بعد
ان بينا أحوال الوحي والموحى إليه . دعونا نستعرض نوعية الوحي .
او
ماذا أوحي لمحمد ؟ هل أتى الوحي
المحمدي بالجديد ؟ وهل حقا اتصل محمد بالسماء كما اتصل أنبياء
أولى العزم عليهم افضل الصلاة السلام ؟ أسئلة كثيرة وخطيرة .
لهذا نطلب من القارئ الكريم قراءة
هذا البحث بتأني ونزاهة
واهتمام ، قبل الإسراع بالاتهام.
نقول : يعلن القران العربي عن نفسه بأنه وحي من الله
، وتنزيل من رب العالمين .
ولكن الوحي
والتنزيل من المتشابهات في القران ، فلا يقطع لفظهما بمعنى محدد فيهما.
فالوحي تعبير
يطلقه القران على أشياء متفاوتة ، من الجماد ، إلى الحيوان إلى الإنسان، إلى
الشيطان ، إلى الملاك ، إلى الله.
فقد أوحى الله
إلى الأرض : (إذ زلزلت الأرض زلزالها ، وخرجت الأرض أثقالها ، وقال الإنسان : ما
لها ؟ يومئذ تحدث أخبارها ، بان ربك أوحى لها ) الزلزال 1-5 .
( وأوحى ربك إلى
النمل ) النمل 68.
( بل أوحى في كل
سماء أمرها) فصلت 12 .
وفي تصرف أم موسى بأمر ابنها : ( وأوحينا
إلى أم موسى ) القصص 116 و 159 ؛ يونس 87 ؛ طه 77 ؛ الشعراء 53 و46 .
ويؤكد (أوحينا
إلى أم موسى ما يوحى) طه 38 – وهو مثل قوله لفظا : (فأوحى إلى عبده ما أوحى )
النجم 10 .
وزكريا : (خرج
على قومه من المحراب فأوحى إليهم بان سبحوا بكرة وعشيا) مريم 11 .
(وكذلك جعلنا لكل
نبي عدوا : شياطين الأنس والجن ، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول ) الأنعام 112 .
( وان الشياطين
ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) الأنعام 121.
لذلك، بسبب تلك
المتشابهات في تعبير (الوحي) ، عندما يذكر القران العربي مرارا وتكرارا وحيه الى
محمد ، لا نستبين طريقة الوحي إليه يقينا ،والتعبير لا يقطع بمعنى محدود .
ان تعبير (التنزيل
) أيضا متشابه في لغة القران .
( انزل من الماء
ماء ) البقرة 22 ؛ قابل الرعد 19؛ ايراهيم 32 ؛ النحل 65 ؛ طه 53 ؛ السجدة 63 ؛
فاطر 27 ؛ الزمر 21 ) .
والتنزيل أيضا
على الأرض : ( فإذا أنزلناعليها الماء) الحج 5.
( وأنزلنا عليكم
المن ) البقرة 57 ؛ قابل الأعراف 159 .
(وأنزل لكم من
الأنعام) الزمر 6 : فالأنعام على أنواعها منزلة من الله.
(وأنزلنا الحديد،
فيه بأس شديد) الحديد 25. كذلك الحديد منزل من الله.
( أنزل الله
سكينته ) التوبة 9 و 41 ؛ الفتح 4 و 18 و26 .
( وانزل جنودا لم
تروها ) التوبة 9 .
( وانزل الذين ظاهروهم
من صياصيهم ) الأحزاب 26 .
وقد يكون
للشياطين تنزيل : ( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ؟ تنزل على كل أفاك أثيم)
الشعراء 220 –222
.
اما القران : (
ما تنزلت به الشياطين ) الشعراء 210 .
وقد يدس الشيطان
تنزيله في تنزيل الله : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول، ولا نبي ، إلا إذا تمنى
(قرأ) ألقى الشيطان في أمنيته ؛ فينسخ الله ما يلقي الشيطان ) الحج 56 .
