على مدى ما يقرب من 475 سنة، تعرضت أورشليم للعديد من هجمات الأعداء. وقد كانت الأسوار المحيطة بأورشليم تحمي شعب الرب، وهيكله المقدس، وتابوت العهد الذي كان يحتوي على النسخة الأصلية من الوصايا المعطاة لموسى منذ عدة قرون مضت. وكان الأنبياء الكذبة في زمن إرميا قد أعلنوا أن أورشليم، المدينة المقدسة - والمكان الوحيد على الأرض حيث تقدم الذبائح لله - لا يمكن أن تسقط حيث أنها مدينة الملك العظيم (مزمور 2:48).
ولكن الفشل الروحي يؤدي لا محالة إلى فقدان الحرية الروحية. قد أخطأت أورشليم خطية [أي أخطأت بشكل محزن]؛ من أجل ذلك صارت رجسة [وصارت مرفوضة] (مراثي 8:1).فالتجمعات المهيبة والأعياد المبهجة التي كانت تمثل متعة في حضورها في مدينة الملك العظيم أصبحت مجرد ذكريات لأمور مضت. ومرة أخرى نجد هذه الحقيقة الواضحة أن الخطية تخدع وتدمر السعادة الحقيقية. فها هو الأمر المستبعد قد حدث، والبقية القليلة من الشعب أصبحت تجلس في خرائب وفي ذهول وحزن لا مثيل لهما. يا لها من صورة مرعبة - أورشليم وقد هاجمها الأعداء، أصبحت خربة وأطفالها يموتون من الجوع، وقلوب والديهم تتمزق عليهم إذ يقولون لأمهاتهم أين الحنطة ... وتُسكب نفسهم في أحضان أمهاتهم (مراثي 12:2). لقد جاء ليل إسرائيل مثل كابوس رهيب. فلقد استيقظوا على الواقع الأليم بأن كل ما هو ثمين قد أصبح الآن كومة من الأنقاض. لقد أصبحوا الآن مضطرين لمواجهة ما أنبأ به النبي: دفعني السيد إلى أيدٍ لا أستطيع القيام منها ... لأني قد عصيت أمره (مراثي 14:1،18).
لن نتمكن من فهم معنى وأهمية هذه "المأساة الفائقة" لو فشلنا في اكتشاف قصد الله ومحبته بصورة كاملة - أي طول أناته ورحمته في رد بني إسرائيل إلى العبادة الحقيقية ومنحهم بركته. إن كل عقاب أو تأديب من أجل الخطية هو موجه بحكمة من قاضي البر ولا يمكن تجنبه أو مقاومته. فإن ملك بابل لم يكن سوى أداة في يد الرب استخدمها ليأتي بالإسرائيليين إلى التوبة وليحوّلهم عن العبادة الوثنية.
ولكي نطلب الرب، نحتاج جميعا إلى الإحباطات والأحزان والآلام أو إلى شخص يوقظنا. فنحن أيضا نحتاج أن "نستيقظ" من البرودة الروحية الناتجة عن تراكم الممتلكات المادية.
وفي كل العصور، هنالك الأنبياء الكذبة الذين يخدّرون مستمعيهم بوعود كاذبة حول التمتع بالصحة والثروة. هؤلاء القادة الكذبة يتجاهلون تحذير الرب لنا: تحفظوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله (لوقا 15:12)، وأيضا أما اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان (يعقوب 5:2).
لا يحدث مكروه لأي من أولاد الله إلا في حدود محبة الله ورحمته وطول أناته - ربما من أجل التأديب على الخطية، وربما لكي يفطمنا عن جاذبيات العالم، أو لكي يجعلنا نكف عن عبادة الممتلكات المادية، وربما أيضا لكي يمنعنا من أن نضيع حياتنا، والأفضل من هذا كله لكي تستنير عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين (أفسس 18:1).
إعلان عن المسيح: من خلال حزن إرميا على أورشليم عند سقوطها (مراثي 12:1-22). وقد عبر يسوع عن حزنه على فشل أورشليم في الرجوع إليه (متى 37:23؛ لوقا 34:13).
أفكار من جهة الصلاة: قدم للرب الشكر وسبّحه علانية، لأنه فداك بواسطة دمه وغفر جميع خطاياك (كولوسي 12:1-14).