الله اختارني للحياة
الأبدية
مقدمة
الله يكلمني شخصياً
. كنت في بدء حياتي
مسلماً أمارس أمور ديني, وقد أسست "الحركة
المحمدية" وداعية إسلامياً. وفي عام
1947 إختاروني رئيساً للمجلس الإسلامي
في "أمونتاي" ومعي السيد أدهم
خالد. وفي عامي 195. , 1951 صرت إماماً للجيش
في "بنجرماسين" برتبة ملازم ثان.
وقد نشرت لي مقالات في مجلات إسلامية,
منها "منجوان أنتي كومونيس" في
باندونج. وقد تعاونت في الحركات
المناهضة للمسيحية منذ1936 إلي 1962 في "مواراتيويه"
في باريتو – وتعاطفت مع الجماعات
الراغبة في تأسيس الحكم الإسلامي في
إندونيسيا, والتي كانت بالطبع ستقف ضد
المسيحيين
. وكان عندي كتاب مقدس
منذ عام 1936 , ولكني لم أقرأه لأجد الحق,
ولكن لأجد الشواهد التي تساعدني كمسلم
(ذي ميول معادية للمسيحية) علي مهاجمة
الإيمان المسيحي بطريقة أكثر فعالية.
وكنت مقاوماً للمسيح حتي الأربعين من
عمري, أرفض ألوهيته والإيمان به, وأسخر
منه. ولكن محبة الله العظيمة طلبتني
حتي وجدتني وخلقتني
! وفي عام 1962 كنت أجهز
خطبة ألقيها في الجامع, عندما أخذت
أتأمل المائدة 68 "وقل يا أهل الكتاب
لستم علي شئ حتي تقيموا التوراة
والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم".
وكنت قد سمعت هذه الآية مئات المرات من
قبل, ولكن هذه المرة همس الله لروحي أن
التوراة والإنجيل المذكورين في القرآن
لم يعد لهما اليوم وجود, ولكن القرآن
يحتوي علي ملخص لهما, أما الموجود
منهما اليوم فهو محرف ومن كتابة البشر.
غير أنني هذه المرة أدركت بروحي أن
التوراة والإنجيل كما هما اليوم في
الكتاب المقدس صحيحان ولقد قاوم عقلي
هذا الصوت الداخلي, وقال : "لقد تحرف
التوراة والإنجيل الموجودان في الكتاب
المقدس اليوم". وناقض عقلي ضميري
وروحي, حتي صرت في شك : أيهما علي صواب
. ولأريح ضميري أخذت
مشكلتي إلي فرصة "صلاة التهجد" في
منتصف الليل, وفيها طلبت من الله
علامات واضحة علي الحق, وأن يوضح لي
الحق. دعوته : "اللهم, يابارئ السماء
والأرض, يا إله المسلمين والمسيحيين
والبوذيين, يا خالق القمر والنجوم
والوديان والجبال, يارب العالمين, إكشف
لقلبي الحق بخصوص ما ذكره القرآن عن
التوراة والإنجيل. هل لخص القرآن
التوراة والإنجيل اللذين لم يعد لهما
اليوم وجود ؟ .. إن كان هذا هو الصواب
فأسترحمك أن تقوي قلبي حتي لا أدرس
الكتاب المقدس أبداً. أما إن كان الحق
هو في التوراة والإنجيل المذكورين في
القرآن, فأعطني أن أجد الحق في هذا
الكتاب المقدس, وأنر بصيرتي حتي أدرس
الكتاب المقدس بأمانة"
. ولم أطلب مساعدة أحد
لأتخذ قراري. لم أستشر فقيهاً ولا
ولياً ولا صديقاً. فقط طلبت من العلي
القدير أن يختار لي, فيكون إختياري حسب
مشيئته السماوية. ودعوت الله بحماس
طالباً هداه ليختار لي الحق الذي أتبعه
وأعلنه كالدين الحق
. ويرجو كل متدين أن
تكون هناك حياة حقيقية بعد الموت. ولما
كنت متديناً فقد وضعت رجائي ويقيني
بالله. كنت أعلم أن هناك مكانين إثنين,
نمضي إلي أحدهما بعد الموت : الجحيم حيث
العذاب الأبدي, أو النعيم لنكون مع
الله في مجد دائم. ولم يكن من السهل أن
أفكر في مستقبلي الأبدي بإستخفاف. فلو
إشتريت مثلاً عشرة جرامات من الذهب
النقي, فلابد أن أفحصها لئلا يكون
الصائغ قد غشني, فيصيبني الحزن في
المستقبل. فكم يجب أن أفكر وأفحص الحق
في عبادتي لتكون بحسب مشيئة الله, مالك
الحياة الأبدية ويوم الدين. ولو لم
أفعل سأظل أندم حيث لا ينفع ندم. لقد
كنت موقناً أن الله هو خالق الجحيم
والنعيم, لذلك لم استشر بشراً – لا
واعظاً مسلماً ولا مسيحياً, فهم بشر لا
يعرفون الحق بحسب إرادة الله. قصدت باب
الله صاحب الحق, ورجوته واثقاً أن
يلهمني الإرشاد الحق
. والمجد كله لله, فقد
سمع دعائي, وهو الذي يعطي الحق لكل من
يريد أن يعرفه, إن طلبه بكل قلبه
. وجدير بالذكر أن
هناك آيات أخري من القرآن (بالإضافة
إلي المائدة 68) تركت أثرها العميق علي
نفسي : "ولقد آتينا موسي الكتاب فلا
تكن في مرية من لقائه" (السجدة 23) –
"وقفينا علي آثارهم بعيسي ابن مريم
مصدقاً لما بين يديه من التوراة
وآتيناه الإنجيل فيه هدي ونور, ومصدقاً
لما بين يديه من التوراة, وهدي وموعظة
للمتقين. وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل
الله فيه, ومن لم يحكم بما أنزل الله
فأولئك هم الفاسقون" (المائدة 46 , 47)
– "إن الذين آمنوا والذين هادوا
والنصاري والصابئين, من آمن بالله
واليوم الآخر وعمل صالحاً, فهم أجرهم
عند ربهم, ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
(البقرة 62)
. وهناك آيات قرآنية,
أخري تبرهن أن التوراة والإنجيل هما
طريق الحق الصحيح بحسب إرادة الله. وقد
شجعتني هذه الآيات أن أغوص أكثر في درس
الكتاب المقدس, لأن الله همس في روحي
أنه الحق
: وبعد طلبي هداية
الله في صلاة نصف الليل أصبحت وقد شعرت
بتغيير كامل في نفسي. ومنذ ذلك الوقت
إعتبرت الكتاب المقدس رفيقي, لا عدواً
لي. وتناولته وكل إنتظار, وانتبهت لكل
كلمة فيه لأني أردت أن أعرف الحق. وقلت
"بسم الله الرحمان الرحيم" ثم
فتحت الكتاب المقدس. ونويت أن أقرأ
التثنية 18 : 15 لأنه قد سبق لي أن إستخدمت
هذه الآية لمهاجمة ما يؤمن به
المسيحيون, ولدعوة قادتهم للإيمان
بمحمد كرسول تنبأت التوراة بمجيئه.
ولكن ما أن أعدت قراءة هذه الآية حتي
وجدت لها معني جديداً يختلف تماماً عما
عرفته منها من قبل, فأدركت أن الكتاب
المقدس سيكون كتاباً مغلقاً صعب الفهم
لكل من يرفض الإيمان بما جاء فيه –
ولكنه يكون واضح المعني لكل صاحب قلب
مفتوح للحق , لأن الروح القدس يلهم
أصحاب القلوب المفتوحة. تقول التثنية 18
: 15 "يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك
من إخوتك مثلي. له تسمعون". وقد فهمت
هذه الآية كنبوة توراتية عن مجئ محمد'
فمحمد نبي مثل موسي, لأن
موسي
ولد من أب وأم, وكذلك محمد –
بخلاف المسيح الذي ولد من أم
بغير أب |
–1 |
.
لما كبر موسي تزوج, وكذلك محمد –
بخلاف المسيح الذي لم يتزوج |
–2 |
.
كان لموسي نسل, وكذلك محمد –
وهذا بخلاف المسيح |
–3 |
.
مات موسي في عمر كبير ودفن,
وكذلك محمد – أما المسيح فقد
رفع إلي السماء |
–4 |
|
. لقد كان واضحاً لي
أن تثنية 18 : 15 نبوة من موسي بمجئ محمد,
وأنها لا تعني المسيح مطلقاً, كما أنها
لا يمكن أن تعني أن المسيح "ابن الله"
كما يدعي المسيحيون. ولكني في هذا
اليوم قرأت تثنية 18 : 15 ببطء ورغبة في
فهم معناها الصحيح. ولما قرأت "نبياً
مثلي" همس الروح القدس لنفسي : "لو
أنك جعلت الشبه بين موسي ومحمد في
أنهما ولدا من أبوين, وأنهما تزوجا
وأنجبا نسلاً, ثم ماتا ودفنا, فإنهما في
هذا يشبهان كل البشر. هذه إذاً حقيقة لا
تبرهن النبوة لأي من موسي أو محمد !"
! وقد جعلني هذا الهمس
السماوي أوقن أن بنوة موسي هذه تعني
المسيح فقط كالنبي الموعود الآتي. وكان
يجب أن أجد أوجه شبه فريدة وغير عادية
بين موسي والمسيح. وقد جرت عدة أوجه شبه
بينهما, يختلفان فيها عن سائر البشر
.
عند ولادة موسي هدد فرعون بقتله
– وعند ولادة المسيح هدد هيرودس
بقتله. وليس كل الناس يتهددون
بالموت عند ميلادهم |
–1 |
.
أثناء الطفولة قدمت إبنة فرعون
الحماية لموسي. أما المسيح فقد
حماه خطيب أمه "يوسف". ولا
ينال كل الناس حماية عند
طفولتهم من أشخاص يعينهم الله
للقيام بذلك عندما يقع عليهم
التهديد |
–2 |
.