لتلك الاعتبارات
كلها ، والمتشابهات جميعها ، في تعبير (التنزيل) فعندما يذكر القران العربي تنزيله
من الله ، لا نستبين طريقة تنزيل يقينا كقوله :
( الله الذي انزل
الكتاب بالحق ، والميزان ) الشورى 17 . فالكتاب والميزان كلاهما تنزيل الله .
والقران نفسه ،
الذي يؤكد مرارا وتكرارا تنزيله ، يجهل هو نفسه الطريقة : ( إنما انزل بعلم الله
) هود 14 ؛ فقد ( أنزله بعلمه )
النساء 156 .
اجل ان القران :
( تنزيل العزيز الرحيم ) يس 5 ، ( تنزيل من الرحمن الرحيم ) فصلت 2 ؛
( تنزيل من حكيم
حميد ) فصلت 42 ؛ ( تنزيل من رب العالمين ) الواقعة 80 ؛ الحاقة 43 .
لكن طريقة
التنزيل مجهولة او مطوية : ( إنما انزل بعلم الله ) الشعراء 192 ؛ النساء 156.
فالتشابه قائم في
معنى التنزيل ، وفي طريقته : تلك هي النتيجة المحتومة الحاسمة لتلك القرائن
القرآنية .
لذلك عندما يصرح
: وانه لتنزيل رب العالمين …. وانه لفي زبر الأولين) الشعراء 193-197
يصح ان نستنتج
انه ان القران تنزيل من (زبر الأولين ) ، أي تفصيل الكتاب الذي قبله (يونس 37).
وعندما يؤكد : (
قل : نزله روح القدس من ربك بالحق ) النحل 102 لا يزل الإبهام في طريقة التنزيل ؛
ونتساءل ما سر قوله: (وانك لتلقي القران من لدن حكيم عليم) النمل 2 ؟ هل من جواب
في تصريحه : ( فلا تكن في مرية من لقائه ، وجعلناه هدى لبني إسرائيل ، وجعلنا منهم
أئمة يهدون بأمرنا) السجدة 23-24 ؟ - وبنو إسرائيل الذين يقتدى بهداهم ويستشهد بهم
هم ( النصارى) ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون ) الأعراف 158.
فهل ( الحكيم
العليم) الذي يلقي القران على محمد هو الذي ينوه به في تصريحه: (وشهد شاهد من بني
إسرائيل على مثله ) الأحقاف 10 ؟.
ذاك التساؤل ، وذاك الاستنتاج ، هما حق ؛ لان معنى التنزيل وطريقة التنزيل في القران هما من المتشابه فيه .
وفي اصطلاح القران ليس ( النبي) من يتصل بغيب
الله ؛ إنما هو من يأتي بنبإ أي خبر عنه : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا
فِي صُحُفِ مُوسَى . النجم 36 .
والمعنى متواتر :
( مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ
سَبَقَ) طه 99؛
تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا
إِلَيْكَ. هود 49
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ
إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ. ال عمران 44
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ
إِلَيْكَ. يوسف 102.
ان (الغيب) من علم الله
المحجوب : ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) هود 123؛
فلا يطلع على
غيبه الا من أرسله به : (عَالِمُ
الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا الا من ارتضى من رسله الجن 26. وبرسوله يطلع الناس عليه :
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي
مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ) . ال عمران 179.
فغيب الله عند رسله .
لكن الله قد يطلع رسوله على الغيب مباشرة ،
أو مداورة بواسطة الغيب المنزل قبله. فكيف اطلع محمد على غيب الله ووحيه ؟ .
1)
يعلن مرتين:(وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) أنعام 50 ؛( وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ)هود
31.
فمحمد
لم يتصل بغيب الله مباشرة : ( لو كنت اعلم الغيب ، لاستكثرت من الخير وما مسني
السوء. أعراف 188.
2) اكان اتصاله
بغيب الله المنزل في الكتاب من قبله
، فهو يدعو ببلاغ من رسالاته السابقة :( لما قام عبد الله يدعوه ، كادوا يكونون
عليه لبدا ! قل : إنما أدعو ربي ، ولا آشرك به أحدا ! قل: ( قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ
ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ
أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلَّا بَلَاغًا مِنْ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ
فِيهَا أَبَدًا . الجن19-23. فنبوة محمد بلاغ من رسالات الله السابقة.
