يذكر الكتاب المقدس - ولأول مرة - عن أن المسيح صلى بعد معموديته مباشرة. فلقد ظل يسوع في نهر الأردن يصلي... وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة (لوقا 21:3-22). والمرة الثانية التي نراه فيها يصلي هي في قراءة اليوم: وفي الصبح باكرا جدا قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك (مرقس 35:1).
في اليوم السابق، وهو سبت، كان في كفرناحوم، وكان يعلم في الهيكل، عندما قاطعه رجل به روح شرير (مرقس 23:1-27). وبعد ذلك شفى حماة بطرس (مرقس 29:1-31)؛ ثم استمرت جموع المرضى تزحمه حتى وقت متأخر من المساء (32:1-34). لقد كان يوما طويلا مليئا بالعمل الشاق. وربما شعرنا أنه كان من الأفضل أن يأخذ ساعة إضافية من النوم بدلا من أن يستيقظ ليصلي.
ومرة أخرى، تحت ضغط شديد من الجموع، نقرأ: أما هو فكان يعتزل في البراري ويصلي (لوقا 16:5). وهذا لا يشير إلى حادثة واحدة بل بالحري إلى عادة مستمرة على مدى أيام عديدة أو ربما أسابيع. ففي الأوقات التي كانت فيها ضغوط الخدمة على أشدها، كان يبدو أنه ينام وقتا أقل ليعطي وقتا أكثر للصلاة.
كان في اليوم السابق قد اختار اثني عشر رجلا ليكونوا قادة للكنيسة، فنقرأ عنه أنه خرج إلى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة لله (لوقا 12:6). فإذ كان يفكر في العمل الهام الذي ينبغي أن يعمله في اليوم التالي، صلى طوال الليل. ولما كان النهار (لوقا 13:6) دعا تلاميذه واختار منهم الاثني عشر.
كانت الصلاة عادة ملازمة ليسوع طوال حياته على الأرض، فإننا نقرأ هنا: مضى إلى الجبل ليصلي (مرقس 46:6). وأيضا حادثة التجلي حدثت بينما كان يسوع يصلي، عندما تغيرت هيئته قدامهم (مرقس 2:9). وقد لفتت صلاته المستمرة أنظار التلاميذ، فقالوا له: يا رب، علمنا أن نصلي (لوقا 1:11).
إن حاجتنا إلى الصلاة تفوق بكثير حاجة يسوع إليها - فإننا نحتاج إلى أوقات فيها ننفصل عن جميع الأنشطة، بل وعن خدمة الرب، لنكون على انفراد مع الآب. فإذا أردنا خدمتنا أن تكون فعالة، فإننا نحتاج في كثير من الأحيان أن نضحي بالنوم والأشغال والأصدقاء.. يجب تخصيص وقت للصلاة.
لقد أعطانا يسوع العديد من الأمثلة الأخرى عن أهمية وفعالية الصلاة (مرقس 32:14،35-39؛ لوقا 18:9،28؛ 2:10-21؛ 1:11-4؛ 1:18-8؛ 36:21-37؛ 39:22-46؛ يوحنا 41:11؛ 16:14؛ 1:17-26).
وقد ذكر متى أنه بعد ما صرف الجموع صعد إلى الجبل منفردا ليصلي. ولما صار المساء كان هناك وحده (متى 23:14).
لا يتوقع الرب منا أن نصلي فقط، لكنه يشير إلى الضرورة الملحة للصلاة فيقول: إن الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون، فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده (لوقا 2:10).
عندما نهمل الصلاة، فإن مجهوداتنا تصبح أقل فعالية وأكثر عرضة للتعطيل أو التضليل بواسطة خدع الشيطان. أما إذا تتبعنا مثال ربنا يسوع فإننا نخصّص وقتا أكثر للصلاة.
ويطمئننا يوحنا بكلمات الرب نفسه: مهما سألتم من الآب باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن. إن سألتم شيئا باسمي فإني أفعله (يوحنا 13:14-14).
شواهد مرجعية: مرقس 2:1 (انظر ملاخي 1:3)؛ مرقس 3:1 (انظر إشعياء 3:40).
أفكار من جهة الصلاة: صل لكي تكون لك الحساسية أن تعطي المدح للرب في كل شيء تفعله (مزمور 16:40).