عاش موسي طفولته في مصر, بعيداً
عن وطنه. وقد حدث الشئ نفسه مع
المسيح, فقد ترك وطنه إلي مصر.
ولا يهرب كل الأطفال إلي مصر في
طفولتهم |
–3 |
.
لما خدم موسي الله منحه قوة
إتيان المعجزات, وهكذا المسيح
كلمة الله الحي الذي نال قوة
الله ليجري المعجزات, فشفي
المرضي من يتبعونه من أغلال
الشر والموت |
–4 |
.
حرر موسي بني إسرائيل من عبودية
المصريين, وحرر المسيح من
يتبعونه من أغلال الشر والموت |
–5 |
|
. وقد دفعتني هذه
البراهين للإيمان أن تثنية 18 : 15 نبوة
فريدة, لا تعني محمداً, بل المسيح كلمة
الله المتجسد
! ومع أن محبة الله
العظيمة أنارتني لأعرف أن الكتاب
المقدس هو كلمة الله بالحقيقة, إلا
أنني لم أكن مستعداً لأصبح مسيحياً.
لماذا ؟ لأن الإيمان المسيحي يشتمل علي
أمور لا أقدر أن أقبلها, خصوصاً بنوة
المسيح لله, فمنذ طفولتي تعلمت أن الله
لم يلد ولم يولد. وكنت أرفض أن المسيح
هو الله, فلا إله إلا الله. وكانت نفسي
تكره التثليث "لقد كفر الذين قالوا
إن الله ثالث ثلاثة". وكان الصليب
مرفوضاً عندي تماماً, فلو كان عيسي
المسيح نبياً عظيماً, أو لو كان "ابن
الله" كما يقول المسيحيون, فكيف
يتعذب علي صليب, فإني كنت أسرع بتنجيته
وأعاقب معذبيه, مهما كانت النتائج ! ثم,
كيف يفقد الله سلطانه علي اليهود ؟ لقد
كان هذا الموضوع مرفوضاً عندي تماماً
. ولكي أفهم هذه
المواضيع توجهت للوعاظ المسيحيين,
وسألتهم : لماذا يلقبون المسيح بابن
الله, وكيف يكون إلهاً, وما معني
التثليث ؟ وبحثت كيف مات المسيح
مصلوباً بيد اليهود, كما درست توريث
الآباء الخطية لأبنائهم, الأمر الذي
كنت أعتبره ظلماً واقعاً علي الأولاد.
ولقد جاوب الوعاظ المسيحيون أسئلتي
بعناية, ولكني لم أقبل شروحاتهم رغم
أنها كانت وافية بالغرض, وسبب ذلك كان
اختلاف خلفياتنا. نعم, هناك اختلافات
بين الأديان لم ندرسها دراسة كافية
لنجد نقاط الإتفاق المشتركة. وكان يجب
أن ندرس دياناتنا بعناية لنبي جسوراً
فوق خلافاتنا. وكنت في تلك المرحلة
أشبه جهاز الإستقبال, وكان الواعظ
المسيحي يشبه جهاز إرسال, والجهازان في
حالة جيدة, ولكن طول الموجات كان
مختلفاً جداً, فلم يسمع المستقبل صوت
المرسل. لقد دخل ما سمعته من الوعاظ إلي
من أذن وخرج من الأذن الأخري ! لم يمس
قلبي لأني لم أفهم طريقة تعبيرهم. ولم
يقدر الواعظ أن يفهم خلفيتي الإسلامية,
فلم تكن توضيحاته كما كنت أبغي. لم يكن
في شرح الواعظ خطأ, لكن كانت هناك طرق
تفكير وشرح أخري حتي نفهم بعضنا.
وبالرغم من ذلك ظللت أرجو أن أفهم,
متأكداً أنه مادام الله سيساعدني
لأختار الحق فسيفتح لي الباب ويهديني
لأفهم المشاكل التي صارت لي عقبات
. كانت صلاتي
المستمرة : "يارب إكشف لي حقك بخصوص
أن المسيح "ابن الله" وأنه "الله".
وضح لي التثليث وسر الصليب. لقد وهبتني
البصيرة فعرفت أن الكتاب المقدس هو
كتابك, فلابد من أنك ستوضح العقبات
بواسطة الكتاب المقدس الذي هو كلمتك
الصادقة التي لا تتغير أبداً من البدء
وحتي اليوم وإلي يوم يبعثون"
. وكم ساعدني الله
بروحه القدوس الذي عمل في قلبي. وسأشرح
كيف أعانني الله لأتغلب علي العقبات
يدعي المسيح " ابن
الله "
. يقول الإنجيل : "في
البدء كان الكلمة, والكلمة كان عند
الله, وكان الكلمة الله. والكلمة صار
جسداً, وحل بيننا, ورأينا مجده, مجداً
كما لوحيد من الآب, مملوءاً نعمة وحقاً"
(يوحنا 1 : 1 , 14). وهاتان الآيتان أوضحتا
لي معني "ابن الله". لقد صار "كلمة
الله" إنساناً في ميلاد يسوع المسيح,
وعلي هذا فالمسيح يدعي "كلمة الحياة"
(1 يوحنا 1 : 1). وواضح أن المسيح لم يدع
"ولد الله" لأن الله لم يلد المسيح
بطريقة جسمانية بيولوجية (كما يظن
البعض خطأ) ولكنه "ابن الله" لأنه
كلمة الله الذي ظهر من الروح القدس في
ابن مريم. يقول القرآن إن المسيح "روح
الله وكلمته" – "إنما المسيح عيسي
ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلي
مريم, وروح منه" (النساء 171). ويقول
الدكتور حسب الله بكري في كتابه "عيسي
النبي في القرآن" (ص 109) : "يدعي
النبي عيسي "كلمة الله" لأنه تجسد
كلمة الله الملقاة إلي مريم لتحبل
بالنبي عيسي"
. وقد دفعني هذا إلي
ترك التردد في إطلاق لقب "ابن الله"
علي المسيح لأنه الكلمة الحي من الله
القدير, متجسداً. ولقد رفضت من قبل لقب
"ابن" للمسيح لأني فهمتها كميلاد
جسدي, و "الله أحد .. لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفواً أحد" (سورة الإخلاص).
ويقتبس كثيرون من علماء المسلمين (وكنت
مثلهم) هذه الآيات ليقولوا إن المسيح
ليس ابن الله. غير أن المسيحي يقبل سورة
الإخلاص, لأن المسيحية لم تقل أبداً إن
المسيح "ولد" الله بالتناسل
البشري – لكنه "ابن الله" بنوية
روحية
. ولذلك أقول إنه لا
توجد آية قرآنية واحدة ترفض تعليم
الكتاب المقدس أن المسيح يدعي "ابن
الله" بالمعني الروحي للقب. والقرآن
ينفي ما لم تعلم به المسيحية, من أن
المسيح "ولد الله" بمعني تناسلي
جسدي
يدعي المسيح " الرب
"
لماذا يدعي المسيح
"رباً" ؟ لقد صرفت وقتاً طويلاً
عجز فيه لساني عن نطق هذا اللقب, كما لم
أقدر أبداً أن أنطق "الرب يسوع
المسيح". فقد تعلمت منذ طفولتي وعلمت
الآخرين أن لا إله إلا الله. ربما لقب
المسيح "الرب" لأنه ولد بغير أب
بشري ! وكنت أقول : لا ! فقد جاء آدم
للوجود بغير أب, بل وبغير أم أيضاً,
ولكن أحداً لم يلقب آدم بالرب ! أو هل
لقب المسيح بالرب بسبب معجزاته ؟ لا !
فقد أجري موسي معجزات كثيرة دون أن
يلقب بالرب. هل لأن المسيح شفي الأبرص
والأكمة وأقام الموتي ؟ لا ! فقد أقام
أليشع الميت وشفي الأبرص, ولم يدع رباً.
هل لأن المسيح صعد مباشرة للسماء ؟ لا !
فقد أخذ إيليا للسماء في مركبة نارية
بغير موت ! إذاً لماذا لقب المسيح بالرب
والله ؟
. لقد دعي المسيح رباً
كما قرأنا في يوحنا 1 : 1 , 14 لأن كلمة
الله صار إنساناً في ميلاد يسوع المسيح,
لذلك دعي "كلمة الحياة" (1 يوحنا 1 :
1) أو الله متجسداً في إنسان. ولا يجب أن
نفهم التجسد كما تعرفه القواميس, ولا
كما تشرحه التعبيرات الجارية. فنحن
نقول إن الله "موجود". ولوجود الله
معني يختلف عن وجود الإنسان, فالله
موجود لأن الله أوجده, فهو مخلوق
. ولهذا السبب لا نفهم
تعبير "تجسد الله" كما نفهم
تعبيراتنا الجارية. فالقاموس يتحدث عن
تناسخ (تجسد) القطة فيلا, فتختفي القطة
ويظهر الفيل. ولو تحول الحجر (تجسد)
ذهباً فإن وجود الحجر ينتهي ويستمر
الذهب. أما التجسد الإلهي فمختلف
المعني, فوجود الله لا يتغير بتجسده,
لأن الله لا يتغير (ملاخي 3 : 6). لقد تجسد
الله في إنسان, ولكن هذا لا يعني نهاية
وجود الله ووجود الإنسان. هذه كلمة تصف
عملاً إلهياً يفوق المنطق, ولو أنها
ليست ضده. إن تجسد الله معناه أن الله
أظهر نفسه بكامل كيانه في إنسان, فأعلن
إرادته وقوته ومحبته في شخص الإنسان
الفريد يسوع المسيح. بهذا نفهم كلمات
المسيح : "الآب في وأنا فيه" (يوحنا
1. : 38) "أنا والآب واحد" (يوحنا 1. : 3.)
