً
واحداً
وقواها غير
منفصل بعضها
عن بعض حتى
يمكن أن يكون
بعضها صالحاً
والآخر
رديئاً أو
البعض يخلص
والآخر يهلك
وبناء علي أن
التجديد شامل
جميع قوى
النفس قيل أن
العقل يستنير
والاحساسات
تتغير
والإرادة
تتجدد وينشأ
من ذلك
المعرفة
الصحيحة
والشعور
الصالح
والإرادة
الخاضعة
لأوامر الله.
ومن ذلك قول
مخلصنا في
الشجرة
الجيدة أن
ثمارها تكون
جيدة أي أن كل
الشجرة تصير
جيدة لا جزء
منها وكذلك
النفس في
حدتها موضوع
فعل الروح
القدس في
التجديد.
5
–
إن التجديد تغيير
فجائي يتم في
الحال عند
إتمام الروح
إياه (يو 5 : 24 ورو 6
: 4 وكو 2 : 13). فالروح
القدس حين
يجدد النفس
يتمم ذلك دفعة
واحدة بعمل
قوته الفائقة
الطبيعة
وبهذا المعنى
نميز التجديد
من الاقتناع
العقلي
والاستنارة
الداخلية في
كونه إيجاد
حياة جديدة
وإقامة الميت
إلي الحياة
وهو عمل سري لا
يدرك ولا يعرف
بشعور
المتجدد بل
بما ينتج عنه
فقط من
التغيير في
سجية الإنسان
وأفكاره
وأعماله
كقوله تعالي
الريح تهب حيث
تشاء وتسمع
صوتها ولكنك
لا تعلم من أين
تأتي ولا إلي
أين تذهب هكذا
كل من ولد من
الروح (يو 3 : 8).
6
–
إن التجديد عمل
الروح رأساً
بلا واسطة من
وجه وأنه يتمم
باتخاذ الحق
واسطة من وجه
آخر. فإذا
اعتبرنا
التجديد
خليقة جديدة
وولادة روحية
فهو يتم بفعل
الروح القدس
رأساً في
النفس كما في
تجديد
الأطفال ولكن
إذا اعتبرنا
التجديد
جزءاً من رجوع
الإنسان إلي
الله فهو في
البالغين
دائماً
بواسطة
مرافقة الحق
لإقناع
الإنسان وحثه
وتنشيطه علي
إتمام ذلك.
وليس في
الكتاب ما
يمكننا من
القول أن
التجديد يتم
في البالغين
دون مقارنة
معرفة الحق
وتأثيره
والواسطة
الوحيدة التي
في طاقة
الإنسان أن
يستعملها
لأجل نوال
التجديد هي
قبول الحق. علي
أننا لا نجزم
ونقول بعدم
إمكانية
التجديد بدون
معرفة
الأسفار
المعلنة لأن
ذلك يتم في
الأطفال وإن
شاءت الإرادة
الإلهية
يحتمل أن يتم
كذلك في أفراد
من الوثنيين
المسترشدين
من الروح
للاتكال علي
مجرد الرحمة
الإلهية
واستعمال ما
عندهم من
النور
استعمالاً
حسناً. وقد فصل
اللاهوتيون
في هذه
المسألة
بقولهم أن
الروح القدس
هو فاعل
التجديد
والحق هو
الواسطة التي
يستعملها
الروح
إكمالاً
لمقصده. غير أن
الحق ليس له
فعل في ذلك إلا
باستعمال
الروح إياه
بقوته
الفائقة
الطبيعة (يع 1 : 18 و
1بط 1 : 23 وأف 6 : 17).
7
–
إن التجديد عمل
الله فالله
هو المجدد
والنفس هي
المجددة
وتظهر في
التجديد قوة
الله القادرة
علي كل شئ
ولذلك هو فعال
أبداً لا
بمعنى أنه
يغضب الإرادة
بل بمعنى أنه
يقنعها
ويجذبها حتى
توافق قصده
تعالي من
تلقاء نفسها
لا علي سبيل
الإجبار بل
علي سبيل
التسليم
الاختياري (يو
1 : 13 و3 : 5 وأف 1 : 19 و 20 و 2 : 10
و 1بط 1 : 3).
