الكهانة والعرافة

 

سجع الكهان:

 ضرب خاص من الخطابة عرف في الجاهلية وانقرض بظهور الاسلام . لال ففي سجعهم نلاحظ عدد القوافي المكررة اكثر والغموض اعم والتكلف ظاهر ، اما الكهان فهم طبقة من الرجال كانوا في العصر الجاهلي يشغلون الوظائف الدينية الوثنية في اماكن العبادات وبيوت الالهة ، وكان يطلق على احدهم الكاهن منهم اكثم بن صيفي ، والمامور الحارثي ، ومن النساء وزبراء كاهنة بني رئام التي انذرت قومها بالغارة عليهم فقالت: واللوح الخافق ، والليل الغاسق ، والصباح الشارق ، والنجم الطارق ، والمزن الوادق .

تاريخ الادب العربي / نوري حمودي القيسي: ص‏358

    

       كهان العرب

من أشهر كهان العرب في الجاهلية شقٌّ بن أنمار بن نزار وسطيح بن مازن بن غسان ، وعراف اليمامة رباح بن عجلة ، وعراف نجد هو الأبلق الأسدي ، فأما سطيح فكان مقره بلاد الشام واسمه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسّان

ويروي الحافظ ابن كثير في كتابه ( البداية والنهاية ) قصة كسرى عظيم الفرس ورؤيا الموبذان ( عراف القصر ) حيث رأى في المنام ذات يوم إبلا صعابا تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة ، وانتشرت في بلادهم ، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك ، وجمع وزرائه يستشيرهم بالأمر وبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النيران ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وارتجاج إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة ، فازدادوا غماً على غمهم  وغاصت بحيرة ساوة .

وتذكر القصة أن كسرى أرسل الى النعمان بن المنذر فوجّه إليه النعمان رجلاً عليماً اسمه عبد المسيح ، فلما قصَّ عليه كسرى ما رأى الموبذان ، أشار باستخبار الكاهن سطيح ، فأرسله كسرى إليه ، فأدركه وهو في حال الاحتضار ، فاستعلمه عبد المسيح عما جاء من أجله بأبيات شعر ، فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه يقول بطريقة السجع وهو المشهور عنهم :

" عبد المسيح ، على جمل مشيخ ، أتى سطيح ، وقد أوفى على الضريح ، بعثك ملك ساسان ، لارتجاس الإيوان ، وخمود النيران ، ورؤيا الموبذان ، رأى إبلاً صعاباً ، تقود خيلاً عراباً ، قد قطعت دجلة ، وانتشرت في بلاده .

يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة ، وفاض وادي سماوة ، وغاصت بحيرة ساوة ، وخمدت نار فارس ، فليس الشام لسطيح شاما ، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرافات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه

رأينا في هذه القصة نموذجاً من نماذج سجع الكهان ـ والسجع : هو تناسب آخر الكلمات لفظاً وفي الإصطلاح الكلام المقفّى-  وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن مثل هذا السجع ، للحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة t أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  قضى في امرأتين من هذيل اقتتلتا ، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فأصاب

   

: ومن ألوان هذا السجع الديني ، جاء في وصف ( ربيعة بن ربيعة) ليوم النشور، بقوله

 . " يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، يسعد فيه المحسنون ، ويشقى فيه المسيئون"

 . وهو ذات الرجل الذي يقسم بصدق قوله :

" والشفق والغسق ، والفلق إذا اتسق ، إن ما أنباءك به لحق "

.أما ( شق بن صعب ) فيصف ذات اليوم بقوله :

"يوم تجزى فيه الولايات ، يدعى فيه من السماء بدعوات ، يسمع منها الأحياء والأموات ، ويجمع فيه الناس للميقات ، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات "

 . ويقسم ( أبن صعب ) لسائله بأنه يقول الحق :

"ورب السماء والأرض ، وما بينهما من رفع وخفض ، أن ما أنبئك به لحق، ما فيه أمض"

 

الصفحة الرئيسية