– "الذي رآني فقد رأي الآب" (يوحنا
14 : 9). قال الرسول بولس عن المسيح ك "فيه
يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" (كولوسي 2
: 9)
لقد قال المسيح : "دفع
إلي كل سلطان في السماء وعلي الأرض" (متي
28 : 18) فالمسيح القدير يحكم كل شئ, وقال
عنه الرسول بولس : "هو رأس كل رياسة
وسلطان" (كولوسي 2 : 1.). والله هو "الله
رب العالمين". وقد "جعل يسوع رباً"
(أعمال 2 : 36). وهنا نري الفرق بين "الله"
و "الرب". فالله THEOS في اليونانية,
والرب KYRIOS . واسم الرب يحمل السلطان
التشريعي والتنفيذي. وقد ظهر سلطان
الله في المسيح في :
الخلق-1
التشريع-2
الهداية-3
الغفران-4
التجديد وإعادة
الخلق بالروح-5
الدينونة-6
المجد-7
. إن كل سلطان الله
المشرع الهادي الغافر المخلص موجود في
شخص المسيح, لذلك لقب المسيح بكلمة
الحياة, والمخلص الوحيد. المسيح كلمة
الحياة يمارس سلطان الله في الوعظ ومنح
الغفران, لذلك جعل يسوع رباً (أعمال 2 : 36
وكولوسي 2 : 1.)
. المسيح هو "الرب",
لأن له سلطان منح الخلاص الكامل. هو
مخلص الجميع, كلمة الحياة الذي قال :
"أنا هو الطريق والحق والحياة" (يوحنا
14 : 6). وأعيد قولي إن ما جعلني أعجز عن
إعلان ربوبية المسيح هو الشهادة
الإسلامية التي تعلمتها وعلمتها لغيري
"لا إله إلا الله". ولكني تعلمت أن
الشهادة الإسلامية لا تناقض الكتاب
المقدس الذي يقول : "لا يكن لك آلهة
أخري أمامي" (خروج 2. : 3). ولهذا أري أن
ربوبية المسيح كامنة في كلمات القرآن
التي تعلن أن المسيح "روح الله
وكلمته" فهو يحمل كل سلطان الله
العامل
التوحيد المسيحي
. تبدو كلمة "توحيد"
غريبة علي أذن المسيحي لأنها نادرة
الإستعمال في كتب اللاهوت المسيحية.
ولكن التوحيد المسيحي عقيدة عميقة,
فالله واحد في ثالوث. ولو أن معظم
إخوتنا المسلمين لا يفهمون ما نقصده
بها, بسبب تعليمهم وخلفيتهم
يؤمن المسلم بوجود
إله واحد, إيماناً لا يتغير ولا يزول.
والمسيحية تعلم العقيدة نفسها,
فالمسيحيون يؤمنون بإله واحد حقيقي.
فهل العقيدة الإسلامية والمسيحية في
التوحيد متماثلتان ؟
. نجد التعليم
الإسلامي عن التوحيد في سورة الإخلاص,
والبقرة 163 والمائدة 73 , وفي غيرها
. ونجد التعليم
المسيحي عن التوحيد في آيات مثل إشعياء
45 : 5 " أنا الرب وليس آخر. لا إله سواي"
ويوحنا 17 : 3 "وهذه هي الحياة الأبدية
: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك,
ويسوع المسيح الذي أرسلته" و "وليس
إله آخر إلا واحداً" (1 كورنثوس 8 : 4) و
"لنا إله واحد : الآب الذي منه جميع
الأشياء ونحن له, ورب واحد : يسوع
المسيح, الذي به جميع الأشياء, ونحن به"
(1 كورنثوس 8 : 6)
. وبعد قراءة هذه
الآيات لم يعد لدي شك في وحدانية الله
في المسيحية. لم يكن هناك داع لتغيير
عقيدتي في الوحدانية لأنتقل من
الإسلام إلي المسيحية. بالعكس بعد أن
أصبح مسيحياً سأفهم الوحدانية بنقاء
أكثر. كل ما هناك أني سأرفض نبوة محمد
. ويظن المسلمون أن
المسيحيين ينقضون وحدانية الله,
ولكنهم في هذا مخطئون. وإني أؤكد أن
التعليم المسيحي ينقي عقيدة وحدانية
الله, فالتوحيد المسيحي هو أنقي وأفضل
تعليم عن الله. يساعدنا علي إدراك هذا
إدراكنا للمقصود بالشرك
: مشكلة الشرك بالله
. يهاجم الإسلام
الشرك بالله. ونحتاج أن نفهم الوحدانية
في المسيحية حتي لا تختلط بفكرة الشرك.
يعتبر القرآن الشرك إحدي الخطايا
الثلاث التي لا تغتفر, لذلك درست
المسيحية لأتأكد من خلوها من أي عنصر
شرك, فوجدت الكتاب المقدس يقول : "لا
يكن لك آلهة أخري أمامي. لا تصنع لك
تمثالاً منحوتاً, ولا صورة ما مما في
السماء من فوق, وما في الأرض من تحت, وما
في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا
تعبدهن, لأني أنا الرب إلهك إله غيور,
أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل
الثالث والرابع من مبغضي". (خروج 2. : 3
– 5) ويذكرنا الرسول يوحنا أن نحفظ
أنفسنا من الأصنام (1يوحنا 5 : 21). ويجب أن
ندرك ما هو الصنم, فليس كل تمثال صنماً,
ولا كل عمود أو شاهد قبر وثناً. ولكن
هذه تصبح أصناماً عندما تؤدي لها
الواجبات الدينية ويصلون أمامها
. إن أصحاب الديانات
"الروحية" الذين يعبدون الأرواح
هم مشركون, والكتاب المقدس يحذرنا من
هذا بقوله : "لا يوجد فيك من يجيز
إبنه أو إبنته في النار, ولا من يعرف
عرافة, ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر,
ولا من يرقي رقية, ولا من يسأل جاناً أو
تابعة, ولا من يستشير الموتي, لأن كل من
يفعل ذلك مكروه عند الرب" (تثنية 18 : 1.
– 12)
: وألخص هنا بعض نقاط
الإيمان المسيحي
. – تؤمن المسيحية
أن الله واحد, له وحده السجود والعبادة.
وكل سجود لغيره خطية كبيرة (لوقا 4 : 8 ,
متي 4 : 1. , تثنية 6 : 13 , يشوع 24 : 14 , 15)
–1
. – لا تقبل المسيحية
بوجود آلهة إلي جوار الله, مهما كان
نوعها, من تماثيل ومبان وبشر – حتي
الكعبة (بيت الله). إن كل سجود لأي من هذه
شرك بالله, ونقض للوحدانية
–2
. – المسيحي الصالح لا
يستشير عرافاً ولا ساحراً ولا قارئ بخت
أو طالع. ولا يقدم بخوراً للموتي. وهو لا
يخاف من الأرواح الشريرة (تثنية 18 : 1. –
13)
–3
. – المسيحي الصالح لا
يخشي قوة السحر, والأرواح الشريرة, فقد
هزم المسيح كل قوات الشر. وستخضع كل هذه
الأرواح للمسيح ولأتباعه (يوحنا 14 : 12 ,
مرقس 16 : 17)
–4
. – لا يري المسيحي في
أحجار أو خاتم أية قوة خاصة, فالقوة
الوحيدة في المسيحية هي قوة روح الله (رومية
14 : 17 , 18)
–5
. – يجب علي المسيحي أن
يصلي لله في حالة قلقه ومخاوفه, والله
يعرف حاجتنا ويستجيب صلاتنا (مزمور 5 : 3. ,
متي 6 : 25 – 34 , 7 : 7 , 8). ولا يذهب مسيحي صالح
لقبر ولي ولا تقي
–6
. – وإنني أعلن بضمير
صالح أن التوحيد المسيحي هو أنقي توحيد,
فلا مكان لروح ولا جان – هناك فقط الآب,
وكلمته الحي الفعال : يسوع المسيح الرب
–7
: الله واحد في ثالوث
. قبل أن أقبل الإيمان
بالمسيح كان التثليث عقبة كبري لي (كما
أنه عقبة لكثيرين). ويرجع ذلك إلي عدم
فهم الإيمان المسيحي. وقد وجدت أن
التثليث المسيحي لا يناقض عقيدة
التوحيد. فالمسيحيون يقدرون أن يرددوا
مع المسلمين ما جاء في المائدة 73 "لقد
كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة"
والنساء 171 "ولا تقولوا ثلاثة".
ويعتقد المسلمون (وكنت معهم) أن هذه
الآيات تهاجم التثليث المسيحي.
والحقيقة أنها تهاجم تثليثاً خاطئاً
تهاجمه المسيحية أيضاً, فهي تهاجم وجود
ثلاثة آلهة مختلفة, ولكنها لا تتعرض
لعقيدة "الله واحد في ثالوث"
: ونحن المسيحيين
نرفض كل أثر للشرك, بما في ذلك الثالوث
"غير الكتابي" – فلا توجد ثلاثة
آلهة مختلفة. والمسيحية ترفض أيضاً
الكفر بالله, كما ترفض عقيدة حلول الله
في الكون. فملخص العقيدة المسيحية في
التوراة والإنجيل هي " الرب إلهنا رب
واحد" (تثنية 6 : 4 , 5 ومرقس 12 : 29 , 3.).
وفي أشعياء 45 : 5 "أنا الرب وليس آخر".
وفي يوحنا 17 : 3. "وهذه هي الحياة
الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي
وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته". ومن
هذا نري أن التثليث المسيحي لا يناقض
التوحيد. ونوضح التثليث كالآتي
. – الله الخالق واسمه
"الآب" هو خالق الكون. هو "الله
القدير"
–1
. – كلمته "الابن"
الذي تجسد بالميلاد في يسوع. هو الكلمة
الحي الذي يعلن لنا إرادة الله وأحكامه,
ويشجعنا بمواعيده, ويكلمنا باللغة التي
نفهمها. ولقب الكلمة يشبه لقب "الله
المريد"
–2
. – روح الله الذي
يساعد ويرشد ويهدي. وهذا يشبه اسم الله
"المحيي"
–3
. ونحن نسمي هذه
التجليات الثلاثة "ثلاثة أقانيم"
– مثل ما يقول المسلمون إنها "صفات"
الله. وهي واحدة في الجوهر, غير منفصلة.
