الصحابة
مقتل علي بن أبي طالب
جلس نفر من المسلمين وقال بعهم لبعض : لو أنا
شرينا أنفسنا لله فأتينا أئمة الضلال وطلبنا غرتهم فأرحنا منهم العباد والبلاد …،
فتعاقدوا على ذلك بعد انقضاء الحج ، فقال عبد الرحمن بن ملجم انا أكفيكم
عليا، وقال أحد الآخرين : انا أكفيكم
معاوية، وقال الثالث : انا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاقدوا على الوفاء الا ينكل
واحد منهم عن صاحبه الذي يتوجه إليه ولا عن قتله واتعدوا لشهر رمضان في الليلة
التي قتل فيها ابن ملجم عليا.
خرج علي لصلاة الفجر. فأقبل ينادي : الصلاة
الصلاة، فما أدرى أنادى أم رأيت بريق السيف وسمعت قائلا يقول : الحكم لله ياعلي لا
لك ولا لأصحابك، ثم رأيت بريق سيف اخر ثانيا وسمعت عليا بقول لا يفوتنكم الرجل .
وقال إسماعيل بن راشد في حديثه, ووافقه في
معناه حديث ابي عبد الرحمن السلمى ان شبيب بن بجرة ضربه فأخطأه ووقعت ضربته في
الطاق, وضربه ابن ملجم -لعنه الله- فاثبت الضربة في وسط رأسه.
وقال عبد الله بن محمد الازدي في حديثه: وشد الناس
عليه من كل ناحية حتى أخذوه.
قال ابو مخنف: فذكرت همدان ان رجلا منهم يكني
أبا إدماء من مرهبة أخذه, وقال يزيد بن ابي زياد: أخذه المغيرة بن الحرث بن عبد
المطلب طرح عليه قطيفة ثم صرعه. وأخذ السيف من يده وجاء به.
وأما شبيب بن بجرة فانه خرج هاربا, فأخذه رجل
فصرعه وجلس على صدره وأخذ السيف من يده ليقتله, فرأى الناس يقصدون نحوه, فخشى ان
يعجلوا عليه ولا يسمعوا منه, فوثب عن صدره وخلاه, وطرح السيف من يده. ومضى الرجل
هاربا حتى دخل منزله. ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره, فقال له: ما
هذا؟ لعلك قتلت أمير المؤمنين, فأراد ان يقول: لا, فقال: نعم. فمضى ابن عمه فاشتمل
على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.
قال ابو مخنف: فحدثني ابي, عن عبد الله بن
محمد الازدى, قال: ادخل ابن ملجم على علي, ودخلت عليه فيمن دخل, فسمعت عليا يقول:
النفس بالنفس ان انا مت فاقتلوه كما قتلني, وان رأيت فيه رأيي, فقال ابن ملجم
والله لقد ابتعته بألف, فان خانني فأبعده الله. قال: ونادته أم كلثوم: يا عدو الله
قتلت أمير المؤمنين. قال: إنما قتلت أباك. قال يا عدو الله. اني لأرجو ان لا أكون
عليه بأس. قال لها: فأراك إنما تبكين عليا. إذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين
اهل الأرض لأهلكتهم. راجع مقاتل الطالبيين ص 35-36.
لما أرادوا قتل ابن ملجم فال عبد الله بن
جعفر : دعوني حتى أشفى نفسي منه فقطع يديه ورجليه وأحمى له مسمارا حتى إذا صار جمرة كحله به … ثم ان الناس
أخذوه وأدرجوه في بوارى ثم طلوها بالنفط
وأشعلوا فيها النار فاحترف. راجع مروج الذهب 3/526.