2 - عبادة الكواكب:
كما سبق وقررنا أن العرب كانت لهم معبودات شتى? ولم تقتصر عبادتهم على الاصنام بل كان كثير من قبائلهم يعبدون قوى الطبيعة من كواكب ونجوم? وكان لهذه العبادات الأثر الكبير في تشكيل بنية المجتمع العربي? بل في تشكيل العقلية العربية - في ذلك الوقت - فقد تركزت النظرة العربية للإله على قدر نفعه أو ضرره فكانوا يسترضون الإله الذي يخشون غضبه بالقرابين? وأيضاً يقدمونها للإله الذي يستزيدون من مراحمه, ولعل هذا هو سبب عبادتهم للشمس? والقمر? والشعري,,, ولكن أهم هذه الآلهة على الإطلاق كان الشمس,
الشمس: بالرغم من اختلاف المؤرخين في عبادة العرب للشمس إلا أن المرجح انتشار عبادة الشمس في شتى أنحاء الجزيرة, وقد رأى جواد علي أن شمس كان اسم صنم لبني تميم? عبدته معها ضبة? وعدي? وعكل? وثور, إلا أن هناك من المؤرخين من يرى غير ذلك فهيرودتس - مثلاً - يذكر في تاريخه أن العرب كانوا يعبدون إلاهاً سماه أروتال وهي لفظة آرامية مركبة تعني النور المتعالي ثم ذكر أن أروتال هذا هو ديونيسيوس أو بخوس وهو إله الشمس عند اليونان, ومن الأسماء التي شاع بها اسم الشمس في جهات العرب: ذو الشرى? والمحرق - لا بد أن هذه التسمية سببها حرقهم لقرابين بشرية لهذا الإله - وذريح - عند فلهوزن? ونولدكة - ونكرح (النصرانية وآدابها - شيخو - ص 9 والمفصل 6:286),
المقة: لم يتفق معظم الباحثين على أصل تسمية المقة وهل كانت تمثل عند العرب الإله بعل أم القمر ولعل أصوب تعليل لهذه التسمية هو ما قدمه د, القمني: من أن المقة اسم مركب من جزئين? إل: وتعني إله أو رب? ومقة أو مكى: وتعني معبد, وعلى هذا يكون اسم المقة يعني: إله أو رب مقة أو مكى أي إله المعبد الحرام الموجود على الأرض ويُسمى مكى (الأسطورة والتراث - للقمني - ص 120), ويؤيد القمني أن المقة هو نفسه الإله ذو سموى أو رب السماء? ويقصد به القمر, وقد ورود اسم المقة في كتابات المسند على نحو يصوره بصورة ثور أحياناً? وبنسر أو حيات أحياناً أخرى? وهذا يؤكد أن هذا الإله كان يشير إلى القمر (لأن هذه الرموز تدل على القمر عند الساميين), وقد أُشير الى المقة ب هلل بمعنى هلال وب ربع و حول وهذه الأسماء كلها تشير إلى القمر (المفصل 6:269),
الزهرة: وتُسمى عند العرب - أحياناً - عثتر? وكوكب الصبح? وقد كان العرب يتعبدون له بتقديم قرابين بشرية? ودائماً يكون القربان طفلاً? وكانوا يصورون الإله عثتر في صورة طفل صغير, وقد ورد دعاء عُثر على نصه في حران: إننا نقدم لك قرباناً يشبهك , وقد ذكر نيلوس أن العرب سرقوا ابنه الجميل ثيودولس وعزموا على تقديمه قرباناً لكوكب الصبح - الزهرة - (المفصل 6:171) ويروي الغلام بعد نجاته قصة اختطافه فيقول: وكان هؤلاء الغزاة قد عزموا على تضحيتي لنجمة الصبح? فأعدوا كل شيء للذبيحة في سحر اليوم التالي? فأقاموا لذلك وهيّأوا السيف والسكب والأًقداح والبخور, وكنت أنا ملقى على وجهي على الحضيض - أما نفسي فكانت مرتفعة إلى الله أدعو إليه بحرارة كي ينقذني من هذا الخطر العظيم ,,, وكانوا قد قضوا قسماً كبيراً من ليلهم أكلاً وشرباً وقصفاً حتى غلب عليهم النوم فهجعوا إلى الصباح ولم يستيقظوا إلا والشمس قد طلعت وفات وقت الضحية,,, فلما رأوا ذلك أخذوني إلى قرية تُدعى سوقا وتهددوا بقتلي أمام أهلها إن لم يفدني أحد منهم? فرحمني أحدهم ودفع فديتي واهتم بشأني أسقف المحل, وها أنا الآن عائد إلى والدي (النصرانية وآدابها - لويس شيخو - ص 17),