وبناء
علي ما سبق
تتضح حقيقة
التجديد حتي
يمكننا أن
ننكر بعض
الأقوال
الضلالية في
أمر حقيقته
فنقول :
1
–
إن التجديد
ليس تغييراً
في جوهر النفس
أي أنه لا يقوم
بتغيير ما في
بنية النفس
الأصلية.
2
–
إن التجديد
ليس من أعمال
النفس خلافاً
لقول
البيلاجيين
الذين ذهبوا
إلي أن
التجديد هو
عمل الإنسان
وعليه فهو لا
يختلف عن
الإصلاح
الذاتي.
3
–
إن التجديد
ليس هو
تغييراً في
قوة واحدة من
قوي النفس دون
غيرها أي أنه
لا يقوم
بتغيير
إحدى قوي
النفس مجرداً
بقطع النظر عن
غيرها لأن
العقل لا
يتجدد دون
الحواس
الباطنة
ولا الإرادة
دونهما لأن
حياتنا
الروحية
واحدة.
4
–
إن التجديد
ليس هو مجرد
الاستنارة
لأنه قائم
بأكثر من ذلك
أي أنه حياة
جديدة
والاستنارة
من خصائص
التجديد
وتوابعه أي من
جملة نتائج
التجديد أن
تستنير النفس
بنور الحق
وتقدر
علي رؤيته
بكماله
وجماله ومجده.
ما
هي الأقوال
المختلفة
بعلة التجديد
الفعالة ؟ وما
هو القول
الصحيح ؟
شاع
في تاريخ علم
اللاهوت
ثلاثة أقوال
في علة
التجديد
الفعالة :
الأول
:
إنها هي
الإرادة
البشرية
والقائلون
بذلك فريقان
الفريق الأول
القائلون
باستقلال
الإرادة
البشرية عن كل
الوسائط
باعتبارها
العلة
الوحيدة في
تجديد النفس
والفريق
الثاني
القائلون
باقتران
تأثير الحق
وقوة الله
بالإرادة
البشرية في
التجديد حتي
تكون الإرادة
البشرية
مشتركة مع
الروح القدس
في التجديد.
فقول الفريق
الأول وهم
البيلاجيون
هو أن النفس
تجدد نفسها
وذلك مردود
بكون الخاطئ
عاجزاً بسبب
خطيته وتسلط
الأميال
الشريرة عليه
حتى أنه لا
يختار الصلاح
ويسعى في البر
إلا إذا تغيرت
أخلاقه بفعل
الروح القدس
فالإنسان لا
يختار من
تلقاء نفسه ما
هو مخالف كل
المخالفة
لأميال
الأخلاق
الداخلية
الراسخة فيه.
وقول الفريق
الثاني وهم
الأرمينيون
هو أن للإرادة
البشرية شركة
مع الروح
والحق في
تجديد النفس.
وهذا المذهب
يصح في أمر
الرجوع إلي
الله لأن في
ذلك يسع
الإنسان أن
يعمل معه
تعالي ولكن في
أمر تجديد
النفس وتغيير
الأخلاق
الأصلية
الراسخة في
الإنسان ليس
للإرادة
البشرية سعي
في ذلك لأن تلك
الأخلاق أقوى
من الإرادة
والإرادة
خاضعة لها حتى
لا يريد
الإنسان أن
يخالفها بل
يوافقها
دائماً ولذلك
كان التجديد
في الإنسان
يمس ما هو وراء
الإرادة
وأعمق منها
وكانت
الإرادة ليست
فاعل التجديد
ولا شركة لها
فيه بل هي
مفعول بها
واختيار
الإنسان
القداسة هو
نتيجة
التجديد وليس
التجديد
بالاختيار
وإنما
الإرادة
قابلة
التجديد
وليست فاعلة
له.
الثاني
:
إن العلة
الفعالة
للتجديد هي
الحق المؤثر
رأساً في نفس
الإنسان
والعامل فيه
عمل ينتهي في
التجديد.
