حرمان من سب
الصحابة من الشفاعة
ـ روى الديلمي في
فردوس الاَخبار ج 2 ص 498 ح 3398
عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله
عليه وآله أنه قال : شفاعتي مباحة إلا لمن سب أصحابي .
ـ وفي ج 1 ص 98 ح
196
عن عبد الرحمن بن عوف أيضاً وفيه :
فشفاعتي محرمة على من شتم أصحابي . ورواه أبو نعيم في حلية الاَولياء كما ذكر في
كنز العمال ج 14 ص 398
ـ وروى الشيرازي في الاَلقاب وابن النجار
كما ذكر كنز العمال ج 14 ص 635 :
عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : نعم الرجل أنا لشرار أمتي! فقال له رجل من مزينة : يا رسول الله أنت
لشرارهم فكيف لخيارهم ؟ قال : خيار أمتي يدخلون الجنة بأعمالهم ، وشرار أمتي
ينتظرون شفاعتي . ألا إنها مباحةٌ يوم القيامة لجميع أمتي إلا رجل ينتقص أصحابي !
ونقله كاندهلوي في حياة الصحابة ج 3 ص 45
ولا نقصد بنقد هذه الروايات الدفاع عن
الذين يسبون بعض الصحابة ، فالسب والشتم وكل أنواع البذاءة في المنطق لا يمكن
لعاقل أن يدافع عنها ، بل لا يرتكبها
--------------------------------------------------------------------------------
( 255 )
عاقل في حالة
سيطرة عقله على منطقه ، فضلاً عن الاَتقياء الاَبرار .
وإنما غرضنا بيان تهافت منطق هذه
الاَحاديث في منح الشفاعة والحرمان منها ! فهذا المنطق يقول : يجوز للصحابي أن
يحكم بفسق الصحابي الآخر أو كفره ، وأن يسبه ويهينه ويضربه ويحبسه ويشهر عليه سيفه
ويقتله ، أو يكيد به ويقتله بالسم أو بالاِغتيال ، ويجوز له أن يستعمل كل أساليب
السياسة والمناورة والمخادعة ضده ، وأن يجمع حوله الناس بالرشوة والتهديد . . وأن
يخرج على إمام زمانه ويسبب انشقاقاً في الاَمة وحروبا يقتل فيها عشرات ألوف
المسلمين ، وأن يرتكب كل المحرمات . . ولا بأس بذلك كله ، لاَنه مغفورٌ له مشمولٌ
بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله أو مستحق للجنة بدون شفاعة !!
أما غير الصحابة من المسلمين فلو انتقد
صحابياً ولو انتقاداً صغيراً . . فقد شمله مرسوم الحرمان النبوي من الشفاعة وصار
مخلداً في النار !!
إنه منطق يستشكل في الحبة ويأكل القبة !
ولا يمكن أن يكون مما أنزله الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وآله !
بل إن صيغة الحديث ( لا تسبوا أصحابي )
وأمثاله يصعب تعقل صدورها عن النبي صلى الله عليه وآله لاَن مخاطبيه هم أصحابه ،
فكيف يقول لهم : لا تسبوا أصحابي أو اقتدوا بأصحابي !
* *
وأخيراً ، فإن أحاديث فضل الصحابة ووجوب
مودتهم وموالاتهم وحرمة بغضهم وانتقاصهم وانتفادهم . . يصعب فهمها بل لايمكن فهمها
إلا بالمقارنة مع الآيات والاَحاديث المشابهة الواردة في حق أهل بيت النبي صلى
الله عليه وآله مثل قوله تعالى : قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ،
وقوله : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . . وأحاديث :
إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي
--------------------------------------------------------------------------------
( 256 )
أهل بيتي ، وأهل
بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، ولا يؤمن أحدكم حتى يحبهم لحبي ، وعشرات
غيرها متفق على صدورها عن النبي صلى الله عليه وآله وقد ركز فيها الاِسلام مكانة
عترة النبي من بعده حتى أنه حرم عليهم الصرف من المصارف العامة وجعل لهم مالية
خاصة هي الخمس !
والباحث المتتبع يجد أن كل حديث قاله
النبي صلى الله عليه وآله في أهل بيته . . نبت مقابله حديث في أصحابه ! حتى أن
حديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، نبت مقابله : أبو بكر وعمر سيدا كهول
أهل الجنة ، وحديث إحفظوني في أهل بيتي نبت مقابله : إحفظوني في أصحابي . .
وقانون الحرمان من الشفاعة لمن ينتقص الصحابة ، ما هو إلا نبتةٌ قريشية مقابل قانون حرمان النواصب من الشفاعة الذي ثبت عند الجميع ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى