مائة وعشرون ألف نبي

 

عندما يريد الله أن يعلن للبشر عن الحق فهل يأتمن رسولاً واحداً ؟ أم عدداً من الرسل والأنبياء ؟

العقل السليم يقول : مجموعة من الرسل والأنبياء

ويتم هذا في عصر واحد أم على مدى جميع العصور ؟

ويعود العقل السليم ليجيب : على مدى العصور

وبالطبع تكون جميع الرسالات ذات مضمون واحد بما أن مصدرها واحد. وهذا لا يحتاج إلى عقل سليم. فبالطبع يجب أن تكون شهادة جميع الرسل والأنبياء متوافقة إن لم تكن متطابقة

ويخرج علينا العالم الدكتور في مقاله

بتاريخ 8 أكتوبر2001 ليقول : أن الهداية التي أنزلها الله استلزمت جيش من الأنبياء فاق عدده المائة والعشرين ألفاً

أنا بالطبع لا أدري من أين أتى بهذا العدد الضخم من الأنبياء وما هي مصادره التي استقى منها هذا العدد. ولكن لا يهمنا العدد إنما يهمنا المعنى. فنحن متفقون على أن الله عز جلاله قد أرسل جمعاً من الأنبياء على مر الزمن لهداية البشر

فهل لنا أن نطلع على أصول هذه الرسالات التي جاء بها الأنبياء الأولون لنطابقها بما عندنا من كتب الوحي حتى تطمئن قلوبنا بأن ما بين أيدينا هو فعلاً مصدقاً لما قاله الأولون من الأنبياء ؟

وإلا فما هو دليل آخر الأنبياء وخاتمهم بأنه جاء مكملاً لرسالة من جاءوا من عند الله قبله ؟

ستقول لي بأن اعترافه بجميع الأنبياء والرسل بدءاً من آدم وحتى عيسى يدل على أنه يستند إلى شرعية دينية، فقد جاء بالدين الخاتم ليكمل الرسالات السماوية التي سبقته

فبذلك هو في حالة توافق مع ما جاء من قبله وليس في حالة تصادم

ولكن أحقاً هذه هي الحقيقة ؟

إن النظرة الأولى وللوهلة الأولى يمكن لأي إنسان أن يظن بأن الإسلام قد جاء فعلاً مكملاً لليهودية والمسيحية بدين يعترف بالأديان التي قبله وبجميع الرسل وحتى أنه يشترط الإيمان بكافة الرسل شرطاً للإيمان بالإسلام ، وهكذا يبدو هذا الدين معتدلاً وسطياً رحباً يضم بين جوانبه الصحيح من الإيمان من الأديان السابقة له بل ويزيد عليها الرسالة النهائية الكاملة المتمثلة في القرآن وحياً من عند الله والإسلام ديناً للبشرية كافة

ولكن ما مدى صحة هذه الأقوال ؟

الحقيقة أن الإسلام اعترف باليهودية والمسيحية اعترافاً شفهياً شكلياً فارغاً من أي مضمون. ورغم ذكر التوراة والإنجيل والزابور وهي بعض من أجزاء الكتاب المقدس إلا أنه كان غامضاً بشأنها

فنحن نحتاج لمراجعة أي مادة جديدة في ضوء المادة القديمة أي أن الإنسان في عصر أي نبي جاء يحتاج أن يطابق تعاليمه ورسالته في ضوء ما يوجد عنده من كتب الوحي الإلهي للأنبياء السابقين وذلك حتى يحكم على صدق نبوة الرسول في عصره

وهذه هي الحكمة الإلهية بأن الله لم يكتف بنبي واحد فقد أرسل أنبياء كثيرين للبشرية في كل زمان وأراد أن يؤكد للبشرية التوافق بين رسله وأنبيائه حيث أن مصدرهم واحد وهو الله

وبذلك يطمئن الإنسان لما بين يديه من كتب الوحي الإلهي إذ كانت متوافقة مع ما جاء من قبلها. ونرى في موقف المسيح الذي درس كتب موسى المسماة (بالتوراة) والمزامير وكتب الأنبياء وشجع معاصريه على قراءتها عندما قال: فتشوا الكتب .. وهي التي تشهد لي

ولم يقل هذا فقط بل درسها وعلم منها واستشهد بها وقال ما جئت لأنقض بل لأكمل

فصاحب الرسالة الحقيقية من الله لن يسعى لهدم ما قبله من رسالات وإتهامها بالتزييف حتى يثبت أقواله ويرسخ أعمدة مؤسسته بل سيستمد دعائم ما يعلم به من الدعائم التي أرساها الله بنفسه من خلال رسله الأولين ومن خلال كتبه التي أوصى إليهم بها

وهذا ما لا نراه في وضع الإسلام الذي راح يكيل التهم جزافاً لليهود والنصارى بتحريف كتبهم. وبالطبع هذه تهم باطلة حيث أن التوراة والإنجيل ليست كتب اليهود والمسيحيين وإنما كتب الله. ومن أراد أن يتهم هذه الكتب بالتبديل والتغيير إنما ينسب بجهالة الاتهامات إلى الله نفسه صاحب هذه الكتب

وعلى كل مسلم يغار على الحق أن يراجع صحيح الرسالات السماوية من مصادرها الحقيقية اليهودية والمسيحية حتى يتبين له الحق من الباطل

 فإن هذه الأمور المصيرية التي يتعلق بها مستقبلنا الأبدي في الحياة الآخرة غير قابل للمجازفة والمقامرة أو للإيمان الأعمى الذي لا يستند على الحقائق والدعائم الإلهية السليمة

أعطانا الله العقل السليم لكي نحكم على الأمور بمنطق سليم

وأول هذه الأمور مراجعة الكتب بعضها ببعض ليتكشف لنا ما هو حق مما هو باطل، ما هو من عند الله مما هو هوى ينطق به البشر. واليوم الغيمة تتكشف والسواد ينزاح عن الأعين

نصلي لكل الناس في كل مكان أن تنزاح الغمامة من على أعينهم حتى يبصروا النور الحقيقي الذي يبدد ظلام الضلال ويعطي يقين الغفران والحياة الأبدية التي لا يملك أن يعطيها إلا الله وحده ، صانع الخلاص .. ومانح الحياة للإنسان العاجز من خلال الإيمان بكلمته الحية الحقيقية التي تمنح الشفاء والحياة

 

:إمضاء

صوت صارخ

 

الصفحة الرئيسية