الفصل الرابع عشر
1 – الغريب
2-الشريعة والانبياء
من آدم الى نوح
3- الشريعة والانبياء
من ابراهيم الى الشريعة
4- الشريعة والانبياء
من الهيكل الى الحية النحاسية
5- الشريعة والانبياء
من يوحنا المعمدان الى القيامة
1- الغـريب
قرأنا في بداية هذا الكتاب عن التلميذين اللذين كانا يسيران على الطريق الى منزلهما في اليوم الذي قام فيه المسيح عليه السلام من الموت. وانضم المسيح اليهما على الطريق دون ان يعرفاه. فشرحا له ما حدث في ذلك اليوم، واخبراه عن الصلب واشاعات القيامة. ولكن المسيح تكلم اخيرا :
فقال لهما يا قليلي الفهم وبطيئي القلب في الايمان بكل ما نطقت به الانبياء. اما كان ينبغي للمسيح ان يتألم هذه الآلام ثم يدخل الى مجده. ثم اخذ يفسر لهما من موسى ومن جميع الانبياء ما يختص به في الاسفار كلها.
لوقا 24: 25-27
وسار المسيح عليه السلام خطوة خطوة، وانتقل من قصة الى قصة في الكتاب المقدس بكامله، وهو يعلمهما عما كتبه الانبياء عنه منذ وقت طويل. وكيف اجتمع المسيح في الليلة نفسها مع جميع التلاميذ.
وقال لهم هذا هو كلامي الذي كلمتكم به اذ كنت معكم ، انه ينبغي ان يتم كل ما كتب عني في ناموس موسى وفي الانبياء والمزامير.
لوقا 24: 44
وكما فعل سابقا في ذلك اليوم، قام المسيح عليه السلام بالاستعانة بالتوراة والانبياء والمزامير، ليشرح الاحداث المحيطة بموته ودفنه وقيامته. قال ان هذه الاشياء يجب ان تتم لاتمام ماكتبته الانبياء.
لماذا جرت كل هذه الاحداث: موت المسيح، ودفنه وقيامته؟ ماذا تقول الشريعة ؟ وماذا يقول الانبياء ؟ اننا على وشك وضع القطعة الاخيرة من الاحجية في مكانها. وعند ذلك ستكون لديك صورة كاملة واضحة ومفهومة.
لماذا كان على المسيح ان يموت؟ لكي نستطيع الاجابة على هذا السؤال، يجب ان نعود زمنيا الى الوراء، ونبدأ من جديد.
هل تتذكر الصداقة الفريدة التي وجدت بين الله والانسان في بداية الخليقة؟ لم يصنع الرب انسانا آليا، وانما خلق الله الانسان بارادة، يستطيع من خلالها ان يكرم الله بحرية، كما يكرم الابن المطيع والده.
ان الانسان من خلال طاعة الله كما تذكر، تمتع بفوائد عظيمة، لان رب الكون كان ملتزما برفاهية آدم وحواء. كان الله والانسان يرتبطان بعلاقة حميمة.
ولكن آدم وحواء تجاهلا اوامر الله بصورة مقصودة، وجربا المعرفة المحرمة. وبما ان الاحداث المحيطة بهذا الامر تحتوي على عناصر هامة جدا بالنسبة للاحجية، فان الكتاب المقدس يستخدم بعض الصور الكلامية المؤثرة لكي يساعدنا في فهم ما حصل.
تقول "كلمة الله" ان الانسان قد شعر بأنه يعرف ما كان خيرا له افضل من الله. اختار ان يفعل ما يريد، ولكن ذلك الخيار قاده الى برية روحية. ضاع الانسان لأنه وثق بالشيطان وآمن به، وانضم الى صفوفه المتمردة، فأصبح بذلك عدوا لله. وكان لهذا الخيار آثار خطيرة. يقول الكتاب المقدس ان نتائج الخطيئة مكلفة جدا.
وعندما لا تتوفر الثقة، تكون العلاقة غير موجودة. وحالما انتهت العلاقة الفريدة بين الله والانسان، وانفصل الانسان عن الله بالخطيئة، اصبح الانسان في غربة عن الله الكامل القدوس. لم يعد الله قريبا. كان يبدو بعيدا ولا يمكن الوصول اليه. لم يكن الشيطان صديقا جيدا كما كان الله، فقد سيطر على الانسان بأكاذيبه وعمل الانسان حسب ارادته الشيطانية. اصبح الانسان عبدا للشيطان وعبدا للخطيئة. وبهذا الاختيار الخاص، خالف الانسان الوصية التي اعطاها الله له. ولم يكن هذا بدون ألم او أذى، لان من يخالف القانون ينال العقاب.
خلع الله رداء الصداقة والمحبة وارتدى عباءة القاضي. ووجد الله ان الانسان مذنب بمخالفة الشريعة، وعمل الخطيئة ضد الله القدوس. كانت عقوبة الخطيئة الموت، ولهذا اصدر الله الحكم وهو "شهادة دين"، واصبح الانسان الآن مدينا وعليه ان يدفع الثمن.
ويموت الآن كل كائن بشري موتا جسديا، حيث تنفصل الروح عن الجسد، وينفصل الانسان عن عائلته واصدقائه. لقد افسدت رائحة الخطيئة كيان الانسان بكامله، فنأى الله بنفسه عن البشرية، وانتهت علاقة الانسان بالله، واصبحت بدون وجود. ويموت الانسان بعد الموت الجسدي مرة ثانية، موتا ينفصل فيه عن الله الى الأبد، وينفصل عن تجربته في المحبة، ويكون مصيره في بحيرة النار، المكان الذي اعد للشيطان وأبالسته. وسيطر الموت باشكاله الثلاثة على حياة الانسان، ولم يعد بوسعه عمل شيء حيال هذا الامر. لم يكن للانسان خيار فيما يتعلق بالموت. كان ذلك حقيقة مرة وقوية واجهها الجميع، وشعر بالخوف منها كل من فكر فيها بجدية. يذكر الكتاب المقدس بوضوح وبصورة نهائية مطلقة وقاطعة...
يموت الشخص بسبب خطيئته
الرسالة الثانية الى اهل كورنثوس 25: 4
تساعدنا هذه الصور الكلامية، ان ندرك تماما كيف اصبحت البشرية بعيدة عن الله نتيجة لخطيئة آدم وحواء. وقد واجه الانسان ذلك السؤال القديم: كيف يمكننا ان نتخلص من خطيئتنا ونتائجها، ونربح برا يساوي بر الله، لكي يتم قبولنا ثانية في حضرته؟
محاولـة يائسـة
تذكر كيف حاول آدم وحواء ان يخفيا خطيئتهما بارتداء اوراق شجرة التين؟ ورغم ان الله قد رفض هذه المحاولة، الا انه لم يتركهما في موقف حرج. وبدلا من ذلك فانه:
يفكر افكارا حتى لا يقطع عنه منفيه.
سفر الملوك الثاني 14: 14
يستعمل الرب هذه الاحداث ليعلم آدم وحواء، ويعلمنا نحن ايضا المبادئ الكونيه التي تطبق على جميع البشر.
ومثلما لم يتمكن آدم وحواء من ان يصبحا مقبولين لدى الله باصلاح مظهرهما الخارجي، لا يمكن ان يتم قبولنا بناء على مظاهرنا الخارجية. يمكن ان نؤثر على الآخرين بمظاهرنا الخارجية، ولكن الله يعلم حقيقة ما نحن عليه.