فنقول أن هذا
الرأي ينسب
إلي الحق قوة
ليست فيه لأنه
مهما اتضح
الحق أمام ذهن
الخاطئ لا
يقبل عنده ولا
يؤثر فيه
بمجرد تأثيره
الذاتي لأن
قلب الخاطئ
يرفضه طبعاً
ولا يريد
تسلطه عليه.
والقلب يجب أن
ينظر إلي الحق
نظراً جديداً
ويحبه ويكون
مستعداً
لقبوله قبل أن
يأخذ الحق
مفعوله فيه
فالتجديد
بمقتضى هذا
المذهب ليس
إلا تأثير
الحق في النفس
علي أن
الإنسان لا
يقدر علي
تمييز الحق
وطاعته إلا
بقلب جديد
وأخلاق
متغيرة بروح
الله.
والإنسان لا
يختار الله
ولا يطيع حقه
إلا إذا ظهر
الله لديه
وصار موضوع
محبته
وإكرامه
وطاعته. قال
بولس الرسول
إن اهتمام
الجسد هو
عداوة لله إذ
ليس هو خاضعاً
لناموس الله
لأنه أيضاً لا
يستطيع (رو 8 : 7).
الثالث
:
إن علة
التجديد
الفعالة هي
الروح القدس
الذي هو وحده
قادر علي
تغيير أعماق
القلب البشري
علي أنه يؤثر
في قلب
الإنسان
بواسطة الحق
ولا نعرف
التجديد في
البالغين إلا
إذا رافق الحق
فعل الروح.
فالحق بدون
الروح عاجز
والروح لا
يستحسن تجديد
الإنسان إلا
ببيان الحق
للنفس علي أن
الفاعل
القدير ليس
الحق بل الروح
قال بولس
الرسول سيف
الروح الذي هو
كلمة الله (أف 6 :
17) وهذا السيف
إن لم يكن في
يد الروح فلا
تأثير له
ولكنه إذا كان
بيد الروح كان
تأثيره
فعالاً. أما
فعل الروح فلا
يقوم بمجرد
جعل التأثير
للحق بل يحيط
بتغيير جوهري
في القلب يعده
لقبول الحق
واتباعه.
فالنفس مفعول
بها رأساً
بالروح لا
بواسطة الحق
فقط والخليقة
الجديدة هي
عمل الخالق
رأساً كما قيل
في ليدية أن
الله فتح
قلبها لتصغي
إلي ما كان
يقوله بولس (أع
16 : 14). فكما أن عين
الأعمى لا
تبصر مهما
ازداد النور
حولها إلا بعد
إزالة العمي
والميت لا
يتأثر من
المؤثرات
الخارجية
مهما اشتدت
قوتها إلا بعد
رجوع الحياة
وهكذا عمل
الروح في
التجديد يتم
بقوته بإقامة
النفس للحياة
المتجددة
ليأخذ الحق
مفعوله فيه
علي أن الحق هو
الواسطة
المرافقة لا
الفعالة في
هذا التجديد
وأول شعور
النفس
المتجددة هو
تأثير الحق.
فبناء علي ما
سبق نميز فعل
الروح في
التجديد عن
الحث أو
الإقناع في
كون فعل الروح
في التجديد
رأساً وأن
النفس تتجدد
بقوة فائقة
الطبيعة. وأما
الحث أو
الإقناع
فيكون بواسطة
تأثير الحق
غير أنه لا يصح
القول بعدم
إمكان تأثير
روح الله
وفعله في
النفس إلا
بواسطة الحق.
ولذلك نعتبر
فعل روح الله
رأساً في
تجديد النفس
أمراً
جوهرياً وله
المقام الأول
في التجديد
علي أن للحق
فعلاً عظيماً
حين يستعمله
الروح في الحث
والإقناع
ليتم به رجوع
الإنسان. وأما
في أمر
التجديد فله
المقام
الثاني. وقد
غفل بعض
اللاهوتيين
عن التمييز
بين التجديد
والرجوع
فأعطوا الحق
المقام الأول
في التجديد
وحسبوه العلة
لذلك. والبعض
منهم استعمل
لفظة تجديد
بمعنى واسع
يحيط بما يعمل
الله في النفس
وبما تعمل
النفس طاعة
لذلك في
رجوعها إليه
تعالي
ونهوضها لطلب
القداسة
ووفقاً لهذا
المعنى
الواسع للفظة
تجديد
اعتبروا الحق
علة فعالة في
التجديد عينه
ولا يصح ذلك
إلا في ما يختص
بالرجوع لا
بالتجديد
بحصر المعنى.
