عندما كان شاول الطرسوسي يهدد المؤمنين ويلقي القبض عليهم، كان أصدقاؤه يظنون أنه حكيم. ولكن عندما اعترف بإيمانه بالرب يسوع، المخلص المقام، أنه هو المسيا، صاح به فستوس، الحاكم الروماني الجديد على اليهودية، قائلا: أنت تهذي يا بولس (أعمال 24:26).
وبعد أن سجن بولس في قيصرية لأكثر من سنتين، سلمه فستوس إلى يوليوس وهو قائد مئة من كتيبة أوغسطس (أعمال 1:27). وكان يوليوس مسئولا عن توصيل بولس إلى روما لكي يقف للمحاكمة أمام نيرون،الإمبراطور الروماني.
وفي اليوم التالي أقلعوا، وبعد أن توقفوا في صيداء، واصلوا رحلتهم على الجانب الشرقي من جزيرة قبرص بسبب الرياح المعاكسة التي منعتهم من التقدم كثيرا (أعمال 8:27). وفي ميناء ميرا في جنوب آسيا الصغرى، وجدوا سفينة إسكندرية مسافرة إلى إيطاليا . وقد كانت الرحلة بطيئة جدا ومحفوفة بالمخاطر بسبب الرياح والعواصف. وعند وصولهم إلى المواني الحسنة في كريت (8:27)، نصحهم بولس بأن يقضوا الشتاء هناك، ولكن كان رأي الأغلبية أن يتجهوا إلى فينكس ليشتوا فيها (أعمال 12:27).
ولم تمض سوى فترة قصيرة حتى هاج عليهم إعصار شديد. وبعد أسبوعين كانت سفينتهم قد تحطمت تماما بالقرب من شاطئ مليطة، وقد كتب بولس قائلا: انتزع أخيرا كل رجاء في نجاتنا (أعمال 20:27). ولكن تحقيقا لإعلان بولس المسبق (22:27) لم يهلك ولا واحد من المسافرين وعددهم 276. وعلى الرغم من أن الإعصار وتحطيم السفينة قد أديا إلى مشقة شديدة، إلا أن الرب استخدم هذه الظروف لكي يتيح الفرصة لبولس لكي يشهد للمسافرين ولأهل الجزيرة عن إيمانه بالمسيح. وقد أبدى سكان جزيرة مليطة كرما زائدا لهم طوال هذا الشتاء،وشفي الكثيرون بواسطة خدمة بولس (أعمال 7:28-10). وبعد ثلاثة شهور أقلعوا مرة أخرى في سفينة كانت قد أمضت الشتاء في مليطة في طريقها إلى روما.
وفي الربيع التالي وصل بولس إلى روما حيث أتى المسيحيون حتى مدينة السوق في أبيوس للقائه. فلما رآهم بولس شكر الله وتشجع (أعمال 15:28). ومع أنه ظل سجينا، إلا أنه لكونه مواطنا رومانيا كان مسموحا له بأن يقيم في بيته تحت حراسة أحد الجنود.
وبعد ثلاثة أيام من وصول بولس إلى روما، استدعى قادة اليهود هناك وشرح لهم ملكوت الله، مقنعا إياهم من ناموس موسى والأنبياء بأمر يسوع من الصباح حتى المساء (أعمال 23:28). فمع أنه كان قد تألم كثيرا من يد إخوته اليهود، إلا أن مسرة قلبه وطلبته إلى الله لأجل إسرائيل هي أن يخلصوا (رومية 1:10). فمهما فعل الآخرين معنا،نحتاج أن تكون لنا نفس الشفقة تجاه النفوس الهالكة كما كان لبولس.
ويختتم سفر الأعمال بمشهد بولس كارزا بملكوت الله ومعلما بأمر الرب يسوع المسيح (أعمال 31:28).
إن أحد الامتيازات العظمى لكوننا مسيحيين هو يقيننا بأننا حتى إذا كانت رحلة حياتنا مليئة بالرياح العنيفة حتى ينتزع كل رجاء في نجاتنا (أعمال 20:27)، إلا أنه لا بد أن يأتي اليوم الذي فيه تبدو جميع الأعاصير التي صادفتنا عديمة الشأن بالمقارنة مع ما استطاع الله أن يحققه من خلالنا. لقد استطاع بولس أن يقول بثقة: لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح (2 كورنثوس 10:12).
شواهد مرجعية: أعمال 26:28-27 (انظر إشعياء 9:6-10).
أفكار من جهة الصلاة: البس سلاح الله الكامل لكي تقدر أن تثبت ضد هجمات إبليس (أفسس 11:6).