والقران ( بينة ما
في الصحف الأولى) طه 133، (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ)
. الشعراء 196.
3) لذلك يسمي ما يتلوه من بشارة ذكريا بيحيى
، وبشارة مريم بالمسيح، المكتوبتين في الإنجيل، من أنباء الغيب : ( ذَلِكَ مِنْ
أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ) ال عمران 44 ) أي الغيب الذي
في كتاب الله.
ويختم قصة يوسف
بقوله : ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ). يوسف 102؛ كما
يختم قصة نوح: ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ
الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ
قَبْلِ هَذَا ) هود 49
وسنرى ان تعبير
(الوحي) من متشابهات القران ، لا يقطع بمعنى محدود. فتلك الايات الثلاث يجب فهمها
على ضوء تصريحه في سورة (القلم) ، ثانية السور نزولا : ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ
فِيهِ تَدْرُسُونَ ؟ ام عندهم الغيب فهم يكتبون . القلم 35-42 .
4) انه يتحدى المشركين بالغيب الذي يدرسه في
الكتاب ، مع المسلمين من قبله : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا
لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ! … ام عندهم الغيب فهم
يكتبون. القلم 35 –37
محمد يستعلي المشركين المجرمين بالمسلمين من
قبله ، فهم عندهم الكتاب الذي فيه يدرس ، وعنه يكتب غيب الله .
وهذا التحدي بالغيب المكتوب في الكتاب من
قبله ، متواتر عنده : ( ام عندهم
الغيب، فهم يكتبون) الطور41.
والنتيجة الحاسمة ان محمد يتصل بغيب الله
المنزل في كتاب من قبله : فهو يدرسه ، وعنه يكتب. هذا نص القران القاطع . فنبوءته تبليغ غيب الكتاب ؛ ورسالته(
تعليمهم الكتاب والحكمة.
هذا ما
أعلنه القران بكل وضوح وصراحة .
التصريح الأول :
ان القران من (
الصحف الأولى ) .
انه تصريح ثلاثي
، لا يدع مجالا للشك في مصدره: ( ان هذا (القران) لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم
وموسى ) الأعلى 18-19 : ( او لم
يتنبأ بما في صحف موسى، وإبراهيم الذي وفيّ ) النجم 37-38 ؛ ( او لم تأتهم بينة ما
في الصحف الأولى) طه133. ان واقع نسبة القران العربي للصحف الأولى ،هو نبأ عن ذلك
، وهو بينة عليه .
وهذا التصريح
الثلاثي يأتي في سورة (النجم 37-38) بعد وصف رؤيا ملاك الوحي في نزلتين ، مما يدل
على ان القران العربي وحي من الصحف الأولى .
يؤيده قوله : (
هذا نذير من النذر الأولى) النجم 56.
فالقران العربي
هو ( من الصحف الأولى ) ، ( من النذر الأولى).
التصريح الثاني :
تنزيل رب
العالمين هو في زبر الأولين .
التصريح الضخم
الذي يعلن ان تنزيل رب العالمين في القران هو من زبر الأولين : ( وانه لتنزيل رب
العالمين ، نزل به الروح الأمين ، بلسان عربي مبين ، على قلبك لتكون من المنذرين ن
وانه لفي زبر الأولين : او لم يكن لهم آية ان يعلمه علماء بني إسرائيل) ؟ الشعراء
193-197.
بمقارنة هذا النص
بتصريح (الشورى 52) يتضح ان الله أرسل إلى محمد (روحا من أمره) يصفه (بالروح
الامين ) تمييزا عن غيره ، فخاطبه بلسان عربيا مبين ، وأمره بالايمان بالكتاب الذي
جعله نورا يهدي به من يشاء من عباده .
وهذا الأمر
بالايمان بالكتاب هو (تنزيل رب العالمين ، على قلبك لتكون من المنذرين).
والتنزيل الذي
ينذر به ( هو في زبر الأولين) .
