مقدمة الاختبار

 

قد لا أملك ما يلائم بداية شهادتي هذه إلا أن أشكر الله من أعماق قلبي من أجل هذا التحوّل الغريب والإيجابي في حياتي، وكذلك حياة كل من يطلبه بإخلاص، إذ قد قادني بإرادته وقوته الساحرة منتشلاً إياي من أفواه الأسود وحظيرة الهالكين. والغريب في ذلك أنّ هذا التحوّل لم يكن بدافع مني أو انعكاس لشيءٍ سمعته، أو كلمة ألقاها أحد من الخدام أو المبشرين إلي ؛ بل على النقيض من ذلك كله ؛ إذ في الوقت الذي كنت أسعى جاهداً لإحباط خطته لخلاص العالم ، والهجوم الشرس على كلمته ، وكذلك من يؤمنون بها، كان هو قد أعد العدة كاملة وبإحكام لاصطيادي بشباك لا يمكنني الهروب منها ؛ وهذا هو شأن الإله الحي الذي يبحث عن الضال إن كان صادقاً في توجهه حتى ولو كان معاكساً له ، فهو يبسط يديه لكل تائب ، وينشر نوره لكل تائه في ظلمات العالم ، ويقرع بهدوء على كل بيت فقير وخرب ليدخله بالغنى الروحي ويعمره بالطهارة والقداسة فهو يعطي بسخاء ولا يعير ، ولا يعطينا كأفعالنا؛ لكن حسب وعوده وبمقدار رحمته وبميزان عظمته.

ولا أخفي سراً إنني قد ترددت كثيراً في كل مرة كنت أحاول فيها كتابة هذه الكلمات؛ ذلك لأني قد خشيت أن أكون مبالغاً في ما أقول، أو أن ينظر إليّ كشخص فوق العادة يبحث عن مجد له لا يستحقه في حين المجد كله لله، وجانب آخر كان يحول بيني وبين كتابة هذه السطور ألا وهو الكبرياء والغرور الذي كان ما يزال هناك منه بقية باقية لم أكن قد تخلصت منها؛ إذ اعتبرت الإفصاح عن عمل الله في حياتي إهانة قد توُجه إلى شخصي الذي كان شديد القسوة على أتباع ذاك الإله الحي الذي تعامل معي وفتح لي عيناي لأرى النور الذي لم أكن أعرفه من قبل، وكما سنقرأ في الصفحات التالية؛ لم أجد بد من أن أعلن استسلامي في تلك المعركة غير المتكافئة بين شيطان يسكن بداخلي وإله قدوس يعرض عليّ خلاصه ويفتح لي ذراعيه ليتكئني على صدره الدافئ والحنون؛ حتى استطعت أن أردد مع أيوب: "بسمع الأذن سمعت عنك أما الآن فقد رأتك عيني" واطلب كما طلب داود: "قلباً نقياً اخلق فيّ يا الله وروحاً مستقيماً جدّد في داخلي" ذاك هو الرب يسوع المسيح كلمة الله الأزلية وروحه الذي لا ينفصل عنه، إنه هو الطريق والحق والحياة ، هو من يؤمن به فلا يموت وإن مات فسيحيا ، هو الذي لا يظمأ من يتقبله ولا يجوع من يأتي إليه، هو الأول والآخر، هو الرب يسوع المسيح.

عودة للصفحة الرئيسية