مرسوم بحرمان
الزوجة التي تطلب الطلاق
ومن مراسيم الصحاح في الحرمان من الشفاعة
مرسومٌ مفيدٌ للرجال في حق الزوجة التي تطلب الطلاق من زوجها بدون سبب . .
ـ ففي سنن ابن
ماجة ج 1 ص 662 :
ومن مراسيم الصحاح
في الحرمان من الشفاعة مرسومّ مفيد للرجال في حق الزوجة التي تطلب الطلاق زوجها
بدون سبب..
ـ ففي سنن ابن
ماجة ج 1ص 662:
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله
قال : لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة . وإن ريحها ليوجد
من مسيرة أربعين عاماً .
ورواه الترمذي في
ج 2ص 329
وأبو داود ج 1 ص
496
وأحمد ج 5 ص 277
وص 283
والدارمي ج 2 ص
162
والحاكم في ج 2 ص
200
والبيهقي في سننه
ج 7 ص 316
--------------------------------------------------------------------------------
( 269 )
والهندي في كنز
العمال ج 16 ص 382 عن أحمد وأبي داود والترمذي وابن حبان وابن عساكر.
وفي بعض روايات الحديث : بدون عذر ،
والمقصود منه العذر القوي الذي يقبله المجتمع.
ولكنه تشديد مبالغ فيه ، فلا نعرف أحداً
من الفقهاء يفتي بأن قولها لزوجها طلقني يعتبر جريمة تستحق عليها العقوبة الدنيوية
أو الأخروية ، فإن أصل الطلاق مكروهاً أو منافياً للأخلاق ، أو يجعله حراماً ، أو
واجباً.
وإذا حدث أن صار حراماً شرعاً ، فلا يصير
من المعاصي الكبائر التي يستحق صاحبها عقاب الدخول في جهنم ، والحرمان من الجنة
ومن شفاعة نبيه صلى الله عليه وآله !!
وقد حاول بعض الفقهاء أن يتخلصوا من
الحديث بتضعيفه ، وساعدهم على ذلك أن الشيخين البخاري ومسلماً لم يروياه ، فقد
ذكروا بعد روايته في ابن ماجة أن الهيثمي في جميع الزوائد ضعّف إسناده .. ولكن ذلك
لا يحل المشكلة لأن الحاكم قال عنه في المستدرك : هذا حديث حيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وحاولوا محاولةً أخرى أن يجعلوا الحديث في
طلب الزوجة الطلاق الخلعي من زوجها بسبب كرهها له ، فقد وضع ابن ماجة الحديث تحت
عنوان (باب كراهية الخلع للمرأة) ولكن واجههم قوله تعالى(فلا جناح عليهما فيما
افتدت به) حيث نصت الآية على جواز اقتداء المرأة نفسها من زوجها ببذل مهرها وطلب
الطلاق الخلعي .. فاضطروا أن يحملوا الحديث على كلبها الخلع بدون سبب ويجعلوه
مكروهاً لا حراماً!
ـ وهكذا فعل ابن
قدامة في المغني ج 8 ص 176
قال شارحاً قول
الماتن (ولو خالعته لغير ما ذكرنا كره لها ذلك ووقع الخلع) :
--------------------------------------------------------------------------------
( 270 )
والظاهر أنه أراد
إذا خالعته لغير بغض وخشية من أن لا تقيم حدود الله ، لأنه لو أراد الأول لقال كره
له ، فلما قال كره لها دل على أنه أراد مخالعتها له والحال عامرة والأخلاق ملتئمة
، فإنه يكره لها ذلك ، فإن فعلت صح الخلع في قول أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة والثوري
ومالك والأوازعي والشافعي ، ويحتمل كلام أحمد تحريمه فإنه قال : الخلع مثل حديث
سهلة تكره الرجل فتعكيه المهر فهذا الخلع ، وهذا يدل على أنه لا يكون الخلع صحيحاً
إلا في هذه الحال ، وهذا قول ابن المنذر وداود . وقال ابن المنذر : وروي معنى ذلك عن ابن عباس وثير من أهل العلم ،
وذلك لأن الله تعالى قال (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا
أن لا يقيما حدود الله ، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت
به) فدل بمفهومه على أن الجناح لا حق بهما إذا افتجت من غير خوف ، ثم غلظ بالوعيد فقال
(تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) وروى ثوبان
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما
بأس فحرام عليها رائحة الجنة) رواه أبو داود . وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال (المختلعات والمنتزعات هن المنافقات) رواه أبو حفص ورواه أحمد في
المسند وذكره محتجاً ، به وهذا يدل على تحريم المخالعة لغير حاجة ، ولأنه إضرار
بها وبزوجها وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة ’ فحرم لقوله عليه السلام (لا ضرر
ولا ضرار) . واحتج من أجازة بقول الله سبحانه (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه
هنيئاً مريئاً) انتهى .
ولكن كل ذكاء هؤلاء الفقهاء لا يحل مشكلة
الحديث أيضاً :
أولاً ، لأن
الحدديث في مجرد طلب الطلاق ، وليس في بذل المهر وطلب الخلع ، وقد اعترف بذلك ابن
حزم قال في المحلى ج 10 ص 236 حيث قال : قال أبو محمد (يعني نفسه) : واحتج من ذهب
إلى هذا (حرمة الخلع) بما حدثناه عبدالله بن ربيع نا محمد بن اسحاق بن السليم نا
ابن الأعرابي نا محمد بن إسماعيل الصائغ نا غفان بن
--------------------------------------------------------------------------------
( 271 )
مسلم نا حماد نا
أيوب السختياني عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال قال رسول الله صلى
الله عليه وآله : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة
الجنة.
وبما روينا من طريق أحمد بن شعيب نا إسحق
ب ابراهيم ـ هو ابن راهويه ـ أنا المخزومي هو المغيرة بن سلمة ـ نا وهيب عن أيوب
السختياني عن الحسن البصري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
المنتزعات والمختلعات هن المنافقات . قال الحسن : لم أسمعه من أبي هريرة .
قال أبو محمد : فسقط بقول الحسن أن تحتج
بذلك الخبر . وأما الخبر الأول فلا حجة فيه في المنع من الخلع لأنه إنما فيه
الوعيد على السائلة الطلاق من غير بأس وهكذا نقول . انتهى .
وثانياً ، لو سلمنا أن الحديث في طلب
الخلع ، فلابد لهم من القول بحرمته على الزوجة مطلقاً بسبب صيغة التشديد المؤكدة
فيه ، وذلك مخالف لقوله تعالى ( فلا جناح عليهما) .
ولذلك اضطروا الى
التنازل كما رأيت إلى القول بالكراهية فقط!
ومعناه أنهم
اضطروا أن يبطلوا مرسوم الحديث بحرمان هذه الزوجة من رائحة الجنة ورائحة الشفاعة!
ولكنه إبطال له بصيغة الاستدلال به ، والاحترام له!!
ولم يتسع لنا الوقت لبحث فتوى اليهود في
هذه المسألة ، ومن المحتمل أن أصل حديثنا من الإسرائيليات التي تسربت إلى فقهنا!!