للثلاثة نفس القوة والخلود والوجود.
كانوا دائماً معاً, ولم يسبق أحدهم
الآخر. فالآب والكلمة والروح القدس هم
"الله". فوحدة الثالوث لا تناقض
عقيدة التوحيد أبداً, كما أنها ليست
إتحاداً بين ثلاثة آلهة
. والقرآن لا يهاجم
هذا التثليث. فما جاء في المائدة 73
والنساء 171 يهاجم التعدد في الله. وهذا
ما تهاجمه المسيحية. ولا توجد آية
قرآنية واحدة تهاجم التثليث المسيحي
موت المسيح وقيامته
. تقول سورة النساء 157
"وقولهم (اليهود) إنا قتلنا المسيح
عيسي ابن مريم رسول الله, وما قتلوه وما
صلبوه ولكن شبه لهم. إن الذين إختلفوا
فيه لفي شك منه. ما لهم به من علم إلا
إتباع الظن. وما قتلوه يقيناً"
: وما أكثر ما يستخدم
الوعاظ المسلمون هذه الآية القرآنية (كما
سبق أن فعلت) لينكروا أن المسيح مات علي
الصليب. ولقد رفضت إحتمال أن النبي
الصالح, حبيب الله, يموت مصلوباً دون أن
يمد الله له يد العون. ولو كان هو "ابن
الله" فكيف يترك الآب إبنه لمثل هذا
الهوان ؟ ! ولكن بعد أن أدركت أن حق
الكتاب المقدس يؤيده القرآن, كما تأمر
المائدة 68 "يا أهل الكتاب لستم علي
شئ حتي تقيموا التوراة والإنجيل"
جعلت أفكر في موضوع الصليب كما جاء في
الإنجيل والقرآن, ودرست الأمر بروية
وبغير تحيز, فوصلت للمعلومات التالية
. – يقول المسلمون إن
شخصاً صلب ومات, بدون تحديد لهويته.
وينكر المسلمون أن الذي صلب هو المسيح,
يقولون إن الذي صلب هو يهوذا الخائن, أو
أحد تلاميذ المسيح
–1
. – يؤكد القرآن
إقتناع اليهود أنهم قتلوا رسول الله
عيسي ابن مريم وصلبوه
–2
. ولقد حاولت أن أعرف
من هو الذي صلب ومات : المسيح أم من ؟
فلابد من الرجوع للوثائق التاريخية,
ومن ضمنها الكتاب المقدس الذي يحوي
حقائق تاريخية أكيدة – فقد سجلت
الروايات الأربع للإنجيل (متي ومرقس
ولوقا ويوحنا) قصة الصليب, وثلاث من هذه
الروايات هي لشهود عيان. فلو سلمنا
بشرع أن رواية شاهدين تكون سليمة (حسب
الشريعة في تثنية 17 : 6 , 7) تكون رواية
ثلاثة شهود عيان لحادثة الصليب صحيحة
وقانونية ومعتمدة, بل أنها أكثر
إعتماداً من رواية محمد والقرآن الذي
كتب بعد ذلك بستة قرون, ولم يكن صاحبه
شاهد عيان
. وهناك شهادة أخري
لموت المسيح : لما أعلن رئيس الجنود
الذين قاموا بصلب المسيح, أن المسيح
مات, طلب يوسف الرامي من بيلاطس الوالي
أن يسمح له بأخذ جسد المسيح, فسمح له
الوالي بذلك (مرقس 15 : 42 – 46). ولو كان
الجسد الذي أنزل عن الصليب ليس جسد
المسيح, لرفض يوسف الرامي إستلامه,
لأنه ليس الجسد الحقيقي
! وهناك برهان آخر.
طلب اليهود من بيلاطس حراسة قبر المسيح.
وما كان بيلاطس ليأمر بحراسة القبر لو
لم يكن المسيح هو المدفون فيه, لأنه سمع
المسيح يقول إنه سيقوم في اليوم الثالث
! ولو أن المصلوب كان
غير المسيح, لما نطق بكلمات المحبة علي
الصليب, كقوله : "يا أبتاه إغفر لهم
لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لوقا
23 : 34) وقوله : "قد أكمل" (يوحنا 19 :
14). ما كان يمكن أن يكون المصلوب غير
المسيح
. وهكذا تيقنت أن
المصلوب الذي أشارت إليه سورة النساء
157 كان بلا شك المسيح نفسه, ليس سواه. إن
شهادة البشائر الأربع مقنعة وقانونية
وصادقة
قيامة المسيح من
الموت
! لا يوجد في القرآن
ما ينكر قيامة المسيح, بل إننا نقرأ في
سورة مريم 33 "والسلام علي يوم ولدت
ويوم أموت ويوم أبعث حياً". وهذا
الشاهد القرآني يؤكد أن المسيح مات (مع
أن البعض ينكر موت الصليب) كما يؤكد أنه
قام و "بعث حياً". والبعث للحياة
دوماً يعقب الموت "أموت". لقد قام
المسيح في اليوم الثالث من موته بجسد
حقيقي مرئي ملموس (فيلبي 3 : 21). لقد توجت
قيامة المسيح صليبه, فلو أن المسيح مات
ودفن وبقي في قبره لكانت هذه لطمة
للمسيحيين, لأنها تعني أن ربهم مات
وانتهي, ولا ضمحلت حياتهم, وما تبقي لهم
أمل في حاضر ولا مستقبل ! ولو أن عظام
المسيح بقيت في قبره لما عبد المسيحيون
المسيح, ولما قبلوا المعمودية باسم رب
ميت. إن الميت لا يستحق الإتباع
. لقد مات المسيح
مصلوباً ليبرهن لنا محبة الله, لا
ليبقي ميتاً. وقد قام منتصراً ليحيا
إلي إنقضاء الدهور حياة يشهدها
ويلمسها الجميع. والكنيسة اليوم تشهد
لهذه القيامة المجيدة في كل العالم,
بإيمان عامر بالرجاء, فمخلصنا حي إلي
الأبد. وإيماننا مبني علي المحبة, وحتي
لو تألمنا في سبيل إيماننا فسنتمجد
أيضاً به ! (رومية 8 : 17)
: وفي قيامة المسيح
نقوم من كل أنواع الموت
. - نقوم من موت
الخلافات العائلية, والتناقض والكراهية
-1
. - نقوم من موت كسب
خبزنا بالألم
-2
. - نقوم من موت القلوب
القلقة
-3
. - نقوم من موت الإيمان
الضعيف
-4
. - نقوم من موت الفكر
الأناني
-5
. - نقوم من موت الخوف
من المرض والمعاناة
-6
. - نقوم من موت الخطية
والضعف الروحي والأخلاقي
-7
: معني موت المسيح
. كتب الرسول بطرس
بالوحي المقدس : "لأن هذا فضل إن كان
أحد من أجل ضمير نحو الله يحتمل
أحزاناً متألماً بالظلم. لأنه أي مجد
هو إن كنتم تلطمون مخطئين فتصبرون. بل
إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون,
فهذا فضل عند الله لأنكم لهذا دعيتم.
فإن المسيح أيضاً تألم لأجلنا تاركاً
لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته. الذي لم
يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر. الذي إذ
شتم لم يكن يشتم عوضاً, وإذ تألم لم يكن
يهدد بل كان يسلم لمن يقضي بعدل. الذي
حمل هو نفسه خطايانا في جسده علي
الخشبة, لكي نموت عن الخطايا فنحيا
للبر. الذي بجلدته شفيتم. لأنكم كنتم
كخراف ضالة, لكنكم رجعتم الآن إلي راعي
نفوسكم وأسقفها" (1 بطرس 2 : 19 – 25)
. كان صليب المسيح قمة
آلامه. ولم يكن أحد يحب أن يموت مصلوباً,
وقد قبل المسيح الصليب لأن الآب رسم له
ذلك. وقد تنبأ النبي إشعياء بآلام
المسيح المصلوب قبل حدوثها بسبع مائة
سنة, قال : "لكن أحزاننا حملها
وأوجاعنا تحملها, ونحن حسبناه مصاباً
مضروباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح
لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا. تأديب
سلامنا عليه وبحبره شفينا, كلنا كغنم
ضللنا, ملنا كل واحد إلي طريقه, والرب
وضع عليه إثم جميعنا. ظلم أما هو فتذلل
ولم يفتح فاه, كشاة تساق إلي الذبح,
وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه.
من الضغطة ومن الدينونة أخذ. وفي جيله
من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء, أنه
ضرب من أجل ذنب شعبي. وجعل مع الأشرار
قبره ومع غني عند موته. علي أنه لم يعمل
ظلماً ولم يكن في فمه غش
. أما الرب فسر بأن
يسحقه بالحزن. إن جعل نفسه ذبيحة إثم
يري نسلاً تطول أيامه ومسرة الرب بيده
تنجح. من تعب نفسه يري ويشبع, وعبدي
البار بمعرفته يبرر كثيرين, وآثامهم هو
يحملها. لذلك أقسم له بين الأعزاء, ومع
العظماء يقسم غنيمة, من أجل أنه سكب
للموت نفسه, وأحصي مع أثمة, وهو حمل
خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (إشعياء
53 : 4 – 12)
. وقد عرف المسيح أن
هذه النبوة ستتحقق فيه, لأنه عبد الرب,
وعندما واجه المسيح الصليب قال
لتلاميذه الذين حاولوا الدفاع عنه :
"رد سيفك إلي مكانه, لأن كل الذين
يأخذون السيف بالسيف يهلكون. أتظن أني
لا أستطيع أن أطلب إلي أبي فيقدم لي
أكثر من إثني عشر جيشاً من الملائكة ؟
فكيف تكمل الكتب ؟ أنه هكذا ينبغي أن
يكون" (متي 26 : 52 – 54)
. لقد سلم شيوخ اليهود
المسيح إلي الوالي الروماني ليصلبه. لا
لأنه أخطأ ضد التوراة, لكن لأنه قال إنه
ابن الله وساوي نفسه بالله. ونحن نري
الصليب الذي قاسي المسيح عليه, وسيلة
التضحية لخلاصنا من قوة الخطية, لنحيا
بروح الله حياة أبدية في السماء
: صعود المسيح للسماء
(المعراج)
: رأي أحد عشر تلميذاً
صعود المسيح للسماء (معراجه) وذلك خارج
قرية بيت عنيا (لوقا 24 : 5.). ولا يعترض
القرآن علي صعود المسيح للسماء. بالعكس.