ولقد زود الله آدم وحواء بطريقة للقبول، ولكن بشروط مختلفة. ويقول الكتاب المقدس :
وصنع الرب الاله لآدم وامرأته اقمصة من جلد وكساهما"
سفر التكوين 3: 21
كان بالامكان التغاضي عن هذه الآية لو لم تشرحها اجزاء اخرى من الكتاب المقدس. ماذا تعني هذه الآية ؟ ماذا قال المسيح عليه السلام للتلاميذ ؟ لقد قال بكل بساطة ما معناه: مثلما كان على الحيوان ان يموت لكي يلبس آدم وحواء ملابس مقبولة، كان على المسيح ايضا ان يموت ليجعلنا مقبولين في حضرة الله. كانت هذه فكرة الله وطريقته في القبول.
وبينما حاول التلاميذ جاهدين فهم كلمات المسيح عليه السلام، كان لديهم مجموعة كبيرة من الاسئلة الاخرى بدون شك. لماذا اراد الله ان يموت الحيوان من اجل آدم وحواء؟ لماذا لم يلبسهما بكل بساطة من اوراق الشجرة التي يختارها ؟ لماذا كان على المسيح ان يموت من اجلنا؟ الم تكن هنالك طريقة اخرى؟ وروى المسيح عليه السلام القصة التالية.
هل تتذكر كيف احضر اولاد آدم وحواء الذبائح لله؟ لماذا فعلوا ذلك؟ ان طريق الخلاص الذي ابتكره الله كان له بعدان:
داخلي : كان عليهم ان يفكروا ويغيروا شيئا في قلوبهم، خيار يجب ان يقوم به قابيل وهابيل شخصيا.
خارجي : وسيلة مرئية تساعدهما في فهم ما يتطلبه الامر من اجل ازالة الخطيئة. تذكر ماذا رأينا عندما احضر قابيل وهابيل تقدمتهما الى الله. احضر قابيل الخضراوات من بستانه، واحضر هابيل ابكار قطيعه؟ رفض الله تقدمة قابيل وقبل ذبيحة هابيل. لماذا ؟
قابيل:
داخليا : لم يؤمن قابيل بالله، آمن به دون ان يؤمن بكلامه. كانت لديه افكاره الخاصة عن كيفية الخلاص من الخطيئة والمصالحة مع الرب. ويمتلئ عالمنا اليوم بالعديد من الاشخاص الذين يملكون افكارهم الخاصة حول طبيعة الله وكيفية ارضائه. واصبح من المألوف تحديد مواصفات خاصه لله، وان يكون للمرء نظرة خاصة بهذا الشأن. كان قابيل يشعر براحة كبيرة.
خارجيا: فعل قابيل ما اراده وبناء على تفكيره. احضر تضحية لا تتطابق مع طريقة الله في التعامل مع الخطيئة. ان الخضروات لا يسفك دمها، وتجاهل قابيل حقيقة أن...
بدون سفك دماء لا يكون مسامحة
الرسالة الى العبرانيين 9: 22
ولم توفر تقدمته غطاء او كفارة للخطيئة. ويخبرنا الكتاب المقدس...
لا تكونوا مثل قابيل الذي كان من الشرير فقتل اخاه. ولأي سبب قتله. لأن اعماله كانت شريرة واعمال اخيه كانت بارة.
رسالة القديس يوحنا الاولى 3: 12
هابيل
وقبل الله ذبيحة هابيل :
داخليا: كان هابيل يثق ان الرب مخلصه. وهذا ما اراده الله. لا يزال الله يريد ان يثق به الناس. يقال لنا بشكل متكرر عبر صفحات الكتاب المقدس، علينا ان نثق بالمسيح الرب كملخص لنا.
خارجيا : قبل الله ذبيحة هابيل لانها اوضحت ما انجزه المسيح على الصليب.
انها صورة البدل : مثلما مات حيوان بريء بدل هابيل، مات المسيح البريء من كل خطيئة بدلا عنا، ودفع عقوبة الموت من اجلنا.
فالمسيح ايضا مات مرة من اجل الخطايا، البار عن الأئمة ليقربنا الى الله...
رسالة القديس بطرس الاولى 3: 18
انها صورة الكفارة : عرفت العديد من الثقافات القديمة، الحاجة الى ذبيحة الدم. وندرك الآن لماذا ؟ مثلما سفك دم الحيوان لكي يحصل هابيل على غطاء للخطيئة، قدم المسيح نفسه ذبيحة دم نهائية لكي نحصل على مغفرة الخطايا. يقول الكتاب المقدس بأن العلاقة التي انقطعت بالعصيان، عادت الآن من جديد من خلال موت المسيح على الصليب.
وانتم الذين كنتم حينا اجنبيين واعداء...قد صالحكم في جسد بشريته
بالموت...
رسالة القديس بولس الى اهل كولسي 1: 21، 22
وكأبناء لآدم وحواء، ولدنا في هذا العالم كأعداء لله... ولكن موت المسيح بالجسد على الصليب اتم مصالحتنا، ونستطيع بذلك استعادة العلاقة المقطوعة مع الله مرة ثانية.
يمكن ان يقول البعض: "حسنا، استطيع ان ارى كيف حل موت المسيح عليه السلام مشكلة الخطيئة، ولكن كيف نربح برا يساوي بر الله، لكي يتم قبولنا في حضرته؟"
وكما قلنا في الفصول السابقة، ان لهذا السؤال وجهين مختلفين كقطعة العملة الواحدة، لا يمكن فصل العلاقة بينهما. وعندما حل الله مشكلة خطيئتنا، عالج ايضا نقص البر كما سندرك ذلك في الصفحات القليلة التالية.
نـوح
تجاهل الناس في ايام نوح كلمة الله، وظنوا أن هذا الرجل المسن احمق. ومهما كان الامر، فقد اقنعوا انفسهم بأن الحياة موجودة هنا والآن فقط. ولكن الله لم يلغ حكمه عليهم، لان فلسفتهم عن الحياة كانت مختلفة اوخاطئة، فلقد هلكوا جميعا نتيجة لحماقتهم.
كان الله يقول: مثلما حكم على الناس زمن نوح بسبب الخطيئة، سيحكم على جميع الناس بغض النظر عن طريقة تفكيرهم.
قال الاحمق في قلبه: لا يوجد إله
مزمور 53: 1، 14: 1
من يثق بقلبه فهو احمق.
امثال 28: 26
يسمح الله لنا ان نتجاهله، وان نرفض طريقته في الهرب فترة من الوقت، وعلينا في النهاية مواجهة النتيجة التي لا مهرب منها: وهي دفع دين الخطيئة بموتنا الابدي.
هل تتذكر كيف حفظ الله نوح واولاده سالمين في الفلك؟ وضعهم في سفينة واحدة، لها باب واحد للدخول من أجل حمايتهم من الطوفان. لم يكن هناك خيار آخر.
وبالطريقة نفسها يصبح المسيح عليه السلام هو الطريق الوحيد للحياة الابدية. وكما كان الفلك ملجأ امينا، فان طريق المسيح عليه السلام تعطينا الأمن من العقاب الابدي.
اجاب يسوع وقال:
انا هو الطريق والحق والحياة. لا يأتي احد الى الآب الا بي.
يوحنا 14: 6
توجد طريق واحدة فقط الى الله. ان الذين يتجاهلون او يرفضون هذا الطريق يواجهون المصير نفسه، كالذين لم يكترثوا بتحذيرات نوح من الطوفان القادم: وهذا المصير هو الموت الابدي وكل ما يرتبط به. ان النصوص المقدسة واضحة جدا. ان المسيح هو الطريق الوحيد الى الله.
