ردة فعل الخوارج
على توسيع الدولة للشفاعة
من الواضح للباحث أن بذور تفكير الخوارج
ولدت في عهد الخليفة عمر ، وكانت تأخذ شكل اعتراضات على عدم تطبيق الخليفة للقرآن
، كما نلاحظ في أسئلة الوفد المصري ( الدر المنثور ج 2 ص 145 )
ثم نمت في عهد الخليفة عثمان . .
ثم أخذت شكل اتجاه فكري في فهم الدين ،
وشكل حزب سياسي معارض في عهد الاِمام علي عليه السلام
ثم استمرت مذهباً وحزباً مسلحاً في معارضة
الاَمويين والعباسيين وتكفيرهم وقتالهم . .
ومن أبرز صفات الخوارج الفكرية : جمودهم
في فهم الدين ، وميلهم إلى إصدار الاَحكام الكلية بدون شروط ولا تفاصيل ولا استثناءات
، وتكفيرهم من خالفهم من فرق المسلمين ، وفتواهم بهدر دمائهم ووجوب جهادهم .
وهذا المنحى الذهني يقع في الجهة المضادة
لمذهب المرجئة الذي تتبناه السلطة ، المنحى المتساهل في أداء الواجبات وترك
المحرمات ، المفرط في تأميل
--------------------------------------------------------------------------------
( 371 )
الناس بالشفاعة
والجنة مهما عصوا. . ماعدا المعارضين للدولة طبعاً .
لقد ساعد مذهب الاِرجاء الدولة وأتباعها
في تخفيف المسؤولية المشددة في القرآن و السنة على الحكام ، ولكنه سبب ردات فعلٍ
في الاَمة فظهرت فئات تنكر أصل الشفاعة التي تتذرع بها الدولة ، وتكذب كل أحاديثها
وتؤول كل آياتها . . ولم يكن ذلك منحصراً بالخوارج ، وإن اشتهروا به .
بل تدل روايات السنيين على أن ردود الفعل
على توسيع الشفاعة بدأت من زمن الخليفة عمر ، ولكنه لم يستطع أن يؤدب أصحابها
بالسوط ، إما لاَنه لم يعرفهم بالضبط ، أو لسبب آخر ، فخطب محذراً منهم بشدة !
ـ قال في مجمع
الزوائد ج 7 ص 207
عن ابن عباس قال : خطب عمر بن الخطاب فحمد
الله وأثنى عليه فقال : ألا إنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم وبالدجال
وبالشفاعة !
وروى نحوه في مسند أحمد ج 1 ص 23 وفي الدر
المنثور ج 3 ص 60 : عن سعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس وفي كنز العمال ج 1 ص
387 وج 5 ص 429 وص 431 وفيه ( قال أمر عمر بن الخطاب منادياً فنادى أن الصلاة
جامعة ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال . . . ) .
ويظهر من النص التالي أن بني أمية أفرطوا
في التأكيد على الشفاعة أيضاً ، ففي فردوس الاَخبار للديلمي ج 1 ص 116 ح 254 : عن
معاوية : إشفعوا إليّ تؤجروا ، فإن الرجل ليسألني الحاجة فأرده كي تشفعوا له
فتؤجروا ! . انتهى .
أما الخوارج فقد ثبت أنهم كانوا يقولون :
إن مرتكب المعصية الكبيرة أو الصغيرة كافر ، وإذا مات ولم يتب فهو مخلد في النار ،
وأنه لا شفاعة لاَحد أبداً ولا خروج من النار !
وأول من تصدى لرد مقولتهم الاَئمة من أهل
البيت عليهم السلام ثم تبعهم غيرهم .
--------------------------------------------------------------------------------
( 372 )
ـ قال البرقي في
المحاسن ج 1 ص 184
عن علي بن أبي حمزة قال : قال رجل لاَبي
عبد الله عليه السلام : إن لنا جاراً من الخوارج يقول : إن محمداً صلى الله عليه
وآله يوم القيامة همه نفسه فكيف يشفع ؟! فقال أبو عبد الله عليه السلام : ما أحدٌ
من الاَولين والآخرين إلا وهو يحتاج إلى شفاعة محمدٍ صلى الله عليه وآله يوم
القيامة .
ـ وقال العياشي في
تفسيره ج 2 ص 314
عن عبيد بن زرارة قال : سئل أبو عبدالله
عليه السلام عن المؤمن هل له شفاعة ؟ قال : نعم ، فقال له رجل من القوم : هل يحتاج
المؤمن إلى شفاعة محمد يومئذ ؟ قال : نعم إن للمؤمنين خطاياً وذنوباً ، وما من أحد
إلا ويحتاج إلى شفاعة محمدٍ صلى الله عليه وآله يومئذ .