ما
هي الأقوال
المختلفة في
الواسطة التي
يتم بها
التجديد ؟
في
ذلك قولان
وهما قول
البابويين
وقسم من
الأسقفيين
وقول
الإنجيليين :
الأول
:
يعتبر فيه فرض
المعمودية
واسطة فعالة
ضرورية
للتجديد
بمعنى أنه متى
أقيم فرض
المعمودية تم
بذلك التجديد
ولا يتم إلا به.
ووافق
البابويين في
ذلك قسم من أهل
الكنيسة
الأسقفية وهم
المتطرفون في
عقائدهم
بالمقاربة
إلي المذهب
البابوي
وكذلك البعض
من اللوثريين.
وهذا
الاعتقاد أي
القول بفعل
المعمودية في
التجديد
مردود بأن
الكتاب
المقدس
يعلمنا أن
المعمودية
إنما هي علامة
خارجية تشير
إلي التجديد
الداخلي فإذا
لم يكن قد تم
التجديد في
النفس لم يجز
إتمام فرض
المعمودية في
البالغين (أع 8 :
12). فإن الأمر
الجوهري في
التجديد ليس
فرض
المعمودية
الخارجي بل
ترجيع النفس
الداخلي إلي
الله كما قال
بطرس الذي
مثاله يخلصنا
نحن الآن أي
المعمودية. لا
إزالة وسخ
الجسد بل سؤال
ضمير صالح عن
الله (1بط 3 : 21).
فالسؤال عن
الله بضمير
صالح هو رجوع
النفس إلي
الله وذلك أهم
جداً من فرض
المعمودية
الذي إنما هو
إشارة خارجية
إليه. ويرد
أيضاً علي هذا
الاعتقاد بأن
نسبة حقيقة
التجديد إلي
حقيقة
المعمودية
ليست كنسبة
المعلول إلي
علته لأن
التجديد
تغيير روحي في
الإنسان
والمعمودية
إنما هي عمل
خارجي لا
يتجاوز الجسد
إلي النفس إلا
في ما يحدث
فيها من
التعليم
الإلهي
المرافق
لخدمة السر.
والكتاب لا
ينسب إلي فرض
خارجي
تأثيراً
داخلياً في
النفس. وأما
الآيات التي
يحتج بها أهل
هذا المذهب (ومنها
يو 3 : 5 وأع 2 : 38 وكو 2 : 12
و تي3 :5) فتحتمل
تفسيراً ينسب
فيه عمل
التجديد إلي
قوة الله لا
إلي
المعمودية
والإشارة
فيها تحيط
بالتجديد
الداخلي
والعلامة
الخارجية
لذلك معاً
وليس فيها ما
يخصص قوة
التجديد
بالمعمودية.
الثاني
:
يعتبر فيه أن
قوة الله هي
الفاعل في ما
يتعلق بتجديد
أخلاق النفس
وتغيير
خلالها من حال
إلي حال أخري
وأن الحق هو
الواسطة في ما
يتعلق بسعي
الإنسان في
الحياة
الجديدة.
ونسبة الروح
القدس إلي
الحق في ذلك هي
أن يجعل الحق
فعالاً ويقدر
النفس علي
تمييز الحق
وقبوله
واتباعه
فينتج من ذلك
أن النفس من
وجه واحد
مفعول بها ومن
وجه آخر فاعلة.
فهي مفعول بها
في ما يختص
بتغيير
أخلاقها
الراسخة وهي
فاعلة في
استعمال تلك
الأخلاق
المتجددة.