هل تتذكر كيف كانت بابل تمثل الحادثة الاولى التي اظهرت مفهوم "الدين" بصورة واضحة في الكتاب المقدس ؟ لقد حاول أهل بابل بناء برج من أجل الوصول الى السماء. وان افضل تعريف لكلمة "الدين" هو انه محاولة الانسان من اجل الوصول الى الله. وهكذا عمل الناس في بابل كالعبيد لبناء برج من الطوب والقطران. وان للدين مهمة كبيرة تتطلب كفاحا مستمرا، وجهودا متزايدة لارضاء الله، او الالهة او الارواح او المعبودات.
وعلى نقيض ما يقوله الدين، يقول الكتاب المقدس أن الطريق الوحيدة الى الله قد اعطاها الرب نفسه، عندما نزل برحمته الى بني البشر في شخص المسيح عليه السلام. وقام المسيح على الصليب بكل العمل المطلوب من أجل ارجاع العلاقة المقطوعة مع الله.
تستطيع ان ترى بريق الاثارة في عيون التلاميذ وهم يستمعون الى خطة الله عبر آلاف السنين من التاريخ وهي تتم في المسيح. وكان الانسان خلال قرون عديدة يتطلع الى اليوم الذي يتخلص فيه من دينونة الخطيئة. وجاء الآن ذلك الوقت. ولكن المسيح لم ينته من شرحه. واستمر يروي قصة ابراهيم واسحق
3 – الشريعة والانبياء
من ابراهيم الى الشريعة
لا بد وان التلاميذ قد اقتربوا قليلا الى الامام، عندما بدأ المسيح يشرح قصة ابراهيم. هل تتذكر كيف طلب الله من ابراهيم ان يضحي بابنه؟ كان ابن ابراهيم تحت امر الله، وكان عليه أن يموت، وقد استحق الموت لأنه كان خاطئا. وأوثق ابراهيم ابنه ووضعه على المذبح – بلا حول.
وقد اراد الله ان يقول لنا : مثلما كان ابن ابراهيم بلا حول، ولم يستطع ان يخلص نفسه، هكذا نحن جميعا تربطنا الخطيئة، ولا نستطيع ان نخلص انفسنا من نتائجها. هل تتذكر كيف أخذ ابراهيم السكين وجهز نفسه ليغمدها في جسد ابنه؟ كان ابراهيم يثق بصلاح الله، وانه سيزوده بحل للموت. وناداه الله من السماء في اللحظة الاخيرة وأوقفه. وبسبب ثقتة زود الله ابراهيم بذبيحة بديلة عن ابنه.
مثلما مات الكبش بدل ابن ابراهيم، مات المسيح عليه السلام من اجلنا. كان يجب ان نموت ونعاقب بسبب خطيئتنا، ولكن المسيح مات من اجلنا، وأخذ عقوبتنا على الصليب. انه بديلنا.
لو لم يمت الكبش لمات ابن ابراهيم. ولو ان المسيح لم يمت، لكان يجب عندئذ ان ندفع ثمن خطيئتنا. يقول الكتاب المقدس ان الله اكرم ايمان ابراهيم:
آمن ابراهيم بالله وعد له ذلك برا
الرسالة الى اهل روما 4: 3
هل تتذكر شهادة الدين التي يحصل عليها الانسان نتيجة الخطيئة؟ يقول الكتاب المقدس ان الله وقف الى جانب ابراهيم بسبب ايمانه وتقواه. وقد فعل الله ذلك لانه كان ينظر الى ما سيفعله المسيح عليه السلام على الصليب. يقول الكتاب المقدس:
ولم يكتب من اجله وحده انه حسب له برا، بل ايضا من اجلنا نحن الذين سيحسب لنا المؤمنين بالذي اقام يسوع ربنا من بين الاموات.
الرسالة الى اهل روما 4: 23، 24
حمل كل انسان عبر التاريخ شهادة دين الخطيئة، وهو دين هائل، يجب ان يقوم كل شخص بدفعه. وان الطريقة الوحيدة التي يمكن ان يدفع فيها ذلك الدين، هي الموت الابدي .
ولكن المسيح عليه السلام جاء، وكان موته دفعة كاملة من اجل خطيئة الانسان في الماضي والحاضر والمستقبل. ولذلك صرخ على الصليب قائلا: "قد تم"، لقد تم دفع الدين. ولكن الدفع الذي قام به المسيح يسري مفعوله اذا كان المرء مؤمنا فقط. يقول الكتاب المقدس:
سيحسب برا لنا المؤمنين بالذي اقام يسوع ربنا من بين الاموات
رسالة القديس بولس الى اهل روما 4: 24
وتحمل كلمة يؤمن كما يستعملها الكتاب المقدس، معنى اوفى من المعنى الذي نعطيه اياها في بعض الاحيان:
- تعني الايمان والثقة والاعتقاد بشكل عام.
- يبنى الايمان الحقيقي على حقيقة (موت المسيح بدلا منا بسبب خطيئتنا)، ولا يبنى على الشعور بالمغفرة.
- لا يتوقف الايمان في الكتاب المقدس بالادراك العقلي للحقيقة، وانما يشمل ايضا ثقة القلب، وثقة بالحقائق التي يعبر عنها العمل التطوعي للارادة. يتم الايمان بالاختيار (انا اؤمن مثلا بأن المسيح قد دفع دين – خطيئتي).
لا شك ان ذلك يمثل شيئا جديدا بالنسبة للتلاميذ، ويجب ان يكون كذلك بالنسبة لنا ايضا. تقول كلمة الله:
...لان كل ما كتب من قبل انما كتب لتعليمنا ليكون لنا الرجاء بالصبر وبتعزية الكتب.
رسالة القديس بولس الى اهل روما 15: 4
عرف التلاميذ قصص ايمان ابراهيم وتضحياته جيدا. ورغم انهم سمعوها منذ الطفولة، الا انهم يرون الصورة الكاملة الآن للمرة الاولى. وبينما كان المسيح يتكلم، كان الهدوء كاملا، ويستطيع المرء ان يسمع صوت الابرة وهي تسقط على الارض. كانت العيون مشدودة اليه، انه المخلص الموعود، وهو الآن بينهم. استمر المسيح عليه السلام في الحديث اليهم.
هل تتذكر كيف كان بنو اسرائيل عبيدا في مصر، وكيف خلصهم الله عن طريق الضربات العظيمة؟ كانت الضربة الاخيرة موت الطفل البكر. قال الله: لو اتبع بنو اسرائيل كلمتي لكانوا آمنين من هذه المأساة.
هل تتذكر كيف كان بنو اسرائيل يضحون بالحمل؟ حسنا، ان الكتاب المقدس يقول لنا بأن المسيح كان حملنا.
ويبدو انها لم تكن مصادفة، ان يتعرّف المسيح عليه السلام منذ ولادته على هذه المخلوقات التي لا تؤذي. لقد ولد في اسطبل، وهو المكان الذي تلتجئ اليه الحملان الصغيرة. وكان الرعاة اول من من قام بزيارته، وهم الذين يهتمون بتربية الحملان، ويتأكدوا بأن الأذى لا يصيبها. وقد عرفنا ايضا أن مدينة بيت لحم التي ولد فيها المسيح، اعطاها رؤساء الكهنة مهمة تربية الحملان التي تقدم تضحية في الهيكل. قال يوحنا المعمدان عن المسيح عليه السلام:
هوذا حمل الله الحامل خطايا العالم
يوحنا 1: 29
وهكذا يجب ان لا نشعر بالاستغراب عندما يوصف المسيح كحمل فصحي. ان نقاط التشابه كبيرة جدا، وسأذكر بعضا منها فقط:
يجب ان يكون الحمل الفصحي دون عيوب؟
كان المسيح بلا خطيئة.
كان الحمل ذكرا.
