أخلاقيات مصطنعة

 

لقد اختلق علماء المسلمين لكثرة نكاح محمد من النساء أسباب عديدة منها السياسي ومنها التشريعي والاجتماعي والإنساني والتعليمية ...الخ.

" إن ما يسميه الكتاب المسلمون في العصر الحاضر حِكَماً أو أسباباً في زواج محمد بنسائه، لخصها الصابوني في أربعة أبواب وهي:

 

أولاً: الحكمة التعليمية

لقد كانت الغاية الأساسية من تعدد زوجات الرسول ص هي تخريج

بضع معلمات للنساء، يعلمنهن الأحكام الشرعية، فالنساء نصف المجتمع، وقد فُرض عليهن من التكاليف ما فرض على الرجال وقد كان الكثيرات منهن يستحيين من سؤال النبي ص عن بعض الأمور الشرعية، وخاصة المتعلقة بهن. كأحكام الحيض، والنفاس، والجنابة، والأمور الزوجية، وغيرها من الأحكام، وقد كانت المرأة تغالب حياءها حينما تريد أن تسأل الرسول الكريم عن بعض هذه المسائل. ولقد صار من هؤلاء الزوجات معلمات ومحدثات، نقلن هديه عليه السلام واشتهرن بقوة الحفظ والنبوغ والذكاء.

 

ثانياً: الحكمة التشريعية

ونتحدث الآن عن (الحكمة التشريعية) التي هي جزء من حكمة تعدد زوجات الرسول ص، وهذه الحكمة ظاهرة تدرك بكل بساطة، وهي أنها كانت من أجل إبطال بعض العادات الجاهلية المستنكرة، ونضرب لذلك مثلاً (بدعة التبني).

وقد كان زيد (ابنه بالتبني) زوجه عليه السلام بابنة عمته زينب بنت

جحش الأسدية، وقد عاشت معه مدة من الزمن، ولكنها لم تطل فقد

ساءت العلاقات بينهما، فكانت تغلظ له القول، وترى أنها أشرف منه، لأنه كان عبداً مملوكاً قبل أن يتبناه الرسول، وهي ذات حسب ونسب.

ولحكمة يريدها الله تعالى طلق زيد زينب، فأمر الله رسوله أن يتزوجها ليبطل (بدعة التبني) ويقيم أسس الإسلام، ويأتي على الجاهلية من

قواعدها. ولكنه عليه السلام كان يخشى من ألسنة المنافقين والفجار، أن يتكلموا فيه ويقولوا: تزوج محمد امرأة ابنه، فكان يتباطأ حتى نزل

العتاب الشديد لرسول الله عليه السلام، في قوله جل وعلا: " وتخشى

الناس والله أحق أن تخشاه، فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً، وكان أمر الله مفعولاً" (الأحزاب 33: 73).

وهكذا كان هذا الزواج للتشريع، وكان بأمر الحكيم العليم، فسبحان من دقت حكمته أن تحيط بها العقول والأفهام وصدق الله وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً".

 

ثالثاً: الحكمة الاجتماعية

أما الحكمة الثالثة فهي (الحكمة الاجتماعية) وهذه تظهر بوضوح في تزوج النبي ص بابنة الصديق الأكبر (أبي بكر) رضي الله عنه وزيره الأول، ثم بابنة وزيره الثاني الفاروق (عمر) رضي الله عنه وأرضاه، ثم باتصاله عليه السلام بقريش اتصال مصاهرة ونسب، وتزوجه العديد منهن، مما ربط بين هذه البطون والقبائل برباط وثيق، وجعل القلوب تلتف حوله، وتلتقي حول دعوته في إيمان وإكبار وإجلال.

رابعاً: الحكمة السياسية

لقد تزوج النبي ببعض النسوة من أجل تأليف القلوب عليه وجمع القبائل حوله، فمن المعلوم أن الإنسان إذا تزوج من قبيلة أو عشيرة تصبح بينه وبينهم قرابة ومصاهرة، وذلك بطبيعته يدعوهم إلى نصرته وحمايته. مثل زواجه بجويرية وصفية.راجع صفوة التفاسير.

 

نقول وبالمسيح المستعان :

مهما حاول الصابوني وغيره ، خلق الأسباب والأعذار الشرعية وغير الشرعية لكثرة نكاح محمد ، فان الحقيقة تبقى واحدة لا ثاني لها. وهي ان محمد كان رجل مزواجا مولع بالنساء بدرجة كبيرة . والأخبار الدالة على ذلك كثيرة سنذكر بعضها لاحقا.

إن ما ذكره الصابوني والذين حذو حذوه من أسباباً في زواج محمد بنسائه، تنهار جميعها امام سنة النبي التي جعلت من النكاح سنه نبوية من تركها كأنما ترك السنة بكاملها. عملا بقوله صلوات الله عليه وسلم:

(من احبني فليستن بسنتي).