إن القرآن يؤيد الصعود "إذ قال الله :
يا عيسي, إني متوفيك ورافعك إلي".
وهناك ملاحظتان حول صعود المسيح
للسماء
: – قدم المسيح
لتلاميذه وصيته الأخيرة, وهي تعلن هدف
مجيئه للعالم. فقد أمرهم
–1
. ( أ ) أن يذهبوا إلي
العالم أجمع ويكرزوا بإنجيل الخلاص
ليجيئوا باتباع للمسيح
. (ب) أن يعمدوهم باسم
الثالوث : الآب والابن والروح القدس
. (ج) أن يعلموهم كل ما
علمه المسيح لهم, في الإنجيل خاصة
والكتاب المقدس عامة
. – وعدهم أن يمنحهم
جميعاً الروح القدس, ولكل من يؤمن به
بكلامهم (فالوعد لنا نحن أيضاً) لينالوا
قوة يشهدوا بها لحق المسيح ابن الله,
كلمة الله الحي. ويبقي الروح القدس مع
تابعي المسيح حتي نهاية الزمان
–2
: مجئ المسيح ثانية
. سيجئ المسيح ثانية
دياناً للأرض كلها, فيدين الأحياء
والأموات (أعمال 1 : 11 , رؤيا 2. : 11 – 15).
وبهذا أيضاً يؤمن المسلمون جميعاً, فقد
جاء في حديث البخاري, عن أبي هريرة عن
نبي الإسلام : "كيف أنتم إذا نزل ابن
مريم فيكم وأمامكم منكم". جاء في سنن
الإمام أحمد بن حنبل : "ليوشكن أن
ينزل فيكم ابن مريم إماماً مهدياً
وحكماً عدلاً". وقال نبي الإسلام :
"والله لينزل ابن مريم حكماً عدلاً".
وواضح من "حكماً عدلاً" أن المسيح
في مجيئه ثانية لن يكون نبياً يعلم
الناس شريعة الله, كما يعرفونها اليوم
في التوراة أو الإنجيل أو القرآن, لكنه
سيكون دياناً للجميع, ومعه كتاب هو "كتاب
الحياة" (رؤيا 2. : 11 – 15). وقد جاء في
رومية 2 : 16 "في اليوم الذي فيه يدين
الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع
المسيح"
. بعد ما عرفت كل هذا
لم يبق عندي ما يعطل إيماني بالمسيح
رباً ومخلصاً لي, أنتظر مجيئه ثانية
قاضياً عادلاً. وقد شهد القرآن لأتباع
المسيح بالقول : "إذ قال الله : يا
عيسي, إني متوفيك ورافعك إلي, ومطهرك من
الذين كفروا, وجاعل الذين إتبعوك فوق
الذين كفروا إلي يوم القيامة" (آل
عمران 55). ومن هذا يتضح ضمان الخلاص
والحياة الأبدية لمن يتبعون المسيح.
وقد قال المسيح : "الحق الحق أقول لكم
: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني
فله حياة أبدية, ولا يأتي إلي دينونة,
بل قد إنتقل من الموت إلي الحياة" (يوحنا
5 : 24) وقال أيضاً : "أنا هو الطريق
والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلي الآب
إلا بي" (يوحنا 14 : 6)
صحة الكتاب المقدس
. كما ذكرنا في بداية
روايتي قصة إيماني, كان أول ما حركني
للبحث عن صحة الكتاب المقدس آية واحدة
قرآنية هي المائدة 68 "قل يا أهل
الكتاب, لستم علي شئ حتي تقيموا
التوراة والإنجيل". وهذا يعني أنهما
كلمة الله الحق لكل من يعبد الله حسب
مشيئته بالروح والحق
: ولكن هناك آيات أخري
يرددها الوعاظ المسلمون (وكنت أفعل ما
يفعلون) ويخطئون في تفسيرها فيبرهنون
تحريف التوراة والإنجيل. ولقد قرر أن
أدرس المعني الصحيح لهذه الآيات
القرآنية, تماماً كما أردت أن أعرف
محتويات الكتاب المقدس بنفسي. وقد درست
ووصلت إلي نتيجة أشارك القارئ فيها
. – البقرة 75 "أفتطمعون
أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون
كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه,
وهم يعلمون". ويقول المفسرون
المسلمون إن "فريق منهم" تعني
علماء اليهود والمسيحية الذين حرفوا
التوراة والإنجيل. غير أنني وجدت أن هذا
ليس المعني المقصود من البقرة 75 –
فالفريق منهم الذي حرف الكتاب هم مسلمون
من خلفية يهودية ونصرانية, أسلموا ثم
إرتدوا عن الإسلام بعد أن درسوا
التعاليم الإسلامية, فإتهمهم القرآن
أنهم يحرفون تفسير القرآن من بعد أن
عقلوه. ويمكن أن نفسر هذه الآية هكذا :
"هل لا زلت تتوقع يا محمد أن يصدقوك ؟
إن هؤلاء اليهود والنصاري عقلوا القرآن
وما جئت به. لقد آمنوا بالإسلام ثم حرفوا
معاني القرآن. ولذلك فإنهم حمقي كاذبون
جاهلون ! "
–1
. البقرة 75 لا تهاجم
علماء اليهود والنصاري, ولا تقول إنهم
حرفوا كتابهم, لكنها تتكلم عن تحريف
تفسير القرآن من فريق أسلم ثم أرتد عن
الإسلام
. – البقرة 106 "ما
ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو
مثلها"
–2
. يقول المسلمون إن
المقصود بالمنسوخ هو ما جاء في التوراة
والإنجيل. غير أن الدارس المدقق يكتشف
أن الآيات المنسوخة هي آيات قرآنية,
إنتهي العمل بأحكامها. ويقول كتاب "التجديد
في الإسلام" إن هناك نحو خمسين آية
قرآنية نسخت
. ويقول بعض المسلمين
إن الآيات المنسوخة هي التي ذكرت
معجزات محمد, لأن محمداً النبي المنذر
لم يجر معجزات كموسي والمسيح اللذين
سبقاه. وهكذا نجد أن البقرة 106 لا تنفي
صحة الكتاب المقدس ككتاب من عند الله,
ولا تقول بنسخه
. – المائدة 13 "فبما
نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم
قاسية يحرفون الكلام عن مواضعه ونسوا
حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع علي
خائنة منهم إلا قليلاً منهم"
–3
. يضيف المفسرون
المسلمون بين قوسين (اليهود والنصاري)
بعد كلمة "لعناهم" لأنهم يحرفون
كلام التوراة والإنجيل. والحقيقة
بخلاف ذلك. فالملعونون هنا هم يهود
ونصاري أسلموا ثم إرتدوا عن الإسلام,
فهاجمهم القرآن لأنهم رفضوا الإسلام
من بعد ما عرفوا الحق من محمد. وقد
ذكرنا هذا في تعليقنا علي البقرة 75 .
ويمكن أن نستدل علي صدق ما أقول بدراسة
ما جاء في المائدة 7 – 14 . وعلي هذا لا
نقدر أن نقتبس المائدة 13 كأساس لرفض
الكتاب المقدس
: خاتمة
. هناك آيات قرآنية
أخري تقول مثل ما قالته الآيات الثلاث
التي أوردناها هنا. وبعد دراستها كلها
وجدت أنه لا توجد آية قرآنية واحدة
تقول إن الكتاب المقدس قد تحرف أو نسخ.
بالعكس ! إن آيات مثل البقرة 62 والما
ئدة 68 والسجدة 23 وغيرها تؤكد أن
التوراة والإنجيل هما الحق الكامل لكل
من يريد أن يعبد الله بحسب مشيئته
صراع مع مجتمعي
. بالرغم من أنني
تأكدت من الحق وثبت فيه, وكنت مستعداً
أن أقبل المسيح مخلصاً شخصياً لي, إلا
أنني لم أعتمد بطريقة رسمية, بسبب
تأثير مجتمعي الذي كان عائقاً لي, وكان
الخوف والقلق يسيطران علي. ولقد وجدت
أن كثيرين يعلنون إستعدادهم لقبول
المسيح مخلصاً, ولكنهم يتعثرون بسبب
تأثير مجتمعهم, ولأنهم خائفون من
إغتصاب والديهم, وقد يخافون أن يخسروا
وظائفهم. وأعرف شخصاً تعارك مع خطيبته
لأنه أرادها أن تؤمن بالمسيح مثله. نعم
! هناك معطلات تمنع الناس من إتباع
المسيح بكل القلب
. وقد نبهنا المسيح
لتأثير المجتمع (متي 1. : 34 – 36) لأنه
سيضطهد تابع المسيح, فقد يكبرهه أبواه,
وقد تنقطع علاقاته العائلية, وقد تهدد
حياته. ولكن الذين يقبلون المسيح في
قلوبهم ليملك علي حياتهم سيحصلون علي
سلامه وسط هذه كلها, وستنصرهم نعمة
الله علي كل إضطهاد. ولقد إختبرت ضغوط
المحيطين بي, ولكن الله منحني طريق
النجاة من كل صعوبة
. من سنة 1961 – 1964 كنت
أمارس واجبات الديانتين الإسلامية
والمسيحية. كنت أذهب للجامع يوم الجمعة
وأؤدي الصلوات الخمس يومياً. وكنت أذهب
للكنيسة أيام الأحاد. ولم يكن ذهابي
للكنسية عن إقتناع, بل لدرس الحق. ولقد
سمعت من غير مسيحيين يصفون المسيحيين
بأنهم عابدو أصنام, من تماثيل وصور.