قال : وسأله رجل عن قول رسول الله صلى
الله عليه وآله : أنا سيد ولد آدم ولا فخر ؟ قال : نعم ، يأخذ حلقة باب الجنة
فيفتحها فيخر ساجداً فيقول الله : إرفع رأسك إشفع تشفع أطلب تعط ، فيرفع رأسه ثم
يخر ساجداً فيقول الله : إرفع رأسك إشفع تشفع واطلب تعط ، ثم يرفع رأسه فيشفع
فيشفع ، ويطلب فيعطى .
ـ وفي تفسير القمي
ج 2 ص 201
قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن
معاوية بن عمار ، عن أبي العباس المكبر قال : دخل مولى لامرأة علي بن الحسين عليه
السلام على أبي جعفر عليه السلام يقال له أبو أيمن فقال : يا أبا جعفر يغرون الناس
ويقولون شفاعة محمد شفاعة محمد ؟!
فغضب أبو جعفر عليه السلام حتى تربَّدَ
وجهه ، ثم قال : ويحك يا أبا أيمن ! أغرَّك أن عفَّ بطنك وفرجك ؟! أما لو قد رأيت
أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد صلى الله عليه وآله ! ويلك ! فهل يشفع إلا
لمن وجبت له النار ؟!
ثم قال : ما أحد من الاَولين والآخرين إلا
وهو محتاج إلى شفاعة محمد صلى الله عليه وآله يوم القيامة .
ثم قال أبو جعفرعليه السلام : إن لرسول
الله صلى الله عليه وآله الشفاعة في أمته ، ولنا الشفاعة في شيعتنا ، ولشيعتنا
الشفاعة في أهاليهم .
--------------------------------------------------------------------------------
( 373 )
ثم قال : وإن المؤمن ليشفع في مثل ربيعة
ومضر ، فإن المؤمن ليشفع حتى لخادمه ويقول : يارب حق خدمتي كان يقيني الحر والبرد
. ورواه في بحار الاَنوار ج 8 ص 38 وفي تفسير نور الثقلين ج 4 ص 102 و334
ـ وفي الاَدب
المفرد للبخاري ص 224
عن طلق بن حبيب قال : كنت أشد الناس
تكذيباً بالشفاعة فسألت جابراً فقال : يا طلق سمعت النبي يقول : يخرجون من النار
بعد الدخول .
ـ وقال السيوطي في
الدر المنثور ج 6 ص 286
وأخرج ابن مردويه عن صهيب الفقير قال :
كنا بمكة ومعي طلق بن حبيب ، وكنا نرى رأي الخوارج ، فبلغنا أن جابر بن عبد الله
يقول في الشفاعة فأتيناه فقلنا له : بلغنا عنك في الشفاعة قول الله مخالف لك فيها
في كتابه ! فنظر في وجوهنا فقال : من أهل العراق أنتم ؟! قلنا نعم ، فتبسم وقال :
وأين تجدون في كتاب الله ؟ قلت : حيث يقول : ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ،
ويريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ، وكلما أرادوا أن يخرجوا منها من
غم أعيدوا فيها ، وأشباه هذا من القرآن .
فقال : أنتم أعلم بكتاب الله أم أنا ؟
قلنا بل أنت أعلم به منا . قال : فوالله لقد شهدت تنزيل هذا على عهد رسول الله صلى
الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين ، ولقد سمعت تأويله من رسول الله صلى الله عليه
وسلم وإن الشفاعة لنبيه في كتاب الله ، قال في السورة التي تذكر فيها المدثر : ما
سلككم في سقر ؟ قالوا لم نك من المصلين الآية . ألا ترون أنها حلت لمن مات لم يشرك
بالله شيئاً ؟!.
ـ وفي تفسير
الطبري ج 4 ص 141
عن الاَشعث الحملي قال قلت للحسن : يا أبا
سعيد أرأيت ما تذكر من الشفاعه حق هو ؟ قال : نعم حق .
--------------------------------------------------------------------------------
( 374 )
ـ وفي فتح القدير
للشوكاني ج 5 ص 567
وأخرج بن المنذر عن طريق حرب بن شريح قال
: قلت لاَبي جعفر محمد بن علي بن الحسين : أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث بها أهل
العراق أحقٌّ هي ؟ قال : إي والله .
ـ وفي دلائل
النبوة للبيهقي ج 1 ص 25
عن شبيب بن أبي فضالة المالكي : لما بنى
مسجد الجامع ذكروا عند عمران بن حصين الشفاعة فقال رجل من القوم : إنكم تحدثونا
بأحاديث لم نجد لها أصلاً في كتاب الله ، وعمران يقول أنتم أخذتم هذا الشأن منا ،
وأخذنا نحن عن نبي الله .