كان المسيح رجلا
ذبح الحمل الفصحي بدل المولود البكر
مات المسيح بديلا عنا
وضع دم الحمل على عضادتي الباب وعتبته العليا.
ومثلما توفرت السلامة بالبقاء داخل البيوت فقط، فإن الثقة بأن ما فعله المسيح على الصليب كان لاجلنا، يجلب لنا السلامة من الموت الابدي.
عندما جاء ملاك الموت، فانه حيثما رأى الدم موضوعا كان يعبر عن ذلك البيت. وبالطريقة نفسها أعطانا الله وسيلة لكي يزيل بها حكمه عنا، وبهذا الفعل فان الحكم الذي استحق علينا قد حل على المسيح عليه السلام. امر الله بني اسرائيل بالتحديد ان لا يكسروا العظام عند أكل الحمل الفصحي، لان الحمل كان صورة وظلا للمسيح. ولم تكسر عظام المسيح ايضا. وان الجنود الرومانيين عندما...
انتبهوا الى يسوع ورأوه قد مات لم يكسروا ساقيه.
يوحنا 19: 3
وبينما جلس التلاميذ هناك متعلقين بكل كلمة، ومنصتين للمسيح وهو يشرح الاهمية الحقيقة للفصح، لم يكن بوسعهم الا ان يفكروا في اي وقت من السنة كان ذلك. صلب المسيح في نفس اليوم الذي مات فيه الحمل الفصحي! ولم يعرفوا بأن الكهنة كانوا يأملون بقتله بعد انتهاء العيد، ولكنهم عرفوا بأن خطة الله قد انتصرت. لم يمت المسيح في اليوم الصحيح وحسب، وانما مات في الساعة التاسعة (الساعة الثالثة بعد الظهر) وهي الساعة نفسها التي كان يتم فيها تقديم الحمل في الهيكل-ساعة التضحية المسائية. لقد مات تماما كما قال الانبياء (1) ، يقول الكتاب المقدس:
فانه قد ذبح فصحنا المسيح
رسالة القديس بولس الاولى الى اهل كورنتوس 5: 7
هل تتذكر الوصايا العشر؟ ظن بنو اسرائيل أنه سيسهل اتباعها. ويعتقد اناس كثيرون اليوم، انهم يستطيعون ارضاء الله بحفظ الوصايا العشر او حفظ نسخة معدلة عنها. ولكننا اصبحنا ندرك من خلال دراستنا، ان الله لا يقبل شيئا اقل من الطاعة الكاملة:
لان من حفظ الناموس كله وعثر في امر واحد فقد صار مجرما في الكل
رسالة القديس يعقوب 2: 10
ان محاولة حفظ الوصايا العشر لا تصلح العلاقة المقطوعة مع الله:
اذ لا يبرر بأعمال الناموس احد من ذوي الجسد امامه لانها بالناموس عرفت الخطيئة.
رسالة القديس بولس الى اهل روما 3: 20
يذكرنا الناموس بورطتنا القديمة، وتشبه هذه الورطة قطعة من العملة لها وجهان: فيها شيء لا نريده وهو الخطيئة، ونحتاج الى شيء لا نملكه وهو البر. لا تستطيع الوصايا العشر ان تعطينا برا يساوي بر الله.
اما الآن فقد اعتلن بر الله بغير الناموس مشهودا له من الناموس والانبياء وهو بر الله بالايمان بيسوع المسيح الى كل وعلى كل الذين يؤمنون لا فرق
رسالة القديس بولس الى اهل روما 2: 21، 22
كشف المسيح عليه السلام للبشرية وجود نوع من البر لاعلاقة له اطلاقا بالناموس. وهو نوع من الصلاح يأتي مباشرة من الله نفسه. ويقول الكتاب المقدس ان كل ما علينا ان نقوم به لكي نحصل على هذا النوع من البر، هو الايمان. ان الامر بهذه البساطة تماما. وهو سهل بالنسبة لنا، ولكنه يرتبط بالكثير من الامور بالنسبة لله.
ان الله العادل لا يستطيع ان يتغاضى عن الخطيئة وكأنها لم تحدث. يجب ان يكون هناك عقاب للخطيئة– يجب ان يكون هناك موت. وحتى الآن كان الانسان يقدم الذبائح من الحيوان بدلا عن الموت، ولكن هذه الذبائح كما رأينا كانت غطاء مؤقتا، لانه...
لا يمكن ان دم الثيران والتيوس يزيل الخطايا.
رسالة القديس بولس الى العبرانيين 10: 4
هل كان هناك حل؟ نعم، كان ذلك في عمل عظيم ومحبة كبيرة تخلو من الانانية:
الذي جعله الله كفارة بالايمان بدمه لاظهار بره بمغفرة الخطايا السالفة
رسالة القديس بولس الى اهل روما 3: 25
رضيت طبيعة الله العادلة بموت المسيح عليه السلام، دفعه للموت من اجل خطايا البشر. ترك الله الخطايا السالفة دون عقاب، لانه عرف بان المسيح سيدفع عقوبة الموت بصورة كاملة من اجل الخطايا في الماضي والحاضر والمستقبل. مات المسيح لكي يتمكن الله من ان :
... يظهر بره في هذا الزمان حتى يكون هو بارا ومبررا من له الايمان بيسوع المسيح.
رسالة القديس بولس الى اهل روما 3: 26
كانت كلمة "مبرر" مصطلحا قضائيا استعمل في قاعات المحاكم زمن المسيح عليه السلام.
هل تتذكر الخطيئة التي ارتكبها الانسان في الجنة؟ خلع الله في ذلك الوقت رداء الصداقة وارتدى عباءة القاضي. وكقاض عادل ومنصف، وجد الله الانسان مذنبا بجريمة مخالفة شريعة الله، وخاطئا ضد إله قدوس. ووقف الانسان امام إله عابس، متهما ومدانا بمخالفة القانون بصورة دائمة ولا أمل في اصلاحه، وكان الحكم هو الموت الابدي.
ولكن الله نهض من مقعد الحكم، وخلع عباءة القاضي، وارتدى ثانية رداء الصديق. ترك السماء في الاعالي ونزل كإله انسان، ليقف معنا امام مقعد القضاء. كان له غرض واحد فقط – أن يأخذ حكم الموت على نفسه وان يدفعه عنا. ولأنه بدون خطيئة لكي يموت من اجلها، تمكن من دفع عقوبة الموت عن البشرية الى الأبد (2).
ذهبت الخطيئة، ولكن البر كان ضروريا. ان البر يأتي الينا بالايمان فقط كما حصل مع ابراهيم. ومن اجل الحصول على مثل ذلك النقاء، كان لا بد ان يحدث شيء في قاعة المحكمة امام الله. لم يدفع المسيح عنا الخطيئة فحسب، وانما قام بصورة مذهلة بتغطيتنا جميعا بثوب بره النقي النظيف، الذي يساوي تماما كماله القدوس.
وعندما يجلس الله القاضي وينظر الى وجوه بني البشر، ويرى شخصا مرتديا بر المسيح، يستطيع ان يقول بأمانة وعدل: "ان ذلك الرجل او تلك المرأة التي تقف في المحكمة السماوية هي امامي صالحة". لقد رفع قاضي السماء العظيم مطرقة المحكمة وأعلن بضربة واحدة اننا "ابرار". هذا هو معنى كلمة "مبرر" ان يتم اعلان المرء بارا في نظر الله. وينطبق هذا الامر على كل الذين آمنوا ان المسيح قد مات مكانهم. يقول الكتاب المقدس:
لان الانسان انما يتبرر بالايمان
رسالة القديس بولس الى اهل روما 3: 28
فاذا قد بررنا بالايمان فلنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح
رسالة القديس بولس الى اهل روما 5: 1
كلا، لا تستطيع الوصايا العشر ان تجعل المرء مبررا.