واستعمال
النفس ذلك لا
ينفك من أن
يكون إجابة
لتأثير الحق
فيها. وبهذا
المعنى نوفق
بين فعل الله
وفعل الإنسان
في أمر
التجديد
والرجوع إلي
الله وذلك أن
الله يصدر
التجديد بقوة
روحية فائقة
عاملة في
تغيير أخلاق
النفس وهي عند
ذلك ترجع إليه
تعالي وفقاً
لتأثير الحق
فيها علي أن
عمل الله وعمل
النفس غير
منفصلين في
الزمان لأن
النفس
المتجددة
لابد من سعيها
حالاً في
الرجوع إلي
الله. وبما أن
التجديد بحصر
المعنى ليس
عمل الإنسان
ولا يطلب منه
بخلاف الرجوع
وجب علي
الكارز
بالإنجيل
الحث والوعظ
علي المنبر
وأن يلح علي
السامعين بأن
يرجعوا إلي
الله حالاً
كأنهم
متجددون لا
بأن يجددوا
أنفسهم. وكل من
يسعى في
الرجوع إليه
تعالي فذلك
دليل علي أن
التجديد قد تم
فيه بسبق عمل
الله وإن لم
يعرف هو بذلك
إلا بعد ظهور
نتائجه.
1
–
تغيير خلال
النفس فجأة
وإصلاح
أميالها
وإنارة العقل
وحث الإرادة
علي الطاعة
وتقديرها علي
ذلك ( يو 7 : 17 وأع 16 : 14
وأف 1 : 18). فالنفس
المتجددة
ترجع إلي الله
بالتوبة
والإيمان
وعند ذلك
تتبرر ومن ثم
تعيش عيشة
جديدة وتتقدس
أكثر فأكثر
إلي أن تقبل
أخيراً في
أمجاد الحياة
السماوية بعد
الموت وتكميل
تقديسها.
2
–
من أهم نتائج
التجديد
اتحاد النفس
مع المسيح
بحياة روحية
أي اقتران
حياة المسيح
بحياة النفس
المتجددة
ويصح القول أن
المسيح
والنفس
المتجددة
واحد في
حياتهما
الروحية. وقد
اتضح هذا
الاتحاد
السري بين
المسيح وشعبه
المتجدد
بأقوال
مختلفة في
الأسفار
المقدسة
فشبهه الرسول
بالنسبة التي
بين الأساس
والبناء
المؤسس عليه (أف
2 : 20 –
22 وكو 2 : 7 و 1بط 2 : 4 و5)
وباتحاد
الزوجين (2كو 11 : 2
وأف 5 : 31 و 32 ورؤ 19 : 7 و22 :
17) وباتحاد
الأغصان
بالكرمة (يو 15 : 1 –
10) وباتحاد
أعضاء الجسد
بالرأس (1كو 6 : 15 و19
و 12 : 12 وأف 1 : 22 و23 و 4 : 15
و 16 و5 : 29 و 30)
وباتحاد
الجنس البشري
بآدم أصل
حياته (رو5 : 12 –
21 و 1كو 15 : 22 و45 و 49).
وقيل صريحاً
أن المؤمن
الحقيقي هو في
المسيح (يو 14 : 20
ورو 6 : 11و 8 : 1 و 2كو 5 : 17
وأف 2 :13) وأن الآب
والابن
يسكنان في
المؤمن (يو 14 : 23
وأف 3 : 17 و 1يو 4 : 16)
وأن للمؤمن
حياة باتحاد
المسيح كما
للمسيح حياة
باتحاده مع
الآب(يو 6 : 53 و 56 و 57 و
1كو 10 : 16 و17 و 1يو 1 : 3)
وأن كل
المؤمنين
واحد في
المسيح (يو 17 : 21 –
23) وأن المؤمن
قد اشترك في
الطبيعة
الإلهية ليس
بمعنى أن جوهر
الناسوت قد
تغير فصار من
جوهر اللاهوت
بل بمعنى أن
المسيح
يتنازل ليسكن
في قلب المؤمن
بروحه (2بط 1 : 4)
وأن المؤمن
مسكن لروح
الله (1كو 6 : 17 و 19
ورو 8 : 9). فالمسيح
بمقتضى هذا
التعليم
الخطير يحل
بروحه في
القلب
المتجدد وتتم
بذلك مشاركة
حياة المؤمن
بحياة المسيح.
وليس لهذا
الاتحاد
السري نهاية
بل يزيد لذة
وتأثيراً
وقوة إلي أن
يبلغ الكمال
في الحياة
السماوية.