(النكاح من سنّتي. فمن لم يعمل بسُنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم. ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصيام فإن الصوم له وجاء)

وهو نصف الإيمان: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي" .

عن عائشة قالت قال رسول الله النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ومن كان ذا طول فلينكح ومن لم يجد فعليه بالصيام ... - ابن ماجة 1836

لقد حرم محمد العزوبة، اخرج أحمد بن حنبل في مسنده عن النبي : إن سنتنا النكاح. شراركم عزّابكم، وأراذل موتاكم عُّزابكم"

عن سعد بن أبي وقاص قال لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء بعث إليه رسول الله فقال يا عثمان إني لم أومر بالرهبانية أرغبت عن سنتي قال لا يا رسول الله قال إن من سنتي أن أصلي وأنام وأصوم وأطعم وأنكح وأطلق فمن رغب عن سنتي فليس مني .... - الدارمى 2075

سأل محمد رجلاً يدعى عكاف إذا كان متزوجاً فرد: "اللهم، لا!" قال: وهل لك جارية؟ذ قال: "لا" قال: "وأنت موسر؟ قال: "نعم". قال: "أنت إذاً من إخوان الشياطين. إن كنت من إخوان النصارى فأنت منهم ، وإن كنت منا فشأننا التزويج" .

 يرغّب محمد الرجال في الزواج لأن النساء يأتين بالبركة والغنى: "تزوجوا النساء فإنهن يأتين بالمال"

وفي رواية أخرى قال : ركعتان من المتزوج أفضل من سبعين ركعة من العزب" . ذكره احمد في مسنده.

عن أبي سعيد الخدري أن أصحاب رسول الله أصابوا سبايا يوم أوطاس لهن أزواج من أهل الشرك فكان أناس من أصحاب رسول الله كفوا وتأثموا من غشيانهن قال فنزلت هذه الآية في ذلك والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم - أحمد 11370

إذاً فمن لم يتزوج، يعرّض نفسه للعنة الله وملائكته: "لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على رجل تحصر، ولا حصور بعد يحيى بن زكريا"

عن ابراهيم بن مسرة. قال، قال لي طاوس: لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور" .

 

إن ما اختلقه الصابوني من أسباباً تبريريه لكثرة نكاح  محمد من النساء، تنهار جميعها أمام الروايات الصحيحة التي ذكرت بعض زيجات محمد والذي احتار علمائهم في أيجاد ما يبررها .

عن ابن عباس قال: زواج رسول الله من ميمونة محرم . راجع السير والمغازي لابن إسحاق 266. البخاري 3926. 3237 . ‏ احمد 3211 احمد 2872. احمد 2461 .

سؤال : ما الحكمة التشريعية من زواج النبي  من ميمونة في ذو القعدة أيام عمرة القضاء، وهو من الأشهر الحرام في الإسلام ؟ . راجع السيرة النبوية لابن كثير 3/44.

ما الحكمة من زواج النبي من اسماء بنت النعمان ؟ :

عن ابن هشام : تزوج النبي من أسماء بنت النعمان الكندية ، فوجد بها بياضاً فمتعها وردها إلى أهلها. راجع السيرة لابن هشام 4/1505. . طبقات بن سعد 8/104 .

هل كانت الحكمة المتوخاة من زواج محمد من أسماء ،هي إظهار إمكانية التمتع بالنساء ومن ثمة ردهن لأهلهن ان وجد فيهن بياضا؟!. حقا لقد صدق النبي عندما قال وعلم : أن أبغض الحلال عند الله الطلاق.

جميعها روايات صحيحة تنفي وتتنافى مع  ما اختلقه العلماء من أسباب تبريريه لكثرة نكاح محمد .

لقد كانت النساء بالنسبة لنبي الإسلام محراب عبادة.

عن ‏‏أنس ‏أن النبي ‏‏قال ‏حبب إلي من الدنيا (‏ النساء والطيب)‏ وجعل ‏ ‏قرة عيني ‏في الصلاة ‏. احمد 11845احمد11846.

أخرج البخاري في صحيحه في كتاب النّكاح باب ذهاب النّساء والصبيان إلى العرس. عن أنس بن مالك قال: أبصر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نساءً وصبياناً مقبلين من عرسٍ فقام ممتناً فقال: اللّهم أنتم من أحبّ النّاس إليّ.

يقول شارح البخاري ممتناً معناه قام مسرعاً مشتداً في ذلك فرحاً بهم.

أخرج مسلم عن عبد اللّه بن عمر ، انّ رسول اللّه قال: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة. صحيح مسلم: 4|187، باب استحباب نكاح البكر.

محمد بحسب وصفه لنفسه ، يستطيع ان يصبر على الجوع والعطش لكنه لا يستطع أن  يصبر على الابتعاد عن النساء : (أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن). راجع الطب النبوي لابن القيم الجوزية ص195. وهذا ما يفسر لنا كثرة نكاحه وعدم اكتفائه بما لديه من نساء  .

عودة