ويستشهد على ان
القران العربي ( في زبر الأولين ) بشهادة (علماء بني إسرائيل ) أي (أولى العلم
قائما بالقسط ) ، وهم النصارى من بني إسرائيل ، ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) الأعراف 158 قابل
الصف 14 . فشهادة هؤلاء النصارى بان تنزيل رب العالمين في القران العربي ، هو من (
زبر الأولين) أي ( كتبهم كالتوراة والإنجيل) هي (آيه لهم) على صحة دعوة محمد
بالقران العربي.
وهم يستطيعون ان
يشهدوا على مطابقة القران العربي (للمثل ) الذي عندهم ، بين أيديهم ؛ لا لكتاب في
السماء ، ما من سبيل لهم للوصول اليه.
فالقران العربي
ينقل للعرب تنزيل رب العالمين من (زبر الأولين)، كما أمره الروح الأمين ، بلسان
عربي مبين . هذا مصدره ، ومصدر تنزيله.
التصريح الثالث :
إمامة الكتاب
للقران العربي
التصريح مزدوج في
إمامة الكتاب للقران العربي : ( ومن قبله كتاب موسى إمام ورحمة : وهذا كتاب مصدق
لسانا عربيا) الأحقاف 12 . ومن قبله أيضا (الكتاب المنير) الذي يجادل المشركين
بعلمه وهداه (لقمان 20 ؛ فاطر 25 ؛ الحج 8 ).
إن إمامة الكتاب،
التوراة والإنجيل ، للقران العربي ، كاملة فلا يختلف عنه إلا (باللسان العربي)
.
ويقتصر دور
القران العربي على التصديق ( لسانا عربيا ) : هذه هي حاله.
فالكتاب الذي عند
أهل الكتاب هو مصدر القران: (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) الأحقاف 10.
التصريح الرابع:
أشراف أئمة
الكتاب على تعريبه بالقران . يقول : ( ولقد آتينا موسى الكتاب : فلا تكن في مرية
من لقائه ؛ وجعلناه هدى لنبي إسرائيل ؛ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) السجدة
23-24.
ان الله جعل
الكتاب هدى لبني إسرائيل ؛ وجعل منهم أئمة يهدون بأمره تعالى الى هدى الكتاب ؛ فما
على محمد ان يشك في لقائه الكتاب ، بواسطتهم .
وهؤلاء الأئمة هم
( الراسخون في العلم ) ، من ( اولي العلم قائما بالقسط) أي النصارى من بني
إسرائيل) الأعراف 158 والصف 14.
فهؤلاء الأئمة
النصارى هم الذين يشرفون على لقاء محمد بالكتاب ، وعلى نقل الكتاب الى القران
العربي : ( وانه لتنزيل رب العالمين
….
وانه لفي زبر الأولين: او لم تن لهم آية ان يعلمه علماء بني إسرائيل ) الشعراء 193
–197 .
فالشهادات
متواترة مؤتلفة ويدل على أشراف أئمة النصارى على نقل
الكتاب إلى
القران العربي تصريحه بأن القران نفسه
(هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ) العنكبوت 47 ؛
وتصريحه بأن
(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )
الأنعام 20 ؛
البقرة 146 أي معرفة أبوية مصدرية .
التصريح خامس :
وشهد شاهد من بني
إسرائيل على مثله .
يتحدى لاثبات
صحته وأعجازه ( بحديث مثله ) الطور 34
؛ (لا يأتون بمثله) الإسراء 88 ؛ ( فأتوا بعشر سور مثله) هود 12 ؛ فأتوا
بسورة مثله) يونس 38 ؛ بل ( بسورة من مثله) البقرة 23.
ولكن هذا التحدي
(بمثله) ساقط لان (مثله) موجود قبله :( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله )
الأحقاف 10 .
وفي وجود هذا
(المثل) قبل القران العربي سره ، كما يظهر أيضا من تصريحه : ( أفمن كان على بينه
من ربه –
ويتلوه شاهد منه ، ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة – أولئك يؤمنون به ؛ ومن يكفر من به الأحزاب فالنار
موعده : فلا تكن في مرية منه ؛ انه الحق من ربك ولكن اكثر الناس لا يؤمنون) هود 17
.