فهذا الاتحاد
السري بين
المتجددين
والمسيح هو من
نتائج
التجديد
الأولي
وأهمها بل هو
التجديد ذاته
بمعنى أن
التجديد يتم
به.
ما
هو السر
العظيم في
تعليم الكتاب
من جهة
التجديد
والرجوع إلي
الله ؟وما
القول الأصح
فيه ؟
تعليم الكتاب هو أن الخاطئ يحتاج إلي التجديد وأنه لا يقدر أن يجدد نفسه وأن الرجوع الحقيقي إلي الله مقترن أبداً بالتجديد ومع ذلك يحث الكتاب الخاطئ علي الرجوع بالتوبة والإيمان ويحسبه خاطئاً إذا تأخر عن ذلك. وهذا التعليم ينسب إلي الله عملاً ضرورياً فوق طاقة البشر وليس للبشر اشتراك فيه وينسب إلي الإنسان عملاً ضرورياً تابعاً لعمل الله ولا يتم بدونه ويعتبر الإنسان مسؤولاً إذا لم يقم بما يطلب منه من أمر الرجوع إليه تعالي. ولا يخفي أن في كل ذلك مشكلاً لا يستطيع العقل البشري حله كما يراد ولكن يسوغ أن نقول فيه أن فعل الروح ضروري وفعل الإنسان ضروري أيضاً كما نستنتج من أقوال الكتاب الصريحة. ولا يجوز أن ننكر حقيقة فعل الله أو فعل الإنسان تخلصاً من ذلك المشكل فقد أخطأ البعض في محاولة حله فإنكارهم حقيقة التجديد وقولهم أنه ناشئ من الحث والإقناع فقط لا أنه خليقة جديدة كما هو الواقع. وقد أخطأ غيرهم بإنكارهم عمل الإنسان وتصغير شأنه لأن الكتاب يدعو كل خاطئ إلي التوبة والإيمان والرجوع التام إلي الله في الحال ولا يبرره في التأخر عن ذلك ساعة واحد. ولذلك يجب علينا أن ننظر إلي هذا المشكل نظر الكتاب المقدس إليه أي أننا نحكم كما حكم بأن التجديد إنما هو عمل الله وضروري وأن الإنسان مكلف بالرجوع إلي الله بالتوبة والإيمان وأنه يخطئ إن لم يرجع إليه علي الوجه المذكور. فإن قيل أن طلب ذلك من الخطاة الموتى عبث قلنا لا لأن الله أمرنا أن نعمل هكذا ووعد بأن قدرته الإلهية ترافق تلك الدعوة وتقدر الإنسان علي إجابتها لكنه علق ذلك بقبول حق الإنجيل ولما كان التجديد لا يقع في البالغين إلا مقترناً بالحق وجب علي الكارز بالإنجيل أن يقف أمام البشر الخطاة كما وقف النبي أمام البقعة المملوءة عظاماً ويدعو الأموات بالخطايا أن يقوموا ويحيوا علي رجاء أن روح الله يحيي الأنفس ويقدرها علي الإجابة للدعوة وأن الإنجيل يأتيهم ليس بالكلام فقط بل بالقوة أيضاً وبالروح القدس وبيقين شديد (1تس 1 : 5) بل يليق به قول الرسول استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح (أف 5 : 14). فإن قيل إن ذلك سر لا يدركه العقل البشري قلنا أن الديانة الإلهية لا تخلو من الأسرار التي لا تستطيع عقول البشر إدراكها. وإن قيل أن هذا التعليم لا يوافق عدل الله قلنا الأولي بنا ليس الاعتراض بل الاجتهاد في رجوعنا إليه تعالي وحث الناس علي أن يرجعوا أيضاً لأن الله عز وجل لا يعامل البشر إلا بالعدل وإذا وجد في كتابه تعليم مثل هذا فلابد من موافقته لعدل الخالق. والقول بأن الله ملزوم بموجب العدل أن يعامل كل البشر بالتساوي في كل شئ حتي في الرحمة والإحسان أيضاً مخالف للواقع وغير صحيح.
صفحات أخرى ذات صلة بالموضوع
الرجوع إلى قائمة " ركن الأسئلة المشهورة