ـ وفي الجواهر
الحسان للثعالبي ج 1 ص 356
قوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به
. . . قالت المعتزله : إذا كان صاحب كبيرة فهو في النار ولا بد ، وقالت الخوارج
إذا كان صاحب كبيره أو صغيره فهو في النار مخلد .
ـ وفي تطهير الجنان
لابن حجر ص 38
إن قلت : في هذا الحديث ( كل ذنب عسى الله
أن يغفره إلا رجل يموت كافراً أو يقتل مؤمناً متعمداً ) دليل للمعتزلة والخوارج
قبحهم الله تعالى على أن الكبيرة لا تغفر ؟
قلت : لا دليل لهم فيها أبداً ، لقوله
تعالى : ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها ، لوجوب حملها على
المستحل . . . بدليل قوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك
لمن يشاء ، وهو مخصص أيضاً بقوله تعالى : إن الله يغفر الذنوب جميعاً . . . قد ضل
. . . فرقٌ من فرق الضلالة القائلون بأن مرتكب الكبيرة إذا مات بلا توبة يخلد ،
وهؤلاء المعتزلة والخوارج ، والفرق بينهما إنما هو من حديث إن الميت فاسقاً هل هو
كافر أو لا مؤمن ولا كافر ؟ فالخوارج على الاَول والمعتزلة على الثاني .
--------------------------------------------------------------------------------
( 375 )
ـ وفي مقالات
الاِسلاميين للاَشعري ج 1 ص 124
وأما الوعيد فقول المعتزلة فيه وقول
الخوارج قولٌ واحد ، لاَنهم يقولون أن أهل الكبائر الذين يموتون على كبائرهم في
النار خالدون .
ـ وفي مقالات
الاِسلاميين ج 1 ص 86 ـ 87
وأجمعوا ( الخوارج ) على أن كل كبيرة كفر
إلا النجدات ، فإنها لاتقول ذلك . وأجمعوا أن الله سبحانه يعذب أصحاب الكبائر
عذاباً دائماً إلا النجدات .
والاَزارقة ( من الخوارج ) تقول إن كل
كبيرة كفر ، وإن الدار دار كفر يعنون دار مخالفيهم ، وإن كل مرتكب معصية كبيرة ففي
النار خالداً مخلداً ، ويكفرون علياً رضي الله عنه في التحكيم .
ـ وقال في شرح
المواقف ج 4 جزء 8 ص 334
إن مرتكب الكبيره من أهل الصلاة . . .
مؤمن . . . ذهب الخوارج إلى أنه كافر ، والحسن البصري إلى أنه منافق ، والمعتزلة
إلى أنه مؤمن ولا كافر .
ـ وقال الرازي في
تفسيره ج 1 جزء 3 ص 238
إن المعصية عند المعتزلة وعندنا لا توجب
الكفر ، أما عندنا فلاَن صاحب الكبيرة مؤمن ، وأما عند المعتزلة فلاَنه وإن خرج عن
الاِيمان فلم يدخل في الكفر ، وأما عند الخوارج فكل معصية كفر .
ـ وقال الرازي في
تفسيره ج 6 جزء 12 ص 5
قالت الخوارج : كل من عصى الله فهو كافر .
. . احتجوا بهذه الآية ( ومن لم يحكم...) وقالوا إنها نص في أن كل من حكم بغير ما
أنزل الله فهو كافر ، وكل من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله ، فوجب أن يكون
كافراً .
ـ وقال الرازي في
ج 15 جزء 30 ص 239
إن الخوارج احتجوا بهذه الآية ( إما
شاكراً وإما كفورا ) على أنه لا واسطة بين
--------------------------------------------------------------------------------
( 376 )
المطيع والكافر
قالوا : لاَن الشاكر هو المطيع والكفور هو الكافر ، والله تعالى نفى الواسطة وذلك
يقتضي أن يكون كل ذنب كفراً .
ـ وقال النووي في
شرح مسلم ج 1 جزء 1 ص 218
قال القاضي عياض : اختلف الناس فيمن عصى
الله من أهل الشهادتين ، فقالت المرجئة : لا تضره المعصية ، وقالت الخوارج : تضره
ويكفر بها ، وقالت المعتزلة : يخلد في النار ، وقالت الاَشعرية : بل هو مؤمن . .
ـ وقال المجلسي في
بحار الاَنوار ج 8 ص 62
وقال النووي في شرح صحيح مسلم : قال
القاضي عياض : مذهب أهل السنة جواز الشفاعة عقلاً ، ووجوبها سمعاً بصريح الآيات
وبخبر الصادق ، وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في
الآخرة لمذنبي المؤمنين ، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها .
