النثر المسجوع
وكان العربي حريصا على تقديم معارفه وثقا فته شعرا، وان نثرها حرصا على الجرس الموسيقى فيها، مما يشير الى رهافة في الحس وارتقاء في الذوق ، ونماذج من ذلك النثر، ما جاء قسما بالمظاهر الكونية عند (الزبراء) وهى تقول :
"واللوح
الخافق ، والليل الفاسق ، والصباح الشارق ، والنجم الطارق ، والمزن الوادق ، إن شجر
الوادي ليأود ختلا، ويرق أنيابا عملا، وإن صخر الطوا لينذر ثقلا، لا تجدون عنه
معلا".
ومن ألوان هذا السجع سجع ديني، جاء في وصف " ربيعة بن ربيعة " ليوم البعث والنشور، بقوله :
"يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، يسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون"،
وهو ذات الرجل الذي يقسم بصدق قوله :
"والشفق والغسق " والفتل اذا اتسق، ان ما أنباتك به لحق"
أما (شق بن صعب ) فيصف ذات اليوم بقوله
"يوم تجزي فيه الولايات، يدعى فيه من السماء بدعوات ، يسمع
منها الاحياء والاموات، ويجمع فيه الناس للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات
".
ويقسم (ابن صعب ) لسائله بأنه يقول الحق :
"ورب السماء والارض ، وما بينهما من رفع وخفض ، ان ما أنبتك به لحق ، ما فيه امض ".
اما الكاهن الحزاعي الذي احتكم اليه هاشم وامية في نزاعهما، اصدر قراره سجعا يقول :
"والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر، وما اهتدى
بعلم مسافر، من ستجد وغائر، قد سبق هاشم أمية الى المفاخر".
أما "قس بن ساعدة
الايادي" فيرسل سجعه مصورا معارف العصر الكونية في نثره قائلا: " ليل داج، ونهار
ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وأرض مدحاة ، وانها مجردة ، ان في
السماء لخبرا، وان في الارض لعبرا ".