إن إلهنا العجيب الذي هو الحب الأمثل والحكمة المثلى يجلب على الأمة قضاء أمثل يكون بمثابة عقاب لفاعلي الشر وبركة للذين يطيعونه. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه (عبرانيين 6:12). فالألم يفتح عيوننا على القيم الحقيقية في الحياة ويبدد أي حلم مضلل.
كان الإسرائيليون قد فقدوا كل شيء - نعم، جميع الأشياء - بلا استثناء - التي لها قيمة في نظرهم. فلقد كانت مملكتهم على الأرض هي المملكة الوحيدة التي وضع فيها الله اسمه وهيكله. وفوق هذا كله، كان لديهم أعظم كنز على الأرض - كلمة الله، التي هي مصدر كل حكمة. فيا له من امتياز عظيم. ولكنهم الآن، بكل حسرة وألم، قد صاروا أذلاء كالعبيد يخدمون حاكما وثنيا أمميا هو نبوخذنصر.
وقد صلى إرميا طالبا التجديد ليس للهيكل ولا لأورشليم، بل للشعب. فكان يسكب قلبه أمام الرب مصليا: ارددنا يا رب فنرتد! جدد أيامنا كالقديم! (مراثي 21:5).
كان الرب قد بارك الإسرائيليين أكثر من جميع الشعوب بالثروة والهيبة. ولكنهم تجاهلوا كلمته وكأن الفضل في هذه الممتلكات يرجع لهم وليس للرب. فالتجأوا إلى كل المصادر الأخرى، ما عدا الرب، طلبا للعون - حتى إلى الآلهة الكاذبة. آه! كم هو سهل اكتساب الإحساس بالكفاية الذاتية عندما يكون كل شيء على ما يرام. ففي تلك الأوقات نظن أننا لا نحتاج أن نصلي: خبزنا كفافنا أعطنا اليوم (متى 11:6)، حيث أنه يوجد لدينا فائض. في كثير من الأحيان نضطر إلى فقدان كل ثروة وأمان مادي لكي نحوّل قلوبنا إلى الرب وإلى القيم الأبدية. إن كل أحكام الرب وتأديباته - كل آلامنا وأحزاننا من شأنها أن تجعلنا نبصر جليا إرادته في حياتنا. ولكن يجب أن نعرف أن كل إحباط وخسارة واختبار مؤلم يمكن أن يصبح إما صخرة نخطو فوقها للدخول في علاقة أعمق مع الرب، وإما حجر عثرة بسبب عدم الرضى. إن المقصود من الآلام هو أن نتحول إلى الأفضل؛ ولكننا نوقع أنفسنا في المرارة بسبب نقص التمييز الروحي أو بسبب العناد أو حتى بسبب السخط الناتج عن البر الذاتي.
وإنه لمن المعزي بلا شك لجميعنا أثناء الأوقات الصعبة أن نذكّر أنفسنا بمراحم الرب التي لا تنتهي، والتي لا نستحقها. فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه (مراثي 32:3). هذا الحزن يشبه عادة الليالي الحالكة الظلام التي يختفي فيها ضوء النجوم، ولكنها موجودة هناك بلا شك سواء رأيناها أم لا.
ويتكلم في أصحاح 3 عن يوم أكثر إشراقا حيث يذكر هذا الأمر سبع مرات على الأقل. وهذا الأصحاح المحوري يكشف عن الإيمان الحقيقي لدى النبي: (1) من إحسانات الرب أننا لم نفن، لأن مراحمه لا تزول (مراثي 22:3)؛ (2) نصيبي هو الرب.. لذلك أرجوه (مراثي 24:3)؛ (3) جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب (مراثي 26:3)؛ (4) فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه (مراثي 32:3)؛ (5) دعوتك.. قلت لا تخف (مراثي 57:3)؛ (6) خاصمت يا سيد خصومات نفسي [أي أنك دافعت عن قضيتي، ودبرت أموري، وحفظت نفسي وحقوقي] (58:3)؛ (7) فككت حياتي [أي أنقذت وفديت حياتي] (مراثي 58:3).
إعلان عن المسيح: بصفته المخلص الرحيم (مراثي 22:3). لأني أكون صفوحا عن آثامهم ولا أذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد (عبرانيين 12:8).
أفكار من جهة الصلاة: اجعل كل ما تفعله مادة للصلاة (1 تسالونيكي 17:5).