كان إرميا قد أنبأ عدة مرات بأن شر بني إسرائيل سيؤدي إلى دمار بلدهم بواسطة الإمبراطورية البابلية. واستمر يحذر بأن الشعب سيُطرد ويؤخذ إلى السبي. وبسبب أقواله، كان إرميا النبي محبوسا في دار السجن (إرميا 2:32). ومع ذلك ففي وسط هذه الظروف الصعبة، كان الرب قد قال له: اشتر لنفسك الحقل بفضة وأشهد شهودا، وقد دفعت المدينة ليد الكلدانيين [أي على الرغم من ذلك] (إرميا 25:32). وبدون تردد دفع إرميا ثمن الأرض، وأخذ الإيصالات، وسجل العقد، واستخرج النسخ، وسلم المستندات أمام شهود كثيرين (إرميا 6:32-12).
فبالنسبة للذين سمعوا تحذيراته من جهة قرب حدوث السبي، فإن هذا التصرف كان يبدو بلا شك غير منطقي ومتعارض مع كلامه. ولكن إرميا كان قد أعلن أيضا جهارا بأن الشعب سيعود إلى أرضه، وأن هذه الصفقة هي دليل على إيمانه بأن الله هو المتحكم في مصيرهم. لقد كان إيمان إرميا يمتد إلى ما هو أبعد من الصلاة والوعظ. فلقد كان واضحا في البيع والشراء وبصفة خاصة في هذه الصفقة التجارية.
ومع أنه لم يكن يعرف كيف سيحدث هذا، إلا أن قراره كان مبنيا على كلمة الله. فلقد استعاد في ذاكرته تاريخ إسرائيل - وكيف أن الله قد أنقذ شعبه من مصر، ووفر لهم الحماية والإعالة حتى أدخلهم أرض الوعد (إرميا 21:32-22).
بعد ذلك تحول بأفكاره إلى الواقع المحير - أي الدينونة الفعلية التي سيجلبها الرب على الأمة بسبب شرها. كيف في ظل هذا كله يمكن لوعد الرب بالإنقاذ أن يتحقق بعد 70 سنة؟ (إرميا 36:32-44). لم يكن في استطاعته أن يفهم جميع طرق الله؛ وكذلك نحن أيضا: لأن أفكاري ليست أفكاركم، ولا طرقكم طرقي يقول الرب (إشعياء 8:55). بعد ذلك أعطى الرب لإرميا تأكيدا جديدا من جهة كلمته: هأنذا الرب إله كل ذي جسد، هل يعسر عليّ أمر ما؟ (إرميا 27:32).
كم هو رائع أن نعرف أننا في أشد الظروف المحيرة يمكننا أن نهدأ ونطمئن ونثق أن الله يقدر أن يخرج الخير من الشر.
ولا تزال كلمته صادقة اليوم: ادعني فأجيبك وأخبرك بعظائم وعوائص لم تعرفها (إرميا 3:33).
إن إيماننا بكلمة الله يمكن أيضا أن يقاس بمدى تأثيرها على سلوكنا وتصرفاتنا. فيجب علينا كلنا أن نسأل أنفسنا: "إلى أي مدى يساهم إيماني في تشكيل قراراتي اليومية؟ وإلى أي مدى ستختلف حياتي بدون إيماني بالكتاب المقدس؟ هل هو اختلاف بسيط أم أنه اختلاف جوهري؟" إن الإجابة على هذه الأسئلة هي التي تحدد ما إذا كان إيماننا صحيحاً وحقيقياً أم أنه مجرد تقليد "ديني".
إن أي تضارب بين اعترافاتنا الإيمانية وبين سلوكنا اليومي يدل على أن "إيماننا" كاذب، وذلك لأن الإيمان الحقيقي يظل كما هو في كل أوقات الحياة. فلا يمكن للإيمان أن يكون مقتصرا على أوقات العبادة في الاجتماع. وإذا كان إيماننا إيمانا حقيقيا فإنه سيكون المبدأ الرئيسي الذي يؤثر على ما نفعله.
فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئا فافعلوا كل شيء لمجد الله (1 كورنثوس 31:10).
إعلان عن المسيح: بصفته غصن داود (إرميا 5:23؛ 15:33). يسوع هو المسيا، الذي صار من نسل داود من جهة الجسد [أي طبيعته الإنسانية] (رومية 3:1).
أفكار من جهة الصلاة: اسأل فسيُعطى لك (لوقا 9:11).