اما انه ليس احد يتبرر بالناموس لدى الله فظاهر...
رسالة القديس بولس الى اهل غلاطية 3: 11
اذ الجميع قد خطئوا يعوزهم مجد الله.
رسالة القديس بولس الى اهل روما 3: 23
ان هدف الناموس والوصايا العشر كما يقول الكتاب المقدس ان تأخذ بيدنا وتقودنا كالمعلم الى الصليب، وهو يشير الى حاجتنا الى مخلص:
فالناموس اذن كان مؤدبنا يرشدنا الى المسيح لكي نبرر بالايمان.
رسالة القديس بولس الى اهل غلاطية 3: 24
يحتاج كل شخص الى مخلص، وقد اعلنت الملائكة عن مخلص العالم.
في الطريق الى عمواس اخبر المسيح عليه السلام التلميذين انه سيموت. لماذا قال ذلك؟ تجعلنا فكرة موت المسيح نشعر بالقلق. نحن نعلم اننا لا نستحق مثل هذه المحبة. ان موت المسيح كان ضروريا في المعنى التالي فقط:
لو سمح الله للجانب العادل من طبيعته ان يحكم بصدق، لوجب علينا عندئذ ان نموت بسبب خطيئتنا. ان مثل هذا الحكم عادل، ولكن محبة الله لا تسمح بذلك. ولو حكمت المحبة، فإنه سيتجاهل الخطيئة للأبد. ولكن ذلك لم يكن خيارا مناسبا بسبب طبيعته العادلة. فالخطيئة يجب مواجهتها.
ونجد في موت المسيح التعبير الكامل والمتوازن لكلا الصفتين – المحبة الفائقة والعدالة غير المحدودة التي تم تطبيقها. وجعلت المحبة والعدالة، كما يرى الله، الصليب ضروريا.
ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يبذل نفسه عن احبائه.
يوحنا 15: 13
اما الله فيدل على محبته لنا بأنه اذا كنا خطأة بعد ففي الآوان مات المسيح عنا.
رسالة القديس بولس الى اهل روما 5: 8
ان العمل الذي قام الله به، يبقى بصورة كاملة خارج حدود فهمنا. ان يكون الخالق الها، ويظهر في الوقت نفسه مثل هذه الشفقة على خلائقه، وان يصبح انسانا ويموت، شيء يتجاوز قدرتنا على الفهم، ولا يصدق! ان طرق الله بعيدة عن طرقنا. كل ما نستطيع عمله هو ان نؤمن بكلمته، ونقول كما قالت مريم العذراء: "كيف يكون هذا ؟" و "لا شيء يستحيل على الله". ان نخضع لكلمة الله وارادته.
من الهيكل الى الحية النحاسية
امر الله موسى ان يبني المذبح. وكان المذبح وسيلة مرئية واضحة تساعدنا على فهم الطريقة التي يعمل الله من خلالها على اصلاح علاقتنا المقطوعة به. وقد اظهر الله حضوره بين بني اسرائيل بعمود من الغمام في النهار، وعمود من النار في الليل؟ وكان ذلك العمود فوق تابوت العهد في قدس الاقداس.
عندما اقترب الانسان من الله في الهيكل، كان اول شيء رآه هو السور الذي يحيط بالساحة التي كان لها مدخل واحد فقط. وهذا يذكرنا بأنه توجد طريق واحدة فقط الى الله. قال المسيح عليه السلام:
انا الطريق والحق والحياة. لا يأتي احد الى الآب الا بي.
يوحنا 14: 6
المذبح النحاسي
عندما كان يتم الدخول الى الهيكل، كانت اول قطعة أثاث تظهر للعيان هي المذبح النحاسي، وهي تذكرنا بأن أول خطوة نحو العلاقة الصحيحة مع الله كانت من خلال ذبيحة الدم. وان اول خطوة، والخطوة الوحيدة نحو العلاقة الصحيحة مع الله بالنسبة لنا، هي من خلال المسيح عليه السلام الذي ضحى بحياته من اجلنا.
ان مقارنة سريعة للمكانين – المذبح النحاسي والصليب – تظهر لنا كيف اتم المسيح تماما الصورة الحية المتمثلة في تقدمات المذبح:
المذبح النحاسي الصليب
كانت الذبيحة المسيح
اما من العجول او من الخراف هو حمل الله
ذكر هو ذكر
بلا عيب بلا خطيئة
يتم قبولها بالنيابة عنه مات بدلا عنا
تجعل كفارة له هوطريقنا لمغفرة الخطايا
ذبيحة الدم هو ذبيحة الدم التي جعلت لنا
الشمعدان
امر الله موسى بوضع شمعدان من الذهب الخالص لكي ينير المكان المقدس؟ هذه صورة للمسيح الذي قال...
انا نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة.
يوحنا 8: 12
يريد المسيح عليه السلام ان يخرج الناس من ظلمات الخطيئة الى نور الحياة الابدية.
المائدة مع الخبز
امر الله موسى ان يصنع مائدة، وان يضع عليها اثني عشر رغيفا من الخبز، تمثل اسباط بني اسرائيل الاثني عشر ؟ ومرة ثانية فان هذه هي صورة للمسيح الذي قال...
انا خبز الحياة من يقبل الي فلن يجوع ومن يؤمن بي فلن يعطش ابدا.
يوحنا 6: 35
وكما كانت الارغفة الاثني عشر صورة للخبز الذي يكفي لكل واحد في اسرائيل، مات المسيح لاجل خطايا العالم، وكخبز الحياة الذي يقدم لنا الحياة الابدية.
الحق اقول لكم من يؤمن بي فله الحياة الابدية. انا خبز الحياة
يوحنا 6: 47، 48
الحجاب
امر الله موسى ان يعلق حجابا سميكا بين المكان المقدس وقدس الاقداس، يحجب الانسان الخاطئ عن الدخول الى حضرة الله القدوس. ويقول الكتاب المقدس ان الانسان قد انفصل عن الله، ولا يستطيع ان يكون في حضرته بسبب الخطيئة. واصبحنا غرباء عن الله وعن محبته حتى جاء المسيح. ويخبرنا الكتاب المقدس بأن حجاب المعبد كان صورة لجسد المسيح، وقد انشق الى نصفين من اعلى الى اسفل عند موته على الصليب. لا يستطيع انسان ان يمزق الحجاب، ولكن الله شقه ليظهر كيف تمت التضحية بجسد المسيح من اجلنا. ويخبرنا الكتاب المقدس ان خطيئة الانسان قد غفرت بعد ان وضع ثقته بالمسيح، ويستطيع ان يدخل الآن بجرأة الى حضرة الله. لقد عادت العلاقة من جديد.
اذن حيث لنا ايها الاخوة ثقة بالدخول الى الاقداس بدم يسوع وطريق جديد حي قد كرسه لنا نجوز به في الحجاب وهو جسده... فلندن بلب صادق وايمان كامل.
رسالة القديس بولس الى العبرانيين 10: 19-22
أما الآن فأنتم الذين كانوا حينا بعيدين قد صرتم في المسيح يسوع قريبين بدم المسيح.
رسالة القديس بولس الى اهل افسس
ولم يعد الانسان صديقا فقط، بل اصبح عضوا كاملا من عائلة الله. ويقول الكتاب المقدس أن البشر قد اصبحوا ابناء لله.