فسر القران
العربي هو في ذاك ( المثل) ، الذي هو القران .
الصفة الأولى :
القران العربي
ذكر او تذكرة من تلك (الصحف المكرمة) .
( ان هو الا ذكر
للعالمين) يوسف 104 قابل ص 87 ؛ التكوير 27) . كذلك ( ما هو الا ذكر للعالمين ) القلم 52 . ويكرر للتوضيح
والترسيخ : ( ولقد يسرنا القران للذكر، فهل من مذكر ) القمر 17 و22 و32 و40 .
فصفة القران
العربي انه ذكر ، للذكر ( وانه لذكر لك ولقومك) (الزخرف 44) وهو ذكر من الذكر الذي
مع (أهل الذكر) : ( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي) الأنبياء 24.
بذلك يشهد اهل
الذكر أنفسهم : ( فأسالوا أهل الذكر ، إذا كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر) النحل
43-44.
(ذلك ذكرى
للذاكرين ) هود 115، ( ان هو الا ذكرى) أنعام 90 ، (ذكرى للمؤمنين ) أعراف 1 ؛ هود
120 ، ( ذكرى للعابدين ) الأنبياء 84 ، ( ذكرى لقوم يؤمنون) العنكبوت 50 ، ( ذكرى
لاولي الألباب) ص 43 ؛ غافر 54. وهذا التعبير يجعل صفة
القران العربي تذكرة للعرب بذكر ( أهل الذكر) .
( وانه لتذكرة للمتقين)
من العرب ) الحاقة 48 ؛ ( كلا ! انه تذكرة ، فمن شاء ذكره) المدثر 54-55 ؛ عبس 12
.
وهذه التذكرة (
في صحف مكرمة ، مرفوعة مطهرة ، بأيدي سفرة كرام بررة ) عبس 11-16.
فهذه ( الصحف
المكرمة) هي مصدر القران العربي ؛ لأن محمد (يتلوا صحفا مطهرة، فيها كتب قيمة) البينة
2-3 ، ويستعلي عليهم بدراستها (سبأ 44 ؛ القلم 37.
الصفة الثانية :
القران العربي (
حديث) من كتاب الله .
(الله نزل احسن الحديث، كتابا متشابها )
الزمر 23 يشبه (المثل) الذي ( يتلوه شاهد منه) .
لذلك ، ( ما كان
حديثا يفترى ) يوسف 111 ؛ ( ومن اصدق من الله حديثا) النساء 86.
فلا يحق لأحد ان
(يكذب بهذا الحديث) القلم 44 : ( أفهذا الحديث انتم مدهنون) ! الواقعة 81 .
وهو يتحداهم : (
فليأتوا بحديث مثله، ان كانوا صادقين) الطور 34 ؛ لانه هو عنده (مثل) هذا الحديث
الذي ( شهد شاهد من بني إسرائيل علة مثله فآمن واستكبرتم ) الأحقاف 10 .
فعلى محمد ان يدعهم ( حتى يخوضوا في حديث
غيره ) النساء 139 ؛ الأنعام 68 .
فالقران العربي
حديث من كتاب الله ، في (المثل) الذي عند أهله.
الصفة الثالثة :
القران العربي
بينة ما في الصحف الأولى .
نوجز ما فصلناه
سابقا . يعلن : ( هذا بيان للناس ) ال عمران 138.
لكنه ليس بيانا
جديدا ، إنما هو (بينة ما في الصحف الأولى ) طه 133 ، ( لتبين للناس ما انزل
إليهم) في الكتاب الإمام ، والكتاب المنير ( النحل44) .
وقد جاء محمد
بالبينة التي طلبها اليهود والمشركون : ( رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة ، فيها كتب
قيمة . وما اختلفوا الا من بعد ما
جاءتهم البينة) البينة 1-4 . فهو
يصرح بان محمدا تلا (صحفا مطهرة فيها كتب قيمة) ؛ وقد (درسها) الأنعام 105 و 156.
وما القران
العربي سوى ( ما في الصحف الأولى ) الأعلى 18-19 .