ولذلك زرت كنائس كثيرة في جاكرتا أيام
الأحاد, وكنت أحياناً أزور أكثر من
كنيسة كل يوم أحد, لأري إن كان
المسيحيون عابدي أوثان أمام التماثيل
والصور. وأخيراً إكتشفت أن شكوكي كانت
بغير أساس, فلم تكن في الكنائس التي
زرتها أي عبادة وثنية
. منذ عام 1964 إمتلأت
نفسي من روح الرب, روح الحق, فقررت أن
أقبل المسيح مخلصاً لي بكل القلب. ولكن
كان عندي ضعف : لم أقدر أن أعلن إيماني
علانية, وحافظت علي إيماني سراً, وزرت
عدة كنائس طالباً معموديتي في الخفاء
حتي لا تعرف عائلتي ولا أصدقائي ولا
حتي زوجتي بذلك. ولكن الكنائس رفضت
معموديتي, لأن المعمودية لا تتم سراً
. وبعد عدة أسابيع
ذهبت إلي القس سابيوليت في كنيسة بيت
إيل في جاتينيجارا, وطلبت المعمودية
فوافق علي ذلك فوراً, علي شرط أن أحضر
معي إثنين أو ثلاثة من جيراني
المسيحيين, ليكونوا مرشدين روحيين لي
في حياتي الجديدة. ولكني لم أوافق علي
هذا الشرط خوفاً من أن يعرف الناس سر
معموديتي, وخصوصاً عائلتي. وخفت أن
أدعو زوجتي معي إلي الكنيسة, لئلا تطلب
إعلان طلاقي منها علي رؤوس الأشهاد.
نعم, كنت خائفاً من إجراءات طلاق علني,
ولذلك أردت أن أحيا للمسيح سراً
! علي أن روحي لم تطق
التردد في إتخاذ القرار. لقد عرفت
المسيح مخلصي, فتوقفت عن تقديم الولاء
للديانتين, وبدأت أحضر الكنيسة فقط,
ولكني كنت خائفاً من عائلتي, ولم أعرف
طريقة للتغلب علي هذه المخاوف. ولم
أطلب مشورة أحد, وكان صراعي حاداً داخل
نفسي. والحمد لله الذي ساعدني في
الموعد المناسب لأتغلب علي صراعي. لقد
كنت متردداً في الحديث مع زوجتي عن
تغيير عقيدتي علناً, فجعل الله زوجتي
تفتح الموضوع معي, لأن الله أعطاها
سلاماً داخلياً وهي تري أشجار عيد
الميلاد تتألق في بيوت جيراننا
المسيحيين, وفكرت في كم حياة العائلات
المسيحية جميلة مسالمة سعيدة. وشعرت
بسلام أكثر مع تراتيل الميلاد وفرحة
عيد ميلاد المسيح. وجاءت زوجتي وإحدي
بناتي إلي تعبران عن هذه الأحاسيس,
وتطلبان أن تكون عائلتنا كلها مسيحية
تختبر أفراح الحياة العائلية المسيحية.
وكانت هذه هي الفرصة التي طالما
إنتظرتها
. وفي اليوم التالي –
وكان عيد الميلاد – طلبت من القس
سابيوليت مرة أخري أن يعمدنا – كلنا
كعائلة قبلت المسيح . فاستجاب لطلبي
فوراً وعمدني وزوجتي وسبعة من أولادنا.
وكان ذلك يوم 26 ديسمبر 1969. وبعد أسبوع
واحد طلب ولدنا المعمودية, وكان من
فترة قد بدأ يذهب للكنيسة, لكنه كان
خائفاً أن أكتشف أمره. وكنت أنا أفعل
الشئ نفسه, وكلي خوف أن تعرف زوجتي
وأولادي بالأمر ! وكأننا كنا نلعب لعبة
" الاستغماية". وكم أشكر الله لأن
كل أفراد عائلتي قبلوا المسيح مخلصاً
ورباً لحياتهم
بركات كثيرة
! بعد أن إعتمدت أنا
وعائلتي يوم 26 ديسمبر 1969, إختبرت
عائلتي أفراحاً ومباهج بعد أن تغيرنا,
ونلنا بركات كثيرة غيرت حياتنا. يقول
الرسول بولس : "إن كان أحد في المسيح
فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد
مضت. هوذا الكل قد صار جديداً" (2كورنثوس
5 : 7). فعندما يقبل إنسان المسيح مخلصاً
له يجري الله تغييرات في حياته, وتنطبع
فيه صورة المسيح, فالكتاب المقدس يقول
إن الله خلق الإنسان علي صورته (تكوين 1
: 27) ونتيجة لهذه الطبيعة الجديدة يتولد
فرح وحب وأشواق مقدسة في قلب المؤمن,
فما كان يحبه قبلاً يبغضه الآن, وما كان
يبغضه قبلاً يحبه الآن, لأن حياته
تغيرت. وهذا التغيير واضح حتي يلاحظه
المحيطون به, لأن طريق الحياة تغيرت,
فتتغير كلماته. وما أعظم هذا التغيير
. ولقد أحسست بهذه
التغييرات وإختبرتها في حياة عائلتي.
إنتهي الطبع الحاد, وأصبحنا عائلة نحب
بعضنا بعضاً. شعرنا في حياتنا الروحية
بسلام وسعادة. زالت شكوكنا, وأصبحت
نفوسنا مطمئنة عامرة بالفرح. حتي في
حياتنا المادية باركنا الله كثيراً.
وهذا يبرهن صدق مواعيد الله التي تتحقق
في إتباع المسيح : "إن عطش أحد فليقبل
إلي ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب,
تجري من بطنه أنهار ماء حي" (يوحنا 7 :
37 , 38) وقال أيضاً : "أتيت لتكون لهم
حياة, وليكون لهم أفضل" (يوحنا 1. : 1.)
. لقد كان التغيير في
عائلتي واضحاً وحدث بسرعة, مما أثار
تساؤلات جيراننا, فقد ظنوا أننا تلقينا
معونة مالية من الكنيسة لنتحول إلي
المسيحية, وكانوا يسخرون قائلين بعضهم
لبعض : "إن أردتم أن تصيروا أغنياء
بسرعة, فاتبعوا نموذج السيد أمبري,
وصيروا مسيحيين, تتلقوا ملايين
الروبيات من الكنيسة". لقد ظنوا أن
البركة الروحية التي نلناها جاءت من
مساعدة الكنيسة المالية لنا كرشوة
لنصبح مسيحيين, وهذا بالطبع لم يحدث
إطلاقاً, فلم نأخذ من الكنيسة أي معونة
مالية لنصبح مسيحيين. لم نأخذ من
الكنيسة ماديات ولا وعدونا بوظيفة, لكن
حياتنا تباركت من كرم الله الذي وعد كل
من يؤمن به أن ينال بركة وحياة فضلي.
بالعكس, فإننا ندفع عشر دخلنا للكنيسة
حسب تعليم الكتاب المقدس في ملاخي 3 : 1.
سنواتي المسيحية
السلبية
: لقد كنت مسيحياً
سلبياً من 197. – 1972 كنت أثناءها مشغولاً
بعمل لأربح المال الكافي لإعالة أسرتي.
كنت أثناء هاتين السنتين أذهب إلي
الكنيسة أيام الأحد وأقرأ كتابي
المقدس وقت فراغي, ولكن الله بكتني علي
هذا الموقف ثم بدأ الله يوبخني قائلاً :
"إن كنت تريد أن تكون مسيحياً فلا
يكفي أن تكون بهذه المواقف السلبية,
تجلس كسولاً تتمتع ببركات الله التي
ملأت حياتك. إنك كتلميذ للمسيح يجب أن
تقوم بشهادة واضحة له تخبر الآخرين
فيها بإنجيل المسيح, كما أمرك في متي 28 :
19 و 2.". ولكن كيف أبدأ في تقديم
شهادتي علناً لأخبر الآخرين بالإنجيل
؟ لقد كنت موافقاً علي أن أفعل ذلك,
لكني لم أكن أعرف كيف أبدأ. ومرة أخري
فتح لي الله الطريق وهكذا كان
. ذات يوم جاء أعز
أصدقائي من "بنجرماسين" ليقضي
الليلة معي. كان صديقاً بكل ما في
الصداقة من معان جميلة, وقف إلي جواري
دائماً في البأساء والضراء. وعندما كان
الجنود الهولنديون يلقون القبض علي
الناس كنا نلتقي في السجون معاً.
