بحث سليمان عن السعادة بكل الطرق الممكنة، واستنتج في النهاية أن الكل باطل وقبض الريح (جامعة 4:4،16). وأثناء بحثه لاحظ أيضا أن ليس الأغنياء فقط وإنما أيضا الفقراء تسيطر عليهم الأباطيل. ثم تحول الجامعة [أي الواعظ] بعد ذلك من الحياة العالمية إلى الحياة الدينية، حيث يحول الناس أفكارهم من الأمور الزمنية إلى الأمور الروحية الأبدية، ويتفرغون لعبادة الخالق.
وقد لاحظ سليمان بإلهام من الروح القدس أن كثيرين يذهبون إلى بيت الرب بأذهان مشتتة ورياء؛ لذلك حذر قائلا: احفظ قدمك حين تذهب إلى بيت الله. فالاستماع أقرب من تقديم ذبيحة الجهال لأنهم لا يبالون بفعل الشر. لا تستعجل فمك ولا يسرع قلبك إلى نطق كلام قدام الله، لأن الله في السموات وأنت على الأرض فلذلك لتكن كلماتك قليلة (جامعة 1:5-2).
عندما نجتمع لكي نعبد الرب، يجب أن نحول أذهاننا عن الاهتمامات العالمية وعن مصادر القلق وأيضا عن الثرثرة الحمقاء.
وأحد المتطلبات الأخرى للعبادة الحقيقية هو الطاعة لكلمة الله: أي الاستماع [أو الاقتراب بهدف السماع والطاعة] (جامعة 1:5). مهم جدا أن نسمع ماذا يريد الرب أن يقوله لنا وأن تكون لدينا الرغبة أن نعرف ما يطلبه منا ثم بعد ذلك نلتزم بتنفيذه.
فالعبادة الحقيقية معناها أن يحل حضور الله المعجزي غير المنظور في وسط تلاميذه المجتمعين الذين التقوا مع بعضهم البعض بهدف عبادة رب الخليقة. والعبادة تبدأ بروح الخشوع - أي الإحساس بالضآلة البشرية - لأن الله في السموات وأنت على الأرض (جامعة 2:5). والعبادة لا تتجه إلى إرضاء الذات وإنما إلى إرضاء الرب، كما قال داود: هبوا الرب مجد اسمه [أي قدموا للرب المجد اللائق باسمه] (1 أخبار 29:16).
وكما أن الزوان [وهو نبات علفي] ينمو وسط الحنطة [أي القمح] كما في المثل الذي قاله الرب يسوع (متى 24:13-30)، فمن الممكن أيضا أن يكون في أي اجتماع للعبادة أشخاص ينطقون بالكلمات الصحيحة سواء في الترنيم أو الصلاة ويقدمون عطايا سخية، لكنهم أتوا بدوافع أخرى ولم يُخضعوا حياتهم بالكامل للرب. إن مثل هذه "العبادة" الطقسية الشكلية تسمى ذبيحة الجهال . وهي مهينة لله ومدمرة لصاحبها وذلك لأن الله لا يتغاضى عن عبادة الجهال، وإنما كما يقول سليمان: لماذا يغضب الله على قولك ويفسد عمل يديك؟ (جامعة 6:5).
إن بيت الله هو المكان الذي يجتمع فيه الرجال والنساء ليعبدوا الرب. قد يكون كاتدرائية فخمة، أو بيت أحد التلاميذ، أو سفح جبل، أو مغارة في باطن الأرض. فأماكن العبادة والبيئة المحيطة بها - سواء كانت طبيعية أو صناعية، بما في ذلك كل ما يروق للعين أو الأذن - هذه كلها قد تحرك المشاعر ولكنها لا تضيف شيئا للعبادة الحقيقية وليست لها أي قيمة روحية. قال يسوع: الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق (يوحنا 23:4).
ويحرضنا كاتب المزمور قائلا: ليقل مفديو الرب الذين فداهم من يد العدو .. (مزمور 2:107)؛ ثم يكرر ثلاث مرات: فليحمدوا الرب على رحمته وعجائبه [أي أعماله العجيبة] لبني آدم! (جامعة 8:107،15،21).
إعلان عن المسيح: بصفته الشخص الذي ينتظر منا أن نفي بنذورنا (جامعة 4:5). "ليكن كلامكم نعم نعم، لا لا، وما زاد على ذلك فهو من الشرير" (متى 37:5).
أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الرب الجرأة لكي تخبر الآخرين عن المسيح (أعمال 29:4).