كان التبني عند الرومان وفي ايام المسيح عليه السلام يتم من خلال طقوس قانونية تسبغ فيها البنوة على الطفل، في حين انه يتم الاعتراف في مجتمعنا الحديث بالطفل الذي يولد في العائلة بشكل تلقائي، وتكون له جميع حقوق وامتيازات تلك العائلة. وفي المجتمعات التي كان للرجل فيها زوجات ومحظيات وعشيقات واطفال منهن، لهم امهات ايضا. لم يكن الطفل وريثا شرعيا حتى يتم اسباغ البنوة عليه في طقس خاص. وبعد ان يتم التبني يصبح الطفل عضوا كاملا في العائلة. وهكذا كان الامر بالنسبة لنا، نحن الذين كنا حينا غرباء عن محبة الله، اصبحنا الآن ابناء في عائلتة :
وبما انكم ابناء ارسل الله روح ابنه الى قلوبكم داعيا أبا ايها الآب فلست بعد عبدا بل انت ابن واذا كنت ابنا فأنت وارث بالله.
رسالة القديس بولس الى اهل غلاطية 4: 6، 7
كان غطاء الكفارة ذلك الغطاء الخاص على تابوت العهد في قدس الاقداس. وكان رئيس الكهنة يحضر الدم الى هذا المكان مرة في السنة في يوم الكفارة. اعطى الله بني اسرائيل طريقة للهرب من دينونة خطيئتهم من خلال سفك دم حمل بريء. واصبح المسيح الآن بنفس الطريقة، غطاء الكفارة لنا، ومن خلال دمه المسفوك نجد طريقة للهرب من الموت الابدي. لم يعد الانسان بحاجة الى تقديم حمل للتضحية. لقد كان المسيح هو الذبيحة النهائية. يقول الله...
ولا اذكر خطاياهم وآثامهم من بعد. فحيث تكون مغفرة الخطايا فلا تقدمة بعد عن الخطيئة.
رسالة القديس بولس الى العبرانيين 10: 17، 18
وبموت المسيح على الصليب، مات آخر حمل. وكانت خطة الله منذ بداية التاريخ أن يعطينا طريقا للهرب من خلال المسيح. لقد كانت الاضاحي صورة لما سيأتي، ولم يكن هنالك شيء يجعلها فريدة. لم تستطع الذبائح ان تزيل الخطيئة. ولم تعد هناك الآن ضرورة لكي نقدم اي نوع من التضحية، لان دم المسيح دفع دينا للخطيئة مرة واحدة وللأبد.
وبهذه المشيئة قد قدسنا نحن بتقدمة جسد يسوع المسيح عليه السلام مرة واحدة. وكل كاهن يقف في كل يوم خادما ومقربا مرارا تلك الذبائح بعينها، التي لا يمكن ابدا ان تمحو الخطايا. اما هذا فانه بعد ان قرب عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس عن يمين الله.
رسالة القديس بولس الى العبرانيين 10: 10-12
قبل الله الحيوانات تضحية، لانه كان ينظر الى المستقبل، الى الوقت الذي يقدم فيه المسيح تضحية اخيرة. وعندما مات المسيح، فانه قد قام بتغطية الخطيئة لفترة تتجاوز سنة واحدة، ومسحها من نظر الله الى الابد. وصرخ على الصليب قائلا "قد تم"، اي تم ايجاد الحمل الاخير.
في عام 70 ميلادية دمرت الجيوش الرومانية تحت قيادة تيطس الهيكل اليهودي، فوضع بذلك نهاية لتقدمة الاضاحي على المذبح النحاسي. كان الامر كما لو ان الله ارسل رسالة الى جميع امم العالم: لن تقبل ذبائح الحيوانات من بعد الآن.
ربما يكون المسيح قد اخبر تلاميذه شيئا آخر غير الذي تمثل في المعبد، لان المعبد كان وسيلة مرئية ذات تفاصيل كبيرة جدا وغنية بأوجه المقارنة. ولكن ما قاله المسيح كان كلاما لا ينسى بصورة مؤكدة.
اخطأ بنو اسرائيل، فارسل الله لهم الافاعي، فصرخوا طالبين النجاة. وامر الله موسى ان يصنع حية نحاسية ويرفعها في وسط المخيم. وكان على ابناء الشعب من اجل الحصول على الشفاء ان يقوموا بالنظر الى الحية النحاسية. لم يكن هنالك شيء آخر يستطيعون فعله.
وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن البشر لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه هكذا احب الله العالم حتى انه بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. فانه لم يرسل الله الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. من آمن به فلا يدان ومن لا يؤمن فقد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد.
يوحنا 3: 14-18
جاء الانسان الى هذا العالم خاطئا. واننا نشبه بني اسرائيل الذين لدغتهم الافاعي، ونشبه الاموات في افضل الاحوال. لا توجد لنا علاقة مع الله، وستموت اجسادنا في النهاية، ويحل بنا بعد الموت موت آخر، وهو العقاب في بحيرة النار.
ويدخل المسيح عليه السلام بعد ذلك الى المشهد، ويدفع عنا دين الخطيئة بموته. ولكنه لم يبق ميتا– فقد عاد الى الحياة. واذا نظرنا اليه بايمان كما نظر بنو اسرائيل الى الحية النحاسية، فإنه سيعطينا الحياة الروحية. وكما عاد المسيح الى الحياة، فاننا نصبح احياء في الروح الآن والى الأبد. يقول الكتاب المقدس بأن الانسان يولد مرة ثانية.
وحين كنتم امواتا في الزلات... احياكم معهم سامحا لكم بجميع الزلات.
رسالة القديس بولس الى اهل كولسي 2: 13
ولكن الله لكونه غنيا بالرحمة ومن اجل كثرة محبته التي احبنا بها حين كنا امواتا بالزلات احيانا مع المسيح...
رسالة القديس بولس الى اهل افسس 2: 4، 5
كنا امواتا روحيا، ونحن الآن احياء، وسوف نسكن في السماء الى الابد.
5 - النامـوس والانبـياء
من يوحنا المعمدان الى القيامة
بينما كان المسيح يشرح لتلاميذه بصورة مستمرة اهمية الاحداث التي وردت في الكتاب المقدس، يحتمل ان يكون قد قدم شرحا مفصلا اكثر مما نذكره هنا. ولا شك ان اهتمام التلاميذ كان كبيرا بهذه الموضوعات التي كان لهم فيها تجربة مباشرة.
يقول الكتاب المقدس:
كلنا ضللنا كالغنم كل واحد مال الى طريقه..
اشعيا 53: 6
اختار الانسان ان يسير بمفرده، واخذ طريقا قادته الى برية روحية. ويقول الكتاب المقدس ان الانسان ضائع، ولكن المسيح جاء يبحث عنه. وعندما كان على الارض، ذكر مثلا يصف من خلاله اهتمام الله بالناس:
اي رجل منكم اذا كان له مئة خروف فأضاع واحدا منها لا يترك التسعة والتسعين في البرية ويمضي في طلب الضال حتى يجده. فاذا وجده يحمله على منكبية فرحا ويأتي الى البيت ويدعو الاصدقاء والجيران ويقول لهم: افرحوا معي فاني وجدت خروفي الضال. اقول لكم انه هكذا يكون في السماء فرح بخاطئ واحد يتوب اكثر مما يكون بتسعة وتسعين صديقا لا يحتاجون الى التوبة.
لوقا 15: 3-7
يستطيع الله ان يبقى في السماء وان يدير ظهره للبشرية الى الابد، ولكن هذا لم يحدث. يقول الكتاب المقدس ان المسيح بادر في البحث عنا كالراعي الصالح، وقد ذهب الى ابعد من ذلك:
انا الراعي الصالح. الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف.
