\ أسرار السحاب

هل حقاً أنبأت هذه الآيات القرآنية بحقائق علمية تبرهن أنها من أصل سماوي؟.. الإجابة: لا! فكل إنسان (حتى من سكان المدن) يمكن أن يصف خطوات 2 و3 و4أ، وكل من يتعامل مع الفلاحين أثناء الجفاف يسمعهم يتحدثون عن جفاف الآبار والينابيع، مما يبرهن معرفتهم بخطوة 4ب وهي أن المطر مصدر المياه الجوفية.

أما أن البَخْر هو مصدر السحب المطيرة (خطوة 1) فهو ما لا تقدر الملاحظة وحدها أن تدركه. وهذه الخطوة هي التي لم يورد القرآن لها ذكراً. وقد أدرك د. تركي هذا، واقترح سورة النبإ 78:12-16 كعلاج للموقف، إذ تقول: وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍأَلْفَافاً . وافترض د. تركي أن السراج الوهاج (وهو الشمس) المتبوع بذكر المطر يقدم الخطوة 1. ولكن هذا الافتراض بعيد الاحتمال، فسورة النبأ تذكر عطايا إلهية للبشر لا يربطها معاً إلا أنها عطايا إلهية، منها الجبال والنوم والزواج. والشمس والمطر هما الأمران الثامن والتاسع في سلسلة هذه البركات الإلهية.

ولكن إذا قرأنا العهد القديم وجدنا ثلاث آيات تحوي الخطوة 1: جاء في نبوة عاموس 5:8 (وقد كُتبت قبل الهجرة بألف وثلثمائة سنة): اَلَّذِي صَنَعَ الثُّرَيَّا وَالجَبَّارَ، وَيُحَوِّلُ ظِلَّ المَوْتِ صُبْحاً، وَيُظْلِمُ النَّهَارَ كَاللَّيْلِ. الذِي (1) يَدْعُو مِيَاهَ البَحْرَ وَ (3) يَصُبُّهَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، يَهْوَهُ ا سْمُهُ .

ونقرأ في نبوّة إشعياء 55:9-11 (وترجع لنفس تاريخ كتابة نبوّة عاموس) كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ هَكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ. لِأَنَّهُ كَمَا (3) يَنْزِلُ المَطَرُ وَالثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ وَلَا (1) يَرْجِعَانِ إِلَى هُنَاكَ، بَلْ يُرْوِيَانِ الأَرْضَ وَ (4أ) يَجْعَلَانِهَا تَلِدُ وَتُنْبِتُ وَتُعْطِي زَرْعاً لِلزَّارِعِ وَخُبْزاً لِلْآكِلِ، هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي التِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لَا تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ .

ونقرأ في سفر أيوب 36:26-28 هُوَذَا اللّه عَظِيمٌ وَلَا نَعْرِفُهُ وَعَدَدُ سِنِيهِ لَا يُفْحَصُ. لِأَنَّهُ (1) يَجْذِبُ قْطَرَاتِ المَاءِ. تَسُحُّ (3) مَطَراً مِنْ ضَبَابِهَا الذِي (2) تَهْطِلُهُ السُّحُبُ وَتَقْطُرُهُ عَلَى أُنَاسٍ كَثِيرِينَ .

وقد أوردت هذه الآيات كل الخطوات ما عدا 4ب. وفي سفر هوشع 13:15 (قبل الهجرة بنحو 1400 سنة) تتضح خطوة 4ب تَأْتِي رِيحٌ شَرْقِيَّةٌ. رِيحُ الرَّبِّ طَالِعَةً مِنَ القَفْرِ فَتَجِفُّ عَيْنُهُ وَيَيْبَسُ يَنْبُوعُهُ . فالريح الشرقية لا تحمل مطراً، فتجف الآبار والعيون والينابيع، ويمتنع الزرع والخير. وهكذا ترى أن العهد القديم ذكر كل الخطوات الأربع، بما فيها الخطوة الصعبة الإدراك، وهي الخطوة 1.

الصفحة الرئيسية