وحياني صديقي كالمعتاد لأنه لم ير في
بيتنا أية علامات علي أننا أصبحنا
مسيحيين. ولما ألقي السلام علي قائلاً :
"السلام عليكم" أجبته "وعليكم
السلام". كان قد سمع من أصدقائه أني
صرت مسيحياً, لكنه قال : "إن هذا
مستحيل" حتي أنه أقنع كثيرين من
الجيران بصدق حكمه وهو يقول لهم : "لقد
عرفت صديقي همران أمبري معرفة جيدة,
ليس فقط في جاكرتا, لكن في نبجرماسين
أيضاً. إنه ليس مؤمناً مسلماً عادياً
فقط, لكنه شخص يدرك معني إيمانه. لقد
كان في محافظتنا محارباً مسلماً, وكان
دوماً ضد المسيحيين, وواحداً من قادة
المحمدية, كما أنه كان صحفياً مسلماً
وواعظاً معروفاً في المنطقة الوسطي من
بلادنا, وفي شرق كالمنتان, ثم أنه كان
عضواً في البرلمان الإسلامي لكالمنتان
في أمونتاي سنة 1947 . لقد كان همبران
أمبري واحداً من دعاة الإسلام حتي عينه
الجيش الإندونيسي الوطني رئيساً
للوعاظ في الجيش. إني مقتنع أن همبران
أمبري لن يغير دينه الإسلامي إلي
المسيحية". ولكن أحد جيرانه أقنعه أن
أهل قريتي رأوني أذهب إلي الكنيسة
بإنتظام, وأزين شجرة عيد الميلاد
بمناسبة عيد ميلاد المسيح, وطلبوا منه
أن يوجه إلي سؤالاً مباشراً عن ذلك, لكي
أبين له الموقف. وعندما جاء صديقي
لزيارتي وجه لي سؤالاً مباشراً إن كنت
قد صرت مسيحياً فعلاً. فاجبته : "بغير
شك. هذا صحيح. أنا وكل عائلتي نلنا نعمة
المعمودية" وعندما سمع إجابتي بكي
وشعر بالأسي لأنه أدرك أن كارثة قد حلت,
لأنه لم يكن قادراً علي فعل أي شئ. فوقف
لحظات ثم غادر البيت. وبعد أن وصل إلي
بنجرماسين أخبر أهله بأخباري, فإنتشرت
الأخبار حتي نشرتها صحيفة "هاريان
أوتاما" وكتب صديقي الصحفي المسلم
في العاصمة واسمه "أرسياد ماران"
بالحروف الكبيرة في جريدته يقول : "علم
معروف في الحركة صار مسيحياً". وقال
الخبر "علم من أعلام الحركة
المحمدية في الثلاثينات كان يوماً
رئيس تحرير الجهاد". أما السيد
أنتيماس فقد كتب يقول : "تنصير علم من
أعلام المحمدية إلي المسيحية. خبر غريب
!". وصحفي آخر إسمه "أرثوم أرثا"
قال : "نرجو أن تكون الأخبار خاطئة,
فإن إيمان همران أمبري أحد أبطال
الإستقلال لا زال موضع الشك". ولقد
كات ردود فعل المسلمين في نبجرماسين
متحيزة. قالوا إن المشاكل الإقتصادية
الحالية يمكن أن تجعل إنساناً يغير
دينه. ولكنهم لم يذكروا إسمي. حتي
الجامعة الإسلامية I.A.I.N أنتساري نشرت
أخبار تنصيري, ولكن سكرتير الجمعية
المحمدية في بنجرماسين أنكر أني "واحد
من أعلام الجماعة" لكني "مجرد
محارب مسلم"
. ولقد كان الهدف من
نشر أخبار تنصيري في هذه الجرائد
الإسلامية إشعاري بالخجل وعودتي إلي
الإسلام. لكن إرادتهم كانت تختلف عن
إرادة الله, فقد إستخدم الله هجومهم
هذا ليحرك داخلي رغبة أن أصبح مسيحياً
فعالاً أقدم شهادتي لحق ألوهية المسيح
: وبسبب ما نشر في هذه
الصحف صار تنصيري موضوع مناقشات بين
الجميع. وهددني كثيرون بالقتل, بل أن
بعض أصدقائي ظنوا أن الذين نشروا أخبار
تنصيري كاذبون, فأرادوا أن يقتلوهم,
ولذلك سارعت بكتابة خطاب مفتوع أعلن
فيه إيماني, نشرته جريدة "هريان
أوتاما" في بنجرماسين قلت فيه
خطاب مفتوح إلي قراء
"هاريان أوتاما"
جاكرتا في 6 مايو 1972
السلام عليكم
. أصدقائي الأعزاء,
أعترف هنا أنني قد صرت تابعاً للمذهب
المسيحي الإنجيلي, فقد تجددت وصرت أحد
أعضائه منذ 1964 . إن الأخبار التي نشرت
في جريدتكم مثيرة حقاً لأنها تصف من
تدعونه "واحداً من أعلام الإسلام
ومحارباً في سبيل الحرية". وإني شاكر
لكل الذين عبروا عن مشاعرهم من أصدقاء
وصفوني بأني "أحد أعلام الحركة
المحمدية, وأحد المحاربين المسلمين".
وأنا لم أعتبر نفسي يوماً صاحب مثل هذا
الشرف. نعم لقد إشتركت في الماضي في حرب
كما قال أصدقائي, ولكن ذلك كان لمجرد
قيامي بالواجب نحو بلدي, ولهذا السبب
لم أطلب أي لقب في الخدمة كمحارب أو
كبطل من أبطال الإستقلال, لأني قمت
بمجرد واجبي
. أشكركم يا أصدقائي,
وخصوصاً صديقي أرسياد ماران, وأنتيماس
وأرثوم أرثا الذين عبروا عن مشاعرهم
نحوي في ما نشروه. ولا يوجد فيما
كتبتموه ما أنكره, ولكني فقط أردت أن
أصحح أني لم أطلب أبداً أن أعطي لقباً
من ألقاب الإستقلال. وأفيد صديقي أرثوم
أرثا أني أرسلت إليه "مذكرات إيماني"
ليعرف ما جعلني أصبح مسيحياً إنجيلياً.
ومهما حدث فسيظل الأصدقاء أصدقاء,
وستظل الصداقة الحقيقية باقية لا
تنفصم. أشكركم كثيراً وأشكر كل من إهتم
وكتب
صديقكم المخلص
همران أمبري
بداية شهادتي
الفعالة لحياتي المسيحية
. بعد نشر رسالتي
المفتوحة جاءتني رسائل كثيرة من
أصدقائي في نبجرماسين وهولو سونجاي
عامرة بعبارات الأسي, وفيها نصائح
وتحذيرات بآيات قرآنية. كما أن البعض
سألني عما أدي بي إلي الإيمان
بالمسيحية. ولقد دفعتني هذه الرسائل
كلها علي تسجيل شهادتي المسيحية
مكتوبة. كتبتها أولاً علي آلة كاتبة
كرسائل شخصية, ثم بدأت أستخدم الاستنسل
لأكتب "مذكرات إيماني" ثم كتبت
مقالاً عنوانه "الله والمسيح والروح
القدس" وطبعتها في مطبعة. ثم نشرت
وأكملت ذلك سنة 1973 . فجاءتني رسائل
كثيرة تثير أسئلة وتتعاطف مع ما قلت, ثم
بدأت مناقشات ومناظرات بيني وبين من
يفتشون عن الإيمان
: ونشرت صحف إسلامية
كثيرة هجوماً علي إيماني بسبب تلك
المناظرات, ونتيجة لذلك جاءتني رسائل
من كل نواحي إندونيسيا من بنجرماسين
والمناطق الإسلامية من غرب جاوا
ووسطها وشرقها, وأيضاً من سومطرة. كما
جاءتني رسائل من الخارج, من مصر
وماليزيا مثلاً. وإستمرت تلك الرسائل
نحو ستة أشهر. وهاجم كثيرون المسيحية,
فكان لابد من طبع وثيقة إيماني, فنشرت
مراسلاتي مع الآتي أسماؤهم
.
هـ . م . يوسف صعيب (وهو
صحفي مسلم من "ميدان" مساعد رئيس
تحرير مجلة "قبلة" جاكرتا)
(1)
. مع صامودي (مدرس
للديانة الإسلامية في سلاتيجا)
(2)
. مع الإمام موسي
بروجوسيسوير (وهو محرر مجلة سنودي إسلام
في جاكرتا)
(3)
. مع واهيونو هادي (دار
الكتب الإسلامية في جاكرتا)
(4)
. مع علي يعقوب
ماتوندانج (طالب مسلم في القاهرة – مصر)
(5)
. مع حسن تو (واعظ
الجماعة الإسلامية الإندونيسية في
دنباسار بالي)
(6)
. مع إزيف فهمي وآخرين (جماعة
من الطلبة المسلمين في سورابايا)
(7)
. مع م. ا. فضلي (رئيس
مسجد أجونج, المسجد الرئيسي في كيماهي –
باندونج)
(8)
. وحتي سنة 1979 كنت قد
جاوبت آلاف الرسائل لإخوة مسلمين في
مختلف أجزاء إندونيسيا, وفي كل يوم
كانت الرسائل الآتية تملأني بالتشجيع,
لأن أصحابها كانوا يفتشون عن الحق.
ويبدو أن إجاباتي أرضتهم, كما أن
كثيرين زاروني شخصياً. ولما كثر عددهم
خصصت مواعيد خاصة لمقابلة طالبي
النصيحة بخصوص الإيمان المسيحي كل يوم
ثلاثاء وخميس وسبت, من الصباح حتي
المساء. وأشكر الله من أجل كل هذا, فقد
إستخدمني لأشرح حق الكتاب المقدس
وألوهية السيد المسيح لإخوتي المسلمين,
ليستطيعوا أن يفهموا المسيح فهماً
صحيحاً
. وبسبب إجابة
الأسئلة والإعتراضات التي تلقيتها
وجدت أن علي أن أجلو سوء الفهم بخصوص
الكتاب المقدس وألوهية المسيح, ليتضح
الحق لمن يطلبه
بداية خدمة خارجية
. ومن 1973 حتي فبراير
1978 كنت أقدم شهادتي من مكتبي بإجابة
الأسئلة, ثم نشرت إجاباتي في كتب. وفي
فبراير 1978 صليت إلي الله قائلاً : "يارب,
أرجوك أن تعطي هذه الحركة ميداناً
جديداً, لأن ميدان المراسلات كاد يتوقف".
وهنا تلقيت إجابة في قلبي في اليوم
التالي أني يجب أن أخرج من بيتي لأجد
لنفسي حقلاً جديداً شهادة للمسيح,
فخرجت دون أن أعرف وجهتي حتي وصلت إلي
الشارع الرئيسي, فطلبت من الله أن يوجه
خطواتي. فقالت روحي لي أن أتجه شمالاً,
فإتجهت شمالاً دون أن أعرف إلي أين
أمضي. وظللت أمشي علي قدمي, فوجدت نفسي
أمام "معهد درس الكتاب المقدس في
إندونيسيا". فطلب الرب مني أن أدخل
المكتب. وكان الشك يملأ نفسي لأني لم
أكن أعرف أحداً بالداخل معرفة جيدة.