يوحنا 10: 11
هذا ما فعله المسيح تماما. مات من اجلنا، ودفع بدلا عنا دين خطيئتنا. هذه هي المحبة الكاملة. نعم ان الله محبة، ولكن ليس بدون ثمن باهظ. قال المسيح عندما كان على الصليب:
الهي ، الهي، لماذا تركتني؟
مرقس 15: 34
لم يمت المسيح موتا جسديا فقط، بل كان هناك بعد روحي ايضا. وكانت الخطيئة تتطلب انفصالا. مر المسيح في تلك الساعات المريرة على الصليب بتجربة الانفصال الصعبة عن الله الآب عندما حمل خطيئة العالم على نفسه. ويقول الكتاب المقدس ان السماء قد اظلمت في ساعات اليأس تلك على الصليب، رغم ان الوقت كان في منتصف النهار. ويبدو أن الآب لم يرغب ان يشاهد العالم، الألم الشديد الذي عاناه الأبن، عندما اختار ان يحمل الخطيئة عنا، واصبح حملنا البديل ومات. لقد سمح الله بذلك، وخطط له في الواقع. وكما رفع النبي ابراهيم السكين بألم من اجل ان يقتل ابنه الحبيب، وضع الله عقوبة خطايانا على ابنه. انقذ الله ابن ابراهيم من الموت، ولكن ابن الله الخالد لم ينقذ. لانه كان الضحية الكاملة والاخيرة .
التبادل العظيم
يقول الكتاب المقدس:
ان الذي لم يعرف الخطيئة جعله الله خطيئة من اجلنا.
رسالة القديس بولس الثانية الى اهل كورنثوس 5: 21
لا تشير هذه الآية الى ان المسيح عليه السلام قد اصبح خاطئا. فكلمة خطيئة* تعني هنا تقدمة من اجل الخطيئة. جعل الله المسيح عليه السلام الذي كان بلا خطيئة تقدمة عنا.. عندما اخذ المسيح خطايانا، صب الله كل ضراوة غضبه العادل على الخطيئة. وعندئذ استطاع المسيح ان يفعل شيئا لم نقدر ان نفعله، قال "قد تم" . ولو دفعنا دين خطيئتنا لكان علينا ان نستمر في الدفع الى الأبد. لن يكون في استطاعتنا ابدا ان نقول "قد تم". لكن المسيح دفع كل شيء عنا .
لكي نصبح نحن بر الله فيه
رسالة القديس بولس الثانية الى اهل كورنثوس 5: 21
اننا نجد البر بالمسيح! انه ليس برنا. ان الله هو الذي يعطينا بره. انه الاعظم في جميع المبادلات. اخذ المسيح على الصليب خطيئتنا القذرة الكريهة، وعندما نثق به، فانه يعطينا بره النظيف النقي. ولا نحتاج من بعد الى دم حمل لكي يحمي خطايانا. اننا نلبس شيئا افضل بكثير، وهو بر المسيح. هل تذكر ذلك السؤال القديم: "كيف يمكن للانسان ان يتخلص من الخطيئة ويربح برا مساويا لبر الله ليتم قبوله في حضرة الله؟". ان الجواب الكامل موجود في هذه الآية:
ان الذي لم يعرف الخطيئة جعله خطيئة من اجلنا لكي نصير نحن بر الله فيه.
رسالة القديس بولس الثانية الى اهل كورنتوس 5: 21
مات المسيح عليه السلام، ولكنه لم يبق ميتا مثل بقية الانبياء، فقد عاد الى الحياة، ليبرهن ان الموت لا يستطيع ان يتغلب عليه، وقد قال...
من اجل هذا يحبني الآب لاني ابذل نفسي لآخذها ايضا. ليس احد يأخذها مني ولكني ابذلها باختياري ولي سلطان ان ابذلها ولي سلطان ان آخذها ايضا.
يوحنا 10: 17-18
القي اللوم علىالرومان لصلبهم المسيح، كما القي على القادة الدينيين الذين ضغطوا عليهم لتنفيذ عملية الصلب. ولقي اليهود عبر القرون الكثير من الاضطهاد لانهم يتحملون مسؤولية الذي حدث في هذه القضية المؤسفة. ان ما حدث لا يفسر بهذه الطريقة. يقول الكتاب المقدس ان المسيح بذل حياته بمحض ارادته. لم يجبره احد ان يموت رغما عنه. كان الامر من اختياره، ونتيجة لمحبته لنا. ان حقيقة الأمر ان خطايا العالم اجمع كانت المسؤولة عن وضع المسيح عليه السلام على الصليب.
وكانت القيامة شهادة قوية، بأن طبيعة الله العادلة قد رضيت بموت المسيح من اجلنا. ان التضحية كانت كافية وكاملة! لم يستطع القبر ان يحتجزه. لقد انتصر على الموت! حطم المسيح قبضة الخطيئة، وهزم قوة الشيطان، وازال النهاية المرعبة للموت:
اذن اذ قد اشترك الابناء في الدم واللحم اشترك هو كذلك فيهما، لكي يبطل بموته من كان له سلطان الموت أعني ابليس، ويعتق كل الذين كانوا مدة حياتهم خاضعين للعبودية مخافة من الموت.
رسالة القديس بولس الى العبرانيين 2: 14، 15
كان الانسان عبدا لمشيئة الشيطان خلال قرون عديدة. ومن خلال الاكاذيب الفاضحة، وتزوير الحقيقة، والانكار، سيطر الشيطان على البشرية لتحقيق اهدافه الخاصة. ولم يستطع الانسان بدون الشيطان ان يعيش حياة كاملة، فقد كان الانسان عبدا للخطيئة.
وبعد ان جاء المسيح عليه السلام فاديا لنا. اصبح يصعب علينا ان ندرك الاهمية البالغة المرتبطة بهذه الكلمة دون ان نفهم علاقتها بالعبودية القديمة.
كان الرجل الغني يذهب الى سوق العبيد لشراء العبد. وكان يرى هناك الاسرى الاذلاء مقيدين بالسلاسل، حيث يتم بيع كل عبد بمبلغ معلوم. وعندما يدفع الرجل الغني السعر المطلوب يصبح العبد ملكا له. ولا يوجد شيء غريب في الامر حتى الآن. ولكن الحدث كان يصبح في بعض المناسبات النادرة هاما، عندما يقوم المالك الجديد بكسر سلاسل العبد الذي اشتراه من سوق العبيد، ويجعله حرا. وعندما كان يحدث هذا، كان يقال انه قد تم فداء العبد.
وكان هذا ما فعله المسيح عليه السلام. كنا مقيدين بسلاسل الخطيئة والشيطان في سوق عبيد الحياة. لم يكن بوسعنا ان نفتدي انفسنا. ولكن عندئذ جاء المسيح واشترانا، دافعا الثمن بدمه. اخرجنا من السوق، وكسر السلاسل وحررنا:
عالمين انكم لم تفتدوا بما يفسد من الفضة او الذهب من تصرفكم الباطل على حسب سنن آبائكم. بل بدم كريم دم حمل لا عيب فيه ولا دنس وهو المسيح.
رسالة القديس بطرس الاولى 1: 18، 19
الذي لنا فيه الفداء بدمه مغفرة الزلات على حسب غنى نعمته.
رسالة القديس بولس الى اهل افسس 1: 7
دعنا الآن نعود الى التشبيه الذي استعان به المسيح لوصفنا بالخراف. كان الراعي الصالح ينام في مدخل حظيرة الخراف ليحمي القطيع ؟ وقال المسيح عليه السلام:
انا الباب، ان دخل بي احد يخلص
يوحنا 10: 9
كان للحظيرة باب واحد فقط، وكان المسيح عليه السلام بنفس الطريقة الباب الوحيد للحياة الابدية. لاتوجد طريقة اخرى للخلاص من نتائج الخطيئة.
ومثلما وجدت طريقة واحدة لقابيل وهابيل من اجل الاقتراب من الله،
ومثلما كان هناك باب واحد للنجاة في سفينة نوح،
ومثلما كان هناك باب واحد الى الخباء،
ومثلما كان هناك باب واحد الى حظيرة الخراف،
فهكذا المسيح هو الطريق الوحيد الى الله.
وليس بأحد غيره الخلاص لانه ليس اسم آخر تحت السماء ممنوحا للناس به ينبغي ان نخلص.
اعمال الرسل 4: 12
وبينما كان التلاميذ يصغون للمسيح وهو يعلمهم من الناموس والانبياء، لا بد انهم شعروا داخليا بنتائج رسالته. عاشوا في الامبراطورية الرومانية، وكان الرومان متسامحين مع الديانات الاخرى، الى حد معين، ولكنهم اعتقدوا ايضا ان قيصر كان الها. كان الرومان لا يعترضون على ان يقدم المسيح بأنه طريق آخر الى الله، ولكن ان نقول– انه الطريق الوحيد– يعرض حياتهم للخطر. وحسب المصادر غير الانجيلية، فان جميع التلاميذ الاحد عشر الا واحدا فقط، قد نفذ حكم الموت بهم لتبشيرهم بهذه الرسالة، ونفي التلميذ الثاني عشر.
كان الفريسيون متدينين الى درجة العصمة عن الخطأ. وكان لديهم قائمة طويلة لما يجب عمله وما لا يجب عمله. وان اكثر المفاهيم الخاطئة شيوعا حول الحياة في هذه الايام، هي ان الناس يستطيعون الوصول الىالسماء بعمل اشياء صالحة بشكل يزيد عن افعالهم السيئة. كان الفريسيون متدينين جدا، وكان المسيح عليه السلام قد قال بأن حياتهم وتعاليمهم مضللة. وقال بأن الطريق الحقة الوحيدة الى الله كانت عن طريق الايمان والثقة.
نمارس الايمان بالعمل يوميا. ربما تطبق انت الآن احدى مبادئ الايمان هذه. اذا كنت تجلس على كرسي في هذه اللحظة، فأنك تثق بأن هذا الكرسي يحملك دون ان ينهار. ولا شك انك تجلس دون ان تفكر وتقول: "سوف اثق بان هذا الكرسي متين". ولكنك رغم ذلك تقوم بالايمان بذلك. وبمعنى آخر، ان الايمان بحد ذاته حيادي. ولكن الشيء الهام الآن هو : بماذا او بمن تضع ثقتك انت ؟ اذا كنت قد وضعت ثقتك بالمسيح الذي دفع دين خطيئتك، فعندئذ تستطيع ان تكون لك الثقة المطلقة بأنه فعل ذلك كما وعد.
فانكم بالنعمة مخلصون بواسطة الايمان وليس ذلكم منكم انما هو عطية الله. وليس من الاعمال لئلا يفتخر احد.
رسالة القديس بولس الى اهل افسس 2: 8، 9
يقول الكتاب المقدس ان خلاصنا من نتائج الخطيئة كان من خلال الايمان بالمسيح عليه السلام. ان هذا الخلاص هو هدية من الله. اننا لم نكتسبه بأي عمل ديني او عمل صالح. ان الهدايا مجانية. واذا عملت من اجل الحصول على هدية فلن تكون هدية بعد ذلك. ان الهدايا باصدق المعاني لا نستحقها. واذا شعرنا اننا نستحق الهدية، فانها تتوقف عن كونها هدية وتصبح منحة. ان الحياة الابدية التي يعطيها الله هي في الحقيقة هدية لاننا لا نستحقها اطلاقا.
كان الفريسيون مقتنعين بأن اعمالهم الصالحة سوف ترضي الله. ولكن الله يقول: اذا قبل الناس بناء على ما فعلوه، فانهم عندئذ سوف يتفاخرون بصلاحهم. ان الله يخلصنا من الدينونة ليس على اساس صلاحنا بل على اساس ايماننا.
لأن اجرة الخطيئة هي الموت وموهبة الله هي الحياة الابدية في المسيح يسوع ربنا
رسالة القديس بولس الى اهل روما 6: 23
بالايمان نؤمن بأن المسيح مات من اجلنا بسبب الخطيئة.
بالايمان نؤمن بأن المسيح دفع دين خطيئتنا
بالايمان نؤمن بأن عدالة الله قد تم ارضاؤها بذلك الموت. ونؤمن بأنه عندما
ينظر الينا لا يرى خطيئتنا من بعد، وانما يرانا لا بسين بر المسيح.
بالايمان نؤمن بأن الله يعطينا هدية الحياة الابدية.
انه ايمان مبني على الحقائق التي نجدها في الكتاب المقدس، وليس بصورة عمياء. يضيف بعض الناس هالة روحية على الايمان، فيقيسونه بالكم، ويصبح لديك الكثيرمن الايمان او القليل منه. ولكن مثل هذا التفكير مربك. ان وضع الايمان فيما فعله المسيح عليه السلام على الصليب من اجلنا، يشبه الرجل الذي يغرق وهو يهز رأسه بقوة اشارة للمنقذ عندما يقول له: "هل تثق بأني استطيع ان اخلصك؟" ان قوة هزة الرأس غير هامة على الاطلاق، ان النقطة الهامة هي ان الرجل الغريق يقر ويثق بالمنقذ. واذا ادعى الرجل الغريق لاحقا بأن هزة رأسه الكبيرة انقذت حياته، فان ذلك سيكون مضحكا. وهكذا الحال معنا. علينا ان نثق بالمسيح ليخلصنا من خطيئتنا، وان حجم ثقتنا ليس هو الذي يخلصنا، وانما ما فعله المسيح من اجلنا بموته على الصليب.
اذ فيه يجلى بر الله من ايمان الى ايمان كما كتب ان البار يحيا بالايمان.
رسالة القديس بولس الى اهل روما 1: 17
لكي نكمل الصورة حول الرجل الغريق، دعني اضيف ايضا انه من المهم ان تعرف انك تغرق. واذا فكرت انك تعوم وانك على ما يرام، فانك ترفض كل مساعدة. واذا عرفت بأنك تغرق، ولكنك رفضت طلب المساعدة بسبب كبريائك، فانك تغرق بغض النظر عن ذلك. يمكن ان يراك الآخرون وانت تتخبط، ولكنهم لن يتمكنوا من مساعدتك حتى تسمح لهم بذلك. وان الامر شبيه تماما من الناحية الروحية، يجب ان ترى نفسك كخاطئ مسكين قبل ان يتم خلاصك من دين خطيئتك. تلك هي نقطة البداية.
يحتوي الكتاب المقدس على العديد من القصص عن المسيح واعماله. ويمكن ان نتساءل عن الامثال او القصص التي استعان بها المسيح عليه السلام عندما كان يعلم التلاميذ. لا شك انه قد استعان بمعظم الامثلة التي وردت بايجاز، وربما استعان باكثر منها. وعندما انتهى من التعليم، لا بد ان الغرفة كانت في صمت كبير. ان السؤال الذي بقي مع تلاميذ المسيح هو نفس السؤال الذي يبقى معنا. بمن تضع ايمانك؟ في نفسك، في دينك، في افكارك، في اعمالك الحسنة، او في حقيقة ان المسيح عليه السلام مات من اجلنا لكي يمحي خطايانا ؟
-----------------
إلى الفصل الخامس عشر | إلى محتويات كتاب غريب على الطريق | إلى مكتبة النعمة