ومنعت الخوارج وبعض المعتزلة منها ، وتعلقوا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار
، واحتجوا بقوله تعالى: فما تنفعهم شفاعة الشافعين وأمثاله وهي في الكفار .
وأما تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في
زيادة الدرجات فباطل ، وألفاظ الاَحاديث في الكتاب وغيره صريحة في بطلان مذهبهم
وإخراج من استوجب النار .
( راجع شرح مسلم للنووي ج 2 جزء 3 ص 35 )
ـ وفي شرح مسلم
للنووي ج 2 جزء 3 ص 50
رأي الخوارج . . أنهم يرون أن أصحاب
الكبائر يخلدون في النار .
ـ وفي إرشاد
الساري للقسطلاني ج 1 ص 115
لا ينسب إلى الكفر باكتساب المعاصي والاِتيان
بها إلا بالشرك أي بارتكابه ، خلافاً للخوارج القائلين بتكفيره بالكبيرة ،
والمعتزلة القائلين بأنه لا مؤمن ولا كافر .
--------------------------------------------------------------------------------
( 377 )
ـ وفي فتاوي ابن
باز ج 2 ص 27
وذهب الخوارج إلى أن صاحب المعصية مخلد في
النار وهو بالمعاصي كافر أيضاً ووافقهم المعتزلة بتخليده في النار .
ـ وفي فتاوي ابن
باز ج 3 ص 367
قول أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج
والمعتزلة . . . المعاصي التي دون الشرك لا تحبط الاَعمال الصالحة ولا تبطل ثوابها
. .
* *
ـ وفي بحار
الاَنوار ج 8 ص 364
قال العلامة رحمه الله في شرحه على
التجريد : أجمع المسلمون كافة على أن عذاب الكافر مؤبد لا ينقطع ، واختلفوا في
أصحاب الكبائر من المسلمين ، فالوعيدية على أنه كذلك ، وذهبت الاِمامية وطائفة
كثيرة من المعتزلة والاَشاعرة إلى أن عذابه منقطع . والحق أن عقابهم منقطع لوجهين
:
الاَول ، أنه يستحق الثواب بإيمانه لقوله
تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره .
والاِيمان أعظم أفعال الخير فإذا استحق
العقاب بالمعصية فإما يقدم الثواب على العقاب وهو باطل بالاِجماع ، لاَن الثواب
المستحق بالاِيمان دائم على ما تقدم ، أو بالعكس وهو المراد ، والجمع محال .
الثاني ، يلزم أن يكون من عبد الله تعالى
مدة عمره بأنواع القربات إليه ثم عصى في آخر عمره معصية واحدة مع بقاء إيمانه
مخلداً في النار كمن أشرك بالله مدة عمره ، وذلك محال لقبحه عند العقلاء . انتهى .
ـ وفي بحار
الاَنوار ج 8 ص 370
وقال شارح المقاصد : اختلف أهل الاِسلام
فيمن ارتكب الكبيرة من المؤمنين ومات قبل التوبة ، فالمذهب عندنا عدم القطع بالعفو
ولا بالعقاب بل كلاهما في مشيئة الله تعالى ، لكن على تقدير التعذيب نقطع بأنه لا
يخلد في النار بل يخرج
--------------------------------------------------------------------------------
( 378 )
البتة، لا بطريق
الوجوب على الله تعالى ، بل مقتضى ما سبق من الوعد وثبت بالدليل كتخليد أهل الجنة
.
وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدائم ، من
غير عفو ولا إخراج من النار ، وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عند
المعتزلة ليس في الجنة ولا في النار فغلطٌ نشأ من قولهم : إن له المنزلة بين
المنزلتين ، أي حالة غير الاِيمان والكفر .
وأما ما ذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض
المرجئة من أن عصاة المؤمنين لا يعذبون أصلاً وإنما النار للكفار تمسكاً بالآيات
الدالة على اختصاص العذاب بالكفار مثل : قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى
، إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين .
فجوابه : تخصيص ذلك العذاب بما يكون على
سبيل الخلود .
وأما تمسكهم بمثل قوله عليه السلام : من
قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ، فضعيف ، لاَنه إنما ينفي الخلود
لا الدخول .
لنا وجوه : الاَول ، وهو العمدة : الآيات
والاَحاديث الدالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة البتة ، وليس ذلك قبل دخول النار
وفاقاً ، فتعين أن يكون بعده وهو مسألة انقطاع العذاب ، أو بدونه وهو مسألة العفو
التام ، قال الله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . من عمل صالحاً منكم من
ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة .