ضيق النفس وضيق القلوب

مازال الدكتور زغلول النجار يلعب دور العالم الوحيد بأسرار القرآن فيواصل نشر أبحاثه الفذة في جريدة الأهرام

ولا يسعنا هنا سوى التعقيب على ما جاء في مقاله الأخير في الحلقة الحادية والعشرين بتاريخ 8 أكتوبر2001 تحت عنوان الآية رقم 125 من سورة الأنعام

وكعادته في جميع مقالاته، تنقسم المقالات إلى ثلاثة أجزاء

الجزء الأول منها ديني بحت يسرد فيه الآيات القرآنية ويشرحها

ثم يقدم بعض الدلالات اللغوية لألفاظ الآية واستعراض معاني القرآن لتلك الألفاظ الواردة في الآية وشروح المفسرين الأولين للآية

ثم يختم مقاله ببحث علمي شيق يبلغ أكثر من نصف المقال، يتحدث فيه عن حقائق علمية مجردة يحاول بالطبع أن يلصقها بالآيات القرآنية

ومن اللافت للنظر أن الشروح القرآنية لأسلاف المسلمين ليس بها من قريب أو بعيد أي إشارة لتفسيرات سيادته العلمية الحديثة وهي الشروحات الأكثر منطقية والأكثر موضوعية والتي تتناسب مع سياق الآية والتي تتمشى مع العقل

أما محاولات هذا العالم الجهبذ إنما هي محاولات تلفيقية لا سند لها ولا عماد ، تحاول أن تروج لمعجزة لم تحدث. وأستطيع أن أشبه ما يفعله هذا الدكتور بما يفعله السحرة والحواة ، فهم عندما يقومون بإخراج أرنب من داخل قبعة فارغة لا يقومون بمعجزة وإنما يخدعون أبصار المشاهدين بحيلتهم وخفة يدهم. ورغم أن المشاهدين يعلمون جيداً أن هذا خداع محض إلا أنهم ارتضوا للساحر ولأنفسهم أن يعيشوا في المجال الخادع والمزيف ليستمتعوا بأوقات من الترفيه الرخيص يستعذبون خلاله خداع ذلك الساحر ومهارته في مغافلتهم

كذلك يستعذب البعض بمقالات هذا الرجل اللا علمية لأسباب متنوعة تماماً - كما يستمتع العديد من البشر بالأفيون والكحوليات والاستغراق في مشاهدة المشاهد العارية كي يتخلصون من واقع يزعجهم أو حقيقة داخلية تؤرق ضمائرهم

فهم بهذا يهربون من الحقيقة إلى الزيف ، ويعيشون في عالم وهمي خادع ، تنشرح فيه صدورهم كما تنشرح تماماً صدور العابثين ممن يستمتعون بلحظات يستنشقون فيها المخدرات فتذهب بعقولهم بعيداً ويقضون فعلاً لحظات في النشوة واللذة الرخيصة . ولكنهم يكبلون بعدها بقيود ثقيلة لا يستطيعون الفكاك منها. فيكون الثمن باهظاً لقاء لحيظات من السعادة الزائفة

وربما كان الأمر في قضيتنا أخطر، حيث أن المعروض للبيع إيماناً وعقيدة يطمئن لها القلب ويستريح في أحضانها من يعتقد أنه دين الله . من لم يأتيه الشك من فوقه أو من تحته

وفي الحقيقة هو واقع بين أنياب ذئب مفترس هو أبعد ما يكون عن الاستقامة والعدل وما يمكنه أن ينتسب إلى الله لا من قريب ولا من بعيد

فبعد أن يبتلع الطـُعم الذي في مقال من نوعية مقالات عالمنا الجليل إنما يجد نفسه معتنقاً لعقيدة تبيح قتل الآخرين ولا تبيح للآخر الحق في الحياة أو التعبير عن رأيه، أو حق المسلم في تغيير دينه، أو حق المرأة في معاملة متساوية مع الرجل، أو الحق لأي إنسان في مراجعة هذه العقيدة حتى يكون له الحق والحرية في قبولها أو رفضها وإلا يكون كافراً يقام عليه حد الردة

ولنا في تاريخ الإسلام المشرف العبرة في حروب الردة التي تكونت منها الأمة الإسلامية بعد موت محمد ليتثنى لأبي بكر خليفته إخضاع المسلمين بقوة السيف وقهرهم ليقبلوا ديناً أكرهوا عليه

مهما قيل من تبريرات وأكاذيب إلا أن التاريخ يفضح ممارسات الإسلام قديماً وحديثاً. وعلى كل مسلم أن يراجع صحيح دينه ويقارنه بالأديان الأخرى الحقيقية ليكتشف بنفسه الغض من الثمين .. والحقيقي من المزيف ويعلم علم اليقين أن هذا الدين ليس من عند الله ، وأن الله لا يمكن أن يرسل عقيدة تروع الآمنين وتدعو للتناحر والتخاصم والتقاتل

وإنما الله يدعو إلى المحبة والتسامح والعيش في سلام. وإني أدعو ذوي العقول الراجحة لتدبر أمرها في شئون مصيرية تتعدى هذه الحياة الوقتية لتعلم أين سيكون مستقرها في الدار الآخرة

ونعود لموضوع المقال، حيث بنى سيادته نظريته بالكامل على معنى أن من أراد الله أن يضله جعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء

وحاول إدخال البعد العلمي على هذه الآية وراح يشرح بإسهاب وتطويل أبعاد الغلاف الجوي للأرض ومكوناته وتفاصيله معتمداً على أن مضمون الآية يقصد بها صعود الإنسان في مجال جوي مرتفع وما يصيبه من ضيق تنفس نتيجة لتغيرات جوية في الحرارة والضغط الجوي وغيرها

وعندما عدت إلى شروح المفسرين لهذه الآية وجدت أنهم فهموا هذه الآية ببساطة بمعنى أنه أنه سيكون من المستحيل عليه (أي الإنسان الغير مؤمن) الصعود للسماء وهذا سيكون شاقاً عليه ( ليس هو أمر مستحيل وفقاً لمعايير ذلك العصر) وليس كل هذا اللغو في أمر الغلاف الجوي وضيق التنفس والحقيقة أن مقالته هي التي أصابتنا بكرشة النفس وضيق الأفق. فلا إعجاز علمي ولا إعجاز قرآني. وكل الإعجاز كله في محاولتك إظهار ذلك الإعجاز وهو بالطبع ليس إعجازاً وإنما هو العجز المبين

وتفسيره بعيد عن كل عقل، وكل مستمع لبيب سيعرف على الفور أنها ألعاب حواة. وإنما من أراد أن يستمتع بألعاب الحاوي فعليه أن يجلس ويضحك ويصفق لمهارة وبراعة الحاوي التي لم تدهشني ولم تبهرني أنا شخصياً

أما عن قوله عن الدين أنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل الإنسان محتاج فيه إلى الهداية الربانية، تلك الهداية التي أنزلها الله على فترة من الرسل وبينها للناس بواسطة جيش من الأنبياء فاق عدده المائة والعشرين ألفاً

ولنا هنا مقال آخر في موضع آخر حيث أن للكلام بقية وفي القلب شجن

 

:إمضاء

صوت صارخ  

 
ان ما تدعيه اعجاز علمي لهو معروف لأي شخص
ان أي شخص غير عالم يعرف انه اذا ارتفعت الى الجبال يضيق تنفسك
فأين هو الاعجاز في هذا؟

الصفحة الرئيسية