نعم كان هناك القس ب. بروبو وينونو,
لكنه كان قد إنتقل إلي "سالتيجا".
علي أني دخلت المكتب, ولا أعلم مع من
أتكلم ولا ماذا أقول. ولكن نفسي
أجبرتني علي الدخول. وعرفني أحد
الأصدقاء فقال لي : "ياسيد أمبري,
المجد لله ! ياله من إرشاد ! يريد شخص أن
يتحدث إليك". وقادني للقاء القس م.ك.
جاكراتمادجا, وكان قد سمع عني وأراد أن
يقابلني. وكم تباركت من الحديث معه. ثم
طلب شراء بعض كتبي. وسألت نفسي إن كان
هذا هو الحقل الجديد الذي أعمل فيه,
ولكن روحي لم تقتنع. وأردت أن أرجع إلي
بيتي, ولكن روحي دفعتني أن أستمر
سائراً في إتجاه الشمال. فأخذت أسير
إلي أن وقفت أمام مبني ديني قالت لي
روحي أن ألتقي فيه بالقس الدكتور بورمز.
وتساءلت : أكلمه وأنا لا أعرفه من قبل,
كما أنه لا يتبع طائفتي الجديدة ؟ !
وكنت قد إلتقيت به منذ ثلاث سنوات لقاء
عابراً, ولكن الروح أمرني أن أدخل. وفي
تردد وقفت لحظات, وإذا بالقس بورمز
يراني, فيقبل نحوي مهللاً يقول : "أهلاً
يا سيد أمبري. كنت مشغولاً بك منذ الأمس,
وفكرت فيك. وهناك ما أريد أن أناقشه معك,
فربما نستطيع أن نشتغل معاً".
وإندهشت كيف يذكرني القس بورمز ؟ لم
يسبق أن تعارفنا عن قرب. ولكني تذكرت
صلاة ذلك اليوم ! لابد أن الروح القدس
قادني للحضور إلي هنا. ولابد أن الله
يدعوني إلي خدمة في ميدان جديد
. ودعيت يوم الجمعة
التالي أن أحضر إلي "لوكاندة
إندونيسيا" لألتقي بمجموعة وعاظ
يريدون أن يتعرفوا علي. وفي يوم الجمعة
24 فبراير 1978 ذهبت إلي لوكاندة
إندونيسيا لأحضر إجتماعاً يعقده رجال
الأعمال من جاكرتا. وعندما قدموني إلي
الحاضرين ظهر أن كثيرين منهم سمعوا عني,
وأرادوا أن يقابلوني شخصياً. ومنذ ذلك
الوقت بدأوا يدعونني لأخدم في
إجتماعات بيوت تابعة لكنائس مختلفة.
وبدأت أقدم شاهدتي في كنائس جاكرتا
باندونج وحولهما, مع زيارات لجنوب
كلمنتان ووسطها وشرق جاوا, وغيرهم.
وهكذا بدأت خدمة كبيرة بعيداً عن مكتبي.
وبالطبع لم تتوقف المراسلات, بل بالعكس
زادت وأشكر الله علي ذلك, لأن الرسائل
تجلب لي بركات كثيرة من الذين يفتشون
علي الحق
لقد بارك الله خدماتي
. في 13 مايو 1979 طلب إلي
في رسالة مكتوبة أن أشترك في مناظرة في
جامع دار السلام من شارع بتنغاري في
جاكرتا, موضوعها "ألوهية المسيح".
ويشترك في المناظرة من الجانب
الإسلامي الدكتور "أبو نيامين روهام"
و "ساني أردي". وكان عدد الحضور
مئة من مدرسين وطلبة. وسمحوا لي فقط
بالإجابة علي الأسئلة التي توجه لي.
وكانت النتيجة طيبة والروح صدوقة.
وإنتهي الإجتماع بأن سلمنا بعضنا علي
بعض
. وفي 22 يوليو 1979
إستمرت المناظرة بيني وبين عديد من
القادة المسلمين من "مجلس العلماء".
وكان موضوع المناظرة "الله القدير
واحد أو ثلاثة". وناظرني عشرة من
العلماء, أمام مئة وخمسين من القادة
والمعلمين المسلمين. وفي خلال شهرين (بعد
15 أغسطس) زرت عدة أماكن خارج جاكرتا, ثم
في غرب وشرق جاوة. ثم إمتدت خدمتي إلي
كل أنحاء بلادي, أناظر علماء المسلمين
وأشرح وجهة نظري الجديدة
الخاتمة
. لاشك أن الخلاص هو
الهدف الأهم لكل إنسان, خلاص نفسه
وعائلته وممتلكاته, فنجاة هذه كلها من
الخطر هي هدف الحياة السعيدة. وكإنسان
متدين لم يكن خلاصي وقفاً علي الأمور
العالمية, لكن كان خلاص روحي من سطوة
الخطية وقوتها يشغل جزءاً هاماً من
تفكيري. أما العامل علي الخلاص الروحي
فهو محبة الله
. ولنفترض أن آدم
وحواء لم يسقطا في الخطية. لاشك أن
الإنسان كان سيحيا حياة أبدية. لكن
بسبب الخطية التي دخلت العالم, وبها
عصي الإنسان الله, سقط آدم فسقطت ذريته.
وأبعد آدم وحواء نفسيهما عن الحياة
الأبدية وسقطا إلي الحياة القابلة
للموت, فصار موت الجسد نهاية طبيعية
لكل حي. ولقد أخطأ الجميع واستحقوا
الموت الأبدي, فكان لابد أن يفتشوا عن
خلاص نفوسهم. والله الغني في الرحمة
والحنان لم يترك الإنسان في موته
وإنفصاله عنه سبحانه, لكنه وعد أن يعطي
الإنسان حياة أبدية أفضل جداً من تلك
الحياة التي كانت لآدم وحواء في جنة
عدن
: وإليك خطوات تقربك
إلي الله
الخطوة الأولي
. أمرنا الله بواسطة
الأنبياء أن نتوب ونرجع إلي الله
ونطيعه ونتبع وصاياه التي جاءتنا في
كتب موسي والأنبياء (عب 1 : 1 أ)
الخطوة الثانية
. تجسد الله في كلمته
السيد المسيح, الذي هو "كلمة الحياة"
و "الابن الوحيد من الآب" (عبرانيين
1 : 1 ب, يوحنا 1 : 1 , 14, 1يوحنا 1 : 1)
الخطوة الثالثة
. يقود الله الإنسان
بواسطة الروح القدس, روح الله نفسه,
ليعطي إرشاداً للبشر من كل العالم حتي
يطيعوا كلمته المكتوبة في الكتاب
المقدس. وكل الذين يقبلون قوانين الله
وإرشاداته ومواعيده العظيمة ينالون
الحياة الأبدية
: وعلينا أن ندرك
المعاني التالية
. "لأنه هكذا أحب
الله العالم حتي بذل إبنه الوحيد, لكي
لا يهلك كل من يؤمن به, بل تكون له
الحياة الأبدية" (يوحنا 3 : 16). كما
نفهم أن من "آمن واعتمد خلص, ومن لم
يؤمن يدن" (مرقس 16 : 16). وقد قال السيد
المسيح : "أتيت لتكون لهم حياة
وليكون لهم أفضل" (يوحنا 1. : 1.). كما
قال : "ها أنا معكم كل الأيام إلي
إنقضاء الدهر" (متي 28 : 2.) وقالت
الملائكة لتلاميذ المسيح : "أيها
الرجال الجليليون, ما بالكم واقفين
تنظرون إلي السماء ؟ إن يسوع هذا الذي
إرتفع عنكم إلي السماء سيأتي هكذا كما
رأيتموه منطلقاً إلي السماء" (أعمال
1 : 11) وقال المسيح عن مجيئه ثانياً : "وحينئذ
يبصرون إبن الإنسان آتياً في سحاب بقوة
ومجد كثير" (لوقا 21 : 27)
. إن مجئ المسيح ثانية
واضح في الكتاب المقدس, كما أن
المسلمين يعتقدون به, لأنهم يقرأون عنه
في الحديث, عندما يجئ المسيح حكماً
عادلاً
: وهناك أربعة مواعيد
يضمنها الله لأولاده
. الحياة الأبدية في
السماء, وهي حياة أكثر مجداً من حياة آدم
وحواء بعد خلقهما وأثناء إقامتهما في
الجنة. ولكي نحصل علي حق الحياة الأبدية
والخلاص السماوي, علينا أن نضع ثقتنا
وإيماننا في المسيح, وأن نصبح له تلاميذ
مخلصين ونعتمد باسمه
(1)
. الحياة المشبعة
روحياً وجسدياً ومادياً بالبركات التي
نتمتع بها من السماء. فكأتباع للمسيح لا
يعوزنا شئ, لكن سيعطينا الله كل ما نحتاج
إليه
(2)
. الروح القدس الذي
سيمكث معنا إلي الأبد نحن المعترفين
بالمسيح, ليجعل منا تابعين مخلصين له
حيثما نكون حتي نهاية الدهر. فلهذه
الأسباب إسمح لي أيها القارئ العزيز أن
أقترح عليك أن تتخذ قرارك الآن. قرر أن
تقبل وعود الله بالخلاص في المسيح. إقبل
المسيح ملكاً علي قلبك ليكون في حياتك,
ليضمن لك الطمأنينة والسلام في شخصه
العزيز, فتنال حياة أبدية مع الله. لا
تهمل هذه الفرصة, ولا تؤجل إلي الغد. ثم
بواجبك اليوم فربما لا يجئ الغد بالنسبة
لك أبداً, وقد ينغلق باب التوبة في وجهك
فتتأسف الأبدية كلها, وتعاني من العقاب
الأبدي. إرجع إلي الله بقلب نقي, واقبل
المسيح رباً ومخلصاً لك لتدخل من باب
الخلاص وإلي الحياة الأبدية
(3)
نقلاً
عن كتاب "قصص إهتداء"
|